الاثنين 09 ديسمبر 2024, 06:38

إقتصاد
ساحة

“المقاطعة” بين التمرين الشعبي والنضال البديل


كشـ24 نشر في: 31 مايو 2018

دخلت حملة مقاطعة بعض المواد الاستهلاكية لثلاث شركات بالمغرب ( ماء معدني لشركة سيدي علي المغربية - الحليب ومشتقاته لشركة سنطرال/ دانون الفرنسية – المحروقات لشركة افريقيا المغربية ) دخلت مرحلة جديدة بعد أكثر من 6 أسابيع على انطلاقها . وحسب المتتبعين والصحافة وتصريحات المسؤولين ، فإن المقاطعة أثرت بالفعل على مداخيل وعائدات الشركات المعنية ،مقابل انتعاش الشركات الأخرى المنافسة والتي لا تختلف أثمنة منتوجاتها وجودة خدماتها كثيرا عن الشركات التي تهمها المقاطعة . والمرحلة الجديدة بدأت تلوح مؤشراتها بعد صمود واستمرار المقاطعة ونجاح الترويج لها على مواقع التواصل الاجتماعي ، وأيضا بسبب التعاطي السلبي للحكومة مع الموضوع برمته ،وعدم قدرتها على التحكم في الأمر، من ضعف التواصل إلى غياب التدخل والمقاربة الكفيلة بتدبير الأزمة أو تجاوزها . ويكمن تجلي المرحلة الجديدة للمقاطعة في مستويين :1- المستوى الأول هو الموقف والإجراءات المباشرة للشركات المعنية بعد التأثير السلبي على منتجاتها على المدى المتوسط والبعيد ،وتكييف مواقفها مع المقاطعة التي طالت ، وهنا يمكن الأخذ بنموذج شركة سنطرال /دانون الفرنسية التي بادرت مؤخرا بالاعتذار وطلب تفهم موقفها من الأثمنة ، مع طرح عرض خلال شهر رمضان – من دون الحديث عن خفض في الأثمنة- العرض الذي يسمح فقط بخفض الثمن مؤقتا مقابل اقتناء عدد أكبر من وحدات الحليب أو مشتقات "الياووغت" . لكنها بعد أسبوعين من العرض والاعتذار ، اتخذت منذ يومين موقفا هجوميا حسب تصريح مديرها العام ، وذلك بالتراجع على جمع الثلث ( 30 في المئة ) من كميات الحليب ، وهو ما يعني تضرر أكثر من 40000 فلاح لأن الشركة كانت تتعامل مع حوالي 120000 فلاح ، وتستحوذ على ثلثي إجمالي سوق ترويج الحليب ومشتقاته بالمغرب.وقد كان التخلي عن جمع الحليب بمبرر وصول المخزون إلى حدوده القصوى ، كما لوح نفس المصدر ببداية التخلي على العاملين بعقود المياومة لأقل من 6 أشهر ، ملمحا ومشيرا ومنتقدا في نفس الآن بالوضعية السيئة التي سيعرفها النشاط الاستثماري بالمغرب في ظل المقاطعة وما شابهها ...الأكيد هنا أن التأثير سيهم جميع المكونات ، الشركة المنتجة والمشغلة ، والشغيلة والعمال ، والفلاحين المستفيدين من النشاط والإنتاج ، وسيكون بالتالي مؤثرا على الاقتصاد الوطني وعلى تنافسيته من حيث جذب المستثمرين ،وأيضا سيؤثر سلبا على الوضع الاجتماعي ، مع العلم أن الوضعية الاجتماعية بالبوادي تعرف أصلا هشاشة كبيرة ، وفرص الشغل نادرة وأغلبها موسمي .وإذا اعتبرنا هذا المثال نموذجا على تداعيات المقاطعة سواء بالنسبة للشركات أو بالنسبة للوضع الاقتصادي والاجتماعي ، وبالتالي دخول المقاطعة مرحلة جديدة من صيرورتها تتطلب آليات ومقاربة جديدة ومحينة من قبل المتدخلين، وهنا لا بد من الوقوف عند ملاحظة مهمة ، وهي موقف كل الشركات ، سواء المعنية بالمقاطعة أو الغير معنية أي المستفيدة راهنا من هوامش الطلب ، وفي كل المواد ، فهي كلها لم تطرح إمكانية تخفيض الأثمنة أو تجويد الخدمات ، والأنكى هو أن الحكومة بنفسها كانت تدافع على هوامش الربح التي تعتبرها معقولة أو حتى هزيلة– الرجوع إلى تصريحات الناطق الرسمي للحكومة حول أرباح شركات الحليب 4 سنتم /اللتر- .ورغم أن في الموضوع برمته مفارقات من حيث المعطيات والمقاربة بين الحكومة ومكوناتها وأعضاءها وأعضاء الحزب المشترك الذي يجمع الوزراء والبرلمانيين،وذلك في إشارة إلى تناقض الحكومة السابقة والحالية مع معطيات لجنة المالية بالبرلمان حول أرباح المحروقات وتصريحات "بوانو" الذي يعد من الأطر المقررة داخل الحزب الذي يترأس الحكومة السابقة والحالية والتي حررت أسعار البنزين والكازوال نهاية سنة 2015 من دون رصد و وضع آليات قمينة بالتحكم في السوق وفي الأثمنة بعد ذلك ...مع العلم أن المؤسسة الدستورية الموكول إليها ضبط أمر الاستهلاك وإرساء الحكامة الكفيلة بذلك ، هي مجلس المنافسة الذي لا زال مجمدا منذ سنة 2013 ، مما يفتح باب التساؤل حول مسؤولية الدولة ككل في هذا الشأن .وكخلاصة لهذا الشق ، فإن استمرار المقاطعة بشكلها الحالي ،وتأخر الحكومة في تبني موقف سليم وحكيم من الأمر سيفتح باب المغامرة أو المقامرة بالعديد من المكتسبات – على قلتها وعلاتها – التي حققها المغرب اقتصاديا من حيث الاستثمار واستقطاب الرأسمال الوطني والأجنبي ، واجتماعيا بسبب تهديد السلم الاجتماعي الهش أصلا .2- المستوى الثاني وهو إمكانيات تمدد المقاطعة وتعميمها أو سحبها على مواد ومجالات أخرى ،وذلك في إطار التماهي مع تمرين المقاطعة الحالي في حد ذاته أو كشكل من أشكال الاحتجاج أو النضال البديل، و هو التمرين الذي عرف تجاوبا كبيرا من طرف الفئات العمرية الشابة - الأقل من 40 سنة أكثر من 70 في المئة من المقاطعين – وهذه وضعية تشي بمعطيات وفرضيات كثيرة حول أسبابها وتمظهراتها الحالية والمستقبلية ، ومن الأسباب يمكن أن نذكر :- الاحتقان الاجتماعي الذي يعرفه المغرب ، وضعف القدرة الشرائية للمواطنين ،واستنزاف الفئات الوسطى واتساع الفوارق الاجتماعية والإجهاز على الطبقة الوسطى التي تعد المحرك الأساس للاقتصاد الوطني وللنشاط السياسي والاجتماعي .- تراجع الأحزاب والنقابات والتي من مهامها الأساسية مؤازرة المواطن والدفاع على حقوقه المادية والمدنية والرمزية أمام الباطرونا والمشغلين سواء في القطاع الخاص أو العام ،وأيضا باعتبارها آليات مدافعة على الحريات وعلى العدل الاجتماعي ، ثم كونها مبدئيا مؤسسات مؤطرة للمجتمع ووسيطة بين الدولة والمواطن .- ضعف أو حتى فشل النموذج التنموي بالمغرب بعد الإخفاقات التي عرفتها عدة مشاريع بقطاعات مختلفة وبالعديد من المناطق ، وللتذكير نحيل على أحداث الريف وجرادة وزاكورة وغيرها...- سحب المواطنين الثقة من المؤسسات التمثيلية نظرا لضعف الحكامة وسوء التدبير.- ضعف وهلامية العرض السياسي الذي تقدمه الأحزاب ونقاباتها، وعدم الالتزام ببرامجها وسوء تدبيرها الداخلي وتراجع الديمقراطية الداخلية وهو ما يؤكده العزوف السياسي ، والعزوف على المشاركة في الانتخابات – 43 في المئة في البرلمان 2016- وضعف نسب انتساب وانخراط المواطنين في الأحزاب وفي النقابات التي تعد ضئيلة جدا – لا تتجاوز سقف 2 في المئة من مجموع الشغيلة بالنسبة للنقابات كلها - .- التعامل والمقاربة الذي باشرت بها الشركات المعنية والحكومة حملة المقاطعة منذ انطلاقتها ، إذ بدت الحكومة مستهترة بالموضوع في البداية حد تعبير أحد أعضائها – وزير المالية – بنعت المقاطعين بالمداويخ ، تم تلت ذلك مرحلة الارتباك التي مازالت مستمرة ، في غياب قرارات سليمة ومسؤولة للتعاطي مع الأزمة التي باتت ظاهرة . كما أن الخطاب وبيداغوجيا التواصل خانت الحكومة والمعنيين بشأن تدبير المقاطعة ، عكس الداعين إليها والذين تفننوا في الترويج والاستقطاب .- تأكيد فعالية ونجاعة وسائل الاتصال الحديثة ووسائط التواصل الاجتماعي في التعبئة والاستقطاب .هذا ، مع العلم أن إمكانية تمدد أو اتساع نطاق المقاطعة تبقى واردة لتشمل مجالات أخرى أكثر حيوية وحساسية – خصوصا أمام الفراغ التأطيري أو تواريه أو غياب الإعلان عليه راهنا – مما قد يربك العديد من القطاعات ، والنموذج هو ما يتم حاليا من محاولات استقطاب للترويج والتعبئة لمقاطعة بعض الأنشطة الفنية كمهرجان موازين وغيره ...وختاما ، ورغم أن ظاهرة المقاطعة لا زالت لا تسمح بالتقييم الموضوعي والمحاصرة النظرية لكل عناصرها ومكانيزماتها ومكوناتها ، فذلك لا يلغي إبداء ملاحظات أساسية حولها ، ومنها :- كونها جسدت بالفعل إمكانية النضال الشعبي وفق منهجيات جديدة تراعي السلمية والتعبير الحضاري بصرف النظر عن النتائج وعلى ما قد يحدث في المستقبل .- أبرزت مجموعة من التناقضات التي يعرفها التدبير الحكومي والفريق الحكومي للشأن العام .- أظهرت بعض عناصر الخلل الكامن في تدبير آليات وميكانيزمات السوق وتحرير الأسعار.- برهنت مرة أخرى على تراجع أداء الأحزاب والنقابات والجمعيات المؤطرة للمستلهكين .- فتحت المجال أمام إمكانيات التعبئة الشبه عفوية والغير مؤطرة نظريا والتي قد تطال مجالات أخرى أكثر حساسية من موضوعها الحاليالمختصر في عناصر ومواد استهلاكية لشركات ضمن أخرى تم انتقاؤها من بين شركات شبيهة و مواد أخرى معوضة، مما سهل أمر الاستقطاب والانضباط في الأجراة والتفعيل .

أحمد بومعيز

دخلت حملة مقاطعة بعض المواد الاستهلاكية لثلاث شركات بالمغرب ( ماء معدني لشركة سيدي علي المغربية - الحليب ومشتقاته لشركة سنطرال/ دانون الفرنسية – المحروقات لشركة افريقيا المغربية ) دخلت مرحلة جديدة بعد أكثر من 6 أسابيع على انطلاقها . وحسب المتتبعين والصحافة وتصريحات المسؤولين ، فإن المقاطعة أثرت بالفعل على مداخيل وعائدات الشركات المعنية ،مقابل انتعاش الشركات الأخرى المنافسة والتي لا تختلف أثمنة منتوجاتها وجودة خدماتها كثيرا عن الشركات التي تهمها المقاطعة . والمرحلة الجديدة بدأت تلوح مؤشراتها بعد صمود واستمرار المقاطعة ونجاح الترويج لها على مواقع التواصل الاجتماعي ، وأيضا بسبب التعاطي السلبي للحكومة مع الموضوع برمته ،وعدم قدرتها على التحكم في الأمر، من ضعف التواصل إلى غياب التدخل والمقاربة الكفيلة بتدبير الأزمة أو تجاوزها . ويكمن تجلي المرحلة الجديدة للمقاطعة في مستويين :1- المستوى الأول هو الموقف والإجراءات المباشرة للشركات المعنية بعد التأثير السلبي على منتجاتها على المدى المتوسط والبعيد ،وتكييف مواقفها مع المقاطعة التي طالت ، وهنا يمكن الأخذ بنموذج شركة سنطرال /دانون الفرنسية التي بادرت مؤخرا بالاعتذار وطلب تفهم موقفها من الأثمنة ، مع طرح عرض خلال شهر رمضان – من دون الحديث عن خفض في الأثمنة- العرض الذي يسمح فقط بخفض الثمن مؤقتا مقابل اقتناء عدد أكبر من وحدات الحليب أو مشتقات "الياووغت" . لكنها بعد أسبوعين من العرض والاعتذار ، اتخذت منذ يومين موقفا هجوميا حسب تصريح مديرها العام ، وذلك بالتراجع على جمع الثلث ( 30 في المئة ) من كميات الحليب ، وهو ما يعني تضرر أكثر من 40000 فلاح لأن الشركة كانت تتعامل مع حوالي 120000 فلاح ، وتستحوذ على ثلثي إجمالي سوق ترويج الحليب ومشتقاته بالمغرب.وقد كان التخلي عن جمع الحليب بمبرر وصول المخزون إلى حدوده القصوى ، كما لوح نفس المصدر ببداية التخلي على العاملين بعقود المياومة لأقل من 6 أشهر ، ملمحا ومشيرا ومنتقدا في نفس الآن بالوضعية السيئة التي سيعرفها النشاط الاستثماري بالمغرب في ظل المقاطعة وما شابهها ...الأكيد هنا أن التأثير سيهم جميع المكونات ، الشركة المنتجة والمشغلة ، والشغيلة والعمال ، والفلاحين المستفيدين من النشاط والإنتاج ، وسيكون بالتالي مؤثرا على الاقتصاد الوطني وعلى تنافسيته من حيث جذب المستثمرين ،وأيضا سيؤثر سلبا على الوضع الاجتماعي ، مع العلم أن الوضعية الاجتماعية بالبوادي تعرف أصلا هشاشة كبيرة ، وفرص الشغل نادرة وأغلبها موسمي .وإذا اعتبرنا هذا المثال نموذجا على تداعيات المقاطعة سواء بالنسبة للشركات أو بالنسبة للوضع الاقتصادي والاجتماعي ، وبالتالي دخول المقاطعة مرحلة جديدة من صيرورتها تتطلب آليات ومقاربة جديدة ومحينة من قبل المتدخلين، وهنا لا بد من الوقوف عند ملاحظة مهمة ، وهي موقف كل الشركات ، سواء المعنية بالمقاطعة أو الغير معنية أي المستفيدة راهنا من هوامش الطلب ، وفي كل المواد ، فهي كلها لم تطرح إمكانية تخفيض الأثمنة أو تجويد الخدمات ، والأنكى هو أن الحكومة بنفسها كانت تدافع على هوامش الربح التي تعتبرها معقولة أو حتى هزيلة– الرجوع إلى تصريحات الناطق الرسمي للحكومة حول أرباح شركات الحليب 4 سنتم /اللتر- .ورغم أن في الموضوع برمته مفارقات من حيث المعطيات والمقاربة بين الحكومة ومكوناتها وأعضاءها وأعضاء الحزب المشترك الذي يجمع الوزراء والبرلمانيين،وذلك في إشارة إلى تناقض الحكومة السابقة والحالية مع معطيات لجنة المالية بالبرلمان حول أرباح المحروقات وتصريحات "بوانو" الذي يعد من الأطر المقررة داخل الحزب الذي يترأس الحكومة السابقة والحالية والتي حررت أسعار البنزين والكازوال نهاية سنة 2015 من دون رصد و وضع آليات قمينة بالتحكم في السوق وفي الأثمنة بعد ذلك ...مع العلم أن المؤسسة الدستورية الموكول إليها ضبط أمر الاستهلاك وإرساء الحكامة الكفيلة بذلك ، هي مجلس المنافسة الذي لا زال مجمدا منذ سنة 2013 ، مما يفتح باب التساؤل حول مسؤولية الدولة ككل في هذا الشأن .وكخلاصة لهذا الشق ، فإن استمرار المقاطعة بشكلها الحالي ،وتأخر الحكومة في تبني موقف سليم وحكيم من الأمر سيفتح باب المغامرة أو المقامرة بالعديد من المكتسبات – على قلتها وعلاتها – التي حققها المغرب اقتصاديا من حيث الاستثمار واستقطاب الرأسمال الوطني والأجنبي ، واجتماعيا بسبب تهديد السلم الاجتماعي الهش أصلا .2- المستوى الثاني وهو إمكانيات تمدد المقاطعة وتعميمها أو سحبها على مواد ومجالات أخرى ،وذلك في إطار التماهي مع تمرين المقاطعة الحالي في حد ذاته أو كشكل من أشكال الاحتجاج أو النضال البديل، و هو التمرين الذي عرف تجاوبا كبيرا من طرف الفئات العمرية الشابة - الأقل من 40 سنة أكثر من 70 في المئة من المقاطعين – وهذه وضعية تشي بمعطيات وفرضيات كثيرة حول أسبابها وتمظهراتها الحالية والمستقبلية ، ومن الأسباب يمكن أن نذكر :- الاحتقان الاجتماعي الذي يعرفه المغرب ، وضعف القدرة الشرائية للمواطنين ،واستنزاف الفئات الوسطى واتساع الفوارق الاجتماعية والإجهاز على الطبقة الوسطى التي تعد المحرك الأساس للاقتصاد الوطني وللنشاط السياسي والاجتماعي .- تراجع الأحزاب والنقابات والتي من مهامها الأساسية مؤازرة المواطن والدفاع على حقوقه المادية والمدنية والرمزية أمام الباطرونا والمشغلين سواء في القطاع الخاص أو العام ،وأيضا باعتبارها آليات مدافعة على الحريات وعلى العدل الاجتماعي ، ثم كونها مبدئيا مؤسسات مؤطرة للمجتمع ووسيطة بين الدولة والمواطن .- ضعف أو حتى فشل النموذج التنموي بالمغرب بعد الإخفاقات التي عرفتها عدة مشاريع بقطاعات مختلفة وبالعديد من المناطق ، وللتذكير نحيل على أحداث الريف وجرادة وزاكورة وغيرها...- سحب المواطنين الثقة من المؤسسات التمثيلية نظرا لضعف الحكامة وسوء التدبير.- ضعف وهلامية العرض السياسي الذي تقدمه الأحزاب ونقاباتها، وعدم الالتزام ببرامجها وسوء تدبيرها الداخلي وتراجع الديمقراطية الداخلية وهو ما يؤكده العزوف السياسي ، والعزوف على المشاركة في الانتخابات – 43 في المئة في البرلمان 2016- وضعف نسب انتساب وانخراط المواطنين في الأحزاب وفي النقابات التي تعد ضئيلة جدا – لا تتجاوز سقف 2 في المئة من مجموع الشغيلة بالنسبة للنقابات كلها - .- التعامل والمقاربة الذي باشرت بها الشركات المعنية والحكومة حملة المقاطعة منذ انطلاقتها ، إذ بدت الحكومة مستهترة بالموضوع في البداية حد تعبير أحد أعضائها – وزير المالية – بنعت المقاطعين بالمداويخ ، تم تلت ذلك مرحلة الارتباك التي مازالت مستمرة ، في غياب قرارات سليمة ومسؤولة للتعاطي مع الأزمة التي باتت ظاهرة . كما أن الخطاب وبيداغوجيا التواصل خانت الحكومة والمعنيين بشأن تدبير المقاطعة ، عكس الداعين إليها والذين تفننوا في الترويج والاستقطاب .- تأكيد فعالية ونجاعة وسائل الاتصال الحديثة ووسائط التواصل الاجتماعي في التعبئة والاستقطاب .هذا ، مع العلم أن إمكانية تمدد أو اتساع نطاق المقاطعة تبقى واردة لتشمل مجالات أخرى أكثر حيوية وحساسية – خصوصا أمام الفراغ التأطيري أو تواريه أو غياب الإعلان عليه راهنا – مما قد يربك العديد من القطاعات ، والنموذج هو ما يتم حاليا من محاولات استقطاب للترويج والتعبئة لمقاطعة بعض الأنشطة الفنية كمهرجان موازين وغيره ...وختاما ، ورغم أن ظاهرة المقاطعة لا زالت لا تسمح بالتقييم الموضوعي والمحاصرة النظرية لكل عناصرها ومكانيزماتها ومكوناتها ، فذلك لا يلغي إبداء ملاحظات أساسية حولها ، ومنها :- كونها جسدت بالفعل إمكانية النضال الشعبي وفق منهجيات جديدة تراعي السلمية والتعبير الحضاري بصرف النظر عن النتائج وعلى ما قد يحدث في المستقبل .- أبرزت مجموعة من التناقضات التي يعرفها التدبير الحكومي والفريق الحكومي للشأن العام .- أظهرت بعض عناصر الخلل الكامن في تدبير آليات وميكانيزمات السوق وتحرير الأسعار.- برهنت مرة أخرى على تراجع أداء الأحزاب والنقابات والجمعيات المؤطرة للمستلهكين .- فتحت المجال أمام إمكانيات التعبئة الشبه عفوية والغير مؤطرة نظريا والتي قد تطال مجالات أخرى أكثر حساسية من موضوعها الحاليالمختصر في عناصر ومواد استهلاكية لشركات ضمن أخرى تم انتقاؤها من بين شركات شبيهة و مواد أخرى معوضة، مما سهل أمر الاستقطاب والانضباط في الأجراة والتفعيل .

أحمد بومعيز



اقرأ أيضاً
عودة ترامب وتأثيراتها على السياحة العالمية
مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بداية 2025، من المنتظر ان يدخل الاقتصاد العالمي في فترة من الإنكماش و عدم اليقين بالنضر لسياساته الحمائية وقراراته المفاجئة. ومن المتوقع أن يعيش الاقتصاد العالمي مجموعة من التوترات التجارية التي سيكون لها تأثيرات كبيرة على الفاعلين الاقتصاديين الرئيسيين مثل الصين والولايات المتحدة وألمانيا والمملكة المتحدة. وفيما يخص القطاع السياحي تمثل هذه البلدان 51 % من السياحة المصدرة بحلول عام 2030، وقد تلعب دورًا حاسمًا في استمرار تعافي القطاع السياحي بعد جائحة كوفيد، حيث من المتوقع أن تصدر الصين 251 مليون سائح، وألمانيا 151 مليون، والولايات المتحدة 146 مليون، والمملكة المتحدة 130 مليون، مما يجعل إجمالي عدد السياحة المصدرة ( tourisme émetteur) في هذه البلدان، 678 مليون سائح، أي أكثر من نصف إجمالي حجم السياحة العالمية الذي يُقدر بـ 1.328 مليار مسافر في سنة 2030. وقد تؤدي اختيارات ترامب الحمائية وردود افعال الفاعلين الاقتصاديين الكبار إلى تعريض آفاق النمو السياحي العالمي للخطر، وهو قطاع حساس للغاية تجاه التقلبات الاقتصادية العالمية، حيث أصبحت التوقعات الآن أقل تفاؤلاً للسنوات القادمة. و تظهر التحليلات الأولية للمؤشرات الاقتصادية العالمية، التي تشمل تطور الناتج المحلي الإجمالي العالمي والصادرات الدولية ووصول السياح، ديناميكيات متباينة على مدار العقدين الماضيين.فقد كانت فترة أوباما (2008-2016) مميزة بانتعاش اقتصادي قوي بعد الأزمة المالية، مما أدى إلى نمو في الصادرات وعدد السياح الوافدين على المستوى العالمي ، في حين أن ولاية ترامب (2017-2020)، التي كانت ترتكز على الحمائية، قد تميزت بإبطاء هذه الديناميكيات، مما أدى إلى اضطراب في التجارة العالمية. أما في عهد الرئيس بايدن، فقد شهد الاقتصاد انتعاشًا سريعًا بعد الجائحة، رغم أنه كان محدودًا بسبب التباطؤ الخارجي، ولا سيما في الصين. وفي الوقت الذي يبدو فيه أن الحمائية المحتملة في فترة ترامب 2025-2029 ستعيد توزيع أوراق النظام الاقتصادي العالمي، من الضروري أن يستعد قطاع السياحة للتعامل مع بيئة أكثر تعقيدًا بين مخاطر الركود والنمو المعتدل. الاقتصاد العالمي بين الحمائية والأزمات الاجتماعية في مقال بعنوان "ثمن الحمائية لدونالد ترامب"، نشره مركز الدراسات المستقبلية والمعلومات الدولية (CEPII)، قام أنطوان بوييه، مدير المركز، وليزا ماتي سال ويو زينغ، الاقتصاديان في نفس المؤسسة، بتحليل تداعيات التدابير الحمائية التي يعتزم دونالد ترامب، الذي أُعيد انتخابه رئيسًا للولايات المتحدة في عام 2024، تنفيذها. هذه السياسة، التي تشمل فرض رسوم جمركية عالمية بنسبة 10% و60% على المنتجات الصينية، تهدف إلى حماية الصناعة الأمريكية، لكنها قد تؤدي إلى تعطيل الاقتصاد العالمي من خلال تقليص التجارة العالمية بنسبة 3.3% وتقليص الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 0.5%. ويحذر الاقتصاديون من مخاطر اندلاع حرب تجارية شاملة، تؤثر على الولايات المتحدة والصين وأوروبا، في وقت تزداد فيه الشكوك الاقتصادية العالمية وتقلبات الأسواق. تستهدف سياسة ترامب الجمركية بشكل أساسي الصين، حيث ستكون الرسوم الجمركية المشددة ضارة بالصادرات الصينية في حين تضر أيضًا بسلاسل الإمداد العالمية. وقد تؤدي هذه الحرب التجارية الممتدة إلى ردود فعل من بكين، مما يزيد من حدة التوترات الاقتصادية العالمية. في هذا السياق، سيكون على الفاعلين الاقتصاديين الرئيسيين مثل الاتحاد الأوروبي تعديل تحالفاتهم الاستراتيجية،و هو ما سيؤدي الى زيادة التقلبات في الأسواق، خصوصا أسواق المواد الخام، مع تعميق انقسام التدفقات التجارية العالمية، مما يجعل التوازن الاقتصادي العالمي أكثر تعقيدًا. وسيكون لهذه الديناميكيات تأثيرات خاصة على ألمانيا، التي تمثل المحرك الاقتصادي لأوروبا، والتي تمر بفترة من الركود والاضطرابات السياسية الداخلية. فقد أدى إقالة وزير المالية كريستيان ليندنر إلى إضعاف الائتلاف الحاكم، مما يشير إلى إمكانية إجراء انتخابات مبكرة في 2025. وعلى الصعيد الاقتصادي، تواجه الشركات العملاقة مثل فولكس فاجن انخفاضًا في الطلب على السيارات الكهربائية، مما أدى إلى إغلاق العديد من المصانع. وفي هذا السياق، قد تزيد السياسة الحمائية الأمريكية من تعقيد الوضع في اقتصاد يعتمد بشكل كبير على الصادرات. ومع ذلك، تتمتع ألمانيا ببعض المزايا، مثل التحول الطاقي والابتكار، والتي يجب عليها الاستفادة منها للحفاظ على قدرتها التنافسية في بيئة عالمية تتسم بالشكوك المتزايدة. كما قد تضعف سياسة ترامب أيضًا الميزان التجاري للمملكة المتحدة من خلال تقليص وصول صادراتها إلى السوق الأمريكية. كما قد تؤدي هذه الوضعية إلى فرض رسوم جمركية جديدة، مما يعوق الاستثمارات الأمريكية ويزيد التضخم، مما يعرقل الانتعاش الاقتصادي للمملكة المتحدة. بين عامي 2009 و2024، تأثرت صادرات المملكة المتحدة بالسياسات الاقتصادية للإدارات الأمريكية. فتحت إدارة أوباما (2009-2016)، ارتفعت الصادرات بنسبة 2.8% بفضل سياسة التجارة الحرة. أما في عهد ترامب (2017-2020)، فقد انقلبت هذه الاتجاهات مع انخفاض قدره 2.8% بسبب التدابير الحمائية، في حين شهدت الصادرات انتعاشًا بنسبة 5.5% في عهد بايدن (2021-2024)، نتيجة لسياسة تجارية أكثر انفتاحًا. وفي هذا السياق العالمي المضطرب، تمر فرنسا أيضًا بأزمة سياسية كبيرة. في 5 ديسمبر 2024، استقال ميشيل بارنييه بعد الإطاحة بحكومته من خلال اقتراح حجب الثقة التاريخي، مما زاد من عدم الاستقرار السياسي في البلاد. هذه الأزمة، التي اندلعت بسبب استخدام المادة 49.3 في مشروع قانون الميزانية، لها تأثيرات اقتصادية كبيرة، بما في ذلك زيادة معدلات الاقتراض وضعف المالية العامة، وفقًا لوكالة موديز. هدا وقد يعاني القطاع السياحي، الذي يعتبر حيويًا للاقتصاد الفرنسي، من آثار هذه الحالة من عدم الاستقرار، مما قد يثني الزوار الأجانب ويقلل من الاستثمارات في البنية التحتية، ومن ناحية أخرى، من المنتضر ان تتأثر السياحة المصدرة أيضًا، حيث يرى الفرنسيون انخفاضًا في قدرتهم الشرائية، مما يحد من السفر إلى الخارج . عشرون عامًا من الناتج المحلي الإجمالي العالمي تحت تأثير أمريكي منذ عام 2008، مر الاقتصاد العالمي بأزمات كبرى أثرت بشكل عميق على تطوره، بما في ذلك الأزمة المالية لعام 2008 وجائحة كوفيد-19. في عهد باراك أوباما، سمحت السياسات التحفيزية الطموحة، مثل برامج الدعم للشركات والاستثمارات في البنية التحتية، بتعافٍ تدريجي بعد الركود الذي شهدته 2008. وقد بدأ الناتج الإجمالي الداخلي العالمي في الانتعاش منذ عام 2010 بنمو بلغ 5.36% ، واستمر في التعافي بمعدلات تراوحت بين 3.26 % و4.35 % طوال ولايتين من حكمه. وتميزت هذه الفترة بالخروج من الركود وتعزيز القواعد لنمو اقتصادي أكثر استقرارًا. مع وصول دونالد ترامب إلى السلطة في 2017، شهد الاقتصاد العالمي مرحلة أولية من الاستقرار بفضل السياسات الحمائية والتخفيضات الضريبية.وقد دعمت هذه التدابير نموًا قدره 3.82% في 2017 و3.63% في 2018، قبل أن يشهد تباطؤًا إلى 2.84% في 2019. ومع ذلك، أدت جائحة كوفيد-19 في 2020 إلى ركود عالمي عنيف، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي بمقدار ناقص 2.69%. وقد عرقلت هذه الأزمة الصحية سلاسل الإمداد وحدت من التجارة الدولية، مما أضعف الأداء الاقتصادي العالمي رغم جهود التعافي. اما تحت رئاسة جو بايدن، بدءًا من 2021،فقد أظهر الاقتصاد العالمي مرونة لافتة. ففي مواجهة الركود الناجم عن الجائحة، اعتمدت إدارته خطط تحفيز ضخمة، مما أدى إلى نمو قياسي بلغ 6.47% في 2021. رغم أن الديناميكية تباطأت مع نمو 3.46% في 2022 و3.21% في 2023، استقر الناتج المحلي الإجمالي العالمي عند 3.18% في 2024.وقد مكنت هذه الجهود من إحياء القطاعات الأكثر تأثرًا بالجائحة، مع متوسط نمو سنوي بلغ 4.08%، مما عزز التعافي الاقتصادي العالمي. اما بالنسبة للولاية الثانية لدونالد ترامب بين 2025 و2029، تشير التوقعات الاقتصادية إلى نمو معتدل ومستقر، مع معدلات تتراوح بين 3.23% و3.09%. الصادرات العالمية من 2008 إلى 2023: الديناميكيات المتناقضة في فترات رئاسة أوباما وترامب وبايدن منذ عام 2008، عكست الصادرات العالمية الديناميكيات الاقتصادية للولايات الرئاسية المتعاقبة.فتحت قيادة باراك أوباما، أدى الانتعاش بعد الأزمة المالية إلى دفع نمو متوسط بنسبة 4 % في الصادرات العالمية، حيث بلغت ذروتها في عام 2014 قبل أن تشهد تراجعاً طفيفاً.فقد شهدت صادرات الصين توسعاً مثيراً بنسبة 11%، بينما سجلت أمريكا الشمالية وأوروبا تقدمًا أكثر تواضعًا بنسبة 5% و2% على التوالي. وتميزت هاته الفترة بزيادة مستمرة في التبادلات التجارية الدولية، مدفوعة بالطلب العالمي والنمو الصناعي الصيني. من ناحية أخرى، كانت فترة رئاسة دونالد ترامب نقطة تحول مع ركود الصادرات، نتيجة رئيسية للحرب التجارية مع الصين وجائحة كوفيد-19. فبعد زيادة كبيرة في عامي 2017 و2018، انخفضت الصادرات العالمية، حيث سجلت نمواً متوسطاً قارب الصفر طوال فترة ولايته. بينما حافظت الصين على بعض المرونة مع نمو بنسبة 14%،كما تأثرت أوروبا وأمريكا الشمالية بشكل أكبر، حيث شهدت انخفاضات كبيرة بسبب التوترات التجارية والقيود المرتبطة بالجائحة. وتحت رئاسة جو بايدن، أدى الانتعاش الاقتصادي ما بعد الجائحة إلى انتعاش في الصادرات، مع نمو متوسط قدره 3% بين 2021 و2023.فقد سجلت أوروبا انتعاشًا ملحوظًا بنسبة 4%، مدفوعة برفع القيود الصحية، بينما استفادت أمريكا الشمالية من زيادة بنسبة 8% بفضل الطلب المتزايد في القطاعات الرئيسية، وفي المقابل، على الرغم من أن الصين لا تزال فاعلا رئيسياً، فقد شهدت تباطؤاً في نموها ليصل إلى 1%، مما يعكس التحديات المستمرة المرتبطة بالتوترات التجارية والسياسات الصحية. وقد أظهرت هذه الفترة انتعاشًا عالميًا ديناميكيًا، ولكن مع محدودية بسبب العقبات الهيكلية والجيوسياسية.وتشير التوقعات لفترة ولاية دونالد ترامب الثانية (2025-2029) إلى انتعاش معتدل في الصادرات العالمية. ومن المتوقع أن تواصل التوترات التجارية التأثير على النمو، لكن من المتوقع أن تظل الصادرات مستقرة، مع توقعات نمو تتراوح بين 2 إلى 3% سنويًا. هدا وقد تستفيد أمريكا الشمالية من زيادة الطلب في بعض القطاعات التكنولوجية والطاقة، بينما قد ترى الصين، على الرغم من كونها لا تزال فاعلا رئيسيًا في التجارة العالمية، تباطؤًا أكبر في نموها بسبب السياسات الاقتصادية الداخلية والعلاقات الدولية المتوترة.وقد يوفر هدا الاستقرار المعتدل بيئة أقل تقلبًا، مما يعزز نموًا منتظمًا، ولكن دون ديناميكيات النمو السريع التي لوحظت في فترة أوباما. التطور المتناقض للسياحة العالمية (2008-2024): بين الأزمات والانتعاش ما بعد الجائحة بين عامي 2008 و2024، شهد قطاع السياحة العالمي تطورات بارزة نتيجة للعوامل الاقتصادية والصحية.فتحت رئاسة باراك أوباما، تقدم القطاع بشكل منتظم، رغم التراجع في عام 2009 بسبب الأزمة المالية. فقد ارتفع حجم الوافدين من 930 مليونًا في 2008 إلى 1.239 مليار في 2016، مع نمو سنوي متوسط يتراوح بين 4% إلى 7%، مدفوعًا بالانتعاش الاقتصادي العالمي. اما فترة ترامب (2017-2020) فقد شهدت نموًا معتدلاً حتى عام 2019، تلتها انخفاض حاد بنسبة 73% في عام 2020 بسبب جائحة كوفيد-19.فقد تراجع حجم الوافدين من 1.326 مليار في 2017 إلى 398 مليون في 2020. اما تحت إدارة جو بايدن، فقد شهد قطاع السياحة العالمي انتعاشًا مذهلاً، حيث بلغ العدد الإجمالي للوافدين عام 2022 917 مليونًا، بزيادة قدرها 121% مقارنة بالسنة الماضية ، وفي عام 2024، من المنتضر ان يصل العدد الإجمالي للوافدين 1.489 مليار . ومع إعادة انتخاب دونالد ترامب في انتخابات نوفمبر 2024 (سيبدأ ولايته في يناير 2025) تشير التوقعات الاقتصادية إلى انتعاش معتدل لقطاع السياحة. فمن المتوقع أن تنمو الصادرات العالمية بنسبة 4% سنويًا، وأن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 3.2% خلال هذه الفترة. ومن المرجح أن تؤثر هذه العوامل بشكل إيجابي على نمو السياحة، رغم أن العلاقات الدولية المعقدة والسياسات التقييدية قد تعرقل انتعاشًا سريعًا كما كان الحال في فترة بايدن. الزوبير بوحوت
إقتصاد

الـ”ONCF” يسعى لتمويل خطته التوسعية بـ 8.8 مليار دولار
يسعى المكتب الوطني للسكك الحديدية للحصول على 8.8 مليار دولار من مستثمرين لتمويل خطته التوسعية، بحسب ما أعلن رئيس البنك الإفريقي للتنمية أكينوومي أديسينا. وأضاف أديسينا، للصحفيين في ساعة متأخرة من مساء الجمعة، بعد ختام منتدى الاستثمار في إفريقيا الذي استمر ثلاثة أيام في الرباط، أن المستثمرين مستعدون لتمويل المكتب الوطني للسكك الحديدية في المغرب بأكثر من المبلغ المطلوب، مشيرا إلى أن إجمالي عروض التمويل تجاوز 13 مليار دولار. وبنك التنمية الإفريقي شريك لبنوك ومؤسسات مالية أخرى في تمويل بعض مشروعات التنمية الكبرى في أنحاء القارة. وخلال المنتدى الذي انعقد خلف أبواب مغلقة، تمكن البنك من جمع تمويل إجمالي بقيمة 29.2 مليار دولار لمشروعات تنمية في إفريقيا في مجالات إمدادات المياه والطاقة والنقل والاستثمار المباشر والسياحة والبنية الأساسية والأدوية. ويخطط المغرب لتوسيع شبكة القطارات فائقة السرعة إلى مراكش قبل نهائيات كأس العالم 2030 لكرة القدم، ثم إلى الجنوب حتى أكادير. كما يضع المكتب الوطني للسكك الحديدية في المغرب هدفا بحلول عام 2040 بتوسيع شبكته لزيادة عدد المدن التي يخدمها إلى المثلين، أو 43 مدينة، وهو ما سيشمل 87 بالمئة من سكان المملكة.
إقتصاد

مجلس المنافسة يحقق في “اختلالات” سوق الأعلاف الموجهة لقطاع الدواجن
قرر مجلس المنافسة، فتح مسطرة تحقيق بخصوص بعض الممارسات التجارية التعريفية وغير التعريفية التي تشهدها سوق الأعلاف المركبة الموجهة لقطاع الدواجن والأسواق الأخرى ذات الصلة. جاء ذلك وفق بلاغ للمقرر العام بالنيابة لمجلس المنافسة بخصوص اتخاذ مبادرة للنظر في السير التنافسي لسوق الأعلاف المركبة بالمغرب الموجهة لقطاع الدواجن والأسواق الأخرى ذات الصلة، على ضوء الخلاصات المنبثقة عن رأي مجلس المنافسة رقم ر/3/24 المؤرخ في 26 شتنبر 2024 والمتعلق بوضعية المنافسة في سوق الأعلاف المركبة بالمغرب. وأكد البلاغ، أن هذه المبادرة، المتخذة وفقا لأحكام المادة 4 من القانون رقم 20.13 المتعلق بمجلس المنافسة كما تم تغييره وتتميمه، تهدف إلى تقييم مدى مطابقة هذه الممارسات لأحكام القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة كما تم تغييره وتتميمه. ولفت المصدر نفسه، إلى أن رأي مجلس المنافسة المذكور أعلاه، وبعد تسجيله نسبة تركيز عالية في سوق الأعلاف المركبة الموجهة لقطاع الدواجن، كشف عن العديد من الاختلالات التنافسية التي تعرفها هذه السوق وكذا الأسواق الأخرى ذات الصلة، لاسيما سوق الكتاكيت، حيث تشكل نسبة هاتين المادتين نحو 75 في المائة من سعر تكلفة دجاج اللحم، وبالتالي تؤثران على سعر بيعه. وأوضح المصدر ذاته، أن قرار اتخاذ هذه المبادرة يندرج في إطار ممارسة مجلس المنافسة لمهامه وصلاحياته الدستورية والقانونية الرامية إلى تنظيم المنافسة في الأسواق وحماية مصالح المستهلكين، خاصة فيما يتعلق بالسلع الأساسية التي تنعكس بشكل كبير على قدرتهم الشرائية. وأشار المجلس، إلى أن قرار اتخاذ المبادرة المذكور هو إجراء مسطري لا يعني بالضرورة وجود ممارسات منافية لقواعد المنافسة في الأسواق المعنية، مؤكدا أن الهيئات التداولية للمجلس وحدها تحتفظ بصلاحية البت في الممارسات المذكورة في حال ثبوتها، بعد إجراء تحقيق معمق في الموضوع تبعا لمسطرة حضورية، وفي احترام تام لحقوق الدفاع للأطراف المعنية.
إقتصاد

غياب مراقبة صارمة من قبل “أونسا” يغرق سوق الأعلاف بالمغرب في اختلالات
قال مجلس المنافسة في رأي له حول “وضعية المنافسة سوق الأعلاف المركبة بالمغرب"، إن المراقبة التي يمارسها المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية لهذا القطاع، تبقى جزئية بالرغم من صرامة الإطار التشريعي والتنظيمي المعمول به في المغرب. وأوضح المجلس، أن الفاعلين في السوق المستمع إليهم، يعتبرون عمليات المراقبة التي ينجزها المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية محدودة وغير متسقة، بالرغم من الإطار التشريعي والتنظيمي الصارم المعمول به في المغرب، والمتعلق بإنتاج الأعلاف المركبة وتوزيعها. وأفاد الفاعلون، -وفق المجلس- بأن هذه العمليات لا تستهدف جميع مراحل سلسلة الإنتاج والتوزيع في نطاقها الشمولي، ما يفضي إلى استمرار الثغرات التي تحول دون ضمان جودة الأعلاف وسلامتها. ووفقا للمعلومات المستقاة من المكتب المذكور -يضيف المجلس-، يأخذ "أونسا" 900 عينة سنويا من وحدات تصنيع الأعلاف، مستعينا بالوسائل البشرية والمادية التي يتوفر عليها. وتروم عمليات المراقبة أساسا رصد بقايا الأدوية والمواد الهرمونية والملوثات. من جانب آخر، تكمن المقاربة المنشودة حاليا في تعزيز المراقبة الذاتية عبر الاستعانة بمختبرات خاصة للتحليل والتجارب، وتم اعتمادها من لدن المكتب المذكور، عملا بأحكام القانون رقم 28.07 المشار إليه أعلاه. غير أن عددها يظل محدودا (عشرون مختبرا في مجموع التراب الوطني). وتكتسي سلامة الأعلاف المركبة أهمية خاصة لتعزيز صحة الحيوانات وضمان الأمن الغذائي للمستهلكين. ومن تم تبرز ضرورة المراقبة الصارمة والمنتظمة التي ينجزها المكتب بهدف رصد حالات الإخلال أو التلوث المحتملة وتقويمها، والتحقق من استجابة الأعلاف المعايير أكثر صرامة من ناحية الجودة والسلامة، يضيف المجلس.
إقتصاد

مجلس المنافسة يكشف أسباب تقلب أسعار الدواجن بالمغرب
أكد مجلس المنافسة، في رأي له حول “حول وضعية المنافسة سوق الأعلاف المركبة بالمغرب، أن قطاع تربية الدواجن يضطلع بدور هام في الاقتصاد الفلاحي الوطني، غير أنه يظل غير مهيكل ويعاني من ضعف الولوج إلى التمويلات البنكية، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل. وقال المجلس، إن عدة إشكاليات تواصل التأثير على القطاع، لاسيما في جانبه البعدي، كما تشكل سوق الدواجن الحية عقبة أمام اندماج مختلف مكونات سلسلة القيمة. ووفقا للمجلس الأعلى للحسابات ، يتم تسويق نحو 90 في المائة من لحوم الدواجن الحية عبر المذابح التقليدية (الرياشات)، والتي يقدر عددها بـ 15.000 بالموازاة، يعاني القطاع من تدخل الوسطاء ومزاولة النشاط من طرف وحدات غير مهيكلة وغير مرخص لها. وشدد المجلس، على أن ثمة معضلة أخرى هامة يتخبط فيها القطاع وتتعلق بحجم الاستغلاليات المعدة لتربية دجاج اللحم بالخصوص، إذ تتوفر أزيد من 60 في المائة منها على قدرات تعادل أو تفوق عشرة آلاف رأس. وعلى ضوء هذه الوضعية، يظهر أن التقلبات الحالية تزداد حدتها بسبب الظروف التجارية التي تفرضها شركات تصنيع الأعلاف المركبة، إذ في غالب الأحوال، تمتد أجال الأداء الممنوحة لمربي القطاع من لدن هذه الشركات لفترات طويلة متسببة في تدهور وضعيتهم المالية، مما يضطرهم في كثير من الأحيان إلى قبول شروط غير مواتية للاستفادة من القروض والاستمرار في الإنتاج، ويحد الاعتماد على القروض الممنوحة من لدن الموردين من قدراتهم على تدبير مواردهم المالية بفعالية، وعلى الاستثمار في تنفيذ تدابير التحسين الضرورية لتعزيز القدرات التنافسية للقطاع والرفع من مردوديته. وأشار المجلس في رأيه، إلى أن التحديات التي يصطدم بها مربو الماشية لا تقتصر على الإنتاج فحسب، بل تمتد إلى مرحلة تسويق منتجاتهم. في هذا السياق، ينتج عنه تقلبات الأسعار المتأثرة أحيانا بالتغيرات الموسمية والوقائع الاقتصادية أو المناخية بيئة غير مستقرة تزيد من صعوبة التخطيط والتدبير المالي للاستغلاليات زيادة على ذلك، تنعكس السوق غير المهيكلة التي تجرى فيها معاملات غير خاضعة للتنظيم أو المراقبة سلبا على الأسعار وعلى شروط ممارسة منافسة نزيهة مكرسة بالتالي الوضعية الهشة المربي الماشية. وسجل المجلس، غياب تأثير الحجم في عدد كبير من وحدات تربية الدواجن، ما يحد من قدرتها على استيعاب التكاليف وجني هوامش ربح كافية، ويحول دون تطبيق معايير تقنية واقتصادية أكثر فعالية في أنشطة مربي الماشية، ومن تم تعزيز تنافسيتهم وقدرتهم على الابتكار. بالموازاة تهيمن على سوق الأعلاف المركبة مجموعة صغيرة من كبار الفاعلين المندمجين عموديا والمتحكمين في عمليات استيراد المواد الأولية وكذا توزيع المنتجات النهائية. كما يتيح لهم الاندماج العمودي مراقبة سلسلة الإنتاج بأكملها، انطلاقا من الإمدادات بالحبوب ووصولا إلى عمليات الذبح الصناعي. وشدد المجلس، على أن هذه البنية وإن كانت توفر مزايا ذات الصلة بالفعالية والتكلفة، فإنها تفضي بالمقابل إلى تكريس اختلال توازن القوى على حساب مصلحة مربي الماشية، الذين لا يتوفرون على هامش كبير للمناورة والتفاوض حول شروط مواتية أكثر. من جهتها، تضاعف تقلبات أسعار المواد الأولية على الصعيد الدولي من حالات الشك واللايقين حيث تتأثر أسعار أعلاف الدواجن مباشرة بتغيرات أسعار الحبوب وكعك الصويا العالمية بالموازاة مع الاستيراد شبه الكامل للمواد الخام المستعملة في تصنيع الأعلاف المركبة. ويتسبب هذا الاعتماد الخارجي في ارتفاع مفاجئ لتكلفة الإنتاج يتحمله مربو الماشية، حيث يجدون صعوبة مستمرة في تطبيقه على سعر بيع منتجاتهم، ما يفاقم من وضعيتهم الاقتصادية الهشة.
إقتصاد

بسبب تنبيه صحي من “راسف”.. السلطات الإسبانية تصادر شحنة من الحبار المغربي
قالت جريدة "Elobservador" الناطقة بالإسبانية، أن نظام الإنذار السريع للأغذية والأعلاف التابع للاتحاد الأوروبي (Rasff) أصدر، مؤخرا، تنبيها صحيا بسبب شحنة من الحبار المغربي. وأضافت الصحيفة المذكورة، أن سبب التنبيه يعود إلى رصد مخلفات من معدن الكاديوم الثقيل، الذي يعتبر ثقيل السمية، ويتسبب في مشاكل صحية مزمنة. وحسب المعطيات المنشورة، يكون هذا المعدن بشكل عادي في البيئة بسبب التلوث الصناعي والبيئي، لكن إذا وُجد بتركيزات عالية، فإنه يكون ضارا بالصحة. ويمكن لهذا المعدن الثقيل أن يؤثر بشكل رئيسي على الكلى والعظام، بالإضافة إلى تصنيفه على أنه مادة مسرطنة محتملة، حسب المصدر ذاته. وتم رصد الشحنة عند نقطة مراقبة حدودية، وتم نشر توجيه بسحبها من الأسواق المحلية الموجهة للمستهلكين. ويسمح نظام "RASFF" بتبادل المعلومات والمعطيات بين دول الاتحاد الأوروبي في حال وجود مخاطر ناتجة عن المنتوجات الغذائية الواردة على دول الاتحاد تهدد السلامة العامة. وقالت المفوضية الأوروبية إن الإخطارات الصادرة عن نظام الإنذار السريع للأغذية والأعلاف مهمة لضمان حماية السلامة العامة مؤكدة أن المعطيات التي يقدمها قد ينتج عنها سحب المنتوجات التي اكتشفت بها مواد ضارة من السوق الأوروبية.
إقتصاد

إسبانيا تعتزم تزويد المغرب بأنظمة مراقبة متطورة
كشفت مصادر إعلامية إسبانية أن وزارة الداخلية الإسبانية تخطط لتزويد المغرب بما لا يقل عن 20 نظامًا متطورًا للمراقبة بالفيديو، بتكلفة إجمالية تصل إلى 4,120,000 يورو. ووفق المعطيات المتوفرة، فإن هذه الخطوة تأتي في إطار تعزيز التعاون الأمني بين البلدين ومكافحة الجريمة العابرة للحدود. ووقع وزير الدولة الإسباني لشؤون الأمن، رافائيل بيريز، على قرار التوريد في أكتوبر الماضي، بعدما وافق وزير الداخلية فرناندو غراندي مارلاسكا على هذه الخطوة في غشت الماضب. وتأتي هذه الأنظمة ضمن إطار “المساعدة لتعزيز القدرات الأمنية لدول أخرى”، وبهدف مواجهة الإرهاب، الاتجار بالبشر، والجريمة المنظمة".  
إقتصاد

احمد نور الدين يكتب.. هل تتكرر تجربة المعسكر الشرقي مع النظام الجزائري؟
ما قامت به الجزائر يوم السبت 23 نونبر 2024، فيما أسمته يوم الريف، من احتضان لشرذمة من النكرات وشذاذ الآفاق للمطالبة بفصل جزء من شمال المغرب، لا يمكن أن نصفه إلا بالجريمة الموصوفة التي تنضاف إلى سجل جرائم العدوان والغدر والخيانة والتحريض التي يقترفها النظام الجزائري ضد المغرب شعباً ودولة : عدوان على سيادة المغرب وتاريخه وحضارته، وخيانة للعهود والاتفاقات العديدة المبرمة بين البلدين منذ اتفاق 1961 مع الحكومة الجزائرية المؤقتة مروراً باتفاقية باماكو 1963 وباقي الاتفاقيات الأخرى، وصولاً إلى معاهدة إنشاء الاتحاد المغاربي 1989 التي تمنع احتضان أي تيار أو تنظيم معارض يهدف إلى المساس بسيادة أو استقرار بلد مغاربي أو يهدد نظامه السياسي.ولا يجب أن نعتبر –نحن المغاربة- يوم الريف حادثة عابرة أو زلّة غير مدروسة، فجرائم الجزائر تندرج ضمن سياسة وعقيدة الدولة الجزائرية منذ نشأتها سنة 1962، والدليل على ذلك تجدونه في التصريحات المُوثقة بالصوت والصورة لرؤسائها التسعة من أحمد بن بلة إلى عبد المجيد تبون. والدليل الآخر الذي لا يجادل فيه اثنان، تجدونه، ليس في الأقوال والخطب، بل في الأفعال العدائية التي تسير في خط متصل، ومنحىً تصاعدي منذ استقلال جارتنا الشرّ-قيّة عن فرنسا ببضعة شهور إلى اليوم. فقبل أن تجفّ دماء الشهداء المغاربة الذين سقطوا إلى جانب الجزائريين في ثورة التحرير، سارعت الجزائر إلى شن هجوم على المركز الحدودي المغربي حاسي بيضا حيث ذبحت 10 جنود من "المخازنية" ، فكانت تلك الاعتداءات هي الشرارة التي أشعلت ما أصبح يعرف بحرب الرمال التي استمرت ثلاثة أسابيع وتوسع الهجوم ليشمل تنجوب وفكيك وإيش. وفوق ذلك أضافت إليها الجزائر جريمة أخرى وهي تضليل الرأي العام بادعائها زوراً وبهتاناً ان المغرب هو من كان سباقاً للهجوم في تلك الحرب، وهون نفس أسلوب الكذب الرسمي الذي نهجته سنة 2021 حين زعمت أنّ المغرب أشعل النيران في غابات تزي وزّو التي تبعد عن حدودنا بأزيد من 600 كلم. واستمرت الاعتداءات العسكرية الجزائرية المباشرة كما هو معروف في معركة أمغالا الأولى والثانية سنة 1976، ثمّ بواسطة الميليشيات الانفصالية إلى غاية 1988، وبعد توقف لبضع سنوات في بداية العشرية السوداء، عاد التصعيد سنة 1994 مع الحادث الإرهابي في مراكش، وتواصلت الاعتداءات إلى أن وصلنا إلى قتل الشبّان المغاربة الثلاثة وهم يلعبون بدراجاتهم المائية في شاطئ السعيدية، مروراً بمقتل آلاف الشهداء خلال حرب الاستنزاف في الصحراء المغربية، وقتل رعاة الغنم على الحدود في حوادث متكررة كل سنة، وطرد المزارعين من أراضيهم التاريخية في واحة العرجا سنة 2021، والقائمة طويلة تستعصي على الحصر والعدّ. بإمكاننا أن نقول بأنّ ما أقدمت عليه الجزائر يوم 21 نونبر هو بمثابة آخر الطلقات، فالجزائر باختلاق حركة انفصالية في شمال المغرب، إنما تريد الهروب إلى الأمام، لإدراكها أنها خسرت ورقة الانفصال في الجنوب. وتحركها الأخير في الريف هو اعتراف ضمني بهزيمتها في الصحراء المغربية، بل إنها من حيث لا تدري تُذكّر العالم بأنّ المغرب تعرّض لتقسيم أراضيه بين قوتين استعماريتين هما إسبانيا في الريف والصحراء، وفرنسا في باقي الأقاليم. كما أنها تعطي الحجة للعالم أنّ هدفها ليس تقرير المصير المُفترى عليه، وإنما ضرب مصالح المغرب وتفتيت وحدته بأي طريقة كانت، وهذا ما اعترف به هواري بومدين نفسه في أحد خطاباته حين أكد بأن قضية الصحراء سيجعل منها "حًجَراً في حذاء المغرب". لقد فقدت الجزائر توازنها بعد اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء، والذي أدى إلى اعتراف القوتين الاستعماريتين فرنسا وإسبانيا اللتان كانتا وراء تقسيم أراضي المملكة المغربية إلى مناطق نفوذ، بالإضافة إلى تقلص عدد الداعمين للمشروع الانفصالي إلى أقل من 27 دولة بعد سحب بنما اعترافها بجمهورية ابن بطوش المعلنة في تندوف. وحتى الدول التي لا زالت تعترف بالكيان الوهمي أصبحت تلتزم الصمت والحياد باستثناء جنوب إفريقيا وبدرجة أقل فنزويلا. وقد رأينا كيف لم تصوت موزمبيق ضد قرار مجلس الأمن 2756 حول الصحراء في نهاية أكتوبر 2024، واكتفت بالامتناع عن التصويت. وهو نفس موقف روسيا التي تعتبرها الجزائر حليفتها الرئيسية، وهذا ما سبب للجزائر إحباطاً دبلوماسياً دفع مندوبها إلى الانسحاب من جلسة التصويت يجر وراءه ذيول الخيبة والهزيمة. وأمام هذا الوضع الخطير المتعلق بمحاولة استغلال ورقة الريف، يتأكد لكلّ ذي عقل حصيف أننا أمام خيار استراتيجي، مدروس ومستمر في الزمن وعابر لكل الرؤساء والحكومات الجزائرية، يهدف إلى إلحاق الضرر بمصالح المملكة الحيوية بشتى السبل. وقد بينا في مقالاتنا السابقة كيف اعترف الوزير الأول عبد المالك سلاّل أثناء محاكمته بأنه صرف عشرات المليارات من الدنانير لتخريب صناعة السيارات في بلد مجاور، في إشارة للمغرب. علينا إذن، ألا نغالط أنفسنا بشعار "الدفع بالتي هي أحسن"، ومعاملة من يعتبرنا عدوه الاستراتيجي بالتسامح، فالسياسة ليست مجالاً للنوايا الحسنة ولا للهدايا المجانية. السياسة مجال للتدافع، وليست رهبانية ترفع شعار من "صفعك على خدك الأيمن فأعطه خدك الأيسر".. وفي كلّ الأحوال لقد جرّب المغرب هذا النهج، أعني نهج التسامح وغضّ الطرف واليد الممدودة، طيلة ستة عقود مع جيران السوء، فما زادهم حلمنا إلاّ تجبراً واستكباراً وإصراراً على العدوان. لذلك سنرتكب حماقة كبرى إذا أعدنا نفس أخطاء الماضي وانطلقنا من نفس المقدمات ثم انتظرنا تغييراً لدى الطرف الآخر. والحلّ المنطقي والعقلاني الذي يفرض نفسه في هذه الحالة، يقتضي أن نغير النهج والمقاربة إذا كنّا نريد فعلاً تصحيح الوضع الخطأ في العلاقات بين البلدين. وهذا يستلزم منّا ألاّ نقف مكتوفي الأيدي وننتظر نزول معجزة المصالحة من السماء، بل علينا أن نستعمل كل الإمكانات المتاحة لردع العدوان وأن نسعى لتحييد خطره وإزالة تهديداته التي لم تتغير طيلة ستين سنة كاملة. وتفادياً لكل تأويل مُغرض، أؤكد أنني لا أدعو إلى الحرب وإن كان من الحزم والحكمة الاستعداد لها من أجل تحقيق السلام وحمايته، ولكن هناك ألف طريقة وطريقة لردع العدوان دون أن ننجرّ بالضرورة إلى حرب عسكرية مباشرة تريدها الجزائر للتنفيس عن البركان الذي يغلي في أحشائها شعبياً منذ الحراك، وعسكرياً من خلال الصراع الدموي بين الجنرالات الذين تمت تصفية جزء منهم جسدياً ومنهم الجنرال قايد صالح، وفرّ جزء ثاني إلى إسبانيا أو فرنسا ومنهم الجنرال بلقصير قائد الدرك، في حين يقبع العشرات منهم في السجون، وآخرهم الجنرال جبار مهنا مدير الاستخبارات الخارجية الذي اعتقل قبل حوالي شهر. لذلك، وفي مواجهة عدوّ يقاتل شعبه، ويتقاتل جنرالاته فيما بينهم، ويعاني من هشاشة الريع اقتصاده، وفاقد لتوازنه، ولا توجد لُحمة بين مناطقه التي صنعها الاستعمار الفرنسي صنعاً واقتطعها من الجوار اقتطاعاً، ما علينا إلاّ أن ندفع باتجاه استكمال الشروط الداخلية والموضوعية لسقوط النظام العسكري الجزائري وبرمجة انفجاره الذاتي. ولنا في تجربة الحرب الباردة بين واشنطن وموسكو خير مثال، فقد تهاوى جدار برلين ومعه تهاوت كل دول أوربا الشرقية التي أدخلتها أمريكا بيت الطاعة بما في ذلك بعض جمهوريات الاتحاد السوفييتي التي أصبحت جزءً من حلف الناتو. هذا نموذج للحرب غير التقليدية أثبت نجاحه، وما علينا إلاّ أن نسعى إلى أقلمته مع بيئتنا المجاورة، وهذا يتطلب جهداً داخلياً وتعاوناً استراتيجياً مع حلفائنا. فهل نستفيد من التجارب ودروس التاريخ؟ أم أنّنا سنعيد ارتكاب أخطاء الماضي لتنفجر ألغامها في وجه أجيال المستقبل؟
ساحة

بنطلحة الدكالي يكتب عن النظام العسكري الجزائري وضرورة الإدراج في قائمة العار
مقال رأي: محمد بنطلحة الدكالي أنشئت قائمة العار من طرف الأمين العام للأمم المتحدة عام 2002، وهي تمثل أسوأ تصنيف ضمن التقارير التي تصدرها الأمم المتحدة، باعتبارها تفضح الممارسات اللامسؤولة ضد الأطفال، كما أنها تعتبر أداة قيمة في الجهود الرامية لكبح الانتهاكات ضد الأطفال جراء النزاعات المسلحة، حيث أنه وبناء على طلب مجلس الأمن الدولي ينشر الأمين العام للأمم المتحدة سنويا تقريرا يرصد انتهاكات حقوق الأطفال ويضمنه ملحقا يدرج فيه المسؤولين عن هذه الانتهاكات، ويضمنه ملحقا يدرج فيه المسؤولين عن هذه الانتهاكات، ويطلق على هذا الملحق إسم " قائمة العار » لاحتوائه على أسماء جهات متهمة بارتكاب انتهاكات بحق أطفال في النزاعات. إنه ورغم الحماية التي يمنحها القانون الدولي للأطفال في النزاعات المسلحة، فانهم غالبا ما يتم تجنيدهم من طرف كثير من الجماعات المسلحة، حيث يفصلون عن عائلاتهم أو ينتزعون من بيوتهم أو يتعرضون للقتل أو التشويه أو الاعتداء الجنسي أو أي شكل اخر من أشكال الاستغلال. إننا نجد هذا الحظر في اتفاقية حقوق الطفل والميثاق الإفريقي لحقوق وإنعاش الطفل وبمقتضى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية فان « تجنيد الأطفال إلزاميا أو طوعيا » في القوات أو الجماعات المسلحة يشكل جريمة حرب في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، وفي قرار بشأن الأطفال في النزاعات المسلحة تم اعتماده عام 1999، أدان مجلس الأمن الدولي بشدة تجنيد الأطفال كونه يعتبر انتهاكا للقانون الدولي. ونجد أن جماعة البوليساريو الانفصالية تنتهك الاعراف والمواثيق الدولية وذلك بفرضها على أطفال مخيمات تندوف حمل السلاح وتجنيدهم والزج بهم في العمليات العدائية في تحد صارخ لكل قرارات مجلس الأمن والمواثيق الدولية، حيث تروج البوليساريو مجموعة من الأشرطة المرئية التي توثق لتجنيد الأطفال ودفعهم الى حمل السلاح وهو ما يعتبر جريمة دولية وخرقا للقانون الدولي الذي يحظر اشراك الأطفال في النزاعات المسلحة بموجب الفقرة الثانية من المادة 77من برتوكول جنيف لعام 1977 والمادة 38 من اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 والبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشراك الأطفال في النزاعات المسلحة لعام 2000 الذي يحظر إشراك الأطفال الذين لم يبلغوا بعد سن الثامنة عشر في الأعمال العدائية. إن هذا الوضع يحتم على المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية إثارة انتباه لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل بالوضعية المأساوية للأطفال المحتجزين في مخيمات تندوف في خرق سافر لكل الأعراف والقوانين، كما أن الجزائر يجب أن تتحمل كامل المسؤولية أمام المجتمع الدولي ويتعين مساءلتها لان استغلال هؤلاء الأطفال يتم فوق التراب الجزائري،وبالتالي يجب إدراج النظام العسكري الجزائري وبيادقه في مليشيا البوليساريو ضمن " قائمة العار » نظرا لخطورة الوضع اللاإنساني الذي يتعرض له الأطفال المحتجزون بمخيمات تندوف. مأساة تتوارى خلف رمال الصحراء.. أبطالها أطفال في عمر الزهور، يسائلون الضمير الإنساني العالمي لكبح غطرسة جنرالات مستبدين ولو بالإدراج في » قائمة العار » وذلك أضعف الإيمان..
ساحة

عثمان مخون يكتب.. التحضر كقوة ناعمة
عثمان مخون هل المغاربة متحضرون؟ هل المغاربة يملكون الحد الأدنى من قواعد الكياسة واللباقة والسلوك المدني المتحضر، ما قد يجعلهم يدعون الانتساب إلى شعوب معروفة بتحضرها وكياستها؟ وما قد يساهم في ترسيخ السمعة الطيبة للبلد وما يخلفه ذلك من أثر طيب لدى الرأي العام العالمي، وأثر طيب على السياسة الخارجية للبلد، وعلى الاستثمار الأجنبي فيه، وكذلك في رغبة الناس في العيش أو العمل فيه، و التأثير الذي يدخل في خانة القوة الناعمة كما يعرفها خبراء علم السياسة والعلاقات الدولية. لكن قبل الإجابة عن هذه الأسئلة دعونا نتفق على ما نفهمه وما نقصد به هنا بالتحضر؟ تحتمل كلمة تحضر أكثر من تفسير وأكثر من معنى، والقصد هنا بالتحضر ليس مفاده الجغرافي الذي يفيد تحول الناس للعيش في الحواضر، القصد هنا التحضر بمعناه السوسيولوجي أي الانتماء لثقافة المدينة ولما يفترض أن يكونه نمط العيش بالمدن من سلوك وقيم وعلاقات بين سكان المدينة، علاقات قائمة على العيش المشترك وعلى احترام الآخر واحترام القانون، والتقيد بقواعد للسلوك في الفضاء العام أثناء الكلام والتحدت و أثناء استعمال المنشآت والمرافق العامة من شوارع وأزقة وحدائق ومنتزهات وغابات ومياه سطحية بالأنهار والبحار ووسائل النقل العمومية، قواعد تحرص على المحافظة والدفاع عن الممتلكات العامة باعتبارها ملكا جماعيا و ملكا خاصا في الوقت ذاته ، ما يجعلها جديرة بالصيانة والاستعمال الرشيد من قبل الناس، والحرص بالأساس على ديمومتها من أجل الأجيال القادمة. فالناس بتحضرهم وكياستهم ودرجة تمثلهم لثقافة المدينة ورقيهم الحضاري يلعبون دور الواجهة الحقيقة والفعلية للبلد وللصورة المشرقة والإيجابية التي نرسلها للعالم. فمواطنو الشعوب الراقية المتحضرة لا يلتفتون أكثر للمكانة الاجتماعية للناس في الفضاء العام، لأنهم غالبًا ما يكونون من خلفيات اجتماعية، واقتصادية، وثقافية مختلفة، وحين يتحلّى جميع الأفراد بالسلوك المدني المبني على الكياسة خلال التعامل مع بعضهم، يُساعدهم ذلك على التحضر في تعاملهم، وبالتالي تقليل السلوكيات السلبية أو النمطية في تصرف الأشخاص مع بعضهم البعض، وهذا هو مفتاح العيش المشترك. بعد هذا دعونا نعود لنقترب من المغاربة ومن سلوكهم لنتعرف هل فعلا نحن شعب متحضر بالمعنى الذي أشرنا إليه أعلاه؟ في المغرب تم تعميم التعليم ولم يتم تعميم التربية لاسيما في بعدها المدني، تحول الناس إلى السكن في المدن دون اكتساب قيم المدينة وسلوكيات المدينة، ارتقى عدد منهم اجتماعيا دون أن يترقوا تربويا وسلوكيا، يتكلم الجالسون في المقاهي بصوت مرتفع ويستعملون هواتفهم وهم يصرخون، يستعملون وسائل النقل الجماعي وهم يتدافعون، يتكلمون بأصوات مرتفعة مع مخاطبيهم عبر الهواتف النقالة، أما عبور الطريق من ممرات الراجلين فقد صار من سابع المستحيلات، و إلقاء النفايات في الفضاء العام فحدث ولا حرج، والاستجمام في الشواطئ والجبال لا يختلف عن سلوكيات زوار المواسم التقليدية، فلا فرق بين موسم قروي بخيامه وأجوائه وبين أجواء شواطئنا. ولا أريد الحديث هنا عن عينة من أصحاب السيارات الذين يتصرفون وكأن الطريق رصفت لهم لوحدهم وأن لا قانون يسري عليهم. ولا أحد يمكن أن يفسر لماذا استعمال أبواق السيارات "بشكل وحشي" داخل المدينة، علما أن الجميع يعرف أن ذلك ممنوعا بشكل قانوني صريح، ولا نفهم لماذا لا يتم ترتيب جزاءات من قبل شرطة المرور على مثل هذه المخالفات التي تساهم في الإساءة لسمعة مدننا ولسمعة بلدنا، دون أن ننسى ما تتعرض له النساء من أشكال مختلفة من العنف الرمزي و مضايقات بالفضاء العام بسبب سلوكيات مغرقة في "الوحشية الذكورية"، سلوكيات نستنكرها جميعا دون أن نتصدى لها جميعا، ما يجعلنا مساهمين في ترسيخ هذه الصورة السلبية عن بلادنا التي لا يشعر فيها نساؤنا بالأمن والآمان في الفضاء العام؛ عشرات الأمثلة يمكن أن نوردها هنا عن غياب الحس المدني والكياسة وقواعد التحضر عند الغالبية الساحقة من المغاربة، ولست أشك أن السلطات العمومية تدرك حجم الخسائر التي تخلفها مثل هذه السلوكيات على صورة البلد، وأنه لا بد من برنامج كبير يروم تأهيل سلوك المغاربة. نحن مقبلون على طفرة نوعية تستعد فيها بلادنا لتقدم نفسها للعالم كبلد منفتح وكشعب متحضر مضياف، فلا يكفي الاهتمام بالبنيان دون الاهتمام بالإنسان. يجب أن تكون مناسبة الاستعداد لاستضافة للمحافل الدولية الرياضية منها والاقتصادية فرصة لإطلاق برامج كبيرة لتأهيل سلوك الناس وتحسيسهم بأهمية احترام القوانين وجبرهم على ذلك إن اقتضى الحال، وأنه حان الوقت لكي يدخل المغاربة عصرا جديدا نزاوج فيه بين كل الإيجابيات الثقافية الموروثة لدى المغاربة ومن بينها كرم الضيافة وعراقة التاريخ وكل التراث المادي وغير المادي كاللباس والطبخ والفنون الشعبية الراقية، وبين اكتساب قيم وسلوك وكياسة ورقي سكان المدينة، كما هي متعارف عليها بعدد من البلدان الأوروبية والأسيوية. فهل سيكون المغرب في مقدمة البلدان الإفريقية التي ستدخل نادي الشعوب والبلدان المعروفة بكياستها وتحضرها وبتجذر تاريخها وثقافتها ونوظف ذلك كقوة ناعمة اتجاه باقي شعوب العالم؟
ساحة

الاستاذ سليم أحمد يكتب عن صعوبات استيعاب مادة الفيزياء والكيمياء بالمغرب
تعتبر الفيزياء تخصصًا علميًا نبيلًا لما تقدمه من خدمات ومفاتيح لفهم الواقع الذي يحيط بنا. وإلى جانب الكيمياء، تُعد الفيزياء أحد أهم ركائز تقدم البشرية، نظرًا للأهمية المتزايدة للعلوم والتكنولوجيا في حياتنا، حيث إنها محركات قوية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لأي مجتمع. وتجاوبًا مع هذه التطورات، يتناول منهج الفيزياء والكيمياء في التعليم الثانوي في المملكة المغربية عددًا من المفاهيم العلمية المرتبطة بالبيئة المباشرة للمتعلم، حيث يتضمن القيم البيئية والصحية والوقائية. ويهدف ذلك إلى تمكين المتعلمين من التفاعل مع المعارف والمصادر العلمية والتكنولوجية لبناء شخصيتهم من خلال امتلاك المهارات الأساسية التي تمكنهم من دمج ما تعلموه وحل المشكلات المدرجة في بيئتهم الاجتماعية والاقتصادية. يهدف تدريس الفيزياء والكيمياء إلى تفعيل دور المتعلم من خلال تعريضه لمواقف مستمدة من البيئة المعيشية، مما يؤدي إلى تنمية المهارات المنهجية، والثقافية، والتكنولوجية، والتواصلية. وهذا يمكّنهم من التكيف مع بيئتهم الاجتماعية والاقتصادية. فالتعليم هو تفاعل مستمر بين المعلم والمتعلم والمعرفة (عناصر المثلث التعليمي) في سياقات تعليمية منظمة، تهدف إلى تحقيق الأهداف التعليمية المنشودة. إلا أن هذا التفاعل يمكن أن يصطدم بعوائق مختلفة تعيق اكتساب المتعلم للمعرفة الجديدة. وعند التحقق الكمي من مدى اكتساب المتعلم لحاجات المتعلم، تظهر مجموعة من الأخطاء التي يرتكبها المتعلمون، تتفاوت في الشكل الذي تظهر فيه وفي حدتها. تعد الفيزياء والكيمياء من بين المواد التعليمية التي غالبًا ما يجد المتعلمون فيها صعوبة في استيعاب بعض المفاهيم العلمية، خاصةً المفاهيم الأكثر تجريدًا. وتتجلى هذه الصعوبة في معدلات الخطأ المرتفعة المسجلة عند تفاعل عناصر المثلث التعليمي، مقارنة بالمواد الأخرى. والأكثر من ذلك، تميل هذه الأخطاء إلى الزيادة مع ارتفاع المستوى التعليمي للطلاب. ويسهم التباطؤ في معالجة هذه الأخطاء واستثمارها من خلال بيداغوجية أكثر جرأة في معالجة الأخطاء في زيادة معدلات الانقطاع والهدر التعليمي، والتي تعتبر من أهم أسباب هدر الطاقات والمهارات التي يمكن أن تسهم في تحقيق التقدم في مختلف قطاعات الإنتاج الوطني.ولهذا الغرض، من الضروري الإلمام بدراسة الأخطاء التي يرتكبها تلاميذ الثانوي التأهيلي خلال حصص هذه المادة، بهدف البحث عن أسباب الخطأ ومصادره والتدخلات الكفيلة بعلاجه. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي التركيز على تحديد العوائق الرئيسية التي تحول دون الاستخدام الفعال للأخطاء خلال حصص الفيزياء والكيمياء، وذلك باستخدام الأدوات المنهجية للبحث الإجرائي.   سليم أحمد أستاذ التعليم الثانوي التأهيي دكتور باحث   La physique est considérée comme une discipline scientifique noble en raison des services qu'elle rend et des clés qu'elle offre pour comprendre la réalité qui nous entoure. Aux côtés de la chimie, la physique figure parmi les piliers les plus importants pour le progrès de l'humanité, compte tenu de l'importance croissante de la science et de la technologie dans nos vies, car elles constituent des moteurs puissants pour le développement économique et social de toute société. En réponse à ces évolutions, le programme de physique et de chimie dans l'enseignement secondaire au Royaume du Maroc aborde plusieurs concepts scientifiques liés à l'environnement immédiat de l'apprenant, en incorporant les valeurs environnementales, sanitaires et préventives. Cela vise à permettre à l'apprenant de s'engager avec les connaissances et les ressources scientifiques et technologiques pour construire son caractère en possédant des compétences essentielles qui leur permettent d'intégrer leur apprentissage et de résoudre des situations problématiques insérées dans leur environnement social et économique. L'enseignement de la physique et de la chimie vise à activer le rôle de l'apprenant en les exposant à des situations tirées de l'environnement vivant, ce qui conduit au développement de compétences méthodologiques, culturelles, technologiques et communicatives. Cela leur permet de s'adapter à leur environnement social et économique. L'enseignement est une interaction continue entre l'enseignant et l'apprenant, et les connaissances (les éléments du triangle didactique) dans des contextes éducatifs organisés, visant à atteindre les objectifs éducatifs souhaités. Cependant, cette interaction peut rencontrer divers obstacles qui entravent l'acquisition de nouvelles connaissances par l'apprenant. Lors de la vérification quantitative de l'étendue de l'acquisition des besoins en apprentissage par l'apprenant, une gamme d'erreurs commises par les apprenants apparaît, variant à la fois dans la forme sous laquelle elles se manifestent et dans la gravité qu'elles mettent en évidence. La physique et la chimie sont parmi les matières éducatives dans lesquelles les apprenants ont souvent du mal à saisir certains concepts scientifiques, surtout les plus abstraits. Cette difficulté se manifeste par des taux d'erreur élevés enregistrés lors de l'interaction des éléments du triangle didactique, par rapport à d'autres matières. De plus, ces erreurs ont tendance à augmenter à mesure que le niveau éducatif des étudiants augmente. Ralentir le traitement de ces erreurs et investir en elles à travers une pédagogie de l'erreur plus audacieuse contribue à l'augmentation des taux d'abandon et du gaspillage éducatif, qui sont considérés comme les principaux moteurs du gaspillage d'énergies et de compétences pouvant contribuer au progrès de divers secteurs de la production nationale. Dans ce but, il est nécessaire de se familiariser avec l'étude des erreurs commises lors des sessions de cette matière par les élèves du secondaire dans le but d'investiguer les causes de l'erreur, ses sources et les interventions pour y remédier. De plus, l'accent devrait être mis sur l'identification des principaux obstacles à l'utilisation efficace des erreurs pendant les cours de physique et de chimie, en s'appuyant sur des outils méthodologiques pour la recherche procédurale.  
ساحة

ادريس الاندلسي يكتب لـ”كشـ24″: ميناء ” الخزيرات” ومعركة منافسة طنجة المتوسط
نزلت الحكومة الإسبانية بكامل ثقلها التمويلي لدعم ميناء الجزيرة الخضراء أمام التطور السنوي الكبير الذي تعرفه الحركة التجارية بميناء طنجة المتوسط. حكومة إسبانيا استشعرت خطر فقدانها للريادة الميناءية في المنطقة و اتخذت قرارا استراتيجيا من خلال وضع برنامج تمويلي بحوالي مليار  و 775 مليون يورو أي ما يعادل حولي 19 مليار درهم. أهمية هذه الخطوة ليست في حجم التمويل فقط و لكن في مضمون  و مكونات الإستثمار. الحكومة الإسبانية تعمل على ربط الميناء بشبكة من مناطق الإنتاج  و مناطق اللوجيستيك في محيط يصل طول محوره الى 966 كيلومتر انطلاقا من " صاراكوس". الجديد في هذا الإستثمار هو البعد اللوجستيكي المدعوم بشبكة من الموانئ المسماة "يابسة" أو "  الجافة "بسبب بعدها من البحر. و سوف يشكل هذا الإستثمار عوامل مساعدة  و محفزة على المنافسة في حوض البحر الأبيض المتوسط.  و هكذا سيمكن هذا الإستثمار الضخم من تسهيل عملية نقل السلع من  و إلى ميناء الجزيرة الخضراء عبر شبكة من الطرق  و السكك الحديدية و مراكز اللوجستيك. و لهذا الغرض  و بعد أن تأكدت نتائج المسار الريادي لطنجة المتوسط تحركت الحكومة في شخص وزير النقل " أوسكار بوينتي" للجزيرة الخضراء لتأكيد الدعم السياسي  و المالي لميناء الجزيرة الخضراء باعتباره ،حسب قول الوزير، بوابة أوروبا على البحر الأبيض المتوسط . يعرف كل من تابعوا إنجاز ميناء طنجة المتوسط أن إسبانيا حاولت التشكيك في القدرة على الإنجاز.  وحين انطلق الورش الكبير للميناء أخرجت الصحافة الإسبانية ورقة اضرار  المشروع على البيئة للتأثير  على القرار الأوروبي  و على الممولين.  و كانت العزيمة  و الإرادة الملكية وراء تقدم الأشغال  و انطلاق عملية الاستغلال الميناء منذ  2007. اليوم أصبح هذا الميناء الأول أفريقيا  و الأول في البحر الأبيض المتوسط  و ذلك لرابع سنة التوالي. تجاوزت الحاويات التي استقبلها الميناء 9 ملايين و تجاوز عدد السيارات التي تم تصديرها انطلاقا منه المليون سيارة بالإضافة إلى ملايين الأطنان من المحروقات. كل هذا بالإضافة إلى الدينامية التي تعرفها الشركات التي تعمل بمختلف مرافق الميناء  و التي وصل رقم معاملاتها  في نهاية  2022 إلى حوالي 155 مليار درهم. المنافسة ستزداد شراسة في مجال الموانئ خلال السنوات المقبلة  و هذا ما تبينه زيارة وزير النقل الإسباني لميناء الجزيرة الخضراء  و الإعلان عن تمويل ضخم لتطويره.  و هذا الموضوع يطرح على الحكومة سؤال الإستراتيجية التي يجب اتباعها للاستمرار في تطوير أكبر مشروع انجزته بلادنا و للمحافظة على المكانة التي كسبها المغرب اقتصاديا  و سياسيا بفضل هذا الإنجاز غير المسبوق. نعم أرقام الفاعلية الإقتصادية  و المالية لطنجة المتوسط تعرف نموا متواصلا،  لكن طموح المغرب يتطلب المزيد من العمل الإستراتيجي.  
ساحة

نهضة بركان يفك ارتباطه بالمدرب أمين الكرمة
قرر نادي نهضة بركان الانفصال بشكل رسمي عن مدرب الفريق الأول أمين الكرمة. ووفق بلاغ صادر عن إدارة النادي البركاني، فقد توصل مسؤولو الفريق إلى اتفاق مع الكرمة لفك الارتباط بين الطرفين بالتراضي. ولم يحضر الكرمة لتداريب نهضة بركان، التي لحقت الهزيمة أمام مولودية وجدة في ديربي الشرق، والتي كانت من بين أسباب ٌإقالة المدرب، بعد ثلاث سنوات قضاها كقائد للنادي.  
ساحة

جعفر الكنسوسي يكتب.. المدينة العتيقة، ميراث من الماضي وكنز للمستقبل
ألقي هذا النص باسم جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته وهو تعبير عن خلاصة ما يدور بين أفراد اللجنة العلمية للجمعية لتحضير الندوة الدولية "حاضر المدن العتيقة ومستقبلها: معرفة التراث المعماري والعمراني وذاكرته في المغرب الكبير والشرق العربي" نذكر منهم الكاتب جعفر الكنسوسي، المهندس المعماري إيلي مويال، الجامعي عبد الغني زريكم، المهندس المدني عبد العزيز بلقزيز والعمرانية حليمة المرابطي وذلك في نطاق موسمية سماع مراكش الدورة الحادية عشرة من 19 إلى 23 أكتوبر 2022. ونذكر أن جمعية منية مراكش تنتمي إلى ائتلاف ذاكرة المغرب الذي يضم عشر جمعيات من المجتمع المدني المؤهل والتي تعمل من أجل حماية التراث المادي والمعنوي وتثمينه وأسماءها كالتالي : جمعية منية مراكش، جمعية مؤسسة المغرب للتراث فاس، جمعية ذاكرة الرباط سلا، جمعية تطاون أسمير، جمعية طنجة البوغاز، جمعية ذاكرة دكالة، جمعية ذاكرة آسفي وجمعية ذاكرة الدار البيضاء وجمعية ذاكرة تارودانت وجمعية ذاكرة شباب الصويرة. "أي دور للمجتمع المدني في تنزيل الرؤية الملكية للحفاظ على التراث وتثمينه"، وأي إسهام للجمعيات المؤهلة في اللجان المحلية المكلفة بتنفيذ البرنامج الملكي؟ هذا الورش التاريخي الذي نرى أعماله كل يوم منذ انطلاقته قبل سنين بداخل أسوار المدينة العتيقة، بل بالمدن العتيقة المذكورة. أراده صاحب الجلالة الملك محمد السادس اعتبارا منه لتراث المدينة. فالمدينة العتيقة هي السر وهي الكنز الذي لدينا في جهاتنا المختلفة. فهذا ورش فريد في تاريخنا منذ قرون، فتح البوابة العالية أمامنا، أمام مبادرات الجمعيات التي تدافع عن قضية، تتبنى قضية، ونحن في جمعيتنا منية مراكش لدينا قضية ورؤية تضبط عملنا منذ عقود، باعتبار أن هذه الجمعية نحسبها امتدادا لجمعيات أخرى مهدت الطريق. ولسنا إلا حلقة من بين حلقات متراسلة تصل الماضي بالزمن الآتي. وحاصل الكلام أن هذه الجمعيات والمؤهلة منها على وجه التحديد ذات الكفاءات العاليات لم تبرح مكانها من دور الملاحظ فقط، بالرغم من خبراتها المتعددة وانخراطها بالفكرة والاقتراح العملي وتحليها بالضمير الوطني. كان الورش الملكي مشروعا نحلم بتحققه، إلا إنه صار اليوم أعمالا ضخمة تُنجز للنهوض بتراث المملكة. فالمنتظر من المجتمع المدني أن يثمن هذه العملية التاريخية، لأنها أشغال ضرورية بل أساسية، فينبغي أن نثمن ونكمل الشق الآخر مع الوعي التام بضخامة المشروع وإكراهاته. فأقول لا توجد مؤسسة مؤهلة حاليا غير الإدارة لإنجازه. قامت الإدارة بالعمل وبمجهودات كبيرة وتعمل جاهدة لاحترام الآجال. فإنجاز الورش سابقة بالنسبة لمختلف الإدارات ولم تكن لها من ذي قبل تجربة ودربة على إصلاح النسيج الحضري العتيق بهذه الضخامة واتساع الرقع الحضرية التي تطالها تدخلات الإصلاح والترميم. بل وفي نظرنا واجهتها صعوبات أذكر منها: مقاولات في معظمها غير متخصصة وغياب دراسات معمقة وعدم توفر الوقت الكافي للإنجاز. ومع ذلك كان لابد من مباشرة الأشغال. وبالرغم من هذه المعضلات الثلاث، ينبغي على المجتمع المدني المؤهل أن يأخذ مكانه ومكانته ويقترح ما عنده من حلول تحذقها المعارف والخبرات ويتبنى الدينامية التي يتيحها اليوم النموذج الجديد للتنمية وأن يضع أصبعه على النجاحات ويزكيها وكذلك على المعوقات ويؤكد على أن النجاح لا يأتي إلا عبر إشراك المجتمع المدني المؤهل بإحداث مؤسسة المدينة العتيقة الكفيلة بصون هذا التراث قبل فوات الأوان في حالات كثيرة. فعمل المجتمع المدني القوي بخبرائه وبشخصياته وخبراته بمثابة الروح من جسد هائل ماثل أمام أعيننا. فتعقبات هذا النموذج الجديد على ما أنجز نتبناها بدورنا وهي صريحة جدا.هناك مفارقة ينبغي أن تستوقفنا مليا، حيث نلاحظ أن النخب التكنوقراطية لم تكن تبالي عادة بالمدينة العتيقة لمدة عقود منذ فجر الاستقلال (أنظر نازلة اغلاق ساحة جامع الفناء غداة الاستقلال وتعيين أول عامل على مدينة مراكش -دفاتر تراث مراكش العدد الثالث الجزء الأول مقالتي صحف جامع الفناء)، هذا من جهة. ونقف من جهة أخرى عن أحوال ذات المدينة العتيقة جيدةً ومكانتها السياحية والإعلامية والتجارية. فلنُذكر بأن لا أحدا كان يعتقد قبل عشرين سنة تقريبا أن التنمية بالثقافة نموذج يُعتمد عليه، بل أن لا أحدا كان يتخيل أن المدينة القديمة قد تصير قاطرة اقتصاد مراكش كافة ولا أنها قد تكون الخميرة اللازمة لتنمية السياحة. فالمفارقة إذن هي أن مراكش لم تنتفع لوحدها فحسب بل انتفع المغرب قاطبة من ظهور مقامة ثقافية جامعة قبل أن تصير قطبا اقتصاديا جديدا ومقيلا للسياحة العالمية. جاءت المفاجئة العظمى من أقصى المدينة العتيقة ومن نموذجها الثقافي الذي كان السبب في ظهور كل هذه الأنشطة الفنية والاقتصادية والعقارية أو الثقافية بالمعنى الواسع. فمقومات البلد التاريخية هي التي أضحت سدة الناصر والمنصور بحسب تعبير لسان الدين بن الخطيب لما أقام معيار اختياره بل اختباره للمعاهد والديار. فهل السر يكمن في التاريخ أكثر مما هو في الجغرافيا؟ بل أقول عاد المحور التاريخي القاري من داخل المغرب (محور مراكش، فاس، سوس درعة وهو حامل التاريخ بدلا من محور الشاطئ) أثرت المدينة العتيقة بقوة تبليغها الحضري في الوافدين الجدد، هؤلاء الذين اشتروا المنازل والديار والدويرات ومعظم الرياضات الفاخرة عام 2000 تحديدا، وصارت فيما بعد دورا للضيافة، فقد اقتضى الأمر عشرين عاما تقريبا قبل أن يُنتبه إليها لتنكب الإدارة على المسألة وتواكبها. إلا أنه وجبت الإشارة أن هاذين العقدين من الزمن كانا مهلكين للتراث المبني للمدينة وطبعا ما ضاع من المدينة لن يعوض ولا رجعة فيه. لا شك أن إنشاء فنادق جديدة ومطاعم ودور الضيافة وفرت مناصب شغل كثيرة وأنشطة اقتصادية متنوعة حتى الثقافية منها لكن ما الذي حصل في المقابل. إن الثمن كان باهظا وما هدم من مبان عدت من الغابرين بلا رجعة. كان الأوائل من هؤلاء المراكشيين الجدد (أعني الأجانب الطارئين) تُحركهم محبة البناء العتيق، شغوفين بها نزاعا لأصولهم الأرستوقراطية أو من انضاف إليها، إلا أن الأمر صار بسرعة تجارة مربحة تكتنفها مزايدات عقارية. فتعلل الجيل الثاني من هذه الطائفة بتحوير أماكن ثقافية بل وحمالة لرصيد تقافي كبير بحسب مصالحهم. وفي الغالب فرضوا تغييرات تستجيب لتجارتهم النافقة الجديدة دون أن يعبؤوا بالقيمة التراثية للمنازل. حصل تغيير في المباني العتيقة كان من اليسير تفاديه في إطار تصميم التهيئة لسنة 2000 الذي أشرف على إنجازه المهندس المعماري إيلي مويال المعروف بانتصاره لمدينة مراكش العتيقة ومعانيها الغريقة و(البني المراكشي) كما يصطلح عليه عند العرفا والموجهين أي شيوخ النظر من أهل مراكش قديما. كان الغرض منه تأطير مختلف نشاط المتعهدين الجدد. والمحصل أن هؤلاء الطارئين على المدينة تدخلوا بحرية كاملة. يمكننا القول بأن الإتلاف الجزئي للتراث لم يحجز الصحة الجيدة الاجمالية لنموذج المدينة العتيقة. وإن أخدنا بعين الاعتبار التأثير الاقتصادي والثقافي لهذه المقاربة مع العلم أنها مازالت مصدر إبادة للقيمة التراثية، لا شك أننا لاندفع الثمن حاليا لكن مع المطاولة سنؤديه لا محالة لأن هناك إتلاف للمعنى. وقد نتصور في وقت ما أن مفعولية هذه الخميرة الثقافية التي يتسم بها النسيج الحضري العتيق للمدينة قد يصير أقل قوة لأن هاته التغيرات ربما انقلبت إلى ضد معناها. وهذا من نتاج العولمة، فهذه غالبا ما تكتفي بفقد القيمة وتواري المعنى الذي يترتب عن هيمنة الكم كما يقول الأستاذ روني كينو. ينبغي أن نميز ما بين المدينة التي هي مركز ثقافي للإنتاج لأنها هي مجال حياة الناس الذين يعيشون فيها وبها تحيى عوائدهم وسير عيشهم اليومي. ومن أجله يقصد الوافدون مركزها الثقافي للارتواء من معينه. وبوسعهم أن يفدوا عليها من أقصى بلدان العالم، يتغذون بمادتها الرمزية، يعترفون بذلك ويستحسنونه. كما ينبغي التمييز بين هذا الإنتاج وإنتاج إرادي آخر. فهذه الصيغة الثانية مرغوب فيها طبعا، إلا أنه ينبغي أن نفهم أن الثقافة هي قبل كل شيء الإبقاء على هذا الكيان الحضري الذي نسميه المدينة العتيقة، نحفظ عليه حياته ونصونه لكي يبقى بصحة جيدة. غالبا ما نسمع عن مبادرات ثقافية تصدر عن شخصيات وجمعيات وهيئات ومؤسسات طبيعتها متعددة، غايتها إنقاذ المدينة العتيقة وصون تراثها. الملاحظ أن جميع هذه المبادرات تبقى هامشية إن قارناها بالحقيقة التالية وهي أن المدينة نفسها وجسمها الرمزي كانا السبب في الانتباه إليها، وأنها قد دافعت بالفعل عن نفسها جيدا، وجرًت من ورائها الاقتصاد والسياحة على السواء. والواقع إذن فهذا الكيان الرمزي هو الذي كان له التصريف إلى حد الآن مقارنة بتدخلات الإنسان التي بقيت دون ذلك. فهذا التراث بالرغم من كونه في خطر هو فعال بنفسه. فمن خلال ماديتها فمدينة مراكش هي كيان رمزي يدافع عن نفسه لوحده وبنجاعة. وبتعبير آخر فإن هذا الجسم الرمزي يؤثر في محيطه الإنساني، كما يفعل في الاقتصاد. ولا شك أن مفعولية هذا الكيان ستستمر مستقلة عن مبادرات هذا وذاك إن توفرت له الشروط. وبوسعنا أن نتساءل ما عسانا أن نقوم به ونجلبه لصالح المدينة العتيقة من أشياء ذات أهمية. ما الذي يمكننا أن نقوم به ونعزز به شأن المدينة؟ لربما في مقدمة هذه التساؤلات ينبغي على كل واحد أن يستمر في محاولة فهم ما معنى المدينة وما الذي تستمر هي في قوله، يعني أنها كيان حي يتكلم! فينبغي فقط أن نتحلى بالاستعداد الذهني بل الجواني لفهم ما يقوله لنا هذا الجسم الذي يتحدر من أزمنة قديمة ومع ذلك يستمر في الخطاب. ومن أجل ذلك فحري بنا قبل أن نتساءل ماذا يمكن جلبه، ينبغي أن نقول ما الذي يجب فهمه؟ إلا أن ما يعوزنا هو قلة الدراسات والأبحاث الميدانية سواء الجامعية منها وغيرها فلنقلها وبكل صراحة أن التراكم الكمي المعرفي الذي يفلي ويقلب في ثنايا المدينة ضئيل جدا. والعمل على توفير المضامين العلمية هو في مقدمة الأولويات. ويبقى أنه يوجد مكان في قلب الحاضرة بل في قلب البلاد، يخاطب الناس، أهل مراكش ومن يأتي من زوار العالم على السواء. فهذا المكان يحدث صدى مستمرا يأتي من أزمنة سحيقة ومع ذلك له قيمة كبرى في زمن العولمة حاليا، وأهميته كبيرة لأنه يمثل بوثقة صدى الهوية الوطنية، ويمثل كذلك مقامة حضارية عالية، كل الناس في حاجة إليها. وكما قال كاتب من مراكش الطيب بوعشرين في بداية القرن العشرين "وكل الناس لهم إليها حنين واشتياق". ويبدو لي وكأن قول الكاتب حدس أو إلهام تركه لنا قبل مائة عام وراح، فمن فهمه استراح. هناك بعض الأماكن "موسومة") (emblématiques، مطبوعة، توجد في العالم، تتكلم، وتحدث وقعا بليغا في ضمائر الناس ومن بينها مدينة مراكش العتيقة، سواء أتدخلنا لنُصرة هذا الكيان أو أحجمنا. وبالطبع إذا قدمنا لها العون الكافي سيذهب الأمر بعيدا أكثر وأعلى، ويَحسن بنا أن نمد لها يد العون والحالة أن معظم الشروط قائمة. ونلاحظ أن هناك جزء في الحياة الثقافية للمدينة نجده غير إرادي ويواصلنا من أقدم عصورها ومصدره أهل البلد. فحري بنا أن نقدم لها العون والعولمة تحيط بنا من كل جهة. ولحسن طالع المدينة أنها تتوفر على شارة بل مراكش هي الشارة، ويبقى على عاتقنا استعمالُها على الوجه الأمثل، لأن جانبا كبيرا من التداعيات الاقتصادية منها والثقافية يترتب عنها. وشيأ فشيأ سنشهد تداعيات على كل المستويات. فكلما صار العالم أكثر كثافة كلما توجه نحو مزيد من العولمة، لما كان احتياجنا كبير لشارات موسومة ولأمكنة مطبوعة تكتنز هوية قوية جدا، لأن الناس يتجمعون حول هذه الهُويات الأصيلة بالذات أكثر فأكثر. فالمدينة العتيقة هي بالأصالة ثقافية وتنتج إنتاجا غزيرا بالفعل. ومطمح أنفسنا أن يصبح مستقبل المغرب الحضري أيضا في فَهم المدينة العتيقة وتفهيمها وتقبلها بقَبول حسن والإنصات لذلك الخطاب الأخاذ الذي ما فتئ يصدر عن كَيانها القديم.
ساحة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور
الأكثر قراءة

إقتصاد

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الاثنين 09 ديسمبر 2024
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة