التعليقات مغلقة لهذا المنشور
ساحة
العلاقات المغربية الإسرائيلية بين الأمس واليوم (3)..التطرف الإسرائيلي يغتال رابين
نشر في: 14 ديسمبر 2020
سلط الصحافي المغربي علي بنستيتو، صاحب التجرية الكبيرة في الشرق الاوسط، الضوء من خلال سلسلة مقالات جديدة ينشرها على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وتعيد كشـ24 نشرها باتفاق معه، على العلاقات المغربية الإسرائيلية بين الأمس واليوم وذلك بالتزامن مع التطورات التي تعرفها هذه العلاقات مؤخرا.الحلقة 3علي بنستيتو تعود زيارتي الثانية إلى فلسطين وإسرائيل إلى نوفمبر 1995، وكنت خلالها، بمحض الصدفة، شاهدا عيان على حادث اغتيال إسحاق رابين،رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق وصاحب مشروع السلام مع العرب، على يد متطرف إسرائيلي.فقد وصلت إلى القدس قادما من العاصمة الأردنية ، عمان، حيث قمت بتغطية أشغال الدورة الثانية لـ"للقمة الاقتصادية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، وكان الهدف من تلك الزيارة هو إعداد تقارير صحفية عن سير مسلسل السلام من خلال لقاء عدد من الفعاليات السياسية وممثلي الرأي العام في الدولة العبرية، قبل الانتقال إلى الجانب الفلسطيني.صباح اليوم الموالي لوصولي، وكان يوم سبت، توجهت إلى قسم الصحافة برئاسة الحكومة الإسرائيلية بالقدس الغربية، حيث حصلت على بطاقة صحفي زائر، تمكنني من التجوال والتنقل في الأماكن التي كنت أنوي زيارتها.وبذات المناسبة أخبرني مسؤول بالمكتب أنه يمكنني حضور تجمع خطابي يجري تنظيمه مساء ذلك اليوم، بساحة البلدية، وسط مدينة تل أبيب، ستتحدث فيه شخصيات إسرائيلية مؤيدة لمعسكر السلام، في مقدمتهم رئيس الوزراء، إسحاق رابين، فاعتبرت أن هذا الحدث سوف يشكل فرصة لجس نبض الشارع الإسرائيلي وتوجهات نخبه السياسية إزاء عملية السلام، ومحاولة الإلمام بالتطورات السياسية في إسرائيل ومدى جدية حكومتها، والتي كان يقودها حينئذ حزب العمل بقيادة رابين.بعد مغادرتي المكتب الإعلامي، توجهت إلى موعد كان لي مع رئيس مكتب الاتصال المغربي بتل أبيب،عبد الرحمان الغفراني، الذي نصحني بعض الأصدقاء بالسفارة المغربية بالقاهرة، بلقائه والتعرف عليه، كي يضعني في صورة الأوضاع السياسية في الدولة العبرية ويساعدني في ترتيب لقاءات مع سياسيين إسرائيليين.استقبلني الرجل في مكتبه، الذي كانت تحتضنه بناية حديثة وسط تل أبيب، وكان يشتغل معه مجموعة من الدبلوماسيين المغاربة، منهم من كانت لي معرفة به من قبل. خلال جلسة استمرت نحو الساعتين، قدم لي الدبلوماسي المغربي، وهو ابن المؤسسة الأمنية،عرضا مسهبا عن كل ما كنت أود معرفته، حتى أصبحت الصورة بالنسبة لي، أكثر وضوحا من ذي قبل، كما بين لي الثوابت التي يرتكز عليها الموقف المغربي بالنسبة لعملية السلام بصفة عامة والقضية الفلسطينية على وجه الخصوص، والتي تتمحور حول دعم حق الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية تعيش في سلام مع إسرائيل .وقد أدهشني، حقيقة، بتحليلاته للوضع داخل إسرائيل في تلك المرحلة واطلاعه الواسع على الكثير من التفاصيل المتعلقة بالشأن السياسي الإسرائيلي، وبما كان يتوفر عليه من علاقات واسعة مع المسؤولين السياسيين والاقتصاديين الإسرائيليين، من بينهم كثير من اليهود من أصل مغربي ، منهم من كان وقتها يحتل مراكز مهمة في هرم السلطة.ومما استخلصته من حديثي معه، أن الجنرال إسحاق رابين، الذي سبق له أن خاض عدة حروب مع العرب، قبل أن يصبح زعيما لحزب العمل، قد تمكن من خلخلة التصلب الإسرائيلي المعادي للسلام مع العرب والفلسطينيين.ويعود نجاحه في ذلك إلى ما عرف عنه، حسب محدثي، من براغماتية سياسية، الأمر الذي دفع بأهم العواصم الدولية المؤثرة وفي مقدمتها واشنطن، خاصة في عهد الرئيس الديمقراطي، جيمي كارتر،إلى دعمه وتشجيعه للمضي قدما في اتجاه السلام. وبذلك استطاع إيجاد أرضية مشتركة للعمل مع الفلسطينيين بزعامة عرفات، والالتقاء معه في منتصف الطريق،في أفق تحقيق السلام. وسرعان ما أصبح لهذا التوجه مؤيدون في العالم العربي، ومن بينهم المغرب.واستخلصت أيضا أن المجتمع السياسي الإسرائيلي كان في تلك الفترة منقسم على نفسه بالنسبة لقضية السلام مع العرب.كان يوجد في الجانب المؤيد لهذا التوجه حزب العمل وتنظيمات اليسار ، فيما يعارضه بحدة اليمين المتطرف بأطيافه المختلفة والأوساط الدينية المتشددة ، وكلها قوى سياسية كانت ، وربما ما زالت، متشبثة بأطروحة ما يطلقون عليه "إسرائيل الكبرى"، تمتد من النهر إلى النهر (من نهر النيل في مصر إلى نهر الفرات في سوريا)، طبقا لمقولة وردت في كتابهم "المقدس" (التوراة)، كما يدعون.وبنفس المناسبة، أخبرني الدبلوماسي المغربي أنه سوف يلقي كلمة باسم الملك الحسن الثاني في المهرجان الخطابي المرتقب تنظيمه مساء ذلك اليوم. بعد ذلك قمت بجولة في شوارع تل أبيب وأزقتها لاكتشاف معالم المدينة، في انتظار حلول موعد انطلاق فعاليات المهرجان الخطابي، الذي بدأ في حدود السادسة مساء، بعد أن أعتلى منصة كبيرة، أقيمت وسط ساحة كبرى، غصت عن آخرها بآلاف من المواطنين ، من بينهم أعداد كبيرة من فلسطينيي 48. كما كان حاضرا لتغطية هذا الحدث العديد من الصحفيين وممثلي وسائل الإعلام المحلي والأجنبي.استمر المهرجان أكثر من ساعة ونصف ، تناول خلالها الكلمة عدة شخصيات يتقدمها اسحاق رابين وسط تصفيقات وترديد شعارات مؤيدة للسلام من قبل الحشود الحاضرة .الجميع تحدث عن مزايا السلام والاستقرار والأمن في الشرق الأوسط والتعايش والتعاون بين دول وشعوب المنطقة. كما تناول الكلمة عدد من الدبلوماسيين العرب الذين كانت لدولهم علاقات دبلوماسية مع اسرائيل من بينها مصر والأردن ، وكذا ممثل المغرب الذي ألقى كلمة مقتضبة باسم الملك الراحل ، أعاد من خلالها التأكيد على مواقف المملكة ، وخاصة من يتعلق بدعم مسيرة السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والجهود الرامية إلى تحقيق السلم والتعاون بين شعوب المنطقة لما فيه أمن واستقرار ورفاهية الجميع.فور انتهاء فعاليات المهرجان الخطابي وشروع الشخصيات الرسمية في مغادرة المنصة، حاولت مسرعا شق طريقي وسط الزحام في اتجاه أسفل الأدراج، التي كانت تسلكها تلك الشخصيات، كي ألتقي بالسيد الغفراني لاستلم منه نص الكلمة المكتوبة التي ألقاها باسم الملك، كما وعدني بذلك من قبل، باعتبارها وثيقة رسمية كي تبثها الوكالة عبر شبكتها الإخبارية. في الوقت الذي اقتربت فيه كثيرا من أول الأدراج النازلة من المنصة، حيث كنت أشاهد أمامي إسحاق رابين يتقدم الشخصيات المغادرة، ممعنا النظر كي أرمق الدبلوماسي المغربي، فإذا بطلقات نارية تلعلع فجأة. في تلك اللحظات شاهدت رابين وهو يتهاوى قبل أن يسقط على الأرض على مسافة أمتار قليلة من المكان الذي كنت أقف فيه... أصابته الطلقات النارية إصابات مباشرة في أنحاء متعددة من جسمه. وفي لمح البصر، اختلط الحابل بالنابل، ليتحول الموقف إلى فوضى عارمة وارتباك شديد وصراخ...رأيت بعض رجال الأمن والحراس ينقضون على الشخص الشاب، الذي أطلق الأعيرة النارية، فيما سارع آخرون بتطويق المكان، الذي سقط فيه رابين، وانطلقت صفارات الإنذار متبوعة بصفارات سيارة الإسعاف، التي شقت طريقها بصعوبة إلى مكان الحادث، لنقل إسحاق رابين ملطخا بالدماء إلى أقرب مستشفى ، حيث فارق الحياة، فيما هرعت أنا مسرعا في اتجاه الفندق الذي كنت أقيم به لأنقل الخبر إلى الوكالة ، التي كانت إحدى وسائل الإعلام العربية والدولية القليلة الأولى، التي كانت سباقة إلى الإخبار بهذا الحدث الهام وتغطيته انطلاقا من عين المكان.مكثت في القدس يومين لأتابع تداعيات وردود فعل اغتيال رابين، صاحب مشروع السلام مع العرب، ثم مراسيم تشييع جنازته، التي حضرها عدد كبير من قادة العالم من الشرق والغرب، ومثل المغرب فيها وفد هام ضم على الخصوص المستشار الملكي، أندري أزولاي والوزير الأول الراحل، عبد اللطيف الفيلالي.ولشك أن مستوى التمثيل المغربي في مراسيم الجنازة ، يعكس الآمال التي كان يعلقها المغرب بقيادة الحسن الثاني، شأنه في ذلك شأن أغلب دول المعمور، على نجاح مسيرة السلام في منطقة الشرق الأوسط في عهد حكومة رابين. ووفقا لما تداولته في حينه بعض المنابر الإعلامية الإسرائيلية ، فإن أجهزة الدولة العميقة الإسرائيلية المناهضة للسلام مع العرب، خاصة تلك الموالية لليمين المتطرف ، هي التي كانت ضالعة في عملية الاغتيال، التي نفذها الشاب اليهودي المتطرف (إيغال أمير)، وهو اغتيال اعتبر الأول من نوعه في تاريخ الدولة العبرية.
سلط الصحافي المغربي علي بنستيتو، صاحب التجرية الكبيرة في الشرق الاوسط، الضوء من خلال سلسلة مقالات جديدة ينشرها على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وتعيد كشـ24 نشرها باتفاق معه، على العلاقات المغربية الإسرائيلية بين الأمس واليوم وذلك بالتزامن مع التطورات التي تعرفها هذه العلاقات مؤخرا.الحلقة 3علي بنستيتو تعود زيارتي الثانية إلى فلسطين وإسرائيل إلى نوفمبر 1995، وكنت خلالها، بمحض الصدفة، شاهدا عيان على حادث اغتيال إسحاق رابين،رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق وصاحب مشروع السلام مع العرب، على يد متطرف إسرائيلي.فقد وصلت إلى القدس قادما من العاصمة الأردنية ، عمان، حيث قمت بتغطية أشغال الدورة الثانية لـ"للقمة الاقتصادية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، وكان الهدف من تلك الزيارة هو إعداد تقارير صحفية عن سير مسلسل السلام من خلال لقاء عدد من الفعاليات السياسية وممثلي الرأي العام في الدولة العبرية، قبل الانتقال إلى الجانب الفلسطيني.صباح اليوم الموالي لوصولي، وكان يوم سبت، توجهت إلى قسم الصحافة برئاسة الحكومة الإسرائيلية بالقدس الغربية، حيث حصلت على بطاقة صحفي زائر، تمكنني من التجوال والتنقل في الأماكن التي كنت أنوي زيارتها.وبذات المناسبة أخبرني مسؤول بالمكتب أنه يمكنني حضور تجمع خطابي يجري تنظيمه مساء ذلك اليوم، بساحة البلدية، وسط مدينة تل أبيب، ستتحدث فيه شخصيات إسرائيلية مؤيدة لمعسكر السلام، في مقدمتهم رئيس الوزراء، إسحاق رابين، فاعتبرت أن هذا الحدث سوف يشكل فرصة لجس نبض الشارع الإسرائيلي وتوجهات نخبه السياسية إزاء عملية السلام، ومحاولة الإلمام بالتطورات السياسية في إسرائيل ومدى جدية حكومتها، والتي كان يقودها حينئذ حزب العمل بقيادة رابين.بعد مغادرتي المكتب الإعلامي، توجهت إلى موعد كان لي مع رئيس مكتب الاتصال المغربي بتل أبيب،عبد الرحمان الغفراني، الذي نصحني بعض الأصدقاء بالسفارة المغربية بالقاهرة، بلقائه والتعرف عليه، كي يضعني في صورة الأوضاع السياسية في الدولة العبرية ويساعدني في ترتيب لقاءات مع سياسيين إسرائيليين.استقبلني الرجل في مكتبه، الذي كانت تحتضنه بناية حديثة وسط تل أبيب، وكان يشتغل معه مجموعة من الدبلوماسيين المغاربة، منهم من كانت لي معرفة به من قبل. خلال جلسة استمرت نحو الساعتين، قدم لي الدبلوماسي المغربي، وهو ابن المؤسسة الأمنية،عرضا مسهبا عن كل ما كنت أود معرفته، حتى أصبحت الصورة بالنسبة لي، أكثر وضوحا من ذي قبل، كما بين لي الثوابت التي يرتكز عليها الموقف المغربي بالنسبة لعملية السلام بصفة عامة والقضية الفلسطينية على وجه الخصوص، والتي تتمحور حول دعم حق الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية تعيش في سلام مع إسرائيل .وقد أدهشني، حقيقة، بتحليلاته للوضع داخل إسرائيل في تلك المرحلة واطلاعه الواسع على الكثير من التفاصيل المتعلقة بالشأن السياسي الإسرائيلي، وبما كان يتوفر عليه من علاقات واسعة مع المسؤولين السياسيين والاقتصاديين الإسرائيليين، من بينهم كثير من اليهود من أصل مغربي ، منهم من كان وقتها يحتل مراكز مهمة في هرم السلطة.ومما استخلصته من حديثي معه، أن الجنرال إسحاق رابين، الذي سبق له أن خاض عدة حروب مع العرب، قبل أن يصبح زعيما لحزب العمل، قد تمكن من خلخلة التصلب الإسرائيلي المعادي للسلام مع العرب والفلسطينيين.ويعود نجاحه في ذلك إلى ما عرف عنه، حسب محدثي، من براغماتية سياسية، الأمر الذي دفع بأهم العواصم الدولية المؤثرة وفي مقدمتها واشنطن، خاصة في عهد الرئيس الديمقراطي، جيمي كارتر،إلى دعمه وتشجيعه للمضي قدما في اتجاه السلام. وبذلك استطاع إيجاد أرضية مشتركة للعمل مع الفلسطينيين بزعامة عرفات، والالتقاء معه في منتصف الطريق،في أفق تحقيق السلام. وسرعان ما أصبح لهذا التوجه مؤيدون في العالم العربي، ومن بينهم المغرب.واستخلصت أيضا أن المجتمع السياسي الإسرائيلي كان في تلك الفترة منقسم على نفسه بالنسبة لقضية السلام مع العرب.كان يوجد في الجانب المؤيد لهذا التوجه حزب العمل وتنظيمات اليسار ، فيما يعارضه بحدة اليمين المتطرف بأطيافه المختلفة والأوساط الدينية المتشددة ، وكلها قوى سياسية كانت ، وربما ما زالت، متشبثة بأطروحة ما يطلقون عليه "إسرائيل الكبرى"، تمتد من النهر إلى النهر (من نهر النيل في مصر إلى نهر الفرات في سوريا)، طبقا لمقولة وردت في كتابهم "المقدس" (التوراة)، كما يدعون.وبنفس المناسبة، أخبرني الدبلوماسي المغربي أنه سوف يلقي كلمة باسم الملك الحسن الثاني في المهرجان الخطابي المرتقب تنظيمه مساء ذلك اليوم. بعد ذلك قمت بجولة في شوارع تل أبيب وأزقتها لاكتشاف معالم المدينة، في انتظار حلول موعد انطلاق فعاليات المهرجان الخطابي، الذي بدأ في حدود السادسة مساء، بعد أن أعتلى منصة كبيرة، أقيمت وسط ساحة كبرى، غصت عن آخرها بآلاف من المواطنين ، من بينهم أعداد كبيرة من فلسطينيي 48. كما كان حاضرا لتغطية هذا الحدث العديد من الصحفيين وممثلي وسائل الإعلام المحلي والأجنبي.استمر المهرجان أكثر من ساعة ونصف ، تناول خلالها الكلمة عدة شخصيات يتقدمها اسحاق رابين وسط تصفيقات وترديد شعارات مؤيدة للسلام من قبل الحشود الحاضرة .الجميع تحدث عن مزايا السلام والاستقرار والأمن في الشرق الأوسط والتعايش والتعاون بين دول وشعوب المنطقة. كما تناول الكلمة عدد من الدبلوماسيين العرب الذين كانت لدولهم علاقات دبلوماسية مع اسرائيل من بينها مصر والأردن ، وكذا ممثل المغرب الذي ألقى كلمة مقتضبة باسم الملك الراحل ، أعاد من خلالها التأكيد على مواقف المملكة ، وخاصة من يتعلق بدعم مسيرة السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والجهود الرامية إلى تحقيق السلم والتعاون بين شعوب المنطقة لما فيه أمن واستقرار ورفاهية الجميع.فور انتهاء فعاليات المهرجان الخطابي وشروع الشخصيات الرسمية في مغادرة المنصة، حاولت مسرعا شق طريقي وسط الزحام في اتجاه أسفل الأدراج، التي كانت تسلكها تلك الشخصيات، كي ألتقي بالسيد الغفراني لاستلم منه نص الكلمة المكتوبة التي ألقاها باسم الملك، كما وعدني بذلك من قبل، باعتبارها وثيقة رسمية كي تبثها الوكالة عبر شبكتها الإخبارية. في الوقت الذي اقتربت فيه كثيرا من أول الأدراج النازلة من المنصة، حيث كنت أشاهد أمامي إسحاق رابين يتقدم الشخصيات المغادرة، ممعنا النظر كي أرمق الدبلوماسي المغربي، فإذا بطلقات نارية تلعلع فجأة. في تلك اللحظات شاهدت رابين وهو يتهاوى قبل أن يسقط على الأرض على مسافة أمتار قليلة من المكان الذي كنت أقف فيه... أصابته الطلقات النارية إصابات مباشرة في أنحاء متعددة من جسمه. وفي لمح البصر، اختلط الحابل بالنابل، ليتحول الموقف إلى فوضى عارمة وارتباك شديد وصراخ...رأيت بعض رجال الأمن والحراس ينقضون على الشخص الشاب، الذي أطلق الأعيرة النارية، فيما سارع آخرون بتطويق المكان، الذي سقط فيه رابين، وانطلقت صفارات الإنذار متبوعة بصفارات سيارة الإسعاف، التي شقت طريقها بصعوبة إلى مكان الحادث، لنقل إسحاق رابين ملطخا بالدماء إلى أقرب مستشفى ، حيث فارق الحياة، فيما هرعت أنا مسرعا في اتجاه الفندق الذي كنت أقيم به لأنقل الخبر إلى الوكالة ، التي كانت إحدى وسائل الإعلام العربية والدولية القليلة الأولى، التي كانت سباقة إلى الإخبار بهذا الحدث الهام وتغطيته انطلاقا من عين المكان.مكثت في القدس يومين لأتابع تداعيات وردود فعل اغتيال رابين، صاحب مشروع السلام مع العرب، ثم مراسيم تشييع جنازته، التي حضرها عدد كبير من قادة العالم من الشرق والغرب، ومثل المغرب فيها وفد هام ضم على الخصوص المستشار الملكي، أندري أزولاي والوزير الأول الراحل، عبد اللطيف الفيلالي.ولشك أن مستوى التمثيل المغربي في مراسيم الجنازة ، يعكس الآمال التي كان يعلقها المغرب بقيادة الحسن الثاني، شأنه في ذلك شأن أغلب دول المعمور، على نجاح مسيرة السلام في منطقة الشرق الأوسط في عهد حكومة رابين. ووفقا لما تداولته في حينه بعض المنابر الإعلامية الإسرائيلية ، فإن أجهزة الدولة العميقة الإسرائيلية المناهضة للسلام مع العرب، خاصة تلك الموالية لليمين المتطرف ، هي التي كانت ضالعة في عملية الاغتيال، التي نفذها الشاب اليهودي المتطرف (إيغال أمير)، وهو اغتيال اعتبر الأول من نوعه في تاريخ الدولة العبرية.صورة من مكان حادث الاغتيال
صورة للشاب اليهودي المتطرف (إيغال أمير)
جانب من الشخصيات التي شاركت في مراسيم الجنازة من بينها المستشار الملكي أندري أزولاي
صورة من مكان حادث الاغتيال
صورة للشاب اليهودي المتطرف (إيغال أمير)
جانب من الشخصيات التي شاركت في مراسيم الجنازة من بينها المستشار الملكي أندري أزولاي
ملصقات
اقرأ أيضاً
ادريس الاندلسي يكتب لـ”كشـ24″: ميناء ” الخزيرات” ومعركة منافسة طنجة المتوسط
ساحة
ساحة
نهضة بركان يفك ارتباطه بالمدرب أمين الكرمة
ساحة
ساحة
جعفر الكنسوسي يكتب.. المدينة العتيقة، ميراث من الماضي وكنز للمستقبل
ساحة
ساحة
المحطة الطرقية العزوزية.. مآل الإفتتاح ضائع بين حماس المتفائلين و أسئلة المتشائمين
ساحة
ساحة
الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تتوج أفضل رياضيي سنة 2023
ساحة
ساحة
في اليوم العالمي لذوي الإعاقة.. يدير اكيندي يكتب عن الاجتهادات القضائيّة بالمغرب
ساحة
ساحة
الدكتور حمضي يكشف تفاصيل عن الدواء الجديد لعلاج السمنة
ساحة
ساحة