سليمى السرايري تكتب: فكرة زرقاء في زمن رمادي – Kech24: Morocco News – كِشـ24 : جريدة إلكترونية مغربية
الاثنين 21 أبريل 2025, 02:56

ساحة

سليمى السرايري تكتب: فكرة زرقاء في زمن رمادي


كشـ24 نشر في: 20 مارس 2016

فكرة زرقاء في زمن رمادي 


قراءة أولية للشاعرة والناقدة التونسية سليمى السرايري لقصيدتين من ديوان الشاعر حسن العاصي تحت الطبع بعنوان " أطياف تراوغ الظمأ " الذ ي سيصدر عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام في القاهرة

أولاً-قصيدة مناديل الوداع

هؤلاء الذين ترافقهم تنهيدة غائرة كلّما توغّلوا في السفر وارتفعت كفّ الموج عاليا حتى أضحت المسافة الفاصلة بين النار والرماد، ضئيلة، هكذا بدأ الكاتب رحيله أو رحلته معبّرا عن وجع ما يسكنه، وجع لا يُلمس باليدين، بل نشعر به يتصاعد في انسيابيّة مريحة رغم قطرات الشوق لوطن من برتقال أصبح مجرّد رحيل...

هل كان الرحيل هنا إلى الحياة أم إلى سراديب أكثر قتامة ممّا نحن فيه؟؟
هل يشير الكاتب إلى الثورات الفاشلة وما انجرّ عنها من خراب موظفا :

الرمل – الرماد – اليَمْ – الملح...

مفردات متشابهة لا هواء فيها ، لا حياة
مفردات تكمّمنا فنشعر باختناق غريب يجعلنا نرحل بدورنا..ونسافر بعيدا....
مسافة واضحة من الإرهاق في هذه الرحلة،
هناك حيث المساحة التي تهيئ للكاتب كتف الراحة

هو يستلذ هذا السفر رغم ضبابية الطريق، رغم القهر المتربّع على ناصيةالنهاية الرابضة بدورها على فوهة الطين...هكذا نلمس معاناة الذات الشاعرة، تلك التي تغوص أعمق من مجرّد جراح وقهر وصمت غاااااائر في الخراب...
المراكب المهاجرة إلى مدى لا نعرف مداه، تتحوّل فجأة إلى توابيت، تشبيه فضيع، أليم، غارق في القتامة وصرخة مكتومة نكاد نلمحها تطير فوق تلك الشواطئ الساكنة كنورسة حزينة ضائعة......

لم أكن ادري قبل الآن أن الصدى صفحات يمكن لنا تصفحها وقد انكسر شظايا جارحة حدّ انصهار اللحود، هكذا نمضي مكتملين في الوجع ضائعين في المتاهة ، راقصين على إيقاعات جوفاء مثل جماجم الميّتين المقتولين في زوايا مختلفة.

لكن الشمس تشرق كلّ صباح ويتجدّد الأمل رغم اختناق الفضاء وانكماش الوقت، مازال الكاتب يبسط يده قليلا للأبديّة و عيناه تحملان غموض الحرف وشراهة الكلمة وعنفوانها وارتعاشها...فنجده يرسم لوحة قريبة من روح المتلقّي في شفافية شديدة الرهافة وهو الذي جعل من المدينة صوتا يحمله في غفوة حالمة لا فرق لديه بين الفراش الوثير وبين السهول على مشارف مدينة غارقة في تشبيهات سريالية، يرسم لوحاتها بضربات ريشة محترفة ويصوّر لنا رحلة فوق الماء....

للشاعر أروقة جميلة فهو يعرف كيف يقيم لنا معارض تشكيليّة كثيرة الألوان رغم الترابيّة الطاغية بين القتام والبياض، بين الوجع والفرح، بين الصمت والكلام ، بين الأمل و اليأس، عشنا معه غربة متشقّقة عطشا لوطن يبحث عنه يريده بقوة و إصرار وانتظار حتى و إن تحولت بيوته إلى مسامير غائرة في جلده الذي يرجو أن يهرب منه ذات اشتهاء فيتحوّل إلى طائر.... 

الكاتب يكتنفه حزن دفين ، نلمسه في تموّجات القصيدة منذ البداية وهو الذي ، مازل يسترق النظر إلى وجوه حاضرة غائبة، كانت يوما تملأ حياته فرحا... يحمل بين يديه مدينة من الذكريات تختلط في تجاويف مفقودة ...صرخات مبتورة الأجنحة أبت إلاّ أن ترتفع في نصّ بلا فواصل ولا نقاط فكلّ المحطات متشابهة نلمحها تئن وحيدة في العراء.... والكاتب تعبر جسده العاري من كلّ الخطايا، مدينة بيضاء ، ملكة شهيدة في زمن تشقّق عطشا للآمان


ثانيا-قصيدة أطياف تراوغ الظمأ


وليست الصدفة التي جاءت بي إلى هنا،، 
كان لي حضورا في تقاسيم الماء ذات مرور ، 
فعرفت أن بين التقاسيم و بين أطياف تراوغ الظمأ، خيط متين...
"الظمأ والماء" ....
رغم التناقض الكبير يظلّ ذلك الخيط يمسك بكلّ الصهاريج غير عابئ بانفجار الماء حين يغادر الكلّ 
رغبة أو أملا في الوصول إلى نقطة ما في ذات شاعرة رسمت ثم عزفت بعناية فائقة وذكيّة، تلك التقاسيم...
الموت حاضر بقوّة بين السطور، يتوارى أحيانا ، وأحيانا يطفو مثل نورس محلّق فوق الماء..
ألمس ألما خاصا يمدّ جناحيه. 
ألم يجعلني اقرأ لوحة قاتمة ..
مكان يرتفع في زواياه السكون والصمت الرهيب...
ربّما تكون / مقبرة ؟؟
في مفردات قليلة ندرك المكان والإشارة القاتمة إلى هناك............
وحدك ...... مراسم الدفن...... يغادر الجميع .....الوصول.......
الوصول إلى أين؟؟؟
سؤال يفرض نفسه بقوّة لنجد اتجاها نحو مسافات تتعرّى...
الطين الأحمر.......
و وطن يموت حزنا فوق الوريد.....
كم بليغة هذه الصورة ،، تشعرنا بكثافة معاناة الانسان
وكأنّنا غرباء في أوطاننا أو لعلّنا مازلنا نبحث عن وطن من برتقال....
وطن يأتي بالفراشات في صمت مميت..
أوليس الصمت عدم الحياة؟؟
"حياة الصوت..."
الصوت الذي يحمل دائما زقزقة العصافير
وخرير الماء بتقاسيمه الجميلة وكأنّه لوحة تشكيليّة أتقنتها ريشة فنان عاشق.....
ونحن ندرك أنّ هذا الفنان العاشق، رغم رماديّة الوقت،، رغم الموت الرابض بين الحجارة، 
هذا الفنان العاشق، يملك قلبا مسكونا بأوراق اللوز...
اللوز رمز للجمال والحياة
اللوز في الأساطير الإغريقية رمز للخصب "الإنجاب"
لذلك تتوق هذه الشخصيّة المتناقضة للحياة مرورا بكل مراحل الموت والحزن
فندرك بدورنا أن البكاء فسحة للراحة حتى و إن كانت تلك الراحة ذهولا....
كلّنا نعانق حجارة القبور حين يكون الموت سيّد الموقف، فتودّع قلوبنا أعزّاء لنا
نغمس أصابعنا في الخوف رغما عنّا..
نعدّ خصلات الليل حين تصل عربات الرحيل
فنؤمن أن الموت عصفور رابض فوق غصن الحياة....
أستاذي الشاعر العاصي 
 دمت فكرة زرقاء في زمن رمادي
            
......
سليمى السرايري 
شاعرة وناقدة من تونس
 

فكرة زرقاء في زمن رمادي 


قراءة أولية للشاعرة والناقدة التونسية سليمى السرايري لقصيدتين من ديوان الشاعر حسن العاصي تحت الطبع بعنوان " أطياف تراوغ الظمأ " الذ ي سيصدر عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام في القاهرة

أولاً-قصيدة مناديل الوداع

هؤلاء الذين ترافقهم تنهيدة غائرة كلّما توغّلوا في السفر وارتفعت كفّ الموج عاليا حتى أضحت المسافة الفاصلة بين النار والرماد، ضئيلة، هكذا بدأ الكاتب رحيله أو رحلته معبّرا عن وجع ما يسكنه، وجع لا يُلمس باليدين، بل نشعر به يتصاعد في انسيابيّة مريحة رغم قطرات الشوق لوطن من برتقال أصبح مجرّد رحيل...

هل كان الرحيل هنا إلى الحياة أم إلى سراديب أكثر قتامة ممّا نحن فيه؟؟
هل يشير الكاتب إلى الثورات الفاشلة وما انجرّ عنها من خراب موظفا :

الرمل – الرماد – اليَمْ – الملح...

مفردات متشابهة لا هواء فيها ، لا حياة
مفردات تكمّمنا فنشعر باختناق غريب يجعلنا نرحل بدورنا..ونسافر بعيدا....
مسافة واضحة من الإرهاق في هذه الرحلة،
هناك حيث المساحة التي تهيئ للكاتب كتف الراحة

هو يستلذ هذا السفر رغم ضبابية الطريق، رغم القهر المتربّع على ناصيةالنهاية الرابضة بدورها على فوهة الطين...هكذا نلمس معاناة الذات الشاعرة، تلك التي تغوص أعمق من مجرّد جراح وقهر وصمت غاااااائر في الخراب...
المراكب المهاجرة إلى مدى لا نعرف مداه، تتحوّل فجأة إلى توابيت، تشبيه فضيع، أليم، غارق في القتامة وصرخة مكتومة نكاد نلمحها تطير فوق تلك الشواطئ الساكنة كنورسة حزينة ضائعة......

لم أكن ادري قبل الآن أن الصدى صفحات يمكن لنا تصفحها وقد انكسر شظايا جارحة حدّ انصهار اللحود، هكذا نمضي مكتملين في الوجع ضائعين في المتاهة ، راقصين على إيقاعات جوفاء مثل جماجم الميّتين المقتولين في زوايا مختلفة.

لكن الشمس تشرق كلّ صباح ويتجدّد الأمل رغم اختناق الفضاء وانكماش الوقت، مازال الكاتب يبسط يده قليلا للأبديّة و عيناه تحملان غموض الحرف وشراهة الكلمة وعنفوانها وارتعاشها...فنجده يرسم لوحة قريبة من روح المتلقّي في شفافية شديدة الرهافة وهو الذي جعل من المدينة صوتا يحمله في غفوة حالمة لا فرق لديه بين الفراش الوثير وبين السهول على مشارف مدينة غارقة في تشبيهات سريالية، يرسم لوحاتها بضربات ريشة محترفة ويصوّر لنا رحلة فوق الماء....

للشاعر أروقة جميلة فهو يعرف كيف يقيم لنا معارض تشكيليّة كثيرة الألوان رغم الترابيّة الطاغية بين القتام والبياض، بين الوجع والفرح، بين الصمت والكلام ، بين الأمل و اليأس، عشنا معه غربة متشقّقة عطشا لوطن يبحث عنه يريده بقوة و إصرار وانتظار حتى و إن تحولت بيوته إلى مسامير غائرة في جلده الذي يرجو أن يهرب منه ذات اشتهاء فيتحوّل إلى طائر.... 

الكاتب يكتنفه حزن دفين ، نلمسه في تموّجات القصيدة منذ البداية وهو الذي ، مازل يسترق النظر إلى وجوه حاضرة غائبة، كانت يوما تملأ حياته فرحا... يحمل بين يديه مدينة من الذكريات تختلط في تجاويف مفقودة ...صرخات مبتورة الأجنحة أبت إلاّ أن ترتفع في نصّ بلا فواصل ولا نقاط فكلّ المحطات متشابهة نلمحها تئن وحيدة في العراء.... والكاتب تعبر جسده العاري من كلّ الخطايا، مدينة بيضاء ، ملكة شهيدة في زمن تشقّق عطشا للآمان


ثانيا-قصيدة أطياف تراوغ الظمأ


وليست الصدفة التي جاءت بي إلى هنا،، 
كان لي حضورا في تقاسيم الماء ذات مرور ، 
فعرفت أن بين التقاسيم و بين أطياف تراوغ الظمأ، خيط متين...
"الظمأ والماء" ....
رغم التناقض الكبير يظلّ ذلك الخيط يمسك بكلّ الصهاريج غير عابئ بانفجار الماء حين يغادر الكلّ 
رغبة أو أملا في الوصول إلى نقطة ما في ذات شاعرة رسمت ثم عزفت بعناية فائقة وذكيّة، تلك التقاسيم...
الموت حاضر بقوّة بين السطور، يتوارى أحيانا ، وأحيانا يطفو مثل نورس محلّق فوق الماء..
ألمس ألما خاصا يمدّ جناحيه. 
ألم يجعلني اقرأ لوحة قاتمة ..
مكان يرتفع في زواياه السكون والصمت الرهيب...
ربّما تكون / مقبرة ؟؟
في مفردات قليلة ندرك المكان والإشارة القاتمة إلى هناك............
وحدك ...... مراسم الدفن...... يغادر الجميع .....الوصول.......
الوصول إلى أين؟؟؟
سؤال يفرض نفسه بقوّة لنجد اتجاها نحو مسافات تتعرّى...
الطين الأحمر.......
و وطن يموت حزنا فوق الوريد.....
كم بليغة هذه الصورة ،، تشعرنا بكثافة معاناة الانسان
وكأنّنا غرباء في أوطاننا أو لعلّنا مازلنا نبحث عن وطن من برتقال....
وطن يأتي بالفراشات في صمت مميت..
أوليس الصمت عدم الحياة؟؟
"حياة الصوت..."
الصوت الذي يحمل دائما زقزقة العصافير
وخرير الماء بتقاسيمه الجميلة وكأنّه لوحة تشكيليّة أتقنتها ريشة فنان عاشق.....
ونحن ندرك أنّ هذا الفنان العاشق، رغم رماديّة الوقت،، رغم الموت الرابض بين الحجارة، 
هذا الفنان العاشق، يملك قلبا مسكونا بأوراق اللوز...
اللوز رمز للجمال والحياة
اللوز في الأساطير الإغريقية رمز للخصب "الإنجاب"
لذلك تتوق هذه الشخصيّة المتناقضة للحياة مرورا بكل مراحل الموت والحزن
فندرك بدورنا أن البكاء فسحة للراحة حتى و إن كانت تلك الراحة ذهولا....
كلّنا نعانق حجارة القبور حين يكون الموت سيّد الموقف، فتودّع قلوبنا أعزّاء لنا
نغمس أصابعنا في الخوف رغما عنّا..
نعدّ خصلات الليل حين تصل عربات الرحيل
فنؤمن أن الموت عصفور رابض فوق غصن الحياة....
أستاذي الشاعر العاصي 
 دمت فكرة زرقاء في زمن رمادي
            
......
سليمى السرايري 
شاعرة وناقدة من تونس
 


ملصقات


اقرأ أيضاً
محمد بنطلحة الدكالي يكتب: الروح الرياضية بالجزائر…داء العطب قديم
أمام الانتصارات المتتالية للدبلوماسية المغربية والنكسات والهزائم لجيران السوء،يبدو أن دولة العالم الآخر باتت تعيش أعراض الهلوسة والخرف،وهو داء عطب قديم إسمه" المروك". من بين الذكريات التي يتغنى بها حفدة الشهداء،واقعة كروية حدثت وقائعها في9 دجنبر1979 بين المغرب والجزائر،انتهت بفوزهم كما هو معلوم...ومنذ ذلك الحين والأبواق الإعلامية تكتب عن هذا" النصر" العظيم الذي مضت عليه46 سنة. ولأن مرض الهلوسة تزداد تهيؤاته بازدياد حدته،يبدو أن الكراغلة باتوا منذ الآن يترقبون مقابلة شباب قسنطينة أمام نهضة بركان المغربي. تطالعنا اليوم جريدة الشروق بمقال يحمل عنوان:" الرئيس تبون يحرص على مرافقة السياسي ودعمه في مواجهته ضد نهضة بركان المغربي"...! لقد أكد المقال أن زعيم الكراغلة سيتكفل بكامل مصاريف تنقل وإقامة ممثل الكرة الجزائرية في المغرب،علما أن وزير الشباب والرياضة،وليد صادي،وخلال حضوره مأدبة العشاء التي أقامها والي الولاية صيودة،كان قد نقل للنادي القسنطيني إدارة ولاعبين دعم رئيس الجمهورية ومساندته المطلقة للفريق في مواجهته أمام نهضة بركان...ومن ثمة ضمان تنشيط النهائي الإفريقي القادم ودخول التاريخ من بابه الواسع...! سبحان الله معشر الكراغلة،دخول التاريخ،شافاكم الله،يكون عبر الاختراعات والإنجازات،وتوفير لتر حليب وكسرة خبز لكل جائع،وذلك أضعف الإيمان. دخول التاريخ يكون عبر التلاحم والتآزر،لأننا دم واحد وتاريخ مشترك. أما وأنتم تشحنون المدرب خير الدين ماضوي وكأنه متوجه إلى ساحة الحرب،وتأمرون اللاعبين بوقرة ومداحي وكأنهما قائدا فريق مشاة...! إسمحوا لي أن أعترف،أني بت أشفق عليكم،وأدعو الله أن يتدبر أمر الحرارة المفرطةالتي تسكنكم. ونحن ندعو لكم بالشفاء معشر الكراغلة،نذكركم أنه وطوال التاريخ،ومنذ الحضارة الإغريقية التي عرفت ألعاب أثينا،ظلت الرياضة عنوانا للفرجة والتآخي والتعارف بين الشعوب لما تمثله من قيم إنسانية نبيلة،إنها تنشر السلام وتشجع على التسامح والاحترام وسمو الأخلاق،والرياضة بمعناها الصحيح ترفض أن تكون وسيلة لغاية أخرى لأنها منبع القيم السامية المثلى حين تنتصر الروح الرياضية. إننا نشفق عليكم،ونرثي لحالكم حين تعتبرون انتصارا صغيرا في كرة القدم عن طريق ضربات الحظ،عيدا وطنيا وملحمة بطولية،محاولين تهدئة الشارع الذي يعرف حراكا شعبيا. لقد ضاق الشعب الجزائري الشقيق درعا من ضيق العيش ومحنة الطوابير والرعب اليومي الجاثم على النفوس... الرياضة أخلاق وسمو إنساني نبيل...حاولوا أن تستفيقوا من غيكم،رغم أن داء العطب قديم... محمد بنطلحة الدكالي
ساحة

صرخة من قلب المهنة: الفوضى تُهين الإرشاد السياحي بمراكش
في سياق التحديات التي تعصف بمهنة الإرشاد السياحي في مراكش، يعرض هذا المقال وجهة نظر عدد من المرشدين السياحيين الذين يعانون من تدهور أوضاعهم المهنية بسبب ظواهر التسيب والتنظيم غير القانوني داخل القطاع. ومن المهم التنويه إلى أن ما يطرحه هذا المقال يعكس آراء مجموعة من المهنيين الذين يواجهون هذه التحديات بشكل يومي، وهذا نص المقال: "الانتسابات غير القانونية، المنافسة الفوضوية، وتواطؤ الصمت... من يُنقذ كرامة المرشدين؟ الوضع لم يعد يحتمل. مهنة الإرشاد السياحي، التي لطالما كانت واجهة حضارية للمغرب، تتعرض اليوم في مراكش لتشويه ممنهج، وسط تراخٍ واضح من السلطات المحلية والمركزية، وصمت مريب من الهيئات المهنية والتنظيمية. منذ سنوات، والمرشدون النظاميون يرفعون الصوت في وجه ظاهرة تتفشى في الخفاء: مرشدون غير مُعيّنين في المدينة يحصلون على انتساب غير قانوني داخل جمعية مهنية محلية، ويزاولون عملهم بشكل حرّ، ضاربين عرض الحائط بقوانين التعيين والتنظيم. القانون يُنتَهك والمهنة تنهار ما يجري ليس فقط خرقًا إداريًا، بل تقويض لمبادئ العدالة المهنية. المرشدون غير المعينين في مراكش يتعللون بأن القانون يمنحهم هذا الحق، مستندين إلى تأويلات شخصية تخدم مصالحهم، دون اعتبار للواقع القانوني أو الإداري، في وقت يُقصى فيه المرشدون الملتزمون ويُجبرون على تقبل التهميش. كرامة المرشد تُباع في سوق الأسعار تدهور آخر يسجله المهنيون يتمثل في اشتعال حرب أسعار مدمرة، حيث يعمد بعض المرشدين إلى خفض تسعيرتهم بشكل مبالغ فيه، ما يؤدي إلى ضرب جودة الخدمات في العمق، والإضرار بسمعة المدينة لدى السياح. "عندما يتحول المرشد إلى بائع خدمة رخيصة، فإن التفاعل، والمعلومة، والاحترافية تكون أولى الضحايا"، يقول أحد المرشدين المحليين. جمعيات متهمة... وسلطات غائبة عدد من الأصوات داخل القطاع تتهم بعض الجمعيات بالتواطؤ، حيث تُمنح بطاقات الانتساب بشكل غير قانوني، وأحيانًا مقابل مبالغ مالية، دون احترام لشروط التعيين الترابي ولا ضوابط المزاولة. المرشدون يطالبون اليوم بتحقيق رسمي في هذه الانتسابات، ومساءلة الجهات التي تغضّ الطرف عن هذه الفوضى، والتي تهدد المهنة من الداخل. السياحة تتطور... والمهنة تتآكل في وقت تتغير فيه تطلعات السياح نحو تجارب غنية، وتفاعلية، ومستدامة، يواجه المرشدون الملتزمون خطر الإقصاء على يد فوضى تنظيمية تُفرّغ المهنة من معناها وقيمتها الثقافية. المرشدون يطالبون بالتحرك... الآن! دعوات متصاعدة لإيقاف النزيف: فتح تحقيق عاجل في الانتسابات العشوائية؛ توقيف غير الملتزمين بالتعيين الرسمي؛ إصلاح جذري لهياكل الجمعيات المهنية؛ وتدخل فعلي لوزارة السياحة وولاية الجهة قبل فوات الأوان."
ساحة

“الحق المهني المسلوب”: من يُسكت صوت المرشدين السياحيين؟
في قطاع يُعدّ من الركائز الأساسية للاقتصاد المحلي والوطني، يجد مئات المرشدين السياحيين بجهة مراكش-آسفي أنفسهم في مواجهة تحديات مهنية وإدارية متزايدة. وسط غياب آليات فعالة لحماية حقوقهم، تتعالى أصواتهم مطالبة بالإصلاح، لكن هل من مجيب؟ هذا المقال يعكس انشغالات مجموعة من المهنيين الذين يرون أن الممارسات التنظيمية الحالية تُقصيهم بدل أن تدمجهم، ويطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل المهنة، وهذا نص المقال:"في قلب القطاع السياحي بمراكش-آسفي، يعيش مئات المرشدين حالة من التهميش الممنهج، في ظل تراكم ممارسات إدارية وتنظيمية غير متوازنة، وغياب الآليات الفعالة التي تضمن العدالة المهنية. الوضع الحالي يفرض علينا طرح أسئلة جريئة: من يُراقب؟ من يُحاسب؟ ومن يُنصف من لا صوت له؟جمعية في وضعية مخالفة... بلا محاسبةللسنة الثالثة على التوالي، لم تعقد الجمعية الجهوية للمرشدين السياحيين أي جمع عام، ولم تُعرض أي تقارير مالية أو أدبية، ومع ذلك تواصل تحصيل واجبات الانخراط، وتسليم الشهادات وكأن شيئاً لم يكن.أين دور المراقبة؟ من يتحمل مسؤولية تفعيل آليات الشفافية الداخلية؟ أليس استمرار هذا الوضع يمثل خرقاً لمبادئ الحكامة المهنية؟التكوين الرقمي: برنامج غير منصف لفئة واسعةفرض شهادة التكوين الرقمي ضمن وثائق تجديد الاعتماد جاء بهدف التأهيل، لكنه لم يُرفق، حسب عدد من المهنيين، بآليات واقعية لضمان مشاركة حقيقية ومتساوية، مما خلق شعوراً بالإقصاء لدى شريحة واسعة من المرشدين:مشاركات شكلية أو بالنيابة.غياب دعم فعلي للفئات غير المتمكنة من التكنولوجيا.شهادة تُمنح دون تأكيد فعلي لاكتساب المهارات.النتيجة؟ تكوين تحوّل إلى عبء إداري لا يراعي خصوصية الميدان.تجديد الرخصة: منطق الورق أم منطق الكفاءة؟المرشدون يقدمون ملفاتهم كاملة، لكن العديد منهم يُدرك أن ما يُطلب ليس بالضرورة انعكاساً حقيقياً للخبرة أو القدرة. شهادات انخراط صادرة عن جمعيات غير مفعلة تنظيمياً، وشهادات تكوين دون مضمون فعلي، فهل هذه مؤشرات تأهيل حقيقية؟ أم مجرد إجراء شكلي؟الشهادة الطبية: سؤال حول العدالة المهنيةيشكل شرط الشهادة الطبية عائقاً أمام عدد من المرشدين الذين يعانون من أمراض مزمنة أو حالات صحية مؤقتة. فهل العجز المؤقت أو الإعاقة الخفيفة تعني بالضرورة عدم الأهلية؟ وهل من العدل أن يُقصى شخص فقط لأنه يخضع لعلاج منتظم أو يعيش مع إعاقة بسيطة لا تمنعه من أداء مهامه؟الضمان الاجتماعي: بين التعقيد والإجحافيعاني عدد من المرشدين السياحيين من صعوبات متزايدة في تسوية وضعيتهم مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في ظل غياب مواكبة فعلية تأخذ بعين الاعتبار طبيعة عملهم المستقل وغير المنتظم. ومن أبرز الإشكالات المطروحة:تعقيد مساطر الانتظام وتسديد المستحقات القديمة.تراكم مبالغ يصعب سدادها دفعة واحدة.وجود اقتطاعات بنكية غير دقيقة في بعض الحالات.تعرض المرشدين مزدوجي الجنسية لأداء مزدوج للواجبات دون تنسيق واضح بين الدول.هذا الوضع يُفاقم الهشاشة الاجتماعية للمرشدين، ويُفرغ التغطية الاجتماعية من مضمونها، ويُرسخ الإقصاء بدل الإدماج.مطالب مهنية ملحةافتحاص إداري ومالي للجمعية الجهوية ضماناً للشفافية.مراجعة آليات استخراج شهادات التكوين والانخراط.تيسير شروط الشهادة الطبية بشكل إنساني وعادل.فتح حوار مهني موسع لتصحيح المسار التنظيمي دون توتر أو صدام.رسالة مفتوحة لكل ضمير مهنيهذا المقال ليس مجرد وصف لاختلالات مهنية، بل هو نداء صادق يلامس كرامة كل مرشد سياحي. لسنا بصدد مطالب تعجيزية، بل نطالب فقط بما يضمن الاستمرارية في العمل بكرامة: تنظيم شفاف، تمثيلية شرعية، تكوين فعلي، وحماية اجتماعية عادلة.لقد طال الصمت، وكثُر التغاضي، وحان الوقت لنُعيد للمهنة صوتها ومكانتها. صوت المرشد ليس هامشيًا... إنه صوت الثقافة، والتاريخ، والانتماء."
ساحة

يونس مجاهد يكتب: مصداقية الخبر وطُعم النقرات
موضوع مصداقية الأخبار ليست جديدا في ثقافتنا، بل إنه متجذر فيها، وهناك مرجعيات كثيرة تحيلنا على الأهمية القصوى التي أوليت للفرق بين الخبر الصادق والخبر الكاذب في تراثنا، و لا أدل على ذلك من الآية الكريمة " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ". فالعودة لهذه المرجعيات سيكون مفيدا في مقاومة المد الجارف للتضليل والأخبار الملفقة والإثارة الرخيصة، التي يسعى تجار شبكات التواصل الاجتماعي إلى جعلها وسيلة للتشهير والإساءة، ومصدر اغتناء، غير عابئين بالقيم النبيلة التي من المفترض أن نتقاسمها كمجتمع. إن العودة إلى مرجعيتنا الحضارية والثقافية كفيل بأن يساهم إلى حد كبير في توفير وسائل وأدوات مقاومة الإتجار الرخيص في حرية التعبير، ففي مقدمة ابن خلدون التي أسست لعلم العمران البشري، هناك تدقيق مذهل لضرورة التمحيص في الأخبار، حيث يقول إنه من الضروري التمحيص والنظر في الخبر، حتى يتبين صدقه من كذبه، لأن الابتعاد عن الانتقاد والتمحيص يقع في قبول الكذب ونقله. ويضيف أن من الأسباب المقتضية للكذب في الأخبار، أيضا، الثقة بالناقلين، وتمحيص ذلك يرجع إلى التعديل والتجريح. ومنها الذهول عن المقاصد، فكثير من الناقلين لا يعرف القصد بما عاين أو سمع، وينقل الخبر على ما في ظنه وتخمينه، فيقع في الكذب. إن ابن خلدون، الذي سبق عصره، يتحدث هنا عن مصادر الأخبار، التي يعتبر أنه من غير الممكن تصديق ما تنقله بدون إعمال العقل النقدي. وهو من صميم العمل الصحافي، حيث أن التأكد من مصادر الأخبار ومدى مصداقيتها، هو جوهر المهنة، وهو أيضا ما يدرس اليوم في التربية على الإعلام، إذ أن أهم مبدأ يوصى به هو عدم تصديق أي "خبر"، إلا بعد التأكد من المصادر، أولا، ثم التمحيص والنظر في هذا الخبر، كما يقول ابن خلدون، ثانيا، لغربلته وإخضاعه للعقل والمنطق. وفي هذا الإطار، تؤكد التجربة، أنه لا يمكن للمجتمعات أن تستغني عن الصحافة المهنية، في تداول الأخبار، لأنها تكون صادرة عن صحافيين محترفين، يتوفرون على تكوين وخبرة ومستوى علمي، والأهم من ذلك، أنهم يشتغلون في بيئة صحافية، أي ضمن هيئة تحرير وميثاق أخلاقيات وقواعد العمل الصحافي. ولا يمكن لشبكات التواصل الاجتماعي أوما يسمي ب"المؤثرين"، أن تعوض العمل الصحافي الاحترافي، بحجة أنها "صحافة مستقلة"، فليس هناك إلا صحافة واحدة، إما أن تكون احترافية موضوعية وذات مصداقية، تعمل طبقا لأساسيات مهنة الصحافة وتقاليدها، أو لا تكون. الصحافي الحقيقي، كالمؤرخ، يقول عبد الله العروي، في كتابه "مفهوم التاريخ"، إذ يعتبر أن العديد من الملاحظين يشبهون الصحافي بالمؤرخ، فيقال إن الأول مؤرخ اللحظة، بينما الثاني صحافي الماضي، كلاهما يعتمد على مخبر، وكلاهما يؤول الخبر ليعطيه معنى، الفرق بينهما هو المهلة المخولة لكل واحد منهما، إذا ضاقت تحول المؤرخ إلى صحافي، وإذا عاد الصحافي إلى الأخبار وتأملها بعد مدة تحول إلى مؤرخ، أما إشكالية الموضوعية وحدود "إدراك الواقع كما حدث"، فهي واحدة بالنسبة لهما معا. والمقصود هنا، حسب العروي، هو أن كلا من الصحافي والمؤرخ، عليهما تحري الدقة في الأخبار والحوادث المنقولة، واعتماد المصادر الموثوقة، مثل التغطية الميدانية وشهود العيان أو معايشة الأحداث، بالإضافة إلى الوثائق والآثار الدالة على ما حصل... هذه هي الصحافة المستقلة، عن التلفيق والكذب والإثارة المجانية واستجداء عدد النقرات. ويعتبر اليوم "طُعم النقرات "clickbait، من الآفات الكبرى التي أصابت الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبح العديد ممن يسعون إلى تحقيق الأرباح، بأية وسيلة، اللجوء إلى تشويه الحقيقة وتقويض القيم الصحفية التقليدية، مثل الدقة والموضوعية والشفافية، همهم الوحيد هو الدخول في مهاترات وجدل عقيم، و اعتماد عناوين مثيرة، و كتابة أو بث كل ما يمكن أن يثير الفضول بدون معنى أو محتوى و بدون مصدر موثوق، كتاباتهم أو احاديثهم تتضمن تناقضات كثيرة، لكن كل ذلك يهون، بالنسبة لهم، أمام ما يمكن أن يحققونه من مداخيل. لذلك رفعت العديد من التنظيمات الصحافية في تجارب دولية، شعار؛ "لا تنقر"، أي تجنب طُعم الإثارة التجارية الرخيصة، التي تشوه الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي.
ساحة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الاثنين 21 أبريل 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة