

ساحة
محمد تكناوي يكتب: المجالس الإدارية للأكاديميات بين البذخ التشريعي.. والقصور التنظيمي
اسدل الستار خلال نهاية الاسبوع المنصرم على أشغال المجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والتي امتدت طيلة شهر دجنبر 2020، حيث تناوب على تراسها كل من وزير التعليم سعيد أمزازي والكاتب العام لقطاع التربية الوطنية يوسف بلقاسمي، وتميزت هذه الدورة بانعقادها في سياق استثنائي خاص فرضته الاجراءات والتدابير الاحترازية التي تبنتها السلطات العمومية للحد من انتشار جائحة كورونا .هذه الدورة العادية للمجالس الادارية بالرغم من السياقات التي اكتنفتها، انعقدت وقد تحققت نسبيا بعض المكاسب على مستوى التدبير الجهوي، شكلت إلى حد ما تراكما ايجابيا لتعزيز اللامركزية واللاتمركز والدفع بالدور التدبيري، وهو التراكم الذي تمظهر جليا في اعتبار الاكاديميات محاورا جهويا لا محيد عنه، واعتماد خلال فعاليتها أيضا المشاريع الجهوية والتي ارتكزت بدورها على حافظة المشاريع التي تم انجازها بمختلف المديريات الاقليمية وهو اجراء يقطع مع المشاريع الاصلاحية السالفة والتي كان يطغى عليها التمركز؛ كما تميزت الدورة بانخراط مكونات المجالس الادارية في المسالة التعليمية سواء من حيث التحسن التدريجي لأداء اللجن الوضوعاتية المنبثقة عن المجالس الادارية " النقاشات لم تعد تكتسي صبغة مطلبية أو فئوية" او من خلال مساهمات بعض الجهات في المجهود المالي" خاصة الجماعات الترابية" او من خلال تحرك المنتخبين واجمالا يمكن القول ان هناك بوادر ثقافة جديدة مبنية على الجهوية وعلى دعم الجهة اصبحت تتبلور وبان هناك مناخا مشجعا للنهوض بهذه الثقافة الجديدة ولو ان هذه البوادر تتباين امتداداتها بين أكاديمية وأخرى.وعلى العموم يجب الإقرار من حيث المبدأ بأن إحداث المجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين مكسب يستجيب للكثير من الانتظارات ليس على المستوى التربوي فحسب ولكن كذلك على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، فهو قبل كل شيء ترسيخ للجهوية المتقدمة كخيار استراتيجي للدولة، ومن جهة أخرى يعتبر مثالا حيا للتدبير التشاركي الديمقراطي وجهازا من اجهزة المراقبة والمحاسبة والتقييم الداخلي. وإنتاج الآراء والاقتراحات والحلول من نفس البيئة التي أنتجت المشاكل والاكراهات والمعيقات التي حالت دون تحقيق الأهداف المتوخاة.غير ان هذه المكتسبات على اهميتها والانتظارات لا يمكن استيعابها بشكل كاف ما لم يتم استحضار مناحي القصور التي حدت من انطلاقة المجالس الادارية للأكاديميات ومن تعزيز حضورها في المشهد التربوي الجهوي وانتقالها من مؤسسة عمومية إلى ادارة جهوية، و توطين البدائل لتغطية هذه الاختلالات وتفكيك الشوائب بالتصويب والتعديل وهذا يدفع الى ابداء الملاحظات التالية حول القانون المؤطر لهذه المجالس :اختصاصات وصلاحيات المجالس الادارية مجهود تشريعي لم يوازيه مجهود على مستوى تفعيل آليات التدبير المالي والإداري والتربوي؛ فالقانون 07.00 الذي أحدثت بموجبه الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، باعتباره المرجع القانوني و التنظيمي الذي يؤطر عمل المجالس الإدارية للأكاديميات لم يتم وضع الترتيبات والآليات المصاحبة لإنضاج الشروط الموضوعية لتفعيله، بل أكثر من ذلك فالمجالس الإدارية للأكاديميات لا تقوم بجميع المهام المخولة إليه قانونيا، كما أنها لا تمارس و لا تفعل جميع الصلاحيات و الاختصاصات المفوضة إليها من لدن السلطة التربوية الوصية، حيث و استنادا إلى المادة 5 من القانون رقم 07.00 القاضي بإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، فمجالس الأكاديميات تتمتع بجميع السلط والصلاحيات اللازمة لإدارة الأكاديميات، وخاصة فيما يتعلق بالبرنامج التوقعي الجهوي لتكوين الأطر التعليمية والإدارية والتقنية و البرنامج التوقعي للبناء والتوسيع والإصلاحات الكبرى لمؤسسات التربية والتكوين، كما أنها مسؤولة عن سير مؤسسات التربية والتكوين و كذا تكوين شبكات مؤسسات التربية والتكوين، والمجالس الإدارية للأكاديميات لا تقوم في واقع الأمر إلا بمناقشة مخططات العمل و مناقشة الميزانية و المصادقة عليها.كما أن هذه المجالس غير مخولة لإبداء الرأي حول الإشكالات الأفقية للمنظومة التربوية ولا يمكنها تغيير القرارات التربوية الإستراتيجية و لا المخططات التربوية المعدة من طرف الإدارة التربوية المركزية. كما أنها مازالت لم تتوفق في فرض الخصوصيات الجهوية و المحلية في تدبير الشأن التربوي الجهوي.القانون 07.00 أيضا تضمن تعابير ومفاهيم يغلب عليها الإنشاء الادبي البعيد عن التدقيق والتحديد بمعنى اخر كان عبارة عن مقتضيات تعويمية قابلة للتأويل ولمستويات متعددة من الفهم، مما أدى إلى ضبابية وعدم وضوح في اختصاصات المجالس الإدارية للأكاديميات، فالمادة 3 من القانون رقم 07.00 القاضي بإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين على سبيل الذكر تؤكد على أن الأكاديميات يديرها مجلس إداري ويسيرها مدير، والواقع يفند هذا الطرح حيث ان المدير يسير ويدير الاكاديمية.فضلا عن وجود اختلالات في تركيبة و تمثيلية المجالس الادارية حيث يغلب عليها طابع تمثيلية الأعضاء المعينون من طرف السلطة التربوية، و ذلك قصد تمرير الميزانية و بغرض إبقاء المبادرة للإدارة الوصية. ولا بد من الاقرار في الختام انه بالرغم من صحة ووجاهة ما تم طرحه في هذا المقال من افكار وتصورات وانتقادات والتي تقتضي مراجعة وتعديل عدد من مقثتضيات القانون 07.00 نؤكد ان الاكاديميات ومجالسها الادارية قد شكلت لحظة نوعية ومحطة مشرقة في مسار تأهيل المنظومة التربوية وجعلها مواكبة ومساهمة في بناء مغرب المؤسسات والحداثة والديمقراطية.
اسدل الستار خلال نهاية الاسبوع المنصرم على أشغال المجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والتي امتدت طيلة شهر دجنبر 2020، حيث تناوب على تراسها كل من وزير التعليم سعيد أمزازي والكاتب العام لقطاع التربية الوطنية يوسف بلقاسمي، وتميزت هذه الدورة بانعقادها في سياق استثنائي خاص فرضته الاجراءات والتدابير الاحترازية التي تبنتها السلطات العمومية للحد من انتشار جائحة كورونا .هذه الدورة العادية للمجالس الادارية بالرغم من السياقات التي اكتنفتها، انعقدت وقد تحققت نسبيا بعض المكاسب على مستوى التدبير الجهوي، شكلت إلى حد ما تراكما ايجابيا لتعزيز اللامركزية واللاتمركز والدفع بالدور التدبيري، وهو التراكم الذي تمظهر جليا في اعتبار الاكاديميات محاورا جهويا لا محيد عنه، واعتماد خلال فعاليتها أيضا المشاريع الجهوية والتي ارتكزت بدورها على حافظة المشاريع التي تم انجازها بمختلف المديريات الاقليمية وهو اجراء يقطع مع المشاريع الاصلاحية السالفة والتي كان يطغى عليها التمركز؛ كما تميزت الدورة بانخراط مكونات المجالس الادارية في المسالة التعليمية سواء من حيث التحسن التدريجي لأداء اللجن الوضوعاتية المنبثقة عن المجالس الادارية " النقاشات لم تعد تكتسي صبغة مطلبية أو فئوية" او من خلال مساهمات بعض الجهات في المجهود المالي" خاصة الجماعات الترابية" او من خلال تحرك المنتخبين واجمالا يمكن القول ان هناك بوادر ثقافة جديدة مبنية على الجهوية وعلى دعم الجهة اصبحت تتبلور وبان هناك مناخا مشجعا للنهوض بهذه الثقافة الجديدة ولو ان هذه البوادر تتباين امتداداتها بين أكاديمية وأخرى.وعلى العموم يجب الإقرار من حيث المبدأ بأن إحداث المجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين مكسب يستجيب للكثير من الانتظارات ليس على المستوى التربوي فحسب ولكن كذلك على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، فهو قبل كل شيء ترسيخ للجهوية المتقدمة كخيار استراتيجي للدولة، ومن جهة أخرى يعتبر مثالا حيا للتدبير التشاركي الديمقراطي وجهازا من اجهزة المراقبة والمحاسبة والتقييم الداخلي. وإنتاج الآراء والاقتراحات والحلول من نفس البيئة التي أنتجت المشاكل والاكراهات والمعيقات التي حالت دون تحقيق الأهداف المتوخاة.غير ان هذه المكتسبات على اهميتها والانتظارات لا يمكن استيعابها بشكل كاف ما لم يتم استحضار مناحي القصور التي حدت من انطلاقة المجالس الادارية للأكاديميات ومن تعزيز حضورها في المشهد التربوي الجهوي وانتقالها من مؤسسة عمومية إلى ادارة جهوية، و توطين البدائل لتغطية هذه الاختلالات وتفكيك الشوائب بالتصويب والتعديل وهذا يدفع الى ابداء الملاحظات التالية حول القانون المؤطر لهذه المجالس :اختصاصات وصلاحيات المجالس الادارية مجهود تشريعي لم يوازيه مجهود على مستوى تفعيل آليات التدبير المالي والإداري والتربوي؛ فالقانون 07.00 الذي أحدثت بموجبه الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، باعتباره المرجع القانوني و التنظيمي الذي يؤطر عمل المجالس الإدارية للأكاديميات لم يتم وضع الترتيبات والآليات المصاحبة لإنضاج الشروط الموضوعية لتفعيله، بل أكثر من ذلك فالمجالس الإدارية للأكاديميات لا تقوم بجميع المهام المخولة إليه قانونيا، كما أنها لا تمارس و لا تفعل جميع الصلاحيات و الاختصاصات المفوضة إليها من لدن السلطة التربوية الوصية، حيث و استنادا إلى المادة 5 من القانون رقم 07.00 القاضي بإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، فمجالس الأكاديميات تتمتع بجميع السلط والصلاحيات اللازمة لإدارة الأكاديميات، وخاصة فيما يتعلق بالبرنامج التوقعي الجهوي لتكوين الأطر التعليمية والإدارية والتقنية و البرنامج التوقعي للبناء والتوسيع والإصلاحات الكبرى لمؤسسات التربية والتكوين، كما أنها مسؤولة عن سير مؤسسات التربية والتكوين و كذا تكوين شبكات مؤسسات التربية والتكوين، والمجالس الإدارية للأكاديميات لا تقوم في واقع الأمر إلا بمناقشة مخططات العمل و مناقشة الميزانية و المصادقة عليها.كما أن هذه المجالس غير مخولة لإبداء الرأي حول الإشكالات الأفقية للمنظومة التربوية ولا يمكنها تغيير القرارات التربوية الإستراتيجية و لا المخططات التربوية المعدة من طرف الإدارة التربوية المركزية. كما أنها مازالت لم تتوفق في فرض الخصوصيات الجهوية و المحلية في تدبير الشأن التربوي الجهوي.القانون 07.00 أيضا تضمن تعابير ومفاهيم يغلب عليها الإنشاء الادبي البعيد عن التدقيق والتحديد بمعنى اخر كان عبارة عن مقتضيات تعويمية قابلة للتأويل ولمستويات متعددة من الفهم، مما أدى إلى ضبابية وعدم وضوح في اختصاصات المجالس الإدارية للأكاديميات، فالمادة 3 من القانون رقم 07.00 القاضي بإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين على سبيل الذكر تؤكد على أن الأكاديميات يديرها مجلس إداري ويسيرها مدير، والواقع يفند هذا الطرح حيث ان المدير يسير ويدير الاكاديمية.فضلا عن وجود اختلالات في تركيبة و تمثيلية المجالس الادارية حيث يغلب عليها طابع تمثيلية الأعضاء المعينون من طرف السلطة التربوية، و ذلك قصد تمرير الميزانية و بغرض إبقاء المبادرة للإدارة الوصية. ولا بد من الاقرار في الختام انه بالرغم من صحة ووجاهة ما تم طرحه في هذا المقال من افكار وتصورات وانتقادات والتي تقتضي مراجعة وتعديل عدد من مقثتضيات القانون 07.00 نؤكد ان الاكاديميات ومجالسها الادارية قد شكلت لحظة نوعية ومحطة مشرقة في مسار تأهيل المنظومة التربوية وجعلها مواكبة ومساهمة في بناء مغرب المؤسسات والحداثة والديمقراطية.
ملصقات
