

ساحة
مراكش وأحوازها.. إشكالية تاريخ، ومسألة تفكيك
لعل من حسنات دراسات الفترة الاستعمارية بالمغرب، أنها على الأقل فككت تاريخ القبائل المغربية، وفسّرت طبيعة وأسباب تنقلها وانصهارها، وتداخلها أو تنافرها، وعوامل ذلك، بالنظر إلى الأدوات والحقول المعرفية الجديدة التي استعملتها، ولو بشكل مقصود، لسبر أغوار تاريخ مجتمع مخالف لقواعد تاريخ المجتمع الأوربي الروماني أو الإغريقي المألوف..أو الصناعي في فترات متقدمة..فـ"بيگوغيي" و"فرانسوا كليمون" وغيرهم من الجغرافيين قادونا مبكرا لنفهم كيف ساهمت مراكش، بظهورها كعاصمة تقليدية للدولة، وكحدث تاريخي مهم خلال القرن الحادي عشر الميلادي، في تغيير مجال الحوز، وفي جعل المخزن يحكم سلطته ونفوذه على هذا المجال من خلال تكسير الامتداد الأصلي "للمصامدة" من أعالي جبل "درن" إلى حدود المحيط حيث المراكز التاريخية التي لاتزال تنطق لغة المصامدة "كتيط" و"أگوز" و"تصورت"... ليتحول منطق التحركات البشرية بالمنطقة من منطق الاستقطاب حسب حركية "أدرار/أزغار" الممتدة من الجبل إلى سهول المحيط، إلى منطق الاستقطاب المتجه نحو المدينة "العاصمة المخزنية" التي كانت قد قللت من فرص نشوء أية سلطة قبلية قوية تنازع القوة المركزية المخزنية وسائل النفوذ.هذا دون أن ننسى بأن المخزن كان له الدور البارز في عملية نقل وتثبيت قبائل خارجية إلى هذا المجال، منذ العهد المرابطي وطيلة فترات تاريخية لاحقة، مما زاد في تكسير النفوذ المصمودي المحلي بأحواز الحاضرة الجديدة... وساهم، في نفس الوقت، في تحقيق نوع من التوازن مع الجهة المقابلة جنوب "درن" بسوس والصحراء..وهكذا كانت قبائل "إيگوزولن" قد استقدمت لتستقر "بسبت گزولة" و"اثنين شتوكة"بأحواز دكالة وأزمور، وقبائل "إيمجاظ" و"الشبانات" قد وصلت لتستوطن أحواز شيشاوة وأمزميز، بينما نقلت قبائل "أيت حمو" و"إدوبلال" لتمارس الانتجاع بالگنتور ومحيطها، وقبائل "المنابهة" و"ايحربيلن" كقبائل لتحارب خدمة لأمن واستقرار العاصمة المخزنية الجديدة.فلا يمكن الحديث إذن عن تاريخ مدينة مراكش وأحوازها القريبة أو البعيدة، وعن مسألة التراث دون استحضار هذا التاريخ، وهذه التحولات، وهذا التلاقح والانصهار...وهذا التغير والتباين في الأدوار والاستغلال...حسن إدوعزيز *طالب باحث في التاريخ
لعل من حسنات دراسات الفترة الاستعمارية بالمغرب، أنها على الأقل فككت تاريخ القبائل المغربية، وفسّرت طبيعة وأسباب تنقلها وانصهارها، وتداخلها أو تنافرها، وعوامل ذلك، بالنظر إلى الأدوات والحقول المعرفية الجديدة التي استعملتها، ولو بشكل مقصود، لسبر أغوار تاريخ مجتمع مخالف لقواعد تاريخ المجتمع الأوربي الروماني أو الإغريقي المألوف..أو الصناعي في فترات متقدمة..فـ"بيگوغيي" و"فرانسوا كليمون" وغيرهم من الجغرافيين قادونا مبكرا لنفهم كيف ساهمت مراكش، بظهورها كعاصمة تقليدية للدولة، وكحدث تاريخي مهم خلال القرن الحادي عشر الميلادي، في تغيير مجال الحوز، وفي جعل المخزن يحكم سلطته ونفوذه على هذا المجال من خلال تكسير الامتداد الأصلي "للمصامدة" من أعالي جبل "درن" إلى حدود المحيط حيث المراكز التاريخية التي لاتزال تنطق لغة المصامدة "كتيط" و"أگوز" و"تصورت"... ليتحول منطق التحركات البشرية بالمنطقة من منطق الاستقطاب حسب حركية "أدرار/أزغار" الممتدة من الجبل إلى سهول المحيط، إلى منطق الاستقطاب المتجه نحو المدينة "العاصمة المخزنية" التي كانت قد قللت من فرص نشوء أية سلطة قبلية قوية تنازع القوة المركزية المخزنية وسائل النفوذ.هذا دون أن ننسى بأن المخزن كان له الدور البارز في عملية نقل وتثبيت قبائل خارجية إلى هذا المجال، منذ العهد المرابطي وطيلة فترات تاريخية لاحقة، مما زاد في تكسير النفوذ المصمودي المحلي بأحواز الحاضرة الجديدة... وساهم، في نفس الوقت، في تحقيق نوع من التوازن مع الجهة المقابلة جنوب "درن" بسوس والصحراء..وهكذا كانت قبائل "إيگوزولن" قد استقدمت لتستقر "بسبت گزولة" و"اثنين شتوكة"بأحواز دكالة وأزمور، وقبائل "إيمجاظ" و"الشبانات" قد وصلت لتستوطن أحواز شيشاوة وأمزميز، بينما نقلت قبائل "أيت حمو" و"إدوبلال" لتمارس الانتجاع بالگنتور ومحيطها، وقبائل "المنابهة" و"ايحربيلن" كقبائل لتحارب خدمة لأمن واستقرار العاصمة المخزنية الجديدة.فلا يمكن الحديث إذن عن تاريخ مدينة مراكش وأحوازها القريبة أو البعيدة، وعن مسألة التراث دون استحضار هذا التاريخ، وهذه التحولات، وهذا التلاقح والانصهار...وهذا التغير والتباين في الأدوار والاستغلال...حسن إدوعزيز *طالب باحث في التاريخ
ملصقات
