على هامش أحداث باريس الدماء كلها عند الله سواء – Kech24: Morocco News – كِشـ24 : جريدة إلكترونية مغربية
الأحد 20 أبريل 2025, 15:42

ساحة

على هامش أحداث باريس الدماء كلها عند الله سواء


كشـ24 نشر في: 15 نوفمبر 2015

 حين أخبر الله جل وعز ملائكةً مخصوصين بأنه سيجعل في الأرض مخلوقا يكون منه ورثةٌ يخلُف بعضهم بعضا في الأرض ....تساءلت الملائكة باستنكار قائلين : أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك .  

   فلم يعترض على استنكارهم ولا أعلن الغضب منهم لقولهم بل قال سبحانه : إني أعلم ما لا تعلمون ....فواجههم وهو الله القدوس العزيز بالبرهان والعلم ...وأرجع حقيقة ما أراده إلى العلم الذي غاب عنهم ....فما كان منهم إلا السكوت .فالجواب بالعلم والبرهان أفضل وسيلة لإسكات الخصوم ماداموا يستعملون هم أيضا الفكر والتساؤل ولو عن خطإ وتضليل .

   وليس غرضي من هذه المقدمة أن أتحدث عن قصة خلق الإنسان ولا عن مراحل وجوده على البسيطة ...ولكن حديثي سيكون تسليطا لضوء الفكر والتحليل والاستصحاب لتساؤل الملائكة الكرام الذين قالوا لربهم سبحانه دون وَجَلٍ أو حياء وهم يعلمون موقعهم وموقع من يوجهون إليه كلامهم ...قالوا : أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك .
 
    إن الملائكة بتفكيرهم النابع من طبيعتهم النورانية وخالص جِبِلَّتِهم الصافية لا يمكنهم النطقَ بغير الحقيقة البينة التي توصلوا إليها ...ولذلك حاورهم الله لعلمه بمكانتهم وعقلانيتهم العالية وصفاء تفكيرهم  ونقاء كينونتهم ...إنهم بتفكيرهمعلى ذالك النحو  توصلوا إلى جوهر الحقيقة ولبها والى مكمن الفكرة وقلبها ...فنطقوا معبرين عن تصور رفيع للمسألة من أركانها دون زيادة طاغية  أو نقصان مخل ...فإذا وجهنا فكرنا لتحليل منطقهم ومعرفة تصورهم اكتشفنا أنهم يضعون المتلقي أمام منهجين لا يلتقيان وطريقين لا يتقاطعان او لا ينبغي لهما أن يتقاطعا ...فعبروا عن المنهج الأول بقولهم : أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ...وكما نعلم فالفساد هو كل ما يُحدِث خللا في بنية مَّا سواء كانت معنوية او مادية ...والفساد الذي نعرفه من صوره يتجلى في حياة الإنسان من خلال كل ما يضر او يؤذي الإنسان أو بيئتَه : فالظلم فساد وأكل أموال الناس بغير حق فساد أيضا وتخريب الطبيعة والبيئة بشتى طرق التخريب فساد ...والقتل دون حق مشروع ثابت ...فساد ....فلماذا لم تكتف الملائكة بقولهم : أتجعل فيها من يفسد فيها ..؟ مادام الفساد يشمل كل ما يتعلق به ...؟ ...لماذا عطفوا بقولهم : ويسفك الدماء ..؟ الحقيقة أن ذِكْرَهم لسفك الدماء بعمومه ما هو إلا تخصيص لما هو أخطر ...وتبيان على أن ذروة ما يصل إليه الفساد ويختم به شرَّه ومسارَه هو سفك الدماء سواء كان بمعنى الاعتداء على أجساد الآخرين او إشارة إلى القتل ...فالقتل يمثل في تصورهم النقي الصافي وفي تفكيرهم الملائكي المنطقي ذروة الفساد الأعلى وأقبح ما يمكن أن يحدث على وجه الأرض أو يقع في أجواء الكون ....كلِّ الكون ..! ...كما أن توظيفهم لفعل المضارع : يفسد ويسفك ...إشارة إلى الديمومة والاستمرار ..فمن يفسد مرة قد يفسد مرات ..ومن يسفك الدماء أولا ...يمكنه أن يسترسل في سفكها وإراقتها ...كأنها منهج حياة او قاعدة وجودية لا يتخلى أصحابها عن ممارسة مقتضياتها ...والاستجابة لِأَزِّها ووسواسها .

  بعد ذلك يكشفون عن المنهج الثاني والمحور المقابل لمحور الفساد والقتل ....فقالوا : ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك . 

والتسبيح هنا والتقديس ليس المقصود ما يتصوره السذج بمعناهما القولي فإذا كان التسبيح قد يأخذ عند السطحيين معناه القولي الممارس بنطق اللسان : سبحان الله ..! فإن التقديس وهو التعظيم لا يمكن تحقيقه إلا بمعناه القلبي والروحي ...وعليه فالملائكة ذكروا التسبيح والتقديس إشارة إلى منهج حياة وسلوك وجودي يتأسس على التعظيم قلبا وفعلا لخالق الكون سبحانه وتجسيد ذلك كله في الواقع النفسي والتفاعلي مع الآخرين درءا للفساد وتمثيلا لما يضاده وهو الإصلاح ..لأن الله يحب المصلحين ولا يصلح او يحب عمل المفسدين ...في عمومه.... فما بالك بذروته وأعلى سنامه الذي هو سفك الدماء والقتل ! ....هنا نكون قد وقفنا على ربوة من الحقيقة تجعلنا على يقين وتمسك بذلك المنطق الملائكي الذي خلده الله في كتابه لما فيه من صوابية ونورانية وكشف ...خاصة وانه سبحانه لم يرُدَّ منطقَهم ذاك ولم يصفه بأي صفة تؤثر على صوابيته وصدق معناه ... وإنما أخبرهم انه اعلم بطبيعة الوضع ...وان خلقه للإنسان لن يكون نسخة من خلق الملائكة بطهرانيتهم الطبيعية وجبلتهم النورانية التي لا تتضمن أي نزوع للشر أو رغبة فيه ولا ازدواجية في الكينونة تكشف الوقائع  أثناء حضورها حقيقة كل فرد من بني الإنسان الذي يريد خلقه  : هل هو من أهل الفساد أم من أهل التقديس ....ابتلاء وامتحانا....
       إن هذه الحقيقة التي توصلنا إليها من خلال منطق الملائكة العظيم العميق يؤكد بكل وضوح وبكل جلاء ممكن على قاعدة تُمدُّنا بالتصور الصحيح في الحكم على ماجريات حياتنا... خاصة المعاصرة التي نبلوها وتبلونا ....وهذه القاعدة هي : أنه لا يمكن لمن يسبح الله ويقدسه أن يكون منهجه في الحياة هو الإفساد ...خاصة إذا كان هذا الإفساد متمثلا في سفك الدماء والعدوان على حَيَوَاتِ الأبرياء الذين لم يصدر منهم ذاتيا أي سلوك إفسادي يتعلق بانتهاك حياة الاخرين ظلما او تعذيبا او قتلا ...لا يمكن لمن يزعم انه يقدس الرب او الاله او الله كيفما كان تصوره له ولو خطأ أن يتورط في منهج سفك الدماء او الإعانة عليه ....او السكوت عنه .

    وعليه فإن ما وقع في حادث باريس او ما يماثله يعتبر من الفساد الذي اشمأزت منه الملائكة واستنكرته وحرمه الله سبحانه وحذر منه ....خاصة إذا كان منهجَ حياة وقاعدةَ سلوك وركيزةَ وجود ...سواء كان باسم الله كما هو في التصور الإسلامي أو بأي تصور يعتقده أصحابه ويؤمنون به .

     إن ما وقع اعتداء على أبرياء لا يمكن لأي كان أن يتخذهم مناطا لثأره المزعوم أو يحولهم الى موضوع انتقام لا يَدَ لهم فيه ولا تفكير ولا اهتمام ..ولا يمكن لأي جهة لها مصالح أو تخطيطات سياسية او عسكرية أن تتخذ من سفك الدماء البريئة سلما للوصول إلى تلك المصالح أو تطبيق تلك التخطيطات كيفما كان شكلها او غايتها ...
     إن ما وقع ما هو إلا فتح لباب جديد من الغَّيِّ والضلال البعيد الذي تؤدي الإنسانيةُ كلُها ثمنَه من حياتها ومقدراتها وأمانِها .... أو توسيعٍ لِغَيٍّ قديم وتمديد لآثاره حتى يتمكن الغائصة أنوفهم في مخططه الآسن  من تحقيق غاياتهم الشيطانية البعيدة المدى والتي لا يدرك ضررها وخطرها إلا الله عز وجل ...
 ولعل أشد ما أثار انتباهي هو ما يقوم به فريقان : فريق من السذج والعوام وفريق من الماكرين أهل الخداع ...حيث عمدا معا لإلقاء التهم من أول الأمر على المسلمين والإسلام ...وهي عادة نعرفها من الفريقين وخاصة الماكرين أهل الخداع ...وعززوا فعلتهم ببكائيات تضارع بكاء الخنساء صخرا ...وعمدوا إلى ألوان العلم الفرنسي فاتخذوها شعارا لهم نفاقا وضِرارا أو سذاجة تفوق في سخفها خيال المعري ودانتي ...مع العلم أنهم يشاهدون على مر السنين وكَرِّ الدهر بأيامه ولياليه ما يقع لكل المسلمين في افغانستان والعراق وفلسطين وبورما وافريقيا الوسطى ...فما تحركت سذاجة الأولين  تعبيرا عن البكاء ولا تَمثَّل نفاق الآخَرين في اتخاذ ألوان أعلام تلك الشعوب المسلمة شعارا لهم ...فهل دماء غير المسلمين مقدسة ،بينما دماء الإنسان المسلم مدنسة لا يؤبه لسفكها وإراقتها ؟ أم أنها الرغبة في تثبيت التهمة الظالمة للإسلام  وترسيخ صورتها في النفوس والسلوك ؟ 

   وأما موقفنا فهو يقوم على بنيان مؤسَّس على قاعدة إسلامية ملائكية إنسانية ثابتة وخالدة لا تميل مع الماجريات المتنوعة ولا الأحداث المستجدة ..ولا تتأثر بحيثياتها ، وهي :أن دماءَ الإنسان معظَّمةٌ ومحرمة ومكرَّمة ....وأن سفكها ظلما سواء عن عمد وطغيان او تأويلات  لا يمكن قبولها إلا إذا كنا صما وبكما وعميانا ..عن حقائق الإسلام وهديه الصحيح الفصيح ...وليس إسلام المزيفين والوضاعين ومن تبعهم من أهل الأهواء والحمق وإلغاء نشاط العقل والفكر .

     إن الذين يوجهون التهمة فيما وقع رأسا الى الاسلام او عموم المسلمين سواء بسبب جهلة ضالين او مضلين او بسبب توجيهات خفية وتخطيطات مبيتة من جهة مخابراتية ما ...انما يكشفون عن تحيزاتهم الظاهرة او المضمرة ...بل وسيكون سلوكهم ذاك أفضل معين ومعزز لمزيد من سفك الدماء دفعا وهجوما ...
     إن الذين يقتلون أهل بورما دون رحمة  ،والذين يقتلون الفلسطينيين دون رحمة ،والذين يسفكون دماء السوريين دون إنسانية والذين يقتلون العراقيين قديما وحديثا دون مراعاة او مبالاة ..والذين يمرغون الإنسانية في إفريقيا الوسطى ....والذين قتلوا الفرنسيين في باريس دون شفقة .....هؤلاء كلهم مجرم واحد ....قاتل واحد ....عدو واحد للإنسان أينما كان أو سيكون ....بل عدو للخالق العلي وملائكته وجبريل وميكائيل واسرافيل... وللإنسانية ككل ....وعليه ينبغي مواجهته في شتى وجوهه وتشكلاته ...أو أن تتركوه كله يعيث فسادا في الأرض وطغيانا ...أما أن تختاروا وجها واحدا من وجوهه الكثيرة المتنوعة المقنعة هو الذي تتوجهون إليه بالإدانة وتُظهرون فيض غضبكم على فعلته في أمكنة منتقاة بعينها  ...بينما تغضون الطرف عن أوجهه وأقنعته الأخرى .التي يرتديها في أمكنة ربما لا تعرفون مكانها من خريطة الأرض ......فاعلموا أن  ذلك نفاق وكُفْرَان بجوهر الإنسانية ووحدتها مهما اختلفت أجناسها وألوانها وألسنتها ....ومهما حلَّلْتم وتزايدتم في الحديث وتباكيتم ووضعتم ألوان أعلام معينة شعارا لكم ...مع لا مبالاة باردة مع أخرى ...فإنما ذلك تعبير عن نفاق مكشوف ...مشؤوم ...وتحيز لا تبرير له سوى اللامبالاة أو الحقد .

 إنه مهما تكن التبريرات او التأويلات فإن الحقيقة هي أن نية الإجرام بكل جنسياتها تُوجِّه كل ذلك ليصب في غاياتها المبتغاة ..وتلوي عنق الحقيقة لتسوقها نحو الوجهة التي تريد ....وهذه النية وكل ما يصدر عنها من أعمال هي التي ينبغي مواجهتها ومحاربتها في كل مكان وشعب دون انتقاء يضمر تخطيطا شيطانيا او تمييزا يزيد تأجيج تلك النوايا ومدها بحطب تكون الإنسانية هي ضحيته ....ورماده .
 

 حين أخبر الله جل وعز ملائكةً مخصوصين بأنه سيجعل في الأرض مخلوقا يكون منه ورثةٌ يخلُف بعضهم بعضا في الأرض ....تساءلت الملائكة باستنكار قائلين : أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك .  

   فلم يعترض على استنكارهم ولا أعلن الغضب منهم لقولهم بل قال سبحانه : إني أعلم ما لا تعلمون ....فواجههم وهو الله القدوس العزيز بالبرهان والعلم ...وأرجع حقيقة ما أراده إلى العلم الذي غاب عنهم ....فما كان منهم إلا السكوت .فالجواب بالعلم والبرهان أفضل وسيلة لإسكات الخصوم ماداموا يستعملون هم أيضا الفكر والتساؤل ولو عن خطإ وتضليل .

   وليس غرضي من هذه المقدمة أن أتحدث عن قصة خلق الإنسان ولا عن مراحل وجوده على البسيطة ...ولكن حديثي سيكون تسليطا لضوء الفكر والتحليل والاستصحاب لتساؤل الملائكة الكرام الذين قالوا لربهم سبحانه دون وَجَلٍ أو حياء وهم يعلمون موقعهم وموقع من يوجهون إليه كلامهم ...قالوا : أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك .
 
    إن الملائكة بتفكيرهم النابع من طبيعتهم النورانية وخالص جِبِلَّتِهم الصافية لا يمكنهم النطقَ بغير الحقيقة البينة التي توصلوا إليها ...ولذلك حاورهم الله لعلمه بمكانتهم وعقلانيتهم العالية وصفاء تفكيرهم  ونقاء كينونتهم ...إنهم بتفكيرهمعلى ذالك النحو  توصلوا إلى جوهر الحقيقة ولبها والى مكمن الفكرة وقلبها ...فنطقوا معبرين عن تصور رفيع للمسألة من أركانها دون زيادة طاغية  أو نقصان مخل ...فإذا وجهنا فكرنا لتحليل منطقهم ومعرفة تصورهم اكتشفنا أنهم يضعون المتلقي أمام منهجين لا يلتقيان وطريقين لا يتقاطعان او لا ينبغي لهما أن يتقاطعا ...فعبروا عن المنهج الأول بقولهم : أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ...وكما نعلم فالفساد هو كل ما يُحدِث خللا في بنية مَّا سواء كانت معنوية او مادية ...والفساد الذي نعرفه من صوره يتجلى في حياة الإنسان من خلال كل ما يضر او يؤذي الإنسان أو بيئتَه : فالظلم فساد وأكل أموال الناس بغير حق فساد أيضا وتخريب الطبيعة والبيئة بشتى طرق التخريب فساد ...والقتل دون حق مشروع ثابت ...فساد ....فلماذا لم تكتف الملائكة بقولهم : أتجعل فيها من يفسد فيها ..؟ مادام الفساد يشمل كل ما يتعلق به ...؟ ...لماذا عطفوا بقولهم : ويسفك الدماء ..؟ الحقيقة أن ذِكْرَهم لسفك الدماء بعمومه ما هو إلا تخصيص لما هو أخطر ...وتبيان على أن ذروة ما يصل إليه الفساد ويختم به شرَّه ومسارَه هو سفك الدماء سواء كان بمعنى الاعتداء على أجساد الآخرين او إشارة إلى القتل ...فالقتل يمثل في تصورهم النقي الصافي وفي تفكيرهم الملائكي المنطقي ذروة الفساد الأعلى وأقبح ما يمكن أن يحدث على وجه الأرض أو يقع في أجواء الكون ....كلِّ الكون ..! ...كما أن توظيفهم لفعل المضارع : يفسد ويسفك ...إشارة إلى الديمومة والاستمرار ..فمن يفسد مرة قد يفسد مرات ..ومن يسفك الدماء أولا ...يمكنه أن يسترسل في سفكها وإراقتها ...كأنها منهج حياة او قاعدة وجودية لا يتخلى أصحابها عن ممارسة مقتضياتها ...والاستجابة لِأَزِّها ووسواسها .

  بعد ذلك يكشفون عن المنهج الثاني والمحور المقابل لمحور الفساد والقتل ....فقالوا : ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك . 

والتسبيح هنا والتقديس ليس المقصود ما يتصوره السذج بمعناهما القولي فإذا كان التسبيح قد يأخذ عند السطحيين معناه القولي الممارس بنطق اللسان : سبحان الله ..! فإن التقديس وهو التعظيم لا يمكن تحقيقه إلا بمعناه القلبي والروحي ...وعليه فالملائكة ذكروا التسبيح والتقديس إشارة إلى منهج حياة وسلوك وجودي يتأسس على التعظيم قلبا وفعلا لخالق الكون سبحانه وتجسيد ذلك كله في الواقع النفسي والتفاعلي مع الآخرين درءا للفساد وتمثيلا لما يضاده وهو الإصلاح ..لأن الله يحب المصلحين ولا يصلح او يحب عمل المفسدين ...في عمومه.... فما بالك بذروته وأعلى سنامه الذي هو سفك الدماء والقتل ! ....هنا نكون قد وقفنا على ربوة من الحقيقة تجعلنا على يقين وتمسك بذلك المنطق الملائكي الذي خلده الله في كتابه لما فيه من صوابية ونورانية وكشف ...خاصة وانه سبحانه لم يرُدَّ منطقَهم ذاك ولم يصفه بأي صفة تؤثر على صوابيته وصدق معناه ... وإنما أخبرهم انه اعلم بطبيعة الوضع ...وان خلقه للإنسان لن يكون نسخة من خلق الملائكة بطهرانيتهم الطبيعية وجبلتهم النورانية التي لا تتضمن أي نزوع للشر أو رغبة فيه ولا ازدواجية في الكينونة تكشف الوقائع  أثناء حضورها حقيقة كل فرد من بني الإنسان الذي يريد خلقه  : هل هو من أهل الفساد أم من أهل التقديس ....ابتلاء وامتحانا....
       إن هذه الحقيقة التي توصلنا إليها من خلال منطق الملائكة العظيم العميق يؤكد بكل وضوح وبكل جلاء ممكن على قاعدة تُمدُّنا بالتصور الصحيح في الحكم على ماجريات حياتنا... خاصة المعاصرة التي نبلوها وتبلونا ....وهذه القاعدة هي : أنه لا يمكن لمن يسبح الله ويقدسه أن يكون منهجه في الحياة هو الإفساد ...خاصة إذا كان هذا الإفساد متمثلا في سفك الدماء والعدوان على حَيَوَاتِ الأبرياء الذين لم يصدر منهم ذاتيا أي سلوك إفسادي يتعلق بانتهاك حياة الاخرين ظلما او تعذيبا او قتلا ...لا يمكن لمن يزعم انه يقدس الرب او الاله او الله كيفما كان تصوره له ولو خطأ أن يتورط في منهج سفك الدماء او الإعانة عليه ....او السكوت عنه .

    وعليه فإن ما وقع في حادث باريس او ما يماثله يعتبر من الفساد الذي اشمأزت منه الملائكة واستنكرته وحرمه الله سبحانه وحذر منه ....خاصة إذا كان منهجَ حياة وقاعدةَ سلوك وركيزةَ وجود ...سواء كان باسم الله كما هو في التصور الإسلامي أو بأي تصور يعتقده أصحابه ويؤمنون به .

     إن ما وقع اعتداء على أبرياء لا يمكن لأي كان أن يتخذهم مناطا لثأره المزعوم أو يحولهم الى موضوع انتقام لا يَدَ لهم فيه ولا تفكير ولا اهتمام ..ولا يمكن لأي جهة لها مصالح أو تخطيطات سياسية او عسكرية أن تتخذ من سفك الدماء البريئة سلما للوصول إلى تلك المصالح أو تطبيق تلك التخطيطات كيفما كان شكلها او غايتها ...
     إن ما وقع ما هو إلا فتح لباب جديد من الغَّيِّ والضلال البعيد الذي تؤدي الإنسانيةُ كلُها ثمنَه من حياتها ومقدراتها وأمانِها .... أو توسيعٍ لِغَيٍّ قديم وتمديد لآثاره حتى يتمكن الغائصة أنوفهم في مخططه الآسن  من تحقيق غاياتهم الشيطانية البعيدة المدى والتي لا يدرك ضررها وخطرها إلا الله عز وجل ...
 ولعل أشد ما أثار انتباهي هو ما يقوم به فريقان : فريق من السذج والعوام وفريق من الماكرين أهل الخداع ...حيث عمدا معا لإلقاء التهم من أول الأمر على المسلمين والإسلام ...وهي عادة نعرفها من الفريقين وخاصة الماكرين أهل الخداع ...وعززوا فعلتهم ببكائيات تضارع بكاء الخنساء صخرا ...وعمدوا إلى ألوان العلم الفرنسي فاتخذوها شعارا لهم نفاقا وضِرارا أو سذاجة تفوق في سخفها خيال المعري ودانتي ...مع العلم أنهم يشاهدون على مر السنين وكَرِّ الدهر بأيامه ولياليه ما يقع لكل المسلمين في افغانستان والعراق وفلسطين وبورما وافريقيا الوسطى ...فما تحركت سذاجة الأولين  تعبيرا عن البكاء ولا تَمثَّل نفاق الآخَرين في اتخاذ ألوان أعلام تلك الشعوب المسلمة شعارا لهم ...فهل دماء غير المسلمين مقدسة ،بينما دماء الإنسان المسلم مدنسة لا يؤبه لسفكها وإراقتها ؟ أم أنها الرغبة في تثبيت التهمة الظالمة للإسلام  وترسيخ صورتها في النفوس والسلوك ؟ 

   وأما موقفنا فهو يقوم على بنيان مؤسَّس على قاعدة إسلامية ملائكية إنسانية ثابتة وخالدة لا تميل مع الماجريات المتنوعة ولا الأحداث المستجدة ..ولا تتأثر بحيثياتها ، وهي :أن دماءَ الإنسان معظَّمةٌ ومحرمة ومكرَّمة ....وأن سفكها ظلما سواء عن عمد وطغيان او تأويلات  لا يمكن قبولها إلا إذا كنا صما وبكما وعميانا ..عن حقائق الإسلام وهديه الصحيح الفصيح ...وليس إسلام المزيفين والوضاعين ومن تبعهم من أهل الأهواء والحمق وإلغاء نشاط العقل والفكر .

     إن الذين يوجهون التهمة فيما وقع رأسا الى الاسلام او عموم المسلمين سواء بسبب جهلة ضالين او مضلين او بسبب توجيهات خفية وتخطيطات مبيتة من جهة مخابراتية ما ...انما يكشفون عن تحيزاتهم الظاهرة او المضمرة ...بل وسيكون سلوكهم ذاك أفضل معين ومعزز لمزيد من سفك الدماء دفعا وهجوما ...
     إن الذين يقتلون أهل بورما دون رحمة  ،والذين يقتلون الفلسطينيين دون رحمة ،والذين يسفكون دماء السوريين دون إنسانية والذين يقتلون العراقيين قديما وحديثا دون مراعاة او مبالاة ..والذين يمرغون الإنسانية في إفريقيا الوسطى ....والذين قتلوا الفرنسيين في باريس دون شفقة .....هؤلاء كلهم مجرم واحد ....قاتل واحد ....عدو واحد للإنسان أينما كان أو سيكون ....بل عدو للخالق العلي وملائكته وجبريل وميكائيل واسرافيل... وللإنسانية ككل ....وعليه ينبغي مواجهته في شتى وجوهه وتشكلاته ...أو أن تتركوه كله يعيث فسادا في الأرض وطغيانا ...أما أن تختاروا وجها واحدا من وجوهه الكثيرة المتنوعة المقنعة هو الذي تتوجهون إليه بالإدانة وتُظهرون فيض غضبكم على فعلته في أمكنة منتقاة بعينها  ...بينما تغضون الطرف عن أوجهه وأقنعته الأخرى .التي يرتديها في أمكنة ربما لا تعرفون مكانها من خريطة الأرض ......فاعلموا أن  ذلك نفاق وكُفْرَان بجوهر الإنسانية ووحدتها مهما اختلفت أجناسها وألوانها وألسنتها ....ومهما حلَّلْتم وتزايدتم في الحديث وتباكيتم ووضعتم ألوان أعلام معينة شعارا لكم ...مع لا مبالاة باردة مع أخرى ...فإنما ذلك تعبير عن نفاق مكشوف ...مشؤوم ...وتحيز لا تبرير له سوى اللامبالاة أو الحقد .

 إنه مهما تكن التبريرات او التأويلات فإن الحقيقة هي أن نية الإجرام بكل جنسياتها تُوجِّه كل ذلك ليصب في غاياتها المبتغاة ..وتلوي عنق الحقيقة لتسوقها نحو الوجهة التي تريد ....وهذه النية وكل ما يصدر عنها من أعمال هي التي ينبغي مواجهتها ومحاربتها في كل مكان وشعب دون انتقاء يضمر تخطيطا شيطانيا او تمييزا يزيد تأجيج تلك النوايا ومدها بحطب تكون الإنسانية هي ضحيته ....ورماده .
 


ملصقات


اقرأ أيضاً
محمد بنطلحة الدكالي يكتب: الروح الرياضية بالجزائر…داء العطب قديم
أمام الانتصارات المتتالية للدبلوماسية المغربية والنكسات والهزائم لجيران السوء،يبدو أن دولة العالم الآخر باتت تعيش أعراض الهلوسة والخرف،وهو داء عطب قديم إسمه" المروك". من بين الذكريات التي يتغنى بها حفدة الشهداء،واقعة كروية حدثت وقائعها في9 دجنبر1979 بين المغرب والجزائر،انتهت بفوزهم كما هو معلوم...ومنذ ذلك الحين والأبواق الإعلامية تكتب عن هذا" النصر" العظيم الذي مضت عليه46 سنة. ولأن مرض الهلوسة تزداد تهيؤاته بازدياد حدته،يبدو أن الكراغلة باتوا منذ الآن يترقبون مقابلة شباب قسنطينة أمام نهضة بركان المغربي. تطالعنا اليوم جريدة الشروق بمقال يحمل عنوان:" الرئيس تبون يحرص على مرافقة السياسي ودعمه في مواجهته ضد نهضة بركان المغربي"...! لقد أكد المقال أن زعيم الكراغلة سيتكفل بكامل مصاريف تنقل وإقامة ممثل الكرة الجزائرية في المغرب،علما أن وزير الشباب والرياضة،وليد صادي،وخلال حضوره مأدبة العشاء التي أقامها والي الولاية صيودة،كان قد نقل للنادي القسنطيني إدارة ولاعبين دعم رئيس الجمهورية ومساندته المطلقة للفريق في مواجهته أمام نهضة بركان...ومن ثمة ضمان تنشيط النهائي الإفريقي القادم ودخول التاريخ من بابه الواسع...! سبحان الله معشر الكراغلة،دخول التاريخ،شافاكم الله،يكون عبر الاختراعات والإنجازات،وتوفير لتر حليب وكسرة خبز لكل جائع،وذلك أضعف الإيمان. دخول التاريخ يكون عبر التلاحم والتآزر،لأننا دم واحد وتاريخ مشترك. أما وأنتم تشحنون المدرب خير الدين ماضوي وكأنه متوجه إلى ساحة الحرب،وتأمرون اللاعبين بوقرة ومداحي وكأنهما قائدا فريق مشاة...! إسمحوا لي أن أعترف،أني بت أشفق عليكم،وأدعو الله أن يتدبر أمر الحرارة المفرطةالتي تسكنكم. ونحن ندعو لكم بالشفاء معشر الكراغلة،نذكركم أنه وطوال التاريخ،ومنذ الحضارة الإغريقية التي عرفت ألعاب أثينا،ظلت الرياضة عنوانا للفرجة والتآخي والتعارف بين الشعوب لما تمثله من قيم إنسانية نبيلة،إنها تنشر السلام وتشجع على التسامح والاحترام وسمو الأخلاق،والرياضة بمعناها الصحيح ترفض أن تكون وسيلة لغاية أخرى لأنها منبع القيم السامية المثلى حين تنتصر الروح الرياضية. إننا نشفق عليكم،ونرثي لحالكم حين تعتبرون انتصارا صغيرا في كرة القدم عن طريق ضربات الحظ،عيدا وطنيا وملحمة بطولية،محاولين تهدئة الشارع الذي يعرف حراكا شعبيا. لقد ضاق الشعب الجزائري الشقيق درعا من ضيق العيش ومحنة الطوابير والرعب اليومي الجاثم على النفوس... الرياضة أخلاق وسمو إنساني نبيل...حاولوا أن تستفيقوا من غيكم،رغم أن داء العطب قديم... محمد بنطلحة الدكالي
ساحة

صرخة من قلب المهنة: الفوضى تُهين الإرشاد السياحي بمراكش
في سياق التحديات التي تعصف بمهنة الإرشاد السياحي في مراكش، يعرض هذا المقال وجهة نظر عدد من المرشدين السياحيين الذين يعانون من تدهور أوضاعهم المهنية بسبب ظواهر التسيب والتنظيم غير القانوني داخل القطاع. ومن المهم التنويه إلى أن ما يطرحه هذا المقال يعكس آراء مجموعة من المهنيين الذين يواجهون هذه التحديات بشكل يومي، وهذا نص المقال: "الانتسابات غير القانونية، المنافسة الفوضوية، وتواطؤ الصمت... من يُنقذ كرامة المرشدين؟ الوضع لم يعد يحتمل. مهنة الإرشاد السياحي، التي لطالما كانت واجهة حضارية للمغرب، تتعرض اليوم في مراكش لتشويه ممنهج، وسط تراخٍ واضح من السلطات المحلية والمركزية، وصمت مريب من الهيئات المهنية والتنظيمية. منذ سنوات، والمرشدون النظاميون يرفعون الصوت في وجه ظاهرة تتفشى في الخفاء: مرشدون غير مُعيّنين في المدينة يحصلون على انتساب غير قانوني داخل جمعية مهنية محلية، ويزاولون عملهم بشكل حرّ، ضاربين عرض الحائط بقوانين التعيين والتنظيم. القانون يُنتَهك والمهنة تنهار ما يجري ليس فقط خرقًا إداريًا، بل تقويض لمبادئ العدالة المهنية. المرشدون غير المعينين في مراكش يتعللون بأن القانون يمنحهم هذا الحق، مستندين إلى تأويلات شخصية تخدم مصالحهم، دون اعتبار للواقع القانوني أو الإداري، في وقت يُقصى فيه المرشدون الملتزمون ويُجبرون على تقبل التهميش. كرامة المرشد تُباع في سوق الأسعار تدهور آخر يسجله المهنيون يتمثل في اشتعال حرب أسعار مدمرة، حيث يعمد بعض المرشدين إلى خفض تسعيرتهم بشكل مبالغ فيه، ما يؤدي إلى ضرب جودة الخدمات في العمق، والإضرار بسمعة المدينة لدى السياح. "عندما يتحول المرشد إلى بائع خدمة رخيصة، فإن التفاعل، والمعلومة، والاحترافية تكون أولى الضحايا"، يقول أحد المرشدين المحليين. جمعيات متهمة... وسلطات غائبة عدد من الأصوات داخل القطاع تتهم بعض الجمعيات بالتواطؤ، حيث تُمنح بطاقات الانتساب بشكل غير قانوني، وأحيانًا مقابل مبالغ مالية، دون احترام لشروط التعيين الترابي ولا ضوابط المزاولة. المرشدون يطالبون اليوم بتحقيق رسمي في هذه الانتسابات، ومساءلة الجهات التي تغضّ الطرف عن هذه الفوضى، والتي تهدد المهنة من الداخل. السياحة تتطور... والمهنة تتآكل في وقت تتغير فيه تطلعات السياح نحو تجارب غنية، وتفاعلية، ومستدامة، يواجه المرشدون الملتزمون خطر الإقصاء على يد فوضى تنظيمية تُفرّغ المهنة من معناها وقيمتها الثقافية. المرشدون يطالبون بالتحرك... الآن! دعوات متصاعدة لإيقاف النزيف: فتح تحقيق عاجل في الانتسابات العشوائية؛ توقيف غير الملتزمين بالتعيين الرسمي؛ إصلاح جذري لهياكل الجمعيات المهنية؛ وتدخل فعلي لوزارة السياحة وولاية الجهة قبل فوات الأوان."
ساحة

“الحق المهني المسلوب”: من يُسكت صوت المرشدين السياحيين؟
في قطاع يُعدّ من الركائز الأساسية للاقتصاد المحلي والوطني، يجد مئات المرشدين السياحيين بجهة مراكش-آسفي أنفسهم في مواجهة تحديات مهنية وإدارية متزايدة. وسط غياب آليات فعالة لحماية حقوقهم، تتعالى أصواتهم مطالبة بالإصلاح، لكن هل من مجيب؟ هذا المقال يعكس انشغالات مجموعة من المهنيين الذين يرون أن الممارسات التنظيمية الحالية تُقصيهم بدل أن تدمجهم، ويطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل المهنة، وهذا نص المقال:"في قلب القطاع السياحي بمراكش-آسفي، يعيش مئات المرشدين حالة من التهميش الممنهج، في ظل تراكم ممارسات إدارية وتنظيمية غير متوازنة، وغياب الآليات الفعالة التي تضمن العدالة المهنية. الوضع الحالي يفرض علينا طرح أسئلة جريئة: من يُراقب؟ من يُحاسب؟ ومن يُنصف من لا صوت له؟جمعية في وضعية مخالفة... بلا محاسبةللسنة الثالثة على التوالي، لم تعقد الجمعية الجهوية للمرشدين السياحيين أي جمع عام، ولم تُعرض أي تقارير مالية أو أدبية، ومع ذلك تواصل تحصيل واجبات الانخراط، وتسليم الشهادات وكأن شيئاً لم يكن.أين دور المراقبة؟ من يتحمل مسؤولية تفعيل آليات الشفافية الداخلية؟ أليس استمرار هذا الوضع يمثل خرقاً لمبادئ الحكامة المهنية؟التكوين الرقمي: برنامج غير منصف لفئة واسعةفرض شهادة التكوين الرقمي ضمن وثائق تجديد الاعتماد جاء بهدف التأهيل، لكنه لم يُرفق، حسب عدد من المهنيين، بآليات واقعية لضمان مشاركة حقيقية ومتساوية، مما خلق شعوراً بالإقصاء لدى شريحة واسعة من المرشدين:مشاركات شكلية أو بالنيابة.غياب دعم فعلي للفئات غير المتمكنة من التكنولوجيا.شهادة تُمنح دون تأكيد فعلي لاكتساب المهارات.النتيجة؟ تكوين تحوّل إلى عبء إداري لا يراعي خصوصية الميدان.تجديد الرخصة: منطق الورق أم منطق الكفاءة؟المرشدون يقدمون ملفاتهم كاملة، لكن العديد منهم يُدرك أن ما يُطلب ليس بالضرورة انعكاساً حقيقياً للخبرة أو القدرة. شهادات انخراط صادرة عن جمعيات غير مفعلة تنظيمياً، وشهادات تكوين دون مضمون فعلي، فهل هذه مؤشرات تأهيل حقيقية؟ أم مجرد إجراء شكلي؟الشهادة الطبية: سؤال حول العدالة المهنيةيشكل شرط الشهادة الطبية عائقاً أمام عدد من المرشدين الذين يعانون من أمراض مزمنة أو حالات صحية مؤقتة. فهل العجز المؤقت أو الإعاقة الخفيفة تعني بالضرورة عدم الأهلية؟ وهل من العدل أن يُقصى شخص فقط لأنه يخضع لعلاج منتظم أو يعيش مع إعاقة بسيطة لا تمنعه من أداء مهامه؟الضمان الاجتماعي: بين التعقيد والإجحافيعاني عدد من المرشدين السياحيين من صعوبات متزايدة في تسوية وضعيتهم مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في ظل غياب مواكبة فعلية تأخذ بعين الاعتبار طبيعة عملهم المستقل وغير المنتظم. ومن أبرز الإشكالات المطروحة:تعقيد مساطر الانتظام وتسديد المستحقات القديمة.تراكم مبالغ يصعب سدادها دفعة واحدة.وجود اقتطاعات بنكية غير دقيقة في بعض الحالات.تعرض المرشدين مزدوجي الجنسية لأداء مزدوج للواجبات دون تنسيق واضح بين الدول.هذا الوضع يُفاقم الهشاشة الاجتماعية للمرشدين، ويُفرغ التغطية الاجتماعية من مضمونها، ويُرسخ الإقصاء بدل الإدماج.مطالب مهنية ملحةافتحاص إداري ومالي للجمعية الجهوية ضماناً للشفافية.مراجعة آليات استخراج شهادات التكوين والانخراط.تيسير شروط الشهادة الطبية بشكل إنساني وعادل.فتح حوار مهني موسع لتصحيح المسار التنظيمي دون توتر أو صدام.رسالة مفتوحة لكل ضمير مهنيهذا المقال ليس مجرد وصف لاختلالات مهنية، بل هو نداء صادق يلامس كرامة كل مرشد سياحي. لسنا بصدد مطالب تعجيزية، بل نطالب فقط بما يضمن الاستمرارية في العمل بكرامة: تنظيم شفاف، تمثيلية شرعية، تكوين فعلي، وحماية اجتماعية عادلة.لقد طال الصمت، وكثُر التغاضي، وحان الوقت لنُعيد للمهنة صوتها ومكانتها. صوت المرشد ليس هامشيًا... إنه صوت الثقافة، والتاريخ، والانتماء."
ساحة

يونس مجاهد يكتب: مصداقية الخبر وطُعم النقرات
موضوع مصداقية الأخبار ليست جديدا في ثقافتنا، بل إنه متجذر فيها، وهناك مرجعيات كثيرة تحيلنا على الأهمية القصوى التي أوليت للفرق بين الخبر الصادق والخبر الكاذب في تراثنا، و لا أدل على ذلك من الآية الكريمة " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ". فالعودة لهذه المرجعيات سيكون مفيدا في مقاومة المد الجارف للتضليل والأخبار الملفقة والإثارة الرخيصة، التي يسعى تجار شبكات التواصل الاجتماعي إلى جعلها وسيلة للتشهير والإساءة، ومصدر اغتناء، غير عابئين بالقيم النبيلة التي من المفترض أن نتقاسمها كمجتمع. إن العودة إلى مرجعيتنا الحضارية والثقافية كفيل بأن يساهم إلى حد كبير في توفير وسائل وأدوات مقاومة الإتجار الرخيص في حرية التعبير، ففي مقدمة ابن خلدون التي أسست لعلم العمران البشري، هناك تدقيق مذهل لضرورة التمحيص في الأخبار، حيث يقول إنه من الضروري التمحيص والنظر في الخبر، حتى يتبين صدقه من كذبه، لأن الابتعاد عن الانتقاد والتمحيص يقع في قبول الكذب ونقله. ويضيف أن من الأسباب المقتضية للكذب في الأخبار، أيضا، الثقة بالناقلين، وتمحيص ذلك يرجع إلى التعديل والتجريح. ومنها الذهول عن المقاصد، فكثير من الناقلين لا يعرف القصد بما عاين أو سمع، وينقل الخبر على ما في ظنه وتخمينه، فيقع في الكذب. إن ابن خلدون، الذي سبق عصره، يتحدث هنا عن مصادر الأخبار، التي يعتبر أنه من غير الممكن تصديق ما تنقله بدون إعمال العقل النقدي. وهو من صميم العمل الصحافي، حيث أن التأكد من مصادر الأخبار ومدى مصداقيتها، هو جوهر المهنة، وهو أيضا ما يدرس اليوم في التربية على الإعلام، إذ أن أهم مبدأ يوصى به هو عدم تصديق أي "خبر"، إلا بعد التأكد من المصادر، أولا، ثم التمحيص والنظر في هذا الخبر، كما يقول ابن خلدون، ثانيا، لغربلته وإخضاعه للعقل والمنطق. وفي هذا الإطار، تؤكد التجربة، أنه لا يمكن للمجتمعات أن تستغني عن الصحافة المهنية، في تداول الأخبار، لأنها تكون صادرة عن صحافيين محترفين، يتوفرون على تكوين وخبرة ومستوى علمي، والأهم من ذلك، أنهم يشتغلون في بيئة صحافية، أي ضمن هيئة تحرير وميثاق أخلاقيات وقواعد العمل الصحافي. ولا يمكن لشبكات التواصل الاجتماعي أوما يسمي ب"المؤثرين"، أن تعوض العمل الصحافي الاحترافي، بحجة أنها "صحافة مستقلة"، فليس هناك إلا صحافة واحدة، إما أن تكون احترافية موضوعية وذات مصداقية، تعمل طبقا لأساسيات مهنة الصحافة وتقاليدها، أو لا تكون. الصحافي الحقيقي، كالمؤرخ، يقول عبد الله العروي، في كتابه "مفهوم التاريخ"، إذ يعتبر أن العديد من الملاحظين يشبهون الصحافي بالمؤرخ، فيقال إن الأول مؤرخ اللحظة، بينما الثاني صحافي الماضي، كلاهما يعتمد على مخبر، وكلاهما يؤول الخبر ليعطيه معنى، الفرق بينهما هو المهلة المخولة لكل واحد منهما، إذا ضاقت تحول المؤرخ إلى صحافي، وإذا عاد الصحافي إلى الأخبار وتأملها بعد مدة تحول إلى مؤرخ، أما إشكالية الموضوعية وحدود "إدراك الواقع كما حدث"، فهي واحدة بالنسبة لهما معا. والمقصود هنا، حسب العروي، هو أن كلا من الصحافي والمؤرخ، عليهما تحري الدقة في الأخبار والحوادث المنقولة، واعتماد المصادر الموثوقة، مثل التغطية الميدانية وشهود العيان أو معايشة الأحداث، بالإضافة إلى الوثائق والآثار الدالة على ما حصل... هذه هي الصحافة المستقلة، عن التلفيق والكذب والإثارة المجانية واستجداء عدد النقرات. ويعتبر اليوم "طُعم النقرات "clickbait، من الآفات الكبرى التي أصابت الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبح العديد ممن يسعون إلى تحقيق الأرباح، بأية وسيلة، اللجوء إلى تشويه الحقيقة وتقويض القيم الصحفية التقليدية، مثل الدقة والموضوعية والشفافية، همهم الوحيد هو الدخول في مهاترات وجدل عقيم، و اعتماد عناوين مثيرة، و كتابة أو بث كل ما يمكن أن يثير الفضول بدون معنى أو محتوى و بدون مصدر موثوق، كتاباتهم أو احاديثهم تتضمن تناقضات كثيرة، لكن كل ذلك يهون، بالنسبة لهم، أمام ما يمكن أن يحققونه من مداخيل. لذلك رفعت العديد من التنظيمات الصحافية في تجارب دولية، شعار؛ "لا تنقر"، أي تجنب طُعم الإثارة التجارية الرخيصة، التي تشوه الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي.
ساحة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الأحد 20 أبريل 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة