"التسامح الرياضي ومكافحة الشغب" كشف بوشعيب أرميل المدير العام للأمن الوطني خلال الجلسة الافتتاحية للمناظرة الوطنية الثانية في موضوع مكافحة العنف في التظاهرات الرياضية، أن نسبة الجريمة بالملاعب الرياضية المغربية ارتفعت في السنوات الأخيرة، حيث تم تسجيل 2359 جريمة في الموسم الماضي.
وتتعلق في غالبيتها بإلحاق الضرر بملك العام والخاص والضرب والجرح، وتعاطي المخدرات وحيازة الأسلحة البيضاء والاعتداء على الموظفين العموميين وبيع التذاكر في السوق السوداء.
ومن عدة تصريحات وحوارات صحفية عبر مسؤلوا الأمن بالمغرب، أن المقاربة الأمنية لن تنجح وحدها في حل مشكلة شغب الملاعب، كما أكادوا على إشراك جميع الفاعلين في المجتمع في علاج هذه الظاهرة المكلفة.
من المقاربات الفعالة في حصر هذه الظاهرة الخطيرة، ثقافة التسامح ومعانيها الإيجابية والتي تجعل المتسامح يقر
للآخر بحق الاختلاف، بل وضمان التمتع بهذا الحق واحترامه، من مفاهيم التسامح، ما عرف به عالميا: التسامح حق واجب، حق في اختيار النادي الذي يعجبك كرويا ويمتع عينك فرجة، وتؤمن بفلسفته الرياضية، لكن عليك واجب احترام اختيار الاخرين وقبول ميولاتهم الرياضية.
عند الاتفاق على الأمر، فلا شك أن دوام الحال من المحال، ولن ترى ما عشت فريقك منتصرا دائما، فائزا بكل الألقاب والبطولات، فلابد له من كبوة وفترة يغيب فيها إبداعه، وينطفئ فيه إشعاعه، حينئذ تظهر سماحتك تجاه ناديك ومنافسك ونفسك ووطنك. - أما التسامح تجاه ناديك: كلنايحب أن يكون ناديه محترفا على جميع مستويات، لكن ينسى أن الجمهور المحترف هو أساس مشروع الإحتراف الرياضي، وكذلك النوادي العالمية الناجحة بدأ الإحتراف فيها من الجمهور، فتراه مصفقا فرحا عند الفوز، مشجعا رافعا للمعنويات عند الهزيمة، مع فريقه في السراء والضراء، ومساندا له بجميع وسائل التشجيع الحضارية كيفما كانت النتائج يستحضر أوقات الانتصارات والألقاب، ويحاول نسيان أوقات الإخفاق.
أما التسامح تجاه منافس فريقك فلا يتجادل اثنان أن القانون الوحيد الذي لايتغير في التنافس الرياضي هو قانون الفوز والهزيمة، حتى التعادل الذي يظهر على أنه نتيجة حيادية، فإنها في النهاية ترجح كفة أحد الفريقين في ما يخطط له، لذا ففريقك سينال نصيبا من هذا القانون، فإن كان هزيمة، فواجبك تقبل النتيجة القانون، والاعتراف للمنافس بحقه في التمتع بالفوز طبقا لهذا القانون الذي كثير ما فرحت له، وفاخرت أقرانك به، كما تعمل على ضمان تمتع منافسك بهذا الحق، فلا تتعرض له ولا تسعى في إذياته بأي صورة من صور الأذى والعنف. - أما تجاه نفسك : فعدم تفوق فريق مكون من بضعة أفراد في منافسة رياضية، يأثر على جمهور من الناس قد يصل في بعض البلدان
للملايين. حينئذ تظهر قيمة التسامح، والتي تحمل الشخص على إطلاق مشاعره السلبية الناتجة عن غضب وعدم رضى عن أداء أو نتيجة معينة بطريقة ودية تعبد عنده الآثار السلبية للغضب، سواء كانت اثار النفسية والاجماعية
والاقتصادية ...
فقطار الحياة لن يقف لفوز فريق أوهزيمته، وإن حزنت اليوم، ستفرح غدا. - أما تجاه وطنك: وطنك لحمك ودمك، فشغبك وردود فعلك الغاضبة اللاتسامحية، تكلف وطنك ماديا ومعنويا، واسأل من ينظم المباريات في الملاعب سواء كان من رجال الأمن بتنوعهم، ومن اللجنة المنظمة داخل النادي أو من طاقم طبي وغيرهم كم يكلف ذلك ماديا، وأصعب من ذلك الضغوط النفسيية الغير طبيعية التي يتعرض لها المنظمون بمختلف وظائفهم. هذا وما تتكبده شركات النقل والبلديات من تخريب الملك العام، والخسائر التي يتعرض المواطن في ملكه الخاص لمجرد أن بيته أودكانه أوسيارته كانت في طريق موجة الغضب الهائجة. لتجنب كل هذا، من صالح الجمهور غاية المباريات ومادتها، والأندية
الوطنية بجميع مكوناتها من الإدارة واللاعبين والمدربين وجمعيات مشجعي الأندية (الالترات) والجامعة الوصية ووزارة الشباب والرياضية والفاعلين الجمعويين والسياسيين ومنظمات المجتمع المدني، والمؤسسات التعليمة ترسيخ ثقافة التسامح والقيم الأخلاقية الرافضة للعنف المادي والمعنوي وسط فئات المجمتع. بالتسامح تحقق الرياضة ومنافستها
أهدافها وغايتها السامية، بالشغب والعنف واللاتسامح نسيئ لأنفسنا ولرياضتنا ولوطننا.
فعاش المغرب وطن عريقة فيه ثقافة التسامح، حتى أصبح قدوة التسامح وأمثلته تضرب من تاريخه المجيدة ومن حضارته السمحة.