الاثنين 20 مايو 2024, 03:13
أحمد نور الدين يكتب.. ماذا بعد العملية الإرهابية في سمارة ؟
بعد اعتراف ما يسمى جبهة "البوليساريو" الانفصالية، من خلال بيانها ومن خلال المواقع الإلكترونية التابعة لها او للجزائر، بالعمل الإرهابي الذي استهدف المدنيين في أحياء سكنية آمنة في مدينة سمارة في الصحراء المغربية، لم يعد هناك مجال لمواصلة المسلسل السوريالي الذي تقوده الأمم المتحدة والذي يعيش موتا سريريا متذ سنوات، بسبب تعنت النظام العسكري الجزائري الذي يعرقل كل المقترحات والمساعي التي قد تؤدي إلى إنهاء النزاع، بما فيها العدوان العسكري الجزائري في أمغالا، والانسحاب من لجان تحديد الهوية الذي أدى إلى قبر الاستفتاء، ورفض مخطط بيكر الاول برسالة من الرئيس الجزائري، وقطع العلاقات ودق طبول الحرب وصولا إلى الاعتداء على واحة العرجة بفكيك وقتل الشبان المدنيين في السعيدية، وغيرها كثير.. وقد فصلنا في الأمر ما يكفي في عشرات المقالات. وعلى المغرب ان يستخلص الدروس وأن يتخذ قرارات حازمة، من بينها: اولا، الإعلان رسميا عن انتهاء مسلسل التسوية الأممي، وتحميل كامل المسؤولية للجزائر وعصابة الانفصاليين الذين أعلنوا رسميا منذ تطهير الكركرات في 13 نونبر 2020، عن تنصلهم من اتفاق وقف إطلاق النار، وما تبع هذا الاعلان من أعمال عدائية ضد المغرب وصولا إلى العملية الإرهابية ضد المدنيين في سمارة. ثانيا، وتبعا لما سبق، دعوة مجلس الأمن الدولي إلى إنهاء مهام المنورسو، ومغادرتها الأقاليم الجنوبية للمملكة، وإغلاق الملف في مجلس الأمن وإعادته إلى الجمعية العامة، كما كان قد اقترح ذلك الأمين العام الأممي الأسبق كوفي عنان، مع تحميل الجزائر كل التبعات. ثالثا، تصنيف المغرب لما يسمى "جبهة البوليساريو"، تنظيما إرهابيا، ومطالبة كل دول العالم تبني هذا التصنيف، وإعداد المملكة لملف متكامل لدعم عذا التصنيف، يشمل كل العمليات التي استهدفت المدنيين منذ 1975 إلى اليوم، وهناك عمليات قتل استهدفت الصيادين والعمال وسائقي الشاحنات المدنيين، بالإضافة إلى الهجمات التي استهدفت قتل وخطف المدنيين في مدن طانطان وطرفاية واسة الزاك وغيرها، خارج مجال النزاع، وذلك قبل استكمال الجدار الأمني. كما يمكن تعزيز الملف بشهادات ضحايا التعذيب داخل معتقلات الرابوني، وشهادات عائلات ضحايا الاختطاف داخل مخيمات تندوف والذين يتجاوزون 600 مختطف من ابناء الصحراء لازال مصيرهم مجهولا إلى اليوم، دون أن ننسى تضمين الضحايا المدنيين الاجانب ومنهم موريتانيون في هذا الملف.
ساحة

الزوبير بوحوت يستعرض “المعجزات الإحصائية ” لفاطمة الزهراء عمور
بقلم الزوبير بوحوت نمو سياحي إستثنائي تحت سحر الإجتماعات السنوية بمراكش للبنك العالمي وصندوق النقد الدولي. - انخفاض إيرادات العملة الصعبة بنسبة 2.7٪ في يوليو 2023. - انخفاض إيرادات العملة الصعبة بنسبة 11٪ في أغسطس 2023. - تضليل متعمد لأرقام عدد ليالي المبيت حسب الجنسية! في جو مليئ بالتفاؤل، اختارت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة الزهراء عمور، لحظة مثالية للكشف عن "إنجازاتها الرائعة" لشهر شتنمبر 2023 إد لا شيء يضاهي الاجتماعات السنوية للبنك العالمي وصندوق النقد الدولي في مراكش للإعلان عن رقم قياسي في القطاع السياحي. فحتى هذا الزلزال المأساوي لم ينجح في وقف نمو السياحة المغربية، وللوهلة الأولى يهيئ لنا أنه "ليس هناك من سيوقفنا في سعينا نحو استقطاب 14 مليون سائح بحلول نهاية عام 2023" كما أكدت ذلك السيدة الوزيرة في تصريح للصحافة. اختارت السيدة الوزيرة هذه اللحظة الحاسمة في 10 أكتوبر 2023 للكشف عن أرقام سبتمبر، في حين لم يتم نشر بيانات يوليو وأغسطس إلا قبل بضعة أيام فقط في 6 أكتوبر. وبالطبع، تم التغاضي عن ذكر بعض التفاصيل الصغيرة والمهمة التي قد تلوث هذا الصورة الناجحة والتي سنحاول عرضها.(نقصد التفاصيل). وفقًا لوزيرتنا العزيزة، "أكثر من 960,000 سائح زاروا المغرب في سبتمبر 2023"، مع نمو مذهل بلغ 7 ٪ مقارنة بنفس الفترة في 2022. وبالإضافة إلى ذلك، استقبل المغرب بالفعل 11.1 مليون سائح في عام 2023، متجاوزًا بذلك أرقام عام 2022 بالكامل. ولكن لا تتوقعوا مزيدًا من التفاصيل، مثل عدد وصول السياح الأجانب والمغاربة المقيمين في الخارج أو حتى عدد الليالي حسب الجنسيات، لأن هذه المعلومات على ما يبدو قيمتها كبيرة جدا لتكون متاحة لنا. من الواضح أن وزيرتنا أرادت الاستفادة من ضوء اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لتزيين "إنجازاتها"، لكن واقع الحال ليس بتلك المثالية ، فمنذ زلزال 8 سبتمبر، قامت السيدة الوزيرة بجدية لافتة، حيث قضت الفترة ما بين 9 و11 سبتمبر في تاغازوت لقضاء بعض الوقت في الاسترخاء، ثم عقدت اجتماعًا "صوريا صغيرًا" مع مهنييي القطاع السياحي في 12 سبتمبر دون تقديم اي نتائج مند دلك التاريخ، كما قامت بزيارتها السياحية الصغيرة إلى ساحة جامع الفناء. إنه لأمر مذهل تقوم بها مرة أخرى وزيرتنا المتخصصة في السياحة. وهنا لابد ان نتدكر أنه بينما كانت الحكومة المغربية تستثمر ملايين الدراهم لإعادة للترويج للنشاط السياحي بعد أزمة كوفيد، كانت وزيرتنا تفضل قضاء عطلتها في الخارج والترويج لبلد آخر عبر تشارك تجاربها في دلك البلد مع متابعتها ومتابعيها في وسائل التواصل الاجتماعي دون ايلاء اي اهتمام لأولويتها كمسؤولة على القطاع او لحسها الوطنية الدي كان يتطلب ان تروج اولا واخيرا لبلدها ودلك عملا بالقسم التي ادلت به حين تعيينها في حكومة الكفاءات. الم تكن تردد بدورها القسم الدي يقول :"أقسم بالله العظيم أن اكون مخلصا لديني ولملكي ولوطني وان اؤدي مهمتي بصدق وأمان...." اما الآن ،دعونا نعود إلى جداول القطاع المنجزة من طرف المرصد الوطني للسياحة لشهري يوليو وأغسطس 2023، و التي تم نشرهما في 6 أكتوبر 2023. فهذه اللجداول تحاول إخفاء أرقام عام 2019 لتقديم أرقام 2022 فقط، لتشويه تحليلنا. فعندما نقارن بين عامي 2023 و2022، فإنه من الضروري أن نأخذ في اعتبارنا الظروف الاستثنائية لعام 2022. ففتح الحدود تدريجيًا في فبراير وأبريل للرحلات الجوية والبحرية، بالإضافة إلى القيود المتعلقة بفحوصات PCR وشهادة التطعيم حتى مايو 2022، كان لها تأثير كبير على تدفقات السفر، مما يجعل أي مقارنة مباشرة صعبة. اما للحصول على تقييم حقيقي، من الواجب الرجوع إلى بيانات عام 2019. فماذا تقول هاته الأرقام؟ تكشف أرقام المرصد الوطني للسياحة أن حجم الوافدين قد ارتفع من 7.5 مليون خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2019 إلى 8.6 مليون خلال نفس الفترة من عام 2023، أي زيادة بنسبة +16٪ أو زيادة بلغت 1.1 مليون وافد اضافي. ومع ذلك، فمليون وافد إضافي هم من المغاربة المقيمين في الخارج، مع زيادة بنسبة 29٪. وبالمقابل ازداد عدد السياح الأجانب ب 125،000 وافد فقط ، أي زيادة بنسبة 3٪. وبالطبع، ليس لدينا أي معلومات عن عدد الليالي حسب الجنسيات، اد لا يرى المرصد الوطني للسياحة التابع للوزارة اي فائدة لتقديم هاته المعلومات المهمة لمهنيي القطاع؟ مع العلم أن إيرادات العملة الصعبة انخفضت بنسبة 2.7٪ في يوليو 2023 مقارنة بنفس الشهر من عام 2022! ويبقى أغرب ما في الأمر، هو عدم تضمين الأرقام التفصيلية حول عدد الليالي حسب الجنسيات في جداول يوليو 2023 بشكل متعمد ، وهو ما يعتبر فراغًا مقصودًا ينطوي على سوء النية في التعامل مع اهم مؤشرات القطاع. وبهدا فالأرقام التفصيلية حول ليالي السياح الأجانب غير متاحة في الجداول مند قدوم السيدة الوزيرة الى القطاع ، على الرغم من وجودها في جداول عام 2019 (2،782،757 للفرنسيين نهاية يوليو 2019)، البريطانيين (1،642،289)، الألمان (1،015،578).وبهدا يبدو أن الوزارة تحاول إخفاءها عمدا ، مما يجعل أي تحليل حقيقي لتطور أسواقنا مستحيلاً تقريبًا. ومن ناحية أخرى، فجداول المرصد الوطني للسياحة لشهري يوليو وغشت تتجاهل عدد ليالي المبيت حسب المدن في عام 2019، يبدو أنها تحاول إخفاءالأداء الغير المرضي للعديد من الوجهات السياحة مثل أكادير التي شهدت انخفاضًا بنسبة 11٪ مقارنة مع 2019 ، والدار البيضاء التي فقدت 10٪ من ليالي المبيت وفاس التي سجلت انخفاضًا بنسبة 30٪، بينما تم تجاهل ورزازات تمامًا في الجداول، مما يشير إلى انخفاض يزيد عن 50٪ من ليالي المبيت بها. وفي المقابل سجلت مراكش وطنجة نموًا بنسبة 10٪ و12٪ على التوالي. القطاع يحتاج إلى الكثير من الشفافية ، سيدتي الوزيرة السائحة. اما في شهر غشت 2023، انخفضت مداخيل العملة الصعبة الخاصة بالسياحة الدولية بنسبة 11٪ مقارنة بعام 2022، على الرغم من زيادة عدد ليالي المبيت للسياح الأجانب بنسبة 20٪ حسب احصائيات المرصد الوطني للسياحة. وهو وضع متناقض هذا الوضع يتحدى أي منطق! حان الوقت للتساؤل عن مكان صحافتنا الاقتصادية، لأنه يبدو أننا بحاجة ماسة إلى نظرة واقعية ونقدية لتفسير الأرقام وبلاغات الخطب و المديح! كلامي لمن يهمه الأمر... وفي انتضار دلك تقبلي سيدتي عبارات التقدير والاحترام
ساحة

120 مليار درهم للإعمار و إعادة الأمل : مسؤولية الإنجاز أولا  
التخلف  و التأخر العلمي  و سوء الخدمات العمومية ليس قدرا بل نتيجة لسوء التدبير  و التكوين  و خيانة الأمانة و تسلط الخبث  و الجهل على السياسة. التنمية القوية إرادة أولا  و ثانيا  و أخيرا. هذه الإرادة قد تواجه غياب الاطر  و البنيات التحتية  و الغش الضريبي و التلاعب بالصفقات العمومية  و غياب العدالة الإجتماعية،  و لكن قوتها و صدقيتها و تغييب  جريمة تضارب المصالح لدى  القيادات الصالحة تمكنها من الفعل في الواقع.   تعودنا منذ عقدين من تسجيل بعض النقط على التخلف و ذلك بفضل الإرادة السياسية. و لا زالت لدينا الكثير من  الأهداف الاستراتيجية التي يجب تحقيقها في مجال التنمية و العدالة الإجتماعية. عشنا قبل عقود أزمات التمويل الميزانياتي  ، و وقفت مشاريع لسنوات قبل أن يتم الشروع في إتمام إنجازها. و للذكرى توقف مشروع الطريق السيار لسنوات خلال الثمانينات.  و لم تصل هذه الطريق من بوزنيقة إلى الرباط إلا في التسعينات. لكن الدولة شعرت بضرورة تبني سياسات إستراتيجية  و إرادية مهما كانت تكلفتها.  و نتج عن هذه الإرادة مركب ميناءي كبير على البحر الأبيض المتوسط  و شبكة طرق سيارة  و مناطق صناعية لوجيستيكية  و توجه نحو محاربة الفوارق الإجتماعية و المجالية. و لا يمكن لعاقل أن يغفل تملص الطبقة الإجتماعية التي تراكم الثروة  و القرار الحزبي الانتخابي  و الريع الإقتصادي في بلادنا. و لنا في خطاب ملك البلاد خير دليل على هذا الوضع.  " أين الثروة ؟ "، هكذا تكلم من يحمل الأمانة الكبرى أمام برلمان الأمة. و اليوم،  و بعد كارثة الزلزال،  تبين أن الإرادة السياسة  و الثقافة التضامنية هي عماد هذا الوطن. الآن سندخل جميعا إلى مدرسة تغيير الواقع  و النهوض ببلادنا أو  سنخطأ  الموعد مع التاريخ إلى الأبد. المغاربة أعطوا دمهم  و في مقدمتهم عاهل  البلاد. الفقير قبل الغني تقاسم لقمته مع أخيه و المغربي تشارك و تضامنا مع صنوه في الأطلس الكبير خلال معركة مواجهة آثار فاجعة الزلزال.  و كل ما ذكر لا يعني أننا  لا نعاني من ظلم فئات إجتماعية قليلة راكمت خيرات الوطن بغير جهد استثماري  و سيطرت على  القرار السياسي فشوهت التدبير العمومي  و أدخلت البلاد في نفق إجتماعي خطير. تبنت الكثير من الأحزاب تغييب الكفاءة و النزاهة  و المستوى الدراسي من خلال اجماعها على القوانين لا تفرض أي مستوى دراسي على من يتقدم للانتخابات.  و أصبح سوق التزكيات مربحا  و منشطا قويا لبلوغ أقصى درجات الانحطاط  الحزبي. اليوم و بعد جهد الملك  و الشعب تمكننا من مواجهة الآثار الأولى للزلزال  و لا زالت الطريق أمامنا طويلة  و وعرة. المهم أننا نجحنا في اجتياز المرحلة الأولى رغم تكالب قوى الإستعمار الجديد  و أبواقها الإعلامية مدفوعة الأجر. أمامنا طريق و لدينا إمكانيات يجب أن نحسن توظيفها لتحسين عيش المواطن  و فتح الطريق للخروج إلى رحابة اقتصادية كبيرة و طموحة. لدينا ميزانية كبيرة تتجاوز 120 مليار درهم  تحتم علينا أن نقطع الطريق على من يريد إدخالها في أنفاق المساطر الإدارية القديمة. هذه الميزانية تختلف عن كل الميزانيات التي تتم برمجتها على مدى سنوات. الأمر يتعلق بالصرف بإيقاع سريع على مشاريع مستعجلة تهم الوطن  و سمعته.  نريد أن ينقلب السحر على الساحر الذي  طالما  ظلمنا و أن تكون إرادة الإستثمار محطة لتقوية نسيج المقاولات الوطنية في مجال الطرق  و البناء  و صناعة الأسمنت  و الحديد  و كافة مواد بناء الطرق  و المنازل  و السدود. الإرادة السياسية لا يمكن أن تقف في وجهها أية إرادة دنيوية. سننجع في تدبير  120 مليار  و ما يرافقها من مئات الصفقات عبر أساليب رقابية بعدية مهنية  و عميقة. و أكثر الرقابات فعلا في مجال تغيير الواقع هي تلك التي تركز على فاعلية الإنجاز و على محاسبة دقيقة للمسؤولين و تستهدف كل أشكال الاغتناء غير المشروع.  حين نتكلم عن المجهود الإستثماري العام،  يجب أن  نستحضر ضرورة دعم المقاولة الوطنية عبر الطلب العمومي. و حين ندعم مقاولتنا الوطنية فإننا نزيد  من قدرتنا على زيادة مواردنا الإقتصادية  و المالية  و الجباءية. و المتجاهل لهذا المقصود عدو نفسه  و بلاده. قبل استئناف كتابة هذه الأسطر، اطلعت على مكونات تدبير ميزانية إعادة إعمار الأقاليم المتضررة من الزلزال. المخطط الذي قدمه الوزير فوزي لقجع واقعي  و عملي  و يركز على استهدافات  ذات مدلول عميق.  الأولويات تم وضعها في تناسب مع ما هو مستعجل . أما الاستثمارات التي سيتغير بنيات الأقاليم المحيطة بالجانب الجبلي لمراكش فقد برمجت على مدى متوسط.  و الأهم  في هذا كله هو تلك الضمانة المؤسساتية الخاصة بالإنجاز  و تنفيذ البرنامج الإستثماري  في رمته.  لن أخفي ترحيبي بكل عمل يتم اسناده إلى وحدة للتنفيذ سواء كانت وكالة أو مؤسسة عمومية أو شركة خاصة ذات تجربة مهنية عالية. تجربة وكالات التنمية للجهات تمثل تجربة جيدة في تاريخنا المعاصر. و توجد على رأس هذه الوكالات تلك التي تم تخصيصها لأقاليم الشمال.   البنيات المؤسساتية لتنفيذ المشاريع أساسية جدا لضمان متابعة مهنية لكافة مكونات البرنامج الإستثماري.  لو تم تمكين وكالة تنمية اقاليم الشمال من كل الميزانيات القطاعية التي وجهت لبرنامج مواجهة آثار زلزال الحسيمة، لما تمت إزاحة الكثير من المسؤولين قبل سنين. إيقاع التنفيذ لدى الوزارات ضعيف بالنسبة لإيقاع وحدات التنفيذ المستقلة كالوكالات. لدى هذه الأخيرة قدرة كبيرة على التخلص من السلوكات البيروقراطية  و سهولة خضوعها للمراقبة البعدية. أتمنى أن يتم تكليف وحدة للتنفيذ ذات قدرة على العمل بسرعة  و بدراية مهنية بسبل النجاح في الإنجاز.  لا يهم أن يكون على رأسها مسؤول كبير جدا   و لكن  لا يجب أن يتم اغراقها بذوي القوة الشبكاتية و القرب من مراكز القرار.  يجب أن تكون قليلة العدد، كثيرة الخبرة، بعيدة عن التعقيدات الإدارية و قادرة على مواجهة التكاليف غير المتوقعة لأي مشروع في إطار البرنامج الإستثماري. المهم هو قوة  الإنجاز  و الاستجابة لحاجيات تنمية المنطقة و عدم الاختباء وراء الأعذار المتعلقة بالقانون المنظم للصفقات أو  بغيرها  من الأسباب التي قد تؤثر على تأخر اجال التنفيذ. لدينا مقاولات مغربية تفوق خبرتها  و وسائلها مقاولات أجنبية  و لنا رأسمال بشري كبير من المهندسين  و التقنيين  و العمال و هذا ما اثبته مواجهة الآثار الأولى للزلزال.  يجب أن نبني الثقة في هذا الرأسمال لكي ننجح جميعا. الأمر بين أيدينا و أمامنا فرصة لتقوية الثقة في مؤسساتنا. المهندس المغربي  و الخبير المغربي  و الطبيب المغربي لا يجب أن يخضع لسلطة منتخب لا تكوين له و لا يحمل هما وطنيا  و لم يراكم، منذ سنين،  إلا اموالا  و عقارات لا يمكن أن يبرر مصدرها المشروع.  و السلام على من اتبع أخلاق بناء الأوطان.
ساحة

البشيكري يكتب .. زلزال الحوز امتحان في الانسانية اجتازه المغاربة
زكرياء البشيكرياهتزت أرضنا يوم الجمعة الثامن من شتنبر الجاري، و اهتزت قلوبنا أثناء اهتزاز الأرض و جثم الخوف على صدورنا، و أحسسنا باقترابنا من مصيرنا و نقطة النهاية، اهتزت أرضنا و شعرنا و كأن العالم سيتوقف و أن الله سيعلن نهايته، لكن بعد ثواني توقفت الأرض الجدباء عن الاهتزاز و المباني عن التحرك، هكذا أحس البعض في الوهلة الأولى لكن بمرور الوقت أصبحنا نستشعر خطورة الهزة و الكارثة التي أحدثها. تجند الجميع صباح اليوم الموالي و في مقدمتهم السلطات و الوقاية المدنية، من أجل فك العزلة و فتح الطرقات التي دمرت بفعل انهيار الجبال و انزلاق الأحجار الكبيرة و الصخور منها، و من أجل الوصول إلى من قضى ليلته تحت الأنقاض فمنهم من لازال يتنفس بصعوبة و ينتظر ساعته، و منهم من فارق الحياة و لفظ أنفاسه الأخير، و آخرون نجوا بأعجوبة، و يحاولون البوح و الحكي عن المشاهد المؤلمة و المخيفة التي عاشوها و شاهدوها تلك الليلة السوداء في نظرهم، و منهم من لايزال تحت تأثير و هول الصدمة و لازالت الهزات الخفيفة توقظ فيه نفس الشعور بالخوف و الهلع. حشود غفيرة في اتجاه جبال الأطلس الكبير انتصر الشعب المغربي في مواجهته مع هذه الكارثة البيئية بتضامنه المنقطع النظير، و أكد من جديد أنه شعب حقيقي متماسك و متضامن، و ضرب مثلا يحتذى به في قيم التآزر و التعاون و التضحية، و لعبت مواقع التواصل الاجتماعي دورا مهما في تحديد مجموعة من الدواوير المنكوبة و نشر نداء استغاثة ساكنتها، و في تشجيع الآخرين على الانخراط في الحملة الوطنية لجمع التبرعات و المساهمات العينية، و انطلاق شاحنات و عربات مختلفة الأحجام من كافة المدن المغربية نحو المداشر و القرى بكل من أقاليم الحوز، تارودانت، شيشاوة و ورززات، الشيء الذي نجم عن كثرة الاكتظاظ و الازدحامات المرورية الخانقة على مستوى الطرق و المسالك الوعرة في الأيام الموالية لزلزال الحوز، و خاصة الطرق التي تؤدي إلى الدواوير المتضررة، التي سقطت و انهارت جميع منازلها و خيم على سماءها جو الحزن و الألم بسبب استشهاد أبناءها و عدد كبير من ساكنتها. خراب شامل و الحزن سيعود بعد عودة الجميع خسرت منزلي و زوجي و فلذات كبدي هكذا صرحت "إبا إيجو"، و تضيف "نعم نجوت بأعجوبة لكنني تمنيت لو أنني لم أركض إلى خارج المنزل و بقيت رفقت ابنتاي و زوجي"، و بعد أن غالبت الدموع "إبا إيجو" قالت "ربي بغاهم خداهم شهداء"، و يمكن اعتبار هذه العبارة هي مسكن آلام السيدة إيجو الروحي الوحيد، لأن ابنتيها و زوجها هم الآن من الشهداء الصالحين و أن لاخوف عليهم، و تسترسل قائلة "فقدنا مجموعة من الأشخاص في دوارنا و خسرت عمي و ابنة خالتي أيضا" و تضيف " انظر الجميع هنا حزين نحن الآن نغالب دموعنا فقط لأنكم ضيوفنا و لكونكم صحافة نخجل من إظهار ضعفنا، و مواساتكم لنا خففت عنا قليلا، لكن بمجرد عودتكم إلى بيوتكم سيخيم الحزن على دوارنا من جديد". الصحافة و سؤال المهنية تظهر معادن الرجال في المصائب والكوارث، و تظهر معها انتهازية أشباههم المنعدمون من مشاعر الأخوة والحب والتعاطف، و أولائك الذي جعلوا من هذه الكارثة الطبيعية فرصة للبحث عن المشاهدات و المتاجرة بآلام أولئك البسطاء، و جعلهم مادة للاستهلاك على حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، في الآن نفسه طفت فوق السطح كائنات تسمي نفسها صحافة و الصحافة بريئة منها براءة الذئب من دم سيدنا يوسف، و تأخذ صورا و فيديوهات من أجل دغدغة مشاعر المشاهد و استفزازها دون مراعاة لأخلاقيات مهنة الصحافة و النشر، و هذا سؤال يطرح نفسه و يسائل السلطات و كافة المتدخلين عن ضرورة خلق آليات رصد و جزر منتحلي صفة الصحافي و متابعتهم أمام المؤسسات المسؤولة عن ذلك.
ساحة

جمال المحافظ يكتب عن فرنسا الأخرى
أعتقد بأنه ليس من باب الموضوعية، وضع كافة وسائل الإعلام الفرنسية في سلة واحدة، عند تناول تعامل هذه السلطات مع تداعيات الزلزال المدمر الذي ضرب الأسبوع الماضي إقليم الحوز والمناطق المجاورة له، واتهامها دفعة واحدة بشن حملات ممنهجة ومنسقة، ضد المغرب، بالادعاء بعدم قدرته على تخفيف معاناة سكان المناطق الجبلية المتضررة، ورفضه للمساعدات للتخفيف من آثار الهزة الأرضية التي خلفت لحد الآن ما يناهز 3000 قتيلا 5674 مصابا. ومع مرور أسبوع كامل على زلزال الحوز، يلاحظ أن بعض وسائل الإعلام الفرنسية، أدارت ظهرها لتداعيات هذه الهزة العنيفة، وتأثيراتها وأبعادها الإنسانية، بقدر ما انشغلت بالتركيز على أمور ذات طبيعة سياسية وخلافية، خارقة بذلك أخلاقيات الصحافة منها التعامل مع هكذا أحداث إنسانية صعبة وأليمة، وفق قواعد مهنية خاصة. إعلام فرنسي بيد أنه إذا كانت هذه القنوات التلفزية والصحافة الورقية، لم تتقيد بهذه القواعد المهنية، في تناولها لزلزال الحوز، مع الترويج، وكأن هناك رفض للمساعدات الفرنسية واستثناء بلاد موليير وروسو من المساهمة في جهود الإنقاذ والإغاثة، فإن وسائل إعلام فرنسية أخرى، تعاملت بشكل مغاير مع هذه الأحداث المؤلمة، وتوقفت عند مختلف الجهود المبذولة للتخفيف من المنكوبين. وفي هذا السياق، واكبت هذه المنابر الإعلامية، تداعيات زلزال الحوز، ومقاربته من زوايا متعددة، والقيام بتغطيات واسعة ومتوازنة سواء عبر مراسلات مبعوثيها بالمناطق المنكوبة، أو من خلال توقفها عند ما أثاره من ردود فعل على محليا ودوليا. كما استقت آراء فعاليات سياسية وإعلامية وثقافية فرنسية التي أشادت بمستوى التضامن الواسع بين مختلف الشرائح المغربية المساعدات والتي تقاطرت على المناطق التي ضربها الزلزال من مختلف جهات المملكة ومن خارجها. وانتقدت هذه الفعاليات الفرنسية ما وصفته، بسيادة النظرة النمطية و الاستعلائية، بعض الأوساط السياسية والصحفية الفرنسية، في تعاملها مع الجهود المبذولة للحد من آثار الزلزال مشيرة الى ما أصبح يتوفر عليه المغرب من خبرة وتجربة وأطر في عدد من الميادين، مكنته حاليا من الاعتماد على قدراته الذاتية للتخفيف من آثار هذه الكارثة المدمرة. ولم تخف هذه القيادات الفرنسية، لدى استضافتها من لدن قنوات تلفزية، تضامنها المطلق مع المغرب في محنته، منتقدة الأوساط السياسية الفرنسية، التي تحاول تجاهل المعطيات على الأرض التي تظهرها الصور المنقولة بمناطق الزلزال، فضلا عن تجاهل القرارات السيادية للدول. زلزال ومساعدات وذكرت بأن السلطات المغربية، لم تعلن رفضها للمساعدات الفرنسية، وإنما أوضحت بأن هذه العملية ترتبط أولا بتحديد الحاجيات المطلوبة، بعد إجراء تقييم دقيق لهذه الاحتياجات، لكون عدم التنسيق في مثل هذه الحالات قد يؤدي إلى نتائج عكسية. ولاحظت أن بعض وسائل الاعلام تتجاهل، بأن هناك منظمات مدنية وإعلامية الفرنسية، تقوم بدورها بحرية تامة في المناطق التي ضربها الزلزال . وأشاد اليساري جان لوك ميلنشون مؤسس حزب " فرنسا الأبية" الذي كان يتحدث خلال برنامج خاص لقناة " فرانس 2 " حول زلزال الحوز، بمستوى تفاعل المغرب، مع هذه الكارثة الطبيعية المدمرة، مسلطا الضوء بالخصوص على ما خلفه هذا الزلزال من " موجة عارمة من التضامن الرائع بمختلف ربوع المملكة". عجرفة وسيادة وقال " إن القوة الرئيسية للمغرب اليوم ، في هذه الظروف الصعبة، هم المغاربة أنفسهم" موضحا أنه " يتعين علينا عدم التعامل باستعلاء وعجرفة، إنني أشعر باستمرار ، بأننا لا نجيد، الكلام حينما نريد التحدث. إن المغاربة شعب ذو سيادة، راشد وصلب، وينبغي الاعتراف بأن هذا البلد، يزخر برجال ونساء لهم تكوين من مستوى عال، يمكنهم من معرفة كيف يدبرون أمورهم وينظمون هذا الوضع" جراء الزلزال الذي ضرب المنطقة. وأثار جان لوك ميلنشون الانتباه الى " أن المغاربة شرعوا بالفعل، في دراسة كافة المتطلبات التي هم في حاجة إليها، وذلك لإيجاد الحلول العاجلة لمختلف المشاكل المطروحة. إنهم يتوفرون على الخبرة اللازمة، التي تؤهلهم من الاختيار من بين العروض المقترحة عليهم، بما يتلاءم وحاجياتهم"، معربا عن اعتقاده ب" أن الدعوة ستوجه الى الفرنسيين، حين يأتي الوقت المناسب لذلك". وفي ذات البرنامج ذكر نائب رئيس معهد البحث والدراسات المتوسطي والشرق الأوسط، ب" أن المغاربة، ظلوا على الدوام متشبثين بمملكتهم وبملكهم، وحينما تعترضهم الصعاب، يعملون على مواجهتها، بتراص وككتلة واحدة ،لرفع مختلف التحديات". وعلى شاشة BFMTV ( بى إف إم تفي ) القناة الإخبارية الأولى بفرنسا، قال الوزير الفرنسي الأسبق دومينيك ستراوس كان " إنني مغربي، كما أنني فرنسي"، مبرزا بأنه " يشعر بفخر وتقدير كبير، عندما يشاهد هذا التضامن العفوي الذي عم ربوع المملكة، والتنسيق الجيد الذي أبان عنه المغاربة" في التعامل مع مخلفات زلزال الحوز. قيم التضامن وأضاف الوزير الفرنسي الأسبق في الاقتصاد والمالية والسيادة الصناعية والرقمية " عندما أنظر الى هذا المغرب، تتأكد لدي أهمية القناعة والفكرة التي كانت لدي عن أهمية قيم التضامن الذي ينبغي يكون عليه أي مجتمع" من المجتمعات. وفي معرض رده على أسئلة صحفيي BFMTV حول عدم رد السلطات المغربية على طلب فرنسا تقديم المساعدة على اثر زلزال الحوز أوضح ستراوس كان، بالخصوص إن المساعدات الموجودة بعين المكان كافية، فهناك الكثير من التجهيزات والآليات، الموارد البشرية، وهي المسائل التي لا يمكنها إلا أن تصعب الوضعية". وفي إطار زخم التضامن الملحوظ مع ضحايا الزلزال، نقلت الصحافة الفرنسية عن جاك لانغ رئيس المعهد العربي بباريس، وزير الثقافة الفرنسي السابق، قوله بأنه أبرم اتفاقا مع المهدي قطبي رئيس مؤسسة المتاحف بالمملكة المغربية، لتوجيه الدعوة لكافة فناني العالم للمساهمة بأعمال فنية من اختيارهم، يتم عرضها خلال الأسابيع المقبلة، يخصص ريعها لفائدة ضحايا هذه الهزة الأرضية المدمرة. أما رئيس الوزراء الفرنسي السابق دومينيك دو فيلبان، فقال " على فرنسا أن تضع رايتها وحساسيتها في جيبها، وأن تجد قنوات خاصة أخرى أو من خلال الاتحاد الأوروبي لتوجيه المساعدات"، معبرا عن اعتقاده بأنه يمكن لفرنسا أن توجه مساعداتها عبر القنوات الخاصة أو حتى التواصل مع الاتحاد الأوروبي الذي يمكنه نقل المساعدات من جميع البلدان. 50 ألف مسكن وفي برنامج " الأسبوع الاقتصادي" لقناة فرانس 24 ( الخميس 16 شتنبر الجاري ) خصصه لتداعيات الهزة الأرضية العنيفة وذلك على ضوء إعلان السلطات المغربية عن إعادة بناء نحو 50 ألف مسكن التي دمرها زلزال إقليم الحوز والمناطق مجاورة، أشاد ضيوف الحلقة وهم نادر حداد الرئيس التنفيذي لإدارة الأصول في " Eurocorporate" ومحمد الألفي المستشار في الاقتصاد السياسي، ومحمد حركات أستاذ الاقتصاد السياسي والحكامة بجامعة محمد الخامس بالرباط، بالدور الهام الذي يقوم به مختلف الفاعلين بالمغرب في التخفيف من معاناة سكان هذه المناطق الجبلية التي ضربها الزلزال، متوقفين عند التجارب التي راكمها في التعامل مع عدد من الأحداث منذ المسيرة الخضراء سنة 1975 لاسترجاع الصحراء، مرورا بزلزال الحسيمة سنة 2004 .
ساحة

الاندلسي يكتب.. كم أنتم كرماء يا مغاربة
دم يغلي في جسد كل مغربي، يريد أن يخرج من عروق مغربي و حتى من عروق زائر أجنبي لكي يبعث الحياة في جسم جريح من جراء الزلزال. طوابير طويلة جدا و تصل مدة الإنتظار لإعطاء الدم إلى أكثر من ثمان ساعات. و هذا عنوان كرم متجدر و تضامن أسطوري. جمعيات و أسر و مواطنين من كافة الطبقات الإجتماعية و من كافة الجهات واجهوا الزلزال بالتضامن. تحركت كل الطاقات داخل المغرب و خارجة و تجمعت لديها اطنان من المواد الغذائية و التجهيزات و الأدوية. تحركت قوافل في إتجاه مراكش تحمل أمل المغاربة و كثير من أصدقاء المغرب و المغاربة لمن أراد القدر أن يكون من ضمن المنكوبين. إنها مظاهر الكرم و التضامن الأسطوري. شباب يتخلون عن أعز ما لديهم من لباس و يبعثون به لمقر الجمعيات. نساء و رجال يبعثون بما لديهم لكي يعيش التضامن و يبعث الحياة من جديد في منطقة حولها الزلزال إلى أطلال و سيحولها الكرم و التضامن إلى مستقر آمن لكي تستمر الحياة و تعود الأسر إلى حياة جديدة ،و لو بعد جحيم، و تستمر في إعطاء منتوج للعيش ما دام العيش ممكنا و إلى الأبد... نعم أنتم تحملون قيم الكرم و التضامن لأنها تسكنكم في علاقاتكم الأسرية. و لذلك تظل أكبر مؤسسة للتغطية الإجتماعية و خصوصا للتغطية الصحية هي الأسرة في شكلها الكبير الذي يضم العم و الخال و الجار و أولادهم. هذه المؤسسة الإجتماعية الطبيعية لديها كنوز من الوسائل التي تتحرك كل دقيقة و ساعة و يوم. إنها مؤسسة تتجاوز في رأسمالها كل البنوك و مؤسسات التأمين و كل الشركات الكبرى. الأسرة في مفهومها الواسع تغطي أكثر من 60% من مصاريف الصحة ببلادنا. الأسرة الكبيرة تغطي كثيرا من مصاريف اعضاءها غير القادرين على مواجهة أعباء الحياة. و لهذا لا يمكن أن نطلب من المغربية و المغربية أن ينتمي إلى ثقافة تقدس العزلة الأسرية في حجمها الضيق. لا تنجح أي زيجة و لن تنجح إذا حاول أحد أطرافها عزل الآخر عن محيطه الأسري الكبير. التضامن مقدس و الكرم سلوك عادي إتجاه الأخ و إبن الخال و الخالة و إبن العم و العمة و من يخالف هذا المقدس يعيش في عزلة. و لكن... نعم و لكن .هناك الاستثناءات التي أصبحت تحتل مكانا في مجتمعنا. بعض المغاربة يريدون تقليد الغرب في تفريخ أدوات الإبتعاد عن الأسرة الكبيرة. بعض المغاربة أصبحوا يفضلون الانعزال عن وسطهم و همهم الوحيد العيش وفق تقاليد أخرى يكتشفون أنها زاءفة حين يعيشون مرحلة شدة و مرض و هشاشة. نعم تزلزلنا المصاءب فنقف وقفة رجل واحد و تصبح التعبئة أولوية، و لكن المغرب يحتاج إلى تعبئة يومية. كلنا ننتقد الواقع و كلنا نتكلم بصوت واحد عن عمق و ضخامة التفاوتات المجالية و الإجتماعية منذ سنين. الحل بين أيدينا. نلوم كل المؤسسات و نحن من وضعنا على رأسها من لا يعطي للأمانة و المسؤولية أي وزن. الكرم و التضامن ثقافة و يجب أن يمتزج بالوعي السياسي و ليس الحزبي. الكرم و التضامن في المغرب يمكن أن يصنع المعجزات. بالأمس قررنا أن نبني طريقا للمياه من حوض سبو إلى حوض أبي رقراق فنجحنا بفضل الإرادة و الثقة في الطاقات المغربية. و اليوم لدينا ثقة أكبر لكي نعيد بناء ما هدمه الزلزال. المغربي و المغرب سيد قراره. نعم انفتحنا على من كانوا من كانوا منفتحين لمرافقتنا في مواجهة آثار الزلزال، و لكن المغربي، ككثير من المنتمين إلى بلدان أخرى، يقدر المواقف و يحللها بموضوعية و يبتعد عن تسييس التدخلات غير البريئة. لكل ما سبق، يجب التذكير بأن ما نسميه " بالقرار السيادي" يوجب الكثير من الإحترام من طرف من لا زالوا يعتبرون أنهم الوحيدون الذين لديهم علم تدبير الكوارث الطبيعية. سلطات فرنسا أو لنقل بعضها يعيشون على إيقاع ماض بمكونات ماضوية و حرص كبير على تأمين مكاسب تعود إلى الفترة الإستعمارية. و لنا جزء من المسؤولية في هذا الوضع. هناك أبناء أسر مغربية يعيشون على مبدأ خدمة " ماما فرنسا " و يحاولون استصغار جهود مواطنيهم. كرم " الماما " لن يصل إلى كرم المغاربة و تضامنهم الأسطوري. يا من أحب... يا من أحب لأنهم مغاربة يحبون وطنهم و هم كثر. يا من خلقوا الفرحة في قلوب مواطنيهم و تحولوا من رب و ربة أسرة إلى فاعلين جمعويين و صناع لثقافة مغربية راهن بعض الغرباء على موتها. نحبكم و نتمنى أن تستمروا في هذا العمل الحضاري الكبير و على صعيد الوطن و أن تنخرطوا في قلب المعطيات المتعلقة بالتفاوتات المجالية و الإجتماعية. نريد أن لا تنتهي هذه الأزمة دون أن تكون ثقافة الكرم و التضامن قد أصبحت سياسة عمومية يحملها المواطنون و الدولة. في يومنا، أشعر بفخر كبير و أنا أتابع ذلك الكرم و ذلك التضامن المغربي لمواجهة كل الكوارث الطبيعية. و لكن الشكر و العرفان واجب حين يحضر كل أصدقاء المغرب بقوة و بدون شروط و بناء على برمجة تحترم الأولويات. سنخرج من هذا الإمتحان بكثير من القوة و الوعي بضرورة إعادة النظر في تدبير المجال الترابي و قوانينه. أحب الديمقراطية و أكره من يمتهنونها لصالحهم و يغتنون لأنهم يمتلكون سلطة القرار. هناك مناطق في بلادنا يحكمها اميون و يجب أن يتم تدبيرها من طرف مؤسسات الدولة مع رقابة صارمة. و هناك مناطق أخرى لديها القدرات التدبيرية و الموارد البشرية التي يمكن أن تتم مصاحبتها بشكل مسؤول و شفاف. و خلف هذا المشهد المؤسساتي، يوجد مجتمع حي و فاعل يتجاوز المؤسسات " المنتخبة" و لكنه لا يريد أن يتواجه مع كتائب انتخابوية تتقن صناعة العنف. دمتم كرماء و متضامنون أيها المغاربة و لتنهزم أمامكم جحافل إفساد التدبير العام بالمملكة المغربية.
ساحة

الأندلسي يكتب.. التعليم  و التجارة و غياب الرقيب
يتزايد الضغط المالي كل سنة على الأسر التي اختارت،  لظروف معينة، أن  تسجل أبنائها في المدارس الخاصة. تبحث الأسر عن مبررات الزيادات المتتالية في رسوم التسجيل  و التأمين  و النقل المدرسي  و اللوازم الدراسية فلا تلقى جوابا مقنعا لا من طرف المدارس الخاصة  و لا من طرف الوزارة. أجور رجال  و نساء التعليم الخاص تظل شبه مجمدة  و تكاليف التسيير  و التأطير التربوي لا تعرف إرتفاعا كبيرا،  و رغم كل هذا يعاد تشغيل نفس الاسطوانة كل سنة للرد على تساؤلات الأسر.يشكل التعليم الخصوصي حوالي 15%% من مجموع التلاميذ  و الطلبة ببلادنا الذي يتجاوز 10 ملايين. و لا يوجد أي إطار قانوني يحدد أسعار تقديم الخدمة التعليمية الخاصة.  هناك بالطبع فروقات في مستويات الأسعار بين المدارس الخاصة تشبه إلى حد بعيد ما يحدث في الفنادق السياحية.  هناك مدارس خمسة نجوم التي " تضمن" خدمة تؤدي إلى القبول في المدارس العليا  و هناك مدارس نجمة أو نجمتين التي توجد في الغالب  وسط الأحياء الشعبية التي تقطنها الطبقة الوسطى. و الكل  يعرف أن مدارس  خمسة نجوم لا تسجل التلاميذ لديها إلا بعد  التأكد  من تميزهم  ودرجة تحصيلهم الدراسي.  و لهذا تعرف نتائج هذه المدارس ارتفاعا  بالمقارنة  مع غيرها. و غالبا ما تلجأ المدارس الخاصة لمدرسين يشتغلون في المدارس العمومية و تتعامل معهم في إطار إتفاق خاص او شبه سري يسهل التهرب الضريبي.  و لعل المتتبع لما جاء في الإجراءات  الجباءية في قانون للمالية لسنة  2023 قد لاحظ الزيادات الضريبية التي مست هذه الفئة من الأساتذة. و الغريب في الموضوع هو الفرق في المجهود المبذول من طرف الأستاذ حين يحط الرحال في المدرسة الخصوصية بعد تلك الساعات التي يقضيها في المدرسة العمومية.  هذا الأمر لا يهم إلا جزءا من الأساتذة  و خصوصا ذوي الاختصاص في المواد العلمية. أما أساتذة هذا القطاع  و موظفيه فغالبا ما تنقص اجورهم  و حقوقهم بكثير عن القطاع العام. أغلبهم يعيش هشاشة اجتماعية و غياب حماية من طرف المصالح العمومية المختصة  و حتى من طرف بعض النقابات.و يظل السؤال الجوهري هو تراجع المدرسة العمومية رغم تزايد الجهد المالي الكبير الذي تتحمله الميزانية العمومية منذ سنوات كثيرة.  و بالطبع يظل التفوق الفردي  و التميز ملتصقا بالمدرسة العمومية  و لكن هذا التميز يبقى محدودا في اقلية تلقى دعما  و تأطيرا أسريا متواصلا  و قويا بالإضافة إلى أساتذة اكفاء ذوي عزيمة و إلتزام. ارتفعت ميزانية التعليم من 49،4 مليار  درهم سنة 2010 إلى حوالي 86 مليار درهم، بما فيها ما تم تخصيصه لقطاع الرياضة، سنة 2023 و ظلت الحالة العامة للقطاع كارثية. و هذا ما أكدت عليه أشغال الدورة الأولى العادية للمجلس الأعلى للتعليم  و التكوين و البحث العلمي التي انعقدت في يناير 2023. أبرز  الوزير بن موسى أن  حوالي  300 ألف تلميذ يغادرون المدرسة سنويا. التمدرس بالعالم القروي يصطدم بضعف المستوى المالي للأسر  و هو ما يؤدي إلى هدر كبير يطال البنات أساسا. يضاف إلى هذا ضعف الكفاءات الدنيا لدى الطلبة  و هو ما جعل بلادنا تحتل المرتبة 77 على 79 بلدا في هذا المجال.  الأمر يزداد ضعفا بالنسبة للقراءة مع احتلال الرتبة 75 عالميا و الأمر ينطبق أيضا على الرياضيات التي يتميز فيها قلة من التلاميذ المغاربة عالميا. المهم هو أن العمل على ترقية التعليم يتطلب مجهودا مجتمعيا  و سياسيا لتعبئة كل الطاقات لتجاوز هذه الوضعية الصعبة.  هناك مخطط يمتد إلى غاية  2026 
ساحة

أحمد نور الدين يكتب: انقلاب الغابون.. مقدمة لانفجار البركان الهامد
يعتبر الانقلاب الذي جرى صبيحة الأربعاء 30 غشت 2023 في الغابون، الثامن من نوعه داخل إفريقيا خلال سنتين، وهي مدة زمنية قصيرة نسبيا، مما يوحي بأن هناك ترابطا مباشرا او غير مباشر بين هذه الانقلابات. والمؤكد أن غياب الديمقراطية الحقيقية في معظم الحالات أدى إلى تحرك الجيش لإزاحة رؤساء فرضوا أنفسهم ثلاث انتدابات متتالية او أكثر متسترين وراء نتائج الصناديق التي تتم فبركة نتائجها للحفاظ على ديمقراطية الواجهة التي ترضي نفاق الدول الغربية على الخصوص. وهذه الحالة تنطبق مثلا على الغابون وتشاد، وهما حالتان متشابهتان من حيث توريث الحكم للابن بعد سيطرة الأب على السلطة لمدة تتراوح بين الثلاثين والأربعين سنة. وهو ما اعتبرته الشعوب الافريقية إهانة واستهتارا بها، إذ لم يكتف الرؤساء بالحكم الديكتاتوري مدى الحياة بل حولوا الجمهوريات إلى "جملكيات" او جمهوريات وراثية! القاسم المشترك الثاني بين دول الانقلابات هو الفساد السياسي للنخب والهشاشة الاقتصادية للشرائح العريضة للمجتمع، رغم الثروات الطبيعية الكبيرة في بعض الحالات مثل الغابون، فهو بلد يتوفر على النفط والغاز وعلى معادن نفيسة وعدد السكان لا يتجاوز ثلاثة ملايين نسمة، ولكن سوء التوزيع وسوء الحكامة جعل الثروة والسلطة تتركز بيد فئة قليلة. ولكن هناك عوامل جيوسياسية خارجية ساعدت على تأجيج الاحتجاجات الشعبية وتحريض الحيش على الانقلابات، وعلى رأسها الصراع بين روسيا والصين من جهة والدول الغربية من جهة إخرى، ومع الأسف كلا الطرفين لا تهمه مصلحة الشعوب الإفريقية أكثر مما تهمه السيطرة على الثروات الطبيعية والطاقية للقارة، ولذلك نلاحظ تدخل روسيا مثلا بعد كل انقلاب بشكل مباشر او غير مباشر عبر مرتزقة "فاغنر" في إفريقيا الوسطى ومالي وبوركينافاسو وغينيا. وقد تصبح إفريقيا بمثابة متجر الخزف الذي تتقاتل داخله الفيلة، مما يؤدي إلى ضياع السلعة وإفلاس صاحب المحل التجاري أيا كانت نتيجة الصراع وايا كان المنتصر في الصراع. وأظن أن موجة الانقلابات لن تتوقف عند هذه الدول، وان هناك دولا أخرى ستلحق بالركب، لذلك من الحكمة استخلاص العبر وألا تنتظر الأنظمة الافريقية نشوب الحريق في بيتها كي تتحرك لتصحيح الأوضوع، وإجراء الإصلاحات الديمقراطية والاجتماعية الضرورية للمصالحة مع شعوبها قبل انفجار البركان الإفريقي الذي بدأ يقذف ببعض الحمم الإنذارية. أما بالنسبة لانعكاسات الانقلاب في الغابون على المغرب، نعم هناك استثمارات ضخمة في مجالات متنوعة جدا منها الإسمنت، والأسمدة الزراعية، والبناء والأشغال العمومية، والمناجم، والبنوك والتأمينات، وغيرها، ولكن في النهاية المغرب يتعامل مع الدولة وليس مع الاشخاص حتى وإن كانوا اصدقاء حميميين، والاستثمارات المغربية محمية باتفاقيات وقوانين دولية، وإضافة إلى ذلك كله، حتى الجنرال الذي يقود الانقلاب هو خريج الأكاديمية الملكية العسكرية بمكناس، وبالتالي لا أظن أن هناك أي تهديد للمصالح المغربية، بل بالعكس يمكن للمغرب أن يلعب دورا في إيجاد مخرج مشرف للرئيس علي بونغو أوندينبا ومنحه اللجوء او التقاعد المريح مع عائلته في المغرب.
ساحة

البشيكري : كيف يؤثر الصراع السياسي بمراكش على صنع السياسات العمومية؟
إن العمل السياسي النبيل يبخس لأنه ثمين، ولأنه عمل تنافسي، والنخب اليوم يتحملون بعضا من مسؤولية إعطاء الفرصة لمبخسي العمل السياسي، في حين يجب القطع مع كل من تسول له نفسه تبخيس مجهودات الساسة و تثمينها إذا دعت الضرورة لذلك، في المقابل على هؤلاء الفاعلين السياسيين احترام بعضهم البعض، و تقبل اختلافاتهم و مشاربهم الحزبية، فالخوف من التعددية و من التنافس الشريف لا ينتج لنا سوى المزيد من الانقسام و الانشطار و الضعف و التدهور، لهذا نحن اليوم بحاجة أكثر من الأمس لحكيم يتدخل لحلحلة هذه الأزمة السياسية التي عصفت بمدينة مراكش و خلفت شرخا كبيرا في جسد المشهد السياسي بالمدينة.‏‎فالمتتبع للشأن المحلي بالمدينة سيرى أن منتخبي مراكش اليوم طغى عليهم الخطاب السياسي المائع الذي يقبل هذا التفسير و نقيضه، و اختلط لنا الحابل بالنبيل و أصبحنا نغوص في الحقائق و نبحث عنها والجميع يزكي نفسه، و نظل نحن كباحثين في السياسات العمومية و علاقتها بالاعلام تائهين وسط هذه التجاذبات و المشاحنات، في حين نوجه كلما سنحت الفرصة دعوتنا لهؤلاء الساسة لأجل تحسين خطاباتهم و التحلي بالقليل من الرزانة و الحكمة في التعامل مع كافة الأزمات التي يتخبط فيها المشهد السياسي بالمدينة الحمراء.‏‎و المطلوب ليس من السياسيين فقط، بل من وسائل الاعلام بمدينة مراكش وكافة النشطاء إعادة صوغ الخطاب و هذا التجاذب بين الأطراف، وتوضيح مقاصد الجميع من أي مشكلة أو سوء فهم من خلال توضيح المصالح المتضاربة و البحث عن سبل جديد للحوار البناء و المسؤول حولها، وتقريب المختلفين بعضهم من البعض من خلال مساومات سياسية واضحة فمدينة مراكش هي في النهاية ما يتفق ابناءها حولها و حول مصلحتها الفضلى.‏‎و نؤكد في مقالنا هذا أنه لكافة المسؤولين من جديد أنه لا يمكن أن يتحقق أي مشروع سياسي أو مجتمعي، إلا عبر البناء المتين، والارتباط بالانشغالات البسيطة واليومية للناس و فئة النساء و الشباب بصفة خاصة، و لابد من التحلي بالواقعية في العمل و إعطاء الوعود القابلة للتنفيذ، وتكريس ثقافة الاعتراف بالأخطاء والانزلاقات والتعود على النقد الذاتي، والانفتاح على تيارات الرأي داخل المجتمع، فتبخيس المبادرات الفكرية المنتجة واحتقارها، لا يمكن أن يصوغ مشاريع وبرامج تجيب عن سؤال السياسة، والمسألة الاجتماعية والاقتصادية، ومعضلة التشغيل، والصحة والتربية، وحرية الإعلام والعدالة والمساواة، والحكامة الإدارية واستحقاق التحول الديمقراطي الذي نطمح إليه جميعا.لهذا فالأوضاع التي آلت و ستؤول إليه مدينة مراكش تساءل كل القوى الحية و الفعاليات السياسية و المدنية من أجل بناء مدينة النخيل بروح مواطنة مسؤولة و برؤية استراتيجية واضحة.زكرياء البشيكري باحث في الإعلام و السياسات العمومية
ساحة

احمد نور الدين يكتب عن غزوة “البريكس” والرد المطلوب على جنوب إفريقيا
بعد بيان وزارة الخارجية المغربية المتواري خلف "مصدر مأذون"، حول مقاطعة الاجتماع الجانبي المقام على هامش قمة "البريكس" في جنوب افريقيا، عاد سؤال التردد وعدم الحسم في المواقف ليفرض نفسه علينا، فهل ستقطع الرباط علاقاتها مع بريتوريا كما فعلت مع فنزويلا مثلا، أم ستسحب السفير كما فعلت مع تونس؟ أم ستلتزم المنزلة بين المنزلتين، لتترك مساحات واسعة لأعداء المغرب كي يصطادوا في الماء العكر. والمؤكد أن الضبابية لا ولن تخدم مواقف المغرب الذي راكم عدة نقاط إيجابية في السنوات الأخيرة، بل تدفع أصدقاء المغرب إلى صحراء التيه الدبلوماسي، لأنه لا أحد سيقبل أن يأكل غيرُه الثوم بفمه! وحتى نتمكن من الردّ المناسب والقوي والفعال على بريتوريا علينا أن نفهم دوافعها ومحفزاتها. وللوصول إلى هذا المبتغى علينا أن نقوم بعملية التفكيك وإعادة البناء، وأن نبتعد عن التجذيف السطحي من خلال دبلوماسية البيانات غير الموقعة، فالدبلوماسية المغربية لها تقاليد عريقة تمتد لقرون، ولا ينبغي العبث بمصداقيتها. والردود الدبلوماسية الرصينة تنبني على الشجاعة والوضوح وعدم التهرّب من المسؤولية، كما ترتكز على دراسات استشرافية وتحليل استراتيجي، وتستعين بالإسقاطات المستقبلية والنماذج الخوارزمية، وتضع فرضيات ومتغيرات تفضي إلى سناريوهات وخطط عملية في الميدان، يتقاطع فيها ما هو دبلوماسي محض بما هو سياسي حزبي، وما هو استخباراتي بما هو قوة ناعمة وجماعات ضغط وتحالفات دولية ومصالح اقتصادية، الخ. وبالعودة إلى سلوك الدبلوماسية الجنوب إفريقية، سنجد أن المواقف السياسية للدول يتحكم فيها في الغالب الأعمّ مُحدّدان اثنان: الأول وهو الأكثر عقلانية يتعلق بالمصالح الاقتصادية والاستراتيجية، وهو المحدد الرئيس الذي تتبناه معظم الدول الديمقراطية. وأما الثاني فيقترن بالاصطفاف الايديولوجي الذي قد يجعل بلداً يضحي بمصالحه من أجل خياراته الدوغمائية؛ وقد تراجع بشكل ملحوظ عدد الدول التي تعتمد هذا المحدد منذ انهيار جدار برلين. وأعتقد أن موقف جنوب إفريقيا تجاه المغرب يندرج ضمن هذا الصنف الأخير لأن المصالح الاقتصادية والأمنية والاستراتيجية لا ترجح كفة مُعاداة المغرب، فالمبادلات التجارية على سبيل المثال بين بريتوريا والرباط تعادل حوالي ستّ مرات حجم المبادلات التجارية مع الجزائر. وعلى المستوى الاستراتيجي هناك مراكز للدراسات الاستراتيجية حتى من داخل جنوب إفريقيا تدعو حكومة بريتوريا إلى تعميق الشراكة والتعاون مع المغرب بناء على مؤشر ديناميكية الاقتصاد المغربي داخل إفريقيا، بالإضافة إلى الجوانب الأمنية وغيرها. ولكن ما ذكرناه لا يعفي المغرب من المسؤولية عمّا آلت إليه الأمور، فمعلوم أن جنوب إفريقيا لم تعترف بالكيان الانفصالي في تندوف طوال فترة رئاسة الزعيم نيلسون مانديلا. وذلك راجع إلى معارضته الشديدة ورفضه القاطع أن يَطعن المغربَ في الظهر بعد كلّ ما قدمته له المملكة من دعم شعبي ورسمي ضد نظام الميز العنصري. ومانديلا ليس من طينة القيادات الجزائرية أمثال بومدين وبن بلة وغيرهما ممن رضعوا الخيانة والغدر وتربوا على اللؤم، فقاموا بعض اليد المغربية التي ساعدتهم في الشدة واحتضنتهم في المحنة. لقد كان مانديلا وفياً للمغرب الذي ساعده ووقف إلى جانبه في كفاحه الطويل ضد الأبارتايد، وله شهادات موثقة بالصوت والصورة في إحدى تجمعاته الخطابية في جنوب إفريقيا سنة 1995، وبحضور ممثلي دول العالم، حيث استفاض في الإشادة والعرفان بدور المغرب الذي كان أول بلد في العالم يزوده بالسلاح ويمده بالمال. ورغم هذه العلاقة المتميزة وهذه الشهادة الموثقة التي لا تقدر بثمن من الزعيم مانديلا، فإن المغرب لم يستثمرها على الأقل لإبقاء جنوب إفريقيا في موقف الحياد من قضيتنا الوطنية المقدسة، وفي تقديري أن ذلك راجع بالأساس إلى تخلي الخارجية المغربية عن ورقة رابحة في معاركها الدبلوماسية وهي القنوات الحزبية التي تربط حزب المؤتمر الوطني الافريقي ببعض الشخصيات السياسية المغربية التي قضى بعضها نحبه ومنهم من لايزال على قيد الحياة. وفي انتظار أن تُقنع بريتوريا بتغيير خِيارها تجاه المغرب، على دبلوماسيتنا أن تركز جهودها على استئصال الورم السرطاني الخبيث من جذوره. ولا جدال في أن انتحال الكيان الانفصالي صفة عضو في المنظمة الإفريقية هو أصل الداء، وهو ما يُخوّله حضور مؤتمرات تخص الدول حصرياً ولا مكان فيها للتنظيمات. يحدث هذا في الاجتماع الذي تحتضنه جنوب إفريقيا على هامش قمة "البريكس"، والذي دُعي له زعيم الانفصاليين ابن بطوش. كما حدث من قبل في تونس بمناسبة مؤتمر تيكاد-8 في مثل هذا الشهر من السنة الماضية. وهناك سوابق مماثلة جرت مع الاتحاد الأوربي وغيره من التجمعات والدول، وقد تناولنا بعضاً منها في كتابات سابقة. ولا ننسى أيضاً أنّ وزيرة خارجية جنوب إفريقيا، السيدة ناليدي باندور، تجشّمت قبل حوالي شهر عناء التنقل إلى موسكو، في تبادل للأدوار مع حليفتها الجزائر، في محاولة يائسة لإقناع الكرِمْلين بتوجيه الدعوة لكيان تندوف لحضور القمة الروسية الإفريقية التي انعقدت في شهر يوليوز المنصرم، ولكنها خابت وخاب مسعاها، وعادت "بِخُفّي تَبّون" حتى لا أقول خُفّي حُنيْن. إنّ النزيف الدبلوماسي لن يتوقف ما لم يتم طرد الكيان الوهمي من الاتحاد الافريقي. وستتكرر هذه المعارك كما حذّرنا من ذلك منذ يوليوز 2016، فمن الغباء أن نكرر نفس الأخطاء وننتظر نتائج مختلفة كما تقول الحكمة المأثورة. لذلك سيبقى من غير المفهوم بعد ستّ سنوات على عودة المغرب إلى بيته الإفريقي، أن تبقى الخارجية مكتوفة الأيدي دون أن تحرك لا المساطر القانونية ولا السياسية لتنفيذ تعليمات العاهل المغربي الذي أكد في رسالته الموجهة للقادة الأفارقة في يوليوز 2016 أن المغرب عاد إلى المنظمة الإفريقية "ليصحح الخطأ التاريخي". وليس هناك من خطأ آخر ينبغي تصحيحه غير إقحام كيان لا تتوفر فيه شروط العضوية. فالاتحاد الإفريقي كما يُعرّف نفسه بنفسه هو تجمع للدول الإفريقية المستقلة وذات السيادة، وليس ناديا للتنظيمات والحركات الانفصالية بغض النظر عن الاعتراف بمغربية الصحراء من عدمه. وهذا التعريف يتنافى جملة وتفصيلاً، نصاً وروحا، منطوقا ومفهوماً مع عضوية تنظيم انفصالي وظيفي يوجد فوق تراب بلد آخر هو الجزائر، وفاقد لكل مقومات السيادة. وختاما لا بدّ أن نشير إلى أنّ الاتحاد الإفريقي سارع هذا الأسبوع إلى تجميد عضوية النيجر، بعد الانقلاب العسكري، إلى حين "استعادة النظام الدستوري"، وهو ما قام به مع دول أخرى عريقة ووازنة مثل مصر سنة 2013، وهذا في حدّ ذاته مدخل آخر لاقتلاع جرثومة لا تملك لا نظاماً دستورياً، ولا حكومة منتخبة ديمقراطياً، ولا تجري انتخابات تعددية حرة ونزيهة، ولا تقبل أي صوت معارض داخلها حتى وإن كان من مؤسسيها مثلما هو الحال مع زعيم "تيار خط الشهيد" المحجوب ولد السالك. فما الذي يمنع خارجيتنا الموقرة من تحريك كلّ هذه المساطر لطرد كيان دخيل ليس بدولة ولا يملك سيادة ولا يعرف تداولاً على "السلطة" من أساسه؟ هذا هو السؤال الذي سيبقى مطروحاً إلى حين..
ساحة

1 2 79

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الاثنين 20 مايو 2024
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة