ادعى نبيل عيوش وأمثاله من التقدميين أن فيلمه الإباحي الجديد هو تجسيد لواقع السياحة الجنسية بالمغرب قصد فتح النقاش في الأمر. وسأوضح عبر هذا المقال بالمنطق ولا شيء غير المنطق أن نضالهم فاسد من أساسه إلى رأسه.
أولا: نفترض أن سياحة الدعارة فعلا شيء يؤرقهم ويريدون محاربته ـ (وهو أمر غير صحيح وسأوضح هذا لاحقا عبر المقال) ـ فليجبني أحد بالله عليكم كيف يمكن محاربة واقع بممارسته أمام العلن؟ فما الفرق بين أن ترقص امرأة عارية بحركات إباحية أمام زبناء خليجيين في إحدى الإكراميات أو أوروبيين في إحدى العلب الليلية أو أمام جماعة من ناهبي المال العام المغاربة في أحد الفنادق، ثم يؤدون لها عن ذلك دراهم معدودة... وبين أن ترقص امرأة عارية بحركات إباحية أمام جمهور من الرجال من جميع الأقطار في إحدى دور العرض السينمائية، ثم يؤدي لها منتج الفيلم عن ذلك دراهم معدودة؟ الفرق عند التقدميين الحداثيين أن الأولى ممتهنة للدعارة وسلعة للسياحة الجنسية، والثانية هي ممثلة مبدعة في قطعة فنية.... ولا فرق بينهما عند عموم الشعب المغربي وعموم العاقلين، فالممارسة واحدة والنتيجة واحدة: الإغراء وتهييج المشاعر الجنسية لدى المتفرجين! ولا فرق بين من "يتبزنس" ليجد لممتهنات الدعارة زبناء، وبين ما فعله نبيل عيوش بنساء الفيلم حين جمعهن ليبحث عن متفرجين. متى كانت الدعارة تعالج بممارستها علنا؟ وهل معالجة الپيدوفيليا ستجعلنا نصور طفلا يُغتصب؟ من قال إننا نغض الطرف عن واقعنا وقد خصص له الإعلام مقالات وروپورتاجات تدين أسباب وجود تلك الفئة الاجتماعية دون أدنى لقطة أباحية.
ثانيا: على حسب التقدميين الحداثيين، فإن الحرية الفردية التي يناضلون لأجل تحقيقها تضمن لكل شخص بالغ عاقل حق ممارسة الجنس خارج إطار الزواج مع من شاء كيفما شاء، شريطة أن يكون برضا شريك أو شركاء بالغين عاقلين. أي كل علاقة تراض بين أطراف بالغين هي علاقة مشروعة عند التقدميين شذوذا كانت أم جنسا جماعيا.. وليس لأحد الحق في التدخل في العلاقة أو منعها. والآن تابعوا معي التناقض الصارخ الذي سأبنيه على هذه القاعدة وسيعطي نتائج مناقضة لشعاراتهم. فعلى أساس هذه القاعدة فإن العاهرة أو ممتهنة الدعارة هي امرأة بالغة عاقلة تمارس الجنس خارج إطار الزواج.. بغض النظر إن كان شريكها مغربيا أو خليجيا.. وليس من شأن أحد ـ حسب قاعدتهم طبعا ـ أن يتدخل في شكل العلاقة سواء كانت مبنية على عاطفة أو مصلحة شخصية. يعني ليس من شأنهم أن تمارس المرأة الجنس مع خليجي مقابل المال. وهو بالضبط مفهوم السياحة الجنسية، هو ممارسة ممتهنات الدعارة للجنس خراج إطار الزواج بشكل رضائي مع أطراف آخرين مغاربة أو خليجيين أو أوربيين بمقابل. إذن فعلى هذا الأساس، لماذا ادعى نبيل عيوش أنه يكشفها لمعالجتها؟ وماذا يقصد بالعلاج؟ تظنون أن العلاج قد يكون بالاستئصال أو البتر أو الدواء للتخلص من الآفة؟ لا يا سادة، العلاج عند هؤلاء هو التطبيع والتقنين.. إنه لا يحاربها، إنه فقط يكشفها ليضعنا أمام الأمر الواقع أولا، ثم لاحقا يقنعنا بأنه لا يمكن إلغاؤه، ثم يطالبون وكالعادة بضرورة تقنينه.. ببطائق تأمين للعاهرات ولربما نقابات وتسعيرة موحدة للزبناء دون ضرائب: الساعة ب5 چنيــــــــــــــــــــه.. والحسّابة بتحسب!!
وعلى أساس نفس القاعدة، أي، وسأعيد للتوكيد اللفظي والمعنوي، يحق لكل بالغ عاقل ممارسة الجنس بشكل رضائي ولا يحق لأحد أن يتدخل. إذن فلم يحاربون التعدد، أليس علاقة رضائية بين أطراف بالغين عاقلين اختاروه أن يكون بشكل شرعي مقنن؟ لماذا يعطون أنفسهم حق التدخل لمنعه على أساس أنه إذلال للمرأة؟ يعني أن الجنس خارج إطار الزواج كرامة، والزواج إذلال؟
صراحة إنه زمن ستقلب فيه الموازين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.