ساحة

تكناوي يكتب: سيكولوجية الإبداع عند المريض النفسي


كشـ24 نشر في: 17 مايو 2016

"مشكلة المبدع هي بحثه عن الخلود، كل مبدع يرُيد أن يخلّده التاريخ"
كثيرة هي الدراسات التي تصدت لمسالة الابداع وقليل منها حاولت الربط بين المبدعين او الابداع والاضطرابات النفسية. وتعتقد الأديبة والشاعرة اللبنانية جمانة حداد أن هناك دلائل قوية على وجود علاقة بين العبقرية الإبداعية والأزمات النفسية وتستدل على ذلك في مؤلفها القيم الموسوم ب " سيجئ الموت وستكون له عيناك" وهو دراسة ميدانية توصلت من خلالها إلى أزيد من 150 مبدعا من جنسيات مختلفة و من حقول معرفية متعددة أودعوا مصحات نفسية بسبب اضطراباتهم النفسية من بينهم في الموسيقى، هاندل وهكتور برليوز وروبرت شومان والرسام دانتي جابريل والكاتب المسرحي اونيل ومن الكتاب بلزاك وراسكين وارنست همنجواي و سكوت وتشارلز لام وغيرهم بل أن بعض من هؤلاء قد رشحوا لجوائز أدبية ذائعة الصيت، كما قادت الاضطرابات النفسية والوجدانية كثير منهم إلى الانتحار وتسرد الشاعرة جمانة حداد هنا كمثال الشاعر البرتغالي«ماري دي ساو كارنيرو»، الذي انتحر وله من العمر 26 عاماً عن طريق تجرّع السم.والروائي الأمريكي الشهير أرنست همنجواي الذي وفي إحدى نوبات كآبته أمسك بندقية صيد وأطلق النار على رأسه. 

ومساهمة منها في استجلاء العلاقة بين الإبداع والصحة النفسية والاطلاع على عمق وكنه الرؤى والتصورات المختلفة والمتنوعة والغوص في أعماقها لاستحضارها كأرضية وإستراتيجية لمحاصرة كثير من التمثلات السلبية عن المرض النفسي، نظمت جمعية شمس تانسيفت للصحة النفسية بتعاون مع نادي اليونسكو ودعم من المجلس الجماعي لمراكش نهاية الاسبوع الماضي. حلقة حوارية علمية تحت عنوان "سيكولوجية الإبداع عند المريض النفسي؛ الفنان التشكيلي عباس صلادي نموذجا" .

وفي افتتاح هذه الندوة العلمية تطرق اسماعيل زوريق رئيس اتحاد كتاب المغرب فرع مراكش إلى التجربة الباذخة للفنان التشكيلي المراكشي عباس صلادي الذي عانى من أزمات واضطرابات نفسية جعلته يتردد كثيرا على مستشفى الرازي للأمراض النفسية. وفي هذا المكان استطاع إبداع عوالم تشكيلية استلهمها من الذاكرة الشعبية خصوصا طقوسها الاحتفالية، والتي من خلالها أيضا حاول التعبير عن ألامه النفسية الداخلية وألم الإقصاء والتهميش والفقر، ولم يكن يريد من تلك اللوحات التي أبدعها سوى بعض الدراهم ليقتات منها ويسد رمق العيش ولم يكن يخطر بباله أن أعماله بعد وفاته سنة 1992، ستعانق العالمية وستباع إحدى لوحاته في معرض دولي بأزيد من خمسة ملايين درهم . لوحة "لهدية" للفنان صلادي والتي بيعت ب 5 ملايين درهم

ومن بين اقوى لحظات هذه الحلقة العلمية تدخل الدكتور عبد الرحمان أيت يحيا أخصائي نفساني بالمركز ألاستشفائي الجامعي محمد السادس بعرض حول "سيكولوجيا الابداع" حاول من خلالها ملامسة مختلف الجوانب النفسية للإبداع ابتداء من الدوافع والآليات المعرفية المكتسبة إلى الرغبات اللاشعورية في الابداع. ويؤكد المتدخل ايت يحيا أن الفكرة المتداولة بكون عملية الابداع الفني ما هي إلا نتاج الأمراض النفسية ليست وليدة اليوم فقد كانت فكرة ملحة ومتكررة في الثقافة الغربية وأشار إليها عدد من الكتاب والأطباء النفسيين المعاصرين، ويعتقد أن أبرز الجوانب الايجابية في الاضطرابات النفسية هو الجانب الإبداعي، ويستطرد أن هناك عدد من الفنانين والمبدعين لم يقوموا بأي جهد للبحث عن علاج لهم لاعتقادهم بوجود علاقة بين هوسهم وبين قدراتهم الابداعية ويرى ذلك منطقيا ففي ذروة ازماتهم ومعاناتهم النفسية كانوا يشعرون بالقدرة والحماس وتتملكهم روح إبداعية عالية، وفي سياق تحليل لمفهوم المرض النفسي ابرز ايت يحيا ان سلوك المريض النفسي يتضمن الاضطرابات الانفعالية العصبية ومنها القلق والمخاوف المرضية والهستريا والاكتئاب والاضطرابات العضوية ذات المصدر النفسي، مشددا على انه لا يمكن عزل المبدع الذي يعاني من سلوك مرضي نفسي عن طريق تفكيره ويرصد بعض أساليب التفكير التي تسهم في صنع الاضطراب كالتعميم وعزل الأشياء عن سياقها والتهويل والتاويل الشخصي.

كما تميزت هاته الحلقة الحوارية التي استمتع الحاضرون فيها بغنى ودسامة فقراتها حيث كانت الاهتمامات المعبر عنها مختلفة والمقاربات متعددة، فعلى مستوى المقاربات نجد أن المقاربة النفسانية والسيكولوجية احتلت حيزا مهما، تدخلات الاساتذة عائشة بلعربي وعبد الرحمان أيت يحيا وأسماء مجاهدي، على أن التساؤلات ذات البعد التوثيقي والتربوي والبيداعوجي طبعت مداخلة كل من اسماعيل زرويق رئيس فرع اتحاد كتاب المغرب والكاتب جمال أماش المفتش التربوي.

و هذه الورقة قد لا تعكس عمق وتشعب القضايا والتصورات التي طرحها موضوع هذه الحلقة العلمية ولكنها حاولت إعطاء فكرة عامة حول ما أثير فيها من تصورات واقتراحات. تندرج في هذا الإطار اي تغيير التمثلات السلبية والصورة النمطية حول المرض النفساني وتداعياته السلبية المقترنة بالإقصاء والنبذ والتهميش خاصة حين يتعلق الأمر بمبدعين.و يرى العديد من الاختصاصيين والباحثين ان العديد من الفنانين والمبدعين الذي كانوا يعانون من اضطرابات نفسية لم يقومو بأي جهد

ومن المعروف أن هناك ارتباط بين الصحة النفسية والإيداع فصفحات التاريخ حبلى بنماذج عديدة من مبدعين عانوا من اضطرابات نفسية حيث عاشوا حياة بائسة ملؤها العذاب والألم. فمؤلف الشاعرة اللبنانية جمانة حداد الموسوم ب " سيجيئ الموت وستكون له عيناك" أحصت أكثر من 150 أديبا من مختلف العصور ومن جنسيات متعددة كان القاسم المشترك بينهم هو الاضطرابات النفسية والتي أدت ببعضهم إلى الانتحار. وقد تتبع اشغال هذه الندوة العلمية أساتذة وباحثين من حقول معرفية مختلفة وكانت المقاربات متعددة.

وفي مستهل هذه الندوة حرص اسماعيل زوريق رئيس اتحاد كتاب المغرب فرع مراكش على تقديم نبذة عن حياة الفنان التشكيلي المراكشي عباس الصلادي الذي رأى النور بمدينة مراكش في بداية الخمسينات والذي

ولد عباس صلادي بمراكش، بمدينة "سبعة رجال"، سنة 1950، في أسرة متواضعة تقطن بجوار سيدي بلعباس. أرسلته أمه بعد وفاة والده، وهو في سن الرابعة، إلى الدار البيضاء عند أحد أعمامه. كان عمه هذا يملك مقهى في المدينة القديمة، سرعان ما أدخل إليه الطفل لمساعدته. فقدر اليتيم الحزن حتى ولو كان بين ظهراني عائلته الكبيرة. رغم العمل المضني في المقهى، فقد تمكن الطفل عباس من إنهاء دراسته الإعدادية بنجاح. غير أن أباريق الشاي وكؤوس القهوة، وما تفرضه طقوس العمل عند عمه أجبرته على ترك مقاعد المدرسة للتفرغ لرغبات الزبائن العابرة. لكن عناد الفقراء لن تكسره رتابة الحياة اليومية، حيث ثابر عباس على التعلم الليلي حتى حصل على الباكالوريا كمرشح حر. كان هذا في بداية السبعينيات، إذ حصل صاحبنا على منحة سمحت له بولوج شعبة الفلسفة، برحاب كلية الآداب بالرباط. انطوى صلادي على نفسه في دوامة عالم طلابي، كان محركه النضال اليساري، والصراع الطبقي الحاد. بعد نجاحه في السنة الأولى، ركبته "قوى الجان" فأربكت سنته الثانية. صارت أزماته النفسية تزداد يوما عن يوم إلى أن انتهى به هذا العالم الآخر إلى مستشفى الرازي للأمراض النفسية. كان أول ما طلبه من أمه، عندما زارته لأول مرة: أقلاما وورقا. بدأت القوى التي تزوبعه تخرج علامات على الورق، بل رسوما عجيبة أذهلت طاقمه الطبي. هنا، بدأت تخف أزماته الحادة لتأخذ شكل عوالم تشكيلية، تغلب عليها كائنات هي عبارة عن حيوانات بشرية ونساء وأشجار .

عقد في بيروت ورشة عمل عن «الابداع والصحة النفسية» شارك فيها كل من الروائي اللبناني الدكتور رشيد الضعيف، أستاذ الادب العربي في الجامعة اللبنانية الامريكية في بيروت، والشاعر والروائي عباس بيضون والروائي اللبناني حسن داود، ومن السعودية الروائي محمد المزيني، وأدار ورشة العمل هذه الروائي والطبيب النفسي الدكتور إبراهيم الخضير، وشارك إضافة إلى الدكتور الخضير أطباء نفسيون منهم الدكتورة بسمة عبدالعزيز، وهي كاتبة قصة قصيرة وطبيبة نفسية مصرية، وكذلك الدكتور فيصل يونس وهو استاذ علم النفس مصري ومدير المركز القومي للترجمة في القاهرة. 

ومن المعروف أن هناك ارتباط بين الصحة النفسية والابداع، حيث إنه منذ قديم الزمن، عانى كثير من المبدعين من اضطرابات نفسية من أجل ذلك قرار اقامة ورشة عمل بشكلٍ بسيط ليتحدث المبدعين والمختصين عن رأيهم في الابداع والمرض النفسي أو الصحة النفسية. وكما هو معروف أن إصابة المبدعين بالاضطرابات النفسية والعقلية أمر ليس سهلاً، فكثير منهم يعيش حياة بائسة ملؤها العذاب والالم، ما حدا بعدد لا يُستهان به أن يُنهي حياته!. 

من أجل ذلك كتبت الشاعرة اللبنانية جمانة حداد، كتاباً عن الشعراء الذين انتحروا، كان الكتاب عنوانه «سيجئ الموت وستكون له عيناك»، وجمعت حوالي 150 أديباً من مختلف العصور ومن جنسيات متعددة كان القاسم المشترك بينهم هو الانتحار.. انتحر أكثر من 150 شاعراً، هذا العمل لا يجب أن يمر ببساطة فثمة أمر وراء انتحار هذا العدد الكبير من الشعراء الذين أكثرهم كان يُعاني مرضا أو اضطرابا نفسيا. شاعر مثل البرتغالي «ماري دي ساو كارنيرو»، الذي انتحر وله من العمر 26 عاماً عن طريق تجرّع السم. نحن لسنا مع الانتحار ولكن أمام ظاهرة تستحق الدراسة في اصابة المبدعين بالأمراض النفسية والعقلية التي قد تقود إلى الانتحار. الروائي الأمريكي الشهير أرنست همنجواي الذي كان يعاني اضطرابا وجدانيا ثنائي القطب وفي إحدى نوبات كآبته أمسك بندقية صيد وأطلق النار على رأسه ليسقط ميتاً في منزله. 

أديب أمريكي آخر انتحر عام 1985م، هو بيورك الذي ترك عدداً كبيراً من المخطوطات لروايات لم يتم نشرها، وأشار الباحثون إلى أن الروايات والكتابات أنها تتمتع بتوّهج كلما اقتربت حالة الفصام عنده أو كان خارجاً للتو من نوبة فصامية. 

أعداد كبيرة من المبدعين الذين كانوا يعانون اضطرابات نفسية ولم يمنعهم هذا الاضطراب النفسي من ممارسة الابداع وممارسة حياتهم بشكل عادي. 

وقد استهل الدكتور إبراهيم الخضير الورشة قائلاً: أشكر للجميع الحضور لورشة العمل هذه، التي سوف تكون عبارة عن مناقشة علاقة المبدع بالمرض أو الاضطراب النفسي أو العقلي، نحن نعلم أن المرض النفسي والعقلي يستهدف المُبدعين، لأن كثيرا من المبدعين تعرضّوا لأمراض نفسية وعقلية، نريد تجربة كل مبدع ومعرفته عن المرض النفسي والعقلي مع الابداع. وأوضح الروائي حسن داود قائلاً: هذا الأمر قديم في تاريخ الأدب والابداع العربي، فالقصة المعروفة عن مجنون ليلى، قيس تجعلنا نربط بين الابداع والمرض النفسي، فمجنون ليلى يُجسّد العلاقة بين الشعر والجنون، وهذا جزء من موضوعنا عن الابداع والصحة النفسية أو الأمراض النفسية وغيره كثير من الشعراء الذين أصيبوا بالجنون سواء في العصر الحديث أو العهد القديم. 

واستشهد الروائي محمد المزيني بقوله: نعم عندنا في المملكة العربية السعودية شاعر مشهور اسمه حمد الحجي، كان شاعراً متميزاً في بداية شبابه ولكن انتهى به الأمر إلى أن يُصبح مريضاً عقلياً ويدخل مستشفى الأمراض النفسية المعروف في الطائف باسم «شهار» حيث قضى معظم حياته في هذا المستشفى، لقد كان شاعراً موهوباً لكن ظروفه الاجتماعية والأسرية جعلته يقضي معظم حياته في مستشفى للأمراض النفسية، لقد كان من عائلة فقيرة وله شقيق يُعاني من مشاكل عقلية أيضاً. 

أيضاً أعرف مُبدعاً سعودياً آخر يُعاني من مشاكل نفسية، وقد حاول أكثر من مرة أن ينتحر! لقد حاول هذا المُبدع مرتين أن ينتحر عن طريق قيادة سيارته بطريقة متهورة مما اضطر رجال المرور أن يتدخلوا لإبعاده عن مواقف الخطر وتعريض حياته وحياة آخرين للخطر. 

أما الدكتورة بسمة عبدالعزيز فقالت: هناك دراسة عن المُبدعين وأقاربهم، فوجد أن هناك دورا كبيرا للوراثة بالنسبة للأمراض النفسية والعقلية. أمر آخر وهو الحساسية، فالمبدُع مُفرط الحساسية، وهناك مشكلة في أن علاج المبدع من الاضطراب أو المرض النفسي والعقلي قد يؤثر في ابداعه!. بمعنى أن المبدع الذي يُعاني مرضا نفسيا أو عقليا عند علاجه من هذا الاضطراب أو المرض قد تقل أو يفقد قدرته على الابداع. 

كان هناك شاعر ألماني يُعاني اضطرابا وجدانيا ثُنائي القطب، ووجد أن فترات الكآبة عنده تترافق مع ابداعه الشعري، بينما نوبات الهوس يكون هذا المبدع نشطاً اجتماعياً وسياسياً. نأتي هنا إلى سؤال صعب وهو: هل نعالج المبدعين الذين يُعانون من اضطرابات نفسية أو عقلية وبالتالي ربما تقل الموهبة الابداعية والانتاج الابداعي عندما يعالج المبدع والمريض نفسياً؟. هنا تكمن مشكلة صعبة، فأما ترك المبدع من دون علاج مقابل أن يُبدع أو أن يُعالج المبدع وبالتالي تقل قدرته الإبداعية.  وأوضح الروائي رشيد الضعيف: أن مشكلة المبدع هي بحثه عن الخلود، كل مبدع يرُيد أن يخلّده التاريخ..

"مشكلة المبدع هي بحثه عن الخلود، كل مبدع يرُيد أن يخلّده التاريخ"
كثيرة هي الدراسات التي تصدت لمسالة الابداع وقليل منها حاولت الربط بين المبدعين او الابداع والاضطرابات النفسية. وتعتقد الأديبة والشاعرة اللبنانية جمانة حداد أن هناك دلائل قوية على وجود علاقة بين العبقرية الإبداعية والأزمات النفسية وتستدل على ذلك في مؤلفها القيم الموسوم ب " سيجئ الموت وستكون له عيناك" وهو دراسة ميدانية توصلت من خلالها إلى أزيد من 150 مبدعا من جنسيات مختلفة و من حقول معرفية متعددة أودعوا مصحات نفسية بسبب اضطراباتهم النفسية من بينهم في الموسيقى، هاندل وهكتور برليوز وروبرت شومان والرسام دانتي جابريل والكاتب المسرحي اونيل ومن الكتاب بلزاك وراسكين وارنست همنجواي و سكوت وتشارلز لام وغيرهم بل أن بعض من هؤلاء قد رشحوا لجوائز أدبية ذائعة الصيت، كما قادت الاضطرابات النفسية والوجدانية كثير منهم إلى الانتحار وتسرد الشاعرة جمانة حداد هنا كمثال الشاعر البرتغالي«ماري دي ساو كارنيرو»، الذي انتحر وله من العمر 26 عاماً عن طريق تجرّع السم.والروائي الأمريكي الشهير أرنست همنجواي الذي وفي إحدى نوبات كآبته أمسك بندقية صيد وأطلق النار على رأسه. 

ومساهمة منها في استجلاء العلاقة بين الإبداع والصحة النفسية والاطلاع على عمق وكنه الرؤى والتصورات المختلفة والمتنوعة والغوص في أعماقها لاستحضارها كأرضية وإستراتيجية لمحاصرة كثير من التمثلات السلبية عن المرض النفسي، نظمت جمعية شمس تانسيفت للصحة النفسية بتعاون مع نادي اليونسكو ودعم من المجلس الجماعي لمراكش نهاية الاسبوع الماضي. حلقة حوارية علمية تحت عنوان "سيكولوجية الإبداع عند المريض النفسي؛ الفنان التشكيلي عباس صلادي نموذجا" .

وفي افتتاح هذه الندوة العلمية تطرق اسماعيل زوريق رئيس اتحاد كتاب المغرب فرع مراكش إلى التجربة الباذخة للفنان التشكيلي المراكشي عباس صلادي الذي عانى من أزمات واضطرابات نفسية جعلته يتردد كثيرا على مستشفى الرازي للأمراض النفسية. وفي هذا المكان استطاع إبداع عوالم تشكيلية استلهمها من الذاكرة الشعبية خصوصا طقوسها الاحتفالية، والتي من خلالها أيضا حاول التعبير عن ألامه النفسية الداخلية وألم الإقصاء والتهميش والفقر، ولم يكن يريد من تلك اللوحات التي أبدعها سوى بعض الدراهم ليقتات منها ويسد رمق العيش ولم يكن يخطر بباله أن أعماله بعد وفاته سنة 1992، ستعانق العالمية وستباع إحدى لوحاته في معرض دولي بأزيد من خمسة ملايين درهم . لوحة "لهدية" للفنان صلادي والتي بيعت ب 5 ملايين درهم

ومن بين اقوى لحظات هذه الحلقة العلمية تدخل الدكتور عبد الرحمان أيت يحيا أخصائي نفساني بالمركز ألاستشفائي الجامعي محمد السادس بعرض حول "سيكولوجيا الابداع" حاول من خلالها ملامسة مختلف الجوانب النفسية للإبداع ابتداء من الدوافع والآليات المعرفية المكتسبة إلى الرغبات اللاشعورية في الابداع. ويؤكد المتدخل ايت يحيا أن الفكرة المتداولة بكون عملية الابداع الفني ما هي إلا نتاج الأمراض النفسية ليست وليدة اليوم فقد كانت فكرة ملحة ومتكررة في الثقافة الغربية وأشار إليها عدد من الكتاب والأطباء النفسيين المعاصرين، ويعتقد أن أبرز الجوانب الايجابية في الاضطرابات النفسية هو الجانب الإبداعي، ويستطرد أن هناك عدد من الفنانين والمبدعين لم يقوموا بأي جهد للبحث عن علاج لهم لاعتقادهم بوجود علاقة بين هوسهم وبين قدراتهم الابداعية ويرى ذلك منطقيا ففي ذروة ازماتهم ومعاناتهم النفسية كانوا يشعرون بالقدرة والحماس وتتملكهم روح إبداعية عالية، وفي سياق تحليل لمفهوم المرض النفسي ابرز ايت يحيا ان سلوك المريض النفسي يتضمن الاضطرابات الانفعالية العصبية ومنها القلق والمخاوف المرضية والهستريا والاكتئاب والاضطرابات العضوية ذات المصدر النفسي، مشددا على انه لا يمكن عزل المبدع الذي يعاني من سلوك مرضي نفسي عن طريق تفكيره ويرصد بعض أساليب التفكير التي تسهم في صنع الاضطراب كالتعميم وعزل الأشياء عن سياقها والتهويل والتاويل الشخصي.

كما تميزت هاته الحلقة الحوارية التي استمتع الحاضرون فيها بغنى ودسامة فقراتها حيث كانت الاهتمامات المعبر عنها مختلفة والمقاربات متعددة، فعلى مستوى المقاربات نجد أن المقاربة النفسانية والسيكولوجية احتلت حيزا مهما، تدخلات الاساتذة عائشة بلعربي وعبد الرحمان أيت يحيا وأسماء مجاهدي، على أن التساؤلات ذات البعد التوثيقي والتربوي والبيداعوجي طبعت مداخلة كل من اسماعيل زرويق رئيس فرع اتحاد كتاب المغرب والكاتب جمال أماش المفتش التربوي.

و هذه الورقة قد لا تعكس عمق وتشعب القضايا والتصورات التي طرحها موضوع هذه الحلقة العلمية ولكنها حاولت إعطاء فكرة عامة حول ما أثير فيها من تصورات واقتراحات. تندرج في هذا الإطار اي تغيير التمثلات السلبية والصورة النمطية حول المرض النفساني وتداعياته السلبية المقترنة بالإقصاء والنبذ والتهميش خاصة حين يتعلق الأمر بمبدعين.و يرى العديد من الاختصاصيين والباحثين ان العديد من الفنانين والمبدعين الذي كانوا يعانون من اضطرابات نفسية لم يقومو بأي جهد

ومن المعروف أن هناك ارتباط بين الصحة النفسية والإيداع فصفحات التاريخ حبلى بنماذج عديدة من مبدعين عانوا من اضطرابات نفسية حيث عاشوا حياة بائسة ملؤها العذاب والألم. فمؤلف الشاعرة اللبنانية جمانة حداد الموسوم ب " سيجيئ الموت وستكون له عيناك" أحصت أكثر من 150 أديبا من مختلف العصور ومن جنسيات متعددة كان القاسم المشترك بينهم هو الاضطرابات النفسية والتي أدت ببعضهم إلى الانتحار. وقد تتبع اشغال هذه الندوة العلمية أساتذة وباحثين من حقول معرفية مختلفة وكانت المقاربات متعددة.

وفي مستهل هذه الندوة حرص اسماعيل زوريق رئيس اتحاد كتاب المغرب فرع مراكش على تقديم نبذة عن حياة الفنان التشكيلي المراكشي عباس الصلادي الذي رأى النور بمدينة مراكش في بداية الخمسينات والذي

ولد عباس صلادي بمراكش، بمدينة "سبعة رجال"، سنة 1950، في أسرة متواضعة تقطن بجوار سيدي بلعباس. أرسلته أمه بعد وفاة والده، وهو في سن الرابعة، إلى الدار البيضاء عند أحد أعمامه. كان عمه هذا يملك مقهى في المدينة القديمة، سرعان ما أدخل إليه الطفل لمساعدته. فقدر اليتيم الحزن حتى ولو كان بين ظهراني عائلته الكبيرة. رغم العمل المضني في المقهى، فقد تمكن الطفل عباس من إنهاء دراسته الإعدادية بنجاح. غير أن أباريق الشاي وكؤوس القهوة، وما تفرضه طقوس العمل عند عمه أجبرته على ترك مقاعد المدرسة للتفرغ لرغبات الزبائن العابرة. لكن عناد الفقراء لن تكسره رتابة الحياة اليومية، حيث ثابر عباس على التعلم الليلي حتى حصل على الباكالوريا كمرشح حر. كان هذا في بداية السبعينيات، إذ حصل صاحبنا على منحة سمحت له بولوج شعبة الفلسفة، برحاب كلية الآداب بالرباط. انطوى صلادي على نفسه في دوامة عالم طلابي، كان محركه النضال اليساري، والصراع الطبقي الحاد. بعد نجاحه في السنة الأولى، ركبته "قوى الجان" فأربكت سنته الثانية. صارت أزماته النفسية تزداد يوما عن يوم إلى أن انتهى به هذا العالم الآخر إلى مستشفى الرازي للأمراض النفسية. كان أول ما طلبه من أمه، عندما زارته لأول مرة: أقلاما وورقا. بدأت القوى التي تزوبعه تخرج علامات على الورق، بل رسوما عجيبة أذهلت طاقمه الطبي. هنا، بدأت تخف أزماته الحادة لتأخذ شكل عوالم تشكيلية، تغلب عليها كائنات هي عبارة عن حيوانات بشرية ونساء وأشجار .

عقد في بيروت ورشة عمل عن «الابداع والصحة النفسية» شارك فيها كل من الروائي اللبناني الدكتور رشيد الضعيف، أستاذ الادب العربي في الجامعة اللبنانية الامريكية في بيروت، والشاعر والروائي عباس بيضون والروائي اللبناني حسن داود، ومن السعودية الروائي محمد المزيني، وأدار ورشة العمل هذه الروائي والطبيب النفسي الدكتور إبراهيم الخضير، وشارك إضافة إلى الدكتور الخضير أطباء نفسيون منهم الدكتورة بسمة عبدالعزيز، وهي كاتبة قصة قصيرة وطبيبة نفسية مصرية، وكذلك الدكتور فيصل يونس وهو استاذ علم النفس مصري ومدير المركز القومي للترجمة في القاهرة. 

ومن المعروف أن هناك ارتباط بين الصحة النفسية والابداع، حيث إنه منذ قديم الزمن، عانى كثير من المبدعين من اضطرابات نفسية من أجل ذلك قرار اقامة ورشة عمل بشكلٍ بسيط ليتحدث المبدعين والمختصين عن رأيهم في الابداع والمرض النفسي أو الصحة النفسية. وكما هو معروف أن إصابة المبدعين بالاضطرابات النفسية والعقلية أمر ليس سهلاً، فكثير منهم يعيش حياة بائسة ملؤها العذاب والالم، ما حدا بعدد لا يُستهان به أن يُنهي حياته!. 

من أجل ذلك كتبت الشاعرة اللبنانية جمانة حداد، كتاباً عن الشعراء الذين انتحروا، كان الكتاب عنوانه «سيجئ الموت وستكون له عيناك»، وجمعت حوالي 150 أديباً من مختلف العصور ومن جنسيات متعددة كان القاسم المشترك بينهم هو الانتحار.. انتحر أكثر من 150 شاعراً، هذا العمل لا يجب أن يمر ببساطة فثمة أمر وراء انتحار هذا العدد الكبير من الشعراء الذين أكثرهم كان يُعاني مرضا أو اضطرابا نفسيا. شاعر مثل البرتغالي «ماري دي ساو كارنيرو»، الذي انتحر وله من العمر 26 عاماً عن طريق تجرّع السم. نحن لسنا مع الانتحار ولكن أمام ظاهرة تستحق الدراسة في اصابة المبدعين بالأمراض النفسية والعقلية التي قد تقود إلى الانتحار. الروائي الأمريكي الشهير أرنست همنجواي الذي كان يعاني اضطرابا وجدانيا ثنائي القطب وفي إحدى نوبات كآبته أمسك بندقية صيد وأطلق النار على رأسه ليسقط ميتاً في منزله. 

أديب أمريكي آخر انتحر عام 1985م، هو بيورك الذي ترك عدداً كبيراً من المخطوطات لروايات لم يتم نشرها، وأشار الباحثون إلى أن الروايات والكتابات أنها تتمتع بتوّهج كلما اقتربت حالة الفصام عنده أو كان خارجاً للتو من نوبة فصامية. 

أعداد كبيرة من المبدعين الذين كانوا يعانون اضطرابات نفسية ولم يمنعهم هذا الاضطراب النفسي من ممارسة الابداع وممارسة حياتهم بشكل عادي. 

وقد استهل الدكتور إبراهيم الخضير الورشة قائلاً: أشكر للجميع الحضور لورشة العمل هذه، التي سوف تكون عبارة عن مناقشة علاقة المبدع بالمرض أو الاضطراب النفسي أو العقلي، نحن نعلم أن المرض النفسي والعقلي يستهدف المُبدعين، لأن كثيرا من المبدعين تعرضّوا لأمراض نفسية وعقلية، نريد تجربة كل مبدع ومعرفته عن المرض النفسي والعقلي مع الابداع. وأوضح الروائي حسن داود قائلاً: هذا الأمر قديم في تاريخ الأدب والابداع العربي، فالقصة المعروفة عن مجنون ليلى، قيس تجعلنا نربط بين الابداع والمرض النفسي، فمجنون ليلى يُجسّد العلاقة بين الشعر والجنون، وهذا جزء من موضوعنا عن الابداع والصحة النفسية أو الأمراض النفسية وغيره كثير من الشعراء الذين أصيبوا بالجنون سواء في العصر الحديث أو العهد القديم. 

واستشهد الروائي محمد المزيني بقوله: نعم عندنا في المملكة العربية السعودية شاعر مشهور اسمه حمد الحجي، كان شاعراً متميزاً في بداية شبابه ولكن انتهى به الأمر إلى أن يُصبح مريضاً عقلياً ويدخل مستشفى الأمراض النفسية المعروف في الطائف باسم «شهار» حيث قضى معظم حياته في هذا المستشفى، لقد كان شاعراً موهوباً لكن ظروفه الاجتماعية والأسرية جعلته يقضي معظم حياته في مستشفى للأمراض النفسية، لقد كان من عائلة فقيرة وله شقيق يُعاني من مشاكل عقلية أيضاً. 

أيضاً أعرف مُبدعاً سعودياً آخر يُعاني من مشاكل نفسية، وقد حاول أكثر من مرة أن ينتحر! لقد حاول هذا المُبدع مرتين أن ينتحر عن طريق قيادة سيارته بطريقة متهورة مما اضطر رجال المرور أن يتدخلوا لإبعاده عن مواقف الخطر وتعريض حياته وحياة آخرين للخطر. 

أما الدكتورة بسمة عبدالعزيز فقالت: هناك دراسة عن المُبدعين وأقاربهم، فوجد أن هناك دورا كبيرا للوراثة بالنسبة للأمراض النفسية والعقلية. أمر آخر وهو الحساسية، فالمبدُع مُفرط الحساسية، وهناك مشكلة في أن علاج المبدع من الاضطراب أو المرض النفسي والعقلي قد يؤثر في ابداعه!. بمعنى أن المبدع الذي يُعاني مرضا نفسيا أو عقليا عند علاجه من هذا الاضطراب أو المرض قد تقل أو يفقد قدرته على الابداع. 

كان هناك شاعر ألماني يُعاني اضطرابا وجدانيا ثُنائي القطب، ووجد أن فترات الكآبة عنده تترافق مع ابداعه الشعري، بينما نوبات الهوس يكون هذا المبدع نشطاً اجتماعياً وسياسياً. نأتي هنا إلى سؤال صعب وهو: هل نعالج المبدعين الذين يُعانون من اضطرابات نفسية أو عقلية وبالتالي ربما تقل الموهبة الابداعية والانتاج الابداعي عندما يعالج المبدع والمريض نفسياً؟. هنا تكمن مشكلة صعبة، فأما ترك المبدع من دون علاج مقابل أن يُبدع أو أن يُعالج المبدع وبالتالي تقل قدرته الإبداعية.  وأوضح الروائي رشيد الضعيف: أن مشكلة المبدع هي بحثه عن الخلود، كل مبدع يرُيد أن يخلّده التاريخ..


ملصقات


اقرأ أيضاً
يدير اكيندي يكتب عن مافيا الماستر: حين تتحول الجامعة من منارة للعلم إلى سوق نخاسة لبيع الذمم
يدير اكيندي الفساد يضرب قلب التعليم العالي… ومصداقية الوطن على المحك مرة أخرى، يَطفو على السطح وجه بشع من وجوه الفساد في بلادنا، بعد تفجر فضيحة الاتجار بالشواهد الجامعية، وبالضبط شهادات الماستر، في واحدة من مؤسسات التعليم العالي التي يُفترض فيها أن تُخرّج نخبة النخبة. والكارثة أن هذه الشهادات ليست مجرد أوراق، بل مفاتيح لولوج مراكز القرار، ومسالك البحث العلمي، ومواقع المسؤولية في القضاء والإدارة والتعليم والثقافة. فماذا يعني أن تُباع هذه المفاتيح لمن يملك الثمن؟ وماذا تبقّى من الوطن إذا تساوى الحاذق والغشاش، والعالم والمزوّر، في فرص الصعود؟ فكيف يمكن لمجتمع أن ينهض إذا كان التعليم، أساس بناء الإنسان، يُباع ويُشترى؟ وكيف نضمن مستقبلاً وطنياً إذا كانت المناصب العليا تُمنح لمن يدفع أكثر، لا لمن يستحق؟ما وقع في جامعة أكادير ليس حادثا معزولا، بل هو مؤشّر خطير على هشاشة منظومتنا القيمية، وعلى مدى تمدّد سرطان الغش والتدليس في جسد المجتمع. أن يصبح الغش “حقا مكتسبا” لدى بعض الفئات، فتلك بداية نهاية العقد الاجتماعي بين المواطنين والدولة. من غير المعقول أن تنحصر المساءلة في الأستاذ المتهم وحده، بل إن كل من استفاد، بشكل مباشر أو غير مباشر، من هذه “التجارة اللاشرعية”، يجب أن يُحاسب ويُتابع بتهمة التزوير في وثائق رسمية، والاحتيال على الدولة، والولوج إلى مواقع المسؤولية دون وجه حق ، مما يجعل الفساد التعليمي قنبلة موقوتة تهدد أمن المجتمع بأكمله هنا تبرز ضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة، فلا يكفي معاقبة الأستاذ المتورط في فضيحة أكادير، بل يجب استدعاء كل من استفاد من هذه “الصفقات” وملاحقته بتهمة التزوير والتدليس.. إننا لا ننسى الضحايا الحقيقيين لهذه الفضيحة: أبناء وبنات هذا الوطن، الذين أُقصوا لأنهم لم يملكوا 250 ألف درهم لشراء شهادة، وليس لأنهم يفتقرون للكفاءة أو الجدارة. كم من طاقة وطنية شريفة حُرمت من فرصتها، ودُفنت أحلامها، وانهزمت ثقتها في مؤسسات الدولة! وكم من شاب وشابة حُرموا من الماستر والدكتوراه، لا لضعف مستواهم العلمي، بل فقط لأنهم لا يملكون رصيدًا بنكيًا محترمًا! أليس هذا هو الوجه الحقيقي لانهيار القيم، وبداية تصدع الوطن؟ هذه الممارسات لا تدمر الأفراد فحسب، بل تقتل روح الانتماء لدى الشباب، وتجعلهم يفقدون الثقة في الوطن. وكما قال الكاتب البرازيلي باولو كويلو في روايته “الكيميائي”: “عندما تُحارب أحلامك، فإن الكون بأسره يتآمر لمساعدتك”، لكن ماذا لو كان الفساد هو من يحارب الأحلام؟ حينها لن يجد الشباب سوى اليأس أو الهجرة لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذه الجريمة. فالوطن الذي نريده ليس مبنيًا على الريع والزبونية، بل على تكافؤ الفرص والاستحقاق. كما ورد في النموذج التنموي الجديد، الذي دعا إليه جلالة الملك محمد السادس، فإن بناء مغرب الغد يمر عبر بناء مجتمع قوي إلى جانب دولة قوية، مجتمع يؤمن بالعدل، والكرامة، والنزاهة، ويقاوم كل أشكال الغش والإفساد. فكيف تكون الدولة قوية إذا كان تعليمها ضعيفاً؟ وكيف يكون المجتمع قوياً إذا كان أفراده يعيشون على الوهم؟ ولعل ما قاله الكاتب البرازيلي باولو كويلو في رسالته إلى ابنه: “إن بناء الإنسان أصعب بكثير من بناء المدن، لكنه الأساس الحقيقي لأي حضارة”، ينطبق تمامًا على ما نحتاجه اليوم. فالتعليم هو حجر الزاوية لبناء الإنسان، والعبث به هو تقويض لكل إمكانيات النهوض. ألم يقل الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو: ” « وهل هناك عدل حين يحصل المزوّرون على مناصب ومسؤوليات، بينما يُقصى النجباء لأنهم لا يملكون المال؟ هل هناك دولة قانون، حين يتحول التعليم إلى مزاد علني؟ إننا أمام لحظة فارقة: إما أن تتحرّك النيابة العامة بصرامة، ويُفتح تحقيق شامل يُحاسب فيه كل من تواطأ أو استفاد أو سكت عن هذا الفساد، أو أن نترك هذا الورم الخبيث يتفشى في جسد الدولة والمجتمع، ويُعمق فقدان الثقة، ويقضي على كل أمل في الإصلاح. إننا ننتظر من وزارة التعليم العالي أن تنتصب كمطالب بالحق المدني في هذه القضية، وأن تُعلن حربا لا هوادة فيها على كل المتلاعبين بسمعة الجامعة المغربية. فالتعليم لا يجب أن يكون سلعة، ولا يجب أن يُترك للمفسدين ينشرون سمومهم بين الطلبة والأساتذة، ويهدمون ما تبقى من الأمل في غد نزيه وعادل. وحده العدل، وحدها المساواة، وحده القانون، يمكن أن يؤسسوا لوطن يسع الجميع. أما الاستسلام فليس خيارًا، والسكوت تواطؤ. فلننتفض، دفاعًا عن الكرامة، عن العدالة، عن مغرب يستحق أن نحلم به… لا أن نخجل منه. فضيحة شواهد الماستر ليست قضية أكاديمية عابرة، بل هي معركة وجودية ضد فسادٍ ينهش جسد الوطن. إن لم نتحرك اليوم، فسنواجه غداً جيلاً يعتقد أن الغش “إنجاز”، والتدليس “ذكاء”. الفساد الجامعي ليس مجرد جريمة أخلاقية، بل تهديد مباشر للأمن المجتمعي. عندما تتحول الجامعة إلى مصنع لشواهد مزورة، فإنها تنتج مسؤولين بلا كفاءة، وقضاة بلا ضمير، وأساتذة بلا علم. وحينها لا يمكن بناء مغرب الغد السكوت عن هذه الجريمة هو خيانة للأمل، وتواطؤ مع الفساد، ومساهمة في قتل طموحات شباب حُرموا من فرص حقيقية لأنهم لم يملكوا ما يكفي لشراء شهادة. إن ضحايا هذه المافيا معروفون: شباب اجتهدوا وكافحوا، لكنهم صُدوا لأنهم لم يكونوا جزءاً من لعبة النفوذ والرشوة * يدير اكيندي، أستاذ العلوم الاقتصادية والاجتماعية، خبير في التنمية الشاملة والإعاقة
ساحة

يونس مجاهد يكتب: حرية الصحافة المزعومة
يونس مجاهديشكل الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يصادف الثالث من شهر ماي كل سنة، مناسبة أخرى للحديث عن القضايا المرتبطة بممارسة هذه الحرية، وخاصة التضييق الذي يمارس لمنعها أو الحد منها، غير أنه قلما تناقش أخلاقيات الصحافة، في علاقتها بالحرية، رغم أن هناك تكاملا بين المبدأين، يجعل من جودة الصحافة، رديفا للالتزام بأخلاقياتها، لأن الصحافة الرديئة ليست ممارسة للحرية، بل على العكس، إنها مجرد تضليل للجمهور ونشر لأخبار كاذبة، وتشهير وارتزاق وابتزاز... وهي بذلك لا تستجيب لتطلعات المجتمع، بل تؤثر سلبا على حرية الصحافة وادوارها الاجتماعية.وانطلاقا من هذا المنظور الذي يعتبر أن الوظيفة الاجتماعية هي الغاية الرئيسية للممارسة الصحافية، تطور استعمال المعيار الاجتماعي، لتصحيح الانحرافات التي تصيب هذه المهنة، فرغم اعتماد مواثيق الأخلاقيات وهيئات التنظيم الذاتي، في العديد من البلدان المتقدمة في المجال الديمقراطي، إلا أنها ظلت تلجأ باستمرار لمراجعات مختلفة، لعلاقة الصحافة بالمجتمع. وفيهذا الصدد يمكن العودة إلى ما حصل في الولايات المتحدة، سنة 1942، حين تم إحداث لجنة هاتشينز، من طرف جامعة شيكاغو، بطلب من مؤسس مجلة تايم، هنري لوس، التي عينت على رأسها روبرت ماينارد هاتشينز. اشتغلت هذه اللجنة لمدة خمس سنوات، ونشرت تقريرها تحت عنوان "صحافة حرة ومسؤولة". ومما ورد فيه، وجود تناقض بين المفهوم التقليدي لحرية الصحافة، وضرورة التحلي بالمسؤولية. فالمسؤولية واحترام القانون، ليس في حد ذاتهما تضييقاعلى حرية الصحافة، بل على العكس، يمكن أن يكونا تعبيرا أصيلا عن حرية إيجابية، لكنهما ضد حرية اللامبالاة. ويضيف التقرير؛ لقد أصبح من المعتاد اليوم أن تكون حرية الصحافة المزعومة، عبارة عن لا مسؤولية اجتماعية، لذا على الصحافة أن تعرف أن أخطاءها وأهواءها لم تعد ملكية خاصة لها، فهي تشكل خطرا على المجتمع، لأنها عندما تخطئ، فإنها تضلل الرأي العام، فنحن أمام تحدٍ؛ على الصحافة أن تظل نشاطا حرا وخاصا، لكن ليس لها الحق في أن تخطئ، لأنها تؤدي وظيفة مرفق عام. كان لهذا التقرير تأثير كبير في الحقل الصحافي، آنذاك، لأنه استعمل مفهوم المسؤولية الاجتماعية، واعتبر أن للصحافة وظائف أساسية، في تقديم معلومات وافية من خلال بحث وتدقيق، حول الأحداث اليومية، ضمن سياق واضح، وأن تكون منتدى للنقاش ولممارسة التعددية والحق في الاختلاف، وتنفتح على مختلف فئات المجتمع، بمساواة وإنصاف، وتتجنب الأفكار المسبقة والصور النمطية... ومن أشهر التقارير التي عرفتها، أيضا البلدان الديمقراطية، "تقرير ليفيسون"، الذي هو عبارة عن خلاصات تحقيق عام أجري في المملكة المتحدة بين عامي 2011 و2012، برئاسة القاضي براين ليفيسون، الذي كلفته الحكومة، بإنجاز افتحاص شامل حول ممارسة الصحافة ومدى التزامها بالأخلاقيات. ومن أهم توصياته؛ إنشاء هيئة جديدة مستقلة لتنظيم الصحافة، عبر تشريع قانوني، وتعزيز حماية الأفراد من انتهاكات الخصوصية ومن التشهير... وبناء على هذا التقرير تم اعتماد "ميثاق ملكي" للتنظيم الذاتي، صادق عليه البرلمان. ومازالت الأحزاب السياسية في هذا البلد تناقش الطرق المثلى الممكنة للتوصل إلى صيغة قانونية لتنفيذه، بالتوافق مع الناشرين. ويعتبر العديد من الباحثين في مجال الصحافة، أنه لا يمكن تصور الجودة في الصحافة، دون احترام أخلاقياتها، وحول هذا الموضوع، نظم منتدى الصحافة في الأرجنتين، ندوة دولية بمشاركة أكاديميين، صدرت في كتاب سنة 2007، تحت عنوان "صحافة الجودة: نقاشات وتحديات"، ناقش هذا الإشكال من مختلف جوانبه، وكانت خلاصته الرئيسية، أن الجودة والأخلاقيات وجهان لعملة واحدة. الجودة في البحث والتقصي وتدقيق المعلومات والتأكد من المعطيات، احترام الخصوصيات، الامتناع عن ممارسة السب والقذف، استعمال اللغة بشكل صحيح وراقٍ، تجنب الأخطاء اللغوية... ومن مصادر هذا الكتاب، البحث الذي نشرته الأستاذة الجامعية الإسبانية، المتخصصة في أخلاقيات الصحافة، صوريا كارلوس، تحت عنوان "الأمراض النفسية للأخلاقيات في المؤسسات الإخبارية"، حيث اعتبرت أن هناك أربعة أسباب تفرض الالتزام بأخلاقيات الصحافة؛ أولها، أن الأشخاص الذين يربحون قوت يومهم من خلال انتقاد الآخرين، تقع عليهم مسؤولية أن يكون تفكيرهم غير مثير للانتقاد، ثانيها، الاشتغال قليلا، بشكل رديء، بدون احترام القواعد والجودة المطلوبة، يشكل أول انتهاك للأخلاقيات، ثالثها، أن القانون وحده لا يكفي، فعلى المؤسسات أن تضع أنظمة داخلية لاحترام أخلاقيات الصحافة، رابعها، حتى تكون هناك مقاولات صحافية قوية وموحدة، عليها أن تتوفر على منظومة قيم، وثقافة أخلاقية مشتركة. إن كل حديث عن حرية الصحافة، دون استحضار شروط ممارستها، يظل مجرد شعارات فارغة، فبالإضافة إلى ضرورة العمل على توفير الإطار القانوني الذي يسمح بممارسة الحرية، فإن الأهم هو أن تلتزم الصحافة بالقواعد المهنية والمبادئ الأخلاقية، وتستند على منظومة القيم، المتعارف عليها عالميا في ميدان الصحافة، داخل إطار مؤسساتي قوي، وأنظمة داخلية يتم فيها تقاسم المسؤولية المشتركة، كل هذا لا يمكن أن يكون إلا في مقاولات صحافية مهيكلة بشكل محترف، تتوفر على إمكانات مادية وموارد بشرية، قادرة على تقديم منتوج يليق بمكانة الصحافة ويتجاوب مع متطلبات مسؤوليتها الاجتماعية.
ساحة

هرماس يسائل والي الجهة ووالي الامن.. هل أعلنتما انهزام السلطة أمام عربدة سائقي سيارات الأجرة؟
حسن هرماس السيدان الواليان المحترمان، كلما حللت بالمدينة الحمراء، التي امضيت فيها جزءا غير يسير من مساري المهني كصحافي، وارتبطت بها من الناحية الوجدانية والعائلية، إلا وشعرت بنوع من المرارة والأسى اتجاه بعض الممارسات المشينة التي تتغذى من مستنقع الفوضى والابتزاز، لدرجة أنني أصبحت أتخيل أن السلطات الأمنية والسلطات الولائية قدمتا معا استقالتها من ممارسة جزء من وظيفتها، وأعلنتا انهزامهما في مبارزة استأسد فيها "الخصم"، وما هو بخصم، وتجبر بلا حد ولا قيود. السيدان الواليان، أنا على يقين أنكما على بينة من العربدة والتجبر الذي عات بلا حدود في عدد من الأماكن المسموح فيها بتوقف سائقي سيارات الأجرة الصغيرة منها والكبيرة لنقل الركاب، مواطنين وسياحا، مغاربة وأجانب، نحو وجهاتهم، ومن ضمنها الساحة المحاذية لمحطة قطار مراكش، والساحة المواجهة لقنصلية فرنسا على مقربة من ساحة جامع لفنا...، ومبعث يقيني أنكما على علم بالأمر يستند إلى أن وظيفتكما الأساسية هي السهر على استتباب النظام والقانون، وتجسيد سلطة الدولة على أرض الواقع، وهذه المهمة الرهيبة، بمعناها الإيجابي، تستمدانها من الظهير الشريف ومن قرار تعيينكما في موقعي المسؤولية التي تتقلدانها.السيدان الواليان المحترمان، حللت بأرض البهجة ظهيرة يوم الإثنين 21 أبريل 2025، على متن رحلة قطار قادم الرباط، وأنا جد مزهو بنشوة اللقاءات التي جمعتني على مدى ثلاثة أيام مع الكتاب والإعلاميين والمثقفين في عاصمة المملكة بمناسبة الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب... ولا أخفيكما الإحباط والانكسار اللذين أصبت بهما وأنا أغادر محطة القطار باحثا عن سيارة أجرة تقلني اتجاه حي تاركة، حتى خيل إلى أنني في مغربين اثنين: مغرب الرباط حيث يشعر الإنسان بالاحترام والطمأنينة والحق في الخدمة العمومية المؤدى عنها، ومغرب مراكش الذي استأسد فيه، دون حسيب ولا رقيب، طغمة من منعدمي الضمير وقليلي الأخلاق ومحترفي المساومة والابتزاز ، وهم جزء ـ وليس كل ـ من سائقي سيارات الأجرة، ومنافسيهم الممارسين للمهنة خارج القانون. فخلال ثلاثة أرباع الساعة، بقيت "مشوجر" ، ( بتعبير أهل المدينة)، قبالة طابور من سيارات الأجرة المتوقفة، وبين الفينة والأخرى يأتي سائق السيارة مصحوبا بسائح (ين) أجنبي، ولا أحد غير السياح الأجانب، في هيئة تشي بأنه حصل على غنيمة، بينما يبدو السائح(ين)، وكأنهم "يساقون إلى المقصلة وهم ينظرون". بعدما تبين لي أن لا حظ لي في العثور على سيارة أجرة صغيرة في الموقف المجاور لمحطة القطار، على الرغم من أن عددا من السيارات ما تزال متوقفة في غياب السائقين الذين يترصدون "الهموز" داخل محطة القطار، توجهت نحو الشارع الذي يشكل امتداد لشارع محمد السادس، لعل سيارة أجرة مارة في نفس الاتجاه الذي أقصده تتوقف ... لكن دون جدوى. بل بمجرد ما أشرت على سيارة الأجرة الأولى حتى باغثني شخص بالسؤال عن وجهتي، سألته من أنت، قال لي :"طالب معاشو، عندي طاموبيلتي تنهز لبلايص"...، وأضاف قائلا: "راك غير كتضيع وقتك، ما غادي توقف ليك حتى طاكسي فهاد البلاصة"،اضطررت لأخبره عن وجهتى وهي "تاركة"، لأنني صاحب حاجة، قال لي 40 درهم... أتعرفان بماذا أجبته، سيداي الواليان؟ قلت لمن ادعى أنه "طالب معاشو": " ما عند الميت ما يدير قدام غسالو"، ورضخت للابتزاز.على امتداد المسار الرابط بين محطة قطار مراكش وحي تاركة، والذي اعتدت أن أؤدي مقابله 17 درهما عند العودة، تراءت لي مجموعة من الوقائع المشينة التي تخدش محيى مدينة البهجة، ومن ضمنها واقعة السائح الأجنبي الإنجليزي الجنسية الذي سبق له ، قبل شهور معدودة، أن تعرض للنصب من طرف سائق سيارة أجرة صغيرة بعدما حل بمطار مراكش المنارة، وهي الحادثة التي وثقها بالصوت والصورة، وتتبعها ملايين المشاهدين عبر العالم في قناته على اليوتوب.وإذا كان هذا السائح الأجنبي قد جهر بهذه الطريقة الفاضحة بتعرضه للظلم في بلد اسمه المغرب، له تاريخ ولديه ترسانة كبيرة من القوانين، وهو ما حز في أنفس حشد كبير من المغاربة مما اضطر السلطات إلى اتخاذ إجراءات تنظيمية وردعية للحيلولة دون تكرار فضيحة أخرى في مطار المنارة، فإن ما يقع في محيط محطة قطار مراكش، وعلى مقربة من ساحة جامع لفنا بشكل يومي، بل في كل ساعة وحين، لا يقل خطورة عن الواقعة السالف ذكرها، وهذا ما ينذر ـ لا قدر الله ـ بما هو أخطر وأفظع ما لم تتحرك السلطات الأمنية وسلطات ولاية مراكش للقيام بواجبها في فرض هبة الدولة وسيادة القانون. فاللهم هل بلغت، اللهم فاشهد.    
ساحة

محمد بنطلحة الدكالي يكتب: الروح الرياضية بالجزائر…داء العطب قديم
أمام الانتصارات المتتالية للدبلوماسية المغربية والنكسات والهزائم لجيران السوء،يبدو أن دولة العالم الآخر باتت تعيش أعراض الهلوسة والخرف،وهو داء عطب قديم إسمه" المروك". من بين الذكريات التي يتغنى بها حفدة الشهداء،واقعة كروية حدثت وقائعها في9 دجنبر1979 بين المغرب والجزائر،انتهت بفوزهم كما هو معلوم...ومنذ ذلك الحين والأبواق الإعلامية تكتب عن هذا" النصر" العظيم الذي مضت عليه46 سنة. ولأن مرض الهلوسة تزداد تهيؤاته بازدياد حدته،يبدو أن الكراغلة باتوا منذ الآن يترقبون مقابلة شباب قسنطينة أمام نهضة بركان المغربي. تطالعنا اليوم جريدة الشروق بمقال يحمل عنوان:" الرئيس تبون يحرص على مرافقة السياسي ودعمه في مواجهته ضد نهضة بركان المغربي"...! لقد أكد المقال أن زعيم الكراغلة سيتكفل بكامل مصاريف تنقل وإقامة ممثل الكرة الجزائرية في المغرب،علما أن وزير الشباب والرياضة،وليد صادي،وخلال حضوره مأدبة العشاء التي أقامها والي الولاية صيودة،كان قد نقل للنادي القسنطيني إدارة ولاعبين دعم رئيس الجمهورية ومساندته المطلقة للفريق في مواجهته أمام نهضة بركان...ومن ثمة ضمان تنشيط النهائي الإفريقي القادم ودخول التاريخ من بابه الواسع...! سبحان الله معشر الكراغلة،دخول التاريخ،شافاكم الله،يكون عبر الاختراعات والإنجازات،وتوفير لتر حليب وكسرة خبز لكل جائع،وذلك أضعف الإيمان. دخول التاريخ يكون عبر التلاحم والتآزر،لأننا دم واحد وتاريخ مشترك. أما وأنتم تشحنون المدرب خير الدين ماضوي وكأنه متوجه إلى ساحة الحرب،وتأمرون اللاعبين بوقرة ومداحي وكأنهما قائدا فريق مشاة...! إسمحوا لي أن أعترف،أني بت أشفق عليكم،وأدعو الله أن يتدبر أمر الحرارة المفرطةالتي تسكنكم. ونحن ندعو لكم بالشفاء معشر الكراغلة،نذكركم أنه وطوال التاريخ،ومنذ الحضارة الإغريقية التي عرفت ألعاب أثينا،ظلت الرياضة عنوانا للفرجة والتآخي والتعارف بين الشعوب لما تمثله من قيم إنسانية نبيلة،إنها تنشر السلام وتشجع على التسامح والاحترام وسمو الأخلاق،والرياضة بمعناها الصحيح ترفض أن تكون وسيلة لغاية أخرى لأنها منبع القيم السامية المثلى حين تنتصر الروح الرياضية. إننا نشفق عليكم،ونرثي لحالكم حين تعتبرون انتصارا صغيرا في كرة القدم عن طريق ضربات الحظ،عيدا وطنيا وملحمة بطولية،محاولين تهدئة الشارع الذي يعرف حراكا شعبيا. لقد ضاق الشعب الجزائري الشقيق درعا من ضيق العيش ومحنة الطوابير والرعب اليومي الجاثم على النفوس... الرياضة أخلاق وسمو إنساني نبيل...حاولوا أن تستفيقوا من غيكم،رغم أن داء العطب قديم... محمد بنطلحة الدكالي
ساحة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الاثنين 07 يوليو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة