ساحة
مجتمع

الصناعة التقليدية المغربية: حكاية موت بطيء


ادريس الاندلسي نشر في: 11 يناير 2022

ادريس الاندلسيخلال لقاء مع أحد أعمدة الصناعة التقليدية بالمغرب و أحد من لهم لمسات إبداعية في مجال الخزف و هو المعلم مولاي أحمد السرغيني، شرح لي كيف هو حال الصناعة التقليدية و الأزمة الخانقة التي يعيشها المعلمين و الصناع و كل من يوجد مصدر رزقه في هذا الميدان. كان يتكلم بكثير من الحرقة على أوضاع زملاءه و هو الذي كان رئيسا لغرفتهم بمدينة أسفي . المسألة تحتاج حسب قوله إلى قرارات سياسية مبتكرة. حافة الإفلاس قريبة جدا تزيدها بعض الأحكام القضائية ضد بعض" المعلمين" حدة. الموضوع اثارني لأنه حيوي بالنسبة لقطاع يمثل الشخصية المغربية ذات الجذور القديمة . صحيح أن أزمة الكوفيد عمقت أزمة الصناعة التقليدية، لكن غياب نظرة إستراتيجية تظل السبب الرئيسي في إستفحال اوضاعها.لمسات الجمال ولدت من رحمها، مواهب صناع ابتكرت في تطويرها، آلاف الصناع عاشوا في كنفها و ملايين المنتوجات تدفقت في الأسواق بفعل مجهودات امتدت على مئات السنين لتساهم في صنع شخصية المفربي المعتز ببيته و ملبسه و مطبخه و زينة محيطه و بهاء طلعته في حفلات اعراسه و افراحه و حتى في التعبير عن لحظات أحزانه. مشهد لا تعبر عن غناه و تنوعه إلا ما نسميه منذ زمان و ربما تحت تأثير المستعمر بالصناعة التقليدية.آثارنا و قصورنا و مدننا و مداشرنا و كل مكان يجمعنا هو ذلك المعرض الذي يجسد إبداع الصانع التقليدي. كان الفعل الوحيد الذي جعل من صناعنا نساءا و رجالا حاضرين في أسواقنا و بيوتنا بل و حتى في بيوت من زاروا مغربنا كسياح ذلك الجهد الذي بذلوه بفن ابتكروه و جعلوه محبوبا مرغوبا لأنه مغربي و جميل. إنها الصناعة التقليدية وأكاد أرفض أنها صناعة تقليدية لأنها صناعة عصرية بامتياز و لأنها تعيش في توافق مع القرن الواحد و العشرين و لها من الأسرار ما يجعلها قادرة على إختراق الأزمان.و الآن في هذا الحاضر المتأزم نعيش أزمة المحافظة على مكون أساسي لوجودنا كصناع للغد المغربي المتجدد.صمدت الصناعة التقليدية رغم أزمات أصابتها في القلب. مرت حرب الخليج الأولى و الثانية و أرخت بظلالها على قوت و وواقع الصناع التقليديين و تجرعوا الصدمات و صمدوا. و جاءت الأزمة المالية ثم الإقتصادية لسنة 2008 فاصابت الإقتصاد الإجتماعي بعنف و قاوم الصناع التقليديون قدر الإفلاس وواجهوا مخاطر الإفلاس و صمدوا. و لكنهم اليوم أصبحوا على شفى حفرة من إعلان افلاسهم لأنهم وجدوا أن الأزمة الحالية و غياب التجاوب الحكومي مع واقعهم مبعث اقتناع أنهم يقتقدون إلى أي دعم أو سند لمواجهة هول ما يواجهونه لوحدهم في غياب سياسة حكومية قد تمكن من الحفاظ على مكنون ثقافي و رأسمال لا يمكن فصل أثاره عن الآثار التي تحدثها قطاعات إقتصادية كصناعة السيارات و الصناعة التحويلية للفوسفاط و حتي لما يتم إنجازه على مستوى قطاع الخدمات.الصناعة التقليدية تحتضر و تحتاج أن تدخل إلى غرفة الإنعاش. صناع في أوج عطاءاتهم الإبداعية يجدون أنفسهم خارج دائرة الإهتمام. الكل يعلم أن الصانع التقليدي يعيش بجهده اليومي ليضمن قوت أسرته. و الكل يعرف أيضا أن المقاولة العاملة في مجال الصناعة التقليدية تعيش في مجال الهشاشة و لا تتمكن من ربط تكاليف استمراريتها بالطلبات الواردة إليها من سوق متذبذب. العلاقة بين الصانع و المعلم ليست علاقة عامل مهني في مجال الصناعة بصاحب مصنع موجهة منتوجاته لسوق خارجية أو داخلية في إطار برنامج طلبيات في إطار متوسط المدى. المشكل أن الصانع التقليدي مهما كانت قدرته يظل يعيش في إطار الأمد القصير.اليوم، و في ظل آثار أزمة الكوفيد ، يجد الصانع التقليدي نفسه أمام حالات عسر كبيرة. له علاقات نفسية و مهنية مع العاملين لديه و هو الذي يوجد في وضعية هشاسة لا تميزه عن العاملين في ورشته. حكى بعض " المعلمين " أنهم صدموا حين رأوا أن بعض الصناع الماهرين فضلوا بيع النعناع و بعض الخضر و الفواكه على الإستمرار في العمل في ورشة لدى ذلك "المعلم " الذي لم تعد له القدرة على تأمين دخل يمكنهم من ملىء قفة عيش لأبنائهم. ووجد بعض أصحاب الورش المهن التقليدية أنفسهم أمام حدة الأزمة الصحية الحالية و آثارها و حدة أحكام قضائية لفائدة من بعض من كانوا يشتغلون في ورشاتهم. فهم الذين لا إمكانية لديهم لكي يستمروا في إنتاج السجاد و الحقيبة والقفطان و الفخار أصبحوا في مواجهة أحكام قضائية لا قدرة لهم على مواجهة تكاليفها. و قد يفضلون الحكم بافلاسهم بدل إخلاء منازلهم لكي تباع في مزاد علني. قال بعض " المعلمين " أن احكاما صدرت ضدهم في زمن الكوفيد تفرض عليهم أداء تعويضات لمن كانوا بالنسبة لهم مساهمين في ابداعاتهم و ليسوا مجرد عاملين بأجر شهري.الصناعة التقليدية رأسمال أمة و شعب لا يمكن التفريط فيه. لكل هذا و لكل ما سبق، أصبح من الواجب الاستيقاظ من سبات أصاب بعض التقنوقراط الذين لا قدرة لهم و لهن على فهم ما جرى و ما سوف يجري في قطاع اقتصادي يتأثر سريعا بما يتم اتخاذه من قرارات. الصناعة التقليدية هي في الأصل ثقافة تبنى على الحرص على تمكين الشباب من رأسمال كبير يتمثل في التكوين و التثقيف و نقل التجربة من جيل إلى جيل.ولأن بعض الممارسات السياساوية تسربت إلى جسم الصناعة التقليدية، فقد أصبح بعض رؤساء الغرف من ممتهني حرف لا علاقة لها بالصناعة التقليدية. و للعلم فقد ترأس مصورون و فوتوغرافيون و أصحاب مقاهي وأصحاب حمامات و من لا علاقة لهم بالمنتج التقليدي مهام رؤساء لغرف مهنية بتواطؤ حزبي مقيت و تحكموا في مصير الكثير ممن ينتمون فعلا للصناعة التقليدية. ووصل بعضهم إلى البرلمان و الحكومة و هم لا يعرفون أي شيء عن الصناعة التقليدية. و كل هذا تم في ظل تواطؤ كبير بين الكثير من محترفي السياسة و بعض الصناع التقليديين. و لقد أصبح من اللازم اجلاء المتطفلين على الصناعة التقليدية عن هذا المجال الذي لا يجب أن يدخله غير المبدعين.و الأكثر من هذا، أصبح الولوج إلى منصب وزير أو وزيرة الصناعة التقليدية متاحا لكل من رشحه حزبه للمنصب دون أن يكون له إلمام بما يتطلبه هذا المنصب. و يتناوب الوزراء على المنصب و يعلنون بصخب عن عزم و إرادة لانصاف الصانع التقليدي. يسافرون و يحضرون حفلات في الخارج و الداخل ثم يرحلون إلى مناصب أخرى و تظل الصناعة التقليدية على ما هي عليه.اليوم صعب و عصيب و يتطلب قرارات تحافظ على الصناعة التقليدية. الصناع التقليديون لا يطلبون هدايا و لكنهم يطلبون الإنصاف بالمقارنة مع حصل عليه الفلاحون و الصناعيون و التجار الكبار. هؤلاء استفادوا و لا زالوا يستفيدون من تسهيلات ضريبية و تمويلية في الوقت الذي تختنق فيه الصناعة التقليدية تحت ضغط أزمة السوق و هشاشة التغطية الإجتماعية و ضعف التمويل وغياب التحفيز الضريبي و ضغط الأحكام القضائية. و يزيد الضغط على الصناع التقليديين من خلال تغييب دورهم التنموي و استغلالهم من طرف وسطاء لا يهمهم سوى الربح السريع أو تسجيل مواقف غير ذات أثر على استمرار الإبداع في مجال الصناعة التقليدية.و سيظل السؤال الذي يتطلب جوابا عبر سياسة قطاعية حقيقية هو: هل نريد أن نحافظ على الموروث الثقافي المتمثل في الصناعة التقليدية أم هناك بعض منا لا يهمه أن يفقد المغرب كنزا من كنوز ثقافته. المؤكد أن ملوك المغرب عبر التاريخ لم يفرطوا أبدأ في إبداع الصانع التقليدي. خذوا العبرة من سلوك الملوك المغاربة منذ قرون و المغاربة الاقحاح يا من لهم سلطة القرار في تنفيذ السياسات العمومية. وجب أن نأخذ المثال و العبرة و النظرة الاستراتيجية من الراحل الكبير الحسن الثاني الذي ساعد على إحياء حرف قديمة من خلال بناء معلمات كبرى تجسدت في ضريح محمد الخامس و مسجد حمل إسمه و لا زال شامخا و مطلا بهيبته و جماله على ما سمي قديما ببحر الظلمات. ووجه المهندسين المعماريين بالمحافظة على كنوز الإبداع المغربي و أستمر هذا الإبداع بفعل عاهل البلاد الملك محمد السادس الذي أسس لسياسة إعادة إعمار المدن العتيقة و أثر بكثير من الوعي في مشاريع بناء الفنادق و القرى السياحية. و لولا هذه الإرادة لما عاشت مهن كثيرة تضفي الكثير من الجمال على الإبداع المغربي.و السؤال يا أصحاب القرار هو مدى معرفتكم بما ستؤول إليه مهن الصناعة التقليدية. بإمكانكم التحكم في مصير الآلاف من العاملين في استمرار إبداع مغربي أصيل. الصانع التقليدي لا يريد هبة او صدقة بل سياسة قطاعية تهتم بحماية المنتوج الوطني و تسد الباب أمام أجانب يريدون تشويه أعمال عمرها يمتد إلى قرون مضت دون أن تستسلم أمام مغريات سوق أصبح بعض الأجانب يتحكمون في آليات. القرار قراركم و المسؤولية مسؤوليتكم و صناع مجد المغرب ينتظرون من يفهمون ارتباط المغربي بالجميل من إبداع اجداده. القرار بين أيديكم لكي تكونوا حصنا ضد اضعاف منتجاتنا التقليدية الجميلة و حماية المبدعين من الهشاشة . الصانع التقليدي يحتاج إلى حماية اجتماعيه حقيقية تقيه من دفن تجربته و اللجوء إلى بيع النعناع بدل كره ذلك اليوم الذي ولج فيه إلى تعلم حرفة اوصلته إلى الهشاشة الإجتماعية.

ادريس الاندلسيخلال لقاء مع أحد أعمدة الصناعة التقليدية بالمغرب و أحد من لهم لمسات إبداعية في مجال الخزف و هو المعلم مولاي أحمد السرغيني، شرح لي كيف هو حال الصناعة التقليدية و الأزمة الخانقة التي يعيشها المعلمين و الصناع و كل من يوجد مصدر رزقه في هذا الميدان. كان يتكلم بكثير من الحرقة على أوضاع زملاءه و هو الذي كان رئيسا لغرفتهم بمدينة أسفي . المسألة تحتاج حسب قوله إلى قرارات سياسية مبتكرة. حافة الإفلاس قريبة جدا تزيدها بعض الأحكام القضائية ضد بعض" المعلمين" حدة. الموضوع اثارني لأنه حيوي بالنسبة لقطاع يمثل الشخصية المغربية ذات الجذور القديمة . صحيح أن أزمة الكوفيد عمقت أزمة الصناعة التقليدية، لكن غياب نظرة إستراتيجية تظل السبب الرئيسي في إستفحال اوضاعها.لمسات الجمال ولدت من رحمها، مواهب صناع ابتكرت في تطويرها، آلاف الصناع عاشوا في كنفها و ملايين المنتوجات تدفقت في الأسواق بفعل مجهودات امتدت على مئات السنين لتساهم في صنع شخصية المفربي المعتز ببيته و ملبسه و مطبخه و زينة محيطه و بهاء طلعته في حفلات اعراسه و افراحه و حتى في التعبير عن لحظات أحزانه. مشهد لا تعبر عن غناه و تنوعه إلا ما نسميه منذ زمان و ربما تحت تأثير المستعمر بالصناعة التقليدية.آثارنا و قصورنا و مدننا و مداشرنا و كل مكان يجمعنا هو ذلك المعرض الذي يجسد إبداع الصانع التقليدي. كان الفعل الوحيد الذي جعل من صناعنا نساءا و رجالا حاضرين في أسواقنا و بيوتنا بل و حتى في بيوت من زاروا مغربنا كسياح ذلك الجهد الذي بذلوه بفن ابتكروه و جعلوه محبوبا مرغوبا لأنه مغربي و جميل. إنها الصناعة التقليدية وأكاد أرفض أنها صناعة تقليدية لأنها صناعة عصرية بامتياز و لأنها تعيش في توافق مع القرن الواحد و العشرين و لها من الأسرار ما يجعلها قادرة على إختراق الأزمان.و الآن في هذا الحاضر المتأزم نعيش أزمة المحافظة على مكون أساسي لوجودنا كصناع للغد المغربي المتجدد.صمدت الصناعة التقليدية رغم أزمات أصابتها في القلب. مرت حرب الخليج الأولى و الثانية و أرخت بظلالها على قوت و وواقع الصناع التقليديين و تجرعوا الصدمات و صمدوا. و جاءت الأزمة المالية ثم الإقتصادية لسنة 2008 فاصابت الإقتصاد الإجتماعي بعنف و قاوم الصناع التقليديون قدر الإفلاس وواجهوا مخاطر الإفلاس و صمدوا. و لكنهم اليوم أصبحوا على شفى حفرة من إعلان افلاسهم لأنهم وجدوا أن الأزمة الحالية و غياب التجاوب الحكومي مع واقعهم مبعث اقتناع أنهم يقتقدون إلى أي دعم أو سند لمواجهة هول ما يواجهونه لوحدهم في غياب سياسة حكومية قد تمكن من الحفاظ على مكنون ثقافي و رأسمال لا يمكن فصل أثاره عن الآثار التي تحدثها قطاعات إقتصادية كصناعة السيارات و الصناعة التحويلية للفوسفاط و حتي لما يتم إنجازه على مستوى قطاع الخدمات.الصناعة التقليدية تحتضر و تحتاج أن تدخل إلى غرفة الإنعاش. صناع في أوج عطاءاتهم الإبداعية يجدون أنفسهم خارج دائرة الإهتمام. الكل يعلم أن الصانع التقليدي يعيش بجهده اليومي ليضمن قوت أسرته. و الكل يعرف أيضا أن المقاولة العاملة في مجال الصناعة التقليدية تعيش في مجال الهشاشة و لا تتمكن من ربط تكاليف استمراريتها بالطلبات الواردة إليها من سوق متذبذب. العلاقة بين الصانع و المعلم ليست علاقة عامل مهني في مجال الصناعة بصاحب مصنع موجهة منتوجاته لسوق خارجية أو داخلية في إطار برنامج طلبيات في إطار متوسط المدى. المشكل أن الصانع التقليدي مهما كانت قدرته يظل يعيش في إطار الأمد القصير.اليوم، و في ظل آثار أزمة الكوفيد ، يجد الصانع التقليدي نفسه أمام حالات عسر كبيرة. له علاقات نفسية و مهنية مع العاملين لديه و هو الذي يوجد في وضعية هشاسة لا تميزه عن العاملين في ورشته. حكى بعض " المعلمين " أنهم صدموا حين رأوا أن بعض الصناع الماهرين فضلوا بيع النعناع و بعض الخضر و الفواكه على الإستمرار في العمل في ورشة لدى ذلك "المعلم " الذي لم تعد له القدرة على تأمين دخل يمكنهم من ملىء قفة عيش لأبنائهم. ووجد بعض أصحاب الورش المهن التقليدية أنفسهم أمام حدة الأزمة الصحية الحالية و آثارها و حدة أحكام قضائية لفائدة من بعض من كانوا يشتغلون في ورشاتهم. فهم الذين لا إمكانية لديهم لكي يستمروا في إنتاج السجاد و الحقيبة والقفطان و الفخار أصبحوا في مواجهة أحكام قضائية لا قدرة لهم على مواجهة تكاليفها. و قد يفضلون الحكم بافلاسهم بدل إخلاء منازلهم لكي تباع في مزاد علني. قال بعض " المعلمين " أن احكاما صدرت ضدهم في زمن الكوفيد تفرض عليهم أداء تعويضات لمن كانوا بالنسبة لهم مساهمين في ابداعاتهم و ليسوا مجرد عاملين بأجر شهري.الصناعة التقليدية رأسمال أمة و شعب لا يمكن التفريط فيه. لكل هذا و لكل ما سبق، أصبح من الواجب الاستيقاظ من سبات أصاب بعض التقنوقراط الذين لا قدرة لهم و لهن على فهم ما جرى و ما سوف يجري في قطاع اقتصادي يتأثر سريعا بما يتم اتخاذه من قرارات. الصناعة التقليدية هي في الأصل ثقافة تبنى على الحرص على تمكين الشباب من رأسمال كبير يتمثل في التكوين و التثقيف و نقل التجربة من جيل إلى جيل.ولأن بعض الممارسات السياساوية تسربت إلى جسم الصناعة التقليدية، فقد أصبح بعض رؤساء الغرف من ممتهني حرف لا علاقة لها بالصناعة التقليدية. و للعلم فقد ترأس مصورون و فوتوغرافيون و أصحاب مقاهي وأصحاب حمامات و من لا علاقة لهم بالمنتج التقليدي مهام رؤساء لغرف مهنية بتواطؤ حزبي مقيت و تحكموا في مصير الكثير ممن ينتمون فعلا للصناعة التقليدية. ووصل بعضهم إلى البرلمان و الحكومة و هم لا يعرفون أي شيء عن الصناعة التقليدية. و كل هذا تم في ظل تواطؤ كبير بين الكثير من محترفي السياسة و بعض الصناع التقليديين. و لقد أصبح من اللازم اجلاء المتطفلين على الصناعة التقليدية عن هذا المجال الذي لا يجب أن يدخله غير المبدعين.و الأكثر من هذا، أصبح الولوج إلى منصب وزير أو وزيرة الصناعة التقليدية متاحا لكل من رشحه حزبه للمنصب دون أن يكون له إلمام بما يتطلبه هذا المنصب. و يتناوب الوزراء على المنصب و يعلنون بصخب عن عزم و إرادة لانصاف الصانع التقليدي. يسافرون و يحضرون حفلات في الخارج و الداخل ثم يرحلون إلى مناصب أخرى و تظل الصناعة التقليدية على ما هي عليه.اليوم صعب و عصيب و يتطلب قرارات تحافظ على الصناعة التقليدية. الصناع التقليديون لا يطلبون هدايا و لكنهم يطلبون الإنصاف بالمقارنة مع حصل عليه الفلاحون و الصناعيون و التجار الكبار. هؤلاء استفادوا و لا زالوا يستفيدون من تسهيلات ضريبية و تمويلية في الوقت الذي تختنق فيه الصناعة التقليدية تحت ضغط أزمة السوق و هشاشة التغطية الإجتماعية و ضعف التمويل وغياب التحفيز الضريبي و ضغط الأحكام القضائية. و يزيد الضغط على الصناع التقليديين من خلال تغييب دورهم التنموي و استغلالهم من طرف وسطاء لا يهمهم سوى الربح السريع أو تسجيل مواقف غير ذات أثر على استمرار الإبداع في مجال الصناعة التقليدية.و سيظل السؤال الذي يتطلب جوابا عبر سياسة قطاعية حقيقية هو: هل نريد أن نحافظ على الموروث الثقافي المتمثل في الصناعة التقليدية أم هناك بعض منا لا يهمه أن يفقد المغرب كنزا من كنوز ثقافته. المؤكد أن ملوك المغرب عبر التاريخ لم يفرطوا أبدأ في إبداع الصانع التقليدي. خذوا العبرة من سلوك الملوك المغاربة منذ قرون و المغاربة الاقحاح يا من لهم سلطة القرار في تنفيذ السياسات العمومية. وجب أن نأخذ المثال و العبرة و النظرة الاستراتيجية من الراحل الكبير الحسن الثاني الذي ساعد على إحياء حرف قديمة من خلال بناء معلمات كبرى تجسدت في ضريح محمد الخامس و مسجد حمل إسمه و لا زال شامخا و مطلا بهيبته و جماله على ما سمي قديما ببحر الظلمات. ووجه المهندسين المعماريين بالمحافظة على كنوز الإبداع المغربي و أستمر هذا الإبداع بفعل عاهل البلاد الملك محمد السادس الذي أسس لسياسة إعادة إعمار المدن العتيقة و أثر بكثير من الوعي في مشاريع بناء الفنادق و القرى السياحية. و لولا هذه الإرادة لما عاشت مهن كثيرة تضفي الكثير من الجمال على الإبداع المغربي.و السؤال يا أصحاب القرار هو مدى معرفتكم بما ستؤول إليه مهن الصناعة التقليدية. بإمكانكم التحكم في مصير الآلاف من العاملين في استمرار إبداع مغربي أصيل. الصانع التقليدي لا يريد هبة او صدقة بل سياسة قطاعية تهتم بحماية المنتوج الوطني و تسد الباب أمام أجانب يريدون تشويه أعمال عمرها يمتد إلى قرون مضت دون أن تستسلم أمام مغريات سوق أصبح بعض الأجانب يتحكمون في آليات. القرار قراركم و المسؤولية مسؤوليتكم و صناع مجد المغرب ينتظرون من يفهمون ارتباط المغربي بالجميل من إبداع اجداده. القرار بين أيديكم لكي تكونوا حصنا ضد اضعاف منتجاتنا التقليدية الجميلة و حماية المبدعين من الهشاشة . الصانع التقليدي يحتاج إلى حماية اجتماعيه حقيقية تقيه من دفن تجربته و اللجوء إلى بيع النعناع بدل كره ذلك اليوم الذي ولج فيه إلى تعلم حرفة اوصلته إلى الهشاشة الإجتماعية.



اقرأ أيضاً
يدير اكيندي يكتب عن مافيا الماستر: حين تتحول الجامعة من منارة للعلم إلى سوق نخاسة لبيع الذمم
يدير اكيندي الفساد يضرب قلب التعليم العالي… ومصداقية الوطن على المحك مرة أخرى، يَطفو على السطح وجه بشع من وجوه الفساد في بلادنا، بعد تفجر فضيحة الاتجار بالشواهد الجامعية، وبالضبط شهادات الماستر، في واحدة من مؤسسات التعليم العالي التي يُفترض فيها أن تُخرّج نخبة النخبة. والكارثة أن هذه الشهادات ليست مجرد أوراق، بل مفاتيح لولوج مراكز القرار، ومسالك البحث العلمي، ومواقع المسؤولية في القضاء والإدارة والتعليم والثقافة. فماذا يعني أن تُباع هذه المفاتيح لمن يملك الثمن؟ وماذا تبقّى من الوطن إذا تساوى الحاذق والغشاش، والعالم والمزوّر، في فرص الصعود؟ فكيف يمكن لمجتمع أن ينهض إذا كان التعليم، أساس بناء الإنسان، يُباع ويُشترى؟ وكيف نضمن مستقبلاً وطنياً إذا كانت المناصب العليا تُمنح لمن يدفع أكثر، لا لمن يستحق؟ما وقع في جامعة أكادير ليس حادثا معزولا، بل هو مؤشّر خطير على هشاشة منظومتنا القيمية، وعلى مدى تمدّد سرطان الغش والتدليس في جسد المجتمع. أن يصبح الغش “حقا مكتسبا” لدى بعض الفئات، فتلك بداية نهاية العقد الاجتماعي بين المواطنين والدولة. من غير المعقول أن تنحصر المساءلة في الأستاذ المتهم وحده، بل إن كل من استفاد، بشكل مباشر أو غير مباشر، من هذه “التجارة اللاشرعية”، يجب أن يُحاسب ويُتابع بتهمة التزوير في وثائق رسمية، والاحتيال على الدولة، والولوج إلى مواقع المسؤولية دون وجه حق ، مما يجعل الفساد التعليمي قنبلة موقوتة تهدد أمن المجتمع بأكمله هنا تبرز ضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة، فلا يكفي معاقبة الأستاذ المتورط في فضيحة أكادير، بل يجب استدعاء كل من استفاد من هذه “الصفقات” وملاحقته بتهمة التزوير والتدليس.. إننا لا ننسى الضحايا الحقيقيين لهذه الفضيحة: أبناء وبنات هذا الوطن، الذين أُقصوا لأنهم لم يملكوا 250 ألف درهم لشراء شهادة، وليس لأنهم يفتقرون للكفاءة أو الجدارة. كم من طاقة وطنية شريفة حُرمت من فرصتها، ودُفنت أحلامها، وانهزمت ثقتها في مؤسسات الدولة! وكم من شاب وشابة حُرموا من الماستر والدكتوراه، لا لضعف مستواهم العلمي، بل فقط لأنهم لا يملكون رصيدًا بنكيًا محترمًا! أليس هذا هو الوجه الحقيقي لانهيار القيم، وبداية تصدع الوطن؟ هذه الممارسات لا تدمر الأفراد فحسب، بل تقتل روح الانتماء لدى الشباب، وتجعلهم يفقدون الثقة في الوطن. وكما قال الكاتب البرازيلي باولو كويلو في روايته “الكيميائي”: “عندما تُحارب أحلامك، فإن الكون بأسره يتآمر لمساعدتك”، لكن ماذا لو كان الفساد هو من يحارب الأحلام؟ حينها لن يجد الشباب سوى اليأس أو الهجرة لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذه الجريمة. فالوطن الذي نريده ليس مبنيًا على الريع والزبونية، بل على تكافؤ الفرص والاستحقاق. كما ورد في النموذج التنموي الجديد، الذي دعا إليه جلالة الملك محمد السادس، فإن بناء مغرب الغد يمر عبر بناء مجتمع قوي إلى جانب دولة قوية، مجتمع يؤمن بالعدل، والكرامة، والنزاهة، ويقاوم كل أشكال الغش والإفساد. فكيف تكون الدولة قوية إذا كان تعليمها ضعيفاً؟ وكيف يكون المجتمع قوياً إذا كان أفراده يعيشون على الوهم؟ ولعل ما قاله الكاتب البرازيلي باولو كويلو في رسالته إلى ابنه: “إن بناء الإنسان أصعب بكثير من بناء المدن، لكنه الأساس الحقيقي لأي حضارة”، ينطبق تمامًا على ما نحتاجه اليوم. فالتعليم هو حجر الزاوية لبناء الإنسان، والعبث به هو تقويض لكل إمكانيات النهوض. ألم يقل الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو: ” « وهل هناك عدل حين يحصل المزوّرون على مناصب ومسؤوليات، بينما يُقصى النجباء لأنهم لا يملكون المال؟ هل هناك دولة قانون، حين يتحول التعليم إلى مزاد علني؟ إننا أمام لحظة فارقة: إما أن تتحرّك النيابة العامة بصرامة، ويُفتح تحقيق شامل يُحاسب فيه كل من تواطأ أو استفاد أو سكت عن هذا الفساد، أو أن نترك هذا الورم الخبيث يتفشى في جسد الدولة والمجتمع، ويُعمق فقدان الثقة، ويقضي على كل أمل في الإصلاح. إننا ننتظر من وزارة التعليم العالي أن تنتصب كمطالب بالحق المدني في هذه القضية، وأن تُعلن حربا لا هوادة فيها على كل المتلاعبين بسمعة الجامعة المغربية. فالتعليم لا يجب أن يكون سلعة، ولا يجب أن يُترك للمفسدين ينشرون سمومهم بين الطلبة والأساتذة، ويهدمون ما تبقى من الأمل في غد نزيه وعادل. وحده العدل، وحدها المساواة، وحده القانون، يمكن أن يؤسسوا لوطن يسع الجميع. أما الاستسلام فليس خيارًا، والسكوت تواطؤ. فلننتفض، دفاعًا عن الكرامة، عن العدالة، عن مغرب يستحق أن نحلم به… لا أن نخجل منه. فضيحة شواهد الماستر ليست قضية أكاديمية عابرة، بل هي معركة وجودية ضد فسادٍ ينهش جسد الوطن. إن لم نتحرك اليوم، فسنواجه غداً جيلاً يعتقد أن الغش “إنجاز”، والتدليس “ذكاء”. الفساد الجامعي ليس مجرد جريمة أخلاقية، بل تهديد مباشر للأمن المجتمعي. عندما تتحول الجامعة إلى مصنع لشواهد مزورة، فإنها تنتج مسؤولين بلا كفاءة، وقضاة بلا ضمير، وأساتذة بلا علم. وحينها لا يمكن بناء مغرب الغد السكوت عن هذه الجريمة هو خيانة للأمل، وتواطؤ مع الفساد، ومساهمة في قتل طموحات شباب حُرموا من فرص حقيقية لأنهم لم يملكوا ما يكفي لشراء شهادة. إن ضحايا هذه المافيا معروفون: شباب اجتهدوا وكافحوا، لكنهم صُدوا لأنهم لم يكونوا جزءاً من لعبة النفوذ والرشوة * يدير اكيندي، أستاذ العلوم الاقتصادية والاجتماعية، خبير في التنمية الشاملة والإعاقة
ساحة

يونس مجاهد يكتب: حرية الصحافة المزعومة
يونس مجاهديشكل الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يصادف الثالث من شهر ماي كل سنة، مناسبة أخرى للحديث عن القضايا المرتبطة بممارسة هذه الحرية، وخاصة التضييق الذي يمارس لمنعها أو الحد منها، غير أنه قلما تناقش أخلاقيات الصحافة، في علاقتها بالحرية، رغم أن هناك تكاملا بين المبدأين، يجعل من جودة الصحافة، رديفا للالتزام بأخلاقياتها، لأن الصحافة الرديئة ليست ممارسة للحرية، بل على العكس، إنها مجرد تضليل للجمهور ونشر لأخبار كاذبة، وتشهير وارتزاق وابتزاز... وهي بذلك لا تستجيب لتطلعات المجتمع، بل تؤثر سلبا على حرية الصحافة وادوارها الاجتماعية.وانطلاقا من هذا المنظور الذي يعتبر أن الوظيفة الاجتماعية هي الغاية الرئيسية للممارسة الصحافية، تطور استعمال المعيار الاجتماعي، لتصحيح الانحرافات التي تصيب هذه المهنة، فرغم اعتماد مواثيق الأخلاقيات وهيئات التنظيم الذاتي، في العديد من البلدان المتقدمة في المجال الديمقراطي، إلا أنها ظلت تلجأ باستمرار لمراجعات مختلفة، لعلاقة الصحافة بالمجتمع. وفيهذا الصدد يمكن العودة إلى ما حصل في الولايات المتحدة، سنة 1942، حين تم إحداث لجنة هاتشينز، من طرف جامعة شيكاغو، بطلب من مؤسس مجلة تايم، هنري لوس، التي عينت على رأسها روبرت ماينارد هاتشينز. اشتغلت هذه اللجنة لمدة خمس سنوات، ونشرت تقريرها تحت عنوان "صحافة حرة ومسؤولة". ومما ورد فيه، وجود تناقض بين المفهوم التقليدي لحرية الصحافة، وضرورة التحلي بالمسؤولية. فالمسؤولية واحترام القانون، ليس في حد ذاتهما تضييقاعلى حرية الصحافة، بل على العكس، يمكن أن يكونا تعبيرا أصيلا عن حرية إيجابية، لكنهما ضد حرية اللامبالاة. ويضيف التقرير؛ لقد أصبح من المعتاد اليوم أن تكون حرية الصحافة المزعومة، عبارة عن لا مسؤولية اجتماعية، لذا على الصحافة أن تعرف أن أخطاءها وأهواءها لم تعد ملكية خاصة لها، فهي تشكل خطرا على المجتمع، لأنها عندما تخطئ، فإنها تضلل الرأي العام، فنحن أمام تحدٍ؛ على الصحافة أن تظل نشاطا حرا وخاصا، لكن ليس لها الحق في أن تخطئ، لأنها تؤدي وظيفة مرفق عام. كان لهذا التقرير تأثير كبير في الحقل الصحافي، آنذاك، لأنه استعمل مفهوم المسؤولية الاجتماعية، واعتبر أن للصحافة وظائف أساسية، في تقديم معلومات وافية من خلال بحث وتدقيق، حول الأحداث اليومية، ضمن سياق واضح، وأن تكون منتدى للنقاش ولممارسة التعددية والحق في الاختلاف، وتنفتح على مختلف فئات المجتمع، بمساواة وإنصاف، وتتجنب الأفكار المسبقة والصور النمطية... ومن أشهر التقارير التي عرفتها، أيضا البلدان الديمقراطية، "تقرير ليفيسون"، الذي هو عبارة عن خلاصات تحقيق عام أجري في المملكة المتحدة بين عامي 2011 و2012، برئاسة القاضي براين ليفيسون، الذي كلفته الحكومة، بإنجاز افتحاص شامل حول ممارسة الصحافة ومدى التزامها بالأخلاقيات. ومن أهم توصياته؛ إنشاء هيئة جديدة مستقلة لتنظيم الصحافة، عبر تشريع قانوني، وتعزيز حماية الأفراد من انتهاكات الخصوصية ومن التشهير... وبناء على هذا التقرير تم اعتماد "ميثاق ملكي" للتنظيم الذاتي، صادق عليه البرلمان. ومازالت الأحزاب السياسية في هذا البلد تناقش الطرق المثلى الممكنة للتوصل إلى صيغة قانونية لتنفيذه، بالتوافق مع الناشرين. ويعتبر العديد من الباحثين في مجال الصحافة، أنه لا يمكن تصور الجودة في الصحافة، دون احترام أخلاقياتها، وحول هذا الموضوع، نظم منتدى الصحافة في الأرجنتين، ندوة دولية بمشاركة أكاديميين، صدرت في كتاب سنة 2007، تحت عنوان "صحافة الجودة: نقاشات وتحديات"، ناقش هذا الإشكال من مختلف جوانبه، وكانت خلاصته الرئيسية، أن الجودة والأخلاقيات وجهان لعملة واحدة. الجودة في البحث والتقصي وتدقيق المعلومات والتأكد من المعطيات، احترام الخصوصيات، الامتناع عن ممارسة السب والقذف، استعمال اللغة بشكل صحيح وراقٍ، تجنب الأخطاء اللغوية... ومن مصادر هذا الكتاب، البحث الذي نشرته الأستاذة الجامعية الإسبانية، المتخصصة في أخلاقيات الصحافة، صوريا كارلوس، تحت عنوان "الأمراض النفسية للأخلاقيات في المؤسسات الإخبارية"، حيث اعتبرت أن هناك أربعة أسباب تفرض الالتزام بأخلاقيات الصحافة؛ أولها، أن الأشخاص الذين يربحون قوت يومهم من خلال انتقاد الآخرين، تقع عليهم مسؤولية أن يكون تفكيرهم غير مثير للانتقاد، ثانيها، الاشتغال قليلا، بشكل رديء، بدون احترام القواعد والجودة المطلوبة، يشكل أول انتهاك للأخلاقيات، ثالثها، أن القانون وحده لا يكفي، فعلى المؤسسات أن تضع أنظمة داخلية لاحترام أخلاقيات الصحافة، رابعها، حتى تكون هناك مقاولات صحافية قوية وموحدة، عليها أن تتوفر على منظومة قيم، وثقافة أخلاقية مشتركة. إن كل حديث عن حرية الصحافة، دون استحضار شروط ممارستها، يظل مجرد شعارات فارغة، فبالإضافة إلى ضرورة العمل على توفير الإطار القانوني الذي يسمح بممارسة الحرية، فإن الأهم هو أن تلتزم الصحافة بالقواعد المهنية والمبادئ الأخلاقية، وتستند على منظومة القيم، المتعارف عليها عالميا في ميدان الصحافة، داخل إطار مؤسساتي قوي، وأنظمة داخلية يتم فيها تقاسم المسؤولية المشتركة، كل هذا لا يمكن أن يكون إلا في مقاولات صحافية مهيكلة بشكل محترف، تتوفر على إمكانات مادية وموارد بشرية، قادرة على تقديم منتوج يليق بمكانة الصحافة ويتجاوب مع متطلبات مسؤوليتها الاجتماعية.
ساحة

هرماس يسائل والي الجهة ووالي الامن.. هل أعلنتما انهزام السلطة أمام عربدة سائقي سيارات الأجرة؟
حسن هرماس السيدان الواليان المحترمان، كلما حللت بالمدينة الحمراء، التي امضيت فيها جزءا غير يسير من مساري المهني كصحافي، وارتبطت بها من الناحية الوجدانية والعائلية، إلا وشعرت بنوع من المرارة والأسى اتجاه بعض الممارسات المشينة التي تتغذى من مستنقع الفوضى والابتزاز، لدرجة أنني أصبحت أتخيل أن السلطات الأمنية والسلطات الولائية قدمتا معا استقالتها من ممارسة جزء من وظيفتها، وأعلنتا انهزامهما في مبارزة استأسد فيها "الخصم"، وما هو بخصم، وتجبر بلا حد ولا قيود. السيدان الواليان، أنا على يقين أنكما على بينة من العربدة والتجبر الذي عات بلا حدود في عدد من الأماكن المسموح فيها بتوقف سائقي سيارات الأجرة الصغيرة منها والكبيرة لنقل الركاب، مواطنين وسياحا، مغاربة وأجانب، نحو وجهاتهم، ومن ضمنها الساحة المحاذية لمحطة قطار مراكش، والساحة المواجهة لقنصلية فرنسا على مقربة من ساحة جامع لفنا...، ومبعث يقيني أنكما على علم بالأمر يستند إلى أن وظيفتكما الأساسية هي السهر على استتباب النظام والقانون، وتجسيد سلطة الدولة على أرض الواقع، وهذه المهمة الرهيبة، بمعناها الإيجابي، تستمدانها من الظهير الشريف ومن قرار تعيينكما في موقعي المسؤولية التي تتقلدانها.السيدان الواليان المحترمان، حللت بأرض البهجة ظهيرة يوم الإثنين 21 أبريل 2025، على متن رحلة قطار قادم الرباط، وأنا جد مزهو بنشوة اللقاءات التي جمعتني على مدى ثلاثة أيام مع الكتاب والإعلاميين والمثقفين في عاصمة المملكة بمناسبة الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب... ولا أخفيكما الإحباط والانكسار اللذين أصبت بهما وأنا أغادر محطة القطار باحثا عن سيارة أجرة تقلني اتجاه حي تاركة، حتى خيل إلى أنني في مغربين اثنين: مغرب الرباط حيث يشعر الإنسان بالاحترام والطمأنينة والحق في الخدمة العمومية المؤدى عنها، ومغرب مراكش الذي استأسد فيه، دون حسيب ولا رقيب، طغمة من منعدمي الضمير وقليلي الأخلاق ومحترفي المساومة والابتزاز ، وهم جزء ـ وليس كل ـ من سائقي سيارات الأجرة، ومنافسيهم الممارسين للمهنة خارج القانون. فخلال ثلاثة أرباع الساعة، بقيت "مشوجر" ، ( بتعبير أهل المدينة)، قبالة طابور من سيارات الأجرة المتوقفة، وبين الفينة والأخرى يأتي سائق السيارة مصحوبا بسائح (ين) أجنبي، ولا أحد غير السياح الأجانب، في هيئة تشي بأنه حصل على غنيمة، بينما يبدو السائح(ين)، وكأنهم "يساقون إلى المقصلة وهم ينظرون". بعدما تبين لي أن لا حظ لي في العثور على سيارة أجرة صغيرة في الموقف المجاور لمحطة القطار، على الرغم من أن عددا من السيارات ما تزال متوقفة في غياب السائقين الذين يترصدون "الهموز" داخل محطة القطار، توجهت نحو الشارع الذي يشكل امتداد لشارع محمد السادس، لعل سيارة أجرة مارة في نفس الاتجاه الذي أقصده تتوقف ... لكن دون جدوى. بل بمجرد ما أشرت على سيارة الأجرة الأولى حتى باغثني شخص بالسؤال عن وجهتي، سألته من أنت، قال لي :"طالب معاشو، عندي طاموبيلتي تنهز لبلايص"...، وأضاف قائلا: "راك غير كتضيع وقتك، ما غادي توقف ليك حتى طاكسي فهاد البلاصة"،اضطررت لأخبره عن وجهتى وهي "تاركة"، لأنني صاحب حاجة، قال لي 40 درهم... أتعرفان بماذا أجبته، سيداي الواليان؟ قلت لمن ادعى أنه "طالب معاشو": " ما عند الميت ما يدير قدام غسالو"، ورضخت للابتزاز.على امتداد المسار الرابط بين محطة قطار مراكش وحي تاركة، والذي اعتدت أن أؤدي مقابله 17 درهما عند العودة، تراءت لي مجموعة من الوقائع المشينة التي تخدش محيى مدينة البهجة، ومن ضمنها واقعة السائح الأجنبي الإنجليزي الجنسية الذي سبق له ، قبل شهور معدودة، أن تعرض للنصب من طرف سائق سيارة أجرة صغيرة بعدما حل بمطار مراكش المنارة، وهي الحادثة التي وثقها بالصوت والصورة، وتتبعها ملايين المشاهدين عبر العالم في قناته على اليوتوب.وإذا كان هذا السائح الأجنبي قد جهر بهذه الطريقة الفاضحة بتعرضه للظلم في بلد اسمه المغرب، له تاريخ ولديه ترسانة كبيرة من القوانين، وهو ما حز في أنفس حشد كبير من المغاربة مما اضطر السلطات إلى اتخاذ إجراءات تنظيمية وردعية للحيلولة دون تكرار فضيحة أخرى في مطار المنارة، فإن ما يقع في محيط محطة قطار مراكش، وعلى مقربة من ساحة جامع لفنا بشكل يومي، بل في كل ساعة وحين، لا يقل خطورة عن الواقعة السالف ذكرها، وهذا ما ينذر ـ لا قدر الله ـ بما هو أخطر وأفظع ما لم تتحرك السلطات الأمنية وسلطات ولاية مراكش للقيام بواجبها في فرض هبة الدولة وسيادة القانون. فاللهم هل بلغت، اللهم فاشهد.    
ساحة

محمد بنطلحة الدكالي يكتب: الروح الرياضية بالجزائر…داء العطب قديم
أمام الانتصارات المتتالية للدبلوماسية المغربية والنكسات والهزائم لجيران السوء،يبدو أن دولة العالم الآخر باتت تعيش أعراض الهلوسة والخرف،وهو داء عطب قديم إسمه" المروك". من بين الذكريات التي يتغنى بها حفدة الشهداء،واقعة كروية حدثت وقائعها في9 دجنبر1979 بين المغرب والجزائر،انتهت بفوزهم كما هو معلوم...ومنذ ذلك الحين والأبواق الإعلامية تكتب عن هذا" النصر" العظيم الذي مضت عليه46 سنة. ولأن مرض الهلوسة تزداد تهيؤاته بازدياد حدته،يبدو أن الكراغلة باتوا منذ الآن يترقبون مقابلة شباب قسنطينة أمام نهضة بركان المغربي. تطالعنا اليوم جريدة الشروق بمقال يحمل عنوان:" الرئيس تبون يحرص على مرافقة السياسي ودعمه في مواجهته ضد نهضة بركان المغربي"...! لقد أكد المقال أن زعيم الكراغلة سيتكفل بكامل مصاريف تنقل وإقامة ممثل الكرة الجزائرية في المغرب،علما أن وزير الشباب والرياضة،وليد صادي،وخلال حضوره مأدبة العشاء التي أقامها والي الولاية صيودة،كان قد نقل للنادي القسنطيني إدارة ولاعبين دعم رئيس الجمهورية ومساندته المطلقة للفريق في مواجهته أمام نهضة بركان...ومن ثمة ضمان تنشيط النهائي الإفريقي القادم ودخول التاريخ من بابه الواسع...! سبحان الله معشر الكراغلة،دخول التاريخ،شافاكم الله،يكون عبر الاختراعات والإنجازات،وتوفير لتر حليب وكسرة خبز لكل جائع،وذلك أضعف الإيمان. دخول التاريخ يكون عبر التلاحم والتآزر،لأننا دم واحد وتاريخ مشترك. أما وأنتم تشحنون المدرب خير الدين ماضوي وكأنه متوجه إلى ساحة الحرب،وتأمرون اللاعبين بوقرة ومداحي وكأنهما قائدا فريق مشاة...! إسمحوا لي أن أعترف،أني بت أشفق عليكم،وأدعو الله أن يتدبر أمر الحرارة المفرطةالتي تسكنكم. ونحن ندعو لكم بالشفاء معشر الكراغلة،نذكركم أنه وطوال التاريخ،ومنذ الحضارة الإغريقية التي عرفت ألعاب أثينا،ظلت الرياضة عنوانا للفرجة والتآخي والتعارف بين الشعوب لما تمثله من قيم إنسانية نبيلة،إنها تنشر السلام وتشجع على التسامح والاحترام وسمو الأخلاق،والرياضة بمعناها الصحيح ترفض أن تكون وسيلة لغاية أخرى لأنها منبع القيم السامية المثلى حين تنتصر الروح الرياضية. إننا نشفق عليكم،ونرثي لحالكم حين تعتبرون انتصارا صغيرا في كرة القدم عن طريق ضربات الحظ،عيدا وطنيا وملحمة بطولية،محاولين تهدئة الشارع الذي يعرف حراكا شعبيا. لقد ضاق الشعب الجزائري الشقيق درعا من ضيق العيش ومحنة الطوابير والرعب اليومي الجاثم على النفوس... الرياضة أخلاق وسمو إنساني نبيل...حاولوا أن تستفيقوا من غيكم،رغم أن داء العطب قديم... محمد بنطلحة الدكالي
ساحة

ما بقاتش ليهم بلاصة.. جمهور مهرجان الفنون الشعبية بمراكش يصطدمون بسوء التنظيم
تفاجأ العشرات من جمهور مهرجان الفنون الشعبية بمراكش ليلة امس السبت 5 يوليوز، بمنعهم من ولوج قصر البديع لمتابعة فعاليات المهرجان رغم توفرهم على تذاكر ودعوات لولوج الفضاء. وحسب ما عاينته كشـ24 فقد تسبب سوء التنظيم، وعدم توفير الاماكن الكافية، في امتلاء الفضاء المخصص لفعاليات المهرجان داخل قصر البديع، و اتخاذ قرار بمنع ولوج اعداد اضافية، ما جعل العشرات يحتشدون امام مدخل قصر البديع بعد منعهم من الدخول بالرغم من توفرهم على تذاكرهم، ما أعاد الى الاذهان ما وقع في مهرجان موازين قبل ايام. وقد عبر عدد من المتضررين عن استيائهم من سوء التنظيم، علما ان تداعيات سوء التنظيم طفت على السطح خارج فضاء قصر البديع حيث تسبب احتشاد الجماهير في اختناق مروري كبير بالمنطقة.
مجتمع

كشـ24 تنقل بالفيديو اقوى لحظات الاحتفال بعاشوراء وجهود إخماد “الشعالات” بمراكش
شهدت مدينة مراكش خلال ليلة عاشوراء تعبئة ميدانية مكثفة من طرف السلطات المحلية ومصالح الأمن الوطني وأعوان السلطة وعناصر القوات المساعدة، في إطار خطة أمنية محكمة همّت مختلف الملحقات الإدارية، بهدف تأمين الأحياء ومنع أعمال الشغب المرتبطة بطقوس إشعال النيران. وقد تميزت تدخلات هذه الليلة، التي استمرت إلى حدود الساعات الأولى من صباح اليوم الموالي، بتجاوب فوري واستباقي، بمختلف الاحياء المعروفة بطقوس الاحتفال بعاشوراء، و هي التدخلات التي واكبتها كشـ24 لحظة بلحظة و رصدت اقوى اللحظات فهيا. 
مجتمع

رغم جهود السلطات والامن.. الشعالات تؤثت احتفالات عاشوراء بمراكش
رغم التعبئة الميدانية الواسعة التي باشرتها السلطات المحلية والأمنية بمراكش، بمختلف ملحقاتها الإدارية، ورغم الحملات الوقائية الاستباقية التي استهدفت مصادر الخطر المتمثلة في الأخشاب والعجلات المطاطية، لم يخلُ مشهد ليلة عاشوراء من تسجيل إشعال "الشعالات" في عدد من أحياء المدينة العتيقة. وشهدت أحياء معروفة باحتضانها لهذا الطقس التقليدي، كـسيدي يوب، وسبتيين، وباب إيلان، مشاهد إشعال النيران في الأزقة، وسط تجمهر أطفال ومراهقين، وبعض الفضوليين من الساكنة، في تحدٍ واضح للتوجيهات الرسمية التي دعت إلى تجنب هذه الممارسات لما تشكّله من خطر على الأرواح والممتلكات.ورغم الانتشار المكثف لرجال الأمن، وأعوان السلطة، وعناصر القوات المساعدة، فإن بعض البؤر استطاعت التملص من الرقابة، مما استنفر وحدات الوقاية المدنية، التي تدخلت على وجه السرعة لإطفاء عدة نيران اندلعت في أماكن متفرقة.وحسب ما عايمته كشـ24 فقد كانت جل تدخلات السلطات و الوقاية المدنية تتم وسط ظروف صعبة أحيانًا بسبب ضيق الأزقة أو تجمهر المواطنين كما ان بعض التدخلات واجهت عراقيل، إما بسبب التجمهر أو التصرفات غير المسؤولة من بعض المراهقين.
مجتمع

لغاية الساعات الاولى للصباح.. هكذا استنفرت شعالات عاشوراء سلطات مراكش
شهدت مدينة مراكش خلال ليلة عاشوراء تعبئة ميدانية مكثفة من طرف السلطات المحلية ومصالح الأمن الوطني وأعوان السلطة وعناصر القوات المساعدة، في إطار خطة أمنية محكمة همّت مختلف الملحقات الإدارية، بهدف تأمين الأحياء ومنع أعمال الشغب المرتبطة بطقوس إشعال النيران. وقد تميزت تدخلات هذه الليلة، التي استمرت إلى حدود الساعات الأولى من صباح اليوم الموالي، بتجاوب فوري واستباقي، خاصة على مستوى الملحقة الإدارية سيبع الجنوبي، التي عرفت تحركات مكثفة تحت إشراف مباشر لقائد الملحقة، وبحضور باشا منطقة سيدي يوسف بن علي.وفي سياق التدخلات، تم شن حملة واسعة لجمع العجلات المطاطية والأخشاب الجافة المعدّة للإحراق، حيث استعانت السلطات بشاحنة تابعة للمستودع البلدي، مكنت من تطهير عدد من الأزقة والنقاط السوداء التي تشهد عادة محاولات إشعال "الشعالة".ورغم المجهودات المسبقة، أقدم بعض الأشخاص على إضرام النار خلف إعدادية الصفاء، ما استدعى تدخلًا عاجلًا لرجال الوقاية المدنية الذين تمكنوا من السيطرة على الحريق، رغم تعرض شاحنتهم للرشق بالحجارة من طرف بعض المتشردين، مما تسبب في تهشيم زجاجها الأمامي.هذه الأحداث لم تثنِ السلطات المحلية عن مواصلة تدخلاتها بشكل متواصل، إذ ظلت عناصر السلطة وأعوانها وعناصر الحرس الترابي مرابطين حتى الساعات الأولى من الصباح، في تأكيد واضح على الجدية والحرص على حماية أرواح وممتلكات المواطنين.وتأتي هذه التدخلات في سياق عام شهدت فيه مدينة مراكش انخراطًا واسعًا لرجال السلطة بجميع الملحقات، الذين عملوا بتنسيق تام على التصدي للممارسات غير المشروعة المصاحبة لطقوس عاشوراء، في مشهد يعكس يقظة جماعية وتنسيقًا ميدانيًا فعالاً حافظ على أمن وسلامة الساكنة.
مجتمع

التعليقات مغلقة لهذا المنشور
الأكثر قراءة

ساحة

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الأحد 06 يوليو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة