ساحة

لحسن حداد يكتب عن مستقبل المنظومات التربوية في أفريقيا وتحديات العصر


كشـ24 نشر في: 15 أبريل 2021

لحسن حدادتواجه دول أفريقيا جنوب الصحراء مجموعة من التحديات فيما يخص ضمان ولوج مستدام لتربية جيدة مبنية على التحصيل والإنجاز، واكتساب المهارات الحياتية، والمهارات المؤدية للتشغيل والنمو، والقدرة على التعلم مدى الحياة. هذا في وقت، يتزايد فيه الضغط الديمغرافي في مجموعة من الدول، وتعاني منظومة الحكامة من ضعف صارخ في البعض منها كذلك، بينما تعرف المؤسسات، خصوصاً العمومية، أعطاباً بنيوية تحاول الكثير من هذه الدول جاهدة تجاوزها.رغم التحسن الملحوظ الذي عرفته المنظومات التربوية على مستوى دول أفريقيا جنوب الصحراء، وكذلك الجهود الحثيثة التي بذلتها الحكومات لتحسين الولوج والجودة والحكامة والمناهج وطرق التدريس، وهي جهود مشجعة، وتعتبر نبراساً لما سيأتي، فإن الطريق ما زالت شاقة.حسب مقال تركيبي مُرَكَز وتحليلي عميق لـ145 دراسة ميدانية (ابتداءً من 2014) يُقِرُ ديفيد إفانز وأمينة مينديز أكوستا بأن التحولات التي عرفتها منظومات التربية والتعليم بأفريقيا جنوب الصحراء خلال الخمسين سنة الأخيرة كانت مهمة («التربية والتعليم في أفريقيا: ما هي الدروس المستخلصة»، مجلة الاقتصادات الأفريقية، 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020). هكذا ارتفعت نسبة الأطفال الذين أتموا الدراسة الابتدائية من 46 في المائة إلى 68 في المائة، والثانوي الإعدادي من 22 في المائة إلى 40 في المائة (المرجع نفسه).ومع ذلك، فالأداء ما زال دون الانتظارات بكثير؛ فحسب منظمة اليونيسكو، فإن هذه المنطقة تعرف أعلى نسبة من «الإقصاء» من خدمات التربية في العالم. «خُمُس الأطفال ما بين 6 و11 سنة يوجدون خارج المدرسة، وثُلُث من هم بين سني الثانية عشرة والرابعة عشرة لا يذهبون إلى المدرسة» (مركز اليونيسكو للإحصاء، «التربية والتعليم في أفريقيا»). وهذا يعني أن جيلاً كاملاً لا يدرس ولا يتكون وسوف يكون عديم المهارات في المستقبل وسينضاف إلى الجيش الكبير من العاطلين الذين يؤثثون فضاءات المدن والأرياف في أفريقيا جنوب الصحراء.ستون في المائة ممن تبلغ أعمارهم 15 إلى 17، حسب المركز نفسه، لا يدرسون. هذا يعني أن التعليم الثانوي المؤهِل للجامعة ومعاهد التكوين لا يجلب غالبية الشباب الأفريقي الذي هو في سن التشغيل. وهذا يعني أن الاقتصادات الأفريقية ستعاني من نقص حاد في اليد العاملة المؤهلة؛ ويعني كذلك ارتفاعاً مهولاً في جيوش الشباب الذين يمتهنون الهجرة السرية والجريمة والتسكع، وهي تربة سوسيولوجية مواتية للجماعات المتطرفة لتجنيد نشطاء جدد في القرن الأفريقي والساحل وخليج غينيا، وغيرها.خلقت جائحة كورونا واقعاً جديداً، حيث إن البحث الميداني النوعي الذي قامت به «هيومان رايتس ووتش» في بوركينا فاسو وجمهورية الكونغو الديمقراطية وكينيا ومدغشقر والمغرب ونيجيريا وجنوب أفريقيا وزامبيا، ما بين أبريل (نيسان) وأغسطس (آب) 2020 خلُص إلى أن «إغلاق المدارس جراء الجائحة أدى إلى تفاقم وضعية اللامساواة التي كانت سائدة قبل الجائحة» (هيومان رايتس ووتش، «تأثير كوفيد - 19 على تعليم الأطفال في أفريقيا» 26 أغسطس 2020). أجهزت «كورونا» على بعض المكاسب المحققة خلال العقود الأخيرة، ولكنها جعلت المهمشين أكثر تهميشاً ودفعت بالكثير من الأطفال إلى خارج المدرسة (المجلس النرويجي لللاجئين، بيان مُعَنْوَن «كوفيد - 19 والنزاعات أدت إلى انقطاع 12 مليون طفل عن الدراسة في وسط أفريقيا والساحل» 19 أكتوبر (تشرين الأول) 2020).ما هي مداخل الإصلاح إذن؟ ما هي الجوانب المضيئة (ولو نسبياً) في التطور الذي عرفته المنظومات التربوية لتكون نقط انطلاقة لخلق حلقات إيجابية من التطور النوعي في أفق تحسين أداء المنظومات التربوية الإغريقية؟تبين الدراسات، أن من العوامل التي أدت إلى نتائج إيجابية في المنظومات التربوية الأفريقية جنوب الصحراء هو «التدخلات البيداغوجية (التربوية) المنظمة» والتي تركز على «تخطيط الدروس وتكوين المعلمين» وعلى إيجاد مضامين تربوية جديدة للمتعلمين، وكذا «استعمال اللغة الأم في التدريس»، وكذا البرامج الموجهة للمدَرِسين، سواء كانت مؤدى عنها أو غير مؤدى، عنها (إفانز وأكوستا، المرجع المشار إليه أعلاه). نفس المقال التركيبي لعشرات من الدراسات يقول بأن الإطعام المدرسي يُحسِن من الولوج ومن التحصيل التربوي، بينما يكون للإعفاء من الرسوم المدرسية نتائج إيجابية على المستويين الابتدائي والثانوي (المرجع نفسه).هذه بدايات حسنة، ولكن المطلوب هو مضاعفة الجهود لتحسين الأداء بشكل ملحوظ لا غبار عليه. البعض من هذه الأمور تبنتها الحكومات بشكل مختلف هنا وهناك. واختلاف الوضعية من بلد إلى آخر يعتمد على نجاعة السياسات العمومية في المجال، وكذا على طبيعة الحكامة السياسية والتدبيرية وعلى تاريخ وجغرافية كل بلد على حدة.على مستوى الاتحاد الأفريقي، ومباشرة بعد تبني أجندة 2063 في 2013، جرى اعتماد استراتيجيات قارية من ضمنها استراتيجية 2016 - 2025 حول التربية والتعليم، وهي استراتيجية تعتمد على رؤيا تتوخى بلوغ «نظام للتربية والتكوين نوعي الهدف منه تمكين القارة من موارد بشرية ناجعة مناسبة للقيم الأفريقية» («الاستراتيجية القارية للتربية والتكوين»، 2016). وهذا يقتضي إعادة توجيه المنظومة لكي تتجاوب مع حاجيات القارة من «المعرفة والكفايات والقدرات والاختراع والتجديد» لكي تساعد في تحقيق أهداف التنمية المستدامة (المصدر نفسه).والمبادئ الرئيسية لهاته الاستراتيجية هي ضرورة بناء «مجتمع المعرفة الأفريقي على أسس الرأسمال البشري الحامل لكفايات» جيدة، واعتماد أنظمة تربوية «عادلة ومنصفة ودامجة مبنية على التعلم مدى الحياة وأهداف التنمية المستدامة»، وحكامة تربوية جيدة معتمِدة على المسؤولية والتدبير بالنتائج، وتجانس وتداخل المعارف والخبرات الأكاديمية على المستوى الأفريقي، ووضع أسس تربية وتكوين نافعين ومبنيين على «البحث والاختراع العلمي والتكنولوجي والإبداع والتفاؤل»، وأخيراً دعم الصحة البدنية والغذائية والنفسية للمتعلمين (المصدر نفسه).على الدول الأفريقية ترجمة هذه المبادئ إلى سياسات عمومية وإجراءات عملية للرفع من الولوج والجودة والقابلية للتشغيل بمساعدة الاتحاد الأفريقي والمانحين الدوليين المتعددي الأطراف والمنظومة الأممية، ووكالات التنمية الدولية التابعة للدول الغنية.أخيراً، يؤثر تحسين أداء المنظومة التربوية إيجابياً على الناتج الداخلي الخام. حسب دراسة للبنك الدولي قامت بها كريستن ماجغارد وآلان مينجا («التربية والتعليم في أفريقيا جنوب الصحراء: دراسة مقارنة» 2011)، فإن العلاقة ما بين السنوات المتوقعة في المدرسة وبين الناتج الداخلي الخام تطورت في بلدان أفريقيا جنوب الصحراء ما بين 1990 و2009، خصوصاً على مستوى الدول الفقيرة التي لا يتعدى الدخل الفردي لديها 150 دولاراً. إذن، فالتربية مدخل أساسي لبلوغ أحد أهداف أجندة 2063 المتمثل في محاربة الفقر وتحقيق التنمية البشرية المستدامة. ولكن هذا لا يتأتى من دون سياسات وطنية لمحاربة الهدر وتحسين الولوج وتحقيق الجودة وتحفيز المعلمين والمتعلمين على حد سواء. الحلم الأفريقي المتمثل في بناء قارة متطورة ومزدهرة ومستقرة ممكن والتربية مسلك لا محيد عنه لتحقيق ذلك.

لحسن حدادتواجه دول أفريقيا جنوب الصحراء مجموعة من التحديات فيما يخص ضمان ولوج مستدام لتربية جيدة مبنية على التحصيل والإنجاز، واكتساب المهارات الحياتية، والمهارات المؤدية للتشغيل والنمو، والقدرة على التعلم مدى الحياة. هذا في وقت، يتزايد فيه الضغط الديمغرافي في مجموعة من الدول، وتعاني منظومة الحكامة من ضعف صارخ في البعض منها كذلك، بينما تعرف المؤسسات، خصوصاً العمومية، أعطاباً بنيوية تحاول الكثير من هذه الدول جاهدة تجاوزها.رغم التحسن الملحوظ الذي عرفته المنظومات التربوية على مستوى دول أفريقيا جنوب الصحراء، وكذلك الجهود الحثيثة التي بذلتها الحكومات لتحسين الولوج والجودة والحكامة والمناهج وطرق التدريس، وهي جهود مشجعة، وتعتبر نبراساً لما سيأتي، فإن الطريق ما زالت شاقة.حسب مقال تركيبي مُرَكَز وتحليلي عميق لـ145 دراسة ميدانية (ابتداءً من 2014) يُقِرُ ديفيد إفانز وأمينة مينديز أكوستا بأن التحولات التي عرفتها منظومات التربية والتعليم بأفريقيا جنوب الصحراء خلال الخمسين سنة الأخيرة كانت مهمة («التربية والتعليم في أفريقيا: ما هي الدروس المستخلصة»، مجلة الاقتصادات الأفريقية، 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020). هكذا ارتفعت نسبة الأطفال الذين أتموا الدراسة الابتدائية من 46 في المائة إلى 68 في المائة، والثانوي الإعدادي من 22 في المائة إلى 40 في المائة (المرجع نفسه).ومع ذلك، فالأداء ما زال دون الانتظارات بكثير؛ فحسب منظمة اليونيسكو، فإن هذه المنطقة تعرف أعلى نسبة من «الإقصاء» من خدمات التربية في العالم. «خُمُس الأطفال ما بين 6 و11 سنة يوجدون خارج المدرسة، وثُلُث من هم بين سني الثانية عشرة والرابعة عشرة لا يذهبون إلى المدرسة» (مركز اليونيسكو للإحصاء، «التربية والتعليم في أفريقيا»). وهذا يعني أن جيلاً كاملاً لا يدرس ولا يتكون وسوف يكون عديم المهارات في المستقبل وسينضاف إلى الجيش الكبير من العاطلين الذين يؤثثون فضاءات المدن والأرياف في أفريقيا جنوب الصحراء.ستون في المائة ممن تبلغ أعمارهم 15 إلى 17، حسب المركز نفسه، لا يدرسون. هذا يعني أن التعليم الثانوي المؤهِل للجامعة ومعاهد التكوين لا يجلب غالبية الشباب الأفريقي الذي هو في سن التشغيل. وهذا يعني أن الاقتصادات الأفريقية ستعاني من نقص حاد في اليد العاملة المؤهلة؛ ويعني كذلك ارتفاعاً مهولاً في جيوش الشباب الذين يمتهنون الهجرة السرية والجريمة والتسكع، وهي تربة سوسيولوجية مواتية للجماعات المتطرفة لتجنيد نشطاء جدد في القرن الأفريقي والساحل وخليج غينيا، وغيرها.خلقت جائحة كورونا واقعاً جديداً، حيث إن البحث الميداني النوعي الذي قامت به «هيومان رايتس ووتش» في بوركينا فاسو وجمهورية الكونغو الديمقراطية وكينيا ومدغشقر والمغرب ونيجيريا وجنوب أفريقيا وزامبيا، ما بين أبريل (نيسان) وأغسطس (آب) 2020 خلُص إلى أن «إغلاق المدارس جراء الجائحة أدى إلى تفاقم وضعية اللامساواة التي كانت سائدة قبل الجائحة» (هيومان رايتس ووتش، «تأثير كوفيد - 19 على تعليم الأطفال في أفريقيا» 26 أغسطس 2020). أجهزت «كورونا» على بعض المكاسب المحققة خلال العقود الأخيرة، ولكنها جعلت المهمشين أكثر تهميشاً ودفعت بالكثير من الأطفال إلى خارج المدرسة (المجلس النرويجي لللاجئين، بيان مُعَنْوَن «كوفيد - 19 والنزاعات أدت إلى انقطاع 12 مليون طفل عن الدراسة في وسط أفريقيا والساحل» 19 أكتوبر (تشرين الأول) 2020).ما هي مداخل الإصلاح إذن؟ ما هي الجوانب المضيئة (ولو نسبياً) في التطور الذي عرفته المنظومات التربوية لتكون نقط انطلاقة لخلق حلقات إيجابية من التطور النوعي في أفق تحسين أداء المنظومات التربوية الإغريقية؟تبين الدراسات، أن من العوامل التي أدت إلى نتائج إيجابية في المنظومات التربوية الأفريقية جنوب الصحراء هو «التدخلات البيداغوجية (التربوية) المنظمة» والتي تركز على «تخطيط الدروس وتكوين المعلمين» وعلى إيجاد مضامين تربوية جديدة للمتعلمين، وكذا «استعمال اللغة الأم في التدريس»، وكذا البرامج الموجهة للمدَرِسين، سواء كانت مؤدى عنها أو غير مؤدى، عنها (إفانز وأكوستا، المرجع المشار إليه أعلاه). نفس المقال التركيبي لعشرات من الدراسات يقول بأن الإطعام المدرسي يُحسِن من الولوج ومن التحصيل التربوي، بينما يكون للإعفاء من الرسوم المدرسية نتائج إيجابية على المستويين الابتدائي والثانوي (المرجع نفسه).هذه بدايات حسنة، ولكن المطلوب هو مضاعفة الجهود لتحسين الأداء بشكل ملحوظ لا غبار عليه. البعض من هذه الأمور تبنتها الحكومات بشكل مختلف هنا وهناك. واختلاف الوضعية من بلد إلى آخر يعتمد على نجاعة السياسات العمومية في المجال، وكذا على طبيعة الحكامة السياسية والتدبيرية وعلى تاريخ وجغرافية كل بلد على حدة.على مستوى الاتحاد الأفريقي، ومباشرة بعد تبني أجندة 2063 في 2013، جرى اعتماد استراتيجيات قارية من ضمنها استراتيجية 2016 - 2025 حول التربية والتعليم، وهي استراتيجية تعتمد على رؤيا تتوخى بلوغ «نظام للتربية والتكوين نوعي الهدف منه تمكين القارة من موارد بشرية ناجعة مناسبة للقيم الأفريقية» («الاستراتيجية القارية للتربية والتكوين»، 2016). وهذا يقتضي إعادة توجيه المنظومة لكي تتجاوب مع حاجيات القارة من «المعرفة والكفايات والقدرات والاختراع والتجديد» لكي تساعد في تحقيق أهداف التنمية المستدامة (المصدر نفسه).والمبادئ الرئيسية لهاته الاستراتيجية هي ضرورة بناء «مجتمع المعرفة الأفريقي على أسس الرأسمال البشري الحامل لكفايات» جيدة، واعتماد أنظمة تربوية «عادلة ومنصفة ودامجة مبنية على التعلم مدى الحياة وأهداف التنمية المستدامة»، وحكامة تربوية جيدة معتمِدة على المسؤولية والتدبير بالنتائج، وتجانس وتداخل المعارف والخبرات الأكاديمية على المستوى الأفريقي، ووضع أسس تربية وتكوين نافعين ومبنيين على «البحث والاختراع العلمي والتكنولوجي والإبداع والتفاؤل»، وأخيراً دعم الصحة البدنية والغذائية والنفسية للمتعلمين (المصدر نفسه).على الدول الأفريقية ترجمة هذه المبادئ إلى سياسات عمومية وإجراءات عملية للرفع من الولوج والجودة والقابلية للتشغيل بمساعدة الاتحاد الأفريقي والمانحين الدوليين المتعددي الأطراف والمنظومة الأممية، ووكالات التنمية الدولية التابعة للدول الغنية.أخيراً، يؤثر تحسين أداء المنظومة التربوية إيجابياً على الناتج الداخلي الخام. حسب دراسة للبنك الدولي قامت بها كريستن ماجغارد وآلان مينجا («التربية والتعليم في أفريقيا جنوب الصحراء: دراسة مقارنة» 2011)، فإن العلاقة ما بين السنوات المتوقعة في المدرسة وبين الناتج الداخلي الخام تطورت في بلدان أفريقيا جنوب الصحراء ما بين 1990 و2009، خصوصاً على مستوى الدول الفقيرة التي لا يتعدى الدخل الفردي لديها 150 دولاراً. إذن، فالتربية مدخل أساسي لبلوغ أحد أهداف أجندة 2063 المتمثل في محاربة الفقر وتحقيق التنمية البشرية المستدامة. ولكن هذا لا يتأتى من دون سياسات وطنية لمحاربة الهدر وتحسين الولوج وتحقيق الجودة وتحفيز المعلمين والمتعلمين على حد سواء. الحلم الأفريقي المتمثل في بناء قارة متطورة ومزدهرة ومستقرة ممكن والتربية مسلك لا محيد عنه لتحقيق ذلك.



اقرأ أيضاً
يونس مجاهد يكتب: حرية الصحافة المزعومة
يونس مجاهديشكل الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يصادف الثالث من شهر ماي كل سنة، مناسبة أخرى للحديث عن القضايا المرتبطة بممارسة هذه الحرية، وخاصة التضييق الذي يمارس لمنعها أو الحد منها، غير أنه قلما تناقش أخلاقيات الصحافة، في علاقتها بالحرية، رغم أن هناك تكاملا بين المبدأين، يجعل من جودة الصحافة، رديفا للالتزام بأخلاقياتها، لأن الصحافة الرديئة ليست ممارسة للحرية، بل على العكس، إنها مجرد تضليل للجمهور ونشر لأخبار كاذبة، وتشهير وارتزاق وابتزاز... وهي بذلك لا تستجيب لتطلعات المجتمع، بل تؤثر سلبا على حرية الصحافة وادوارها الاجتماعية.وانطلاقا من هذا المنظور الذي يعتبر أن الوظيفة الاجتماعية هي الغاية الرئيسية للممارسة الصحافية، تطور استعمال المعيار الاجتماعي، لتصحيح الانحرافات التي تصيب هذه المهنة، فرغم اعتماد مواثيق الأخلاقيات وهيئات التنظيم الذاتي، في العديد من البلدان المتقدمة في المجال الديمقراطي، إلا أنها ظلت تلجأ باستمرار لمراجعات مختلفة، لعلاقة الصحافة بالمجتمع. وفيهذا الصدد يمكن العودة إلى ما حصل في الولايات المتحدة، سنة 1942، حين تم إحداث لجنة هاتشينز، من طرف جامعة شيكاغو، بطلب من مؤسس مجلة تايم، هنري لوس، التي عينت على رأسها روبرت ماينارد هاتشينز. اشتغلت هذه اللجنة لمدة خمس سنوات، ونشرت تقريرها تحت عنوان "صحافة حرة ومسؤولة". ومما ورد فيه، وجود تناقض بين المفهوم التقليدي لحرية الصحافة، وضرورة التحلي بالمسؤولية. فالمسؤولية واحترام القانون، ليس في حد ذاتهما تضييقاعلى حرية الصحافة، بل على العكس، يمكن أن يكونا تعبيرا أصيلا عن حرية إيجابية، لكنهما ضد حرية اللامبالاة. ويضيف التقرير؛ لقد أصبح من المعتاد اليوم أن تكون حرية الصحافة المزعومة، عبارة عن لا مسؤولية اجتماعية، لذا على الصحافة أن تعرف أن أخطاءها وأهواءها لم تعد ملكية خاصة لها، فهي تشكل خطرا على المجتمع، لأنها عندما تخطئ، فإنها تضلل الرأي العام، فنحن أمام تحدٍ؛ على الصحافة أن تظل نشاطا حرا وخاصا، لكن ليس لها الحق في أن تخطئ، لأنها تؤدي وظيفة مرفق عام. كان لهذا التقرير تأثير كبير في الحقل الصحافي، آنذاك، لأنه استعمل مفهوم المسؤولية الاجتماعية، واعتبر أن للصحافة وظائف أساسية، في تقديم معلومات وافية من خلال بحث وتدقيق، حول الأحداث اليومية، ضمن سياق واضح، وأن تكون منتدى للنقاش ولممارسة التعددية والحق في الاختلاف، وتنفتح على مختلف فئات المجتمع، بمساواة وإنصاف، وتتجنب الأفكار المسبقة والصور النمطية... ومن أشهر التقارير التي عرفتها، أيضا البلدان الديمقراطية، "تقرير ليفيسون"، الذي هو عبارة عن خلاصات تحقيق عام أجري في المملكة المتحدة بين عامي 2011 و2012، برئاسة القاضي براين ليفيسون، الذي كلفته الحكومة، بإنجاز افتحاص شامل حول ممارسة الصحافة ومدى التزامها بالأخلاقيات. ومن أهم توصياته؛ إنشاء هيئة جديدة مستقلة لتنظيم الصحافة، عبر تشريع قانوني، وتعزيز حماية الأفراد من انتهاكات الخصوصية ومن التشهير... وبناء على هذا التقرير تم اعتماد "ميثاق ملكي" للتنظيم الذاتي، صادق عليه البرلمان. ومازالت الأحزاب السياسية في هذا البلد تناقش الطرق المثلى الممكنة للتوصل إلى صيغة قانونية لتنفيذه، بالتوافق مع الناشرين. ويعتبر العديد من الباحثين في مجال الصحافة، أنه لا يمكن تصور الجودة في الصحافة، دون احترام أخلاقياتها، وحول هذا الموضوع، نظم منتدى الصحافة في الأرجنتين، ندوة دولية بمشاركة أكاديميين، صدرت في كتاب سنة 2007، تحت عنوان "صحافة الجودة: نقاشات وتحديات"، ناقش هذا الإشكال من مختلف جوانبه، وكانت خلاصته الرئيسية، أن الجودة والأخلاقيات وجهان لعملة واحدة. الجودة في البحث والتقصي وتدقيق المعلومات والتأكد من المعطيات، احترام الخصوصيات، الامتناع عن ممارسة السب والقذف، استعمال اللغة بشكل صحيح وراقٍ، تجنب الأخطاء اللغوية... ومن مصادر هذا الكتاب، البحث الذي نشرته الأستاذة الجامعية الإسبانية، المتخصصة في أخلاقيات الصحافة، صوريا كارلوس، تحت عنوان "الأمراض النفسية للأخلاقيات في المؤسسات الإخبارية"، حيث اعتبرت أن هناك أربعة أسباب تفرض الالتزام بأخلاقيات الصحافة؛ أولها، أن الأشخاص الذين يربحون قوت يومهم من خلال انتقاد الآخرين، تقع عليهم مسؤولية أن يكون تفكيرهم غير مثير للانتقاد، ثانيها، الاشتغال قليلا، بشكل رديء، بدون احترام القواعد والجودة المطلوبة، يشكل أول انتهاك للأخلاقيات، ثالثها، أن القانون وحده لا يكفي، فعلى المؤسسات أن تضع أنظمة داخلية لاحترام أخلاقيات الصحافة، رابعها، حتى تكون هناك مقاولات صحافية قوية وموحدة، عليها أن تتوفر على منظومة قيم، وثقافة أخلاقية مشتركة. إن كل حديث عن حرية الصحافة، دون استحضار شروط ممارستها، يظل مجرد شعارات فارغة، فبالإضافة إلى ضرورة العمل على توفير الإطار القانوني الذي يسمح بممارسة الحرية، فإن الأهم هو أن تلتزم الصحافة بالقواعد المهنية والمبادئ الأخلاقية، وتستند على منظومة القيم، المتعارف عليها عالميا في ميدان الصحافة، داخل إطار مؤسساتي قوي، وأنظمة داخلية يتم فيها تقاسم المسؤولية المشتركة، كل هذا لا يمكن أن يكون إلا في مقاولات صحافية مهيكلة بشكل محترف، تتوفر على إمكانات مادية وموارد بشرية، قادرة على تقديم منتوج يليق بمكانة الصحافة ويتجاوب مع متطلبات مسؤوليتها الاجتماعية.
ساحة

هرماس يسائل والي الجهة ووالي الامن.. هل أعلنتما انهزام السلطة أمام عربدة سائقي سيارات الأجرة؟
حسن هرماس السيدان الواليان المحترمان، كلما حللت بالمدينة الحمراء، التي امضيت فيها جزءا غير يسير من مساري المهني كصحافي، وارتبطت بها من الناحية الوجدانية والعائلية، إلا وشعرت بنوع من المرارة والأسى اتجاه بعض الممارسات المشينة التي تتغذى من مستنقع الفوضى والابتزاز، لدرجة أنني أصبحت أتخيل أن السلطات الأمنية والسلطات الولائية قدمتا معا استقالتها من ممارسة جزء من وظيفتها، وأعلنتا انهزامهما في مبارزة استأسد فيها "الخصم"، وما هو بخصم، وتجبر بلا حد ولا قيود. السيدان الواليان، أنا على يقين أنكما على بينة من العربدة والتجبر الذي عات بلا حدود في عدد من الأماكن المسموح فيها بتوقف سائقي سيارات الأجرة الصغيرة منها والكبيرة لنقل الركاب، مواطنين وسياحا، مغاربة وأجانب، نحو وجهاتهم، ومن ضمنها الساحة المحاذية لمحطة قطار مراكش، والساحة المواجهة لقنصلية فرنسا على مقربة من ساحة جامع لفنا...، ومبعث يقيني أنكما على علم بالأمر يستند إلى أن وظيفتكما الأساسية هي السهر على استتباب النظام والقانون، وتجسيد سلطة الدولة على أرض الواقع، وهذه المهمة الرهيبة، بمعناها الإيجابي، تستمدانها من الظهير الشريف ومن قرار تعيينكما في موقعي المسؤولية التي تتقلدانها.السيدان الواليان المحترمان، حللت بأرض البهجة ظهيرة يوم الإثنين 21 أبريل 2025، على متن رحلة قطار قادم الرباط، وأنا جد مزهو بنشوة اللقاءات التي جمعتني على مدى ثلاثة أيام مع الكتاب والإعلاميين والمثقفين في عاصمة المملكة بمناسبة الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب... ولا أخفيكما الإحباط والانكسار اللذين أصبت بهما وأنا أغادر محطة القطار باحثا عن سيارة أجرة تقلني اتجاه حي تاركة، حتى خيل إلى أنني في مغربين اثنين: مغرب الرباط حيث يشعر الإنسان بالاحترام والطمأنينة والحق في الخدمة العمومية المؤدى عنها، ومغرب مراكش الذي استأسد فيه، دون حسيب ولا رقيب، طغمة من منعدمي الضمير وقليلي الأخلاق ومحترفي المساومة والابتزاز ، وهم جزء ـ وليس كل ـ من سائقي سيارات الأجرة، ومنافسيهم الممارسين للمهنة خارج القانون. فخلال ثلاثة أرباع الساعة، بقيت "مشوجر" ، ( بتعبير أهل المدينة)، قبالة طابور من سيارات الأجرة المتوقفة، وبين الفينة والأخرى يأتي سائق السيارة مصحوبا بسائح (ين) أجنبي، ولا أحد غير السياح الأجانب، في هيئة تشي بأنه حصل على غنيمة، بينما يبدو السائح(ين)، وكأنهم "يساقون إلى المقصلة وهم ينظرون". بعدما تبين لي أن لا حظ لي في العثور على سيارة أجرة صغيرة في الموقف المجاور لمحطة القطار، على الرغم من أن عددا من السيارات ما تزال متوقفة في غياب السائقين الذين يترصدون "الهموز" داخل محطة القطار، توجهت نحو الشارع الذي يشكل امتداد لشارع محمد السادس، لعل سيارة أجرة مارة في نفس الاتجاه الذي أقصده تتوقف ... لكن دون جدوى. بل بمجرد ما أشرت على سيارة الأجرة الأولى حتى باغثني شخص بالسؤال عن وجهتي، سألته من أنت، قال لي :"طالب معاشو، عندي طاموبيلتي تنهز لبلايص"...، وأضاف قائلا: "راك غير كتضيع وقتك، ما غادي توقف ليك حتى طاكسي فهاد البلاصة"،اضطررت لأخبره عن وجهتى وهي "تاركة"، لأنني صاحب حاجة، قال لي 40 درهم... أتعرفان بماذا أجبته، سيداي الواليان؟ قلت لمن ادعى أنه "طالب معاشو": " ما عند الميت ما يدير قدام غسالو"، ورضخت للابتزاز.على امتداد المسار الرابط بين محطة قطار مراكش وحي تاركة، والذي اعتدت أن أؤدي مقابله 17 درهما عند العودة، تراءت لي مجموعة من الوقائع المشينة التي تخدش محيى مدينة البهجة، ومن ضمنها واقعة السائح الأجنبي الإنجليزي الجنسية الذي سبق له ، قبل شهور معدودة، أن تعرض للنصب من طرف سائق سيارة أجرة صغيرة بعدما حل بمطار مراكش المنارة، وهي الحادثة التي وثقها بالصوت والصورة، وتتبعها ملايين المشاهدين عبر العالم في قناته على اليوتوب.وإذا كان هذا السائح الأجنبي قد جهر بهذه الطريقة الفاضحة بتعرضه للظلم في بلد اسمه المغرب، له تاريخ ولديه ترسانة كبيرة من القوانين، وهو ما حز في أنفس حشد كبير من المغاربة مما اضطر السلطات إلى اتخاذ إجراءات تنظيمية وردعية للحيلولة دون تكرار فضيحة أخرى في مطار المنارة، فإن ما يقع في محيط محطة قطار مراكش، وعلى مقربة من ساحة جامع لفنا بشكل يومي، بل في كل ساعة وحين، لا يقل خطورة عن الواقعة السالف ذكرها، وهذا ما ينذر ـ لا قدر الله ـ بما هو أخطر وأفظع ما لم تتحرك السلطات الأمنية وسلطات ولاية مراكش للقيام بواجبها في فرض هبة الدولة وسيادة القانون. فاللهم هل بلغت، اللهم فاشهد.    
ساحة

محمد بنطلحة الدكالي يكتب: الروح الرياضية بالجزائر…داء العطب قديم
أمام الانتصارات المتتالية للدبلوماسية المغربية والنكسات والهزائم لجيران السوء،يبدو أن دولة العالم الآخر باتت تعيش أعراض الهلوسة والخرف،وهو داء عطب قديم إسمه" المروك". من بين الذكريات التي يتغنى بها حفدة الشهداء،واقعة كروية حدثت وقائعها في9 دجنبر1979 بين المغرب والجزائر،انتهت بفوزهم كما هو معلوم...ومنذ ذلك الحين والأبواق الإعلامية تكتب عن هذا" النصر" العظيم الذي مضت عليه46 سنة. ولأن مرض الهلوسة تزداد تهيؤاته بازدياد حدته،يبدو أن الكراغلة باتوا منذ الآن يترقبون مقابلة شباب قسنطينة أمام نهضة بركان المغربي. تطالعنا اليوم جريدة الشروق بمقال يحمل عنوان:" الرئيس تبون يحرص على مرافقة السياسي ودعمه في مواجهته ضد نهضة بركان المغربي"...! لقد أكد المقال أن زعيم الكراغلة سيتكفل بكامل مصاريف تنقل وإقامة ممثل الكرة الجزائرية في المغرب،علما أن وزير الشباب والرياضة،وليد صادي،وخلال حضوره مأدبة العشاء التي أقامها والي الولاية صيودة،كان قد نقل للنادي القسنطيني إدارة ولاعبين دعم رئيس الجمهورية ومساندته المطلقة للفريق في مواجهته أمام نهضة بركان...ومن ثمة ضمان تنشيط النهائي الإفريقي القادم ودخول التاريخ من بابه الواسع...! سبحان الله معشر الكراغلة،دخول التاريخ،شافاكم الله،يكون عبر الاختراعات والإنجازات،وتوفير لتر حليب وكسرة خبز لكل جائع،وذلك أضعف الإيمان. دخول التاريخ يكون عبر التلاحم والتآزر،لأننا دم واحد وتاريخ مشترك. أما وأنتم تشحنون المدرب خير الدين ماضوي وكأنه متوجه إلى ساحة الحرب،وتأمرون اللاعبين بوقرة ومداحي وكأنهما قائدا فريق مشاة...! إسمحوا لي أن أعترف،أني بت أشفق عليكم،وأدعو الله أن يتدبر أمر الحرارة المفرطةالتي تسكنكم. ونحن ندعو لكم بالشفاء معشر الكراغلة،نذكركم أنه وطوال التاريخ،ومنذ الحضارة الإغريقية التي عرفت ألعاب أثينا،ظلت الرياضة عنوانا للفرجة والتآخي والتعارف بين الشعوب لما تمثله من قيم إنسانية نبيلة،إنها تنشر السلام وتشجع على التسامح والاحترام وسمو الأخلاق،والرياضة بمعناها الصحيح ترفض أن تكون وسيلة لغاية أخرى لأنها منبع القيم السامية المثلى حين تنتصر الروح الرياضية. إننا نشفق عليكم،ونرثي لحالكم حين تعتبرون انتصارا صغيرا في كرة القدم عن طريق ضربات الحظ،عيدا وطنيا وملحمة بطولية،محاولين تهدئة الشارع الذي يعرف حراكا شعبيا. لقد ضاق الشعب الجزائري الشقيق درعا من ضيق العيش ومحنة الطوابير والرعب اليومي الجاثم على النفوس... الرياضة أخلاق وسمو إنساني نبيل...حاولوا أن تستفيقوا من غيكم،رغم أن داء العطب قديم... محمد بنطلحة الدكالي
ساحة

صرخة من قلب المهنة: الفوضى تُهين الإرشاد السياحي بمراكش
في سياق التحديات التي تعصف بمهنة الإرشاد السياحي في مراكش، يعرض هذا المقال وجهة نظر عدد من المرشدين السياحيين الذين يعانون من تدهور أوضاعهم المهنية بسبب ظواهر التسيب والتنظيم غير القانوني داخل القطاع. ومن المهم التنويه إلى أن ما يطرحه هذا المقال يعكس آراء مجموعة من المهنيين الذين يواجهون هذه التحديات بشكل يومي، وهذا نص المقال: "الانتسابات غير القانونية، المنافسة الفوضوية، وتواطؤ الصمت... من يُنقذ كرامة المرشدين؟ الوضع لم يعد يحتمل. مهنة الإرشاد السياحي، التي لطالما كانت واجهة حضارية للمغرب، تتعرض اليوم في مراكش لتشويه ممنهج، وسط تراخٍ واضح من السلطات المحلية والمركزية، وصمت مريب من الهيئات المهنية والتنظيمية. منذ سنوات، والمرشدون النظاميون يرفعون الصوت في وجه ظاهرة تتفشى في الخفاء: مرشدون غير مُعيّنين في المدينة يحصلون على انتساب غير قانوني داخل جمعية مهنية محلية، ويزاولون عملهم بشكل حرّ، ضاربين عرض الحائط بقوانين التعيين والتنظيم. القانون يُنتَهك والمهنة تنهار ما يجري ليس فقط خرقًا إداريًا، بل تقويض لمبادئ العدالة المهنية. المرشدون غير المعينين في مراكش يتعللون بأن القانون يمنحهم هذا الحق، مستندين إلى تأويلات شخصية تخدم مصالحهم، دون اعتبار للواقع القانوني أو الإداري، في وقت يُقصى فيه المرشدون الملتزمون ويُجبرون على تقبل التهميش. كرامة المرشد تُباع في سوق الأسعار تدهور آخر يسجله المهنيون يتمثل في اشتعال حرب أسعار مدمرة، حيث يعمد بعض المرشدين إلى خفض تسعيرتهم بشكل مبالغ فيه، ما يؤدي إلى ضرب جودة الخدمات في العمق، والإضرار بسمعة المدينة لدى السياح. "عندما يتحول المرشد إلى بائع خدمة رخيصة، فإن التفاعل، والمعلومة، والاحترافية تكون أولى الضحايا"، يقول أحد المرشدين المحليين. جمعيات متهمة... وسلطات غائبة عدد من الأصوات داخل القطاع تتهم بعض الجمعيات بالتواطؤ، حيث تُمنح بطاقات الانتساب بشكل غير قانوني، وأحيانًا مقابل مبالغ مالية، دون احترام لشروط التعيين الترابي ولا ضوابط المزاولة. المرشدون يطالبون اليوم بتحقيق رسمي في هذه الانتسابات، ومساءلة الجهات التي تغضّ الطرف عن هذه الفوضى، والتي تهدد المهنة من الداخل. السياحة تتطور... والمهنة تتآكل في وقت تتغير فيه تطلعات السياح نحو تجارب غنية، وتفاعلية، ومستدامة، يواجه المرشدون الملتزمون خطر الإقصاء على يد فوضى تنظيمية تُفرّغ المهنة من معناها وقيمتها الثقافية. المرشدون يطالبون بالتحرك... الآن! دعوات متصاعدة لإيقاف النزيف: فتح تحقيق عاجل في الانتسابات العشوائية؛ توقيف غير الملتزمين بالتعيين الرسمي؛ إصلاح جذري لهياكل الجمعيات المهنية؛ وتدخل فعلي لوزارة السياحة وولاية الجهة قبل فوات الأوان."
ساحة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الأربعاء 14 مايو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة