السبت 20 أبريل 2024, 00:19

ساحة

حسن العاصي يكتب: هل تتحول القارة السمراء إلى مستوطنة إسرائيلية..؟


كشـ24 نشر في: 6 فبراير 2016

منذ الإعلان عن قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي عام 1948على أنقاض الشعب  الفلسطيني ، لم تكتفي هذه الدولة بما اقترفته أياديها الملوثه بالدماء من قتل وتشريد لشعب فلسطين ، وتزييف الحقائق ، وطمس للمعالم ، وأعمال القتل والعربدة والتهجير ضد المواطنين  الفلسطينيين ، والاستيلاء على الأرض وما بها من خيرات طبيعية ، بل تعدت تطلعاتها إلى محاولة الهيمنة والسيطرة على خيرات  الوطن العربي، بل والتمدد نحو القارة الافريقية التي شغلت حيزا هاما في اهتمامات الكيان الصهيوني منذ السنوات المبكرة لعقد الخمسينات ، وقد انعكس هذا الاهتمام على الدبلوماسية الاسرائيلية التي اخذت تضع القارة في اطار نشاطها وتحركها  حيث احتلت افريقيا مكانة الصدارة بعد الولايات المتحدة واوروبا . 
فبعد إعلان قيام الدولة الصهيونبة أوْلى صانع القرار الإسرائيلي اهتماماً كبيراً بتأسيس علاقات قوية وراسخة مع القوى الكبرى الأساسية في العالم بداية مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والاتحاد السوفييتي. يعني ذلك أن إسرائيل في بحثها عن مدىغوريون صاحب نظرية تطويق الشرق الأوسط بإقامة تحالفات مع الدول الغير عربية، وتبدو إفريقيا هي السوق البديلة ليس فقط لاستهلاك السلع الإسرائيلية مادامت الأسواق العربية مقفلة في وجهها، وإنما أيضا لامتصاص  العبقرية اليهودية  والتمثل بها. 
ورغم أن الاستعمار قد بدد الثروة الإفريقية واحدث إيقاعا فوضويا في اقتصادياتها ، لكن القارة السوداء كانت ومازالت تمتلك الكثير من الإمكانات الهائلة وهو ما أوحى لبن غوريهن بصورة اليهودي الأسود .
شرعية الوجود على الساحة الدولية وتأمين وجودها العضوي انصب جل اهتمامها على القوى الاستعمارية الأوروبية، بدليل أن إسرائيل لم يكن لديها بنهاية عام 1957 سوى سبع سفارات فقط في العالم بأسره ستة منها في القارة الأوروبية وأمريكا الشمالية . 
كان بن ترجم هذا الاهتمام بالقارة الإفريقية في إطار السياسة الخارجية الإسرائيلية على نحو ملموس من خلال إنشاء شبكة من العلاقات الديبلوماسية والسياسية ومن خلال التعاون الاقتصادي والعسكري منذ أواخر الخمسينات ، واستطاع الكيان الصهيوني على 
يمكن القول  أن بداية الاختراق الإسرائيلي  لإفريقيا قد بدأ في العام 1957 حيث كانت إسرائيل أول دولة أجنبية تفتح سفارة لها في أكرا بعد أقل من شهر  من حصول غانا على استقلالها . وقد لعبت السفارة الإسرائيلية في أكرا دوراً كبيراً في تدعيم العلاقات بين البلدين، وهو ما دفع إلى افتتاح سفارتين أخريين في كل من منروفيا وكوناكري، وذلك تحت تأثير إمكانية الحصول على مساعدات تنموية وتقنية من إسرائيل. ومن جهة أخرى فقد عكست زيارة جولدا مائير ـ وزيرة الخارجية الإسرائيلية آنذاك ـ عام 1958 إلى بعض الدول الافريقية  لأول مرة ،إصرار اسرائيل في قيام علاقات قوية مع القارة السمراء حيث اجتمعت بقادة كل من ليبيريا وغانا والسنغال ونيجيريا وكوت ديفوار.
وقد  اكثر من عشر سنوات 1957-1967 ان يحقق مكاسب ديبلوماسية واقتصادية هامة لم يحرزها في أي قارة ، ونتج عن هذا النشاط المتشعب والمبرمج خلق وجود إسرائيلي في اكثر من 30 بلدا إفريقيا .
ثمة مجموعة من المتغيرات الدولية والإقليمية أسهمت في تكثيف التغلغل الإسرائيلي في إفريقيا أبرزها  حصول عدد من الدول الإفريقية على استقلالها في الستينيات أدى إلى زيادة الكتلة التصويتية لإفريقيا في الأمم المتحدة حيث كان الصراع العربي الإسرائيلي من أبرز القضايا التي تطرح للتصويت. 
    وكذلك إنشاء منظمة الوحدة الإفريقية عام 1963م وضع تحدياً أمام إسرائيل؛ حيث إنها لا تتمتع بالعضوية في هذا التجمع الأفروعربي. 
    ثم عضوية مصر المزدوجة في كل من جامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الإفريقية أعطاها فرصة إقامة تحالفات مع بعض القادة الأفارقة الراديكاليين من أمثال نكروما وسيكوتوري. 
وبحلول عام 1966م كانت إسرائيل تحظى بتمثيل دبلوماسي في كافة الدول الإفريقية جنوب الصحراء باستثناء كل من الصومال وموريتانيا. ومع ذلك فإن إفريقيا كانت بمثابة ساحة للتنافس العربي الإسرائيلي .
بعد العدوان الاسرائيلي عام 1967 بدأت الأقطار الإفريقية تعيد النظر بهذه العلاقات في ضوء العديد من المستجدات أهمها : أن العدوان الذي شنته إسرائيل على ثلاث دول عربية  نبه الى خطورة هذا الكيان ومايمثله من مصدر تهديد وتوسع ، ثم افتضاح طبيعة الدور الاسرائيلي الخطير في إفريقيا  خاصة في انغولا وموزامبيق والكونغو ، حيث تعمقت هذه الشكوك حيال نوايا إسرائيل بعد التعاون الاسرائيلي مع الحكومة العنصرية السابقة في جنوب إفريقيا  من اجل محاربة حركات التحرر الإفريقية  الأمر الذي كشف إن هذا التحالف موجه أساسا ضد الأمة العربية والشعوب الإفريقية , ونتيجة لذلك فقد تبلور الموقف الإفريقي بقطع العلاقات مع إسرائيل خلال ثلاث مراحل : بعد عام 1967 وأثناء حرب عام 1973 والفترة التي أعقبتها . 
فقبل حرب  1973 كان لإسرائيل  علاقات دبلوماسية مع خمس وعشرين دولة إفريقية. بيد أنه في بدابة العام 1974 تقلص هذا العدد ليصل إلى خمس دول فقط هي: جنوب إفريقيا، وليسوتو، ومالاوي، وسوازيلاند، وموريشيوس.
 
وقد أقدمت  الدول الإفريقية التي قامت بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل على هذه الخطوة بظني  تأييداً للموقف المصري باعتبار مصر دولة إفريقية تسعى إلى استعادة أراضيها من الاحتلال الإسرائيلي، لكن لايخفى أن هناك أسباب أخرى في مقدمتها مساعي الدول الافريقية في الحصول على المساعدات العربية ولا سيما من الدول النفطية . 
الصفعة الأولى لإسرائيل جاءت من غينيا التي قطعت علاقاتها مع إسرائيل في أول أيام العدوان عام 1967 مما شجع العديد من البلدان الإفريقية الأخرى على حسم أمرها ، إذ أقدمت كل من اوغندا وتشاد والكونغو بقطع العلاقات عام 1972 . وفي العام 1973 قبل الحرب قامت النيجر ومالي وبوروندي وتوجو وزائير بنفس الخطوة ، وبعد حرب تشرين من نفس العام قامت بقية الدول الإفريقية بقطع علاقاتها مع إسرائيل وهي داهمي ، رواندا ، فولتا العليا ، الكاميرون ، تنزانيا ،مدغشقر ، افريقيا الوسطى ، اثيوبيا ، نيجيريا ، جامبيا ، زامبيا ، غانا ، السنغال ،سيراليون ، ليبيريا ، ساحل العاج ، بتسوانا . 
والدول التي لم تقطع علاقاتها مع إسرائيل هي جنوب إفريقيا والدول القريبة منها وهي ملاوي ، موريشسيوس ، ليسوتو ، سوازيلاند ، وهي دول غير متفاعلة مع النظام الإقليمي العربي . 
ولكن هل سلمت الدوائر الإسرائيلية بهزيمتها وارتضت بإيصاد الأبواب في وجهها ؟ الجواب قطعا لا ، لذلك عكفت مختلف الدوائر السياسية والاقتصادية والعسكرية الإسرائيلية على إعداد الدراسات التي اكدت وجوب العودة الى القارة السوداء من خلال قنوات عديدة . 
إن الموقف الإفريقي وإن كانت له دلالات سياسية ودبلوماسية واضحة من زاوية الصراع العربي الإسرائيلي إلا أن إسرائيل ظلت على علاقة وثيقة - ولو بشكل غير رسمي- مع معظم الدول الإفريقية التي قامت بقطع العلاقات معها. وليس أدل على ذلك من أن التجارة الإسرائيلية مع أفريقيا خلال الفترة من عام 1973 وحتى عام 1978 قد تضاعفت من 54.8 مليون دولار إلى 104.3 مليون دولار. وتركزت هذه التجارة بالأساس في الزراعة والتكنولوجيا. 
وحتى العام 1975 لم يحقق التحرك الاسرائيلي نتائج كبيرة خاصة على صعيد العلاقات الديبلوماسية ولعل السبب في ذلك يعود أساسا إلى موقف الكثير من الدول الإفريقية لم تكن راغبة في إحداث أزمة في العلاقات العربية-الإفريقية خوفا من إن تحجب عنها المساعدات المالية العربية التي بلغ مجموعها في الفترة ما بين(1973-1982) ما مجموعه 7,5 مليار دولار ، لكن الصحيح أيضا إن تلك المواقف لم تكن مبدئية وثابتة بدليل أن عددا من الدول الإفريقية أبقت على النشاط الاقتصادي الاسرائيلي فيها ولم تمسه . 
بعد تولي حزب الليكود مقاليد السلطة في إسرائيل عام 1977  رفعت الحكومة شعار " عائدون إليك يا إفريقيا " فقد عهد إلى دايفد كمحي الذي يحمل شهادة دكتوراه عن حركات التحرر في آسيا وإفريقيا  والذي يرتبط بالكثير من الزعماء الأفارقة بصلة وثيقة ومباشرة ، عهد إليه مهمة إجراء اتصالات مع الدول الإفريقية بهدف إفساح الفرصة أمام استئناف العلاقات لإعادة إسرائيل إلى القارة السوداء من الأبواب الرئيسية وليس من الأبواب الخلفية ، وتصاعدت وتيرة الجهود الإسرائيلية وبلغت ذروتها خلال عام 1985-1986 بعد زيارة شمعون بيريز إلى بعض الدول الإفريقية  لتبدأ مسيرة الخطوات العكسية في إعادة العلاقات بين إسرائيل ودول القارة . 

الثغرة الأولى في جدار المقاطعة كانت زائير التي أعادت علاقاتها مع إسرائيل في أيار 1982 ونجحت إسرائيل فضلا عن ذلك في ربط زائير بمعاهدة عسكرية تنص على قيام إسرائيل بإعادة بناء الجيش الزائيري  وايفاد مستشارين عسكريين الى زائير لتدريب سلاح البحرية . الثغرة الثانية في ليبيريا عام 1983 عندما أعلنت عن إعادة علاقاتها مع إسرائيل وبرر وزير خارجيتها هذه الخطوة بان ليبيريا مقتنعة أن استمرار عزل إسرائيل يشكل عقبة أمام السلام في الشرق الاوسط ، وأن أسباب قطع هذه العلاقات خلال حرب 1973 لم تعد قائمة ، لحقت بهما ساحل العاج والكاميرون وتغو ثم كينيا بنهاية عام 1988 بعد اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بالقرارين 242- 338 , لينفرط عقد السبحة وتثبت إسرائيل أقدامها في القارة خاصة بعد التطورات السياسية التي عصفت بالمنطقة والعالم فيما بعد أهمها حرب الخليج ومؤتمر مدريد واتفاقيات السلام الإسرائيلية العربية ، إضافة إلى تدهور وانهيار المعسكر الاشتراكي سابقا . 
وقد تسارعت عودة العلاقات الإسرائيلية الإفريقية؛ حتى إنه في عام 1992م وحده قامت ثماني دول إفريقية بإعادة تطبيع علاقاتها مع إسرائيل. وسعت إسرائيل إلى تعزيز سياساتها الإفريقية بدرجة تفوق طموحاتها خلال عقد الستينيات وأوائل السبعينيات. وطبقاً للبيانات الإسرائيلية فإن عدد الدول الإفريقية التي أعادت علاقاتها الدبلوماسية أو أسستها مع إسرائيل بعد مؤتمر مدريد للسلام في أكتوبر 1991 قد بلغ ثلاثين دولة. وفي عام 1997 بلغ عدد الدول الإفريقية التي تحتفظ بعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل 48 دولة. وحاولت إسرائيل جاهدة الاستفادة من دروس الماضي بما يرسخ أقدامها في القارة الإفريقية؛ وذلك من خلال أشكال وطرق متعددة أهمها
أولاً: المساعـدات الاستخبارية والتدريبات العسكرية  فقد ركزت إسرائيل في تفاعلاتها الإفريقية منذ البداية، وحتى في ظل سنوات القطيعة الدبلوماسية بينها وبين إفريقيا، خلال الفترة  من 1973 ـ 1983، على المساعدات العسكرية في مجال تدريب قوات الشرطة وقوات الحرس الرئاسي لعدد من الدول الإفريقية مثل زائير (جمهورية الكونغو الديمقراطية حالياً) والكاميرون. 
وبدهي أن الدول الإفريقية التي تعاني من الصراعات والانقسامات الاجتماعية والانشقاقات داخل صفوف النخب السياسية الحاكمة تهتم اهتماماً بالغاً بقضايا المساعدات الأمنية والاستخبارية، وهو ما دأبت السياسة الإسرائيلية في إفريقيا على التركيز عليه في جميع مراحل علاقاتها الإفريقية منذ أعوام الستينيات. 
ومع دخول القرن الإفريقي أتون الصراعات الإثنية والسياسية أصبح المجال مفتوحاً أمام التركيز مرة أخرى على أداة المساعدة العسكرية والاستخبارية التي تمارسها إسرائيل في هذه المنطقة المهمة لها استراتيجياً بسبب ارتباطها بأمن البحر الأحمر، وكذلك ارتباطها بأمن بعض الدول العربية المؤثرة مثل السودان ومصر. 
ثانياً : المساعدات الفنية التي اشتملت منذ البداية على ثلاث مجالات أساسية وهي: نقل المهارات التقنية وغيرها من خلال برامج تدريبية معينة، وتزويد الدول الإفريقية بخبراء إسرائيليين  وإنشاء شركات مشتركة أو على الأقل نقل الخبرات والمهارات الإدارية للشركات الإفريقية. وتشير الإحصاءات التي نشرها مركز التعاون الدولي التابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية أن عدد الأفارقة الذين تلقوا تدريبهم في إسرائيل عام 1997 وصل إلى نحو 7420 متدرباً إضافة إلى نحو 42636 إفريقياً تلقوا تدريبهم من قبل في مراكز التدريب الإسرائيلية خلال عقدين من الزمن . 
ثالثاً : من خلال تجارة السلاح والألماس ، فمن المعلوم أن إسرائيل توفر السلاح للدول الإفريقية بالإضافة إلى التدريب العسكري، وتفيد الخبرة التاريخية أن إسرائيل تتعامل مع الأشخاص الأفارقة وذوي النفوذ أو الذين لهم مستقبل سياسي فاعل في بلدانهم. وطبقاً لتقارير الأمم المتحدة وبعض التقارير الأخرى فإن هناك تورطاً لشركات إسرائيلية ولتجار إسرائيليين في التجارة غير المشروعة للألماس. فمن المعروف أن مافيا هذا الحجر الثمين تقوم بتهريبه من دول مثل الكونغو وسيراليون وأنجولا عبر دول الجوار ليصل إلى هولندا، ثم بعد ذلك إلى مراكز تصنيع الألماس في عدد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة بالإضافة إلى إسرائيل والهند. على أن هذه التجارة غير المشروعة يوازيها تجارة أخرى غير مشروعة في السلاح؛ حيث يتم عقد صفقات لشراء الأسلحة وهو ما يسهم في استمرار واقع الصراعات والحروب الأهلية في الدول الإفريقية الغنية بالألماس 
إن الجهود المتواصلة التي بذلتها الدوائر الاسرائيلية خلال ربع قرن لابد ان تثير تساؤلات حول النتائج التي احرزها التحرك الاسرائيلي على كافة الاصعدة ، والرد عليها يقتضي الاقرار بان هذا التحرك تم في ظروف دولية ومناخ اقليمي مناسبين وعوامل مساعدة اهمها : 
أولا- لم تبدأ التحركات الإسرائيلية نحو القارة الإفريقية من العدم وإنما استثمرت ركائزها في القارة  سواء كانت على شكل نشاط اقتصادي في بعض الأقطار أو الاستعانة بالدول الحليفة كالولايات المتحدة أو ببعض الحكام الأفارقة الذين لم يقطعوا الاتصال نهائيا مع الكيان الصهيوني ، ولعل في مقدمة هذه الركائز وجود شبكة متشعبة من الأنصار نجحت الدوائر الإسرائيلية في ربطهم معها ، إذ جاء على لسان الدكتور –يهودا باز- مدير المعهد الآسيوي الإفريقي التابع للهستدروت أن هناك 3 رؤساء حكومة و 40 وزيرا و150 من أعضاء البرلمانات و100 محاضر في الجامعات و400 من مد راء التعاونيات و350 من رؤساء النقابات العمالية و37 من أمناء الاتحادات النقابية في القارة السوداء ممن درسوا في إسرائيل واصبحوا من اكثر المؤيدين لها . 
ثانيا- نجاح إسرائيل في اختراق القارة السوداء اقترن بتوقف التحرك والنشاط العربي فيها والذي بدا عام 1973 اثر قمة الجزائر التي أقرت برنامج عمل للتعاون العربي –الإفريقي  وقيام الدول العربية البترولية بدعم اقتصاديات الدول الافريقية التي تاثرت بارتفاع اسعار النفط ، اضافة الى إنشاء صناديق ومصارف اقتصادية وفنية لدعم التعاون بين الجانبين و لكن الخلافات ظهرت بين الطرفين حول رؤية كل منهما لأبعاد هذا التعاون أدت إلى توقف هذا الحوار عام 1977 منذ أن شعر العرب بأن بعض الدول الإفريقية تنظر إلى الحوار كوسيلة للحصول على مقابل مالي للدعم الذي تقدمه للعرب في صراعهم مع إسرائيل التي سارعت لاستغلال هذه التطورات لمصلحتها معتمدة على وسائلها التقليدية للتغلغل في إفريقيا أهمها التلويح بالمساعدات الفنية والعسكرية . 
ثالثاً- المتغيرات الهيكلية التي شهدها النظام الدولي منذ انهيار الاتحاد السوفييتي وبروز عصر العولمة الأمريكية وما صاحب ذلك من تغيرات في النظم الإقليمية ومن بينها منطقة الشرق الأوسط قد جاء بتأثيرات ملموسة على تطور العلاقات الإسرائيلية الإفريقية. فدخول أطراف الصراع العربي الإسرائيلي مسار العملية التفاوضية قد أدى إلى إضفاء المشروعية المطلوبة على الكيان الصهيوني وتأمين وجوده العضوي، وأثرت بشكل مباشر وقوي على مواقف الدول الإفريقية من إسرائيل بحيث سقطت آخر مبررات المقاطعة ، ومن ثم فإن اسرائيل سعت في مرحلة ما بعد الحرب الباردة إلى تحقيق أهدافها التوسعية باعتبارها قوة إقليمية وذلك على حساب النظام الإقليمي العربي. 
رابعا- الدور الأمريكي الداعم للجهود الإسرائيلية بلا حدود  واتخذ هذا الدعم عدة أشكال بدءا من تغطية تكاليف التحرك الاسرائيلي من الخزينة الامريكية ذاتها وصولا الى ممارسة كافة انواع الضغوط على الدول الافريقية لاستئناف علاقاتها مع اسرائيل، وربط تقديم المساعدات الاقتصادية بشرط الانفتاح والتجاوب مع المبادرات الإسرائيلية، فضلا عن الاستخدام الذكي من قبل إسرائيل لنغمة حقوق الإنسان التي أطلقتها الولايات المتحدة ، فالأنظمة الديكتاتورية في إفريقيا والتي لم يكن في وسع الأمريكيين دعمها لأسباب يصفونها بأنها – أخلاقية – كانت تتولى إسرائيل دعمها بالوكالة وشكل هذا بالنسبة لها فرصة ترسيخ مخالبها في إفريقيا . 
حصدت إسرائيل اثر ذلك ثمار نشاطها فعلى الصعيد الاقتصادي تضاعف حجم التبادل التجاري مع الدول الافريقية عدة مرات ، فطبقا لتقارير وزارة التجارة والصناعة الاسرائيلية وصل حجم الصادرات الاسرائيلية الى بعض الدول الافريقية3,5 مليار دولار في العام 2002 مقابل فقط 59,3 مليون دولار في العام 1983 ,وهذه الصادرات لا تشمل كل القارة بل تقتصر على بعض الدول منها نيجيريا وكينيا وساحل العاج وإفريقيا الوسطى ، أما بالنسبة إلى الواردات الاسرائيلي من بعض الدول الإفريقية فقد بلغت نحو 500 مليون دولار من نفس العام، أما المعطيات الخاصة بالصادرات إلى الدول الأخرى وخاصة زائير وجنوب إفريقيا وتوجو وكذلك حجم الصفقات العسكرية فإنها لا تظهر في التقارير الاسرائيلي وخاصة الصحفية . 
واستحوذت الشركات الإسرائيلية على تعاقدات قيمتها اكثر من 4 مليار دولار لإقامة المباني الحكومية ومد شبكات الطرق والجسر وحفر الأنفاق وإنشاء الموانئ وتوافد في اطار هذا النشاط آلاف الخبراء والمستشارين الصهاينة على الدول الافريقية ، وكان نصيب افريقيا من صادرات الاسلحة الاسرائيلية كبير حيث جاءت في المرتبة الثانية بعد أمريكا اللاتينية . وتصدر إسرائيل إلى القارة السوداء طائرات النقل والتدريب والطائرات المقاتلة وكذلك الدبابات وأجهزة الاتصال والصواريخ . 
وتعد جنوب إفريقيا وزائير وليبيريا ونيجيريا وكينيا من أهم زبائن الكيان الصهيوني في القارة الإفريقية .وقدمت إسرائيل المستشارين العسكريين لمساعدة الجيوش الإفريقية على استخدام تلك الأسلحة  وتقديم المشورة في مجال التدريب والتنظيم وتمكنت اسرائيل عبر هذه القنوات من التغلغل في جيوش بعض الدول الافريقية وأجهزة الأمن فيها . 
اليوم  وبعد أكثر من عشرة سنين على إقناع رئيس جنوب إفريقيا الراحل نلسون مانديلا العالم الغني بإعفاء إفريقيا من ديونها الهائلة، عاودت الديون ارتفاعها في كثير من الدول، ما قد يهدد النمو الاقتصادي من جديد.فقد حذر الاقتصاديون من خطورة الإقدام المتزايد من قبل  دول أفريقية للانضمام إلى قائمة الدول المصدرة للسندات الدولارية  التي تشوه الاقتصاد. وقد ذكرأحد المحللين أن«السندات أصبحت مثل بورصات الأسهم والطائرات الخاصة والقصور الرئاسية، كل زعيم أفريقي يريد أن يملك واحدة».
 إن القارة الافريقية لم تتخلث بعد من أسوا مراحل تاريخها المعاصر عبر ما شهدته من صراعات داخلية وانقسامات سياسية ، وحروب أهلية،  ومشاكل حدودية وأنظمة حكم فاسدة ، فمن أصل 40 دولة الأكثر فقراً في العالم هناك 32 دولة في إفريقيا . ويعتبر اقتصاد إفريقيا من أسوا اقتصاديات العالم، فهي تساهم في إنتاج 3,9 في المائة من دورة الإنتاج العالمي ، ومازالت  القارة تنحمل على كاهلها ديونا تصل إلى مئات المليارات من الدولارات تستنزف مقدراتها،  وحجم هذه الديون مازال مرتفعاً قياساً بالقيمة الإجمالية للناتج المحلي الوطني .  
أن مشكلة الديون الخارجية كانت  وستظل أخطر معوقات التنمية والتقدم في إفريقيا ، وفي الحقيقة فان القارة السوداءمازالت  مرهونة تماما لرأس المال العالمي  وللبنوك الكبرى وللشركات عابرة القارات ،وشهر العسل بين افريقيا والصين ليس هناك مايشير إلى تواصله، وتجربة اللجوء الى صندوق النقد الدولي لم ينتج عنها سوى المزيد من الخراب والتدهور الاقنصادي وتراكم الديون والانسحاق تحت مقصلة التضخم المالي الذي يقفز قفزا متصلا بلا توقف . 
هذا الوضع الذي تعيشه القارة الإفريقية استثمرته إسرائيل إلى أقصى درجة ممكنة في عودتها الى القارة باوجه متعددة , وستظل  اسرائيل تعمل بلاشك على انشاء مرتكزات يصعب استئصالها بقرار سياسي أو موقف آني وستحاول اسرائيل تطوير شبكة علاقاتها الى مستوى التحالف الاسترتيجي مع بعض الدول الإفريقية. 
بعد مرور أكثر من سبع وستون عاماً على قيام دولة الكيان الصهيوني فإن نجمة داود ترفع في العواصم الأفريقية، هذه القارة التي كانت تعتبر إلى وقت قريب منطقة نفوذ عربية بامتياز ، تنازلت الأنظمة العربية عن دورها التاريخي فيها فاسحة المجال إلى إسرائيل لتسرح وتمرح كيفما أرادت مقدمة خبراتها العسكرية والأمنية وغيرها ، وقد تكون قد بنت في بعض دولها مثل إثيوبيا واريتريا قواعد عسكرية سرية ، على غرار قواعدها في جمهورية جورجيا في القوقاز ، كي تستخدمها إسرائيل متى شاءت وكيفما أرادت كرأس حربة مسمومة تغرسها في خاصرة الدول العربية وخاصة مصر والسودان. 
بالتأكيد أن مثل هذه التطورات ليست في مصلحة الدول العربية ، بل أنها تنطوي على تهديد للأمن القومي خاصة بعد نجاح إسرائيل في احتواء إريتريا حيث بات لها موطئ قدم على البحر الأحمر , وهذا يفرض على الأمة العربية ضرورة التحرك لمواجهة الغزو الإسرائيلي للقارة الإفريقية بشتى الوسائل ، فالدول العربية بحاجة إلى مراجعة واعية وأمينة بكل علاقاتها بالقارة ، والواقع أن مواجهة إسرائيل في إفريقيا لا يتطلب استنفارا في الإمكانيات فحسب وإنما في العقل العربي أيضا الذي غاب عنه وضع تصور استراتيجي لبناء علاقة مميزو مع إفريقيا بالمعنى الشامل ، فالدعم العربي لم يرتبط بمشروعات وبرامج محددة وإنما اخذ شكل إعانات للخزينة ، دون أن يترك أثرا اقتصاديا أو سياسيا ثابتا. 
إن أمام العرب فرصة تاريخية لتدارك التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا وتحجيمه وذلك 
من خلال تحرك سياسي ودعم اقتصادي ... التحرك السياسي ينطوي على تفعيل دور البعثات الدبلوماسية العربية في الدول الإفريقية فلم يعد كافياً أن يظل السفراء وأعضاء البعثات داخل القصور والمنتجعات دون أن يشاركوا في الحياة العامة من خلال التعاطي مع منظمات المجتمع المدني وتوسيع دوائر الحوار معها ومن خلال المنتدبات والمناسبات القومية بمعنى أن يتحرك العرب إيجابياً لكسب ثقة الأفارقة وأن يكون للعرب دور في حل النزاعات العرقية والطائفية من خلال وساطات بين القوى المتنازعة وهذا لن يكون بدون الشق الآخر وهو الدعم والمساندة الاقتصادية أخذا في الاعتبار المصالح المشتركة بين العرب الأفارقة والتي تتغذى في جانب كبير منها على وحدة العقيدة خاصة في البلدان التي يمثل المسلمون فيها غالبية السكان  .
 وكذلك زيادة حجم المعونات والهبات والمنح إلى الدول الإفريقية كمساهمة عربية في إقامة البنية التحتية في هذه الدول ، فضلاً عن المساهمة في مكافحة الأمراض المتوطنة وإنشاء المستشفيات والمدارس . 
تخصيص مبالغ لأقراض هذه الدول بسعر فائدة مميز ضئيل ويسدد على آجال طويلة .  والعمل على إقامة استثمارات مشتركة في مجالات الزراعة والتصنيع وهذا يعمل على تحقيق فائدة للجانبين . 
فتح أبواب الجامعات والمعاهد أمام الأفارقة وهذا التوجه بالذات يخلق ترابطاً عضوياً وثقافياً بين الخريجين والدول الذين درسوا وعاشوا فيها .
زيادة حجم التبادل التجاري بين الدول العربية والإفريقية وتعظيم التواجد العربي فيها من خلال إقامة المعارض الدولية والبعثات الترويجية .
لقد قامت إسرائيل بإنشاء "المؤسسة الدولية للتعاون" منذ عدة سنوات وتتبع مباشرة لوزارة الخارجية الإسرائيلية، وأوكل إليها مهمة الربط بين مؤسسات الدولة وشركات القطاع الخاص الإسرائيلية بهدف إحداث وتعميق اختراقات محكمة للقارة الافريقية، وعلينا أن نعلم أن الوجود  الإسرائيلي في أفريقيا ليس هدفاً إسرائيليا فقط ، بل هو تعبير عن مصالح أميركية وغربية وإسرائيلية متشابكة تشابكا عضويا ، واسرائيل تعمل على رسم وتنفيذ هذه المصالح عبر استرتيجية تعتمد بشكل رئيسي على تقديم المساعدات العسكرية لتثبيت أركان حكم معظم القادة الأفارقة لعلمها الحاجة الملحة لهذا النوع من الخدمات من قبل هؤلاء القادة ، خاصة خلال السنوات القليلة المنصرمة ، والتي شهدت تحولات كبيرة وعميقة في العالم العربي، وانتشار الأفكار المتشددة لدى قطاعات غير قليلة من الشباب العربي الذي يعتقد بمشروعية ممارسة العنف لتحقيق أهداف عحزت الأجيال السابقة عن تحقيق ولو جزء منها لأسباب متعلقة بالظلم والتعسف الذي تمارسة معظم الأنظمة العربية بحق مواطنيها، هذا الخطر بدأت القارة السمراء تتلمس سهولة انتقاله إلى دولها مما يشكل خطراً مصيرياً يتربص بها ، وهنا يظهر دور اسرائيل باعتبارها الظرف الذي يقدم الخدمات المهمة للقضاء على هذا التهديد .
على العالم العربي تقع مسؤولية مراجعة شاملة ودقيقة لعلاقتها مع دول القارة السمراء بما يحقق المصالح الاستراتيجية المشتركة، ويضمن عدم تحول افريقيا إلى مستوطنة إسرائيلية .

المراجع :
1-فلادمير جابوتنسكى وقارى بلايك، زعماء صهيون
2-تقارير معهد القدس للدراسات الاسرائيلية
3-تقارير البنك الدولي
4- تقاريرمركز دراسات الجزيرة

حسن العاصي
كاتب فلسطيني مقيم في الدانمرك

منذ الإعلان عن قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي عام 1948على أنقاض الشعب  الفلسطيني ، لم تكتفي هذه الدولة بما اقترفته أياديها الملوثه بالدماء من قتل وتشريد لشعب فلسطين ، وتزييف الحقائق ، وطمس للمعالم ، وأعمال القتل والعربدة والتهجير ضد المواطنين  الفلسطينيين ، والاستيلاء على الأرض وما بها من خيرات طبيعية ، بل تعدت تطلعاتها إلى محاولة الهيمنة والسيطرة على خيرات  الوطن العربي، بل والتمدد نحو القارة الافريقية التي شغلت حيزا هاما في اهتمامات الكيان الصهيوني منذ السنوات المبكرة لعقد الخمسينات ، وقد انعكس هذا الاهتمام على الدبلوماسية الاسرائيلية التي اخذت تضع القارة في اطار نشاطها وتحركها  حيث احتلت افريقيا مكانة الصدارة بعد الولايات المتحدة واوروبا . 
فبعد إعلان قيام الدولة الصهيونبة أوْلى صانع القرار الإسرائيلي اهتماماً كبيراً بتأسيس علاقات قوية وراسخة مع القوى الكبرى الأساسية في العالم بداية مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والاتحاد السوفييتي. يعني ذلك أن إسرائيل في بحثها عن مدىغوريون صاحب نظرية تطويق الشرق الأوسط بإقامة تحالفات مع الدول الغير عربية، وتبدو إفريقيا هي السوق البديلة ليس فقط لاستهلاك السلع الإسرائيلية مادامت الأسواق العربية مقفلة في وجهها، وإنما أيضا لامتصاص  العبقرية اليهودية  والتمثل بها. 
ورغم أن الاستعمار قد بدد الثروة الإفريقية واحدث إيقاعا فوضويا في اقتصادياتها ، لكن القارة السوداء كانت ومازالت تمتلك الكثير من الإمكانات الهائلة وهو ما أوحى لبن غوريهن بصورة اليهودي الأسود .
شرعية الوجود على الساحة الدولية وتأمين وجودها العضوي انصب جل اهتمامها على القوى الاستعمارية الأوروبية، بدليل أن إسرائيل لم يكن لديها بنهاية عام 1957 سوى سبع سفارات فقط في العالم بأسره ستة منها في القارة الأوروبية وأمريكا الشمالية . 
كان بن ترجم هذا الاهتمام بالقارة الإفريقية في إطار السياسة الخارجية الإسرائيلية على نحو ملموس من خلال إنشاء شبكة من العلاقات الديبلوماسية والسياسية ومن خلال التعاون الاقتصادي والعسكري منذ أواخر الخمسينات ، واستطاع الكيان الصهيوني على 
يمكن القول  أن بداية الاختراق الإسرائيلي  لإفريقيا قد بدأ في العام 1957 حيث كانت إسرائيل أول دولة أجنبية تفتح سفارة لها في أكرا بعد أقل من شهر  من حصول غانا على استقلالها . وقد لعبت السفارة الإسرائيلية في أكرا دوراً كبيراً في تدعيم العلاقات بين البلدين، وهو ما دفع إلى افتتاح سفارتين أخريين في كل من منروفيا وكوناكري، وذلك تحت تأثير إمكانية الحصول على مساعدات تنموية وتقنية من إسرائيل. ومن جهة أخرى فقد عكست زيارة جولدا مائير ـ وزيرة الخارجية الإسرائيلية آنذاك ـ عام 1958 إلى بعض الدول الافريقية  لأول مرة ،إصرار اسرائيل في قيام علاقات قوية مع القارة السمراء حيث اجتمعت بقادة كل من ليبيريا وغانا والسنغال ونيجيريا وكوت ديفوار.
وقد  اكثر من عشر سنوات 1957-1967 ان يحقق مكاسب ديبلوماسية واقتصادية هامة لم يحرزها في أي قارة ، ونتج عن هذا النشاط المتشعب والمبرمج خلق وجود إسرائيلي في اكثر من 30 بلدا إفريقيا .
ثمة مجموعة من المتغيرات الدولية والإقليمية أسهمت في تكثيف التغلغل الإسرائيلي في إفريقيا أبرزها  حصول عدد من الدول الإفريقية على استقلالها في الستينيات أدى إلى زيادة الكتلة التصويتية لإفريقيا في الأمم المتحدة حيث كان الصراع العربي الإسرائيلي من أبرز القضايا التي تطرح للتصويت. 
    وكذلك إنشاء منظمة الوحدة الإفريقية عام 1963م وضع تحدياً أمام إسرائيل؛ حيث إنها لا تتمتع بالعضوية في هذا التجمع الأفروعربي. 
    ثم عضوية مصر المزدوجة في كل من جامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الإفريقية أعطاها فرصة إقامة تحالفات مع بعض القادة الأفارقة الراديكاليين من أمثال نكروما وسيكوتوري. 
وبحلول عام 1966م كانت إسرائيل تحظى بتمثيل دبلوماسي في كافة الدول الإفريقية جنوب الصحراء باستثناء كل من الصومال وموريتانيا. ومع ذلك فإن إفريقيا كانت بمثابة ساحة للتنافس العربي الإسرائيلي .
بعد العدوان الاسرائيلي عام 1967 بدأت الأقطار الإفريقية تعيد النظر بهذه العلاقات في ضوء العديد من المستجدات أهمها : أن العدوان الذي شنته إسرائيل على ثلاث دول عربية  نبه الى خطورة هذا الكيان ومايمثله من مصدر تهديد وتوسع ، ثم افتضاح طبيعة الدور الاسرائيلي الخطير في إفريقيا  خاصة في انغولا وموزامبيق والكونغو ، حيث تعمقت هذه الشكوك حيال نوايا إسرائيل بعد التعاون الاسرائيلي مع الحكومة العنصرية السابقة في جنوب إفريقيا  من اجل محاربة حركات التحرر الإفريقية  الأمر الذي كشف إن هذا التحالف موجه أساسا ضد الأمة العربية والشعوب الإفريقية , ونتيجة لذلك فقد تبلور الموقف الإفريقي بقطع العلاقات مع إسرائيل خلال ثلاث مراحل : بعد عام 1967 وأثناء حرب عام 1973 والفترة التي أعقبتها . 
فقبل حرب  1973 كان لإسرائيل  علاقات دبلوماسية مع خمس وعشرين دولة إفريقية. بيد أنه في بدابة العام 1974 تقلص هذا العدد ليصل إلى خمس دول فقط هي: جنوب إفريقيا، وليسوتو، ومالاوي، وسوازيلاند، وموريشيوس.
 
وقد أقدمت  الدول الإفريقية التي قامت بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل على هذه الخطوة بظني  تأييداً للموقف المصري باعتبار مصر دولة إفريقية تسعى إلى استعادة أراضيها من الاحتلال الإسرائيلي، لكن لايخفى أن هناك أسباب أخرى في مقدمتها مساعي الدول الافريقية في الحصول على المساعدات العربية ولا سيما من الدول النفطية . 
الصفعة الأولى لإسرائيل جاءت من غينيا التي قطعت علاقاتها مع إسرائيل في أول أيام العدوان عام 1967 مما شجع العديد من البلدان الإفريقية الأخرى على حسم أمرها ، إذ أقدمت كل من اوغندا وتشاد والكونغو بقطع العلاقات عام 1972 . وفي العام 1973 قبل الحرب قامت النيجر ومالي وبوروندي وتوجو وزائير بنفس الخطوة ، وبعد حرب تشرين من نفس العام قامت بقية الدول الإفريقية بقطع علاقاتها مع إسرائيل وهي داهمي ، رواندا ، فولتا العليا ، الكاميرون ، تنزانيا ،مدغشقر ، افريقيا الوسطى ، اثيوبيا ، نيجيريا ، جامبيا ، زامبيا ، غانا ، السنغال ،سيراليون ، ليبيريا ، ساحل العاج ، بتسوانا . 
والدول التي لم تقطع علاقاتها مع إسرائيل هي جنوب إفريقيا والدول القريبة منها وهي ملاوي ، موريشسيوس ، ليسوتو ، سوازيلاند ، وهي دول غير متفاعلة مع النظام الإقليمي العربي . 
ولكن هل سلمت الدوائر الإسرائيلية بهزيمتها وارتضت بإيصاد الأبواب في وجهها ؟ الجواب قطعا لا ، لذلك عكفت مختلف الدوائر السياسية والاقتصادية والعسكرية الإسرائيلية على إعداد الدراسات التي اكدت وجوب العودة الى القارة السوداء من خلال قنوات عديدة . 
إن الموقف الإفريقي وإن كانت له دلالات سياسية ودبلوماسية واضحة من زاوية الصراع العربي الإسرائيلي إلا أن إسرائيل ظلت على علاقة وثيقة - ولو بشكل غير رسمي- مع معظم الدول الإفريقية التي قامت بقطع العلاقات معها. وليس أدل على ذلك من أن التجارة الإسرائيلية مع أفريقيا خلال الفترة من عام 1973 وحتى عام 1978 قد تضاعفت من 54.8 مليون دولار إلى 104.3 مليون دولار. وتركزت هذه التجارة بالأساس في الزراعة والتكنولوجيا. 
وحتى العام 1975 لم يحقق التحرك الاسرائيلي نتائج كبيرة خاصة على صعيد العلاقات الديبلوماسية ولعل السبب في ذلك يعود أساسا إلى موقف الكثير من الدول الإفريقية لم تكن راغبة في إحداث أزمة في العلاقات العربية-الإفريقية خوفا من إن تحجب عنها المساعدات المالية العربية التي بلغ مجموعها في الفترة ما بين(1973-1982) ما مجموعه 7,5 مليار دولار ، لكن الصحيح أيضا إن تلك المواقف لم تكن مبدئية وثابتة بدليل أن عددا من الدول الإفريقية أبقت على النشاط الاقتصادي الاسرائيلي فيها ولم تمسه . 
بعد تولي حزب الليكود مقاليد السلطة في إسرائيل عام 1977  رفعت الحكومة شعار " عائدون إليك يا إفريقيا " فقد عهد إلى دايفد كمحي الذي يحمل شهادة دكتوراه عن حركات التحرر في آسيا وإفريقيا  والذي يرتبط بالكثير من الزعماء الأفارقة بصلة وثيقة ومباشرة ، عهد إليه مهمة إجراء اتصالات مع الدول الإفريقية بهدف إفساح الفرصة أمام استئناف العلاقات لإعادة إسرائيل إلى القارة السوداء من الأبواب الرئيسية وليس من الأبواب الخلفية ، وتصاعدت وتيرة الجهود الإسرائيلية وبلغت ذروتها خلال عام 1985-1986 بعد زيارة شمعون بيريز إلى بعض الدول الإفريقية  لتبدأ مسيرة الخطوات العكسية في إعادة العلاقات بين إسرائيل ودول القارة . 

الثغرة الأولى في جدار المقاطعة كانت زائير التي أعادت علاقاتها مع إسرائيل في أيار 1982 ونجحت إسرائيل فضلا عن ذلك في ربط زائير بمعاهدة عسكرية تنص على قيام إسرائيل بإعادة بناء الجيش الزائيري  وايفاد مستشارين عسكريين الى زائير لتدريب سلاح البحرية . الثغرة الثانية في ليبيريا عام 1983 عندما أعلنت عن إعادة علاقاتها مع إسرائيل وبرر وزير خارجيتها هذه الخطوة بان ليبيريا مقتنعة أن استمرار عزل إسرائيل يشكل عقبة أمام السلام في الشرق الاوسط ، وأن أسباب قطع هذه العلاقات خلال حرب 1973 لم تعد قائمة ، لحقت بهما ساحل العاج والكاميرون وتغو ثم كينيا بنهاية عام 1988 بعد اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بالقرارين 242- 338 , لينفرط عقد السبحة وتثبت إسرائيل أقدامها في القارة خاصة بعد التطورات السياسية التي عصفت بالمنطقة والعالم فيما بعد أهمها حرب الخليج ومؤتمر مدريد واتفاقيات السلام الإسرائيلية العربية ، إضافة إلى تدهور وانهيار المعسكر الاشتراكي سابقا . 
وقد تسارعت عودة العلاقات الإسرائيلية الإفريقية؛ حتى إنه في عام 1992م وحده قامت ثماني دول إفريقية بإعادة تطبيع علاقاتها مع إسرائيل. وسعت إسرائيل إلى تعزيز سياساتها الإفريقية بدرجة تفوق طموحاتها خلال عقد الستينيات وأوائل السبعينيات. وطبقاً للبيانات الإسرائيلية فإن عدد الدول الإفريقية التي أعادت علاقاتها الدبلوماسية أو أسستها مع إسرائيل بعد مؤتمر مدريد للسلام في أكتوبر 1991 قد بلغ ثلاثين دولة. وفي عام 1997 بلغ عدد الدول الإفريقية التي تحتفظ بعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل 48 دولة. وحاولت إسرائيل جاهدة الاستفادة من دروس الماضي بما يرسخ أقدامها في القارة الإفريقية؛ وذلك من خلال أشكال وطرق متعددة أهمها
أولاً: المساعـدات الاستخبارية والتدريبات العسكرية  فقد ركزت إسرائيل في تفاعلاتها الإفريقية منذ البداية، وحتى في ظل سنوات القطيعة الدبلوماسية بينها وبين إفريقيا، خلال الفترة  من 1973 ـ 1983، على المساعدات العسكرية في مجال تدريب قوات الشرطة وقوات الحرس الرئاسي لعدد من الدول الإفريقية مثل زائير (جمهورية الكونغو الديمقراطية حالياً) والكاميرون. 
وبدهي أن الدول الإفريقية التي تعاني من الصراعات والانقسامات الاجتماعية والانشقاقات داخل صفوف النخب السياسية الحاكمة تهتم اهتماماً بالغاً بقضايا المساعدات الأمنية والاستخبارية، وهو ما دأبت السياسة الإسرائيلية في إفريقيا على التركيز عليه في جميع مراحل علاقاتها الإفريقية منذ أعوام الستينيات. 
ومع دخول القرن الإفريقي أتون الصراعات الإثنية والسياسية أصبح المجال مفتوحاً أمام التركيز مرة أخرى على أداة المساعدة العسكرية والاستخبارية التي تمارسها إسرائيل في هذه المنطقة المهمة لها استراتيجياً بسبب ارتباطها بأمن البحر الأحمر، وكذلك ارتباطها بأمن بعض الدول العربية المؤثرة مثل السودان ومصر. 
ثانياً : المساعدات الفنية التي اشتملت منذ البداية على ثلاث مجالات أساسية وهي: نقل المهارات التقنية وغيرها من خلال برامج تدريبية معينة، وتزويد الدول الإفريقية بخبراء إسرائيليين  وإنشاء شركات مشتركة أو على الأقل نقل الخبرات والمهارات الإدارية للشركات الإفريقية. وتشير الإحصاءات التي نشرها مركز التعاون الدولي التابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية أن عدد الأفارقة الذين تلقوا تدريبهم في إسرائيل عام 1997 وصل إلى نحو 7420 متدرباً إضافة إلى نحو 42636 إفريقياً تلقوا تدريبهم من قبل في مراكز التدريب الإسرائيلية خلال عقدين من الزمن . 
ثالثاً : من خلال تجارة السلاح والألماس ، فمن المعلوم أن إسرائيل توفر السلاح للدول الإفريقية بالإضافة إلى التدريب العسكري، وتفيد الخبرة التاريخية أن إسرائيل تتعامل مع الأشخاص الأفارقة وذوي النفوذ أو الذين لهم مستقبل سياسي فاعل في بلدانهم. وطبقاً لتقارير الأمم المتحدة وبعض التقارير الأخرى فإن هناك تورطاً لشركات إسرائيلية ولتجار إسرائيليين في التجارة غير المشروعة للألماس. فمن المعروف أن مافيا هذا الحجر الثمين تقوم بتهريبه من دول مثل الكونغو وسيراليون وأنجولا عبر دول الجوار ليصل إلى هولندا، ثم بعد ذلك إلى مراكز تصنيع الألماس في عدد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة بالإضافة إلى إسرائيل والهند. على أن هذه التجارة غير المشروعة يوازيها تجارة أخرى غير مشروعة في السلاح؛ حيث يتم عقد صفقات لشراء الأسلحة وهو ما يسهم في استمرار واقع الصراعات والحروب الأهلية في الدول الإفريقية الغنية بالألماس 
إن الجهود المتواصلة التي بذلتها الدوائر الاسرائيلية خلال ربع قرن لابد ان تثير تساؤلات حول النتائج التي احرزها التحرك الاسرائيلي على كافة الاصعدة ، والرد عليها يقتضي الاقرار بان هذا التحرك تم في ظروف دولية ومناخ اقليمي مناسبين وعوامل مساعدة اهمها : 
أولا- لم تبدأ التحركات الإسرائيلية نحو القارة الإفريقية من العدم وإنما استثمرت ركائزها في القارة  سواء كانت على شكل نشاط اقتصادي في بعض الأقطار أو الاستعانة بالدول الحليفة كالولايات المتحدة أو ببعض الحكام الأفارقة الذين لم يقطعوا الاتصال نهائيا مع الكيان الصهيوني ، ولعل في مقدمة هذه الركائز وجود شبكة متشعبة من الأنصار نجحت الدوائر الإسرائيلية في ربطهم معها ، إذ جاء على لسان الدكتور –يهودا باز- مدير المعهد الآسيوي الإفريقي التابع للهستدروت أن هناك 3 رؤساء حكومة و 40 وزيرا و150 من أعضاء البرلمانات و100 محاضر في الجامعات و400 من مد راء التعاونيات و350 من رؤساء النقابات العمالية و37 من أمناء الاتحادات النقابية في القارة السوداء ممن درسوا في إسرائيل واصبحوا من اكثر المؤيدين لها . 
ثانيا- نجاح إسرائيل في اختراق القارة السوداء اقترن بتوقف التحرك والنشاط العربي فيها والذي بدا عام 1973 اثر قمة الجزائر التي أقرت برنامج عمل للتعاون العربي –الإفريقي  وقيام الدول العربية البترولية بدعم اقتصاديات الدول الافريقية التي تاثرت بارتفاع اسعار النفط ، اضافة الى إنشاء صناديق ومصارف اقتصادية وفنية لدعم التعاون بين الجانبين و لكن الخلافات ظهرت بين الطرفين حول رؤية كل منهما لأبعاد هذا التعاون أدت إلى توقف هذا الحوار عام 1977 منذ أن شعر العرب بأن بعض الدول الإفريقية تنظر إلى الحوار كوسيلة للحصول على مقابل مالي للدعم الذي تقدمه للعرب في صراعهم مع إسرائيل التي سارعت لاستغلال هذه التطورات لمصلحتها معتمدة على وسائلها التقليدية للتغلغل في إفريقيا أهمها التلويح بالمساعدات الفنية والعسكرية . 
ثالثاً- المتغيرات الهيكلية التي شهدها النظام الدولي منذ انهيار الاتحاد السوفييتي وبروز عصر العولمة الأمريكية وما صاحب ذلك من تغيرات في النظم الإقليمية ومن بينها منطقة الشرق الأوسط قد جاء بتأثيرات ملموسة على تطور العلاقات الإسرائيلية الإفريقية. فدخول أطراف الصراع العربي الإسرائيلي مسار العملية التفاوضية قد أدى إلى إضفاء المشروعية المطلوبة على الكيان الصهيوني وتأمين وجوده العضوي، وأثرت بشكل مباشر وقوي على مواقف الدول الإفريقية من إسرائيل بحيث سقطت آخر مبررات المقاطعة ، ومن ثم فإن اسرائيل سعت في مرحلة ما بعد الحرب الباردة إلى تحقيق أهدافها التوسعية باعتبارها قوة إقليمية وذلك على حساب النظام الإقليمي العربي. 
رابعا- الدور الأمريكي الداعم للجهود الإسرائيلية بلا حدود  واتخذ هذا الدعم عدة أشكال بدءا من تغطية تكاليف التحرك الاسرائيلي من الخزينة الامريكية ذاتها وصولا الى ممارسة كافة انواع الضغوط على الدول الافريقية لاستئناف علاقاتها مع اسرائيل، وربط تقديم المساعدات الاقتصادية بشرط الانفتاح والتجاوب مع المبادرات الإسرائيلية، فضلا عن الاستخدام الذكي من قبل إسرائيل لنغمة حقوق الإنسان التي أطلقتها الولايات المتحدة ، فالأنظمة الديكتاتورية في إفريقيا والتي لم يكن في وسع الأمريكيين دعمها لأسباب يصفونها بأنها – أخلاقية – كانت تتولى إسرائيل دعمها بالوكالة وشكل هذا بالنسبة لها فرصة ترسيخ مخالبها في إفريقيا . 
حصدت إسرائيل اثر ذلك ثمار نشاطها فعلى الصعيد الاقتصادي تضاعف حجم التبادل التجاري مع الدول الافريقية عدة مرات ، فطبقا لتقارير وزارة التجارة والصناعة الاسرائيلية وصل حجم الصادرات الاسرائيلية الى بعض الدول الافريقية3,5 مليار دولار في العام 2002 مقابل فقط 59,3 مليون دولار في العام 1983 ,وهذه الصادرات لا تشمل كل القارة بل تقتصر على بعض الدول منها نيجيريا وكينيا وساحل العاج وإفريقيا الوسطى ، أما بالنسبة إلى الواردات الاسرائيلي من بعض الدول الإفريقية فقد بلغت نحو 500 مليون دولار من نفس العام، أما المعطيات الخاصة بالصادرات إلى الدول الأخرى وخاصة زائير وجنوب إفريقيا وتوجو وكذلك حجم الصفقات العسكرية فإنها لا تظهر في التقارير الاسرائيلي وخاصة الصحفية . 
واستحوذت الشركات الإسرائيلية على تعاقدات قيمتها اكثر من 4 مليار دولار لإقامة المباني الحكومية ومد شبكات الطرق والجسر وحفر الأنفاق وإنشاء الموانئ وتوافد في اطار هذا النشاط آلاف الخبراء والمستشارين الصهاينة على الدول الافريقية ، وكان نصيب افريقيا من صادرات الاسلحة الاسرائيلية كبير حيث جاءت في المرتبة الثانية بعد أمريكا اللاتينية . وتصدر إسرائيل إلى القارة السوداء طائرات النقل والتدريب والطائرات المقاتلة وكذلك الدبابات وأجهزة الاتصال والصواريخ . 
وتعد جنوب إفريقيا وزائير وليبيريا ونيجيريا وكينيا من أهم زبائن الكيان الصهيوني في القارة الإفريقية .وقدمت إسرائيل المستشارين العسكريين لمساعدة الجيوش الإفريقية على استخدام تلك الأسلحة  وتقديم المشورة في مجال التدريب والتنظيم وتمكنت اسرائيل عبر هذه القنوات من التغلغل في جيوش بعض الدول الافريقية وأجهزة الأمن فيها . 
اليوم  وبعد أكثر من عشرة سنين على إقناع رئيس جنوب إفريقيا الراحل نلسون مانديلا العالم الغني بإعفاء إفريقيا من ديونها الهائلة، عاودت الديون ارتفاعها في كثير من الدول، ما قد يهدد النمو الاقتصادي من جديد.فقد حذر الاقتصاديون من خطورة الإقدام المتزايد من قبل  دول أفريقية للانضمام إلى قائمة الدول المصدرة للسندات الدولارية  التي تشوه الاقتصاد. وقد ذكرأحد المحللين أن«السندات أصبحت مثل بورصات الأسهم والطائرات الخاصة والقصور الرئاسية، كل زعيم أفريقي يريد أن يملك واحدة».
 إن القارة الافريقية لم تتخلث بعد من أسوا مراحل تاريخها المعاصر عبر ما شهدته من صراعات داخلية وانقسامات سياسية ، وحروب أهلية،  ومشاكل حدودية وأنظمة حكم فاسدة ، فمن أصل 40 دولة الأكثر فقراً في العالم هناك 32 دولة في إفريقيا . ويعتبر اقتصاد إفريقيا من أسوا اقتصاديات العالم، فهي تساهم في إنتاج 3,9 في المائة من دورة الإنتاج العالمي ، ومازالت  القارة تنحمل على كاهلها ديونا تصل إلى مئات المليارات من الدولارات تستنزف مقدراتها،  وحجم هذه الديون مازال مرتفعاً قياساً بالقيمة الإجمالية للناتج المحلي الوطني .  
أن مشكلة الديون الخارجية كانت  وستظل أخطر معوقات التنمية والتقدم في إفريقيا ، وفي الحقيقة فان القارة السوداءمازالت  مرهونة تماما لرأس المال العالمي  وللبنوك الكبرى وللشركات عابرة القارات ،وشهر العسل بين افريقيا والصين ليس هناك مايشير إلى تواصله، وتجربة اللجوء الى صندوق النقد الدولي لم ينتج عنها سوى المزيد من الخراب والتدهور الاقنصادي وتراكم الديون والانسحاق تحت مقصلة التضخم المالي الذي يقفز قفزا متصلا بلا توقف . 
هذا الوضع الذي تعيشه القارة الإفريقية استثمرته إسرائيل إلى أقصى درجة ممكنة في عودتها الى القارة باوجه متعددة , وستظل  اسرائيل تعمل بلاشك على انشاء مرتكزات يصعب استئصالها بقرار سياسي أو موقف آني وستحاول اسرائيل تطوير شبكة علاقاتها الى مستوى التحالف الاسترتيجي مع بعض الدول الإفريقية. 
بعد مرور أكثر من سبع وستون عاماً على قيام دولة الكيان الصهيوني فإن نجمة داود ترفع في العواصم الأفريقية، هذه القارة التي كانت تعتبر إلى وقت قريب منطقة نفوذ عربية بامتياز ، تنازلت الأنظمة العربية عن دورها التاريخي فيها فاسحة المجال إلى إسرائيل لتسرح وتمرح كيفما أرادت مقدمة خبراتها العسكرية والأمنية وغيرها ، وقد تكون قد بنت في بعض دولها مثل إثيوبيا واريتريا قواعد عسكرية سرية ، على غرار قواعدها في جمهورية جورجيا في القوقاز ، كي تستخدمها إسرائيل متى شاءت وكيفما أرادت كرأس حربة مسمومة تغرسها في خاصرة الدول العربية وخاصة مصر والسودان. 
بالتأكيد أن مثل هذه التطورات ليست في مصلحة الدول العربية ، بل أنها تنطوي على تهديد للأمن القومي خاصة بعد نجاح إسرائيل في احتواء إريتريا حيث بات لها موطئ قدم على البحر الأحمر , وهذا يفرض على الأمة العربية ضرورة التحرك لمواجهة الغزو الإسرائيلي للقارة الإفريقية بشتى الوسائل ، فالدول العربية بحاجة إلى مراجعة واعية وأمينة بكل علاقاتها بالقارة ، والواقع أن مواجهة إسرائيل في إفريقيا لا يتطلب استنفارا في الإمكانيات فحسب وإنما في العقل العربي أيضا الذي غاب عنه وضع تصور استراتيجي لبناء علاقة مميزو مع إفريقيا بالمعنى الشامل ، فالدعم العربي لم يرتبط بمشروعات وبرامج محددة وإنما اخذ شكل إعانات للخزينة ، دون أن يترك أثرا اقتصاديا أو سياسيا ثابتا. 
إن أمام العرب فرصة تاريخية لتدارك التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا وتحجيمه وذلك 
من خلال تحرك سياسي ودعم اقتصادي ... التحرك السياسي ينطوي على تفعيل دور البعثات الدبلوماسية العربية في الدول الإفريقية فلم يعد كافياً أن يظل السفراء وأعضاء البعثات داخل القصور والمنتجعات دون أن يشاركوا في الحياة العامة من خلال التعاطي مع منظمات المجتمع المدني وتوسيع دوائر الحوار معها ومن خلال المنتدبات والمناسبات القومية بمعنى أن يتحرك العرب إيجابياً لكسب ثقة الأفارقة وأن يكون للعرب دور في حل النزاعات العرقية والطائفية من خلال وساطات بين القوى المتنازعة وهذا لن يكون بدون الشق الآخر وهو الدعم والمساندة الاقتصادية أخذا في الاعتبار المصالح المشتركة بين العرب الأفارقة والتي تتغذى في جانب كبير منها على وحدة العقيدة خاصة في البلدان التي يمثل المسلمون فيها غالبية السكان  .
 وكذلك زيادة حجم المعونات والهبات والمنح إلى الدول الإفريقية كمساهمة عربية في إقامة البنية التحتية في هذه الدول ، فضلاً عن المساهمة في مكافحة الأمراض المتوطنة وإنشاء المستشفيات والمدارس . 
تخصيص مبالغ لأقراض هذه الدول بسعر فائدة مميز ضئيل ويسدد على آجال طويلة .  والعمل على إقامة استثمارات مشتركة في مجالات الزراعة والتصنيع وهذا يعمل على تحقيق فائدة للجانبين . 
فتح أبواب الجامعات والمعاهد أمام الأفارقة وهذا التوجه بالذات يخلق ترابطاً عضوياً وثقافياً بين الخريجين والدول الذين درسوا وعاشوا فيها .
زيادة حجم التبادل التجاري بين الدول العربية والإفريقية وتعظيم التواجد العربي فيها من خلال إقامة المعارض الدولية والبعثات الترويجية .
لقد قامت إسرائيل بإنشاء "المؤسسة الدولية للتعاون" منذ عدة سنوات وتتبع مباشرة لوزارة الخارجية الإسرائيلية، وأوكل إليها مهمة الربط بين مؤسسات الدولة وشركات القطاع الخاص الإسرائيلية بهدف إحداث وتعميق اختراقات محكمة للقارة الافريقية، وعلينا أن نعلم أن الوجود  الإسرائيلي في أفريقيا ليس هدفاً إسرائيليا فقط ، بل هو تعبير عن مصالح أميركية وغربية وإسرائيلية متشابكة تشابكا عضويا ، واسرائيل تعمل على رسم وتنفيذ هذه المصالح عبر استرتيجية تعتمد بشكل رئيسي على تقديم المساعدات العسكرية لتثبيت أركان حكم معظم القادة الأفارقة لعلمها الحاجة الملحة لهذا النوع من الخدمات من قبل هؤلاء القادة ، خاصة خلال السنوات القليلة المنصرمة ، والتي شهدت تحولات كبيرة وعميقة في العالم العربي، وانتشار الأفكار المتشددة لدى قطاعات غير قليلة من الشباب العربي الذي يعتقد بمشروعية ممارسة العنف لتحقيق أهداف عحزت الأجيال السابقة عن تحقيق ولو جزء منها لأسباب متعلقة بالظلم والتعسف الذي تمارسة معظم الأنظمة العربية بحق مواطنيها، هذا الخطر بدأت القارة السمراء تتلمس سهولة انتقاله إلى دولها مما يشكل خطراً مصيرياً يتربص بها ، وهنا يظهر دور اسرائيل باعتبارها الظرف الذي يقدم الخدمات المهمة للقضاء على هذا التهديد .
على العالم العربي تقع مسؤولية مراجعة شاملة ودقيقة لعلاقتها مع دول القارة السمراء بما يحقق المصالح الاستراتيجية المشتركة، ويضمن عدم تحول افريقيا إلى مستوطنة إسرائيلية .

المراجع :
1-فلادمير جابوتنسكى وقارى بلايك، زعماء صهيون
2-تقارير معهد القدس للدراسات الاسرائيلية
3-تقارير البنك الدولي
4- تقاريرمركز دراسات الجزيرة

حسن العاصي
كاتب فلسطيني مقيم في الدانمرك


ملصقات


اقرأ أيضاً
ادريس الاندلسي يكتب لـ”كشـ24″: ميناء ” الخزيرات” ومعركة منافسة طنجة المتوسط
نزلت الحكومة الإسبانية بكامل ثقلها التمويلي لدعم ميناء الجزيرة الخضراء أمام التطور السنوي الكبير الذي تعرفه الحركة التجارية بميناء طنجة المتوسط. حكومة إسبانيا استشعرت خطر فقدانها للريادة الميناءية في المنطقة و اتخذت قرارا استراتيجيا من خلال وضع برنامج تمويلي بحوالي مليار  و 775 مليون يورو أي ما يعادل حولي 19 مليار درهم. أهمية هذه الخطوة ليست في حجم التمويل فقط و لكن في مضمون  و مكونات الإستثمار. الحكومة الإسبانية تعمل على ربط الميناء بشبكة من مناطق الإنتاج  و مناطق اللوجيستيك في محيط يصل طول محوره الى 966 كيلومتر انطلاقا من " صاراكوس". الجديد في هذا الإستثمار هو البعد اللوجستيكي المدعوم بشبكة من الموانئ المسماة "يابسة" أو "  الجافة "بسبب بعدها من البحر. و سوف يشكل هذا الإستثمار عوامل مساعدة  و محفزة على المنافسة في حوض البحر الأبيض المتوسط.  و هكذا سيمكن هذا الإستثمار الضخم من تسهيل عملية نقل السلع من  و إلى ميناء الجزيرة الخضراء عبر شبكة من الطرق  و السكك الحديدية و مراكز اللوجستيك. و لهذا الغرض  و بعد أن تأكدت نتائج المسار الريادي لطنجة المتوسط تحركت الحكومة في شخص وزير النقل " أوسكار بوينتي" للجزيرة الخضراء لتأكيد الدعم السياسي  و المالي لميناء الجزيرة الخضراء باعتباره ،حسب قول الوزير، بوابة أوروبا على البحر الأبيض المتوسط . يعرف كل من تابعوا إنجاز ميناء طنجة المتوسط أن إسبانيا حاولت التشكيك في القدرة على الإنجاز.  وحين انطلق الورش الكبير للميناء أخرجت الصحافة الإسبانية ورقة اضرار  المشروع على البيئة للتأثير  على القرار الأوروبي  و على الممولين.  و كانت العزيمة  و الإرادة الملكية وراء تقدم الأشغال  و انطلاق عملية الاستغلال الميناء منذ  2007. اليوم أصبح هذا الميناء الأول أفريقيا  و الأول في البحر الأبيض المتوسط  و ذلك لرابع سنة التوالي. تجاوزت الحاويات التي استقبلها الميناء 9 ملايين و تجاوز عدد السيارات التي تم تصديرها انطلاقا منه المليون سيارة بالإضافة إلى ملايين الأطنان من المحروقات. كل هذا بالإضافة إلى الدينامية التي تعرفها الشركات التي تعمل بمختلف مرافق الميناء  و التي وصل رقم معاملاتها  في نهاية  2022 إلى حوالي 155 مليار درهم. المنافسة ستزداد شراسة في مجال الموانئ خلال السنوات المقبلة  و هذا ما تبينه زيارة وزير النقل الإسباني لميناء الجزيرة الخضراء  و الإعلان عن تمويل ضخم لتطويره.  و هذا الموضوع يطرح على الحكومة سؤال الإستراتيجية التي يجب اتباعها للاستمرار في تطوير أكبر مشروع انجزته بلادنا و للمحافظة على المكانة التي كسبها المغرب اقتصاديا  و سياسيا بفضل هذا الإنجاز غير المسبوق. نعم أرقام الفاعلية الإقتصادية  و المالية لطنجة المتوسط تعرف نموا متواصلا،  لكن طموح المغرب يتطلب المزيد من العمل الإستراتيجي.  
ساحة

نهضة بركان يفك ارتباطه بالمدرب أمين الكرمة
قرر نادي نهضة بركان الانفصال بشكل رسمي عن مدرب الفريق الأول أمين الكرمة. ووفق بلاغ صادر عن إدارة النادي البركاني، فقد توصل مسؤولو الفريق إلى اتفاق مع الكرمة لفك الارتباط بين الطرفين بالتراضي. ولم يحضر الكرمة لتداريب نهضة بركان، التي لحقت الهزيمة أمام مولودية وجدة في ديربي الشرق، والتي كانت من بين أسباب ٌإقالة المدرب، بعد ثلاث سنوات قضاها كقائد للنادي.  
ساحة

جعفر الكنسوسي يكتب.. المدينة العتيقة، ميراث من الماضي وكنز للمستقبل
ألقي هذا النص باسم جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته وهو تعبير عن خلاصة ما يدور بين أفراد اللجنة العلمية للجمعية لتحضير الندوة الدولية "حاضر المدن العتيقة ومستقبلها: معرفة التراث المعماري والعمراني وذاكرته في المغرب الكبير والشرق العربي" نذكر منهم الكاتب جعفر الكنسوسي، المهندس المعماري إيلي مويال، الجامعي عبد الغني زريكم، المهندس المدني عبد العزيز بلقزيز والعمرانية حليمة المرابطي وذلك في نطاق موسمية سماع مراكش الدورة الحادية عشرة من 19 إلى 23 أكتوبر 2022. ونذكر أن جمعية منية مراكش تنتمي إلى ائتلاف ذاكرة المغرب الذي يضم عشر جمعيات من المجتمع المدني المؤهل والتي تعمل من أجل حماية التراث المادي والمعنوي وتثمينه وأسماءها كالتالي : جمعية منية مراكش، جمعية مؤسسة المغرب للتراث فاس، جمعية ذاكرة الرباط سلا، جمعية تطاون أسمير، جمعية طنجة البوغاز، جمعية ذاكرة دكالة، جمعية ذاكرة آسفي وجمعية ذاكرة الدار البيضاء وجمعية ذاكرة تارودانت وجمعية ذاكرة شباب الصويرة. "أي دور للمجتمع المدني في تنزيل الرؤية الملكية للحفاظ على التراث وتثمينه"، وأي إسهام للجمعيات المؤهلة في اللجان المحلية المكلفة بتنفيذ البرنامج الملكي؟ هذا الورش التاريخي الذي نرى أعماله كل يوم منذ انطلاقته قبل سنين بداخل أسوار المدينة العتيقة، بل بالمدن العتيقة المذكورة. أراده صاحب الجلالة الملك محمد السادس اعتبارا منه لتراث المدينة. فالمدينة العتيقة هي السر وهي الكنز الذي لدينا في جهاتنا المختلفة. فهذا ورش فريد في تاريخنا منذ قرون، فتح البوابة العالية أمامنا، أمام مبادرات الجمعيات التي تدافع عن قضية، تتبنى قضية، ونحن في جمعيتنا منية مراكش لدينا قضية ورؤية تضبط عملنا منذ عقود، باعتبار أن هذه الجمعية نحسبها امتدادا لجمعيات أخرى مهدت الطريق. ولسنا إلا حلقة من بين حلقات متراسلة تصل الماضي بالزمن الآتي. وحاصل الكلام أن هذه الجمعيات والمؤهلة منها على وجه التحديد ذات الكفاءات العاليات لم تبرح مكانها من دور الملاحظ فقط، بالرغم من خبراتها المتعددة وانخراطها بالفكرة والاقتراح العملي وتحليها بالضمير الوطني. كان الورش الملكي مشروعا نحلم بتحققه، إلا إنه صار اليوم أعمالا ضخمة تُنجز للنهوض بتراث المملكة. فالمنتظر من المجتمع المدني أن يثمن هذه العملية التاريخية، لأنها أشغال ضرورية بل أساسية، فينبغي أن نثمن ونكمل الشق الآخر مع الوعي التام بضخامة المشروع وإكراهاته. فأقول لا توجد مؤسسة مؤهلة حاليا غير الإدارة لإنجازه. قامت الإدارة بالعمل وبمجهودات كبيرة وتعمل جاهدة لاحترام الآجال. فإنجاز الورش سابقة بالنسبة لمختلف الإدارات ولم تكن لها من ذي قبل تجربة ودربة على إصلاح النسيج الحضري العتيق بهذه الضخامة واتساع الرقع الحضرية التي تطالها تدخلات الإصلاح والترميم. بل وفي نظرنا واجهتها صعوبات أذكر منها: مقاولات في معظمها غير متخصصة وغياب دراسات معمقة وعدم توفر الوقت الكافي للإنجاز. ومع ذلك كان لابد من مباشرة الأشغال. وبالرغم من هذه المعضلات الثلاث، ينبغي على المجتمع المدني المؤهل أن يأخذ مكانه ومكانته ويقترح ما عنده من حلول تحذقها المعارف والخبرات ويتبنى الدينامية التي يتيحها اليوم النموذج الجديد للتنمية وأن يضع أصبعه على النجاحات ويزكيها وكذلك على المعوقات ويؤكد على أن النجاح لا يأتي إلا عبر إشراك المجتمع المدني المؤهل بإحداث مؤسسة المدينة العتيقة الكفيلة بصون هذا التراث قبل فوات الأوان في حالات كثيرة. فعمل المجتمع المدني القوي بخبرائه وبشخصياته وخبراته بمثابة الروح من جسد هائل ماثل أمام أعيننا. فتعقبات هذا النموذج الجديد على ما أنجز نتبناها بدورنا وهي صريحة جدا.هناك مفارقة ينبغي أن تستوقفنا مليا، حيث نلاحظ أن النخب التكنوقراطية لم تكن تبالي عادة بالمدينة العتيقة لمدة عقود منذ فجر الاستقلال (أنظر نازلة اغلاق ساحة جامع الفناء غداة الاستقلال وتعيين أول عامل على مدينة مراكش -دفاتر تراث مراكش العدد الثالث الجزء الأول مقالتي صحف جامع الفناء)، هذا من جهة. ونقف من جهة أخرى عن أحوال ذات المدينة العتيقة جيدةً ومكانتها السياحية والإعلامية والتجارية. فلنُذكر بأن لا أحدا كان يعتقد قبل عشرين سنة تقريبا أن التنمية بالثقافة نموذج يُعتمد عليه، بل أن لا أحدا كان يتخيل أن المدينة القديمة قد تصير قاطرة اقتصاد مراكش كافة ولا أنها قد تكون الخميرة اللازمة لتنمية السياحة. فالمفارقة إذن هي أن مراكش لم تنتفع لوحدها فحسب بل انتفع المغرب قاطبة من ظهور مقامة ثقافية جامعة قبل أن تصير قطبا اقتصاديا جديدا ومقيلا للسياحة العالمية. جاءت المفاجئة العظمى من أقصى المدينة العتيقة ومن نموذجها الثقافي الذي كان السبب في ظهور كل هذه الأنشطة الفنية والاقتصادية والعقارية أو الثقافية بالمعنى الواسع. فمقومات البلد التاريخية هي التي أضحت سدة الناصر والمنصور بحسب تعبير لسان الدين بن الخطيب لما أقام معيار اختياره بل اختباره للمعاهد والديار. فهل السر يكمن في التاريخ أكثر مما هو في الجغرافيا؟ بل أقول عاد المحور التاريخي القاري من داخل المغرب (محور مراكش، فاس، سوس درعة وهو حامل التاريخ بدلا من محور الشاطئ) أثرت المدينة العتيقة بقوة تبليغها الحضري في الوافدين الجدد، هؤلاء الذين اشتروا المنازل والديار والدويرات ومعظم الرياضات الفاخرة عام 2000 تحديدا، وصارت فيما بعد دورا للضيافة، فقد اقتضى الأمر عشرين عاما تقريبا قبل أن يُنتبه إليها لتنكب الإدارة على المسألة وتواكبها. إلا أنه وجبت الإشارة أن هاذين العقدين من الزمن كانا مهلكين للتراث المبني للمدينة وطبعا ما ضاع من المدينة لن يعوض ولا رجعة فيه. لا شك أن إنشاء فنادق جديدة ومطاعم ودور الضيافة وفرت مناصب شغل كثيرة وأنشطة اقتصادية متنوعة حتى الثقافية منها لكن ما الذي حصل في المقابل. إن الثمن كان باهظا وما هدم من مبان عدت من الغابرين بلا رجعة. كان الأوائل من هؤلاء المراكشيين الجدد (أعني الأجانب الطارئين) تُحركهم محبة البناء العتيق، شغوفين بها نزاعا لأصولهم الأرستوقراطية أو من انضاف إليها، إلا أن الأمر صار بسرعة تجارة مربحة تكتنفها مزايدات عقارية. فتعلل الجيل الثاني من هذه الطائفة بتحوير أماكن ثقافية بل وحمالة لرصيد تقافي كبير بحسب مصالحهم. وفي الغالب فرضوا تغييرات تستجيب لتجارتهم النافقة الجديدة دون أن يعبؤوا بالقيمة التراثية للمنازل. حصل تغيير في المباني العتيقة كان من اليسير تفاديه في إطار تصميم التهيئة لسنة 2000 الذي أشرف على إنجازه المهندس المعماري إيلي مويال المعروف بانتصاره لمدينة مراكش العتيقة ومعانيها الغريقة و(البني المراكشي) كما يصطلح عليه عند العرفا والموجهين أي شيوخ النظر من أهل مراكش قديما. كان الغرض منه تأطير مختلف نشاط المتعهدين الجدد. والمحصل أن هؤلاء الطارئين على المدينة تدخلوا بحرية كاملة. يمكننا القول بأن الإتلاف الجزئي للتراث لم يحجز الصحة الجيدة الاجمالية لنموذج المدينة العتيقة. وإن أخدنا بعين الاعتبار التأثير الاقتصادي والثقافي لهذه المقاربة مع العلم أنها مازالت مصدر إبادة للقيمة التراثية، لا شك أننا لاندفع الثمن حاليا لكن مع المطاولة سنؤديه لا محالة لأن هناك إتلاف للمعنى. وقد نتصور في وقت ما أن مفعولية هذه الخميرة الثقافية التي يتسم بها النسيج الحضري العتيق للمدينة قد يصير أقل قوة لأن هاته التغيرات ربما انقلبت إلى ضد معناها. وهذا من نتاج العولمة، فهذه غالبا ما تكتفي بفقد القيمة وتواري المعنى الذي يترتب عن هيمنة الكم كما يقول الأستاذ روني كينو. ينبغي أن نميز ما بين المدينة التي هي مركز ثقافي للإنتاج لأنها هي مجال حياة الناس الذين يعيشون فيها وبها تحيى عوائدهم وسير عيشهم اليومي. ومن أجله يقصد الوافدون مركزها الثقافي للارتواء من معينه. وبوسعهم أن يفدوا عليها من أقصى بلدان العالم، يتغذون بمادتها الرمزية، يعترفون بذلك ويستحسنونه. كما ينبغي التمييز بين هذا الإنتاج وإنتاج إرادي آخر. فهذه الصيغة الثانية مرغوب فيها طبعا، إلا أنه ينبغي أن نفهم أن الثقافة هي قبل كل شيء الإبقاء على هذا الكيان الحضري الذي نسميه المدينة العتيقة، نحفظ عليه حياته ونصونه لكي يبقى بصحة جيدة. غالبا ما نسمع عن مبادرات ثقافية تصدر عن شخصيات وجمعيات وهيئات ومؤسسات طبيعتها متعددة، غايتها إنقاذ المدينة العتيقة وصون تراثها. الملاحظ أن جميع هذه المبادرات تبقى هامشية إن قارناها بالحقيقة التالية وهي أن المدينة نفسها وجسمها الرمزي كانا السبب في الانتباه إليها، وأنها قد دافعت بالفعل عن نفسها جيدا، وجرًت من ورائها الاقتصاد والسياحة على السواء. والواقع إذن فهذا الكيان الرمزي هو الذي كان له التصريف إلى حد الآن مقارنة بتدخلات الإنسان التي بقيت دون ذلك. فهذا التراث بالرغم من كونه في خطر هو فعال بنفسه. فمن خلال ماديتها فمدينة مراكش هي كيان رمزي يدافع عن نفسه لوحده وبنجاعة. وبتعبير آخر فإن هذا الجسم الرمزي يؤثر في محيطه الإنساني، كما يفعل في الاقتصاد. ولا شك أن مفعولية هذا الكيان ستستمر مستقلة عن مبادرات هذا وذاك إن توفرت له الشروط. وبوسعنا أن نتساءل ما عسانا أن نقوم به ونجلبه لصالح المدينة العتيقة من أشياء ذات أهمية. ما الذي يمكننا أن نقوم به ونعزز به شأن المدينة؟ لربما في مقدمة هذه التساؤلات ينبغي على كل واحد أن يستمر في محاولة فهم ما معنى المدينة وما الذي تستمر هي في قوله، يعني أنها كيان حي يتكلم! فينبغي فقط أن نتحلى بالاستعداد الذهني بل الجواني لفهم ما يقوله لنا هذا الجسم الذي يتحدر من أزمنة قديمة ومع ذلك يستمر في الخطاب. ومن أجل ذلك فحري بنا قبل أن نتساءل ماذا يمكن جلبه، ينبغي أن نقول ما الذي يجب فهمه؟ إلا أن ما يعوزنا هو قلة الدراسات والأبحاث الميدانية سواء الجامعية منها وغيرها فلنقلها وبكل صراحة أن التراكم الكمي المعرفي الذي يفلي ويقلب في ثنايا المدينة ضئيل جدا. والعمل على توفير المضامين العلمية هو في مقدمة الأولويات. ويبقى أنه يوجد مكان في قلب الحاضرة بل في قلب البلاد، يخاطب الناس، أهل مراكش ومن يأتي من زوار العالم على السواء. فهذا المكان يحدث صدى مستمرا يأتي من أزمنة سحيقة ومع ذلك له قيمة كبرى في زمن العولمة حاليا، وأهميته كبيرة لأنه يمثل بوثقة صدى الهوية الوطنية، ويمثل كذلك مقامة حضارية عالية، كل الناس في حاجة إليها. وكما قال كاتب من مراكش الطيب بوعشرين في بداية القرن العشرين "وكل الناس لهم إليها حنين واشتياق". ويبدو لي وكأن قول الكاتب حدس أو إلهام تركه لنا قبل مائة عام وراح، فمن فهمه استراح. هناك بعض الأماكن "موسومة") (emblématiques، مطبوعة، توجد في العالم، تتكلم، وتحدث وقعا بليغا في ضمائر الناس ومن بينها مدينة مراكش العتيقة، سواء أتدخلنا لنُصرة هذا الكيان أو أحجمنا. وبالطبع إذا قدمنا لها العون الكافي سيذهب الأمر بعيدا أكثر وأعلى، ويَحسن بنا أن نمد لها يد العون والحالة أن معظم الشروط قائمة. ونلاحظ أن هناك جزء في الحياة الثقافية للمدينة نجده غير إرادي ويواصلنا من أقدم عصورها ومصدره أهل البلد. فحري بنا أن نقدم لها العون والعولمة تحيط بنا من كل جهة. ولحسن طالع المدينة أنها تتوفر على شارة بل مراكش هي الشارة، ويبقى على عاتقنا استعمالُها على الوجه الأمثل، لأن جانبا كبيرا من التداعيات الاقتصادية منها والثقافية يترتب عنها. وشيأ فشيأ سنشهد تداعيات على كل المستويات. فكلما صار العالم أكثر كثافة كلما توجه نحو مزيد من العولمة، لما كان احتياجنا كبير لشارات موسومة ولأمكنة مطبوعة تكتنز هوية قوية جدا، لأن الناس يتجمعون حول هذه الهُويات الأصيلة بالذات أكثر فأكثر. فالمدينة العتيقة هي بالأصالة ثقافية وتنتج إنتاجا غزيرا بالفعل. ومطمح أنفسنا أن يصبح مستقبل المغرب الحضري أيضا في فَهم المدينة العتيقة وتفهيمها وتقبلها بقَبول حسن والإنصات لذلك الخطاب الأخاذ الذي ما فتئ يصدر عن كَيانها القديم.
ساحة

المحطة الطرقية العزوزية.. مآل الإفتتاح ضائع بين حماس المتفائلين و أسئلة المتشائمين
بقلم عادل أيت بوعزة . لا يتناطح كبشان حول أن المحطة الطرقية الكائنة حالياً بمنطقة باب دكالة لا تعكس و لا تدل على المغرب الجديد ، بمقوماته العمرانية و لا طموحه التقدمي ، محطة من الجيل البدائي بالعديد من الإشكاليات يختلط فيها البعد الحضاري مع الإقتصادي و الإجتماعي و الأمني لتشكل مأساة حقيقية ، فهم مدبرو الشأن المحلي منذ سنوات 2005 و 2006 بضرورة إتخاد قرارات ضرورية من أجل حلحلة كل تلك المشاكل بشكل جذري مع إستحالة إصلاح الوضع الكائن او تغييره بشكل فعال و ناجع . فكان القرار هو بناء محطة جديدة بمقومات عصرية تتماشى مع طموحات المراكشيين ، لتنطلق مع ذلك رحلة البحث عن عقار ملائم بمساحة كبيرة و قريب من مداخل المدينة و يتيح في نفس الوقت مردودية إقتصادية محترمة للمهنيين ، و الأهم من ذلك عنصر القرب من المواطنين ، فكانت المقترحات قليلة بسبب ضعف الاملاك العقارية التابعة للدولة و مشاكل اخرى مرتبطة بالوقت الكفيل بتنفيذ مسطرة نزع الملكية في بعض الحالات ليستقر القرار الاخير على أرض تابعة لأملاك الدولة بمنطقة العزوزية ، حيث كان قراراً صعباً تم اتخاده رغماً عن أنف المراكشيين بسبب البعد عن المناطق الاهلة بالسكان و المهنيين ( اصحاب الحافلات ) بسبب تخوفات متنوعة سنتطرق لها لاحقاً . و هكذا تم عرض المشروع امام انظار صاحب الجلالة الملك محمد السادس سنة 2015 في إطار مشروع " مراكش الحاضرة المتجددة" ، بتصور شمولي يختلف عما تم انجازه الآن ، بحيث تم إزالة محطة الطاكسيات المحادية للمشروع و ذلك في فضيحة فساد مازال القضاء يحقق في ظروفها و ملابساتها ، ما خلق إشكالية البحث عن عقار اخر ملائم لاصحاب سيارات الأجرة و محادي للمحطة الطرقية الجديدة ، و هو ما زاد " الخل على الخلول " . و هكذا مع بداية الأشغال و الى حين نهايتها ، ضاع الجواب على سؤال موعد الافتتاح في غياب الانصات و الحوار ، حول الاشكاليات الموضوعية المرتبطة بهذا الملف ، و هكذا و بعد سنوات تلت ، و مع نهاية الأجل الموضوع امام انظار جلالة الملك المرتبط بمشروع مراكش الحاضرة المتجددة ، تناقل مجموعة من الظرفاء نكت و قصص حول المحطة الطرقية الجديدة ، بعضهم قال ساخراً :" انها مسحورة و خاصها فقيه صحيح يفك محاينها " . نائب العمدة الاول محمد الادريسي كان من اكثر المتفائلين بإفتتاح هذه المحطة الجديدة و قد صرح لاحدى الجرائد ان المحطة الطرقية ستكون جاهزة على الاكثر في شهر سبتمبر 2023 ، كما ان الحوار مع المهنيين كان مثمراً حيث تم الانصات لمخاوفهم و تم حل مشكل البعد بالاتفاق مع شركة النقل المحلية لوضع خطوط جديدة بين العزوزية و مختلف أحياء المدينة ، كما انه تم وضع استثمارات مهمة لحل مشاكل السير و الجولان المرتبطة بمنطقة العزويزية . إلا أنه و لحدود الساعة مازال الوضع على حاله ، في ظل ظهور إشكاليات إدارية جديدة مع شركاء جماعة مراكش في المحطة الطرقية و هم المهنيين الذين كانوا يملكون حصة 60 % من شركة المحطة الطرقية باب دكالة و ايضا الشركة الوطنية للنقل و التي تملك 20% من اسهم الشركة ، و ذلك من أجل تأسيس شركة جديدة للتنمية المحلية لتدبير هذا المرفق الجديد ، العرض الذي تم تقديمه في احدى دورات المجلس الجماعي السابقة يؤكد مما لا شك فيه وجود مجموعة من عناصر الخلاف و لا يزكي الطرح التفاؤلي بخصوص موعد الافتتاح . عاد النقاش التائه حول هذا الموضوع مؤخراً مع الحضور الوازن لوالي جهة مراكش أسفي السيد فريد شوراق ، و الذي قام بزيارة للمحطة الطرقية و قام بإستدعاء الشركاء المحتملين من أجل الحوار ، حيث قام بالإنصات الايجابي لكل الاشكاليات المرتبطة بهذا الملف ، مع توجيهه بضرورة حل هذا المشكل في اقرب الأوقات بسبب الطموحات الوطنية الكبرى المرتبطة بتنظيم المغرب المحتمل لكأس إفريقيا و الاهم مونديال 2030 ، حيث تم الاجماع حسب المعطيات المتوفرة على اتفاق الجميع على ضرورة التوازن بين المصلحة الوطنية العامة و العمل على حلحلة الاشكاليات و معالجة التخوفات ، كما تم لأول مرة فتح نقاش حول إمكانية فتح محطة جديدة أو موازية ، و هو ما يعيد الموضوع الى نقطة الصفر مجدداً . مصادر مطلعة تؤكد على أن هذا الملف متشعب و لا يوجد حل على الطاولة يرضي الجميع الى حدود الساعة ، و ان والي الجهة نجح في إدارة الحوار و في حسن الانصات و كسب ثقة الشركاء ، إلا أن موعد الافتتاح قد يتاجل او قد يلغى اذا ما تم الاتفاق على توجه جديد بضرورة بناء محطة جديدة .
ساحة

الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تتوج أفضل رياضيي سنة 2023
إحتفت الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة في حفلها السنوي الخاص بالإعلان عن الفائزين باستفتاء "الإذاعة الوطنية" لأحسن رياضيي السنة بالمغرب، اليوم الأحد 7 يناير 2024 بالرباط، بنخبة من الأبطال والنجوم الرياضيين، الذين برزوا وتميزوا وطنيا وقاريا ودوليا في عدد من المنافسات الرياضية سنة 2023.وحسب بلاغ صادر عن الشركة٬ فقد تم تتويج خديجة المرضي، الفائزة بالميدالية الذهبية لبطولة العالم في الملاكمة وبطولة إفريقيا للملاكمة، بجائزة أحسن رياضية لسنة 2023، فئة الإناث، وسفيان البقالي، الفائز بالميدالية الذهبية لبطولة العالم في 3000 متر موانع، بجائزة أحسن رياضي للسنة ذاتها، فئة الذكور. وجاء هذا التتويج بعد تصدرهما نتائج الاستفتاء الذي أنجزه طاقم قطاع الرياضة التابع لمديرية الأخبار للإذاعة بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة وسط ممثلي 38 من وسائل الإعلام الوطنية السمعية البصرية، والصحف المطبوعة، والمواقع الإلكترونية؛ وهو الاستفتاء الذي أُنجز في دورته رقم 44، إذ يعود تاريخ الشروع في تنظيمه إلى سنة 1979.وشهد الحفل ذاته تتويج الأبطال الرياضيين الفائزين بالرتب الثانية والثالثة من الجائزة، ويتعلق الأمر في فئة الذكور، بعبد العالي جينا، الفائز بالميدالية الذهبية لبطولة العالم للفنون القتالية والميدالية الذهبية لبطولة إفريقيا، ثاني أحسن رياضي لسنة 2023، و ماتياس سودي، الفائز بالميدالية البرونزية لبطولة العالم للتجديف المتعرج، ثالث أحسن رياضي خلال السنة ذاتها.أما في فئة الإناث، فقد عادت جائزة الرتبة الثانية لأحسن رياضية سنة 2023 إلى فاطمة الزهراء أبو فارس، الفائزة بالميدالية الذهبية لبطولة العالم للفنون القتالية، وتلتها سمية ايراوي، الفائزة بالميدالية الذهبية لبطولة إفريقيا للجيدو، متوجة بجائزة الرتبة الثالثة لأحسن رياضيي سنة 2023. وسيرا على عادة الأحداث التي تنظمها الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، والتي تتميز على الخصوص باتخاذها مناسبة لتجسيد سياستها للتكريم والاعتراف بالفعاليات التي قدمت خدمات جليلة للإعلام الرياضي العمومي بالمغرب، شهد حفل جائزة الإذاعة الوطنية لأحسن رياضيي سنة 2023، تكريم المرحوم الإعلامي امحمد عزاوي (1954-2023).ويعد الراحل امحمد عزاوي، من أعلام قطاع الرياضة بالإذاعة الوطنية، إذ كرس حياته للعمل الإعلامي، ونشط بامتياز برنامج الأحد الرياضي، أقدم البرامج الإذاعية الرياضية في المغرب، كما شغل منصب رئيس مصلحة الرياضة بالإذاعة ابتداء من سنة 1991، فرئيسا للقسم الرياضي، ثم مديرا للإنتاج والبرمجة للإذاعة إلى تاريخ تقاعده سنة 2015.وبمناسبة هذا الحفل، أيضا، أفردت الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة احتفاء خاصا بنخبة من الرياضيين المغاربة بتتويجهم بجوائز التميز، تقديرا واعترافا بإنجازاتهم المتميزة سنة 2023. ويتعلق الأمر بعصام الشرعي، مدرب المنتخب الوطني لكرة القدم لأقل من 23 سنة، وسعيد شيبا، مدرب المنتخب الوطني لكرة القدم لأقل من 17 سنة، وهشام دكيك، مدرب المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة، وغزلان الشباك، عميدة المنتخب الوطني النسوي لكرة القدم، ويحيى عطية الله، لاعب فريق نادي الوداد الرياضي لكرة القدم والمنتخب الوطني لكرة القدم، ووليد الركراكي، مدرب المنتخب الوطني لكرة القدم.يشار إلى أن حفل الإعلان عن الفائزين بجائزة الاستفتاء السنوي للقسم الرياضي بالإذاعة الوطنية لأحسن رياضيي السنة بثت فعالياته مباشرة على أثير "الإذاعة الوطنية"، وتضمن فقرات فنية متنوعة، ومداخلات وشهادات لعدد من الفعاليات الرياضية والإعلامية في حق المتوجين والمكرمين، كما تم فيه تسليط الضوء على إنجازات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المتصلة بدعم الرياضة الوطنية، والانخراط، بتوجيهات من فيصل العرايشي، الرئيس المدير العام، في المواكبة الإعلامية لكل المحطات الوطنية والدولية التي تساهم في الإشعاع الدولي للمغرب.
ساحة

في اليوم العالمي لذوي الإعاقة.. يدير اكيندي يكتب عن الاجتهادات القضائيّة بالمغرب
يدير اكيندي، خبير في مجال التنمية الشاملة وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة يحتفل العالم يوم 3 دسمبر من كل عام باليوم العالمي لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ويحشد هذا اليوم الدعم بشأن قضايا حرجة في مجال شمول ذوي الإعاقة وتعزيز الوعي بشأن قضايهم/هن، واسترعاء الانتباه إلى فوائد إقامة مجتمع شامل ومتاح للجميع. ويتزامن تخليد هذه الذكرى هذه السنة ببلادنا مع صدور مجموعة من الاحكام القضائية عن بعض محاكم المملكة بكل من وجدة الرباط الدار البيضاء اكادير فاس قلعة السراغنة. هده الا حكام المستنيرة والمتميزة جدا، تستحق منا كمغاربة وكمجتمع مدني يشتغل في مجال الإعاقة التنويه والإشادة. لقد اجتهد فيها قضاتنا في استخدام القانون الدولي لحقوق الإنسان و الاتفاقية الدولية لتحقيق العدالة بمفهومها الواسع، ولاستشراف مبادئ عالميّة اكتسبت الحجيّة الوطنية من خلال انضمام المغرب أو مصادقته على طيف واسع من اتفاقيّات، ومعاهدات ومواثيق حقوق الإنسان ، وهو ما اكد عليه المشرع الدستوري سنة 2011 حيث الح على جعل الاتفاقيات الدولية المصادق عليها والمنشورة في الجريدة الرسمية تسمو على التشريعات الوطنية وفي هذا الإطار وانطلاقا من ضرورة محاربة التمييز ضد الأشخاص في وضعية إعاقة بكل أشكاله والعمل على فرض الإدماج قانونيا باعتباره حقا وليس ميزة فانه يشرفنا والمغرب يخلد باليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة ان نتقاسم مع القراء الكرام مجموعة من الاحكام الصادرة عن بعض محاكم المغرب. وهكذا فبتاريخ 26/09/2023، أصدرت المحكمة الابتدائية بوجدة حكما مبدئيا يتعلق بتطبيق اتفاقية الأشخاص في وضعية إعاقة حيث اعتبرت أن وصف فتاة بأنها معاقة في سياق معين يعتبر سبا وتمييزا، معتبرة أنّ الإعاقة تحدث بسبب التفاعل بين الأشخاص والحواجز والبيئات المحيطة التي تحول دون مشاركتهم الكاملة في مجتمعهم وقد قررت النيابة العامة متابعة المتهم من أجل جنحة السب العلني في حقّ امرأة طبقا للفصل 443 من مجموعة القانون الجنائي. ان هذا الحكم ي يمكن اعتباره من بين التطبيقات القضائية الصادرة عن المحاكم المغربية في المجال الزجري المستند على اتفاقية الأشخاص في وضعية إعاقة والذي نجده مستندا الى المواد 3 و4 و 8 و التي تنص على احترام الفوارق وقبول الأشخاص ذوي الإعاقة كجزء من التنوع البشري والطبيعة البشرية؛ و تحثّ على اتخاذ كافة التدابير للقضاء على التمييز على أساس الإعاقة من جانب أي شخص و تلح على اعتماد تدابير فورية وفعالة وملائمة من أجل تعزيز كرامة الأشخاص ذوي الإعاقة ومكافحة القوالب النمطية وأشكال التحيز والممارسات الضارة لهم في جميع مجالات الحياة . وهو ما ينسجم مع عدة اجتهادات دولية مماثلة تعتبر أن في استعمال مصطلح “معاق” في وصف شخص معين قد ينمّ “على تحيّز أو إجحاف أو تمييز يعكس النظرة الدونيّة للأشخاص في وضعيّة إعاقة في وسط اجتماعي يسعى لإقصائهم وتقييدهم ووضعهم في وضع عوائق أمامهم” الادارية بالرباط قد اقرت مؤخرا حكما يعتبر من بين الأحكام القضائية المبدئية الحديثة وعلى نفس النهج كانت المحكمة الذي أقر مبدأ حظر التمييز في التوظيف بالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقة، إعمالا لنص الدستور ولا سيما الفصل 34 منه الذي يفرض على السلطات العمومية تيسير تمتع الأشخاص في وضعية إعاقة بالحقوق والحريات المعترف بها للجميع، وكذا الاتفاقية الدولية الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة، والبروتوكول الاختياري المتعلق بها في المادة 27 والتي تنص على حظر التمييز على أساس الإعاقة فيما يختص بجميع المسائل المتعلقة بكافة أشكال العمالة ومنها شروط التوظيف. اعتمدت المحكمة الإدارية بالرباط لمعالجة هذه القضية على مقتضيات من الدستور ومن الاتفاقيات الدولية ومن القانون الداخلي، وجاء في حكمها: وحيث ينص الفصل 34 من الدستور على أن "السلطات العمومية تقوم بوضع وتفعيل سياسات موجهة إلى الأشخاص والفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة. ولهذا الغرض، تسهر خصوصا على ما يلي: – إعادة تأهيل الأشخاص الذين يعانون من إعاقة جسدية، أو حسية حركية، أو عقلية، وإدماجهم في الحياة الاجتماعية والمدنية، وتيسير تمتعهم بالحقوق والحريات المعترف بها للجميع. وحيث تنص الاتفاقية الدولية الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة المصادق عليها من طرف المغرب وعلى البروتوكول الاختياري المتعلق بها في مادتها 27 على حظر التمييز على أساس الإعاقة فيما يختص بجميع المسائل المتعلقة بكافة أشكال العمالة ومنها شروط التوظيف والتعيين والعمل واستمرار العمل والتقدم الوظيفي وظروف العمل الآمنة والصحية، وتحث الدول الأعضاء على تعزيز فرص العمل الحر ومباشرة الأعمال الحرة وتشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاع العام وكذا القطاع الخاص من خلال انتهاج سياسات واتخاذ تدابير مناسبة. وحيث تنص المادة 14 من القانون الإطار رقم 97.13 الصادر بتاريخ 27/04/2016 المتعلق بحماية الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها على أنه: "لا يجوز حرمان أي شخص في وضعية إعاقة من حقه في الشغل، إذا توفرت فيه المؤهلات اللازمة للاستفادة من هذا الحق، ولا يمكن اعتبار الإعاقة سببا يحول دون تولي الشخص في وضعية إعاقة مهام المسؤولية، كلما توفرت فيه الشروط اللازمة لذلك، على قدم المساواة مع باقي المترشحين لتولي هذه المهام". وحيث إنه استنادا إلى ذلك، فإنه لا يجوز اعتبار الإعاقة سببا لحرمان الأشخاص من ممارسة الوظائف العامة أو الخاصة أو ممارسة المهن الحرة، طالما توفرت فيهم الشروط المطلوب استيفاؤها بالنسبة لكافة المترشحين للوظائف المعنية على قدم المساواة. وفيما يخص حق الولوج والوصول فقد أصدرت المحكمة الإدارية بفاس، حكما يقضي بإزالة أبواب فولاذية دوارة بمداخل ومخارج الحافلات، كانت تعيق ولوج ذوي الإعاقة للحافلة والاستفادة من هذه الخدمة العمومية. ويعتبر هذا الحكم بـ ـ” الرائد في مجال تفعيل معايير حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا عموما، والمعايير المتعلقة بحظر التمييز ضد ذوي الإعاقة على وجه الخصوص”. وتعود فصول القضية إلى تاريخ 23/10/2017 حينما تقدم أحد المتقاضين من ذوي الاحتياجات الخاصة بدعوى أمام المحكمة الإدارية بفاس في مواجهة رئيس الحكومة، وعدد من الوزارات من بينها وزارة الداخلية، والتجهيز والنقل واللوجستيك، والمرأة والأسرة والتضامن، والجماعة الحضرية لفاس، للمطالبة بإزالة بوابات فولاذية دوارة وضعتها إحدى الشركات التي تشرف على النقل العمومي في مداخل ومخارج حافلاتها. واستند المدعي في دعواه إلى كون الجهات المدعى عليها خرقت الالتزامات الدولية للمغرب في مجال حق ذوي الإعاقة في الولوج إلى مرفق النقل، كما خرقت دستور 2011 فيما يخص حقوق ذوي الإعاقة والقوانين ذات الصلة، كما لم تحترم بنود عقد التدبير المفوض الذي يلزم الشركة بتوفير حافلات تحترم حقوق المعاقين في الولوج إليها. وأجابت الجماعة الحضرية بفاس بعدم مسؤوليتها كمفوضة، محملة كامل المسؤولية للشركة المفوض لها، التي تمسكت بكون وضع بوابات فولاذية دوارة بحافلات النقل هدفها الحد من تملص بعض الركاب من أداء قيمة التذاكر والتقليص من عدد المستخدمين المكلفين بالمراقبة، ملتمسة رفض الطلب. وبتاريخ 26/12/2017 أصدرت المحكمة الإدارية بفاس حكمها وقضت بإزالة الأبواب الفولاذية الدوارة من الحافلات تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 500 درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ، مع أداء تعويض رمزي قدره درهم مع تحميلها الصائر. ودائما في مجال حق الوصول وبتاريخ 25 سبتمبر 2023، أصدرت المحكمة الابتدائية المدنية بالدار البيضاء حكما مبدئيا قضى بإلزام وكالة بنكية بإحداث ولوجيات وشباك إلكتروني بشكل يلائم الأشخاص في وضعية إعاقة حركية، تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 100 درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ. هذا الحكم يُعيد إلى الواجهة الإشكاليات التي تواجه الأشخاص في وضعية إعاقة ببلدان المنطقة في ممارسة حقوقهم اليومية رغم تمتعهم بالأهلية المدنية الكاملة قانونا، نتيجة عدم اتخاذ إجراءات مواكبة لتسهيل إدماجهم في الحياة العامة وممارستهم لكافة حقوقهم. وعليه خلصت المحكمة الى أن طلب إحداث شبّاك إلكتروني يلائم وضعية الأشخاص المعاقين يبقى مبررا، استنادا على: المادة 27 من القانون رقم 07.92 المتعلق بالرعاية الاجتماعية للأشخاص المعاقين التي تنص على أنه: “يجب عند إحداث أو ترميم المنشآت العامة من بنايات وطرق وحدائق عمومية، أن يتمّ تجهيزها بممرات ومصاعد ومرافق تسهّل استعمالها وولوجها من طرف المعاقين”. المادة 11 من قانون 10.03 المتعلق بالولوجيات التي تنص على أنه: “عندما تقتضي وظيفة المبنى المفتوح للعموم استعمال شبابيك أو رفوف أو منضدات للكتابة، يجب توفير نسبة من هذه الشبابيك أو الرفوف أو المنضدات يمكن استعمالها من طرف الأشخاص المتنقلين على كراسٍ متحركة، وذلك وفق المقتضيات التقنية التي تحددها السلطة التنظيمية”. المادة 6 من مرسوم 2.11.246 المتعلق بتطبيق قانون الولوجيات التي تنص على أنه:” عندما تقتضي وظيفة المبنى المفتوح للعموم استعمال شبابيك أو رفوف أو منضدات للكتابة، يجب توفير نسبة واحد من أصل عشرة من هذه التجهيزات يمكن استعمالها من طرف الأشخاص المعاقين”. يعتبر هذا الحكم القضائي من بين التطبيقات القضائية النادرة لقانون الولوجيات وقانون الرعاية الاجتماعية للأشخاص المعاقين، ويعتبر من بين الحالات النادرة التي يتم فيها اللجوء إلى القضاء لطلب إعمال النصوص القانونية المتعلقة بحماية الأشخاص في وضعية إعاقة. من المأمول أن يسهم نشر هذه الاجتهادات القضائية في بلادنا تشجيع الأشخاص في وضعية إعاقة على التبليغ عن واللجوء الى سبل الانتصاف القضائية. والتي تؤكد الأهمية القصوى للقضاء بالنسبة لحقوق الإنسان والتي تتحدد بوضوح سواء من خلال علاقة القضاء بالمتقاضين أو من خلال طبيعة عمل القاضي، حيث إن "القضاء هو في حد ذاته حق من حقوق الإنسان، كما تنص على ذلك المواثيق الدولية وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادتيه الثامنة والسابعة، لكنه في الوقت نفسه، هو الضامن الأساسي لحماية حقوق الإنسان الأخرى من الانتهاك". أن معايير حقوق الإنسان تبقى عقيمة وجامدة ما لم تزرع فيها أجهزة إنفاذ القانون والقضاة الروح والحياة، فيكسبونها الحيوية والقوة حتى تبدو حية تلمسها البشرية وتصبح كونيتها واقعية والالتزام بها أخلاقيا قبل أن يكون قانونيا.لقد ظل جواز التقاضي بشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية محط نقاش منذ أمد طويل. العديد من النواحي دون بلوغ تلك الحقوق مرتبتها القانونية الحقيقية. إن بعض القضايا القانونية المحـيطة بجـواز التقاضي بشأنها معقدة، ولكن القبول الدولي بجواز التقاضي بشأنها يشهد تزايدا هائلا وسريعا، لا سيما وأن نظر المحاكم المحلية في مسائل تمسها في العديد من الدول أضحى ظاهرة متكررة. وفي تعليقها العام رقم ،٣تؤكـد لجـنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أن "من بين التدابير التي قد تعتبر مناسبة، إضافة إلى التشريع، توفير سبل التظلم القضائي فيما يتعلق بالحقوق التي يمكن، وفقا للنظام القانوني الوطني، اعتبارها حقوقا يمكـن الاحتجاج بها أمام المحاكم." وأشارت اللجنة إلى أن عددا من مواد العهد يمكن للسلطة القضائية أن تتولى مباشـرةً صونها وإنفاذها، ومن بينها تلك التي تتعلق بعدم التمييز والمساواة بين الرجال والنساء في الحقوق إن تكريس الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية دستوريا بعد انضمام بلدنا إلى مختلف الاتفاقيات الدولية والإقليمية المتصلة بها والمصادقة عليها جعل مسألة تجسيد هذه الحقوق تحديا حقيقيا هذه الحقوق غير المنفصلة وذات الصبغة الكونية تمثل إحدى أكبر اهتمامات المشرعين المعاصرين. وتعتبر بصفتها تلك جزءا لا يتجزأ من القانون الداخلي إن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أصبحت تمثل اليوم جزء مكتملا من قانوننا وتميل إلى أن أ تصبح الجزء الأكثر حراكا وبالتالي وجب العمل على تطبيقها ونشرها والتعريف بها لدى كل المتدخلين وبصفة خاصة ذوي المصلحة وهذا ما يمر حتما عبر التقاضي ان القرارات القضائية تقييد الضوابط، وتفسر القوانين القائمة، وتسد الثغرات التشريعية، مما يسهم في ضمان حماية فعّالة للحقوق الأساسية لجميع الأفراد، بغض النظر عن وضعهم الجسدي أو العقلي. ويتجاوز تأثير المحاكم حل القضايا الفردية، بل تشكل السياسات العامة وتوجّه المجتمع نحو فهم أعمق وأكثر احترامًا لحقوق الأشخاص في وضع الإعاقة. من خلال تعزيز سيادة القانون، تلعب المحاكم دوراً حيوياً في بناء مجتمع شامل، عادل، ومحترم تماماً لكرامة الإنسان.
ساحة

الدكتور حمضي يكشف تفاصيل عن الدواء الجديد لعلاج السمنة
د. الطيب حمضي. طبيب وباحث في السياسات والنظم الصحية. ترخيص دواء جديد يخفض الوزن ب20% تقريبا. في يوم الأربعاء 8 نوفمبر2023 ، رخصت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) لدواء جديد ، زيباوند Zepbound ، من انتاج المختبرات الأمريكية ايلي ليلي Eli Lilly وسيكون متاحا في الصيدليات بالولايات المتحدة اعتبارا من نهاية عام 2023. للتدكير فان نفس المادة الفعالة لنفس المختبر تم ترخيصها سابقا تحت اسم مونجارو Mounjaro لعلاج داء السكري. يعتمد الدواء الجديد على مركب التيرزيباتيد  كمادة فعالة ، لعلاج السمنة والوزن الزائد. وقد خلصت الدراسات السريرية لكونه فعالا في تقليل الوزن بنحو 20٪ بعد 17 شهرا من العلاج لدى فئات معينة ومحددة جيدا من الأشخاص الذين يعانون من مشاكل زيادة الوزن.  فقدان الوزن هدا يعتبر مهما جدا ويمكن مقارنته بنتائج علاج البدانة عن طريق الجراحة. ومن المعلوم انه تم الترخيص وتسويق دواء آخر سابق من انتاج مختبر آخر، الدنماركي نوفو نورديسك ، تحت اسم ويكوفي Wegovy ، ساهم في تخسيس الوزن بنحو 12٪. تقدم الأدوية الجديدة ، مثل زيباوند ، الأمل للأشخاص الذين يعانون من السمنة والوزن الزائد ، لكن دون ادعاء علاج مرض السكري أو القضاء عليه ، أو أن تكون حلا سحريا لمشكلة السمنة وزيادة الوزن. لماذا يتم الحديث عنها في وسائل الإعلام؟ بعد طرح دواء لمرض السكري في السوق سنة 2017 على شكل حقنة واحدة في الأسبوع تحت الجلد تحت اسم أوزمبيك ومادته الفعالة هي سيماكليتيد Ozempic   من انتاج المختبر الدنماركي وبعد توسع استعماله نسبيا ، استخدمه العديد من الأشخاص والمؤثرين وخصوصا المؤثرات في وسائط التواصل الاجتماعي للاستفادة من تأثيره على  خفض الوزن ، حتى وان لم تكن تعانين من مرض السكري ، من خلال عمل مقاطع فيديو دعائية للدواء واضحى وكانه علاج سحري لزيادة الوزن وان كان في الاصل مخصصا لمرض السكري. آليات جديدة للعمل داخل الجسم. تم تسويق المادة الفعالة تيرزيبازيد لمختبرات ايلي لي تحت اسمين مختلفين واحد قبل عدة أشهر مونجارو خاص بالسكري، والثاني المرخص قبل ايام تحت اسم زيباوند تحت تغليف جديد وجرعات مختلفة، مخصصة لعلاج مشاكل السمنة والوزن الزائد. المختبر الدانمركي سوق لمادته الفعالة  تحت اسمين مختلفين كدلك مند 2017 أوزمبيك و ويكوفي. تعمل المادتان الفعالتان وفقا لآليات جديدة لعلاج مرض السكري من النوع 2، من خلال التأثير على بعض مستقبلات الدماغ عن طريق محاكاة عمل هرمونين هضميين طبيعيين ينتجهما الجهاز الهضمي بعد تناول الطعام. يساعد أحد الهرمونات على تقليل الشهية وتقليل كمية الطعام ، بينما يحسن الثاني الطريقة التي ييتفاعل بها الجسم مع السكريات والدهون. كلتا المادتين تبطئان إفراغ المعدة ، مما يمنح الدماغ شعورا بالامتلاء. يستهدف زيباوند ومونجارو هرمونين اثنين ، بينما يستهدف ويكوفي واوزمبيك هرمونا واحدا فقط ، مما يعطي للأولين فعالية أكبر. حل طبي لمشاكل الوزن لدواعي مضبوطة ولكن ليس حلا سحريا.  من الأكيد ان هدا هذا العلاج الجديد يعطي الأمل للأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة ، أو الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن المقرونة بعوامل الاختطار الأخرى ، فإن تعاطي هذا الدواء من قبل أشخاص دون دواعي طبية ودون اشراف طبي بل فقط لفقدان بضعة كيلوغرامات، يمثل مشكلة.كبرى على صحة المستعمل.  تمت دراسة ميزان الفوائد مقارنة بالمخاطر خلال الدراسلت السريرية ككل دواء، بالنسبة لإرشادات ودواعي طبية محددة بالارقام: الأشخاص الذين يعانون من السمنة الحقيقية أي لديهم مؤشر كتلة الجسم أكبر من 30 ، أو الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن من مستوى مؤشر كتلة الجسم أكبر من 27 و يعانون في نفس الوقت من عامل اختطار آخر واحد أو أكثر مثل ارتفاع ضغط الدم أو ارتفاع الكوليسترول أو مرض السكري من النوع 2. آثار جانبية معروفة واخرى قيد الدرس الآثار الجانبية الشائعة متشابهة بين المادتين الفعالتين بفعل اشتغالهما بنفس الاليات وبنسخهمم المخصصة لمعالجة  سواء لداء السكري 2 أوالسمنة والوزن الزائد. الآثار الجانبية الأكثر شيوعا هي الغثيان والقيء والإسهال وضعف الشهية والإمساك وعدم الراحة في الجزء العلوي من البطن وآلام البطن وانسداد الأمعاء والتهاب البنكرياس وخزل المعدة. لا تزال الآثار الجانبية الأخرى قيد الدرس. السعر  تم تحديد السعر بواسطة المختبر المنتج لزيباوند في 1060 دولارا في الشهر. بينما تبلغ تكلفة دواء ويكوفي، المنافس الدانماركي الاقدم،  1350 دولار شهريا. من المؤكد أن المنافسة من جهة واكتشاف المزيد من المواد الفعالة ستؤثران على الاسعار نحو الاسفل، لكن التكلفة تبقى مع دلك عائقا كبيرا، ادا اخدنا بعين الاعتبار أن العلاج يتطلب اخد الحقنات الاسبوعية على مدى عدة أشهر وربما سنوات، مع وجود علامة استفهام حول الحفاظ على فقدان الوزن بعد انتهاء العلاج. يقول الخبراء أنه يتوجب أخد هذه الأدوية لفترة طويلة جدا لتجنب استعادة الوزن. حذار من المنتجات المقلدة على الإنترنت او التسويق الغير الرسمي. تم نقل العديد من المرضى إلى المستشفيات بعد استخدام أدوية اوزمبيك المزيفة التي تم شراؤها عبر الإنترنت. مع الدواء الجديد زيباوند ، يتوقع الخبراء مزيدا من عمليات الاحتيال والتزييف التي قد تكون ضارة جدا بصحة المستخدمين المغامرين. دون نسيان خطر استعمال هده الادوية دون استشارة طبية ودون دواعي بية مدروسة حتى ولو كانت الجرع اصلية ومقتناة من الصيدليات بطريقة قانونية,
ساحة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

السبت 20 أبريل 2024
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة