

ساحة
مدير إقليمي للتعليم يصطاد في المناطق الضحلة
أثارت وثيقة صدرت عن المديرية الإقليمية للتعليم بأزيلال خلال شهر أكتوبر الماضي والتي تم تداولها على نطاق واسع بمواقع التواصل الاجتماعي وعبر تطبيق التواصل الفوري ردود أفعال متباينة بل وشكلت حدثا إعلاميا بامتياز وتحولت إلى موضوع دسم للسخرية؛ الأمر يتعلق باستفسار موجه من طرف المكلف بتصريف أعمال مديرية أزيلال إلى أستاذ حول ما يكتبه من مقالات صحفية ببعض المواقع الالكترونية.و شخصيا أصابتني الدهشة وأنا أتنقل بين سطور هذا الاستفسار التحفة وأحسست بمدى ضحالة التكوين القانوني لهذا المسؤول وقصر نظره واستخفافه بحجم المسؤولية التي يمارس والتي لا تسيء فقط للمديرية الإقليمية التي يدبر شؤونها ولا للأكاديمية الجهوية التابع لها ولا حتى للوزارة الوصية على القطاع ولكن يسئ أيضا لذكاء وفطنة نساء ورجال التعليم .فاستفسار أستاذ حول أرائه وأفكاره شكل خطوة مفاجئة ومستفزة خلقت غضبا عارما لدى الأطر التربوية و للعديد من التنظيمات الاجتماعية والجمعوية لكونه لم يجسد فقط سابقة ونكوصا مرضيا في تاريخ المنظومة التعليمية بل شكل أيضا خرق فاضح لمقتضيات أسمى قانون في البلاد وهو دستور 2011 الذي ينص على حرية الفكر والرأي والتعبير بل ويكفلها بكل أشكالها؛ فقد استباح المسؤول عن المديرية الإقليمية لنفسه أن يجرم ويقيد ممارسة حق أحله الدستور، ذلك أن الإطار التربوي موضوع الاستفسار شأنه شأن باقي المواطنين له الحق في إبداء ونشر أفكاره بالطريقة التي يريد وفي أية وسيلة إعلامية يرتئيها كل ما يشترط هو تحري الدقة والصدق و تجنب التشهير والقذف والخضوع لقواعد وأخلاقيات الممارسة الإعلامية، وكما يعلم الجميع فالحقوق الدستورية نظرا لسموها لا يمكن تقييدها إلا ضمن الإجراءات المنصوص عليها في القانون .و الأنكى من ذلك أن هناك جهل و سوء تأويل و توظيف معيب حتى لمقتضيات القانون الأساسي للوظيفة العمومية فقد اعتمد الاستفسار على الفصل 15 من هذا القانون " يمنع على الموظف أن يزاول بصفة مهنية أي نشاط حر أو تابع للقطاع الخاص يدر عليه دخلا" فالمنع المتضمن في الفصل اقترن تحت طائلة البطلان بشرط أساسي هو أن يدر عليه دخلا أو مقابل مادي فما هي علاقة المقالات الصحفية للأستاذ المستفسر بأحكام هذا الفصل، علما أن الاستفسار إياه لم يتضمن ما يفيد أنه كان يتقاضى مقابل أو أجر على مقالاته واليقين كما تقول القاعدة الفقهية لا يزول بالشك.بل أن تداعيات وارتدادات هذا الاستفسار دفعت احد المهتمين بالمجال القانوني للتعقيب عليه من خلال التأكيد أنه لم يكتفي يخرق أحكام الدستور ولا المواثيق الدولية و القوانين الوضعية بل خرق أيضا مقتضيات المادتين 18 و 36 من قانون المسطرة الجنائية حيث أن المدير الإقليمي للتعليم بأزيلال سمح لنفسه بممارسة مهنة بحثية استخباراتية تتعلق بمهام الشرطة القضائية المادة 18 " يعهد إلى الشرطة القضائية بالبث في وقوع الجرائم وجمع الأدلة عنها" ويضيف رجل القانون أن مهام وصلاحيات واختصاصات المدير الإقليمي للتعليم هي تربوية تتعلق أساسا بتنزيل التوجيهات السلطات التربوية الوطنية والجهوية في مجال تأهيل والارتقاء بالمنظومة التربوية والتكوينية والتعليمية وليس ضمنها التجسس على ما يكتبه رجال التعليم التي هي من اختصاص ضباط الشرطة القضائية. بل أن المدير حسب ذات المصدر دهب أبعد من ذلك حينما سمح لنفسه بإعطاء صبغة الجنحة لممارسة الأستاذ لحقه في التعبير عن أرائه وأفكاره و زاول بذلك مهام النيابة العامة. فالمدير الإقليمي انتهك كل القوانين والأنظمة بدءا من الدستور وانتهاء بقانون المسطرة الجنائية كان حري به أن يكون أول المنافحين عنها وعن احترامها ومارس مهام ينظمها القانون تنأى عن صلاحياته واختصاصاته.أكيد أني أعول على نباهة القارئ في ختام هذا المقال ليحدس معي أن دوافع هذا الاستفسار الحقيقية هو محاولة للإجهاز على صوت الاختلاف وتكميم الأفواه وإخضاع كل من يرفض دخول بيت الطاعة من أقلام رجال التعليم المزعجة، ورمي المخالفين براجمات إدعاءات سوريالية، والاستقواء بسيف القوانين والقهر الإداري من أجل التطويع.فليعلم المدير الإقليمي للتعليم بأزيلال وكل المسؤولين عن تدبير الشأن التعليمي إقليميا وجهويا وحتى على صعيد المركز أننا في حاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى أفق تنويري جديد يسعفنا في سبر أغوار الإشكالات الأفقية التي لا زالت تعيق المنظومة التربوية؛ في حاجة إلى فتح أوراش معرفية تواصلية نقدية مع كل الفاعلين في القطاع من أجل شحد الهمم واستنفار الجهود وتجميع الطاقات وتشبيك المبادرات، في حاجة لمواكبة والإصغاء إلى أصداء قوة وأوجاع المدرسة العمومية المغربية، في حاجة إلى مساهمات واجتهادات نساء ورجال التعليم ومواكبتهم المنفعلة والفاعلة بالمستجدات التعليمية، في حاجة لمنح آليات الثقة في كل مكونات المدرسة المغربية وتدبير الاختلاف والأزمات بشفافية وإشراك الرأي العام التربوي في القرارات مهما بلغت درجة قسوتها وقتامتها أما محاولات إخفاء الشمس بالغربال والإدعاء أن العام زين وكلشي مزيان والإجهاز على الاختلاف في قضية مصيرية كالتعليم لن تفضي سوى إلى نتائج عكسية.محمد تكناوي
أثارت وثيقة صدرت عن المديرية الإقليمية للتعليم بأزيلال خلال شهر أكتوبر الماضي والتي تم تداولها على نطاق واسع بمواقع التواصل الاجتماعي وعبر تطبيق التواصل الفوري ردود أفعال متباينة بل وشكلت حدثا إعلاميا بامتياز وتحولت إلى موضوع دسم للسخرية؛ الأمر يتعلق باستفسار موجه من طرف المكلف بتصريف أعمال مديرية أزيلال إلى أستاذ حول ما يكتبه من مقالات صحفية ببعض المواقع الالكترونية.و شخصيا أصابتني الدهشة وأنا أتنقل بين سطور هذا الاستفسار التحفة وأحسست بمدى ضحالة التكوين القانوني لهذا المسؤول وقصر نظره واستخفافه بحجم المسؤولية التي يمارس والتي لا تسيء فقط للمديرية الإقليمية التي يدبر شؤونها ولا للأكاديمية الجهوية التابع لها ولا حتى للوزارة الوصية على القطاع ولكن يسئ أيضا لذكاء وفطنة نساء ورجال التعليم .فاستفسار أستاذ حول أرائه وأفكاره شكل خطوة مفاجئة ومستفزة خلقت غضبا عارما لدى الأطر التربوية و للعديد من التنظيمات الاجتماعية والجمعوية لكونه لم يجسد فقط سابقة ونكوصا مرضيا في تاريخ المنظومة التعليمية بل شكل أيضا خرق فاضح لمقتضيات أسمى قانون في البلاد وهو دستور 2011 الذي ينص على حرية الفكر والرأي والتعبير بل ويكفلها بكل أشكالها؛ فقد استباح المسؤول عن المديرية الإقليمية لنفسه أن يجرم ويقيد ممارسة حق أحله الدستور، ذلك أن الإطار التربوي موضوع الاستفسار شأنه شأن باقي المواطنين له الحق في إبداء ونشر أفكاره بالطريقة التي يريد وفي أية وسيلة إعلامية يرتئيها كل ما يشترط هو تحري الدقة والصدق و تجنب التشهير والقذف والخضوع لقواعد وأخلاقيات الممارسة الإعلامية، وكما يعلم الجميع فالحقوق الدستورية نظرا لسموها لا يمكن تقييدها إلا ضمن الإجراءات المنصوص عليها في القانون .و الأنكى من ذلك أن هناك جهل و سوء تأويل و توظيف معيب حتى لمقتضيات القانون الأساسي للوظيفة العمومية فقد اعتمد الاستفسار على الفصل 15 من هذا القانون " يمنع على الموظف أن يزاول بصفة مهنية أي نشاط حر أو تابع للقطاع الخاص يدر عليه دخلا" فالمنع المتضمن في الفصل اقترن تحت طائلة البطلان بشرط أساسي هو أن يدر عليه دخلا أو مقابل مادي فما هي علاقة المقالات الصحفية للأستاذ المستفسر بأحكام هذا الفصل، علما أن الاستفسار إياه لم يتضمن ما يفيد أنه كان يتقاضى مقابل أو أجر على مقالاته واليقين كما تقول القاعدة الفقهية لا يزول بالشك.بل أن تداعيات وارتدادات هذا الاستفسار دفعت احد المهتمين بالمجال القانوني للتعقيب عليه من خلال التأكيد أنه لم يكتفي يخرق أحكام الدستور ولا المواثيق الدولية و القوانين الوضعية بل خرق أيضا مقتضيات المادتين 18 و 36 من قانون المسطرة الجنائية حيث أن المدير الإقليمي للتعليم بأزيلال سمح لنفسه بممارسة مهنة بحثية استخباراتية تتعلق بمهام الشرطة القضائية المادة 18 " يعهد إلى الشرطة القضائية بالبث في وقوع الجرائم وجمع الأدلة عنها" ويضيف رجل القانون أن مهام وصلاحيات واختصاصات المدير الإقليمي للتعليم هي تربوية تتعلق أساسا بتنزيل التوجيهات السلطات التربوية الوطنية والجهوية في مجال تأهيل والارتقاء بالمنظومة التربوية والتكوينية والتعليمية وليس ضمنها التجسس على ما يكتبه رجال التعليم التي هي من اختصاص ضباط الشرطة القضائية. بل أن المدير حسب ذات المصدر دهب أبعد من ذلك حينما سمح لنفسه بإعطاء صبغة الجنحة لممارسة الأستاذ لحقه في التعبير عن أرائه وأفكاره و زاول بذلك مهام النيابة العامة. فالمدير الإقليمي انتهك كل القوانين والأنظمة بدءا من الدستور وانتهاء بقانون المسطرة الجنائية كان حري به أن يكون أول المنافحين عنها وعن احترامها ومارس مهام ينظمها القانون تنأى عن صلاحياته واختصاصاته.أكيد أني أعول على نباهة القارئ في ختام هذا المقال ليحدس معي أن دوافع هذا الاستفسار الحقيقية هو محاولة للإجهاز على صوت الاختلاف وتكميم الأفواه وإخضاع كل من يرفض دخول بيت الطاعة من أقلام رجال التعليم المزعجة، ورمي المخالفين براجمات إدعاءات سوريالية، والاستقواء بسيف القوانين والقهر الإداري من أجل التطويع.فليعلم المدير الإقليمي للتعليم بأزيلال وكل المسؤولين عن تدبير الشأن التعليمي إقليميا وجهويا وحتى على صعيد المركز أننا في حاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى أفق تنويري جديد يسعفنا في سبر أغوار الإشكالات الأفقية التي لا زالت تعيق المنظومة التربوية؛ في حاجة إلى فتح أوراش معرفية تواصلية نقدية مع كل الفاعلين في القطاع من أجل شحد الهمم واستنفار الجهود وتجميع الطاقات وتشبيك المبادرات، في حاجة لمواكبة والإصغاء إلى أصداء قوة وأوجاع المدرسة العمومية المغربية، في حاجة إلى مساهمات واجتهادات نساء ورجال التعليم ومواكبتهم المنفعلة والفاعلة بالمستجدات التعليمية، في حاجة لمنح آليات الثقة في كل مكونات المدرسة المغربية وتدبير الاختلاف والأزمات بشفافية وإشراك الرأي العام التربوي في القرارات مهما بلغت درجة قسوتها وقتامتها أما محاولات إخفاء الشمس بالغربال والإدعاء أن العام زين وكلشي مزيان والإجهاز على الاختلاف في قضية مصيرية كالتعليم لن تفضي سوى إلى نتائج عكسية.محمد تكناوي
ملصقات
