عمر اربيب يكتب.. ذكرى 16 ماي الاليمة والمشروع  المجتمعي النكوصي – Kech24: Morocco News – كِشـ24 : جريدة إلكترونية مغربية
الأربعاء 23 أبريل 2025, 02:09

ساحة

عمر اربيب يكتب.. ذكرى 16 ماي الاليمة والمشروع  المجتمعي النكوصي


كشـ24 نشر في: 18 مايو 2020

شكلت الاعمال الارهابية ليو 16 ماي 2003 بالدار البيضاء، منحدرا نحو التراجعات الحقوقية التي راكمتها القوى الديمقراطية والتقدمية. فقد تم استغلالها من طرف الدولة لتمرير قانون مكافحة الارهاب، بعدما لقي مقاومة قوية لعدم تمرير ، رغم الضعط التي مارسته امريكا الى درجة انه تم نعت القانون03.03 بقانون العنكري تتويلر (سفيرة الولايات المتحدة الامريكية بالرباط)،  وقد بنت الحركة المناهضة للقانون مواقفها معتبرة ان الترسانة القانونية وخاضة القانون الجنائي فيه ما يكفي من الفصول لمعاقبة الفعل الجرمي الارهابي، وايضا لان الارهاب نفسه ليس محددا وتعريفه يبقى غامض وفضفاض ،فحتى المنظومة الدولية لحقوق الانسان عجزت عن ذلك ،وان كانت تطرقت باسحاب لعض الافعال التي يمكن ادراجها كاعمال ارهابية.عمليات 16 ماي 2003 المدانة طبعا ، خلخلت العديد من الاوهام في انتقال المغرب نحو الديمقراطية، وان الاسلام الشائع بحركاته مبني على التسامح والتعايش ، كما مكنت الاحداث العقل الامني من العودة للواجهة كاشارة لاستمرار الدولة البوليسية، يبرز بقوة لبسط هيمنته على الساحة، ليس في مواجهة الظاهرة الارهابية ،ولكن في ضبط حركية المجتمع وايقاعاته الاحتجاجية، ودفعت الفاعل السياسي الى الانخراط التام في اجندة الدولة ،واسقاط كل معارض تحت مبرر مكافحة الارهاب.هذا الفاعل وجد نفسه يحشد كل امكانياته لمحاصرة المد الاصولي معتقدا انها عملية ميكانيكية بسيطة ، متناسيا ان جذور الحركة الاسلامية اصبحت ممتدة في عمق المجتمع من خلال انتشاره وبدعم من المخزن في الجامعة ، وانه حارب الفكر التقدمي والحركة المناضلة وخاصة اطارها النقابي ،الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ، الذي شكل عبر مساره وتاريخ الطويل متراسا لحماية الجامعة من التغللغل المخزني والفكر الرجعي ، لكن تحالف المخزن  والقوى الرجعية منذ بداية تسعينيات القرن الماضي ،مكن من تحييد القوى الديمقراطية الحزبية عن الجامعة والانفراد بالحركة الطلابية لكبح  ديناميتها النضالية وعزلها عن حركية المجتمع وفصلها عن  النضال العام من اجل التغيير المجتمعي، وبهذ استطاع النظام اضافة الى اساليب القمع والاعتقالات المتواثرة والمحاكمات للعشرات من المناضلين التقدميين ،ان يفسح المجال للقوى الظلامية للسيطرة على الجامعة واقبار كل الاشكال النضالية وهذا ما كان تطمح له الدولة.ومع انطلاق حركة 20 فبراير بدى واضحا نجاح المخزن في الفصل بين النضال داخل الجامعة والفعل النضالي داخل المجتمع، فقد كانت الحركة الطلابية الغائب الاكبر عن الحراك الشعبي لحركة 20 فبراير رغم انه انطلق واستمر شبيبيا.ان الحركة السياسية التي اوكل لها النظام محاربة الحركة الاسلاموية تناست ، انها جزء من الازمة القائمة في المجتمع بسياساتها وانها فقدت الكثير من شرعيتها ، و ان الحركة الاسلامية تسربت الى تنظيمات متعددة داخل المجتمع واصبحت لها اذرع بفضل رعاية وزارة الشؤون الاسلامية عبر تمكينها من منابر اعلامية وغض الطرف على دعواتها التبليغية، وايضا دعم الدولة لمواجهة القوى اليسارية المناضلة .لقد ساد الاعتقاد ان الاعمال الارهابية لعام 2003 تشكل منعرجا لمحاصرة المد الاصولي، لكن الواقع اكد غير ذلك.فطبيعة الدولة المبنية على الشرعية الدينية جعلها تبني استراتيجيتها على ما يسمى التمييز بين الحركات الاسلامية،اي الاسلام الجهادي، الاسلام الحركي والاسلام السياسي، والسعي لاستدماج الجزء القابل باشتراطات الدولة وعدم منازعته في امارة المؤمنين، ومحاصرة الثيار الحركي وترويضه  عبر تضييق الخناق وبعد ذلك دمجه ، ومحاربة الاسلام الجهادي باعتباره المسؤول المباشر  عن الافعال الارهابية ليوم 16 ماي.ويمكن ان نلاحظ انه بعد احداث 16 ماي الاليمة،بدل انحصار المد الاسلاموي تقوى تدريجيا، واصبح الة ضاربة منتشرة في جميع دواليب الحياة والمجتمع ، فقد انتشر بشكل كبير، واصبحت الايولوجية الاسلامية مهيمنة ، وبدأت السلطة عملية الاستقطاب والترويض في الحقل السياسي بالنسبة للتيارات التي تعتبرها لا تشكل خطرا عليها ، والتي تساعدها على محاربة التيارات العنيفة ، ففتحت الدولة  المجال للفكر الاصولي بالانتشار الواسع، ودعمت وجوده داخل الجامعة، وسمحت باسغلال المساجد لترويج اديولوجته واستغلال وتوظيف الدين للتوسع السياسيهذا الوضع جعل ما يسمى الاسلام الجهادي يتلقى الضربات، ليغير من استراتيجيه بالانتقال الى بؤكر التوثر في افغانسان وبعدها العراق  وسوريا ليبيا لتطوير قدراته القتالية والمساهمة في ما يسمى الجهاد من اجل بناء الدولة الاسلامية.في حين اختار الاسلام الحركي توسيع دائرة اعضاءه والعاطفين باعتماد الية زرع الاديولوجية الاسلامية عبر قنوات متعددة وباليات  الارشاد والتثقيف، وفي نفس الوقت التسرب للاطارات المدنية خاصة المشكلة من الفئات الوسطى ، وقد تمكن من ذلك بعدما هيئ الاطر عبر بوابة الجامعة وشل طاقات الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ،في المدارس العليا والكليات ذات الاستقطاب المحدود كمحطة اولى ابتدأت منذ نهاية الثماننيات  ،  وخنق الاتحاد الوطني لطلبة المغرب في اغلب ان لم نقل كل  الجامعات،  مما مكنه من فرز الاطر من الخريجين امام تراجع الستقطاب السياسي اليساري  التقدمي بالجامعة،مما  سيمكن الحركات الاسلامية من  التواجد القوي داخل اطارات كانت محسوبة تاريخيا على اليسار. هذا التيار الذي يشتغل الان بادرع متعددة حتى وان لم يندمج في النسيج السياسي المخزني فانه في الواقع يبقى ،معاديا للديمقراطية وللفكر العقلاني ولقيم حقوق الانسان الكونية، ومعيقا للتطور والتحرر وتحرير الانسان من عقيدة التخلف. الا ان هذا الثيار بدأ منذ مدة يربط بين الحركية والجانب السياسي ضمن مشروع في الواقع مبني على نفس الخلفية الفكرية والاديولوجية للثيارات  الثلاث، مع اختلافات ليس في الاهداف الاستراتيجة الداعية للدولة الاسلامية، ولكن فقط في تكتيكات المرحلة ووضعه مقاربات لحد الساعة غير واضحة قد تجعله يقبل بالانخراط في صفوف اللعبة السياسية المرسومة من موقع المعارضة لشؤون التدبير والتسيير ، وليس عمق السلطة خاصة عدم منازعتها حول الدينية التي تحتكرها والتي لا يمكن تقاسمها لانها احد ركائز ديمومتها.هذا الثيار يتمتع بقدرة على الحشد والغموض السياسي ايضا ، ولا يمكن تجاهل تأثيره ووجوده في اية معادلة سياسية.اما ما يسمى الاسلام السياسي فقد اصبح جزء كن السلطة واحد ادواتها لتمرير سياساتها ، بل اجتهد في تطبيق كل الاملاءات وتجاوز ذلك لان اصبح منظرا للعديد من الإجراءات والسياسات التراجعية الخطيرة.هناك من يستغرب   حقا  قدرة الحركات الاسلامية على التطور والانغراس اكثر في المجتمع وان يصبح محركا للسياسة ،رغم عدم قابلية السلطة لذلك، والواقع ان السلطة ساهمت في نمو وتطور الحركة الاسلاموية ،عبر دعم الزوايا والحركة السلفية الدينية ، والجماعات التبليغية والدعوية ، وعدلت  المناهج والبرامج الدراسية والمقررات ، وانفتحت بشكل قوي على المشرق وسمحت للبترودولار بنشر الفكر الوهابي ، كما ان الدولة مارست الاضطهاد والقمع السياسي في حق القوى التقدمية، وعطلت امكانية التقدم نحو الديمقراطية ومجتمع الحقوق.وبما ان نشر الفكر الديني المتطرف لقي ثربة مناسبة لاستنباثه  وبدعم خارجي ، توسع وانتشر تحت انظار السلطة، وبالتالي بدأ في التحول من الحقل الدعوي المعرفي الديني الى المجال السياسي ، فحتى ان تباينت بعض اختلافاته السياسية ،فان السند المرجعي والفكري والاديولوجي موحد وثابت ، مما جعل هذه الحركات متجانسة فكريا ومشروعها ايضا غير مختلف ،لكنها تختلف في التدبير وطريقة خوض الصراع وتقديرات كل مرحلة، ونعتقد ان المشروع الاسلامي التي تنشده وتعمل على تحقيقه لن يخرج على البناء الكلياني التيولتاري السائد في بعض المناطق، ولن يكون سوى مندمجا في المنظومة الرسمالية في الجانب الاقتصادي ،والخانق للحريات والحقوق والديمقراطية في الجانب  السياسي، كما انه باستثناء الاسلام الجهادي العنيف الذي قد يشكل خطرا على الاستقرار ويمس حياة الأبرياء، فان الدولة يبدو لا تستطيع تلجيم الفكر الدعوي التحريضي على الكراهية والميز ،مادام موجها خطالبه للعلمانيين واليساريين ولا يجادل في السلطة ومقوماتها بل يدعمها كما حدث في 2011 .لقد مرت 17 سنة عن الاحداث الارهابية البشعة ليوم 16 ماي، اخلفت فيها الدولة موعدها مع التاريخ لبناء الديمقراطية  ومجتمع الحرية والكرامة والمساواة  والعدالة الاجتماعية، والانفتاح على الفكر النقدي واطلاق مجالات الابداع الحر، والقطع مع الريع والبيروقراطية الادارية، واعمال المحاسبة والمساءة واجتتاث الفساد،ولها مداخل لاجتثاث الارهاب من جذوره لان المقاربة الامنية والقضائية يمكنها الحد في فترات من الظاهرة الارهابية وتطويقها لاجل لكن لا يمكنها القضاء عليها.كما ان القوى الديمقراطية اختارت الانعزالية واسقطت كل مطالبهاوشاريعها المجتمعية الطموحةللديمقراطية وارتهنت للمخزن وطروحاته واصطفت خلفه العديد من مكوناتها ، مما جعلها تصنف في دائرة السلطة ، كما انها ابتعدت عن التأطير والانغراس في المجتمع الى درجة ان الاجيال الصاعدة اصبحت تشكك في وجودها لانها غائبة عن الصراع وايحانا لعبت دور الكابح لنضالات الشعب. في حين استطاعت الحركة الاسلامية التطور والاستقطاب ليس بفضل قوتها ولكن بسبب ضعف وعدم قدرة البديل الديمقراطي على الاختراق والفعل.هذا البديل الذي يجب ان يعيد النظر في العديد من المسلمات واليقينيات التي كانت تحكمه، وان ينخرط بقوة في صراع فكري ونظري عقلاني وواضح لمواجهة اطروحات القوى الاسلامية بعيدا عن التوفيقية والتلفيقية، وان يتبنى خطابا يعري التلاقح بين الفكر الرجعي سواء في السلطة اوخارجها. وسياسيا على القوى الديمقراطية ان تقر بضعفها الناتج عن تفريطها في النضال الجماهيري وفي مدى ابتعادها عن النظام السياسي القائم ، وقدرتها على طرح القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بجرأة وصدق والضغط لمعالجتها.مواجهة الحركات الاسلامية باختصار تندرج صمن مشروع مجتمعي يستهدف مواجهة تقطع مع الفساد والاستبداد ، وينبني على الديمقراطية وحقوق الانسان الكونية والشاملة، وهذا لن يتم دون الاقرار بان الفساد والاستبداد بنية مرتبطة بطبيعة السلطة وداعمييها وحاميها، وان الحركة الاسلامية هي جزئ من هذه البنية الحاضنة للاستبداد على الاقل، وان مواجهتها بالعقلية التعايشية بدل الصدامية لن تجدي ،لان هذا المشروع النكوصي اصبح منتشرا وسط المجتمع وحتى داخل جزئ هام من نخبه الثقافية رغم الايهام بتراجعه السياسي للخلف،لاننا نعتقد فقط انه يعيش مرحلة كمون بفضل المناخ الدولي وتقاطباته وليس افولا كما يعتقد البعض.عمر اربيب

شكلت الاعمال الارهابية ليو 16 ماي 2003 بالدار البيضاء، منحدرا نحو التراجعات الحقوقية التي راكمتها القوى الديمقراطية والتقدمية. فقد تم استغلالها من طرف الدولة لتمرير قانون مكافحة الارهاب، بعدما لقي مقاومة قوية لعدم تمرير ، رغم الضعط التي مارسته امريكا الى درجة انه تم نعت القانون03.03 بقانون العنكري تتويلر (سفيرة الولايات المتحدة الامريكية بالرباط)،  وقد بنت الحركة المناهضة للقانون مواقفها معتبرة ان الترسانة القانونية وخاضة القانون الجنائي فيه ما يكفي من الفصول لمعاقبة الفعل الجرمي الارهابي، وايضا لان الارهاب نفسه ليس محددا وتعريفه يبقى غامض وفضفاض ،فحتى المنظومة الدولية لحقوق الانسان عجزت عن ذلك ،وان كانت تطرقت باسحاب لعض الافعال التي يمكن ادراجها كاعمال ارهابية.عمليات 16 ماي 2003 المدانة طبعا ، خلخلت العديد من الاوهام في انتقال المغرب نحو الديمقراطية، وان الاسلام الشائع بحركاته مبني على التسامح والتعايش ، كما مكنت الاحداث العقل الامني من العودة للواجهة كاشارة لاستمرار الدولة البوليسية، يبرز بقوة لبسط هيمنته على الساحة، ليس في مواجهة الظاهرة الارهابية ،ولكن في ضبط حركية المجتمع وايقاعاته الاحتجاجية، ودفعت الفاعل السياسي الى الانخراط التام في اجندة الدولة ،واسقاط كل معارض تحت مبرر مكافحة الارهاب.هذا الفاعل وجد نفسه يحشد كل امكانياته لمحاصرة المد الاصولي معتقدا انها عملية ميكانيكية بسيطة ، متناسيا ان جذور الحركة الاسلامية اصبحت ممتدة في عمق المجتمع من خلال انتشاره وبدعم من المخزن في الجامعة ، وانه حارب الفكر التقدمي والحركة المناضلة وخاصة اطارها النقابي ،الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ، الذي شكل عبر مساره وتاريخ الطويل متراسا لحماية الجامعة من التغللغل المخزني والفكر الرجعي ، لكن تحالف المخزن  والقوى الرجعية منذ بداية تسعينيات القرن الماضي ،مكن من تحييد القوى الديمقراطية الحزبية عن الجامعة والانفراد بالحركة الطلابية لكبح  ديناميتها النضالية وعزلها عن حركية المجتمع وفصلها عن  النضال العام من اجل التغيير المجتمعي، وبهذ استطاع النظام اضافة الى اساليب القمع والاعتقالات المتواثرة والمحاكمات للعشرات من المناضلين التقدميين ،ان يفسح المجال للقوى الظلامية للسيطرة على الجامعة واقبار كل الاشكال النضالية وهذا ما كان تطمح له الدولة.ومع انطلاق حركة 20 فبراير بدى واضحا نجاح المخزن في الفصل بين النضال داخل الجامعة والفعل النضالي داخل المجتمع، فقد كانت الحركة الطلابية الغائب الاكبر عن الحراك الشعبي لحركة 20 فبراير رغم انه انطلق واستمر شبيبيا.ان الحركة السياسية التي اوكل لها النظام محاربة الحركة الاسلاموية تناست ، انها جزء من الازمة القائمة في المجتمع بسياساتها وانها فقدت الكثير من شرعيتها ، و ان الحركة الاسلامية تسربت الى تنظيمات متعددة داخل المجتمع واصبحت لها اذرع بفضل رعاية وزارة الشؤون الاسلامية عبر تمكينها من منابر اعلامية وغض الطرف على دعواتها التبليغية، وايضا دعم الدولة لمواجهة القوى اليسارية المناضلة .لقد ساد الاعتقاد ان الاعمال الارهابية لعام 2003 تشكل منعرجا لمحاصرة المد الاصولي، لكن الواقع اكد غير ذلك.فطبيعة الدولة المبنية على الشرعية الدينية جعلها تبني استراتيجيتها على ما يسمى التمييز بين الحركات الاسلامية،اي الاسلام الجهادي، الاسلام الحركي والاسلام السياسي، والسعي لاستدماج الجزء القابل باشتراطات الدولة وعدم منازعته في امارة المؤمنين، ومحاصرة الثيار الحركي وترويضه  عبر تضييق الخناق وبعد ذلك دمجه ، ومحاربة الاسلام الجهادي باعتباره المسؤول المباشر  عن الافعال الارهابية ليوم 16 ماي.ويمكن ان نلاحظ انه بعد احداث 16 ماي الاليمة،بدل انحصار المد الاسلاموي تقوى تدريجيا، واصبح الة ضاربة منتشرة في جميع دواليب الحياة والمجتمع ، فقد انتشر بشكل كبير، واصبحت الايولوجية الاسلامية مهيمنة ، وبدأت السلطة عملية الاستقطاب والترويض في الحقل السياسي بالنسبة للتيارات التي تعتبرها لا تشكل خطرا عليها ، والتي تساعدها على محاربة التيارات العنيفة ، ففتحت الدولة  المجال للفكر الاصولي بالانتشار الواسع، ودعمت وجوده داخل الجامعة، وسمحت باسغلال المساجد لترويج اديولوجته واستغلال وتوظيف الدين للتوسع السياسيهذا الوضع جعل ما يسمى الاسلام الجهادي يتلقى الضربات، ليغير من استراتيجيه بالانتقال الى بؤكر التوثر في افغانسان وبعدها العراق  وسوريا ليبيا لتطوير قدراته القتالية والمساهمة في ما يسمى الجهاد من اجل بناء الدولة الاسلامية.في حين اختار الاسلام الحركي توسيع دائرة اعضاءه والعاطفين باعتماد الية زرع الاديولوجية الاسلامية عبر قنوات متعددة وباليات  الارشاد والتثقيف، وفي نفس الوقت التسرب للاطارات المدنية خاصة المشكلة من الفئات الوسطى ، وقد تمكن من ذلك بعدما هيئ الاطر عبر بوابة الجامعة وشل طاقات الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ،في المدارس العليا والكليات ذات الاستقطاب المحدود كمحطة اولى ابتدأت منذ نهاية الثماننيات  ،  وخنق الاتحاد الوطني لطلبة المغرب في اغلب ان لم نقل كل  الجامعات،  مما مكنه من فرز الاطر من الخريجين امام تراجع الستقطاب السياسي اليساري  التقدمي بالجامعة،مما  سيمكن الحركات الاسلامية من  التواجد القوي داخل اطارات كانت محسوبة تاريخيا على اليسار. هذا التيار الذي يشتغل الان بادرع متعددة حتى وان لم يندمج في النسيج السياسي المخزني فانه في الواقع يبقى ،معاديا للديمقراطية وللفكر العقلاني ولقيم حقوق الانسان الكونية، ومعيقا للتطور والتحرر وتحرير الانسان من عقيدة التخلف. الا ان هذا الثيار بدأ منذ مدة يربط بين الحركية والجانب السياسي ضمن مشروع في الواقع مبني على نفس الخلفية الفكرية والاديولوجية للثيارات  الثلاث، مع اختلافات ليس في الاهداف الاستراتيجة الداعية للدولة الاسلامية، ولكن فقط في تكتيكات المرحلة ووضعه مقاربات لحد الساعة غير واضحة قد تجعله يقبل بالانخراط في صفوف اللعبة السياسية المرسومة من موقع المعارضة لشؤون التدبير والتسيير ، وليس عمق السلطة خاصة عدم منازعتها حول الدينية التي تحتكرها والتي لا يمكن تقاسمها لانها احد ركائز ديمومتها.هذا الثيار يتمتع بقدرة على الحشد والغموض السياسي ايضا ، ولا يمكن تجاهل تأثيره ووجوده في اية معادلة سياسية.اما ما يسمى الاسلام السياسي فقد اصبح جزء كن السلطة واحد ادواتها لتمرير سياساتها ، بل اجتهد في تطبيق كل الاملاءات وتجاوز ذلك لان اصبح منظرا للعديد من الإجراءات والسياسات التراجعية الخطيرة.هناك من يستغرب   حقا  قدرة الحركات الاسلامية على التطور والانغراس اكثر في المجتمع وان يصبح محركا للسياسة ،رغم عدم قابلية السلطة لذلك، والواقع ان السلطة ساهمت في نمو وتطور الحركة الاسلاموية ،عبر دعم الزوايا والحركة السلفية الدينية ، والجماعات التبليغية والدعوية ، وعدلت  المناهج والبرامج الدراسية والمقررات ، وانفتحت بشكل قوي على المشرق وسمحت للبترودولار بنشر الفكر الوهابي ، كما ان الدولة مارست الاضطهاد والقمع السياسي في حق القوى التقدمية، وعطلت امكانية التقدم نحو الديمقراطية ومجتمع الحقوق.وبما ان نشر الفكر الديني المتطرف لقي ثربة مناسبة لاستنباثه  وبدعم خارجي ، توسع وانتشر تحت انظار السلطة، وبالتالي بدأ في التحول من الحقل الدعوي المعرفي الديني الى المجال السياسي ، فحتى ان تباينت بعض اختلافاته السياسية ،فان السند المرجعي والفكري والاديولوجي موحد وثابت ، مما جعل هذه الحركات متجانسة فكريا ومشروعها ايضا غير مختلف ،لكنها تختلف في التدبير وطريقة خوض الصراع وتقديرات كل مرحلة، ونعتقد ان المشروع الاسلامي التي تنشده وتعمل على تحقيقه لن يخرج على البناء الكلياني التيولتاري السائد في بعض المناطق، ولن يكون سوى مندمجا في المنظومة الرسمالية في الجانب الاقتصادي ،والخانق للحريات والحقوق والديمقراطية في الجانب  السياسي، كما انه باستثناء الاسلام الجهادي العنيف الذي قد يشكل خطرا على الاستقرار ويمس حياة الأبرياء، فان الدولة يبدو لا تستطيع تلجيم الفكر الدعوي التحريضي على الكراهية والميز ،مادام موجها خطالبه للعلمانيين واليساريين ولا يجادل في السلطة ومقوماتها بل يدعمها كما حدث في 2011 .لقد مرت 17 سنة عن الاحداث الارهابية البشعة ليوم 16 ماي، اخلفت فيها الدولة موعدها مع التاريخ لبناء الديمقراطية  ومجتمع الحرية والكرامة والمساواة  والعدالة الاجتماعية، والانفتاح على الفكر النقدي واطلاق مجالات الابداع الحر، والقطع مع الريع والبيروقراطية الادارية، واعمال المحاسبة والمساءة واجتتاث الفساد،ولها مداخل لاجتثاث الارهاب من جذوره لان المقاربة الامنية والقضائية يمكنها الحد في فترات من الظاهرة الارهابية وتطويقها لاجل لكن لا يمكنها القضاء عليها.كما ان القوى الديمقراطية اختارت الانعزالية واسقطت كل مطالبهاوشاريعها المجتمعية الطموحةللديمقراطية وارتهنت للمخزن وطروحاته واصطفت خلفه العديد من مكوناتها ، مما جعلها تصنف في دائرة السلطة ، كما انها ابتعدت عن التأطير والانغراس في المجتمع الى درجة ان الاجيال الصاعدة اصبحت تشكك في وجودها لانها غائبة عن الصراع وايحانا لعبت دور الكابح لنضالات الشعب. في حين استطاعت الحركة الاسلامية التطور والاستقطاب ليس بفضل قوتها ولكن بسبب ضعف وعدم قدرة البديل الديمقراطي على الاختراق والفعل.هذا البديل الذي يجب ان يعيد النظر في العديد من المسلمات واليقينيات التي كانت تحكمه، وان ينخرط بقوة في صراع فكري ونظري عقلاني وواضح لمواجهة اطروحات القوى الاسلامية بعيدا عن التوفيقية والتلفيقية، وان يتبنى خطابا يعري التلاقح بين الفكر الرجعي سواء في السلطة اوخارجها. وسياسيا على القوى الديمقراطية ان تقر بضعفها الناتج عن تفريطها في النضال الجماهيري وفي مدى ابتعادها عن النظام السياسي القائم ، وقدرتها على طرح القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بجرأة وصدق والضغط لمعالجتها.مواجهة الحركات الاسلامية باختصار تندرج صمن مشروع مجتمعي يستهدف مواجهة تقطع مع الفساد والاستبداد ، وينبني على الديمقراطية وحقوق الانسان الكونية والشاملة، وهذا لن يتم دون الاقرار بان الفساد والاستبداد بنية مرتبطة بطبيعة السلطة وداعمييها وحاميها، وان الحركة الاسلامية هي جزئ من هذه البنية الحاضنة للاستبداد على الاقل، وان مواجهتها بالعقلية التعايشية بدل الصدامية لن تجدي ،لان هذا المشروع النكوصي اصبح منتشرا وسط المجتمع وحتى داخل جزئ هام من نخبه الثقافية رغم الايهام بتراجعه السياسي للخلف،لاننا نعتقد فقط انه يعيش مرحلة كمون بفضل المناخ الدولي وتقاطباته وليس افولا كما يعتقد البعض.عمر اربيب



اقرأ أيضاً
محمد بنطلحة الدكالي يكتب: الروح الرياضية بالجزائر…داء العطب قديم
أمام الانتصارات المتتالية للدبلوماسية المغربية والنكسات والهزائم لجيران السوء،يبدو أن دولة العالم الآخر باتت تعيش أعراض الهلوسة والخرف،وهو داء عطب قديم إسمه" المروك". من بين الذكريات التي يتغنى بها حفدة الشهداء،واقعة كروية حدثت وقائعها في9 دجنبر1979 بين المغرب والجزائر،انتهت بفوزهم كما هو معلوم...ومنذ ذلك الحين والأبواق الإعلامية تكتب عن هذا" النصر" العظيم الذي مضت عليه46 سنة. ولأن مرض الهلوسة تزداد تهيؤاته بازدياد حدته،يبدو أن الكراغلة باتوا منذ الآن يترقبون مقابلة شباب قسنطينة أمام نهضة بركان المغربي. تطالعنا اليوم جريدة الشروق بمقال يحمل عنوان:" الرئيس تبون يحرص على مرافقة السياسي ودعمه في مواجهته ضد نهضة بركان المغربي"...! لقد أكد المقال أن زعيم الكراغلة سيتكفل بكامل مصاريف تنقل وإقامة ممثل الكرة الجزائرية في المغرب،علما أن وزير الشباب والرياضة،وليد صادي،وخلال حضوره مأدبة العشاء التي أقامها والي الولاية صيودة،كان قد نقل للنادي القسنطيني إدارة ولاعبين دعم رئيس الجمهورية ومساندته المطلقة للفريق في مواجهته أمام نهضة بركان...ومن ثمة ضمان تنشيط النهائي الإفريقي القادم ودخول التاريخ من بابه الواسع...! سبحان الله معشر الكراغلة،دخول التاريخ،شافاكم الله،يكون عبر الاختراعات والإنجازات،وتوفير لتر حليب وكسرة خبز لكل جائع،وذلك أضعف الإيمان. دخول التاريخ يكون عبر التلاحم والتآزر،لأننا دم واحد وتاريخ مشترك. أما وأنتم تشحنون المدرب خير الدين ماضوي وكأنه متوجه إلى ساحة الحرب،وتأمرون اللاعبين بوقرة ومداحي وكأنهما قائدا فريق مشاة...! إسمحوا لي أن أعترف،أني بت أشفق عليكم،وأدعو الله أن يتدبر أمر الحرارة المفرطةالتي تسكنكم. ونحن ندعو لكم بالشفاء معشر الكراغلة،نذكركم أنه وطوال التاريخ،ومنذ الحضارة الإغريقية التي عرفت ألعاب أثينا،ظلت الرياضة عنوانا للفرجة والتآخي والتعارف بين الشعوب لما تمثله من قيم إنسانية نبيلة،إنها تنشر السلام وتشجع على التسامح والاحترام وسمو الأخلاق،والرياضة بمعناها الصحيح ترفض أن تكون وسيلة لغاية أخرى لأنها منبع القيم السامية المثلى حين تنتصر الروح الرياضية. إننا نشفق عليكم،ونرثي لحالكم حين تعتبرون انتصارا صغيرا في كرة القدم عن طريق ضربات الحظ،عيدا وطنيا وملحمة بطولية،محاولين تهدئة الشارع الذي يعرف حراكا شعبيا. لقد ضاق الشعب الجزائري الشقيق درعا من ضيق العيش ومحنة الطوابير والرعب اليومي الجاثم على النفوس... الرياضة أخلاق وسمو إنساني نبيل...حاولوا أن تستفيقوا من غيكم،رغم أن داء العطب قديم... محمد بنطلحة الدكالي
ساحة

صرخة من قلب المهنة: الفوضى تُهين الإرشاد السياحي بمراكش
في سياق التحديات التي تعصف بمهنة الإرشاد السياحي في مراكش، يعرض هذا المقال وجهة نظر عدد من المرشدين السياحيين الذين يعانون من تدهور أوضاعهم المهنية بسبب ظواهر التسيب والتنظيم غير القانوني داخل القطاع. ومن المهم التنويه إلى أن ما يطرحه هذا المقال يعكس آراء مجموعة من المهنيين الذين يواجهون هذه التحديات بشكل يومي، وهذا نص المقال: "الانتسابات غير القانونية، المنافسة الفوضوية، وتواطؤ الصمت... من يُنقذ كرامة المرشدين؟ الوضع لم يعد يحتمل. مهنة الإرشاد السياحي، التي لطالما كانت واجهة حضارية للمغرب، تتعرض اليوم في مراكش لتشويه ممنهج، وسط تراخٍ واضح من السلطات المحلية والمركزية، وصمت مريب من الهيئات المهنية والتنظيمية. منذ سنوات، والمرشدون النظاميون يرفعون الصوت في وجه ظاهرة تتفشى في الخفاء: مرشدون غير مُعيّنين في المدينة يحصلون على انتساب غير قانوني داخل جمعية مهنية محلية، ويزاولون عملهم بشكل حرّ، ضاربين عرض الحائط بقوانين التعيين والتنظيم. القانون يُنتَهك والمهنة تنهار ما يجري ليس فقط خرقًا إداريًا، بل تقويض لمبادئ العدالة المهنية. المرشدون غير المعينين في مراكش يتعللون بأن القانون يمنحهم هذا الحق، مستندين إلى تأويلات شخصية تخدم مصالحهم، دون اعتبار للواقع القانوني أو الإداري، في وقت يُقصى فيه المرشدون الملتزمون ويُجبرون على تقبل التهميش. كرامة المرشد تُباع في سوق الأسعار تدهور آخر يسجله المهنيون يتمثل في اشتعال حرب أسعار مدمرة، حيث يعمد بعض المرشدين إلى خفض تسعيرتهم بشكل مبالغ فيه، ما يؤدي إلى ضرب جودة الخدمات في العمق، والإضرار بسمعة المدينة لدى السياح. "عندما يتحول المرشد إلى بائع خدمة رخيصة، فإن التفاعل، والمعلومة، والاحترافية تكون أولى الضحايا"، يقول أحد المرشدين المحليين. جمعيات متهمة... وسلطات غائبة عدد من الأصوات داخل القطاع تتهم بعض الجمعيات بالتواطؤ، حيث تُمنح بطاقات الانتساب بشكل غير قانوني، وأحيانًا مقابل مبالغ مالية، دون احترام لشروط التعيين الترابي ولا ضوابط المزاولة. المرشدون يطالبون اليوم بتحقيق رسمي في هذه الانتسابات، ومساءلة الجهات التي تغضّ الطرف عن هذه الفوضى، والتي تهدد المهنة من الداخل. السياحة تتطور... والمهنة تتآكل في وقت تتغير فيه تطلعات السياح نحو تجارب غنية، وتفاعلية، ومستدامة، يواجه المرشدون الملتزمون خطر الإقصاء على يد فوضى تنظيمية تُفرّغ المهنة من معناها وقيمتها الثقافية. المرشدون يطالبون بالتحرك... الآن! دعوات متصاعدة لإيقاف النزيف: فتح تحقيق عاجل في الانتسابات العشوائية؛ توقيف غير الملتزمين بالتعيين الرسمي؛ إصلاح جذري لهياكل الجمعيات المهنية؛ وتدخل فعلي لوزارة السياحة وولاية الجهة قبل فوات الأوان."
ساحة

“الحق المهني المسلوب”: من يُسكت صوت المرشدين السياحيين؟
في قطاع يُعدّ من الركائز الأساسية للاقتصاد المحلي والوطني، يجد مئات المرشدين السياحيين بجهة مراكش-آسفي أنفسهم في مواجهة تحديات مهنية وإدارية متزايدة. وسط غياب آليات فعالة لحماية حقوقهم، تتعالى أصواتهم مطالبة بالإصلاح، لكن هل من مجيب؟ هذا المقال يعكس انشغالات مجموعة من المهنيين الذين يرون أن الممارسات التنظيمية الحالية تُقصيهم بدل أن تدمجهم، ويطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل المهنة، وهذا نص المقال:"في قلب القطاع السياحي بمراكش-آسفي، يعيش مئات المرشدين حالة من التهميش الممنهج، في ظل تراكم ممارسات إدارية وتنظيمية غير متوازنة، وغياب الآليات الفعالة التي تضمن العدالة المهنية. الوضع الحالي يفرض علينا طرح أسئلة جريئة: من يُراقب؟ من يُحاسب؟ ومن يُنصف من لا صوت له؟جمعية في وضعية مخالفة... بلا محاسبةللسنة الثالثة على التوالي، لم تعقد الجمعية الجهوية للمرشدين السياحيين أي جمع عام، ولم تُعرض أي تقارير مالية أو أدبية، ومع ذلك تواصل تحصيل واجبات الانخراط، وتسليم الشهادات وكأن شيئاً لم يكن.أين دور المراقبة؟ من يتحمل مسؤولية تفعيل آليات الشفافية الداخلية؟ أليس استمرار هذا الوضع يمثل خرقاً لمبادئ الحكامة المهنية؟التكوين الرقمي: برنامج غير منصف لفئة واسعةفرض شهادة التكوين الرقمي ضمن وثائق تجديد الاعتماد جاء بهدف التأهيل، لكنه لم يُرفق، حسب عدد من المهنيين، بآليات واقعية لضمان مشاركة حقيقية ومتساوية، مما خلق شعوراً بالإقصاء لدى شريحة واسعة من المرشدين:مشاركات شكلية أو بالنيابة.غياب دعم فعلي للفئات غير المتمكنة من التكنولوجيا.شهادة تُمنح دون تأكيد فعلي لاكتساب المهارات.النتيجة؟ تكوين تحوّل إلى عبء إداري لا يراعي خصوصية الميدان.تجديد الرخصة: منطق الورق أم منطق الكفاءة؟المرشدون يقدمون ملفاتهم كاملة، لكن العديد منهم يُدرك أن ما يُطلب ليس بالضرورة انعكاساً حقيقياً للخبرة أو القدرة. شهادات انخراط صادرة عن جمعيات غير مفعلة تنظيمياً، وشهادات تكوين دون مضمون فعلي، فهل هذه مؤشرات تأهيل حقيقية؟ أم مجرد إجراء شكلي؟الشهادة الطبية: سؤال حول العدالة المهنيةيشكل شرط الشهادة الطبية عائقاً أمام عدد من المرشدين الذين يعانون من أمراض مزمنة أو حالات صحية مؤقتة. فهل العجز المؤقت أو الإعاقة الخفيفة تعني بالضرورة عدم الأهلية؟ وهل من العدل أن يُقصى شخص فقط لأنه يخضع لعلاج منتظم أو يعيش مع إعاقة بسيطة لا تمنعه من أداء مهامه؟الضمان الاجتماعي: بين التعقيد والإجحافيعاني عدد من المرشدين السياحيين من صعوبات متزايدة في تسوية وضعيتهم مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في ظل غياب مواكبة فعلية تأخذ بعين الاعتبار طبيعة عملهم المستقل وغير المنتظم. ومن أبرز الإشكالات المطروحة:تعقيد مساطر الانتظام وتسديد المستحقات القديمة.تراكم مبالغ يصعب سدادها دفعة واحدة.وجود اقتطاعات بنكية غير دقيقة في بعض الحالات.تعرض المرشدين مزدوجي الجنسية لأداء مزدوج للواجبات دون تنسيق واضح بين الدول.هذا الوضع يُفاقم الهشاشة الاجتماعية للمرشدين، ويُفرغ التغطية الاجتماعية من مضمونها، ويُرسخ الإقصاء بدل الإدماج.مطالب مهنية ملحةافتحاص إداري ومالي للجمعية الجهوية ضماناً للشفافية.مراجعة آليات استخراج شهادات التكوين والانخراط.تيسير شروط الشهادة الطبية بشكل إنساني وعادل.فتح حوار مهني موسع لتصحيح المسار التنظيمي دون توتر أو صدام.رسالة مفتوحة لكل ضمير مهنيهذا المقال ليس مجرد وصف لاختلالات مهنية، بل هو نداء صادق يلامس كرامة كل مرشد سياحي. لسنا بصدد مطالب تعجيزية، بل نطالب فقط بما يضمن الاستمرارية في العمل بكرامة: تنظيم شفاف، تمثيلية شرعية، تكوين فعلي، وحماية اجتماعية عادلة.لقد طال الصمت، وكثُر التغاضي، وحان الوقت لنُعيد للمهنة صوتها ومكانتها. صوت المرشد ليس هامشيًا... إنه صوت الثقافة، والتاريخ، والانتماء."
ساحة

يونس مجاهد يكتب: مصداقية الخبر وطُعم النقرات
موضوع مصداقية الأخبار ليست جديدا في ثقافتنا، بل إنه متجذر فيها، وهناك مرجعيات كثيرة تحيلنا على الأهمية القصوى التي أوليت للفرق بين الخبر الصادق والخبر الكاذب في تراثنا، و لا أدل على ذلك من الآية الكريمة " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ". فالعودة لهذه المرجعيات سيكون مفيدا في مقاومة المد الجارف للتضليل والأخبار الملفقة والإثارة الرخيصة، التي يسعى تجار شبكات التواصل الاجتماعي إلى جعلها وسيلة للتشهير والإساءة، ومصدر اغتناء، غير عابئين بالقيم النبيلة التي من المفترض أن نتقاسمها كمجتمع. إن العودة إلى مرجعيتنا الحضارية والثقافية كفيل بأن يساهم إلى حد كبير في توفير وسائل وأدوات مقاومة الإتجار الرخيص في حرية التعبير، ففي مقدمة ابن خلدون التي أسست لعلم العمران البشري، هناك تدقيق مذهل لضرورة التمحيص في الأخبار، حيث يقول إنه من الضروري التمحيص والنظر في الخبر، حتى يتبين صدقه من كذبه، لأن الابتعاد عن الانتقاد والتمحيص يقع في قبول الكذب ونقله. ويضيف أن من الأسباب المقتضية للكذب في الأخبار، أيضا، الثقة بالناقلين، وتمحيص ذلك يرجع إلى التعديل والتجريح. ومنها الذهول عن المقاصد، فكثير من الناقلين لا يعرف القصد بما عاين أو سمع، وينقل الخبر على ما في ظنه وتخمينه، فيقع في الكذب. إن ابن خلدون، الذي سبق عصره، يتحدث هنا عن مصادر الأخبار، التي يعتبر أنه من غير الممكن تصديق ما تنقله بدون إعمال العقل النقدي. وهو من صميم العمل الصحافي، حيث أن التأكد من مصادر الأخبار ومدى مصداقيتها، هو جوهر المهنة، وهو أيضا ما يدرس اليوم في التربية على الإعلام، إذ أن أهم مبدأ يوصى به هو عدم تصديق أي "خبر"، إلا بعد التأكد من المصادر، أولا، ثم التمحيص والنظر في هذا الخبر، كما يقول ابن خلدون، ثانيا، لغربلته وإخضاعه للعقل والمنطق. وفي هذا الإطار، تؤكد التجربة، أنه لا يمكن للمجتمعات أن تستغني عن الصحافة المهنية، في تداول الأخبار، لأنها تكون صادرة عن صحافيين محترفين، يتوفرون على تكوين وخبرة ومستوى علمي، والأهم من ذلك، أنهم يشتغلون في بيئة صحافية، أي ضمن هيئة تحرير وميثاق أخلاقيات وقواعد العمل الصحافي. ولا يمكن لشبكات التواصل الاجتماعي أوما يسمي ب"المؤثرين"، أن تعوض العمل الصحافي الاحترافي، بحجة أنها "صحافة مستقلة"، فليس هناك إلا صحافة واحدة، إما أن تكون احترافية موضوعية وذات مصداقية، تعمل طبقا لأساسيات مهنة الصحافة وتقاليدها، أو لا تكون. الصحافي الحقيقي، كالمؤرخ، يقول عبد الله العروي، في كتابه "مفهوم التاريخ"، إذ يعتبر أن العديد من الملاحظين يشبهون الصحافي بالمؤرخ، فيقال إن الأول مؤرخ اللحظة، بينما الثاني صحافي الماضي، كلاهما يعتمد على مخبر، وكلاهما يؤول الخبر ليعطيه معنى، الفرق بينهما هو المهلة المخولة لكل واحد منهما، إذا ضاقت تحول المؤرخ إلى صحافي، وإذا عاد الصحافي إلى الأخبار وتأملها بعد مدة تحول إلى مؤرخ، أما إشكالية الموضوعية وحدود "إدراك الواقع كما حدث"، فهي واحدة بالنسبة لهما معا. والمقصود هنا، حسب العروي، هو أن كلا من الصحافي والمؤرخ، عليهما تحري الدقة في الأخبار والحوادث المنقولة، واعتماد المصادر الموثوقة، مثل التغطية الميدانية وشهود العيان أو معايشة الأحداث، بالإضافة إلى الوثائق والآثار الدالة على ما حصل... هذه هي الصحافة المستقلة، عن التلفيق والكذب والإثارة المجانية واستجداء عدد النقرات. ويعتبر اليوم "طُعم النقرات "clickbait، من الآفات الكبرى التي أصابت الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبح العديد ممن يسعون إلى تحقيق الأرباح، بأية وسيلة، اللجوء إلى تشويه الحقيقة وتقويض القيم الصحفية التقليدية، مثل الدقة والموضوعية والشفافية، همهم الوحيد هو الدخول في مهاترات وجدل عقيم، و اعتماد عناوين مثيرة، و كتابة أو بث كل ما يمكن أن يثير الفضول بدون معنى أو محتوى و بدون مصدر موثوق، كتاباتهم أو احاديثهم تتضمن تناقضات كثيرة، لكن كل ذلك يهون، بالنسبة لهم، أمام ما يمكن أن يحققونه من مداخيل. لذلك رفعت العديد من التنظيمات الصحافية في تجارب دولية، شعار؛ "لا تنقر"، أي تجنب طُعم الإثارة التجارية الرخيصة، التي تشوه الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي.
ساحة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الأربعاء 23 أبريل 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة