التراث الثقافي المغربي يتعزز في سجل منظمة العالم الإسلامي الإيسسكو – Kech24: Morocco News – كِشـ24 : جريدة إلكترونية مغربية
السبت 19 أبريل 2025, 17:45

ساحة

التراث الثقافي المغربي يتعزز في سجل منظمة العالم الإسلامي الإيسسكو


كشـ24 نشر في: 6 فبراير 2023

بقلم جعفر الكنسوسيتنص مواثيق منظمة الإيسسكو على أن قائمة التراث في العالم الإسلامي تشمل المواقع التراثية وعناصر التراث غير المادي، الذي يتعين الحفاظ عليه وإغناؤه لنقله إلى الأجيال القادمة.يشمل التراث الثقافي غير المادي العادات والتقاليد والتعابير الشفهية بما فيها اللغات والمعارف والمهارات والفنون والألعاب التقليدية، وحامليها. وينبغي أن يكون العنصر المعني مدرجا على قائمة الجرد الوطنية للتراث الثقافي غير المادي في الدولة (الدول) التي قدمت ملف الترشيح.وقد تم تسجيل يوم الثلاثاء 5 يوليوز 2022 من قبل وزارة الثقافة للمملكة المغربية 26 عنصرا من التراث المادي وغير المادي بصفتها تراثا مغربيا لدى الإيسسكو علما أن المجموعة الأولى التي صنفت من مجمل التراث الاسلامي بلغت 141 عنصرا وأما القائمة بأسماء عناصر التراث الثقافي المغربي المسجلة هي كالأتي:• فنون ومهارات القفطان المغربي • فن الملحون المغربي • المهارات والعادات المرتبطة بالكسكس المغربي • معارف وممارسات المحضرة • الخيمة الصحراوية • فنون الطبخ المغربي • تقنية ومعارف لخطارة الراشيدية • موسم أسا • موسم مولاي عبد الله أمغار • فن الغناء البلدي بتافيلالت • الغناء النسائي لتارودانت • تقنيات التوزيع التقليدي للمياه • رقصة الكدرة الصحراوية • زخرفة الحلي الفضية بالنبيل الزجاجي تيزنيت • تقنيات الجلابة الوزانية • رقص العلوي بالشرق • طرب الآلة • الفلوكة الصويرية • الفخار النسائي الريفي • الزخرفة على الخشب • الصيد بالسلوقي • منحة اينزركي بمنطقة سوس • بروكار فاس في عرف المغاربة يسمى الزردخان يعني لباس الملوك) • الخط المغربي • فن الدقة المراكشية • زهرية مراكشوتجدر الإشارة إلى أن جهودا محمودة غير مسبوقة بُذلت من قبل وزارة الثقافة تُسعفها عزمة جديدة تطبع عمل وزير الثقافة الشاب السيد محمد المهدي بنسعيد من جهة وخبرة فريق العمل الذي يرأسه مدير التراث الثقافي الدكتور يوسف خيارة من جهة. وافق هذا التهمم الحثيث توجها جديدا لدى منظمة الإيسسكو دشنت به مرحلة جديدة في تاريخها عناية بالتراث الثقافي في العالم الإسلامي.وما أحوج تراث العالم الإسلامي الوفير أن ننتبه لنفاسته حيث لم يسبق للإيسسكو أن طرقت باب تصنيف التراث، فلا شك أن لكل مرحلة رجالها و نسائها، فمنذ أن أنيط التكليف بمسؤولين كبيرين جديدين على رأس المنظمة ،المدير العام السيد سالم بن محمد المالك والسيد عبد الإله بنعرفة نائبا له، وهو الكاتب المغربي الشهير بأدبياته العرفانية ونباهته لشؤون التراث الإسلامي على اختلاف أنواعه وصنوفه ... تعمل المنظمة على هذا النحو على إنشاء أجوبة شافية على أحواله المرضية منها والسيئة ونراها اتخذت لها سبيلا مجددا يفضي بها إلى عوالم تراث الأمم الإسلامية منذ فجر التاريخ، نحسبها كبحر لا ساحل له. وقد سهر على إنجاز هذه الدورة الفاتحة من التصنيف الخبير السيد وليد السيف رئيس لجنة التراث الإسلامي والمعتمد لدى المنظمتين الإيسسكو واليونسكو.من جهتها قدمت جمعية منية مراكش ثلاثة ملفات للترشيح وهي زهرية مراكش و الخط المغربي وفن الدقة المراكشية. وهكذا أسهمت الجمعية في هذا الحدث التاريخي ذي الرمزية القوية انسجاما مع برامجها التي تقيمها منذ سنوات كالدرس الأسبوعي لتلقين الخط المغربي تحت إشراف شيخ الخطاطين بمراكش الأستاذ عبد الغني ويدة وفن الدقة المراكشية التي تتعاهده الجمعية منذ سنين بإحياءها لمراسمها بمناسبة عاشوراء وعند كل محطة من موسمية سماع مراكش تحت إشراف المرحوم المعلم عبد الرزاق بالمقدم بابا وزهرية مراكش التي استنبطتها منية مراكش بحسب هندسة ثقافية مجددة حيث استخلصتها من عقر المنازل لتجعل منها موسما حضاريا يعزز مقامة مراكش الثقافية، تحييها الجمعية لما يزيد على عشر سنوات كلما حل فصل الربيع.فنرى أن هذا التصنيف ليمثل تحولا نوعيا في نظرة بلدنا إلى تراثه الحي. دخلت يوما صحن الكتبيين وفصل شتائنا يوشك على الانتهاء، فوجدت به أشجار الزنبوع ﴿النارنج﴾ تضوًع نفح طيبها قبل الإبان، فتساءلت بماذا يحلم زهر الكتبيين؟ ما أسميه الزهرية أحببنا أن تنتبه إليه المدينة عند حلول كل فصل ربيع، لسنا مطالبين إلا بالإنتباه إلى مراسم جميلة عتيقة، كالموجود المعدوم. نود في الحقيقة أن نحتفي برقة هذه الموسمية وبلطائفها حتى يقول المرء إني ذاهب إلى زهرية مراكش وفي خَلَده أنه يقصد مراكش في تلك الأيام الفواحة التي تحل في ربوع مدينتنا كالضيف أو كالطيف.وكنت قد كتبت هذه السطور متوسما أن ننشئ عيدا للزهر وموسما بمراكش ولها. فالتصنيف الذي نحن بصدده فتح بوابة عالية لإرساء هذا العيد الربيعي وصفحة جديدة تحتفي كل عام بالموسم الجديد وبزهره الفواح ومنة أيامه. أرى أنها طلعة جديدة في أفق الصناعات الثقافية والخلاقة بمراكش. تعزز السياحة من صنف جديد وتستفيد منها المدينة بالرجوع إلى تقاليدها الأصيلة وتستثمرها، تجدد النظر في أغراس المدينة وتعيد الاعتبار لشجرة الزنبوع وإمكانية غرسها بآلاف من جديد.عيد الزهر بمراكش يدشن فرصا جديدة تقوي مهنا كثيرة ومتعددة علما أن 50 من النشاط السياحي بأوروبا ينتجه التراث الثقافي والسياحة الثقافية.ملف زهرية مراكشموسم الزهرية لمراسم تقطير ماء الزهر من استنباط جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته. تعمل على إرساء عيد جديد إقتبالا لفصل الربيع. تتخلل هذه اللقاءات عروض عملية وتطبيقية يقدمها خبراء وعطارون حول طريقة تقطير ماء الزهر ومراسمها وطقوسها المغربية العتيقة، وتوشحها وصلات من طرب الآلة الأندلسية وإنشادات الملحون وحلقات الحكي وأداء الدقة المراكشية ويزينها خِوان الطبيخ المغربي العريق. تختتم البسائط بتقديم نتاج التقطير لمن ساقه سائق السعادة وحضر.وبعد عمل متراسل دام أزيد من عشر سنوات وبفضل هذه الهندسة الثقافية المبتكرة التي تصل التقطير الأصلي المتداول داخل الأسر خاصة بأنشطة مغايرة كالمقاربة العلمية للخبير والاجتهاد الفني للعطوري والتخليل الفني الموسيقي على اختلاف أنواعه، إضافة إلى فنون الطبخ المغربي ووصولا إلى تقديم نتاج ماء الزهر للحاضرين تختتم به الزهرية.ونعني بزهرية مراكش هذه المراسم والعادات والتقاليد وطقوس تقطير ماء الزهر بالمدينة، زهر النارنج أو شجر الزنبوع في عرف أهل مراكش وقد درجت الأسر المراكشية على إقامة هذه الطقوس الأسرية منذ قرون خلت تتوارثها البنت عن الأم عن الجدة. واسم العنصر في لغة المجتمع المغربي عامة والمراكشي على الخصوص تقطار الزهر.وتحتفي الأوساط الأسرية النسوية المراكشية والتعاونيات النسائية المعنية والجمعيات الثقافية والتراثية وحِرفيات تقطير ماء الزهر والعطارون والعطوريون والنحاسون والزجاجون وأرباب ضيعات شجر الحوامض ومنتجو مستحضرات التجميل والهيئات الثقافية ذات الصلة بالصناعات الثقافية والتراثية التي تخلد موسم الزهر سنويا بمراكش بمبادرة جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته وتحت إشرافها.مراكش وهي العاصمة الكبرى لتقطير ماء الزهر بالمغرب الكبير. فطقوس التقطير حضارية رائقة نسوية بالأصالة قديمة العهد ضاربة في التاريخ الحضري للمدينة. عادة ما تتكتم ربة البيت عن أسرار التقطير. تُقبل نساء مراكش على هذه المراسم سواء في المنازل أو في التعاونيات أو بمبادرة من الجمعيات التراثية أو في الهيئات الثقافية المتحفية أو ذات الصلة بالصناعات الثقافية. إبانَ ظهور زهر النارنج في شهر مارس على الأشجار.وقد يدوم حضور الزهر في المدينة لمدة أربعة أسابيع تقريبا ويظهر في أوجِه مع حلول فصل الربيع يوم 21 مارس. يُقتنى الزهر عادة من سوق العطارين وتحديدا من لدن عريف الزهارين الشهير عند أهل مراكش الشيخ مولاي عبد الرحمان أبا عبيدة بعد أن يقطفه الغراسون من البساتين. تتم غربلته وتنقيته من الشوائب وتنشر الزهرات فوق إزارات نظيفة تحت القباب بالمنازل. تفتتح المراسم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لأنها مقرونة عند المسلمين باليمن وبالجمال والكمال. وذلك بعدما تبدأ امرأتان خبيرتان العملية وقد صلتا ركعتين تقربا إلى الله ليبارك في النتاج، تباشَر العملية يدويا لمدة تقدر ما بين 4 و6 ساعات أو أكثر. ويتم غسله بواسطة وعاء معدني نحاسي من قبل جماعة نساء الأسرة.الوظائف الاجتماعية والمعاني الثقافية التي تمتلكها زهرية مراكش حاليًا:مراسم التقطير مناسبة حضارية إنسانية تتوفر على قدرات هائلة لإعادة إنتاج اللحمة الاجتماعية بين الناس داخل الأسر وفي المجتمع وبين أهل المدينة وتعزز الشعور بالإنتماء القومي. وحينما تُخرج المراكشيات قطاراتهن والقطارة (الإنبيق) هي آنية التقطير من رفوفها كل فصل ربيع، تستعد لبعث سويعات جميلة وقت التقطير وجمع الشمل وبث البهجة والغبطة والسرور في نفوس الأسرة الصغيرة والكبيرة. زهرية مراكش تحافظ على ذاكرة ثقافيةعريقة السؤدد وقديمة جدا قطعت العصور، تصلنا بجماليتها ورونقها ومزاياها الاجتماعية والصحية والاقتصادية بكل ما هو جميل ويستأهل عناية قصوى ورعاية مرغوب فيها ومطلوبة ومحمودة.تسعى منية مراكش تسعى في إقامة عيد مخصوص بتقطير ماء الزهر سنويا وترسيم موسميته. وتعمل الجمعية على إرساء هذا الاقتراح الثقافي ذي الأبعاد الاحتفالية والاقتصادية معتقدة أن مثل موسم الزهرية هذا من شأنه أن يعزز الصناعات الثقافية والخلاقة ببلدنا ويسهم في إشعاع المدينة ثقافيا ويعززها اقتصاديا وسياحيا محليا وعالميا.وقد سبق أن نظمت منية مراكش هذه الزهرية بشراكة مع مؤسسات ثقافية وازنة:المجلس الجماعي لمدينة مراكش، مجلس جهة مراكش آسفي، المجلس الإقليمي لعمالة مراكش، متحف محمد السادس لحضارة الماء بالمغرب أمان، متحف الموسيقى بالمواسين، دار الشريفة، أكدال أبناؤنا بتمصلوحت، متحف فريد بلكاهية، المقام الفني بتحناوت ومفتاح الزيتون بأوريكة وقصر سليمان- دار العيادي والمعهد الفرنسي بمراكش.وسبق لجمعيتنا أن أقامت مراسم تقطير ماء الزهر بعرصة مولاي عبد السلام وتقترح أن تصير عرصة الزنبوع، الكائنة قبالة روضة الإمام السهيلي المقامة المثلى لتوطين زهرية مراكش. لازالت الجمعية إلى اليوم تهيب بالمؤسسات الرسمية أن تنتبه أخيرا لهذه الموسمية وأن تتبناها المدينة بمؤسساتها العمومية والخاص. ورعيا للحدث الكبير الذي يتجلى في إدراج زهرية مراكش على قائمة الجرد الوطنية للتراث الثقافي غير المادي وتصنيفها تراثا غير ماديا من قبل منظمة الإيسسكو، صار من اللازم أن تتبناها مدينة مراكش بصفة رسمية وتجعل منها مقامة حضارية كبرى كلما حل فصل الربيع بالمدينة.سبق لجمعية منية مراكش أن أقامت مراسم تقطير ماء الزهر في حدائق عمومية كعرصة مولاي عبد السلام بمراكش فقوبلت بنجاح شعبي منقطع النظير يكشف لنا عن مدى استعداد الجمهور المغربي والأجنبي على السواء للانخراط في هذا الاحتفال البهيج وتخليده.ملف الخط المغربياستطاع الخطاطون المغاربة عبر التاريخ تمثل الخط العربي وتذوق أشكاله مدمجين ثقافتهم المحلية في إبداعاتهم الخطية، فطبعوه بروحهم وأغنوا أساليبه بأشكال هندسية مبتكرة، وزخارف ذات خصوصيات فنية وتقنية متميزة، فتعددت أنواعه؛ شأنه في ذلك شأن الخط العربي المشرقي؛ وأصبحت خمسة أنواع أساسية تستوعب تشكيلات إبداعية أخرى محلية.وعلى العموم ظلت الخطوط المغربية متألقة بقيمتها الحضارية والفنية الجمالية، حيث تزخر الخزانات المغربية بمجموعة من المخطوطات والوثائق التي يتجاور فيها المضمون الروحي الراقي والشكل الفني البديع يوجز ببلاغة وبيان سمو الدين الإسلامي الحنيف ورقي القيم الحضارية والفنية التي تحفل بها بلاد المغرب، نذكر منها على سبيل المثال: المصاحف الشريفة المحفوظة بخزانة ابن يوسف بمراكش كمصحف مالقة ومصحف شاطبة التي تعود إلى زمن الخلافة الموحدية ومخطوطة "دلائل الخيرات ومشارق الأنوار في الصلاة على النبي المختار" للإمام ابن سليمان الجزولي ومخطوطة "كتاب الشفاء بتعريف حقوق المصطفى" للقاضي عياض.وقد استثمر عدد من الفنانين التشكيليين، والحرفيين المغاربة مرونة الخطوط المغربية وتنويعاتها الجميلة التي تتيح إمكانيات غير محدودة للإبداع، ووظفوا الحرف العربي عنصرا من عناصر تشكيل لوحاتهم الفنية ورسوماتهم وتزاويقهم ونقوشهم على الخشب والجبس والحجر والمعادن، فخلفوا تحفا فنية ستظل شاهدة على جمال الخط المغربي وقيمته الفنية.هناك قول مأثور عن الإمام علي بن أبي طالب مفاده: ''علموا أبناءكم فن الكتابة فهو باب من أبواب الرزق''. ويعني به الخط العربي.للخط المغربي وظيفة اجتماعية حضارية ظاهرة للعيان، يعزز الملكات التواصلية بين الناس ويقوي الشعور بالانتماء القومي كما يفسح المجال لمزاوله بامتلاك ناصية ذائقة فنية وجمالية رصينة ويوسع من الأفق المعرفي والحسي الجمالي لمتعلمه.الخط المغربي إسهام ذو مكانةثقافية عالية وشريفة القدر تضمن للمغاربة حضورا قويا ومميزا على المستوى العربي والإسلامي. كما يمثل الخط المغربي اليوم جسرا نفيسا متفردا ووسيطا بين الثقافة المغربية والثقافات الأجنبية. وله حضور ثقافي وازن في المنتديات الثقافية الأوروبية وغيرها. هناك جهود سابقة ومستمرة لحفظ هذا العنصرالتراثي، منها مدرسة الخط المغربي التي فتحتها جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته مثال حي يسهم في تجديد رسوم صَنعَة الخطّاطين.يتم ضمان استدامة الخط المغربي من قبل المجموعات، والأفراد المعنيين وتساهم جماعة الخطاطين المغاربة في ضمان تجديد العمل الفني والحرفي لصَنعَة الخطاط. كما تسهم جمعيات المجتمع المدني في تعزيز هذا الفن واستدامته. ينبغي العمل على ترسيم فن الخط المغربي في المدارس المغربية منذ المعاهد الابتدائية وبرمجته كمادة تعليمية أساسية لصيانته والمحافظة على استعماله وتجديد أساليبه. كما ينبغي إنشاء معاهد عليا لتعليمه على الشكل الأمثل تأسيا بعمل أكاديمية الفنون العريقة التابعة لمسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء.ملف الدقة المراكشية هي نمط موسيقي شعبي مراكشي بل هي الشارة الموسيقية للمدينة، يعود تاريخه كفن تراثي غنائي منذ الموحدين حسب بعض الباحثين وخاصة السعديين على التحقيق. وتعتبرها مدينة مراكش لونا فنيا أو هزجا شعبيا تراثيا أصيلا. يخرج أصحابها إلى التنزه كل يوم جمعة في عرصات مراكش ويشرعون باللعب بالدقة مما جعل الصناع المراكشيون يتعاهدونها ويطورونها إلى أن أصبحت على ما هي عليه الآن، والدقة تمارس مرة في السنة وبالضبط ليلة عاشوراء وهو التاسع من محرم. لا يعرف تاريخ إنشاءها ومن ألف نصوصها.وبهذاالاعتبار هي شبيهة بعدد من النصوص الأدبية الطائرة الصيت المعبرة عن عبقرية الوسط الشعبي لا تحمل توقيعا. وأما حاليا فلعب الدقة صار من الفنون الشعبية المكونة للهوية الثقافية بمراكش، تحضر في الحفلات والأفراح والمناسبات الوطنية. وقد نجد بعض مزاوليها اليوم في مختلف المدن المغربية يحضرون الأفراح إلى جانب المجموعات الموسيقية المحلية في كل مدينة. امتزج فن الدقة المراكشية بعبقرية وبراعة ثلاثة ألوان عربية وإفريقية وأمازيغية.صارت الدقة محبوبة في جميع الأوساط الاجتماعية تعادل أجواء الغبطة والسرور والبهجة. وللإشارة فهي رباعية الإيقاع.وحاملو الدقة المراكشية وممارسوها أغلبيهم من الصناع الحرفيين والشباب المراكشي الأصيل مع العلم أن الدقة لون من ألوان الفنون الموسيقية العريقة، وفي كل المجتمعات القديمة كان كل إنسان يتقن نوعا من الفنون. فالمراكشيون يحبون الدقة و يجتهدون في تعلمها وتلقينها للشباب.الوظائف الاجتماعية والمعاني الثقافية التي تمتلكها الدقة المراكشية حاليًاالدقة المراكشية عنوان انسجام كبير لجسم المجتمع بمراكش. فهي تضمن للمراكشي شعورا قويا بالانتماء إلى بلده مهد الدقة المراكشية كما أن الدقة من منابع الإيقاع دقة على دقة تتوالد عنها دقات ولا يمكن اعتبارها أغنية بل حضرة روحانية تستمد من الأدبيات الصوفية. لها طريقة خاصة وزجل وهو ''العيط''. الدقة المراكشية فن شعبي ترتبط معرفته بمهارات، فإيقاعاتها معقدة لطيفة في ذات الوقت وينبغي للمتولع بها أن يكون على جانب كبير من الحس الفني والذوق الموسيقي. فلا يتقنها إلا الماهر الذي تشرب الدقة وتشرَّبته.فمن المنتديات القليلة التي يجتمع فيها كافة الأوساط المراكشية هي مجامع الدقة بمناسبة إحياء أيام عاشوراء. فهذا الفن الأصيل الجميل له قدرة هائلة على إعادة إنتاج اللحمة الاجتماعية وموصولها بين الناس. الدقة المراكشية محبوبة جدا عند المراكشيين وغيرهم ومن شأنها أن تضمن لسامعها طربا ولذاذة.اللجنة التحضيرية للملفات جعغر الكنسوسي حليمة بوصديق عبد الغني زريكم محمد برادة عبد الواحد العلكيوأسهم في تدوين معطيات ملفي الخط المغربي والدقة المراكشية كل من الأستاذ عبد الغني ويدة ومحمد بالمقدم بابا

بقلم جعفر الكنسوسيتنص مواثيق منظمة الإيسسكو على أن قائمة التراث في العالم الإسلامي تشمل المواقع التراثية وعناصر التراث غير المادي، الذي يتعين الحفاظ عليه وإغناؤه لنقله إلى الأجيال القادمة.يشمل التراث الثقافي غير المادي العادات والتقاليد والتعابير الشفهية بما فيها اللغات والمعارف والمهارات والفنون والألعاب التقليدية، وحامليها. وينبغي أن يكون العنصر المعني مدرجا على قائمة الجرد الوطنية للتراث الثقافي غير المادي في الدولة (الدول) التي قدمت ملف الترشيح.وقد تم تسجيل يوم الثلاثاء 5 يوليوز 2022 من قبل وزارة الثقافة للمملكة المغربية 26 عنصرا من التراث المادي وغير المادي بصفتها تراثا مغربيا لدى الإيسسكو علما أن المجموعة الأولى التي صنفت من مجمل التراث الاسلامي بلغت 141 عنصرا وأما القائمة بأسماء عناصر التراث الثقافي المغربي المسجلة هي كالأتي:• فنون ومهارات القفطان المغربي • فن الملحون المغربي • المهارات والعادات المرتبطة بالكسكس المغربي • معارف وممارسات المحضرة • الخيمة الصحراوية • فنون الطبخ المغربي • تقنية ومعارف لخطارة الراشيدية • موسم أسا • موسم مولاي عبد الله أمغار • فن الغناء البلدي بتافيلالت • الغناء النسائي لتارودانت • تقنيات التوزيع التقليدي للمياه • رقصة الكدرة الصحراوية • زخرفة الحلي الفضية بالنبيل الزجاجي تيزنيت • تقنيات الجلابة الوزانية • رقص العلوي بالشرق • طرب الآلة • الفلوكة الصويرية • الفخار النسائي الريفي • الزخرفة على الخشب • الصيد بالسلوقي • منحة اينزركي بمنطقة سوس • بروكار فاس في عرف المغاربة يسمى الزردخان يعني لباس الملوك) • الخط المغربي • فن الدقة المراكشية • زهرية مراكشوتجدر الإشارة إلى أن جهودا محمودة غير مسبوقة بُذلت من قبل وزارة الثقافة تُسعفها عزمة جديدة تطبع عمل وزير الثقافة الشاب السيد محمد المهدي بنسعيد من جهة وخبرة فريق العمل الذي يرأسه مدير التراث الثقافي الدكتور يوسف خيارة من جهة. وافق هذا التهمم الحثيث توجها جديدا لدى منظمة الإيسسكو دشنت به مرحلة جديدة في تاريخها عناية بالتراث الثقافي في العالم الإسلامي.وما أحوج تراث العالم الإسلامي الوفير أن ننتبه لنفاسته حيث لم يسبق للإيسسكو أن طرقت باب تصنيف التراث، فلا شك أن لكل مرحلة رجالها و نسائها، فمنذ أن أنيط التكليف بمسؤولين كبيرين جديدين على رأس المنظمة ،المدير العام السيد سالم بن محمد المالك والسيد عبد الإله بنعرفة نائبا له، وهو الكاتب المغربي الشهير بأدبياته العرفانية ونباهته لشؤون التراث الإسلامي على اختلاف أنواعه وصنوفه ... تعمل المنظمة على هذا النحو على إنشاء أجوبة شافية على أحواله المرضية منها والسيئة ونراها اتخذت لها سبيلا مجددا يفضي بها إلى عوالم تراث الأمم الإسلامية منذ فجر التاريخ، نحسبها كبحر لا ساحل له. وقد سهر على إنجاز هذه الدورة الفاتحة من التصنيف الخبير السيد وليد السيف رئيس لجنة التراث الإسلامي والمعتمد لدى المنظمتين الإيسسكو واليونسكو.من جهتها قدمت جمعية منية مراكش ثلاثة ملفات للترشيح وهي زهرية مراكش و الخط المغربي وفن الدقة المراكشية. وهكذا أسهمت الجمعية في هذا الحدث التاريخي ذي الرمزية القوية انسجاما مع برامجها التي تقيمها منذ سنوات كالدرس الأسبوعي لتلقين الخط المغربي تحت إشراف شيخ الخطاطين بمراكش الأستاذ عبد الغني ويدة وفن الدقة المراكشية التي تتعاهده الجمعية منذ سنين بإحياءها لمراسمها بمناسبة عاشوراء وعند كل محطة من موسمية سماع مراكش تحت إشراف المرحوم المعلم عبد الرزاق بالمقدم بابا وزهرية مراكش التي استنبطتها منية مراكش بحسب هندسة ثقافية مجددة حيث استخلصتها من عقر المنازل لتجعل منها موسما حضاريا يعزز مقامة مراكش الثقافية، تحييها الجمعية لما يزيد على عشر سنوات كلما حل فصل الربيع.فنرى أن هذا التصنيف ليمثل تحولا نوعيا في نظرة بلدنا إلى تراثه الحي. دخلت يوما صحن الكتبيين وفصل شتائنا يوشك على الانتهاء، فوجدت به أشجار الزنبوع ﴿النارنج﴾ تضوًع نفح طيبها قبل الإبان، فتساءلت بماذا يحلم زهر الكتبيين؟ ما أسميه الزهرية أحببنا أن تنتبه إليه المدينة عند حلول كل فصل ربيع، لسنا مطالبين إلا بالإنتباه إلى مراسم جميلة عتيقة، كالموجود المعدوم. نود في الحقيقة أن نحتفي برقة هذه الموسمية وبلطائفها حتى يقول المرء إني ذاهب إلى زهرية مراكش وفي خَلَده أنه يقصد مراكش في تلك الأيام الفواحة التي تحل في ربوع مدينتنا كالضيف أو كالطيف.وكنت قد كتبت هذه السطور متوسما أن ننشئ عيدا للزهر وموسما بمراكش ولها. فالتصنيف الذي نحن بصدده فتح بوابة عالية لإرساء هذا العيد الربيعي وصفحة جديدة تحتفي كل عام بالموسم الجديد وبزهره الفواح ومنة أيامه. أرى أنها طلعة جديدة في أفق الصناعات الثقافية والخلاقة بمراكش. تعزز السياحة من صنف جديد وتستفيد منها المدينة بالرجوع إلى تقاليدها الأصيلة وتستثمرها، تجدد النظر في أغراس المدينة وتعيد الاعتبار لشجرة الزنبوع وإمكانية غرسها بآلاف من جديد.عيد الزهر بمراكش يدشن فرصا جديدة تقوي مهنا كثيرة ومتعددة علما أن 50 من النشاط السياحي بأوروبا ينتجه التراث الثقافي والسياحة الثقافية.ملف زهرية مراكشموسم الزهرية لمراسم تقطير ماء الزهر من استنباط جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته. تعمل على إرساء عيد جديد إقتبالا لفصل الربيع. تتخلل هذه اللقاءات عروض عملية وتطبيقية يقدمها خبراء وعطارون حول طريقة تقطير ماء الزهر ومراسمها وطقوسها المغربية العتيقة، وتوشحها وصلات من طرب الآلة الأندلسية وإنشادات الملحون وحلقات الحكي وأداء الدقة المراكشية ويزينها خِوان الطبيخ المغربي العريق. تختتم البسائط بتقديم نتاج التقطير لمن ساقه سائق السعادة وحضر.وبعد عمل متراسل دام أزيد من عشر سنوات وبفضل هذه الهندسة الثقافية المبتكرة التي تصل التقطير الأصلي المتداول داخل الأسر خاصة بأنشطة مغايرة كالمقاربة العلمية للخبير والاجتهاد الفني للعطوري والتخليل الفني الموسيقي على اختلاف أنواعه، إضافة إلى فنون الطبخ المغربي ووصولا إلى تقديم نتاج ماء الزهر للحاضرين تختتم به الزهرية.ونعني بزهرية مراكش هذه المراسم والعادات والتقاليد وطقوس تقطير ماء الزهر بالمدينة، زهر النارنج أو شجر الزنبوع في عرف أهل مراكش وقد درجت الأسر المراكشية على إقامة هذه الطقوس الأسرية منذ قرون خلت تتوارثها البنت عن الأم عن الجدة. واسم العنصر في لغة المجتمع المغربي عامة والمراكشي على الخصوص تقطار الزهر.وتحتفي الأوساط الأسرية النسوية المراكشية والتعاونيات النسائية المعنية والجمعيات الثقافية والتراثية وحِرفيات تقطير ماء الزهر والعطارون والعطوريون والنحاسون والزجاجون وأرباب ضيعات شجر الحوامض ومنتجو مستحضرات التجميل والهيئات الثقافية ذات الصلة بالصناعات الثقافية والتراثية التي تخلد موسم الزهر سنويا بمراكش بمبادرة جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته وتحت إشرافها.مراكش وهي العاصمة الكبرى لتقطير ماء الزهر بالمغرب الكبير. فطقوس التقطير حضارية رائقة نسوية بالأصالة قديمة العهد ضاربة في التاريخ الحضري للمدينة. عادة ما تتكتم ربة البيت عن أسرار التقطير. تُقبل نساء مراكش على هذه المراسم سواء في المنازل أو في التعاونيات أو بمبادرة من الجمعيات التراثية أو في الهيئات الثقافية المتحفية أو ذات الصلة بالصناعات الثقافية. إبانَ ظهور زهر النارنج في شهر مارس على الأشجار.وقد يدوم حضور الزهر في المدينة لمدة أربعة أسابيع تقريبا ويظهر في أوجِه مع حلول فصل الربيع يوم 21 مارس. يُقتنى الزهر عادة من سوق العطارين وتحديدا من لدن عريف الزهارين الشهير عند أهل مراكش الشيخ مولاي عبد الرحمان أبا عبيدة بعد أن يقطفه الغراسون من البساتين. تتم غربلته وتنقيته من الشوائب وتنشر الزهرات فوق إزارات نظيفة تحت القباب بالمنازل. تفتتح المراسم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لأنها مقرونة عند المسلمين باليمن وبالجمال والكمال. وذلك بعدما تبدأ امرأتان خبيرتان العملية وقد صلتا ركعتين تقربا إلى الله ليبارك في النتاج، تباشَر العملية يدويا لمدة تقدر ما بين 4 و6 ساعات أو أكثر. ويتم غسله بواسطة وعاء معدني نحاسي من قبل جماعة نساء الأسرة.الوظائف الاجتماعية والمعاني الثقافية التي تمتلكها زهرية مراكش حاليًا:مراسم التقطير مناسبة حضارية إنسانية تتوفر على قدرات هائلة لإعادة إنتاج اللحمة الاجتماعية بين الناس داخل الأسر وفي المجتمع وبين أهل المدينة وتعزز الشعور بالإنتماء القومي. وحينما تُخرج المراكشيات قطاراتهن والقطارة (الإنبيق) هي آنية التقطير من رفوفها كل فصل ربيع، تستعد لبعث سويعات جميلة وقت التقطير وجمع الشمل وبث البهجة والغبطة والسرور في نفوس الأسرة الصغيرة والكبيرة. زهرية مراكش تحافظ على ذاكرة ثقافيةعريقة السؤدد وقديمة جدا قطعت العصور، تصلنا بجماليتها ورونقها ومزاياها الاجتماعية والصحية والاقتصادية بكل ما هو جميل ويستأهل عناية قصوى ورعاية مرغوب فيها ومطلوبة ومحمودة.تسعى منية مراكش تسعى في إقامة عيد مخصوص بتقطير ماء الزهر سنويا وترسيم موسميته. وتعمل الجمعية على إرساء هذا الاقتراح الثقافي ذي الأبعاد الاحتفالية والاقتصادية معتقدة أن مثل موسم الزهرية هذا من شأنه أن يعزز الصناعات الثقافية والخلاقة ببلدنا ويسهم في إشعاع المدينة ثقافيا ويعززها اقتصاديا وسياحيا محليا وعالميا.وقد سبق أن نظمت منية مراكش هذه الزهرية بشراكة مع مؤسسات ثقافية وازنة:المجلس الجماعي لمدينة مراكش، مجلس جهة مراكش آسفي، المجلس الإقليمي لعمالة مراكش، متحف محمد السادس لحضارة الماء بالمغرب أمان، متحف الموسيقى بالمواسين، دار الشريفة، أكدال أبناؤنا بتمصلوحت، متحف فريد بلكاهية، المقام الفني بتحناوت ومفتاح الزيتون بأوريكة وقصر سليمان- دار العيادي والمعهد الفرنسي بمراكش.وسبق لجمعيتنا أن أقامت مراسم تقطير ماء الزهر بعرصة مولاي عبد السلام وتقترح أن تصير عرصة الزنبوع، الكائنة قبالة روضة الإمام السهيلي المقامة المثلى لتوطين زهرية مراكش. لازالت الجمعية إلى اليوم تهيب بالمؤسسات الرسمية أن تنتبه أخيرا لهذه الموسمية وأن تتبناها المدينة بمؤسساتها العمومية والخاص. ورعيا للحدث الكبير الذي يتجلى في إدراج زهرية مراكش على قائمة الجرد الوطنية للتراث الثقافي غير المادي وتصنيفها تراثا غير ماديا من قبل منظمة الإيسسكو، صار من اللازم أن تتبناها مدينة مراكش بصفة رسمية وتجعل منها مقامة حضارية كبرى كلما حل فصل الربيع بالمدينة.سبق لجمعية منية مراكش أن أقامت مراسم تقطير ماء الزهر في حدائق عمومية كعرصة مولاي عبد السلام بمراكش فقوبلت بنجاح شعبي منقطع النظير يكشف لنا عن مدى استعداد الجمهور المغربي والأجنبي على السواء للانخراط في هذا الاحتفال البهيج وتخليده.ملف الخط المغربياستطاع الخطاطون المغاربة عبر التاريخ تمثل الخط العربي وتذوق أشكاله مدمجين ثقافتهم المحلية في إبداعاتهم الخطية، فطبعوه بروحهم وأغنوا أساليبه بأشكال هندسية مبتكرة، وزخارف ذات خصوصيات فنية وتقنية متميزة، فتعددت أنواعه؛ شأنه في ذلك شأن الخط العربي المشرقي؛ وأصبحت خمسة أنواع أساسية تستوعب تشكيلات إبداعية أخرى محلية.وعلى العموم ظلت الخطوط المغربية متألقة بقيمتها الحضارية والفنية الجمالية، حيث تزخر الخزانات المغربية بمجموعة من المخطوطات والوثائق التي يتجاور فيها المضمون الروحي الراقي والشكل الفني البديع يوجز ببلاغة وبيان سمو الدين الإسلامي الحنيف ورقي القيم الحضارية والفنية التي تحفل بها بلاد المغرب، نذكر منها على سبيل المثال: المصاحف الشريفة المحفوظة بخزانة ابن يوسف بمراكش كمصحف مالقة ومصحف شاطبة التي تعود إلى زمن الخلافة الموحدية ومخطوطة "دلائل الخيرات ومشارق الأنوار في الصلاة على النبي المختار" للإمام ابن سليمان الجزولي ومخطوطة "كتاب الشفاء بتعريف حقوق المصطفى" للقاضي عياض.وقد استثمر عدد من الفنانين التشكيليين، والحرفيين المغاربة مرونة الخطوط المغربية وتنويعاتها الجميلة التي تتيح إمكانيات غير محدودة للإبداع، ووظفوا الحرف العربي عنصرا من عناصر تشكيل لوحاتهم الفنية ورسوماتهم وتزاويقهم ونقوشهم على الخشب والجبس والحجر والمعادن، فخلفوا تحفا فنية ستظل شاهدة على جمال الخط المغربي وقيمته الفنية.هناك قول مأثور عن الإمام علي بن أبي طالب مفاده: ''علموا أبناءكم فن الكتابة فهو باب من أبواب الرزق''. ويعني به الخط العربي.للخط المغربي وظيفة اجتماعية حضارية ظاهرة للعيان، يعزز الملكات التواصلية بين الناس ويقوي الشعور بالانتماء القومي كما يفسح المجال لمزاوله بامتلاك ناصية ذائقة فنية وجمالية رصينة ويوسع من الأفق المعرفي والحسي الجمالي لمتعلمه.الخط المغربي إسهام ذو مكانةثقافية عالية وشريفة القدر تضمن للمغاربة حضورا قويا ومميزا على المستوى العربي والإسلامي. كما يمثل الخط المغربي اليوم جسرا نفيسا متفردا ووسيطا بين الثقافة المغربية والثقافات الأجنبية. وله حضور ثقافي وازن في المنتديات الثقافية الأوروبية وغيرها. هناك جهود سابقة ومستمرة لحفظ هذا العنصرالتراثي، منها مدرسة الخط المغربي التي فتحتها جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته مثال حي يسهم في تجديد رسوم صَنعَة الخطّاطين.يتم ضمان استدامة الخط المغربي من قبل المجموعات، والأفراد المعنيين وتساهم جماعة الخطاطين المغاربة في ضمان تجديد العمل الفني والحرفي لصَنعَة الخطاط. كما تسهم جمعيات المجتمع المدني في تعزيز هذا الفن واستدامته. ينبغي العمل على ترسيم فن الخط المغربي في المدارس المغربية منذ المعاهد الابتدائية وبرمجته كمادة تعليمية أساسية لصيانته والمحافظة على استعماله وتجديد أساليبه. كما ينبغي إنشاء معاهد عليا لتعليمه على الشكل الأمثل تأسيا بعمل أكاديمية الفنون العريقة التابعة لمسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء.ملف الدقة المراكشية هي نمط موسيقي شعبي مراكشي بل هي الشارة الموسيقية للمدينة، يعود تاريخه كفن تراثي غنائي منذ الموحدين حسب بعض الباحثين وخاصة السعديين على التحقيق. وتعتبرها مدينة مراكش لونا فنيا أو هزجا شعبيا تراثيا أصيلا. يخرج أصحابها إلى التنزه كل يوم جمعة في عرصات مراكش ويشرعون باللعب بالدقة مما جعل الصناع المراكشيون يتعاهدونها ويطورونها إلى أن أصبحت على ما هي عليه الآن، والدقة تمارس مرة في السنة وبالضبط ليلة عاشوراء وهو التاسع من محرم. لا يعرف تاريخ إنشاءها ومن ألف نصوصها.وبهذاالاعتبار هي شبيهة بعدد من النصوص الأدبية الطائرة الصيت المعبرة عن عبقرية الوسط الشعبي لا تحمل توقيعا. وأما حاليا فلعب الدقة صار من الفنون الشعبية المكونة للهوية الثقافية بمراكش، تحضر في الحفلات والأفراح والمناسبات الوطنية. وقد نجد بعض مزاوليها اليوم في مختلف المدن المغربية يحضرون الأفراح إلى جانب المجموعات الموسيقية المحلية في كل مدينة. امتزج فن الدقة المراكشية بعبقرية وبراعة ثلاثة ألوان عربية وإفريقية وأمازيغية.صارت الدقة محبوبة في جميع الأوساط الاجتماعية تعادل أجواء الغبطة والسرور والبهجة. وللإشارة فهي رباعية الإيقاع.وحاملو الدقة المراكشية وممارسوها أغلبيهم من الصناع الحرفيين والشباب المراكشي الأصيل مع العلم أن الدقة لون من ألوان الفنون الموسيقية العريقة، وفي كل المجتمعات القديمة كان كل إنسان يتقن نوعا من الفنون. فالمراكشيون يحبون الدقة و يجتهدون في تعلمها وتلقينها للشباب.الوظائف الاجتماعية والمعاني الثقافية التي تمتلكها الدقة المراكشية حاليًاالدقة المراكشية عنوان انسجام كبير لجسم المجتمع بمراكش. فهي تضمن للمراكشي شعورا قويا بالانتماء إلى بلده مهد الدقة المراكشية كما أن الدقة من منابع الإيقاع دقة على دقة تتوالد عنها دقات ولا يمكن اعتبارها أغنية بل حضرة روحانية تستمد من الأدبيات الصوفية. لها طريقة خاصة وزجل وهو ''العيط''. الدقة المراكشية فن شعبي ترتبط معرفته بمهارات، فإيقاعاتها معقدة لطيفة في ذات الوقت وينبغي للمتولع بها أن يكون على جانب كبير من الحس الفني والذوق الموسيقي. فلا يتقنها إلا الماهر الذي تشرب الدقة وتشرَّبته.فمن المنتديات القليلة التي يجتمع فيها كافة الأوساط المراكشية هي مجامع الدقة بمناسبة إحياء أيام عاشوراء. فهذا الفن الأصيل الجميل له قدرة هائلة على إعادة إنتاج اللحمة الاجتماعية وموصولها بين الناس. الدقة المراكشية محبوبة جدا عند المراكشيين وغيرهم ومن شأنها أن تضمن لسامعها طربا ولذاذة.اللجنة التحضيرية للملفات جعغر الكنسوسي حليمة بوصديق عبد الغني زريكم محمد برادة عبد الواحد العلكيوأسهم في تدوين معطيات ملفي الخط المغربي والدقة المراكشية كل من الأستاذ عبد الغني ويدة ومحمد بالمقدم بابا



اقرأ أيضاً
محمد بنطلحة الدكالي يكتب: الروح الرياضية بالجزائر…داء العطب قديم
أمام الانتصارات المتتالية للدبلوماسية المغربية والنكسات والهزائم لجيران السوء،يبدو أن دولة العالم الآخر باتت تعيش أعراض الهلوسة والخرف،وهو داء عطب قديم إسمه" المروك". من بين الذكريات التي يتغنى بها حفدة الشهداء،واقعة كروية حدثت وقائعها في9 دجنبر1979 بين المغرب والجزائر،انتهت بفوزهم كما هو معلوم...ومنذ ذلك الحين والأبواق الإعلامية تكتب عن هذا" النصر" العظيم الذي مضت عليه46 سنة. ولأن مرض الهلوسة تزداد تهيؤاته بازدياد حدته،يبدو أن الكراغلة باتوا منذ الآن يترقبون مقابلة شباب قسنطينة أمام نهضة بركان المغربي. تطالعنا اليوم جريدة الشروق بمقال يحمل عنوان:" الرئيس تبون يحرص على مرافقة السياسي ودعمه في مواجهته ضد نهضة بركان المغربي"...! لقد أكد المقال أن زعيم الكراغلة سيتكفل بكامل مصاريف تنقل وإقامة ممثل الكرة الجزائرية في المغرب،علما أن وزير الشباب والرياضة،وليد صادي،وخلال حضوره مأدبة العشاء التي أقامها والي الولاية صيودة،كان قد نقل للنادي القسنطيني إدارة ولاعبين دعم رئيس الجمهورية ومساندته المطلقة للفريق في مواجهته أمام نهضة بركان...ومن ثمة ضمان تنشيط النهائي الإفريقي القادم ودخول التاريخ من بابه الواسع...! سبحان الله معشر الكراغلة،دخول التاريخ،شافاكم الله،يكون عبر الاختراعات والإنجازات،وتوفير لتر حليب وكسرة خبز لكل جائع،وذلك أضعف الإيمان. دخول التاريخ يكون عبر التلاحم والتآزر،لأننا دم واحد وتاريخ مشترك. أما وأنتم تشحنون المدرب خير الدين ماضوي وكأنه متوجه إلى ساحة الحرب،وتأمرون اللاعبين بوقرة ومداحي وكأنهما قائدا فريق مشاة...! إسمحوا لي أن أعترف،أني بت أشفق عليكم،وأدعو الله أن يتدبر أمر الحرارة المفرطةالتي تسكنكم. ونحن ندعو لكم بالشفاء معشر الكراغلة،نذكركم أنه وطوال التاريخ،ومنذ الحضارة الإغريقية التي عرفت ألعاب أثينا،ظلت الرياضة عنوانا للفرجة والتآخي والتعارف بين الشعوب لما تمثله من قيم إنسانية نبيلة،إنها تنشر السلام وتشجع على التسامح والاحترام وسمو الأخلاق،والرياضة بمعناها الصحيح ترفض أن تكون وسيلة لغاية أخرى لأنها منبع القيم السامية المثلى حين تنتصر الروح الرياضية. إننا نشفق عليكم،ونرثي لحالكم حين تعتبرون انتصارا صغيرا في كرة القدم عن طريق ضربات الحظ،عيدا وطنيا وملحمة بطولية،محاولين تهدئة الشارع الذي يعرف حراكا شعبيا. لقد ضاق الشعب الجزائري الشقيق درعا من ضيق العيش ومحنة الطوابير والرعب اليومي الجاثم على النفوس... الرياضة أخلاق وسمو إنساني نبيل...حاولوا أن تستفيقوا من غيكم،رغم أن داء العطب قديم... محمد بنطلحة الدكالي
ساحة

صرخة من قلب المهنة: الفوضى تُهين الإرشاد السياحي بمراكش
في سياق التحديات التي تعصف بمهنة الإرشاد السياحي في مراكش، يعرض هذا المقال وجهة نظر عدد من المرشدين السياحيين الذين يعانون من تدهور أوضاعهم المهنية بسبب ظواهر التسيب والتنظيم غير القانوني داخل القطاع. ومن المهم التنويه إلى أن ما يطرحه هذا المقال يعكس آراء مجموعة من المهنيين الذين يواجهون هذه التحديات بشكل يومي، وهذا نص المقال: "الانتسابات غير القانونية، المنافسة الفوضوية، وتواطؤ الصمت... من يُنقذ كرامة المرشدين؟ الوضع لم يعد يحتمل. مهنة الإرشاد السياحي، التي لطالما كانت واجهة حضارية للمغرب، تتعرض اليوم في مراكش لتشويه ممنهج، وسط تراخٍ واضح من السلطات المحلية والمركزية، وصمت مريب من الهيئات المهنية والتنظيمية. منذ سنوات، والمرشدون النظاميون يرفعون الصوت في وجه ظاهرة تتفشى في الخفاء: مرشدون غير مُعيّنين في المدينة يحصلون على انتساب غير قانوني داخل جمعية مهنية محلية، ويزاولون عملهم بشكل حرّ، ضاربين عرض الحائط بقوانين التعيين والتنظيم. القانون يُنتَهك والمهنة تنهار ما يجري ليس فقط خرقًا إداريًا، بل تقويض لمبادئ العدالة المهنية. المرشدون غير المعينين في مراكش يتعللون بأن القانون يمنحهم هذا الحق، مستندين إلى تأويلات شخصية تخدم مصالحهم، دون اعتبار للواقع القانوني أو الإداري، في وقت يُقصى فيه المرشدون الملتزمون ويُجبرون على تقبل التهميش. كرامة المرشد تُباع في سوق الأسعار تدهور آخر يسجله المهنيون يتمثل في اشتعال حرب أسعار مدمرة، حيث يعمد بعض المرشدين إلى خفض تسعيرتهم بشكل مبالغ فيه، ما يؤدي إلى ضرب جودة الخدمات في العمق، والإضرار بسمعة المدينة لدى السياح. "عندما يتحول المرشد إلى بائع خدمة رخيصة، فإن التفاعل، والمعلومة، والاحترافية تكون أولى الضحايا"، يقول أحد المرشدين المحليين. جمعيات متهمة... وسلطات غائبة عدد من الأصوات داخل القطاع تتهم بعض الجمعيات بالتواطؤ، حيث تُمنح بطاقات الانتساب بشكل غير قانوني، وأحيانًا مقابل مبالغ مالية، دون احترام لشروط التعيين الترابي ولا ضوابط المزاولة. المرشدون يطالبون اليوم بتحقيق رسمي في هذه الانتسابات، ومساءلة الجهات التي تغضّ الطرف عن هذه الفوضى، والتي تهدد المهنة من الداخل. السياحة تتطور... والمهنة تتآكل في وقت تتغير فيه تطلعات السياح نحو تجارب غنية، وتفاعلية، ومستدامة، يواجه المرشدون الملتزمون خطر الإقصاء على يد فوضى تنظيمية تُفرّغ المهنة من معناها وقيمتها الثقافية. المرشدون يطالبون بالتحرك... الآن! دعوات متصاعدة لإيقاف النزيف: فتح تحقيق عاجل في الانتسابات العشوائية؛ توقيف غير الملتزمين بالتعيين الرسمي؛ إصلاح جذري لهياكل الجمعيات المهنية؛ وتدخل فعلي لوزارة السياحة وولاية الجهة قبل فوات الأوان."
ساحة

“الحق المهني المسلوب”: من يُسكت صوت المرشدين السياحيين؟
في قطاع يُعدّ من الركائز الأساسية للاقتصاد المحلي والوطني، يجد مئات المرشدين السياحيين بجهة مراكش-آسفي أنفسهم في مواجهة تحديات مهنية وإدارية متزايدة. وسط غياب آليات فعالة لحماية حقوقهم، تتعالى أصواتهم مطالبة بالإصلاح، لكن هل من مجيب؟ هذا المقال يعكس انشغالات مجموعة من المهنيين الذين يرون أن الممارسات التنظيمية الحالية تُقصيهم بدل أن تدمجهم، ويطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل المهنة، وهذا نص المقال:"في قلب القطاع السياحي بمراكش-آسفي، يعيش مئات المرشدين حالة من التهميش الممنهج، في ظل تراكم ممارسات إدارية وتنظيمية غير متوازنة، وغياب الآليات الفعالة التي تضمن العدالة المهنية. الوضع الحالي يفرض علينا طرح أسئلة جريئة: من يُراقب؟ من يُحاسب؟ ومن يُنصف من لا صوت له؟جمعية في وضعية مخالفة... بلا محاسبةللسنة الثالثة على التوالي، لم تعقد الجمعية الجهوية للمرشدين السياحيين أي جمع عام، ولم تُعرض أي تقارير مالية أو أدبية، ومع ذلك تواصل تحصيل واجبات الانخراط، وتسليم الشهادات وكأن شيئاً لم يكن.أين دور المراقبة؟ من يتحمل مسؤولية تفعيل آليات الشفافية الداخلية؟ أليس استمرار هذا الوضع يمثل خرقاً لمبادئ الحكامة المهنية؟التكوين الرقمي: برنامج غير منصف لفئة واسعةفرض شهادة التكوين الرقمي ضمن وثائق تجديد الاعتماد جاء بهدف التأهيل، لكنه لم يُرفق، حسب عدد من المهنيين، بآليات واقعية لضمان مشاركة حقيقية ومتساوية، مما خلق شعوراً بالإقصاء لدى شريحة واسعة من المرشدين:مشاركات شكلية أو بالنيابة.غياب دعم فعلي للفئات غير المتمكنة من التكنولوجيا.شهادة تُمنح دون تأكيد فعلي لاكتساب المهارات.النتيجة؟ تكوين تحوّل إلى عبء إداري لا يراعي خصوصية الميدان.تجديد الرخصة: منطق الورق أم منطق الكفاءة؟المرشدون يقدمون ملفاتهم كاملة، لكن العديد منهم يُدرك أن ما يُطلب ليس بالضرورة انعكاساً حقيقياً للخبرة أو القدرة. شهادات انخراط صادرة عن جمعيات غير مفعلة تنظيمياً، وشهادات تكوين دون مضمون فعلي، فهل هذه مؤشرات تأهيل حقيقية؟ أم مجرد إجراء شكلي؟الشهادة الطبية: سؤال حول العدالة المهنيةيشكل شرط الشهادة الطبية عائقاً أمام عدد من المرشدين الذين يعانون من أمراض مزمنة أو حالات صحية مؤقتة. فهل العجز المؤقت أو الإعاقة الخفيفة تعني بالضرورة عدم الأهلية؟ وهل من العدل أن يُقصى شخص فقط لأنه يخضع لعلاج منتظم أو يعيش مع إعاقة بسيطة لا تمنعه من أداء مهامه؟الضمان الاجتماعي: بين التعقيد والإجحافيعاني عدد من المرشدين السياحيين من صعوبات متزايدة في تسوية وضعيتهم مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في ظل غياب مواكبة فعلية تأخذ بعين الاعتبار طبيعة عملهم المستقل وغير المنتظم. ومن أبرز الإشكالات المطروحة:تعقيد مساطر الانتظام وتسديد المستحقات القديمة.تراكم مبالغ يصعب سدادها دفعة واحدة.وجود اقتطاعات بنكية غير دقيقة في بعض الحالات.تعرض المرشدين مزدوجي الجنسية لأداء مزدوج للواجبات دون تنسيق واضح بين الدول.هذا الوضع يُفاقم الهشاشة الاجتماعية للمرشدين، ويُفرغ التغطية الاجتماعية من مضمونها، ويُرسخ الإقصاء بدل الإدماج.مطالب مهنية ملحةافتحاص إداري ومالي للجمعية الجهوية ضماناً للشفافية.مراجعة آليات استخراج شهادات التكوين والانخراط.تيسير شروط الشهادة الطبية بشكل إنساني وعادل.فتح حوار مهني موسع لتصحيح المسار التنظيمي دون توتر أو صدام.رسالة مفتوحة لكل ضمير مهنيهذا المقال ليس مجرد وصف لاختلالات مهنية، بل هو نداء صادق يلامس كرامة كل مرشد سياحي. لسنا بصدد مطالب تعجيزية، بل نطالب فقط بما يضمن الاستمرارية في العمل بكرامة: تنظيم شفاف، تمثيلية شرعية، تكوين فعلي، وحماية اجتماعية عادلة.لقد طال الصمت، وكثُر التغاضي، وحان الوقت لنُعيد للمهنة صوتها ومكانتها. صوت المرشد ليس هامشيًا... إنه صوت الثقافة، والتاريخ، والانتماء."
ساحة

يونس مجاهد يكتب: مصداقية الخبر وطُعم النقرات
موضوع مصداقية الأخبار ليست جديدا في ثقافتنا، بل إنه متجذر فيها، وهناك مرجعيات كثيرة تحيلنا على الأهمية القصوى التي أوليت للفرق بين الخبر الصادق والخبر الكاذب في تراثنا، و لا أدل على ذلك من الآية الكريمة " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ". فالعودة لهذه المرجعيات سيكون مفيدا في مقاومة المد الجارف للتضليل والأخبار الملفقة والإثارة الرخيصة، التي يسعى تجار شبكات التواصل الاجتماعي إلى جعلها وسيلة للتشهير والإساءة، ومصدر اغتناء، غير عابئين بالقيم النبيلة التي من المفترض أن نتقاسمها كمجتمع. إن العودة إلى مرجعيتنا الحضارية والثقافية كفيل بأن يساهم إلى حد كبير في توفير وسائل وأدوات مقاومة الإتجار الرخيص في حرية التعبير، ففي مقدمة ابن خلدون التي أسست لعلم العمران البشري، هناك تدقيق مذهل لضرورة التمحيص في الأخبار، حيث يقول إنه من الضروري التمحيص والنظر في الخبر، حتى يتبين صدقه من كذبه، لأن الابتعاد عن الانتقاد والتمحيص يقع في قبول الكذب ونقله. ويضيف أن من الأسباب المقتضية للكذب في الأخبار، أيضا، الثقة بالناقلين، وتمحيص ذلك يرجع إلى التعديل والتجريح. ومنها الذهول عن المقاصد، فكثير من الناقلين لا يعرف القصد بما عاين أو سمع، وينقل الخبر على ما في ظنه وتخمينه، فيقع في الكذب. إن ابن خلدون، الذي سبق عصره، يتحدث هنا عن مصادر الأخبار، التي يعتبر أنه من غير الممكن تصديق ما تنقله بدون إعمال العقل النقدي. وهو من صميم العمل الصحافي، حيث أن التأكد من مصادر الأخبار ومدى مصداقيتها، هو جوهر المهنة، وهو أيضا ما يدرس اليوم في التربية على الإعلام، إذ أن أهم مبدأ يوصى به هو عدم تصديق أي "خبر"، إلا بعد التأكد من المصادر، أولا، ثم التمحيص والنظر في هذا الخبر، كما يقول ابن خلدون، ثانيا، لغربلته وإخضاعه للعقل والمنطق. وفي هذا الإطار، تؤكد التجربة، أنه لا يمكن للمجتمعات أن تستغني عن الصحافة المهنية، في تداول الأخبار، لأنها تكون صادرة عن صحافيين محترفين، يتوفرون على تكوين وخبرة ومستوى علمي، والأهم من ذلك، أنهم يشتغلون في بيئة صحافية، أي ضمن هيئة تحرير وميثاق أخلاقيات وقواعد العمل الصحافي. ولا يمكن لشبكات التواصل الاجتماعي أوما يسمي ب"المؤثرين"، أن تعوض العمل الصحافي الاحترافي، بحجة أنها "صحافة مستقلة"، فليس هناك إلا صحافة واحدة، إما أن تكون احترافية موضوعية وذات مصداقية، تعمل طبقا لأساسيات مهنة الصحافة وتقاليدها، أو لا تكون. الصحافي الحقيقي، كالمؤرخ، يقول عبد الله العروي، في كتابه "مفهوم التاريخ"، إذ يعتبر أن العديد من الملاحظين يشبهون الصحافي بالمؤرخ، فيقال إن الأول مؤرخ اللحظة، بينما الثاني صحافي الماضي، كلاهما يعتمد على مخبر، وكلاهما يؤول الخبر ليعطيه معنى، الفرق بينهما هو المهلة المخولة لكل واحد منهما، إذا ضاقت تحول المؤرخ إلى صحافي، وإذا عاد الصحافي إلى الأخبار وتأملها بعد مدة تحول إلى مؤرخ، أما إشكالية الموضوعية وحدود "إدراك الواقع كما حدث"، فهي واحدة بالنسبة لهما معا. والمقصود هنا، حسب العروي، هو أن كلا من الصحافي والمؤرخ، عليهما تحري الدقة في الأخبار والحوادث المنقولة، واعتماد المصادر الموثوقة، مثل التغطية الميدانية وشهود العيان أو معايشة الأحداث، بالإضافة إلى الوثائق والآثار الدالة على ما حصل... هذه هي الصحافة المستقلة، عن التلفيق والكذب والإثارة المجانية واستجداء عدد النقرات. ويعتبر اليوم "طُعم النقرات "clickbait، من الآفات الكبرى التي أصابت الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبح العديد ممن يسعون إلى تحقيق الأرباح، بأية وسيلة، اللجوء إلى تشويه الحقيقة وتقويض القيم الصحفية التقليدية، مثل الدقة والموضوعية والشفافية، همهم الوحيد هو الدخول في مهاترات وجدل عقيم، و اعتماد عناوين مثيرة، و كتابة أو بث كل ما يمكن أن يثير الفضول بدون معنى أو محتوى و بدون مصدر موثوق، كتاباتهم أو احاديثهم تتضمن تناقضات كثيرة، لكن كل ذلك يهون، بالنسبة لهم، أمام ما يمكن أن يحققونه من مداخيل. لذلك رفعت العديد من التنظيمات الصحافية في تجارب دولية، شعار؛ "لا تنقر"، أي تجنب طُعم الإثارة التجارية الرخيصة، التي تشوه الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي.
ساحة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

السبت 19 أبريل 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة