

ساحة
تكناوي يكتب: التعليم الأولي بين شموخ الطرح وأنفاق التنزيل
محمد تكناوي - مراكشوضوح الاهداف والافكار والغايات التي وسمت الاستراتيجية الوطنية لتعميم وتطوير التعليم الاولي وحتى تماسك المعايير والمقاربات التشاركية والعلمية التي اعتمدتها، اكيد انهالا تكفي لإعطاء صورة متفائلة عن مآل ومسار تعميم هذا النوع من التعليم ، فعرض الاحصائيات وتنظيم الملتقيات والندوات وسرد المخططات وتدبيج المذكرات الوزارية التنظيمية والتدبيرية وغيرها شيء والواقع الذي لا يرتفع شيء اخر.فرغم ان الاحصائيات الرسمية لوزارة التعليم تقول ان السنة الماضية انتقل فيها عدد المتمدرسين الى ازيد من 800 ألف طفل وارتفعت نسبة التعليم الاولي الى 16 في المائة ووصل عدد الاقسام الى ما يفوق 43 الف قسم، فالأكيد ان الطريق إلى تعميم هذا التعليم الذي وضع له أفق سنة 2028، لا زال حافل بالمشاكل والاختلالات البنيوية التي تراكمت عبر السنين.فالرسالة الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس الموجهة الى المشاركين في اليوم الوطني حول التعليم الاولي في 18 يوليوز 2018 ، أكدت ان التعليم الاولي لم يستفد من مجهود الدولة في مجال التعليم الاساسي والرفع من نسبة التمدرس حيث انه يعاني من ضعف ملحوظ لنسب المستفيدين ومن فوارق كبيرة بين المدن والقرى ومن تفاوت مستوى النماذج البيداغوجية المعتمدة وعدد المربين وكثرة المتدخلين؛ فمن نافلة القول ان قطاع التعليم الاولي قد اتخذ ضمن المنظومة التربوية والتعليمية المغربية شكلا فسيفسائيا تتعايش وتتجاور فيه تشكيلات تتوزع ما بين ما هو خصوصي وما هو عمومي ويتجاور ضمن الخصوصي تعليم اولي عصري واخر تقليدي وضمنهما معا مستويات متباينة تتفاوت الى درجة المفارقة كما يتجاور ضمن العمومي ما هو نتاج شراكات مع جماعات محلية وجمعيات او في اطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.داخل هذا التشكيل الزخرفي متباين التوجهات والامتدادات والمسارات والمستويات يستأسد النمط التقليدي وإن كان في حقيقته تعليما عصريا.وهذا التعدد شكل ولا زال يشكلعائقا يحول دون بلوغ هدف تعميم التعليم الاولي وفق مواصفات الجودة والعصرنة اذ يحيل تعدد انماط التعليم الاولي القائمة على تعدد اخر من حيث البنيات والتجهيزات والمناهج والبرامج والموارد البشرية والطرائق والتقنيات.فباستثناء اقسام التعليم الاولي التي تحتضنها المؤسسات الابتدائية العمومية وبعض مؤسسات التعليم الخصوصي العصرية نجد اغلب متمدرسي هذه المرحلة يحشرون في غرف ضيقة اعدت اصلا للسكن و في كراجات او محلات تحت ارضية وبتجهيزات بدائية وبسيطة هذا ان وجدت.ولمحاصرة وضعية تعدد المناهج والبرامج عملت وزارة التربية الوطنية على تنزيل الاطار المنهجي للتعليم الاولي واعتبرته ضمن الاوراش الهامة ذات الاولوية خاصة وانه يتماهى مع مضمون الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 التي تنص الرافعة الثانية منه حول الزامية التعليم الاولي على اعتماد نموذج بيداغوجي موحد الاهداف والغايات متنوع الاساليب خاص بالتعليم الاولي كفيل بضمان انسجام مناهجه وطرائقه وعصرنتها..... وهذا الاطار حسب دائما الجهة الوصية على قطاع التعليم اعتمد محددات حرصت على ابراز خصوصية التعليم الاولي وجعله طورا تربويا وتعليميا بهوية خاصة تميزه عن التعليم الابتدائي تخطيطا وتنظيما وتدبيرا بما يجعل محتوياته وانشطته وطرق الاشتغال عليها اكثر التصاقا بطبيعة الطفل وابعد ما تكون تعليما ابتدائيا مصغرا. وكما هو معلوم فقد استغرق تخطيط هذا الاطار المنهجي حوالي 4 سنوات ووضعته وزارة التربية الوطنية في اطار التعاون مع منظمة اليونسيف لرعاية الطفولة.وعلى اختلاف السياق وطبيعة حيز الموضوع لابد من الاشارة الى التحفظ الكبير لشرائح مهمة من المجتمع المغربي وحتى لبعض الباحثين اللغويين عن حدود هندسة هذا الاطار المنهجي والمطالبة بالعودة الى التعليم الاولي التقليديعبر التأكيد على اهمية دور الكتاتيب ومنهجيتها في امتلاك الرصيد اللغوي عند اطفال التعليم الاولي و الذي يمدهم بالذكاء اللغوي ويفتح لهم افاق العلم والمعرفة، وهذا المعطى يفتح باب النقاش على مصراعيه بين مؤيد ومعارض للمقاربة البيداغوجية لتدبير الانشطة والتي تعتمد اللعب كقاعدة اساسية للاشتغال والتي يعتمدها الاطار المنهجي للتعليم الاولي.كما تمت ملاحظة خلال السنة الاولى من انطلاق تعميم التعليم الاولي اختلالات جسدها الاحتقان في المطالب الفئوية للمربيات، ذلك ان اسناد هذا التعليم للجمعيات يطرح العديد من الاستفهامات بغض النظر عن المعايير المعتمدة لاختيارها؛ فكما اوردت العديد من الجرائد والمواقع فرؤساء عدد من الجمعيات حولوا التعليم الاولي الى نشاط مدر للربح والاغتناء فهي تتلقى من المديريات الاقليمية للتعليم 1600 درهم عن كل مربية اضافة الى 400 درهم كدعم لاقتناء تجهيزات اللوجيستيكية ، الى جانب ذلك تدفع هاته الجمعيات نحو اجبار المربيات على استخلاص رسوم من أولياء أمور الاطفال قد تصل الى 100 درهمشهريا رغم انها ممارسة مسيجة بتنظيمات ادارية لكون التعليم الاولي العمومي من المفروض انه مجاني، إضافة الى تعالي اصوات عبر الفضاء الازرق وخلال منتديات تنددبوضعية المربيات المتسمة بالهشاشة حيث لا يستفدن من اية تغطية او حماية اجتماعية او صحية ولا يحصلن حتى على الحد الادنى للأجور بل ان بعض التنظيميات التي تتبنىمطالبهن تتساءل لماذا لا يتم ادماجهن في المنظومة التعليمية مادام القانون الاطار 51.17 ينص على ادماج التعليم الاولي ضمن مكونات التعليم الابتدائي.---يتبع---
محمد تكناوي - مراكشوضوح الاهداف والافكار والغايات التي وسمت الاستراتيجية الوطنية لتعميم وتطوير التعليم الاولي وحتى تماسك المعايير والمقاربات التشاركية والعلمية التي اعتمدتها، اكيد انهالا تكفي لإعطاء صورة متفائلة عن مآل ومسار تعميم هذا النوع من التعليم ، فعرض الاحصائيات وتنظيم الملتقيات والندوات وسرد المخططات وتدبيج المذكرات الوزارية التنظيمية والتدبيرية وغيرها شيء والواقع الذي لا يرتفع شيء اخر.فرغم ان الاحصائيات الرسمية لوزارة التعليم تقول ان السنة الماضية انتقل فيها عدد المتمدرسين الى ازيد من 800 ألف طفل وارتفعت نسبة التعليم الاولي الى 16 في المائة ووصل عدد الاقسام الى ما يفوق 43 الف قسم، فالأكيد ان الطريق إلى تعميم هذا التعليم الذي وضع له أفق سنة 2028، لا زال حافل بالمشاكل والاختلالات البنيوية التي تراكمت عبر السنين.فالرسالة الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس الموجهة الى المشاركين في اليوم الوطني حول التعليم الاولي في 18 يوليوز 2018 ، أكدت ان التعليم الاولي لم يستفد من مجهود الدولة في مجال التعليم الاساسي والرفع من نسبة التمدرس حيث انه يعاني من ضعف ملحوظ لنسب المستفيدين ومن فوارق كبيرة بين المدن والقرى ومن تفاوت مستوى النماذج البيداغوجية المعتمدة وعدد المربين وكثرة المتدخلين؛ فمن نافلة القول ان قطاع التعليم الاولي قد اتخذ ضمن المنظومة التربوية والتعليمية المغربية شكلا فسيفسائيا تتعايش وتتجاور فيه تشكيلات تتوزع ما بين ما هو خصوصي وما هو عمومي ويتجاور ضمن الخصوصي تعليم اولي عصري واخر تقليدي وضمنهما معا مستويات متباينة تتفاوت الى درجة المفارقة كما يتجاور ضمن العمومي ما هو نتاج شراكات مع جماعات محلية وجمعيات او في اطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.داخل هذا التشكيل الزخرفي متباين التوجهات والامتدادات والمسارات والمستويات يستأسد النمط التقليدي وإن كان في حقيقته تعليما عصريا.وهذا التعدد شكل ولا زال يشكلعائقا يحول دون بلوغ هدف تعميم التعليم الاولي وفق مواصفات الجودة والعصرنة اذ يحيل تعدد انماط التعليم الاولي القائمة على تعدد اخر من حيث البنيات والتجهيزات والمناهج والبرامج والموارد البشرية والطرائق والتقنيات.فباستثناء اقسام التعليم الاولي التي تحتضنها المؤسسات الابتدائية العمومية وبعض مؤسسات التعليم الخصوصي العصرية نجد اغلب متمدرسي هذه المرحلة يحشرون في غرف ضيقة اعدت اصلا للسكن و في كراجات او محلات تحت ارضية وبتجهيزات بدائية وبسيطة هذا ان وجدت.ولمحاصرة وضعية تعدد المناهج والبرامج عملت وزارة التربية الوطنية على تنزيل الاطار المنهجي للتعليم الاولي واعتبرته ضمن الاوراش الهامة ذات الاولوية خاصة وانه يتماهى مع مضمون الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 التي تنص الرافعة الثانية منه حول الزامية التعليم الاولي على اعتماد نموذج بيداغوجي موحد الاهداف والغايات متنوع الاساليب خاص بالتعليم الاولي كفيل بضمان انسجام مناهجه وطرائقه وعصرنتها..... وهذا الاطار حسب دائما الجهة الوصية على قطاع التعليم اعتمد محددات حرصت على ابراز خصوصية التعليم الاولي وجعله طورا تربويا وتعليميا بهوية خاصة تميزه عن التعليم الابتدائي تخطيطا وتنظيما وتدبيرا بما يجعل محتوياته وانشطته وطرق الاشتغال عليها اكثر التصاقا بطبيعة الطفل وابعد ما تكون تعليما ابتدائيا مصغرا. وكما هو معلوم فقد استغرق تخطيط هذا الاطار المنهجي حوالي 4 سنوات ووضعته وزارة التربية الوطنية في اطار التعاون مع منظمة اليونسيف لرعاية الطفولة.وعلى اختلاف السياق وطبيعة حيز الموضوع لابد من الاشارة الى التحفظ الكبير لشرائح مهمة من المجتمع المغربي وحتى لبعض الباحثين اللغويين عن حدود هندسة هذا الاطار المنهجي والمطالبة بالعودة الى التعليم الاولي التقليديعبر التأكيد على اهمية دور الكتاتيب ومنهجيتها في امتلاك الرصيد اللغوي عند اطفال التعليم الاولي و الذي يمدهم بالذكاء اللغوي ويفتح لهم افاق العلم والمعرفة، وهذا المعطى يفتح باب النقاش على مصراعيه بين مؤيد ومعارض للمقاربة البيداغوجية لتدبير الانشطة والتي تعتمد اللعب كقاعدة اساسية للاشتغال والتي يعتمدها الاطار المنهجي للتعليم الاولي.كما تمت ملاحظة خلال السنة الاولى من انطلاق تعميم التعليم الاولي اختلالات جسدها الاحتقان في المطالب الفئوية للمربيات، ذلك ان اسناد هذا التعليم للجمعيات يطرح العديد من الاستفهامات بغض النظر عن المعايير المعتمدة لاختيارها؛ فكما اوردت العديد من الجرائد والمواقع فرؤساء عدد من الجمعيات حولوا التعليم الاولي الى نشاط مدر للربح والاغتناء فهي تتلقى من المديريات الاقليمية للتعليم 1600 درهم عن كل مربية اضافة الى 400 درهم كدعم لاقتناء تجهيزات اللوجيستيكية ، الى جانب ذلك تدفع هاته الجمعيات نحو اجبار المربيات على استخلاص رسوم من أولياء أمور الاطفال قد تصل الى 100 درهمشهريا رغم انها ممارسة مسيجة بتنظيمات ادارية لكون التعليم الاولي العمومي من المفروض انه مجاني، إضافة الى تعالي اصوات عبر الفضاء الازرق وخلال منتديات تنددبوضعية المربيات المتسمة بالهشاشة حيث لا يستفدن من اية تغطية او حماية اجتماعية او صحية ولا يحصلن حتى على الحد الادنى للأجور بل ان بعض التنظيميات التي تتبنىمطالبهن تتساءل لماذا لا يتم ادماجهن في المنظومة التعليمية مادام القانون الاطار 51.17 ينص على ادماج التعليم الاولي ضمن مكونات التعليم الابتدائي.---يتبع---
ملصقات
