جزائري يرسم مشاهد الصدمة والاعجاب بعد زيارة للمغرب العميق – Kech24: Morocco News – كِشـ24 : جريدة إلكترونية مغربية
الثلاثاء 22 أبريل 2025, 13:55

ساحة

جزائري يرسم مشاهد الصدمة والاعجاب بعد زيارة للمغرب العميق


كشـ24 نشر في: 30 نوفمبر 2018

بعد انتهاء مرحلة التعليم الجامعي في شهر يونيو سنة 2018 فكرت في تنظيم رحلة سياحية الى خارج الوطن، فشاءت حكمة الله أن أزور لأول مرة في حياتي البلد المجاور لدولة الجزائر وهي دولة المغرب الشقيق، وكان ذلك في إطار نشاط الرابطة الدولية للطلاب في الاقتصاد والأعمال وهو ما يعرف ب AIESEC التي توفر المجال للطلاب الموهوبين المتحمسين لتحقيق نمو شخصي وتطوير قدراتهم الريادية من خلال إشراكهم في البرامج التدريبية أو برامج التبادل الطلابي العالمي للمنظمات التي تعمل على تحقيق إحدى أهداف التنمية المستدامة العالمية التي وضعتها هيئة الأمم المتحدة.مقر إقامتي كان في مدينة مراكش، التي تقع وسط المملكة المغربية، وهي تعد من أشهر الوجهات السياحية في المغرب، بسبب مناخها اللطيف وطبيعتها الخلابة ومبانيها التي يغلب عليها اللون الأحمر مما أكسبها لقب "المدينة الحمراء"اعتبارا لمخطط برنامج الإيزيك المتمثل في اكتشاف مدينة مراكش من خلال العمل التطوعي مع إحدى المنظمات الغير ربحية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة لبرنامج الأمم المتحدة، كانت فرصة للعمل مع مؤسسة الأطلس الكبير وهي منظمة تطوعية أمريكية مغربية تأسست من طرف متطوعين سابقين من هيئة السلام في سنة 2000 بالولايات المتحدة الأمريكية، وهي مؤسسة تسعى إلى تكريس التنمية المحلية المستدامة في المغرب، بالاعتماد على المقاربة التشاركية كما تعمل على إنشاء مشاريع تنموية، تقوم بتصميمها المجتمعات المحلية.

كان لي شرف اللقاء مع الدكتور يوسف بن مير باعتباره رئيس المؤسسة وقد أبدى سعادته الكبيرة بقدومي الى المغرب حيث قال كلمة جميلة "إن المغرب ليس هو المغرب بل هو المغرب الكبير وأننا كلنا أبناء المغرب الكبير فنحن في بلد واحد"، حيث جعلني لا أحس بأنني غريب في هذا البلد وقد فتح لي المجال للعمل معه في المؤسسة ومساعدته لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتقديم المساعدات للمحتاجين والقضاء على الفقر والتهميش في الأرياف، وقد ذكر لي مصطلح المقاربة التشاركية حيث كان لي فيه بعض الغموض في البداية و تركت الأمر للاستفسار عنه في مستقبل الأيام.أول زيارة لي مع المؤسسة كانت مساء يوم الثلاثاء 6 نوفمبر 2018 في إطار الاحتفال بالذكرى الثالثة والأربعون للمسيرة الخضراء الذي نظمته دار إيما بالشراكة مع الطائفة اليهودية بجهة مراكش آسفي بمنطقة "لالة تكركوست" وهي قرية أمازيغية صغيرة تقع على بعد 37كم جنوب مدينة مراكش، تتميز بطبيعتها الخضراء وجبالها العالية ومبانيها القديمة كما تحتوي على أحد السدود المغربية الكبرى وهو سد " لالة تكركوست" مما يعطيها رونقا وجمالا.

كان من بين الحضور كل من السلطات الرسمية والإدارية للمنطقة بالإضافة إلى حضور رجال الدين الذين يمثلون الديانات السماوية الثلاث، وهم رئيس الكنيسة الكاثوليكية بالمغرب، ورئيس الطائفة اليهودية بالمغرب، وأحد أئمة المسلمين، وقد تخلل هذا الحفل وصلات فنية حماسية من تقديم فرقة الأصيل للفن، حيث شهد الحفل تفاعلا كبيرا من الجمهور خاصة مع النشيد الوطني المغربي ونشيد نداء الحسن للمسيرة الخضراء مما يعكس حبهم للوطن وتعزيز روح الولاء والانتماء له فرحا بالعيد الوطني ، كما تم عرض مقطوعات فنية إسلامية و يهودية و مسيحية ترسخ للمبادئ المغربية المتمثلة في احترام الأديان و التسامح العقدي.من خلال كلمات المشاركين في هذا المحفل لكل من رئيس الكنيسة الكاثوليكية، ورئيس الطائفة اليهودية، وأحد أئمة المسلمين يتبين أن مسألة التعايش بين الأديان في المغرب هي ظاهرة متوارثة عبر الأجيال منذ القدم مما يبعث استقرارا وتعايشا سلميا بين مختلف الديانات والثقافات المكونة للنسيج الاجتماعي المغربي، وقد تبين لي جليا أن المغرب يُعدُّ فيه التعايش بين الأديان واقعا فعليا، كما تشهد على ذلك الحياة اليومية في هذا البلد المسلم، على عكس ما نعيشه في الجزائر حيث أن اليهود والمسيحيين يخشون على حياتهم في الجزائر، رغم أن قوانينها تسمح لغير المسلمين بممارسة شعائرهم الدينية، طالما أنهم يحترمون النظام العام والأخلاق، والحقوق والحريات الأساسية للآخرين، ويبتعد اليهود والمسيحيين في الجزائر عن الأضواء، بسبب مخاوف على سلامتهم الجسدية، واحتمال التعرض للمشاكل، وقد انتابني هذا الخوف حينما علمت في الوهلة الأولى أن رئيس الطائفة اليهودية سينتقل معنا على متن السيارة الى مكان الحفل اعتبارا للخلفية التي كنت أعتقدها حول التوتر الحاصل بين اليهود والمسلمين في الجزائر وفي الشرق الأوسط، لكن الواقع كان عكس ذلك حيث كان هناك احترام متبادل رفيع المستوى مع جاكي كادوش، وأبدى سعادته الكبيرة خاصة حين علم أنني من الجزائر.

في يوم الأربعاء 7 نوفمبر 2018 ذهبت في ثاني زيارة عملية مع مؤسسة الأطلس الكبير والوجهة هذه المرة إلى مدينة آسفي التي تبعد عن مدينة مراكش ب 160كم، تقع على ساحل المحيط الأطلسي، تعني بالأمازيغية "مصب النهر"، يوجد بها أكبر معمل للفوسفاط بالمغرب، وكانت هذه الزيارة في إطار الدورة التكوينية التي نظمتها مؤسسة الأطلس الكبير بالتنسيق مع المكتب الشريف للفوسفاط، ونظمت الدورة لفائدة مدراء المؤسسات التربوية لمدن وقرى آسفي بحضور بعض عمال المكتب الشريف الفوسفاط.وكان الهدف من الدورة هو دراسة الاحتياجات الضرورية التي تعاني منها المؤسسات التربوية لمنطقة آسفي والمناطق المجاورة لها، ووضع خطة عمل لتجسيد هذه الاحتياجات على أرض الواقع بمشاركة كل الأطراف المعنية من مدراء مؤسسات ومتطوعين وتلاميذ وفق منهج المقاربة التشاركية.وفي أول تدخل لرئيس مؤسسة الأطلس الكبير السيد يوسف بن مير خلال الدورة الذي تطرق فيها إلى مفهوم المقاربة التشاركية اتضح لي جليا مفهوم هذا المصطلح الذي كان يبدو لي غامضا في بادئ الأمر، فهو يعني المشاركة في الفعل الجماعي من كل الجهات المعنية حيث يهدف إلى إشراك المستفيدين في تحديد وتشخيص مشاكلهم الحقيقية بمساهمة كل الأطراف الفاعلة والمستفيدين دون إقصاء لأي طرف من الأطراف في صياغة وإنجاز وتقييم المشاريع، باعتبار أن الإستفادة من نتائج هذا العمل تعود على الجميع، كما تتخذ التشاركية مبدأ اللامركزية في التسيير لجعل المشاريع أكثر ديناميكية ومرونة وسهلة التنفيذ على الواقع.وبما أن هذا المشروع يمس المناطق الريفية فإن المقاربة التشاركية مجسدة في معيشة سكان البادية من خلال تعاون العائلات في إنجاز الأعمال التطوعية الجماعية التي يعود فضلها على أهل تلك البادية، إلا أن المقاربة التشاركية حاليا تم إعطاؤها صبغة عالمية يتم تطبيقها على مستوى المنظمات التنموية الدولية.وقد تم تقسيم الحاضرين الى مجموعات ثلاثية كل مجموعة تتكون من مدير مؤسسة ومتطوعين اثنين من المكتب الشريف للفوسفاط، يقومون بالتعاون والتشارك فيما بينهم لوضع خريطة عمل لتلك المدرسة من خلال الاحتياجات الضرورية التي تعاني منها، والآفاق المستقبلية التي تطمح الى بلوغها، واستمرت هذه الورشات لمدة ساعة من الزمن من تأطير المنشطة أمينة حجامي، لتقوم بعدها كل مجموعة بعرض خريطة العمل التي تم وضعها ومن بين أهم المشاكل التي تعاني منها هذه المؤسسات ما يلي:عدم توفر المدرسة على الحارس الليلي. قصر سور المدرسة مما يهدد أمن وعتاد التدريس. عدم توفر المدرسة على عنصرين مهمين هما الكهرباء والماء. عدم توفر المدرسة على الماء الصالح للشرب مما يستلزم على الأساتذة والتلاميذ بإحضار قارورات الماء.-عدم توفر المدرسة على قاعة الأساتذة. -عدم توفر المدرسة على دورة المياه للتلاميذ وللمعلمين. -عدم امتلاك بعض التلاميذ لوثائق الحالة المدنية. -عدم توفر المدرسة على طاقم اداري يقف الى جانب المدير لأداء المهام الإدارية المتعددة. -غياب الإرادة السياسية في دعم المؤسسات التربوية. -عدم توفر الطريق المعبد الذي يؤدي الى المدرسة -عدم توفر المدرسة على اقسام من الصلب والاكتفاء بأقسام من البلاستيك قديمة الصنع والتي --تمثل خطرا على صحة التلاميذ.بعد عرض هذه المشاكل تم تحديد الاحتياجات المشتركة بين كل من المؤسسات الحضرية والمؤسسات الريفية وترتيبها حسب الأولوية باستعمال طريقة التصويت، وقد تمثلت الاحتياجات المشتركة بين المؤسسات الحضرية حسب الأولوية في النقاط التالية:1ـ توفير الحارس الليلي. 2ـ الزيادة في علو سور المدرسة. 3ـ توفير التعليم الأولي. 4ـ توفير الدعم التربوي. 5ـ تدبير النفايات وإصلاح سور المدرسة.أما الاحتياجات المشتركة بين المؤسسات الريفية فقد تم ترتيبها حسب الأولوية على النحو التالي:1ـ توفير الماء الصالح للشرب. 2ـ توفير الكهرباء. 3ـ توفير الأمن. 4ـ تنظيم مختلف النشاطات الثقافية والرياضية.وفي قراءة تحليلية من وجهة نظر جزائرية لنتائج هذا اللقاء، يتضح أن المغرب بالرغم من مكانته الرائدة في المجال السياحي الذي يستقطب آلاف السياح من مختلف الدول الأوروبية والأمريكية، خاصة في المدن الكبرى باعتبارها قطب سياحي ممتاز، إلا أن المناطق الريفية في المغرب تعاني التهميش من حيث التنمية الاجتماعية وسوء التسيير من طرف الجماعات القروية، والدليل على ذلك الاحتياجات الضرورية التي تعاني منها المؤسسات التربوية في تلك المناطق، على سبيل المثال: عدم توفر المدرسة على عنصر الحياة وهو الماء ـ عدم توفر المدرسة على الكهرباء ـ عدم توفر المدرسة على دورات المياه، عدم امتلاك بعض التلاميذ على وثائق الحالة المدنية، وهي من أغرب النقائص التي صدمتني عند سماعها للوهلة الأولى، حيث لم يخطر ببالي ولو للحظة أنه في سنة 2018 توجد مدارس في المغرب تعاني مثل هذه النقائص، حينها ادركت الوجه الآخر للمجتمع المغربي، والفوارق الطبقية السائدة في هذا البلد.وفي مقابل ذلك ورغم كل هذه الظروف القاسية والمعاناة الصعبة التي تمس هذه الشريحة تتجلى رغبة مدراء المؤسسات في تحسين وضعيتهم من خلال عقد شراكات مع المؤسسات الاقتصادية وجمعيات المجتمع المدني مثل مؤسسة الأطلس الكبير والمكتب الشريف للفوسفاط وذلك من اجل النهوض بالتعليم وضمان جيل واع ومستقبل واعد للابناء وهي مبادرة جد رائعة، تستحق التقدير، وآمل أن أنقلها إلى الجزائر.وقد خُتم اللقاء بكلمة من رئيس مؤسسة الأطلس الكبير حث فيها على ضرورة تجسيد توصيات هذا اللقاء على أرض الواقع، مع مراعاة عامل الوقت الذي يمضي بشكل سريع، مما يستلزم علينا تكثيف الجهود والعمل بوتيرة أسرع، فاحترام الوقت يعد عاملا أساسيا للنجاح والإستمرار. 

ابراهيم بحماني الراعي

بعد انتهاء مرحلة التعليم الجامعي في شهر يونيو سنة 2018 فكرت في تنظيم رحلة سياحية الى خارج الوطن، فشاءت حكمة الله أن أزور لأول مرة في حياتي البلد المجاور لدولة الجزائر وهي دولة المغرب الشقيق، وكان ذلك في إطار نشاط الرابطة الدولية للطلاب في الاقتصاد والأعمال وهو ما يعرف ب AIESEC التي توفر المجال للطلاب الموهوبين المتحمسين لتحقيق نمو شخصي وتطوير قدراتهم الريادية من خلال إشراكهم في البرامج التدريبية أو برامج التبادل الطلابي العالمي للمنظمات التي تعمل على تحقيق إحدى أهداف التنمية المستدامة العالمية التي وضعتها هيئة الأمم المتحدة.مقر إقامتي كان في مدينة مراكش، التي تقع وسط المملكة المغربية، وهي تعد من أشهر الوجهات السياحية في المغرب، بسبب مناخها اللطيف وطبيعتها الخلابة ومبانيها التي يغلب عليها اللون الأحمر مما أكسبها لقب "المدينة الحمراء"اعتبارا لمخطط برنامج الإيزيك المتمثل في اكتشاف مدينة مراكش من خلال العمل التطوعي مع إحدى المنظمات الغير ربحية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة لبرنامج الأمم المتحدة، كانت فرصة للعمل مع مؤسسة الأطلس الكبير وهي منظمة تطوعية أمريكية مغربية تأسست من طرف متطوعين سابقين من هيئة السلام في سنة 2000 بالولايات المتحدة الأمريكية، وهي مؤسسة تسعى إلى تكريس التنمية المحلية المستدامة في المغرب، بالاعتماد على المقاربة التشاركية كما تعمل على إنشاء مشاريع تنموية، تقوم بتصميمها المجتمعات المحلية.

كان لي شرف اللقاء مع الدكتور يوسف بن مير باعتباره رئيس المؤسسة وقد أبدى سعادته الكبيرة بقدومي الى المغرب حيث قال كلمة جميلة "إن المغرب ليس هو المغرب بل هو المغرب الكبير وأننا كلنا أبناء المغرب الكبير فنحن في بلد واحد"، حيث جعلني لا أحس بأنني غريب في هذا البلد وقد فتح لي المجال للعمل معه في المؤسسة ومساعدته لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتقديم المساعدات للمحتاجين والقضاء على الفقر والتهميش في الأرياف، وقد ذكر لي مصطلح المقاربة التشاركية حيث كان لي فيه بعض الغموض في البداية و تركت الأمر للاستفسار عنه في مستقبل الأيام.أول زيارة لي مع المؤسسة كانت مساء يوم الثلاثاء 6 نوفمبر 2018 في إطار الاحتفال بالذكرى الثالثة والأربعون للمسيرة الخضراء الذي نظمته دار إيما بالشراكة مع الطائفة اليهودية بجهة مراكش آسفي بمنطقة "لالة تكركوست" وهي قرية أمازيغية صغيرة تقع على بعد 37كم جنوب مدينة مراكش، تتميز بطبيعتها الخضراء وجبالها العالية ومبانيها القديمة كما تحتوي على أحد السدود المغربية الكبرى وهو سد " لالة تكركوست" مما يعطيها رونقا وجمالا.

كان من بين الحضور كل من السلطات الرسمية والإدارية للمنطقة بالإضافة إلى حضور رجال الدين الذين يمثلون الديانات السماوية الثلاث، وهم رئيس الكنيسة الكاثوليكية بالمغرب، ورئيس الطائفة اليهودية بالمغرب، وأحد أئمة المسلمين، وقد تخلل هذا الحفل وصلات فنية حماسية من تقديم فرقة الأصيل للفن، حيث شهد الحفل تفاعلا كبيرا من الجمهور خاصة مع النشيد الوطني المغربي ونشيد نداء الحسن للمسيرة الخضراء مما يعكس حبهم للوطن وتعزيز روح الولاء والانتماء له فرحا بالعيد الوطني ، كما تم عرض مقطوعات فنية إسلامية و يهودية و مسيحية ترسخ للمبادئ المغربية المتمثلة في احترام الأديان و التسامح العقدي.من خلال كلمات المشاركين في هذا المحفل لكل من رئيس الكنيسة الكاثوليكية، ورئيس الطائفة اليهودية، وأحد أئمة المسلمين يتبين أن مسألة التعايش بين الأديان في المغرب هي ظاهرة متوارثة عبر الأجيال منذ القدم مما يبعث استقرارا وتعايشا سلميا بين مختلف الديانات والثقافات المكونة للنسيج الاجتماعي المغربي، وقد تبين لي جليا أن المغرب يُعدُّ فيه التعايش بين الأديان واقعا فعليا، كما تشهد على ذلك الحياة اليومية في هذا البلد المسلم، على عكس ما نعيشه في الجزائر حيث أن اليهود والمسيحيين يخشون على حياتهم في الجزائر، رغم أن قوانينها تسمح لغير المسلمين بممارسة شعائرهم الدينية، طالما أنهم يحترمون النظام العام والأخلاق، والحقوق والحريات الأساسية للآخرين، ويبتعد اليهود والمسيحيين في الجزائر عن الأضواء، بسبب مخاوف على سلامتهم الجسدية، واحتمال التعرض للمشاكل، وقد انتابني هذا الخوف حينما علمت في الوهلة الأولى أن رئيس الطائفة اليهودية سينتقل معنا على متن السيارة الى مكان الحفل اعتبارا للخلفية التي كنت أعتقدها حول التوتر الحاصل بين اليهود والمسلمين في الجزائر وفي الشرق الأوسط، لكن الواقع كان عكس ذلك حيث كان هناك احترام متبادل رفيع المستوى مع جاكي كادوش، وأبدى سعادته الكبيرة خاصة حين علم أنني من الجزائر.

في يوم الأربعاء 7 نوفمبر 2018 ذهبت في ثاني زيارة عملية مع مؤسسة الأطلس الكبير والوجهة هذه المرة إلى مدينة آسفي التي تبعد عن مدينة مراكش ب 160كم، تقع على ساحل المحيط الأطلسي، تعني بالأمازيغية "مصب النهر"، يوجد بها أكبر معمل للفوسفاط بالمغرب، وكانت هذه الزيارة في إطار الدورة التكوينية التي نظمتها مؤسسة الأطلس الكبير بالتنسيق مع المكتب الشريف للفوسفاط، ونظمت الدورة لفائدة مدراء المؤسسات التربوية لمدن وقرى آسفي بحضور بعض عمال المكتب الشريف الفوسفاط.وكان الهدف من الدورة هو دراسة الاحتياجات الضرورية التي تعاني منها المؤسسات التربوية لمنطقة آسفي والمناطق المجاورة لها، ووضع خطة عمل لتجسيد هذه الاحتياجات على أرض الواقع بمشاركة كل الأطراف المعنية من مدراء مؤسسات ومتطوعين وتلاميذ وفق منهج المقاربة التشاركية.وفي أول تدخل لرئيس مؤسسة الأطلس الكبير السيد يوسف بن مير خلال الدورة الذي تطرق فيها إلى مفهوم المقاربة التشاركية اتضح لي جليا مفهوم هذا المصطلح الذي كان يبدو لي غامضا في بادئ الأمر، فهو يعني المشاركة في الفعل الجماعي من كل الجهات المعنية حيث يهدف إلى إشراك المستفيدين في تحديد وتشخيص مشاكلهم الحقيقية بمساهمة كل الأطراف الفاعلة والمستفيدين دون إقصاء لأي طرف من الأطراف في صياغة وإنجاز وتقييم المشاريع، باعتبار أن الإستفادة من نتائج هذا العمل تعود على الجميع، كما تتخذ التشاركية مبدأ اللامركزية في التسيير لجعل المشاريع أكثر ديناميكية ومرونة وسهلة التنفيذ على الواقع.وبما أن هذا المشروع يمس المناطق الريفية فإن المقاربة التشاركية مجسدة في معيشة سكان البادية من خلال تعاون العائلات في إنجاز الأعمال التطوعية الجماعية التي يعود فضلها على أهل تلك البادية، إلا أن المقاربة التشاركية حاليا تم إعطاؤها صبغة عالمية يتم تطبيقها على مستوى المنظمات التنموية الدولية.وقد تم تقسيم الحاضرين الى مجموعات ثلاثية كل مجموعة تتكون من مدير مؤسسة ومتطوعين اثنين من المكتب الشريف للفوسفاط، يقومون بالتعاون والتشارك فيما بينهم لوضع خريطة عمل لتلك المدرسة من خلال الاحتياجات الضرورية التي تعاني منها، والآفاق المستقبلية التي تطمح الى بلوغها، واستمرت هذه الورشات لمدة ساعة من الزمن من تأطير المنشطة أمينة حجامي، لتقوم بعدها كل مجموعة بعرض خريطة العمل التي تم وضعها ومن بين أهم المشاكل التي تعاني منها هذه المؤسسات ما يلي:عدم توفر المدرسة على الحارس الليلي. قصر سور المدرسة مما يهدد أمن وعتاد التدريس. عدم توفر المدرسة على عنصرين مهمين هما الكهرباء والماء. عدم توفر المدرسة على الماء الصالح للشرب مما يستلزم على الأساتذة والتلاميذ بإحضار قارورات الماء.-عدم توفر المدرسة على قاعة الأساتذة. -عدم توفر المدرسة على دورة المياه للتلاميذ وللمعلمين. -عدم امتلاك بعض التلاميذ لوثائق الحالة المدنية. -عدم توفر المدرسة على طاقم اداري يقف الى جانب المدير لأداء المهام الإدارية المتعددة. -غياب الإرادة السياسية في دعم المؤسسات التربوية. -عدم توفر الطريق المعبد الذي يؤدي الى المدرسة -عدم توفر المدرسة على اقسام من الصلب والاكتفاء بأقسام من البلاستيك قديمة الصنع والتي --تمثل خطرا على صحة التلاميذ.بعد عرض هذه المشاكل تم تحديد الاحتياجات المشتركة بين كل من المؤسسات الحضرية والمؤسسات الريفية وترتيبها حسب الأولوية باستعمال طريقة التصويت، وقد تمثلت الاحتياجات المشتركة بين المؤسسات الحضرية حسب الأولوية في النقاط التالية:1ـ توفير الحارس الليلي. 2ـ الزيادة في علو سور المدرسة. 3ـ توفير التعليم الأولي. 4ـ توفير الدعم التربوي. 5ـ تدبير النفايات وإصلاح سور المدرسة.أما الاحتياجات المشتركة بين المؤسسات الريفية فقد تم ترتيبها حسب الأولوية على النحو التالي:1ـ توفير الماء الصالح للشرب. 2ـ توفير الكهرباء. 3ـ توفير الأمن. 4ـ تنظيم مختلف النشاطات الثقافية والرياضية.وفي قراءة تحليلية من وجهة نظر جزائرية لنتائج هذا اللقاء، يتضح أن المغرب بالرغم من مكانته الرائدة في المجال السياحي الذي يستقطب آلاف السياح من مختلف الدول الأوروبية والأمريكية، خاصة في المدن الكبرى باعتبارها قطب سياحي ممتاز، إلا أن المناطق الريفية في المغرب تعاني التهميش من حيث التنمية الاجتماعية وسوء التسيير من طرف الجماعات القروية، والدليل على ذلك الاحتياجات الضرورية التي تعاني منها المؤسسات التربوية في تلك المناطق، على سبيل المثال: عدم توفر المدرسة على عنصر الحياة وهو الماء ـ عدم توفر المدرسة على الكهرباء ـ عدم توفر المدرسة على دورات المياه، عدم امتلاك بعض التلاميذ على وثائق الحالة المدنية، وهي من أغرب النقائص التي صدمتني عند سماعها للوهلة الأولى، حيث لم يخطر ببالي ولو للحظة أنه في سنة 2018 توجد مدارس في المغرب تعاني مثل هذه النقائص، حينها ادركت الوجه الآخر للمجتمع المغربي، والفوارق الطبقية السائدة في هذا البلد.وفي مقابل ذلك ورغم كل هذه الظروف القاسية والمعاناة الصعبة التي تمس هذه الشريحة تتجلى رغبة مدراء المؤسسات في تحسين وضعيتهم من خلال عقد شراكات مع المؤسسات الاقتصادية وجمعيات المجتمع المدني مثل مؤسسة الأطلس الكبير والمكتب الشريف للفوسفاط وذلك من اجل النهوض بالتعليم وضمان جيل واع ومستقبل واعد للابناء وهي مبادرة جد رائعة، تستحق التقدير، وآمل أن أنقلها إلى الجزائر.وقد خُتم اللقاء بكلمة من رئيس مؤسسة الأطلس الكبير حث فيها على ضرورة تجسيد توصيات هذا اللقاء على أرض الواقع، مع مراعاة عامل الوقت الذي يمضي بشكل سريع، مما يستلزم علينا تكثيف الجهود والعمل بوتيرة أسرع، فاحترام الوقت يعد عاملا أساسيا للنجاح والإستمرار. 

ابراهيم بحماني الراعي



اقرأ أيضاً
محمد بنطلحة الدكالي يكتب: الروح الرياضية بالجزائر…داء العطب قديم
أمام الانتصارات المتتالية للدبلوماسية المغربية والنكسات والهزائم لجيران السوء،يبدو أن دولة العالم الآخر باتت تعيش أعراض الهلوسة والخرف،وهو داء عطب قديم إسمه" المروك". من بين الذكريات التي يتغنى بها حفدة الشهداء،واقعة كروية حدثت وقائعها في9 دجنبر1979 بين المغرب والجزائر،انتهت بفوزهم كما هو معلوم...ومنذ ذلك الحين والأبواق الإعلامية تكتب عن هذا" النصر" العظيم الذي مضت عليه46 سنة. ولأن مرض الهلوسة تزداد تهيؤاته بازدياد حدته،يبدو أن الكراغلة باتوا منذ الآن يترقبون مقابلة شباب قسنطينة أمام نهضة بركان المغربي. تطالعنا اليوم جريدة الشروق بمقال يحمل عنوان:" الرئيس تبون يحرص على مرافقة السياسي ودعمه في مواجهته ضد نهضة بركان المغربي"...! لقد أكد المقال أن زعيم الكراغلة سيتكفل بكامل مصاريف تنقل وإقامة ممثل الكرة الجزائرية في المغرب،علما أن وزير الشباب والرياضة،وليد صادي،وخلال حضوره مأدبة العشاء التي أقامها والي الولاية صيودة،كان قد نقل للنادي القسنطيني إدارة ولاعبين دعم رئيس الجمهورية ومساندته المطلقة للفريق في مواجهته أمام نهضة بركان...ومن ثمة ضمان تنشيط النهائي الإفريقي القادم ودخول التاريخ من بابه الواسع...! سبحان الله معشر الكراغلة،دخول التاريخ،شافاكم الله،يكون عبر الاختراعات والإنجازات،وتوفير لتر حليب وكسرة خبز لكل جائع،وذلك أضعف الإيمان. دخول التاريخ يكون عبر التلاحم والتآزر،لأننا دم واحد وتاريخ مشترك. أما وأنتم تشحنون المدرب خير الدين ماضوي وكأنه متوجه إلى ساحة الحرب،وتأمرون اللاعبين بوقرة ومداحي وكأنهما قائدا فريق مشاة...! إسمحوا لي أن أعترف،أني بت أشفق عليكم،وأدعو الله أن يتدبر أمر الحرارة المفرطةالتي تسكنكم. ونحن ندعو لكم بالشفاء معشر الكراغلة،نذكركم أنه وطوال التاريخ،ومنذ الحضارة الإغريقية التي عرفت ألعاب أثينا،ظلت الرياضة عنوانا للفرجة والتآخي والتعارف بين الشعوب لما تمثله من قيم إنسانية نبيلة،إنها تنشر السلام وتشجع على التسامح والاحترام وسمو الأخلاق،والرياضة بمعناها الصحيح ترفض أن تكون وسيلة لغاية أخرى لأنها منبع القيم السامية المثلى حين تنتصر الروح الرياضية. إننا نشفق عليكم،ونرثي لحالكم حين تعتبرون انتصارا صغيرا في كرة القدم عن طريق ضربات الحظ،عيدا وطنيا وملحمة بطولية،محاولين تهدئة الشارع الذي يعرف حراكا شعبيا. لقد ضاق الشعب الجزائري الشقيق درعا من ضيق العيش ومحنة الطوابير والرعب اليومي الجاثم على النفوس... الرياضة أخلاق وسمو إنساني نبيل...حاولوا أن تستفيقوا من غيكم،رغم أن داء العطب قديم... محمد بنطلحة الدكالي
ساحة

صرخة من قلب المهنة: الفوضى تُهين الإرشاد السياحي بمراكش
في سياق التحديات التي تعصف بمهنة الإرشاد السياحي في مراكش، يعرض هذا المقال وجهة نظر عدد من المرشدين السياحيين الذين يعانون من تدهور أوضاعهم المهنية بسبب ظواهر التسيب والتنظيم غير القانوني داخل القطاع. ومن المهم التنويه إلى أن ما يطرحه هذا المقال يعكس آراء مجموعة من المهنيين الذين يواجهون هذه التحديات بشكل يومي، وهذا نص المقال: "الانتسابات غير القانونية، المنافسة الفوضوية، وتواطؤ الصمت... من يُنقذ كرامة المرشدين؟ الوضع لم يعد يحتمل. مهنة الإرشاد السياحي، التي لطالما كانت واجهة حضارية للمغرب، تتعرض اليوم في مراكش لتشويه ممنهج، وسط تراخٍ واضح من السلطات المحلية والمركزية، وصمت مريب من الهيئات المهنية والتنظيمية. منذ سنوات، والمرشدون النظاميون يرفعون الصوت في وجه ظاهرة تتفشى في الخفاء: مرشدون غير مُعيّنين في المدينة يحصلون على انتساب غير قانوني داخل جمعية مهنية محلية، ويزاولون عملهم بشكل حرّ، ضاربين عرض الحائط بقوانين التعيين والتنظيم. القانون يُنتَهك والمهنة تنهار ما يجري ليس فقط خرقًا إداريًا، بل تقويض لمبادئ العدالة المهنية. المرشدون غير المعينين في مراكش يتعللون بأن القانون يمنحهم هذا الحق، مستندين إلى تأويلات شخصية تخدم مصالحهم، دون اعتبار للواقع القانوني أو الإداري، في وقت يُقصى فيه المرشدون الملتزمون ويُجبرون على تقبل التهميش. كرامة المرشد تُباع في سوق الأسعار تدهور آخر يسجله المهنيون يتمثل في اشتعال حرب أسعار مدمرة، حيث يعمد بعض المرشدين إلى خفض تسعيرتهم بشكل مبالغ فيه، ما يؤدي إلى ضرب جودة الخدمات في العمق، والإضرار بسمعة المدينة لدى السياح. "عندما يتحول المرشد إلى بائع خدمة رخيصة، فإن التفاعل، والمعلومة، والاحترافية تكون أولى الضحايا"، يقول أحد المرشدين المحليين. جمعيات متهمة... وسلطات غائبة عدد من الأصوات داخل القطاع تتهم بعض الجمعيات بالتواطؤ، حيث تُمنح بطاقات الانتساب بشكل غير قانوني، وأحيانًا مقابل مبالغ مالية، دون احترام لشروط التعيين الترابي ولا ضوابط المزاولة. المرشدون يطالبون اليوم بتحقيق رسمي في هذه الانتسابات، ومساءلة الجهات التي تغضّ الطرف عن هذه الفوضى، والتي تهدد المهنة من الداخل. السياحة تتطور... والمهنة تتآكل في وقت تتغير فيه تطلعات السياح نحو تجارب غنية، وتفاعلية، ومستدامة، يواجه المرشدون الملتزمون خطر الإقصاء على يد فوضى تنظيمية تُفرّغ المهنة من معناها وقيمتها الثقافية. المرشدون يطالبون بالتحرك... الآن! دعوات متصاعدة لإيقاف النزيف: فتح تحقيق عاجل في الانتسابات العشوائية؛ توقيف غير الملتزمين بالتعيين الرسمي؛ إصلاح جذري لهياكل الجمعيات المهنية؛ وتدخل فعلي لوزارة السياحة وولاية الجهة قبل فوات الأوان."
ساحة

“الحق المهني المسلوب”: من يُسكت صوت المرشدين السياحيين؟
في قطاع يُعدّ من الركائز الأساسية للاقتصاد المحلي والوطني، يجد مئات المرشدين السياحيين بجهة مراكش-آسفي أنفسهم في مواجهة تحديات مهنية وإدارية متزايدة. وسط غياب آليات فعالة لحماية حقوقهم، تتعالى أصواتهم مطالبة بالإصلاح، لكن هل من مجيب؟ هذا المقال يعكس انشغالات مجموعة من المهنيين الذين يرون أن الممارسات التنظيمية الحالية تُقصيهم بدل أن تدمجهم، ويطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل المهنة، وهذا نص المقال:"في قلب القطاع السياحي بمراكش-آسفي، يعيش مئات المرشدين حالة من التهميش الممنهج، في ظل تراكم ممارسات إدارية وتنظيمية غير متوازنة، وغياب الآليات الفعالة التي تضمن العدالة المهنية. الوضع الحالي يفرض علينا طرح أسئلة جريئة: من يُراقب؟ من يُحاسب؟ ومن يُنصف من لا صوت له؟جمعية في وضعية مخالفة... بلا محاسبةللسنة الثالثة على التوالي، لم تعقد الجمعية الجهوية للمرشدين السياحيين أي جمع عام، ولم تُعرض أي تقارير مالية أو أدبية، ومع ذلك تواصل تحصيل واجبات الانخراط، وتسليم الشهادات وكأن شيئاً لم يكن.أين دور المراقبة؟ من يتحمل مسؤولية تفعيل آليات الشفافية الداخلية؟ أليس استمرار هذا الوضع يمثل خرقاً لمبادئ الحكامة المهنية؟التكوين الرقمي: برنامج غير منصف لفئة واسعةفرض شهادة التكوين الرقمي ضمن وثائق تجديد الاعتماد جاء بهدف التأهيل، لكنه لم يُرفق، حسب عدد من المهنيين، بآليات واقعية لضمان مشاركة حقيقية ومتساوية، مما خلق شعوراً بالإقصاء لدى شريحة واسعة من المرشدين:مشاركات شكلية أو بالنيابة.غياب دعم فعلي للفئات غير المتمكنة من التكنولوجيا.شهادة تُمنح دون تأكيد فعلي لاكتساب المهارات.النتيجة؟ تكوين تحوّل إلى عبء إداري لا يراعي خصوصية الميدان.تجديد الرخصة: منطق الورق أم منطق الكفاءة؟المرشدون يقدمون ملفاتهم كاملة، لكن العديد منهم يُدرك أن ما يُطلب ليس بالضرورة انعكاساً حقيقياً للخبرة أو القدرة. شهادات انخراط صادرة عن جمعيات غير مفعلة تنظيمياً، وشهادات تكوين دون مضمون فعلي، فهل هذه مؤشرات تأهيل حقيقية؟ أم مجرد إجراء شكلي؟الشهادة الطبية: سؤال حول العدالة المهنيةيشكل شرط الشهادة الطبية عائقاً أمام عدد من المرشدين الذين يعانون من أمراض مزمنة أو حالات صحية مؤقتة. فهل العجز المؤقت أو الإعاقة الخفيفة تعني بالضرورة عدم الأهلية؟ وهل من العدل أن يُقصى شخص فقط لأنه يخضع لعلاج منتظم أو يعيش مع إعاقة بسيطة لا تمنعه من أداء مهامه؟الضمان الاجتماعي: بين التعقيد والإجحافيعاني عدد من المرشدين السياحيين من صعوبات متزايدة في تسوية وضعيتهم مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في ظل غياب مواكبة فعلية تأخذ بعين الاعتبار طبيعة عملهم المستقل وغير المنتظم. ومن أبرز الإشكالات المطروحة:تعقيد مساطر الانتظام وتسديد المستحقات القديمة.تراكم مبالغ يصعب سدادها دفعة واحدة.وجود اقتطاعات بنكية غير دقيقة في بعض الحالات.تعرض المرشدين مزدوجي الجنسية لأداء مزدوج للواجبات دون تنسيق واضح بين الدول.هذا الوضع يُفاقم الهشاشة الاجتماعية للمرشدين، ويُفرغ التغطية الاجتماعية من مضمونها، ويُرسخ الإقصاء بدل الإدماج.مطالب مهنية ملحةافتحاص إداري ومالي للجمعية الجهوية ضماناً للشفافية.مراجعة آليات استخراج شهادات التكوين والانخراط.تيسير شروط الشهادة الطبية بشكل إنساني وعادل.فتح حوار مهني موسع لتصحيح المسار التنظيمي دون توتر أو صدام.رسالة مفتوحة لكل ضمير مهنيهذا المقال ليس مجرد وصف لاختلالات مهنية، بل هو نداء صادق يلامس كرامة كل مرشد سياحي. لسنا بصدد مطالب تعجيزية، بل نطالب فقط بما يضمن الاستمرارية في العمل بكرامة: تنظيم شفاف، تمثيلية شرعية، تكوين فعلي، وحماية اجتماعية عادلة.لقد طال الصمت، وكثُر التغاضي، وحان الوقت لنُعيد للمهنة صوتها ومكانتها. صوت المرشد ليس هامشيًا... إنه صوت الثقافة، والتاريخ، والانتماء."
ساحة

يونس مجاهد يكتب: مصداقية الخبر وطُعم النقرات
موضوع مصداقية الأخبار ليست جديدا في ثقافتنا، بل إنه متجذر فيها، وهناك مرجعيات كثيرة تحيلنا على الأهمية القصوى التي أوليت للفرق بين الخبر الصادق والخبر الكاذب في تراثنا، و لا أدل على ذلك من الآية الكريمة " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ". فالعودة لهذه المرجعيات سيكون مفيدا في مقاومة المد الجارف للتضليل والأخبار الملفقة والإثارة الرخيصة، التي يسعى تجار شبكات التواصل الاجتماعي إلى جعلها وسيلة للتشهير والإساءة، ومصدر اغتناء، غير عابئين بالقيم النبيلة التي من المفترض أن نتقاسمها كمجتمع. إن العودة إلى مرجعيتنا الحضارية والثقافية كفيل بأن يساهم إلى حد كبير في توفير وسائل وأدوات مقاومة الإتجار الرخيص في حرية التعبير، ففي مقدمة ابن خلدون التي أسست لعلم العمران البشري، هناك تدقيق مذهل لضرورة التمحيص في الأخبار، حيث يقول إنه من الضروري التمحيص والنظر في الخبر، حتى يتبين صدقه من كذبه، لأن الابتعاد عن الانتقاد والتمحيص يقع في قبول الكذب ونقله. ويضيف أن من الأسباب المقتضية للكذب في الأخبار، أيضا، الثقة بالناقلين، وتمحيص ذلك يرجع إلى التعديل والتجريح. ومنها الذهول عن المقاصد، فكثير من الناقلين لا يعرف القصد بما عاين أو سمع، وينقل الخبر على ما في ظنه وتخمينه، فيقع في الكذب. إن ابن خلدون، الذي سبق عصره، يتحدث هنا عن مصادر الأخبار، التي يعتبر أنه من غير الممكن تصديق ما تنقله بدون إعمال العقل النقدي. وهو من صميم العمل الصحافي، حيث أن التأكد من مصادر الأخبار ومدى مصداقيتها، هو جوهر المهنة، وهو أيضا ما يدرس اليوم في التربية على الإعلام، إذ أن أهم مبدأ يوصى به هو عدم تصديق أي "خبر"، إلا بعد التأكد من المصادر، أولا، ثم التمحيص والنظر في هذا الخبر، كما يقول ابن خلدون، ثانيا، لغربلته وإخضاعه للعقل والمنطق. وفي هذا الإطار، تؤكد التجربة، أنه لا يمكن للمجتمعات أن تستغني عن الصحافة المهنية، في تداول الأخبار، لأنها تكون صادرة عن صحافيين محترفين، يتوفرون على تكوين وخبرة ومستوى علمي، والأهم من ذلك، أنهم يشتغلون في بيئة صحافية، أي ضمن هيئة تحرير وميثاق أخلاقيات وقواعد العمل الصحافي. ولا يمكن لشبكات التواصل الاجتماعي أوما يسمي ب"المؤثرين"، أن تعوض العمل الصحافي الاحترافي، بحجة أنها "صحافة مستقلة"، فليس هناك إلا صحافة واحدة، إما أن تكون احترافية موضوعية وذات مصداقية، تعمل طبقا لأساسيات مهنة الصحافة وتقاليدها، أو لا تكون. الصحافي الحقيقي، كالمؤرخ، يقول عبد الله العروي، في كتابه "مفهوم التاريخ"، إذ يعتبر أن العديد من الملاحظين يشبهون الصحافي بالمؤرخ، فيقال إن الأول مؤرخ اللحظة، بينما الثاني صحافي الماضي، كلاهما يعتمد على مخبر، وكلاهما يؤول الخبر ليعطيه معنى، الفرق بينهما هو المهلة المخولة لكل واحد منهما، إذا ضاقت تحول المؤرخ إلى صحافي، وإذا عاد الصحافي إلى الأخبار وتأملها بعد مدة تحول إلى مؤرخ، أما إشكالية الموضوعية وحدود "إدراك الواقع كما حدث"، فهي واحدة بالنسبة لهما معا. والمقصود هنا، حسب العروي، هو أن كلا من الصحافي والمؤرخ، عليهما تحري الدقة في الأخبار والحوادث المنقولة، واعتماد المصادر الموثوقة، مثل التغطية الميدانية وشهود العيان أو معايشة الأحداث، بالإضافة إلى الوثائق والآثار الدالة على ما حصل... هذه هي الصحافة المستقلة، عن التلفيق والكذب والإثارة المجانية واستجداء عدد النقرات. ويعتبر اليوم "طُعم النقرات "clickbait، من الآفات الكبرى التي أصابت الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبح العديد ممن يسعون إلى تحقيق الأرباح، بأية وسيلة، اللجوء إلى تشويه الحقيقة وتقويض القيم الصحفية التقليدية، مثل الدقة والموضوعية والشفافية، همهم الوحيد هو الدخول في مهاترات وجدل عقيم، و اعتماد عناوين مثيرة، و كتابة أو بث كل ما يمكن أن يثير الفضول بدون معنى أو محتوى و بدون مصدر موثوق، كتاباتهم أو احاديثهم تتضمن تناقضات كثيرة، لكن كل ذلك يهون، بالنسبة لهم، أمام ما يمكن أن يحققونه من مداخيل. لذلك رفعت العديد من التنظيمات الصحافية في تجارب دولية، شعار؛ "لا تنقر"، أي تجنب طُعم الإثارة التجارية الرخيصة، التي تشوه الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي.
ساحة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الثلاثاء 22 أبريل 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة