يحدث ذلك في ظل صمت رسمي إذ لم تبد الحكومة أي رد فعل اتجاه هذه الزيارات الاستفزازية , كما أن الأحزاب لم تصدر أي بيان إدانة لذلك لا في صحافتها ولا عبر عبر فرقها البرلمانية , حيث اكتفت بعض الصحف بنشر بيانات وتصريحات لفعاليات جمعوية وسياسية, المستنكرة للزيارتين والمنددة بالصمت المتواطئ مع مختلف أشكال التطبيع.
ويحدث ذلك أيضا في سياق تصاعد موجة العداء الصهيونية المدعومة أمريكيا وخليجيا اتجاه الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني,ما يفرض هلى كل المغاربة دعم النضال الوطني التحرري للشعب الفلسطيني في مواجهة آلة القتل والاعتقال التي تطال شبابا وأطفالا ونساء ولا تستثني شيخا ولا معاقا ...
أحد الدعاة المتطرفين في الدفاع عن التطبيع برر هذه الزيارات بقوله " لا عداوة للمغرب مع إسرائيل" وأضاف " ولا معنى لما يقوم به القوميون والإسلاميون من إدانة في ظل توافد مسؤولين مغاربة كبار بدورهم على إسرائيل( كذا)"
يتجاهل دعاة التطبيع أن القضية الفلسطينية تعتبر كونيا, أكبر اختبار للضمير العالمي والإنساني , فهي تتجاوز كل الأطر الايديولوجية قومية كانت أو إسلامية أو ليبرالية أو يسارية .. والذين يدينون اليوم عدوانية إسرائيل وجرائمها اليومية هم من مختلف الأقوام والأجناس والثقافات , ولعل في المظاهرات التي عرفتها وتعرفها عواصم عالمية كبرى بما فيها واشنطن حليفة اسرائيل وراعيتها ,وفي مقاطعة لاعبي منتخب الارجنتين لمباراة مع منتخب الكيان الصهيوني وغير ذلك من الأمثلة ما يفند مزاعم هذا الداعية ويبرز وتهافتها, فهل هؤلاء هم أيضا قوميون وإسلاميون ؟
إن ما هو أخطر اليوم من التطبيع هو التطبيع معه, أي عدم مواجهته بقوة رسميا وشعبيا , ثقافيا وسياسيا ,إعلاميا وميدانيا : فنزعة التطبيع اليوم في ازدهار بعدما اخترقت نخبا سياسية واقتصادية وجمعوية لها منافع في ذلك , إنها تعيش بيننا " تتكلم العربية وقلوبها عبرية" ( هكذا وصف القائد الراحل ياسر عرفات بعض القوى العربية وذلك في تعليق له على ما عرف بوثيقة لندن التي كشف فيها بيريز عن وجود قوى عربية تسعى إلى تجاوز تمثيلية منظمة التحرير الفلسطينية ) .
إن أول رد مغربي مطلوب على ما يسمى ب " صفقة القرن" الأمريكية الصهيونية الخليجية وعلى وقاحة واستفزازية زوار " متحف المحرقة" هو تجريم التطبيع كيفما كانت أشكاله وعناوينه ومهما كانت مواقع ومبررات دعاته, فهل سينفض البرلمان الغبار عن مشروع القانون المتعلق بهذا المطلب بما يدرء خطر التطبيع مع التطبيع ؟.