إقتصاد
ساحة

“المقاطعة” بين التمرين الشعبي والنضال البديل


كشـ24 نشر في: 31 مايو 2018

دخلت حملة مقاطعة بعض المواد الاستهلاكية لثلاث شركات بالمغرب ( ماء معدني لشركة سيدي علي المغربية - الحليب ومشتقاته لشركة سنطرال/ دانون الفرنسية – المحروقات لشركة افريقيا المغربية ) دخلت مرحلة جديدة بعد أكثر من 6 أسابيع على انطلاقها . وحسب المتتبعين والصحافة وتصريحات المسؤولين ، فإن المقاطعة أثرت بالفعل على مداخيل وعائدات الشركات المعنية ،مقابل انتعاش الشركات الأخرى المنافسة والتي لا تختلف أثمنة منتوجاتها وجودة خدماتها كثيرا عن الشركات التي تهمها المقاطعة . والمرحلة الجديدة بدأت تلوح مؤشراتها بعد صمود واستمرار المقاطعة ونجاح الترويج لها على مواقع التواصل الاجتماعي ، وأيضا بسبب التعاطي السلبي للحكومة مع الموضوع برمته ،وعدم قدرتها على التحكم في الأمر، من ضعف التواصل إلى غياب التدخل والمقاربة الكفيلة بتدبير الأزمة أو تجاوزها . ويكمن تجلي المرحلة الجديدة للمقاطعة في مستويين :1- المستوى الأول هو الموقف والإجراءات المباشرة للشركات المعنية بعد التأثير السلبي على منتجاتها على المدى المتوسط والبعيد ،وتكييف مواقفها مع المقاطعة التي طالت ، وهنا يمكن الأخذ بنموذج شركة سنطرال /دانون الفرنسية التي بادرت مؤخرا بالاعتذار وطلب تفهم موقفها من الأثمنة ، مع طرح عرض خلال شهر رمضان – من دون الحديث عن خفض في الأثمنة- العرض الذي يسمح فقط بخفض الثمن مؤقتا مقابل اقتناء عدد أكبر من وحدات الحليب أو مشتقات "الياووغت" . لكنها بعد أسبوعين من العرض والاعتذار ، اتخذت منذ يومين موقفا هجوميا حسب تصريح مديرها العام ، وذلك بالتراجع على جمع الثلث ( 30 في المئة ) من كميات الحليب ، وهو ما يعني تضرر أكثر من 40000 فلاح لأن الشركة كانت تتعامل مع حوالي 120000 فلاح ، وتستحوذ على ثلثي إجمالي سوق ترويج الحليب ومشتقاته بالمغرب.وقد كان التخلي عن جمع الحليب بمبرر وصول المخزون إلى حدوده القصوى ، كما لوح نفس المصدر ببداية التخلي على العاملين بعقود المياومة لأقل من 6 أشهر ، ملمحا ومشيرا ومنتقدا في نفس الآن بالوضعية السيئة التي سيعرفها النشاط الاستثماري بالمغرب في ظل المقاطعة وما شابهها ...الأكيد هنا أن التأثير سيهم جميع المكونات ، الشركة المنتجة والمشغلة ، والشغيلة والعمال ، والفلاحين المستفيدين من النشاط والإنتاج ، وسيكون بالتالي مؤثرا على الاقتصاد الوطني وعلى تنافسيته من حيث جذب المستثمرين ،وأيضا سيؤثر سلبا على الوضع الاجتماعي ، مع العلم أن الوضعية الاجتماعية بالبوادي تعرف أصلا هشاشة كبيرة ، وفرص الشغل نادرة وأغلبها موسمي .وإذا اعتبرنا هذا المثال نموذجا على تداعيات المقاطعة سواء بالنسبة للشركات أو بالنسبة للوضع الاقتصادي والاجتماعي ، وبالتالي دخول المقاطعة مرحلة جديدة من صيرورتها تتطلب آليات ومقاربة جديدة ومحينة من قبل المتدخلين، وهنا لا بد من الوقوف عند ملاحظة مهمة ، وهي موقف كل الشركات ، سواء المعنية بالمقاطعة أو الغير معنية أي المستفيدة راهنا من هوامش الطلب ، وفي كل المواد ، فهي كلها لم تطرح إمكانية تخفيض الأثمنة أو تجويد الخدمات ، والأنكى هو أن الحكومة بنفسها كانت تدافع على هوامش الربح التي تعتبرها معقولة أو حتى هزيلة– الرجوع إلى تصريحات الناطق الرسمي للحكومة حول أرباح شركات الحليب 4 سنتم /اللتر- .ورغم أن في الموضوع برمته مفارقات من حيث المعطيات والمقاربة بين الحكومة ومكوناتها وأعضاءها وأعضاء الحزب المشترك الذي يجمع الوزراء والبرلمانيين،وذلك في إشارة إلى تناقض الحكومة السابقة والحالية مع معطيات لجنة المالية بالبرلمان حول أرباح المحروقات وتصريحات "بوانو" الذي يعد من الأطر المقررة داخل الحزب الذي يترأس الحكومة السابقة والحالية والتي حررت أسعار البنزين والكازوال نهاية سنة 2015 من دون رصد و وضع آليات قمينة بالتحكم في السوق وفي الأثمنة بعد ذلك ...مع العلم أن المؤسسة الدستورية الموكول إليها ضبط أمر الاستهلاك وإرساء الحكامة الكفيلة بذلك ، هي مجلس المنافسة الذي لا زال مجمدا منذ سنة 2013 ، مما يفتح باب التساؤل حول مسؤولية الدولة ككل في هذا الشأن .وكخلاصة لهذا الشق ، فإن استمرار المقاطعة بشكلها الحالي ،وتأخر الحكومة في تبني موقف سليم وحكيم من الأمر سيفتح باب المغامرة أو المقامرة بالعديد من المكتسبات – على قلتها وعلاتها – التي حققها المغرب اقتصاديا من حيث الاستثمار واستقطاب الرأسمال الوطني والأجنبي ، واجتماعيا بسبب تهديد السلم الاجتماعي الهش أصلا .2- المستوى الثاني وهو إمكانيات تمدد المقاطعة وتعميمها أو سحبها على مواد ومجالات أخرى ،وذلك في إطار التماهي مع تمرين المقاطعة الحالي في حد ذاته أو كشكل من أشكال الاحتجاج أو النضال البديل، و هو التمرين الذي عرف تجاوبا كبيرا من طرف الفئات العمرية الشابة - الأقل من 40 سنة أكثر من 70 في المئة من المقاطعين – وهذه وضعية تشي بمعطيات وفرضيات كثيرة حول أسبابها وتمظهراتها الحالية والمستقبلية ، ومن الأسباب يمكن أن نذكر :- الاحتقان الاجتماعي الذي يعرفه المغرب ، وضعف القدرة الشرائية للمواطنين ،واستنزاف الفئات الوسطى واتساع الفوارق الاجتماعية والإجهاز على الطبقة الوسطى التي تعد المحرك الأساس للاقتصاد الوطني وللنشاط السياسي والاجتماعي .- تراجع الأحزاب والنقابات والتي من مهامها الأساسية مؤازرة المواطن والدفاع على حقوقه المادية والمدنية والرمزية أمام الباطرونا والمشغلين سواء في القطاع الخاص أو العام ،وأيضا باعتبارها آليات مدافعة على الحريات وعلى العدل الاجتماعي ، ثم كونها مبدئيا مؤسسات مؤطرة للمجتمع ووسيطة بين الدولة والمواطن .- ضعف أو حتى فشل النموذج التنموي بالمغرب بعد الإخفاقات التي عرفتها عدة مشاريع بقطاعات مختلفة وبالعديد من المناطق ، وللتذكير نحيل على أحداث الريف وجرادة وزاكورة وغيرها...- سحب المواطنين الثقة من المؤسسات التمثيلية نظرا لضعف الحكامة وسوء التدبير.- ضعف وهلامية العرض السياسي الذي تقدمه الأحزاب ونقاباتها، وعدم الالتزام ببرامجها وسوء تدبيرها الداخلي وتراجع الديمقراطية الداخلية وهو ما يؤكده العزوف السياسي ، والعزوف على المشاركة في الانتخابات – 43 في المئة في البرلمان 2016- وضعف نسب انتساب وانخراط المواطنين في الأحزاب وفي النقابات التي تعد ضئيلة جدا – لا تتجاوز سقف 2 في المئة من مجموع الشغيلة بالنسبة للنقابات كلها - .- التعامل والمقاربة الذي باشرت بها الشركات المعنية والحكومة حملة المقاطعة منذ انطلاقتها ، إذ بدت الحكومة مستهترة بالموضوع في البداية حد تعبير أحد أعضائها – وزير المالية – بنعت المقاطعين بالمداويخ ، تم تلت ذلك مرحلة الارتباك التي مازالت مستمرة ، في غياب قرارات سليمة ومسؤولة للتعاطي مع الأزمة التي باتت ظاهرة . كما أن الخطاب وبيداغوجيا التواصل خانت الحكومة والمعنيين بشأن تدبير المقاطعة ، عكس الداعين إليها والذين تفننوا في الترويج والاستقطاب .- تأكيد فعالية ونجاعة وسائل الاتصال الحديثة ووسائط التواصل الاجتماعي في التعبئة والاستقطاب .هذا ، مع العلم أن إمكانية تمدد أو اتساع نطاق المقاطعة تبقى واردة لتشمل مجالات أخرى أكثر حيوية وحساسية – خصوصا أمام الفراغ التأطيري أو تواريه أو غياب الإعلان عليه راهنا – مما قد يربك العديد من القطاعات ، والنموذج هو ما يتم حاليا من محاولات استقطاب للترويج والتعبئة لمقاطعة بعض الأنشطة الفنية كمهرجان موازين وغيره ...وختاما ، ورغم أن ظاهرة المقاطعة لا زالت لا تسمح بالتقييم الموضوعي والمحاصرة النظرية لكل عناصرها ومكانيزماتها ومكوناتها ، فذلك لا يلغي إبداء ملاحظات أساسية حولها ، ومنها :- كونها جسدت بالفعل إمكانية النضال الشعبي وفق منهجيات جديدة تراعي السلمية والتعبير الحضاري بصرف النظر عن النتائج وعلى ما قد يحدث في المستقبل .- أبرزت مجموعة من التناقضات التي يعرفها التدبير الحكومي والفريق الحكومي للشأن العام .- أظهرت بعض عناصر الخلل الكامن في تدبير آليات وميكانيزمات السوق وتحرير الأسعار.- برهنت مرة أخرى على تراجع أداء الأحزاب والنقابات والجمعيات المؤطرة للمستلهكين .- فتحت المجال أمام إمكانيات التعبئة الشبه عفوية والغير مؤطرة نظريا والتي قد تطال مجالات أخرى أكثر حساسية من موضوعها الحاليالمختصر في عناصر ومواد استهلاكية لشركات ضمن أخرى تم انتقاؤها من بين شركات شبيهة و مواد أخرى معوضة، مما سهل أمر الاستقطاب والانضباط في الأجراة والتفعيل .

أحمد بومعيز

دخلت حملة مقاطعة بعض المواد الاستهلاكية لثلاث شركات بالمغرب ( ماء معدني لشركة سيدي علي المغربية - الحليب ومشتقاته لشركة سنطرال/ دانون الفرنسية – المحروقات لشركة افريقيا المغربية ) دخلت مرحلة جديدة بعد أكثر من 6 أسابيع على انطلاقها . وحسب المتتبعين والصحافة وتصريحات المسؤولين ، فإن المقاطعة أثرت بالفعل على مداخيل وعائدات الشركات المعنية ،مقابل انتعاش الشركات الأخرى المنافسة والتي لا تختلف أثمنة منتوجاتها وجودة خدماتها كثيرا عن الشركات التي تهمها المقاطعة . والمرحلة الجديدة بدأت تلوح مؤشراتها بعد صمود واستمرار المقاطعة ونجاح الترويج لها على مواقع التواصل الاجتماعي ، وأيضا بسبب التعاطي السلبي للحكومة مع الموضوع برمته ،وعدم قدرتها على التحكم في الأمر، من ضعف التواصل إلى غياب التدخل والمقاربة الكفيلة بتدبير الأزمة أو تجاوزها . ويكمن تجلي المرحلة الجديدة للمقاطعة في مستويين :1- المستوى الأول هو الموقف والإجراءات المباشرة للشركات المعنية بعد التأثير السلبي على منتجاتها على المدى المتوسط والبعيد ،وتكييف مواقفها مع المقاطعة التي طالت ، وهنا يمكن الأخذ بنموذج شركة سنطرال /دانون الفرنسية التي بادرت مؤخرا بالاعتذار وطلب تفهم موقفها من الأثمنة ، مع طرح عرض خلال شهر رمضان – من دون الحديث عن خفض في الأثمنة- العرض الذي يسمح فقط بخفض الثمن مؤقتا مقابل اقتناء عدد أكبر من وحدات الحليب أو مشتقات "الياووغت" . لكنها بعد أسبوعين من العرض والاعتذار ، اتخذت منذ يومين موقفا هجوميا حسب تصريح مديرها العام ، وذلك بالتراجع على جمع الثلث ( 30 في المئة ) من كميات الحليب ، وهو ما يعني تضرر أكثر من 40000 فلاح لأن الشركة كانت تتعامل مع حوالي 120000 فلاح ، وتستحوذ على ثلثي إجمالي سوق ترويج الحليب ومشتقاته بالمغرب.وقد كان التخلي عن جمع الحليب بمبرر وصول المخزون إلى حدوده القصوى ، كما لوح نفس المصدر ببداية التخلي على العاملين بعقود المياومة لأقل من 6 أشهر ، ملمحا ومشيرا ومنتقدا في نفس الآن بالوضعية السيئة التي سيعرفها النشاط الاستثماري بالمغرب في ظل المقاطعة وما شابهها ...الأكيد هنا أن التأثير سيهم جميع المكونات ، الشركة المنتجة والمشغلة ، والشغيلة والعمال ، والفلاحين المستفيدين من النشاط والإنتاج ، وسيكون بالتالي مؤثرا على الاقتصاد الوطني وعلى تنافسيته من حيث جذب المستثمرين ،وأيضا سيؤثر سلبا على الوضع الاجتماعي ، مع العلم أن الوضعية الاجتماعية بالبوادي تعرف أصلا هشاشة كبيرة ، وفرص الشغل نادرة وأغلبها موسمي .وإذا اعتبرنا هذا المثال نموذجا على تداعيات المقاطعة سواء بالنسبة للشركات أو بالنسبة للوضع الاقتصادي والاجتماعي ، وبالتالي دخول المقاطعة مرحلة جديدة من صيرورتها تتطلب آليات ومقاربة جديدة ومحينة من قبل المتدخلين، وهنا لا بد من الوقوف عند ملاحظة مهمة ، وهي موقف كل الشركات ، سواء المعنية بالمقاطعة أو الغير معنية أي المستفيدة راهنا من هوامش الطلب ، وفي كل المواد ، فهي كلها لم تطرح إمكانية تخفيض الأثمنة أو تجويد الخدمات ، والأنكى هو أن الحكومة بنفسها كانت تدافع على هوامش الربح التي تعتبرها معقولة أو حتى هزيلة– الرجوع إلى تصريحات الناطق الرسمي للحكومة حول أرباح شركات الحليب 4 سنتم /اللتر- .ورغم أن في الموضوع برمته مفارقات من حيث المعطيات والمقاربة بين الحكومة ومكوناتها وأعضاءها وأعضاء الحزب المشترك الذي يجمع الوزراء والبرلمانيين،وذلك في إشارة إلى تناقض الحكومة السابقة والحالية مع معطيات لجنة المالية بالبرلمان حول أرباح المحروقات وتصريحات "بوانو" الذي يعد من الأطر المقررة داخل الحزب الذي يترأس الحكومة السابقة والحالية والتي حررت أسعار البنزين والكازوال نهاية سنة 2015 من دون رصد و وضع آليات قمينة بالتحكم في السوق وفي الأثمنة بعد ذلك ...مع العلم أن المؤسسة الدستورية الموكول إليها ضبط أمر الاستهلاك وإرساء الحكامة الكفيلة بذلك ، هي مجلس المنافسة الذي لا زال مجمدا منذ سنة 2013 ، مما يفتح باب التساؤل حول مسؤولية الدولة ككل في هذا الشأن .وكخلاصة لهذا الشق ، فإن استمرار المقاطعة بشكلها الحالي ،وتأخر الحكومة في تبني موقف سليم وحكيم من الأمر سيفتح باب المغامرة أو المقامرة بالعديد من المكتسبات – على قلتها وعلاتها – التي حققها المغرب اقتصاديا من حيث الاستثمار واستقطاب الرأسمال الوطني والأجنبي ، واجتماعيا بسبب تهديد السلم الاجتماعي الهش أصلا .2- المستوى الثاني وهو إمكانيات تمدد المقاطعة وتعميمها أو سحبها على مواد ومجالات أخرى ،وذلك في إطار التماهي مع تمرين المقاطعة الحالي في حد ذاته أو كشكل من أشكال الاحتجاج أو النضال البديل، و هو التمرين الذي عرف تجاوبا كبيرا من طرف الفئات العمرية الشابة - الأقل من 40 سنة أكثر من 70 في المئة من المقاطعين – وهذه وضعية تشي بمعطيات وفرضيات كثيرة حول أسبابها وتمظهراتها الحالية والمستقبلية ، ومن الأسباب يمكن أن نذكر :- الاحتقان الاجتماعي الذي يعرفه المغرب ، وضعف القدرة الشرائية للمواطنين ،واستنزاف الفئات الوسطى واتساع الفوارق الاجتماعية والإجهاز على الطبقة الوسطى التي تعد المحرك الأساس للاقتصاد الوطني وللنشاط السياسي والاجتماعي .- تراجع الأحزاب والنقابات والتي من مهامها الأساسية مؤازرة المواطن والدفاع على حقوقه المادية والمدنية والرمزية أمام الباطرونا والمشغلين سواء في القطاع الخاص أو العام ،وأيضا باعتبارها آليات مدافعة على الحريات وعلى العدل الاجتماعي ، ثم كونها مبدئيا مؤسسات مؤطرة للمجتمع ووسيطة بين الدولة والمواطن .- ضعف أو حتى فشل النموذج التنموي بالمغرب بعد الإخفاقات التي عرفتها عدة مشاريع بقطاعات مختلفة وبالعديد من المناطق ، وللتذكير نحيل على أحداث الريف وجرادة وزاكورة وغيرها...- سحب المواطنين الثقة من المؤسسات التمثيلية نظرا لضعف الحكامة وسوء التدبير.- ضعف وهلامية العرض السياسي الذي تقدمه الأحزاب ونقاباتها، وعدم الالتزام ببرامجها وسوء تدبيرها الداخلي وتراجع الديمقراطية الداخلية وهو ما يؤكده العزوف السياسي ، والعزوف على المشاركة في الانتخابات – 43 في المئة في البرلمان 2016- وضعف نسب انتساب وانخراط المواطنين في الأحزاب وفي النقابات التي تعد ضئيلة جدا – لا تتجاوز سقف 2 في المئة من مجموع الشغيلة بالنسبة للنقابات كلها - .- التعامل والمقاربة الذي باشرت بها الشركات المعنية والحكومة حملة المقاطعة منذ انطلاقتها ، إذ بدت الحكومة مستهترة بالموضوع في البداية حد تعبير أحد أعضائها – وزير المالية – بنعت المقاطعين بالمداويخ ، تم تلت ذلك مرحلة الارتباك التي مازالت مستمرة ، في غياب قرارات سليمة ومسؤولة للتعاطي مع الأزمة التي باتت ظاهرة . كما أن الخطاب وبيداغوجيا التواصل خانت الحكومة والمعنيين بشأن تدبير المقاطعة ، عكس الداعين إليها والذين تفننوا في الترويج والاستقطاب .- تأكيد فعالية ونجاعة وسائل الاتصال الحديثة ووسائط التواصل الاجتماعي في التعبئة والاستقطاب .هذا ، مع العلم أن إمكانية تمدد أو اتساع نطاق المقاطعة تبقى واردة لتشمل مجالات أخرى أكثر حيوية وحساسية – خصوصا أمام الفراغ التأطيري أو تواريه أو غياب الإعلان عليه راهنا – مما قد يربك العديد من القطاعات ، والنموذج هو ما يتم حاليا من محاولات استقطاب للترويج والتعبئة لمقاطعة بعض الأنشطة الفنية كمهرجان موازين وغيره ...وختاما ، ورغم أن ظاهرة المقاطعة لا زالت لا تسمح بالتقييم الموضوعي والمحاصرة النظرية لكل عناصرها ومكانيزماتها ومكوناتها ، فذلك لا يلغي إبداء ملاحظات أساسية حولها ، ومنها :- كونها جسدت بالفعل إمكانية النضال الشعبي وفق منهجيات جديدة تراعي السلمية والتعبير الحضاري بصرف النظر عن النتائج وعلى ما قد يحدث في المستقبل .- أبرزت مجموعة من التناقضات التي يعرفها التدبير الحكومي والفريق الحكومي للشأن العام .- أظهرت بعض عناصر الخلل الكامن في تدبير آليات وميكانيزمات السوق وتحرير الأسعار.- برهنت مرة أخرى على تراجع أداء الأحزاب والنقابات والجمعيات المؤطرة للمستلهكين .- فتحت المجال أمام إمكانيات التعبئة الشبه عفوية والغير مؤطرة نظريا والتي قد تطال مجالات أخرى أكثر حساسية من موضوعها الحاليالمختصر في عناصر ومواد استهلاكية لشركات ضمن أخرى تم انتقاؤها من بين شركات شبيهة و مواد أخرى معوضة، مما سهل أمر الاستقطاب والانضباط في الأجراة والتفعيل .

أحمد بومعيز



اقرأ أيضاً
كهربة “TGV” القنيطرة-مراكش تتسارع
أطلق المكتب الوطني للسكك الحديدية (ONCF)، مؤخرًا طلب عروض يهدف إلى تطوير نظام متطور للتحكم عن بعد في الشبكة الكهربائية لخط القطار فائق السرعة الذي سيربط بين القنيطرة ومراكش.  ويهدف هذا المشروع إلى دمج المحطات الكهربائية الجديدة ومحطات الفصل التي سيتم إنشاؤها على طول الخط المستقبلي ضمن نظام المراقبة المركزي SCADA SHERPA المتطور، والذي يعمل حاليًا بكفاءة في مركز التحكم بالرباط أكدال. والأكثر من ذلك، سيتم ربط المنشآت الكهربائية القائمة بين فاس ومراكش بهذا النظام الموحد، مما سيضمن إدارة مركزية وفعالة لإمدادات الطاقة على امتداد هذا المحور الحيوي. وتعتمد هذه التحديثات الجذرية على تبني أحدث التقنيات في مجال التحكم والأتمتة، بما في ذلك استخدام وحدات تحكم منطقية قابلة للبرمجة (API) من شركات مثل ELITEL و PHOENIX CONTACT. كما سيتم الاعتماد على شبكة ألياف بصرية عالية السرعة لضمان نقل البيانات بشكل موثوق وسريع بين مختلف المحطات ومركز المراقبة. ولتعزيز موثوقية النظام، سيتم توفير اتصال احتياطي من قبل الشركة التي سيقع عليها الاختيار لتنفيذ المشروع. ولتحسين التفاعل بين المشغلين والنظام، سيتم تطوير واجهات مستخدم متطورة (IHM)، بالإضافة إلى ربط أجهزة الاستشعار وقواطع الدائرة بأنظمة التحكم. هذه التحسينات ستمكن من إصدار وتنفيذ أوامر التشغيل عن بعد بدقة وسرعة فائقتين، مع الحفاظ على أعلى معايير السلامة. وفقًا للوثائق الفنية، يضم الشبكة الحديدية الوطنية حاليًا 54 محطة تحويل و15 محطة فصل، جميعها متصلة بمراكز التحكم في الرباط والدار البيضاء. وسيتم تجهيز المحطات الجديدة بنفس المعايير التكنولوجية: الأتمتة، أنظمة الحماية ضد الأعطال، الإدارة الذكية لتدفق الطاقة، بالإضافة إلى أجهزة الكشف المبكر عن الحرائق والتسلل. إلى جانب الجوانب التقنية، يشمل المشروع أيضًا تنفيذ أعمال هندسة مدنية ضرورية، مثل تهيئة المواقع وتركيب الكابلات الأرضية وإنشاء المباني التقنية وتوصيلها بشبكات الطاقة والبيانات. هذا التكامل الشامل يضمن إنجاز المشروع وفقًا لأعلى المعايير الهندسية والتشغيلية.
إقتصاد

ارتفاع قيمة المنتوجات للصيد الساحلي والتقليدي بـ2 في المائة عند متم أبريل
أفاد المكتب الوطني للصيد أن المنتوجات التجارية للصيد الساحلي والتقليدي سجلت، من حيث القيمة، ارتفاعا بنسبة 2 في المائة أي أكثر من 3،65 مليار درهم عند متم أبريل 2025. ويشير المكتب في تقريره الأخير عن إحصائيات الصيد الساحلي والتقليدي بالمغرب، الى أن وزن هذه المنتوجات قد بلغ 206.666 طن بانخفاض قدره 23 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية. ومن حيث النوع، انخفض معدل الأسماك البحرية الصغيرة بنسبة 31 في المائة إلى 138.628 طن، كما انخفضت القيمة المرتبطة هي الأخرى بنسبة 23 في المائة لتبلغ 634،64 مليون درهم، في حين شهدت المنتوجات كالمحار نموا ملحوظا بنسبة 165 في المائة ب46 طن منزلة، وارتفاعا في قيمتها بنسبة 248 في المائة. ويشير نفس المصدر إلى أن معدل القشريات سجل انخفاضا طفيفا بنسبة 8 في المائة مع استقرار في قيمتها ب2.222 طن مقابل 125،5 مليون درهم. في حين ارتفع معدل الأسماك البيضاء بنسبة 14 في المائة إلى 38.507 طن مع ارتفاع في قيمتها بنسبة 12 في المائة مقابل 706 مليون درهم. وفيما يخص الأعشاب البحرية، فقد ازداد معدلها بشكل ملحوظ بلغت نسبته 71 في المائة مقابل 1.292 طن، بينما انخفضت قيمتها بنسبة 62 في المائة لتبلغ 4،8 مليون درهم. وعلى مستوى الموانئ، تم تفريغ ما مجموعه 5.431 طن من منتوجات الصيد الساحلي والتقليدي بمداخل الموانئ المتوسطية عند متم أبريل 2025، مسجلة ارتفاعا بنسبة 5 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية. ومن حيث القيمة، فقد تقدمت هذه الموانئ بنسبة 11 في المائة مقابل ما يزيد عن 285،56 مليون درهم. وفيما يتعلق بالموانئ التي تقع على المحيط الأطلسي، فقد تراجعت من حيث الوزن بنسبة 24 في المائة بما يعادل 201.235 طن، فيما ارتفعت قيمتها ب2 في المائة بما يعادل حوالي 3،31 مليار درهم.
إقتصاد

التحقيق في معاملات مشبوهة بالبورصة
رصد مراقبو الهيأة المغربية لسوق الرساميل تحركات غير عادية في أسعار بعض الأسهم المدرجة ببورصة الدار البيضاء، بعد أن شهدت تغيرات متتالية وسريعة في فترات زمنية قصيرة، ما أثار شبهات حول احتمال وجود تلاعب في السوق. هذه المؤشرات دفعت المراقبين إلى فتح تحقيق رسمي لتحديد الأسباب الكامنة وراء هذه التقلبات غير المبررة. وكتبت جريدة "الصباح" أن التحقيقات الجارية تهم سلوكيات قد تُصنف ضمن محاولات التأثير على الأسعار، من خلال أوامر بيع وشراء مشبوهة تم تنفيذها عبر الإنترنت من قبل مستثمرين أفراد. وتهدف هذه التحريات إلى التأكد من مدى احترام قواعد الشفافية والسير العادي للمعاملات داخل السوق المالية. وبحسب المصدر ذاته، فقد سجلت بعض الأسهم انخفاضات متتالية تلتها ارتفاعات مفاجئة، دون وجود أخبار أو معطيات اقتصادية تبرر هذه الحركية، ما عزز فرضية وجود مضاربات أو استخدام معلومات داخلية سرية (Délit d’initié). وتخضع هذه العمليات حاليا لمراقبة دقيقة، تشمل التأكد من مدى التزام الشركات المدرجة وشركات الوساطة المالية بقواعد الحكامة، والامتثال للنصوص القانونية والتنظيمية المؤطرة لنشاط السوق. كما تراقب الهيأة فعالية الوسائل التقنية والموارد البشرية والتنظيمية التي تعتمدها هذه المقاولات، بما يضمن استمرار نشاطها في احترام تام للضوابط المعمول بها. وبعد الانتهاء من التحقيقات، يتم عرض نتائجها على رئيس المجلس التأديبي، الذي يصدر رأيًا يُحال على رئاسة الهيأة المغربية لسوق الرساميل لاتخاذ القرار المناسب، والذي قد يتراوح بين فرض عقوبات إدارية، حفظ الملف، أو إحالته على النيابة العامة في حال الاشتباه بوجود أفعال ذات طابع جنائي. وتخضع جميع التقارير التي تتوصل بها الهيأة لعمليات تدقيق دقيقة، تركز على شمولية المعلومات وتناسقها واحترامها للآجال. كما تعتمد المراقبة على تحليل مؤشرات متنوعة، مثل حجم المعاملات، الإشعارات، الأصول، والتدفقات المالية المنجزة أو المعلقة.
إقتصاد

خط جوي جديد نحو مراكش انطلاقًا من مطار بياريتز
أعلن مطار بياريتز بايز باسك، يومه الخميس 15 ماي الجاري، عن إطلاق خط جوي جديد نحو مدينة مراكش، ابتداءً من 21 أكتوبر المقبل. وسيشهد هذا الخط، الذي يُعد الأول من نوعه خارج القارة الأوروبية انطلاقًا من المطار، رحلتين أسبوعيًا تؤمنهما شركة "ترانسافيا"، التابعة لمجموعة "إير فرانس - كيه إل إم" والمتخصصة في الرحلات منخفضة التكلفة. ويأتي هذا القرار في سياق تنويع وجهات مطار بياريتز، الذي كانت جميع رحلاته الـ24 تقتصر حتى الآن على مدن داخل فرنسا أو تقع في شمال وغرب أوروبا. ويُرتقب أن يُساهم هذا الخط الجديد في تعزيز الربط الجوي بين جنوب غرب فرنسا والمغرب، خاصة مع الإقبال المتزايد على مدينة مراكش كوجهة سياحية عالمية.
إقتصاد

يونس مجاهد يكتب: حرية الصحافة المزعومة
يونس مجاهديشكل الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يصادف الثالث من شهر ماي كل سنة، مناسبة أخرى للحديث عن القضايا المرتبطة بممارسة هذه الحرية، وخاصة التضييق الذي يمارس لمنعها أو الحد منها، غير أنه قلما تناقش أخلاقيات الصحافة، في علاقتها بالحرية، رغم أن هناك تكاملا بين المبدأين، يجعل من جودة الصحافة، رديفا للالتزام بأخلاقياتها، لأن الصحافة الرديئة ليست ممارسة للحرية، بل على العكس، إنها مجرد تضليل للجمهور ونشر لأخبار كاذبة، وتشهير وارتزاق وابتزاز... وهي بذلك لا تستجيب لتطلعات المجتمع، بل تؤثر سلبا على حرية الصحافة وادوارها الاجتماعية.وانطلاقا من هذا المنظور الذي يعتبر أن الوظيفة الاجتماعية هي الغاية الرئيسية للممارسة الصحافية، تطور استعمال المعيار الاجتماعي، لتصحيح الانحرافات التي تصيب هذه المهنة، فرغم اعتماد مواثيق الأخلاقيات وهيئات التنظيم الذاتي، في العديد من البلدان المتقدمة في المجال الديمقراطي، إلا أنها ظلت تلجأ باستمرار لمراجعات مختلفة، لعلاقة الصحافة بالمجتمع. وفيهذا الصدد يمكن العودة إلى ما حصل في الولايات المتحدة، سنة 1942، حين تم إحداث لجنة هاتشينز، من طرف جامعة شيكاغو، بطلب من مؤسس مجلة تايم، هنري لوس، التي عينت على رأسها روبرت ماينارد هاتشينز. اشتغلت هذه اللجنة لمدة خمس سنوات، ونشرت تقريرها تحت عنوان "صحافة حرة ومسؤولة". ومما ورد فيه، وجود تناقض بين المفهوم التقليدي لحرية الصحافة، وضرورة التحلي بالمسؤولية. فالمسؤولية واحترام القانون، ليس في حد ذاتهما تضييقاعلى حرية الصحافة، بل على العكس، يمكن أن يكونا تعبيرا أصيلا عن حرية إيجابية، لكنهما ضد حرية اللامبالاة. ويضيف التقرير؛ لقد أصبح من المعتاد اليوم أن تكون حرية الصحافة المزعومة، عبارة عن لا مسؤولية اجتماعية، لذا على الصحافة أن تعرف أن أخطاءها وأهواءها لم تعد ملكية خاصة لها، فهي تشكل خطرا على المجتمع، لأنها عندما تخطئ، فإنها تضلل الرأي العام، فنحن أمام تحدٍ؛ على الصحافة أن تظل نشاطا حرا وخاصا، لكن ليس لها الحق في أن تخطئ، لأنها تؤدي وظيفة مرفق عام. كان لهذا التقرير تأثير كبير في الحقل الصحافي، آنذاك، لأنه استعمل مفهوم المسؤولية الاجتماعية، واعتبر أن للصحافة وظائف أساسية، في تقديم معلومات وافية من خلال بحث وتدقيق، حول الأحداث اليومية، ضمن سياق واضح، وأن تكون منتدى للنقاش ولممارسة التعددية والحق في الاختلاف، وتنفتح على مختلف فئات المجتمع، بمساواة وإنصاف، وتتجنب الأفكار المسبقة والصور النمطية... ومن أشهر التقارير التي عرفتها، أيضا البلدان الديمقراطية، "تقرير ليفيسون"، الذي هو عبارة عن خلاصات تحقيق عام أجري في المملكة المتحدة بين عامي 2011 و2012، برئاسة القاضي براين ليفيسون، الذي كلفته الحكومة، بإنجاز افتحاص شامل حول ممارسة الصحافة ومدى التزامها بالأخلاقيات. ومن أهم توصياته؛ إنشاء هيئة جديدة مستقلة لتنظيم الصحافة، عبر تشريع قانوني، وتعزيز حماية الأفراد من انتهاكات الخصوصية ومن التشهير... وبناء على هذا التقرير تم اعتماد "ميثاق ملكي" للتنظيم الذاتي، صادق عليه البرلمان. ومازالت الأحزاب السياسية في هذا البلد تناقش الطرق المثلى الممكنة للتوصل إلى صيغة قانونية لتنفيذه، بالتوافق مع الناشرين. ويعتبر العديد من الباحثين في مجال الصحافة، أنه لا يمكن تصور الجودة في الصحافة، دون احترام أخلاقياتها، وحول هذا الموضوع، نظم منتدى الصحافة في الأرجنتين، ندوة دولية بمشاركة أكاديميين، صدرت في كتاب سنة 2007، تحت عنوان "صحافة الجودة: نقاشات وتحديات"، ناقش هذا الإشكال من مختلف جوانبه، وكانت خلاصته الرئيسية، أن الجودة والأخلاقيات وجهان لعملة واحدة. الجودة في البحث والتقصي وتدقيق المعلومات والتأكد من المعطيات، احترام الخصوصيات، الامتناع عن ممارسة السب والقذف، استعمال اللغة بشكل صحيح وراقٍ، تجنب الأخطاء اللغوية... ومن مصادر هذا الكتاب، البحث الذي نشرته الأستاذة الجامعية الإسبانية، المتخصصة في أخلاقيات الصحافة، صوريا كارلوس، تحت عنوان "الأمراض النفسية للأخلاقيات في المؤسسات الإخبارية"، حيث اعتبرت أن هناك أربعة أسباب تفرض الالتزام بأخلاقيات الصحافة؛ أولها، أن الأشخاص الذين يربحون قوت يومهم من خلال انتقاد الآخرين، تقع عليهم مسؤولية أن يكون تفكيرهم غير مثير للانتقاد، ثانيها، الاشتغال قليلا، بشكل رديء، بدون احترام القواعد والجودة المطلوبة، يشكل أول انتهاك للأخلاقيات، ثالثها، أن القانون وحده لا يكفي، فعلى المؤسسات أن تضع أنظمة داخلية لاحترام أخلاقيات الصحافة، رابعها، حتى تكون هناك مقاولات صحافية قوية وموحدة، عليها أن تتوفر على منظومة قيم، وثقافة أخلاقية مشتركة. إن كل حديث عن حرية الصحافة، دون استحضار شروط ممارستها، يظل مجرد شعارات فارغة، فبالإضافة إلى ضرورة العمل على توفير الإطار القانوني الذي يسمح بممارسة الحرية، فإن الأهم هو أن تلتزم الصحافة بالقواعد المهنية والمبادئ الأخلاقية، وتستند على منظومة القيم، المتعارف عليها عالميا في ميدان الصحافة، داخل إطار مؤسساتي قوي، وأنظمة داخلية يتم فيها تقاسم المسؤولية المشتركة، كل هذا لا يمكن أن يكون إلا في مقاولات صحافية مهيكلة بشكل محترف، تتوفر على إمكانات مادية وموارد بشرية، قادرة على تقديم منتوج يليق بمكانة الصحافة ويتجاوب مع متطلبات مسؤوليتها الاجتماعية.
ساحة

هرماس يسائل والي الجهة ووالي الامن.. هل أعلنتما انهزام السلطة أمام عربدة سائقي سيارات الأجرة؟
حسن هرماس السيدان الواليان المحترمان، كلما حللت بالمدينة الحمراء، التي امضيت فيها جزءا غير يسير من مساري المهني كصحافي، وارتبطت بها من الناحية الوجدانية والعائلية، إلا وشعرت بنوع من المرارة والأسى اتجاه بعض الممارسات المشينة التي تتغذى من مستنقع الفوضى والابتزاز، لدرجة أنني أصبحت أتخيل أن السلطات الأمنية والسلطات الولائية قدمتا معا استقالتها من ممارسة جزء من وظيفتها، وأعلنتا انهزامهما في مبارزة استأسد فيها "الخصم"، وما هو بخصم، وتجبر بلا حد ولا قيود. السيدان الواليان، أنا على يقين أنكما على بينة من العربدة والتجبر الذي عات بلا حدود في عدد من الأماكن المسموح فيها بتوقف سائقي سيارات الأجرة الصغيرة منها والكبيرة لنقل الركاب، مواطنين وسياحا، مغاربة وأجانب، نحو وجهاتهم، ومن ضمنها الساحة المحاذية لمحطة قطار مراكش، والساحة المواجهة لقنصلية فرنسا على مقربة من ساحة جامع لفنا...، ومبعث يقيني أنكما على علم بالأمر يستند إلى أن وظيفتكما الأساسية هي السهر على استتباب النظام والقانون، وتجسيد سلطة الدولة على أرض الواقع، وهذه المهمة الرهيبة، بمعناها الإيجابي، تستمدانها من الظهير الشريف ومن قرار تعيينكما في موقعي المسؤولية التي تتقلدانها.السيدان الواليان المحترمان، حللت بأرض البهجة ظهيرة يوم الإثنين 21 أبريل 2025، على متن رحلة قطار قادم الرباط، وأنا جد مزهو بنشوة اللقاءات التي جمعتني على مدى ثلاثة أيام مع الكتاب والإعلاميين والمثقفين في عاصمة المملكة بمناسبة الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب... ولا أخفيكما الإحباط والانكسار اللذين أصبت بهما وأنا أغادر محطة القطار باحثا عن سيارة أجرة تقلني اتجاه حي تاركة، حتى خيل إلى أنني في مغربين اثنين: مغرب الرباط حيث يشعر الإنسان بالاحترام والطمأنينة والحق في الخدمة العمومية المؤدى عنها، ومغرب مراكش الذي استأسد فيه، دون حسيب ولا رقيب، طغمة من منعدمي الضمير وقليلي الأخلاق ومحترفي المساومة والابتزاز ، وهم جزء ـ وليس كل ـ من سائقي سيارات الأجرة، ومنافسيهم الممارسين للمهنة خارج القانون. فخلال ثلاثة أرباع الساعة، بقيت "مشوجر" ، ( بتعبير أهل المدينة)، قبالة طابور من سيارات الأجرة المتوقفة، وبين الفينة والأخرى يأتي سائق السيارة مصحوبا بسائح (ين) أجنبي، ولا أحد غير السياح الأجانب، في هيئة تشي بأنه حصل على غنيمة، بينما يبدو السائح(ين)، وكأنهم "يساقون إلى المقصلة وهم ينظرون". بعدما تبين لي أن لا حظ لي في العثور على سيارة أجرة صغيرة في الموقف المجاور لمحطة القطار، على الرغم من أن عددا من السيارات ما تزال متوقفة في غياب السائقين الذين يترصدون "الهموز" داخل محطة القطار، توجهت نحو الشارع الذي يشكل امتداد لشارع محمد السادس، لعل سيارة أجرة مارة في نفس الاتجاه الذي أقصده تتوقف ... لكن دون جدوى. بل بمجرد ما أشرت على سيارة الأجرة الأولى حتى باغثني شخص بالسؤال عن وجهتي، سألته من أنت، قال لي :"طالب معاشو، عندي طاموبيلتي تنهز لبلايص"...، وأضاف قائلا: "راك غير كتضيع وقتك، ما غادي توقف ليك حتى طاكسي فهاد البلاصة"،اضطررت لأخبره عن وجهتى وهي "تاركة"، لأنني صاحب حاجة، قال لي 40 درهم... أتعرفان بماذا أجبته، سيداي الواليان؟ قلت لمن ادعى أنه "طالب معاشو": " ما عند الميت ما يدير قدام غسالو"، ورضخت للابتزاز.على امتداد المسار الرابط بين محطة قطار مراكش وحي تاركة، والذي اعتدت أن أؤدي مقابله 17 درهما عند العودة، تراءت لي مجموعة من الوقائع المشينة التي تخدش محيى مدينة البهجة، ومن ضمنها واقعة السائح الأجنبي الإنجليزي الجنسية الذي سبق له ، قبل شهور معدودة، أن تعرض للنصب من طرف سائق سيارة أجرة صغيرة بعدما حل بمطار مراكش المنارة، وهي الحادثة التي وثقها بالصوت والصورة، وتتبعها ملايين المشاهدين عبر العالم في قناته على اليوتوب.وإذا كان هذا السائح الأجنبي قد جهر بهذه الطريقة الفاضحة بتعرضه للظلم في بلد اسمه المغرب، له تاريخ ولديه ترسانة كبيرة من القوانين، وهو ما حز في أنفس حشد كبير من المغاربة مما اضطر السلطات إلى اتخاذ إجراءات تنظيمية وردعية للحيلولة دون تكرار فضيحة أخرى في مطار المنارة، فإن ما يقع في محيط محطة قطار مراكش، وعلى مقربة من ساحة جامع لفنا بشكل يومي، بل في كل ساعة وحين، لا يقل خطورة عن الواقعة السالف ذكرها، وهذا ما ينذر ـ لا قدر الله ـ بما هو أخطر وأفظع ما لم تتحرك السلطات الأمنية وسلطات ولاية مراكش للقيام بواجبها في فرض هبة الدولة وسيادة القانون. فاللهم هل بلغت، اللهم فاشهد.    
ساحة

محمد بنطلحة الدكالي يكتب: الروح الرياضية بالجزائر…داء العطب قديم
أمام الانتصارات المتتالية للدبلوماسية المغربية والنكسات والهزائم لجيران السوء،يبدو أن دولة العالم الآخر باتت تعيش أعراض الهلوسة والخرف،وهو داء عطب قديم إسمه" المروك". من بين الذكريات التي يتغنى بها حفدة الشهداء،واقعة كروية حدثت وقائعها في9 دجنبر1979 بين المغرب والجزائر،انتهت بفوزهم كما هو معلوم...ومنذ ذلك الحين والأبواق الإعلامية تكتب عن هذا" النصر" العظيم الذي مضت عليه46 سنة. ولأن مرض الهلوسة تزداد تهيؤاته بازدياد حدته،يبدو أن الكراغلة باتوا منذ الآن يترقبون مقابلة شباب قسنطينة أمام نهضة بركان المغربي. تطالعنا اليوم جريدة الشروق بمقال يحمل عنوان:" الرئيس تبون يحرص على مرافقة السياسي ودعمه في مواجهته ضد نهضة بركان المغربي"...! لقد أكد المقال أن زعيم الكراغلة سيتكفل بكامل مصاريف تنقل وإقامة ممثل الكرة الجزائرية في المغرب،علما أن وزير الشباب والرياضة،وليد صادي،وخلال حضوره مأدبة العشاء التي أقامها والي الولاية صيودة،كان قد نقل للنادي القسنطيني إدارة ولاعبين دعم رئيس الجمهورية ومساندته المطلقة للفريق في مواجهته أمام نهضة بركان...ومن ثمة ضمان تنشيط النهائي الإفريقي القادم ودخول التاريخ من بابه الواسع...! سبحان الله معشر الكراغلة،دخول التاريخ،شافاكم الله،يكون عبر الاختراعات والإنجازات،وتوفير لتر حليب وكسرة خبز لكل جائع،وذلك أضعف الإيمان. دخول التاريخ يكون عبر التلاحم والتآزر،لأننا دم واحد وتاريخ مشترك. أما وأنتم تشحنون المدرب خير الدين ماضوي وكأنه متوجه إلى ساحة الحرب،وتأمرون اللاعبين بوقرة ومداحي وكأنهما قائدا فريق مشاة...! إسمحوا لي أن أعترف،أني بت أشفق عليكم،وأدعو الله أن يتدبر أمر الحرارة المفرطةالتي تسكنكم. ونحن ندعو لكم بالشفاء معشر الكراغلة،نذكركم أنه وطوال التاريخ،ومنذ الحضارة الإغريقية التي عرفت ألعاب أثينا،ظلت الرياضة عنوانا للفرجة والتآخي والتعارف بين الشعوب لما تمثله من قيم إنسانية نبيلة،إنها تنشر السلام وتشجع على التسامح والاحترام وسمو الأخلاق،والرياضة بمعناها الصحيح ترفض أن تكون وسيلة لغاية أخرى لأنها منبع القيم السامية المثلى حين تنتصر الروح الرياضية. إننا نشفق عليكم،ونرثي لحالكم حين تعتبرون انتصارا صغيرا في كرة القدم عن طريق ضربات الحظ،عيدا وطنيا وملحمة بطولية،محاولين تهدئة الشارع الذي يعرف حراكا شعبيا. لقد ضاق الشعب الجزائري الشقيق درعا من ضيق العيش ومحنة الطوابير والرعب اليومي الجاثم على النفوس... الرياضة أخلاق وسمو إنساني نبيل...حاولوا أن تستفيقوا من غيكم،رغم أن داء العطب قديم... محمد بنطلحة الدكالي
ساحة

صرخة من قلب المهنة: الفوضى تُهين الإرشاد السياحي بمراكش
في سياق التحديات التي تعصف بمهنة الإرشاد السياحي في مراكش، يعرض هذا المقال وجهة نظر عدد من المرشدين السياحيين الذين يعانون من تدهور أوضاعهم المهنية بسبب ظواهر التسيب والتنظيم غير القانوني داخل القطاع. ومن المهم التنويه إلى أن ما يطرحه هذا المقال يعكس آراء مجموعة من المهنيين الذين يواجهون هذه التحديات بشكل يومي، وهذا نص المقال: "الانتسابات غير القانونية، المنافسة الفوضوية، وتواطؤ الصمت... من يُنقذ كرامة المرشدين؟ الوضع لم يعد يحتمل. مهنة الإرشاد السياحي، التي لطالما كانت واجهة حضارية للمغرب، تتعرض اليوم في مراكش لتشويه ممنهج، وسط تراخٍ واضح من السلطات المحلية والمركزية، وصمت مريب من الهيئات المهنية والتنظيمية. منذ سنوات، والمرشدون النظاميون يرفعون الصوت في وجه ظاهرة تتفشى في الخفاء: مرشدون غير مُعيّنين في المدينة يحصلون على انتساب غير قانوني داخل جمعية مهنية محلية، ويزاولون عملهم بشكل حرّ، ضاربين عرض الحائط بقوانين التعيين والتنظيم. القانون يُنتَهك والمهنة تنهار ما يجري ليس فقط خرقًا إداريًا، بل تقويض لمبادئ العدالة المهنية. المرشدون غير المعينين في مراكش يتعللون بأن القانون يمنحهم هذا الحق، مستندين إلى تأويلات شخصية تخدم مصالحهم، دون اعتبار للواقع القانوني أو الإداري، في وقت يُقصى فيه المرشدون الملتزمون ويُجبرون على تقبل التهميش. كرامة المرشد تُباع في سوق الأسعار تدهور آخر يسجله المهنيون يتمثل في اشتعال حرب أسعار مدمرة، حيث يعمد بعض المرشدين إلى خفض تسعيرتهم بشكل مبالغ فيه، ما يؤدي إلى ضرب جودة الخدمات في العمق، والإضرار بسمعة المدينة لدى السياح. "عندما يتحول المرشد إلى بائع خدمة رخيصة، فإن التفاعل، والمعلومة، والاحترافية تكون أولى الضحايا"، يقول أحد المرشدين المحليين. جمعيات متهمة... وسلطات غائبة عدد من الأصوات داخل القطاع تتهم بعض الجمعيات بالتواطؤ، حيث تُمنح بطاقات الانتساب بشكل غير قانوني، وأحيانًا مقابل مبالغ مالية، دون احترام لشروط التعيين الترابي ولا ضوابط المزاولة. المرشدون يطالبون اليوم بتحقيق رسمي في هذه الانتسابات، ومساءلة الجهات التي تغضّ الطرف عن هذه الفوضى، والتي تهدد المهنة من الداخل. السياحة تتطور... والمهنة تتآكل في وقت تتغير فيه تطلعات السياح نحو تجارب غنية، وتفاعلية، ومستدامة، يواجه المرشدون الملتزمون خطر الإقصاء على يد فوضى تنظيمية تُفرّغ المهنة من معناها وقيمتها الثقافية. المرشدون يطالبون بالتحرك... الآن! دعوات متصاعدة لإيقاف النزيف: فتح تحقيق عاجل في الانتسابات العشوائية؛ توقيف غير الملتزمين بالتعيين الرسمي؛ إصلاح جذري لهياكل الجمعيات المهنية؛ وتدخل فعلي لوزارة السياحة وولاية الجهة قبل فوات الأوان."
ساحة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور
الأكثر قراءة

إقتصاد

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الجمعة 16 مايو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة