تكناوي يكتب.. المشاورات الوطنية لتجويد التعليم.. المكتسبات والأفق – Kech24: Morocco News – كِشـ24 : جريدة إلكترونية مغربية
الثلاثاء 01 أبريل 2025, 22:29

ساحة

تكناوي يكتب.. المشاورات الوطنية لتجويد التعليم.. المكتسبات والأفق


كشـ24 نشر في: 25 مايو 2022

محمد تكناوي.يعد الإصلاح التربوي دينامية تفاعلية متجددة، فكل المنجزات والمكتسبات مهما بلغت من الثراء والتناسق والشمول، تظل في حاجة إلى ما بعدها، تظل في حاجة إلى الإستمرارية والتحول في سياقات تضمن تحقيق تراكماتها الخاصة وبلوغ غاياتها المرحلية، وتبعث على إعادة صياغة اسئلتها وتحديد أهداف جديدة ودورات حياة متواصلة، ذلك هو البعد والعمق الفكري، الذي يرجح طموح بلادنا في جعل المدرسة المغربية الحديثة بوابة على فضاءات المستقبل، ويشحذ الهمم لمواصلة الاسهام بحماس في بناء مغرب الألفية الثالثة، المغرب المتقدم، الحداثي، والديمقراطي.واستحضارا لهذا الافق، وضمن هذا المسار أعطت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة مؤخرا من مدينة الصويرة، التابعة للاكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة مراكش آسفي، الإشارة لانطلاق مشاورات وطنية موسعة لتجويد المدرسة العمومية، ، وشرعت مرجعيتها و دواعيها، والرهانات الأساسية التي تعقد عليها.هذه المشاورات التي أريد لها ان تعتمد مقاربة تشاركية، وان تستهدف رصد الممارسات الفضلى والتجارب المبتكرة والأفكار المبدعة ذات الصلة بالشأن التربوي، وهي تعرف كما أبرزت ذلك ورقة العمل التأطيرية الصادرة عن وزارة التعليم، مشاركة موسعة تتوخى مساهمة الشركاء الأساسيين للوزارة ومكونات المجتمع المدني والخبراء المهتمين بالشأن التربوي.ومن خلال تدبر المرجعيات المؤطرة لهذه المشاورات، كان هناك استهداف جعل المؤسسة التعليمية، بؤرة تكوينية وثقافية وخلقية وجدانية مشعة ورائدة، تتحدد المسؤوليات بين مختلف مكوناتها و تتكامل في أفق اعطاء دور مركزي للتلميذ.و ارتباطا بهذا التوجه فقد تم استهلال هذه المشاورات، بتنظيم ورشات لفائدة تلاميذ المدارس الابتدائية والاعدادية، من أجل تشجيعهم على التفكير المستقل، وتحفيزهم على النقد والإبداع والتعبير الحر عن أفكارهم في قوالب متعددة الرسم و الحكي والمسرح والشعر و القصة القصيرة والمصورة ، واطلاق العنان لخيالهم للبوح والكشف عن تطلعاتهم وتصورهم للمدرسة التي يريدون او يحلمون بها ، بالموازاة مع ذلك أطلقت الوزارة منصة وطنية لتجميع آراء المواطنين المغاربة حول المدرسة التي يتوقون إليها.واذا كان من واجب الوزارة، ونحن في لحظة حاسمة من عمر الإصلاح عبر تنزيل مقتضيات القانون الإطار، فسح المجال أمام الجميع للنقاش الصريح والانصات المتبادل في هذه المشاورات الهادفة لتجويد المدرسة المغربية، فإن نفس الواجب ايضا يحتم الانخراط في لحظة تفكير جماعي وتامل صادق لحاضر وافق، منظومتنا التربوية التعليمية، بما يعنيه هذا التفكير وهذا التأمل من استحضار لما تم تحقيقه من مكتسبات حتى اليوم، وما ينبغي أن يتعبا له وما سيليه من مراحل.واذا كانت حصيلة الاوراش الإصلاحية، التي انجزت في ظرف وجيز، تؤكد بالملموس تراكم مكتسبات إيجابية في مجال التربية والتكوين والحكامة والتدبير والجهوية. فان هذه الانجازات في حاجة إلى جهود إضافية ومكثفة لتحصينها وتعزيزها، كما أنها أصبحت اليوم تساءل كافة مكونات الشعب المغربي عن متطلبات المرحلة المقبلة بكل تطلعاتها واكراهاتها ومستلزماتها. واذا كانت الجودة هي العنوان العريض لهذه المشاورات، فإن كسب هذا الرهان يستدعي مقاربات وطرق عمل جديدة ونوعية، ويتطلب تحديدا اضافيا أكثر ارادية، يعطي الاصلاح متنفسا رحبا يعزز الإرادة لدى مختلف الفاعلين التربويين والمهتمين بالشان التعليمي ببلادنا.اكيد ان القناعات المشتركة، وكذا القناعات وزوايا النظر الخاصة لكل الفاعلين والمهتمين التربويين، تشكل أداة متميزة لاغناء النقاش ومدخلا لتعدد المقاربات والرؤى ، ولعل الأفق الذي ينبىء بكثير من التفاؤل والامل، هو رسم أفق مشترك لما نحن مقبلون عليه جميعا. ولن يتاتى ذلك الا من خلال الانخراط الفعلي في بلورة تقييم جماعي عميق ، موضوعي، واقعي وشفاف، ينطلق من المسح الشامل للواقع، ليخلص الى مزيد من التعبئة والفعل الجماعيين على أرض هذا الواقع.

محمد تكناوي.يعد الإصلاح التربوي دينامية تفاعلية متجددة، فكل المنجزات والمكتسبات مهما بلغت من الثراء والتناسق والشمول، تظل في حاجة إلى ما بعدها، تظل في حاجة إلى الإستمرارية والتحول في سياقات تضمن تحقيق تراكماتها الخاصة وبلوغ غاياتها المرحلية، وتبعث على إعادة صياغة اسئلتها وتحديد أهداف جديدة ودورات حياة متواصلة، ذلك هو البعد والعمق الفكري، الذي يرجح طموح بلادنا في جعل المدرسة المغربية الحديثة بوابة على فضاءات المستقبل، ويشحذ الهمم لمواصلة الاسهام بحماس في بناء مغرب الألفية الثالثة، المغرب المتقدم، الحداثي، والديمقراطي.واستحضارا لهذا الافق، وضمن هذا المسار أعطت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة مؤخرا من مدينة الصويرة، التابعة للاكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة مراكش آسفي، الإشارة لانطلاق مشاورات وطنية موسعة لتجويد المدرسة العمومية، ، وشرعت مرجعيتها و دواعيها، والرهانات الأساسية التي تعقد عليها.هذه المشاورات التي أريد لها ان تعتمد مقاربة تشاركية، وان تستهدف رصد الممارسات الفضلى والتجارب المبتكرة والأفكار المبدعة ذات الصلة بالشأن التربوي، وهي تعرف كما أبرزت ذلك ورقة العمل التأطيرية الصادرة عن وزارة التعليم، مشاركة موسعة تتوخى مساهمة الشركاء الأساسيين للوزارة ومكونات المجتمع المدني والخبراء المهتمين بالشأن التربوي.ومن خلال تدبر المرجعيات المؤطرة لهذه المشاورات، كان هناك استهداف جعل المؤسسة التعليمية، بؤرة تكوينية وثقافية وخلقية وجدانية مشعة ورائدة، تتحدد المسؤوليات بين مختلف مكوناتها و تتكامل في أفق اعطاء دور مركزي للتلميذ.و ارتباطا بهذا التوجه فقد تم استهلال هذه المشاورات، بتنظيم ورشات لفائدة تلاميذ المدارس الابتدائية والاعدادية، من أجل تشجيعهم على التفكير المستقل، وتحفيزهم على النقد والإبداع والتعبير الحر عن أفكارهم في قوالب متعددة الرسم و الحكي والمسرح والشعر و القصة القصيرة والمصورة ، واطلاق العنان لخيالهم للبوح والكشف عن تطلعاتهم وتصورهم للمدرسة التي يريدون او يحلمون بها ، بالموازاة مع ذلك أطلقت الوزارة منصة وطنية لتجميع آراء المواطنين المغاربة حول المدرسة التي يتوقون إليها.واذا كان من واجب الوزارة، ونحن في لحظة حاسمة من عمر الإصلاح عبر تنزيل مقتضيات القانون الإطار، فسح المجال أمام الجميع للنقاش الصريح والانصات المتبادل في هذه المشاورات الهادفة لتجويد المدرسة المغربية، فإن نفس الواجب ايضا يحتم الانخراط في لحظة تفكير جماعي وتامل صادق لحاضر وافق، منظومتنا التربوية التعليمية، بما يعنيه هذا التفكير وهذا التأمل من استحضار لما تم تحقيقه من مكتسبات حتى اليوم، وما ينبغي أن يتعبا له وما سيليه من مراحل.واذا كانت حصيلة الاوراش الإصلاحية، التي انجزت في ظرف وجيز، تؤكد بالملموس تراكم مكتسبات إيجابية في مجال التربية والتكوين والحكامة والتدبير والجهوية. فان هذه الانجازات في حاجة إلى جهود إضافية ومكثفة لتحصينها وتعزيزها، كما أنها أصبحت اليوم تساءل كافة مكونات الشعب المغربي عن متطلبات المرحلة المقبلة بكل تطلعاتها واكراهاتها ومستلزماتها. واذا كانت الجودة هي العنوان العريض لهذه المشاورات، فإن كسب هذا الرهان يستدعي مقاربات وطرق عمل جديدة ونوعية، ويتطلب تحديدا اضافيا أكثر ارادية، يعطي الاصلاح متنفسا رحبا يعزز الإرادة لدى مختلف الفاعلين التربويين والمهتمين بالشان التعليمي ببلادنا.اكيد ان القناعات المشتركة، وكذا القناعات وزوايا النظر الخاصة لكل الفاعلين والمهتمين التربويين، تشكل أداة متميزة لاغناء النقاش ومدخلا لتعدد المقاربات والرؤى ، ولعل الأفق الذي ينبىء بكثير من التفاؤل والامل، هو رسم أفق مشترك لما نحن مقبلون عليه جميعا. ولن يتاتى ذلك الا من خلال الانخراط الفعلي في بلورة تقييم جماعي عميق ، موضوعي، واقعي وشفاف، ينطلق من المسح الشامل للواقع، ليخلص الى مزيد من التعبئة والفعل الجماعيين على أرض هذا الواقع.



اقرأ أيضاً
“الحق المهني المسلوب”: من يُسكت صوت المرشدين السياحيين؟
في قطاع يُعدّ من الركائز الأساسية للاقتصاد المحلي والوطني، يجد مئات المرشدين السياحيين بجهة مراكش-آسفي أنفسهم في مواجهة تحديات مهنية وإدارية متزايدة. وسط غياب آليات فعالة لحماية حقوقهم، تتعالى أصواتهم مطالبة بالإصلاح، لكن هل من مجيب؟ هذا المقال يعكس انشغالات مجموعة من المهنيين الذين يرون أن الممارسات التنظيمية الحالية تُقصيهم بدل أن تدمجهم، ويطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل المهنة، وهذا نص المقال:"في قلب القطاع السياحي بمراكش-آسفي، يعيش مئات المرشدين حالة من التهميش الممنهج، في ظل تراكم ممارسات إدارية وتنظيمية غير متوازنة، وغياب الآليات الفعالة التي تضمن العدالة المهنية. الوضع الحالي يفرض علينا طرح أسئلة جريئة: من يُراقب؟ من يُحاسب؟ ومن يُنصف من لا صوت له؟جمعية في وضعية مخالفة... بلا محاسبةللسنة الثالثة على التوالي، لم تعقد الجمعية الجهوية للمرشدين السياحيين أي جمع عام، ولم تُعرض أي تقارير مالية أو أدبية، ومع ذلك تواصل تحصيل واجبات الانخراط، وتسليم الشهادات وكأن شيئاً لم يكن.أين دور المراقبة؟ من يتحمل مسؤولية تفعيل آليات الشفافية الداخلية؟ أليس استمرار هذا الوضع يمثل خرقاً لمبادئ الحكامة المهنية؟التكوين الرقمي: برنامج غير منصف لفئة واسعةفرض شهادة التكوين الرقمي ضمن وثائق تجديد الاعتماد جاء بهدف التأهيل، لكنه لم يُرفق، حسب عدد من المهنيين، بآليات واقعية لضمان مشاركة حقيقية ومتساوية، مما خلق شعوراً بالإقصاء لدى شريحة واسعة من المرشدين:مشاركات شكلية أو بالنيابة.غياب دعم فعلي للفئات غير المتمكنة من التكنولوجيا.شهادة تُمنح دون تأكيد فعلي لاكتساب المهارات.النتيجة؟ تكوين تحوّل إلى عبء إداري لا يراعي خصوصية الميدان.تجديد الرخصة: منطق الورق أم منطق الكفاءة؟المرشدون يقدمون ملفاتهم كاملة، لكن العديد منهم يُدرك أن ما يُطلب ليس بالضرورة انعكاساً حقيقياً للخبرة أو القدرة. شهادات انخراط صادرة عن جمعيات غير مفعلة تنظيمياً، وشهادات تكوين دون مضمون فعلي، فهل هذه مؤشرات تأهيل حقيقية؟ أم مجرد إجراء شكلي؟الشهادة الطبية: سؤال حول العدالة المهنيةيشكل شرط الشهادة الطبية عائقاً أمام عدد من المرشدين الذين يعانون من أمراض مزمنة أو حالات صحية مؤقتة. فهل العجز المؤقت أو الإعاقة الخفيفة تعني بالضرورة عدم الأهلية؟ وهل من العدل أن يُقصى شخص فقط لأنه يخضع لعلاج منتظم أو يعيش مع إعاقة بسيطة لا تمنعه من أداء مهامه؟الضمان الاجتماعي: بين التعقيد والإجحافيعاني عدد من المرشدين السياحيين من صعوبات متزايدة في تسوية وضعيتهم مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في ظل غياب مواكبة فعلية تأخذ بعين الاعتبار طبيعة عملهم المستقل وغير المنتظم. ومن أبرز الإشكالات المطروحة:تعقيد مساطر الانتظام وتسديد المستحقات القديمة.تراكم مبالغ يصعب سدادها دفعة واحدة.وجود اقتطاعات بنكية غير دقيقة في بعض الحالات.تعرض المرشدين مزدوجي الجنسية لأداء مزدوج للواجبات دون تنسيق واضح بين الدول.هذا الوضع يُفاقم الهشاشة الاجتماعية للمرشدين، ويُفرغ التغطية الاجتماعية من مضمونها، ويُرسخ الإقصاء بدل الإدماج.مطالب مهنية ملحةافتحاص إداري ومالي للجمعية الجهوية ضماناً للشفافية.مراجعة آليات استخراج شهادات التكوين والانخراط.تيسير شروط الشهادة الطبية بشكل إنساني وعادل.فتح حوار مهني موسع لتصحيح المسار التنظيمي دون توتر أو صدام.رسالة مفتوحة لكل ضمير مهنيهذا المقال ليس مجرد وصف لاختلالات مهنية، بل هو نداء صادق يلامس كرامة كل مرشد سياحي. لسنا بصدد مطالب تعجيزية، بل نطالب فقط بما يضمن الاستمرارية في العمل بكرامة: تنظيم شفاف، تمثيلية شرعية، تكوين فعلي، وحماية اجتماعية عادلة.لقد طال الصمت، وكثُر التغاضي، وحان الوقت لنُعيد للمهنة صوتها ومكانتها. صوت المرشد ليس هامشيًا... إنه صوت الثقافة، والتاريخ، والانتماء."
ساحة

يونس مجاهد يكتب: مصداقية الخبر وطُعم النقرات
موضوع مصداقية الأخبار ليست جديدا في ثقافتنا، بل إنه متجذر فيها، وهناك مرجعيات كثيرة تحيلنا على الأهمية القصوى التي أوليت للفرق بين الخبر الصادق والخبر الكاذب في تراثنا، و لا أدل على ذلك من الآية الكريمة " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ". فالعودة لهذه المرجعيات سيكون مفيدا في مقاومة المد الجارف للتضليل والأخبار الملفقة والإثارة الرخيصة، التي يسعى تجار شبكات التواصل الاجتماعي إلى جعلها وسيلة للتشهير والإساءة، ومصدر اغتناء، غير عابئين بالقيم النبيلة التي من المفترض أن نتقاسمها كمجتمع. إن العودة إلى مرجعيتنا الحضارية والثقافية كفيل بأن يساهم إلى حد كبير في توفير وسائل وأدوات مقاومة الإتجار الرخيص في حرية التعبير، ففي مقدمة ابن خلدون التي أسست لعلم العمران البشري، هناك تدقيق مذهل لضرورة التمحيص في الأخبار، حيث يقول إنه من الضروري التمحيص والنظر في الخبر، حتى يتبين صدقه من كذبه، لأن الابتعاد عن الانتقاد والتمحيص يقع في قبول الكذب ونقله. ويضيف أن من الأسباب المقتضية للكذب في الأخبار، أيضا، الثقة بالناقلين، وتمحيص ذلك يرجع إلى التعديل والتجريح. ومنها الذهول عن المقاصد، فكثير من الناقلين لا يعرف القصد بما عاين أو سمع، وينقل الخبر على ما في ظنه وتخمينه، فيقع في الكذب. إن ابن خلدون، الذي سبق عصره، يتحدث هنا عن مصادر الأخبار، التي يعتبر أنه من غير الممكن تصديق ما تنقله بدون إعمال العقل النقدي. وهو من صميم العمل الصحافي، حيث أن التأكد من مصادر الأخبار ومدى مصداقيتها، هو جوهر المهنة، وهو أيضا ما يدرس اليوم في التربية على الإعلام، إذ أن أهم مبدأ يوصى به هو عدم تصديق أي "خبر"، إلا بعد التأكد من المصادر، أولا، ثم التمحيص والنظر في هذا الخبر، كما يقول ابن خلدون، ثانيا، لغربلته وإخضاعه للعقل والمنطق. وفي هذا الإطار، تؤكد التجربة، أنه لا يمكن للمجتمعات أن تستغني عن الصحافة المهنية، في تداول الأخبار، لأنها تكون صادرة عن صحافيين محترفين، يتوفرون على تكوين وخبرة ومستوى علمي، والأهم من ذلك، أنهم يشتغلون في بيئة صحافية، أي ضمن هيئة تحرير وميثاق أخلاقيات وقواعد العمل الصحافي. ولا يمكن لشبكات التواصل الاجتماعي أوما يسمي ب"المؤثرين"، أن تعوض العمل الصحافي الاحترافي، بحجة أنها "صحافة مستقلة"، فليس هناك إلا صحافة واحدة، إما أن تكون احترافية موضوعية وذات مصداقية، تعمل طبقا لأساسيات مهنة الصحافة وتقاليدها، أو لا تكون. الصحافي الحقيقي، كالمؤرخ، يقول عبد الله العروي، في كتابه "مفهوم التاريخ"، إذ يعتبر أن العديد من الملاحظين يشبهون الصحافي بالمؤرخ، فيقال إن الأول مؤرخ اللحظة، بينما الثاني صحافي الماضي، كلاهما يعتمد على مخبر، وكلاهما يؤول الخبر ليعطيه معنى، الفرق بينهما هو المهلة المخولة لكل واحد منهما، إذا ضاقت تحول المؤرخ إلى صحافي، وإذا عاد الصحافي إلى الأخبار وتأملها بعد مدة تحول إلى مؤرخ، أما إشكالية الموضوعية وحدود "إدراك الواقع كما حدث"، فهي واحدة بالنسبة لهما معا. والمقصود هنا، حسب العروي، هو أن كلا من الصحافي والمؤرخ، عليهما تحري الدقة في الأخبار والحوادث المنقولة، واعتماد المصادر الموثوقة، مثل التغطية الميدانية وشهود العيان أو معايشة الأحداث، بالإضافة إلى الوثائق والآثار الدالة على ما حصل... هذه هي الصحافة المستقلة، عن التلفيق والكذب والإثارة المجانية واستجداء عدد النقرات. ويعتبر اليوم "طُعم النقرات "clickbait، من الآفات الكبرى التي أصابت الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبح العديد ممن يسعون إلى تحقيق الأرباح، بأية وسيلة، اللجوء إلى تشويه الحقيقة وتقويض القيم الصحفية التقليدية، مثل الدقة والموضوعية والشفافية، همهم الوحيد هو الدخول في مهاترات وجدل عقيم، و اعتماد عناوين مثيرة، و كتابة أو بث كل ما يمكن أن يثير الفضول بدون معنى أو محتوى و بدون مصدر موثوق، كتاباتهم أو احاديثهم تتضمن تناقضات كثيرة، لكن كل ذلك يهون، بالنسبة لهم، أمام ما يمكن أن يحققونه من مداخيل. لذلك رفعت العديد من التنظيمات الصحافية في تجارب دولية، شعار؛ "لا تنقر"، أي تجنب طُعم الإثارة التجارية الرخيصة، التي تشوه الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي.
ساحة

ادريس الاندلسي يكتب.. نباح دبلوماسي يروج لحل “تقسيم ” الصحراء
نشرت إحدى صديقات حكام الجزائر مقالا في مجلة "فورين افيرز" (شؤون خارجية) التي يصدرها مجلس السياسية الخارجية الذي يعتبر مركزا للتفكير وللتأثير على القرار في أمريكا، وحاولت كاتبة المقال، غير ذات تجربة طويلة، إظهار متابعتها المستمرة لقضية الصحراء وللعلاقات المغربية الجزائرية وأصرت على إعادة الحياة لمقترح الرئيس الراحل بوتفليقة لحل هذه القضية عبر تقسيم الصحراء، وكان ذلك سنة 2006، وكان هدف هذا المقترح هو تشويه الحل السياسي، وتمكين الجزائر من جزء من الصحراء وباب واسع على المحيط الأطلسي وتحقيق أرباح تغطي تمويلات جزائرية للبوليساريو على مدى خمسين عاما. تراجع بوتفليقة بعد أن شعر نظامه أنه كشف أوراقه الحقيقية، وتبخرت خرافة تقرير المصير التي سكنت، كفيروس لا يقهر، كل سياسات الجزائر ومواقفها وخطاباتها. أظهرت كاتبة المقال الذي يروج، من جديد، لعرض التقسيم بكثير من تضخيم قدرات الحركة الانفصالية على الفعل العسكري، حاولت هذه " المجتهدة " المسماة حنا راي امسترونغ، أن تروي حكايتها على الشكل الذي يرتضيه من يهمه أمر التقسيم، ركزت كثيرا على ما تصورته أنه خلاصة " ترسخت " لدى المبعوث الأممي ستيفان دي مستورا، ورددت كثيرا كلمة "تقسيم" لتؤكد أنها فكرة لم تنل أي إهتمام لدى مجلس الأمن، ثم ترجع لتردد عدة مرات أنها" الحل الأقل سوءا". وتستمر في تخيلاتها للتقسيم مع تدقيق المناطق التي ستكون تحت سلطة المغرب، والتي تعتبرها تعويضا عن الاستثمارات التي تم القيام بها، وتركز على إعطاء الانفصاليين شريطا ساحليا م أراضي تصفها بالغنية بالموارد المعدنية.  وتذهب كاتبة المقال بعيدا لاقتراح ضغط يمكن أن تمارسه الولايات المتحدة على المغرب والجزائر على البوليساريو لقبول التقسيم، وتبدو الصياغة متسمة بنوع من " البراءة" التي تهدف إلى تسميم الحل السياسي وإظهار ما يمكن تجنيه الولايات المتحدة الأمريكية إذا استجابت لطموحات الجزائر. وتبين صاحبة المقال براعة في ترجمة مواقف الجزائر و " عرضهم" لمزايا دفع الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في موقفها نظرا للثروات المعنية التي يمكن أن تستغلها، وتذهب إلى حد " كشف" اهتمام الصين بالمنطقة وزيارة رئيسها للمغرب. وهكذا تتحول الجزائر إلى كشف وجهها الجديد القديم " كسمسارة" لم تطلب خدماتها أية دولة عظمى. وتؤكد كاتبة المقال الذي نشرته مجلة معروفة مواقفها اتجاه المغرب ووحدته الترابية، أن " حامل القلم " الحقيقي هو النظام الجزائري السخي إتجاه كل نشر ينطق بهواه، وتزيد صاحبة المقال في اغراق خطابها بالكثير من الكذب حول قدرة الانفصاليين على إشعال الحرب رغم ضعف أسلحتهم، وتؤكد أن هذه الأسلحة هي ما تبقى من ترسانة مولها الراحل القذافي وما "غنمته ميليشياتها " قبل وقف إطلاق النار سنة 1991، وهنا تمنح مجلة " فورين افيرز" براءة للجزائر وتشهد لها بعدم تسليحها للانفصاليين رغم أن راعية البوليساريو لم تنف دعمها لمن تسميهم بحركة مقاومة ودولة تحمل نفس الاسم مع تغيير "الجزائرية بالصحراوية ". وتستمر صديقات حكام الجزائر في تأليف وصف الانفصاليين بأن حركتهم هي الممثل الشرعي لكل سكان الصحراء وتندوف، وتبين موقفها المعادي لمقترح المغرب للحكم الذاتي مكتفية بالإشارة إلى أنه يتكون من ثلاث صفحات، ولا تنسى أن تجنح لتأكيد تفوق المغرب عبر دعم مقترحه من طرف دول كالولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا، ولكنها تؤكد أن البوليساريو قادرة على إشعال الحرب وتحقيق أهدافها كما" فعلت الجزائر للحصول على استقلالها "، هنا يظهر جليا أن صاحب الصياغة معجون بثقافة قصر المرادية وقيادة الجيش. ولم تترك الموقعة على المقال فرصة النشر دون أن تضخم قرار محكمة الإتحاد الأوروبي الخاص بالتبادل التجاري والاتفاقيات الخاصة بالصيد وبالفلاحة، كما أنها ساقت بعض الحالات التي وصفتها بتراجع مستثمرين في مجال البحث عن مصادر الطاقة، ولم تتكلم حاملة قلم الجزائر عن الأخطار التي تهدد أمن منطقة الساحل وشمال أفريقيا، بل اكتفت في نهاية ما اقترفته من سطور لتنذر بإيقاف مهمة المينورسو " المكلفة" خلال جلسات مجلس الأمن في شهر أبريل، وذلك كما حصل في مالي والسودان، وتذهب إلى حد تصور حرب بين الجزائر والمغرب تكون ذات تكلفة كبيرة على الطرفين، وصلت رسالة عبر كاتبة مغمورة على مجلة مأجورة مفادها أن الجزائر تقدس المحيط الأطلسي. ولكن النباح الدبلوماسي لن يمكنها من منفذ لها على مجال فتحه المغرب، بوعي إستراتيجي، ليكون عنصر تطوير الشراكات المربحة للجميع في مجال المبادلات التجارية ونقل مصادر الطاقة عبر دول القارة. وأظهرت المجلة من خلال نشرها لمقال يفتقد إلى معرفة كاتبته لكافة معطيات ملف الصحراء، أنها انحدرت إلى مستوى لا يعكس تاريخها الذي بدأ قبل أكثر من قرن من الزمن.
ساحة

بين السردين و السياسات..علاقة غير سرية
تكاثرت التعاليق حول حادثة إقفال متجر بيع الأسماك المراكشي ثم إعادة فتحه بعد تدخل  والي مراكش. ذهب بعض كبار التجار و المضاربين إلى اعتبار هذه الحادثة مجرد ضجة مصطنعة. ساند هذا الرأي أحد أصحاب المواقع، المعروف بالسباحة ضد التيار  و لو كان منبعا للخير، و أعتبر أن التاجر الشاب سخر" جيوش السردين" للإشهار  و التشهير و تحقيق أرباح كثيرة. و لكن ما لم يكن في الحسبان هو المتابعة الجماهيرية التي حظي بها بائع السردين بخمسة دراهم. و كان من آثار هذه المتابعة  ظهور تيار كبير من ذوي الدخل المحدود الذين تكلموا بكثير من الوعي و الحدة عن مذبحة قدرتهم الشرائية. و هكذا كانت خرجة هذا البائع، المثقل بهم زبناءه  ، أكبر بكثير من التظاهرات  و البلاغات النقابية  و السياسية حول اشتعال الأسعار منذ ما يزيد منذ أزيد سنة  و نصف. وصل " الصهد" إلى الحكومة  و الأحزاب. تحدث عن هذا البائع  و قضيته الناطق الرسمي بإسم الحكومة دون إقناع. و يعني هذا التداول أن الموضوع فرض نفسه و لو على هامش جدول أعمال  مجلس الحكومة. سجلت الساحة السياسية خلال الأسبوع الفارط خرجات حزب الاستقلال في شخص أمينه العام و العضو بالحكومة ، نزار بركة و عضو اللجنة التنفيذية للحزب ،رياض مزور، للكلام عن غلاء الأسعار  و عن دور الوسطاء  و السماسرة في الهيمنة على الهوامش الربحية الكبرى و اغتناءهم على حساب المنتج الحقيقي و المستهلك ذو الدخل المحدود. و أعتبر الكثير من المتتبعين هذه الخرجات استمرارا لشرخ بدأ فعله في الأغلبية الحكومية  وسيستمر إلى ما بعد الانتخابات المقبلة. و لم يترك أي حزب فرصة حل مشكلة تاجر السردين دون"  الادلاء بدلوه" في الموضوع.   أعتبر بايتاس، الناطق الرسمي بإسم الحكومة،  والذي تابع فصول قضية  الشاب المراكشي، أن " هذا هو توجه الحكومة" و أكد على استمرارية أعمال اللجان في مجال المراقبة.  و لكنه لم يوضح موقفه من قضية الأسعار. و ساند رئيس الحكومة السابق، سعد الدين العثماني موقف  و عمل تاجر السردين  و ثمن آثار عمله على حيت قام " بما عجز عنه الكثيرون، و تمكن من تحريك المياه الراكدة". لقد استفحلت المصائب التي يتسبب فيها الوسطاء  و المضاربون.  و أكبر هذه المصائب هي الهجوم على جيوب المواطنين في غياب عمل رقابي مهيكل  و دائم،  و ليس على شكل حملات تتسم بالبهرجة الإعلامية. تتحمل ميزانية الدولة التي يمولها الفقير  و ذو الدخل المتوسط بالأساس، كل أنواع دعم كبار المنتجين  و كبار المستوردين  و من لا قدرة للحكومة على احداث رجة لتحديد هوامش ارباحهم غير  المشروعة و إنصاف الفلاح المنتج  و مربي الماشية  و صانع المنتوجات الغذائية. تصرف المليارات للاستهلاكيات الكبرى كمنح لتكثيف الإنتاج  و الاستجابة للطلب الداخلي أولا. تصل المنتوجات الفلاحية للأسواق الخارجية بأسعار أقل مما يدفعه المستهلك المغربي. تنهك مياهنا الجوفية  و تتضرر اراضيها  و جيوبنا. يكثر الحديث الحكومي المشروخ عن تقديم المزيد لتتناقص أسعار اللحوم، فتكون النتيجة عكس شعارات الحكومة ، وتصل الضربة المؤذية للمواطن. تعتبر مبادرة الشاب المراكشي، بائع السردين ناقوس خطر لكي ينتبه السياسيون المزهوون بحجم أغلبيتهم الحكومية. عليهم قراءة كتب التاريخ  ، و خصوصا ما جاء به المؤرخ الناصري في كتاب " الاستقصا في تاريخ المغرب الأقصى ". أغلب الفترات التاريخية التي فقدت خلالها السلطات المركزية سيطرتها على المدن  و القرى كانت فترات غلاء  و عدم قدرة الناس على تغطية حاجاتهم. و نعيش اليوم في ظل إرتفاع مهول مس اللحوم  و الأسماك  و الخضر  و الفواكه  و كافة المواد الغذائية  و كذلك المواد الطاقية.   و قد انفرجت اسارير الكثير من المغاربة بالقرار الملكي الذي أهاب بالشعب" العزيز إلى عدم القيام بشعيرة أضحية العيد"  و ذلك رفعا " للحرج و الضرر   و إقامة التيسير" . و قد بين هذا القرار أن فئات كبيرة من ذوي الدخل المحدود كان  سيلحقها ضرر أكيد. و لقد أصبح الآن،   و في  ظل تفاعلات كثير من المغاربة مع لهيب الأسعار أن  الأولوية الكبرى هي القوة الشرائية. و أصبح من غير الممكن أن يستمر تغييب المحاسبة  و التقييم عن السياسات العمومية التي لم تحقق أهدافها رغم صرف الملايير من الدراهم عليها. و توجد السياسة الفلاحية باسميها " المغرب الأخضر " و " الجيل الأخضر " في محطة تفرض التقييم  و المحاسبة انسجاما مع مبادئ الدستور المغربي. سهولنا  و جبالنا  و استثماراتنا  و بحارنا رأسمال كبير و مليء بالثروات. أين هي  و لماذا لا تخفف المعاناة عن ذوى الدخل المحدود الذي يريد كيلوغرام سردين بخمسة دراهم،  و لحوما لا يتجاوز سعرها ثمانين درهم ، و خضرا تضمن ربحا للفلاح  و لا يسيطر عليها السمسار و مواد طاقية لا يغتني منها من لا يكررون النفط و يحبون كثيرا استيراده  و بيعه و الاستحواذ على أكبر الأرباح دون مخاطرة  و لا استثمارات كافية لضمان مخزون استراتيجي. من سردينة إلى سياسة عمومية تضيق المسافات بفعل جموح طبقة تغتني  و لا تنتج إلا الأزمات.
ساحة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الثلاثاء 01 أبريل 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة