ساحة

يدير أكيندي يكتب عن تعاريف و مصطلحات الاعاقة على هامش لقاء اخنوش


كريم بوستة نشر في: 20 يناير 2022

تابعت بامعان اللقاء الصحفي للسيد رئيس الحكومة بمناسبة مرور مائة يوم على تنصيب الحكومة المغربية الجديد، وبغض النظر عن اقناع السيد رئيس الحكومة من عدمه؛ فإن ما اثراني بالفعل هو تلك المقاربة الاحسانية التي تطرق بها إلى الأشخاص في وضعية إعاقة، حينما قال ما مفاده " عطينا المعوقين 500مليون باش الجمعيات اديرو"السيد رئيس الحكومة ومن وراءه فريق التواصل، لا ينبغي لرئيس وزراء دولة كانت من أوائل الدول ألتي صادقت ووقعت على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، دولة تؤكد ديباجة دستورها على تحريم التمييز على أساس الإعاقة، أن يستعمل مصطلح قدحي تمييزي، يحرم هذه الشريحة من المواطنات والمواطنين المغاربة والذين يفوقون 7،8% من سكان المغرب، من إنسانيتهم وادميتهم.إن المنتظم الدولي والشرعة الدولية لحقوق الإنسان، والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان،يؤكد على ضرورة تبني المقاربة الحقوقية في التعاطي مع قضايا الأشخاص في وضعية إعاقة .فعندما نقول " الأشخاص في وضعية إعاقة " فإننا نؤكد أولا على أنهم أولا وأخيرا أناس قبل كل شيء تم عندما نضيف،في وضعية إعاقة،ففي ذلك تركيز على تفاعل القصور مع العراقيل التي يضعها المحيط أمام هذه الشريحة من المواطنات والمواطنين من أجل الوصول والولوج إلى الحقوق الأساسية التي بدونها لن يكون هناك احترام لادمية الإنسان.عندما نجعل التمتع بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية من تعليم وصحة وشغل مرتبط بجمعيات المجتمع المدني، فهذا يعني أن هؤلاء المواطنات والمواطنين هم في حكم الدرجة الثانية. وإيمانا منا بأهمية إذكاء الوعي لمحاربة الصور النمطية والتمييزية والسلبية إتجاه الأشخاص في وضعية إعاقة، فإنني استغل المرور الغير موفق للسيد رئيس الحكومة في ما يخص ما أشار إليه بالنسبة للأشخاص في وضعية إعاقة، فإنني اتقاسم معك هذا المقال الذي خصصته لهذا الموضوع.الاعاقة تعاريف ومصطلحاتفي كل مرة نتعاطى فيما معها إشكالية الإعاقة إلا وكل واحد منا يستعمل مصطلحات مختلفة وكثيرة، ليست بالضرورة صحيحة ودقيقة. ففي مجال الإعاقة تطورت المصطلحات المستخدمة في السياق العالمي ومرّت بمراحل وتغييرات عدة. وعلى الصعيد الوطني مرت المصطلحات التي تتعلق بالإعاقة بمراحل مختلفة، موازية ومتأثرة أيضا بالتغييرات العالمية على صعيد الحراك العالمي لحقوق الأشخاص ذو الإعاقة.وهكذا وعلى ضوء التغيير العالمي للمصطلحات، يستعمل العديد من المغاربة مصطلح أشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة الذي اتبع في الغرب (People With Special Needs). وبعد فترة وجيزة بدأت تعلو أصوات ناقدة لهذا المصطلح الذي يركز فقط على الحاجات ويتمحور حولها لهذا فهو لا يتماشى مع المقاربة الحقوقية بل يتماشى مع المقاربة الطبية التي ترى أن المشكلة تكمن في الشخص وعلى المؤسسة الطبية أن تسعى إلى أن تصحيح هذه المشكلة بطرق مختلفة..وهكذا تم تبني تعبير جديد يتماشى مع الرؤية والفكر الحديث للإعاقة التي تضع المسئولية في يد المجتمع وتناقض المقاربة الطبية التي ترى أن المشكلة تكمن في الإعاقة. لهذا تم تبني تعبير، شخص أو إنسان مع إعاقة (Person With Disability) وهنا يتم التركيز على الشخص كونه إنسان أولا وبالمقابل يعطى حيزا للإعاقة ووجودها. فالفكر الحديث في موضوع الإعاقة لا يؤمن بالتستر على الإعاقة أو العمل على مواراتها بل يرى أن جزءا كبيرا من التعامل مع الإعاقة وتقبلها هو الاعتراف بوجودها وبقدرتها على بناء التحديات فعندها يستطيع الفرد والمجتمع أن يتعامل ويتخطى هذه التحديات ويبدأ ببناء طرق بديلة من شأنها أن تسهل وتتلاءَم مع التحديات والاحتياجات المختلفة للأشخاص. بعد هذا التطور وفي سنة 2006 تم تبني هذا التعبير من قبل الأمم المتحدة عند كتابتها للاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص مع إعاقة.ومع كل هذا التغيير والتطورات على الصعيدين العالمي والوطني فاننا مازلنا نرى أن الكثير ممن يتعاملون مع الإعاقة ما زالوا حتى يومنا هذا يستعملون التعابير الاستعلائية، المهينة، السلبية وغير المنصفة بحق الأشخاص في وضعية إعاقة. فهذه التعابير وإن دلت على شيء فإنها تدل على الآراء المسبقة والمشوهة التي يتحلى بها مجتمعنا اتجاه هذه الفئة، أن المسئولية هي مسئولية عامة وشاملة لكافة أطياف مجتمعنا المغربي للعمل على إحداث تغيير جذري في التوجه للأشخاص في وضعية إعاقة وعلى كافة الأصعدة الاجتماعية، الفكرية وحتى التعابير اليومية.ولفهم كل هذا، فإنه يجدر بنا محاولة الإجابة على التساؤلات التالية والتي نراها ضرورية.فما هي الإعاقة؟ ومن هم الأشخاص من ذوي الإعاقة؟ وما هي حقوقهم المشروعة كبشر، وعلى رأسها حقهم في التعبير عن أنفسهم، عن حاجاتهم، ورغباتهم، وتطلعاتهم وفق المواثيق الدولية وفي مقدمتها شرعية حقوق الإنسان، والاتفاقية الدولية التي وقع عليها المغرب في 30 مارس 2007 وصادق عليها وعلى بروتوكولها الاختياري في 8 أبريل 2009، ودستور 2011.لنتفق أولا على أن الإعاقة قضية عادلة، وإن الحقائق والأفكار أقوى من الكلمات المعبرة عنها، لكن هذه الحقائق والأفكار لا يمكن أن تصبح قوية حتى تُعرف، وفي معظم الأحيان يتطلب ذلك صياغتها بشكل ملائم، بوسائل محددة جداً للجماهير المتلقية لها، فمن دون (لغة ملائمة) تصبح الحقائق والأفكار وحتى القضية بحد ذاتها بلا جدوى، غير قادرة على توليد الفكر، وإيصال المعاني.يؤثر الإعلام تأثيراً بالغاً في فهم الحقائق وتفسيرها، ولا يخفى على أحد أنه يترتب على أصحاب القضية أنفسهم إتقان اللغة الإعلامية والانطلاق متسلحين بها، لشرح قضيتهم، وإيصال أفكارهم كما يرونها، فحركة الإعلام تجاه التحركات المطلبية للأشخاص من ذوي الإعاقة لا تكفي، بل قد تشوه القضية، وتحصرها في النموذجين الطبي والخيري. ومساهمة منا في تنوير الرأي العام وخاصة، والمهنيين بمجال الإعاقة فإننا سنحاول خلال هذه الورقة التعريف بالإعاقة، وحصر أنواعها، مع إعطاء تعاريف وأمثلة، ثم نحاول من خلال مقارنة لبعض المصطلحات الرائجة والتي ينبغي القطع معها، ونبين لماذا.ثم نقترح مصطلحات تتماشى مع الوضع الدولي وتواكب المقاربة الحقوقية التي يؤكد عليها دستور 2011 والاتفاقية الدولية، ونختم الورقة باهم ما جاءت به هذه الاتفاقية والتي أصبحت بموجب القانون ملزما لبلادنا.الإعاقة والقضية للإعاقة بشكل عام تعريف وصفي يفيد بـأنها عبارة عن (فقدان أو تقصير وظيفي، بدني أو حسي أو ذهني، كلي أو جزئي، دائم أو مؤقت، ناتج عن اعتلال بالولادة أو عن حادث ما، أو مكتسب عن حالة مرضية دامت أكثر مما ينبغي لها أن تدوم، ويؤدي إلى تدني أو انعدام قدرة الشخص على ممارسة نشاط حياتي هام واحد أو أكثر، أو على تأمين مستلزمات حياته الشخصية بمفرده، أو المشاركة في النشاطات الاجتماعية على قدم المساواة مع الآخرين، أو ضمان حياة شخصية أو اجتماعية طبيعية بحسب معايير مجتمعه السائدة. في أنواع الإعاقةالإعاقات أربع: حركية، حسية، ذهنية، عقلية، ويوجد تقسيم آخر يضم الذهنية والعقلية معاً. 1. الإعاقة الحركية: هي فقدان، جزئي أو كلي، لقدرة الشخص على القيام بالمهارات الحركية (كالمشي، الوقوف، حمل الأشياء، صعود ونزول الدرج، استخدام الأصابع للكتابة…)، وتنتج عن تقصير أو خلل وظيفي بدني معين كالشلل السفلي أو الرباعي، بتر الأطراف، شلل الأطفال، الحروق، الضمور العضلي، الروماتيزم، خلع الورك… وقد يضطر الشخص الذي لديه حاجة إضافية حركية إلى استخدام معينات طبية الكرسي المتحرك، العكاز، طرف اصطناعي أو وسائل مساعدة كالأدوات المساعدة للكتابة أو الطباعة.2. الإعاقة الحسية: وتشمل الإعاقة السمعية والبصرية والنطقية. الإعاقة السمعية: هي فقدان القدرة على السمع (بشكل جزئي أو كلي) مع أو بدون مشاكل في النطق، بسبب خلل في الجهاز السمعي، بحيث لا يتمكن الفرد من فهم الكلام أو الأصوات إلا عن طريق استعمال أجهزة سمعية معينة أو عن طريق قراءة الشفاه أو لغة الإشارة. الإعاقة البصرية: هي فقدان البصر (بشكل جزئي أو كلي) أو ضعف بصر شديد، وقد يضطر الشخص إلى استعمال معينات مثل العصا البيضاء أو نظارات خاصة أو أجهزة مساعدة مثل برامج الكمبيوتر الناطقة، أو الأحرف النافرة (برايل).الإعاقة النطقية: هي فقدان القدرة على النطق بشكل جزئي أو كلي، أو وجود مشاكل في النطق، قد تضطر الشخص إلى استعمال لغة الإشارة للتواصل. 3. الإعاقة الذهنية: هي الإعاقة الناتجة عن خلل في الوظائف العليا للدماغ كالتركيز والعدّ والذاكرة والاتصال مع الآخرين، ينتج عنها صعوبة تعلم أو خلل في التصرفات والسلوك العام للشخص.4. الإعاقة العقلية: هي الإعاقة الناتجة عن انخفاض في درجة الذكاء عند الشخص أو عن أمراض نفسية، تكون عادة مصحوبة بصعوبة في التوافق النفسي والاجتماعي والسلوكي، تعود إلى أسباب وراثية أو بيئية ـ مكتسبة أو الاثنين معا.. وهي على مستويات مختلفة فمنها البسيطة، والمتوسطة، والشديدة. في المصطلحاتتعكس اللغة التي نستخدمها مدى احترامنا وتقبلنا للآخر، فاستخدام لغة مناسبة عند التحدث والتخاطب مع وعن الأشخاص من ذوي الإعاقة، يعتبر خطوة أساسية نحو بناء مجتمع دامج متنوع يتقبل أفراده كافة. وفي سبيل تحقيق ذلك، يجب الإشارة دائماً إلى كلمة (شخص) عند التحدث عن الأشخاص من ذوي الإعاقة انطلاقاً من اعتبار أن الأشخاص المعاقين هم أشخاص بالدرجة الأولى ومن ثم تأتي الحاجة الإضافية أو الإعاقة، وقد عمل العاملون في مجال الإعاقة بقوة على تطوير المصطلحات بما يلاءم الأشخاص المعوقين ويحفظ كرامتهم، ومن ذلك التعابير التالية: تعابير سلبية: معاق، يعاني من إعاقة، مصاب بإعاقة، مشوه، ذو عاهة، معطوب، أعمى، ضرير، كفيف شخص مكفوف ما كيشوفش، أطرش، أبكم، أخرس، يعاني من فقدان السمع، مجنون، مختل، معتوه، متخلف، متأخر عقلياً، منغولي، مقعد، أعرج، مشلول، معوج...تعابير إيجابية: شخص معوق، شخص أصم، (لا يسمع)، شخص لديه إعاقة ذهنية أو عقلية عنده إعاقة ذهنية، داون سيندروم (لديه تثلث صبغية 21 عنده تثلث صبغي)، شخص معوق حركياً، شخص لديه حاجة إضافية حركية (لا يمشي)، يستعمل عكاز، يستعمل كرسياً متحركاً… في النماذجمن خلال تعريف الإعاقة يتضح أنها ليست مجرد حالة طبية، لكنها حالة تنجم عن تفاعل بين عدم أداء وظيفي بدني أو ذهني أو حسّي وبين الثقافة والمؤسسات الاجتماعية والبيئة المادية وغالباً ما يكون الشخص ذا القدرات البدنية أو الذهنية المحدودة معوقاً، لا بسبب حالة يمكن تشخيصها، بل بسبب حرمانه من التعليم والخدمات العامة، ويؤدي هذا الحرمان إلى الفقر الذي يؤدي بدوره إلى مزيد من الإعاقة نتيجة لتعرض الشخص المعاق إلى مزيد من سوء التغذية والأمراض وظروف غير مأمونة في الحياة والعمل. ويُعرف مفهوم الإعاقة هذا بالنموذج الاجتماعي أو ما يمكن تسميته بالمقاربة اللاحقوقية للإعاقة، أي النظرة إلى الشخص المعوق بناء على حقوق الإنسان التي كفلتها المواثيق والشرائع، والإيمان بقدراته، ويقارن هذا النموذج بالنموذج الطبي الأقدم للإعاقة الذي يركّز على الحالة الإكلينيكية للشخص المعوق، في حين أن النموذج الاجتماعي يصور الإعاقة على أنها تفاعل بين أوجه العجز والقصور في وظائف الأفراد وبين البيئة.ينظر المجتمع إلى الأشخاص المعاقين ويتعامل معهم من خلال ثلاثة نماذج، الأول هو النموذج الطبي، باعتبار الشخص المعوق حالة طبية ينبغي التعامل معها في المراكز الطبية، وهذه النظرة ناتجة عن تفكير خاطئ، خارج إطار الحقوق.أما النموذج الثاني، وهو الأكثر شيوعاً، فيزيد عن النظرة الإكلينيكية بمعاني العطف والشفقة، ويسمى بالنموذج الخيري، الإحساني، الرعوي، فينظر إلى الشخص المعاق على أنه إنسان ضعيف لا يستطيع أن يصرف أموره لوحده وأنه يستحق الشفقة كثيراً، لذا يجب على أي إنسان ألا يجرح مشاعره بكلمة، مثلاً، وأن تتم رعايته في مؤسسات مغلقة، وغالباً ما تستعمل هذه المؤسسات الرعوية الأشخاص المعوقين لاستدرار عطف الجماهير ويكون لها مآرب مادية آنية، كما يحدث في المواسم الدينية والمناسبات.أما النموذج الثالث، النموذج الاجتماعي، القائم على الحقوق باعتبار الشخص المعوق إنساناً يتمتع بكامل الحقوق التي تضمنتها شرعة حقوق الإنسان، والاتفاقيات الدولية، وآخرها الاتفاقية الدولية بشأن حقوق الأشخاص المعوقين الصادرة عام 2006 وقع وصادق عليها بتاريخ 30 مارس 2007 من أجل كل ما سبق، فإننا نود أن نتقاسم مع القراء الكرام بعض المصطلحات الواجب عدم استعمالها والتي لم يعد لها مكان داخل مجتمع يحترم أدمية الأشخاص في وضعية إعاقة. قل ولا تقل في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقةــ لا تقل: معوقون، معاقون، ذوي الاحتياجات الخاصة، عجزة، أصحاب العاهات، متحدي الإعاقة، أصحاب التحديات، ــ قل: الأشخاص ذوو الإعاقة ــ لماذا! يجب البدء بكلمة «أشخاص» لتحقيق التحول من النموذج الفردي الذي يتعاطى مع الإعاقة بمعزل عن الشخص، إلى النموذج الشمولي الذي ينظر إلى الإعاقة بوصفها حالة من تداخل العوائق البيئية والسلوكية مع العوامل الشخصية. يجب أن يتوسط بين كلمة «شخص أو أشخاص. وكلمة «إعاقة»؛ كلمة «ذوو أو ذو»؛ تأكيدا على أن الإعاقة ليست لصيقة بالشخص. كما أن ذوي الاحتياجات الخاصة» تعبير مضلل لأنه يعبر عن كل شخص لديه احتياج خاص أيا كان نوعه؛ وهو أمر منطبق على الناس جميعا. ــ لا تقل: معوقة، معاقة ــ قل: المرأة ذات الإعاقة ــ لماذا! تحقيقاً للنموذج الشمولي والتوازن الجندار؛ فلا بد من ذكر كلمة «امرأة» ومن ثمة «ذات إعاقة» للأسباب نفسها المبينة أعلاه. ــ لا تقل: الصم والبكم، أطرش، أخرس، ــ قل: شخص أصم أو شخص ذو إعاقة سمعية ــ لماذا! ليس كل أصم أبكم. وقد أصبحت كلمات «أصم، أطرش» تستخدم للدلالة على أمور سلبية بل وتستخدم للنقد أو التقريع، وذلك نتيجة لتجذر القوالب النمطية؛ ــ لا تقل: أعمى، ضرير ــ قل: شخص ذو إعاقة بصرية أو شخص مكفوف ــ لماذا! « الإعاقة البصرية » تشتمل على الأشخاص ضعاف البصر على اختلاف درجاته والأشخاص المكفوفين، بينما « أعمى وضرير » لا تعبر إلا عن الأشخاص المكفوفين كليا. كلمات «أعمى وضرير» تكرّس صور نمطية مرفوضة وتستخدم للدلالة على التخبط وعدم الوعي بالأمور. ــ لا تقل: عاجز، مشلول، كسيح مقعد، أعرج ــ قل: شخص ذو إعاقة جسدية، شخص ذو إعاقة حركية ــ لماذا! إن الكلمات النمطية المستخدمة للتعبير عن الأشخاص ذوي الإعاقة الجسدية مثل: «مقعد، عاجز، أعرج…» كلها تجعل من صفة «العجز» سمة لصيقة بالشخص ومتحدة معه، هذا فضلا عن أن هذه الكلمات تستخدم أيضا للتعبير عن حالة من الضعف والجمود وعدم الفاعلية: «وجدت نفسي مشلولا، شلّ تفكيري….». ــ لا تقل: قزم ــ قل: شخص ذو إعاقة جسدية من قصار القامة. ــ لماذا! قصر القامة هو شكل من أشكال الإعاقة الجسدية. كلمة «قزم» تستخدم للتقليل من شأن شيء أو شخص: «لا تحاول تقزيم الأمور… إنهم أقزام في مواجهتنا. «…» ــ لا تقل: متخلف عقلياً ــ قل: شخص ذو إعاقة ذهنية ــ لماذا! ليس من حق أحد أن يحكم على أي شخص بأنه «متخلف»، فالتخلف يكمن في انعدام التهيئة البيئية وغياب الترتيبات التيسيرية وليس في الحالة الذهنية للشخص. وقد أصبحت هذه العبارة تستخدم بشكل ممنهج للدلالة على التراجع بل وللسباب في كثير من الأحيان: «دول متخلفة اقتصاديا وسياسياً… شعوب متخلفة… هذا اقتراح يدل على أن صاحبه متخلف عقلياً…». ــ لا تقل: منغولي ــ قل: شخص ذو إعاقة ذهنية من متلازمة داون ــ لماذا! لقد قادت شعوب منغوليا حملة واسعةً من أجل القضاء على هذا الاستخدام التمييزي ضدهم وضد الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية من متلازمة داون. متلازمة داون نسبة إلى من اكتشف هذا النوع من الإعاقة الذهنية، ولا يجوز أن ننسب شخصاً إلى شعب أو أمة لكون ملامحه تتشابه معهم. ــ لا تقل: متوحد ــ قل: شخص ذو إعاقة ذهنية التوحد ــ لماذا! التوحد هو نوع من أنواع الإعاقة الذهنية. كلمة «متوحد» تغفل الشخص وتعبّر عنه بصفة غير دقيقة. ــ لا تقل: مجنون، معتوه، سفيه ــ قل: شخص ذو إعاقة نفسية اجتماعية ــ لماذا! إن الأشخاص ذوي الإعاقة النفسية الاجتماعية والأطباء النفسيين يؤكدون أنه لا وجود علمي وعملي للشخص «المجنون». الإعاقة النفسية ترتب عوائق سلوكية مصدرها «الوصمة» ونظرة المجتمع للأشخاص ذوي الإعاقة النفسية، مما يقيّد انخراط هؤلاء الأشخاص واندماجهم في المجتمع، لذلك يُستخدم تعبير «النفسية الاجتماعية» للتأكيد على ما تلعبه العوائق السلوكية الاجتماعية من دور في إقصاء وتمييز في هذا الصدد. تستخدم كلمات: «مجنون ومعتوه…» للدلالة على كل ما هو غير عادي أو غير منطقي وغير متوازن أو مقبول: «تصرف جنوني، فكرة مجنونة». ــ لا تقل: الإعاقة قضية إنسانية بالدرجة الأولى ــ قل: «الإعاقة قضية حقوق إنسان» ــ لماذا! الأشخاص ذوو الإعاقة يجابهون تمييزا وإقصاءً في ممارستهم للحقوق والحريات نفسها المقررة للكافة، وتناول حقوق الإنسان في سياق استثارة العواطف والشفقة؛ سوف يُضر بجوهر قضية الأشخاص ذوي الإعاقة ويجعلها مجرد مادة إعلامية تستدر العطف دون معالجة أصل الموضوع المتمثل في التمييز والإقصاء. ــ لا تقل: الإعاقة ابتلاء واختبار ــ قل: «الإعاقة تنوع واختلاف بشري طبيعي» ــ لماذا! إن تكريس فكرة أن الإعاقة هي شكل من أشكال الاختبار أو الابتلاء سوف يجعل من الانتهاكات والتمييز؛ صوراً لهذا الابتلاء والاختبار الذي يجب على الشخص تحمّله والتعايش معه. فسوف يصبح ارتطام الشخص ذي الإعاقة البصرية بالجدران وتعرضه للمخاطر أثناء تنقله؛ شكلا من أشكال الابتلاء وليس تقصيرا في تهيئة البيئة والتدريب على فن الحركة والتنقل، وسوف يصبح الحكم بالإدانة علي شخص أصم نتيجة عدم التواصل الفعّال بلغة الإشارة اختبارا وابتلاءً يؤجر عليه الشخص، وهكذا في كل ما يواجهه الأشخاص ذوو الإعاقة من عوائق وحواجز تحول دون ممارستهم لحقوقهم. ــ لا تقل: يجب تقديم الرعاية والعناية لهم… ــ قل: «يجب أن يتم تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص للأشخاص ذوي الإعاقة» ــ لماذا! إن وسائل الإعلام والسياسيين... مطالبين بتبني لغة حقوقية قوامها تحقيق المساواة وتحييد الإعاقة والبعد عن تكريس النهج الرعائي الوصائي. فالتمتع بالحقوق لا يكون بتوفير الرعاية والعناية، وإنما بتحقيق المساواة واحترام الاستقلالية الفردية والخصوصية للشخص. ــ لا تقل: «على الرغم من وجود الإعاقة فقد استطاع أن يقهرها ويحقق النجاح» ــ قل: «على الرغم من وجود العوائق البيئية والسلوكية فقد استطاع أن يحقق ما يريد» ــ لماذا! لابد من توخي الحذر في تناولنا لما يسمى ب «قصص النجاح» للأشخاص ذوي الإعاقة. فحصول شخص ذي إعاقة على درجة المستر أو الدكتوراه مثلا، يجب أن يقدّم في إطار أنه في الأصل إنجاز عادي ويحدث كل يوم، ولكن حدوثه مع وجود عوائق بيئية كبيرة هو الذي يجعل من مثل هذا الآمر خبرا يستحق التغطية الإعلامية. ــ لا تقل: نستضيف اليوم الخبير… في…؛ وهو من الأشخاص ذوي الإعاقة، ليحدثنا عن…» ــ قل: نستضيف اليوم الخبير في…. ليحدثنا عن…» ــ لماذا! يجب تحييد الإعاقة طالما لم تكن هي موضوع المادة الإعلامية. فتسليط الضوء على الإعاقة وهي ليست عنصرا في التحقيق الصحفي أو اللقاء التلفزيوني أو الإذاعي؛ سوف يصرف ذهن المتابع عن أصل موضوع الحلقة أو التحقيق إلى تأمل شخص الخبير الضيف «كيف أصبح خبيراً وهو من الأشخاص ذوي الإعاقة» … ــ لا تقل: واضح من حجم المشاكل والفجوات أن الخطط والبرامج وبعض الجهات تعاني من إعاقة!» ــ قل: لا تستخدم كلمة «الإعاقة» للدلالة على شيء سلبي أو لانتقاد جهة أو سياسة معينة ــ لماذا! إن استخدام أي وصف له صلة بالإعاقة لنقد سياسة أو خطة أو جهة، من شأنه تكريس الاستخدام النمطي السلبي لقضايا الإعاقة وما يرتبط بها من مصطلحات وتعابير، وسوف يعكس تناقضا في الرسالة الإعلامية التي تسعى من جهة إلى تغيير الصور النمطية في مجال الإعاقة، وما تتضمنه مثل تلك التعابير من تكريس لتلك الصور من جهة أخرى. لماذا! يجب التنويه دائما أثناء تناول حالة فردية ذات صلة بالإعاقة؛ إلى أن هذه الحالة تقدّم جانباً واحداً من جوانب متعددة لأوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة، ويجب البعد تماما عن وصف مثل تلك الحالات أيا كان موضوعها بأنها «قصة إنسانية»، فهي قصة واقعية تعكس حقيقة وضع معاش. ــ لا تقل: «ومن خلال هذا البرنامج نناشد المسؤولين وأصحاب القلوب الرحيمة لمساعدة هذه الآسرة وطفلها المعاق«… ــ قل: «ومن خلال هذا البرنامج، فإننا نضع المسؤولين أمام مسؤولياتهم لمراجعة حالة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والقضاء على أشكال التمييز كافة وتحقيق المساواة في الوصول إلى الخدمات للجميع « ــ لماذا! يجب أن تتناول حقوق وقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة في إطارها الشامل الصحيح وفي ضوء التزامات الدولة بتحقيق المساواة وتكافؤ الفرص، ولا ينبغي بحال أن يكون الإعلام مبرراً لاستعطاف «أصحاب القلوب الرحيمة» وجمع التبرعات في القضايا التي تدخل في صلب منظومة حقوق الإنسان. ــ لا تقل: «هذه الفئة المهمشة « ــ قل: «هذه الشريحة الواسعة التي يتم إقصاؤها والتمييز ضدها« ــ لماذا! إن وصف الأشخاص ذوي الإعاقة بـ «هذه الفئة» قد يؤكد ما تدعيه العديد من الدول من أن أعداد الأشخاص ذوي الإعاقة لديها منخفض جدا دون دليل يرتكز على إحصاء دقيق قائم على تبني تعريف حقوقي شامل للأشخاص ذوي الإعاقة. وإطلاق وصف «مهمشة»؛ قد لا يعكس جانب الإقصاء الذي يجابهه الأشخاص ذوي الإعاقة بفعل العوائق البيئية والحواجز السلوكية وغياب التدابير اللازمة لإزالتها. ــ لا تقل: «كل شخص يخجل من الإعاقة عليه أن يتذكر أنه قد يصبح لديه إعاقة في يوم ما « ــ قل: «الإعاقة هي تنوع واختلاف بشري طبيعي والخجل منها يعكس عدم تجذر ثقافة التنوع وقبول الآخر « ــ لا تقل: «إن خدمة الأشخاص ذوي الإعاقة هي غاية نبيلة ولها أثر كبير في الدنيا والآخرة « ــ قل: «إن الأشخاص ذوي الإعاقة لهم من الحقوق ما لغيرهم تماما وتحقيق المساواة في ممارسة هذه الحقوق هو أمر واجب؛ تفرضه مواثيق حقوق الإنسان والدستور « ــ لماذا! إن ربط ممارسة الأشخاص ذوي الإعاقة لحقوقهم بالغايات النبيلة واعتبارات الثواب والآجر؛ سوف يؤدي إلى جعل التمكين من ممارسة هذه الحقوق أمراً، شخصيّا محضاً، يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه»، الأمر الذي لا ينسجم ومبادئ حقوق الإنسان ومكافحة التمييز والإقصاء. ــ لا تقل: «يجب أن توفر الدولة للأشخاص ذوي الإعاقة فرص العمل والتعليم والتأهيل… بما يتناسب وقدراتهم « ــ قل: «يجب أن تكفل الدولة للأشخاص ذوي الإعاقة ممارسة حقهم في العمل والتعليم والتأهيل… على أساس من المساواة مع الآخرين في بيئة خالية من العوائق المادية والسلوكية وذلك من خلال توفير الترتيبات التيسيرية وإمكانية الوصول « ــ لماذا! يجب أن تبتعد المادة الإعلامية تماما عن تكريس النموذج الطبي الفردي الذي يربط ممارسة الأشخاص ذوي الإعاقة لحقوقهم وحرياتهم بـ «القدرات وما تسمح به»، فهذا التوجه هو ما يقاومه الأشخاص ذوو الإعاقة ومنظماتهم؛ لما ينطوي عليه من أحكام غير موضوعية مسبقة على «قدرات الفرد وإمكانياته»، ولما يغفله هذا التوجه من دور العوائق البيئية والحواجز السلوكية في نشأة وتكريس حالة الإعاقة. ــ لا تقل: «لا بد من التعامل مع مشكلة الإعاقة والتخفيف من آثارها والوقاية منها « ــ قل: «لا بد من التعاطي مع الإعاقة بوصفها تنوعا بشريا ولا بد من تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص والقضاء على التمييز على أساس الإعاقةيدير أكيندي مهتم بقضايا الإعاقة وحقوق الإنسان

تابعت بامعان اللقاء الصحفي للسيد رئيس الحكومة بمناسبة مرور مائة يوم على تنصيب الحكومة المغربية الجديد، وبغض النظر عن اقناع السيد رئيس الحكومة من عدمه؛ فإن ما اثراني بالفعل هو تلك المقاربة الاحسانية التي تطرق بها إلى الأشخاص في وضعية إعاقة، حينما قال ما مفاده " عطينا المعوقين 500مليون باش الجمعيات اديرو"السيد رئيس الحكومة ومن وراءه فريق التواصل، لا ينبغي لرئيس وزراء دولة كانت من أوائل الدول ألتي صادقت ووقعت على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، دولة تؤكد ديباجة دستورها على تحريم التمييز على أساس الإعاقة، أن يستعمل مصطلح قدحي تمييزي، يحرم هذه الشريحة من المواطنات والمواطنين المغاربة والذين يفوقون 7،8% من سكان المغرب، من إنسانيتهم وادميتهم.إن المنتظم الدولي والشرعة الدولية لحقوق الإنسان، والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان،يؤكد على ضرورة تبني المقاربة الحقوقية في التعاطي مع قضايا الأشخاص في وضعية إعاقة .فعندما نقول " الأشخاص في وضعية إعاقة " فإننا نؤكد أولا على أنهم أولا وأخيرا أناس قبل كل شيء تم عندما نضيف،في وضعية إعاقة،ففي ذلك تركيز على تفاعل القصور مع العراقيل التي يضعها المحيط أمام هذه الشريحة من المواطنات والمواطنين من أجل الوصول والولوج إلى الحقوق الأساسية التي بدونها لن يكون هناك احترام لادمية الإنسان.عندما نجعل التمتع بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية من تعليم وصحة وشغل مرتبط بجمعيات المجتمع المدني، فهذا يعني أن هؤلاء المواطنات والمواطنين هم في حكم الدرجة الثانية. وإيمانا منا بأهمية إذكاء الوعي لمحاربة الصور النمطية والتمييزية والسلبية إتجاه الأشخاص في وضعية إعاقة، فإنني استغل المرور الغير موفق للسيد رئيس الحكومة في ما يخص ما أشار إليه بالنسبة للأشخاص في وضعية إعاقة، فإنني اتقاسم معك هذا المقال الذي خصصته لهذا الموضوع.الاعاقة تعاريف ومصطلحاتفي كل مرة نتعاطى فيما معها إشكالية الإعاقة إلا وكل واحد منا يستعمل مصطلحات مختلفة وكثيرة، ليست بالضرورة صحيحة ودقيقة. ففي مجال الإعاقة تطورت المصطلحات المستخدمة في السياق العالمي ومرّت بمراحل وتغييرات عدة. وعلى الصعيد الوطني مرت المصطلحات التي تتعلق بالإعاقة بمراحل مختلفة، موازية ومتأثرة أيضا بالتغييرات العالمية على صعيد الحراك العالمي لحقوق الأشخاص ذو الإعاقة.وهكذا وعلى ضوء التغيير العالمي للمصطلحات، يستعمل العديد من المغاربة مصطلح أشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة الذي اتبع في الغرب (People With Special Needs). وبعد فترة وجيزة بدأت تعلو أصوات ناقدة لهذا المصطلح الذي يركز فقط على الحاجات ويتمحور حولها لهذا فهو لا يتماشى مع المقاربة الحقوقية بل يتماشى مع المقاربة الطبية التي ترى أن المشكلة تكمن في الشخص وعلى المؤسسة الطبية أن تسعى إلى أن تصحيح هذه المشكلة بطرق مختلفة..وهكذا تم تبني تعبير جديد يتماشى مع الرؤية والفكر الحديث للإعاقة التي تضع المسئولية في يد المجتمع وتناقض المقاربة الطبية التي ترى أن المشكلة تكمن في الإعاقة. لهذا تم تبني تعبير، شخص أو إنسان مع إعاقة (Person With Disability) وهنا يتم التركيز على الشخص كونه إنسان أولا وبالمقابل يعطى حيزا للإعاقة ووجودها. فالفكر الحديث في موضوع الإعاقة لا يؤمن بالتستر على الإعاقة أو العمل على مواراتها بل يرى أن جزءا كبيرا من التعامل مع الإعاقة وتقبلها هو الاعتراف بوجودها وبقدرتها على بناء التحديات فعندها يستطيع الفرد والمجتمع أن يتعامل ويتخطى هذه التحديات ويبدأ ببناء طرق بديلة من شأنها أن تسهل وتتلاءَم مع التحديات والاحتياجات المختلفة للأشخاص. بعد هذا التطور وفي سنة 2006 تم تبني هذا التعبير من قبل الأمم المتحدة عند كتابتها للاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص مع إعاقة.ومع كل هذا التغيير والتطورات على الصعيدين العالمي والوطني فاننا مازلنا نرى أن الكثير ممن يتعاملون مع الإعاقة ما زالوا حتى يومنا هذا يستعملون التعابير الاستعلائية، المهينة، السلبية وغير المنصفة بحق الأشخاص في وضعية إعاقة. فهذه التعابير وإن دلت على شيء فإنها تدل على الآراء المسبقة والمشوهة التي يتحلى بها مجتمعنا اتجاه هذه الفئة، أن المسئولية هي مسئولية عامة وشاملة لكافة أطياف مجتمعنا المغربي للعمل على إحداث تغيير جذري في التوجه للأشخاص في وضعية إعاقة وعلى كافة الأصعدة الاجتماعية، الفكرية وحتى التعابير اليومية.ولفهم كل هذا، فإنه يجدر بنا محاولة الإجابة على التساؤلات التالية والتي نراها ضرورية.فما هي الإعاقة؟ ومن هم الأشخاص من ذوي الإعاقة؟ وما هي حقوقهم المشروعة كبشر، وعلى رأسها حقهم في التعبير عن أنفسهم، عن حاجاتهم، ورغباتهم، وتطلعاتهم وفق المواثيق الدولية وفي مقدمتها شرعية حقوق الإنسان، والاتفاقية الدولية التي وقع عليها المغرب في 30 مارس 2007 وصادق عليها وعلى بروتوكولها الاختياري في 8 أبريل 2009، ودستور 2011.لنتفق أولا على أن الإعاقة قضية عادلة، وإن الحقائق والأفكار أقوى من الكلمات المعبرة عنها، لكن هذه الحقائق والأفكار لا يمكن أن تصبح قوية حتى تُعرف، وفي معظم الأحيان يتطلب ذلك صياغتها بشكل ملائم، بوسائل محددة جداً للجماهير المتلقية لها، فمن دون (لغة ملائمة) تصبح الحقائق والأفكار وحتى القضية بحد ذاتها بلا جدوى، غير قادرة على توليد الفكر، وإيصال المعاني.يؤثر الإعلام تأثيراً بالغاً في فهم الحقائق وتفسيرها، ولا يخفى على أحد أنه يترتب على أصحاب القضية أنفسهم إتقان اللغة الإعلامية والانطلاق متسلحين بها، لشرح قضيتهم، وإيصال أفكارهم كما يرونها، فحركة الإعلام تجاه التحركات المطلبية للأشخاص من ذوي الإعاقة لا تكفي، بل قد تشوه القضية، وتحصرها في النموذجين الطبي والخيري. ومساهمة منا في تنوير الرأي العام وخاصة، والمهنيين بمجال الإعاقة فإننا سنحاول خلال هذه الورقة التعريف بالإعاقة، وحصر أنواعها، مع إعطاء تعاريف وأمثلة، ثم نحاول من خلال مقارنة لبعض المصطلحات الرائجة والتي ينبغي القطع معها، ونبين لماذا.ثم نقترح مصطلحات تتماشى مع الوضع الدولي وتواكب المقاربة الحقوقية التي يؤكد عليها دستور 2011 والاتفاقية الدولية، ونختم الورقة باهم ما جاءت به هذه الاتفاقية والتي أصبحت بموجب القانون ملزما لبلادنا.الإعاقة والقضية للإعاقة بشكل عام تعريف وصفي يفيد بـأنها عبارة عن (فقدان أو تقصير وظيفي، بدني أو حسي أو ذهني، كلي أو جزئي، دائم أو مؤقت، ناتج عن اعتلال بالولادة أو عن حادث ما، أو مكتسب عن حالة مرضية دامت أكثر مما ينبغي لها أن تدوم، ويؤدي إلى تدني أو انعدام قدرة الشخص على ممارسة نشاط حياتي هام واحد أو أكثر، أو على تأمين مستلزمات حياته الشخصية بمفرده، أو المشاركة في النشاطات الاجتماعية على قدم المساواة مع الآخرين، أو ضمان حياة شخصية أو اجتماعية طبيعية بحسب معايير مجتمعه السائدة. في أنواع الإعاقةالإعاقات أربع: حركية، حسية، ذهنية، عقلية، ويوجد تقسيم آخر يضم الذهنية والعقلية معاً. 1. الإعاقة الحركية: هي فقدان، جزئي أو كلي، لقدرة الشخص على القيام بالمهارات الحركية (كالمشي، الوقوف، حمل الأشياء، صعود ونزول الدرج، استخدام الأصابع للكتابة…)، وتنتج عن تقصير أو خلل وظيفي بدني معين كالشلل السفلي أو الرباعي، بتر الأطراف، شلل الأطفال، الحروق، الضمور العضلي، الروماتيزم، خلع الورك… وقد يضطر الشخص الذي لديه حاجة إضافية حركية إلى استخدام معينات طبية الكرسي المتحرك، العكاز، طرف اصطناعي أو وسائل مساعدة كالأدوات المساعدة للكتابة أو الطباعة.2. الإعاقة الحسية: وتشمل الإعاقة السمعية والبصرية والنطقية. الإعاقة السمعية: هي فقدان القدرة على السمع (بشكل جزئي أو كلي) مع أو بدون مشاكل في النطق، بسبب خلل في الجهاز السمعي، بحيث لا يتمكن الفرد من فهم الكلام أو الأصوات إلا عن طريق استعمال أجهزة سمعية معينة أو عن طريق قراءة الشفاه أو لغة الإشارة. الإعاقة البصرية: هي فقدان البصر (بشكل جزئي أو كلي) أو ضعف بصر شديد، وقد يضطر الشخص إلى استعمال معينات مثل العصا البيضاء أو نظارات خاصة أو أجهزة مساعدة مثل برامج الكمبيوتر الناطقة، أو الأحرف النافرة (برايل).الإعاقة النطقية: هي فقدان القدرة على النطق بشكل جزئي أو كلي، أو وجود مشاكل في النطق، قد تضطر الشخص إلى استعمال لغة الإشارة للتواصل. 3. الإعاقة الذهنية: هي الإعاقة الناتجة عن خلل في الوظائف العليا للدماغ كالتركيز والعدّ والذاكرة والاتصال مع الآخرين، ينتج عنها صعوبة تعلم أو خلل في التصرفات والسلوك العام للشخص.4. الإعاقة العقلية: هي الإعاقة الناتجة عن انخفاض في درجة الذكاء عند الشخص أو عن أمراض نفسية، تكون عادة مصحوبة بصعوبة في التوافق النفسي والاجتماعي والسلوكي، تعود إلى أسباب وراثية أو بيئية ـ مكتسبة أو الاثنين معا.. وهي على مستويات مختلفة فمنها البسيطة، والمتوسطة، والشديدة. في المصطلحاتتعكس اللغة التي نستخدمها مدى احترامنا وتقبلنا للآخر، فاستخدام لغة مناسبة عند التحدث والتخاطب مع وعن الأشخاص من ذوي الإعاقة، يعتبر خطوة أساسية نحو بناء مجتمع دامج متنوع يتقبل أفراده كافة. وفي سبيل تحقيق ذلك، يجب الإشارة دائماً إلى كلمة (شخص) عند التحدث عن الأشخاص من ذوي الإعاقة انطلاقاً من اعتبار أن الأشخاص المعاقين هم أشخاص بالدرجة الأولى ومن ثم تأتي الحاجة الإضافية أو الإعاقة، وقد عمل العاملون في مجال الإعاقة بقوة على تطوير المصطلحات بما يلاءم الأشخاص المعوقين ويحفظ كرامتهم، ومن ذلك التعابير التالية: تعابير سلبية: معاق، يعاني من إعاقة، مصاب بإعاقة، مشوه، ذو عاهة، معطوب، أعمى، ضرير، كفيف شخص مكفوف ما كيشوفش، أطرش، أبكم، أخرس، يعاني من فقدان السمع، مجنون، مختل، معتوه، متخلف، متأخر عقلياً، منغولي، مقعد، أعرج، مشلول، معوج...تعابير إيجابية: شخص معوق، شخص أصم، (لا يسمع)، شخص لديه إعاقة ذهنية أو عقلية عنده إعاقة ذهنية، داون سيندروم (لديه تثلث صبغية 21 عنده تثلث صبغي)، شخص معوق حركياً، شخص لديه حاجة إضافية حركية (لا يمشي)، يستعمل عكاز، يستعمل كرسياً متحركاً… في النماذجمن خلال تعريف الإعاقة يتضح أنها ليست مجرد حالة طبية، لكنها حالة تنجم عن تفاعل بين عدم أداء وظيفي بدني أو ذهني أو حسّي وبين الثقافة والمؤسسات الاجتماعية والبيئة المادية وغالباً ما يكون الشخص ذا القدرات البدنية أو الذهنية المحدودة معوقاً، لا بسبب حالة يمكن تشخيصها، بل بسبب حرمانه من التعليم والخدمات العامة، ويؤدي هذا الحرمان إلى الفقر الذي يؤدي بدوره إلى مزيد من الإعاقة نتيجة لتعرض الشخص المعاق إلى مزيد من سوء التغذية والأمراض وظروف غير مأمونة في الحياة والعمل. ويُعرف مفهوم الإعاقة هذا بالنموذج الاجتماعي أو ما يمكن تسميته بالمقاربة اللاحقوقية للإعاقة، أي النظرة إلى الشخص المعوق بناء على حقوق الإنسان التي كفلتها المواثيق والشرائع، والإيمان بقدراته، ويقارن هذا النموذج بالنموذج الطبي الأقدم للإعاقة الذي يركّز على الحالة الإكلينيكية للشخص المعوق، في حين أن النموذج الاجتماعي يصور الإعاقة على أنها تفاعل بين أوجه العجز والقصور في وظائف الأفراد وبين البيئة.ينظر المجتمع إلى الأشخاص المعاقين ويتعامل معهم من خلال ثلاثة نماذج، الأول هو النموذج الطبي، باعتبار الشخص المعوق حالة طبية ينبغي التعامل معها في المراكز الطبية، وهذه النظرة ناتجة عن تفكير خاطئ، خارج إطار الحقوق.أما النموذج الثاني، وهو الأكثر شيوعاً، فيزيد عن النظرة الإكلينيكية بمعاني العطف والشفقة، ويسمى بالنموذج الخيري، الإحساني، الرعوي، فينظر إلى الشخص المعاق على أنه إنسان ضعيف لا يستطيع أن يصرف أموره لوحده وأنه يستحق الشفقة كثيراً، لذا يجب على أي إنسان ألا يجرح مشاعره بكلمة، مثلاً، وأن تتم رعايته في مؤسسات مغلقة، وغالباً ما تستعمل هذه المؤسسات الرعوية الأشخاص المعوقين لاستدرار عطف الجماهير ويكون لها مآرب مادية آنية، كما يحدث في المواسم الدينية والمناسبات.أما النموذج الثالث، النموذج الاجتماعي، القائم على الحقوق باعتبار الشخص المعوق إنساناً يتمتع بكامل الحقوق التي تضمنتها شرعة حقوق الإنسان، والاتفاقيات الدولية، وآخرها الاتفاقية الدولية بشأن حقوق الأشخاص المعوقين الصادرة عام 2006 وقع وصادق عليها بتاريخ 30 مارس 2007 من أجل كل ما سبق، فإننا نود أن نتقاسم مع القراء الكرام بعض المصطلحات الواجب عدم استعمالها والتي لم يعد لها مكان داخل مجتمع يحترم أدمية الأشخاص في وضعية إعاقة. قل ولا تقل في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقةــ لا تقل: معوقون، معاقون، ذوي الاحتياجات الخاصة، عجزة، أصحاب العاهات، متحدي الإعاقة، أصحاب التحديات، ــ قل: الأشخاص ذوو الإعاقة ــ لماذا! يجب البدء بكلمة «أشخاص» لتحقيق التحول من النموذج الفردي الذي يتعاطى مع الإعاقة بمعزل عن الشخص، إلى النموذج الشمولي الذي ينظر إلى الإعاقة بوصفها حالة من تداخل العوائق البيئية والسلوكية مع العوامل الشخصية. يجب أن يتوسط بين كلمة «شخص أو أشخاص. وكلمة «إعاقة»؛ كلمة «ذوو أو ذو»؛ تأكيدا على أن الإعاقة ليست لصيقة بالشخص. كما أن ذوي الاحتياجات الخاصة» تعبير مضلل لأنه يعبر عن كل شخص لديه احتياج خاص أيا كان نوعه؛ وهو أمر منطبق على الناس جميعا. ــ لا تقل: معوقة، معاقة ــ قل: المرأة ذات الإعاقة ــ لماذا! تحقيقاً للنموذج الشمولي والتوازن الجندار؛ فلا بد من ذكر كلمة «امرأة» ومن ثمة «ذات إعاقة» للأسباب نفسها المبينة أعلاه. ــ لا تقل: الصم والبكم، أطرش، أخرس، ــ قل: شخص أصم أو شخص ذو إعاقة سمعية ــ لماذا! ليس كل أصم أبكم. وقد أصبحت كلمات «أصم، أطرش» تستخدم للدلالة على أمور سلبية بل وتستخدم للنقد أو التقريع، وذلك نتيجة لتجذر القوالب النمطية؛ ــ لا تقل: أعمى، ضرير ــ قل: شخص ذو إعاقة بصرية أو شخص مكفوف ــ لماذا! « الإعاقة البصرية » تشتمل على الأشخاص ضعاف البصر على اختلاف درجاته والأشخاص المكفوفين، بينما « أعمى وضرير » لا تعبر إلا عن الأشخاص المكفوفين كليا. كلمات «أعمى وضرير» تكرّس صور نمطية مرفوضة وتستخدم للدلالة على التخبط وعدم الوعي بالأمور. ــ لا تقل: عاجز، مشلول، كسيح مقعد، أعرج ــ قل: شخص ذو إعاقة جسدية، شخص ذو إعاقة حركية ــ لماذا! إن الكلمات النمطية المستخدمة للتعبير عن الأشخاص ذوي الإعاقة الجسدية مثل: «مقعد، عاجز، أعرج…» كلها تجعل من صفة «العجز» سمة لصيقة بالشخص ومتحدة معه، هذا فضلا عن أن هذه الكلمات تستخدم أيضا للتعبير عن حالة من الضعف والجمود وعدم الفاعلية: «وجدت نفسي مشلولا، شلّ تفكيري….». ــ لا تقل: قزم ــ قل: شخص ذو إعاقة جسدية من قصار القامة. ــ لماذا! قصر القامة هو شكل من أشكال الإعاقة الجسدية. كلمة «قزم» تستخدم للتقليل من شأن شيء أو شخص: «لا تحاول تقزيم الأمور… إنهم أقزام في مواجهتنا. «…» ــ لا تقل: متخلف عقلياً ــ قل: شخص ذو إعاقة ذهنية ــ لماذا! ليس من حق أحد أن يحكم على أي شخص بأنه «متخلف»، فالتخلف يكمن في انعدام التهيئة البيئية وغياب الترتيبات التيسيرية وليس في الحالة الذهنية للشخص. وقد أصبحت هذه العبارة تستخدم بشكل ممنهج للدلالة على التراجع بل وللسباب في كثير من الأحيان: «دول متخلفة اقتصاديا وسياسياً… شعوب متخلفة… هذا اقتراح يدل على أن صاحبه متخلف عقلياً…». ــ لا تقل: منغولي ــ قل: شخص ذو إعاقة ذهنية من متلازمة داون ــ لماذا! لقد قادت شعوب منغوليا حملة واسعةً من أجل القضاء على هذا الاستخدام التمييزي ضدهم وضد الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية من متلازمة داون. متلازمة داون نسبة إلى من اكتشف هذا النوع من الإعاقة الذهنية، ولا يجوز أن ننسب شخصاً إلى شعب أو أمة لكون ملامحه تتشابه معهم. ــ لا تقل: متوحد ــ قل: شخص ذو إعاقة ذهنية التوحد ــ لماذا! التوحد هو نوع من أنواع الإعاقة الذهنية. كلمة «متوحد» تغفل الشخص وتعبّر عنه بصفة غير دقيقة. ــ لا تقل: مجنون، معتوه، سفيه ــ قل: شخص ذو إعاقة نفسية اجتماعية ــ لماذا! إن الأشخاص ذوي الإعاقة النفسية الاجتماعية والأطباء النفسيين يؤكدون أنه لا وجود علمي وعملي للشخص «المجنون». الإعاقة النفسية ترتب عوائق سلوكية مصدرها «الوصمة» ونظرة المجتمع للأشخاص ذوي الإعاقة النفسية، مما يقيّد انخراط هؤلاء الأشخاص واندماجهم في المجتمع، لذلك يُستخدم تعبير «النفسية الاجتماعية» للتأكيد على ما تلعبه العوائق السلوكية الاجتماعية من دور في إقصاء وتمييز في هذا الصدد. تستخدم كلمات: «مجنون ومعتوه…» للدلالة على كل ما هو غير عادي أو غير منطقي وغير متوازن أو مقبول: «تصرف جنوني، فكرة مجنونة». ــ لا تقل: الإعاقة قضية إنسانية بالدرجة الأولى ــ قل: «الإعاقة قضية حقوق إنسان» ــ لماذا! الأشخاص ذوو الإعاقة يجابهون تمييزا وإقصاءً في ممارستهم للحقوق والحريات نفسها المقررة للكافة، وتناول حقوق الإنسان في سياق استثارة العواطف والشفقة؛ سوف يُضر بجوهر قضية الأشخاص ذوي الإعاقة ويجعلها مجرد مادة إعلامية تستدر العطف دون معالجة أصل الموضوع المتمثل في التمييز والإقصاء. ــ لا تقل: الإعاقة ابتلاء واختبار ــ قل: «الإعاقة تنوع واختلاف بشري طبيعي» ــ لماذا! إن تكريس فكرة أن الإعاقة هي شكل من أشكال الاختبار أو الابتلاء سوف يجعل من الانتهاكات والتمييز؛ صوراً لهذا الابتلاء والاختبار الذي يجب على الشخص تحمّله والتعايش معه. فسوف يصبح ارتطام الشخص ذي الإعاقة البصرية بالجدران وتعرضه للمخاطر أثناء تنقله؛ شكلا من أشكال الابتلاء وليس تقصيرا في تهيئة البيئة والتدريب على فن الحركة والتنقل، وسوف يصبح الحكم بالإدانة علي شخص أصم نتيجة عدم التواصل الفعّال بلغة الإشارة اختبارا وابتلاءً يؤجر عليه الشخص، وهكذا في كل ما يواجهه الأشخاص ذوو الإعاقة من عوائق وحواجز تحول دون ممارستهم لحقوقهم. ــ لا تقل: يجب تقديم الرعاية والعناية لهم… ــ قل: «يجب أن يتم تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص للأشخاص ذوي الإعاقة» ــ لماذا! إن وسائل الإعلام والسياسيين... مطالبين بتبني لغة حقوقية قوامها تحقيق المساواة وتحييد الإعاقة والبعد عن تكريس النهج الرعائي الوصائي. فالتمتع بالحقوق لا يكون بتوفير الرعاية والعناية، وإنما بتحقيق المساواة واحترام الاستقلالية الفردية والخصوصية للشخص. ــ لا تقل: «على الرغم من وجود الإعاقة فقد استطاع أن يقهرها ويحقق النجاح» ــ قل: «على الرغم من وجود العوائق البيئية والسلوكية فقد استطاع أن يحقق ما يريد» ــ لماذا! لابد من توخي الحذر في تناولنا لما يسمى ب «قصص النجاح» للأشخاص ذوي الإعاقة. فحصول شخص ذي إعاقة على درجة المستر أو الدكتوراه مثلا، يجب أن يقدّم في إطار أنه في الأصل إنجاز عادي ويحدث كل يوم، ولكن حدوثه مع وجود عوائق بيئية كبيرة هو الذي يجعل من مثل هذا الآمر خبرا يستحق التغطية الإعلامية. ــ لا تقل: نستضيف اليوم الخبير… في…؛ وهو من الأشخاص ذوي الإعاقة، ليحدثنا عن…» ــ قل: نستضيف اليوم الخبير في…. ليحدثنا عن…» ــ لماذا! يجب تحييد الإعاقة طالما لم تكن هي موضوع المادة الإعلامية. فتسليط الضوء على الإعاقة وهي ليست عنصرا في التحقيق الصحفي أو اللقاء التلفزيوني أو الإذاعي؛ سوف يصرف ذهن المتابع عن أصل موضوع الحلقة أو التحقيق إلى تأمل شخص الخبير الضيف «كيف أصبح خبيراً وهو من الأشخاص ذوي الإعاقة» … ــ لا تقل: واضح من حجم المشاكل والفجوات أن الخطط والبرامج وبعض الجهات تعاني من إعاقة!» ــ قل: لا تستخدم كلمة «الإعاقة» للدلالة على شيء سلبي أو لانتقاد جهة أو سياسة معينة ــ لماذا! إن استخدام أي وصف له صلة بالإعاقة لنقد سياسة أو خطة أو جهة، من شأنه تكريس الاستخدام النمطي السلبي لقضايا الإعاقة وما يرتبط بها من مصطلحات وتعابير، وسوف يعكس تناقضا في الرسالة الإعلامية التي تسعى من جهة إلى تغيير الصور النمطية في مجال الإعاقة، وما تتضمنه مثل تلك التعابير من تكريس لتلك الصور من جهة أخرى. لماذا! يجب التنويه دائما أثناء تناول حالة فردية ذات صلة بالإعاقة؛ إلى أن هذه الحالة تقدّم جانباً واحداً من جوانب متعددة لأوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة، ويجب البعد تماما عن وصف مثل تلك الحالات أيا كان موضوعها بأنها «قصة إنسانية»، فهي قصة واقعية تعكس حقيقة وضع معاش. ــ لا تقل: «ومن خلال هذا البرنامج نناشد المسؤولين وأصحاب القلوب الرحيمة لمساعدة هذه الآسرة وطفلها المعاق«… ــ قل: «ومن خلال هذا البرنامج، فإننا نضع المسؤولين أمام مسؤولياتهم لمراجعة حالة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والقضاء على أشكال التمييز كافة وتحقيق المساواة في الوصول إلى الخدمات للجميع « ــ لماذا! يجب أن تتناول حقوق وقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة في إطارها الشامل الصحيح وفي ضوء التزامات الدولة بتحقيق المساواة وتكافؤ الفرص، ولا ينبغي بحال أن يكون الإعلام مبرراً لاستعطاف «أصحاب القلوب الرحيمة» وجمع التبرعات في القضايا التي تدخل في صلب منظومة حقوق الإنسان. ــ لا تقل: «هذه الفئة المهمشة « ــ قل: «هذه الشريحة الواسعة التي يتم إقصاؤها والتمييز ضدها« ــ لماذا! إن وصف الأشخاص ذوي الإعاقة بـ «هذه الفئة» قد يؤكد ما تدعيه العديد من الدول من أن أعداد الأشخاص ذوي الإعاقة لديها منخفض جدا دون دليل يرتكز على إحصاء دقيق قائم على تبني تعريف حقوقي شامل للأشخاص ذوي الإعاقة. وإطلاق وصف «مهمشة»؛ قد لا يعكس جانب الإقصاء الذي يجابهه الأشخاص ذوي الإعاقة بفعل العوائق البيئية والحواجز السلوكية وغياب التدابير اللازمة لإزالتها. ــ لا تقل: «كل شخص يخجل من الإعاقة عليه أن يتذكر أنه قد يصبح لديه إعاقة في يوم ما « ــ قل: «الإعاقة هي تنوع واختلاف بشري طبيعي والخجل منها يعكس عدم تجذر ثقافة التنوع وقبول الآخر « ــ لا تقل: «إن خدمة الأشخاص ذوي الإعاقة هي غاية نبيلة ولها أثر كبير في الدنيا والآخرة « ــ قل: «إن الأشخاص ذوي الإعاقة لهم من الحقوق ما لغيرهم تماما وتحقيق المساواة في ممارسة هذه الحقوق هو أمر واجب؛ تفرضه مواثيق حقوق الإنسان والدستور « ــ لماذا! إن ربط ممارسة الأشخاص ذوي الإعاقة لحقوقهم بالغايات النبيلة واعتبارات الثواب والآجر؛ سوف يؤدي إلى جعل التمكين من ممارسة هذه الحقوق أمراً، شخصيّا محضاً، يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه»، الأمر الذي لا ينسجم ومبادئ حقوق الإنسان ومكافحة التمييز والإقصاء. ــ لا تقل: «يجب أن توفر الدولة للأشخاص ذوي الإعاقة فرص العمل والتعليم والتأهيل… بما يتناسب وقدراتهم « ــ قل: «يجب أن تكفل الدولة للأشخاص ذوي الإعاقة ممارسة حقهم في العمل والتعليم والتأهيل… على أساس من المساواة مع الآخرين في بيئة خالية من العوائق المادية والسلوكية وذلك من خلال توفير الترتيبات التيسيرية وإمكانية الوصول « ــ لماذا! يجب أن تبتعد المادة الإعلامية تماما عن تكريس النموذج الطبي الفردي الذي يربط ممارسة الأشخاص ذوي الإعاقة لحقوقهم وحرياتهم بـ «القدرات وما تسمح به»، فهذا التوجه هو ما يقاومه الأشخاص ذوو الإعاقة ومنظماتهم؛ لما ينطوي عليه من أحكام غير موضوعية مسبقة على «قدرات الفرد وإمكانياته»، ولما يغفله هذا التوجه من دور العوائق البيئية والحواجز السلوكية في نشأة وتكريس حالة الإعاقة. ــ لا تقل: «لا بد من التعامل مع مشكلة الإعاقة والتخفيف من آثارها والوقاية منها « ــ قل: «لا بد من التعاطي مع الإعاقة بوصفها تنوعا بشريا ولا بد من تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص والقضاء على التمييز على أساس الإعاقةيدير أكيندي مهتم بقضايا الإعاقة وحقوق الإنسان



اقرأ أيضاً
يونس مجاهد يكتب: حرية الصحافة المزعومة
يونس مجاهديشكل الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يصادف الثالث من شهر ماي كل سنة، مناسبة أخرى للحديث عن القضايا المرتبطة بممارسة هذه الحرية، وخاصة التضييق الذي يمارس لمنعها أو الحد منها، غير أنه قلما تناقش أخلاقيات الصحافة، في علاقتها بالحرية، رغم أن هناك تكاملا بين المبدأين، يجعل من جودة الصحافة، رديفا للالتزام بأخلاقياتها، لأن الصحافة الرديئة ليست ممارسة للحرية، بل على العكس، إنها مجرد تضليل للجمهور ونشر لأخبار كاذبة، وتشهير وارتزاق وابتزاز... وهي بذلك لا تستجيب لتطلعات المجتمع، بل تؤثر سلبا على حرية الصحافة وادوارها الاجتماعية.وانطلاقا من هذا المنظور الذي يعتبر أن الوظيفة الاجتماعية هي الغاية الرئيسية للممارسة الصحافية، تطور استعمال المعيار الاجتماعي، لتصحيح الانحرافات التي تصيب هذه المهنة، فرغم اعتماد مواثيق الأخلاقيات وهيئات التنظيم الذاتي، في العديد من البلدان المتقدمة في المجال الديمقراطي، إلا أنها ظلت تلجأ باستمرار لمراجعات مختلفة، لعلاقة الصحافة بالمجتمع. وفيهذا الصدد يمكن العودة إلى ما حصل في الولايات المتحدة، سنة 1942، حين تم إحداث لجنة هاتشينز، من طرف جامعة شيكاغو، بطلب من مؤسس مجلة تايم، هنري لوس، التي عينت على رأسها روبرت ماينارد هاتشينز. اشتغلت هذه اللجنة لمدة خمس سنوات، ونشرت تقريرها تحت عنوان "صحافة حرة ومسؤولة". ومما ورد فيه، وجود تناقض بين المفهوم التقليدي لحرية الصحافة، وضرورة التحلي بالمسؤولية. فالمسؤولية واحترام القانون، ليس في حد ذاتهما تضييقاعلى حرية الصحافة، بل على العكس، يمكن أن يكونا تعبيرا أصيلا عن حرية إيجابية، لكنهما ضد حرية اللامبالاة. ويضيف التقرير؛ لقد أصبح من المعتاد اليوم أن تكون حرية الصحافة المزعومة، عبارة عن لا مسؤولية اجتماعية، لذا على الصحافة أن تعرف أن أخطاءها وأهواءها لم تعد ملكية خاصة لها، فهي تشكل خطرا على المجتمع، لأنها عندما تخطئ، فإنها تضلل الرأي العام، فنحن أمام تحدٍ؛ على الصحافة أن تظل نشاطا حرا وخاصا، لكن ليس لها الحق في أن تخطئ، لأنها تؤدي وظيفة مرفق عام. كان لهذا التقرير تأثير كبير في الحقل الصحافي، آنذاك، لأنه استعمل مفهوم المسؤولية الاجتماعية، واعتبر أن للصحافة وظائف أساسية، في تقديم معلومات وافية من خلال بحث وتدقيق، حول الأحداث اليومية، ضمن سياق واضح، وأن تكون منتدى للنقاش ولممارسة التعددية والحق في الاختلاف، وتنفتح على مختلف فئات المجتمع، بمساواة وإنصاف، وتتجنب الأفكار المسبقة والصور النمطية... ومن أشهر التقارير التي عرفتها، أيضا البلدان الديمقراطية، "تقرير ليفيسون"، الذي هو عبارة عن خلاصات تحقيق عام أجري في المملكة المتحدة بين عامي 2011 و2012، برئاسة القاضي براين ليفيسون، الذي كلفته الحكومة، بإنجاز افتحاص شامل حول ممارسة الصحافة ومدى التزامها بالأخلاقيات. ومن أهم توصياته؛ إنشاء هيئة جديدة مستقلة لتنظيم الصحافة، عبر تشريع قانوني، وتعزيز حماية الأفراد من انتهاكات الخصوصية ومن التشهير... وبناء على هذا التقرير تم اعتماد "ميثاق ملكي" للتنظيم الذاتي، صادق عليه البرلمان. ومازالت الأحزاب السياسية في هذا البلد تناقش الطرق المثلى الممكنة للتوصل إلى صيغة قانونية لتنفيذه، بالتوافق مع الناشرين. ويعتبر العديد من الباحثين في مجال الصحافة، أنه لا يمكن تصور الجودة في الصحافة، دون احترام أخلاقياتها، وحول هذا الموضوع، نظم منتدى الصحافة في الأرجنتين، ندوة دولية بمشاركة أكاديميين، صدرت في كتاب سنة 2007، تحت عنوان "صحافة الجودة: نقاشات وتحديات"، ناقش هذا الإشكال من مختلف جوانبه، وكانت خلاصته الرئيسية، أن الجودة والأخلاقيات وجهان لعملة واحدة. الجودة في البحث والتقصي وتدقيق المعلومات والتأكد من المعطيات، احترام الخصوصيات، الامتناع عن ممارسة السب والقذف، استعمال اللغة بشكل صحيح وراقٍ، تجنب الأخطاء اللغوية... ومن مصادر هذا الكتاب، البحث الذي نشرته الأستاذة الجامعية الإسبانية، المتخصصة في أخلاقيات الصحافة، صوريا كارلوس، تحت عنوان "الأمراض النفسية للأخلاقيات في المؤسسات الإخبارية"، حيث اعتبرت أن هناك أربعة أسباب تفرض الالتزام بأخلاقيات الصحافة؛ أولها، أن الأشخاص الذين يربحون قوت يومهم من خلال انتقاد الآخرين، تقع عليهم مسؤولية أن يكون تفكيرهم غير مثير للانتقاد، ثانيها، الاشتغال قليلا، بشكل رديء، بدون احترام القواعد والجودة المطلوبة، يشكل أول انتهاك للأخلاقيات، ثالثها، أن القانون وحده لا يكفي، فعلى المؤسسات أن تضع أنظمة داخلية لاحترام أخلاقيات الصحافة، رابعها، حتى تكون هناك مقاولات صحافية قوية وموحدة، عليها أن تتوفر على منظومة قيم، وثقافة أخلاقية مشتركة. إن كل حديث عن حرية الصحافة، دون استحضار شروط ممارستها، يظل مجرد شعارات فارغة، فبالإضافة إلى ضرورة العمل على توفير الإطار القانوني الذي يسمح بممارسة الحرية، فإن الأهم هو أن تلتزم الصحافة بالقواعد المهنية والمبادئ الأخلاقية، وتستند على منظومة القيم، المتعارف عليها عالميا في ميدان الصحافة، داخل إطار مؤسساتي قوي، وأنظمة داخلية يتم فيها تقاسم المسؤولية المشتركة، كل هذا لا يمكن أن يكون إلا في مقاولات صحافية مهيكلة بشكل محترف، تتوفر على إمكانات مادية وموارد بشرية، قادرة على تقديم منتوج يليق بمكانة الصحافة ويتجاوب مع متطلبات مسؤوليتها الاجتماعية.
ساحة

هرماس يسائل والي الجهة ووالي الامن.. هل أعلنتما انهزام السلطة أمام عربدة سائقي سيارات الأجرة؟
حسن هرماس السيدان الواليان المحترمان، كلما حللت بالمدينة الحمراء، التي امضيت فيها جزءا غير يسير من مساري المهني كصحافي، وارتبطت بها من الناحية الوجدانية والعائلية، إلا وشعرت بنوع من المرارة والأسى اتجاه بعض الممارسات المشينة التي تتغذى من مستنقع الفوضى والابتزاز، لدرجة أنني أصبحت أتخيل أن السلطات الأمنية والسلطات الولائية قدمتا معا استقالتها من ممارسة جزء من وظيفتها، وأعلنتا انهزامهما في مبارزة استأسد فيها "الخصم"، وما هو بخصم، وتجبر بلا حد ولا قيود. السيدان الواليان، أنا على يقين أنكما على بينة من العربدة والتجبر الذي عات بلا حدود في عدد من الأماكن المسموح فيها بتوقف سائقي سيارات الأجرة الصغيرة منها والكبيرة لنقل الركاب، مواطنين وسياحا، مغاربة وأجانب، نحو وجهاتهم، ومن ضمنها الساحة المحاذية لمحطة قطار مراكش، والساحة المواجهة لقنصلية فرنسا على مقربة من ساحة جامع لفنا...، ومبعث يقيني أنكما على علم بالأمر يستند إلى أن وظيفتكما الأساسية هي السهر على استتباب النظام والقانون، وتجسيد سلطة الدولة على أرض الواقع، وهذه المهمة الرهيبة، بمعناها الإيجابي، تستمدانها من الظهير الشريف ومن قرار تعيينكما في موقعي المسؤولية التي تتقلدانها.السيدان الواليان المحترمان، حللت بأرض البهجة ظهيرة يوم الإثنين 21 أبريل 2025، على متن رحلة قطار قادم الرباط، وأنا جد مزهو بنشوة اللقاءات التي جمعتني على مدى ثلاثة أيام مع الكتاب والإعلاميين والمثقفين في عاصمة المملكة بمناسبة الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب... ولا أخفيكما الإحباط والانكسار اللذين أصبت بهما وأنا أغادر محطة القطار باحثا عن سيارة أجرة تقلني اتجاه حي تاركة، حتى خيل إلى أنني في مغربين اثنين: مغرب الرباط حيث يشعر الإنسان بالاحترام والطمأنينة والحق في الخدمة العمومية المؤدى عنها، ومغرب مراكش الذي استأسد فيه، دون حسيب ولا رقيب، طغمة من منعدمي الضمير وقليلي الأخلاق ومحترفي المساومة والابتزاز ، وهم جزء ـ وليس كل ـ من سائقي سيارات الأجرة، ومنافسيهم الممارسين للمهنة خارج القانون. فخلال ثلاثة أرباع الساعة، بقيت "مشوجر" ، ( بتعبير أهل المدينة)، قبالة طابور من سيارات الأجرة المتوقفة، وبين الفينة والأخرى يأتي سائق السيارة مصحوبا بسائح (ين) أجنبي، ولا أحد غير السياح الأجانب، في هيئة تشي بأنه حصل على غنيمة، بينما يبدو السائح(ين)، وكأنهم "يساقون إلى المقصلة وهم ينظرون". بعدما تبين لي أن لا حظ لي في العثور على سيارة أجرة صغيرة في الموقف المجاور لمحطة القطار، على الرغم من أن عددا من السيارات ما تزال متوقفة في غياب السائقين الذين يترصدون "الهموز" داخل محطة القطار، توجهت نحو الشارع الذي يشكل امتداد لشارع محمد السادس، لعل سيارة أجرة مارة في نفس الاتجاه الذي أقصده تتوقف ... لكن دون جدوى. بل بمجرد ما أشرت على سيارة الأجرة الأولى حتى باغثني شخص بالسؤال عن وجهتي، سألته من أنت، قال لي :"طالب معاشو، عندي طاموبيلتي تنهز لبلايص"...، وأضاف قائلا: "راك غير كتضيع وقتك، ما غادي توقف ليك حتى طاكسي فهاد البلاصة"،اضطررت لأخبره عن وجهتى وهي "تاركة"، لأنني صاحب حاجة، قال لي 40 درهم... أتعرفان بماذا أجبته، سيداي الواليان؟ قلت لمن ادعى أنه "طالب معاشو": " ما عند الميت ما يدير قدام غسالو"، ورضخت للابتزاز.على امتداد المسار الرابط بين محطة قطار مراكش وحي تاركة، والذي اعتدت أن أؤدي مقابله 17 درهما عند العودة، تراءت لي مجموعة من الوقائع المشينة التي تخدش محيى مدينة البهجة، ومن ضمنها واقعة السائح الأجنبي الإنجليزي الجنسية الذي سبق له ، قبل شهور معدودة، أن تعرض للنصب من طرف سائق سيارة أجرة صغيرة بعدما حل بمطار مراكش المنارة، وهي الحادثة التي وثقها بالصوت والصورة، وتتبعها ملايين المشاهدين عبر العالم في قناته على اليوتوب.وإذا كان هذا السائح الأجنبي قد جهر بهذه الطريقة الفاضحة بتعرضه للظلم في بلد اسمه المغرب، له تاريخ ولديه ترسانة كبيرة من القوانين، وهو ما حز في أنفس حشد كبير من المغاربة مما اضطر السلطات إلى اتخاذ إجراءات تنظيمية وردعية للحيلولة دون تكرار فضيحة أخرى في مطار المنارة، فإن ما يقع في محيط محطة قطار مراكش، وعلى مقربة من ساحة جامع لفنا بشكل يومي، بل في كل ساعة وحين، لا يقل خطورة عن الواقعة السالف ذكرها، وهذا ما ينذر ـ لا قدر الله ـ بما هو أخطر وأفظع ما لم تتحرك السلطات الأمنية وسلطات ولاية مراكش للقيام بواجبها في فرض هبة الدولة وسيادة القانون. فاللهم هل بلغت، اللهم فاشهد.    
ساحة

محمد بنطلحة الدكالي يكتب: الروح الرياضية بالجزائر…داء العطب قديم
أمام الانتصارات المتتالية للدبلوماسية المغربية والنكسات والهزائم لجيران السوء،يبدو أن دولة العالم الآخر باتت تعيش أعراض الهلوسة والخرف،وهو داء عطب قديم إسمه" المروك". من بين الذكريات التي يتغنى بها حفدة الشهداء،واقعة كروية حدثت وقائعها في9 دجنبر1979 بين المغرب والجزائر،انتهت بفوزهم كما هو معلوم...ومنذ ذلك الحين والأبواق الإعلامية تكتب عن هذا" النصر" العظيم الذي مضت عليه46 سنة. ولأن مرض الهلوسة تزداد تهيؤاته بازدياد حدته،يبدو أن الكراغلة باتوا منذ الآن يترقبون مقابلة شباب قسنطينة أمام نهضة بركان المغربي. تطالعنا اليوم جريدة الشروق بمقال يحمل عنوان:" الرئيس تبون يحرص على مرافقة السياسي ودعمه في مواجهته ضد نهضة بركان المغربي"...! لقد أكد المقال أن زعيم الكراغلة سيتكفل بكامل مصاريف تنقل وإقامة ممثل الكرة الجزائرية في المغرب،علما أن وزير الشباب والرياضة،وليد صادي،وخلال حضوره مأدبة العشاء التي أقامها والي الولاية صيودة،كان قد نقل للنادي القسنطيني إدارة ولاعبين دعم رئيس الجمهورية ومساندته المطلقة للفريق في مواجهته أمام نهضة بركان...ومن ثمة ضمان تنشيط النهائي الإفريقي القادم ودخول التاريخ من بابه الواسع...! سبحان الله معشر الكراغلة،دخول التاريخ،شافاكم الله،يكون عبر الاختراعات والإنجازات،وتوفير لتر حليب وكسرة خبز لكل جائع،وذلك أضعف الإيمان. دخول التاريخ يكون عبر التلاحم والتآزر،لأننا دم واحد وتاريخ مشترك. أما وأنتم تشحنون المدرب خير الدين ماضوي وكأنه متوجه إلى ساحة الحرب،وتأمرون اللاعبين بوقرة ومداحي وكأنهما قائدا فريق مشاة...! إسمحوا لي أن أعترف،أني بت أشفق عليكم،وأدعو الله أن يتدبر أمر الحرارة المفرطةالتي تسكنكم. ونحن ندعو لكم بالشفاء معشر الكراغلة،نذكركم أنه وطوال التاريخ،ومنذ الحضارة الإغريقية التي عرفت ألعاب أثينا،ظلت الرياضة عنوانا للفرجة والتآخي والتعارف بين الشعوب لما تمثله من قيم إنسانية نبيلة،إنها تنشر السلام وتشجع على التسامح والاحترام وسمو الأخلاق،والرياضة بمعناها الصحيح ترفض أن تكون وسيلة لغاية أخرى لأنها منبع القيم السامية المثلى حين تنتصر الروح الرياضية. إننا نشفق عليكم،ونرثي لحالكم حين تعتبرون انتصارا صغيرا في كرة القدم عن طريق ضربات الحظ،عيدا وطنيا وملحمة بطولية،محاولين تهدئة الشارع الذي يعرف حراكا شعبيا. لقد ضاق الشعب الجزائري الشقيق درعا من ضيق العيش ومحنة الطوابير والرعب اليومي الجاثم على النفوس... الرياضة أخلاق وسمو إنساني نبيل...حاولوا أن تستفيقوا من غيكم،رغم أن داء العطب قديم... محمد بنطلحة الدكالي
ساحة

صرخة من قلب المهنة: الفوضى تُهين الإرشاد السياحي بمراكش
في سياق التحديات التي تعصف بمهنة الإرشاد السياحي في مراكش، يعرض هذا المقال وجهة نظر عدد من المرشدين السياحيين الذين يعانون من تدهور أوضاعهم المهنية بسبب ظواهر التسيب والتنظيم غير القانوني داخل القطاع. ومن المهم التنويه إلى أن ما يطرحه هذا المقال يعكس آراء مجموعة من المهنيين الذين يواجهون هذه التحديات بشكل يومي، وهذا نص المقال: "الانتسابات غير القانونية، المنافسة الفوضوية، وتواطؤ الصمت... من يُنقذ كرامة المرشدين؟ الوضع لم يعد يحتمل. مهنة الإرشاد السياحي، التي لطالما كانت واجهة حضارية للمغرب، تتعرض اليوم في مراكش لتشويه ممنهج، وسط تراخٍ واضح من السلطات المحلية والمركزية، وصمت مريب من الهيئات المهنية والتنظيمية. منذ سنوات، والمرشدون النظاميون يرفعون الصوت في وجه ظاهرة تتفشى في الخفاء: مرشدون غير مُعيّنين في المدينة يحصلون على انتساب غير قانوني داخل جمعية مهنية محلية، ويزاولون عملهم بشكل حرّ، ضاربين عرض الحائط بقوانين التعيين والتنظيم. القانون يُنتَهك والمهنة تنهار ما يجري ليس فقط خرقًا إداريًا، بل تقويض لمبادئ العدالة المهنية. المرشدون غير المعينين في مراكش يتعللون بأن القانون يمنحهم هذا الحق، مستندين إلى تأويلات شخصية تخدم مصالحهم، دون اعتبار للواقع القانوني أو الإداري، في وقت يُقصى فيه المرشدون الملتزمون ويُجبرون على تقبل التهميش. كرامة المرشد تُباع في سوق الأسعار تدهور آخر يسجله المهنيون يتمثل في اشتعال حرب أسعار مدمرة، حيث يعمد بعض المرشدين إلى خفض تسعيرتهم بشكل مبالغ فيه، ما يؤدي إلى ضرب جودة الخدمات في العمق، والإضرار بسمعة المدينة لدى السياح. "عندما يتحول المرشد إلى بائع خدمة رخيصة، فإن التفاعل، والمعلومة، والاحترافية تكون أولى الضحايا"، يقول أحد المرشدين المحليين. جمعيات متهمة... وسلطات غائبة عدد من الأصوات داخل القطاع تتهم بعض الجمعيات بالتواطؤ، حيث تُمنح بطاقات الانتساب بشكل غير قانوني، وأحيانًا مقابل مبالغ مالية، دون احترام لشروط التعيين الترابي ولا ضوابط المزاولة. المرشدون يطالبون اليوم بتحقيق رسمي في هذه الانتسابات، ومساءلة الجهات التي تغضّ الطرف عن هذه الفوضى، والتي تهدد المهنة من الداخل. السياحة تتطور... والمهنة تتآكل في وقت تتغير فيه تطلعات السياح نحو تجارب غنية، وتفاعلية، ومستدامة، يواجه المرشدون الملتزمون خطر الإقصاء على يد فوضى تنظيمية تُفرّغ المهنة من معناها وقيمتها الثقافية. المرشدون يطالبون بالتحرك... الآن! دعوات متصاعدة لإيقاف النزيف: فتح تحقيق عاجل في الانتسابات العشوائية؛ توقيف غير الملتزمين بالتعيين الرسمي؛ إصلاح جذري لهياكل الجمعيات المهنية؛ وتدخل فعلي لوزارة السياحة وولاية الجهة قبل فوات الأوان."
ساحة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

السبت 10 مايو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة