Category Details – الصفحة 27 – Kech24: Morocco News – كِشـ24 : جريدة إلكترونية مغربية
الأربعاء 23 أبريل 2025, 02:25
مجدي يكتب: فيدرالية اليسار الديمقراطي وأوهام الإندماج
اجتمعت الهيئة التنفيذية الوطنية لفيدرالية اليسار الديمقراطي مؤخرا (24 أكتوبر 2020)، و كانت النقطة المهيمنة على أشغالها هي مسألة الاندماج، و كأن لا شيء غيرها يهم. و طبعا عكس النقاش اختلافا في التقدير بين الحزب الاشتراكي الموحد ممثلا بأمينته العامة الرفيقة نبيلة منيب من جهة، و حزبي الطليعة الديمقراطي الاشتراكي و المؤتمر الوطني الاتحادي من جهة أخرى. و إنني لا استطيع أن أستوعب جيدا إلحاح البعض على الاندماج الآن مهما احتدت الاختلافات و مهما أدى إليه من فشل بيّن في الأفق المنظور. فكما فشلت الفيدرالية في مهامها و في تحقيق أهدافها، فإن أي خطوة تُبنى عليها ستمُن علينا بفشل محقق أيضا.لم أكن أريد أن أعود إلى هذا الموضوع، لأنه شأن في الحقيقة داخلي و يهم بالأساس مناضلي الأحزاب الثلاث. و أستغرب محاولة إقحام المواطنين في هذا الأمر و إلهاؤهم بالخرجات الإعلامية التي كانت في غالبيتها مغرضة و تستعمل مختلف الوسائط الاجتماعية للضغط على الحزب الاشتراكي الموحد و كأن الأمر يتعلق بمسألة رأي عام. أن تندمج الأحزاب الثلاث أو لا تندمج، لا يهم المغاربة كثيرا، ما يهمهم هو عرض سياسي متميز و قادر على دمقرطة الدولة و المجتمع، و قادر على إحداث تغيير حقيقي في البلد لصالح الفئات الشعبية التي تعاني كثيرا، و التي من المفروض أن هذه الأحزاب تمثلها و تناضل من أجل مصالحها الآنية و المستقبلية.و من العجب العجاب، أن يلجأ أعضاء من المكتب السياسي (على رأسهم الرفيق عمر بلفريج) لمناقشة قضايا الحزب الاشتراكي الموحد و شؤون تدبيره الداخلي لوسائل الإعلام، عوضا عن أجهزته كما يحدث في جميع التنظيمات الديمقراطية، الحداثية و اليسارية. هم بموجب كل القوانين و الأعراف، أعضاء قياديون في المكتب السياسي و لازالوا يمارسون فيه مهامهم و يتحملون فيه كامل المسؤولية، و لا أحد منهم استقال أو طرد، أو حرم من حقه في الدفاع عن رأيه، و لا أحد قدم للمجلس الوطني (أعلى هيئة تقريرية في الحزب بعد المؤتمر) شكواه أو اعتراضاته أو استيائه من هذا الطرف أو ذاك أو من هذا الجهاز أو ذاك.. !فما الذي نفهمه إذن من تحويل النقاش في شؤون الحزب الداخلية من مكانه الطبيعي (أجهزة الحزب) إلى وسائل الإعلام !؟هل يعنى اللجوء إلى الجرائد الورقية و الإلكترونية، و إلى أطراف لا تنتمي للحزب، استقواء على الذين يخالفونهم في الرأي و استقواء على الحزب، و محاولة لِلَيّ ذراع هذا الأخير و توجيهه كما يشتهون !؟ما الذي يعنونه بالتنظيم و قوانينه في هذه الحال، و ما قيمة الديمقراطية لديهم، التي يجب أن ندافع عنها جميعا و نحتكم لها في حال تعددت الرؤى و اختلفت؟؟!أعتقد أن محاولات فرض الرأي الواحد على مناضلي الحزب، و بأية وسيلة كانت و من خارج التنظيم، أمر لا يمت للأعراف الديمقراطية بأية صله.و ما دام النقاش حول الاندماج أخذ حيزا مهما في وسائل الإعلام، فسأكون مضطرا كعضو في المجلس الوطني للحزب الاشتراكي الموحد، و كممثل لأرضية التغيير الديمقراطي، استجلاء بعض الحقائق، و التعبير عن مواقفنا، و عما نعتقده صائبا في هذا الصدد:1. كما سبقت الإشارة إلى ذلك في كتابة سالفة، فإن اندماج الأحزاب بعضها مع بعض، يقتضي مجموعة من المقومات الضرورية من ضمنها، ألا يتم هذا الاندماج نفسه بشكل تعسفي و فوقي و مفروض كما أريد له اليوم أن يكون، و كما كان عليه الأمر عند تأسيس فيدرالية اليسار الديمقراطي و كان سببا في فشلها. و يتذكر المناضلون جيدا، كيف اختطف قرار الفيدرالية من القواعد و أطر الحزب سنة 2014، و أدى ذلك إلى ما أدى إليه من فشل ذريع. للأسف لدينا طينة من القادة و الأطر السياسية لا تؤمن بالديمقراطية الداخلية و إن ادّعت خلاف ذلك، و هذا إشكال اليسار، الحقيقي و الكبير. هذه الفئة لا تهمها وجهة نظر القواعد و إرادتها، و تتعامل معها على أساس أنها قاصرة و يجب أن تكون تابعة فقط.2. يتعمد دعاة الاندماج في تصريحاتهم العلنية، تغييب الأسئلة الحقيقية حول الاندماج الذي يسعون إليه قبل اكتمال شروطه. لم يتطرق و لا واحد منهم إلى التباين الذي لا يمكن حجبه بين الأحزاب الثلاث من حيث تكوينها و تنظيمها و تاريخها و أهدافها المختلفة. التأطير النظري و السياسي و التنظيمي و الجماهيري للحزب المندمج غير متفق عليه، و نحن مختلفون بصدده أشد الاختلاف.3. كيف يستقيم الاندماج و نحن مختلفون في أساسيات العمل السياسي منذ البداية: الاشتراكية التي نريد، الديمقراطية الداخلية، التنظيم، البرنامج الحزبي، التحالفات، الانتخابات، النقابة.. الخ. إن دعاة الاندماج السريع لا يتوفرون على رؤية واضحة و مشروع جاهز و جامع، و يتفادون الحديث للصحافة عن القضايا النظرية و العملية التي نختلف بشأنها.4. لقد عقد مؤخرا، حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي و حزب المؤتمر الوطني الاتحادي - بحسب الرفيق عبد السلام العزيز الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني الاتحادي - اجتماعا مع البديل الديمقراطي و رفاق احمد الزايدي، و مع إطارات يسارية أخرى، و فاعلين يساريين من مشارب مختلفة "للإعلان عن مبادرة وحدوية في غضون الأشهر القليلة المقبلة". و هذا مؤشر دال على النظرة الاستشرافية البرغماتية التي يتحرك فيها بعض أقطاب القوى اليسارية المنبثقة عن الحركة الوطنية، و سبب كاف يدفعنا للحذر مما يقودنا إليه هذا المسار الذي يبحث عن موقع قدم ضمن التشكيلة السياسية للدولة المخزنية. فنحن بكل وضوح نرفض، كأرضية للتغيير الديمقراطي - و نفس الموقف تتبناه غالبية أعضاء الحزب الاشتراكي الموحد، و أعتقد -مجازفا- غالبية أعضاء حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي - التحالف أو الاندماج مع هذه الكيانات الانتخابية و المتياسرة (التي تدعي اليسار و الاشتراكية) و نرفض أن نحيد عن مسارنا النضالي. إن الاندماج بالشكل الذي تتم الدعوة إليه، بعيدا عن أقطاب اليسار الجذري الأخرى، و بالتقرب من يسار الحكومة، يراد منه الدخول في رهان سياسي بديل تقوده في النهاية السلطة السياسية للبلاد.5. إن أية مبادرة وحدوية لم تأخذ بعين الاعتبار، سقطات اليسار السابقة، و لم تقطع مع رهانات ما يسمى ب"الانتقال الديمقراطي" و لم تتخل عن محاولات التنسيق مع يسار الحكومة و استقطاب الأعيان، و لم تقم بتقييم تجاربها في التحالف و الفيدرالية و الانتخابات و النقابة.. ستؤثث المشهد السياسي ليس إلا.6. لا يمكن لأي وحدة يسار أن تنجح، و تردم الفجوة بينها و بين الجماهير الشعبية، ما لم تشمل جل قوى اليسار التي لم تشارك في الحكم، و المشتغلة في الساحة، على قاعدة رؤية جديدة تستمد مقوماتها من مشروعها الحداثي الديمقراطي بأفق اشتراكي.7. إن كل التحرك الآن من أجل "الاندماج و أي اندماج !"، و "الضجيج" الإعلامي المرافق له، هو من أجل تغيير مواقف الحزب الجذرية و تغيير عباءته اليسارية و قلب أسسه النضالية الأصيلة. يراد للحزب من خلال الضغط الشديد الذي يتعرض له من داخله و من خارجه، أن يتخذ منحى سياسيا ليبراليا، و يدخل غمار الحقل السياسي الرسمي، و يعتمد مثله مثل البقية على ما تجود له به حظوته الانتخابية.8. الاندماج الذي يراد لنا تأتيته، يهدف إلى طمس ما تبقى من معالم اليسار و من الاشتراكية كمشروع سياسي أصيل و بديل و متكامل، و يدعونا للقبول بسياسة الأمر الواقع و باقتصاد السوق الحرة، و العمل فقط على إصلاحهما، كما يفعل دعاة الرأسمالية أنفسهم.9. المبادرات الوحدوية تكون في الأدبيات السياسية الديمقراطية ناجمة عن العمل الميداني النضالي المشترك، و هو أمر شبه منعدم لدينا في الوقت الحالي. و كان يجب قبل أي شيء، مراجعة التدبير النقابي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل التي يتواجد فيها مناضلو الأحزاب الثلاث، و فتح نقاش جريء و نقدي حوله، باتجاه تقوية النقابة و دمقرطتها، و التوافق بشأنها بوضوح في كل الأمور المرتبطة بها.10. الاندماج غير الطبيعي الذي يتشبث به بعض رفاقنا، سيكون وبالا على اليساريين و على البلد، و سيجهض إلى حد كبير المبادرات الوحدوية المنسجمة و الحقيقية التي نتطلع إليها مستقبلا. أعتقد في النهاية أن شؤون الاندماج الذي لم يحدث بعد، شغلت القيادة أكثر بكثير من اللازم، و أهدرت فيها جهدا و وقتا كان لزاما أن يكون للحزب. لذلك يجب العودة الآن إلى الاشتراكي الموحد بحماس أكبر، و العمل على تقويته و عقلنة أشغاله و تنظيم شؤونه الداخلية. و هو أمر إن تم، سينتفع منه العمال و الكادحون، و شعب اليسار، و الفيدرالية، و ستنتفع منه أية مبادرة وحدوية مستقبلية.حميد مجدي: عضو المجلس الوطني للحزب الاشتراكي الموحد و منسق أرضية التغيير الديمقراطي
ساحة

بعد الخطاب الملكي .. هل ستتدخل الدولة لإنقاذ قطاع التعليم العالي؟
تضمن الخطاب الملكي لافتتاح السنة الأخيرة من الولاية التشريعية الحالية، عدة رسائل أساسية وعاجلة، تستوجب التوقف عندها، والحرص على استنباط دلالاتها بدقة وعناية متناهيتين. ويُلاحَظ أن جزء من هذه الرسائل موجه إلى البرلمانيين، وجزء آخر موجه إلى الحكومة، وجزء ثالث يكتسي طابعا أفقيا، حيث يهم الدولة بمختلف مكوناتها.ومن أبرز مضامين الخطاب المذكور، الدعوة الصريحة التي أطلقها جلالة الملك، وهو رئيس الدولة وضامن استمرارها وحامي الحقوق والحريات، لمراجعة عميقة لمساطر وكيفيات التعيين في المناصب العليا للوظيفة العمومية، وذلك من أجل جذب الكفاءات الوطنية، وضخ موارد بشرية مؤهلة في مفاصل إنتاج القرار الإداري.وتكتسي ضرورة إصلاح مساطر التعيين في مناصب المسؤولية (كرؤساء الأقسام ورؤساء المصالح ...) والمناصب العليا (الكتاب العامون للوزارات، رؤساء الجامعات، عمداء الكليات ومدراء المدارس والمعاهد العليا، المدراء المركزيون والترابيون...) أهمية مضاعفة وذات حساسية، عندما ترتبط بقطاع التعليم العالي. فالعديد من الملاحظين (الممارسون، الطلبة، الإعلاميون ...) لأوضاع هذا القطاع الاستراتيجي، مجمعون على وضع تشخيص سيء ومخيف، يتضح، من خلاله، أن الجامعة انحرفت عن أداء وظيفتها الوجودية المتمثلة في إذكاء البحث العلمي والتربية ونشر قيم التسامح وتكافؤ الفرص، وأضحت مشتلا لولاءات ضيقة تهدد اللحمة الوطنية.لقد أشارت العديد من المتابعات الصحفية والكتابات الصادرة عن باحثين جامعيين إلى أن توظيف العديد من الأساتذة الجامعيين الجدد، يرتكز على أساس المحسوبية الحزبية، وفي حالات عديدة، يتم استحضار الاعتبارات الاثنية والعرقية والفئوية.وعلى غرار الاختلالات الخطيرة التي تشهدها عدة مباريات توظيف في هيئة الأساتذة الباحثين، أصبح الوصول إلى مناصب المسؤولية في الجامعة، وخصوصا رؤساء الجامعات وعمداء الكليات ومدراء المدارس والمعاهد العليا، يتأسس على الولاء الحزبي الضيق. وفي هذا الصدد، تذكر مصادر موثوقة أن مسؤولين في أحزاب سياسية يتفاوضون مع مترشحين لمناصب عليا في المؤسسات الجامعية، لدعم ترشيحاتهم، مقابل خدمة أجندات حزبية محضة، من قبيل تعيين مقربين أو موالين أو أعضاء من الأحزاب في مناصب المسؤولية الجامعية، وكذا توظيف أساتذة جامعيين يدينون بالولاء لأحزاب سياسية أو لأذرعها الجمعوية.إن الانتماء الحزبي حق دستوري لا جدال فيه، لكن تقديمه على الكفاءة يعتبر ممارسة غير أخلاقية، وسلوكا يتنافى مع المواطنة الحقة. ولأن الولاءات الحزبية أصبحت المعيار الجوهري في التعيينات الإدارية، ظهر نوع من النفور لدى كفاءات، يُشْهَدُ لها بالنزاهة والوطنية، وعزوف شبه شامل عن المشاركة في مباريات الولوج إلى المناصب الإدارية العليا، خصوصا في الجامعات والتي تحتاج، بصورة عاجلة، إلى مسيرين أكفاء لإنقاذها من الوضع الكارثي الذي تتخبط فيه.إن تكوين أطر الغد، في المجالات الأمنية والقانونية والتدبيرية والاقتصادية، يتم، أساسا، في الجامعة، فهذه الأخيرة هي التي تزود الدولة بالموارد البشرية التي ستتولى تسيير الإدارات، وإن لم يتم تدارك استفحال الولاءات الحزبية والفئوية الضيقة في تعيينات كبار مسؤولي الجامعات والكليات والمدارس والمعاهد العليا وكذا الأساتذة الباحثين، فالنتيجة الحتمية ستكون طلبة جامعيين، ومستقبلا أطر إدارية (في مختلف الأجهزة الإدارية والأمنية وغيرها)، عديمي الكفاءة، ومتقوقعين داخل منظومة ولاءات ضيقة على حساب الولاء للوطن، بل ومشككين في قيم التسامح والتعايش، وربما غير مؤمنين بجدوى الدولة.فهل سَتُسارع الحكومة، و من يهمهم الأمر، إلى الاستجابة للدعوة الملكية الصريحة ؟أم أن إنقاذ الوظيفة العمومية العليا، وخصوصا في المؤسسات الجامعية، من حالة العجز وانعدام الكفاءة، يستدعي تدخلا عاجلا من الدولة لإعادة توزيع اختصاصات التعيين، نحو إرساء مزيد من التوازن، والحرص على انتقاء مسؤولين جامعيين لا يوالون، بصورة ضيقة، من عينوهم، وإنما يخدمون المصالح العليا للوطن. يوسف العيصامي
ساحة

كورونا ودعم تنظيم المناسبات والتظاهرات.. إلى متى؟
مروان اغـرباويليس من شك أن تفشي جائحة كورونا بالمغرب و ما ترتب عن ذلك من تداعيات الحجر الصحي الشامل و نظام العيش الجديد الذي فرض نفسه على الجميع في كل مناحي الحياة اليومية، كان له انعكاس اقتصادي و اجتماعي على جميع القطاعات بدرجات متفاوتة، لكن يبقى قطاع السياحة وخاصة تنظيم التظاهرات و المناسبات هو القطاع الذي تضرر كثيرا من جراء تفشي فيروس كورونا و هذا أمر عادي نظرا للاختلاط و التنقلات التي تتميز بها أنشطة هذا القطاع.و بهدف التخفيف من آثار الضرر الذي لحق بهذا القطاع والعاملين به سواء المقاولات أو الأجراء، قررت لجنة اليقظة الاقتصادية في اجتماعها العاشر المنعقد بتاريخ 05/10/2020 اعتماد تعويض شهري بقيمة 2000 درهم كذلك لفائدة العاملين في قطاع تنظيم التظاهرات ومموني الحفلات والمناسبات وفضاءات الترفيه والألعاب، وفق شروط معينة.لكن هذا النوع من القرارات يدفع لطرح تساؤلين اثنين على الأقل : أولها، ما مصير العاملين بالقطاع السياحي وتنظيم التظاهرات و المناسبات غير المسجلين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ؟ ثانيهما، إلى متى سيستمر هذا الدعم في ظل الإجماع العالمي على ضرورة التعايش مع فيروس "السارس كوف 2" لفترة غير محددة من الزمن ؟فأما بالنسبة للتساؤل الأول، فإنه من المعلوم أن نسبة كبيرة جدا من العاملين بقطاع تنظيم التظاهرات و المناسبات يشتغلون بشكل غير منظم و دون عقود عمل مكتوبة و مطابقة لشروط عقد الشغل المنصوص عليها في مدونة الشغل و بالتالي فإن هؤلاء غير مصرح بهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مما سيحرمهم من الاستفادة من الدعم.و يدخل في زمرة هذه الفئة، الأشخاص الذين كانوا يشتغلون مثلا في تنظيم الأعراس و الجنائز و حفلات القهوة و الشاي على هامش الملتقيات و الندوات و مناقشة الأطروحات بالجامعات و "النكافات" و مساعداتهن إلى غير ذلك، حيث إن أغلب العاملين بهذه المناسبات لا يرتبطون بعقود شغل مع مقاولات الممونين حيث يشتغلون تحت طلب الممون في مظهر من مظاهر العشوائية والاستغلال التي يتخبط فيها قطاع ممونين الحفلات و تنظيم التظاهرات والمناسبات.و أما بالنسبة للتساؤل الثاني، فمعلوم أن الدعم المقرر سينتهي في شهر دجنبر 2020 أي بعد 3أشهـر، و هو ما يُظهِـر عدم فعالية هذا النوع من القرارات التي لا تتعدى آثارها تأجيل الإشكاليات المطروحية لأسابيع أخرى عوض الانكباب على حلول جدرية تتماشى مع الوضع الجديد الذي فرضه تفشي فيروس كورونا و الذي يتطلب العيش وفق سلوكات و عادات جديدة و القطع مع العادات و التقاليد القديمة، و هو الوضع الذي سيستمر لمدة غير محددة من الزمن خاصة في ظل غياب بوادر قريبة لإيجاد لقاح فعال قد يقضي على الفيروس، ولاسيما أمام التزايد المتواصل في عدد حالات الإصابة الذي ينم على الانتشار الواسع النطاق لتفشي فيروس كورونا بالمغرب حيث سُجل يوم 08/10/2020 رقم قياسي جديد في عدد الإصابات وصل إلى2929 إصابة جديدة و رقم قياسي في عدد الوفيات الناجمة عن الفيروس التاجي وصل إلى47 حالة وفاة.و من هنا، و على ضوء ما تمت إثارته، يمكن طرح تساؤل جديد : أليس من الأجدر التفكير في مواكبة هذه المقاولات المشتغلة في قطاع تنظيم المناسبات و التظاهرات و الأشخاص العاملين بها و أولئك المرتبطين بنشاطاتها من أجل ملائمة أنشطتها مع الخدمات الجديدة التي يتطلبها الوضع العادي الجديد « le nouveau normal » والذي يتميز بقواعد التباعد الاجتماعي و تفادي الاختلاط في كل مناحي الحياة اليومية، على اعتبار أن الخدمات التي يـوفرها مموني الحفلات مثلا لم يعد لها مستقبل على المدى القريب و المتوسط على الأقـل علما أنه من المستحيل تصور مواصلة دعم هذا النوع من المقاولات طيلة سنوات طويلة في انتظار القضاء على فيروس كورونا و هو "الرجاء" الذي لا تظهر له بوادر قريبة في الوقت الراهن.بالموازاة مع ذلك، لابـد من مواكبة الإعلام لهذه التغييرات و ذلك من خلال تكثيف برامج التوعية على مستوى القنوات التلفزية و الإذاعية حيث يمكن استضافة مختصين في علم الاجتماع و علم النفس و كذا مختصين في علم الشرع المنـفـتـحـين و المعتـدلـيـن لتوعية المواطن العادي بأن الجنازة مثلا ليس من شروطها الشرعية انتداب مـمـون من أجل إقامة مأدبة عشاء و إثقال كاهلهم بمصاريف قد يكون مصدرها أحيانا قرضا مما يعني استمرار أداء أقساطه لشهور من أجل إرضاء عادة مجتمعية لا تجد لها أساسا في الشرع. و ما قيل عن الجنازة، يقال عن الزواج الذي لا يدخل ضمن شروط صحته إقامة حفل زفاف و انتداب ممون و عشرة ألبسة للعروس والاختلاط و الازدحام و ما يسمى ب "أغاني الشطيح و الرديح" إلى غير ذلك من الطقوس المتجاوزة في العصر الحالي و التي لا تليق بالمستوى الفكري الذي تطمح المجتمعات الراقية أن تراه في أفرادها.هذا النوع من الجهود المرجوة من الإعلام العمومي و الخاص، بالإضافة طبعا لدور المدرسة في التنشئة، من شأنها تصحيح العديد من المغالطات المتعششة في ذهن المواطن العادي و القطع مع التقاليد و العادات المتخشبة في كيانه العقلي و التي تتوارثها مع الأسف الشديد أجيال بعد أخرى.
ساحة

تكناوي يكتب: جمعيات الآباء والسؤال البيداغوجي المقلق في الزمن الكوروني
احتفلت المؤسسات التعلمية نهاية شهر شتنبر المنصرم باليوم الوطني لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ الذي يتسم هذه السنة بخصوصية غير مسبوقة فرضتها الوضعية الوبائية بفعل تفشي جائحة كورونا.والاكيد ان هذا الاحتفال لا يندرج فقط في اطار تفعيل مقتضيات المخطط الاستراتيجي 2015-2030 ولا للتأكيد على أهمية اضطلاع الأسرة المغربية بأدوارها اتجاه المدرسة باعتبارها المؤسسة الأولى للطفل كما عبرت عن ذلك ديباجة القانون 71.15 ، او حتى في اطار تحصين وتمتين المكتسبات التي تم تحقيقها في مجال تجسير التواصل بين الاسرة والمدرسة بقدر ما يندرج في اطار التأكيد على ان كسب رهان مدرسة متجددة منصفة ومواطنة ودامجة يمر حتما عبر ترسيخ الوعي بضرورة التشاور والتحاور التشاركي في البنيات والعلاقات والادوار داخل المؤسسات التعليمية وكيفية تأهيل وهيكلة وتحديث انماط اشتغال جمعيات الامهات والآباء واستحضار كل هذه الابعاد في تفاعلها الايجابي مع الاهداف التربوية والتواصلية. هو احتفاء بمثابة اعتراف بالخدمات الجلى التي قدمت ولا زالت تقدم للمدرسة العمومية ، ومصاحبتها الوفية واليومية للفضاءات التربوية باعتبارها الشريك الحقيقي والاقرب لتحمل وزر التربية والتكوين وتعزيز الشعور بالتضامن والاصرار على الانتصار على وباء كورونا .الاحتفاء باليوم الوطني لجمعيات امهات واباء واولياء التلاميذ ينبغي ان يشكل لبنة تأسيسية ومحطة لتعزيز التعاون والتواصل والتنسيق مع المؤسسات التعليمية والتحسيس بأهمية هذا الاطار الجمعوي الشرعي وبصمته المتميزة والفاعلة في الحياة المدرسية، يوم 30 شتنبر من كل سنة يجب ان يكون مناسبة قيمة للتوصل الى اقتراح الاليات المواتية لتطوير وتجويد سبل دعم الوصال والتواصل بين الاسرة والمدرسة معا يدا في يد بتعميق التفكير وتطوير النقاش وبناء مشاريع ومخططات واقعية وعقلانية تروم ايجاد كل الاجوبة الممكنة حول السؤال المقلق سؤال المدرسة العمومية، هو يوم لاستقبال سنة دراسية جديدة، وفرصة لتقييم الاعمال والمنجزات ، ووقفة تأمل في الابداعات والابتكارات والمبادرات لتكون الحصيلة النهائية اعادة الاعتبار والثقة لمدرستنا بجميع مكوناتها.ليكون الهدف تحقيق مدرسة كما نود ونريد، لتكون النتائج تحصين قلاع المعرفة مدرسة مانعة من الزيغ والتيه، و استنفار الهمم والعزائم بانخراط الكل باشراك الجميع من اجل انتاج عقول متحضرة وعقليات متمدنة مواطنة منفتحة ومبدعة بكل شموخ وبكل كرامة وكبرياء ودون مركبات نقص.
ساحة

عادل أيت بوعزة يكتب .. باب صناعة الفوضى
لا أكتب من اجل المال أو الشهرة ، و لا أكتب من اجل الجاه او السمعة ، لست أكاديمي و لا شعبوي ، لست غني و لا فقير ، لست عاقل و لا مجنون.أكتب اليوم لأنني لم أعد أجد الكلمات المناسبة ، أكتب اليوم لأنني ... لن أكتب غداً ، و هكذا تنتهي رحلتي مع القلم ، لأنني لم أعد أفهم شيئاً ، و لم أعد أدري ما يقع ، بحثث جيداً عن عاقل يرشدني الطريق أو حكيم يكشف تفاصيل الواقع المرير ... فتجاهلني العاقل ، و فشل الحكيم في الشرح و قال ان حكيم الحكماء بدوره لم يعد يستوعب ما يحدث .أنا في عادتي أكره التجاهل من أي كان ، و أرفض اللامبالاة ، كما أعشق الصراحة و الحقيقة حتى لو كانت قاسية ، و لأنني أتفهم و ألتمس الأعذار ، فأنا أقبل عادةً بأنصاف الحلول ، أقبل حتى بحوار دون حلول ، أقبل بالحد الأدنى من الأشياء ، و أؤمن بالبٌَركة في الأشياء .لست أدري من يريد شراً ببلادي ، و من يريد صناعة الفوضى ، لكنني أرى أفعاله ، أرى بوضوح خيوط الجريمة الشنعاء في حق هذا الوطن ، بداية بالتجاهل المقيت لعويل " الدراوييش" ، أعرف منهم الصانع التقليدي و ندل المطاعم و الملاهي و حراس الامن الخاص ، و عمال القطاع السياحي ، و صناع الفرجة و موسيقيي قطاع الحفلات و الأعراس و نجار الأسواق القديمة ... و كل هذا و انا لا أعلم شيئاً عن ما يقع .لست أدري من يريد شراً ببلادي الحبيبة ، العزيزة ، البهية ، من يتماهى في التعالي ، من يتخلى عن مسؤوليته ، و من يخطئ في تقديراته ، و من يراهن على صبر العباد ، أفلا تبصر؟ أفلا تشعر ؟ أفلا تسمع ؟ .وزيرة السياحة حفظها الله من كل الشرور ، جاءت و رحلت ، دون رصيد أو جديد ، دون ان تزرع في نفوس الناس الأمل ، دون أن تشعر بأهاط و معاناة المساكين ، دون أن نشعر بأنها " وزيرة " ، دون أن نشعر حتى بأنها إمرأة تعطف على حال الألاف من المراكشيين ، ممن يواجهون يومياً أثار الأزمة الإقتصادية و الإجتماعية ، ذهبت بصفر إجراء ، ذهبت بصفر قرار ... ذهبت و لم تعد ، و ما زال الوضع على حاله .لست أدري من يريد شراً ببلادي الشامخة ، العالية ، القوية ، و لست أدري أين وزير الشغل ، ذلك الشاب الوسيم الذي لم يكلف نفسه عناء التفكير في إيجاد حلول لمن فقد عمله ، بسبب قرارات إتخدها رئيس حكومته و رئيس حزبه و من إقترحه كوزير ، ظل صامتاً كما الآخرون ، لن يتكلم يوماً حول الموضوع ، و لن يعطي توضيحات ، بدوره يعول على الوقت ، و يعول على صبر الناس .وزير المالية نشعر أنه يملك ألة حاسبة ، يضرب الأخماس في الأسداس بشكل يومي ، و على أعتباره رئيس لجنة اليقظة الإقتصادية ، فيبدو ان المواطن المغلوب على أمره خارج حساباته ، يتكلم بالفرنسية بطلاقة ، و يعجز عن نطق رقم يحمل رصيداً يرفع الحزن و الغبن عن الألاف ، عذراً الملايين .وزير الفلاحة ، " إحتراماتي و تقديراتي " ، لكن الناس يتساءلون حول غلاء أسعار اللحوم و الأسماك و الخضر ، و حول دعم الفلاح الذي يواجه ببسالة تداعيات الجائحة بنفس العزيمة التي يواجه بها الجفاف ، لكن " الغالب الله " ، نعم القدرة الشرائية ضعيفة جداً ، و القفة تضاعف ثمنها ، فأينكم من هموم المواطنين الان ، أم أن كل همكم الانتخابات القادمة ؟وزير الثقافة ، يكفي وصولك لهذا الكرسي ، حتى يعلم المغاربة أن أقرب الطرق للوصول الى المناصب تكمن في أن يكون أحد أقاربك مالك جريدة و عضو مكتب سياسي لحزبك ، أما مهزلة الدعم الفني ، فيكفي ما يدونه الملايين من المغاربة هذه الأيام .أما رئيس الحكومة ، فقد عودتنا أطال الله عمرك على الصمت ، عودتنا على هذا النمط ، كأنك بطل من أبطال أحد الأفلام الأمريكية الحديثة ، حيث تهاجم الوحوش كل من يحدث صوتاً أو ضجيجاً ، و بالتأكيد لم نكن نطلب منه الاقوال بل الأفعال ، فلم نسمع منه سوى الصمت كما عودنا أطال الله عمره .أما السادة النواب البرلمانيين في مدينتي ... فقد مللنا من إيقاظهم ، يبدو ان نومهم عميق ، أو أنهم مصابون بلعنة لا تنفع معها رقية او تعويذة ، طلبنا منهم زيارة المحتجين ، دعوناهم لزيارة الصناع التقليديين ، دعوناهم لقلب الطاولة على الوزراء ... في الاخير " دعيناهم الله " .مجلس الجهة ، مجلس العمالة ، المجلس الجماعي ، الغرف المهنية ... مختفون الى ميعاد أخر ، فشكراً لكورونا التي ذكرتنا بتواجد هذه المؤسسات ، شكرا لكورونا التي جعلتنا نبحث عن لائحة المسؤولين ، شكراً كورونا التي عرت و كشفت و فضحت كل شيئ .سأتوقف عن الكتابة لأنني لم أعد أفهم ، سأتوقف عن الكتابة إحتجاجاً على صمت القبور ، وأسأل الله عز و جل ، أن يرفع عنا هذا الوباء و البلاء، وان يحمي بلادنا من كل الشرور ، ومن كل صناع الفوضى الحقيقيين، أصحاب البدل الأنيقة و الوطنية الناقصة.
ساحة

محمد العوني: إعلام الجائحة وجائحة إعلام التخويف
جوائح هي أبرزتها وأفرزتها جائحة كورونا المستجد، اختلالات وتخليات أعطتها الجائحة ألوانها الحقيقية القاتمة وأشكالها الجاثمة، وضمن ذلك برزت جائحة الاعلام فشاهدنا ونشاهد عواصف باردة وعواطف جامدة تتجول عبر واجهة الاعلام واستمعنا ونستمع لها، وقرأنا ونقرأ لها وعنها ...ينبغي التأكيد في البداية ألا مجال للتعميم، فالإشراقات والاستثناءات ـ على قلتهاـ كبيرة بتحديها للسائد وللأكثر انتشارا؛ بل إن أغلب أسباب جائحة الإعلام مفروضة عليه من خارجه.الإعلام الذي روض الجائحة..إعلام الجائحة وبالأصح حول الجائحة لم يتعامل معها كحدث ننتظر أن يكون عابرا وأن ينتهي قريبا. لم يخضع لها ، بل شيّد أنفاسا لمواجهتها ، وقبل ذلك عمل على تفكيكها وتحليل ما برز منها آنذاك، بما يسعفه على بناء استراتيجية مهما كان صغرها أو ضيق مساحتها ومحدودية أهدافها ... المهم أنه تمكن من ترويضها ، بعد وعيها وعقلها، ومقاربة دور العمل الإعلامي في تجسيد ذلك الوعي والعقل.من أسس الإعلام المهني التجديد المنتظم لأنه يتعامل مع الواقع ومستجداته وتطوراته ، ومع الحاجيات والأولويات المتجددة للمتلقين ويتجنب الانغماس في تقاليد ثابتة للعمل وفي محافظة ما على ما درج عليه... وقد اختبر قدوم الجائحة بالطريقة التي جاءت بها والتوقيت الذي جاءت فيه توفر مؤسسات الإعلام على سيناريوهات الاستعداد للطوارئ والإعداد لتدبير الأزمات، ولعل مسافات مازالت تفصلنا في المغرب والمنطقة العربية عن هذه الثقافة.الدهشة التي طالت والاندهاش الذي استطال..تسبح حتى أصغر الرسائل الإعلامية، خلال الزمن العادي ، في حضن الأهداف المحددة والتوجهات الاستراتيجية والسياسية التي تتم بلورتها بناء على الدراسة والتحليل والرصد للانتظارات والاتجاهات والخصوصيات...فما بالنا بحالة استثنائية، لا قبل للعالم بها مثل جائحة كورونا المستجد ... ولذلك ألح ويلح العديد من المتلقين على تقديم مقارنات بين إعلامنا والإعلام الغربي الذي يتزايد حضوره لديهم.لقد طغى عندنا تدبير الإعلام يوما بيوم، إذ لم يتم اعتماد لا تخطيط ولا دراسة وتتبع، ولا ابتكار أساليب جديدة لمضامين مستجدة. ولئن كان من الصحيح أن أغلب القطاعات غرقت في تدبير يومي وارتجالي لأزمة كورونا المستجد، فإن الإعلام ـ لعدة أسباب ومنها أنه عمل في الواجهة ـ ما انفك يبدو معطوبا ومسلوبا أكثر بذاك النوع من التدبير. ولم يستفد من مرور ما يزيد عن سبعة أشهر على الجائحة، ويستمر اندهاش وتيه غالبية إعلامنا إزاءها.ولا ينفي هذه الخلاصة كون السلطات استعملت الإعلام والتواصل في بداية الجائحة لتيسير نوع من المصالحة مع فئات من الشعب، لتقبل الإجراءات والقادة والمسؤولين، وحاولت استعمالهما لخلق ثقة مفتقدة أو على الأقل مقدمات لها حسب الحالات، لا سيما مع الارتباك و وقع المفاجأة الذين اصطك بهما صناع القرار...والاستثناءات القليلة التي وقعت في هذا الصدد تؤكد القاعدة، وأبرزها الاستفادة من بعض القنوات السمعية البصرية العمومية لدعم التعليم عن بعد؛ وذاك يطرح من جهة أخرى أسئلة وظائف وحتى وجود بعض القنوات الإعلامية وهي التي تكلف الميزانية العمومية ما تكلف ...فيروس إعلام التخويف..ليس لجائحة إعلامنافيروس واحد، بل عدة فيروسات وأمراض انضاف الجديد منها إلى القديم، سواء في المحتويات أو في الأشكال والأساليب أو في الاختيارات والتوجهات أو في التدبير والتسيير. ونتوقف هنا عند أحد أعراض مرض المضمون؛ من خلال نموذج إعلام الخوف والتخويف.فقد ساهم بعض إعلامنا في نشر فوبيا كورونا بالتركيز على التهديد والتنديد؛ وكثيرا ما يردد ذ مصطفى الشكدالي الخبير في علم النفس الاجتماعي قوله "التنديد لا يصاحبه عادة التفكير"؛ بينما إن فقد الاعلام التفكير والتأمل والدراسة أصبح تهريجا وبهرجة ...كما ساهم في "رهاب كورونا" ترويج الغموض المركب إزاء الفيروس؛ فغموض بعض جوانب وقضايا الفيروس كانت ولازالت واقعا مميزا لتعاطي العلم والطب معه، بسبب غياب أجوبة حاسمة على أسئلة مهمة مثل كيف ينتشر الفيروس؟ إنما الغموض المركب هو الذي يضيف للمجهول المحيط بالفيروس والاستفهامات المعلقة حوله " الزيادة في العلم " والمزايدة عليه بأدوات الجهل وخطابات الادعاء.في حين انضاف للإعلام دور المرافقة النفسية التي لا يمكن أن تتم دون الاعتماد على المعرفة؛ فالمعرفة وحدها تقلص من الخوف المرضي وترسي الخوف العادي بقدره الإنساني الذي يقترن عادة باتخاذ الاحتياطات والاستعداد للمواقف والحالات؛ وثقافتنا تحث على "للي خاف نجا"، و"الخوف أو الهروب من التيساع رجلة " تأكيدا للفوارق بين الشجاعة والتهور، وبين الحذر والهلع ، والموازنة بين الإقدام والإحجام ...لا أخاف إلا من الخوف..فالمبالغة في أي شيء تقلبه إلى ضده. يقول نفس الخبير: "لا يعذر أحد بجهله لنفسه " فهو يحور مقولة "لا أحد يعذر بجهله للقانون " للتأكيد بأن معرفة الذات قبل معرفة القانون... ويمكن ان نوسع هذه القاعدة لتشمل المجتمع بما فيه الدولة لنستخلص بأن القانون والأمن وحدهما لا يكفيان، وما ينتجانه من ردع وزجر، تكون لهما أحيانا نتائج عكسية وليس فقط نتائج سلبية جانبية.وعندما يغرق المواطن في خطابات التهديد والتخويف في الشارع، ويدخل لبيته فتهاجمه نفس الخطابات عبر شاشات وأمواج وصفحات أجهزة الإعلام، أفلا يصاب بالفزع والهلع ثم بالفوبيا. وتزايد حالات الاكتئاب والذعر والرهاب والشعور بالقهر وغيرها، لاسيما وسط الأطفال خطير على مستقبل البلاد.والحال أن بعض الإعلام بالغ في تبني وتصريف المقولة التسلطية " ك يخافو ما يحشموا " وزاغ عن أدوار التنبيه والحث على الحيطة والحذر... وأنى لإعلام خائف أو متخوف أو مخوف أن يصد الخوف. يفرض التعامل مع ذكاء المغاربة لا مع غرائزهم الابتعاد عن تطرفي التهويل والتهوين؛ والوعي بأن الإعلام لم يعد ـ منذ مدة طويلة ـ أداة للإبلاغ والتبليغ فقط، بل أصبح مساحة للتواصل وساحة للحوار و واحة للاتصال والتفاعل.علما أن من أولى دروس الجائحة ـ عالميا ووطنيا ـ إثباتها أن صلاحية بعض الخطابات ومنها خطاب التخويف محدودة التأثير ومعرضة للتلف السريع، وأنها خلفت وتخلف أحيانا انعكاسات غير منتظرة و ردود فعل سلبية ... لا سيما مع طول عمر الجائحة غير المتوقع. مما يتطلب أن نتبنى جميعا مقولة " لا أخاف إلا من الخوف "... 
ساحة

محمد أوزين يكتب عن الإعدام
‎بقلم/محمد أوزين‎خشي أحد وزراء الخليفة العباسي المعتضد بالله لسان الشاعر أبو الحسن علي بن العباس الملقب بابن الرومي، فقرر التخلص منه خوفا من فلتات لسانه السليط في الهجو والشتيمة والمسبة. والواقع أن رأس عملاق الشعر العربي كان مطلبا للعديد من الحكام وأولي الأمر آنذاك. استدعي ابن الرومي لأحد المجالس في حضرة الوزير ودس له سما في حلوى قدمت للضيف. ولما شعر الشاعر العباسي بالسم يسري في عروقه هم بمغادرة المجلس، فسأله الوزير متهكما: "إلى أين يا ابن الرومي؟" فأجابه: "إلى المكان الذي بعثتني إليه". فرد عليه الوزير ساخرا: "أبلغ سلامي إلى والدي". فأجابه ابن الرومي: "ليس طريقي النار".‎ توفي ابن الرومي مسموما وبقي وفيا لنهجه وشموخه حتى عند آخر أنفاسه تاركا إبداعا أدبيا وإرثا فكريا صنفه ضمن جهابذة الشعر العربي عبر التاريخ.‎ليس ابن الرومي وحده الذي لقي حكما ماكرا بالقتل، بل التاريخ يعج بأسماء عديدة لقيت نفس المصير ولو اختلفت الأسباب والأساليب والأزمنة والعصور سواء عند العرب أو العجم: القديس جرجس، والقديسة صوفيا، والقديسة عذراء أورليانس جان دارك، والحسين بن منصور الحلاج أحد أعلام التصوف العربي الإسلامي، وأسد الصحراء عمر المختار، وبعده شانقه موسوليني مؤسس الحركة الفاشية الإيطالية، والكاتب والطبيب الثوري تشي غيفارا، واللائحة طويلة لا تنتهي.‎رواد وأعلام وزعماء ومشاهير لقوا حتفهم عن طريق الإعدام لأسباب هي اليوم ربما قابلة للجدل، كونها غير مقنعة بل أحيانا ظالمة في منظور العديد، لكنها كانت كافية لوضع حد لحياة الكثير ممن طالتهم عقوبة الموت حسب القوانين الوضعية آنذاك. رحل هؤلاء لكنهم تركوا نقاشا لم يحسم فيه بعد:إنه نقاش الحق في الحياة وأحقية الحياة.‎لا يرقى إلى الشك أنه ومنذ القدم طغى على سلوك الإنسان طابع العنف وساد مبدأ القصاص متأرجحا بين قوانين وضعية وشرائع سماوية. وحتى عند مطلع التاريخ سنت قوانين خاصة بإنزال عقوبة الإعدام في جرائم عدة كالقتل العمد، والسرقة، وقطع الطريق تحت التهديد بالسلاح، وخطف الأطفال. وفي بعض الحضارات أنزلت العقوبة حتى في حق من ضرب الحامل وتسبب في إسقاط جنينها كما نص على ذلك قانون الملك البابلي حمورابي والقانون الأشوري في العصر القديم، وقانون مصر الفرعونية ثم بعده القانون اليوناني مجسدا بقانون "دراكون" و"صولون" حاكمي أثينا الشهيرين.‎في كتابه "30 طريقة للموت: تاريخ وسائل الإعدام في العالم"، استعرض الكاتب المصري ميشيل حنا تفنن الحضارات في إنزال عقوبة الإعدام بطرق لم تخل من ضراوة ووحشية على مرأى ومسمع من الجميع: قديمًا في إيران كان جسم الجاني يغطى بالعسل والحليب ويقدم للفئران طعاما لتنهشه. وفي أسيا كانت الفيلة تتولى تنفيذ الحكم حيث يثبت الجاني فوق الأرض حتى تدوسه الفيلة الهائجة بأقدامها فتهشم عظامه وتفجر رأسه. وفي الهند كانت تروض الفيلة على تقطيع الأجساد بشفار حادة تثبت على أنيابها. وحتى مطلع القرن التاسع عشر كانت لاتزال تستعمل عقوبة "عجلة كاثرين" أو عجلة التكسير وهي طريقة استعملها اليونان في القدم، صنفت من أبشع وسائل القتل والتعذيب حيث يقطع الجسد حتى تبرز العظام.‎وإبان الثورة الفرنسية اشتهرت المقصلة "guillotine" والتي أعدم بها ملك فرنسا لويس السادس عشر وزوجته ماري أنطوانيت في ساحة الثورة المعروفة اليوم بساحة الكونكورد في قلب باريس، ناهيك عن أساليب وطرق أخرى كالتمزيق "écartèlement" والغلي والحرق والسحل والسلخ والخازوق "empalement" والتغريق والتعفن والمنشار والدفن حيا وكسر الظهر والإلقاء من أعلى. ‎وفي أمريكا الحديثة استعمل الغاز السام كوسيلة للإعدام يبدو أنها مستلهمة من الطريقة التي استعملها النازيون في عمليات القتل الجماعي لقتل المصابين بالإعاقات البدنية والعقلية وخلال عمليات التطهير العرقي أو ما عرف بالهولوكوست. وإلى حدود اليوم لا زالت بعض الولايات في أمريكا تستعمل الكرسي الكهربائي لتنفيذ عقوبة الإعدام.‎ وبعد مرور قرون عدة على تطبيق العقوبة القصوى "capital punishment" أو عقوبة الموت"death penalty"، وصولا إلى يومنا هذا، فإنها لا تزال موضوع جدل بين مؤيد ومعارض في كل المجتمعات سواء التي أوقفت العقوبة أم التي حافظت عليها.‎ وهنا نجابه فئتين: الأولى ترى في العقوبة قصاصا ورد اعتبار للضحية وذوي الحقوق وعبرة رادعة لمقترفي الجرائم، بل وتعتبر إلغاء العقوبة احتراما لحياة القاتل فقط. فيما تتساءل الفئة الثانية حول قدرة العقوبة على وضع حد للجريمة، معتبرة إياها انتهاكا لأهم حقوق الإنسان وهو الحق في الحياة.‎وهنا لا يخفي الحقوقيون تخوفهم من التمييز الذي قد يطال تنفيذ حكم الإعدام في إشارة إلى إخراس الأصوات المعارضة وبين صفوف الفئات الأضعف سيما في الديمقراطيات الهشة، مستحضرين غياب هامش تدارك أخطاء وزلات المحاكمات. فعقوبة الإعدام بعد التنفيذ لا رجعة فيها ولا مجال لتصحيح عيوب دفوعاتها. كما يذهب الحقوقيون إلى أبعد من ذلك وهم يؤكدون أن عقوبة الإعدام هي تشجيع لثقافة الانتقام وليس إقرارا لثقافة العدل. والمجتمعات التي تنزل حكم الإعدام بالمخالفين، دائما حسب رأي الحقوقيين، ليست أقل وحشية وأقل عنفا من الأعمال التي تدينها قوانينها.‎في المقابل، يعود طرح الفئة الأخرى ليؤكد أن العبرة بالقصاص: من يزهق روح بريء على غير وجه حق ظلما وعدوانا وجب إعمال السلوك نفسه في حقه حتى ينصف الأهل ويتعظ الآخرون. وتواجه الفئة ذاتها الحقوقيين بنفس المبدأ وهو حق الضحية في الحياة، ناهيك عن مصادرة حق أهله وذويه في حياة قريبهم. ثم كيف يعقل أن يسجن الجاني وهو يأكل ويشرب من جيوب دافعي الضرائب الذين هم أهل الضحية. "اتكرفص على ولدي، اغتصبو، وي قتلو، وي حرمو من العيش، وي حرمني منو ونصرف عليه أنا ياكل وي شرب وي تريني معا راسو. إدواز مدة وي طلقوه بالعفو أو حسن السيرة والسلوك كاليك! مزيان تبارك الله".‎هذه شهادة لأب وهو يتفاعل مع النقاش الدائر حول عقوبة الإعدام على خلفية واقعة الطفل عدنان بطنجة والجانب العاطفي للأب يظهر جليا في طرح الرجل. ويتابع: "هادو لي ضد الإعدام في حق هاذ الوحوش الآدمية، بغيت نشوف رأيهم كون وقع لولادهم ولا بناتهوم في عمر ست سنين أو سبع سنين داكشي اللي وقع لولاد بزاف ديال الناس: اللي تخطفو وتغتاصبو وتقتلو. زعما غادي إكولو الله يسامح! غير شدوه شويا في الحبس حتى طلقوه من بعد، وتا سير!".‎وإذا كان ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوربي يمنع تطبيق عقوبة الإعدام، بل يعد شرطا للعضوية داخل الاتحاد، مما شكل حافزا لمجموعة من الدول لوقف العقوبة، فإن الواقع لا يعكس المعطيات كما سعى إليه ميثاق الاتحاد. كيف؟ إحصائيا قرابة 149 دولة، أي ما يناهز ثلثي دول العالم، أوقفت العقوبة. لكن الواقع يشهر رقما آخر يبرز مفارقة غريبة، بحيث أن 60% من ساكنة العالم تعيش في دول تطبق فيها عقوبة الإعدام. كيف؟ يكفي النظر إلى الدول الأكثر سكانا (الصين والهند والولايات المتحدة وإندونيسيا إلى جانب ماليزيا وتايوان وسنغافورة) للوقوف على حجم تهديد عقوبة الإعدام لما يفوق نصف ساكنة المعمور. ‎لا يخفى على أحد أن جدلية عقوبة الإعدام نالت حيزا كبيرا من النقاش العام وعلى منصات التواصل. بل كثيرا ما كانت موضوع استطلاع للرأي العام. في اليابان مثلا أفاد تقرير أنجز خلال خمس سنوات الماضية أن 80% من اليابانيين يؤيدون عقوبة الإعدام، مما أرغم وزارة العدل على تبني موقف غالبية الشعب الياباني الرافض لإلغاء العقوبة. وهو ما يفسر عدم توقيع اليابان ومصادقتها على البروتوكول الثاني الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ومع ذلك فلا تزال هناك أصوات وحساسيات وسط المجتمع الياباني ترافع من أجل "عقوبة السجن المؤبد الثقيل" بدون أي إمكانية للتأهيل أو إفراج مشروط كبديل لعقوبة الإعدام.‎هو جدل عبر التاريخ محوره الإنسان، وضحيته الإنسان جانيا كان أو مجنيا عليه. آراؤنا شتى والنازلة واحدة، واختلافنا إليها يشير. (يتبع)
ساحة

لحسن حداد يكتب.. الوهم المزدَوَج : تشريح «الحرب الشعبوية» على البرلمان في المغرب
لا يمر يوم في المغرب من دون أن ترى أو تقرأ أو تتلقى رسالة أو رسماً أو بياناً أو نكتة تحط من شأن البرلمانيين والبرلمان. أصبح ممثلو الأمة والمؤسسة التشريعية محط هجوم إعلامي كاسح، خصوصاً على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي من طرف المُفترَض فيهم أنهم هم من صوتوا لهم ليمثلوهم في مراقبة الحكومة والتشريع لصالح الشعب.هذه المفارقة موجودة في دول عديدة ولكنها أصبحت في المغرب لازمة ثابتة، خصوصاً على مستوى الخطاب الشعبوي السائد لدى شرائح متعلمة ونصف متعلمة من الشعب. مثلُ هؤلاء كمن أرسل مبعوثاً وتنكّر له أو عيّن سفيراً ونسِي قرار التعيين... سواء صوتوا لصالح ممثليهم في البرلمان أم لم يصوتوا، فمن المفترض أن هؤلاء مسؤولون عن وجود ممثلي الأمة تحت قبة البرلمان؛ ولهم الحق في محاسبتهم وتغييرهم إن لم يقوموا بواجبهم الذي انتُدِبوا من أجله في يوم الاقتراع، ولكن يُفترض فيهم كذلك التفاعل معهم ودعمهم ونقدهم نقداً بناءً ليمثلوهم أحسن تمثيل.من المفترض أيضا أن المسؤولية مسؤولية الشعب كاملة في وجود البرلمانيين في البرلمان، وفي وجود النظام السياسي والانتخابي الذي يجعل البعض يصل إلى البرلمان رغم فساده المحتمل أو تدني كفاءته أو غيابه المستمر عن الجلسات. صحيح أن هناك مواطنين كثيرين يقومون بدورهم في التصويت يوم الاقتراع والتفاعل مع البرلمانيين حول قضايا محلية ووطنية، ولكن الرأي العام خصوصاً على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي تسوده نظرة قدْحية سلبية وعَدَمية حول البرلمان. ما السبب في ذلك؟في هذا المقال أقترح نظرية «الوهم المُزدوَج» لشرح الأسباب السوسيولوجية والتاريخية والسياسية لهذه «الحرب الشعبوية» على البرلمان في المغرب. أولاً، أنعت هذا الموقف بـ«الشعبوي» لأنه ينم عن رفض عام للنخب مهما كان شكلها، ولأنه لا يرى جدوى من وجود البرلمان أصلاً، بل قد نجد من يقول: «لا شيء هناك إلا الملك والشعب ولا حاجة لا للحكومة ولا للبرلمان ولا المؤسسات الأخرى»، وهناك من يعتبره هدراً للمال والزمن، ويعتبر الاقتصاد في أجور البرلمانيين وتقاعداتهم كافياً لبناء مئات المدارس والمستشفيات، ويرى أنه مُكونٌ من أنصاف المتعلمين تنقصهم الكفاءة والجرأة للقيام بدورهم.هذه مقولات شعبوية لأنها إما أنصاف حقائق وإما تصورات خاطئة للواقع. أولاً، لا وجود لأنظمة سياسية ناجعة من دون نخب، ولا وجود لديمقراطيات بدون هيئات تمثيلية وحتى في الأنظمة الاستبدادية يستعين الحكام بالنخب لتسيير شؤون البلاد. أما كفاءة البرلمانيين فتسود الرأي العام مغالطات كبيرة بشأنها. و270 من البرلمانيين في مجلس النواب يحملون الإجازة فما فوق ومن ضمنهم العديد من المهندسين والأطباء والصيادلة والموثقين والأطر العليا والخبراء والأساتذة الجامعيين ومديري شركات وحتى من لهم تكوين دون ذلك فهم مقاولون ناجحون لهم تجربة طويلة في ميدان التجارة والصناعة والفلاحة والطاقة وميادين أخرى.عدم كفاءة البرلمانيين وَهْمٌ لا يمت للواقع بصلة؛ إنه إسقاط لا غير تساعد في تكريسه وجوب سرية اللجان، المكان المناسب لإظهار كفاءات البرلمانيين للرأي العام. أكثر من خمسة وثمانين في المائة من البرلمانيين هم من طبقات متوسطة عادية، البعض منهم لهم دخل متوسط ووجودهم في البرلمان هو نوع من التسلق الاجتماعي الآني والمحدود في الزمن، سوف يندثر حال انقضاء مدة الانتداب. الصورة النمطية للبرلماني صاحب السيارة الفخمة والسيجار والحصانة والذي يقضي وقته منهمكاً في إبرام العقود ونسج العلاقات لحماية مصالحه ومصالح ذويه وأقربائه وأصدقائه عهد ولى منذ عقود وحتى في الماضي كان هؤلاء يُعَدّون على رؤوس الأصابع.أما البرلماني الجديد فإنه يأتي إلى الرباط حاملاً هموم دائرته وجماعته (بلديته) يتجول بين أروقة الوزارات لحل مشاكل الطرق والماء والكهرباء والأراضي السلالية (الجماعية) والعلف ودعم الفلاحين وقضايا التجار الصغار، وتجهيز المستشفيات والمدارس المغلقة. هذا عمل مضن ومكلف ولكن لا يُرى ولا يكترث به من يكونون نظرتهم عن البرلمان فقط من خلال جلسات الأسئلة الشفوية.البرلمانيون الذين ثبت في حقهم اختلاس بحكم وجودهم كرؤساء جماعات (بلديات) لا كبرلمانيين، معدودون على رؤوس الأصابع. ما يركز عليه الإعلام هم هؤلاء الخمسة (أو أكثر) من المفسدين وليس من الثلاثمائة ونيف الذين يقضون وقتهم يسائلون ويراسلون وينتقدون من أجل مصالح دوائرهم. شغف كبير لدى وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بالفساد لا بالبناء، بتشييد سجن لا بالطرقات ونقط الماء وشعير العلف ومِنَحِ الطلبة وغيرهم. الفساد رغم قلة أصحابه مثير، يدغدغ العواطف، ويعطي فرجة إعلامية وفرقعات سياسية مزمجرة بعيداً عن رتابة الترافع من أجل بناء القناطر، وتأهيل القرى، وإعادة هيكلة الأسواق الأسبوعية، وتلقيح الأغنام، وتسجيل الطلبة في أسلاك الماستر والدكتوراه، ومساعدة الشباب على القيام بمشاريعهم.إذا أردت الشهرة فعليك بالفساد: ستصل النجومية مجاناً لأن مئات المواقع ستكتب عنك ومواقع التواصل الاجتماعي ستعود لموضوعك ليل نهار. وإذا أردت أن يتجاهلك البعض بل وأن يتهموك بعدم فعل شيء فساعد في كهربة دواوير (كفور) دائرتك، وترافع من أجل أن يصل الماء إلى أبعد نقطة ليشرب الناس وترتوي الماشية، ودافع عن ضرورة تخصيص ميزانية للطرق في إقليمك.العمل شيء رتيب، ممل، إيجابي، يهم حياة الناس العادية والرتيبة، وهو بهذا ليس مادة دسمة مثل من امتطى سيارة فخمة إلى البرلمان أو أقام عرساً أسطورياً أو اختزن الملايين في قبو التبن داخل بيته، أو من اغتنى من الاحتكار. الفساد مادة إعلامية دسمة، والفساد والبرلمان مسلسل مكسيكي مثير، بينما بناء الطرقات وتجهيز المستوصفات فهي أمور ركيكة، رتيبة، مملة لا تستحق الإعلام ولا الإخبار.دعونا ننظر إلى من ينتقدون ويهاجمون البرلمانيين. جلهم طبقة متوسطة متعلمة، والبعض منها أنصاف متعلمين، متذمرة من أوضاعها، تقضي وقتاً طويلاً في التعبير عن سخطها من الأوضاع عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وأغلب هؤلاء يُسقِطون هذا التذمر على البرلمان لأن البرلمانيين هم الحلقة الضعيفة في مؤسسات الدولة. وفي نفس الوقت فمقاصد النقد هي طبقية كذلك، أي أن الهجوم ينم عن انتقاد مُعلَن وضِمني لوضعهم الاجتماعي.كون أغلبية البرلمانيين هم كذلك من الطبقة الوسطى يجعل البعد الطبقي لهذا النقد وَهْماً عابراً ليس إلا. وكون من ينتقدون تربطهم علاقة طبقية حقيقية مع المستضعفين من الشعب من شباب عاطل ونساء ومجموعات هامشية وسكان البوادي وعمال موسميين وفقراء وكادحين، فإن هذا الوهم يصبح مُزْدَوَجاً. من وجهة نظر «النظرية الهامشية» لـ(راناجيت كوها وأصدقائه في جنوب شرقي آسيا) يبقى نقد البرلمان «بورجوازيا» حتى النخاع، أي أنه لا يرقى إلى تحليل طبقي حقيقي يأخذ بعين الاعتبار إنتاج وإعادة إنتاج علاقات السلطة بين أصحاب الامتيازات من جهة والفئات الهامشية من جهة أخرى.مقولة «الوهم المزدَوَج» التي أدفع بها هنا استوحيتُها من اللوكاشية والفكر الهامشي وهي كفيلة لشرح أسباب الحرب الشعبوية على البرلمان في المغرب. أي أنها حرب حول الامتيازات داخل نفس الطبقة وليست حرباً طبقية بين من لهم وبين من هم على الهامش، كما يحلو لجيوش المنتقدين أن يصوروا ذلك. لحسن حداد وزير مغربي سابق ونائب في البرلمان
ساحة

محمد العوني: من إعلام الديماغوجية.. إلى إعلام البيداغوجية
بعد تفاقم جائحة كورونا بالمغرب تكاثر الحديث عن "قلة أو تدني الوعي لدى فئات واسعة " وهو حكم جاهز أطلق ويطلق في عدة مناسبات ، علما أن تتبع ردود فعل الشعب المغربي في العموم ، وباستثناء الحالات الشاذة ، أبرز أن التعامل الواعي المعتمد على الاحتياطات و تقبل ما فرضته إجراءات الطوارئ الصحية بمستوى من الانضباط لم يكن متوقعا ؛ بما فيه أكثرية الحالات المكرهة التي حاولت أن تغلب الانضباط حتى على الحدود الدنيا للعيش ؛تدني الوعي أم تدني التوعية ؟من المؤكد أن شرائح قليلة من بعض الفئات لم تربط انضباطها أو قلته بوعي ضروري بالجائحة وبالمسؤوليات الفردية والجماعية إزاءها ، و وعي بسياقها و بأوضاع البلاد في مختلف المجالات وبمستجدات الجائحة وتطوراتها عالميا ... ومن يطلب ذلك من هاته الشرائح فهو كمن يطلب الماء من بئر ناشف.مع كل هذه النسبية التي ينبغي التعامل بها مع ردود فعل المغاربة ،فلاريب أن سؤال التوعية طرح ولازال مطروحا ليس فقط حول طبيعة الفيروس المستجد وكيفية الوقاية منه وكيفية علاجه ، بل كذلك حول الأوضاع الصحية بالبلاد والأمراض المنتشرة و واقع المنظومة الصحية وما إلى ذلك. والمؤسسات المكلفة أو المعنية بالتوعية متعددة ّ؛ ومن ضمنها ـ إن لم نقل في مقدمتها ـ المؤسسة الإعلامية.وفي انتظاردراسات علمية لمضامين الإعلام وأشكاله خلال الجائحة ، تسعفنا المتابعة أن نقدم ملاحظات أولية ، تؤكد بخلاصة عامة دون أن تكون تعميمية ، بأن عمليات التوعيىة لم تكن في مستوى تحديات الجائحة وما طرحته من رهانات على علاقتها بوظائف الإعلام وبتجديده وتطويره وملاءمته مع الحاجيات المستحدثة للوطن وللمواطنات والمواطنين ...فهل ساهم الإعلام في "التراخي " الذي تردد الحديث عنه كثيرا ، بسبب افتقاده لما يكفي من البيداغوجية ؟ وقبل هذا السؤال ألم يساهم في ذلك إعلام الديماغوجية "المزدهر"في بلادنا ؟كان استعمال مصطلح ديماغوجية منتشرا بشكل مبالغ فيه قبل سنوات ،ثم تقلص استعماله بشكل ملومس لأسباب قد تحتاج لدراسة الباحثين اللغويين والإعلاميين... ويقصد به العمليات والأنشطة التي تسعى ل "أكل "الأدمغة أو "لحسها" كما يقال في تعبير آخر...عند البحث في المصطلح نجد بسهولة التعريف المبسط التالي : " كلمة يونانية مشتقة من كلمة (ديموس)، وتعني الشعب، و(غوجية) وتعني العمل" أما معناها السياسي "فهي الأساليب التي تستعمل لخداع الشعب وإغرائه ظاهرياً للوصول للسلطة وخدمة مصالح محددة" ؛ وتبعا لذلك فالديماغوجي هو الشخص الذي يسعى "لاجتذاب الناس إلى جانبه عن طريق الوعود الكاذبة والتملق وتشويه الحقائق ويؤكد كلامه مستندا إلى شتى فنون الكلام وضروبه وكذلك الأحداث، ولكنه لا يلجأ إلى البرهان لأن ذلك يبعث على التفكير ويوقظ الحذر، والكلام الديماغوجي مبسط ومتزندق، يعتمد على جهل سامعيه ..." ولا يسمح الحيز بتعريف البيداغوجية ، لاسيما أنه مصطلح معروف لدى الكثير من القراء وقليل الالتباس وأقرب للبحث عن معانيه واستعمالاته .ما على الديماغوجية وما للبيداغوجيةإعلام الديماغوجية يتذاكى على المتلقين؛ إعلام البيداغوجية يحترم ذكاءهم.. هذا يتقن التبسيطية الفجة ويغرق في المصطلحات الضخمة والكلمات المفخمة؛ وذاك يعمل على البساطة وعلى التفكير في الرسائل المقدمة و"يدير لسانه في فمه سبع مرات" قبل النطق بكلمة أو كتابتها.. إعلام الديماغوجية "يتعالم" على العلماء والخبراء ويقدمهم بشكل مفخم ومضخم ويشوه ما يقولونه؛ إعلام البيداغوجية يحترم العلم والعلماء والخبرة والخبراء ويحرص على تقريب أفكار الخبرة و العلم للمتلقين واستنباط الرسائل الإعلامية منهما.. هذا يجعل التنشيط تهريجا والتهريج علما؛ وذاك يجعل التنشيط شراكة مع المتلقي وارتقاء بالعملية التواصلية.. إعلام الديماغوجية يغلف الحقيقة والحقيقة عنده هي ما يقدم وهي مطلقة لا نقاش فيها؛ إعلام البيداغوجية ينقل ما توصل إليه من الحقيقة، وهي نبراسه، والحقيقة دائما غير مكتملة ونسبية.. هذا يكتب او يتحدث أكثر مما يهيئ؛ وذاك يهيئ أكثر مما يقدم أو يكتب.. إعلام الديماغوجية يفتي الناس في الوطنية ويخلطها بالشوفينية؛ إعلام البيداغوجية يتناقش مع الناس في المواطنة وبالمواطنة ويجعلها أساسا لمعادلاته.. في هذا الإعلام يفرض على الضيف أن يخاطب "المنشط" بالأستاذ ويتقبل حتى سخافاته؛ في ذاك الإعلام الحوار متعة والصحافية أو الصحافي ضمنه متواضع بمعرفته ونشيط بتواضعه.. إعلام الديماغوجية" أستاذية "ودروس ملقاة من فوق؛ إعلام البيداغوجية تعلم متبادل بين الصحافي والمتلقي.. في إعلام الديماغوجية يكثر أشباه الصحافيين وأدعياء الإعلام ومن يعتبرون أن الشهرة هي الأساس ولو تمت على جثة الحقيقة وعلى حساب النزاهة؛ وفي إعلام البيداغوجية الصحافي ناكر لذاته، يساهم في بناء الوعي الجماعي وتقدم الوطن ضمن تطور الإنسانية.. هذا خطاب لليقين واللغة الحاسمة؛ وذاك طرح للاحتمالات وتعايش معها.. إعلام الديماغوجية تدجين للعواطف وسعي خائب للبراعة في دغدغتها؛ إعلام البيداغوجية تحريك للوجدان الجماعي وربط له بالوعي وبالعقل.. لدى هذا الترفيه بهرجة وإضاعة للوقت و"بسالة وحموضة " كما يتم وصفه عادة؛ ولدى الآخر الترفيه مضمون وفن رفيع لا ينفصل عن الرسالة الإعلامية.. إعلام الديماغوجية خيالات استيهامية واستيهامات خيالية؛ إعلام البيداغوجية لا يمل من المساهمة في بناء المخيال الجماعي، وتحفيز خيالات الأفراد ليولد الإبداع.. خط تحرير هذا مرتكز على الاتجاه الواحد والرأي الوحيد؛ وخط تحرير ذاك أساسه التعدد الذي يجمع ولا يشتت.. إعلام الديماغوجية مليء بالتكرار والاجترار والخطابات المفروغة وأحد شعاراته "التكرار يعلم الحمار"؛ إعلام البيداغوجية يستعمل الإعادة المدروسة والرسائل المتراكمة والمتسلسلة وشعاره: "المتلقي هو الأذكى ".. إعلام الديماغوجية يحول السبق الصحافي إلى "سلق" وخرق للأخلاقيات؛ إعلام البيداغوجية يعتمد الآنية المؤسسة على التحري الدائم والإحاطة بالملفات والقضايا..ويمكن أن نستمر في استعراض مفارقات "الإعلامين" بقدر تتبع خروقات وحماقات غالبية ما يقدم لنا على أنه إعلام وتخلياته واختلالاته؛ وكلما استحضرنا القواعد المهنية وقيم ومبادئ أخلاقيات الاعلام...
ساحة

من آخر ما كتب الفنان أنور الجندي قبل رحيله
الفنان أنور الجندي يتذكر لبنان .."سيناريو القدر" والحاجة بنمزيان لك الله يا لبنان، لك الحافظ الحفيظ يا أرض شجر الأرز، لك الستار بستر جلاله يا سويسرا العرب يا ربوع الحرية ويا ملهمة الفنانين والمفكرين وكافة المبدعين ...اسمحي لي سيدتي القارئة سيدي القارئ بعد تقديم واجبات العزاء بأدق وأرق مفردات المواساة للشعب اللبناني الحبيب الشقيق، إثر هذا الانفجار الذي فجّر الأحزان والأتراح في دواخلنا، وروّع بهجتنا بعيد الأضحى المبارك، اسمحوا لي أن أنبش قليلا في ذاكرتي ومذكراتي من خلال بعض الأحداث التي عشتها منذ نهاية الستينات إلى الآن...بعد هذه المقدمة، وفي عملية استرجاع شريط حياتي الفنية (FLASH BACK) وبالضبط في سنة 1975، انتهى المرحوم العبقري "مصطفى العقاد" -الذي فقدناه أيضا جراء انفجار آثم في عمان- وبعد تعب سنين طويلة في جمع المال الكافي لإنتاج وإخراج فيلمه الثالث الضخم "صلاح الدين الأيوبي"، بعد "الرسالة" و"عمر المختار" وشريطه الثالث الذي كان من بطولة أحد عمالقة السينما وأطوادها المتبقين "شين كونيري" (SEAN CONNERY) أول جيمس...قلت في تلك السنة، وبعد انتهاء تصوير فيلم الرسالة التحفة، استطاع كل من الفنان اللبناني الكبير "ريمون جبارة" والنجم الفلسطيني محمود سعيد، وكلاهما كانا صديقين لوالدي الحاج "محمد حسن الجندي" أسكنهم الغفار الفردوس الأعلى ... فاستطاعا إقناع "الممثل والمؤلف الجندي" بأن يرافقهما ويلقي بعصا ترحاله ببيروت، حيث بداية الزخم الكبير من المسلسلات الناطقة باللغة العربية الفصحى الجميلة: "عازف الليل-محاكمات أدبية-غريب-غروب-النهر... إلخ" بمعية النجوم: "عبد المجيد مجذوب-هند أبي اللمع-إلسي فرنيني-ليلى كرم -إحسان صادق-سميرة البارودي-مارسيل مارينا-عماد فريد-ميشال ثابت-رشيد علامة-محمود سعيد، وطبعا الممثل والمخرج ريمون جبارة...".فما كان على المرحوم إلا أن اتفق مع مستشارته وزوجته وزميلته وأم أبنائه {عبد المنعم رحمه الله تعالى وأنور والابن الأصغر حسن} وطلب منها أي الحاجة فاطمة بنمزيان، وهي المعروفة بحكمتها رغم صغر سنها آنذاك، أن تنوّر كدأبها قراراته وأن تحسم معه في هذه الخطوة الانتقالية التاريخية، كأي زوجة تريد لأب أبنائها التفوق والتألق، فما كان منها إلا أن تخرج "للسوق التحتي" حيث دكاكين بيع وشراء الذهب، لتبيع كل ما اقتنته وادخرته من حلي ذهبية "لدواير الزمان"، من "حزام ذهبي ودماليج وفردة دعصير الصابون والدبلون"، ولم تحتفظ لنفسها إلا ببعض السلاسل والخواتيم البسيطة، وكانت الوالدة قد اشترت هذه الحلي من تعويضاتها من "شركة فيلمكو" المنتجة لشريط الرسالة، حيث شاركت أيضا فيه ضمن الجموع "الستوك كومباني" (STOCK COMPANY)، فأضافت على ما وفّر الوالد من مال فيلم "الرسالة" ما باعته للصائغ ...وهكذا جمعت أمي المرحومة فاطمة في حقيبة زوجها ما خف حمله من ملبوس، أما ما غلا ثمنه الذي سيحتاجه في سفريته لبيروت، فكان صوته وملامحه وقامته ونظراته وكفاءته التمثيلية، وقدرته على إتقان فن الإلقاء والتشخيص والتجسيد لمختلف الأدوار التاريخية والأعمال الدرامية الاجتماعية...وهكذا وفي أجواء حزينة للفراق الثاني للوالد، الذي أحيا في الزوجة والأبناء لوعة هجرته كرب الأسرة آنفا إلى باريس وإلى الجزائر لمدة سنة تقريبا بمعية الفنان الكبير الحاج عبد الهادي بلخياط والمرحوم عزيز الفلالي، وفي المدة نفسها مع الموسيقار عبد الوهاب الدكالي-سنعود لاحقا لهذا الموضوع مصوراً-حيث ذكّرتنا هذه الرحلة أو هذه الهجرة الجديدة بأخيّاتها، ولعل تسمية أختي: آخر العنقود هاجر، أتت من كثرة هجرة المرحوم الجندي، فكان اسمها "هاجر الجندي، بمعنى هَاجر الجندي"، ولعلها أي "هاجر" أكثر أبناء محمد حسن الجندي وفاطمة بنمزيان حرمانا من دفء الأب، لذا في 1979 وفي الفيلم الضخم "القادسية" بالعراق الحبيب، لمخرج الواقعية المرحوم صلاح أبو سيف، قلت في هذا الفيلم أصر الوالد على الوالدة وألح عليها باستقدام أختي هاجر لتقطن معهما لشهور ببغداد وبالضبط بـ"منتجع الحبانية" البديع والرائع...وبالعودة إلى موضوع لبنان الغالي، فقد وصله الوالد وتحديدا بيروت، واستُقبل أحر استقبال من لدن حبيبيه "ريمون جبارة"، و"محمود سعيد"، وبدأت الاتصالات وأُخبرت أمهات الشركات اللبنانية بوجود أحد نجوم فيلم الرسالة بلبنان، فبدأت تنهال على النجم المغربي {محمد حسن الجندي} سيناريوهات المسلسلات والسلسلات، فقبل البعض ورفض احتراما لنفسه وفنه البعض الآخر، فكان أول باكورة هذه الأعمال مسلسل "ربيع"!!!. إنما وكما يحلو للكاتب اللبناني الشهير "وفيق العلايلي" ووفق تعبيره، فإن "سخرية الأقدار" تأبى أن تستقر عائلة الجندي بلبنان، رغم أن الوالد اكترى منزلا ببيروت واتصل بالوالدة كي تحرز على وثائق الانتقال الدراسي للأبناء، حيث سنتمم هناك دراستنا الثانوية والجامعية لاحقا...وأخبرتنا الوالدة بقرار أبينا وشرعنا نهيئ أنفسنا نفسيا لحياة جديدة في دولة لا نعرف خباياها وخفاياها إلا عبر المطالعة والمشاهدة التلفزية والسينمائية ... وبدأت صور الوالد تصلنا من صخرة الروشة ومن بعض الشوارع الراقية كشارع الحمراء الأشهر، ومع بعض نجوم الغناء والتمثيل، وعناوين المسلسلات التي اقُترحت عليه، وكان قصده رحمه الله تعالى تمهيد زوجته وأبنائه الثلاث-ولم تكن هاجر ولدت بعد، إذ لم تر النور إلا في 1976-قلت كان المرحوم يسعى لجعلنا نتأقلم مع حياتنا المقبلة بلبنان عن بُعد وقبل وصلنا ...لكن ... أجل لكن، حكمة المولى الحكيم الرحيم عز وجلّ أبت إلا أن تصوغ سيناريو آخر، وحبكةَ أحداث مغايرة لحياة هذه الأسرة وتسطير ورسم مسار مخالف لها، عكس ما خطط له الوالد والوالدة... ذلكم أيها القراء الأفاضل أن الوالد كان جالسا مع بعض الأصدقاء الفنانين في إحدى المقاهي، وكان في المطعم أشخاص ينتمون لجهات وفصائل حزبية معينة، فدخل مسلحون من فصيل آخر وأردوهم قتلى وتركوهم مضرجين في دمائهم، أمام ذهول ودهشة بل وصدمة المرحوم الوالد، الذي لم يتعوّد رؤية مثل هذه المناظر إلا في أفلام الكوبوي وشيكاغو وسينما المافيا الإيطالية !!! والغريب، يروي الوالد أن هذا الحدث بالنسبة لزملائه عادي ومتوقع لديهم، وحاولوا تهوين هول صدمته وتصغير هذا الحدث في عينيه...فما كان منه أدبا إلا أن يجاريهم ويكظم قراره، وبيّت فكرته المتمثلة في المثل المغربي: {يبات ما يصبح}، وهكذا ترك الجمل بما حمل، وقصد بعد مدة قصيرة مطار بيروت الدولي متوجها مباشرة إلى مطار النواصر الدولي... ومنذ هذا التاريخ اشتعل أوار نيران التفجيرات المؤسفة والمؤلمة...وعلمت شخصيا فيما بعد وأخبرت بذلك الوالد أن الفنان والممثل النجم "جهاد الأطرش" هو الذي قام بأداء دور البطولة لمسلسل "ربيع". ومن تلك الفترة تأجج الاقتتال في هذا البلد المنير المضيء بنبوغ وعبقرية أناسه، وبهاء وبريق شوارعه، وأمجاد عمالقة فنانيه ومبدعيه وأدبائه، وبالمحصلة تاريخه الأغر الساطعة أنواره في أرجاء العالم ...وشخصيا حزنت كثيرا لإلغاء هذه الرحلة، وأنا المراهق ذو 14 سنة من العمر؛ إذ كنت أُمنّي النفس والعين برؤية جميلات الدراما اللبنانية المحترمات: هند أبي اللمع وإلسي فرنيني ونهى الخطيب!!!، وشرير الدراما اللبنانية عبقري التمثيل ميشال ثابت، ونجم عازف الليل عبد المجيد مجدوب، رحم الله من التحق بالرفيق الأعلى وأطال الله عمر الباقين...كما كنت أتوق لزيارة الأرض التي أنجبت كبار لبنان من أمثال إليا أبو ماضي-ميخائيل نعيمة-جرجي زيدان-جبران خليل جبران-وفيق العلايلي وغيرهم... فاللهم يا منجّي نجّ لبناننا وجنّبه الفتن والمحن، وقهِ شر سفك الدماء والحَزن...كما أرجو من سعادة سفير صاحب الجلالة بلبنان، صديقنا المثقف الخلوق والدبلوماسي المحنك الدكتور امحمد اكرين الفاضل، أن يتفضل بأن ينوب عن عائلة الجندي وفاطمة بنمزيان، بل ومجموعة من الفنانين المغاربة، في إيصال أسمى عبارات العزاء والسلوان لأشقائنا، وكلنا تعاطف مع أهلنا في لبنان: قمة وقاعدة، وأكفنا مرفوعة ومتضرعة للحنّان المنان الرحمان بأن يصون ويلطف بألطافه النورانية لبنان. *فنان مغربي محب للبنان
ساحة

تكناوي يكتب: حتى لا يتكرر ما حدث للطفل عدنان
تتبعنا وسمعنا وراينا وقرانا كثيرا عن اخبار جرائم واعتداءات تفوق الخيال كنا إلى زمن غير بعيد نعتقد أنها يمكن أن تحدث في أي بلد الا في المغرب، لكن يظهر أن حالة الاستثناء التي كانت تميز المغرب عن باقي دول المعمور والمناعة التي كان يتمتع بها ضد هذا النوع من الجرائم لم يعد لها وجود، فهذا بيدوفيل يفرغ مكبوتاته الاجرامية في جسد طفل بريء ويخنقه حتى الموت، وهذا ابن يقتل والده السبعيني من أجل حفنة دراهم، واخر يرتكب جريمة نكراء بقتل امه واخواته، و اخر يعاشر اخته معاشرة الازواج وتنجب منه سفاحا، و مراهق اخر يغتصب عجوزا ........؛واصبح لا يمر يوم دون ان تطلعك الوسائط الاعلامية على مثل هذه الاخبار التي تجعلك تقضي سحابة يومك متأثرا ومتشنجا من فعل التتبع و القراءة بعدما كان هذا الفعل يلامس المسكوت عنه في التربية و الفكر والثقافة، فماذا وقع وماذا جرى ما الذي حصل وما الذي تغير...أو بالأحرى ما الذي يقع تحديدا ومن اين هبت ثقافة المغايرة هاته التي تنخر اخلاق المجتمع، ولماذا تفشت هذه الجرائم وبهذه الكيفية وبهذه البشاعة و الدناءة وهذا النزوع الشبقي والكبتي لاقترافها.مرة اخرى فجعنا وصدمنا ونحن نتابع تفاصيل الجريمة التي ضربت تحت الخاصرة في جنح الظلام ، لقد كان وقع الفاجعة مؤلما على قلوب جميع المغاربة، وصدمة ما اصابهم من ذهول وهم يتابعون اطوار الجريمة بدءا ببلاغ البحث عن طفل قاصر إلى تأكيد الاختفاء بخلفية اجرامية و نشر صورة استدراجه من طرف البيدوفيل الى اكتشاف مكان التخلص من جثته .موجات التنديد كانت كالطوفان ولم تستثني اي شريحة او فئة عمرية، اتسع حجم الادانة فنزل العشرات من ساكنة مدينة طنجة ومدن اخرى احتجاجا على هذه الجريمة وترحما على الطفل عدنان الكلمات العفوية التي جاءت على لسان رفاقه واصدقاءه وقاطني الجوار جابت كل المواقع والقنوات التواصلية، انها صور مؤثرة لكل ذألك الحضور الطفولي الذي تحلق حول منزله مواسيا ومؤازرا ومتسائلا باي ذنبت قتلت يا عدنان ....؛بل وفي العديد من ربوع المغرب سارع نشطاء على صفحات الفضاءين الازرق والاخضر الى تغيير كلمات وصور حساباتهم وتعويضها بصور عدنان وبهاشتاغ موحد "الاعدام لبيدوفيل وقاتل طنجة" كصيغة للتعبير عن حجم وعمق الادانة، وكرسالة ضغط من اجل استصدار حكم بالإعدام في حق المجرم وتنفيذه هذه المرة. فالمغرب رغم كونه من بين الدول القليلة التي ابقت على عقوبة الاعدام لكنه لم ينفد اي حكم بها منذ سنة 1993 بالرغم من وجود ازيد من 124 حكم قضائي بالإعدام.وبصرف النظر عن النقاش الذي استعير مرة اخرى بعد مقتل الطفل عدنان بين دعاة الغاء عقوبة الاعدام و مناصري الابقاء عليها ، والمبررات التي يدفع بها كل طرف ، وفي اعتقادي الشخصي ان الاسباب التي يستند عليها عدد من الحقوقيات والحقوقيين وبعض المثقفين امثال احمد عصيد وغيره من مؤيدي الغاء عقوبة الاعدام رغم انها تبدو متماسكة ظاهريا غير انها لا تصمد عندما توضع على محك التحليل ومجهر المنطق الحقوقي والقانوني نفسه.وقد اظهرت الجريمة النكراء التي ارتكبت في حق عدنان الطفل القاصر البريء ان شرائح واسعة من المجتمع المغربي مؤمنة بعدالة عقوبة الاعدام وعلى ضرورة تطبيقها في كل شخص راشد عاقل مصر ومترصد اقدم متعمدا على وضع حد لحياة شخص اخر سيما اذا تعلق الامر بالقتل العمد المقرون بهتك عرض طفل قاصر لان الاعدام في مثل هذه الحالة عقوبة عادلة وشرعية ضامنة لاستقرار الدولة تجعل المجتمع يحس بنوع من الامان بتوافر عقوبات رادعة وقوية .
ساحة

حسن أبوعقيل يكتب: رسالة إلى أحمد عصيد..الإعدام لمغتصب الطفل عدنان عدل إلهي
المغاربة ليسوا في حاجة لخرجات أحمد عصيد التي روج لها على أساس أنك مفكر مغربي وأنك صاحب نظريات ، لكن أصر من خلال هذه السطور على الإعدام لمغتصب وقاتل الطفل عدنان قبل أن يقول القضاء حكمه في النازلة، فأنا واحد من الشعب الذي يؤمن إيمانا راسخا بالقصاص الإلهي قبل القوانين الوضعية والخطابات الإيديلوجية المؤدى عنها للقيام بواجب تنزيل أجندات خارجية تطبع مع بعض الدول التي تستبيح في قوانينها الحريات الفردية بطابعها الإباحي من مثلية وسحاق وإجهاض وضد الإعدام وعدم صوم رمضان وإعادة تصحيح القرآن وإلغاء الحديث والسنة .على ما يبدو أن أحمد عصيد أصبح متجاوزا لكونه أحاط به بعض النسوة اللواتي لا تمثلن المرأة المغربية لكثرة الأخطاء التي ترتكبنها باسم النضال وباسم الدفاع عن الحقوق التي تتبناها الأجندات الخارجية ويغبن في كل ما يهم مطالب الشعب المغربي إنطلاقا من المعاش اليومي والتعليم والسكن والصحة , على أي سنعود لهذا الحديث في وقت لاحق لكون موضوع الطفل عدنان أساس هذه الرسالة التي أود بعثها للمسمى أحمد عصيد، فلستَ شيخا ولا مفتيا ولا عبقريا كما يروج لك البعض من أنصارك .فأي قيمة مضافة لك في الساحة السياسية ولا الإجتماعية فليس لك أي مسؤولية تدبر بها السياسات العمومية وليس من اختصاصك لأنك تفتقد لكرسي المسؤولية لهذا ما تخرج به إعلاميا من تصريحات تهمك لوحدك لكن ألا تلوح للرأي الآخر بأن المطالبة بالإعدام لقاتل ومغتصب ليس من حق الشعب، وهذا التلويه يستدعي للشعب أن يرد عليك وليس لأنك " واعر " وأنك تعطي الإختصاص للقضاء وحده لتظهر بصورة العاقل والمنقد ساعة الغريق .كلمة الشعب فوق الكل لكونك أنت وغيرك والإدارة المغربية في خدمة الشعب، والشعب له الحق والإرادة وله الكلمة فلا تستهن بشعب وفي وتستخف بمطالبه وتدعي أنك رائد من رواد النصح والحقوق فأينك من الحقوق وأنت أول من يحل لنفسه ما يحرم على غيره ؟الإعدام الذي اختاره الشعب لقاتل ومغتصب عدنان , ليس كافيا لكون الإعدام لن يجبر خاطر أب وأم عدنان فالنازلة مع سبق الإصرار والترصد يجب فيها ببتر العضو التناسلي للقاتل المغتصب ثم أن تقطع أيديه وأرجله ثم اللسان وبعدها شنقه، لكن مع كامل الأسف المواد في القانون الجنائي بعيدة عن هذا الحلم .فلو طبقنا الحلم القضائي أعلاه، ما تجرأ أخرون على فعل الإغتصاب والقتل وما تجرأ أحمد عصيد على إعفاء القاتل المغتصب من الإعدام .طبعا أحمد عصيد وبعض الجمعيات النسوية لن يعجبها كلامنا لكون "عدنان " ليس إبنهم لكن عندما يصاب أحد من أقاربهم سيطالبون بالإعدام والقصاص وأقسم بالله على ذلك وسنكون معكم ندافع بإعدام المجرم ولن نتنازل .قبل أن أختم أقول لك أحمد عصيد أنك وقاتل عدنان مغتصبه عملة واحدة لكونك لم تستح عندما شبهت الشعب بوحش طنجة دون حمرة الخجل .تغمد الله الطفل عدنان بواسع رحمته وأدخله فسيح جنانه وألهم ذويه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون . فاصل ونواصل 
ساحة

محمد العوني يكتب: الجائحة ومنظومة الإعلام
يفتقد المغرب لسياسة إعلامية تواصلية مؤسسة على حاجيات الوطن وتطلعات المواطنات والمواطنين؛ وسياسة تستجيب لتطورات مجالات الإعلام والتواصل المتعددة المستويات. وقد يكون غياب سياسة بهذا المعنى والمضمون هو في حد ذاته سياسة أي اختيار واع ومقصود، فغياب تلك السياسة لا يعني غياب توجهات سياسية في الاتجاه المعاكس، أي تلبي ما تعتبره مراكز القرار "حاجياتها وأولوياتها" بمضامين تعتقد أنها في خدمة السلطة أو بتعامل براغماتي لا يتقبل أي رؤية أو منظور.ركائز الإعلام هي منطلق المنظومةلاريب أن البحث في أسباب نجاح البلدان التي استطاعت مقاومة وباء كورونا سيؤكد أن تشغيل واشتغال منظومة الاعلام والتواصل كان من الأسباب الحاسمة في هاته الحرب التي تعددت معاركها ...فقد فرضت الجائحة على العالم أن ينتبه أكثر للإعلام وأن يفعل كشريك لا محيد عنه في أي عملية مواجهة، كما رسخت الاندماج والتشابك بين وسائل الاعلام ووسائط التواصل ...وفي هذا السياق وجه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش رسالة للحكومات ولغيرها من الأطراف المعنية، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، 3 ماي الماضي، ناشد فيها ضمان تمكين الصحافيين من أداء عملهم طوال فترة تفشي جائحة كورونا وما بعدها. ونبه غوتيريش إلى أن "الصحافيين والعاملين في وسائل الإعلام يضطلعون بدور بالغ الأهمية في مساعدتنا لاتخاذ قرارات مستنيرة"، وأضاف "وفي الوقت الذي يكافح فيه العالم جائحة كوفيد-19، فإن تلك القرارات يمكن أن تنقذ حياة الناس من الموت ".وتحيلنا فقرات رسالة الأمين لبعض ركائز الإعلام والتي بدونها لن يوجد إن وجد إلا إعلاما هشا أو قاصرا أو منخورا أو كل ذلك وغيره في نفس الوقت، ومن تلك الركائز الحرية، الاستقلالية، المهنية، التعددية والتمحور حول الخدمة العمومية ومناخ وبيئة الحق في المعلومات.وسيكون من الوهم الوصول إلى منظومة للإعلام والتواصل دون توفير تلك الركائز؛ ولا يتيح هذا الحيز الوقوف ولو عند بعض الأسئلة التي طرحتها الجائحة على الحياة، على العالم، على وجود الانسان، على العلاقات بين مكونات الحياة فيما بينها، وما بينها وبين عناصر الوجود المادية واللامادية، ليس آخرها علاقة الفرد بالجماعة ... وما أوضحته في ممارسة الغرائز بما فيها تجليات التناقض والتقابل بين غريزة الحياة ومعنى الموت؛ ولاريب أن عدة أسئلة طرحتها فترة الجائحة على مختلف جوانب الإطار العام الذي يشتغل ضمنه الإعلام والتواصل، وبالتالي على أدوار الإعلام والتواصل ومهامها وعلى محتوياتها وآليات عملهما.فالناس أنواع ونفسياتهم أصناف، والاعلام والتواصل من أكثر الأدوات والمجالات اهتماما بالتنوع البشري واعتمادا عليه لخلق اللحمة بين التنوع وتنمية المشترك داخل التعدد...مقومات منظومة الاعلام في افق نظام للاتصال والتواصل...لم يكن المغاربة في انتظار الجائحة ليعرفوا ألا منظومة إعلامية ببلادهم ، لكن من كان من هم يحتاج لتأكيد فقد تبين له الأمر جليا بقدوم الجائحة والفيروس الملعون. ومع ذلك فالمغرب يتوفر على شبكة إعلامية عبر وجود وسائل إعلام عديدة ومتنوعة، كما يتوفر على تجارب إعلامية بعضها لها تاريخ ورصيد لا بأس بهما. غير أن ذلك لا يكفي للحديث عن منظومة إعلامية مغربية.فالمنظومة لا تتشكل بواسطة وسائل إعلام فقط، لاسيما إن كانت مشتتة وقاصرة وقليلة التأثير؛ بل لابد من سياسات مرتكزة على استراتيجية وطنية تبلورها وتساهم في صياغتها كافة الأطراف المعنية بالقضية.وتوجه أغلب وسائل الاعلام المغربي نحو نمطية معينة، لا يفيد البتة بأن هناك تنسيق وتكامل كما هو مطلوب في أي منظومة؛ لأن منظومة الإعلام والتواصل ترتكز على الحرية وتضمن التعدد في الاختيارات والتوجهات وليس التعدد بالمعنى العددي، ويبتعد الاعلام عن المنظومة كلما تشابهت أو تطابقت خطوطه التحريرية.الأسئلة المطروحة على علاقة الاعلام بالمنظومة مطروحة أيضا على قطاع التواصل فلم يعد من الممكن الفصل بين الاعلام والتواصل في اي سياسة حديثة. للأسف لازال المغرب الرسمي يمارس التواصل بما تفرضه الطبيعة والتقاليد وغالبيتها لا علاقة لها بالإنتاجية والمردودية والممارسة العصرية؛ مما يبعد البلاد عن نظام متكامل للاتصال والتواصل لا يعوضه وجود مؤسسات داخل الدولة و وسط المجتمع تتواصل بشكل جيد أو مفيد.الإجابة على ما تتطلبه مقومات المنظومة الإعلامية والتواصلية يمر عبر عدة روافد لمأسسة الاعلام والتواصل ولتطوير وظائفهما وأدائهما؛ فليس الإعلام والتواصل كما يتعامل معه بعض صانعي القرار مثل الفرن نمده بالعجين فيحمره ويجمره ويقدمه للمواطنين.. بل لا يكون الإعلام إعلاما إلا وهو شريك في الخبز والعجين، وفي اختيار أنواع الطحين والحطب وانتقاء الألوان وأشكال التقديم؛ وفي كل ما يحتاجه لإخراج ما يعرضه بالوجه الأفضل والصورة الأجود ... والأهم أن تكون المادة الإعلامية مساهمة في النمو الصحي للناس وللمجتمع وهنا يتعلق الأمر أساسا بالصحة العقلية والصحة النفسية، والوجدانية ...ويساعد تعدد أنواع وسائل الاعلام على خلق تكامل الأدوار بينها، سعيا لترسيخ التعددية المنتجة؛ فما لا يستطيعه المكتوب، يستطيعه السمعي البصري، والعكس صحيح والإعلام الإلكتروني يمكن أن يتقاطع معهما أو يساهم بامتدادات جديدة ...كل ذلك وغيره يقتضي نوعا من التخطيط؛ إنما التخطيط في مجال الإعلام والتواصل، لا يكون بهدف التوجيه بل بهدف تسهيل التفاعل داخل المجتمع لتتحرك مكوناته من أجل بناء الوعي المشترك وتجديد وتطوير ما هو مكتسب منه.هل تكون الجائحة فرصة لبناء منظومة إعلامية وتواصلية؟في القطاعات الأخرى هناك منظومات، أبرزها المنظومة التعليمية والمنظومة الصحية تعاني من اختلالات ومن عجز وخصاصات، ومطلوب الارتقاء بها وإصلاحها وتطويرها، أما الإعلام والتواصل فهو يحتاج لوجود منظومة؛ إذ هناك إعلام وليس لدينا منظومة إعلامية بناء على مقومات ودعائم على أرض الواقع.لئن سبق وأضاع المغرب عدة فرص لبناء إعلام ضمن منظومة قابلة للتطوير، فها قد أتاحت الجائحة وانعكاساتها فرصا في العديد من المجالات ومنها حقلي الاعلام والتواصل، فهل ستستثمر للشروع في بناء منظومة إعلامية وتواصلية؟ رغم غياب مؤشرات في هذا الاتجاه، يظل الأمل قائما.محمد العوني: باحث في الاعلام والتواصل و المساءلة الاجتماعية
ساحة

محمد العوني يكتب: الإنقاذ أم تزايد كارثة كورونا
يتفرج الكثيرون والكثيرات من مواقع المسؤولية داخل مؤسسات الدولة أو من مواقع المسؤولية وسط المجتمع ومنظماته على التطورات الخطيرة لانتشار فيروس كورونا المستجد، دون تحريك حتى الأصبع الصغير أمام ما يحدق بالبلاد من مخاطر داهمة.أرقام الخطر مشتعلة بالأحمرسجلت العشرة أيام الأخيرة من 17 إلى 26 غشت انفجارا وليس فقط انتشارا للفيروس ما يزيد عن 13 ألف بالضبط 13375 مصاب و326 وفاة، وهذه الأيام ليست استثناء بل تجسد تصاعدا في منحنى ذاك الانتشار المريع وهو يعادل ما سجل خلال شهور...كما أكدت ذلك أرقام وزارة الصحة عن 23 يوم الأولى من شهر غشت، فالإصابات خلال هذه الأيام وصلت إلى 54 بالمائة من مجموع حالات الإصابة بفيروس كورونا المحصاة منذ بداية مارس والنسبة أكبر من حيث الوفيات...ومن جهتها تمنت منظمة الصحة العالمية ألا يتجاوز انتشار الفيروس اللعين السنتين القادمتين ... مما يعني أن من يتعامل مع الفيروس على أنه سيرحل قريبا، يتناسى أو لم يع بعد أننا فعلا في حالة حرب لم يسبق للبشرية أن تصورتها أو واجهتها.وقد توقعت جهات صحية عالمية أن المغرب سيتجاوز 23 ألف وفاة في نهاية نونبر، وعندما تطلع على هذا العدد لا تصدق في البداية وبعد التأكد لا يمكن إلا أن تصاب بالذعر واشتعال الدواخل اللذين ينبغي أن يدفعانا إلى جعل تفادي استمرار الحالة في نفس التصاعد أولوية الأولويات ... ولا يمكن الارتهان بوعود اللقاح، لأن انتظاره سيطول وحتى إن وجد سيكون من المكلف تعميمه، علاوة على باقي عوائقه...نواقيس الخطر كثيرة دقت وتدق، فهل نصغي لها؟ وهل يكفي أن نصغي لها؟لن يكون من المفيد الآن الحديث عن أسباب الوصول إلى هذه الأرقام الكارثية ،إلا من أجل التقييم الساعي لتجاوز الأسباب والأعطاب ؛ إنما لا مناص من الوعي وبكامل القدرات واليقظة والعلم والمعرفة أن المتطلب عمليا وبالعاجل ،عدم استمرار التعامل مع تلك الأرقام على أنها حسابية فقط ، بل هي تهم مواطنات ومواطنين و حالات إنسانية : أرواح ، دماء ودموع وفقدان ومشاعر وشروخ في الحيوات وانكسار في المسارات ...وتهم تنمية البلاد. وهي أرقام ومعطيات في تصاعد بنسب لا قبل للتوقع أن يحيط بكل تفاصيلها. فما العمل؟ ومن أين نبدأ؟من أين نبدأ ؟ لنقتدي بطريق الوحدة والمسيرة الخضراءأي عمل عقلاني لابد أن يستفيد من ثمانية شهور من كورونا المستجد وطنيا وإقليميا وعالميا، استخلاص الدروس من تجربتنا وتجارب الأمم والدول.يطرح هنا سؤال من استطاعت من الدول أن تنجح لحد الآن في مواجهة انتشار الفيروس؟نظرة ـ ولو سريعة ـ على خارطة كورونا تفيدنا بأن من نجحت هي المجتمعات المنظمة حيث الانضباط للحرية وحرية الانضباط ... والمجتمعات التي تقيم توازنا بين الإنتاج والاستهلاك، وتوازنا بين المادي واللامادي، والدول التي تغلب خدمة المجتمع على خدمة طبقة أو فئة مهما كان "اتساعها "، والدولة التي لا تضع خدمة نفسها وأجهزتها قبل أي شيء أو لا تسعى لجعل المجتمع في خدمتها.البلدان التي تسعى بكل مكوناتها لبناء حياة أكبر وأوسع وحياة أجود هي التي ستنتصر في النهاية.هذا لا يعني أن نحقق تلك "الدولة" بتلك المواصفات في هذه الفترة لنستطيع مواجهة الجائحة، غير أن الأمر يفرض أن نأخذ ما هو أساسي لدى تلك التجارب لنربح معارك هاته الحرب. فبدون ذلك سنكون كمن يتعامى على المخاطر فقط لأنه لا يراها كما يرى التسونامي أو الزلزال، أو كالنعامة التي تخفي رأسها في الرمال حتى لا ترى الخطر، ظنا منها أن ذلك كاف لعدم وقوعه.حربنا وحرب العالم على كورونا المستجد ميدانها الانسان وفضاؤها الزمن، ولا يمكن أن يستمر مسؤولونا في محاولة ربح الوقت عن طريق تأجيل الحلول كما يفعلون في الغالب مع المشاكل والأزمات. هذه المرة بدون مواجهة حقيقية، وحده الفيروس من يربح الوقت. فإما أن يبذل المغرب كل المجهودات المطلوبة، وليس حتى ثلاثة أرباع أو نصف أو ربع المجهودات وإلا ... سيستمر تفرجنا إلى غاية فقدان عشرات الآلاف وانهيار الكثير من مقومات البلد.ولا ننسى أن الجائحة في البلدين الأكثر علاقات مع المغرب وهما اسبانيا وفرنسا هي كذلك في تصاعد من سيئ لأسوأ؛ وأن بلادنا مترابطة مع المنطقة ومع العالم... فلن ينقذ البلاد ولن يدرأ الخطر إلا تكثيف وتجميع وتقوية جهود كافة المغاربة كل من موقعه واشتغاله ومساهماته ...لا خيار إلا أن ينهض المغرب بعمل شبيه ببناء طريق الوحدة أو إنجاز المسيرة الخضراء، إنما هذه المرة لابد من مشاركة أغلب المواطنات والمواطنين وليس نسبة منهم فقط ... مما يمكن من مواجهة جذرية، شاملة وممتدة للجائحة، وكل تأخر في انطلاق ذلك سيعطل إمكانية الإنقاذ....فما العمل ؟لا مناص من الدخول في عملية تطوع واسعة تشمل ما لا يقل عن نسبة عشرة في المائة من المغاربة النشيطين وحسب الاحصائيات المحينة فإننا يمكن أن نصل لأكثر من ثلاثة ملايين مغربية ومغربي يتجندون للتطوع حسب الاستعداد والفئة وطبيعة العمل أو نوعية الدراسة من ساعة إلى سبع ساعات عمل في اليوم لصالح أهداف العملية.فالإحصائيات تقول بأن هناك حوالي 21 مليون شخص بين سني 15 و 54 عددهم بالضبط هو 20.860.000 ضمنهم ما يزيد عن مليون طالب وملايين من الشباب. وبالمناسبة نشير إلى أن عدد المغاربة قد تجاوز مؤخرا ـ حسب ساعة السكان لدى مندوبية التخطيط ـ 36 مليون نسمة.ولتكن حركة مثلا تحت شعار "لتقوية مناعة المغرب "... لأنه مفروض علينا " التعايش " مع الجائحة لمدة شهور، والتحدي هو كيف نتعايش معها ونقلل الخسائر إلى أدنى حد ممكن، من خلال نصف حجر صحي و نصف اشتغال للاقتصاد.حركة تطوعية واسعة تقودها وزارات الشبيبة والرياضة والثقافة وقطاع التواصل والتربية الوطنية والصحة وغيرها... عبر هيئة وطنية لها صنوها جهويا وإقليميا تضم كل القطاعات والهيآت والجماعات والمجالس والجمعيات والمنظمات والشبكات والتنظيمات الشبيبية التي تقترح دورا تساهم به... وبذلك سنستعيد أدوار بعض القطاعات ومنها دور قطاع الشبيبة والرياضة خلال المسيرة الخضراء، ويتم إشراك المجتمع المدني في العملية...لماذا الشباب ؟ ولماذا الحركة التطوعية ؟واضح أن التركيز على الشباب هو استثمار في المستقبل وتشغيل لحيويته، وعوض أن تستمر بعض فئاته مساهمة في انتشار الجائحة تصبح إحدى الحلول. والانخراط في العملية ليس بعزيز على شباب حول أحياء في عدة مدن إلى فضاءات للجمال البيئي وللعيش المشترك، ولا على شباب أبدع أفضل " التيفوات " وصيغ المناصرة الرياضية على الصعيد العالمي، ولا على شباب برع في التطوع عبر الجمعيات لخدمة الشعب، و لا على شباب كسر عدة عقد خلال انتفاضات 20 فبراير 2011 وما تلاها...وسيكون الهدف العام هو خلق و توسيع نظام للمناعة العامة على الصعيد الوطني يهم ما هو مستعجل أي مواجهة الجائحة وفي نفس الوقت يساهم في الاستعداد لأي أوبئة قادمة أو أمراض منتشرة ... وبما أن منظمة الصحة العالمية تتوقع ان العالم وضمنه المغرب سيحتاج لسنتين للقضاء على الفيروس فلابد من الجمع بين عمليتين كبيرتين هما العلاج من مرض كوفيد 19 و الوقاية من أسبابه ... وحتى في حالة وجود لقاح ناجح سيستمر حضور الوباء، ولعلها تكون البداية لتطبيق القاعدة الذهبية : الوقاية أفضل من العلاج ،التي ينبغي ان تتحول إلى استراتيجية وطنية تطبق عبر سياسات متكاملة على مختلف المستويات الصحية والاجتماعية والبيئية والاقتصادية وغيرها.و يتطلب الأمر قرارات كبرى تفتح خطط و إجراءات صغرى عامة و شاملة، لا يمكن أن تبنى إلا بتخطيط استراتيجي يربط ما هو مستعجل بما هو مستقبلي حسب محاور كبرى تهم:ـ تعبئة وطنية شاملة للتصدي للوباء.ـ تحريك عجلة الاقتصاد في الحد الممكن الذي تتيحه مواجهة الفيروس في نفس الوقت.ـ إنقاذ المنظومة الصحية.ـ دعم انطلاقة مشروع الحماية الاجتماعية .ـ تأهيل فئات من الشباب ودمجه في مستقبل محيطه السوسيواقتصادي.مقترحات عملية للحركة التطوعيةيمكن من خلال إطلاق هذه الحركة أن تطلق عدة عمليات ترتكز على التطوع والدعم والعمل المباشر ومن ذلك نقترح ولو بشكل أولي العناوين التالية:ـ دعم المستشفيات والمراكز الصحية لاسيما بالمتطوعين من المتدربين على الإسعاف وطلبة المهن الصحية والطبية، ومن لهم استعداد لهذا النوع من العمل والدعم ... والتطوع لترميم وإصلاح وتنظيف تلك المراكز ومرافق المستشفيات التي هي في حاجة لذلك وتهييئ الفضاءات التي يمكن استعمالها كفضاءات صحية ...ـ دعم صناعة وتوزيع وتطويرأجهزة التنفس الصناعي وباقي الأجهزة والأدوات الصحية ...ـ دعم صناعة الكمامات القابلة للتنظيف والغسيل للتقليل من الكمامات التي تستعمل لساعات محدودة للحد من مساهمتها في انتشار الفيروس وكذا للحفاظ على سلامة البيئة، فيمكن مثلا في المصانع والمعامل الكثيرة العمال أن تسلم لهم ولهن كمامات قابلة للغسيل كل يومين... بما في ذلك تجميع الكمامات المستعملة بطريقة سليمة وغسلها بأعداد وفيرة لإعادة توزيعها ...ـ القيام بحملة واسعة للامتناع عن التدخين في سياق اكتساب المناعة وهو أحد أسباب تمكن الفيروس من الناس ...ـ حملات تنظيف واسعة وشاملة لمختلف الأحياء والدواوير، بما في ذلك تجميع مخلفات الكمامات المنتهية الصلاحية...ـ انخراط في برنامج تطوعي لتطويرالرقمنة وحسن استعمال الأدوات التكنولوجية في القطاعات ذات الأولوية: الصحة والتعليم والبحث العلمي والإدارة...ـ دعم برامج التعليم عن بعد بمختلف المستويات...ـ تزويد العاجزين عن الطبخ وذوي الأمراض المزمنة عديمي الحركة وهم عمليا في وضع حجر صحي بأكلات جاهزة ...ـ تنظيم عملية توزيع قفة أسبوعية للمسنين وذوي الحاجة والمعاقين ولذوي الأمراض المزمنة للحد من تنقلاتهم ...ـ تهييئ التغذية للعاملين في الصحة وللمتطوعين وعديمي الحركة والعاجزين...ـ تنظيم حملة تواصلية تحسيسية وتوعوية واسعة بشأن مخاطر الجائحة وانعكاساتها ترتكز على إبداعات الشباب و مبادراتهم...ـ دعم إعلام وتواصل جديدين ومتجددين خاصين بالتوعية بمحاربة الفيروس والحد من آثار الجائحة والتقليص من انعكاساتها الاقتصادية... فمثلا يكفي أن يتطوع مائة من الطلبة والشباب المؤهلين لتطوير مواقع تواصل وزارة الصحة ليكون لها تأثير حقيقي خلال أيام ... ولما لا تكون بداية بناء إعلام وتواصل صحيين بالمغرب.ـ تنظيم الأسواق ومساحات التسوق، وكل الفضاءات العمومية ...ـ عمليات تعقيم منتظمة لكل الفضاءات والمناطق والأحياء التي تحولت إلى بؤر للفيروس...ـ دعم الإجراءات الإدارية لدى المؤسسات والادارات ولدى المواطنات والمواطنين المعنيين من أجل نظام الحماية الاجتماعية المعلن عنه ...ـ تدريب الناس على ممارسة الرياضة في الفضاءات العامة عبر مجموعات مع احترام الشروط الاحترازية ...مساهمة الدولة والحكومة:و لتحفيز هذه العملية حبذا لو قامت مؤسسات الدولة والحكومة ببعض ماهو مطلوب منها:ـ تفعيل عمل الجهات ولو بما هو ضمن صلاحياتها ودعم إعادة ترتيب أولويات وميزانيات وأنشطة الجماعات الترابية...ـ التحقيق في الصفقات التي أبرمت خلال فترة الجائحة وأثارت الأسئلة أو لم تحترم القواعد والشروط ...ـ محاكمة من ثبت استغلاله أو سعيه لاستغلال فترة الجائحة من أجل مصالح أو كسب غير مشروعين...ـ تقليص الإنفاق عن طريق النقص من كل الميزانيات التي لا علاقة لها بأهداف الإنقاذ ...وتحويلها لهاته العملية ...ـ تنظيم حملة وطنية جديدة لتغذية صندوق كورونا بمساهمات ثانية لذوي الثروات وفرض مساهمة جميع ذوي الثروات الذين لم يساهموا بعد؛ وتغذيته بتعويضات كافة المسؤولين كيفما كان موقعهم أو شغلهم بدء من البرلمانيين والمنتخبين والوزراء والمدراء ومسؤولي المؤسسات العمومية وشبهها و"الموظفين السامين " وأعضاء المجالس وهيآت الرقابة والضبط والنظامة.مصير البلاد والحلول المؤجلةالأمر لن يتطلب أكثر من أيام قليلة للبدء في تنفيذه بالتدرج والسرعة الذين تفرضهما الأوضاع، إن توفرت الإرادة والوعي اللازمين بخطورة ما نعيشه وما هو آت ...فهل نبقى جميعا في موقف المتفرج أم نتحرك ؟ أم هل ننتظر أن تراكم الجائحة وما يواليها الضربات حتى تنهار البلاد ولا تترك لنا إلا الحطام...ولا نبالغ حينما نتحدث عن مصير البلاد ومآلها فهي فعلا حرب من أجل المستقبل و الوطن و المواطنة و المواطن ...مؤخرا قال الرئيس الإيطالي " على ايطاليا أن تضحي من أجل شعبها... ففي الحروب السابقة كان الشعب يموت كي تحيا ايطاليا أما في هذه الحرب فسوف تموت ايطاليا كي يحيا الشعب".والحقيقة أن كل المقترح سابقا وغيره مطلوب منا حتى قبل الجائحة ودونها ،وسبق أن تقدمت به عدة هيآت و منظمات وفاعلين من مختلف المواقع وطيلة سنوات ؛ فمثلا بمناسبة اليوم العالمي للسكان 2017 تحدثت مذكرة للمندوبية السامية للتخطيط عن "هبة ديمغرافية منحت للمغرب، نتيجة تراجع مؤشر التبعية الذي يعبر عن عبئ الساكنة النشيطة مقارنة بالسكان غير النشيطين ... " مما يتطلب حسب نفس المصدر "تثمين هذا الربح الديمغرافي في القيام باستثمارات ضخمة في مجال التعليم ،خاصة فيما يتعلق بالجودة ، وفي مجال الصحة من أجل الولوج الشامل للخدمات الصحية وأخيرا في مجال النشاط الاقتصادي ، من أجل عرض فرص شغل ، خاصة في مستوى تطلعات الشباب حاملي الشهادات "محمد العوني: صحافي وباحث في الاعلام والتواصل والمساءلة المجتمعية
ساحة

رجاء قيباش تكتب: “الهاشتاغ” صرخة رقمية تقرع جرس الاحتجاج
" إن معرفة فن التأثير على مخيلة الجماهير تعني معرفة فن حكمها " / ( جوستاف لوبون Gustave LE BON ). - هل فعلا الثورة الرقمية تساهم في رفاهية البشر أم هي ستار يحجب جانبا مظلما ينذر بالمخاطر؟ - هل كلما ازدادت تقنيات الاتصال تطوراً وتعقداً ازداد العالم انشطارا؟ ____________________________إن دول العالم أقرت مبدئيا بأن الأجواء المشحونة و التغيرات الجيوسياسية و الاجتماعية المتزايدة التي تعيشها ، تقع جراء التدرجات الانتقالية من الأفكار الكلاسيكية ، رغم اتسامها بالعقلانية و المنطق – على ما يبدو – و هطول وابل من المعتقدات و القناعات المتجددة على الوعي الجمعي ، لكنها ، عمليا ، منبثقة عن ظروف معيشية غير متوقعة و متقلبة ، يتم التحكم فيها بواسطة ثورة اتصالات عالمية ، تُضفي صفة ما أطلق عليه "إيثان زوكرمان Ethan Zuckerman" : "الكونية الرقمية "، على أسلوب إدارة المجتمعات ، و تلعب دورا محوريا في عصر يشهد تمرد التواصل البشري على الحدود الجغرافية و السكانية.نحن نعيش في حقبة باعثة على الاهتمام و مثيرة للجدل ، نتيجة تطور بشري متعاظم ، يواكبه تقدم هائل في سرعة انتشار الأخبار، وإمكانية تبادل الآراء ووجهات النظر، مهما اختلفت مشاربها ، فبين السخرية و التعبير عن حالات الحصر النفسي و النكتة العدائية و نقد الواقع، تتأرجح وسائل لفت النظر إلى قضية ما ، سواء بدعمها أو نقدها ، حيث يكفي إطلاق اقتراح ، ليصل بسرعة البرق إلى جميع بقاع العالم ، باستعمال الوسم أو علامة المربع أو ما يتداول ب " الهاشتاغ Hashtagh " على أي كلمة تبدأ بإشارة (# ) كي تصبح موضع نقاش مفتوح بين الناس، حيث بدأ استخدامه لأول مرة على موقع "تويتر Twitter " بطريقة عفوية في تغريدة ل "كريس مسينا Chris MESSINA"سنة 2007، و اكتسى هذا الرمز ، بعد ذلك ،صبغة عالمية للتعبير عن المواقف عبر مختلف المنصات الاجتماعية.لا يمكن أن ننكر ، أنه أضحى باستطاعة الأنترنت أن يكون من أهم الأنزيمات المحفزة للثورات عن بعد ، من أجل إرساء حوار سلس و ميسر بين المواطنين و الحكومات ، ما بين مؤيدين و مستنكرين لقضايا شائكة ، متأثرة بالانحيازات النفسية للأفراد التي تهدد المبادئ المؤسسية العامة ، لأنها قد تتركز في مواقف تتبنى ما يسمى ب " مبدأ الهالة " ، كسلوك (عادةً ما يكون غير واعٍ) إذ هو نوع من التفاوت في الحكم الفوريّ، أو في التحيز المعرفي من ناحية ، و كتقييم فرديّ يمكن أن يؤثّر على انطباعات القرارات، التصرّفات الفردية خاصة ، والكيان الاجتماعي عامة من ناحية أخرى .و إذا نظرنا إلى التحقيب الزمني نجد أن تاريخ الاحتجاجات ينقسم إلى مرحلتين :مرحلة أولى اتسمت بقيادة مؤسسات ماكرواجتماعية ( المؤسسة العسكرية ، الأحزاب السياسية ، الطبقة الأنتلجنسية ...) ، تليها مرحلة ثانية يكون فيها الاحتجاج نابعا من فعاليات فردية ، تتحول فيما بعد إلى قوة تعبوية / احتجاجية جماعية .وفضلا عن هاجس التغيير، يهتم الاحتجاج بعنصر لا يقل عنه أهمية و هو عنصر الاستمرارية، و هذا ما يفتقده – إلى حد ما – الاحتجاج الرقمي ، نظرا لاستجابته غالبا لإغراءات " أنترنيتية" لا عقلانية ، توجه المجتمع الرقمي نحو إصدار أحكام انفعالية لحظية حول مظالم أخلاقية و ثقافية و سياسية ، كمظهر بارز للمطابقة الاجتماعية ، و الانسياق خلف تأثيرات طائفية أو عصبية أو عشائرية ، و هذا ما سماه البعض" بسلوك القطيع" ، الذي يسبح عكس تيار "التوافق الاجتماعي" المبني أساسا على ردود فعل الأفراد نتيجة شعورهم بالأمن الاجتماعي أو افتقاده.من المعلوم أن حماية المجتمعات من استشراء "الفيروسات الحياتية" بشتى أنواعها ، مرتبط –أساسا- بتقوية المناعة الأخلاقية للأفراد، لأن القيم الأخلاقية كما أثبتت الدراسات الأنتروبولوجية المعاصرة ، تجد صعوبة في الصمود أمام النزعة الأنانية و الحاجات الغريزية في غياب التمتع بالحصانة الذاتية و عدم الالتزام بعقد إنساني أبرز بنوده الحق في الأمن ، و من تم الافتقار لأبسط مقومات التعايش السلمي و سيادة زمن " السيبة" .على رأي " آلان تورين Alin TOURAINE: " يجب أن نترك الهدوء المطمئن للطوباوية و النبوءات ، كي ننزل إلى الحركة المقلقة ، و لكن الحقيقية ، للعلاقات الاجتماعية " .ذة رجاء قيباش / شاعرة / كاتبة / إعلامية / باحثة في علم الإجتماع /كوتش أسري و تربوي / مدربة معتمدة في التنمية الذاتية .
ساحة

1 27 53

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الأربعاء 23 أبريل 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة