الأربعاء 16 أبريل 2025, 03:31
أخبار
وطني
جهوي
دولي
مراكش
أخبار
إقتصاد
مجتمع
حوادث
سياسة
سياحة
ساحة
ثقافة-وفن
ساحة
صحافة
رياضة
صحة
منوعات
علوم
دين
منوعات
للنساء
فيديو
مغاربة العالم
البحث عن:
أخبار
رجوع
وطني
جهوي
دولي
مراكش
إقتصاد
مجتمع
حوادث
سياسة
سياحة
ساحة
رجوع
ثقافة-وفن
صحافة
رياضة
صحة
منوعات
رجوع
علوم
دين
للنساء
فيديو
مغاربة العالم
ساحة
عدالة مصطفى الرميد.. بين حلويات خالد عليوة وثروات الكائنات الانتخابية بمراكش
أعترف أنني كنت، حتى حين، من المتحمسين المدافعين عن مقولة "عدم الإفلات من العقاب" بالنسبة لكل مسؤول امتدت يده بغير حق للمال العام، كيف ما كان حجم ومركز هذا الشخص، ومهما كان حجم تلك الأموال. وأعترف، أيضا، أنني كنت من المطالبين بـ"القصاص" من خالد عليوة، القيادي السابق بحزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والمدير الأسبق للقرض العقاري والسياحي، ومن المطالبين بتطبيق العدالة، دون مراعاة لتاريخ الشخص النضالي، وبعيدا عن تأثير بعض الشخصيات الوازنة من حزب القوات الشعبية. أعترف، أنني راجعت مواقفي لحظة مشاهدتي وتأملي في صور العشرات من المسؤولين السياسيين، الذين سبق وأن تقلدوا مسؤوليات في بعض أجهزة الدولة، قبل أو بعد، خالد عليوة، واغتنوا وراكموا ثروات خيالية على حساب المال العام، وكانوا ضمن المشيعين و المعزين، دون أن تتجرأ يد المساءلة وتمتد إليهم. وأعترف أخيرا، أن الصور التي تناقلتها وسائل الإعلام المختلفة عن أجواء الجنازة والعزاء، وصور خالد عليوة، تحديدا، وهو يلقي النظرة الأخيرة على المرحومة والدته، او وهو يغطي جثمانها بالتراب، وخلال تلقيه التعازي... كلها صور، جعلتني أتوقف للحظة، وأراجع مواقفي السابقة وأنا أسائل نفسي: لنفترض جدلا، أن التهم التي وجهت لخالد عليوة من قبل النيابة العامة لا يمكن الطعن أو الشك فيها قيد أنملة، من الناحية القانونية، ألا يتوفر هذا الشخص، على جميع الضمانات الكفيلة بالتحقيق معه في حالة سراح؟، بدل حبسه لما يربو عن سنة كاملة قبل إحالته على المحاكمة؟، وبالتالي حرمانه وحرمان المرحومة والدته من لحظة الوداع الأخيرة؟. مناسبة هذا التساؤل، تزامنت مع مرور حوالي ست ساعات، من انتهاء، الأستاذ الزيتوني، قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة بمحكمة الاستئناف بمراكش، من الاستماع الأربعاء 6 مارس الجاري، لـ"عبد اللطيف أبدوح" البرلماني وعضو اللجنة التنفيذية السابق لحزب الإستقلال، بعد متابعته من قبل الوكيل العام بمراكش، بتهم الرشوة، التزوير، استغلال النفوذ، التزوير واستعماله، ضمن ما بات يعرف بملف "فضيحة كازينو فندق السعدي" بمراكش. حضرتني صورة القيادي الإستقلالي، النائب الحالي لعمدة مراكش، ورئيس بلدية المنارة جليز سابقا، وهو يخرج من مكتب قاضي التحقيق رفقة محاميه مزهوا، كمن حقق نصرا مبينا، على جميع الحقوقيين والمتتبعين الذين كانوا يتوقعون اعتقاله من قبل قاضي التحقيق. ولأنني واحد من أبناء المدينة الحمراء، بل إنني ابن نفس الحي(حي القصبة) الذي ترعرع فيه عبد اللطيف أبدوح، فإنه لا بأس بأن أذكر بجزء من تاريخ هذا القيادي الاستقلالي، الذي يتمتع الآن بالسراح المؤقت، ولنقارن بين الشخصين: نشأ عبد اللطيف في أسرة متواضعة، مثل أسرتي، ومعظم أسر هذا الحي الشعبي بالمدينة العتيقة لمراكش، والذي يعود تاريخ نشأته إلى الزمن الموحدي.. وكانت أسرة "ابدوح" تسكن بيتا بدرب "عيوش" على سبيل الكراء. شب وترعرع، أبدوح، كأغلب سكان حي القصبة، داخل مقر حزب الإستقلال بمراكش، الواقع بمدخل حي القصبة. وتدرج في صفوف الحزب، حيث كان مسؤولا بقطاع الطلبة الإستقلاليين، وبالشبيبة. وكان والده "مخزني" يقوم بدور الحراسة بدار مولاي ادريس، قبل أن يتم إفراغ الأسرة من البيت، بسبب عدم تسديد واجبات الكراء، لتنتقل إلى "ديور الخيرية" بباب اغمات. وبعد حصوله على شهادة الإجارة من كلية الآداب بمراكش، أصبح موظفا مرتبا في السلم العاشر بمؤسسة "ليراك" سابقا، العمران حاليا. وحتى حدود سنة 1996، كان عبد اللطيف أبدوح مجرد موظف بسيط، يعاني نفس معانات جميع الموظفين مثله، ويركب دراجة نارية من نوع "بوجو 103". وخلال نفس السنة، والتي كانت سنة الاستفتاء على الدستور، وإجراء الانتخابات السابقة لأوانها، ترشح أبدوح للإنتخابات التشريعية ولم يتمكن من الفوز بالمقعد النيابي، ليدخل غمار الانتخابات الجماعية ويفوز بمقعد ببلدية المنارة-جليز، لينتخب بعدها رئيسا لذات البلدية. قضى بعدها أبدوح ست سنوات في الرئاسة، وتمكن من الفوز بمقعد في مجلس المستشارين، وبعد انصرام هذه الولاية، كان قاب قوسين أو أدنى من الفوز بعمدة المدينة، لولا الخلاقات التي نشبت بينه وبين القيادي الإستقلالي محمد الخليفة على العمودية من جهة، وبين حزب الاستقلال وحزب الاتحاد الاشتراكي، واللذان فازا معا على التوالي بالمرتبتين الأولى والثانية في انتخابات 2003 الجماعية. تمكن عبد اللطيف أبدوح من الفوز مرة أخرى بمقعد بمجلس المستشارين صيف 2006، ولازال حتى الآن عضوا به ويرأس احدى لجانه. ما بين سنتي 1997 و2003، أصبح عبد اللطيف أبدوح يحتكم على ثورة تقدر بملايير السنتيمات، وتحول إلى أحد كبار المنعشين العقاريين بالمدينة الحمراء، وانتقل من بيته المتواضع بمنطقة أمرشيش، الذي اقتناه من مؤسسة "ليراك" بواسطة قرض بنكي، إلى السكن في "قصر" بالمنطقة السياحية المشهورة "ممر النخيل" التي تضم عشرات القصور والفيلات، لكبار القادة السياسيين العرب والأوربيين، والمشاهير من عوالم السينما، الموضة والرياضة... خلال الفترة التي تحمل فيها عبد اللطيف أبدوح مسؤولية تدبير شؤون بلدية المنارة-جليز، تمكن أيضا من الاستثمار في مجالات آخرى غير العقار، نظير الحمامات التقليدية، كما أصبح مالك مدرسة خصوصية بحي المسيرة بمقاطعة المنارة، وهي المدرسة التي كان سيشيد عليها عمارات من خمس طوابق، قبل أن يحتج سكان المنطقة ويتحول المشروع إلى مدرسة. وتختزل هذه المدرسة بعض الطرائف، لا بأس من سردها، ونحن نتحدث عن المال العام، وتفنن بعض المسؤولين في الاستيلاء عليه بـ"القانون". كان العقار الذي شيدت عليه مدرسة أبدوح، خصصتها مؤسسة "ليراك-العمران" لبناء معهد للموسيقى، ووضعته رهن إشارة وزارة الثقافة، غير أن الأخيرة لم تعمل على اقتنائه، وبعد مرور أزيد من عشر سنوات، حسب القانون، أمكن للمؤسسة صاحبة العقار أن تعرضه للبيع على العموم. توصلت مصالح ولاية مراكش، بتقارير تفيد أن هذا العقار، وتسع عقارات أخرى مماثلة بأحياء المسيرة الأولى والثانية والثالثة، لم يتم اقتنائها من الوزارات المعنية، وأصبحت تشكل نقطا سوداء بالمنقطة. وفي أعقاب ذلك، عقدت لجنة الاستثناء، على عهد الوالي السابق محمد حصاد، اجتماعا بحضور جميع المصالح المعنية: الوكالة الحضرية، بلدية المنارة برئاسة عبد اللطيف أبدوح، مؤسسة العمران، على عهد "لهبيل" عامل النواصر حاليا.. وتم السماح لصاحبة العقارات بعرضها للبيع، على أساس، أن تكون المشاريع التي ستقام عليها، قريبة من نفس الأنشطة المحددة في التصميم بالنسبة للوزارات التي لم تقم باقتناء العقارات. اقتنى أحد المقاولين الكبار المعروفين بالمدينة الحمراء، والمتابع أيضا في ملف أبدوح ومن معه، هذا العقار بثمن لم يتجاوز 400 درهما للمتر المربع، على أساس أنه سينشأ مدرسة خصوصية، ولأن النشاط تعليمي تربوي، قريب من وظيفة معهد الموسيقى، فقد تمت الموافقة على عملية البيع. غير أن هذا المقاول، وفي ظروف غامضة تم الترخيص له من قبل بلدية المنارة التي يرأسها أبدوح، ببناء عمارات، بعدما "تعذر" على المقاول تشييد مدرسة فوق العقار، بمبرر وجود مدرسة خصوصية وثانوية عمومية بالمنطقة، ومن شأن إضافة مؤسسة أخرى، أن يتسبب ذلك في أزمة سير. وهكذا تم السماح للمقاول ببناء عمارات سكنية من خمس طوابق. حصل المقاول على جميع التراخيص، والموقع عليها هو عبد اللطيف أبدوح رئيس المجلس، إلا أنه لم يعمل على بناء العمارات، حيث قام، في ظروف غامضة، ببيع العقار مرفوق بجميع التراخيص لشخص أخر، ولم يكن هذا الشخص، سوى عبد اللطيف أبدوح، رئيس المجلس البلدي. انتظر الأخير حتى سنة 2007، وطلب ترخيصا جديدا بالبناء، بالنظر إلى أن رخصة البناء تنتهي صلاحيتها بعد انصرام سنة من تاريخ إصدارها، وتمكن عبد اللطيف أبدوح من الحصول على ترخيص جديد بالبناء من المجلس الجماعي، وشرع في حفر قبو العمارات، قبل أن يتصدى له سكان المنطقة، ويتم توقيف البناء بأمر قضائي. وفي ظروف غامضة، عادت آليات البناء للعمل من جديد، لكن هذه المرة من أجل بناء مدرسة خصوصية، وانتفت الشروط التي من أجلها تم تحويل المشروع من مدرسة إلى عمارات. علما أن أبدوح حصل على ترخيص ببناء مدرسة، بعدما فتحت مدرسة خصوصية أخرى، لتنضاف إلى المؤسستين التربويتين السالف ذكرهما، وانتفت مسألة "عرقة السير". كيف تمكن أبدوح من التدرج، في ظرف ست سنوات، من موظف بسيط إلى مليادير؟ سؤال سبق لي أن طرحته عليه عندما كنت صحافيا بمكتب الأحداث المغربية بمراكش، خلال سنة 2007، ورد عليه أبدوح بقوله: لقد سبق وأن أشتغلت سنوات عديدة بمؤسسة ليراك، واكتسبت خبرة في مجال العقار، وتمكنت من كسب المال عبر نشاطي في هذا المجال". جواب أترك للقارئ المجال للتأمل فيه. لست هنا بصدد اتهام عبد اللطيف أبدوح بشيء، ولكن أدعو معي كل مهتم بالدفاع عن المال العام، إلى إجراء مقارنة بسيطة، بين عبد اللطيف أبدوح، وخالد عليوة، والتأمل في ملف المتابعة بين النيابة العامة بالبيضاء ومثيلتها بمراكش، وموقف قاضي التحقيق هناك وقاضي التحقيق هنا. أعترف الآن، وأنا أعيد تقليب النظر في موقفي من قضية متابعة خالد عليوة، أنني أسخر من نفسي، ومن الحماسة الزائدة في المطالبة بـ"القصاص" منه، خاصة وأنا أعيد استحضار ما جاء في بعض الصحف، والحديث عن اقتناء حلويات باسم خالد عليوة المدير العام للسياش... أستحضر ما جاء في تلك الصحف عما اقترفته يد خالد ، وأستحضر معها أسماء وصور بعض الكائنات الانتخابية، هنا في مدينة يوسف بن تاشفين، والتي يوجد من بينها من لا يخطه بيمينه، ومن كان حتى حين، يمتهن حرفا هامشية، ومن كان عاطلا عن العمل ويشحذ اللقمة قبل أن يتحمل مسؤولية تدبير الشأن المحلي، و يصبح من كبار أعيان المدينة.. ومع ذلك لم تتجرأ أية جهة معنية على مساءلته، أو البحث في مصدر ثرواته، رغم أنه معلوم. كم من عقار بالمدينة الحمراء تم منحه لبعض المستثمرين بثمن زهيد يتراوح ما بين 10 و100 درها للمتر المربع، باسم دعم الاستثمار السياحي، وبالرغم من أن التفويت، كان مشروطا بتشييد تلك المشاريع، إلا أن معظم المستفيدين خرقوا القانون، وقاموا، بعد مرور سنوات طوال، ببيع تلك العقارات بأثمان خيالية مستغلين فورة العقار بمراكش. ملف تفويت كازينو السعدي، بـ600 درهم للمتر المربع، في منطقة يتجاوز فيها المتر المربع 20 ألف درهم، والذي يتابع اليوم من أجله أبدوح، ومستشارون جماعيون آخرون، يوجد فيه شريط صوتي، يفضح عملية توزيع "الكعكة" بين أبدوح ومستشارين جماعيين قبل تصويت المجلس على التفويت. وقد مرت الآن أزيد من سبع سنوات على الملف، قبل الاستماع إلى ابدوح من قبل قاضي التحقيق تفصيليا صباح الأربعاء الماضي. أستحضر ملف متابعة عليوة ومعها الحديث عن الحلويات، وتحضرني الجرأة الزائدة لبعض منتخبي مدينة مراكش، وكيف أمكنهم الترخيص ببناء عمارات في منطقة محرمة، لا يسمح فيها ببناء غير الفيلات، وتم تزوير تصميم التهيئة، وأضيفت إليه عبارة "أو عمارات"، وشيدت العمارات ضدا على القانون، وفي حرم الإقامة الملكية "الجنان الكبير" بمراكش، وتقرر هدم العمارات، وتم فتح تحقيق قضائي مع العديد من الأسماء، وسحبت جوازات سفرهم، واستمعت الفرقة الوطنية لعدد من الأسماء المغمورة والمعروفة.. ومع ذلك، وحتى الآن لم يتم إيقاف أو اعتقال أي شخص. بالرغم من مرور أزيد من ثمان سنوات على الشكاية التي سبق وأن قدمها المرحوم محمد الناصري، محامي القصر الملكي، للوكيل العام السابق الأستاذ عبد الإله المستاري. عديدة هي الشكايات التي سبق للهيئة الوطنية لحماية المال العام بمراكش أن تقدمت بها للوكيل العام، والتي ترتبط بنهب المال العام، والاغتناء الفاحش على حساب أموال مواطني مراكش، إلا أنه وحتى حدود هذه اللحظة، لازالت تلك الملفات تتعثر، ولا أحد حتى الآن بإمكانه التنبؤ بمصيرها، وحدها دروس التاريخ علمتنا أن سارق الدجاجة، في هذا البلد السعيد، تقطع يده من خلاف. لا أريد، من خلال ما تقدم، اتهام أحد.. كما لا أبحث عن مبررات لخالد عليوة، ولكن أريد فقط إجراء مقارنة ما بين خالد وبعض الكائنات الإنتخابية بالمدينة الحمراء. ولا أريد أن تكون هذه المقارنة بين خالد واسم بارز من منتخبي مراكش، ولكن صدقوني إن أخبرتكم، وأستثني هنا ساكنة مراكش لأنهم على علم بالأمر، أن أصغر كائن انتخابي، هنا، في مراكش، ومن خلال استغلاله لموقعه في تدبير الشأن المحلي، يحتكم اليوم على ثروة، يمكن بها استكمال مشروع نفق أوريكا-وارززات، الذي من شأنه إيقاف حرب طريق "تيشكا" التي تطحن مئات الأبرياء سنويا. صدقوني إن أخبرتكم، أنه لو تمت مصادرة الأموال العامة المنهوبة من قبل الكائنات الإنتخابية بالمدينة الحمراء، وتم استثمارها في مشاريع تنموية لأمكنها أن توقف شبح العطالة وسط شباب المدينة من حاملي الشهادات وحتى أولائك الذين لا يحملون سوى شهادة طبية تؤهلهم للعمل في "الكرفي". صدقوني أأني بعد اليوم، لن أطالب باعتقال أي من مسؤولينا الذين امتدت أيديهم إلى المال العام، وأقول إنني اقتنعت، وآمنت إيمانا لا ريب فيه، بقناعة رمز الحمائم في حزب العدالة والتنمية، عبد الإله بن كيران، و بمقولته الشهيرة:"عفا الله عما سلف"، و لكن أدعو رمز الصقور، كما يحلو للبعض تسميته، في نفس الحزب، وزير العدل والحريات مصطفى الرميد إلى العمل على واجهة أخرى، وهي أن يتم التعامل مع المتورطين في نهب المال العام معاملة مغايرة. أن تتم مصادرة الممتلكات المسجلة باسمهم، هنا في المغرب وخارجه، والمسجلة باسم زوجاتهم وأمهاتهم وأبنائهم القاصرين، و الذين من بينهم من يمتلك عقارات بالملايير، وهو بعد في "القماط". إعمال مسطرة من هذا القبيل، لا شك أن حلويات خالد عليوة، ستكون فيها آخر حبة في العنقود. ورحمة الله على الفقيدة زبيدة بنت أحمد، التي أنصفت ابنها خالد وهي على فراش الموت، حتى أمكنه استنشاق هواء الحرية ولو للحظات.
ساحة
من حلقات جامع الفناء : السياسة رياضة للتزحلق
ليس التزحلق على الجليد أو الرمال ولكن التزحلق على ذقون المواطنين من جراء رصد أموال خيالية لصفقات مشبوهة, تسرح بخيالهم في المقولة القائلة (المال السايب يعلم السرقة), كما جاء على لسان الحكواتي الذي يستمد حكاية اليوم من وحي الواقع السياسي والفساد الاداري المعاش, كما وعد بذلك ابنه في حلقة سابقة. هذه الحكاية التي اعتمدت على التواتر في السند والعنعنة لتبرير صحة روايته. فبعد البسملة والحوقلة والصلاة على النبي المختار, شرع الحكواتي في سرد حكايته للناس المتحلقين من حوله, مبتدءا كلامه عن ابن حفار القبور عن السمسار عن المعلم عن صاحب الخمارة عن السباك عن بائع الخردة عن الحيسوبي , أن هذا الاخير في عز أزمته وتشديد الخناق عليه ومحاصرته بالأسئلة المحرجة من طرف الفرقة الوطنية حول الفساد الذي ما انزل الله به من سلطان والاغتناء الفاحش الذي عم حاشيته من جراء الصفقات المشبوهة التي فاحت رائحتها حتى أزكمت الانوف . فأصبح يعرفها القاضي قبل الداني , تفتقت عبقريته الماكرة عن حيلة جديدة لصرف الرأي العام المراكشي عن متابعة ما يجري ويدور في خربة حليمة القديمة التي عششت فيها العناكب والطيور. فساوره الحنين بعد المشورة مع طيور الشؤم البوم في هذه المدينة التي قال عنها الاسلاف والأجداد أن سقفها واطي وكل من رفع رأسه لا ستبلاد واستعباد أهلها يقرع على رأسه ببركة أوليائها , فأخذ بالمشورة دون علمه بان السحر سينقلب على الساحر وأن الله قال في كتابه المحكم (لا يفلح الساحر حيث اتى ) . ومن تم مر الى السرعة القصوى فعميت له البصيرة لان حبل العدالة أقرب الى عنقه من حبل الوريد , فسرب مجموعة من الوثائق لإدانة من كانوا وراء جره الى المحاكم والمسائلة حول من اين لك هذا يا هذا نكرة غير معرفة لا محل لها من الاعراب , فعمد الى رمي الناس بالرجم والبهتان ليغطي عين الشمس بالغربال , ومن تم اتهامهم بالنصب والاحتيال لتضليل العدالة والهروب الى الامام . يتوقف الحكواتي عن السرد للتنهيد والتنفيس ليصيح صيحة الهائم في شعاب الوديان هيهات هيهات مضيفا الى حكايته الجديدة مجموعة من التوابل والمستملحات لكي يقرب الناس من مقصود كلامه , صاحبنا بهذه الخرجة الغير المحسوبة العواقب "واش اللي سرق مال الشعب بحال اللي دار مخالفة في ألبناء" . ثم تابع الحكواتي 'الطير الحر لا يأكل الجيفة والجوهر الحر لا يهدى الى الدجاج",لأنه شتان بين هذا وذاك و"المراكشي عنده ذاكرة الفيلة "، لا ينسى بسهولة كما تصور صاحبنا ورسوله , لان المسألة أكبر مما أشارت اليها التي لا يهمها اظهار الحقيقة بقدر ما يهمها تمويه الساكنة المراكشية التي شغفت بمعرفة المزيد عن اموالها التي رصدت لتنمية جهتها فادا بها هربت في غفلة منها وفي جنح الظلام الى بنوك القارة العجوز. هنا سيتوقف حديث الحكواتي ليدخل ليدخل في حوار مع ابنه الذي يتلمس أدراجه في تعلم دروس الحكاية طبعته الهمهمة ولغة العيون , ليقف الابن منتصب القامة النحيلة نافضا ريشه كديك خرج لتوه من معركة للمبارزة محللا شيفرة الهمهمة متوجها الى ضيوف الحلقة بنبرة يسودها الحنان ورطانة في الكلام (الى مشيتي علينا الله يفضحك كما فضح صاحبنا الذي حكينا لكم قصته) , فهكذا ستنتهي حكاية اليوم مع تمرير الرسالة البليغة الى عموم القراء بأن المشكل ليس في ادانة النزهاء ولكن في تعويم المراكشيين في بحر لجي من الظلمات ورمي جميع البيض في نفس السلة.
ساحة
اكتشف الذات
قبل أن سترسل في الحديث عن دخول المغاربة الى القرن 21, ونصدق الطر هات القائلة بأننا مؤهلون للدخول فيه فعلا لابد ان نستحضر هذه المقولة (ان استقرار الاوطان وأمنها شأن أكبر من أن يترك لرجال الامن وحدهم ’ وإنما يظل دورهم متأخرا في الترتيب بعد جهود رجال السياسة والاقتصاد والاجتماع ’: حيت اخر الدواء الكي). فكلما تمعنت وقمست في قاموس هذا المأثور إلا وتوقفت لأدقق في أوراق ملفاتي جيدا لأطمئن على وطني وشعبه على أننا نتوفر على الجينات القوية للدخول اليه مع استيفائنا لشروطه ’ وبالتالي سددنا كل مستحقات اشتراكنا فيه الى جانب الدول المتقدمة ’ أو السائرة في النمو ’ مع ادراكي اليقيني أن ذلك الدخول هو مغامرة من باب السباحة ضد التيار ’ بفعل خطابنا الاعلامي المسوق للاستهلاك بتمجيد الذات البشرية وتفخيمها دون ذات الالوهية . وليس باكتشاف هذه الذات ونقدها ’ بحيث كل الانجازات لحكومة ما ممن تعاقبوا على تسيير الشأن العام لا تعدو إلا زوبعة في فنجان أو سوى هدف يتيم أحرزه لاعب لكرة القدم في مباراة دولية ’ مع العلم أن النتيجة من هذا كله هو اننا أصبحنا نعرف الكثير عن فضائلنا ’ ونسرف في الحديث عنها ’ بينما نلتزم الصمت ونكمم أفواهنا حيال نقائصنا ورذائلنا . وعليه سنفتح ملفا من هذه الملفات التي ظلت منطوية في اللاشعور وظللت اطأبطها في طابور طويل لأشرح تفاصيلها الى من يهمهم الامر’ثم أطنب في شرح وتفسير معيقاتها التي تمنعنا نحن المغاربة من ركوب قطار القرن الواحد والعشرين بدون مركب نقص . لأستهل كلامي ’عن ما يخوض فيه عامة الشعب من كلام ينم عن الحماقة أو البله خصوصا تلك المحاورات والمجادلات التلفزيونية بخصوص خصال الشعب المغربي ونقائصه التي تعمل على تبليد الشعب ’ ونستنتج فعلا سذاجة هذا الشعب المغلوب على أمره ’ وأن المجاملات الصادرة من أفواه رجال السياسة على اختلاف اطيافهاة والتي تصفه بالكرم والشجاعة هم كذابون ’ لا يفعلون ذلك إلا لغرض في نفس يعقوب . فعلا فوجود بعض الشجعان وبعض الكرماء لا يعني ان الشعب برمته شجاع وكريم . حيث يتبادر الى ذهني وأنا أخط هذه المقالة سؤال اليوم بعد الانتفاضات التي عرفها العالم العربي والشارع المغربي خصوصا هل هناك شجعان وكرماء بالقدر الكافي يحبون هذا الوطن سيقدمون اموالهم وأرواحهم فداء لوطنهم ولملكهم وللشعب المغربي عند الحاجة ؟؟. فالشعب تحول بسبب التدجين الممنهج من طرف الاحزاب السياسية المريضة بالريع الى شعب أبله ’ لم يبدع أي فكر أو تصور ’ وليست له أية مساهمة تذكر في الحضارة المعاصرة . وبذلك أعتبر نفسي أنني أعيش في مجتمع تهيمن عليه صفات مرضية من اعراض بسيكوباتية وانفصام في الشخصية ’ وأن مساعدة الشعب لا تكون بأن نقول له أنت كريم أو عظيم ’ ولكن من الضروري أن ننبه الى هذه الحقيقة. فلن أكفر سياسيا مهما كانت قناعته الايديولوجية ’ ولن أتهم بالعيب الذات المغربية ’ ولا العمل لصالح دولة أجنبية كانت في شمالنا أو في جنوبنا يهمها ضرب المغرب وتقويض دوره في المنطقة ’ وخصوصا بعد اكتشاف ترهل أجهزة الجارة وتهور قراراتها .فالمناخ الديمقراطي مختلف .وسقف الحوار مختلف .والمزاج العام بدوره مختلف ’ ولكني تمنيت أن نخفف من لهجة الاسراف في تضخيم الذات اولا ’ ثم نحاول بعد ذلك أن نفتح ملف اكتشاف الذات ’ لمعرفة حجمها الحقيقي وعيوبها الحقيقية . فمن المحزن أن تكون أحجامنا الحقيقية معروفة لدى مؤسسات وجهات أجنبية بعينيها ’ بينما الرأي في بلادنا لايعرف عنها شيئا ’ في حين تدغدغ مشاعره تصريحات حكومية وأغنيات وهتافات على الشبكة العنكبوتية بالانجازات وتضخيم الذات ’ فكل التقارير الدولية تتحدث عن تذييل المغرب في مؤخرة لوائح التنمية البشرية ’ حيث سبقتنا مجموعة كبيرة من الدول الافريقية النامية ’ وغيرها من الاقطار التي يمكن مقارنة امكاناتها الطبيعية والبشرية رغم ما يتوفر عليه المغرب من خيرات طبيعية ومؤهلات بشرية ’ ورغم سياسة الانفتاح الاقتصادي الذي عرفه المغرب لازال لم يتجاوز عتبة النمو الاقتصادي المرغوب حسب تقارير الاجهزة الحكومية لتواجد اكراهات ظرفية . إلا أن رغم أهمية تلك الجوانب وحيويتها في ادراك حقيقة الذات المغربية ’ فان الشيء الذي لم تتحدث عنه التقارير الدولية ’ ولا تعني به عادة ’ هو القيم الاجتماعية السائدة والتي أحسبها تشكل الاساس لإنجاح التنمية أو النهضة ’ وهو الجانب الذي أرغب في ازاحة الستار عن حقائقه ة وأن نتحدث بصراحة عن أوجه القصور فيه .هما عاملان أساسيان الاول عام والثاني خاص ’ فالأول قد لاكته ألسنة المثقفين على اختلاف مشاربهم في المحافل الوطنية والدولية ولا أريد أن أخوض فيه لأنه في نظري لازلنا لم نتجاوز عتبة القرن التاسع عشر لكي نناقش تفاصيل رحلة القرن 21 ’ اما الثاني وهو الخاص والذي استنتجه من خلال رحلاتي التي اقوم بها الى بلد الانوار أو الى سويسرا كل سنة والذي اوحى الي بالجانب الخلقي والحضاري على النحو الذي قد يذكره البعض . ولم اخف حسرتي حيث عقدت مقارنة بين الذي لمسته هناك وبين الذي نعرفه جميعا في بلادنا ’ حيث لا يخفى عليكم تواريخ الاقلاع الاقتصادي لبعض الدول التي تعد اليوم من الدول المصنعة وكيف كانت تحتل الرواتب المتأخرة عن بلادنا حسب تقارير المنظمات الدولية ’ لكن المالات باعدت بينهما لاحقا ’ بعد السماء عن الارض .فآيا كان قدر المبالغة أو الشطط في الاصداء التي تحيط بنا ’ فإنها تشير بقوة الى أن مجتمعنا بحاجة ملحة لان تربى من جديد ’ وأننا صرنا نفتقد قيما اساسية ’ مع التقارير الاخيرة للمجلس الاعلى للحسابات والتي تظهر حجم الاختلالات التي تعرفها جل المؤسسات ان لم نقل كلها ’ لتقويم الاعوجاج التي ينخرها ورد العافية لمجتمعنا ’ بحيث لا أتحدث هنا العناوين الكبيرة المعروفة لدى الخاصة والعامة ’ مثل الديمقراطية والتعددية وحقوق الانسان كما هو متعارف عليها وغير دلك ’ لكنني أعني شيئا هو دون دلك بكثير ’ يتعلق بالأخلاق والفضائل الشخصية والاجتماعية ’ من النظافة الى الصدق و الامانة و الاتقان واحترام الوقت وغير دلك.
ساحة
من اجل الوطن
الرأي الحر والجريء والشجاع والرسالة التي يحملها الكثير من لهم ضمير مهني وضمير حي، يبحث عن المصلحة العامة للوطن والمجتمع والناس ، كيف يستقبله أصحاب الكراسي المهمة والمناصب الحساسة، والرفيعة المستوى، وهل يتركون من لهم مثل تلك الآراء اللاذعة و اللاسعة والقوية والصحيحة والشجاعة بسلام ؟ هل تلك الأقلام الموضوعية والشريفة والمتهمة بأنها تفسد الرأي العام اتجاه سماسرة البلد وسماسرة المصلحة الخاصة فقط، لازالت موجودة وتكتب بقوة كل ما تراه يصلح للوطن ويرفع من مستواه من خلال محاربة من يساعد على نشر الفساد من جذوره؟. أرى أنها أقلام لازلت موجودة لكن رأيها لا يصل إلى كل الرأي العام حيث طوقت من طرف مجموعة أناس لا ضمير لهم ولا أخلاق ولا أي مبدأ، من المبادئ المتأصلة في المجتمع الصحي والسليم بل هم على العكس تماما الحياة بالنسبة لهم مجردة من كل ما هو أخلاقي وما هو إنساني ، يعيشون لأنفسهم ويستمتعون بالنظر إلى مجتمع يلهث وراء حياة لا أقول إنها وصلت للعيش الكريم لم تصل إلى ذاك المستوى بعد و لا أدري هل سيصل العالم العربي إلى ذالك في يوم ما؟ . لا ادري بل يعيشون في حالة بسيطة جدا… هي أقلام يحاولون دوما تكذيب ما ينشرون للرأي العام والتشويش عليهم وعلى كل ما يفشون من أسرار تضر بتلك الخلية المتعددة الأجناس لا تعرف لهم هوية ولا انتماء ولا حب للوطن ولا أي معنى من معان التماسك والتآخي، حب الكراسي أنساهم كل القيم والمعاير المسلمة بين جميع أفراد المجتمع أو أغلبيتهم. كسروا أقلامهم الشبيهة بالصواريخ القاتلة المدمرة لهم ، وأخرسوا حناجرهم وذبحوا أحبالهم الصوتية كي لا يخرج ذاك الصوت الذي يفسد عليهم عالمهم الخاص بهم حيث هم لا يفكرون إلا في رفاهيتهم ومناصبهم الشبيهة بهم مزورة مشبوهة وممنوع أن يتم الاقتراب منها حيث أي شرارة تحرقهم وتفسد عليهم حياتهم . لكن لم يستمر الأمر على ما هو عليه، وفعلا كان كذلك. حيث جاء الربيع العربي وانفجر الغضب الذي كان مميتا والصوت الضعيف خرج بكل قوة وجرأة وشجاعة كي يقول كفى ظلما واستبدادا للشعوب العربية ،انفجر ولم يستطيعون رغم طغيانهم وجبروتهم أن يسيطروا على الوضع خرج من تحت أمرهم هو الشعب قال كلمته الأخيرة فداءا للوطن الذي يضيع ويرجع أميالا للوراء ،من اجله استنكروا كل أنواع الظلم وأنواع الصفقات والمتاجرات التي كان الشعب ضحيتها والتي كان ينزف لها دما وحرقة وهم جالسين في مناصبهم وفي مكانهم العالي لا يرون الشعب ولا احتياجات الشعب ولا طموحاته.
ساحة
جريمة النصب والاحتيال من اخطر الجرائم فاحذروا ( النصابين والمحتالين… )
لاشك أن الازدياد المطّرد ، والملحوظ في أعمال جريمة النصب ، والاحتيال يسببه استمرار الضحايا الكثيرين بالتحلي بالبساطة ، والسذاجة المترتبة على الخلل الكبير في القيم الثقافية، والتربوية، يسنده وجود نفوس شريرة لا يهنأ لها مقام، وهي ترى المال بأيدي هؤلاء البسطاء ، ولو كان من عرق جبينهم ، وكدح أيديهم، وما كسبوه من رزق بجهد وجهيد لسد رمق عيشهم ، او يستجمعون اموالا من اجل اقتناء منزل او شيء اخر في حياتهم ، لكن هناك خفافيش ظلامية ( المحتالون والنصابون) يتربصون بهم صباح مساء ، في الاماكن العمومية ، ويسألون عنهم لمعرفة هويتهم ونقط ضعفهم من اجل اصطيادهم بشتى الطرق ، للنيل منهم وسلب اموالهم ومنقولاتهم ، او عقاراتهم او منازلهم او سياراتهم ودارجاتهم النارية ، وجعلهم يضعون ايديهم على قلوبهم حسرة وندامة لسداجتهم ، والثقة العمياء فيهم وكما يقول فقهاء القانون الجنائي : ( جريمة النصب تعد من اخطر الجرائم وهي بمثابة المفتاح لولوج باقي الجرائم الاخرى من اعتداء واغتصاب وسرقة وقتل ) بمراكش تعددت حالات النصب والاحتيال وبلغ ضحايا هذه الجريمة العشرات بل المئات ذكور واناث ، تمت ادانة هؤلاء النصابين والمحتالين قضائيا طبقا لصك الاتهام ، لكن هذه الخفافيش لازالت تتحرك وتتجول يمينا ويسارا وهنا وهناك داخل تراب مراكش ونواحيها ، مما يفرض الحذر منهم ، وعدم الثقة في اسالبيهم الاحتيالية المتعددة ، يتلونون كالحرباء ، الهدف والغاية سقوط ضحاياهم في شراك نصبهم وخداعهم واحتيالهم ومفهوم النصب والاحتيال قانونيا هو : الاستيلاء على شي مملوك، بطريقة احتيالية بقصد تملك ذلك الشيء، أو الاستيلاء على مال الغير بطريق الحيلة نيته تملكه ،أو الاستيلاء على مال منقول مملوك للغير، بناء على الاحتيال بنية تملكه ، والشخص الذي يمارس ذلك يسمي النصاب، أو الدجال، أو المحتال.: يتناول علماء اللغة الاحتيال ويريدون به ما يتعلق بالدهاء والحذق وحسن التصرف ومن ذلك ما جاء في لسان العرب: والاحتيال والتَّحَوُّل والتَّحَيُّل كل ذلك الحِذْقُ وجَوْدَةُ النظر والقدرةُ على دِقَّة التصرُّف فالمحتال لابد أن يكون حاذقا وماهرا في استدراج المراد سلب ماله كما أنه لابد أن يتميز بدقة في النظر يتبعها حسن للتصرف في ما يرده إليه من تساؤلات المسلوبين قبل الاحتيال وأثناءه وبعده. وقد يراد بالاحتيال المراوغة وقلب الباطل حقا كما جاء في معجم لغة الفقهاء من أن الاحتيال: الحذق في تدبير الأمور، وهو التوصل بما هو حلال إلى ما هو حرام أو التوصل بما هو مشروع لما هو غير مشروع، وهو تقليب الفكر حتى يهتدي إلى المقصود ، وأكثر استعمال الحيلة ففيما في تعاطيه خبث وقد تستعمل فيما فيه حكمة، كما يطلق الاحتيال على البصير بتقليب الأمور فالمحتال يقلب الباطل وهو الكذب والتزوير والمظاهر الزائفة إلى حق لا يقبل التكذيب فينساق الناس الطبيعيون وراء هذا الباطل الملبس بلبوس الحق. وقد يراد به الكيد كما قال الزبيدي:المُحتالٌ هو ذو الكَيْدٍ فالمحتال عظيم الكيد لأصحاب الأموال والمقدرات لاسيما إذا كانوا على جانب من البلاهة والبساطة.فيكيد لهم كل كيد حتى يستولي على ما بأيديهم. الاحتيال في الاصطلاح: أما الحيلة في اصطلاح الفقهاء فهي أخص من معناها في اللغة ،فهي نوع من العمل الذي يتحول به فاعله من حال إلى حال، ثم غلب استعمالها عرفا في سلوك الطرق الخفية التي يتوصل بها إلى حصول الغرض ،بحيث لا يتفطن لها إلا بنوع من الذكاء والفطنة. : الاحتيال في القانون: أما القانونيون فيعرفون الاحتيال بأنه:فعل ادعائي كاذب معزز بمظاهر خارجية يمارسها المحتال لكي يتم له الاستيلاء على مال الغير
ساحة
من سيفوز بالمقعد البرلماني لدائرة جيليز النخيل يوم 4 اكتوبر المقبل …؟
لاشك ان السؤال الذي اتخذته كعنوان لهذا المقال ب "كش24"، يطرحه المهتمون بالشأن السياسي والانتخابي بمراكش هذه الأيام ، على غرار الحملة الانتخابية عن دائرة جيليز النخيل في الانتخابات البرلمانية الجزئية بعدما قضى المجلس الدستوري بإلغاء انتخاب احمد المتصدق عن حزب العدالة والتنمية، كفائز بالمقعد البرلماني لهذه الدائرة ، وهكذا فقد دخل 5 مرشحين من بينهم مرشحتين لخوض السباق نحو الفوز بهذا المقعد ولحد كتابة هذا المقال التحليلي الصحفي فجميع الحظوظ متساوية بين هؤلاء المرشحين والمرشحات حسب المهتمين ، واعتقد أن العد العكسي لحملاتهم سينطلق يوم فاتح أكتوبر ، حيث لن يبقى لهم جميعا سوى يومين عن حملاتهم قانونيا ، لكن هناك من يرجح كفة عن أخرى ، حيث البعض يرجح كفة مرشح المصباح ، والبعض الآخر يرجح كفة مرشحة الجرار ، وفئة أخرى ترجح كفة مرشحة الوردة ، لكن يرى آخرون أن المفاجئة ستأتي من مرشح جبهة القوى الديمقراطية ، او من مرشح الهلال ، وهذا قولهم بأفواههم وتكهناتهم ، لكن الكلمة الأولى والأخيرة للناخبين والناخبات ، او بالأحرى صناديق الاقتراع ليوم الجمعة 4 أكتوبر ، الذي هو يوم الفصل بين هؤلاء المرشحين والمرشحات ، آنذاك سيعرفون من هو الفائز او الفائزة بهذا المقعد البرلماني لدائرة جيليز النخيل ؟؟
ساحة
في فهم النخبة المحلية
مدخل أولي :إن المفاهيم السياسية التي أصبحت شائعة و في حديث اليومي من قبيل الديمقراطية و الطبقة السياسية و حقوق الإنسان و الانتقال الديمقراطي و الإصلاح الدستوري و المشروع الديمقراطي الحاثي. و الإسلام السياسي. و التناوب التوافقي مفاهيم تخفي بين طياتها حمولات تاريخية ذات أبعاد سياسية و اجتماعية خطيرة و تتراكم في رحمها طبقات مكثفة من المعاني التي يطبعها أحيانا التناقض الصارخ و الفج لأنها مفاهيم محبوكة تاريخيا من طرف فاعلين تختلف مصالحهم و إستراتيجيتهم فاعلين نقول انهم يشكلون نخبة سياسية تسعى بكل إمكانياتها لكي تكون الأجود و الأفضل و تتبوأ المكانة الفضلى في المسؤولية تقول أنها تستحقها إن هناك سؤالا جوهريا تشكل الأجوبة عنه من مدخلا لدراسة التشكل الاجتماعي لنخبنا السياسية، و هو سؤال يحاورهذا التكاثر المتناسل والمستمر للخطابات والخطابات المضادة في الحقل السياسي وقد يكون التساؤل سببا للتفكير في أن القانون الذي يحكم حقوق ولوج الحقل السياسي قد أصبح اليوم أكثر توسعا وأكثر ليبرالية،ويمكن أن نرجع هذا التراكم الخطابي النخبوي إلى سياسة الدولة أي إلى المكانة التي أصبح الاستثمارفي السياسة يتمتع بها ، جعلت السياسة رهانا يحتم الصراع بين الإمكانيات السياسية والاجتماعية وأصبحت الدولة التي كانت في زمن ما رافضة لتسييس المجتمع ، ترعى هذه التفاعلات وتحت على المزيد من السياسة في اتجاه ما يقوى دورها.إن البناء الاجتماعي للنخب و تشكلها في مختلف الأنساق الاجتماعية يتغذى على الجدلية بين الطلب الاجتماعي المتزايد على المواقع وعدم القدرة الدولة أوعدم رغبتها في الكثير من الأحيان إلى الاستجابة لجميع هذه الطلبات ، و لعل التنظيم الجغرافي المحكم للمناصب و الألقاب السياسية الإدارية تسمح بتوجيه الطاقات المتنافسة للفاعلين إلى المستويات معينة من المواقع ، كما أن التدبير المجالي للمواقع السياسية والإدارية يساهم بشكل كبير في لا تمركز الصراعات السياسية و تخفيف حدة التوازنات داخل وضع جغرافي محدد ، ويسمح للدولة بمراقبة التنافس و التحكم في تجديد النخب و هو يؤدي إلى أن الظاهرة النخبوية هي نتاج لإكراه حسابي لا متناسب بين المواقع و الطلب المتزايد عليها و تعمل المجموعات المهيمنة لتحافظ على موقع ما ، على إحاطته يحشد كبير من القيود والسياجات والمساطر المعقدة لتضمن استجوادها على كل شيئو بهذا المعنى فإن النخبة باعتبارها فئةاجتماعية ساعدتها ظروف معينة للانفراد في مواقع القيادية داخل المجتمع و ليست ظاهرة اجتماعية فقط ولكنها ضرورة تاريخية ووظيفية لاشتعال الانساقالاجتماعية . إن الموضوعات من قبيل الانتقال الديمقراطي وأحداث الحياة السياسية والبرلمانية وحقوق الإنسان ودور الجماعات المحلية في التنمية ... الخ تعتبر من أبرز المنافذ التي تمارس من خلالها السلطة رقابتها المعرفية القبلية على الإشكاليات التي يستثمر فيها علمالسياسة ، والحق أن موضوعه النخبة السياسية المحلية تعد من أهم الموضوعات التي يطلق عليها التحليل السياسي أو السوسيولوجي مشروعيته . وهو وضع يسمح لها بالتمتع بالحضوةو الأفضلية، إنه بالرغم من الإقبال الذي عرفته الانتخابات الجماعية الأخيرة سواء على المستوى الترشيح أو التصويت و التي ترجع بالأساس إلى آليات التعبئة الغير متوافقة وأخلاقيات ومبادئ العمل السياسي الشريف و تناقض أسس المشروعية ، فإن فئات اجتماعية متميزة في الناحية الاقتصادية و لاجتماعية فد فضلت التنحي طواعية و الهروب إلى أبراج المراقبة و كأن احتمال رؤية مصالحها تتحقق خارج السياق أكثر من احتمال تحققها و هي تمارس الساق ، وهومايجرنا إلىالحديث عن العزوف التلقائي الناتج عن ابتدال الممارسة السياسية و عدم الاهتمام بالسياسة كتخطيط محبوكو إستراتيجية هادفةإن التحولات التي عرفها الحقل السياسي المحلي قد ساهمت بشكل كبير في ابتذال و تمييع الممارسة السياسية ، و أضحى الحقل السياسي المحلي أكثر ليبرالية و انفتاحا على مختلف الفئات وأقل استقطابا للفئات الاجتماعية المتميزة وأصبحت ممارسة السياسة بعد هذا الانفتاح نقمة على ممارسيها في تغييرات الهزال الاجتماعي و بدأ ينمحي تدريجيا ذلك الشعور المرتبط بالاحترام و الإعجاب الذي تمتعت به النخب الرفيعة إلى جانب ظهور الاستهتار بمهمة السياسي الراهن ووجود توجه اجتماعي من قبيل التملق كلما تعلق الأمر بمصطلح مستعجلة ، وبهذا ينكشف الاستهجان الاجتماعي المتعدد والذي يخضع له المنتخبإن لا نخبوية النخبة المحلية يفرز أن أغلب الفائزين في الانتخابات لازالوا يستثمرون في الانتخابات المحلية . و يثابرون من أجل الحصول على مواقع متقدمة . في المجال العمومي و المحلي وبالتالي يسيطيرون ويسيرونشؤون البلاد و العباد وفق هواهم دون أن تتجدد هذه النخبة و هو ما يمثل نكسه انتخابية و درجة كبرى للتمزق الاجتماعي. و تجديد هذه النخب يفرض بالضرورة و بالكاد إعادة النظر في العديد من الأمور و على رأسها إعطاء الفرصة للأحزاب السياسية المغربية لتجدد نخبها مع تأجيل الانتخابات المحلية و التشريعية بعد المصادقة على مشروع الدستور حتى لا نصطد مرة أخرى بنفس الوجوه / النخب مع إعادة النظر في قانون الانتخابات بما يساير التحولات التي يعرفها العالم العربي عموما و الحراك السياسي المغربي على وجه الخصوص و تجديد مدة الترشح بالنسبة لهذه النخب بأن لا تتعدى مرتين كحد أعلى .فإذا جددت الأحزاب نخبها من خلال عقد مؤتمراتها وفتح المجال أمام الكوادر المهمة لتحمل المسؤولية وتصالحت مع ذاتها ومع المجتمع وتمت محاربة شراء الذمم و توزيع الأموال فإننا لا محالة سنقطع الطريق على تلك الفئات التي سيطرت وهيمنتعلى الساحة السياسية إذ ذاك يمكن أن نسير في الاتجاه الصحيح من خلال تواجد نخب جديدة تعي أن المحاسبة شرط أساسي للممارسة هذه المسؤولية
ساحة
قضاة المجلس الجهوي للحسابات والحكم الصادر في حق الجزولي
اجتمع قضاة المجلس الجهوي للحسابات بناء على المتابعة التي تندرج في اطار التأديب المالي على اساس مخالفات ذات طبيعة مالية تعلقت اساسا بمختلف الاختلالات التي شابت تسيير المجلس الجماعي لمراكش، والتي تم ضبطها منذ سنة 2007. وهكذا بعد حوالي خمس سنوات من التحري والتدقيق وأمام هيأة قضائية ضمت لأول مرة ستة قضاة حرصا على تحقيق الضمانة لعدالة الأحكام، أصدر القضاة الست للمجلس الجهوي للحسابات صباح يوم الاثنين 06 غشت 2012 الأحكام التالية: - عمر الجازولي عمدة مراكش السابق ب: 40 مليون سنتيم كغرامة مالية للمحكمة، وإرجاع 1 مليار و ازيد من 200 مليون سنتيم لصندوق المجلس الجماعي. -محمد زغلول مهندس بالمجلس الجماعي السابق : ب 30 مليون سنتيم غرامة للمحكمة. -الزرهوني ب: 15 مليون كغرامة للمحكمة وإرجاع 64 مليون لصندوق الجماعة. -محمد مزري ب: 10 مليون سنتيم كغرامة. - محمد بوردوية رئيس قسم المداخيل سابقا ب:6 مليون سنتيم . - محمد نكيل النائب الحالي لعمدة مراكش والمكلف بالمداخيل سابقا ب: 3 مليون سنتيم. وفي قراءة لهذه الحكام يقول الدكتور محمد الغالي: تأتي أحكام المجلس الجهوي للحسابات بناء على تشخيصات دقيقة مكنت من الوقوف على الخروقات القانونية التالية: أولا: مخالفة قانون الصفقات العمومية من خلال عدم احترام مبدأ المنافسة، من خلال صفقات التسوية التي يتم اللجوء اليها بمناداة المسؤولين الجماعيين على مقاول لانجاز أشغال دون احترام مسطرة الصفقات العمومية، لتتم التسوية معه بعد انجاز الأشغال وهي صفقات قدرت بعشرات الملايين من الدراهم؛ ثانيا: تقديم منافع للغير من دون سند قانوني مثلا من خلال أكرية لبعض الموظفين دون احترام الضوابط القانونية المؤطرة لذلك؛ ثالثا: اعفاء شركة أطلس ميديا من اداء فاتورة الانارة العمومية التي تستهلكها لوحاتها الاشهارية؛ رابعا: عدم احترام مقتضيات القانون 89/30 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية، من خلال تقديم امتيازات ضريبية بسبب عدم اجراء التصحيحات اللازمة، بالنسبة للذين يخفون حقيقة مداخيلهم السنوية، مثلا مقاهي مقابلة لقصر المؤتمرات تصرح بدخل سنوي في حدود عشرين مليون سنتيم، في الوقت الذي يقدر فيه متوسط دخلها السنوي بما يزيد على 200 مليون سنتيم (مائتي مليون). بالاضافة الى عدم فرض بعض الرسوم مثل الرسم الذي يفرض على أرباب المحلات المجاورة للطرق العامة نتيجة تجهيزاتها التي تكلف ميزانية الجماعة نفقات باهضة، وتساهم في ازدياد القيمة العقارية والتجارية لمحلاتهم، مما يجعل الجماعة تجهز من دون مقابل. خامسا: استفادة أشخاص «غرباء» ليست لهم أية علاقة بأنشطة المجلس من اطعام و إقامات في فنادق فاخرة... حيث ثبت لقضاة المجلس الجهوي للحسابات استفادة مفتش عام بالمفتشية العامة للادارة الترابية رفقة عائلته الكبيرة و وصلت احدى الفواتير التي أداها عنه المجلس الى 15 مليون ستنيم، واستفادة أستاذ جامعي رفقة عائلته، وصحافي كذلك بالقناة الثانية «دوزيم»، وتم ذلك في وحدات من فئة خمسة نجوم. بناء على هذه الخروقات القانونية قضى المجلس الأعلى باسترجاع الأموال التي صرفت من دون أي سند قانوني، مؤكدا بذلك سمو المال العام و ضرورة الحفاظ عليه كمنطلق أساسي في تحقيق اية تنمية يطمح اليها، وعليه سيكون الخازن الجماعي مطالب بتحصيل المبالغ المطالب باسترجاعها الى مالية المجلس وفقا لمسطرة تحصيل الديون العمومية، و الا خضع بدوره لمسطرة المساءلة بشأن تبديد الأموال العمومية، كما ان استرجاع الأموال العمومية لا يعني توقف المتابعات الجنائية ضد الذين ثبت في حقهم تبديد أموال عمومية من دون سند قانوني. وتبقى الكرة الان بيد الحكومة من خلال وزارة العدل.
ساحة
مجرد رأي:هل بالفعل نمتلك مشروعنا؟
تتحول الامور اليوم بسرعة البرق، و تتغير الاحوال و حتى العقليات و السياسات بفعل المؤثرات الداخلية و الخارجية، و بفعل مجموع العوامل التي تتخذ انطلاقا من مواقع جغرافية و حضارية شكلا تطوريا يؤدي في نهاية المطاف إلى تحول جذري يمس الفكر، كما يمس العلاقات و السلوكات و الممارسات اليومية، مادام التطور يسير عبر خطوط منحنية وقفزات من الكم إلى النوع، و النظرة إلى العالم كنظام في التفاعلات المتغيرة باستمرار ، نبقى معه "نحن" و نحن متغيرين في نفس الوقت . و مع كل ما يشهده العالم اليوم من تحولات خلخلت الساكن و زلزلت التوابث، و دفعت بالعديد من الأنظمة إلى إعادة مراجعة و ترتيب أوراقها التي تبعثرت بفعل ثورات شعبية هنا و هناك و كأن التاريخ يعيد نفسه بشكل مغاير أكثر سرعة و أكثر تطورا و بتسميات متعددة و أشكال لها فعلها في اليوم كما في الحياة عامة. هل استوعبنا الدرس و فهمنا الحدث و تصالحنا مع ذاتنا و خلقنا مسافة بيننا و كل السلوكات و الممارسات التي تشل الحركة الفاعلة و تجعلنا لا نعي من أمسنا و غدنا شيئا. و نعيش راهننا و كأننا غير معنيين ؟ ما الذي حدث عندنا، و ما الذي يمكن أن يحدث ، و هل يمكن أن يحدث أي شيء؟ يتضح من خلال قراءتنا للأحداث ، و من خلال فهمنا المتواضع لراهن التحولات في العالم ، أننا بالفعل لازلنا قابعين ، في أماكننا إن لم نقل ساكنين سكون القبور ، رغم الصيحات و الاحتجاجات و الحركات هنا و هناك، و حتى و إن تجاوزنا هذا السكون /الجمود فسرعتنا سرعات . العقليات التي يمكن أن نعول عليها مازالت متشبثة بالماضي لا تبرحه رغم أنها تدعي الحداثة ، لا تفكر إلا في مقاومة أي إصلاح يمكن أن يمس كياننا و يؤدي إلى قفزنا الايجابي نحو الأفضل ، و هذه العقليات قد تلعب دورها في الكواليس من خلال خلق الحركات و الدفع بها إلى الاحتجاج و التظاهر في الشوارع بحجة الدفاع عن التغيير و الدمقرطة و حقوق الانسان ، و هي في الواقع لا تمتلك الرؤية الحداثية الحقيقية للمستقبل و لا تريد أن تتخلى عن مصالحها التي حصلت عليها في لحظة تاريخية ما، و كانت دوما في مقاومة أي تغير ، هذه العقليات يمكن أن نقول عنها هي جزء من نخبتنا السياسية، فلا غرابة أن يلتقي اليساري الجدري و الظلامي السلفي، في خندق واحد، و هذه سرعة إلى الوراء و ليس إلى الامام. الأحزاب السياسية عندنا و التي تبعثرت منذ زمن لم يعد لها أي دور في تأطير و تأهيل الجماهير كي تقوم بدورها الحقيقي، و أصبحت بفعل تجاوز التطور لها عبارة عن دكاكين انتخابية لا تلملم شتاتها و تخرج إلى الوجود إلا لحظة الاستحقاقات و كأنها وجدت أصلا من أجل ذلك. فتخلت عن مشاريعها المجتمعية و أصبح نضالها الذي كان فاعلا، نضالا من أجل الحصول على مقاعد وثيرة و التظاهر بأنها ذات مصداقية و ذات تاريخ، ولو أدى بها ذلك إلى البحث عن "الفنادقية" و "أصحاب الشكارات" كي يمثلونها في مجموع المؤسسات و تقول أنها تمثلك او تمثل الأغلبية و هي في الواقع لا تمثل إلا نفسها و تساهم في عرقلة التحول و التغيير أو فرملته... لقد كانت أحزابنا رحمها الله مدارس حقيقية لتكوين و تأهيل و تأطير الجماهير كي تكون صاحبة رأي و صاحبة فكر و لها إيمان بالمبادئ و قناعة راسخة نحو الأفضل صاحبة نظرة للمستقبل ، وفق مشروع مجتمعي حقيقي ، فأصبحت مدارس تفرخ الانتهازيين و أصحاب المصالح التي هي الاخرى إن تمكنت من مصلحة دافعت عنها من خلال تمسكها بها ولول أدى بها المطاف إلى خلق شبكات وحركات لمقاومة أي تحول أو تغيير ، و هذه سرعة أخرى إلى الوراء . و بالأمس القريب كان للنخب عندنا دور سياسي كبير و المشروع المجتمعي، و تساهم بشكل فاعل في التاريخ السياسي بلدنا ... نحن بحاجة إلى نخب جديدة أكثر حداثة و تنظر إلى المستقبل نظرة المتفائل و تصنع من لحظتها منطلقا يتبنى الاستفادة من التراكم لخلق النوع من خلال الانخراط الوظيفي فعليا في صنع اللحظة التاريخية الجديدة التي تشكل الرهان الأساسي ارتباطا بالمكون البشري كأساس و أولوية نحو الأفضل !!.
ساحة
أقلام كتبت عن ساحة جامع الفنا
كتب عن ساحة جامع الفنا العديد من الأدباء والشعراء منذ القدم بعضهم هاجر بلده الأصلي ليستقر بالمدينة وقد استهوته الساحة ك:إلياس كانيتي الذي اغرم بتنوع الحلقات الشعبية وحيوية الألوان وكأنها كتبا مفتوح لا يمل من قراءته، في حين يرى أحمد الطيب العلج أن الساحة تضم كذلك الواعظ الوسيم بالعربية والأمازيغية : "..ونجد في جامع الفنا حلقة الفقيه المحدث الذي يفسر القرآن لعامة الناس ، إن بالعامية لمن يعرف العربية ، وإن بالأمازيغية لمن لا يعرف العربية . وكان هذا الفقيه يقوم بدور الواعظ والمرشد والمفتي في أمور الدين ، وعنده دائما الجواب لكل سؤال، وأذكر أني رأيت هذا الفقيه يأتي بآنية ماء ويعلم الناس فرائض الوضوء بطريقة علمية،وسمعته يترجم القرآن إلى الأمازيغية والمصحف في يده،وأحتفظ في ذاكرتي لرجل كنت قد رايته مرارا بعد ذلك في جامعالفنا كان رجلا وسيما رائعا مهيابا يتمتع بوقار اكتسبه من وجهه الجميل، ومن بعض الشيب الذي خضب لحيته الكثة السوداء هذا الرجل الفنان كان يلعب بالسكاكين يرمي بها ويتلقاها بخفة ومهارة وفن يبدأ بسكين ثم اثنين وثلاثة ومتى وصل العدد إلى سبعة سكاكين تدور في فلك بين الفضاء ويديه، يطلب من جمهوره أن يرفع صوته بالصلاة والسلام على النبي ( صلعم )...وسمعت بأذني في جامع الفنا من يخاطب جمهوره قائلا: إذا كنا نظى بإعجابكم فأنتم تححظون بإعجابنا وأن حلقتنا بلا وجودكم والتفافكم لا شيء بالإطلاق،ومتعتنا بكم لا تقل عن متعتكم بنا..." أما الحسن اليوسي فيتحدث عن أصناف البشر وألوان الطعام بالساحة في القرن الحادي عشر الهجري يقول : " ودخلت في أعوام الستين وألف مدينة مراكش عند رحلتي بها في طلب العلم فخرجت يوما إلى الرحبة ( جامع الفنا ) أنظر المداحين فوقفت على رجل مسن عليه حلقة عظيمة وإذا هو مشتغل بحكاية الأمور المضحكة للناس،فكان أول ما قرع سمعي عنهأن قال: اجتمع الفاسي والمراكشي والعربي والبربري والدرواي فقالوا: تعالوا فليذكر كل منا ما يشتهي من الطعام، ثم ذكر ما تمناه كل واحد بلغة بلده وما يناسب بلده، ولا أدري أكان ذلك في الوجود أم شيء قدره وهو كذلك يكون،وحاصله أن الفاسي تمنى مرق الحمام لايبغي الزحام، والمراكشي تمنى الخالص واللحم الغنمي،والعربي تمنى البركوكش بالحليب والزبد،والبربري تمنى عصيدة أنلي وهو صنف من الذرة بالزيت،والدراوي تمنى تمر الفقوس في تجمدرت ولو عرضت هذه الحريرة علىالعربي لم يشربها إلاّ من فاقة إذ لا يعتادها مع الاختيار، ولو عرضت العصيدة على الفاسي لا رتعدت فرائصه من رؤيتها وهكذا..." خوان غويتوسولو الذي كتب العديد من المقالات عن الساحة ولعب دورا كبيرا في تصنيفها كتراث شفوي عالمي للإنسانية يقول الأديب الإسباني: "...لكن جامع الفنا تقاوم الهجمات الموحدة من طرف الزمن والحداثة الخليعة البليدة،لم تنقرض الحلقات بل برزت مواهب جديدة،والجمهور المتعطش دوما للحكايات يحتشد حول المداحين والفنانين.بينما يستطيع المكان بفضل حيويته الخارقة وقدرته الاستيعابية أن يجمع الشتات وأن يلغي مؤقتا كل الفوارق الطبقية. أما الحافلات المحملة بالسياح فما أن تجنح كالأسماك على أطراف الساحة حتى تأخذها هذه الأخيرة في عكاشتها الدقيقة وتذيبها بعصارة معدتها.وعلى نور مصابيح الغاز تراءى لي حضور كاتب كّاركّنتويا وخوان رويس وتشاوسر وأبي زيد والحريري وكذا عدد كبير من الدراويش أما صورة ذلك البليد الذي يتبادل القبل مع تليفونه المتنقل، فرغم بذاءتها لا تشوه شفافية هذا الفضاء المثالي و لا تبخسه،تتوهج الكلمات وتتألق وتمد في عمر هذا الملكوت الخارق، لكن الخطر المحدق بالساحة يقلقني أحيانا،فيتكوم الخوف سؤالا على شفتي،إلى متى؟؟ وصف الفقيه لمفضل أفيلال التطواني ساحة جامع الفنا عندما زارها سنة 1816 : ثم ذهبت لجامع الفنا، خال من البنا وقد جمع بين أصناف وأجناس من أطراف، واحتوى على أوباش وأكباش، وهم بين قائم وقاعد وماش،بعضهم يصغي للمداحين ويزدحم على الشطاحين، إلى غير ذلك مما هو ملوم كذوي الرقية والسحر والكي على بوزلوم.
ساحة
الـــــــى ايــــــــن نسيـــــر؟
ان المغرب اليوم، وهو يعيش مرحلة التنزيل الديمقراطي لمضامين الدستور الجديد، التي بدأت اولى خطواتها بتشكيل اول حكومة بأطياف رباعية تختلف مرجعياتها الايديولوجية وطرق تعاملها مع الشارع المغربي واليات اشتغالها، وتنفرد فيها التجربة بذهاب “ام الوزارات” على مستوى اسنادها من ايدي التيقنوقراط الى احد الاحزاب المشكلة للحكومة وهي تجربة جاءت نتيجة ما افرزته صناديق اقتراع 25 نونبر الماضي، وتلبية لمجموع المطالب التي رفعها الشارع الذي تحرك متأثرا بحراك اجتماعي وسياسي عربي، وفي ظرف اتسم بالعزوف الكبير للشعب المغربي عن التصويت والهروب من العمل السياسي نتيجة فقدان الثقة. ان المغرب اليوم الذي اصبح يعيش حالات غليان من نوع جديد تختلف كليا عن حالات الحراك الاجتماعي والسياسي قبل الاستفتاء. كما يعرف انفتاحا كبيرا على المحيط الدولي، اكثر سجلت فيه دبلوماسيته تقدما كبيرا محتاجة فيه كل القوى الحية بالبلاد الى العمل من اجل ارجاع الثقة في العمل السياسي والحزبي الى الناس فكل المؤشرات تشير الى تنامي موجات الغضب التي لن تكون سهلة الهدوء بين مد وجزر. اولى هذه الموجات انطلقت مع تشكيل الحكومة التي أقصت المرأة باعتمادها رقما واحدا ووحيدا رغم الاعتماد عليها كمكون اساسي ورئيسي اثناء الحملة الانتخابية في الوقت الذي خطى فيه المغرب خطوات جبارة من حيث الدفاع عن مجتمع المناصفة وبعد ان كانت في الحكومات السابقة ارقام متعددة وذات مكانة في صنع القرار. ثاني هذه الموجات جاءت نتيجة للسياسات المتابعة التي تحكمت في مسار التجربة الديمقراطية بالمغرب على مستوى تدبير الشأن المحلى, وتنامي لوبيات الفساد، في كل منطقة فأصبحت متحكمة في كل شيء حتى اصبحت ملفاتها تزكم الانوف وتحتاج الى الجرأة في التعامل والإدارة القوية في المحاسبة. ثالث هذه الموجات جاءت نتيجة السياسيات الاشكالية وتنامي ظاهرة البناء العشوائي بشكل مخيف ادت الى احتلال الملك العام وتشويه المدن وانتشار ظاهرة البناء العشوائي الفاخر فيلات ومساكن فاخرة تنبث بين عشية وضحاها في مناطق وأحزمة سياحية بدون ترخيص او تصميم وفي الملك العام ومن طرف لوبيات, اخر مسكن فيها تكلفته تفوق المائتي مليون سنتيم. رابع هذه الموجات توسع رقعة العطالة حتى اصبح ودون مغالات الشعب المغربي ثلثاه معطلا وغير مشتغل وفاقد للثقة وشعب اغلبيته الساحقة بلا عمل, كيف ستكون أوضاعه؟…. خامسها وسادسها وسابعها، والقائمة من الموجات التي تتنامى يوما عن يوم وتندر بتسونامي سياسي اذا لم يتم الانتباه اليه. الصحة والتشغيل والسكن والتعليم العدل والثقافة ملفات ساخنة وطنيا تحتاج الى الحل السريع والتعامل الحكيم والقرب من الناس من حيث النزول اليهم والاستماع الى أنينهم ومعالجة مشاكلهم بشكل كبير يعيد اليهم الاعتبار ويعزز كرامتهم في الحياة باعتبارها كملفات وركائز اساسية للعيش الكريم، وشعب بلا صحة بلا تشغيل بلا سكن، بلا تعليم، وغير مثقف كيف ستكون اوضاعه؟ ان المرحلة الجديدة التي يعيشها مغرب اليوم تقتضي نوعا جديدا من التوافقات من اجل القفز الى الامام الافضل فالأحزاب السياسية المغربية بكل اطيافها وتلاينها ، والمجتمع المدني وكل مكوناته الحية محتاجة الى تغيير عقليتها ولغتها وطرق تعاملها للارتقاء الى اللحظة الجديدة التي يجب ان يعيشها المغرب من خلال القطع النهائي مع سلبيات الماضي كمدخل اساسي لإعادة الثقة وبوابة نحو تحقيق افق انتظار الجماهير الواسعة، التواقة بالفعل الى التغيير، باعتباره منحى بدأت اولى فقراته مع الحراك الشعبي، مع هذا القطع النهائي لموروثات الماضي السلبية تنطلق التجربة نحو تحقيق الدفعات الفعالية التي تجعل من الجوهري أولوي ومن الثانوي ثانوي، وليس بالشكل الذي كان حيث عم التضليل والانحراف حتى اصبح الثانوي اولوي والجوهري الاساسي ثانوي. ان الدفعات الفعالة كصيرورة جديدة سيؤدي حتما الى الارتقاء بالعمل نحو متطلبات اللحظة وماتستلزمه الحياة اليومية من تحميل للمسؤولية المقرونة بالمحاسبة كانخراط ناجع وعضوي وأساسي، يجعل اليات الاشتغال اليات حقيقية وتشاركية تؤهل المغرب للخروج من نفق ظل فيه ردحا طويلا من الزمن. ان المغرب وهو يدخل غمار تجربة جديد الكل فيه يجب ان يتحمل مسؤوليته في تدبير الواقع وإيجاد الاجوبة الملموسة والواقعية استجابة لكل المطالب المعبر عنها والمتعلقة اساسا بالإشكاليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وقضايا التدبير الديمقراطي بمعنى ان الخطوة الاساس التحول نحو نظام اجتماعي وسياسي واقتصادي ناجع ويستطيع ان يستجيب لمطالب الشارع باعتباره اصبح اليوم اهم رقم في المعادلة الديمقراطية وقوة اقتراحية كبرى، وعندما ترى اهم مكونات الحراك الشعبي ما طالبت به عبر نضالاتها بدأ يتحقق سنقول ان مغرب اليوم قد بدأ يخطو بالفعل نحو سياسة القرب كما ان هذا الحراك الشعبي يجب ان يتحول من حراك مطلبي اجتماعي الى تنظيمات جمعوية والى قوة اقتراحية مادامت المرحلة تقتضي من الكل المشاركة وعندما يتحول الشارع الى اشكال تنظيمية مدنية ذات برنامج ومشروع مجتمعي فاعل وناجع سيفرض نفسه من خلال تجربته في صنع كل القرارات والبرامج، بمعنى ان يصبح حراكا صريحا من اجل المساهمة الناجعة في التحول المنطلق من تحميل القوى الديمقراطية الحقيقة كامل مسؤولياتها ومحاسبتها
ساحة
السياسة الترابية بالمغرب
من المعلوم أن التراب في التشريعات و الدراسات و الأبحاث يعتبر فضاء و مجالا لمختلف المكونات الطبيعية و السكانية و المجتمعية الموجودة به دون إغفال مجموع العناصر المشكلة لوجود هذا التراب ارتباطا بالأنشطة الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية و بالتالي السياسية. إذن فالتراب الوطني هو نتاج تاريخ تشيد عبر قرون من طرف مجتمع له تنظيمه الخاص به بهدف الاستجابة لحاجيات التسيير والأمن و التنمية، و يعتبر مكونا من مكونات الهوية التي تستند إلى المجال المشكل للأسس المادية للحياة الجماعية و استمراريتها التاريخية و بهذا المعنى يصبح التراب ذلك الفضاء المادي والجغرافي والسكاني والسياسي والثقافي والاقتصادي أي مجال بشري و تاريخي المفروض تنميته المستمرة و التعامل معه يحتاج إلى استحضار مفهومه أثناء أي تدبير مجالي، إي استحضار السياسي إلى جانب الدينامية الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية ولا ينبغي استحضاره انطلاقا من منظور التقسيم الإداري فقط. السياسة الترابية بالمغرب ، يبدو أن التأكيد على أن أغلب الدول الديمقراطية لعبت دورا كبيرا و معمقا في مسار تجدير السياسات الجهوية و حلت بعضها وارتبطت أدوارها التنظيمية ارتباطا وثيقا بدينامية تطوير السياسة الترابية انطلاقا من الأبعاد التاريخية و الثقافية في مسار ممتد اجتماعيا وسياسيا مسار يحرك و يؤثر في صيرورة التنمية المجالية . ونحن إذا تعمقنا في قانون تنظيم الجهات بالمغرب يتضح طغيان الهاجس المرتبط بمفهوم اللامركزية المتعلق بنموذج الدولة الوطنية المركزية (المركز والهامش) اعتمادا على المقاربة السياسية للتراب الوطني، و نجد أن المجالس الجهوية المعمول بها حاليا لا يجوز لها التداول في قضايا ذات بعد سياسي و لا يجوز أن يمس أحداثها و تنظيمها بوحدة الأمة ولا بالوحدة الترابية للمملكة، ووزارة الداخلية كانت إلى الآن هي التي تتولى تدبير المسّألة الترابية . وبناء عليه فالمطلوب حاليا و نحن أمام تحول كبير في المغرب مع هذا الحراك السياسي الأخير ومشروع الدستور الجديد فإنه يجب وضع نظام جديد للجهة باعتبارها جماعة ترابية جديدة كي تلعب دورها في تحقيق كافة الأعباء ذات الطابع المحلي و الجهوي عن الدولة، و حتى تتفرغ الدولة إلى ممارسة وظائفها الأساسية. لقد كانت سياسة المركزية الاقتصادية هي السائدة بالشكل الذي يكرس الهامشية والاصطفاء المجالي والاجتماعي و ذلك في غياب نظرة تضامنية و اندماجية توزع الأدوار و المهام حسب معطيات المجال وقدراته في خلق دينامية تنموية منتجة. إن تحول معطى الاختلافات المحلية والجهوية من مستوى التنوع المجالي و الثقافي إلى مستوى مسار الإجراءات المتعاقبة عن الإنسان و محيطه و تهميش إمكانية المحلي ومقومات تنوعه الثقافي و اللغوي حيث كانت الدولة والأطراف السياسية المتحالفة معها ترى في هذه الاختلافات مصدر قلق و توثر و مبررا قضائيا و سلطويا لفرض النظرة المركزية للفئات المهمشة و تعاطيها الانتقائي مع مختلف تجليات وعناصر القضاء الاجتماعي والثقافي الوطني. إذن كيف يمكن أن نكون إن الحاجة إلى سياسة ترابية جديدة في المغرب تجعل العديد من الفاعلين الأساسيين والحركات الحية في البلاد تطرح بقوة مجموعة من التطورات و المطالب السياسية و التي استجابت لها الدولة من خلال إقدامها على فتح نقاش موسع حول الجهوية من جديد، وعلى هذا الأساس أصبح التفكير الموضوعي في موضوع الجهوية في المغرب مطروحا بجدية وهو ملزم بأن لا يقفز على المعطى اللغوي و الثقافي الذي يحضر بقوة في إطار تحقيق التنمية الاجتماعية. وعندما تثار مسألة المدخل اللغوي و الثقافي في أي حديث من تدبير المجال الترابي ببلادنا يطرح سؤال التقطيع إذ لا يجب أن يعتمد إقصاء أي تفكير أو تخطيط علمي وديمقراطي لقضايا الجهوية الموسعة بالمغرب، و بناء عليه فإن المعطى اللغوي والثقافي في فضاء المغرب المعاصر هو غير مرتبط بتحديد مجالي مضبوط بانتهاء شرعي محصور حيث تتداخل مختلف عناصر التعدد اللغوي و الثقافي داخل بعض المجالات السكانية خاصة بالمدن وذلك نتيجة الأخطاء المترتبة على السياسات التي تم اعتمادها في السابق. وعليه نرى أن التفكير الجديد في الجهوية الموسعة المعاصرة انطلاقا من هذا البعد الترابي يجب أن لا يتعدى ست جهات كمناطق أسياسية (منطقة الشمال او المنطقة الريفية والساحل المتوسطي) (منطقة سوس) و(منطقة الأطلس المتوسط و مراكش تانسيفت الحوز) و (منطقة الساحل الأطلسي ) و (منطقة الصحراء) إن واقع التداخل و التفاعل الديمغرافي قريب من منطق الأشياء التي تجعل المغرب متكون من جهات تشكل مجالات ترابية أساسية ولا يمكن فصلها عن امتدادها التاريخي وهويتها اللغوية و الثقافية و انتمائها المغربي. إن تدبير مجال التراب الوطني يجب أن يشكل منطقا للتحول الديمقراطية انطلاقا من التدبير العقلاني و الديمقراطي انطلاقا من المعطيات الواقعية والمطالب السياسية والثقافية وآفاق التدبير الوطني، و هذا يعني وضع سياسات مجالية منصفة تراعي الاختلافات القائمة ويسعى إلى تحقيق توازنات منتجة. أما بعد: إن كل محاولة لطرح التدبير السياسية لموضوع في الشأن الجهوي ببلادنا واستحضار الغاية و الهدف من التدبير المجالي و السياسي و الترابي باعتبار الجهوية آلية من آليات التنمية ومدخلا أساسيا وتخطيطها و تدبير المنصف والمجدي يتطلب وضع المشروع التنموي والديمقراطي بمختلف أبعاده و مساراته السياسية و الثقافية والاجتماعية في كل محاولة
ساحة
التداوي بالأعشاب بساحة جامع الفنا
في الجهة الشرقية من جامع الفنا يجلس العشابون وهم من جذور صحراوية أمام صفوف منتظمة من القنينات الزجاجية تحتوي على أعشاب طبيعية وزواحف محنطة وأخرى تتغير ألوانهاحسب محيطها بعضها مربوط من أرجله والبعض الآخر تعب العشاب من إرجاعه كلما ابتعد فهو الوحيد الذي يعرف مدى فوائدها. يبدأ العشابون عروضهم بعبارات تثبت واسع اطلاعهم بالأعشاب ما من ورقة نابتة إلا وتحتها حكمة ثابتة هذا الدواء طبيعي ،عشوب طبيعية كل عشبة " بوحدها كاين اللي مطحون وكاين حتى حب " والإنسان إلى " عندو شي مرض تنشوفو له المسائل ديالو عندنا التجارب وعندنا الكتب". ويرجع سبب هذا "الاحتلال" حسب مرتادي هدا الفضاء إلى تقلص حلقات مروضي الأفاعي والرواة الحكواتيين الدين تركوا المجال للعديد من " العشابة " ليحولوه إلى فضاء خاص لعلاج كل الأوبئة والأمراض ،كما تحولت أماكنهم إلى عيادات متعددة الاختصاص لا تظهر منها سوى قنينات من الزجاج وأوان تحوي أعشاب مختلفة الأشكال والأحجام تعالج كل الأمراض كما يدعون. يقول أحد أقدم عشابة سوق الرحمة القديمة "كانت حرفة العشابة منظمة كجميع الحرف،ودراية العشاب جاءت نتيجة تراكم زمني لعدة أخطاء وكوارث تسببت في عاهات ووفيات، لكنها جعلت العشابة يكتسبون خبرة معينة". وأشار إبراهيم من أقدم العشابة بالساحة مند 45 سنة إلى أن العشاب يجب أن يكون ملما بمختلف الأعشاب والنباتات وأدوارها وفوائدها،إضافة إلى اطلاعه على الكتب التي تهتم بمجال الأعشاب ككتاب شرح النباتات ليونس ابن اسحاق وكتاب الرحمة وغيرها. وذكر م- س أحد العشابة من منطقة سوس ورث المهنة عن أجداده ومارسها مند حوالي 40 سنة في مدينة سلا ،بينما كانت يده منشغلة بتعديل مجموعة من الكتب فوق طاولته الصغيرة "اشتغلت بساحة جامع الفنا مند 35 سنة رفقة العشابة الأخوين الصحراويين سي عباس العيدي والحاج بوجمعة كحل العيون كنا ثلاثة فقط ،أما اليوم فقد انتشرت هده المهنة وأصبح الكل يشتغل بها،وأضاف قائلا"يوجد حاليا بالساحة أزيد من 30 عشاب،لكن لكل واحد زبناؤه الخاصون". على طاولة صغيرة يضع العشاب السوسي قنينات صغيرة بها أعشاب مختلفة ك"الشيح والعكاية وتكوت والزعتر والريحان الأحمر والعادي والخزامة والحلحال والعرعار وغيرها"أسماء متعددة وميزان نحاسي صغير الحجم،لأن الدوا بالميزان يؤكد العشاب السوسي ،كما تتضمن طاولته مجموعة من الكتب العتيقة يعتبرها المرشد الأساسي في عمله ويعود اليها كلما استعصت عليه أمور التداوي قائلا"لابد من الرجوع الى كتب الطب والحكمة لأخد المقاييس وطرقة العلاج".وفي الوقت الدي يرفض فيه العشاب السوسي خلط الأعشاب"رأس الحانوت والمساخن"،كان بجواره عشاب صحراوي يشرح مزايا خلطها لتتفاعل داخل الجسم وتقضي على المرض،ف"عنبر كاكا" يؤكد العشاب الصحراوي كفيل بإخراج البرد من الجسم والمحافظة على" فحولة الرجال" ويضفي "جمالية المرأة"،عبارات وغيرها جعلت حلقته تكتظ بالجمهور،وما ان احتشد جمع غفير حوله ،حتى وضع العشاب الصحراوي احدى رجليه بحركة رياضية فوق عنقه ،وبعد دلك تمدد على الأرض في إشارة الى رشاقة يستمدها من تناول"عنبر كاكا" وهي مادة تؤخذ غالبا مع الشاي كما هو الشأن لدى جميع العشابة بالساحة. وفي الطرف الآخر وأمام مقر غرفة الصناعة التقليدية يجلس عشاب يحمل سبحة ويضع شارة على صدره وبعض الشواهد فوق طاولة عليها بعض الأكياس كتب عليها نوع المرض ك: "فقرالدم، السكري، القصورالكلوي"،تقته بنفسه واعتقاده بأنه يقدم خيرا للناس جعلاه يمتنع عن الكلام والصياح لاستقطاب الجمهور،واكتفى فقط باحاطة المكان الدي يتخده ببعض الكراسي للزبناء لاحتساء محلول أحمر،وعندما اقتربنا منه صادفنا إرغام شاب أحد مرافقتيه على تناول المحلول،في حين اندهشت الأخرى بعد أن وقعت عيناها على شخص ملتحي يتناول ماقدمه له"الحكيم". ويعمد بعض العشابة إلى استغلال أكبر قدر من المساحة بوضع قنينات مختلفة الأحجام وأواني وأكياس وبعض الصور ومجسمات لجسد الانسان تثير انتباه الزائرين وتعفيهم من الكلام لاجتذاب المارة ،في حين يلجأ العشابة المنحدرين من الأقاليم الجنوبية إلى إثارة انتباه المارة بعرض بعض جلود الأفاعي الضخمة ، وبعض الطيور،والحجم الكبير لبيض النعام،وما إن اقترب بعض المارة من أحد هؤلاء العشابة الذي كان يتحدث بشكل عادي حتى غير لغته وأصبح يتكلم بالحسانية ويذكر مزايا" الضب"وكيفية اصطياده ،ولم يذكر أي نوع من الأعشاب مكتفيا بذكر مزايا المناطق الحارة مقارنة بباقي مدن المغرب حيث العلل والأمراض على حد قوله واستمر في تهويل الحاضرين قبل أن يفاجئهم بخليط من الأعشاب في قطعة بلاستيكية صغيرة تعيد الفحولة للشيخ الهرم على حد تعبيره. اقتربت سيدة من عشاب شاب وهمست في أذنه قبل أن يفاجئها بعدم درايته بالمقادير الخاصة بدائها ليضرب لها موعدا آخر ريتما يعود" لمعلم"،في حين قدم لزبون آخر خليطا من مساحيق مختلفة رغم أن العديد منهم يلح على عدم سحق الأعشاب قبل استعمالها،لأنها تفقد حرارتها إذا دقت سابقا حسب الاعتقاد السائد لديهم. وبالقرب من هؤلاء العشابة كان أحدهم يحيط به مجموعة من المجلات والكتب ويحمل صورا شفافة لجسم الانسان لا أثر لأعشاب حوله باستثناء حقيبة جلدية،يحذر بنبرة حادة من استعمال الأعشاب ،معتبرا أن حلقته مجالا علميا إخباريا يقدم فيها النصائح والإرشادات حول البروستات والبرودة والانتصاب وطريقة الممارسة الجنسية قبل أن يفتح الحقيبة ويعرض هو الآخر مادة كفيلة بمعالجة ما تحدث عنه. لمعرفة نوعية المرض الذي يعاني منه زوار هده الدكاكين المتنقلة ،يستفسر العشابة عن بعض الأعراض لتقديم الوصفات الجاهزة ،لكن تبقى الأمراض الجنسية أهم ما يبحث عنها الزائرون للساحة الذين يجدون ضالتهم عند العشابة المنحدرين من المناطق الجنوبية.
ساحة
1
…
53
الطقس
مراكش
أكادير
الدار البيضاء
فاس
طنجة
العيون
الرباط
آسفي
وجدة
زاكورة
الصويرة
وارزازات
الداخلة
الجديدة
الراشيدية
الكويرة
°
°
أوقات الصلاة
مراكش
أكادير
الدار البيضاء
فاس
طنجة
العيون
الرباط
آسفي
وجدة
زاكورة
الصويرة
وارزازات
الداخلة
الجديدة
الراشيدية
الكويرة
الأربعاء 16 أبريل 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء
صيدليات الحراسة