
ساحة
جعفر الكنسوسي يكتب: مراكش فقدت علما من اعلامها.. مولاي الكبير بن سينا
جعفر الكنسوسي.
مات مولاي لكبير بن سينا رحمه الله. أحد أعيان مدينتنا مراكش و واحد من رواد ديوان الأدب في وقته لما كان مجمعنا يلتئم بدار الباشا بقبة شاعر الحمراء مرة أوبقبة الشيخ الجيلالي امتيرد قبالتها. كان صديقا مقربا عزيزا.
كنا نلقبه" شيخ النْظر" و عريف الكتب و محببها لأناس فارقوا عالم الكتب و القراءة منذ زمان.
كان يستهويهم باقتناء الكتب و يوعز إليهم بأن الكتب التي بحوزته و يعرضها عليهم، كتبا نادرة و نفيسة، لم يدركها أفراد الجماعة من المعارف و الأصحاب. شديد الإطلاع بالكتب و الكتاب و الشعر و الشعراء و بخزانات الكتب الخاصة، يحفظ الكثير من عيون القصائد الخالدات، و يستظهرها عند الطلب أو عندما يقتضي الأمر ان يبز أحد الطارئين على أوساط الأدب. بل ويحفظ الملحون و أخبار الأدباء المتأخرين.
كان بحدسه يدري هل بحوزتك الكتاب الذي يعرضه عليك فلا محيد لك على أن تتملكه على التو. فكان له الأيادي البيضاء على العشرات من الشخصيات المدنية و العسكرية حيث اكتشفوا طعم القراءة من جديد، و لربما قد فارقوها منذ زمن طلب العلم. و هكذا تحوزوا بفضله على مئات المجلدات حتى صاروا يخوضون من جديد في تفاصيل تاريخ المغرب بل و المشرق الثقافي، يتبارون في دقائق الأحداث الغميسة و نكت التراجم.
طوبى لرجل تفنن في ربط الصلة بين أناس شردوا عن وجدانهم الحضاري و هاموا لمدد طويلة بعيدا عن أصولهم، وبين ذواتهم، ساعفهم في استرداد كياناتهم بعد حين من الانسلاب.
كنت اتسلم من عنده الكتب فقط لسماع مديحه في كتاب بعينه و للاستمتاع بكلامه. فلا أحد يجاريه في تعريفه بالكتاب و بمؤلفه و زمنه و مدرسته في فنه، ينطلق في حديث مستعذب رائق يغريك باقتناء المجلد ولو أنك لديك نسخة منه، فلا تبالي، لأن الشريف كان بارعا في تحلية الكاتب و التعظيم من شان الكتاب رحمه الله.
كان مولاي لكبير خاتمة عُرفا مراكش الذين يعطون لحَضَرية المدينة شكلها و نعتها. فهو على الحقيقة كان من نبلاء هذه الحاضرة.
صحب لمدة طويلة أعيان أهل مراكش الأدباء و يعرف تمام المعرفة بيوتات مراكش طبعا بسهله و جبله، و فاس و آسفي و بلدانا متعددة، و يحيط بأخبار أعلام الرجال و النساء.
لزم العلامة مولاي الصديق العلوي فورث شيئا كثيرا من معرفته بالأنساب و كان يتقن بدوره أنساب النساء، امرأة عن امرأة، بنفَس غريب نادر.
كما كان من جلاس الأديب البارز سي احمد الخلاصة، يمازحه وهو صاحب سمت و وقار. اشتهر بمجالسته لجماعتين من الأدباء بحي جليز. فحقيق به أن يرو عنه مقامات أدبية و جولات في كتاب قد نسميه وقائع الدهور فيما جرى بين مقهى الياسمين و مقهى الزهور.
و كلا المقهيين يقابل أحدهما الآخر، ياتي مولاي لكبير صباحا لمقهى الزهور فيجد الأستاذ الخلاصة و رجال أدب آخرين كالأستاذ سي محمد بن الشارف الرحماني.
و قد يعرج صاحبنا عشية على مقهى الياسمين فيجد حلقة أخرى حول الفقيه سي عبد اللطيف التباع، مقدم الضريح العباسي.
رحل مولاي لكبير عن هذه الدار الفانية بعد شهور من وفاة عزيز آخر تغمده الله بواسع رحمته، سي أحمد بن الشرقي.
الدوام لله وحده.
جعفر الكنسوسي.
مات مولاي لكبير بن سينا رحمه الله. أحد أعيان مدينتنا مراكش و واحد من رواد ديوان الأدب في وقته لما كان مجمعنا يلتئم بدار الباشا بقبة شاعر الحمراء مرة أوبقبة الشيخ الجيلالي امتيرد قبالتها. كان صديقا مقربا عزيزا.
كنا نلقبه" شيخ النْظر" و عريف الكتب و محببها لأناس فارقوا عالم الكتب و القراءة منذ زمان.
كان يستهويهم باقتناء الكتب و يوعز إليهم بأن الكتب التي بحوزته و يعرضها عليهم، كتبا نادرة و نفيسة، لم يدركها أفراد الجماعة من المعارف و الأصحاب. شديد الإطلاع بالكتب و الكتاب و الشعر و الشعراء و بخزانات الكتب الخاصة، يحفظ الكثير من عيون القصائد الخالدات، و يستظهرها عند الطلب أو عندما يقتضي الأمر ان يبز أحد الطارئين على أوساط الأدب. بل ويحفظ الملحون و أخبار الأدباء المتأخرين.
كان بحدسه يدري هل بحوزتك الكتاب الذي يعرضه عليك فلا محيد لك على أن تتملكه على التو. فكان له الأيادي البيضاء على العشرات من الشخصيات المدنية و العسكرية حيث اكتشفوا طعم القراءة من جديد، و لربما قد فارقوها منذ زمن طلب العلم. و هكذا تحوزوا بفضله على مئات المجلدات حتى صاروا يخوضون من جديد في تفاصيل تاريخ المغرب بل و المشرق الثقافي، يتبارون في دقائق الأحداث الغميسة و نكت التراجم.
طوبى لرجل تفنن في ربط الصلة بين أناس شردوا عن وجدانهم الحضاري و هاموا لمدد طويلة بعيدا عن أصولهم، وبين ذواتهم، ساعفهم في استرداد كياناتهم بعد حين من الانسلاب.
كنت اتسلم من عنده الكتب فقط لسماع مديحه في كتاب بعينه و للاستمتاع بكلامه. فلا أحد يجاريه في تعريفه بالكتاب و بمؤلفه و زمنه و مدرسته في فنه، ينطلق في حديث مستعذب رائق يغريك باقتناء المجلد ولو أنك لديك نسخة منه، فلا تبالي، لأن الشريف كان بارعا في تحلية الكاتب و التعظيم من شان الكتاب رحمه الله.
كان مولاي لكبير خاتمة عُرفا مراكش الذين يعطون لحَضَرية المدينة شكلها و نعتها. فهو على الحقيقة كان من نبلاء هذه الحاضرة.
صحب لمدة طويلة أعيان أهل مراكش الأدباء و يعرف تمام المعرفة بيوتات مراكش طبعا بسهله و جبله، و فاس و آسفي و بلدانا متعددة، و يحيط بأخبار أعلام الرجال و النساء.
لزم العلامة مولاي الصديق العلوي فورث شيئا كثيرا من معرفته بالأنساب و كان يتقن بدوره أنساب النساء، امرأة عن امرأة، بنفَس غريب نادر.
كما كان من جلاس الأديب البارز سي احمد الخلاصة، يمازحه وهو صاحب سمت و وقار. اشتهر بمجالسته لجماعتين من الأدباء بحي جليز. فحقيق به أن يرو عنه مقامات أدبية و جولات في كتاب قد نسميه وقائع الدهور فيما جرى بين مقهى الياسمين و مقهى الزهور.
و كلا المقهيين يقابل أحدهما الآخر، ياتي مولاي لكبير صباحا لمقهى الزهور فيجد الأستاذ الخلاصة و رجال أدب آخرين كالأستاذ سي محمد بن الشارف الرحماني.
و قد يعرج صاحبنا عشية على مقهى الياسمين فيجد حلقة أخرى حول الفقيه سي عبد اللطيف التباع، مقدم الضريح العباسي.
رحل مولاي لكبير عن هذه الدار الفانية بعد شهور من وفاة عزيز آخر تغمده الله بواسع رحمته، سي أحمد بن الشرقي.
الدوام لله وحده.
ملصقات
ساحة

ساحة

ساحة

ساحة
