جمعيات الآباء ما بين التنظير و الواقع – Kech24: Morocco News – كِشـ24 : جريدة إلكترونية مغربية
الثلاثاء 22 أبريل 2025, 17:04

ساحة

جمعيات الآباء ما بين التنظير و الواقع


كشـ24 نشر في: 28 يناير 2020

ذ. لحسن شافع : إطار تربوي.إن تجاوز إختلالات منظومة التعليم بالمغرب وتجويد خدماتها رهين باضطلاع الأسرة المغربية بأدوارها اتجاه المدرسة المغربية، باعتبارها المؤسسة التربوية الأولى للطفل، هذا ما خلصت إليه جميع المحاولات الإصلاحات لقطاع التعليم بالمغرب، وهو الأمر الذي عبر عنه مؤخرا القانون الإطار رقم 51.17 في دباجته، باعتباره وثيقة قانونية معبرة عن الرؤية الإستراتيجية للإصلاح 2015.2030. وباعتبار جمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ آلية وإطارا تتجلى من خلالها العلاقة ما بين الأسرة والمدرسة، سنحاول في هذه المقالة رصد أهم محطات هذه العلاقة، ومدى مساهمة جمعيات الآباء في تجويد الفعل التربوي من خلال ما بين أيدينا من وثائق قانونية وتنظيمية ودراسات مرتبطة بالموضوع.1 - المسار التاريخي لجمعيات أمهات وأولياء التلاميذباشرت الدولة منذ فجر الاستقلال إلى تأطير العلاقة بين الأسرة والمدرسة من خلال آلية " جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ"، إذ حاولت ضمان مساهمة الأسرة في تحسين مردودية المدرسة من خلال إشراكها في عمليات الإصلاح، فمن خلال تتبعنا لمراحل تطور علاقة الأسرة بالمدرسة نرصد مرحلتين مهمتين، الأولى همت تعميم هذه الجمعيات على المؤسسات التعليمية، حيث امتدت منذ استقلال البلاد إلى غاية إصدار الميثاق الوطني للتربية والتكوين سنة 1999 الذي شكل إصداره بداية مرحلة ثانية تميزت بتطوير وتثمين لأدوار جمعيات الآباء، في انتظار صدور نص تنظيمي خاصة بها كما نص على ذلك القانون الإطار رقم 51-17، حيث سيشكل إصدار هذا النص التنظيمي مرحلة جديد في العلاقة ما بين جمعيات الأباء والمدرسة.- المرحلة الأولى :التأسيس والتعميم (1960 _1999)سارعت الدولة ممثلة في وزارة التربية الوطنية إلى إصدار المنشور رقم 4325 بتاريخ 6 أبريل 1960 الذي تدعوا فيه إلى تأسيس جمعيات الآباء بالمدن والقرى في مختلف الأسلاك التعليمية، وقد جاءت هذه الدعوة بعد عامين فقط من صدور الظهير الشريف رقم 376-58-1 الذي بموجبه يتم تأسيس الجمعيات بالمغرب وذلك بتاريخ 27 فبراير 1958، والذي سيتم تأسيس جمعيات الآباء في إطاره على غرار باقي الجمعيات، لينطلق مسلسل تأسيس جمعيات الآباء كإطارات ينتظم فيها أباء وأمهات وأولياء التلاميذ. إلا أنه يبدو أن مسلسل التأسيس والتعميم قد طال أمده في ظل غياب تعاون مثمر ما بين الأسرة والمدرسة، الأمر الذي دعى الوزارة الوصية على التربية الوطنية إلى إصدار مذكرة وزارية بتاريخ 9 ماي 1991 تحت عدد 67 موقعة من طرف الوزير الطيب الشكيلي يدعو فيها إلى " تثمين التعاون ما بين الأسرة والمدرسة "، هذا التعاون الذي لن يتأتى إلا بإنهاء مسلسل تعميم جمعيات الآباء على كل المؤسسات التعليمية، لذا حثت وزارة التربية الوطنية مرة أخرى على تأسيس جمعيات الآباء في إطار قانون تأسيس الجمعيات للتواصل مع المدرسة المغربية من خلال مذكرة أخرى حملت رقم 28 بتاريخ 18 فبراير 1992، نفس الدعوة تكررت بتاريخ 17 مارس 1995 بإصدار المذكرة رقم 53 الموقعة من طرف الوزير عبد الإله المصدق التي حث فيها على تأسيس جمعيات الآباء مستحضرا أهميتها في إنجاح الحملات المنجزة من أجل الرفع من نسبة التمدرس.- المرحلة الثانية : تجويد أداء جمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ (2000_2015)ركزت وزارة التربية الوطنية في المرحلة الأولى على تحقيق تغطية عددية واسعة لجمعيات الآباء دون إيجاد ظروف مشجعة على ذلك، خاصة في يخص توفير وسائل العمل وشروط نجاح هذه الجمعيات في مهامها، وفي توفر آليات حقيقية لإشراكها في الفعل التربوي، حيث غابت طيلة الفترة الأولى النصوص التنظيمية التي تؤطر عمل هذه الجمعيات باستثناء المذكرة رقم 53 الصادر بتاريخ 17 مارس 1995 التي شكلت الاستثناء دون أن تجد مضامينها الطريق نحو التنزيل. لكن تفعيل مقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين الصادر سنة 1999 ميلادية شكل بداية مرحلة جديدة، حاسمة ومهمة في تاريخ جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ، حيث أعقبته صدور ترسانة مهمة من النصوص التنظيمية عززت من موقع هذه الجمعيات، ومن تلك النصوص والمذكرات الوزارية نجد :○ مذكرة رقم 56 بتاريخ 2 ماي 2002 همت تزويد مكاتب جمعيات الآباء بالمذكرات المرتبطة بالحياة المدرسية... ○ مذكرة رقم 80 بتاريخ 24 يونيو 2003: تدعو ولأول مرة إلى تأسيس جمعيات الآباء بالتعليم الخصوصي، والتذكير بدورها إنطلاقا من الميثاق الوطني الذي حث على إشراك جميع الفعاليات في العملية التربوية... ○ مذكرة رقم 3 بتاريخ 4 يناير 2006 والتي كانت من أهم المذكرات الصادرة في موضوع جمعيات الآباء، والتي تعتبر من النصوص المرجعية المؤطرة للعلاقة بين جمعية الآباء والمدرسة، حيث لامست جوانب عديدة في هذه العلاقة من خلال النقاط التالية: • التذكير بدور جمعيات الآباء من خلال الميثاق الوطني للتربية والتكوين: الذي اعتبرها محاورا وشريكا في تدبير شؤون المدرسة، مترجما ذلك من خلال تفعيل نصوص تنظيمية، وكذا إقرار تمثيلية هذه الجمعيات والمجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية، والمشاركة المباشرة في تسيير المدرسة من خلال العضوية في مجالس التدبير. • توسيع دور جمعيات الآباء : وذلك من خلال تعبئة الآباء والأمهات وأولياء التلاميذ قصد دعم المدرسة في تنفيذ المشاريع والبرامج التربوية، وتشجيع المرأة للانخراط في جمعيات الآباء، وتوعية الأسرة بحقوق الطفل ... • التطرق لالتزامات جمعيات الآباء: ومنها تأسيس جمعيات الآباء وتجديد مكاتبها التنفيذية، ونهج مبدأ الشفافية والديموقراطية في التسيير واحترام النصوص التشريعية أثناء انعقاد الجموع العامة، وضبط مالية الجمعية ... • مستلزمات الارتقاء بالأدوار الجديدة لجمعيات الاباء: من خلال تمكين هذه الجمعيات من جميع المعطيات المتعلقة بالدخول المدرسي، وتوزيع النصوص التشريعية والمذكرات وكل الوثائق المتعلقة بالحياة المدرسية، وتمكينها من صناديق للمراسلات وسبورة للإعلانات، ومقرات لعقد إجتماعاتها الرسمية أو التواصلية على أن لا يكون المقر الرسمي للجمعية بالمؤسسة، وما إلى ذلك من المستلزمات التي تطرقت لها المذكرة.اعتبرت الفترة التي أعقبت صدور الميثاق الوطني للتربية والتكوين فترة حاسمة ومنعطفا مهما في مسار جمعيات الآباء وفي علاقتها بالمدرسة المغربية، رغم استمرار تواجد معيقات واختلالات حالت دون تحقيق الأهداف المرجوة من تواجد هذه الإطارات الجمعوية، الاختلالات التي ستحاول تدابير الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 تجاوزها.2 - جمعيات أمهات وأباء وأولياء التلاميذ على ضوء الرؤية الاستراتيجية 2015-2030.قبل التطرق لما حملته الرؤية الاستراتيجية بخصوص جمعيات الآباء، نذكر أن دستور المملكة المغربية الصادر سنة 2011 حمَّل الأسرة والدولة على قدم المساواة مسؤولية تمتيع الطفل بحق التعليم الأساسي، فقد نص في المادة 32 بالحرف على أن " التعليم الأساس حق للطفل وواجب على الأسرة والدولة ". الأمر الذي زكى المسار الإيجابي والتقارب المهم ما بين الأسرة ممثلة في " جمعيات أمهات وأباء وأولياء التلاميذ " من جهة، والمدرسة المغربية من جهة أخرى، تقارب تُرجم عندما أُشركت هذه الجمعيات في بلورة التصور النهائي للرؤية الإستراتيجية من خلال اللقاءات التشاورية التي أفرزت في البداية التدابير ذات الأولوية التي انتهت أجرأتها سنة 2018. وقد نصت الرؤية الاستراتيجية من خلال تسع (9) تدابير على ضرورة إشراك الأسرة والجمعيات الممثلة لها في عدد من قضايا التربية والتكوين، وقد جاءت هذه التدابير على الشكل التالي:● التدبير رقم 7 (الرافعة:1 ) : الذي دعى لتحسيس الأسر بخطورة الانقطاع في سن مبكر. ● التدبير رقم 9 (الرافعة:2 ) : نص على جعل تعميم التعليم الأولي إلتزاما للدولة والأسرة. ● التدبير رقم 11 (الرافعة:3 ) : دعى لحفز جمعيات المجتمع المدني على تعميم التعليم في الأوساط القروية. ● التدبير رقم 90 (الرافعة:15 ) : دعى في إطار إرساء نظام الحكامة الترابية إلى مأسسة مشروع المؤسسة بتعاون مع أولياء التلاميذ ومحيط المدرسة. ● التدبير رقم 92 (الرافعة:15 ) : نص على تشجيع الشراكة ما بين الدولة والمؤسسات وجمعيات المجتمع المدني ذات الصلة. ● التدبير رقم 101 (الرافعة:18 ) : أكد على جعل قيم الديموقراطية والمواطنة الفاعلة خيارا إستراتيجيا على مستوى علاقة المؤسسة بالمحيط ومن ذلك تقوية الروابط المباشرة والتواصل المنتظم مع الأسر من خلال ممثلي الآباء والأمهات والأولياء، وإشراكهم في الفعل الثقافي والتدبيري، وكذا تعزيز الشراكات المؤسساتية مع الأسرة والجمعيات المدنية ... ● التدبير رقم 112 (الرافعة:22 ) : إعلان 2015/2030 مدى زمنيا لتعبئة وطنية من أجل تجديد المدرسة المغربية من قبل الدولة ... والأسرة والمجتمع المدني. ● التدبير رقم 114 (الرافعة:22 ) : دعى إلى إرساء آليات كفيلة بتمكين الأسر من التتبع اليقظ لأبنائها، ومواكبتهم... ، والإسهام المنتظم في العناية بالمدرسة، وفي تحقيق مشروع المؤسسة. ● التدبير رقم 115 (الرافعة:22 ) : نص على إشراك الأسرة في تدبير المؤسسة عبر تثمين دور جمعيات الآباء ... المدعوة بدورها لتجديد منهجيات عملها وتقوية تعاونها مع المؤسسة ... وكذا توفير فضاءات التنسيق والحوار. ● التدبير رقم 116 (الرافعة:22 ) : دعى هذا التدبير لإقامة " مدرسة أمهات الآباء وأولياء التلاميذ " من خلال تنظيم دورات تكوينية لفائدة أسر التلاميذ خاصة في: محاربة الامية، برامج التوعية، مساعدة الأسر على استعمال الوسائل الديداكتيكية...- القانون الإطار رقم 51-17 :تفعيلا لمقتضيات الرؤية الاستراتيجية التي أقرها صاحب الجلالة محمد السادس نصره الله، والتي دعت إلى تحويل إختياراتها الكبرى لقانون إطار يجسد تعاقدا وطنيا ملزما للجميع، صدر بالجريدة الرسمية عدد 6805 بتاريخ 17 ذو الحجة 1440 الموافق ل 19 أغسطس 2019 قانون إطار رقم 51-17 نص بدوره على ضرورة اضطلاع الأسرة والجمعيات الممثلة لها بأدوارها كاملة تجاه المدرسة المغربية، وقد ورد ذلك في عدد من المواد سواء بلفظ الأسرة أو بمسمى جمعيات الآباء:▪︎ الديباجة : جاء في دباجة القانون الإطار أن تحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص يستوجب الأستناد إلى مجموعة من الرافعات منها جعل التعليم الأولي إلزامية بالنسبة للدولة والأسر، ومواصلة الجهود الهادفة إلى التصدي للهدر والانقطاع المدرسيين، ووضع برامج تشجيعية لتعبئة وتحسيس الأسر بخطورة الانقطاع الدراسة عن سن مبكر. ▪︎ المادة 3 : من بين الأهداف التي تسعى منظومة التربية والتكوين إلى تحقيقها تعميم تعليم ذي جودة وفرض إلزاميته بالنسبة لجميع الأطفال في سن التمدرس، باعتباره حقا للطفل، وواجبا على الدولة وملزما للأسرة. ▪︎ المادة 6 : اعتبرت هذه المادة أن تحقيق أهداف المنظومة مسؤولية مشتركة بين الدولة والأسرة. ▪︎ المادة 19 : جاء فيها أن الولوج إلى التعليم المدرسي من قبل جميع الأطفال، إناثا وذكورا، البالغين سن التمدرس إلزامي، ويقع هذا الإلزام على عاتق الدولة والأسرة أو أي شخص مسؤول عن رعاية الطفل قانونيا. ▪︎ المادة 22 : نصت هذه المادة على ضرورة إصدار نص تنظيمي تحدد بموجبه قواعد اشتغال وأدوار ومهام جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ في علاقتها بمؤسسات التربية والتكوين.- ملامح النص التنظيمي المرتقب:جاء التنصيص على إصدار هذا النص التنظيمي في القانون الإطار رقم 51-17 (المادة 20) في إطار التدابير والإجراءات التي وجب على الدولة القيام بها من أجل تعميم التعليم الإلزامي بالنسبة لجميع الأطفال من ذلك تفعيل دور جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ في ترسيخ الصلات بين فضاءات التمدرس والأسر من أجل ضمان مواكبة المتعلمين أثناء الدراسة، وقد نص القانون الإطار في المادة 22 على أن يتم إصدار هذا النص التنظيمي في حدود 6 سنوات من تاريخ نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، وحسب تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي رقم 2019/6 فيتوجب على هذا النص التنظيمي أن يستحضر جملة من الأمور أهمها:▪︎ إستحضار خصوصية هذه الجمعيات وارتباطها بالسلطة الحكومية المكلفة بالتعليم المدرسي، مقارنة بغيرها من جمعيات المجتمع المدني. ▪︎ تحديد مفهوم الولاية على التلميذ(ة) أو أكثر وشروط ممارستها بالنسبة لغير الآباء والأمهات. ▪︎ إلزام المؤسسات عمومية كانت أم خاصة، بفسح المجال أمام إحداثها. ▪︎ مقتضيات تتعلق بطريقة تشكيلها وتنظيمها وتدبيرها، وتدقيق أدوارها ومهامها داخل المؤسسات التعليمية. ▪︎ توضيح علاقاتها، وتمويلها، وآليات دعمها من قبل الدولة والشركاء.سيكون إصدار وتنزيل هذا النص التنظيمي فرصة لتجويد أداء جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ في ظل الفراغ التشريعي الحاصل الان، لكن لن يتأتى ذلك إلا بنهج مقاربة تشاركية في إعداد هذا النص، وإدراج أكبر عدد من التوضيحات القانونية والتنظيمية التي تحتاجها الجمعيات لمزاولة عملها بالشكل المطلوب، وتجاوز الفراغ التنظيمي الذي يطغى على مجموعة من مداخل تدخل الأسر وممثليهم في المدرسة المغربية. وينتظر من هذا النص التنظيمي كذلك تجاوز الوضعية التي تعيشها هذه الجمعيات، والتي لا تتناسب مع الترسانة النظرية التي سبق لنا أن أشرنا إلى بعضها، فكيف كان أداء جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ طيلة مدة إشتغالها؟ وهل كان التنظير لها مترجما على أرض الواقع؟ هذه الأسئلة وغيرها سنحاول الإحاطة بها في الجزء الثاني من هذه المقالة إن شاء الله.****************** البيبلوغرافيا: - دستور المملكة المغربية الصادر سنة 2011. - الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015-2030، الصادر عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي. - التقرير رقم 2019/6 ، الصادر عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي. - القانون الإطار رقم 17.51، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 6805 بتاريخ 19 غشت 2019

ذ. لحسن شافع : إطار تربوي.إن تجاوز إختلالات منظومة التعليم بالمغرب وتجويد خدماتها رهين باضطلاع الأسرة المغربية بأدوارها اتجاه المدرسة المغربية، باعتبارها المؤسسة التربوية الأولى للطفل، هذا ما خلصت إليه جميع المحاولات الإصلاحات لقطاع التعليم بالمغرب، وهو الأمر الذي عبر عنه مؤخرا القانون الإطار رقم 51.17 في دباجته، باعتباره وثيقة قانونية معبرة عن الرؤية الإستراتيجية للإصلاح 2015.2030. وباعتبار جمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ آلية وإطارا تتجلى من خلالها العلاقة ما بين الأسرة والمدرسة، سنحاول في هذه المقالة رصد أهم محطات هذه العلاقة، ومدى مساهمة جمعيات الآباء في تجويد الفعل التربوي من خلال ما بين أيدينا من وثائق قانونية وتنظيمية ودراسات مرتبطة بالموضوع.1 - المسار التاريخي لجمعيات أمهات وأولياء التلاميذباشرت الدولة منذ فجر الاستقلال إلى تأطير العلاقة بين الأسرة والمدرسة من خلال آلية " جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ"، إذ حاولت ضمان مساهمة الأسرة في تحسين مردودية المدرسة من خلال إشراكها في عمليات الإصلاح، فمن خلال تتبعنا لمراحل تطور علاقة الأسرة بالمدرسة نرصد مرحلتين مهمتين، الأولى همت تعميم هذه الجمعيات على المؤسسات التعليمية، حيث امتدت منذ استقلال البلاد إلى غاية إصدار الميثاق الوطني للتربية والتكوين سنة 1999 الذي شكل إصداره بداية مرحلة ثانية تميزت بتطوير وتثمين لأدوار جمعيات الآباء، في انتظار صدور نص تنظيمي خاصة بها كما نص على ذلك القانون الإطار رقم 51-17، حيث سيشكل إصدار هذا النص التنظيمي مرحلة جديد في العلاقة ما بين جمعيات الأباء والمدرسة.- المرحلة الأولى :التأسيس والتعميم (1960 _1999)سارعت الدولة ممثلة في وزارة التربية الوطنية إلى إصدار المنشور رقم 4325 بتاريخ 6 أبريل 1960 الذي تدعوا فيه إلى تأسيس جمعيات الآباء بالمدن والقرى في مختلف الأسلاك التعليمية، وقد جاءت هذه الدعوة بعد عامين فقط من صدور الظهير الشريف رقم 376-58-1 الذي بموجبه يتم تأسيس الجمعيات بالمغرب وذلك بتاريخ 27 فبراير 1958، والذي سيتم تأسيس جمعيات الآباء في إطاره على غرار باقي الجمعيات، لينطلق مسلسل تأسيس جمعيات الآباء كإطارات ينتظم فيها أباء وأمهات وأولياء التلاميذ. إلا أنه يبدو أن مسلسل التأسيس والتعميم قد طال أمده في ظل غياب تعاون مثمر ما بين الأسرة والمدرسة، الأمر الذي دعى الوزارة الوصية على التربية الوطنية إلى إصدار مذكرة وزارية بتاريخ 9 ماي 1991 تحت عدد 67 موقعة من طرف الوزير الطيب الشكيلي يدعو فيها إلى " تثمين التعاون ما بين الأسرة والمدرسة "، هذا التعاون الذي لن يتأتى إلا بإنهاء مسلسل تعميم جمعيات الآباء على كل المؤسسات التعليمية، لذا حثت وزارة التربية الوطنية مرة أخرى على تأسيس جمعيات الآباء في إطار قانون تأسيس الجمعيات للتواصل مع المدرسة المغربية من خلال مذكرة أخرى حملت رقم 28 بتاريخ 18 فبراير 1992، نفس الدعوة تكررت بتاريخ 17 مارس 1995 بإصدار المذكرة رقم 53 الموقعة من طرف الوزير عبد الإله المصدق التي حث فيها على تأسيس جمعيات الآباء مستحضرا أهميتها في إنجاح الحملات المنجزة من أجل الرفع من نسبة التمدرس.- المرحلة الثانية : تجويد أداء جمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ (2000_2015)ركزت وزارة التربية الوطنية في المرحلة الأولى على تحقيق تغطية عددية واسعة لجمعيات الآباء دون إيجاد ظروف مشجعة على ذلك، خاصة في يخص توفير وسائل العمل وشروط نجاح هذه الجمعيات في مهامها، وفي توفر آليات حقيقية لإشراكها في الفعل التربوي، حيث غابت طيلة الفترة الأولى النصوص التنظيمية التي تؤطر عمل هذه الجمعيات باستثناء المذكرة رقم 53 الصادر بتاريخ 17 مارس 1995 التي شكلت الاستثناء دون أن تجد مضامينها الطريق نحو التنزيل. لكن تفعيل مقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين الصادر سنة 1999 ميلادية شكل بداية مرحلة جديدة، حاسمة ومهمة في تاريخ جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ، حيث أعقبته صدور ترسانة مهمة من النصوص التنظيمية عززت من موقع هذه الجمعيات، ومن تلك النصوص والمذكرات الوزارية نجد :○ مذكرة رقم 56 بتاريخ 2 ماي 2002 همت تزويد مكاتب جمعيات الآباء بالمذكرات المرتبطة بالحياة المدرسية... ○ مذكرة رقم 80 بتاريخ 24 يونيو 2003: تدعو ولأول مرة إلى تأسيس جمعيات الآباء بالتعليم الخصوصي، والتذكير بدورها إنطلاقا من الميثاق الوطني الذي حث على إشراك جميع الفعاليات في العملية التربوية... ○ مذكرة رقم 3 بتاريخ 4 يناير 2006 والتي كانت من أهم المذكرات الصادرة في موضوع جمعيات الآباء، والتي تعتبر من النصوص المرجعية المؤطرة للعلاقة بين جمعية الآباء والمدرسة، حيث لامست جوانب عديدة في هذه العلاقة من خلال النقاط التالية: • التذكير بدور جمعيات الآباء من خلال الميثاق الوطني للتربية والتكوين: الذي اعتبرها محاورا وشريكا في تدبير شؤون المدرسة، مترجما ذلك من خلال تفعيل نصوص تنظيمية، وكذا إقرار تمثيلية هذه الجمعيات والمجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية، والمشاركة المباشرة في تسيير المدرسة من خلال العضوية في مجالس التدبير. • توسيع دور جمعيات الآباء : وذلك من خلال تعبئة الآباء والأمهات وأولياء التلاميذ قصد دعم المدرسة في تنفيذ المشاريع والبرامج التربوية، وتشجيع المرأة للانخراط في جمعيات الآباء، وتوعية الأسرة بحقوق الطفل ... • التطرق لالتزامات جمعيات الآباء: ومنها تأسيس جمعيات الآباء وتجديد مكاتبها التنفيذية، ونهج مبدأ الشفافية والديموقراطية في التسيير واحترام النصوص التشريعية أثناء انعقاد الجموع العامة، وضبط مالية الجمعية ... • مستلزمات الارتقاء بالأدوار الجديدة لجمعيات الاباء: من خلال تمكين هذه الجمعيات من جميع المعطيات المتعلقة بالدخول المدرسي، وتوزيع النصوص التشريعية والمذكرات وكل الوثائق المتعلقة بالحياة المدرسية، وتمكينها من صناديق للمراسلات وسبورة للإعلانات، ومقرات لعقد إجتماعاتها الرسمية أو التواصلية على أن لا يكون المقر الرسمي للجمعية بالمؤسسة، وما إلى ذلك من المستلزمات التي تطرقت لها المذكرة.اعتبرت الفترة التي أعقبت صدور الميثاق الوطني للتربية والتكوين فترة حاسمة ومنعطفا مهما في مسار جمعيات الآباء وفي علاقتها بالمدرسة المغربية، رغم استمرار تواجد معيقات واختلالات حالت دون تحقيق الأهداف المرجوة من تواجد هذه الإطارات الجمعوية، الاختلالات التي ستحاول تدابير الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 تجاوزها.2 - جمعيات أمهات وأباء وأولياء التلاميذ على ضوء الرؤية الاستراتيجية 2015-2030.قبل التطرق لما حملته الرؤية الاستراتيجية بخصوص جمعيات الآباء، نذكر أن دستور المملكة المغربية الصادر سنة 2011 حمَّل الأسرة والدولة على قدم المساواة مسؤولية تمتيع الطفل بحق التعليم الأساسي، فقد نص في المادة 32 بالحرف على أن " التعليم الأساس حق للطفل وواجب على الأسرة والدولة ". الأمر الذي زكى المسار الإيجابي والتقارب المهم ما بين الأسرة ممثلة في " جمعيات أمهات وأباء وأولياء التلاميذ " من جهة، والمدرسة المغربية من جهة أخرى، تقارب تُرجم عندما أُشركت هذه الجمعيات في بلورة التصور النهائي للرؤية الإستراتيجية من خلال اللقاءات التشاورية التي أفرزت في البداية التدابير ذات الأولوية التي انتهت أجرأتها سنة 2018. وقد نصت الرؤية الاستراتيجية من خلال تسع (9) تدابير على ضرورة إشراك الأسرة والجمعيات الممثلة لها في عدد من قضايا التربية والتكوين، وقد جاءت هذه التدابير على الشكل التالي:● التدبير رقم 7 (الرافعة:1 ) : الذي دعى لتحسيس الأسر بخطورة الانقطاع في سن مبكر. ● التدبير رقم 9 (الرافعة:2 ) : نص على جعل تعميم التعليم الأولي إلتزاما للدولة والأسرة. ● التدبير رقم 11 (الرافعة:3 ) : دعى لحفز جمعيات المجتمع المدني على تعميم التعليم في الأوساط القروية. ● التدبير رقم 90 (الرافعة:15 ) : دعى في إطار إرساء نظام الحكامة الترابية إلى مأسسة مشروع المؤسسة بتعاون مع أولياء التلاميذ ومحيط المدرسة. ● التدبير رقم 92 (الرافعة:15 ) : نص على تشجيع الشراكة ما بين الدولة والمؤسسات وجمعيات المجتمع المدني ذات الصلة. ● التدبير رقم 101 (الرافعة:18 ) : أكد على جعل قيم الديموقراطية والمواطنة الفاعلة خيارا إستراتيجيا على مستوى علاقة المؤسسة بالمحيط ومن ذلك تقوية الروابط المباشرة والتواصل المنتظم مع الأسر من خلال ممثلي الآباء والأمهات والأولياء، وإشراكهم في الفعل الثقافي والتدبيري، وكذا تعزيز الشراكات المؤسساتية مع الأسرة والجمعيات المدنية ... ● التدبير رقم 112 (الرافعة:22 ) : إعلان 2015/2030 مدى زمنيا لتعبئة وطنية من أجل تجديد المدرسة المغربية من قبل الدولة ... والأسرة والمجتمع المدني. ● التدبير رقم 114 (الرافعة:22 ) : دعى إلى إرساء آليات كفيلة بتمكين الأسر من التتبع اليقظ لأبنائها، ومواكبتهم... ، والإسهام المنتظم في العناية بالمدرسة، وفي تحقيق مشروع المؤسسة. ● التدبير رقم 115 (الرافعة:22 ) : نص على إشراك الأسرة في تدبير المؤسسة عبر تثمين دور جمعيات الآباء ... المدعوة بدورها لتجديد منهجيات عملها وتقوية تعاونها مع المؤسسة ... وكذا توفير فضاءات التنسيق والحوار. ● التدبير رقم 116 (الرافعة:22 ) : دعى هذا التدبير لإقامة " مدرسة أمهات الآباء وأولياء التلاميذ " من خلال تنظيم دورات تكوينية لفائدة أسر التلاميذ خاصة في: محاربة الامية، برامج التوعية، مساعدة الأسر على استعمال الوسائل الديداكتيكية...- القانون الإطار رقم 51-17 :تفعيلا لمقتضيات الرؤية الاستراتيجية التي أقرها صاحب الجلالة محمد السادس نصره الله، والتي دعت إلى تحويل إختياراتها الكبرى لقانون إطار يجسد تعاقدا وطنيا ملزما للجميع، صدر بالجريدة الرسمية عدد 6805 بتاريخ 17 ذو الحجة 1440 الموافق ل 19 أغسطس 2019 قانون إطار رقم 51-17 نص بدوره على ضرورة اضطلاع الأسرة والجمعيات الممثلة لها بأدوارها كاملة تجاه المدرسة المغربية، وقد ورد ذلك في عدد من المواد سواء بلفظ الأسرة أو بمسمى جمعيات الآباء:▪︎ الديباجة : جاء في دباجة القانون الإطار أن تحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص يستوجب الأستناد إلى مجموعة من الرافعات منها جعل التعليم الأولي إلزامية بالنسبة للدولة والأسر، ومواصلة الجهود الهادفة إلى التصدي للهدر والانقطاع المدرسيين، ووضع برامج تشجيعية لتعبئة وتحسيس الأسر بخطورة الانقطاع الدراسة عن سن مبكر. ▪︎ المادة 3 : من بين الأهداف التي تسعى منظومة التربية والتكوين إلى تحقيقها تعميم تعليم ذي جودة وفرض إلزاميته بالنسبة لجميع الأطفال في سن التمدرس، باعتباره حقا للطفل، وواجبا على الدولة وملزما للأسرة. ▪︎ المادة 6 : اعتبرت هذه المادة أن تحقيق أهداف المنظومة مسؤولية مشتركة بين الدولة والأسرة. ▪︎ المادة 19 : جاء فيها أن الولوج إلى التعليم المدرسي من قبل جميع الأطفال، إناثا وذكورا، البالغين سن التمدرس إلزامي، ويقع هذا الإلزام على عاتق الدولة والأسرة أو أي شخص مسؤول عن رعاية الطفل قانونيا. ▪︎ المادة 22 : نصت هذه المادة على ضرورة إصدار نص تنظيمي تحدد بموجبه قواعد اشتغال وأدوار ومهام جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ في علاقتها بمؤسسات التربية والتكوين.- ملامح النص التنظيمي المرتقب:جاء التنصيص على إصدار هذا النص التنظيمي في القانون الإطار رقم 51-17 (المادة 20) في إطار التدابير والإجراءات التي وجب على الدولة القيام بها من أجل تعميم التعليم الإلزامي بالنسبة لجميع الأطفال من ذلك تفعيل دور جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ في ترسيخ الصلات بين فضاءات التمدرس والأسر من أجل ضمان مواكبة المتعلمين أثناء الدراسة، وقد نص القانون الإطار في المادة 22 على أن يتم إصدار هذا النص التنظيمي في حدود 6 سنوات من تاريخ نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، وحسب تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي رقم 2019/6 فيتوجب على هذا النص التنظيمي أن يستحضر جملة من الأمور أهمها:▪︎ إستحضار خصوصية هذه الجمعيات وارتباطها بالسلطة الحكومية المكلفة بالتعليم المدرسي، مقارنة بغيرها من جمعيات المجتمع المدني. ▪︎ تحديد مفهوم الولاية على التلميذ(ة) أو أكثر وشروط ممارستها بالنسبة لغير الآباء والأمهات. ▪︎ إلزام المؤسسات عمومية كانت أم خاصة، بفسح المجال أمام إحداثها. ▪︎ مقتضيات تتعلق بطريقة تشكيلها وتنظيمها وتدبيرها، وتدقيق أدوارها ومهامها داخل المؤسسات التعليمية. ▪︎ توضيح علاقاتها، وتمويلها، وآليات دعمها من قبل الدولة والشركاء.سيكون إصدار وتنزيل هذا النص التنظيمي فرصة لتجويد أداء جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ في ظل الفراغ التشريعي الحاصل الان، لكن لن يتأتى ذلك إلا بنهج مقاربة تشاركية في إعداد هذا النص، وإدراج أكبر عدد من التوضيحات القانونية والتنظيمية التي تحتاجها الجمعيات لمزاولة عملها بالشكل المطلوب، وتجاوز الفراغ التنظيمي الذي يطغى على مجموعة من مداخل تدخل الأسر وممثليهم في المدرسة المغربية. وينتظر من هذا النص التنظيمي كذلك تجاوز الوضعية التي تعيشها هذه الجمعيات، والتي لا تتناسب مع الترسانة النظرية التي سبق لنا أن أشرنا إلى بعضها، فكيف كان أداء جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ طيلة مدة إشتغالها؟ وهل كان التنظير لها مترجما على أرض الواقع؟ هذه الأسئلة وغيرها سنحاول الإحاطة بها في الجزء الثاني من هذه المقالة إن شاء الله.****************** البيبلوغرافيا: - دستور المملكة المغربية الصادر سنة 2011. - الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015-2030، الصادر عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي. - التقرير رقم 2019/6 ، الصادر عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي. - القانون الإطار رقم 17.51، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 6805 بتاريخ 19 غشت 2019



اقرأ أيضاً
محمد بنطلحة الدكالي يكتب: الروح الرياضية بالجزائر…داء العطب قديم
أمام الانتصارات المتتالية للدبلوماسية المغربية والنكسات والهزائم لجيران السوء،يبدو أن دولة العالم الآخر باتت تعيش أعراض الهلوسة والخرف،وهو داء عطب قديم إسمه" المروك". من بين الذكريات التي يتغنى بها حفدة الشهداء،واقعة كروية حدثت وقائعها في9 دجنبر1979 بين المغرب والجزائر،انتهت بفوزهم كما هو معلوم...ومنذ ذلك الحين والأبواق الإعلامية تكتب عن هذا" النصر" العظيم الذي مضت عليه46 سنة. ولأن مرض الهلوسة تزداد تهيؤاته بازدياد حدته،يبدو أن الكراغلة باتوا منذ الآن يترقبون مقابلة شباب قسنطينة أمام نهضة بركان المغربي. تطالعنا اليوم جريدة الشروق بمقال يحمل عنوان:" الرئيس تبون يحرص على مرافقة السياسي ودعمه في مواجهته ضد نهضة بركان المغربي"...! لقد أكد المقال أن زعيم الكراغلة سيتكفل بكامل مصاريف تنقل وإقامة ممثل الكرة الجزائرية في المغرب،علما أن وزير الشباب والرياضة،وليد صادي،وخلال حضوره مأدبة العشاء التي أقامها والي الولاية صيودة،كان قد نقل للنادي القسنطيني إدارة ولاعبين دعم رئيس الجمهورية ومساندته المطلقة للفريق في مواجهته أمام نهضة بركان...ومن ثمة ضمان تنشيط النهائي الإفريقي القادم ودخول التاريخ من بابه الواسع...! سبحان الله معشر الكراغلة،دخول التاريخ،شافاكم الله،يكون عبر الاختراعات والإنجازات،وتوفير لتر حليب وكسرة خبز لكل جائع،وذلك أضعف الإيمان. دخول التاريخ يكون عبر التلاحم والتآزر،لأننا دم واحد وتاريخ مشترك. أما وأنتم تشحنون المدرب خير الدين ماضوي وكأنه متوجه إلى ساحة الحرب،وتأمرون اللاعبين بوقرة ومداحي وكأنهما قائدا فريق مشاة...! إسمحوا لي أن أعترف،أني بت أشفق عليكم،وأدعو الله أن يتدبر أمر الحرارة المفرطةالتي تسكنكم. ونحن ندعو لكم بالشفاء معشر الكراغلة،نذكركم أنه وطوال التاريخ،ومنذ الحضارة الإغريقية التي عرفت ألعاب أثينا،ظلت الرياضة عنوانا للفرجة والتآخي والتعارف بين الشعوب لما تمثله من قيم إنسانية نبيلة،إنها تنشر السلام وتشجع على التسامح والاحترام وسمو الأخلاق،والرياضة بمعناها الصحيح ترفض أن تكون وسيلة لغاية أخرى لأنها منبع القيم السامية المثلى حين تنتصر الروح الرياضية. إننا نشفق عليكم،ونرثي لحالكم حين تعتبرون انتصارا صغيرا في كرة القدم عن طريق ضربات الحظ،عيدا وطنيا وملحمة بطولية،محاولين تهدئة الشارع الذي يعرف حراكا شعبيا. لقد ضاق الشعب الجزائري الشقيق درعا من ضيق العيش ومحنة الطوابير والرعب اليومي الجاثم على النفوس... الرياضة أخلاق وسمو إنساني نبيل...حاولوا أن تستفيقوا من غيكم،رغم أن داء العطب قديم... محمد بنطلحة الدكالي
ساحة

صرخة من قلب المهنة: الفوضى تُهين الإرشاد السياحي بمراكش
في سياق التحديات التي تعصف بمهنة الإرشاد السياحي في مراكش، يعرض هذا المقال وجهة نظر عدد من المرشدين السياحيين الذين يعانون من تدهور أوضاعهم المهنية بسبب ظواهر التسيب والتنظيم غير القانوني داخل القطاع. ومن المهم التنويه إلى أن ما يطرحه هذا المقال يعكس آراء مجموعة من المهنيين الذين يواجهون هذه التحديات بشكل يومي، وهذا نص المقال: "الانتسابات غير القانونية، المنافسة الفوضوية، وتواطؤ الصمت... من يُنقذ كرامة المرشدين؟ الوضع لم يعد يحتمل. مهنة الإرشاد السياحي، التي لطالما كانت واجهة حضارية للمغرب، تتعرض اليوم في مراكش لتشويه ممنهج، وسط تراخٍ واضح من السلطات المحلية والمركزية، وصمت مريب من الهيئات المهنية والتنظيمية. منذ سنوات، والمرشدون النظاميون يرفعون الصوت في وجه ظاهرة تتفشى في الخفاء: مرشدون غير مُعيّنين في المدينة يحصلون على انتساب غير قانوني داخل جمعية مهنية محلية، ويزاولون عملهم بشكل حرّ، ضاربين عرض الحائط بقوانين التعيين والتنظيم. القانون يُنتَهك والمهنة تنهار ما يجري ليس فقط خرقًا إداريًا، بل تقويض لمبادئ العدالة المهنية. المرشدون غير المعينين في مراكش يتعللون بأن القانون يمنحهم هذا الحق، مستندين إلى تأويلات شخصية تخدم مصالحهم، دون اعتبار للواقع القانوني أو الإداري، في وقت يُقصى فيه المرشدون الملتزمون ويُجبرون على تقبل التهميش. كرامة المرشد تُباع في سوق الأسعار تدهور آخر يسجله المهنيون يتمثل في اشتعال حرب أسعار مدمرة، حيث يعمد بعض المرشدين إلى خفض تسعيرتهم بشكل مبالغ فيه، ما يؤدي إلى ضرب جودة الخدمات في العمق، والإضرار بسمعة المدينة لدى السياح. "عندما يتحول المرشد إلى بائع خدمة رخيصة، فإن التفاعل، والمعلومة، والاحترافية تكون أولى الضحايا"، يقول أحد المرشدين المحليين. جمعيات متهمة... وسلطات غائبة عدد من الأصوات داخل القطاع تتهم بعض الجمعيات بالتواطؤ، حيث تُمنح بطاقات الانتساب بشكل غير قانوني، وأحيانًا مقابل مبالغ مالية، دون احترام لشروط التعيين الترابي ولا ضوابط المزاولة. المرشدون يطالبون اليوم بتحقيق رسمي في هذه الانتسابات، ومساءلة الجهات التي تغضّ الطرف عن هذه الفوضى، والتي تهدد المهنة من الداخل. السياحة تتطور... والمهنة تتآكل في وقت تتغير فيه تطلعات السياح نحو تجارب غنية، وتفاعلية، ومستدامة، يواجه المرشدون الملتزمون خطر الإقصاء على يد فوضى تنظيمية تُفرّغ المهنة من معناها وقيمتها الثقافية. المرشدون يطالبون بالتحرك... الآن! دعوات متصاعدة لإيقاف النزيف: فتح تحقيق عاجل في الانتسابات العشوائية؛ توقيف غير الملتزمين بالتعيين الرسمي؛ إصلاح جذري لهياكل الجمعيات المهنية؛ وتدخل فعلي لوزارة السياحة وولاية الجهة قبل فوات الأوان."
ساحة

“الحق المهني المسلوب”: من يُسكت صوت المرشدين السياحيين؟
في قطاع يُعدّ من الركائز الأساسية للاقتصاد المحلي والوطني، يجد مئات المرشدين السياحيين بجهة مراكش-آسفي أنفسهم في مواجهة تحديات مهنية وإدارية متزايدة. وسط غياب آليات فعالة لحماية حقوقهم، تتعالى أصواتهم مطالبة بالإصلاح، لكن هل من مجيب؟ هذا المقال يعكس انشغالات مجموعة من المهنيين الذين يرون أن الممارسات التنظيمية الحالية تُقصيهم بدل أن تدمجهم، ويطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل المهنة، وهذا نص المقال:"في قلب القطاع السياحي بمراكش-آسفي، يعيش مئات المرشدين حالة من التهميش الممنهج، في ظل تراكم ممارسات إدارية وتنظيمية غير متوازنة، وغياب الآليات الفعالة التي تضمن العدالة المهنية. الوضع الحالي يفرض علينا طرح أسئلة جريئة: من يُراقب؟ من يُحاسب؟ ومن يُنصف من لا صوت له؟جمعية في وضعية مخالفة... بلا محاسبةللسنة الثالثة على التوالي، لم تعقد الجمعية الجهوية للمرشدين السياحيين أي جمع عام، ولم تُعرض أي تقارير مالية أو أدبية، ومع ذلك تواصل تحصيل واجبات الانخراط، وتسليم الشهادات وكأن شيئاً لم يكن.أين دور المراقبة؟ من يتحمل مسؤولية تفعيل آليات الشفافية الداخلية؟ أليس استمرار هذا الوضع يمثل خرقاً لمبادئ الحكامة المهنية؟التكوين الرقمي: برنامج غير منصف لفئة واسعةفرض شهادة التكوين الرقمي ضمن وثائق تجديد الاعتماد جاء بهدف التأهيل، لكنه لم يُرفق، حسب عدد من المهنيين، بآليات واقعية لضمان مشاركة حقيقية ومتساوية، مما خلق شعوراً بالإقصاء لدى شريحة واسعة من المرشدين:مشاركات شكلية أو بالنيابة.غياب دعم فعلي للفئات غير المتمكنة من التكنولوجيا.شهادة تُمنح دون تأكيد فعلي لاكتساب المهارات.النتيجة؟ تكوين تحوّل إلى عبء إداري لا يراعي خصوصية الميدان.تجديد الرخصة: منطق الورق أم منطق الكفاءة؟المرشدون يقدمون ملفاتهم كاملة، لكن العديد منهم يُدرك أن ما يُطلب ليس بالضرورة انعكاساً حقيقياً للخبرة أو القدرة. شهادات انخراط صادرة عن جمعيات غير مفعلة تنظيمياً، وشهادات تكوين دون مضمون فعلي، فهل هذه مؤشرات تأهيل حقيقية؟ أم مجرد إجراء شكلي؟الشهادة الطبية: سؤال حول العدالة المهنيةيشكل شرط الشهادة الطبية عائقاً أمام عدد من المرشدين الذين يعانون من أمراض مزمنة أو حالات صحية مؤقتة. فهل العجز المؤقت أو الإعاقة الخفيفة تعني بالضرورة عدم الأهلية؟ وهل من العدل أن يُقصى شخص فقط لأنه يخضع لعلاج منتظم أو يعيش مع إعاقة بسيطة لا تمنعه من أداء مهامه؟الضمان الاجتماعي: بين التعقيد والإجحافيعاني عدد من المرشدين السياحيين من صعوبات متزايدة في تسوية وضعيتهم مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في ظل غياب مواكبة فعلية تأخذ بعين الاعتبار طبيعة عملهم المستقل وغير المنتظم. ومن أبرز الإشكالات المطروحة:تعقيد مساطر الانتظام وتسديد المستحقات القديمة.تراكم مبالغ يصعب سدادها دفعة واحدة.وجود اقتطاعات بنكية غير دقيقة في بعض الحالات.تعرض المرشدين مزدوجي الجنسية لأداء مزدوج للواجبات دون تنسيق واضح بين الدول.هذا الوضع يُفاقم الهشاشة الاجتماعية للمرشدين، ويُفرغ التغطية الاجتماعية من مضمونها، ويُرسخ الإقصاء بدل الإدماج.مطالب مهنية ملحةافتحاص إداري ومالي للجمعية الجهوية ضماناً للشفافية.مراجعة آليات استخراج شهادات التكوين والانخراط.تيسير شروط الشهادة الطبية بشكل إنساني وعادل.فتح حوار مهني موسع لتصحيح المسار التنظيمي دون توتر أو صدام.رسالة مفتوحة لكل ضمير مهنيهذا المقال ليس مجرد وصف لاختلالات مهنية، بل هو نداء صادق يلامس كرامة كل مرشد سياحي. لسنا بصدد مطالب تعجيزية، بل نطالب فقط بما يضمن الاستمرارية في العمل بكرامة: تنظيم شفاف، تمثيلية شرعية، تكوين فعلي، وحماية اجتماعية عادلة.لقد طال الصمت، وكثُر التغاضي، وحان الوقت لنُعيد للمهنة صوتها ومكانتها. صوت المرشد ليس هامشيًا... إنه صوت الثقافة، والتاريخ، والانتماء."
ساحة

يونس مجاهد يكتب: مصداقية الخبر وطُعم النقرات
موضوع مصداقية الأخبار ليست جديدا في ثقافتنا، بل إنه متجذر فيها، وهناك مرجعيات كثيرة تحيلنا على الأهمية القصوى التي أوليت للفرق بين الخبر الصادق والخبر الكاذب في تراثنا، و لا أدل على ذلك من الآية الكريمة " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ". فالعودة لهذه المرجعيات سيكون مفيدا في مقاومة المد الجارف للتضليل والأخبار الملفقة والإثارة الرخيصة، التي يسعى تجار شبكات التواصل الاجتماعي إلى جعلها وسيلة للتشهير والإساءة، ومصدر اغتناء، غير عابئين بالقيم النبيلة التي من المفترض أن نتقاسمها كمجتمع. إن العودة إلى مرجعيتنا الحضارية والثقافية كفيل بأن يساهم إلى حد كبير في توفير وسائل وأدوات مقاومة الإتجار الرخيص في حرية التعبير، ففي مقدمة ابن خلدون التي أسست لعلم العمران البشري، هناك تدقيق مذهل لضرورة التمحيص في الأخبار، حيث يقول إنه من الضروري التمحيص والنظر في الخبر، حتى يتبين صدقه من كذبه، لأن الابتعاد عن الانتقاد والتمحيص يقع في قبول الكذب ونقله. ويضيف أن من الأسباب المقتضية للكذب في الأخبار، أيضا، الثقة بالناقلين، وتمحيص ذلك يرجع إلى التعديل والتجريح. ومنها الذهول عن المقاصد، فكثير من الناقلين لا يعرف القصد بما عاين أو سمع، وينقل الخبر على ما في ظنه وتخمينه، فيقع في الكذب. إن ابن خلدون، الذي سبق عصره، يتحدث هنا عن مصادر الأخبار، التي يعتبر أنه من غير الممكن تصديق ما تنقله بدون إعمال العقل النقدي. وهو من صميم العمل الصحافي، حيث أن التأكد من مصادر الأخبار ومدى مصداقيتها، هو جوهر المهنة، وهو أيضا ما يدرس اليوم في التربية على الإعلام، إذ أن أهم مبدأ يوصى به هو عدم تصديق أي "خبر"، إلا بعد التأكد من المصادر، أولا، ثم التمحيص والنظر في هذا الخبر، كما يقول ابن خلدون، ثانيا، لغربلته وإخضاعه للعقل والمنطق. وفي هذا الإطار، تؤكد التجربة، أنه لا يمكن للمجتمعات أن تستغني عن الصحافة المهنية، في تداول الأخبار، لأنها تكون صادرة عن صحافيين محترفين، يتوفرون على تكوين وخبرة ومستوى علمي، والأهم من ذلك، أنهم يشتغلون في بيئة صحافية، أي ضمن هيئة تحرير وميثاق أخلاقيات وقواعد العمل الصحافي. ولا يمكن لشبكات التواصل الاجتماعي أوما يسمي ب"المؤثرين"، أن تعوض العمل الصحافي الاحترافي، بحجة أنها "صحافة مستقلة"، فليس هناك إلا صحافة واحدة، إما أن تكون احترافية موضوعية وذات مصداقية، تعمل طبقا لأساسيات مهنة الصحافة وتقاليدها، أو لا تكون. الصحافي الحقيقي، كالمؤرخ، يقول عبد الله العروي، في كتابه "مفهوم التاريخ"، إذ يعتبر أن العديد من الملاحظين يشبهون الصحافي بالمؤرخ، فيقال إن الأول مؤرخ اللحظة، بينما الثاني صحافي الماضي، كلاهما يعتمد على مخبر، وكلاهما يؤول الخبر ليعطيه معنى، الفرق بينهما هو المهلة المخولة لكل واحد منهما، إذا ضاقت تحول المؤرخ إلى صحافي، وإذا عاد الصحافي إلى الأخبار وتأملها بعد مدة تحول إلى مؤرخ، أما إشكالية الموضوعية وحدود "إدراك الواقع كما حدث"، فهي واحدة بالنسبة لهما معا. والمقصود هنا، حسب العروي، هو أن كلا من الصحافي والمؤرخ، عليهما تحري الدقة في الأخبار والحوادث المنقولة، واعتماد المصادر الموثوقة، مثل التغطية الميدانية وشهود العيان أو معايشة الأحداث، بالإضافة إلى الوثائق والآثار الدالة على ما حصل... هذه هي الصحافة المستقلة، عن التلفيق والكذب والإثارة المجانية واستجداء عدد النقرات. ويعتبر اليوم "طُعم النقرات "clickbait، من الآفات الكبرى التي أصابت الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبح العديد ممن يسعون إلى تحقيق الأرباح، بأية وسيلة، اللجوء إلى تشويه الحقيقة وتقويض القيم الصحفية التقليدية، مثل الدقة والموضوعية والشفافية، همهم الوحيد هو الدخول في مهاترات وجدل عقيم، و اعتماد عناوين مثيرة، و كتابة أو بث كل ما يمكن أن يثير الفضول بدون معنى أو محتوى و بدون مصدر موثوق، كتاباتهم أو احاديثهم تتضمن تناقضات كثيرة، لكن كل ذلك يهون، بالنسبة لهم، أمام ما يمكن أن يحققونه من مداخيل. لذلك رفعت العديد من التنظيمات الصحافية في تجارب دولية، شعار؛ "لا تنقر"، أي تجنب طُعم الإثارة التجارية الرخيصة، التي تشوه الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي.
ساحة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الثلاثاء 22 أبريل 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة