تعد المراكز "الخاصة" لمهن التربية و التكوين ( و التي لايجب خلطها مع المراكز الجهوية لمهن التربية و التكوين التابعة للدولة) من الحلول التي بلورت لتعزيز التعليم المدرسي الخصوصي بالمغرب عن طريق توفير مدرسين مؤهلين لتغطية الفراغ الذي سيتركه أساسا مدرسو التعليم العمومي الذين حالت المذكرات الوزارية دون استمرارهم في العمل بالتعليم الخاص.هذا الأخير الذي منحته وزارة التربية الوطنية فرصة لتكوين أطر خاصة به من خريجي المراكز الخاصة وفق دفاتر تحملات مضبوطة.
المفارقة البئيسة و التي أصبحت حديث كل المغاربة المهتمين بقطاع التربية و التكوين تتجلى في كون هذه المراكز الخاصة خانت الأمانة و عاتت في الأرض فسادا دون حسيب و لا رقيب.ولم الرقيب اذن اذا علمنا أن هذه المراكز تدفع مبالغ طائلة من أجل انخراط و اسكات الجهات المسؤولة عن مراقبة و تتبع انزال دفاتر التحملات على أرض الواقع ؟؟
كل شبابنا اليوم من المجازين يملكون شهادة سحرية مسلمة من قبل تلك المراكز الخاصة أتدرون لماذا؟؟ أتدرون لم انتشرت تلك المراكز كالفطر؟؟؟
الجواب الذي يعرفه الجميع و الذي قوض مبدأ تكافؤ الفرص بين المتبارين في وقت تتشدق الجهات المسؤولة بهذا الحق هو أن تلك الشهادة المسلمة من المراكز الخاصة تعفي ظلما من الانتقاء الأولي المفروض لولوج المراكز الجهوية لمهن التربية و التكوين (مؤسسات الدولة ) بالمغرب و هذا سبب تهافت المجازين على التسجيل بتلك المراكز الخاصة و التي لا يتوفر بها حتى الحد الأدنى من شروط التكوين الذي تختزل مدته أحيانا لدرجة تثير الاستغراب دون حسيب و لا رقيب حيث صرنا نسمع عن مراكز تقدم شهادات تتوج 400 ساعة تكوين و الحال أن مدة التكوين الحقيقة لم تتجاوز 40 ساعة سنويا و يتم احتساب التداريب الميدانية لطلبتهم ضمن هذه المدة علما أن هذه التداريب لا تتم أصلا لعدة أسباب أهمها ضعف منتوج هذه المقاولات الخاصة التي تتاجر ببؤس الشباب المعطلين اللاهثين وراء الوظيفة العمومية و عدم ثقة المدارس الخصوصية في منتوج ضعيف التكوين يجسده مشترو تلك الورقات (الشهادات).
ثم ان انتشار هذه المراكز الخاصة لمهن التربية و التكوين التي انتحلت صفة و اسم مؤسسات عمومية هي "المراكز الجهوية لمهن التربية و التكوين" محاولة ايهام الجميع أنها تؤدي نفس الدور و المهام الموكولة لمراكز الدولة،راجع بالأساس لعائدات الاستثمار الخيالية في هذا الميدان حيث أنه و بعملية بسيطة اذا قمنا بضرب معدل عدد الطلبة بالمراكز الخاصة الذي يمثل 800 طالب تقريبا في الحد الأدنى من المال الواجب أداؤه شهريا أي 600 درهم سنحصل على المدخول الشهري الذي تحققه مقاولات الوهم أي 480000 درهم (48 مليون سنتيما شهريا) و هو مبلغ ضخم جدا و هنا تكمن قوة هذه المراكز و قدرتها على اسكات الجميع بالمال الحرام المتحصل عليه باستغلال شباب انطلت عليهم حيلة مفادها أن شراء تلك الشهادات من المراكز الخاصة سيعفيهم من الانتقاء الأولي لمباراة ولوج سلك هيئة التدريس.
شهادات صادمة قدمها طلبة هذه المقاولات حيث بلغ مستوى تدن الأخلاق التربوية لدى أحد مسيري هذه المراكز الخاصة المعروفة بمراكش و الذي مرر مشروع احداث مركزه لزوجته باعتباره من أطر وموظفي مؤسسة في الدولة ليظل هو متخفيا عن الأنظار بينما ينكب هو على تمرير كل مشاريع التكوين المخصصة في استغلال سافر لمنصبه !!!!
شهادات حسرة عارمة تقدم يوميا و أمور تحكى بعيدة كل البعد عن ميدان عرف بميدان التربية أولا قبل التعليم غير أن أسوأها تشير لمسألة غياب التكوين الحقيقي حيث أنه و في نفس المركز الخاص كذلك تمت مناقشة البحوث التربوية لنهاية السنة من قبل عون اداري لم يتمم اجازته و لا يستطيع صياغة جملة واحدة باللغتين العربية أو الفرنسية فكيف به يناقش طلبة مجازين و طلبة الدكتوراه..الخ!!!! هل هذا هو مشروع تأهيل مدرسي القطاع الخاص؟؟؟
مهزلة تتفاقم كل يوم و القادم ينبئ بانفجار الوضع في القريب العاجل و دخول الطلبة في موجة احتجاجات خاصة اذا علمنا أن الشهادة "الوهم" أصبحت لدى الجميع و لم تعد تشكل امتيازا ناهيك عن سعي وزارة التربية الوطنية هذه السنة لادماج أساتذة سد الخصاص في أسلاكها من خلال مباراة المراكز مع اعطائهم الامتياز و الأفضلية بحكم أحقيتهم و أقدميتهم و خدمتهم لقطاع التربية الوطنية لسنوات ان الأوان لمكافأتهم عليها.
بعيدا عن ذلك،مركزيا،بات الحديث اليوم عن القرار الشجاع للوزير السابق محمد الوفا القاضي باجتياز كل المجازين الراغبين في ولوج قطاع التعليم لمباراة تكون هي الفيصل أصبح ملحا عوض الاستمرار في تأزيم الأوضاع و الايهام بمبدأ "الانتقاء الأولي" الذي أفرغ من مضمونه الحقيقي.
أنه وطننا الحبيب الذي سيؤدي الثمن غاليا في القريب العاجل اذا لم يتدارك القائمون على الشأن التربوي هذه الاختلالات الجوهرية اللامواطنة.