رشيد نيني يكتب: التَّعالُف الحكومي – Kech24: Morocco News – كِشـ24 : جريدة إلكترونية مغربية
الأحد 20 أبريل 2025, 17:49

ساحة

رشيد نيني يكتب: التَّعالُف الحكومي


كشـ24 نشر في: 8 مارس 2016

إذا كانت هناك مناصفة حقيقية في السياسة المغربية، فهي تلك التي تتجسد في كوارث وزراء الأحزاب السياسية المشكلة للحكومة.

فالتحالف الحكومي يتقاسم بشكل يكاد يكون متساويا الفضائح السياسية المجلجلة، وكل حزب ينسيك في الحزب الآخر.

فإذا كان وزراء الحركة الشعبية قد اشتهروا بالكراطة والشكلاطة ومعجزة النوم لساعتين فقط والاشتغال 22 ساعة في اليوم، دون أن نتحدث عن وزيرهم بوطحشة الذي لا يملك شهادة الباك ومع ذلك سجل نفسه في الماستر، فإن حزب العدالة والتنمية قد اشتهر بفضيحة الوزير الخلفي الذي اعترف رئيسه في الحكومة بارتكابه لفساد واضح عندما توسط لابن الحمداوي لكي يشتغل في بنك عمومي، واشتهر بفضيحة الوزيرة سوسو والوزير شوشو، وبفضيحة الوزير العثماني الذي استغل زيارة حكومية إلى الكويت لكي يلتقي قيادات من تنظيم الإخوان المسلمين، فخرج على حقيبته وعلى منصب «بلاصة» السفير ولد الجنرال الراحل بناني، الذي منذ عودته من السفارة لم «يعتبها» في مكان آخر.

كل هذا كوم، كما يقول المصريون، وما يقترفه وزراء الرفيق الحاج نبيل بنعبد الله، كوم ثاني.

فبعد زلة الوزيرة شرفات أفيلال حول معاشات البرلمانيين، وزلة الصديقي وزير قلة الشغل الذي قال إنه يسرحنا نحن المغاربة، ومهزلة مجيء وزير الشغل السابق سكران إلى البرلمان، مما عجل بإقالته بواسطة رسالة قصيرة تلقاها من نبيل بنعبد الله على هاتفه، هاهو الوردي وزير قلة الصحة يحطم كل الأرقام القياسية في النفاق السياسي.
وآخر ما قام به سعادته زيارته إلى بيت عبد الجبار الوزير لكي يعوده في مرضه، لكن عيادة المرضى- يا عباد الله- تكون في الستر، لا بجلب الكاميرات لتصوير معالي الوزير يعود المريض طريح الفراش للرفع من شعبيته.

هؤلاء السياسيون لن يترددوا في التقاط صور مع الجثث لو تطلب الأمر، فقط من أجل تلميع صورتهم أمام الرأي العام.

والمصيبة مع هذا الوزير الذي يحمل سهوا اسم وزير الصحة، والذي أصبح الذهاب إلى المستشفيات على عهده يحتاج حماية أمنية مشددة، هو أنه يستغل أي شيء للدعاية لنفسه.

فقد استغل ملف خفض سعر الأدوية ونسبه لنفسه، علما أن لجنة برلمانية اتحادية هي من كانت وراء هذا المشروع.

ويستغل يوميا استعمال مروحية الوزارة لنقل المرضى في المناطق النائية لإرسال بلاغات للصحف يتبجح من خلالها بإنقاذ الناس بالمروحيات. كما لو أنه يؤدي تكاليف ذلك من جيبه وليس من أموال دافعي الضرائب.

وهاهو اليوم يقول في كل مكان إنه وفر لمرضى الالتهاب الكبدي دواء لا يتعدى سعره 8.000 درهم بعدما كان سعره يصل إلى سبعين مليونا.

والحقيقة أن من سعى للحصول على هذا الدواء هو ملياردير اسمه لحلو يملك مختبر أدوية اشترى «موليكيل» الدواء من ماله وحصل على رخصة بتجنيسه وبيعه بسعر زهيد.
وعندما يقول وزير الصحة لمرضى التهاب الكبد الفيروسي إن الدواء جاهز فهو يكذب عليهم، لأن الدواء الذي منحته مديرية الدواء رخصة البيع غير كاف لوحده من أجل تحقيق العلاج النهائي، بل يلزم دواء إضافي لازال لم يحصل على رخصة مديرية الدواء.

وإلى غاية اليوم هناك «موليكيل» اسمها Daclatasvir وأخرى اسمها Ribaverine لازالتا لم تحصلا على الترخيص، ويعلم الله متى ستحصلان عليه من مديرية الدواء بوزارة الوردي.

والواقع أن أكبر حزب سياسي مشارك في الحكومة يمارس الريع كبرنامج حزبي وكبيان إيديولوجي، هو حزب التقدم والاشتراكية بقيادة نبيل بنعبد الله.

فمنذ دخوله إلى حكومة بنكيران، نجح الحاج الرفيق نبيل بنعبد الله، وزير السكنى وسياسة المدينة، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، في «تبليص» عدد من القياديين بحزبه في المناصب السامية، مستفيدا من الخبرة التي راكمها «إخوانه» في العدالة والتنمية في هذا المجال، حيث تحولت اجتماعات المجلس الحكومي إلى موعد أسبوعي لتوزيع «كعكة» المناصب السامية على المقربين من وزراء حكومة عبد الإله بنكيران، وأصبحت ظاهرة اقتسام «الوزيعة» بمثابة طقس أسبوعي يتكرر كل يوم خميس بمباركة بنكيران، يأتي بعدها بوصندالة الناطق الرسمي مهرولا إلى مقر وزارته لتلاوة لائحة بأسماء المنعم عليهم بالمناصب من قادة أحزاب «التعالف» الحكومي.

ومن أوجه الريع الذي استفاد منه حزب التقدم والاشتراكية، تعيين سعيد فكاك، عضو الديوان السياسي، في منصب مدير مؤسسة الأعمال الاجتماعية لوزارة الصحة، بدون توفر الشروط المطلوبة لهذا المنصب، سوى أنه رفيق وزير الصحة، الحسين الوردي، وشغل منصب مدير ديوانه.

ثم تعيين أنس الدكالي، عضو الديوان السياسي للحزب، مديرا للوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، دون أن يتوفر على أي شرط سوى أنه رفيق الوزير الوصي على القطاع، «السراح» عبد السلام الصديقي، وتنازل عن منصبه البرلماني لفائدة إدريس الرضواني، الكاتب العام السابق لشبيبة الحزب، الذي دخل لاستكمال ما تبقى من الولاية البرلمانية والحصول على تقاعد مريح مدى الحياة.

ولم يخرج الحاج الرفيق نبيل عن القاعدة، واستغل المجلس الحكومي لاقتراح مدير ديوانه، وعضو الديوان السياسي لحزبه، كريم التاج، في منصب المفتش العام لوزارة السكنى وسياسة المدينة، التي يوجد على رأسها، وسارع بنكيران إلى مباركة هذا التعيين، رغم أن المرشح لم يمارس الإدارة قط في حياته، والخبرة الوحيدة التي يملكها هي كونه رفيق الرفيق بنعبد الله.

والعجيب أن قرار الإعلان عن شغل المنصب تضمن شروطا مفصلة على مقاس القيادي بحزب الوزير، ومن بينها عدم اشتراط «الدبلوم» أو شهادة جامعية عليا، وكذلك عدم اشتراط ضرورة تقلد منصب المسؤولية بالوظيفة العمومية، كما ينص على ذلك قانون التعيين في المناصب العليا.

وفي إطار لعبة «عطيني نعطيك»، سارع بنكيران إلى تبليص «بو فم» امحمد الهلالي، القيادي الثرثار بحركة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوية لحزب العدالة والتنمية، والذي عينه الحاج الشيوعي في منصب مدير الشؤون القانونية بوزارة السكنى وسياسة المدينة، مقابل موافقة بنكيران على تعيين الدكالي في منصب مدير «لانابيك».

وبدوره شرع الدكالي، بمجرد «تبليصه»، على توزيع المناصب على «الرفاق» و«الرفيقات»، وأعلن عن مباراة لتوظيف 8 مستشارين، وبطبيعة الحال تقدم الآلاف من أبناء الشعب العاطلين، ليتم استدعاء 125 منهم لاجتياز الامتحان الكتابي، بقي منهم 50 في الامتحان الشفوي، وأثناء الإعلان عن لائحة النتائج، نجحت، ويا للمصادفة، أخت مستشار شرفات، وزيرة «جوج فرنك»، ونجح مستشار الوزيرة وعضو اللجنة المركزية للحزب، كما فرض أحد أعيان الحزب بآسفي باقي الناجحين في اللائحة.

أما «السارح»، وزير قلة الشغل، فقد حطم الرقم القياسي في تعيين «الرفاق» وزوجاتهم وأبنائهم في مناصب المسؤولية بوزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية، وبعد اعتراض وزارة المالية على تعيينات مخالفة للقانون، قام في اجتماع المجلس الحكومي المنعقد قبل أسابيع، على «تتياك الكارطة» داخل وزارته، بتبادل المناصب بين المقربين منه، وقام بتعيين مديرة التعاون على رأس مديرية الشغل، وقام بتبادل بين المفتش العام الذي عينه في منصب مدير الموارد البشرية والميزانية والشؤون العامة، مكان موظفة عينها الصديقي مفتشة عامة للوزارة.

وقبلها، تم تعيين أستاذ متقاعد في منصب الكاتب العام لوزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية، خلفا للكاتب العام السابق، ميمون بنطالب، الذي أعفاه الصديقي على خلفية سلسلة من الفضائح التي هزت وزارته، وكان الأستاذ المتقاعد يشغل مهمة مدير ديوان الصديقي، وزير الشغل، السابق، قبل أن يثبته في منصب الكاتب العام، رغم مشاركة 17 مرشحا تنافسوا على المنصب، منهم أطر إدارية من الوزارة وخارجها، لكن بنكيران وافق في المجلس الحكومي على مكافأة رفاق نبيل بنعبد الله، بتعيين أستاذ جامعي متقاعد، يتحدر من نفس منطقة الوزير، بلدة «أكنول» بنواحي تازة، ولا يتوفر على أي تجربة في التسيير الإداري التي يتطلبها منصب الكاتب العام.

وبمجرد تعيينه في اجتماع المجلس الحكومي المنعقد يوم 23 أكتوبر 2014، شرع في توزيع المناصب على المقربين، لكونه يترأس جميع لجان الانتقاء في مناصب المسؤولية التي توزع في كواليس ديوان الوزير، والتي لن تخرج بجديد غير تعيين من ينتمي إلى حزب التقدم والاشتراكية أو إلى إقليم تازة ونواحيه، وفتح التباري على 10 مناصب رؤساء المصالح أو ما يماثلها، كذلك تم توزيعها باعتماد نفس المنطق، رغم أنها عرفت مشاركة 57 مترشحا ومترشحة.

ومؤخرا، وجهت مصالح وزارة المالية صفعة قوية إلى الوزير الصديقي، برفضها نتائج المقابلات الانتقائية لتقلد مهام رؤساء الأقسام بوزارته، وخاصة منصب رئيسة قسم تشغيل المهاجرين، بسبب الخروقات المسطرية والقانونية التي شابت هذه المقابلات، والتي توجت بتعيين مقربين من قادة حزب التقدم والاشتراكية الذي ينتمي إليه الوزير، ورغم اعتراض وزارة المالية أصر الصديقي على إعادة تعيين زوجة قيادي بحزب التقدم والاشتراكية يشتغل مديرا مركزيا بوزارة الطاقة والمعادن، في نفس المنصب، بعد سنة من تعيينها في هذا المنصب ضدا على القانون وتجاوزا لقرار الوزير نفسه، حيث لم يتم احترام الشروط القانونية التي جاءت في قرار الوزير رقم 300 بتاريخ 7 نونبر 2014، خاصة شرط ممارسة مهام رئيس مصلحة، وقام بفتح باب الترشيح من جديد لشغل هذا المنصب بعد أن تم التحايل على القانون بإصدار قرار جديد تحت رقم 303 بتاريخ 10 نونبر 2015، تنطبق مواصفاته على مقاس المرشحة المعنية، وذلك بإلغاء شرط ممارسة مهام رئيس مصلحة، لضرورة المصلحة، مصلحة الوزير والحزب طبعا.

من «إنجازات» الوزير الصديقي تعيينه ابنة عضو المكتب السياسي للحزب ورئيس الفريق البرلماني السابق للحزب بمجلس المستشارين، في منصب مديرة الحماية الاجتماعية للعمال، بعدما أعفى المديرة السابقة بطريقة غير إنسانية، خصوصا أنها كانت حاملا، ما يتعارض مع الاتفاقية الدولية للشغل رقم 3 لسنة 1919، بشأن حماية الأمومة، وكذلك التوصية رقم 191 لمنظمة العمل الدولية بشأن حماية الأمومة لسنة 2000، والتي تحرم- في مادتها الثامنة- على رئيس الإدارة أن ينهي استخدام أي امرأة أثناء حملها.

كما أن رئيس الحكومة ووزيره السارح في التشغيل، مطالبان بالكشف عن مصير 800 مليون سنتيم التي خصصتها الحكومة لانتخابات ممثلي المأجورين، وتم صرفها من الصندوق الأسود لرئيس الحكومة، علما أن هذه الانتخابات تتكلف بها المؤسسات العمومية والشركات الخاصة التي تجرى بها الانتخابات، لكن أيادي تحركت لصرف المبلغ في شكل تعويضات. لذلك فالمجلس الأعلى للحسابات مطالب باستعمال آلياته الدستورية للتحقيق في صرف هذا المبلغ.

وإذا كان الوزير الذي يسرحنا يرتكب كل هذه الفضائح علانية، فإن رفيقه ولد الباشا الصبيحي، وزير «الشقافة»، يرتكب أفظع منها في السر، معتقدا أن لا أحد يراه.

فبعد الفضيحة التي فجرتها «الأخبار»، بحصول مطبعة «طوب بريس» التي كانت في ملكية رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، على صفقات من وزارات يوجد على رأسها أعضاء بحزب العدالة والتنمية، نحن اليوم أمام فضيحة جديدة تتجلى في حصول المطبعة التي أصبحت في ملكية حركة التوحيد والإصلاح على دعم من وزارة الثقافة، وكذلك تمويل مجلة تابعة للحركة من المال العام قدمته لها نفس الوزارة التي يوجد على رأسها أمين الصبيحي، القيادي بحزب التقدم والاشتراكية.

وقد بلغ مجموع دعم وزارة الثقافة المخصص لطبع الكتب بمطبعة «طوب بريس»، خلال سنتين، 32 مليون سنتيم.

كما أن بنكيران يمول طبع مجلة حركته الدعوية من المال العام، منذ وصوله إلى الحكومة، بمعدل 20 ألف درهم في كل دورة.

فخلال السنة الثانية من عمر الحكومة، أي سنة 2013، قررت وزارة «ولد الباشا الصبيحي»، توزيع المال العام على الناشرين والمطابع، ومنها طبعا مطبعة رئيسه في الحكومة، وخصصت الوزارة آلية للدعم يستفيد منها الكتاب والناشرون ومكتبات البيع والجمعيات والمقاولات الثقافية، في شكل طلبات عروض مشاريع بغلاف مالي قدره مليار سنتيم سنويا، وتم إصدار قرار مشترك بين وزير الثقافة ووزير الاقتصاد والمالية، تنفيذا لمقتضيات المرسوم رقم 2.12.513، الصادر في 2 رجب 1434، الموافق لـ13 ماي 2013، والمتعلق بدعم المشاريع الثقافية والفنية، على شكل طلبات عروض مشاريع، توضح عبره بالإضافة إلى الأهداف والمجالات والمستفيدين والشروط والمعايير والمبالغ وطرق الصرف، طبيعة وشروط الحصول على هذا الدعم. وحدد القرار المستفيدين من الدعم في المقاولات الصحفية والجمعيات الثقافية، لكن مع ظهور نتائج الدورة الأولى للدعم التي تم الإعلان عنها سنة 2014، تبين أن المستفيد الأول من العملية، هي حركة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوية لحزب العدالة والتنمية، ومطبعة «طوب بريس» التي كانت مسجلة باسم رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، قبل أن يصحح وضعيتها بعد تفجر فضيحة استفادتها من صفقات من وزارات يوجد على رأسها وزراء من العدالة والتنمية. فحسب السجل التجاري رقم 1170 بالمحكمة التجارية بالرباط، فإن مطبعة «طوب بريس» أصبحت مسجلة في اسم محمد الحمداوي، الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح، عوض عبد الإله بنكيران، الذي كانت مسجلة باسمه منذ 8 ماي 1998.

لائحة المستفيدين من دعم طبع ونشر الكتب والمؤلفات، برسم الدورة الأولى من سنة 2014، كشفت عن وجود أسماء برلمانيين وقياديين بحزب العدالة والتنمية ضمن المستفيدين من دعم الدولة، إلى جانب كتاب ومؤلفين آخرين. وأبانت نتائج دراسة الملفات المرشحة لدعم المشاريع الثقافية والفنية، في مجال النشر والكتاب، حصول مطبعة «طوب بريس» على 16 مليون سنتيم، لطبع كتب لمؤلفين جلهم ينتمون إلى الحزب وذراعه الدعوية، وعلى رأسهم محمد يتيم، وهو برلماني نائب رئيس مجلس النواب، وعضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، وعضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح، بحصوله على مبلغ 15 ألف درهم لطبع ونشر كتابه الذي يحمل عنوان «مسارات في تاريخ الحركة الإسلامية». كما استفادت من أموال وزارة الثقافة، جميلة المصلي، الوزيرة المنتدبة لدى وزير التعليم العالي، وعضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، وحصلت على مبلغ 15 ألف درهم لطبع ونشر كتابها الذي يحمل عنوان «المرأة في الاتفاقيات الدولية»، واستفاد بلال التليدي، القيادي بحركة التوحيد والإصلاح، من دعم قيمته 15 ألف درهم لطبع ونشر كتابه «مراجعات الحركة الإسلامية المغربية».

وبدوره استفاد زميله امحمد طلابي، عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح، من مبلغ 20 ألف درهم لتمويل مجلة «الفرقان» التي يصدرها. كما تم طبع أربعة كتب أخرى، بدعم مجموعه 60 ألف درهم، بمعدل 15 ألف درهم لكل كتاب، ويتعلق الأمر بكتاب «آفاق الحوار الإسلامي العلماني»، لمحمد جبرون، وكتاب «الإعلام الجديد وتحديات القيم»، لمؤلفه هشام المكي، وكتاب «مقاربات في المسألة اللغوية» لفؤاد أبو علي، وكتاب «في الموقف من العلمانية» لصاحبه سلمان بونعمان، بالإضافة إلى طبع عددين من المجلة المغربية للسياسات العمومية، التي يصدرها البرلماني حسن طارق، بمبلغ 30 ألف درهم. وفي الدورة الثانية حصلت المطبعة على 6 آلاف درهم لطبع كتاب تحت عنوان «هل مات منبهي» لمؤلفه عزيز حجي.

وخلال سنة 2015 التي ودعناها، نالت كذلك المطبعة نصيبها من «كعكة» الدعم، ومجموع الدعم بلغ 17 مليون سنتيم موزعة على مرحلتين. وحسب نتائج الدورة الأولى لدعم طبع الكتب خلال سنة 2015، حصلت مطبعة «طوب بريس» بعدما أصبحت في اسم محمد الحمداوي، الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح، على مبلغ 88 ألف درهم، من أجل طبع ستة كتب لقياديين بحزب العدالة والتنمية وذراعه الدعوية، من بينها كتاب يحمل عنوان «تأملات في الحريات الفردية»، لمؤلفه المقرئ الإدريسي أبو زيد، برلماني حزب العدالة والتنمية، الذي حصل على مبلغ دعم قدره 10 آلاف درهم، وكتاب «قضايا تربوية ولسانية» لمؤلفه المصطفى بنان، بمبلغ 10 آلاف درهم، وكتاب «القيم والإنسان في ضوء التدافع الحضاري المعاصر» لمؤلفه الحسان شهيد، بمبلغ 8 آلاف درهم، وكتاب «الأمازيغية: تحولات الخطاب والفاعلين والعلاقات في المغرب الراهن» لمؤلفه محمد مصباح، بمبلغ 12 ألف درهم، وكتاب «انشقاق الهوية:

جدل الهوية ولغة التعليم بالمغرب»، لمؤلفه محمد جبرون، بمبلغ 8 آلاف درهم، وكتاب «الأسرة والقيم بين المقاربتين الوضعية والمرجعية» لمؤلفه محمد ابراهيمي، بمبلغ 10 آلاف درهم. وحصلت المطبعة على 30 ألف درهم لطبع المجلة المغربية للسياسات العمومية، لصاحبها البرلماني حسن طارق.

كما حصلت المطبعة نفسها في الدورة الثانية، برسم السنة الجارية على مبلغ 82 ألف درهم، من أجل طبع أربعة كتب لقياديين بالحزب والحركة، منها ثلاثة مؤلفات لسمية البوغافرية تحمل عناوين «الأمير المفقود» و«عاشقة اللبن» و«الطفل الطائر»، بمبلغ مجموعه 28 ألف درهم، وكتاب «أثر التلقي»، لمؤلفته نوال بنبراهيم، بمبلغ 12 ألف درهم، بالإضافة إلى طبع المجلة المغربية للسياسات العمومية، التي يصدرها البرلماني الاتحادي، حسن طارق، بمبلغ 22 ألفا و500 درهم، ومجلة «الفرقان» التي تصدرها حركة التوحيد والإصلاح، ويديرها القيادي امحمد طلابي، بمبلغ 20 ألف درهم.

علما أن دعم طبع مجلة «الفرقان»، التابعة لحركة التوحيد والإصلاح، يتعارض مع دفتر تحملات الدعم المخصص للمجلات الثقافية، خاصة أن العدد الأخير الذي حظي بدعم قدره 20 ألف درهم، مخصص حصريا للتعريف بحركة التوحيد والإصلاح، في حين لا يتم دعم المجلات والكتب الثقافية الجادة.

وحسب دفتر التحملات، فإن المجلات التي تحصل على الدعم هي المجلات المتخصصة في أدب الأطفال واليافعين، والمجلات المتخصصة في الأدب والنقد، والمجلات المتخصصة في الدراسات الفنية، والمتخصصة في التراث الثقافي، والمتخصصة في الدراسات اللغوية، والمتخصصة في الترجمة، والمتخصصة في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

كما أن دفتر التحملات يشترط أن تشمل الكتب المدعمة، الأعمال الأدبية والدراسات الأدبية والفنية واللغوية والمؤلفات المندرجة في إطار العلوم الإنسانية والاجتماعية، والأعمال المترجمة من وإلى اللغة العربية أو الأمازيغية، والكتب الأولى للأدباء الشبان المغاربة، والكتب الموجهة لفئة ضعاف البصر والمكفوفين وذوي الاحتياجات الخاصة، والمشاريع الكبرى وتشمل الأعمال الموسوعية والكتب الراقية والأعمال الكاملة للكتاب المغاربة والمشاريع التي تزاوج بين الطبعات الورقية والوسائط المتعددة، ومشاريع النشر والنشر المشترك التي تسعى من حيث حجم سحبها ومستوى توزيعها وموضوعاتها، إلى الوصول إلى أكبر عدد من القراء، وكذلك مشاريع إعادة طبع نفائس المكتبة المغربية. ويحدد مبلغ الدعم المالي المخصص لمجال نشر الكتاب في حدود 25 في المائة من مبلغ الدعم الإجمالي المخصص لدعم المشاريع الثقافية والفنية في قطاع الكتاب والنشر.

إذا كانت هناك مناصفة حقيقية في السياسة المغربية، فهي تلك التي تتجسد في كوارث وزراء الأحزاب السياسية المشكلة للحكومة.

فالتحالف الحكومي يتقاسم بشكل يكاد يكون متساويا الفضائح السياسية المجلجلة، وكل حزب ينسيك في الحزب الآخر.

فإذا كان وزراء الحركة الشعبية قد اشتهروا بالكراطة والشكلاطة ومعجزة النوم لساعتين فقط والاشتغال 22 ساعة في اليوم، دون أن نتحدث عن وزيرهم بوطحشة الذي لا يملك شهادة الباك ومع ذلك سجل نفسه في الماستر، فإن حزب العدالة والتنمية قد اشتهر بفضيحة الوزير الخلفي الذي اعترف رئيسه في الحكومة بارتكابه لفساد واضح عندما توسط لابن الحمداوي لكي يشتغل في بنك عمومي، واشتهر بفضيحة الوزيرة سوسو والوزير شوشو، وبفضيحة الوزير العثماني الذي استغل زيارة حكومية إلى الكويت لكي يلتقي قيادات من تنظيم الإخوان المسلمين، فخرج على حقيبته وعلى منصب «بلاصة» السفير ولد الجنرال الراحل بناني، الذي منذ عودته من السفارة لم «يعتبها» في مكان آخر.

كل هذا كوم، كما يقول المصريون، وما يقترفه وزراء الرفيق الحاج نبيل بنعبد الله، كوم ثاني.

فبعد زلة الوزيرة شرفات أفيلال حول معاشات البرلمانيين، وزلة الصديقي وزير قلة الشغل الذي قال إنه يسرحنا نحن المغاربة، ومهزلة مجيء وزير الشغل السابق سكران إلى البرلمان، مما عجل بإقالته بواسطة رسالة قصيرة تلقاها من نبيل بنعبد الله على هاتفه، هاهو الوردي وزير قلة الصحة يحطم كل الأرقام القياسية في النفاق السياسي.
وآخر ما قام به سعادته زيارته إلى بيت عبد الجبار الوزير لكي يعوده في مرضه، لكن عيادة المرضى- يا عباد الله- تكون في الستر، لا بجلب الكاميرات لتصوير معالي الوزير يعود المريض طريح الفراش للرفع من شعبيته.

هؤلاء السياسيون لن يترددوا في التقاط صور مع الجثث لو تطلب الأمر، فقط من أجل تلميع صورتهم أمام الرأي العام.

والمصيبة مع هذا الوزير الذي يحمل سهوا اسم وزير الصحة، والذي أصبح الذهاب إلى المستشفيات على عهده يحتاج حماية أمنية مشددة، هو أنه يستغل أي شيء للدعاية لنفسه.

فقد استغل ملف خفض سعر الأدوية ونسبه لنفسه، علما أن لجنة برلمانية اتحادية هي من كانت وراء هذا المشروع.

ويستغل يوميا استعمال مروحية الوزارة لنقل المرضى في المناطق النائية لإرسال بلاغات للصحف يتبجح من خلالها بإنقاذ الناس بالمروحيات. كما لو أنه يؤدي تكاليف ذلك من جيبه وليس من أموال دافعي الضرائب.

وهاهو اليوم يقول في كل مكان إنه وفر لمرضى الالتهاب الكبدي دواء لا يتعدى سعره 8.000 درهم بعدما كان سعره يصل إلى سبعين مليونا.

والحقيقة أن من سعى للحصول على هذا الدواء هو ملياردير اسمه لحلو يملك مختبر أدوية اشترى «موليكيل» الدواء من ماله وحصل على رخصة بتجنيسه وبيعه بسعر زهيد.
وعندما يقول وزير الصحة لمرضى التهاب الكبد الفيروسي إن الدواء جاهز فهو يكذب عليهم، لأن الدواء الذي منحته مديرية الدواء رخصة البيع غير كاف لوحده من أجل تحقيق العلاج النهائي، بل يلزم دواء إضافي لازال لم يحصل على رخصة مديرية الدواء.

وإلى غاية اليوم هناك «موليكيل» اسمها Daclatasvir وأخرى اسمها Ribaverine لازالتا لم تحصلا على الترخيص، ويعلم الله متى ستحصلان عليه من مديرية الدواء بوزارة الوردي.

والواقع أن أكبر حزب سياسي مشارك في الحكومة يمارس الريع كبرنامج حزبي وكبيان إيديولوجي، هو حزب التقدم والاشتراكية بقيادة نبيل بنعبد الله.

فمنذ دخوله إلى حكومة بنكيران، نجح الحاج الرفيق نبيل بنعبد الله، وزير السكنى وسياسة المدينة، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، في «تبليص» عدد من القياديين بحزبه في المناصب السامية، مستفيدا من الخبرة التي راكمها «إخوانه» في العدالة والتنمية في هذا المجال، حيث تحولت اجتماعات المجلس الحكومي إلى موعد أسبوعي لتوزيع «كعكة» المناصب السامية على المقربين من وزراء حكومة عبد الإله بنكيران، وأصبحت ظاهرة اقتسام «الوزيعة» بمثابة طقس أسبوعي يتكرر كل يوم خميس بمباركة بنكيران، يأتي بعدها بوصندالة الناطق الرسمي مهرولا إلى مقر وزارته لتلاوة لائحة بأسماء المنعم عليهم بالمناصب من قادة أحزاب «التعالف» الحكومي.

ومن أوجه الريع الذي استفاد منه حزب التقدم والاشتراكية، تعيين سعيد فكاك، عضو الديوان السياسي، في منصب مدير مؤسسة الأعمال الاجتماعية لوزارة الصحة، بدون توفر الشروط المطلوبة لهذا المنصب، سوى أنه رفيق وزير الصحة، الحسين الوردي، وشغل منصب مدير ديوانه.

ثم تعيين أنس الدكالي، عضو الديوان السياسي للحزب، مديرا للوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، دون أن يتوفر على أي شرط سوى أنه رفيق الوزير الوصي على القطاع، «السراح» عبد السلام الصديقي، وتنازل عن منصبه البرلماني لفائدة إدريس الرضواني، الكاتب العام السابق لشبيبة الحزب، الذي دخل لاستكمال ما تبقى من الولاية البرلمانية والحصول على تقاعد مريح مدى الحياة.

ولم يخرج الحاج الرفيق نبيل عن القاعدة، واستغل المجلس الحكومي لاقتراح مدير ديوانه، وعضو الديوان السياسي لحزبه، كريم التاج، في منصب المفتش العام لوزارة السكنى وسياسة المدينة، التي يوجد على رأسها، وسارع بنكيران إلى مباركة هذا التعيين، رغم أن المرشح لم يمارس الإدارة قط في حياته، والخبرة الوحيدة التي يملكها هي كونه رفيق الرفيق بنعبد الله.

والعجيب أن قرار الإعلان عن شغل المنصب تضمن شروطا مفصلة على مقاس القيادي بحزب الوزير، ومن بينها عدم اشتراط «الدبلوم» أو شهادة جامعية عليا، وكذلك عدم اشتراط ضرورة تقلد منصب المسؤولية بالوظيفة العمومية، كما ينص على ذلك قانون التعيين في المناصب العليا.

وفي إطار لعبة «عطيني نعطيك»، سارع بنكيران إلى تبليص «بو فم» امحمد الهلالي، القيادي الثرثار بحركة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوية لحزب العدالة والتنمية، والذي عينه الحاج الشيوعي في منصب مدير الشؤون القانونية بوزارة السكنى وسياسة المدينة، مقابل موافقة بنكيران على تعيين الدكالي في منصب مدير «لانابيك».

وبدوره شرع الدكالي، بمجرد «تبليصه»، على توزيع المناصب على «الرفاق» و«الرفيقات»، وأعلن عن مباراة لتوظيف 8 مستشارين، وبطبيعة الحال تقدم الآلاف من أبناء الشعب العاطلين، ليتم استدعاء 125 منهم لاجتياز الامتحان الكتابي، بقي منهم 50 في الامتحان الشفوي، وأثناء الإعلان عن لائحة النتائج، نجحت، ويا للمصادفة، أخت مستشار شرفات، وزيرة «جوج فرنك»، ونجح مستشار الوزيرة وعضو اللجنة المركزية للحزب، كما فرض أحد أعيان الحزب بآسفي باقي الناجحين في اللائحة.

أما «السارح»، وزير قلة الشغل، فقد حطم الرقم القياسي في تعيين «الرفاق» وزوجاتهم وأبنائهم في مناصب المسؤولية بوزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية، وبعد اعتراض وزارة المالية على تعيينات مخالفة للقانون، قام في اجتماع المجلس الحكومي المنعقد قبل أسابيع، على «تتياك الكارطة» داخل وزارته، بتبادل المناصب بين المقربين منه، وقام بتعيين مديرة التعاون على رأس مديرية الشغل، وقام بتبادل بين المفتش العام الذي عينه في منصب مدير الموارد البشرية والميزانية والشؤون العامة، مكان موظفة عينها الصديقي مفتشة عامة للوزارة.

وقبلها، تم تعيين أستاذ متقاعد في منصب الكاتب العام لوزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية، خلفا للكاتب العام السابق، ميمون بنطالب، الذي أعفاه الصديقي على خلفية سلسلة من الفضائح التي هزت وزارته، وكان الأستاذ المتقاعد يشغل مهمة مدير ديوان الصديقي، وزير الشغل، السابق، قبل أن يثبته في منصب الكاتب العام، رغم مشاركة 17 مرشحا تنافسوا على المنصب، منهم أطر إدارية من الوزارة وخارجها، لكن بنكيران وافق في المجلس الحكومي على مكافأة رفاق نبيل بنعبد الله، بتعيين أستاذ جامعي متقاعد، يتحدر من نفس منطقة الوزير، بلدة «أكنول» بنواحي تازة، ولا يتوفر على أي تجربة في التسيير الإداري التي يتطلبها منصب الكاتب العام.

وبمجرد تعيينه في اجتماع المجلس الحكومي المنعقد يوم 23 أكتوبر 2014، شرع في توزيع المناصب على المقربين، لكونه يترأس جميع لجان الانتقاء في مناصب المسؤولية التي توزع في كواليس ديوان الوزير، والتي لن تخرج بجديد غير تعيين من ينتمي إلى حزب التقدم والاشتراكية أو إلى إقليم تازة ونواحيه، وفتح التباري على 10 مناصب رؤساء المصالح أو ما يماثلها، كذلك تم توزيعها باعتماد نفس المنطق، رغم أنها عرفت مشاركة 57 مترشحا ومترشحة.

ومؤخرا، وجهت مصالح وزارة المالية صفعة قوية إلى الوزير الصديقي، برفضها نتائج المقابلات الانتقائية لتقلد مهام رؤساء الأقسام بوزارته، وخاصة منصب رئيسة قسم تشغيل المهاجرين، بسبب الخروقات المسطرية والقانونية التي شابت هذه المقابلات، والتي توجت بتعيين مقربين من قادة حزب التقدم والاشتراكية الذي ينتمي إليه الوزير، ورغم اعتراض وزارة المالية أصر الصديقي على إعادة تعيين زوجة قيادي بحزب التقدم والاشتراكية يشتغل مديرا مركزيا بوزارة الطاقة والمعادن، في نفس المنصب، بعد سنة من تعيينها في هذا المنصب ضدا على القانون وتجاوزا لقرار الوزير نفسه، حيث لم يتم احترام الشروط القانونية التي جاءت في قرار الوزير رقم 300 بتاريخ 7 نونبر 2014، خاصة شرط ممارسة مهام رئيس مصلحة، وقام بفتح باب الترشيح من جديد لشغل هذا المنصب بعد أن تم التحايل على القانون بإصدار قرار جديد تحت رقم 303 بتاريخ 10 نونبر 2015، تنطبق مواصفاته على مقاس المرشحة المعنية، وذلك بإلغاء شرط ممارسة مهام رئيس مصلحة، لضرورة المصلحة، مصلحة الوزير والحزب طبعا.

من «إنجازات» الوزير الصديقي تعيينه ابنة عضو المكتب السياسي للحزب ورئيس الفريق البرلماني السابق للحزب بمجلس المستشارين، في منصب مديرة الحماية الاجتماعية للعمال، بعدما أعفى المديرة السابقة بطريقة غير إنسانية، خصوصا أنها كانت حاملا، ما يتعارض مع الاتفاقية الدولية للشغل رقم 3 لسنة 1919، بشأن حماية الأمومة، وكذلك التوصية رقم 191 لمنظمة العمل الدولية بشأن حماية الأمومة لسنة 2000، والتي تحرم- في مادتها الثامنة- على رئيس الإدارة أن ينهي استخدام أي امرأة أثناء حملها.

كما أن رئيس الحكومة ووزيره السارح في التشغيل، مطالبان بالكشف عن مصير 800 مليون سنتيم التي خصصتها الحكومة لانتخابات ممثلي المأجورين، وتم صرفها من الصندوق الأسود لرئيس الحكومة، علما أن هذه الانتخابات تتكلف بها المؤسسات العمومية والشركات الخاصة التي تجرى بها الانتخابات، لكن أيادي تحركت لصرف المبلغ في شكل تعويضات. لذلك فالمجلس الأعلى للحسابات مطالب باستعمال آلياته الدستورية للتحقيق في صرف هذا المبلغ.

وإذا كان الوزير الذي يسرحنا يرتكب كل هذه الفضائح علانية، فإن رفيقه ولد الباشا الصبيحي، وزير «الشقافة»، يرتكب أفظع منها في السر، معتقدا أن لا أحد يراه.

فبعد الفضيحة التي فجرتها «الأخبار»، بحصول مطبعة «طوب بريس» التي كانت في ملكية رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، على صفقات من وزارات يوجد على رأسها أعضاء بحزب العدالة والتنمية، نحن اليوم أمام فضيحة جديدة تتجلى في حصول المطبعة التي أصبحت في ملكية حركة التوحيد والإصلاح على دعم من وزارة الثقافة، وكذلك تمويل مجلة تابعة للحركة من المال العام قدمته لها نفس الوزارة التي يوجد على رأسها أمين الصبيحي، القيادي بحزب التقدم والاشتراكية.

وقد بلغ مجموع دعم وزارة الثقافة المخصص لطبع الكتب بمطبعة «طوب بريس»، خلال سنتين، 32 مليون سنتيم.

كما أن بنكيران يمول طبع مجلة حركته الدعوية من المال العام، منذ وصوله إلى الحكومة، بمعدل 20 ألف درهم في كل دورة.

فخلال السنة الثانية من عمر الحكومة، أي سنة 2013، قررت وزارة «ولد الباشا الصبيحي»، توزيع المال العام على الناشرين والمطابع، ومنها طبعا مطبعة رئيسه في الحكومة، وخصصت الوزارة آلية للدعم يستفيد منها الكتاب والناشرون ومكتبات البيع والجمعيات والمقاولات الثقافية، في شكل طلبات عروض مشاريع بغلاف مالي قدره مليار سنتيم سنويا، وتم إصدار قرار مشترك بين وزير الثقافة ووزير الاقتصاد والمالية، تنفيذا لمقتضيات المرسوم رقم 2.12.513، الصادر في 2 رجب 1434، الموافق لـ13 ماي 2013، والمتعلق بدعم المشاريع الثقافية والفنية، على شكل طلبات عروض مشاريع، توضح عبره بالإضافة إلى الأهداف والمجالات والمستفيدين والشروط والمعايير والمبالغ وطرق الصرف، طبيعة وشروط الحصول على هذا الدعم. وحدد القرار المستفيدين من الدعم في المقاولات الصحفية والجمعيات الثقافية، لكن مع ظهور نتائج الدورة الأولى للدعم التي تم الإعلان عنها سنة 2014، تبين أن المستفيد الأول من العملية، هي حركة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوية لحزب العدالة والتنمية، ومطبعة «طوب بريس» التي كانت مسجلة باسم رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، قبل أن يصحح وضعيتها بعد تفجر فضيحة استفادتها من صفقات من وزارات يوجد على رأسها وزراء من العدالة والتنمية. فحسب السجل التجاري رقم 1170 بالمحكمة التجارية بالرباط، فإن مطبعة «طوب بريس» أصبحت مسجلة في اسم محمد الحمداوي، الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح، عوض عبد الإله بنكيران، الذي كانت مسجلة باسمه منذ 8 ماي 1998.

لائحة المستفيدين من دعم طبع ونشر الكتب والمؤلفات، برسم الدورة الأولى من سنة 2014، كشفت عن وجود أسماء برلمانيين وقياديين بحزب العدالة والتنمية ضمن المستفيدين من دعم الدولة، إلى جانب كتاب ومؤلفين آخرين. وأبانت نتائج دراسة الملفات المرشحة لدعم المشاريع الثقافية والفنية، في مجال النشر والكتاب، حصول مطبعة «طوب بريس» على 16 مليون سنتيم، لطبع كتب لمؤلفين جلهم ينتمون إلى الحزب وذراعه الدعوية، وعلى رأسهم محمد يتيم، وهو برلماني نائب رئيس مجلس النواب، وعضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، وعضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح، بحصوله على مبلغ 15 ألف درهم لطبع ونشر كتابه الذي يحمل عنوان «مسارات في تاريخ الحركة الإسلامية». كما استفادت من أموال وزارة الثقافة، جميلة المصلي، الوزيرة المنتدبة لدى وزير التعليم العالي، وعضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، وحصلت على مبلغ 15 ألف درهم لطبع ونشر كتابها الذي يحمل عنوان «المرأة في الاتفاقيات الدولية»، واستفاد بلال التليدي، القيادي بحركة التوحيد والإصلاح، من دعم قيمته 15 ألف درهم لطبع ونشر كتابه «مراجعات الحركة الإسلامية المغربية».

وبدوره استفاد زميله امحمد طلابي، عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح، من مبلغ 20 ألف درهم لتمويل مجلة «الفرقان» التي يصدرها. كما تم طبع أربعة كتب أخرى، بدعم مجموعه 60 ألف درهم، بمعدل 15 ألف درهم لكل كتاب، ويتعلق الأمر بكتاب «آفاق الحوار الإسلامي العلماني»، لمحمد جبرون، وكتاب «الإعلام الجديد وتحديات القيم»، لمؤلفه هشام المكي، وكتاب «مقاربات في المسألة اللغوية» لفؤاد أبو علي، وكتاب «في الموقف من العلمانية» لصاحبه سلمان بونعمان، بالإضافة إلى طبع عددين من المجلة المغربية للسياسات العمومية، التي يصدرها البرلماني حسن طارق، بمبلغ 30 ألف درهم. وفي الدورة الثانية حصلت المطبعة على 6 آلاف درهم لطبع كتاب تحت عنوان «هل مات منبهي» لمؤلفه عزيز حجي.

وخلال سنة 2015 التي ودعناها، نالت كذلك المطبعة نصيبها من «كعكة» الدعم، ومجموع الدعم بلغ 17 مليون سنتيم موزعة على مرحلتين. وحسب نتائج الدورة الأولى لدعم طبع الكتب خلال سنة 2015، حصلت مطبعة «طوب بريس» بعدما أصبحت في اسم محمد الحمداوي، الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح، على مبلغ 88 ألف درهم، من أجل طبع ستة كتب لقياديين بحزب العدالة والتنمية وذراعه الدعوية، من بينها كتاب يحمل عنوان «تأملات في الحريات الفردية»، لمؤلفه المقرئ الإدريسي أبو زيد، برلماني حزب العدالة والتنمية، الذي حصل على مبلغ دعم قدره 10 آلاف درهم، وكتاب «قضايا تربوية ولسانية» لمؤلفه المصطفى بنان، بمبلغ 10 آلاف درهم، وكتاب «القيم والإنسان في ضوء التدافع الحضاري المعاصر» لمؤلفه الحسان شهيد، بمبلغ 8 آلاف درهم، وكتاب «الأمازيغية: تحولات الخطاب والفاعلين والعلاقات في المغرب الراهن» لمؤلفه محمد مصباح، بمبلغ 12 ألف درهم، وكتاب «انشقاق الهوية:

جدل الهوية ولغة التعليم بالمغرب»، لمؤلفه محمد جبرون، بمبلغ 8 آلاف درهم، وكتاب «الأسرة والقيم بين المقاربتين الوضعية والمرجعية» لمؤلفه محمد ابراهيمي، بمبلغ 10 آلاف درهم. وحصلت المطبعة على 30 ألف درهم لطبع المجلة المغربية للسياسات العمومية، لصاحبها البرلماني حسن طارق.

كما حصلت المطبعة نفسها في الدورة الثانية، برسم السنة الجارية على مبلغ 82 ألف درهم، من أجل طبع أربعة كتب لقياديين بالحزب والحركة، منها ثلاثة مؤلفات لسمية البوغافرية تحمل عناوين «الأمير المفقود» و«عاشقة اللبن» و«الطفل الطائر»، بمبلغ مجموعه 28 ألف درهم، وكتاب «أثر التلقي»، لمؤلفته نوال بنبراهيم، بمبلغ 12 ألف درهم، بالإضافة إلى طبع المجلة المغربية للسياسات العمومية، التي يصدرها البرلماني الاتحادي، حسن طارق، بمبلغ 22 ألفا و500 درهم، ومجلة «الفرقان» التي تصدرها حركة التوحيد والإصلاح، ويديرها القيادي امحمد طلابي، بمبلغ 20 ألف درهم.

علما أن دعم طبع مجلة «الفرقان»، التابعة لحركة التوحيد والإصلاح، يتعارض مع دفتر تحملات الدعم المخصص للمجلات الثقافية، خاصة أن العدد الأخير الذي حظي بدعم قدره 20 ألف درهم، مخصص حصريا للتعريف بحركة التوحيد والإصلاح، في حين لا يتم دعم المجلات والكتب الثقافية الجادة.

وحسب دفتر التحملات، فإن المجلات التي تحصل على الدعم هي المجلات المتخصصة في أدب الأطفال واليافعين، والمجلات المتخصصة في الأدب والنقد، والمجلات المتخصصة في الدراسات الفنية، والمتخصصة في التراث الثقافي، والمتخصصة في الدراسات اللغوية، والمتخصصة في الترجمة، والمتخصصة في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

كما أن دفتر التحملات يشترط أن تشمل الكتب المدعمة، الأعمال الأدبية والدراسات الأدبية والفنية واللغوية والمؤلفات المندرجة في إطار العلوم الإنسانية والاجتماعية، والأعمال المترجمة من وإلى اللغة العربية أو الأمازيغية، والكتب الأولى للأدباء الشبان المغاربة، والكتب الموجهة لفئة ضعاف البصر والمكفوفين وذوي الاحتياجات الخاصة، والمشاريع الكبرى وتشمل الأعمال الموسوعية والكتب الراقية والأعمال الكاملة للكتاب المغاربة والمشاريع التي تزاوج بين الطبعات الورقية والوسائط المتعددة، ومشاريع النشر والنشر المشترك التي تسعى من حيث حجم سحبها ومستوى توزيعها وموضوعاتها، إلى الوصول إلى أكبر عدد من القراء، وكذلك مشاريع إعادة طبع نفائس المكتبة المغربية. ويحدد مبلغ الدعم المالي المخصص لمجال نشر الكتاب في حدود 25 في المائة من مبلغ الدعم الإجمالي المخصص لدعم المشاريع الثقافية والفنية في قطاع الكتاب والنشر.


ملصقات


اقرأ أيضاً
محمد بنطلحة الدكالي يكتب: الروح الرياضية بالجزائر…داء العطب قديم
أمام الانتصارات المتتالية للدبلوماسية المغربية والنكسات والهزائم لجيران السوء،يبدو أن دولة العالم الآخر باتت تعيش أعراض الهلوسة والخرف،وهو داء عطب قديم إسمه" المروك". من بين الذكريات التي يتغنى بها حفدة الشهداء،واقعة كروية حدثت وقائعها في9 دجنبر1979 بين المغرب والجزائر،انتهت بفوزهم كما هو معلوم...ومنذ ذلك الحين والأبواق الإعلامية تكتب عن هذا" النصر" العظيم الذي مضت عليه46 سنة. ولأن مرض الهلوسة تزداد تهيؤاته بازدياد حدته،يبدو أن الكراغلة باتوا منذ الآن يترقبون مقابلة شباب قسنطينة أمام نهضة بركان المغربي. تطالعنا اليوم جريدة الشروق بمقال يحمل عنوان:" الرئيس تبون يحرص على مرافقة السياسي ودعمه في مواجهته ضد نهضة بركان المغربي"...! لقد أكد المقال أن زعيم الكراغلة سيتكفل بكامل مصاريف تنقل وإقامة ممثل الكرة الجزائرية في المغرب،علما أن وزير الشباب والرياضة،وليد صادي،وخلال حضوره مأدبة العشاء التي أقامها والي الولاية صيودة،كان قد نقل للنادي القسنطيني إدارة ولاعبين دعم رئيس الجمهورية ومساندته المطلقة للفريق في مواجهته أمام نهضة بركان...ومن ثمة ضمان تنشيط النهائي الإفريقي القادم ودخول التاريخ من بابه الواسع...! سبحان الله معشر الكراغلة،دخول التاريخ،شافاكم الله،يكون عبر الاختراعات والإنجازات،وتوفير لتر حليب وكسرة خبز لكل جائع،وذلك أضعف الإيمان. دخول التاريخ يكون عبر التلاحم والتآزر،لأننا دم واحد وتاريخ مشترك. أما وأنتم تشحنون المدرب خير الدين ماضوي وكأنه متوجه إلى ساحة الحرب،وتأمرون اللاعبين بوقرة ومداحي وكأنهما قائدا فريق مشاة...! إسمحوا لي أن أعترف،أني بت أشفق عليكم،وأدعو الله أن يتدبر أمر الحرارة المفرطةالتي تسكنكم. ونحن ندعو لكم بالشفاء معشر الكراغلة،نذكركم أنه وطوال التاريخ،ومنذ الحضارة الإغريقية التي عرفت ألعاب أثينا،ظلت الرياضة عنوانا للفرجة والتآخي والتعارف بين الشعوب لما تمثله من قيم إنسانية نبيلة،إنها تنشر السلام وتشجع على التسامح والاحترام وسمو الأخلاق،والرياضة بمعناها الصحيح ترفض أن تكون وسيلة لغاية أخرى لأنها منبع القيم السامية المثلى حين تنتصر الروح الرياضية. إننا نشفق عليكم،ونرثي لحالكم حين تعتبرون انتصارا صغيرا في كرة القدم عن طريق ضربات الحظ،عيدا وطنيا وملحمة بطولية،محاولين تهدئة الشارع الذي يعرف حراكا شعبيا. لقد ضاق الشعب الجزائري الشقيق درعا من ضيق العيش ومحنة الطوابير والرعب اليومي الجاثم على النفوس... الرياضة أخلاق وسمو إنساني نبيل...حاولوا أن تستفيقوا من غيكم،رغم أن داء العطب قديم... محمد بنطلحة الدكالي
ساحة

صرخة من قلب المهنة: الفوضى تُهين الإرشاد السياحي بمراكش
في سياق التحديات التي تعصف بمهنة الإرشاد السياحي في مراكش، يعرض هذا المقال وجهة نظر عدد من المرشدين السياحيين الذين يعانون من تدهور أوضاعهم المهنية بسبب ظواهر التسيب والتنظيم غير القانوني داخل القطاع. ومن المهم التنويه إلى أن ما يطرحه هذا المقال يعكس آراء مجموعة من المهنيين الذين يواجهون هذه التحديات بشكل يومي، وهذا نص المقال: "الانتسابات غير القانونية، المنافسة الفوضوية، وتواطؤ الصمت... من يُنقذ كرامة المرشدين؟ الوضع لم يعد يحتمل. مهنة الإرشاد السياحي، التي لطالما كانت واجهة حضارية للمغرب، تتعرض اليوم في مراكش لتشويه ممنهج، وسط تراخٍ واضح من السلطات المحلية والمركزية، وصمت مريب من الهيئات المهنية والتنظيمية. منذ سنوات، والمرشدون النظاميون يرفعون الصوت في وجه ظاهرة تتفشى في الخفاء: مرشدون غير مُعيّنين في المدينة يحصلون على انتساب غير قانوني داخل جمعية مهنية محلية، ويزاولون عملهم بشكل حرّ، ضاربين عرض الحائط بقوانين التعيين والتنظيم. القانون يُنتَهك والمهنة تنهار ما يجري ليس فقط خرقًا إداريًا، بل تقويض لمبادئ العدالة المهنية. المرشدون غير المعينين في مراكش يتعللون بأن القانون يمنحهم هذا الحق، مستندين إلى تأويلات شخصية تخدم مصالحهم، دون اعتبار للواقع القانوني أو الإداري، في وقت يُقصى فيه المرشدون الملتزمون ويُجبرون على تقبل التهميش. كرامة المرشد تُباع في سوق الأسعار تدهور آخر يسجله المهنيون يتمثل في اشتعال حرب أسعار مدمرة، حيث يعمد بعض المرشدين إلى خفض تسعيرتهم بشكل مبالغ فيه، ما يؤدي إلى ضرب جودة الخدمات في العمق، والإضرار بسمعة المدينة لدى السياح. "عندما يتحول المرشد إلى بائع خدمة رخيصة، فإن التفاعل، والمعلومة، والاحترافية تكون أولى الضحايا"، يقول أحد المرشدين المحليين. جمعيات متهمة... وسلطات غائبة عدد من الأصوات داخل القطاع تتهم بعض الجمعيات بالتواطؤ، حيث تُمنح بطاقات الانتساب بشكل غير قانوني، وأحيانًا مقابل مبالغ مالية، دون احترام لشروط التعيين الترابي ولا ضوابط المزاولة. المرشدون يطالبون اليوم بتحقيق رسمي في هذه الانتسابات، ومساءلة الجهات التي تغضّ الطرف عن هذه الفوضى، والتي تهدد المهنة من الداخل. السياحة تتطور... والمهنة تتآكل في وقت تتغير فيه تطلعات السياح نحو تجارب غنية، وتفاعلية، ومستدامة، يواجه المرشدون الملتزمون خطر الإقصاء على يد فوضى تنظيمية تُفرّغ المهنة من معناها وقيمتها الثقافية. المرشدون يطالبون بالتحرك... الآن! دعوات متصاعدة لإيقاف النزيف: فتح تحقيق عاجل في الانتسابات العشوائية؛ توقيف غير الملتزمين بالتعيين الرسمي؛ إصلاح جذري لهياكل الجمعيات المهنية؛ وتدخل فعلي لوزارة السياحة وولاية الجهة قبل فوات الأوان."
ساحة

“الحق المهني المسلوب”: من يُسكت صوت المرشدين السياحيين؟
في قطاع يُعدّ من الركائز الأساسية للاقتصاد المحلي والوطني، يجد مئات المرشدين السياحيين بجهة مراكش-آسفي أنفسهم في مواجهة تحديات مهنية وإدارية متزايدة. وسط غياب آليات فعالة لحماية حقوقهم، تتعالى أصواتهم مطالبة بالإصلاح، لكن هل من مجيب؟ هذا المقال يعكس انشغالات مجموعة من المهنيين الذين يرون أن الممارسات التنظيمية الحالية تُقصيهم بدل أن تدمجهم، ويطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل المهنة، وهذا نص المقال:"في قلب القطاع السياحي بمراكش-آسفي، يعيش مئات المرشدين حالة من التهميش الممنهج، في ظل تراكم ممارسات إدارية وتنظيمية غير متوازنة، وغياب الآليات الفعالة التي تضمن العدالة المهنية. الوضع الحالي يفرض علينا طرح أسئلة جريئة: من يُراقب؟ من يُحاسب؟ ومن يُنصف من لا صوت له؟جمعية في وضعية مخالفة... بلا محاسبةللسنة الثالثة على التوالي، لم تعقد الجمعية الجهوية للمرشدين السياحيين أي جمع عام، ولم تُعرض أي تقارير مالية أو أدبية، ومع ذلك تواصل تحصيل واجبات الانخراط، وتسليم الشهادات وكأن شيئاً لم يكن.أين دور المراقبة؟ من يتحمل مسؤولية تفعيل آليات الشفافية الداخلية؟ أليس استمرار هذا الوضع يمثل خرقاً لمبادئ الحكامة المهنية؟التكوين الرقمي: برنامج غير منصف لفئة واسعةفرض شهادة التكوين الرقمي ضمن وثائق تجديد الاعتماد جاء بهدف التأهيل، لكنه لم يُرفق، حسب عدد من المهنيين، بآليات واقعية لضمان مشاركة حقيقية ومتساوية، مما خلق شعوراً بالإقصاء لدى شريحة واسعة من المرشدين:مشاركات شكلية أو بالنيابة.غياب دعم فعلي للفئات غير المتمكنة من التكنولوجيا.شهادة تُمنح دون تأكيد فعلي لاكتساب المهارات.النتيجة؟ تكوين تحوّل إلى عبء إداري لا يراعي خصوصية الميدان.تجديد الرخصة: منطق الورق أم منطق الكفاءة؟المرشدون يقدمون ملفاتهم كاملة، لكن العديد منهم يُدرك أن ما يُطلب ليس بالضرورة انعكاساً حقيقياً للخبرة أو القدرة. شهادات انخراط صادرة عن جمعيات غير مفعلة تنظيمياً، وشهادات تكوين دون مضمون فعلي، فهل هذه مؤشرات تأهيل حقيقية؟ أم مجرد إجراء شكلي؟الشهادة الطبية: سؤال حول العدالة المهنيةيشكل شرط الشهادة الطبية عائقاً أمام عدد من المرشدين الذين يعانون من أمراض مزمنة أو حالات صحية مؤقتة. فهل العجز المؤقت أو الإعاقة الخفيفة تعني بالضرورة عدم الأهلية؟ وهل من العدل أن يُقصى شخص فقط لأنه يخضع لعلاج منتظم أو يعيش مع إعاقة بسيطة لا تمنعه من أداء مهامه؟الضمان الاجتماعي: بين التعقيد والإجحافيعاني عدد من المرشدين السياحيين من صعوبات متزايدة في تسوية وضعيتهم مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في ظل غياب مواكبة فعلية تأخذ بعين الاعتبار طبيعة عملهم المستقل وغير المنتظم. ومن أبرز الإشكالات المطروحة:تعقيد مساطر الانتظام وتسديد المستحقات القديمة.تراكم مبالغ يصعب سدادها دفعة واحدة.وجود اقتطاعات بنكية غير دقيقة في بعض الحالات.تعرض المرشدين مزدوجي الجنسية لأداء مزدوج للواجبات دون تنسيق واضح بين الدول.هذا الوضع يُفاقم الهشاشة الاجتماعية للمرشدين، ويُفرغ التغطية الاجتماعية من مضمونها، ويُرسخ الإقصاء بدل الإدماج.مطالب مهنية ملحةافتحاص إداري ومالي للجمعية الجهوية ضماناً للشفافية.مراجعة آليات استخراج شهادات التكوين والانخراط.تيسير شروط الشهادة الطبية بشكل إنساني وعادل.فتح حوار مهني موسع لتصحيح المسار التنظيمي دون توتر أو صدام.رسالة مفتوحة لكل ضمير مهنيهذا المقال ليس مجرد وصف لاختلالات مهنية، بل هو نداء صادق يلامس كرامة كل مرشد سياحي. لسنا بصدد مطالب تعجيزية، بل نطالب فقط بما يضمن الاستمرارية في العمل بكرامة: تنظيم شفاف، تمثيلية شرعية، تكوين فعلي، وحماية اجتماعية عادلة.لقد طال الصمت، وكثُر التغاضي، وحان الوقت لنُعيد للمهنة صوتها ومكانتها. صوت المرشد ليس هامشيًا... إنه صوت الثقافة، والتاريخ، والانتماء."
ساحة

يونس مجاهد يكتب: مصداقية الخبر وطُعم النقرات
موضوع مصداقية الأخبار ليست جديدا في ثقافتنا، بل إنه متجذر فيها، وهناك مرجعيات كثيرة تحيلنا على الأهمية القصوى التي أوليت للفرق بين الخبر الصادق والخبر الكاذب في تراثنا، و لا أدل على ذلك من الآية الكريمة " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ". فالعودة لهذه المرجعيات سيكون مفيدا في مقاومة المد الجارف للتضليل والأخبار الملفقة والإثارة الرخيصة، التي يسعى تجار شبكات التواصل الاجتماعي إلى جعلها وسيلة للتشهير والإساءة، ومصدر اغتناء، غير عابئين بالقيم النبيلة التي من المفترض أن نتقاسمها كمجتمع. إن العودة إلى مرجعيتنا الحضارية والثقافية كفيل بأن يساهم إلى حد كبير في توفير وسائل وأدوات مقاومة الإتجار الرخيص في حرية التعبير، ففي مقدمة ابن خلدون التي أسست لعلم العمران البشري، هناك تدقيق مذهل لضرورة التمحيص في الأخبار، حيث يقول إنه من الضروري التمحيص والنظر في الخبر، حتى يتبين صدقه من كذبه، لأن الابتعاد عن الانتقاد والتمحيص يقع في قبول الكذب ونقله. ويضيف أن من الأسباب المقتضية للكذب في الأخبار، أيضا، الثقة بالناقلين، وتمحيص ذلك يرجع إلى التعديل والتجريح. ومنها الذهول عن المقاصد، فكثير من الناقلين لا يعرف القصد بما عاين أو سمع، وينقل الخبر على ما في ظنه وتخمينه، فيقع في الكذب. إن ابن خلدون، الذي سبق عصره، يتحدث هنا عن مصادر الأخبار، التي يعتبر أنه من غير الممكن تصديق ما تنقله بدون إعمال العقل النقدي. وهو من صميم العمل الصحافي، حيث أن التأكد من مصادر الأخبار ومدى مصداقيتها، هو جوهر المهنة، وهو أيضا ما يدرس اليوم في التربية على الإعلام، إذ أن أهم مبدأ يوصى به هو عدم تصديق أي "خبر"، إلا بعد التأكد من المصادر، أولا، ثم التمحيص والنظر في هذا الخبر، كما يقول ابن خلدون، ثانيا، لغربلته وإخضاعه للعقل والمنطق. وفي هذا الإطار، تؤكد التجربة، أنه لا يمكن للمجتمعات أن تستغني عن الصحافة المهنية، في تداول الأخبار، لأنها تكون صادرة عن صحافيين محترفين، يتوفرون على تكوين وخبرة ومستوى علمي، والأهم من ذلك، أنهم يشتغلون في بيئة صحافية، أي ضمن هيئة تحرير وميثاق أخلاقيات وقواعد العمل الصحافي. ولا يمكن لشبكات التواصل الاجتماعي أوما يسمي ب"المؤثرين"، أن تعوض العمل الصحافي الاحترافي، بحجة أنها "صحافة مستقلة"، فليس هناك إلا صحافة واحدة، إما أن تكون احترافية موضوعية وذات مصداقية، تعمل طبقا لأساسيات مهنة الصحافة وتقاليدها، أو لا تكون. الصحافي الحقيقي، كالمؤرخ، يقول عبد الله العروي، في كتابه "مفهوم التاريخ"، إذ يعتبر أن العديد من الملاحظين يشبهون الصحافي بالمؤرخ، فيقال إن الأول مؤرخ اللحظة، بينما الثاني صحافي الماضي، كلاهما يعتمد على مخبر، وكلاهما يؤول الخبر ليعطيه معنى، الفرق بينهما هو المهلة المخولة لكل واحد منهما، إذا ضاقت تحول المؤرخ إلى صحافي، وإذا عاد الصحافي إلى الأخبار وتأملها بعد مدة تحول إلى مؤرخ، أما إشكالية الموضوعية وحدود "إدراك الواقع كما حدث"، فهي واحدة بالنسبة لهما معا. والمقصود هنا، حسب العروي، هو أن كلا من الصحافي والمؤرخ، عليهما تحري الدقة في الأخبار والحوادث المنقولة، واعتماد المصادر الموثوقة، مثل التغطية الميدانية وشهود العيان أو معايشة الأحداث، بالإضافة إلى الوثائق والآثار الدالة على ما حصل... هذه هي الصحافة المستقلة، عن التلفيق والكذب والإثارة المجانية واستجداء عدد النقرات. ويعتبر اليوم "طُعم النقرات "clickbait، من الآفات الكبرى التي أصابت الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبح العديد ممن يسعون إلى تحقيق الأرباح، بأية وسيلة، اللجوء إلى تشويه الحقيقة وتقويض القيم الصحفية التقليدية، مثل الدقة والموضوعية والشفافية، همهم الوحيد هو الدخول في مهاترات وجدل عقيم، و اعتماد عناوين مثيرة، و كتابة أو بث كل ما يمكن أن يثير الفضول بدون معنى أو محتوى و بدون مصدر موثوق، كتاباتهم أو احاديثهم تتضمن تناقضات كثيرة، لكن كل ذلك يهون، بالنسبة لهم، أمام ما يمكن أن يحققونه من مداخيل. لذلك رفعت العديد من التنظيمات الصحافية في تجارب دولية، شعار؛ "لا تنقر"، أي تجنب طُعم الإثارة التجارية الرخيصة، التي تشوه الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي.
ساحة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الأحد 20 أبريل 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة