ساحة

جمعيات الآباء ما بين التنظير و الواقع


كشـ24 نشر في: 28 يناير 2020

ذ. لحسن شافع : إطار تربوي.إن تجاوز إختلالات منظومة التعليم بالمغرب وتجويد خدماتها رهين باضطلاع الأسرة المغربية بأدوارها اتجاه المدرسة المغربية، باعتبارها المؤسسة التربوية الأولى للطفل، هذا ما خلصت إليه جميع المحاولات الإصلاحات لقطاع التعليم بالمغرب، وهو الأمر الذي عبر عنه مؤخرا القانون الإطار رقم 51.17 في دباجته، باعتباره وثيقة قانونية معبرة عن الرؤية الإستراتيجية للإصلاح 2015.2030. وباعتبار جمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ آلية وإطارا تتجلى من خلالها العلاقة ما بين الأسرة والمدرسة، سنحاول في هذه المقالة رصد أهم محطات هذه العلاقة، ومدى مساهمة جمعيات الآباء في تجويد الفعل التربوي من خلال ما بين أيدينا من وثائق قانونية وتنظيمية ودراسات مرتبطة بالموضوع.1 - المسار التاريخي لجمعيات أمهات وأولياء التلاميذباشرت الدولة منذ فجر الاستقلال إلى تأطير العلاقة بين الأسرة والمدرسة من خلال آلية " جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ"، إذ حاولت ضمان مساهمة الأسرة في تحسين مردودية المدرسة من خلال إشراكها في عمليات الإصلاح، فمن خلال تتبعنا لمراحل تطور علاقة الأسرة بالمدرسة نرصد مرحلتين مهمتين، الأولى همت تعميم هذه الجمعيات على المؤسسات التعليمية، حيث امتدت منذ استقلال البلاد إلى غاية إصدار الميثاق الوطني للتربية والتكوين سنة 1999 الذي شكل إصداره بداية مرحلة ثانية تميزت بتطوير وتثمين لأدوار جمعيات الآباء، في انتظار صدور نص تنظيمي خاصة بها كما نص على ذلك القانون الإطار رقم 51-17، حيث سيشكل إصدار هذا النص التنظيمي مرحلة جديد في العلاقة ما بين جمعيات الأباء والمدرسة.- المرحلة الأولى :التأسيس والتعميم (1960 _1999)سارعت الدولة ممثلة في وزارة التربية الوطنية إلى إصدار المنشور رقم 4325 بتاريخ 6 أبريل 1960 الذي تدعوا فيه إلى تأسيس جمعيات الآباء بالمدن والقرى في مختلف الأسلاك التعليمية، وقد جاءت هذه الدعوة بعد عامين فقط من صدور الظهير الشريف رقم 376-58-1 الذي بموجبه يتم تأسيس الجمعيات بالمغرب وذلك بتاريخ 27 فبراير 1958، والذي سيتم تأسيس جمعيات الآباء في إطاره على غرار باقي الجمعيات، لينطلق مسلسل تأسيس جمعيات الآباء كإطارات ينتظم فيها أباء وأمهات وأولياء التلاميذ. إلا أنه يبدو أن مسلسل التأسيس والتعميم قد طال أمده في ظل غياب تعاون مثمر ما بين الأسرة والمدرسة، الأمر الذي دعى الوزارة الوصية على التربية الوطنية إلى إصدار مذكرة وزارية بتاريخ 9 ماي 1991 تحت عدد 67 موقعة من طرف الوزير الطيب الشكيلي يدعو فيها إلى " تثمين التعاون ما بين الأسرة والمدرسة "، هذا التعاون الذي لن يتأتى إلا بإنهاء مسلسل تعميم جمعيات الآباء على كل المؤسسات التعليمية، لذا حثت وزارة التربية الوطنية مرة أخرى على تأسيس جمعيات الآباء في إطار قانون تأسيس الجمعيات للتواصل مع المدرسة المغربية من خلال مذكرة أخرى حملت رقم 28 بتاريخ 18 فبراير 1992، نفس الدعوة تكررت بتاريخ 17 مارس 1995 بإصدار المذكرة رقم 53 الموقعة من طرف الوزير عبد الإله المصدق التي حث فيها على تأسيس جمعيات الآباء مستحضرا أهميتها في إنجاح الحملات المنجزة من أجل الرفع من نسبة التمدرس.- المرحلة الثانية : تجويد أداء جمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ (2000_2015)ركزت وزارة التربية الوطنية في المرحلة الأولى على تحقيق تغطية عددية واسعة لجمعيات الآباء دون إيجاد ظروف مشجعة على ذلك، خاصة في يخص توفير وسائل العمل وشروط نجاح هذه الجمعيات في مهامها، وفي توفر آليات حقيقية لإشراكها في الفعل التربوي، حيث غابت طيلة الفترة الأولى النصوص التنظيمية التي تؤطر عمل هذه الجمعيات باستثناء المذكرة رقم 53 الصادر بتاريخ 17 مارس 1995 التي شكلت الاستثناء دون أن تجد مضامينها الطريق نحو التنزيل. لكن تفعيل مقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين الصادر سنة 1999 ميلادية شكل بداية مرحلة جديدة، حاسمة ومهمة في تاريخ جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ، حيث أعقبته صدور ترسانة مهمة من النصوص التنظيمية عززت من موقع هذه الجمعيات، ومن تلك النصوص والمذكرات الوزارية نجد :○ مذكرة رقم 56 بتاريخ 2 ماي 2002 همت تزويد مكاتب جمعيات الآباء بالمذكرات المرتبطة بالحياة المدرسية... ○ مذكرة رقم 80 بتاريخ 24 يونيو 2003: تدعو ولأول مرة إلى تأسيس جمعيات الآباء بالتعليم الخصوصي، والتذكير بدورها إنطلاقا من الميثاق الوطني الذي حث على إشراك جميع الفعاليات في العملية التربوية... ○ مذكرة رقم 3 بتاريخ 4 يناير 2006 والتي كانت من أهم المذكرات الصادرة في موضوع جمعيات الآباء، والتي تعتبر من النصوص المرجعية المؤطرة للعلاقة بين جمعية الآباء والمدرسة، حيث لامست جوانب عديدة في هذه العلاقة من خلال النقاط التالية: • التذكير بدور جمعيات الآباء من خلال الميثاق الوطني للتربية والتكوين: الذي اعتبرها محاورا وشريكا في تدبير شؤون المدرسة، مترجما ذلك من خلال تفعيل نصوص تنظيمية، وكذا إقرار تمثيلية هذه الجمعيات والمجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية، والمشاركة المباشرة في تسيير المدرسة من خلال العضوية في مجالس التدبير. • توسيع دور جمعيات الآباء : وذلك من خلال تعبئة الآباء والأمهات وأولياء التلاميذ قصد دعم المدرسة في تنفيذ المشاريع والبرامج التربوية، وتشجيع المرأة للانخراط في جمعيات الآباء، وتوعية الأسرة بحقوق الطفل ... • التطرق لالتزامات جمعيات الآباء: ومنها تأسيس جمعيات الآباء وتجديد مكاتبها التنفيذية، ونهج مبدأ الشفافية والديموقراطية في التسيير واحترام النصوص التشريعية أثناء انعقاد الجموع العامة، وضبط مالية الجمعية ... • مستلزمات الارتقاء بالأدوار الجديدة لجمعيات الاباء: من خلال تمكين هذه الجمعيات من جميع المعطيات المتعلقة بالدخول المدرسي، وتوزيع النصوص التشريعية والمذكرات وكل الوثائق المتعلقة بالحياة المدرسية، وتمكينها من صناديق للمراسلات وسبورة للإعلانات، ومقرات لعقد إجتماعاتها الرسمية أو التواصلية على أن لا يكون المقر الرسمي للجمعية بالمؤسسة، وما إلى ذلك من المستلزمات التي تطرقت لها المذكرة.اعتبرت الفترة التي أعقبت صدور الميثاق الوطني للتربية والتكوين فترة حاسمة ومنعطفا مهما في مسار جمعيات الآباء وفي علاقتها بالمدرسة المغربية، رغم استمرار تواجد معيقات واختلالات حالت دون تحقيق الأهداف المرجوة من تواجد هذه الإطارات الجمعوية، الاختلالات التي ستحاول تدابير الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 تجاوزها.2 - جمعيات أمهات وأباء وأولياء التلاميذ على ضوء الرؤية الاستراتيجية 2015-2030.قبل التطرق لما حملته الرؤية الاستراتيجية بخصوص جمعيات الآباء، نذكر أن دستور المملكة المغربية الصادر سنة 2011 حمَّل الأسرة والدولة على قدم المساواة مسؤولية تمتيع الطفل بحق التعليم الأساسي، فقد نص في المادة 32 بالحرف على أن " التعليم الأساس حق للطفل وواجب على الأسرة والدولة ". الأمر الذي زكى المسار الإيجابي والتقارب المهم ما بين الأسرة ممثلة في " جمعيات أمهات وأباء وأولياء التلاميذ " من جهة، والمدرسة المغربية من جهة أخرى، تقارب تُرجم عندما أُشركت هذه الجمعيات في بلورة التصور النهائي للرؤية الإستراتيجية من خلال اللقاءات التشاورية التي أفرزت في البداية التدابير ذات الأولوية التي انتهت أجرأتها سنة 2018. وقد نصت الرؤية الاستراتيجية من خلال تسع (9) تدابير على ضرورة إشراك الأسرة والجمعيات الممثلة لها في عدد من قضايا التربية والتكوين، وقد جاءت هذه التدابير على الشكل التالي:● التدبير رقم 7 (الرافعة:1 ) : الذي دعى لتحسيس الأسر بخطورة الانقطاع في سن مبكر. ● التدبير رقم 9 (الرافعة:2 ) : نص على جعل تعميم التعليم الأولي إلتزاما للدولة والأسرة. ● التدبير رقم 11 (الرافعة:3 ) : دعى لحفز جمعيات المجتمع المدني على تعميم التعليم في الأوساط القروية. ● التدبير رقم 90 (الرافعة:15 ) : دعى في إطار إرساء نظام الحكامة الترابية إلى مأسسة مشروع المؤسسة بتعاون مع أولياء التلاميذ ومحيط المدرسة. ● التدبير رقم 92 (الرافعة:15 ) : نص على تشجيع الشراكة ما بين الدولة والمؤسسات وجمعيات المجتمع المدني ذات الصلة. ● التدبير رقم 101 (الرافعة:18 ) : أكد على جعل قيم الديموقراطية والمواطنة الفاعلة خيارا إستراتيجيا على مستوى علاقة المؤسسة بالمحيط ومن ذلك تقوية الروابط المباشرة والتواصل المنتظم مع الأسر من خلال ممثلي الآباء والأمهات والأولياء، وإشراكهم في الفعل الثقافي والتدبيري، وكذا تعزيز الشراكات المؤسساتية مع الأسرة والجمعيات المدنية ... ● التدبير رقم 112 (الرافعة:22 ) : إعلان 2015/2030 مدى زمنيا لتعبئة وطنية من أجل تجديد المدرسة المغربية من قبل الدولة ... والأسرة والمجتمع المدني. ● التدبير رقم 114 (الرافعة:22 ) : دعى إلى إرساء آليات كفيلة بتمكين الأسر من التتبع اليقظ لأبنائها، ومواكبتهم... ، والإسهام المنتظم في العناية بالمدرسة، وفي تحقيق مشروع المؤسسة. ● التدبير رقم 115 (الرافعة:22 ) : نص على إشراك الأسرة في تدبير المؤسسة عبر تثمين دور جمعيات الآباء ... المدعوة بدورها لتجديد منهجيات عملها وتقوية تعاونها مع المؤسسة ... وكذا توفير فضاءات التنسيق والحوار. ● التدبير رقم 116 (الرافعة:22 ) : دعى هذا التدبير لإقامة " مدرسة أمهات الآباء وأولياء التلاميذ " من خلال تنظيم دورات تكوينية لفائدة أسر التلاميذ خاصة في: محاربة الامية، برامج التوعية، مساعدة الأسر على استعمال الوسائل الديداكتيكية...- القانون الإطار رقم 51-17 :تفعيلا لمقتضيات الرؤية الاستراتيجية التي أقرها صاحب الجلالة محمد السادس نصره الله، والتي دعت إلى تحويل إختياراتها الكبرى لقانون إطار يجسد تعاقدا وطنيا ملزما للجميع، صدر بالجريدة الرسمية عدد 6805 بتاريخ 17 ذو الحجة 1440 الموافق ل 19 أغسطس 2019 قانون إطار رقم 51-17 نص بدوره على ضرورة اضطلاع الأسرة والجمعيات الممثلة لها بأدوارها كاملة تجاه المدرسة المغربية، وقد ورد ذلك في عدد من المواد سواء بلفظ الأسرة أو بمسمى جمعيات الآباء:▪︎ الديباجة : جاء في دباجة القانون الإطار أن تحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص يستوجب الأستناد إلى مجموعة من الرافعات منها جعل التعليم الأولي إلزامية بالنسبة للدولة والأسر، ومواصلة الجهود الهادفة إلى التصدي للهدر والانقطاع المدرسيين، ووضع برامج تشجيعية لتعبئة وتحسيس الأسر بخطورة الانقطاع الدراسة عن سن مبكر. ▪︎ المادة 3 : من بين الأهداف التي تسعى منظومة التربية والتكوين إلى تحقيقها تعميم تعليم ذي جودة وفرض إلزاميته بالنسبة لجميع الأطفال في سن التمدرس، باعتباره حقا للطفل، وواجبا على الدولة وملزما للأسرة. ▪︎ المادة 6 : اعتبرت هذه المادة أن تحقيق أهداف المنظومة مسؤولية مشتركة بين الدولة والأسرة. ▪︎ المادة 19 : جاء فيها أن الولوج إلى التعليم المدرسي من قبل جميع الأطفال، إناثا وذكورا، البالغين سن التمدرس إلزامي، ويقع هذا الإلزام على عاتق الدولة والأسرة أو أي شخص مسؤول عن رعاية الطفل قانونيا. ▪︎ المادة 22 : نصت هذه المادة على ضرورة إصدار نص تنظيمي تحدد بموجبه قواعد اشتغال وأدوار ومهام جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ في علاقتها بمؤسسات التربية والتكوين.- ملامح النص التنظيمي المرتقب:جاء التنصيص على إصدار هذا النص التنظيمي في القانون الإطار رقم 51-17 (المادة 20) في إطار التدابير والإجراءات التي وجب على الدولة القيام بها من أجل تعميم التعليم الإلزامي بالنسبة لجميع الأطفال من ذلك تفعيل دور جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ في ترسيخ الصلات بين فضاءات التمدرس والأسر من أجل ضمان مواكبة المتعلمين أثناء الدراسة، وقد نص القانون الإطار في المادة 22 على أن يتم إصدار هذا النص التنظيمي في حدود 6 سنوات من تاريخ نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، وحسب تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي رقم 2019/6 فيتوجب على هذا النص التنظيمي أن يستحضر جملة من الأمور أهمها:▪︎ إستحضار خصوصية هذه الجمعيات وارتباطها بالسلطة الحكومية المكلفة بالتعليم المدرسي، مقارنة بغيرها من جمعيات المجتمع المدني. ▪︎ تحديد مفهوم الولاية على التلميذ(ة) أو أكثر وشروط ممارستها بالنسبة لغير الآباء والأمهات. ▪︎ إلزام المؤسسات عمومية كانت أم خاصة، بفسح المجال أمام إحداثها. ▪︎ مقتضيات تتعلق بطريقة تشكيلها وتنظيمها وتدبيرها، وتدقيق أدوارها ومهامها داخل المؤسسات التعليمية. ▪︎ توضيح علاقاتها، وتمويلها، وآليات دعمها من قبل الدولة والشركاء.سيكون إصدار وتنزيل هذا النص التنظيمي فرصة لتجويد أداء جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ في ظل الفراغ التشريعي الحاصل الان، لكن لن يتأتى ذلك إلا بنهج مقاربة تشاركية في إعداد هذا النص، وإدراج أكبر عدد من التوضيحات القانونية والتنظيمية التي تحتاجها الجمعيات لمزاولة عملها بالشكل المطلوب، وتجاوز الفراغ التنظيمي الذي يطغى على مجموعة من مداخل تدخل الأسر وممثليهم في المدرسة المغربية. وينتظر من هذا النص التنظيمي كذلك تجاوز الوضعية التي تعيشها هذه الجمعيات، والتي لا تتناسب مع الترسانة النظرية التي سبق لنا أن أشرنا إلى بعضها، فكيف كان أداء جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ طيلة مدة إشتغالها؟ وهل كان التنظير لها مترجما على أرض الواقع؟ هذه الأسئلة وغيرها سنحاول الإحاطة بها في الجزء الثاني من هذه المقالة إن شاء الله.****************** البيبلوغرافيا: - دستور المملكة المغربية الصادر سنة 2011. - الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015-2030، الصادر عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي. - التقرير رقم 2019/6 ، الصادر عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي. - القانون الإطار رقم 17.51، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 6805 بتاريخ 19 غشت 2019

ذ. لحسن شافع : إطار تربوي.إن تجاوز إختلالات منظومة التعليم بالمغرب وتجويد خدماتها رهين باضطلاع الأسرة المغربية بأدوارها اتجاه المدرسة المغربية، باعتبارها المؤسسة التربوية الأولى للطفل، هذا ما خلصت إليه جميع المحاولات الإصلاحات لقطاع التعليم بالمغرب، وهو الأمر الذي عبر عنه مؤخرا القانون الإطار رقم 51.17 في دباجته، باعتباره وثيقة قانونية معبرة عن الرؤية الإستراتيجية للإصلاح 2015.2030. وباعتبار جمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ آلية وإطارا تتجلى من خلالها العلاقة ما بين الأسرة والمدرسة، سنحاول في هذه المقالة رصد أهم محطات هذه العلاقة، ومدى مساهمة جمعيات الآباء في تجويد الفعل التربوي من خلال ما بين أيدينا من وثائق قانونية وتنظيمية ودراسات مرتبطة بالموضوع.1 - المسار التاريخي لجمعيات أمهات وأولياء التلاميذباشرت الدولة منذ فجر الاستقلال إلى تأطير العلاقة بين الأسرة والمدرسة من خلال آلية " جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ"، إذ حاولت ضمان مساهمة الأسرة في تحسين مردودية المدرسة من خلال إشراكها في عمليات الإصلاح، فمن خلال تتبعنا لمراحل تطور علاقة الأسرة بالمدرسة نرصد مرحلتين مهمتين، الأولى همت تعميم هذه الجمعيات على المؤسسات التعليمية، حيث امتدت منذ استقلال البلاد إلى غاية إصدار الميثاق الوطني للتربية والتكوين سنة 1999 الذي شكل إصداره بداية مرحلة ثانية تميزت بتطوير وتثمين لأدوار جمعيات الآباء، في انتظار صدور نص تنظيمي خاصة بها كما نص على ذلك القانون الإطار رقم 51-17، حيث سيشكل إصدار هذا النص التنظيمي مرحلة جديد في العلاقة ما بين جمعيات الأباء والمدرسة.- المرحلة الأولى :التأسيس والتعميم (1960 _1999)سارعت الدولة ممثلة في وزارة التربية الوطنية إلى إصدار المنشور رقم 4325 بتاريخ 6 أبريل 1960 الذي تدعوا فيه إلى تأسيس جمعيات الآباء بالمدن والقرى في مختلف الأسلاك التعليمية، وقد جاءت هذه الدعوة بعد عامين فقط من صدور الظهير الشريف رقم 376-58-1 الذي بموجبه يتم تأسيس الجمعيات بالمغرب وذلك بتاريخ 27 فبراير 1958، والذي سيتم تأسيس جمعيات الآباء في إطاره على غرار باقي الجمعيات، لينطلق مسلسل تأسيس جمعيات الآباء كإطارات ينتظم فيها أباء وأمهات وأولياء التلاميذ. إلا أنه يبدو أن مسلسل التأسيس والتعميم قد طال أمده في ظل غياب تعاون مثمر ما بين الأسرة والمدرسة، الأمر الذي دعى الوزارة الوصية على التربية الوطنية إلى إصدار مذكرة وزارية بتاريخ 9 ماي 1991 تحت عدد 67 موقعة من طرف الوزير الطيب الشكيلي يدعو فيها إلى " تثمين التعاون ما بين الأسرة والمدرسة "، هذا التعاون الذي لن يتأتى إلا بإنهاء مسلسل تعميم جمعيات الآباء على كل المؤسسات التعليمية، لذا حثت وزارة التربية الوطنية مرة أخرى على تأسيس جمعيات الآباء في إطار قانون تأسيس الجمعيات للتواصل مع المدرسة المغربية من خلال مذكرة أخرى حملت رقم 28 بتاريخ 18 فبراير 1992، نفس الدعوة تكررت بتاريخ 17 مارس 1995 بإصدار المذكرة رقم 53 الموقعة من طرف الوزير عبد الإله المصدق التي حث فيها على تأسيس جمعيات الآباء مستحضرا أهميتها في إنجاح الحملات المنجزة من أجل الرفع من نسبة التمدرس.- المرحلة الثانية : تجويد أداء جمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ (2000_2015)ركزت وزارة التربية الوطنية في المرحلة الأولى على تحقيق تغطية عددية واسعة لجمعيات الآباء دون إيجاد ظروف مشجعة على ذلك، خاصة في يخص توفير وسائل العمل وشروط نجاح هذه الجمعيات في مهامها، وفي توفر آليات حقيقية لإشراكها في الفعل التربوي، حيث غابت طيلة الفترة الأولى النصوص التنظيمية التي تؤطر عمل هذه الجمعيات باستثناء المذكرة رقم 53 الصادر بتاريخ 17 مارس 1995 التي شكلت الاستثناء دون أن تجد مضامينها الطريق نحو التنزيل. لكن تفعيل مقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين الصادر سنة 1999 ميلادية شكل بداية مرحلة جديدة، حاسمة ومهمة في تاريخ جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ، حيث أعقبته صدور ترسانة مهمة من النصوص التنظيمية عززت من موقع هذه الجمعيات، ومن تلك النصوص والمذكرات الوزارية نجد :○ مذكرة رقم 56 بتاريخ 2 ماي 2002 همت تزويد مكاتب جمعيات الآباء بالمذكرات المرتبطة بالحياة المدرسية... ○ مذكرة رقم 80 بتاريخ 24 يونيو 2003: تدعو ولأول مرة إلى تأسيس جمعيات الآباء بالتعليم الخصوصي، والتذكير بدورها إنطلاقا من الميثاق الوطني الذي حث على إشراك جميع الفعاليات في العملية التربوية... ○ مذكرة رقم 3 بتاريخ 4 يناير 2006 والتي كانت من أهم المذكرات الصادرة في موضوع جمعيات الآباء، والتي تعتبر من النصوص المرجعية المؤطرة للعلاقة بين جمعية الآباء والمدرسة، حيث لامست جوانب عديدة في هذه العلاقة من خلال النقاط التالية: • التذكير بدور جمعيات الآباء من خلال الميثاق الوطني للتربية والتكوين: الذي اعتبرها محاورا وشريكا في تدبير شؤون المدرسة، مترجما ذلك من خلال تفعيل نصوص تنظيمية، وكذا إقرار تمثيلية هذه الجمعيات والمجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية، والمشاركة المباشرة في تسيير المدرسة من خلال العضوية في مجالس التدبير. • توسيع دور جمعيات الآباء : وذلك من خلال تعبئة الآباء والأمهات وأولياء التلاميذ قصد دعم المدرسة في تنفيذ المشاريع والبرامج التربوية، وتشجيع المرأة للانخراط في جمعيات الآباء، وتوعية الأسرة بحقوق الطفل ... • التطرق لالتزامات جمعيات الآباء: ومنها تأسيس جمعيات الآباء وتجديد مكاتبها التنفيذية، ونهج مبدأ الشفافية والديموقراطية في التسيير واحترام النصوص التشريعية أثناء انعقاد الجموع العامة، وضبط مالية الجمعية ... • مستلزمات الارتقاء بالأدوار الجديدة لجمعيات الاباء: من خلال تمكين هذه الجمعيات من جميع المعطيات المتعلقة بالدخول المدرسي، وتوزيع النصوص التشريعية والمذكرات وكل الوثائق المتعلقة بالحياة المدرسية، وتمكينها من صناديق للمراسلات وسبورة للإعلانات، ومقرات لعقد إجتماعاتها الرسمية أو التواصلية على أن لا يكون المقر الرسمي للجمعية بالمؤسسة، وما إلى ذلك من المستلزمات التي تطرقت لها المذكرة.اعتبرت الفترة التي أعقبت صدور الميثاق الوطني للتربية والتكوين فترة حاسمة ومنعطفا مهما في مسار جمعيات الآباء وفي علاقتها بالمدرسة المغربية، رغم استمرار تواجد معيقات واختلالات حالت دون تحقيق الأهداف المرجوة من تواجد هذه الإطارات الجمعوية، الاختلالات التي ستحاول تدابير الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 تجاوزها.2 - جمعيات أمهات وأباء وأولياء التلاميذ على ضوء الرؤية الاستراتيجية 2015-2030.قبل التطرق لما حملته الرؤية الاستراتيجية بخصوص جمعيات الآباء، نذكر أن دستور المملكة المغربية الصادر سنة 2011 حمَّل الأسرة والدولة على قدم المساواة مسؤولية تمتيع الطفل بحق التعليم الأساسي، فقد نص في المادة 32 بالحرف على أن " التعليم الأساس حق للطفل وواجب على الأسرة والدولة ". الأمر الذي زكى المسار الإيجابي والتقارب المهم ما بين الأسرة ممثلة في " جمعيات أمهات وأباء وأولياء التلاميذ " من جهة، والمدرسة المغربية من جهة أخرى، تقارب تُرجم عندما أُشركت هذه الجمعيات في بلورة التصور النهائي للرؤية الإستراتيجية من خلال اللقاءات التشاورية التي أفرزت في البداية التدابير ذات الأولوية التي انتهت أجرأتها سنة 2018. وقد نصت الرؤية الاستراتيجية من خلال تسع (9) تدابير على ضرورة إشراك الأسرة والجمعيات الممثلة لها في عدد من قضايا التربية والتكوين، وقد جاءت هذه التدابير على الشكل التالي:● التدبير رقم 7 (الرافعة:1 ) : الذي دعى لتحسيس الأسر بخطورة الانقطاع في سن مبكر. ● التدبير رقم 9 (الرافعة:2 ) : نص على جعل تعميم التعليم الأولي إلتزاما للدولة والأسرة. ● التدبير رقم 11 (الرافعة:3 ) : دعى لحفز جمعيات المجتمع المدني على تعميم التعليم في الأوساط القروية. ● التدبير رقم 90 (الرافعة:15 ) : دعى في إطار إرساء نظام الحكامة الترابية إلى مأسسة مشروع المؤسسة بتعاون مع أولياء التلاميذ ومحيط المدرسة. ● التدبير رقم 92 (الرافعة:15 ) : نص على تشجيع الشراكة ما بين الدولة والمؤسسات وجمعيات المجتمع المدني ذات الصلة. ● التدبير رقم 101 (الرافعة:18 ) : أكد على جعل قيم الديموقراطية والمواطنة الفاعلة خيارا إستراتيجيا على مستوى علاقة المؤسسة بالمحيط ومن ذلك تقوية الروابط المباشرة والتواصل المنتظم مع الأسر من خلال ممثلي الآباء والأمهات والأولياء، وإشراكهم في الفعل الثقافي والتدبيري، وكذا تعزيز الشراكات المؤسساتية مع الأسرة والجمعيات المدنية ... ● التدبير رقم 112 (الرافعة:22 ) : إعلان 2015/2030 مدى زمنيا لتعبئة وطنية من أجل تجديد المدرسة المغربية من قبل الدولة ... والأسرة والمجتمع المدني. ● التدبير رقم 114 (الرافعة:22 ) : دعى إلى إرساء آليات كفيلة بتمكين الأسر من التتبع اليقظ لأبنائها، ومواكبتهم... ، والإسهام المنتظم في العناية بالمدرسة، وفي تحقيق مشروع المؤسسة. ● التدبير رقم 115 (الرافعة:22 ) : نص على إشراك الأسرة في تدبير المؤسسة عبر تثمين دور جمعيات الآباء ... المدعوة بدورها لتجديد منهجيات عملها وتقوية تعاونها مع المؤسسة ... وكذا توفير فضاءات التنسيق والحوار. ● التدبير رقم 116 (الرافعة:22 ) : دعى هذا التدبير لإقامة " مدرسة أمهات الآباء وأولياء التلاميذ " من خلال تنظيم دورات تكوينية لفائدة أسر التلاميذ خاصة في: محاربة الامية، برامج التوعية، مساعدة الأسر على استعمال الوسائل الديداكتيكية...- القانون الإطار رقم 51-17 :تفعيلا لمقتضيات الرؤية الاستراتيجية التي أقرها صاحب الجلالة محمد السادس نصره الله، والتي دعت إلى تحويل إختياراتها الكبرى لقانون إطار يجسد تعاقدا وطنيا ملزما للجميع، صدر بالجريدة الرسمية عدد 6805 بتاريخ 17 ذو الحجة 1440 الموافق ل 19 أغسطس 2019 قانون إطار رقم 51-17 نص بدوره على ضرورة اضطلاع الأسرة والجمعيات الممثلة لها بأدوارها كاملة تجاه المدرسة المغربية، وقد ورد ذلك في عدد من المواد سواء بلفظ الأسرة أو بمسمى جمعيات الآباء:▪︎ الديباجة : جاء في دباجة القانون الإطار أن تحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص يستوجب الأستناد إلى مجموعة من الرافعات منها جعل التعليم الأولي إلزامية بالنسبة للدولة والأسر، ومواصلة الجهود الهادفة إلى التصدي للهدر والانقطاع المدرسيين، ووضع برامج تشجيعية لتعبئة وتحسيس الأسر بخطورة الانقطاع الدراسة عن سن مبكر. ▪︎ المادة 3 : من بين الأهداف التي تسعى منظومة التربية والتكوين إلى تحقيقها تعميم تعليم ذي جودة وفرض إلزاميته بالنسبة لجميع الأطفال في سن التمدرس، باعتباره حقا للطفل، وواجبا على الدولة وملزما للأسرة. ▪︎ المادة 6 : اعتبرت هذه المادة أن تحقيق أهداف المنظومة مسؤولية مشتركة بين الدولة والأسرة. ▪︎ المادة 19 : جاء فيها أن الولوج إلى التعليم المدرسي من قبل جميع الأطفال، إناثا وذكورا، البالغين سن التمدرس إلزامي، ويقع هذا الإلزام على عاتق الدولة والأسرة أو أي شخص مسؤول عن رعاية الطفل قانونيا. ▪︎ المادة 22 : نصت هذه المادة على ضرورة إصدار نص تنظيمي تحدد بموجبه قواعد اشتغال وأدوار ومهام جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ في علاقتها بمؤسسات التربية والتكوين.- ملامح النص التنظيمي المرتقب:جاء التنصيص على إصدار هذا النص التنظيمي في القانون الإطار رقم 51-17 (المادة 20) في إطار التدابير والإجراءات التي وجب على الدولة القيام بها من أجل تعميم التعليم الإلزامي بالنسبة لجميع الأطفال من ذلك تفعيل دور جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ في ترسيخ الصلات بين فضاءات التمدرس والأسر من أجل ضمان مواكبة المتعلمين أثناء الدراسة، وقد نص القانون الإطار في المادة 22 على أن يتم إصدار هذا النص التنظيمي في حدود 6 سنوات من تاريخ نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، وحسب تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي رقم 2019/6 فيتوجب على هذا النص التنظيمي أن يستحضر جملة من الأمور أهمها:▪︎ إستحضار خصوصية هذه الجمعيات وارتباطها بالسلطة الحكومية المكلفة بالتعليم المدرسي، مقارنة بغيرها من جمعيات المجتمع المدني. ▪︎ تحديد مفهوم الولاية على التلميذ(ة) أو أكثر وشروط ممارستها بالنسبة لغير الآباء والأمهات. ▪︎ إلزام المؤسسات عمومية كانت أم خاصة، بفسح المجال أمام إحداثها. ▪︎ مقتضيات تتعلق بطريقة تشكيلها وتنظيمها وتدبيرها، وتدقيق أدوارها ومهامها داخل المؤسسات التعليمية. ▪︎ توضيح علاقاتها، وتمويلها، وآليات دعمها من قبل الدولة والشركاء.سيكون إصدار وتنزيل هذا النص التنظيمي فرصة لتجويد أداء جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ في ظل الفراغ التشريعي الحاصل الان، لكن لن يتأتى ذلك إلا بنهج مقاربة تشاركية في إعداد هذا النص، وإدراج أكبر عدد من التوضيحات القانونية والتنظيمية التي تحتاجها الجمعيات لمزاولة عملها بالشكل المطلوب، وتجاوز الفراغ التنظيمي الذي يطغى على مجموعة من مداخل تدخل الأسر وممثليهم في المدرسة المغربية. وينتظر من هذا النص التنظيمي كذلك تجاوز الوضعية التي تعيشها هذه الجمعيات، والتي لا تتناسب مع الترسانة النظرية التي سبق لنا أن أشرنا إلى بعضها، فكيف كان أداء جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ طيلة مدة إشتغالها؟ وهل كان التنظير لها مترجما على أرض الواقع؟ هذه الأسئلة وغيرها سنحاول الإحاطة بها في الجزء الثاني من هذه المقالة إن شاء الله.****************** البيبلوغرافيا: - دستور المملكة المغربية الصادر سنة 2011. - الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015-2030، الصادر عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي. - التقرير رقم 2019/6 ، الصادر عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي. - القانون الإطار رقم 17.51، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 6805 بتاريخ 19 غشت 2019



اقرأ أيضاً
يدير اكيندي يكتب عن مافيا الماستر: حين تتحول الجامعة من منارة للعلم إلى سوق نخاسة لبيع الذمم
يدير اكيندي الفساد يضرب قلب التعليم العالي… ومصداقية الوطن على المحك مرة أخرى، يَطفو على السطح وجه بشع من وجوه الفساد في بلادنا، بعد تفجر فضيحة الاتجار بالشواهد الجامعية، وبالضبط شهادات الماستر، في واحدة من مؤسسات التعليم العالي التي يُفترض فيها أن تُخرّج نخبة النخبة. والكارثة أن هذه الشهادات ليست مجرد أوراق، بل مفاتيح لولوج مراكز القرار، ومسالك البحث العلمي، ومواقع المسؤولية في القضاء والإدارة والتعليم والثقافة. فماذا يعني أن تُباع هذه المفاتيح لمن يملك الثمن؟ وماذا تبقّى من الوطن إذا تساوى الحاذق والغشاش، والعالم والمزوّر، في فرص الصعود؟ فكيف يمكن لمجتمع أن ينهض إذا كان التعليم، أساس بناء الإنسان، يُباع ويُشترى؟ وكيف نضمن مستقبلاً وطنياً إذا كانت المناصب العليا تُمنح لمن يدفع أكثر، لا لمن يستحق؟ما وقع في جامعة أكادير ليس حادثا معزولا، بل هو مؤشّر خطير على هشاشة منظومتنا القيمية، وعلى مدى تمدّد سرطان الغش والتدليس في جسد المجتمع. أن يصبح الغش “حقا مكتسبا” لدى بعض الفئات، فتلك بداية نهاية العقد الاجتماعي بين المواطنين والدولة. من غير المعقول أن تنحصر المساءلة في الأستاذ المتهم وحده، بل إن كل من استفاد، بشكل مباشر أو غير مباشر، من هذه “التجارة اللاشرعية”، يجب أن يُحاسب ويُتابع بتهمة التزوير في وثائق رسمية، والاحتيال على الدولة، والولوج إلى مواقع المسؤولية دون وجه حق ، مما يجعل الفساد التعليمي قنبلة موقوتة تهدد أمن المجتمع بأكمله هنا تبرز ضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة، فلا يكفي معاقبة الأستاذ المتورط في فضيحة أكادير، بل يجب استدعاء كل من استفاد من هذه “الصفقات” وملاحقته بتهمة التزوير والتدليس.. إننا لا ننسى الضحايا الحقيقيين لهذه الفضيحة: أبناء وبنات هذا الوطن، الذين أُقصوا لأنهم لم يملكوا 250 ألف درهم لشراء شهادة، وليس لأنهم يفتقرون للكفاءة أو الجدارة. كم من طاقة وطنية شريفة حُرمت من فرصتها، ودُفنت أحلامها، وانهزمت ثقتها في مؤسسات الدولة! وكم من شاب وشابة حُرموا من الماستر والدكتوراه، لا لضعف مستواهم العلمي، بل فقط لأنهم لا يملكون رصيدًا بنكيًا محترمًا! أليس هذا هو الوجه الحقيقي لانهيار القيم، وبداية تصدع الوطن؟ هذه الممارسات لا تدمر الأفراد فحسب، بل تقتل روح الانتماء لدى الشباب، وتجعلهم يفقدون الثقة في الوطن. وكما قال الكاتب البرازيلي باولو كويلو في روايته “الكيميائي”: “عندما تُحارب أحلامك، فإن الكون بأسره يتآمر لمساعدتك”، لكن ماذا لو كان الفساد هو من يحارب الأحلام؟ حينها لن يجد الشباب سوى اليأس أو الهجرة لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذه الجريمة. فالوطن الذي نريده ليس مبنيًا على الريع والزبونية، بل على تكافؤ الفرص والاستحقاق. كما ورد في النموذج التنموي الجديد، الذي دعا إليه جلالة الملك محمد السادس، فإن بناء مغرب الغد يمر عبر بناء مجتمع قوي إلى جانب دولة قوية، مجتمع يؤمن بالعدل، والكرامة، والنزاهة، ويقاوم كل أشكال الغش والإفساد. فكيف تكون الدولة قوية إذا كان تعليمها ضعيفاً؟ وكيف يكون المجتمع قوياً إذا كان أفراده يعيشون على الوهم؟ ولعل ما قاله الكاتب البرازيلي باولو كويلو في رسالته إلى ابنه: “إن بناء الإنسان أصعب بكثير من بناء المدن، لكنه الأساس الحقيقي لأي حضارة”، ينطبق تمامًا على ما نحتاجه اليوم. فالتعليم هو حجر الزاوية لبناء الإنسان، والعبث به هو تقويض لكل إمكانيات النهوض. ألم يقل الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو: ” « وهل هناك عدل حين يحصل المزوّرون على مناصب ومسؤوليات، بينما يُقصى النجباء لأنهم لا يملكون المال؟ هل هناك دولة قانون، حين يتحول التعليم إلى مزاد علني؟ إننا أمام لحظة فارقة: إما أن تتحرّك النيابة العامة بصرامة، ويُفتح تحقيق شامل يُحاسب فيه كل من تواطأ أو استفاد أو سكت عن هذا الفساد، أو أن نترك هذا الورم الخبيث يتفشى في جسد الدولة والمجتمع، ويُعمق فقدان الثقة، ويقضي على كل أمل في الإصلاح. إننا ننتظر من وزارة التعليم العالي أن تنتصب كمطالب بالحق المدني في هذه القضية، وأن تُعلن حربا لا هوادة فيها على كل المتلاعبين بسمعة الجامعة المغربية. فالتعليم لا يجب أن يكون سلعة، ولا يجب أن يُترك للمفسدين ينشرون سمومهم بين الطلبة والأساتذة، ويهدمون ما تبقى من الأمل في غد نزيه وعادل. وحده العدل، وحدها المساواة، وحده القانون، يمكن أن يؤسسوا لوطن يسع الجميع. أما الاستسلام فليس خيارًا، والسكوت تواطؤ. فلننتفض، دفاعًا عن الكرامة، عن العدالة، عن مغرب يستحق أن نحلم به… لا أن نخجل منه. فضيحة شواهد الماستر ليست قضية أكاديمية عابرة، بل هي معركة وجودية ضد فسادٍ ينهش جسد الوطن. إن لم نتحرك اليوم، فسنواجه غداً جيلاً يعتقد أن الغش “إنجاز”، والتدليس “ذكاء”. الفساد الجامعي ليس مجرد جريمة أخلاقية، بل تهديد مباشر للأمن المجتمعي. عندما تتحول الجامعة إلى مصنع لشواهد مزورة، فإنها تنتج مسؤولين بلا كفاءة، وقضاة بلا ضمير، وأساتذة بلا علم. وحينها لا يمكن بناء مغرب الغد السكوت عن هذه الجريمة هو خيانة للأمل، وتواطؤ مع الفساد، ومساهمة في قتل طموحات شباب حُرموا من فرص حقيقية لأنهم لم يملكوا ما يكفي لشراء شهادة. إن ضحايا هذه المافيا معروفون: شباب اجتهدوا وكافحوا، لكنهم صُدوا لأنهم لم يكونوا جزءاً من لعبة النفوذ والرشوة * يدير اكيندي، أستاذ العلوم الاقتصادية والاجتماعية، خبير في التنمية الشاملة والإعاقة
ساحة

يونس مجاهد يكتب: حرية الصحافة المزعومة
يونس مجاهديشكل الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يصادف الثالث من شهر ماي كل سنة، مناسبة أخرى للحديث عن القضايا المرتبطة بممارسة هذه الحرية، وخاصة التضييق الذي يمارس لمنعها أو الحد منها، غير أنه قلما تناقش أخلاقيات الصحافة، في علاقتها بالحرية، رغم أن هناك تكاملا بين المبدأين، يجعل من جودة الصحافة، رديفا للالتزام بأخلاقياتها، لأن الصحافة الرديئة ليست ممارسة للحرية، بل على العكس، إنها مجرد تضليل للجمهور ونشر لأخبار كاذبة، وتشهير وارتزاق وابتزاز... وهي بذلك لا تستجيب لتطلعات المجتمع، بل تؤثر سلبا على حرية الصحافة وادوارها الاجتماعية.وانطلاقا من هذا المنظور الذي يعتبر أن الوظيفة الاجتماعية هي الغاية الرئيسية للممارسة الصحافية، تطور استعمال المعيار الاجتماعي، لتصحيح الانحرافات التي تصيب هذه المهنة، فرغم اعتماد مواثيق الأخلاقيات وهيئات التنظيم الذاتي، في العديد من البلدان المتقدمة في المجال الديمقراطي، إلا أنها ظلت تلجأ باستمرار لمراجعات مختلفة، لعلاقة الصحافة بالمجتمع. وفيهذا الصدد يمكن العودة إلى ما حصل في الولايات المتحدة، سنة 1942، حين تم إحداث لجنة هاتشينز، من طرف جامعة شيكاغو، بطلب من مؤسس مجلة تايم، هنري لوس، التي عينت على رأسها روبرت ماينارد هاتشينز. اشتغلت هذه اللجنة لمدة خمس سنوات، ونشرت تقريرها تحت عنوان "صحافة حرة ومسؤولة". ومما ورد فيه، وجود تناقض بين المفهوم التقليدي لحرية الصحافة، وضرورة التحلي بالمسؤولية. فالمسؤولية واحترام القانون، ليس في حد ذاتهما تضييقاعلى حرية الصحافة، بل على العكس، يمكن أن يكونا تعبيرا أصيلا عن حرية إيجابية، لكنهما ضد حرية اللامبالاة. ويضيف التقرير؛ لقد أصبح من المعتاد اليوم أن تكون حرية الصحافة المزعومة، عبارة عن لا مسؤولية اجتماعية، لذا على الصحافة أن تعرف أن أخطاءها وأهواءها لم تعد ملكية خاصة لها، فهي تشكل خطرا على المجتمع، لأنها عندما تخطئ، فإنها تضلل الرأي العام، فنحن أمام تحدٍ؛ على الصحافة أن تظل نشاطا حرا وخاصا، لكن ليس لها الحق في أن تخطئ، لأنها تؤدي وظيفة مرفق عام. كان لهذا التقرير تأثير كبير في الحقل الصحافي، آنذاك، لأنه استعمل مفهوم المسؤولية الاجتماعية، واعتبر أن للصحافة وظائف أساسية، في تقديم معلومات وافية من خلال بحث وتدقيق، حول الأحداث اليومية، ضمن سياق واضح، وأن تكون منتدى للنقاش ولممارسة التعددية والحق في الاختلاف، وتنفتح على مختلف فئات المجتمع، بمساواة وإنصاف، وتتجنب الأفكار المسبقة والصور النمطية... ومن أشهر التقارير التي عرفتها، أيضا البلدان الديمقراطية، "تقرير ليفيسون"، الذي هو عبارة عن خلاصات تحقيق عام أجري في المملكة المتحدة بين عامي 2011 و2012، برئاسة القاضي براين ليفيسون، الذي كلفته الحكومة، بإنجاز افتحاص شامل حول ممارسة الصحافة ومدى التزامها بالأخلاقيات. ومن أهم توصياته؛ إنشاء هيئة جديدة مستقلة لتنظيم الصحافة، عبر تشريع قانوني، وتعزيز حماية الأفراد من انتهاكات الخصوصية ومن التشهير... وبناء على هذا التقرير تم اعتماد "ميثاق ملكي" للتنظيم الذاتي، صادق عليه البرلمان. ومازالت الأحزاب السياسية في هذا البلد تناقش الطرق المثلى الممكنة للتوصل إلى صيغة قانونية لتنفيذه، بالتوافق مع الناشرين. ويعتبر العديد من الباحثين في مجال الصحافة، أنه لا يمكن تصور الجودة في الصحافة، دون احترام أخلاقياتها، وحول هذا الموضوع، نظم منتدى الصحافة في الأرجنتين، ندوة دولية بمشاركة أكاديميين، صدرت في كتاب سنة 2007، تحت عنوان "صحافة الجودة: نقاشات وتحديات"، ناقش هذا الإشكال من مختلف جوانبه، وكانت خلاصته الرئيسية، أن الجودة والأخلاقيات وجهان لعملة واحدة. الجودة في البحث والتقصي وتدقيق المعلومات والتأكد من المعطيات، احترام الخصوصيات، الامتناع عن ممارسة السب والقذف، استعمال اللغة بشكل صحيح وراقٍ، تجنب الأخطاء اللغوية... ومن مصادر هذا الكتاب، البحث الذي نشرته الأستاذة الجامعية الإسبانية، المتخصصة في أخلاقيات الصحافة، صوريا كارلوس، تحت عنوان "الأمراض النفسية للأخلاقيات في المؤسسات الإخبارية"، حيث اعتبرت أن هناك أربعة أسباب تفرض الالتزام بأخلاقيات الصحافة؛ أولها، أن الأشخاص الذين يربحون قوت يومهم من خلال انتقاد الآخرين، تقع عليهم مسؤولية أن يكون تفكيرهم غير مثير للانتقاد، ثانيها، الاشتغال قليلا، بشكل رديء، بدون احترام القواعد والجودة المطلوبة، يشكل أول انتهاك للأخلاقيات، ثالثها، أن القانون وحده لا يكفي، فعلى المؤسسات أن تضع أنظمة داخلية لاحترام أخلاقيات الصحافة، رابعها، حتى تكون هناك مقاولات صحافية قوية وموحدة، عليها أن تتوفر على منظومة قيم، وثقافة أخلاقية مشتركة. إن كل حديث عن حرية الصحافة، دون استحضار شروط ممارستها، يظل مجرد شعارات فارغة، فبالإضافة إلى ضرورة العمل على توفير الإطار القانوني الذي يسمح بممارسة الحرية، فإن الأهم هو أن تلتزم الصحافة بالقواعد المهنية والمبادئ الأخلاقية، وتستند على منظومة القيم، المتعارف عليها عالميا في ميدان الصحافة، داخل إطار مؤسساتي قوي، وأنظمة داخلية يتم فيها تقاسم المسؤولية المشتركة، كل هذا لا يمكن أن يكون إلا في مقاولات صحافية مهيكلة بشكل محترف، تتوفر على إمكانات مادية وموارد بشرية، قادرة على تقديم منتوج يليق بمكانة الصحافة ويتجاوب مع متطلبات مسؤوليتها الاجتماعية.
ساحة

هرماس يسائل والي الجهة ووالي الامن.. هل أعلنتما انهزام السلطة أمام عربدة سائقي سيارات الأجرة؟
حسن هرماس السيدان الواليان المحترمان، كلما حللت بالمدينة الحمراء، التي امضيت فيها جزءا غير يسير من مساري المهني كصحافي، وارتبطت بها من الناحية الوجدانية والعائلية، إلا وشعرت بنوع من المرارة والأسى اتجاه بعض الممارسات المشينة التي تتغذى من مستنقع الفوضى والابتزاز، لدرجة أنني أصبحت أتخيل أن السلطات الأمنية والسلطات الولائية قدمتا معا استقالتها من ممارسة جزء من وظيفتها، وأعلنتا انهزامهما في مبارزة استأسد فيها "الخصم"، وما هو بخصم، وتجبر بلا حد ولا قيود. السيدان الواليان، أنا على يقين أنكما على بينة من العربدة والتجبر الذي عات بلا حدود في عدد من الأماكن المسموح فيها بتوقف سائقي سيارات الأجرة الصغيرة منها والكبيرة لنقل الركاب، مواطنين وسياحا، مغاربة وأجانب، نحو وجهاتهم، ومن ضمنها الساحة المحاذية لمحطة قطار مراكش، والساحة المواجهة لقنصلية فرنسا على مقربة من ساحة جامع لفنا...، ومبعث يقيني أنكما على علم بالأمر يستند إلى أن وظيفتكما الأساسية هي السهر على استتباب النظام والقانون، وتجسيد سلطة الدولة على أرض الواقع، وهذه المهمة الرهيبة، بمعناها الإيجابي، تستمدانها من الظهير الشريف ومن قرار تعيينكما في موقعي المسؤولية التي تتقلدانها.السيدان الواليان المحترمان، حللت بأرض البهجة ظهيرة يوم الإثنين 21 أبريل 2025، على متن رحلة قطار قادم الرباط، وأنا جد مزهو بنشوة اللقاءات التي جمعتني على مدى ثلاثة أيام مع الكتاب والإعلاميين والمثقفين في عاصمة المملكة بمناسبة الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب... ولا أخفيكما الإحباط والانكسار اللذين أصبت بهما وأنا أغادر محطة القطار باحثا عن سيارة أجرة تقلني اتجاه حي تاركة، حتى خيل إلى أنني في مغربين اثنين: مغرب الرباط حيث يشعر الإنسان بالاحترام والطمأنينة والحق في الخدمة العمومية المؤدى عنها، ومغرب مراكش الذي استأسد فيه، دون حسيب ولا رقيب، طغمة من منعدمي الضمير وقليلي الأخلاق ومحترفي المساومة والابتزاز ، وهم جزء ـ وليس كل ـ من سائقي سيارات الأجرة، ومنافسيهم الممارسين للمهنة خارج القانون. فخلال ثلاثة أرباع الساعة، بقيت "مشوجر" ، ( بتعبير أهل المدينة)، قبالة طابور من سيارات الأجرة المتوقفة، وبين الفينة والأخرى يأتي سائق السيارة مصحوبا بسائح (ين) أجنبي، ولا أحد غير السياح الأجانب، في هيئة تشي بأنه حصل على غنيمة، بينما يبدو السائح(ين)، وكأنهم "يساقون إلى المقصلة وهم ينظرون". بعدما تبين لي أن لا حظ لي في العثور على سيارة أجرة صغيرة في الموقف المجاور لمحطة القطار، على الرغم من أن عددا من السيارات ما تزال متوقفة في غياب السائقين الذين يترصدون "الهموز" داخل محطة القطار، توجهت نحو الشارع الذي يشكل امتداد لشارع محمد السادس، لعل سيارة أجرة مارة في نفس الاتجاه الذي أقصده تتوقف ... لكن دون جدوى. بل بمجرد ما أشرت على سيارة الأجرة الأولى حتى باغثني شخص بالسؤال عن وجهتي، سألته من أنت، قال لي :"طالب معاشو، عندي طاموبيلتي تنهز لبلايص"...، وأضاف قائلا: "راك غير كتضيع وقتك، ما غادي توقف ليك حتى طاكسي فهاد البلاصة"،اضطررت لأخبره عن وجهتى وهي "تاركة"، لأنني صاحب حاجة، قال لي 40 درهم... أتعرفان بماذا أجبته، سيداي الواليان؟ قلت لمن ادعى أنه "طالب معاشو": " ما عند الميت ما يدير قدام غسالو"، ورضخت للابتزاز.على امتداد المسار الرابط بين محطة قطار مراكش وحي تاركة، والذي اعتدت أن أؤدي مقابله 17 درهما عند العودة، تراءت لي مجموعة من الوقائع المشينة التي تخدش محيى مدينة البهجة، ومن ضمنها واقعة السائح الأجنبي الإنجليزي الجنسية الذي سبق له ، قبل شهور معدودة، أن تعرض للنصب من طرف سائق سيارة أجرة صغيرة بعدما حل بمطار مراكش المنارة، وهي الحادثة التي وثقها بالصوت والصورة، وتتبعها ملايين المشاهدين عبر العالم في قناته على اليوتوب.وإذا كان هذا السائح الأجنبي قد جهر بهذه الطريقة الفاضحة بتعرضه للظلم في بلد اسمه المغرب، له تاريخ ولديه ترسانة كبيرة من القوانين، وهو ما حز في أنفس حشد كبير من المغاربة مما اضطر السلطات إلى اتخاذ إجراءات تنظيمية وردعية للحيلولة دون تكرار فضيحة أخرى في مطار المنارة، فإن ما يقع في محيط محطة قطار مراكش، وعلى مقربة من ساحة جامع لفنا بشكل يومي، بل في كل ساعة وحين، لا يقل خطورة عن الواقعة السالف ذكرها، وهذا ما ينذر ـ لا قدر الله ـ بما هو أخطر وأفظع ما لم تتحرك السلطات الأمنية وسلطات ولاية مراكش للقيام بواجبها في فرض هبة الدولة وسيادة القانون. فاللهم هل بلغت، اللهم فاشهد.    
ساحة

محمد بنطلحة الدكالي يكتب: الروح الرياضية بالجزائر…داء العطب قديم
أمام الانتصارات المتتالية للدبلوماسية المغربية والنكسات والهزائم لجيران السوء،يبدو أن دولة العالم الآخر باتت تعيش أعراض الهلوسة والخرف،وهو داء عطب قديم إسمه" المروك". من بين الذكريات التي يتغنى بها حفدة الشهداء،واقعة كروية حدثت وقائعها في9 دجنبر1979 بين المغرب والجزائر،انتهت بفوزهم كما هو معلوم...ومنذ ذلك الحين والأبواق الإعلامية تكتب عن هذا" النصر" العظيم الذي مضت عليه46 سنة. ولأن مرض الهلوسة تزداد تهيؤاته بازدياد حدته،يبدو أن الكراغلة باتوا منذ الآن يترقبون مقابلة شباب قسنطينة أمام نهضة بركان المغربي. تطالعنا اليوم جريدة الشروق بمقال يحمل عنوان:" الرئيس تبون يحرص على مرافقة السياسي ودعمه في مواجهته ضد نهضة بركان المغربي"...! لقد أكد المقال أن زعيم الكراغلة سيتكفل بكامل مصاريف تنقل وإقامة ممثل الكرة الجزائرية في المغرب،علما أن وزير الشباب والرياضة،وليد صادي،وخلال حضوره مأدبة العشاء التي أقامها والي الولاية صيودة،كان قد نقل للنادي القسنطيني إدارة ولاعبين دعم رئيس الجمهورية ومساندته المطلقة للفريق في مواجهته أمام نهضة بركان...ومن ثمة ضمان تنشيط النهائي الإفريقي القادم ودخول التاريخ من بابه الواسع...! سبحان الله معشر الكراغلة،دخول التاريخ،شافاكم الله،يكون عبر الاختراعات والإنجازات،وتوفير لتر حليب وكسرة خبز لكل جائع،وذلك أضعف الإيمان. دخول التاريخ يكون عبر التلاحم والتآزر،لأننا دم واحد وتاريخ مشترك. أما وأنتم تشحنون المدرب خير الدين ماضوي وكأنه متوجه إلى ساحة الحرب،وتأمرون اللاعبين بوقرة ومداحي وكأنهما قائدا فريق مشاة...! إسمحوا لي أن أعترف،أني بت أشفق عليكم،وأدعو الله أن يتدبر أمر الحرارة المفرطةالتي تسكنكم. ونحن ندعو لكم بالشفاء معشر الكراغلة،نذكركم أنه وطوال التاريخ،ومنذ الحضارة الإغريقية التي عرفت ألعاب أثينا،ظلت الرياضة عنوانا للفرجة والتآخي والتعارف بين الشعوب لما تمثله من قيم إنسانية نبيلة،إنها تنشر السلام وتشجع على التسامح والاحترام وسمو الأخلاق،والرياضة بمعناها الصحيح ترفض أن تكون وسيلة لغاية أخرى لأنها منبع القيم السامية المثلى حين تنتصر الروح الرياضية. إننا نشفق عليكم،ونرثي لحالكم حين تعتبرون انتصارا صغيرا في كرة القدم عن طريق ضربات الحظ،عيدا وطنيا وملحمة بطولية،محاولين تهدئة الشارع الذي يعرف حراكا شعبيا. لقد ضاق الشعب الجزائري الشقيق درعا من ضيق العيش ومحنة الطوابير والرعب اليومي الجاثم على النفوس... الرياضة أخلاق وسمو إنساني نبيل...حاولوا أن تستفيقوا من غيكم،رغم أن داء العطب قديم... محمد بنطلحة الدكالي
ساحة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الثلاثاء 08 يوليو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة