ساحة

يدير اكيندي يكتب عن حق الأشخاص ذوي الإعاقة في عمل لائق


كشـ24 نشر في: 21 أبريل 2021

والعالم يخلد هذه الأيام عيد الشغل، ويحتفل بالعاملات والعمال، يحق لنا أن نتساءل عن شريحة المواطنات والمواطنين من ذوي الإعاقة وعن حقهن وحقهم في الولوج إلى الشغل. هل يمكنهم الحصول على فرص العمل دون إقصاء أو تمييز؟ هل هناك قوانين تحميهم؟ وهل يتم تنزيلها على أرض الواقع؟إن الحق في العمل حق أساسي من حقوق الإنسان، حيث يقر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بأن "كل فرد يملك الحق في العمل، وفي حرية اختيار عمله، وفي شروط عمل عادلة ومواتية، وفي الحماية من البطالة" (الفقرة 1 من المادة 23). والحق في العمل أساسي لإعمال حقوق أخرى من حقوق الإنسان، وهو جزء لا يتجزأ من كرامة الإنسان ومتأصل فيها. وعادة ما يوفر العمل سبل عيش الشخص وأسرته، كما يسهم، في حال اختيار العمل أو قبوله بحرية، في نمو الشخص والاعتراف به داخل المجتمع.وقد نص على الحق في العمل كحق من حقوق الإنسان في صكوك قانونية دولية عديدة، آخرها وأكثرها تفصيلاً اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (المادة 27). ويضمن العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الحق في العمل بمعنى عام (المادة 6). ويتناول بوضوح البعد الفردي للحق في العمل بالاعتراف بما لكل شخص من حق في التمتع بشروط عمل عادلة ومرضية، ولا سيما بظروف عمل تكفل السلامة (المادة 7). ويتم تناول البعد الجماعي للحق في العمل في المادة 8 من العهد التي تنص على حق كل شخص في تكوين النقابات وفي الانضمام إلى النقابة التي يختارها، فضلاً عن حق النقابات في ممارسة نشاطها بحرية.ويضمن الحقَّ في العمل أيضاً العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الفقرة 3(أ) من المادة 8)؛ والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (الفقرة (ﻫ)‘1‘من المادة 5)؛ واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (الفقرة 1(أ) من المادة 11)؛ واتفاقية حقوق الطفل (المادة 32)؛ والاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم (المواد 11 و25 و26 و40 و52 و54). وتعترف صكوك إقليمية عديدة بالحق في العمل في بعده العام، ومن بينها الميثاق الاجتماعي الأوروبي لعام 1961، والميثاق الاجتماعي الأوروبي المنقح لعام 1996 (المادة 1، الجزء الثاني)، والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب (المادة 15)؛ والبروتوكول الإضافي للاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (المادة 6). الميثاق العربي لحقوق الانسان 2004، حيث أكدت المادة 3 من الميثاق على ضمان تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بكافة الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا الميثاق دون تمييز. وأن تضمن الدولة المساواة الفعلية واتخاذ ما يلزم من تدابير الحماية من جميع أشكال التمييز، كما أكدت المادة 34 من الميثاق العربي لحقوق الانسان على حق الأشخاص ذوي الإعاقة بالعمل حيث نصت على أن: "العمل حق طبيعي لكل مواطن، وتعمل الدولة على توفير فرص العمل قدر الإمكان لأكبر عدد ممكن من المقبلين عليه، مع ضمان الإنتاج وحرية العمل وتكافؤ الفرص، ودون أي نوع من أنواع التمييز على أساس العرق أو اللون أو الجنس أو الدين أو اللغة أو الرأي السياسي أو الانتماء النقابي أو الأصل الوطني أو الأصل الاجتماعي أو الإعاقة أو أي وضع آخر" . وأكدت المادة 40 على أن " ... توفر الدول الأطراف كل الخدمات التعليمية المناسبة للأشخاص ذوي الإعاقات، آخذة بعين الاعتبار أهمية الدمج في النظام التعليمي، وأهمية التدريب، والتأهيل المهني، والإعداد لممارسة العمل، وتوفير العمل المناسب في القطاع الحكومي أو الخاص. وتؤكد هذه الصكوك جميعاً أن احترام الحق في العمل يلزم الدول الأطراف باتخاذ تدابير تهدف إلى تحقيق العمالة الكاملة.وقد اعتمدت منظمة العمل الدولية مجموعة واسعة من الصكوك ذات الصلة بالحق في العمل، بما في ذلك إعلان منظمة العمل الدولية بشأن المبادئ والحقوق الأساسية في العمل (1998) وإعلان منظمة العمل الدولية بشأن العدالة الاجتماعية من أجل عولمة منصفة (2008). وقد بلورت أيضاً مفهوم "العمل اللائق"، العمل اللائق يعرف بأنه العمل الذي يحترم الحقوق الأساسية للفرد كإنسان كما يحترم حقوق العاملين في إطار مجموعة من قواعد الأمان ومعايير لتحديد أجور مُجزية، مع مراعاة السلامة الجسدية والعقلية للعامل خلال تأديته لوظيفته استناداً إلى أن العمل مصدر للكرامة الشخصية والاستقرار الأسري والسلم في المجتمع والديمقراطيات التي تخدم شعوبها والنمو الاقتصادي الذي يوسع الفرص للأعمال المنتجة وتنمية المشاريع. وتوسعت لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أكثر في المفهوم في تعليقها العام رقم 18(2005) بشأن الحق في العمل، إذ ذكرت أن العمل اللائق هو عمل يراعي حقوق الإنسان الأساسية للأفراد ويوفر دخلاً يسمح للعمال بإعالة أنفسهم وأسرهم، كما يشمل احترام سلامة العمال البدنية والعقلية أثناء ممارستهم لعملهم (الفقرة 7).إن الحق في التشغيل يبرز كأحد أهم الحقوق التي توليها التشريعات اهتماما واضحا إذ انه يساعد على سرعة اندماج الأشخاص ذوي الإعاقة بالمجتمع الذي يعيشون فيه ويبدد شعورهم بالعزلة ويشعرهم بأهمية انفسهم وأسرهم، ويكسبهم القدرة على التحكم بزمام حياتهم واتخاذ قراراتهم كما إن هذا الحق يحظى بأهمية خاصة من جانب الدول والحكومات إذ يفتح الباب أمام طاقات معطلة يمكن أن تضاف للموارد البشرية للدولة كأحد مدخلات التنمية من أجل زيادة عجلة الإنتاج. لذلك نجد أن معظم الدول حرصت على التأكيد علي حقهم في الالتحاق بالعمل وتيسير إمكانية حصولهم على فرصة العمل.وشهدت الألفية الحالية دخول اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق ذوي الإعاقة حيز التنفيذ في 3 مايو 2008 والتي تم التوقيع عليها من طرف المغرب في 30 مارس 2009 والتي جاءت لتضع تنظيماً شاملاً وكاملاً لحقوق ذوي الإعاقة.وبالعودة الى الاتفاقية نجدها تؤكد على حق الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل، على قدم المساواة مع الآخرين؛ ويشمل هذا الحق إتاحة الفرصة لهم لكسب الرزق في عمل يختارونه أو يقبلونه بحرية في سوق عمل وبيئة عمل منفتحتين أمام الأشخاص ذوي الإعاقة وشاملتين لهم ويسهل انخراطهم فيهما. وتركز على أنه من واجب الدول الأطراف أن تحمي إعمال الحق في العمل وتعززه، بما في ذلك حق أولئك الذين تصيبهم الإعاقة خلال عملهم،وذلك عن طريق اتخاذ الخطوات المناسبة، بما في ذلك سن التشريعات، لتحقيق عدة أهداف منها ما يلي: ▪ حظر التمييز على أساس الإعاقة فيما يختص بجميع المسائل المتعلقة بكافة أشكال العمالة، ومنها شروط التوظيف والتعيين والعمل، واستمرار العمل، والتقدم الوظيفي، وظروف العمل الآمنة والصحية. ▪ حماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في ظروف عمل عادلة وملائمة، على قدم المساواة مع الآخرين، بما في ذلك تكافؤ الفرص وتقاضي أجر متساو لقاء القيام بعمل متساوي القيمة، وظروف العمل المأمونة والصحية، بما في ذلك الحماية من التحرش، والانتصاف من المظالم. ▪ كفالة تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من ممارسة حقوقهم العُمالية والنقابية على قدم المساواة مع الآخرين. ▪ تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من الحصول بصورة فعالة على البرامج العامة للتوجيه التقني والمهني، وخدمات التوظيف، والتدريب المهني والمستمر. ▪ تعزيز فرص العمل والتقدم الوظيفي للأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل، فضلا عن تقديم المساعدة على إيجاد العمل والحصول عليه والمداومة عليه والعودة إليه. ▪ تعزيز فرص العمل الحرّ، ومباشرة الأعمال الحرة، وتكوين التعاونيات، والشروع في الأعمال التجارية الخاصة. ▪ تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاع العام. ▪ تشجيع عمالة الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاع الخاص من خلال انتهاج سياسات واتخاذ تدابير مناسبة، قد تشمل البرامج التصحيحية، والحوافز، وغير ذلك من التدابير. ▪ كفالة توفير ترتيبات تيسيرية معقولة للأشخاص ذوي الإعاقة في أماكن العمل. ▪ تشجيع اكتساب الأشخاص ذوي الإعاقة للخبرات المهنية في سوق العمل المفتوحة؛ ▪ تعزيز برامج إعادة التأهيل المهني والوظيفي، والاحتفاظ بالوظائف، والعودة إلى العمل لصالح الأشخاص ذوي الإعاقة.وتبين المادة 27 من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة حقهم في العمل؛ وتشكل أحد المقتضيات الأكثر تفصيلاً في الاتفاقية، حيث تنشئ الإطار القانوني لالتزامات الدولة فيما يتصل بعمل وعمالة الأشخاص ذوي الإعاقة.وتلزم الفقرة 1 من المادة 27 من الاتفاقية الدول الأطراف بالاعتراف بحق الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل، على قدم المساواة مع الآخرين. وتذكر أن هذا الحق يشمل إتاحة الفرصة لهم لكسب الرزق في عمل يختارونه أو يقبلونه بحرية في سوق عمل وبيئة عمل منفتحتين أمام الأشخاص ذوي الإعاقة وشاملتين لهم ويسهل انخراطهم فيهما، وتبين قائمة مجملة لا حصرية من الخطوات التي يتعين على الدول الأطراف أن تنفذها، بوسائل منها سنّ التشريعات، لحماية إعمال الحق في العمل وتعزيزه، بما في ذلك حق من تصيبهم الإعاقة في العمل.ويرتب حق الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل التزاماً على الدول الأطراف بتهيئة بيئة مناسبة ومواتية لتوظيفهم، في القطاعين العام والخاص على السواء. ويشكل أرباب العمل الخواص المصدر الرئيسي لفرص العمل في اقتصاد قائم على السوق؛ وبهذه الصفة تقع عليهم مسؤولية إيجاد بيئة عمل ترحب بالأشخاص ذوي الإعاقة كعاملين. وتوجه المادة 27 من الاتفاقية الدول الأطراف في إعمال حق الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل عن طريق جملة أمور، منها المعايير التالية:1. عدم التمييز: يسري المبدأ العام لعدم التمييز على العمالة كما يسري على جميع مجالات الحياة الأخرى؛ وللأشخاص ذوي الإعاقة الحق في العمل على قدم المساواة مع الآخرين؛ 2. إمكانية الوصول: يشكل حق الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل فرصة لكسب الرزق في بيئة عمل ميسر وصولهم إليها. ويتعلق تيسير إمكانية الوصول إلى مكان العمل بتحديد الحواجز التي تعيق إنجاز الأشخاص ذوي الإعاقة لعملهم على قدم المساواة مع الآخرين وإزالتها؛ 3. ترتيبات تيسيرية معقولة: لتيسير وصول الأشخاص ذوي الإعاقة إلى العمل على قدم المساواة مع الآخرين، يجب على الدول الأطراف كفالة توفير ترتيبات تيسيرية معقولة للأشخاص ذوي الإعاقة الذين يطلبونها، واتخاذ خطوات فعالة، بما في ذلك عن طريق التشريع، لضمان اعتبار الحرمان من ترتيبات تيسيرية معقولة تمييزاً؛ 4. التدابير الإيجابية: إضافة إلى واجب فرض التزامات على أرباب العمل في القطاع الخاص، ينبغي للدول اعتماد تدابير إيجابية لتعزيز فرص عمل الأشخاص ذوي الإعاقة. وتعد عملية مواءمة المعايير والممارسة الوطنية مع الاتفاقية إحدى تدابير التنفيذ الرئيسية التي على الدول الأطراف اتخاذها، بما في ذلك عند تشجيع عمل وعمالة الأشخاص ذوي الإعاقة. وفي هذا الصدد، تفرض الاتفاقية التزامين عامين على الدول الأطراف (الفقرتان الفرعيتان 1(أ) و(ب) من المادة 4): 1. اتخاذ جميع التدابير الملائمة، التشريعية والإدارية وغيرها من التدابير، لإنفاذ الحقوق المعترف بها في هذه الاتفاقية التي لها صلة بالعمل والعمالة؛ 2. اتخاذ جميع التدابير الملائمة، بما فيها التشريع، لتعديل أو إلغاء ما يوجد من القوانين واللوائح والأعراف والممارسات التي تشكل تمييزاً ضد الأشخاص ذوي الإعاقة في مجالي العمل والعمالة.وهناك طرق عديدة لضمان حق الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل في الإطار القانوني. ويمكن أن تشمل هذه الطرق، إجمالاً لا حصراً، الحماية الدستورية وقوانين العجز الكامل وقوانين حقوق الإنسان وقوانين مناهضة التمييز وقوانين العمل. كما أشير إلى أنه بدأنا نلاحظ ميلاد العديد من قوانين العمل التي تتضمن أحكاماً محددة بشأن حق الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل أو إلى قوانين الإعاقة التي تتضمن أحكاماً عن العمل والعمالة. وكثيراً ما توجد، إلى جانب التشريع الأساسي. إن تفعيل الحق في الولوج الى العمل للأشخاص ذوي الإعاقة يمر اساسا وبالضرورة بتمكينهم من حقوق اخرى، وهو ما اكدت عليه المادة 27 وغيرها من أحكام الاتفاقية الدولية.ويتوقف الإعمال الكامل لأحكام المادة 27 من الاتفاقية بشأن العمل والعمالة على تنفيذ المواد التالية من الاتفاقية، في جملة مواد أخرى، ويرتبط به ارتباطاً وثيقاً:1. المادة 8 التي تلزم الدول الأطراف باتخاذ تدابير لإذكاء الوعي في المجتمع بأسره بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ومكافحة القوالب النمطية والأفكار المسبقة والممارسات الضارة المتعلقة بالأشخاص ذوي الإعاقة في جميع مجالات الحياة؛ 2. المادة 9 التي تلزم الدول الأطراف باتخاذ التدابير المناسبة التي تكفل إمكانية وصول الأشخاص ذوي الإعاقة، على قدم المساواة، إلى البيئة المادية المحيطة ووسائل النقل والمعلومات والاتصالات، بما في ذلك تكنولوجيات ونظم المعلومات والاتصال، والمرافق والخدمات الأخرى المتاحة لعامة الجمهور أو المقدمة إليه، وتحديد العقبات والمعوقات أمام إمكانية الوصول وإزالتها؛ 3. المادة 12 التي تنص على أن تؤكد الدول الأطراف من جديد حق الأشخاص ذوي الإعاقة في الاعتراف بهم في كل مكان كأشخاص أمام القانون، والإقرار بتمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بأهلية قانونية على قدم المساواة مع الآخرين في جميع مناحي الحياة؛ 4. المادة 17 التي تنص على أن لكل شخص ذي إعاقة الحق في احترام سلامته البدنية والعقلية على قدم المساواة مع الآخرين؛ 5. المادة 20 التي تلزم الدول الأطراف باتخاذ تدابير تكفل للأشخاص ذوي الإعاقة حرية التنقل بأكبر قدر ممكن من الاستقلالية؛ 6. المادة 24 التي تلزم الدول الأطراف بالتسليم بحق الأشخاص ذوي الإعاقة في التعليم، دون تمييز وعلى أساس تكافؤ الفرص في نظام تعليمي جامع على جميع المستويات؛ 7. المادة 26 التي تلزم الدول الأطراف بتوفير خدمات وبرامج شاملة للتأهيل وإعادة التأهيل وتعزيزها وتوسيع نطاقها، وبخاصة في مجال العمل.وفيما يتعلق بقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة وخاصة حقهم في العمل اللائق وما يتصل به فقد أقرت منظمة العمل الدولية وصيتين واتفاقية واحدة للتأكيد على حق الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل، مع ضمان تهيئة الظروف الملائمة لتحقيق المشاركة الكاملة لهم في المجتمع. فقد تبنى المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في العام 1955 التوصية رقم 99 الخاصة بالتأهيل المهني للمعوقين، وأرست هذه التوصية الخطوات الأولى على طريق ضمان حق الأشخاص المعوقين في المشاركة الكاملة في فرص التدريب والعمل. وخدمات التأهيل المهني لكل الأشخاص المعوقين أياً كان سبب وطابع عجزهم لتيسير إعدادهم لعمل مناسب، بالإضافة إلى ضرورة إلزام أصحاب العمل بتشغيل نسبة مئوية من الأشخاص المعوقين، والعمل على تحسين ظروف العمل بما في ذلك تعديل وتكييف الآلات والأجهزة ومكان العمل لاستخدام الأشخاص المعوقين. في حين تؤكد التوصية رقم 168 على ضرورة أن يتمتع العمال من الأشخاص ذوي الإعاقة بالمساواة في الفرص والمعاملة من حيث إمكانية الوصول إلى العمل والاحتفاظ به، فضلا عن توفير خدمات التأهيل المهني للأشخاص ذوي الإعاقة في المناطق النائية والمناطق الريفية بنفس المستوى والشروط المتوفرة في المناطق الحضرية. إضافة إلى التأكيد على ضرورة إزالة كافة المعوقات والحواجز المادية والمعمارية التي تحد من حرية حركة الأشخاص ذوي الإعاقة مع تيسير وسائل نقل كافية من مكان التأهيل والعمل وفقاً لاحتياجاتهم. وعليه في ضوء ما سبق يمكننا ان تتساءل عن كيف هو واقع تشغيل الاشخاص المعاقين بالمغرب؟؟ وماهي مختلف المقتضيات القانونية التي تؤطر هذه المسألة؟لقد عمل المشرع المغربي على سن مجموعة من المقتضيات القانونية التي تهم تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة بالمغرب من بينهم مدونة الشغل التي نصت على مجموعة من الحقوق التي يحب أن يتمتع بها الاجير المعاق كسائر الاجراء العاديين دون تمييز بسبب الإعاقة كما نصت على ذلك المادة9 من مدونة الشغل وايضا الزامية التصريح بالشخص المعاق لدى العون المكلف بتفتيش الشغل كما جاء في المادة135من نفس المدونة ،وكذلك الزم المشرع المغربي المشغل بعرض الاجير المعاق على الفحص الطبي والذي يجرى بعد ذلك بشكل دوري كل سنة من الشغل من طرف طبيب الشغل كما جاء في المادة 168 من مدونة الشغل. وعلى غرار باقي الاجراء تدخل المشرع المغربي لحماية هذه الفئة ومنعهم من مزاولة مجموعة من الأعمال التي من شأنها أن تؤذي الى الاضرار بصحتهم وبالتالي تشكل خطورة عليهم. وقد نصت المادة167 على مجموعة الاشغال الممنوعة عن ذوي الإعاقة : - التشغيل في المقالع - الاشغال الجوفية التي تؤدى في اغوار المناجم - جميع الاعمال التي تعيق نموهم او تساهم في تفاقم اعاقتهم وبصفة عامة يمنع تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة في كل عمل قد يؤدي الى المس بسلامتهم الجسدية او تفاقم اعاقتهم او تحميلهم عمل فوق طاقتهموقد احتلت مدونة الشغل على لائحة هذه الأعمال على نص تنظيمي كمل جاء في المادة 181 من مدونة الشغل. وكذلك أكد المشرع المغربي على انه لا تعد الإعاقة مبررا من مبررات الفصل من الشغل، ويأتي هذا حماية للأجير المعاق من تسعف المشغل من جهة ومن جهة أخرى ضمان استقرار الاجير في شغله، كما تنص المادة 166، من مدونة الشغل على احتفاظ كل أجير أصبح معاقا بشغله حيث يسند إليه شغل يلائم نوع إعاقته بعد إعادة تأهيله، الا إذا تعذر ذلك لحظة الإعاقة او لطبيعة الشغل، وذلك بعد أخذ راي طبيب الشغل او لجنة السلامة لحفظ الصحة. كل هذه المقتضيات القانونية الواردة في مدونة الشغل او في قوانين أخرى خاصة بهذه الفئة تهدف بالأساس الى إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في سوق الشغل وتمكينهم من هذا الحق.ورغم كل المجهودات المبذولة في هذا المجال سواء على المستوى التشريعي او على مستوى خلق مبادرات تهدف إلى تأهيل وادماج هذه الفئة في سوق الشغل، فانه لاتزال شريحة عريضة منهم تعاني البطالة والتهميش والاقصاء. لذلك يجب على السلطات العمومية العمل على تكتيف الجهود من أجل القضاء على البطالة في صفوف هذه الفئة او على الاقل التخفيف من حدتها عبر تشجيع الأشخاص ذوي الإعاقة على التشغيل الذاتي وكذلك تخويلهم من الدعم في إطار المشاريع المدرة للدخل؛ او منحنهم قروضا بشروط تفصيلية لأجل دعم مقاولاتهم وكذا مواكبة مشاريعهم حتى تنجح وتحقق الربح.لذا فالدولة المغربية مطالبة بالوفاء بتعهداتها والتزاماتها وذلك بإعمال ما ورد في هذه المواثيق والاتفاقيات بما يضمن اتخاذ كافة التدابير المناسبة والفورية لضمان تمتع الأشخاص ذوي الاعاقة بما كفلته لهم هذه المواثيق فضلاً عن مجمل النصوص والقواعد التي تضمنتها التشريعات الوطنية المعايير الدولية. إن تعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ودمجهم الشامل في المجتمع كمدراء، وموظفين وعاملين وموردين ومستهلكين يحقق نجاحا ثلاثي الابعاد، فهو فوز للشخص وربح للمشغل ونجاح للمجتمع ككل.يدير اكيندي خبير في الاعاقة.

والعالم يخلد هذه الأيام عيد الشغل، ويحتفل بالعاملات والعمال، يحق لنا أن نتساءل عن شريحة المواطنات والمواطنين من ذوي الإعاقة وعن حقهن وحقهم في الولوج إلى الشغل. هل يمكنهم الحصول على فرص العمل دون إقصاء أو تمييز؟ هل هناك قوانين تحميهم؟ وهل يتم تنزيلها على أرض الواقع؟إن الحق في العمل حق أساسي من حقوق الإنسان، حيث يقر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بأن "كل فرد يملك الحق في العمل، وفي حرية اختيار عمله، وفي شروط عمل عادلة ومواتية، وفي الحماية من البطالة" (الفقرة 1 من المادة 23). والحق في العمل أساسي لإعمال حقوق أخرى من حقوق الإنسان، وهو جزء لا يتجزأ من كرامة الإنسان ومتأصل فيها. وعادة ما يوفر العمل سبل عيش الشخص وأسرته، كما يسهم، في حال اختيار العمل أو قبوله بحرية، في نمو الشخص والاعتراف به داخل المجتمع.وقد نص على الحق في العمل كحق من حقوق الإنسان في صكوك قانونية دولية عديدة، آخرها وأكثرها تفصيلاً اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (المادة 27). ويضمن العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الحق في العمل بمعنى عام (المادة 6). ويتناول بوضوح البعد الفردي للحق في العمل بالاعتراف بما لكل شخص من حق في التمتع بشروط عمل عادلة ومرضية، ولا سيما بظروف عمل تكفل السلامة (المادة 7). ويتم تناول البعد الجماعي للحق في العمل في المادة 8 من العهد التي تنص على حق كل شخص في تكوين النقابات وفي الانضمام إلى النقابة التي يختارها، فضلاً عن حق النقابات في ممارسة نشاطها بحرية.ويضمن الحقَّ في العمل أيضاً العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الفقرة 3(أ) من المادة 8)؛ والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (الفقرة (ﻫ)‘1‘من المادة 5)؛ واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (الفقرة 1(أ) من المادة 11)؛ واتفاقية حقوق الطفل (المادة 32)؛ والاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم (المواد 11 و25 و26 و40 و52 و54). وتعترف صكوك إقليمية عديدة بالحق في العمل في بعده العام، ومن بينها الميثاق الاجتماعي الأوروبي لعام 1961، والميثاق الاجتماعي الأوروبي المنقح لعام 1996 (المادة 1، الجزء الثاني)، والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب (المادة 15)؛ والبروتوكول الإضافي للاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (المادة 6). الميثاق العربي لحقوق الانسان 2004، حيث أكدت المادة 3 من الميثاق على ضمان تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بكافة الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا الميثاق دون تمييز. وأن تضمن الدولة المساواة الفعلية واتخاذ ما يلزم من تدابير الحماية من جميع أشكال التمييز، كما أكدت المادة 34 من الميثاق العربي لحقوق الانسان على حق الأشخاص ذوي الإعاقة بالعمل حيث نصت على أن: "العمل حق طبيعي لكل مواطن، وتعمل الدولة على توفير فرص العمل قدر الإمكان لأكبر عدد ممكن من المقبلين عليه، مع ضمان الإنتاج وحرية العمل وتكافؤ الفرص، ودون أي نوع من أنواع التمييز على أساس العرق أو اللون أو الجنس أو الدين أو اللغة أو الرأي السياسي أو الانتماء النقابي أو الأصل الوطني أو الأصل الاجتماعي أو الإعاقة أو أي وضع آخر" . وأكدت المادة 40 على أن " ... توفر الدول الأطراف كل الخدمات التعليمية المناسبة للأشخاص ذوي الإعاقات، آخذة بعين الاعتبار أهمية الدمج في النظام التعليمي، وأهمية التدريب، والتأهيل المهني، والإعداد لممارسة العمل، وتوفير العمل المناسب في القطاع الحكومي أو الخاص. وتؤكد هذه الصكوك جميعاً أن احترام الحق في العمل يلزم الدول الأطراف باتخاذ تدابير تهدف إلى تحقيق العمالة الكاملة.وقد اعتمدت منظمة العمل الدولية مجموعة واسعة من الصكوك ذات الصلة بالحق في العمل، بما في ذلك إعلان منظمة العمل الدولية بشأن المبادئ والحقوق الأساسية في العمل (1998) وإعلان منظمة العمل الدولية بشأن العدالة الاجتماعية من أجل عولمة منصفة (2008). وقد بلورت أيضاً مفهوم "العمل اللائق"، العمل اللائق يعرف بأنه العمل الذي يحترم الحقوق الأساسية للفرد كإنسان كما يحترم حقوق العاملين في إطار مجموعة من قواعد الأمان ومعايير لتحديد أجور مُجزية، مع مراعاة السلامة الجسدية والعقلية للعامل خلال تأديته لوظيفته استناداً إلى أن العمل مصدر للكرامة الشخصية والاستقرار الأسري والسلم في المجتمع والديمقراطيات التي تخدم شعوبها والنمو الاقتصادي الذي يوسع الفرص للأعمال المنتجة وتنمية المشاريع. وتوسعت لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أكثر في المفهوم في تعليقها العام رقم 18(2005) بشأن الحق في العمل، إذ ذكرت أن العمل اللائق هو عمل يراعي حقوق الإنسان الأساسية للأفراد ويوفر دخلاً يسمح للعمال بإعالة أنفسهم وأسرهم، كما يشمل احترام سلامة العمال البدنية والعقلية أثناء ممارستهم لعملهم (الفقرة 7).إن الحق في التشغيل يبرز كأحد أهم الحقوق التي توليها التشريعات اهتماما واضحا إذ انه يساعد على سرعة اندماج الأشخاص ذوي الإعاقة بالمجتمع الذي يعيشون فيه ويبدد شعورهم بالعزلة ويشعرهم بأهمية انفسهم وأسرهم، ويكسبهم القدرة على التحكم بزمام حياتهم واتخاذ قراراتهم كما إن هذا الحق يحظى بأهمية خاصة من جانب الدول والحكومات إذ يفتح الباب أمام طاقات معطلة يمكن أن تضاف للموارد البشرية للدولة كأحد مدخلات التنمية من أجل زيادة عجلة الإنتاج. لذلك نجد أن معظم الدول حرصت على التأكيد علي حقهم في الالتحاق بالعمل وتيسير إمكانية حصولهم على فرصة العمل.وشهدت الألفية الحالية دخول اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق ذوي الإعاقة حيز التنفيذ في 3 مايو 2008 والتي تم التوقيع عليها من طرف المغرب في 30 مارس 2009 والتي جاءت لتضع تنظيماً شاملاً وكاملاً لحقوق ذوي الإعاقة.وبالعودة الى الاتفاقية نجدها تؤكد على حق الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل، على قدم المساواة مع الآخرين؛ ويشمل هذا الحق إتاحة الفرصة لهم لكسب الرزق في عمل يختارونه أو يقبلونه بحرية في سوق عمل وبيئة عمل منفتحتين أمام الأشخاص ذوي الإعاقة وشاملتين لهم ويسهل انخراطهم فيهما. وتركز على أنه من واجب الدول الأطراف أن تحمي إعمال الحق في العمل وتعززه، بما في ذلك حق أولئك الذين تصيبهم الإعاقة خلال عملهم،وذلك عن طريق اتخاذ الخطوات المناسبة، بما في ذلك سن التشريعات، لتحقيق عدة أهداف منها ما يلي: ▪ حظر التمييز على أساس الإعاقة فيما يختص بجميع المسائل المتعلقة بكافة أشكال العمالة، ومنها شروط التوظيف والتعيين والعمل، واستمرار العمل، والتقدم الوظيفي، وظروف العمل الآمنة والصحية. ▪ حماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في ظروف عمل عادلة وملائمة، على قدم المساواة مع الآخرين، بما في ذلك تكافؤ الفرص وتقاضي أجر متساو لقاء القيام بعمل متساوي القيمة، وظروف العمل المأمونة والصحية، بما في ذلك الحماية من التحرش، والانتصاف من المظالم. ▪ كفالة تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من ممارسة حقوقهم العُمالية والنقابية على قدم المساواة مع الآخرين. ▪ تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من الحصول بصورة فعالة على البرامج العامة للتوجيه التقني والمهني، وخدمات التوظيف، والتدريب المهني والمستمر. ▪ تعزيز فرص العمل والتقدم الوظيفي للأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل، فضلا عن تقديم المساعدة على إيجاد العمل والحصول عليه والمداومة عليه والعودة إليه. ▪ تعزيز فرص العمل الحرّ، ومباشرة الأعمال الحرة، وتكوين التعاونيات، والشروع في الأعمال التجارية الخاصة. ▪ تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاع العام. ▪ تشجيع عمالة الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاع الخاص من خلال انتهاج سياسات واتخاذ تدابير مناسبة، قد تشمل البرامج التصحيحية، والحوافز، وغير ذلك من التدابير. ▪ كفالة توفير ترتيبات تيسيرية معقولة للأشخاص ذوي الإعاقة في أماكن العمل. ▪ تشجيع اكتساب الأشخاص ذوي الإعاقة للخبرات المهنية في سوق العمل المفتوحة؛ ▪ تعزيز برامج إعادة التأهيل المهني والوظيفي، والاحتفاظ بالوظائف، والعودة إلى العمل لصالح الأشخاص ذوي الإعاقة.وتبين المادة 27 من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة حقهم في العمل؛ وتشكل أحد المقتضيات الأكثر تفصيلاً في الاتفاقية، حيث تنشئ الإطار القانوني لالتزامات الدولة فيما يتصل بعمل وعمالة الأشخاص ذوي الإعاقة.وتلزم الفقرة 1 من المادة 27 من الاتفاقية الدول الأطراف بالاعتراف بحق الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل، على قدم المساواة مع الآخرين. وتذكر أن هذا الحق يشمل إتاحة الفرصة لهم لكسب الرزق في عمل يختارونه أو يقبلونه بحرية في سوق عمل وبيئة عمل منفتحتين أمام الأشخاص ذوي الإعاقة وشاملتين لهم ويسهل انخراطهم فيهما، وتبين قائمة مجملة لا حصرية من الخطوات التي يتعين على الدول الأطراف أن تنفذها، بوسائل منها سنّ التشريعات، لحماية إعمال الحق في العمل وتعزيزه، بما في ذلك حق من تصيبهم الإعاقة في العمل.ويرتب حق الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل التزاماً على الدول الأطراف بتهيئة بيئة مناسبة ومواتية لتوظيفهم، في القطاعين العام والخاص على السواء. ويشكل أرباب العمل الخواص المصدر الرئيسي لفرص العمل في اقتصاد قائم على السوق؛ وبهذه الصفة تقع عليهم مسؤولية إيجاد بيئة عمل ترحب بالأشخاص ذوي الإعاقة كعاملين. وتوجه المادة 27 من الاتفاقية الدول الأطراف في إعمال حق الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل عن طريق جملة أمور، منها المعايير التالية:1. عدم التمييز: يسري المبدأ العام لعدم التمييز على العمالة كما يسري على جميع مجالات الحياة الأخرى؛ وللأشخاص ذوي الإعاقة الحق في العمل على قدم المساواة مع الآخرين؛ 2. إمكانية الوصول: يشكل حق الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل فرصة لكسب الرزق في بيئة عمل ميسر وصولهم إليها. ويتعلق تيسير إمكانية الوصول إلى مكان العمل بتحديد الحواجز التي تعيق إنجاز الأشخاص ذوي الإعاقة لعملهم على قدم المساواة مع الآخرين وإزالتها؛ 3. ترتيبات تيسيرية معقولة: لتيسير وصول الأشخاص ذوي الإعاقة إلى العمل على قدم المساواة مع الآخرين، يجب على الدول الأطراف كفالة توفير ترتيبات تيسيرية معقولة للأشخاص ذوي الإعاقة الذين يطلبونها، واتخاذ خطوات فعالة، بما في ذلك عن طريق التشريع، لضمان اعتبار الحرمان من ترتيبات تيسيرية معقولة تمييزاً؛ 4. التدابير الإيجابية: إضافة إلى واجب فرض التزامات على أرباب العمل في القطاع الخاص، ينبغي للدول اعتماد تدابير إيجابية لتعزيز فرص عمل الأشخاص ذوي الإعاقة. وتعد عملية مواءمة المعايير والممارسة الوطنية مع الاتفاقية إحدى تدابير التنفيذ الرئيسية التي على الدول الأطراف اتخاذها، بما في ذلك عند تشجيع عمل وعمالة الأشخاص ذوي الإعاقة. وفي هذا الصدد، تفرض الاتفاقية التزامين عامين على الدول الأطراف (الفقرتان الفرعيتان 1(أ) و(ب) من المادة 4): 1. اتخاذ جميع التدابير الملائمة، التشريعية والإدارية وغيرها من التدابير، لإنفاذ الحقوق المعترف بها في هذه الاتفاقية التي لها صلة بالعمل والعمالة؛ 2. اتخاذ جميع التدابير الملائمة، بما فيها التشريع، لتعديل أو إلغاء ما يوجد من القوانين واللوائح والأعراف والممارسات التي تشكل تمييزاً ضد الأشخاص ذوي الإعاقة في مجالي العمل والعمالة.وهناك طرق عديدة لضمان حق الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل في الإطار القانوني. ويمكن أن تشمل هذه الطرق، إجمالاً لا حصراً، الحماية الدستورية وقوانين العجز الكامل وقوانين حقوق الإنسان وقوانين مناهضة التمييز وقوانين العمل. كما أشير إلى أنه بدأنا نلاحظ ميلاد العديد من قوانين العمل التي تتضمن أحكاماً محددة بشأن حق الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل أو إلى قوانين الإعاقة التي تتضمن أحكاماً عن العمل والعمالة. وكثيراً ما توجد، إلى جانب التشريع الأساسي. إن تفعيل الحق في الولوج الى العمل للأشخاص ذوي الإعاقة يمر اساسا وبالضرورة بتمكينهم من حقوق اخرى، وهو ما اكدت عليه المادة 27 وغيرها من أحكام الاتفاقية الدولية.ويتوقف الإعمال الكامل لأحكام المادة 27 من الاتفاقية بشأن العمل والعمالة على تنفيذ المواد التالية من الاتفاقية، في جملة مواد أخرى، ويرتبط به ارتباطاً وثيقاً:1. المادة 8 التي تلزم الدول الأطراف باتخاذ تدابير لإذكاء الوعي في المجتمع بأسره بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ومكافحة القوالب النمطية والأفكار المسبقة والممارسات الضارة المتعلقة بالأشخاص ذوي الإعاقة في جميع مجالات الحياة؛ 2. المادة 9 التي تلزم الدول الأطراف باتخاذ التدابير المناسبة التي تكفل إمكانية وصول الأشخاص ذوي الإعاقة، على قدم المساواة، إلى البيئة المادية المحيطة ووسائل النقل والمعلومات والاتصالات، بما في ذلك تكنولوجيات ونظم المعلومات والاتصال، والمرافق والخدمات الأخرى المتاحة لعامة الجمهور أو المقدمة إليه، وتحديد العقبات والمعوقات أمام إمكانية الوصول وإزالتها؛ 3. المادة 12 التي تنص على أن تؤكد الدول الأطراف من جديد حق الأشخاص ذوي الإعاقة في الاعتراف بهم في كل مكان كأشخاص أمام القانون، والإقرار بتمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بأهلية قانونية على قدم المساواة مع الآخرين في جميع مناحي الحياة؛ 4. المادة 17 التي تنص على أن لكل شخص ذي إعاقة الحق في احترام سلامته البدنية والعقلية على قدم المساواة مع الآخرين؛ 5. المادة 20 التي تلزم الدول الأطراف باتخاذ تدابير تكفل للأشخاص ذوي الإعاقة حرية التنقل بأكبر قدر ممكن من الاستقلالية؛ 6. المادة 24 التي تلزم الدول الأطراف بالتسليم بحق الأشخاص ذوي الإعاقة في التعليم، دون تمييز وعلى أساس تكافؤ الفرص في نظام تعليمي جامع على جميع المستويات؛ 7. المادة 26 التي تلزم الدول الأطراف بتوفير خدمات وبرامج شاملة للتأهيل وإعادة التأهيل وتعزيزها وتوسيع نطاقها، وبخاصة في مجال العمل.وفيما يتعلق بقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة وخاصة حقهم في العمل اللائق وما يتصل به فقد أقرت منظمة العمل الدولية وصيتين واتفاقية واحدة للتأكيد على حق الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل، مع ضمان تهيئة الظروف الملائمة لتحقيق المشاركة الكاملة لهم في المجتمع. فقد تبنى المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في العام 1955 التوصية رقم 99 الخاصة بالتأهيل المهني للمعوقين، وأرست هذه التوصية الخطوات الأولى على طريق ضمان حق الأشخاص المعوقين في المشاركة الكاملة في فرص التدريب والعمل. وخدمات التأهيل المهني لكل الأشخاص المعوقين أياً كان سبب وطابع عجزهم لتيسير إعدادهم لعمل مناسب، بالإضافة إلى ضرورة إلزام أصحاب العمل بتشغيل نسبة مئوية من الأشخاص المعوقين، والعمل على تحسين ظروف العمل بما في ذلك تعديل وتكييف الآلات والأجهزة ومكان العمل لاستخدام الأشخاص المعوقين. في حين تؤكد التوصية رقم 168 على ضرورة أن يتمتع العمال من الأشخاص ذوي الإعاقة بالمساواة في الفرص والمعاملة من حيث إمكانية الوصول إلى العمل والاحتفاظ به، فضلا عن توفير خدمات التأهيل المهني للأشخاص ذوي الإعاقة في المناطق النائية والمناطق الريفية بنفس المستوى والشروط المتوفرة في المناطق الحضرية. إضافة إلى التأكيد على ضرورة إزالة كافة المعوقات والحواجز المادية والمعمارية التي تحد من حرية حركة الأشخاص ذوي الإعاقة مع تيسير وسائل نقل كافية من مكان التأهيل والعمل وفقاً لاحتياجاتهم. وعليه في ضوء ما سبق يمكننا ان تتساءل عن كيف هو واقع تشغيل الاشخاص المعاقين بالمغرب؟؟ وماهي مختلف المقتضيات القانونية التي تؤطر هذه المسألة؟لقد عمل المشرع المغربي على سن مجموعة من المقتضيات القانونية التي تهم تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة بالمغرب من بينهم مدونة الشغل التي نصت على مجموعة من الحقوق التي يحب أن يتمتع بها الاجير المعاق كسائر الاجراء العاديين دون تمييز بسبب الإعاقة كما نصت على ذلك المادة9 من مدونة الشغل وايضا الزامية التصريح بالشخص المعاق لدى العون المكلف بتفتيش الشغل كما جاء في المادة135من نفس المدونة ،وكذلك الزم المشرع المغربي المشغل بعرض الاجير المعاق على الفحص الطبي والذي يجرى بعد ذلك بشكل دوري كل سنة من الشغل من طرف طبيب الشغل كما جاء في المادة 168 من مدونة الشغل. وعلى غرار باقي الاجراء تدخل المشرع المغربي لحماية هذه الفئة ومنعهم من مزاولة مجموعة من الأعمال التي من شأنها أن تؤذي الى الاضرار بصحتهم وبالتالي تشكل خطورة عليهم. وقد نصت المادة167 على مجموعة الاشغال الممنوعة عن ذوي الإعاقة : - التشغيل في المقالع - الاشغال الجوفية التي تؤدى في اغوار المناجم - جميع الاعمال التي تعيق نموهم او تساهم في تفاقم اعاقتهم وبصفة عامة يمنع تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة في كل عمل قد يؤدي الى المس بسلامتهم الجسدية او تفاقم اعاقتهم او تحميلهم عمل فوق طاقتهموقد احتلت مدونة الشغل على لائحة هذه الأعمال على نص تنظيمي كمل جاء في المادة 181 من مدونة الشغل. وكذلك أكد المشرع المغربي على انه لا تعد الإعاقة مبررا من مبررات الفصل من الشغل، ويأتي هذا حماية للأجير المعاق من تسعف المشغل من جهة ومن جهة أخرى ضمان استقرار الاجير في شغله، كما تنص المادة 166، من مدونة الشغل على احتفاظ كل أجير أصبح معاقا بشغله حيث يسند إليه شغل يلائم نوع إعاقته بعد إعادة تأهيله، الا إذا تعذر ذلك لحظة الإعاقة او لطبيعة الشغل، وذلك بعد أخذ راي طبيب الشغل او لجنة السلامة لحفظ الصحة. كل هذه المقتضيات القانونية الواردة في مدونة الشغل او في قوانين أخرى خاصة بهذه الفئة تهدف بالأساس الى إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في سوق الشغل وتمكينهم من هذا الحق.ورغم كل المجهودات المبذولة في هذا المجال سواء على المستوى التشريعي او على مستوى خلق مبادرات تهدف إلى تأهيل وادماج هذه الفئة في سوق الشغل، فانه لاتزال شريحة عريضة منهم تعاني البطالة والتهميش والاقصاء. لذلك يجب على السلطات العمومية العمل على تكتيف الجهود من أجل القضاء على البطالة في صفوف هذه الفئة او على الاقل التخفيف من حدتها عبر تشجيع الأشخاص ذوي الإعاقة على التشغيل الذاتي وكذلك تخويلهم من الدعم في إطار المشاريع المدرة للدخل؛ او منحنهم قروضا بشروط تفصيلية لأجل دعم مقاولاتهم وكذا مواكبة مشاريعهم حتى تنجح وتحقق الربح.لذا فالدولة المغربية مطالبة بالوفاء بتعهداتها والتزاماتها وذلك بإعمال ما ورد في هذه المواثيق والاتفاقيات بما يضمن اتخاذ كافة التدابير المناسبة والفورية لضمان تمتع الأشخاص ذوي الاعاقة بما كفلته لهم هذه المواثيق فضلاً عن مجمل النصوص والقواعد التي تضمنتها التشريعات الوطنية المعايير الدولية. إن تعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ودمجهم الشامل في المجتمع كمدراء، وموظفين وعاملين وموردين ومستهلكين يحقق نجاحا ثلاثي الابعاد، فهو فوز للشخص وربح للمشغل ونجاح للمجتمع ككل.يدير اكيندي خبير في الاعاقة.


ملصقات


اقرأ أيضاً
يدير اكيندي يكتب عن مافيا الماستر: حين تتحول الجامعة من منارة للعلم إلى سوق نخاسة لبيع الذمم
يدير اكيندي الفساد يضرب قلب التعليم العالي… ومصداقية الوطن على المحك مرة أخرى، يَطفو على السطح وجه بشع من وجوه الفساد في بلادنا، بعد تفجر فضيحة الاتجار بالشواهد الجامعية، وبالضبط شهادات الماستر، في واحدة من مؤسسات التعليم العالي التي يُفترض فيها أن تُخرّج نخبة النخبة. والكارثة أن هذه الشهادات ليست مجرد أوراق، بل مفاتيح لولوج مراكز القرار، ومسالك البحث العلمي، ومواقع المسؤولية في القضاء والإدارة والتعليم والثقافة. فماذا يعني أن تُباع هذه المفاتيح لمن يملك الثمن؟ وماذا تبقّى من الوطن إذا تساوى الحاذق والغشاش، والعالم والمزوّر، في فرص الصعود؟ فكيف يمكن لمجتمع أن ينهض إذا كان التعليم، أساس بناء الإنسان، يُباع ويُشترى؟ وكيف نضمن مستقبلاً وطنياً إذا كانت المناصب العليا تُمنح لمن يدفع أكثر، لا لمن يستحق؟ما وقع في جامعة أكادير ليس حادثا معزولا، بل هو مؤشّر خطير على هشاشة منظومتنا القيمية، وعلى مدى تمدّد سرطان الغش والتدليس في جسد المجتمع. أن يصبح الغش “حقا مكتسبا” لدى بعض الفئات، فتلك بداية نهاية العقد الاجتماعي بين المواطنين والدولة. من غير المعقول أن تنحصر المساءلة في الأستاذ المتهم وحده، بل إن كل من استفاد، بشكل مباشر أو غير مباشر، من هذه “التجارة اللاشرعية”، يجب أن يُحاسب ويُتابع بتهمة التزوير في وثائق رسمية، والاحتيال على الدولة، والولوج إلى مواقع المسؤولية دون وجه حق ، مما يجعل الفساد التعليمي قنبلة موقوتة تهدد أمن المجتمع بأكمله هنا تبرز ضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة، فلا يكفي معاقبة الأستاذ المتورط في فضيحة أكادير، بل يجب استدعاء كل من استفاد من هذه “الصفقات” وملاحقته بتهمة التزوير والتدليس.. إننا لا ننسى الضحايا الحقيقيين لهذه الفضيحة: أبناء وبنات هذا الوطن، الذين أُقصوا لأنهم لم يملكوا 250 ألف درهم لشراء شهادة، وليس لأنهم يفتقرون للكفاءة أو الجدارة. كم من طاقة وطنية شريفة حُرمت من فرصتها، ودُفنت أحلامها، وانهزمت ثقتها في مؤسسات الدولة! وكم من شاب وشابة حُرموا من الماستر والدكتوراه، لا لضعف مستواهم العلمي، بل فقط لأنهم لا يملكون رصيدًا بنكيًا محترمًا! أليس هذا هو الوجه الحقيقي لانهيار القيم، وبداية تصدع الوطن؟ هذه الممارسات لا تدمر الأفراد فحسب، بل تقتل روح الانتماء لدى الشباب، وتجعلهم يفقدون الثقة في الوطن. وكما قال الكاتب البرازيلي باولو كويلو في روايته “الكيميائي”: “عندما تُحارب أحلامك، فإن الكون بأسره يتآمر لمساعدتك”، لكن ماذا لو كان الفساد هو من يحارب الأحلام؟ حينها لن يجد الشباب سوى اليأس أو الهجرة لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذه الجريمة. فالوطن الذي نريده ليس مبنيًا على الريع والزبونية، بل على تكافؤ الفرص والاستحقاق. كما ورد في النموذج التنموي الجديد، الذي دعا إليه جلالة الملك محمد السادس، فإن بناء مغرب الغد يمر عبر بناء مجتمع قوي إلى جانب دولة قوية، مجتمع يؤمن بالعدل، والكرامة، والنزاهة، ويقاوم كل أشكال الغش والإفساد. فكيف تكون الدولة قوية إذا كان تعليمها ضعيفاً؟ وكيف يكون المجتمع قوياً إذا كان أفراده يعيشون على الوهم؟ ولعل ما قاله الكاتب البرازيلي باولو كويلو في رسالته إلى ابنه: “إن بناء الإنسان أصعب بكثير من بناء المدن، لكنه الأساس الحقيقي لأي حضارة”، ينطبق تمامًا على ما نحتاجه اليوم. فالتعليم هو حجر الزاوية لبناء الإنسان، والعبث به هو تقويض لكل إمكانيات النهوض. ألم يقل الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو: ” « وهل هناك عدل حين يحصل المزوّرون على مناصب ومسؤوليات، بينما يُقصى النجباء لأنهم لا يملكون المال؟ هل هناك دولة قانون، حين يتحول التعليم إلى مزاد علني؟ إننا أمام لحظة فارقة: إما أن تتحرّك النيابة العامة بصرامة، ويُفتح تحقيق شامل يُحاسب فيه كل من تواطأ أو استفاد أو سكت عن هذا الفساد، أو أن نترك هذا الورم الخبيث يتفشى في جسد الدولة والمجتمع، ويُعمق فقدان الثقة، ويقضي على كل أمل في الإصلاح. إننا ننتظر من وزارة التعليم العالي أن تنتصب كمطالب بالحق المدني في هذه القضية، وأن تُعلن حربا لا هوادة فيها على كل المتلاعبين بسمعة الجامعة المغربية. فالتعليم لا يجب أن يكون سلعة، ولا يجب أن يُترك للمفسدين ينشرون سمومهم بين الطلبة والأساتذة، ويهدمون ما تبقى من الأمل في غد نزيه وعادل. وحده العدل، وحدها المساواة، وحده القانون، يمكن أن يؤسسوا لوطن يسع الجميع. أما الاستسلام فليس خيارًا، والسكوت تواطؤ. فلننتفض، دفاعًا عن الكرامة، عن العدالة، عن مغرب يستحق أن نحلم به… لا أن نخجل منه. فضيحة شواهد الماستر ليست قضية أكاديمية عابرة، بل هي معركة وجودية ضد فسادٍ ينهش جسد الوطن. إن لم نتحرك اليوم، فسنواجه غداً جيلاً يعتقد أن الغش “إنجاز”، والتدليس “ذكاء”. الفساد الجامعي ليس مجرد جريمة أخلاقية، بل تهديد مباشر للأمن المجتمعي. عندما تتحول الجامعة إلى مصنع لشواهد مزورة، فإنها تنتج مسؤولين بلا كفاءة، وقضاة بلا ضمير، وأساتذة بلا علم. وحينها لا يمكن بناء مغرب الغد السكوت عن هذه الجريمة هو خيانة للأمل، وتواطؤ مع الفساد، ومساهمة في قتل طموحات شباب حُرموا من فرص حقيقية لأنهم لم يملكوا ما يكفي لشراء شهادة. إن ضحايا هذه المافيا معروفون: شباب اجتهدوا وكافحوا، لكنهم صُدوا لأنهم لم يكونوا جزءاً من لعبة النفوذ والرشوة * يدير اكيندي، أستاذ العلوم الاقتصادية والاجتماعية، خبير في التنمية الشاملة والإعاقة
ساحة

يونس مجاهد يكتب: حرية الصحافة المزعومة
يونس مجاهديشكل الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يصادف الثالث من شهر ماي كل سنة، مناسبة أخرى للحديث عن القضايا المرتبطة بممارسة هذه الحرية، وخاصة التضييق الذي يمارس لمنعها أو الحد منها، غير أنه قلما تناقش أخلاقيات الصحافة، في علاقتها بالحرية، رغم أن هناك تكاملا بين المبدأين، يجعل من جودة الصحافة، رديفا للالتزام بأخلاقياتها، لأن الصحافة الرديئة ليست ممارسة للحرية، بل على العكس، إنها مجرد تضليل للجمهور ونشر لأخبار كاذبة، وتشهير وارتزاق وابتزاز... وهي بذلك لا تستجيب لتطلعات المجتمع، بل تؤثر سلبا على حرية الصحافة وادوارها الاجتماعية.وانطلاقا من هذا المنظور الذي يعتبر أن الوظيفة الاجتماعية هي الغاية الرئيسية للممارسة الصحافية، تطور استعمال المعيار الاجتماعي، لتصحيح الانحرافات التي تصيب هذه المهنة، فرغم اعتماد مواثيق الأخلاقيات وهيئات التنظيم الذاتي، في العديد من البلدان المتقدمة في المجال الديمقراطي، إلا أنها ظلت تلجأ باستمرار لمراجعات مختلفة، لعلاقة الصحافة بالمجتمع. وفيهذا الصدد يمكن العودة إلى ما حصل في الولايات المتحدة، سنة 1942، حين تم إحداث لجنة هاتشينز، من طرف جامعة شيكاغو، بطلب من مؤسس مجلة تايم، هنري لوس، التي عينت على رأسها روبرت ماينارد هاتشينز. اشتغلت هذه اللجنة لمدة خمس سنوات، ونشرت تقريرها تحت عنوان "صحافة حرة ومسؤولة". ومما ورد فيه، وجود تناقض بين المفهوم التقليدي لحرية الصحافة، وضرورة التحلي بالمسؤولية. فالمسؤولية واحترام القانون، ليس في حد ذاتهما تضييقاعلى حرية الصحافة، بل على العكس، يمكن أن يكونا تعبيرا أصيلا عن حرية إيجابية، لكنهما ضد حرية اللامبالاة. ويضيف التقرير؛ لقد أصبح من المعتاد اليوم أن تكون حرية الصحافة المزعومة، عبارة عن لا مسؤولية اجتماعية، لذا على الصحافة أن تعرف أن أخطاءها وأهواءها لم تعد ملكية خاصة لها، فهي تشكل خطرا على المجتمع، لأنها عندما تخطئ، فإنها تضلل الرأي العام، فنحن أمام تحدٍ؛ على الصحافة أن تظل نشاطا حرا وخاصا، لكن ليس لها الحق في أن تخطئ، لأنها تؤدي وظيفة مرفق عام. كان لهذا التقرير تأثير كبير في الحقل الصحافي، آنذاك، لأنه استعمل مفهوم المسؤولية الاجتماعية، واعتبر أن للصحافة وظائف أساسية، في تقديم معلومات وافية من خلال بحث وتدقيق، حول الأحداث اليومية، ضمن سياق واضح، وأن تكون منتدى للنقاش ولممارسة التعددية والحق في الاختلاف، وتنفتح على مختلف فئات المجتمع، بمساواة وإنصاف، وتتجنب الأفكار المسبقة والصور النمطية... ومن أشهر التقارير التي عرفتها، أيضا البلدان الديمقراطية، "تقرير ليفيسون"، الذي هو عبارة عن خلاصات تحقيق عام أجري في المملكة المتحدة بين عامي 2011 و2012، برئاسة القاضي براين ليفيسون، الذي كلفته الحكومة، بإنجاز افتحاص شامل حول ممارسة الصحافة ومدى التزامها بالأخلاقيات. ومن أهم توصياته؛ إنشاء هيئة جديدة مستقلة لتنظيم الصحافة، عبر تشريع قانوني، وتعزيز حماية الأفراد من انتهاكات الخصوصية ومن التشهير... وبناء على هذا التقرير تم اعتماد "ميثاق ملكي" للتنظيم الذاتي، صادق عليه البرلمان. ومازالت الأحزاب السياسية في هذا البلد تناقش الطرق المثلى الممكنة للتوصل إلى صيغة قانونية لتنفيذه، بالتوافق مع الناشرين. ويعتبر العديد من الباحثين في مجال الصحافة، أنه لا يمكن تصور الجودة في الصحافة، دون احترام أخلاقياتها، وحول هذا الموضوع، نظم منتدى الصحافة في الأرجنتين، ندوة دولية بمشاركة أكاديميين، صدرت في كتاب سنة 2007، تحت عنوان "صحافة الجودة: نقاشات وتحديات"، ناقش هذا الإشكال من مختلف جوانبه، وكانت خلاصته الرئيسية، أن الجودة والأخلاقيات وجهان لعملة واحدة. الجودة في البحث والتقصي وتدقيق المعلومات والتأكد من المعطيات، احترام الخصوصيات، الامتناع عن ممارسة السب والقذف، استعمال اللغة بشكل صحيح وراقٍ، تجنب الأخطاء اللغوية... ومن مصادر هذا الكتاب، البحث الذي نشرته الأستاذة الجامعية الإسبانية، المتخصصة في أخلاقيات الصحافة، صوريا كارلوس، تحت عنوان "الأمراض النفسية للأخلاقيات في المؤسسات الإخبارية"، حيث اعتبرت أن هناك أربعة أسباب تفرض الالتزام بأخلاقيات الصحافة؛ أولها، أن الأشخاص الذين يربحون قوت يومهم من خلال انتقاد الآخرين، تقع عليهم مسؤولية أن يكون تفكيرهم غير مثير للانتقاد، ثانيها، الاشتغال قليلا، بشكل رديء، بدون احترام القواعد والجودة المطلوبة، يشكل أول انتهاك للأخلاقيات، ثالثها، أن القانون وحده لا يكفي، فعلى المؤسسات أن تضع أنظمة داخلية لاحترام أخلاقيات الصحافة، رابعها، حتى تكون هناك مقاولات صحافية قوية وموحدة، عليها أن تتوفر على منظومة قيم، وثقافة أخلاقية مشتركة. إن كل حديث عن حرية الصحافة، دون استحضار شروط ممارستها، يظل مجرد شعارات فارغة، فبالإضافة إلى ضرورة العمل على توفير الإطار القانوني الذي يسمح بممارسة الحرية، فإن الأهم هو أن تلتزم الصحافة بالقواعد المهنية والمبادئ الأخلاقية، وتستند على منظومة القيم، المتعارف عليها عالميا في ميدان الصحافة، داخل إطار مؤسساتي قوي، وأنظمة داخلية يتم فيها تقاسم المسؤولية المشتركة، كل هذا لا يمكن أن يكون إلا في مقاولات صحافية مهيكلة بشكل محترف، تتوفر على إمكانات مادية وموارد بشرية، قادرة على تقديم منتوج يليق بمكانة الصحافة ويتجاوب مع متطلبات مسؤوليتها الاجتماعية.
ساحة

هرماس يسائل والي الجهة ووالي الامن.. هل أعلنتما انهزام السلطة أمام عربدة سائقي سيارات الأجرة؟
حسن هرماس السيدان الواليان المحترمان، كلما حللت بالمدينة الحمراء، التي امضيت فيها جزءا غير يسير من مساري المهني كصحافي، وارتبطت بها من الناحية الوجدانية والعائلية، إلا وشعرت بنوع من المرارة والأسى اتجاه بعض الممارسات المشينة التي تتغذى من مستنقع الفوضى والابتزاز، لدرجة أنني أصبحت أتخيل أن السلطات الأمنية والسلطات الولائية قدمتا معا استقالتها من ممارسة جزء من وظيفتها، وأعلنتا انهزامهما في مبارزة استأسد فيها "الخصم"، وما هو بخصم، وتجبر بلا حد ولا قيود. السيدان الواليان، أنا على يقين أنكما على بينة من العربدة والتجبر الذي عات بلا حدود في عدد من الأماكن المسموح فيها بتوقف سائقي سيارات الأجرة الصغيرة منها والكبيرة لنقل الركاب، مواطنين وسياحا، مغاربة وأجانب، نحو وجهاتهم، ومن ضمنها الساحة المحاذية لمحطة قطار مراكش، والساحة المواجهة لقنصلية فرنسا على مقربة من ساحة جامع لفنا...، ومبعث يقيني أنكما على علم بالأمر يستند إلى أن وظيفتكما الأساسية هي السهر على استتباب النظام والقانون، وتجسيد سلطة الدولة على أرض الواقع، وهذه المهمة الرهيبة، بمعناها الإيجابي، تستمدانها من الظهير الشريف ومن قرار تعيينكما في موقعي المسؤولية التي تتقلدانها.السيدان الواليان المحترمان، حللت بأرض البهجة ظهيرة يوم الإثنين 21 أبريل 2025، على متن رحلة قطار قادم الرباط، وأنا جد مزهو بنشوة اللقاءات التي جمعتني على مدى ثلاثة أيام مع الكتاب والإعلاميين والمثقفين في عاصمة المملكة بمناسبة الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب... ولا أخفيكما الإحباط والانكسار اللذين أصبت بهما وأنا أغادر محطة القطار باحثا عن سيارة أجرة تقلني اتجاه حي تاركة، حتى خيل إلى أنني في مغربين اثنين: مغرب الرباط حيث يشعر الإنسان بالاحترام والطمأنينة والحق في الخدمة العمومية المؤدى عنها، ومغرب مراكش الذي استأسد فيه، دون حسيب ولا رقيب، طغمة من منعدمي الضمير وقليلي الأخلاق ومحترفي المساومة والابتزاز ، وهم جزء ـ وليس كل ـ من سائقي سيارات الأجرة، ومنافسيهم الممارسين للمهنة خارج القانون. فخلال ثلاثة أرباع الساعة، بقيت "مشوجر" ، ( بتعبير أهل المدينة)، قبالة طابور من سيارات الأجرة المتوقفة، وبين الفينة والأخرى يأتي سائق السيارة مصحوبا بسائح (ين) أجنبي، ولا أحد غير السياح الأجانب، في هيئة تشي بأنه حصل على غنيمة، بينما يبدو السائح(ين)، وكأنهم "يساقون إلى المقصلة وهم ينظرون". بعدما تبين لي أن لا حظ لي في العثور على سيارة أجرة صغيرة في الموقف المجاور لمحطة القطار، على الرغم من أن عددا من السيارات ما تزال متوقفة في غياب السائقين الذين يترصدون "الهموز" داخل محطة القطار، توجهت نحو الشارع الذي يشكل امتداد لشارع محمد السادس، لعل سيارة أجرة مارة في نفس الاتجاه الذي أقصده تتوقف ... لكن دون جدوى. بل بمجرد ما أشرت على سيارة الأجرة الأولى حتى باغثني شخص بالسؤال عن وجهتي، سألته من أنت، قال لي :"طالب معاشو، عندي طاموبيلتي تنهز لبلايص"...، وأضاف قائلا: "راك غير كتضيع وقتك، ما غادي توقف ليك حتى طاكسي فهاد البلاصة"،اضطررت لأخبره عن وجهتى وهي "تاركة"، لأنني صاحب حاجة، قال لي 40 درهم... أتعرفان بماذا أجبته، سيداي الواليان؟ قلت لمن ادعى أنه "طالب معاشو": " ما عند الميت ما يدير قدام غسالو"، ورضخت للابتزاز.على امتداد المسار الرابط بين محطة قطار مراكش وحي تاركة، والذي اعتدت أن أؤدي مقابله 17 درهما عند العودة، تراءت لي مجموعة من الوقائع المشينة التي تخدش محيى مدينة البهجة، ومن ضمنها واقعة السائح الأجنبي الإنجليزي الجنسية الذي سبق له ، قبل شهور معدودة، أن تعرض للنصب من طرف سائق سيارة أجرة صغيرة بعدما حل بمطار مراكش المنارة، وهي الحادثة التي وثقها بالصوت والصورة، وتتبعها ملايين المشاهدين عبر العالم في قناته على اليوتوب.وإذا كان هذا السائح الأجنبي قد جهر بهذه الطريقة الفاضحة بتعرضه للظلم في بلد اسمه المغرب، له تاريخ ولديه ترسانة كبيرة من القوانين، وهو ما حز في أنفس حشد كبير من المغاربة مما اضطر السلطات إلى اتخاذ إجراءات تنظيمية وردعية للحيلولة دون تكرار فضيحة أخرى في مطار المنارة، فإن ما يقع في محيط محطة قطار مراكش، وعلى مقربة من ساحة جامع لفنا بشكل يومي، بل في كل ساعة وحين، لا يقل خطورة عن الواقعة السالف ذكرها، وهذا ما ينذر ـ لا قدر الله ـ بما هو أخطر وأفظع ما لم تتحرك السلطات الأمنية وسلطات ولاية مراكش للقيام بواجبها في فرض هبة الدولة وسيادة القانون. فاللهم هل بلغت، اللهم فاشهد.    
ساحة

محمد بنطلحة الدكالي يكتب: الروح الرياضية بالجزائر…داء العطب قديم
أمام الانتصارات المتتالية للدبلوماسية المغربية والنكسات والهزائم لجيران السوء،يبدو أن دولة العالم الآخر باتت تعيش أعراض الهلوسة والخرف،وهو داء عطب قديم إسمه" المروك". من بين الذكريات التي يتغنى بها حفدة الشهداء،واقعة كروية حدثت وقائعها في9 دجنبر1979 بين المغرب والجزائر،انتهت بفوزهم كما هو معلوم...ومنذ ذلك الحين والأبواق الإعلامية تكتب عن هذا" النصر" العظيم الذي مضت عليه46 سنة. ولأن مرض الهلوسة تزداد تهيؤاته بازدياد حدته،يبدو أن الكراغلة باتوا منذ الآن يترقبون مقابلة شباب قسنطينة أمام نهضة بركان المغربي. تطالعنا اليوم جريدة الشروق بمقال يحمل عنوان:" الرئيس تبون يحرص على مرافقة السياسي ودعمه في مواجهته ضد نهضة بركان المغربي"...! لقد أكد المقال أن زعيم الكراغلة سيتكفل بكامل مصاريف تنقل وإقامة ممثل الكرة الجزائرية في المغرب،علما أن وزير الشباب والرياضة،وليد صادي،وخلال حضوره مأدبة العشاء التي أقامها والي الولاية صيودة،كان قد نقل للنادي القسنطيني إدارة ولاعبين دعم رئيس الجمهورية ومساندته المطلقة للفريق في مواجهته أمام نهضة بركان...ومن ثمة ضمان تنشيط النهائي الإفريقي القادم ودخول التاريخ من بابه الواسع...! سبحان الله معشر الكراغلة،دخول التاريخ،شافاكم الله،يكون عبر الاختراعات والإنجازات،وتوفير لتر حليب وكسرة خبز لكل جائع،وذلك أضعف الإيمان. دخول التاريخ يكون عبر التلاحم والتآزر،لأننا دم واحد وتاريخ مشترك. أما وأنتم تشحنون المدرب خير الدين ماضوي وكأنه متوجه إلى ساحة الحرب،وتأمرون اللاعبين بوقرة ومداحي وكأنهما قائدا فريق مشاة...! إسمحوا لي أن أعترف،أني بت أشفق عليكم،وأدعو الله أن يتدبر أمر الحرارة المفرطةالتي تسكنكم. ونحن ندعو لكم بالشفاء معشر الكراغلة،نذكركم أنه وطوال التاريخ،ومنذ الحضارة الإغريقية التي عرفت ألعاب أثينا،ظلت الرياضة عنوانا للفرجة والتآخي والتعارف بين الشعوب لما تمثله من قيم إنسانية نبيلة،إنها تنشر السلام وتشجع على التسامح والاحترام وسمو الأخلاق،والرياضة بمعناها الصحيح ترفض أن تكون وسيلة لغاية أخرى لأنها منبع القيم السامية المثلى حين تنتصر الروح الرياضية. إننا نشفق عليكم،ونرثي لحالكم حين تعتبرون انتصارا صغيرا في كرة القدم عن طريق ضربات الحظ،عيدا وطنيا وملحمة بطولية،محاولين تهدئة الشارع الذي يعرف حراكا شعبيا. لقد ضاق الشعب الجزائري الشقيق درعا من ضيق العيش ومحنة الطوابير والرعب اليومي الجاثم على النفوس... الرياضة أخلاق وسمو إنساني نبيل...حاولوا أن تستفيقوا من غيكم،رغم أن داء العطب قديم... محمد بنطلحة الدكالي
ساحة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الجمعة 04 يوليو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة