الاثنين 31 مارس 2025, 05:10

إقتصاد
ساحة

“المقاطعة” بين التمرين الشعبي والنضال البديل


كشـ24 نشر في: 31 مايو 2018

دخلت حملة مقاطعة بعض المواد الاستهلاكية لثلاث شركات بالمغرب ( ماء معدني لشركة سيدي علي المغربية - الحليب ومشتقاته لشركة سنطرال/ دانون الفرنسية – المحروقات لشركة افريقيا المغربية ) دخلت مرحلة جديدة بعد أكثر من 6 أسابيع على انطلاقها . وحسب المتتبعين والصحافة وتصريحات المسؤولين ، فإن المقاطعة أثرت بالفعل على مداخيل وعائدات الشركات المعنية ،مقابل انتعاش الشركات الأخرى المنافسة والتي لا تختلف أثمنة منتوجاتها وجودة خدماتها كثيرا عن الشركات التي تهمها المقاطعة . والمرحلة الجديدة بدأت تلوح مؤشراتها بعد صمود واستمرار المقاطعة ونجاح الترويج لها على مواقع التواصل الاجتماعي ، وأيضا بسبب التعاطي السلبي للحكومة مع الموضوع برمته ،وعدم قدرتها على التحكم في الأمر، من ضعف التواصل إلى غياب التدخل والمقاربة الكفيلة بتدبير الأزمة أو تجاوزها . ويكمن تجلي المرحلة الجديدة للمقاطعة في مستويين :1- المستوى الأول هو الموقف والإجراءات المباشرة للشركات المعنية بعد التأثير السلبي على منتجاتها على المدى المتوسط والبعيد ،وتكييف مواقفها مع المقاطعة التي طالت ، وهنا يمكن الأخذ بنموذج شركة سنطرال /دانون الفرنسية التي بادرت مؤخرا بالاعتذار وطلب تفهم موقفها من الأثمنة ، مع طرح عرض خلال شهر رمضان – من دون الحديث عن خفض في الأثمنة- العرض الذي يسمح فقط بخفض الثمن مؤقتا مقابل اقتناء عدد أكبر من وحدات الحليب أو مشتقات "الياووغت" . لكنها بعد أسبوعين من العرض والاعتذار ، اتخذت منذ يومين موقفا هجوميا حسب تصريح مديرها العام ، وذلك بالتراجع على جمع الثلث ( 30 في المئة ) من كميات الحليب ، وهو ما يعني تضرر أكثر من 40000 فلاح لأن الشركة كانت تتعامل مع حوالي 120000 فلاح ، وتستحوذ على ثلثي إجمالي سوق ترويج الحليب ومشتقاته بالمغرب.وقد كان التخلي عن جمع الحليب بمبرر وصول المخزون إلى حدوده القصوى ، كما لوح نفس المصدر ببداية التخلي على العاملين بعقود المياومة لأقل من 6 أشهر ، ملمحا ومشيرا ومنتقدا في نفس الآن بالوضعية السيئة التي سيعرفها النشاط الاستثماري بالمغرب في ظل المقاطعة وما شابهها ...الأكيد هنا أن التأثير سيهم جميع المكونات ، الشركة المنتجة والمشغلة ، والشغيلة والعمال ، والفلاحين المستفيدين من النشاط والإنتاج ، وسيكون بالتالي مؤثرا على الاقتصاد الوطني وعلى تنافسيته من حيث جذب المستثمرين ،وأيضا سيؤثر سلبا على الوضع الاجتماعي ، مع العلم أن الوضعية الاجتماعية بالبوادي تعرف أصلا هشاشة كبيرة ، وفرص الشغل نادرة وأغلبها موسمي .وإذا اعتبرنا هذا المثال نموذجا على تداعيات المقاطعة سواء بالنسبة للشركات أو بالنسبة للوضع الاقتصادي والاجتماعي ، وبالتالي دخول المقاطعة مرحلة جديدة من صيرورتها تتطلب آليات ومقاربة جديدة ومحينة من قبل المتدخلين، وهنا لا بد من الوقوف عند ملاحظة مهمة ، وهي موقف كل الشركات ، سواء المعنية بالمقاطعة أو الغير معنية أي المستفيدة راهنا من هوامش الطلب ، وفي كل المواد ، فهي كلها لم تطرح إمكانية تخفيض الأثمنة أو تجويد الخدمات ، والأنكى هو أن الحكومة بنفسها كانت تدافع على هوامش الربح التي تعتبرها معقولة أو حتى هزيلة– الرجوع إلى تصريحات الناطق الرسمي للحكومة حول أرباح شركات الحليب 4 سنتم /اللتر- .ورغم أن في الموضوع برمته مفارقات من حيث المعطيات والمقاربة بين الحكومة ومكوناتها وأعضاءها وأعضاء الحزب المشترك الذي يجمع الوزراء والبرلمانيين،وذلك في إشارة إلى تناقض الحكومة السابقة والحالية مع معطيات لجنة المالية بالبرلمان حول أرباح المحروقات وتصريحات "بوانو" الذي يعد من الأطر المقررة داخل الحزب الذي يترأس الحكومة السابقة والحالية والتي حررت أسعار البنزين والكازوال نهاية سنة 2015 من دون رصد و وضع آليات قمينة بالتحكم في السوق وفي الأثمنة بعد ذلك ...مع العلم أن المؤسسة الدستورية الموكول إليها ضبط أمر الاستهلاك وإرساء الحكامة الكفيلة بذلك ، هي مجلس المنافسة الذي لا زال مجمدا منذ سنة 2013 ، مما يفتح باب التساؤل حول مسؤولية الدولة ككل في هذا الشأن .وكخلاصة لهذا الشق ، فإن استمرار المقاطعة بشكلها الحالي ،وتأخر الحكومة في تبني موقف سليم وحكيم من الأمر سيفتح باب المغامرة أو المقامرة بالعديد من المكتسبات – على قلتها وعلاتها – التي حققها المغرب اقتصاديا من حيث الاستثمار واستقطاب الرأسمال الوطني والأجنبي ، واجتماعيا بسبب تهديد السلم الاجتماعي الهش أصلا .2- المستوى الثاني وهو إمكانيات تمدد المقاطعة وتعميمها أو سحبها على مواد ومجالات أخرى ،وذلك في إطار التماهي مع تمرين المقاطعة الحالي في حد ذاته أو كشكل من أشكال الاحتجاج أو النضال البديل، و هو التمرين الذي عرف تجاوبا كبيرا من طرف الفئات العمرية الشابة - الأقل من 40 سنة أكثر من 70 في المئة من المقاطعين – وهذه وضعية تشي بمعطيات وفرضيات كثيرة حول أسبابها وتمظهراتها الحالية والمستقبلية ، ومن الأسباب يمكن أن نذكر :- الاحتقان الاجتماعي الذي يعرفه المغرب ، وضعف القدرة الشرائية للمواطنين ،واستنزاف الفئات الوسطى واتساع الفوارق الاجتماعية والإجهاز على الطبقة الوسطى التي تعد المحرك الأساس للاقتصاد الوطني وللنشاط السياسي والاجتماعي .- تراجع الأحزاب والنقابات والتي من مهامها الأساسية مؤازرة المواطن والدفاع على حقوقه المادية والمدنية والرمزية أمام الباطرونا والمشغلين سواء في القطاع الخاص أو العام ،وأيضا باعتبارها آليات مدافعة على الحريات وعلى العدل الاجتماعي ، ثم كونها مبدئيا مؤسسات مؤطرة للمجتمع ووسيطة بين الدولة والمواطن .- ضعف أو حتى فشل النموذج التنموي بالمغرب بعد الإخفاقات التي عرفتها عدة مشاريع بقطاعات مختلفة وبالعديد من المناطق ، وللتذكير نحيل على أحداث الريف وجرادة وزاكورة وغيرها...- سحب المواطنين الثقة من المؤسسات التمثيلية نظرا لضعف الحكامة وسوء التدبير.- ضعف وهلامية العرض السياسي الذي تقدمه الأحزاب ونقاباتها، وعدم الالتزام ببرامجها وسوء تدبيرها الداخلي وتراجع الديمقراطية الداخلية وهو ما يؤكده العزوف السياسي ، والعزوف على المشاركة في الانتخابات – 43 في المئة في البرلمان 2016- وضعف نسب انتساب وانخراط المواطنين في الأحزاب وفي النقابات التي تعد ضئيلة جدا – لا تتجاوز سقف 2 في المئة من مجموع الشغيلة بالنسبة للنقابات كلها - .- التعامل والمقاربة الذي باشرت بها الشركات المعنية والحكومة حملة المقاطعة منذ انطلاقتها ، إذ بدت الحكومة مستهترة بالموضوع في البداية حد تعبير أحد أعضائها – وزير المالية – بنعت المقاطعين بالمداويخ ، تم تلت ذلك مرحلة الارتباك التي مازالت مستمرة ، في غياب قرارات سليمة ومسؤولة للتعاطي مع الأزمة التي باتت ظاهرة . كما أن الخطاب وبيداغوجيا التواصل خانت الحكومة والمعنيين بشأن تدبير المقاطعة ، عكس الداعين إليها والذين تفننوا في الترويج والاستقطاب .- تأكيد فعالية ونجاعة وسائل الاتصال الحديثة ووسائط التواصل الاجتماعي في التعبئة والاستقطاب .هذا ، مع العلم أن إمكانية تمدد أو اتساع نطاق المقاطعة تبقى واردة لتشمل مجالات أخرى أكثر حيوية وحساسية – خصوصا أمام الفراغ التأطيري أو تواريه أو غياب الإعلان عليه راهنا – مما قد يربك العديد من القطاعات ، والنموذج هو ما يتم حاليا من محاولات استقطاب للترويج والتعبئة لمقاطعة بعض الأنشطة الفنية كمهرجان موازين وغيره ...وختاما ، ورغم أن ظاهرة المقاطعة لا زالت لا تسمح بالتقييم الموضوعي والمحاصرة النظرية لكل عناصرها ومكانيزماتها ومكوناتها ، فذلك لا يلغي إبداء ملاحظات أساسية حولها ، ومنها :- كونها جسدت بالفعل إمكانية النضال الشعبي وفق منهجيات جديدة تراعي السلمية والتعبير الحضاري بصرف النظر عن النتائج وعلى ما قد يحدث في المستقبل .- أبرزت مجموعة من التناقضات التي يعرفها التدبير الحكومي والفريق الحكومي للشأن العام .- أظهرت بعض عناصر الخلل الكامن في تدبير آليات وميكانيزمات السوق وتحرير الأسعار.- برهنت مرة أخرى على تراجع أداء الأحزاب والنقابات والجمعيات المؤطرة للمستلهكين .- فتحت المجال أمام إمكانيات التعبئة الشبه عفوية والغير مؤطرة نظريا والتي قد تطال مجالات أخرى أكثر حساسية من موضوعها الحاليالمختصر في عناصر ومواد استهلاكية لشركات ضمن أخرى تم انتقاؤها من بين شركات شبيهة و مواد أخرى معوضة، مما سهل أمر الاستقطاب والانضباط في الأجراة والتفعيل .

أحمد بومعيز

دخلت حملة مقاطعة بعض المواد الاستهلاكية لثلاث شركات بالمغرب ( ماء معدني لشركة سيدي علي المغربية - الحليب ومشتقاته لشركة سنطرال/ دانون الفرنسية – المحروقات لشركة افريقيا المغربية ) دخلت مرحلة جديدة بعد أكثر من 6 أسابيع على انطلاقها . وحسب المتتبعين والصحافة وتصريحات المسؤولين ، فإن المقاطعة أثرت بالفعل على مداخيل وعائدات الشركات المعنية ،مقابل انتعاش الشركات الأخرى المنافسة والتي لا تختلف أثمنة منتوجاتها وجودة خدماتها كثيرا عن الشركات التي تهمها المقاطعة . والمرحلة الجديدة بدأت تلوح مؤشراتها بعد صمود واستمرار المقاطعة ونجاح الترويج لها على مواقع التواصل الاجتماعي ، وأيضا بسبب التعاطي السلبي للحكومة مع الموضوع برمته ،وعدم قدرتها على التحكم في الأمر، من ضعف التواصل إلى غياب التدخل والمقاربة الكفيلة بتدبير الأزمة أو تجاوزها . ويكمن تجلي المرحلة الجديدة للمقاطعة في مستويين :1- المستوى الأول هو الموقف والإجراءات المباشرة للشركات المعنية بعد التأثير السلبي على منتجاتها على المدى المتوسط والبعيد ،وتكييف مواقفها مع المقاطعة التي طالت ، وهنا يمكن الأخذ بنموذج شركة سنطرال /دانون الفرنسية التي بادرت مؤخرا بالاعتذار وطلب تفهم موقفها من الأثمنة ، مع طرح عرض خلال شهر رمضان – من دون الحديث عن خفض في الأثمنة- العرض الذي يسمح فقط بخفض الثمن مؤقتا مقابل اقتناء عدد أكبر من وحدات الحليب أو مشتقات "الياووغت" . لكنها بعد أسبوعين من العرض والاعتذار ، اتخذت منذ يومين موقفا هجوميا حسب تصريح مديرها العام ، وذلك بالتراجع على جمع الثلث ( 30 في المئة ) من كميات الحليب ، وهو ما يعني تضرر أكثر من 40000 فلاح لأن الشركة كانت تتعامل مع حوالي 120000 فلاح ، وتستحوذ على ثلثي إجمالي سوق ترويج الحليب ومشتقاته بالمغرب.وقد كان التخلي عن جمع الحليب بمبرر وصول المخزون إلى حدوده القصوى ، كما لوح نفس المصدر ببداية التخلي على العاملين بعقود المياومة لأقل من 6 أشهر ، ملمحا ومشيرا ومنتقدا في نفس الآن بالوضعية السيئة التي سيعرفها النشاط الاستثماري بالمغرب في ظل المقاطعة وما شابهها ...الأكيد هنا أن التأثير سيهم جميع المكونات ، الشركة المنتجة والمشغلة ، والشغيلة والعمال ، والفلاحين المستفيدين من النشاط والإنتاج ، وسيكون بالتالي مؤثرا على الاقتصاد الوطني وعلى تنافسيته من حيث جذب المستثمرين ،وأيضا سيؤثر سلبا على الوضع الاجتماعي ، مع العلم أن الوضعية الاجتماعية بالبوادي تعرف أصلا هشاشة كبيرة ، وفرص الشغل نادرة وأغلبها موسمي .وإذا اعتبرنا هذا المثال نموذجا على تداعيات المقاطعة سواء بالنسبة للشركات أو بالنسبة للوضع الاقتصادي والاجتماعي ، وبالتالي دخول المقاطعة مرحلة جديدة من صيرورتها تتطلب آليات ومقاربة جديدة ومحينة من قبل المتدخلين، وهنا لا بد من الوقوف عند ملاحظة مهمة ، وهي موقف كل الشركات ، سواء المعنية بالمقاطعة أو الغير معنية أي المستفيدة راهنا من هوامش الطلب ، وفي كل المواد ، فهي كلها لم تطرح إمكانية تخفيض الأثمنة أو تجويد الخدمات ، والأنكى هو أن الحكومة بنفسها كانت تدافع على هوامش الربح التي تعتبرها معقولة أو حتى هزيلة– الرجوع إلى تصريحات الناطق الرسمي للحكومة حول أرباح شركات الحليب 4 سنتم /اللتر- .ورغم أن في الموضوع برمته مفارقات من حيث المعطيات والمقاربة بين الحكومة ومكوناتها وأعضاءها وأعضاء الحزب المشترك الذي يجمع الوزراء والبرلمانيين،وذلك في إشارة إلى تناقض الحكومة السابقة والحالية مع معطيات لجنة المالية بالبرلمان حول أرباح المحروقات وتصريحات "بوانو" الذي يعد من الأطر المقررة داخل الحزب الذي يترأس الحكومة السابقة والحالية والتي حررت أسعار البنزين والكازوال نهاية سنة 2015 من دون رصد و وضع آليات قمينة بالتحكم في السوق وفي الأثمنة بعد ذلك ...مع العلم أن المؤسسة الدستورية الموكول إليها ضبط أمر الاستهلاك وإرساء الحكامة الكفيلة بذلك ، هي مجلس المنافسة الذي لا زال مجمدا منذ سنة 2013 ، مما يفتح باب التساؤل حول مسؤولية الدولة ككل في هذا الشأن .وكخلاصة لهذا الشق ، فإن استمرار المقاطعة بشكلها الحالي ،وتأخر الحكومة في تبني موقف سليم وحكيم من الأمر سيفتح باب المغامرة أو المقامرة بالعديد من المكتسبات – على قلتها وعلاتها – التي حققها المغرب اقتصاديا من حيث الاستثمار واستقطاب الرأسمال الوطني والأجنبي ، واجتماعيا بسبب تهديد السلم الاجتماعي الهش أصلا .2- المستوى الثاني وهو إمكانيات تمدد المقاطعة وتعميمها أو سحبها على مواد ومجالات أخرى ،وذلك في إطار التماهي مع تمرين المقاطعة الحالي في حد ذاته أو كشكل من أشكال الاحتجاج أو النضال البديل، و هو التمرين الذي عرف تجاوبا كبيرا من طرف الفئات العمرية الشابة - الأقل من 40 سنة أكثر من 70 في المئة من المقاطعين – وهذه وضعية تشي بمعطيات وفرضيات كثيرة حول أسبابها وتمظهراتها الحالية والمستقبلية ، ومن الأسباب يمكن أن نذكر :- الاحتقان الاجتماعي الذي يعرفه المغرب ، وضعف القدرة الشرائية للمواطنين ،واستنزاف الفئات الوسطى واتساع الفوارق الاجتماعية والإجهاز على الطبقة الوسطى التي تعد المحرك الأساس للاقتصاد الوطني وللنشاط السياسي والاجتماعي .- تراجع الأحزاب والنقابات والتي من مهامها الأساسية مؤازرة المواطن والدفاع على حقوقه المادية والمدنية والرمزية أمام الباطرونا والمشغلين سواء في القطاع الخاص أو العام ،وأيضا باعتبارها آليات مدافعة على الحريات وعلى العدل الاجتماعي ، ثم كونها مبدئيا مؤسسات مؤطرة للمجتمع ووسيطة بين الدولة والمواطن .- ضعف أو حتى فشل النموذج التنموي بالمغرب بعد الإخفاقات التي عرفتها عدة مشاريع بقطاعات مختلفة وبالعديد من المناطق ، وللتذكير نحيل على أحداث الريف وجرادة وزاكورة وغيرها...- سحب المواطنين الثقة من المؤسسات التمثيلية نظرا لضعف الحكامة وسوء التدبير.- ضعف وهلامية العرض السياسي الذي تقدمه الأحزاب ونقاباتها، وعدم الالتزام ببرامجها وسوء تدبيرها الداخلي وتراجع الديمقراطية الداخلية وهو ما يؤكده العزوف السياسي ، والعزوف على المشاركة في الانتخابات – 43 في المئة في البرلمان 2016- وضعف نسب انتساب وانخراط المواطنين في الأحزاب وفي النقابات التي تعد ضئيلة جدا – لا تتجاوز سقف 2 في المئة من مجموع الشغيلة بالنسبة للنقابات كلها - .- التعامل والمقاربة الذي باشرت بها الشركات المعنية والحكومة حملة المقاطعة منذ انطلاقتها ، إذ بدت الحكومة مستهترة بالموضوع في البداية حد تعبير أحد أعضائها – وزير المالية – بنعت المقاطعين بالمداويخ ، تم تلت ذلك مرحلة الارتباك التي مازالت مستمرة ، في غياب قرارات سليمة ومسؤولة للتعاطي مع الأزمة التي باتت ظاهرة . كما أن الخطاب وبيداغوجيا التواصل خانت الحكومة والمعنيين بشأن تدبير المقاطعة ، عكس الداعين إليها والذين تفننوا في الترويج والاستقطاب .- تأكيد فعالية ونجاعة وسائل الاتصال الحديثة ووسائط التواصل الاجتماعي في التعبئة والاستقطاب .هذا ، مع العلم أن إمكانية تمدد أو اتساع نطاق المقاطعة تبقى واردة لتشمل مجالات أخرى أكثر حيوية وحساسية – خصوصا أمام الفراغ التأطيري أو تواريه أو غياب الإعلان عليه راهنا – مما قد يربك العديد من القطاعات ، والنموذج هو ما يتم حاليا من محاولات استقطاب للترويج والتعبئة لمقاطعة بعض الأنشطة الفنية كمهرجان موازين وغيره ...وختاما ، ورغم أن ظاهرة المقاطعة لا زالت لا تسمح بالتقييم الموضوعي والمحاصرة النظرية لكل عناصرها ومكانيزماتها ومكوناتها ، فذلك لا يلغي إبداء ملاحظات أساسية حولها ، ومنها :- كونها جسدت بالفعل إمكانية النضال الشعبي وفق منهجيات جديدة تراعي السلمية والتعبير الحضاري بصرف النظر عن النتائج وعلى ما قد يحدث في المستقبل .- أبرزت مجموعة من التناقضات التي يعرفها التدبير الحكومي والفريق الحكومي للشأن العام .- أظهرت بعض عناصر الخلل الكامن في تدبير آليات وميكانيزمات السوق وتحرير الأسعار.- برهنت مرة أخرى على تراجع أداء الأحزاب والنقابات والجمعيات المؤطرة للمستلهكين .- فتحت المجال أمام إمكانيات التعبئة الشبه عفوية والغير مؤطرة نظريا والتي قد تطال مجالات أخرى أكثر حساسية من موضوعها الحاليالمختصر في عناصر ومواد استهلاكية لشركات ضمن أخرى تم انتقاؤها من بين شركات شبيهة و مواد أخرى معوضة، مما سهل أمر الاستقطاب والانضباط في الأجراة والتفعيل .

أحمد بومعيز



اقرأ أيضاً
ارتفاع نمو القروض البنكية للقطاع غير المالي إلى 3,5% في فبراير 2025
كشف بنك المغرب أن النمو السنوي للقروض البنكية الموجهة للقطاع غير المالي قد ارتفع إلى 3,5% في شهر فبراير 2025، بعد أن سجل 3,3% في يناير من نفس العام. وحسب النشرة الأخيرة حول الإحصائيات النقدية، فإن هذا التسارع في نمو القروض البنكية يعكس بشكل رئيسي الزيادة الملحوظة في القروض المقدمة لكل من الشركات غير المالية والأسر. وأفاد بنك المغرب بأن القروض المخصصة للشركات غير المالية الخاصة قد ارتفعت بنسبة 1,6% في فبراير بعد أن كانت 1,2% في يناير، بينما شهدت القروض الموجهة للشركات العمومية زيادة ملحوظة بنسبة 12% مقابل 8,6% في الشهر السابق. وبخصوص القروض الموجهة للأسر، فقد سجلت تسارعًا بنسبة 2,2% مقارنة بـ 2% في يناير. ومن حيث الغرض الاقتصادي، يوضح التطور في القروض البنكية الموجهة للقطاع غير المالي ارتفاعًا في تسهيلات الخزينة التي سجلت نموًا بنسبة 1,9% بعد 1,6% في الشهر الذي قبله، وزيادة في قروض التجهيز التي بلغت 9,7% مقارنة بـ 8,9% في يناير. كما ارتفعت القروض الاستهلاكية بنسبة 1,8% مقارنة بـ 1,6% في الشهر السابق. في المقابل، ظلت القروض العقارية شبه مستقرة عند 2,7%. وتجدر الإشارة إلى أن نمو القروض التي فات موعد استحقاقها قد تباطأ إلى 3,2% مقارنة بـ 3,8% في يناير 2025، في حين استقرت نسبة الائتمان عند 8,7% بعد أن كانت 8,6%.
إقتصاد

مجموعة فرنسية كبيرة تنقل 150 وظيفة إلى فروعها في المغرب والبرتغال
أكدت إدارة شركة Bouygues Telecom عزمها على نقل حوالي 150 وظيفة بعد اجتماع مع النقابات لمناقشة التوجهات الاستراتيجية. وسيتم نقل هذه المناصب إلى الشركات التابعة للمجموعة الموجودة في بورتو، البرتغال، والرباط. وأوضحت الإدارة أن هذا الإجراء يخص "نحو 150 شخصا من أصل 11 ألف موظف في الشركة"، مؤكدة أيضا أنه "لا توجد خطط لتسريحات قسرية لهؤلاء المستخدمين". إذسيتم تنفيذ هذه الخطة عندما يغادر الموظفون الحاليون طواعية. وفي دجنبر 2024، افتتحت الشركة الفرنسية فرعاً بالرباط لمواكبة الإنتقال لخدمات 5G. ويمثل هذا المركز، الفريد من نوعه، مرحلة جديدة في ترسيخ مكانة المغرب كقطب تكنولوجي رائد على مستوى إفريقيا وعلى المستوى الدولي. ويجمع مركز “بي تكنولوجي”، الذي يقع في الرباط، أحدث التطورات في تكنولوجيات المعلومات والاتصالات، كما يضم خبراء في مجالات استراتيجية مثل تطوير البرمجيات، وعلم البيانات والهندسة ونشر الشبكات، والجيل الخامس، وهندسة المنتجات، والرقمنة والذكاء الاصطناعي. تجدر الإشارة إلى أن شركة Bouygues Telecom تابعة لمجموعة Bouygues Group، وهي مشغل فرنسي شامل للاتصالات والخدمات الرقمية وخدمات الانترنت فائقة السرعة.
إقتصاد

ضريبة الطيران في فرنسا تقلص رحلات “رايان إير” نحو مراكش
أدى ارتفاع ضريبة التضامن على تذاكر الطيران في فرنسا إلى تقليص شركة "رايان إير" لعدد رحلاتها من وإلى البلاد بنسبة تتراوح بين 4 و5% خلال هذا العام، وهو ما انعكس على بعض الخطوط الجوية نحو المغرب، خاصة مدينة مراكش. وتأتي هذه الخطوة بعد دخول الزيادة الجديدة في الضريبة حيّز التنفيذ منذ فاتح مارس، حيث ارتفعت من 2.63 يورو إلى 7.4 يورو للرحلات الداخلية والأوروبية، في إطار ميزانية 2025 التي أقرّتها حكومة فرانسوا بايرو، وتوقعت تقارير أن تدر هذه الزيادة على الدولة الفرنسية ما بين 800 و850 مليون يورو، وفقًا لما أورده موقع Air Journal. وبسبب هذه الضريبة، قررت "رايان إير" خفض خدماتها الجوية في عدة مطارات إقليمية فرنسية، حيث ألغت مجموعة من الخطوط، من بينها خط مطار فاتري نحو مراكش، في ظل سياسة تقليص السعة التشغيلية لمواجهة ارتفاع التكاليف. واعتبر مايكل أوليري، المدير التنفيذي لـ"رايان إير"، أن السوق الفرنسية أصبحت "أقل تنافسية" بسبب الزيادات الضريبية، مما يؤثر على جاذبية الوجهات السياحية مثل مراكش، وأضاف: "لا يمكن أن نطالب بجعل أوروبا أكثر تنافسية، بينما تقوم الحكومات بفرض ضرائب خانقة على تذاكر الطيران". وأشار أوليري إلى أن الشركة، على عكس ما يحدث في فرنسا، تعمل على توسيع نشاطها في بلدان أخرى مثل إيطاليا، حيث سترفع عدد المسافرين هذا العام من 60 إلى 65 مليونًا، بينما ستُخفّض عدد المسافرين في فرنسا من 12 إلى 11 مليونًا، ما يعكس تأثير هذه الإجراءات على حركة الطيران نحو المغرب.
إقتصاد

مهنيون يكشفون أسباب ارتفاع أسعار البصل في الأسواق
عرفت أسعار البصل الجاف الأحمر في الأيام الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا، حيث تجاوز سعره في أسواق الجملة بالدار البيضاء 8 دراهم للكيلوغرام، بينما بلغ في أسواق التقسيط ما بين 11 و12 درهمًا. وأرجع مهنيون هذا الارتفاع إلى قلة العرض في السوق، موضحين أن إنتاج البصل الجاف يتم أساسًا بين يوليوز وشتنبر، ما يجعل الكميات المتاحة في هذه الفترة من السنة مقتصرة على المخزون المخزن لتغطية الطلب خلال الأشهر التي لا تشهد إنتاجًا، وأشاروا إلى أن تكاليف التخزين والخسائر المحتملة للفلاحين تسهم في ارتفاع الأسعار، خصوصًا خلال شهري مارس وأبريل.كما لفت المهنيون إلى أن ارتفاع صادرات البصل الجاف نحو بعض الأسواق الإفريقية ساهم بدوره في تقليص المعروض ورفع الأسعار. في المقابل، أكدوا وفرة البصل الأخضر المعروف بـ«الخضارية»، والذي يتراوح سعره في سوق الجملة بين 2 و4 دراهم.
إقتصاد

يونس مجاهد يكتب: مصداقية الخبر وطُعم النقرات
موضوع مصداقية الأخبار ليست جديدا في ثقافتنا، بل إنه متجذر فيها، وهناك مرجعيات كثيرة تحيلنا على الأهمية القصوى التي أوليت للفرق بين الخبر الصادق والخبر الكاذب في تراثنا، و لا أدل على ذلك من الآية الكريمة " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ". فالعودة لهذه المرجعيات سيكون مفيدا في مقاومة المد الجارف للتضليل والأخبار الملفقة والإثارة الرخيصة، التي يسعى تجار شبكات التواصل الاجتماعي إلى جعلها وسيلة للتشهير والإساءة، ومصدر اغتناء، غير عابئين بالقيم النبيلة التي من المفترض أن نتقاسمها كمجتمع. إن العودة إلى مرجعيتنا الحضارية والثقافية كفيل بأن يساهم إلى حد كبير في توفير وسائل وأدوات مقاومة الإتجار الرخيص في حرية التعبير، ففي مقدمة ابن خلدون التي أسست لعلم العمران البشري، هناك تدقيق مذهل لضرورة التمحيص في الأخبار، حيث يقول إنه من الضروري التمحيص والنظر في الخبر، حتى يتبين صدقه من كذبه، لأن الابتعاد عن الانتقاد والتمحيص يقع في قبول الكذب ونقله. ويضيف أن من الأسباب المقتضية للكذب في الأخبار، أيضا، الثقة بالناقلين، وتمحيص ذلك يرجع إلى التعديل والتجريح. ومنها الذهول عن المقاصد، فكثير من الناقلين لا يعرف القصد بما عاين أو سمع، وينقل الخبر على ما في ظنه وتخمينه، فيقع في الكذب. إن ابن خلدون، الذي سبق عصره، يتحدث هنا عن مصادر الأخبار، التي يعتبر أنه من غير الممكن تصديق ما تنقله بدون إعمال العقل النقدي. وهو من صميم العمل الصحافي، حيث أن التأكد من مصادر الأخبار ومدى مصداقيتها، هو جوهر المهنة، وهو أيضا ما يدرس اليوم في التربية على الإعلام، إذ أن أهم مبدأ يوصى به هو عدم تصديق أي "خبر"، إلا بعد التأكد من المصادر، أولا، ثم التمحيص والنظر في هذا الخبر، كما يقول ابن خلدون، ثانيا، لغربلته وإخضاعه للعقل والمنطق. وفي هذا الإطار، تؤكد التجربة، أنه لا يمكن للمجتمعات أن تستغني عن الصحافة المهنية، في تداول الأخبار، لأنها تكون صادرة عن صحافيين محترفين، يتوفرون على تكوين وخبرة ومستوى علمي، والأهم من ذلك، أنهم يشتغلون في بيئة صحافية، أي ضمن هيئة تحرير وميثاق أخلاقيات وقواعد العمل الصحافي. ولا يمكن لشبكات التواصل الاجتماعي أوما يسمي ب"المؤثرين"، أن تعوض العمل الصحافي الاحترافي، بحجة أنها "صحافة مستقلة"، فليس هناك إلا صحافة واحدة، إما أن تكون احترافية موضوعية وذات مصداقية، تعمل طبقا لأساسيات مهنة الصحافة وتقاليدها، أو لا تكون. الصحافي الحقيقي، كالمؤرخ، يقول عبد الله العروي، في كتابه "مفهوم التاريخ"، إذ يعتبر أن العديد من الملاحظين يشبهون الصحافي بالمؤرخ، فيقال إن الأول مؤرخ اللحظة، بينما الثاني صحافي الماضي، كلاهما يعتمد على مخبر، وكلاهما يؤول الخبر ليعطيه معنى، الفرق بينهما هو المهلة المخولة لكل واحد منهما، إذا ضاقت تحول المؤرخ إلى صحافي، وإذا عاد الصحافي إلى الأخبار وتأملها بعد مدة تحول إلى مؤرخ، أما إشكالية الموضوعية وحدود "إدراك الواقع كما حدث"، فهي واحدة بالنسبة لهما معا. والمقصود هنا، حسب العروي، هو أن كلا من الصحافي والمؤرخ، عليهما تحري الدقة في الأخبار والحوادث المنقولة، واعتماد المصادر الموثوقة، مثل التغطية الميدانية وشهود العيان أو معايشة الأحداث، بالإضافة إلى الوثائق والآثار الدالة على ما حصل... هذه هي الصحافة المستقلة، عن التلفيق والكذب والإثارة المجانية واستجداء عدد النقرات. ويعتبر اليوم "طُعم النقرات "clickbait، من الآفات الكبرى التي أصابت الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبح العديد ممن يسعون إلى تحقيق الأرباح، بأية وسيلة، اللجوء إلى تشويه الحقيقة وتقويض القيم الصحفية التقليدية، مثل الدقة والموضوعية والشفافية، همهم الوحيد هو الدخول في مهاترات وجدل عقيم، و اعتماد عناوين مثيرة، و كتابة أو بث كل ما يمكن أن يثير الفضول بدون معنى أو محتوى و بدون مصدر موثوق، كتاباتهم أو احاديثهم تتضمن تناقضات كثيرة، لكن كل ذلك يهون، بالنسبة لهم، أمام ما يمكن أن يحققونه من مداخيل. لذلك رفعت العديد من التنظيمات الصحافية في تجارب دولية، شعار؛ "لا تنقر"، أي تجنب طُعم الإثارة التجارية الرخيصة، التي تشوه الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي.
ساحة

ادريس الاندلسي يكتب.. نباح دبلوماسي يروج لحل “تقسيم ” الصحراء
نشرت إحدى صديقات حكام الجزائر مقالا في مجلة "فورين افيرز" (شؤون خارجية) التي يصدرها مجلس السياسية الخارجية الذي يعتبر مركزا للتفكير وللتأثير على القرار في أمريكا، وحاولت كاتبة المقال، غير ذات تجربة طويلة، إظهار متابعتها المستمرة لقضية الصحراء وللعلاقات المغربية الجزائرية وأصرت على إعادة الحياة لمقترح الرئيس الراحل بوتفليقة لحل هذه القضية عبر تقسيم الصحراء، وكان ذلك سنة 2006، وكان هدف هذا المقترح هو تشويه الحل السياسي، وتمكين الجزائر من جزء من الصحراء وباب واسع على المحيط الأطلسي وتحقيق أرباح تغطي تمويلات جزائرية للبوليساريو على مدى خمسين عاما. تراجع بوتفليقة بعد أن شعر نظامه أنه كشف أوراقه الحقيقية، وتبخرت خرافة تقرير المصير التي سكنت، كفيروس لا يقهر، كل سياسات الجزائر ومواقفها وخطاباتها. أظهرت كاتبة المقال الذي يروج، من جديد، لعرض التقسيم بكثير من تضخيم قدرات الحركة الانفصالية على الفعل العسكري، حاولت هذه " المجتهدة " المسماة حنا راي امسترونغ، أن تروي حكايتها على الشكل الذي يرتضيه من يهمه أمر التقسيم، ركزت كثيرا على ما تصورته أنه خلاصة " ترسخت " لدى المبعوث الأممي ستيفان دي مستورا، ورددت كثيرا كلمة "تقسيم" لتؤكد أنها فكرة لم تنل أي إهتمام لدى مجلس الأمن، ثم ترجع لتردد عدة مرات أنها" الحل الأقل سوءا". وتستمر في تخيلاتها للتقسيم مع تدقيق المناطق التي ستكون تحت سلطة المغرب، والتي تعتبرها تعويضا عن الاستثمارات التي تم القيام بها، وتركز على إعطاء الانفصاليين شريطا ساحليا م أراضي تصفها بالغنية بالموارد المعدنية.  وتذهب كاتبة المقال بعيدا لاقتراح ضغط يمكن أن تمارسه الولايات المتحدة على المغرب والجزائر على البوليساريو لقبول التقسيم، وتبدو الصياغة متسمة بنوع من " البراءة" التي تهدف إلى تسميم الحل السياسي وإظهار ما يمكن تجنيه الولايات المتحدة الأمريكية إذا استجابت لطموحات الجزائر. وتبين صاحبة المقال براعة في ترجمة مواقف الجزائر و " عرضهم" لمزايا دفع الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في موقفها نظرا للثروات المعنية التي يمكن أن تستغلها، وتذهب إلى حد " كشف" اهتمام الصين بالمنطقة وزيارة رئيسها للمغرب. وهكذا تتحول الجزائر إلى كشف وجهها الجديد القديم " كسمسارة" لم تطلب خدماتها أية دولة عظمى. وتؤكد كاتبة المقال الذي نشرته مجلة معروفة مواقفها اتجاه المغرب ووحدته الترابية، أن " حامل القلم " الحقيقي هو النظام الجزائري السخي إتجاه كل نشر ينطق بهواه، وتزيد صاحبة المقال في اغراق خطابها بالكثير من الكذب حول قدرة الانفصاليين على إشعال الحرب رغم ضعف أسلحتهم، وتؤكد أن هذه الأسلحة هي ما تبقى من ترسانة مولها الراحل القذافي وما "غنمته ميليشياتها " قبل وقف إطلاق النار سنة 1991، وهنا تمنح مجلة " فورين افيرز" براءة للجزائر وتشهد لها بعدم تسليحها للانفصاليين رغم أن راعية البوليساريو لم تنف دعمها لمن تسميهم بحركة مقاومة ودولة تحمل نفس الاسم مع تغيير "الجزائرية بالصحراوية ". وتستمر صديقات حكام الجزائر في تأليف وصف الانفصاليين بأن حركتهم هي الممثل الشرعي لكل سكان الصحراء وتندوف، وتبين موقفها المعادي لمقترح المغرب للحكم الذاتي مكتفية بالإشارة إلى أنه يتكون من ثلاث صفحات، ولا تنسى أن تجنح لتأكيد تفوق المغرب عبر دعم مقترحه من طرف دول كالولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا، ولكنها تؤكد أن البوليساريو قادرة على إشعال الحرب وتحقيق أهدافها كما" فعلت الجزائر للحصول على استقلالها "، هنا يظهر جليا أن صاحب الصياغة معجون بثقافة قصر المرادية وقيادة الجيش. ولم تترك الموقعة على المقال فرصة النشر دون أن تضخم قرار محكمة الإتحاد الأوروبي الخاص بالتبادل التجاري والاتفاقيات الخاصة بالصيد وبالفلاحة، كما أنها ساقت بعض الحالات التي وصفتها بتراجع مستثمرين في مجال البحث عن مصادر الطاقة، ولم تتكلم حاملة قلم الجزائر عن الأخطار التي تهدد أمن منطقة الساحل وشمال أفريقيا، بل اكتفت في نهاية ما اقترفته من سطور لتنذر بإيقاف مهمة المينورسو " المكلفة" خلال جلسات مجلس الأمن في شهر أبريل، وذلك كما حصل في مالي والسودان، وتذهب إلى حد تصور حرب بين الجزائر والمغرب تكون ذات تكلفة كبيرة على الطرفين، وصلت رسالة عبر كاتبة مغمورة على مجلة مأجورة مفادها أن الجزائر تقدس المحيط الأطلسي. ولكن النباح الدبلوماسي لن يمكنها من منفذ لها على مجال فتحه المغرب، بوعي إستراتيجي، ليكون عنصر تطوير الشراكات المربحة للجميع في مجال المبادلات التجارية ونقل مصادر الطاقة عبر دول القارة. وأظهرت المجلة من خلال نشرها لمقال يفتقد إلى معرفة كاتبته لكافة معطيات ملف الصحراء، أنها انحدرت إلى مستوى لا يعكس تاريخها الذي بدأ قبل أكثر من قرن من الزمن.
ساحة

بين السردين و السياسات..علاقة غير سرية
تكاثرت التعاليق حول حادثة إقفال متجر بيع الأسماك المراكشي ثم إعادة فتحه بعد تدخل  والي مراكش. ذهب بعض كبار التجار و المضاربين إلى اعتبار هذه الحادثة مجرد ضجة مصطنعة. ساند هذا الرأي أحد أصحاب المواقع، المعروف بالسباحة ضد التيار  و لو كان منبعا للخير، و أعتبر أن التاجر الشاب سخر" جيوش السردين" للإشهار  و التشهير و تحقيق أرباح كثيرة. و لكن ما لم يكن في الحسبان هو المتابعة الجماهيرية التي حظي بها بائع السردين بخمسة دراهم. و كان من آثار هذه المتابعة  ظهور تيار كبير من ذوي الدخل المحدود الذين تكلموا بكثير من الوعي و الحدة عن مذبحة قدرتهم الشرائية. و هكذا كانت خرجة هذا البائع، المثقل بهم زبناءه  ، أكبر بكثير من التظاهرات  و البلاغات النقابية  و السياسية حول اشتعال الأسعار منذ ما يزيد منذ أزيد سنة  و نصف. وصل " الصهد" إلى الحكومة  و الأحزاب. تحدث عن هذا البائع  و قضيته الناطق الرسمي بإسم الحكومة دون إقناع. و يعني هذا التداول أن الموضوع فرض نفسه و لو على هامش جدول أعمال  مجلس الحكومة. سجلت الساحة السياسية خلال الأسبوع الفارط خرجات حزب الاستقلال في شخص أمينه العام و العضو بالحكومة ، نزار بركة و عضو اللجنة التنفيذية للحزب ،رياض مزور، للكلام عن غلاء الأسعار  و عن دور الوسطاء  و السماسرة في الهيمنة على الهوامش الربحية الكبرى و اغتناءهم على حساب المنتج الحقيقي و المستهلك ذو الدخل المحدود. و أعتبر الكثير من المتتبعين هذه الخرجات استمرارا لشرخ بدأ فعله في الأغلبية الحكومية  وسيستمر إلى ما بعد الانتخابات المقبلة. و لم يترك أي حزب فرصة حل مشكلة تاجر السردين دون"  الادلاء بدلوه" في الموضوع.   أعتبر بايتاس، الناطق الرسمي بإسم الحكومة،  والذي تابع فصول قضية  الشاب المراكشي، أن " هذا هو توجه الحكومة" و أكد على استمرارية أعمال اللجان في مجال المراقبة.  و لكنه لم يوضح موقفه من قضية الأسعار. و ساند رئيس الحكومة السابق، سعد الدين العثماني موقف  و عمل تاجر السردين  و ثمن آثار عمله على حيت قام " بما عجز عنه الكثيرون، و تمكن من تحريك المياه الراكدة". لقد استفحلت المصائب التي يتسبب فيها الوسطاء  و المضاربون.  و أكبر هذه المصائب هي الهجوم على جيوب المواطنين في غياب عمل رقابي مهيكل  و دائم،  و ليس على شكل حملات تتسم بالبهرجة الإعلامية. تتحمل ميزانية الدولة التي يمولها الفقير  و ذو الدخل المتوسط بالأساس، كل أنواع دعم كبار المنتجين  و كبار المستوردين  و من لا قدرة للحكومة على احداث رجة لتحديد هوامش ارباحهم غير  المشروعة و إنصاف الفلاح المنتج  و مربي الماشية  و صانع المنتوجات الغذائية. تصرف المليارات للاستهلاكيات الكبرى كمنح لتكثيف الإنتاج  و الاستجابة للطلب الداخلي أولا. تصل المنتوجات الفلاحية للأسواق الخارجية بأسعار أقل مما يدفعه المستهلك المغربي. تنهك مياهنا الجوفية  و تتضرر اراضيها  و جيوبنا. يكثر الحديث الحكومي المشروخ عن تقديم المزيد لتتناقص أسعار اللحوم، فتكون النتيجة عكس شعارات الحكومة ، وتصل الضربة المؤذية للمواطن. تعتبر مبادرة الشاب المراكشي، بائع السردين ناقوس خطر لكي ينتبه السياسيون المزهوون بحجم أغلبيتهم الحكومية. عليهم قراءة كتب التاريخ  ، و خصوصا ما جاء به المؤرخ الناصري في كتاب " الاستقصا في تاريخ المغرب الأقصى ". أغلب الفترات التاريخية التي فقدت خلالها السلطات المركزية سيطرتها على المدن  و القرى كانت فترات غلاء  و عدم قدرة الناس على تغطية حاجاتهم. و نعيش اليوم في ظل إرتفاع مهول مس اللحوم  و الأسماك  و الخضر  و الفواكه  و كافة المواد الغذائية  و كذلك المواد الطاقية.   و قد انفرجت اسارير الكثير من المغاربة بالقرار الملكي الذي أهاب بالشعب" العزيز إلى عدم القيام بشعيرة أضحية العيد"  و ذلك رفعا " للحرج و الضرر   و إقامة التيسير" . و قد بين هذا القرار أن فئات كبيرة من ذوي الدخل المحدود كان  سيلحقها ضرر أكيد. و لقد أصبح الآن،   و في  ظل تفاعلات كثير من المغاربة مع لهيب الأسعار أن  الأولوية الكبرى هي القوة الشرائية. و أصبح من غير الممكن أن يستمر تغييب المحاسبة  و التقييم عن السياسات العمومية التي لم تحقق أهدافها رغم صرف الملايير من الدراهم عليها. و توجد السياسة الفلاحية باسميها " المغرب الأخضر " و " الجيل الأخضر " في محطة تفرض التقييم  و المحاسبة انسجاما مع مبادئ الدستور المغربي. سهولنا  و جبالنا  و استثماراتنا  و بحارنا رأسمال كبير و مليء بالثروات. أين هي  و لماذا لا تخفف المعاناة عن ذوى الدخل المحدود الذي يريد كيلوغرام سردين بخمسة دراهم،  و لحوما لا يتجاوز سعرها ثمانين درهم ، و خضرا تضمن ربحا للفلاح  و لا يسيطر عليها السمسار و مواد طاقية لا يغتني منها من لا يكررون النفط و يحبون كثيرا استيراده  و بيعه و الاستحواذ على أكبر الأرباح دون مخاطرة  و لا استثمارات كافية لضمان مخزون استراتيجي. من سردينة إلى سياسة عمومية تضيق المسافات بفعل جموح طبقة تغتني  و لا تنتج إلا الأزمات.
ساحة

الخبرة القضائية ودورها في تعزيز النجاعة القضائية: التحديات والآفاق
الخبرة القضائية هي إحدى الأدوات الأساسية التي يعتمد عليها القضاء للفصل في القضايا ذات الطابع التقني والفني، إذ تساهم في تقديم توضيحات علمية تساعد القضاة على اتخاذ قرارات عادلة ومبنية على معطيات دقيقة. إلا أن هذه الآلية تواجه تحديات متعددة تؤثر على فعاليتها، مثل التأخر في صرف مستحقات الخبراء، وصعوبة استخلاص المصروفات، وتعقيد الإجراءات الإدارية. فالكثير من الخبراء يُضطرون إلى الانتظار لفترات طويلة قبل الحصول على مستحقاتهم المالية، حيث تُربط عملية الدفع بانتهاء النزاع القضائي، وهو ما قد يُثقل كاهلهم المالي ويؤثر على جودة العمل الخبراتي. كما أن بعض المحاكم لا تتيح للخبراء استرجاع المصروفات إلا بعد صدور الحكم النهائي، مما يشكل عبئًا إضافيًا عليهم. من جهة أخرى، فإن تعقيد الإجراءات الإدارية، مثل استخراج ورق المصروف، يزيد من معاناة الخبراء الذين يضطرون أحيانًا إلى القيام بإجراءات مطولة لاسترجاع حقوقهم. ولتجاوز هذه التحديات، يُقترح اعتماد نظام دفع مرحلي يضمن حصول الخبراء على جزء من مستحقاتهم عند إنجاز مراحل معينة من الخبرة، وتعديل الإجراءات الإدارية لضمان استرجاع المصروفات فور انتهاء المهمة، بالإضافة إلى تبسيط عمليات استخراج الوثائق المالية وإطلاق منصات إلكترونية تسهل تتبع الملفات المالية. علاوة على ذلك، يجب تحسين آلية اختيار الخبراء عبر إعداد دليل إلكتروني يُصنفهم حسب تخصصاتهم وخبراتهم، مما يساعد القضاء على انتقاء الخبير الأنسب لكل قضية. كما يُنصح بتعزيز تعدد الخبراء في القضايا المعقدة التي تتطلب آراء متكاملة من اختصاصات مختلفة، مثل قضايا البناء التي قد تحتاج إلى مهندس مدني، ومعماري، وخبير في السلامة. وبهدف تحسين جودة الخبرات وتعزيز التعاون بين الخبراء والقضاة، من الضروري تنظيم دورات تكوينية مشتركة تهدف إلى توضيح الإجراءات القانونية والتقنية المرتبطة بالخبرة القضائية، وتطوير تقنيات إعداد التقارير الخبراتية بشكل موضوعي ودقيق. إضافة إلى ذلك، فإن تعزيز التواصل بين القضاة والخبراء عبر عقد لقاءات دورية سيساهم في مناقشة التحديات وإيجاد حلول عملية لها. ومن أجل الرفع من مستوى النجاعة القضائية، يُوصى بتحسين الإطار القانوني المنظم لمهنة الخبرة القضائية لضمان حقوق الخبراء، وتبسيط الإجراءات الإدارية، وإشراكهم في صياغة القوانين المتعلقة بعملهم، وتعزيز التحول الرقمي في تدبير ملفات الخبرة لتسهيل تتبعها وتسريع صرف المستحقات. إن تحقيق هذه الأهداف يستدعي التزامًا جماعيًا من جميع الفاعلين في المنظومة القضائية، لضمان أن تبقى الخبرة القضائية أداة فعالة في تحقيق العدالة وتعزيز ثقة المتقاضين في النظام القضائي. بقلم رياض السباعي مهندس معماري وخبير محلف
ساحة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور
الأكثر قراءة

إقتصاد

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الاثنين 31 مارس 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة