ساحة

…هكذا جمعت “أليس” عجائبها الثمانية و حملتها خلفها و هي تمضي و في يدها جواز سفر و تأشيرة و تذكرة ذهاب دون عودة….


كشـ24 نشر في: 2 يونيو 2015

...هكذا جمعت
"أليس" في بلاد العجائب

كانت مغامرات," أليس" في بلاد العجائب ملاذا يوميا لنا بعد يوم متعب في فصول الدراسة، لم يكن تعبه نتيجة لكثرة التحصيل العلمي أو كثافة الدروس، إنما كان بسبب ثقل وزن محفظة قوست
ظهورنا جيئة و ذهابا، و أيضا بسبب اللعب و "التنقاز" على الطاولات فوق رؤوس قلة قليلة من المجتهدين أصحاب الصفوف الأمامية على اعتبارهم أعين غالبية أساتذتنا الأجلاء و أستاذاتنا الفاضلات حين غيابهم المستمر عن موقعهم الطبيعي أمام السبورة، لانشغالاتهم بأحاديث فيما بينهم تلامس كل شيء إلا وظيفتهم، و حتى حين حضورهم كأجساد دون روح يبدو عليهم الغرق في أفكارهم الخاصة لكثرة همومهم اليومية...
 مرت السنين، كبرنا و كبر القسم معنا حتى صار حجمه بحجم الوطن، و ظلت" أليس" برمزيتها متواجدة في كل واحد منا... لتعيش "أليسنا" عجائب كل يوم، كل ساعة، كل لحظة في بلادها... بلاد العجائب.

 العجب الأول:- التناقض-  دولة الحق و القانون، هذا الشعار الذي ترعرعنا معه بعد أن ناضل من أجله جيل شباب الستينيات و السبعينيات و الثمانينيات من القرن الماضي، ما هو اليوم سوى
مصطلح فضفاض فقد كنهه لكنه مازال به بريق يظهر جليا حين يلمعه الساسة عندما يرومون الوصول إلى كرسي مريح... قرارات مناقضة لروحه و عمق الدستور الذي نادينا يوما بالتصويت له بنعم... دستور يكفل حرية التعبير و قانون عرفي و رسمي يمنعه، دستور يضمن حرية المعتقد، و تيار شعبي (غير رسمي) يدينه كما تفعل نصوص القانون... تناقض غير مفهوم البتة، لا صورة أقرب منه خير من جملة شهيرة لها أكثر من دلالة أطلقها مواطن نصب نفسه وصيا على الناس ذات وقفة أمام البرلمان "هادي بلاد الإسلام آ ولاد العاهرات"... فعلا و نعم الصورة عن خلق الإسلام الذي يطالب صاحبنا بتفعيلها، متناسيا أن جملته تبقى صحيحة إن نحن قلبنا عباراتها "هادي بلاد العاهرات آ ولاد الإسلام" فكلتاهما صحيحتان و كلتاهما تترجمان تناقضا نعيشه.
 العجب الثاني:- النفاق- لا أكبر من أن تنافق نفسك، حينها تنافق الجميع... هكذا كانت ملاحظة" أليس" الأولية عن العجب الثاني الذي تعيشه دون قدرة عن التعايش معه... شباب يناقش الحلال في الحانات، بعضهم يقول الحمد لله بعد آخر رشفة من كأس نبيذ أو قنينة بيرة، أشخاص مجتمعون حول طاولة في مطعم "ماكدونالدز" يضعون آخر اللمسات على تفاصيل وقفتهم المقررة غدا للتنديد بالرأسمالية و بعدوان أمريكي أو إسرائيلي على مكان ما، أناس ينددون بالدعارة علنا، و بقدرة قادر يصيرون زبائن في الخفاء حين يخيم الظلام... قوم ينعم بالسباحة في التخلف و الرجعية، يقصي المخالف له بالعنف (اللفظي و الجسدي و النفسي) و يحلم بتأشيرة إقامة في السويد؟؟؟ 160 ألف شخص يحضرون عرض" جينيفر لوبيز" مباشرة و الملايين تتابعه عبر القنواة الرسمية... نفس العدد يطالب برأس "نبيل عيوش" و" لبنى ابيضار"... وزير يمنع السينما و ينقل في التلفزيون... ملايين رفعت رقم مشاهدات افلام البورنو بالمغرب ليحتل مكانة ضمن الأوائل في العالم، نفس الملايين تنادي بالأخلاق... فهم تتسطى...

 العجب الثالث:- العاهات- الكبت اولها و منتهاها، فهو سبب مباشر في التحرش و الاغتصاب و زنا المحارم، و استغلال الأطفال جنسيا في محل بقالة أو مسجد أو مسيد أو بيت... هذا فقط ما نسمع عنه يوميا من حوادث يضبط أصحابها، و ما خفي كان اعظم. و الكبت ليس فقط قمعا لرغبة دون فعلها، فالفعل موجود يمارس بشكل واسع الانتشار، سواء في إطار ما يسمونه علاقات "غير شرعية" خارج إطار الزواج، أو باللجوء إلى بائعات الهوى بل هو -الكبت- تحويل فكرة الجنس إلى بعبع يتم التفكير فيه و التفعيل لممارسته في الخفاء، و كأنه جرم ليتم الحديث عنه علنا باستهجان و استنكار... عاهة أخرى لا تقل انتشارا عن سابقتها، وقفت أمامها "أليس" في عجب و هي القبح... فأينما ولت "أليس" وجهها تم قبح تتعرف بسهولة على أوجهه التسعة و التسعين... الأشكال
قبيحة، التصرفات قبيحة، الأذواق قبيحة، حتى القبح قبيح عنيف لا يرحم.

 العجب الرابع:- الجهل- الجهل بأبسط القيم الإنسانية هو أخطر أنواع الجهل، قيم هدفها الرقي بالانسان و تشريفه و تكريمه بعيدا عن كل تصنيف ضيق مبني على خانات مؤقتة زائفة تتنوع بين العرق و الدين و الايديولوجيا و النوع و الطبقة و غيرها... هذا الجهل الذي لا يراه أصحابه هكذا، هو الأصل أيضا في رفض الإختلاف و تصريفه بطرق لا تمس للإنسان و حضارته بأي صلة... ليصير بهذا معنى "الجاهل" في اللغة العربية الفصحى منطبقا على صاحبه بالمعنى الدارج أيضا... هكذا يجمع صفتان ينكرهما عن نفسه...
 العجب الخامس:- الخبرة- تعجبت أليس في موسوعية سكان البلاد و غياب مفهوم التخصص عن قواميسهم الكثيرة، فلم تستيقض بعد من تأثيرات العجب السابق حتى صفعها هذا العجب الذي نحن بصدده، الكل يفهم في كل شيء، خبرة في الرياضة و الرياضيات، قدرة على التحليل السياسي، كفاءة في النقذ السينمائي و الفني، مؤهلات في التحليل السوسيولوجي و البسيكولوجي، درجة دوكتوراه في الطب، و إحاطة بالدين تخول إصدار الفتاوى، آراء عميقة في الفيزياء و الفلك و الهندسة و الكيمياء تستحق كلها جائزة نوبل... كفاءات و خبرات مجتمعة في نفس الشخص... الجاهل.
 العجب السادس: -"نا"- الدالة على الجماعة الانتماء حاجة نفسية لكل إنسان، و من حق أي كان الانتماء لأي جماعة أو فئة مهما كانت شرط الاقتناع بها، لكن المصيبة تتجلى بعد هذا الانتماء باستعمال "نا" الدالة على الجماعة لضم الجميع لما تنتمي إليه، على اعتبار انك و جماعتك "الحق" و "الأصل" و ما يجب أن يكون، في حين غيرك من المخالفين لقناعاتك و انتمائك مجرد خطأ وجب تصويبه، هكذا إما تقصيه، و إما تفرض عليه بقوة لم تستوعب" أليس" من أين تستمد مشروعيتك في استعمالها لتجعله نقطة من نائك الدالة على جماعتك...

العجب السابع: الوصاية لم تعرف" أليس" أين تصنف هذا العجب، هل في خانة المرض النفسي أم الظاهرة الاجتماعية، حيث سرعان ما أنهت حلقة هذا العجب و تقززت بسرعة من اولئك الذين أقالوا الله و نصبوا أنفسهم خليفة له يحاسبون و يوزعون تذاكر الجنة و جهنم على من فرضوا وصايتهم عليهم، و اولئك الذين ضربوا في الصفر مفاهيم كالمجتمع و التعدد و الاختلاف و التنوع
ليصيروا هم رعاته و حماته...

 العجب الثامن: روح المسؤولية لا أحد مسؤول عن السلبي ممن خاطبوا "أليس" في بلاد العجائب أو التقتهم، لكن جميعهم صاحب الفضل في نقط الضوء الإيجابية المعدودة على أصابع اليد الواحدة، هكذا بدت المسكينة حزينة لعدم قدرة منطقها على تقبل فكرة: كيف للوقت أن يمضي؟ كيف للحائط ان يضرب؟ كيف للباب أن يغلق؟ كيف للكأس أن ينتحر بكسر نفسه؟ لم تفهم من هم ال "هم" الذين يقترن ذكرهم بالمسؤولية... هكذا جمعت "أليس" عجائبها الثمانية و حملتها خلفها و هي تمضي و في يدها جواز سفر و تأشيرة و تذكرة ذهاب دون عودة....

...هكذا جمعت
"أليس" في بلاد العجائب

كانت مغامرات," أليس" في بلاد العجائب ملاذا يوميا لنا بعد يوم متعب في فصول الدراسة، لم يكن تعبه نتيجة لكثرة التحصيل العلمي أو كثافة الدروس، إنما كان بسبب ثقل وزن محفظة قوست
ظهورنا جيئة و ذهابا، و أيضا بسبب اللعب و "التنقاز" على الطاولات فوق رؤوس قلة قليلة من المجتهدين أصحاب الصفوف الأمامية على اعتبارهم أعين غالبية أساتذتنا الأجلاء و أستاذاتنا الفاضلات حين غيابهم المستمر عن موقعهم الطبيعي أمام السبورة، لانشغالاتهم بأحاديث فيما بينهم تلامس كل شيء إلا وظيفتهم، و حتى حين حضورهم كأجساد دون روح يبدو عليهم الغرق في أفكارهم الخاصة لكثرة همومهم اليومية...
 مرت السنين، كبرنا و كبر القسم معنا حتى صار حجمه بحجم الوطن، و ظلت" أليس" برمزيتها متواجدة في كل واحد منا... لتعيش "أليسنا" عجائب كل يوم، كل ساعة، كل لحظة في بلادها... بلاد العجائب.

 العجب الأول:- التناقض-  دولة الحق و القانون، هذا الشعار الذي ترعرعنا معه بعد أن ناضل من أجله جيل شباب الستينيات و السبعينيات و الثمانينيات من القرن الماضي، ما هو اليوم سوى
مصطلح فضفاض فقد كنهه لكنه مازال به بريق يظهر جليا حين يلمعه الساسة عندما يرومون الوصول إلى كرسي مريح... قرارات مناقضة لروحه و عمق الدستور الذي نادينا يوما بالتصويت له بنعم... دستور يكفل حرية التعبير و قانون عرفي و رسمي يمنعه، دستور يضمن حرية المعتقد، و تيار شعبي (غير رسمي) يدينه كما تفعل نصوص القانون... تناقض غير مفهوم البتة، لا صورة أقرب منه خير من جملة شهيرة لها أكثر من دلالة أطلقها مواطن نصب نفسه وصيا على الناس ذات وقفة أمام البرلمان "هادي بلاد الإسلام آ ولاد العاهرات"... فعلا و نعم الصورة عن خلق الإسلام الذي يطالب صاحبنا بتفعيلها، متناسيا أن جملته تبقى صحيحة إن نحن قلبنا عباراتها "هادي بلاد العاهرات آ ولاد الإسلام" فكلتاهما صحيحتان و كلتاهما تترجمان تناقضا نعيشه.
 العجب الثاني:- النفاق- لا أكبر من أن تنافق نفسك، حينها تنافق الجميع... هكذا كانت ملاحظة" أليس" الأولية عن العجب الثاني الذي تعيشه دون قدرة عن التعايش معه... شباب يناقش الحلال في الحانات، بعضهم يقول الحمد لله بعد آخر رشفة من كأس نبيذ أو قنينة بيرة، أشخاص مجتمعون حول طاولة في مطعم "ماكدونالدز" يضعون آخر اللمسات على تفاصيل وقفتهم المقررة غدا للتنديد بالرأسمالية و بعدوان أمريكي أو إسرائيلي على مكان ما، أناس ينددون بالدعارة علنا، و بقدرة قادر يصيرون زبائن في الخفاء حين يخيم الظلام... قوم ينعم بالسباحة في التخلف و الرجعية، يقصي المخالف له بالعنف (اللفظي و الجسدي و النفسي) و يحلم بتأشيرة إقامة في السويد؟؟؟ 160 ألف شخص يحضرون عرض" جينيفر لوبيز" مباشرة و الملايين تتابعه عبر القنواة الرسمية... نفس العدد يطالب برأس "نبيل عيوش" و" لبنى ابيضار"... وزير يمنع السينما و ينقل في التلفزيون... ملايين رفعت رقم مشاهدات افلام البورنو بالمغرب ليحتل مكانة ضمن الأوائل في العالم، نفس الملايين تنادي بالأخلاق... فهم تتسطى...

 العجب الثالث:- العاهات- الكبت اولها و منتهاها، فهو سبب مباشر في التحرش و الاغتصاب و زنا المحارم، و استغلال الأطفال جنسيا في محل بقالة أو مسجد أو مسيد أو بيت... هذا فقط ما نسمع عنه يوميا من حوادث يضبط أصحابها، و ما خفي كان اعظم. و الكبت ليس فقط قمعا لرغبة دون فعلها، فالفعل موجود يمارس بشكل واسع الانتشار، سواء في إطار ما يسمونه علاقات "غير شرعية" خارج إطار الزواج، أو باللجوء إلى بائعات الهوى بل هو -الكبت- تحويل فكرة الجنس إلى بعبع يتم التفكير فيه و التفعيل لممارسته في الخفاء، و كأنه جرم ليتم الحديث عنه علنا باستهجان و استنكار... عاهة أخرى لا تقل انتشارا عن سابقتها، وقفت أمامها "أليس" في عجب و هي القبح... فأينما ولت "أليس" وجهها تم قبح تتعرف بسهولة على أوجهه التسعة و التسعين... الأشكال
قبيحة، التصرفات قبيحة، الأذواق قبيحة، حتى القبح قبيح عنيف لا يرحم.

 العجب الرابع:- الجهل- الجهل بأبسط القيم الإنسانية هو أخطر أنواع الجهل، قيم هدفها الرقي بالانسان و تشريفه و تكريمه بعيدا عن كل تصنيف ضيق مبني على خانات مؤقتة زائفة تتنوع بين العرق و الدين و الايديولوجيا و النوع و الطبقة و غيرها... هذا الجهل الذي لا يراه أصحابه هكذا، هو الأصل أيضا في رفض الإختلاف و تصريفه بطرق لا تمس للإنسان و حضارته بأي صلة... ليصير بهذا معنى "الجاهل" في اللغة العربية الفصحى منطبقا على صاحبه بالمعنى الدارج أيضا... هكذا يجمع صفتان ينكرهما عن نفسه...
 العجب الخامس:- الخبرة- تعجبت أليس في موسوعية سكان البلاد و غياب مفهوم التخصص عن قواميسهم الكثيرة، فلم تستيقض بعد من تأثيرات العجب السابق حتى صفعها هذا العجب الذي نحن بصدده، الكل يفهم في كل شيء، خبرة في الرياضة و الرياضيات، قدرة على التحليل السياسي، كفاءة في النقذ السينمائي و الفني، مؤهلات في التحليل السوسيولوجي و البسيكولوجي، درجة دوكتوراه في الطب، و إحاطة بالدين تخول إصدار الفتاوى، آراء عميقة في الفيزياء و الفلك و الهندسة و الكيمياء تستحق كلها جائزة نوبل... كفاءات و خبرات مجتمعة في نفس الشخص... الجاهل.
 العجب السادس: -"نا"- الدالة على الجماعة الانتماء حاجة نفسية لكل إنسان، و من حق أي كان الانتماء لأي جماعة أو فئة مهما كانت شرط الاقتناع بها، لكن المصيبة تتجلى بعد هذا الانتماء باستعمال "نا" الدالة على الجماعة لضم الجميع لما تنتمي إليه، على اعتبار انك و جماعتك "الحق" و "الأصل" و ما يجب أن يكون، في حين غيرك من المخالفين لقناعاتك و انتمائك مجرد خطأ وجب تصويبه، هكذا إما تقصيه، و إما تفرض عليه بقوة لم تستوعب" أليس" من أين تستمد مشروعيتك في استعمالها لتجعله نقطة من نائك الدالة على جماعتك...

العجب السابع: الوصاية لم تعرف" أليس" أين تصنف هذا العجب، هل في خانة المرض النفسي أم الظاهرة الاجتماعية، حيث سرعان ما أنهت حلقة هذا العجب و تقززت بسرعة من اولئك الذين أقالوا الله و نصبوا أنفسهم خليفة له يحاسبون و يوزعون تذاكر الجنة و جهنم على من فرضوا وصايتهم عليهم، و اولئك الذين ضربوا في الصفر مفاهيم كالمجتمع و التعدد و الاختلاف و التنوع
ليصيروا هم رعاته و حماته...

 العجب الثامن: روح المسؤولية لا أحد مسؤول عن السلبي ممن خاطبوا "أليس" في بلاد العجائب أو التقتهم، لكن جميعهم صاحب الفضل في نقط الضوء الإيجابية المعدودة على أصابع اليد الواحدة، هكذا بدت المسكينة حزينة لعدم قدرة منطقها على تقبل فكرة: كيف للوقت أن يمضي؟ كيف للحائط ان يضرب؟ كيف للباب أن يغلق؟ كيف للكأس أن ينتحر بكسر نفسه؟ لم تفهم من هم ال "هم" الذين يقترن ذكرهم بالمسؤولية... هكذا جمعت "أليس" عجائبها الثمانية و حملتها خلفها و هي تمضي و في يدها جواز سفر و تأشيرة و تذكرة ذهاب دون عودة....


ملصقات


اقرأ أيضاً
يدير اكيندي يكتب عن مافيا الماستر: حين تتحول الجامعة من منارة للعلم إلى سوق نخاسة لبيع الذمم
يدير اكيندي الفساد يضرب قلب التعليم العالي… ومصداقية الوطن على المحك مرة أخرى، يَطفو على السطح وجه بشع من وجوه الفساد في بلادنا، بعد تفجر فضيحة الاتجار بالشواهد الجامعية، وبالضبط شهادات الماستر، في واحدة من مؤسسات التعليم العالي التي يُفترض فيها أن تُخرّج نخبة النخبة. والكارثة أن هذه الشهادات ليست مجرد أوراق، بل مفاتيح لولوج مراكز القرار، ومسالك البحث العلمي، ومواقع المسؤولية في القضاء والإدارة والتعليم والثقافة. فماذا يعني أن تُباع هذه المفاتيح لمن يملك الثمن؟ وماذا تبقّى من الوطن إذا تساوى الحاذق والغشاش، والعالم والمزوّر، في فرص الصعود؟ فكيف يمكن لمجتمع أن ينهض إذا كان التعليم، أساس بناء الإنسان، يُباع ويُشترى؟ وكيف نضمن مستقبلاً وطنياً إذا كانت المناصب العليا تُمنح لمن يدفع أكثر، لا لمن يستحق؟ما وقع في جامعة أكادير ليس حادثا معزولا، بل هو مؤشّر خطير على هشاشة منظومتنا القيمية، وعلى مدى تمدّد سرطان الغش والتدليس في جسد المجتمع. أن يصبح الغش “حقا مكتسبا” لدى بعض الفئات، فتلك بداية نهاية العقد الاجتماعي بين المواطنين والدولة. من غير المعقول أن تنحصر المساءلة في الأستاذ المتهم وحده، بل إن كل من استفاد، بشكل مباشر أو غير مباشر، من هذه “التجارة اللاشرعية”، يجب أن يُحاسب ويُتابع بتهمة التزوير في وثائق رسمية، والاحتيال على الدولة، والولوج إلى مواقع المسؤولية دون وجه حق ، مما يجعل الفساد التعليمي قنبلة موقوتة تهدد أمن المجتمع بأكمله هنا تبرز ضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة، فلا يكفي معاقبة الأستاذ المتورط في فضيحة أكادير، بل يجب استدعاء كل من استفاد من هذه “الصفقات” وملاحقته بتهمة التزوير والتدليس.. إننا لا ننسى الضحايا الحقيقيين لهذه الفضيحة: أبناء وبنات هذا الوطن، الذين أُقصوا لأنهم لم يملكوا 250 ألف درهم لشراء شهادة، وليس لأنهم يفتقرون للكفاءة أو الجدارة. كم من طاقة وطنية شريفة حُرمت من فرصتها، ودُفنت أحلامها، وانهزمت ثقتها في مؤسسات الدولة! وكم من شاب وشابة حُرموا من الماستر والدكتوراه، لا لضعف مستواهم العلمي، بل فقط لأنهم لا يملكون رصيدًا بنكيًا محترمًا! أليس هذا هو الوجه الحقيقي لانهيار القيم، وبداية تصدع الوطن؟ هذه الممارسات لا تدمر الأفراد فحسب، بل تقتل روح الانتماء لدى الشباب، وتجعلهم يفقدون الثقة في الوطن. وكما قال الكاتب البرازيلي باولو كويلو في روايته “الكيميائي”: “عندما تُحارب أحلامك، فإن الكون بأسره يتآمر لمساعدتك”، لكن ماذا لو كان الفساد هو من يحارب الأحلام؟ حينها لن يجد الشباب سوى اليأس أو الهجرة لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذه الجريمة. فالوطن الذي نريده ليس مبنيًا على الريع والزبونية، بل على تكافؤ الفرص والاستحقاق. كما ورد في النموذج التنموي الجديد، الذي دعا إليه جلالة الملك محمد السادس، فإن بناء مغرب الغد يمر عبر بناء مجتمع قوي إلى جانب دولة قوية، مجتمع يؤمن بالعدل، والكرامة، والنزاهة، ويقاوم كل أشكال الغش والإفساد. فكيف تكون الدولة قوية إذا كان تعليمها ضعيفاً؟ وكيف يكون المجتمع قوياً إذا كان أفراده يعيشون على الوهم؟ ولعل ما قاله الكاتب البرازيلي باولو كويلو في رسالته إلى ابنه: “إن بناء الإنسان أصعب بكثير من بناء المدن، لكنه الأساس الحقيقي لأي حضارة”، ينطبق تمامًا على ما نحتاجه اليوم. فالتعليم هو حجر الزاوية لبناء الإنسان، والعبث به هو تقويض لكل إمكانيات النهوض. ألم يقل الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو: ” « وهل هناك عدل حين يحصل المزوّرون على مناصب ومسؤوليات، بينما يُقصى النجباء لأنهم لا يملكون المال؟ هل هناك دولة قانون، حين يتحول التعليم إلى مزاد علني؟ إننا أمام لحظة فارقة: إما أن تتحرّك النيابة العامة بصرامة، ويُفتح تحقيق شامل يُحاسب فيه كل من تواطأ أو استفاد أو سكت عن هذا الفساد، أو أن نترك هذا الورم الخبيث يتفشى في جسد الدولة والمجتمع، ويُعمق فقدان الثقة، ويقضي على كل أمل في الإصلاح. إننا ننتظر من وزارة التعليم العالي أن تنتصب كمطالب بالحق المدني في هذه القضية، وأن تُعلن حربا لا هوادة فيها على كل المتلاعبين بسمعة الجامعة المغربية. فالتعليم لا يجب أن يكون سلعة، ولا يجب أن يُترك للمفسدين ينشرون سمومهم بين الطلبة والأساتذة، ويهدمون ما تبقى من الأمل في غد نزيه وعادل. وحده العدل، وحدها المساواة، وحده القانون، يمكن أن يؤسسوا لوطن يسع الجميع. أما الاستسلام فليس خيارًا، والسكوت تواطؤ. فلننتفض، دفاعًا عن الكرامة، عن العدالة، عن مغرب يستحق أن نحلم به… لا أن نخجل منه. فضيحة شواهد الماستر ليست قضية أكاديمية عابرة، بل هي معركة وجودية ضد فسادٍ ينهش جسد الوطن. إن لم نتحرك اليوم، فسنواجه غداً جيلاً يعتقد أن الغش “إنجاز”، والتدليس “ذكاء”. الفساد الجامعي ليس مجرد جريمة أخلاقية، بل تهديد مباشر للأمن المجتمعي. عندما تتحول الجامعة إلى مصنع لشواهد مزورة، فإنها تنتج مسؤولين بلا كفاءة، وقضاة بلا ضمير، وأساتذة بلا علم. وحينها لا يمكن بناء مغرب الغد السكوت عن هذه الجريمة هو خيانة للأمل، وتواطؤ مع الفساد، ومساهمة في قتل طموحات شباب حُرموا من فرص حقيقية لأنهم لم يملكوا ما يكفي لشراء شهادة. إن ضحايا هذه المافيا معروفون: شباب اجتهدوا وكافحوا، لكنهم صُدوا لأنهم لم يكونوا جزءاً من لعبة النفوذ والرشوة * يدير اكيندي، أستاذ العلوم الاقتصادية والاجتماعية، خبير في التنمية الشاملة والإعاقة
ساحة

يونس مجاهد يكتب: حرية الصحافة المزعومة
يونس مجاهديشكل الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يصادف الثالث من شهر ماي كل سنة، مناسبة أخرى للحديث عن القضايا المرتبطة بممارسة هذه الحرية، وخاصة التضييق الذي يمارس لمنعها أو الحد منها، غير أنه قلما تناقش أخلاقيات الصحافة، في علاقتها بالحرية، رغم أن هناك تكاملا بين المبدأين، يجعل من جودة الصحافة، رديفا للالتزام بأخلاقياتها، لأن الصحافة الرديئة ليست ممارسة للحرية، بل على العكس، إنها مجرد تضليل للجمهور ونشر لأخبار كاذبة، وتشهير وارتزاق وابتزاز... وهي بذلك لا تستجيب لتطلعات المجتمع، بل تؤثر سلبا على حرية الصحافة وادوارها الاجتماعية.وانطلاقا من هذا المنظور الذي يعتبر أن الوظيفة الاجتماعية هي الغاية الرئيسية للممارسة الصحافية، تطور استعمال المعيار الاجتماعي، لتصحيح الانحرافات التي تصيب هذه المهنة، فرغم اعتماد مواثيق الأخلاقيات وهيئات التنظيم الذاتي، في العديد من البلدان المتقدمة في المجال الديمقراطي، إلا أنها ظلت تلجأ باستمرار لمراجعات مختلفة، لعلاقة الصحافة بالمجتمع. وفيهذا الصدد يمكن العودة إلى ما حصل في الولايات المتحدة، سنة 1942، حين تم إحداث لجنة هاتشينز، من طرف جامعة شيكاغو، بطلب من مؤسس مجلة تايم، هنري لوس، التي عينت على رأسها روبرت ماينارد هاتشينز. اشتغلت هذه اللجنة لمدة خمس سنوات، ونشرت تقريرها تحت عنوان "صحافة حرة ومسؤولة". ومما ورد فيه، وجود تناقض بين المفهوم التقليدي لحرية الصحافة، وضرورة التحلي بالمسؤولية. فالمسؤولية واحترام القانون، ليس في حد ذاتهما تضييقاعلى حرية الصحافة، بل على العكس، يمكن أن يكونا تعبيرا أصيلا عن حرية إيجابية، لكنهما ضد حرية اللامبالاة. ويضيف التقرير؛ لقد أصبح من المعتاد اليوم أن تكون حرية الصحافة المزعومة، عبارة عن لا مسؤولية اجتماعية، لذا على الصحافة أن تعرف أن أخطاءها وأهواءها لم تعد ملكية خاصة لها، فهي تشكل خطرا على المجتمع، لأنها عندما تخطئ، فإنها تضلل الرأي العام، فنحن أمام تحدٍ؛ على الصحافة أن تظل نشاطا حرا وخاصا، لكن ليس لها الحق في أن تخطئ، لأنها تؤدي وظيفة مرفق عام. كان لهذا التقرير تأثير كبير في الحقل الصحافي، آنذاك، لأنه استعمل مفهوم المسؤولية الاجتماعية، واعتبر أن للصحافة وظائف أساسية، في تقديم معلومات وافية من خلال بحث وتدقيق، حول الأحداث اليومية، ضمن سياق واضح، وأن تكون منتدى للنقاش ولممارسة التعددية والحق في الاختلاف، وتنفتح على مختلف فئات المجتمع، بمساواة وإنصاف، وتتجنب الأفكار المسبقة والصور النمطية... ومن أشهر التقارير التي عرفتها، أيضا البلدان الديمقراطية، "تقرير ليفيسون"، الذي هو عبارة عن خلاصات تحقيق عام أجري في المملكة المتحدة بين عامي 2011 و2012، برئاسة القاضي براين ليفيسون، الذي كلفته الحكومة، بإنجاز افتحاص شامل حول ممارسة الصحافة ومدى التزامها بالأخلاقيات. ومن أهم توصياته؛ إنشاء هيئة جديدة مستقلة لتنظيم الصحافة، عبر تشريع قانوني، وتعزيز حماية الأفراد من انتهاكات الخصوصية ومن التشهير... وبناء على هذا التقرير تم اعتماد "ميثاق ملكي" للتنظيم الذاتي، صادق عليه البرلمان. ومازالت الأحزاب السياسية في هذا البلد تناقش الطرق المثلى الممكنة للتوصل إلى صيغة قانونية لتنفيذه، بالتوافق مع الناشرين. ويعتبر العديد من الباحثين في مجال الصحافة، أنه لا يمكن تصور الجودة في الصحافة، دون احترام أخلاقياتها، وحول هذا الموضوع، نظم منتدى الصحافة في الأرجنتين، ندوة دولية بمشاركة أكاديميين، صدرت في كتاب سنة 2007، تحت عنوان "صحافة الجودة: نقاشات وتحديات"، ناقش هذا الإشكال من مختلف جوانبه، وكانت خلاصته الرئيسية، أن الجودة والأخلاقيات وجهان لعملة واحدة. الجودة في البحث والتقصي وتدقيق المعلومات والتأكد من المعطيات، احترام الخصوصيات، الامتناع عن ممارسة السب والقذف، استعمال اللغة بشكل صحيح وراقٍ، تجنب الأخطاء اللغوية... ومن مصادر هذا الكتاب، البحث الذي نشرته الأستاذة الجامعية الإسبانية، المتخصصة في أخلاقيات الصحافة، صوريا كارلوس، تحت عنوان "الأمراض النفسية للأخلاقيات في المؤسسات الإخبارية"، حيث اعتبرت أن هناك أربعة أسباب تفرض الالتزام بأخلاقيات الصحافة؛ أولها، أن الأشخاص الذين يربحون قوت يومهم من خلال انتقاد الآخرين، تقع عليهم مسؤولية أن يكون تفكيرهم غير مثير للانتقاد، ثانيها، الاشتغال قليلا، بشكل رديء، بدون احترام القواعد والجودة المطلوبة، يشكل أول انتهاك للأخلاقيات، ثالثها، أن القانون وحده لا يكفي، فعلى المؤسسات أن تضع أنظمة داخلية لاحترام أخلاقيات الصحافة، رابعها، حتى تكون هناك مقاولات صحافية قوية وموحدة، عليها أن تتوفر على منظومة قيم، وثقافة أخلاقية مشتركة. إن كل حديث عن حرية الصحافة، دون استحضار شروط ممارستها، يظل مجرد شعارات فارغة، فبالإضافة إلى ضرورة العمل على توفير الإطار القانوني الذي يسمح بممارسة الحرية، فإن الأهم هو أن تلتزم الصحافة بالقواعد المهنية والمبادئ الأخلاقية، وتستند على منظومة القيم، المتعارف عليها عالميا في ميدان الصحافة، داخل إطار مؤسساتي قوي، وأنظمة داخلية يتم فيها تقاسم المسؤولية المشتركة، كل هذا لا يمكن أن يكون إلا في مقاولات صحافية مهيكلة بشكل محترف، تتوفر على إمكانات مادية وموارد بشرية، قادرة على تقديم منتوج يليق بمكانة الصحافة ويتجاوب مع متطلبات مسؤوليتها الاجتماعية.
ساحة

هرماس يسائل والي الجهة ووالي الامن.. هل أعلنتما انهزام السلطة أمام عربدة سائقي سيارات الأجرة؟
حسن هرماس السيدان الواليان المحترمان، كلما حللت بالمدينة الحمراء، التي امضيت فيها جزءا غير يسير من مساري المهني كصحافي، وارتبطت بها من الناحية الوجدانية والعائلية، إلا وشعرت بنوع من المرارة والأسى اتجاه بعض الممارسات المشينة التي تتغذى من مستنقع الفوضى والابتزاز، لدرجة أنني أصبحت أتخيل أن السلطات الأمنية والسلطات الولائية قدمتا معا استقالتها من ممارسة جزء من وظيفتها، وأعلنتا انهزامهما في مبارزة استأسد فيها "الخصم"، وما هو بخصم، وتجبر بلا حد ولا قيود. السيدان الواليان، أنا على يقين أنكما على بينة من العربدة والتجبر الذي عات بلا حدود في عدد من الأماكن المسموح فيها بتوقف سائقي سيارات الأجرة الصغيرة منها والكبيرة لنقل الركاب، مواطنين وسياحا، مغاربة وأجانب، نحو وجهاتهم، ومن ضمنها الساحة المحاذية لمحطة قطار مراكش، والساحة المواجهة لقنصلية فرنسا على مقربة من ساحة جامع لفنا...، ومبعث يقيني أنكما على علم بالأمر يستند إلى أن وظيفتكما الأساسية هي السهر على استتباب النظام والقانون، وتجسيد سلطة الدولة على أرض الواقع، وهذه المهمة الرهيبة، بمعناها الإيجابي، تستمدانها من الظهير الشريف ومن قرار تعيينكما في موقعي المسؤولية التي تتقلدانها.السيدان الواليان المحترمان، حللت بأرض البهجة ظهيرة يوم الإثنين 21 أبريل 2025، على متن رحلة قطار قادم الرباط، وأنا جد مزهو بنشوة اللقاءات التي جمعتني على مدى ثلاثة أيام مع الكتاب والإعلاميين والمثقفين في عاصمة المملكة بمناسبة الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب... ولا أخفيكما الإحباط والانكسار اللذين أصبت بهما وأنا أغادر محطة القطار باحثا عن سيارة أجرة تقلني اتجاه حي تاركة، حتى خيل إلى أنني في مغربين اثنين: مغرب الرباط حيث يشعر الإنسان بالاحترام والطمأنينة والحق في الخدمة العمومية المؤدى عنها، ومغرب مراكش الذي استأسد فيه، دون حسيب ولا رقيب، طغمة من منعدمي الضمير وقليلي الأخلاق ومحترفي المساومة والابتزاز ، وهم جزء ـ وليس كل ـ من سائقي سيارات الأجرة، ومنافسيهم الممارسين للمهنة خارج القانون. فخلال ثلاثة أرباع الساعة، بقيت "مشوجر" ، ( بتعبير أهل المدينة)، قبالة طابور من سيارات الأجرة المتوقفة، وبين الفينة والأخرى يأتي سائق السيارة مصحوبا بسائح (ين) أجنبي، ولا أحد غير السياح الأجانب، في هيئة تشي بأنه حصل على غنيمة، بينما يبدو السائح(ين)، وكأنهم "يساقون إلى المقصلة وهم ينظرون". بعدما تبين لي أن لا حظ لي في العثور على سيارة أجرة صغيرة في الموقف المجاور لمحطة القطار، على الرغم من أن عددا من السيارات ما تزال متوقفة في غياب السائقين الذين يترصدون "الهموز" داخل محطة القطار، توجهت نحو الشارع الذي يشكل امتداد لشارع محمد السادس، لعل سيارة أجرة مارة في نفس الاتجاه الذي أقصده تتوقف ... لكن دون جدوى. بل بمجرد ما أشرت على سيارة الأجرة الأولى حتى باغثني شخص بالسؤال عن وجهتي، سألته من أنت، قال لي :"طالب معاشو، عندي طاموبيلتي تنهز لبلايص"...، وأضاف قائلا: "راك غير كتضيع وقتك، ما غادي توقف ليك حتى طاكسي فهاد البلاصة"،اضطررت لأخبره عن وجهتى وهي "تاركة"، لأنني صاحب حاجة، قال لي 40 درهم... أتعرفان بماذا أجبته، سيداي الواليان؟ قلت لمن ادعى أنه "طالب معاشو": " ما عند الميت ما يدير قدام غسالو"، ورضخت للابتزاز.على امتداد المسار الرابط بين محطة قطار مراكش وحي تاركة، والذي اعتدت أن أؤدي مقابله 17 درهما عند العودة، تراءت لي مجموعة من الوقائع المشينة التي تخدش محيى مدينة البهجة، ومن ضمنها واقعة السائح الأجنبي الإنجليزي الجنسية الذي سبق له ، قبل شهور معدودة، أن تعرض للنصب من طرف سائق سيارة أجرة صغيرة بعدما حل بمطار مراكش المنارة، وهي الحادثة التي وثقها بالصوت والصورة، وتتبعها ملايين المشاهدين عبر العالم في قناته على اليوتوب.وإذا كان هذا السائح الأجنبي قد جهر بهذه الطريقة الفاضحة بتعرضه للظلم في بلد اسمه المغرب، له تاريخ ولديه ترسانة كبيرة من القوانين، وهو ما حز في أنفس حشد كبير من المغاربة مما اضطر السلطات إلى اتخاذ إجراءات تنظيمية وردعية للحيلولة دون تكرار فضيحة أخرى في مطار المنارة، فإن ما يقع في محيط محطة قطار مراكش، وعلى مقربة من ساحة جامع لفنا بشكل يومي، بل في كل ساعة وحين، لا يقل خطورة عن الواقعة السالف ذكرها، وهذا ما ينذر ـ لا قدر الله ـ بما هو أخطر وأفظع ما لم تتحرك السلطات الأمنية وسلطات ولاية مراكش للقيام بواجبها في فرض هبة الدولة وسيادة القانون. فاللهم هل بلغت، اللهم فاشهد.    
ساحة

محمد بنطلحة الدكالي يكتب: الروح الرياضية بالجزائر…داء العطب قديم
أمام الانتصارات المتتالية للدبلوماسية المغربية والنكسات والهزائم لجيران السوء،يبدو أن دولة العالم الآخر باتت تعيش أعراض الهلوسة والخرف،وهو داء عطب قديم إسمه" المروك". من بين الذكريات التي يتغنى بها حفدة الشهداء،واقعة كروية حدثت وقائعها في9 دجنبر1979 بين المغرب والجزائر،انتهت بفوزهم كما هو معلوم...ومنذ ذلك الحين والأبواق الإعلامية تكتب عن هذا" النصر" العظيم الذي مضت عليه46 سنة. ولأن مرض الهلوسة تزداد تهيؤاته بازدياد حدته،يبدو أن الكراغلة باتوا منذ الآن يترقبون مقابلة شباب قسنطينة أمام نهضة بركان المغربي. تطالعنا اليوم جريدة الشروق بمقال يحمل عنوان:" الرئيس تبون يحرص على مرافقة السياسي ودعمه في مواجهته ضد نهضة بركان المغربي"...! لقد أكد المقال أن زعيم الكراغلة سيتكفل بكامل مصاريف تنقل وإقامة ممثل الكرة الجزائرية في المغرب،علما أن وزير الشباب والرياضة،وليد صادي،وخلال حضوره مأدبة العشاء التي أقامها والي الولاية صيودة،كان قد نقل للنادي القسنطيني إدارة ولاعبين دعم رئيس الجمهورية ومساندته المطلقة للفريق في مواجهته أمام نهضة بركان...ومن ثمة ضمان تنشيط النهائي الإفريقي القادم ودخول التاريخ من بابه الواسع...! سبحان الله معشر الكراغلة،دخول التاريخ،شافاكم الله،يكون عبر الاختراعات والإنجازات،وتوفير لتر حليب وكسرة خبز لكل جائع،وذلك أضعف الإيمان. دخول التاريخ يكون عبر التلاحم والتآزر،لأننا دم واحد وتاريخ مشترك. أما وأنتم تشحنون المدرب خير الدين ماضوي وكأنه متوجه إلى ساحة الحرب،وتأمرون اللاعبين بوقرة ومداحي وكأنهما قائدا فريق مشاة...! إسمحوا لي أن أعترف،أني بت أشفق عليكم،وأدعو الله أن يتدبر أمر الحرارة المفرطةالتي تسكنكم. ونحن ندعو لكم بالشفاء معشر الكراغلة،نذكركم أنه وطوال التاريخ،ومنذ الحضارة الإغريقية التي عرفت ألعاب أثينا،ظلت الرياضة عنوانا للفرجة والتآخي والتعارف بين الشعوب لما تمثله من قيم إنسانية نبيلة،إنها تنشر السلام وتشجع على التسامح والاحترام وسمو الأخلاق،والرياضة بمعناها الصحيح ترفض أن تكون وسيلة لغاية أخرى لأنها منبع القيم السامية المثلى حين تنتصر الروح الرياضية. إننا نشفق عليكم،ونرثي لحالكم حين تعتبرون انتصارا صغيرا في كرة القدم عن طريق ضربات الحظ،عيدا وطنيا وملحمة بطولية،محاولين تهدئة الشارع الذي يعرف حراكا شعبيا. لقد ضاق الشعب الجزائري الشقيق درعا من ضيق العيش ومحنة الطوابير والرعب اليومي الجاثم على النفوس... الرياضة أخلاق وسمو إنساني نبيل...حاولوا أن تستفيقوا من غيكم،رغم أن داء العطب قديم... محمد بنطلحة الدكالي
ساحة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الأربعاء 02 يوليو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة