ساحة

الدكتور يوسف بن مئير يكتب: الحفاظ على الثقافة المغربية والخبرة اليهوديّة


كشـ24 نشر في: 26 مارس 2017

في المملكة المغربية عدد من برامج وسياسات التنمية المستدامة التي تبيّن الإبتكار وتعزز التضامن الإجتماعي. وتهدف هذه المبادرات الديمقراطية التشاركية إلى تحفيز تنمية الناس التي تلبي الاحتياجات الإنسانية المتعددة في نفس الوقت.

على سبيل المثال، يتطلب ميثاق الدولة للبلديات  تطبيق أساليب تشاركية للتخطيط الشامل للمشاريع المجتمعية. ویمکن من خلال ذلك أن تتمكّن المشاريع الجديدة من التطرق إلی العوامل والأھداف الاقتصادیة والبیئیة والاجتماعیة في منطقة معینة. ومثال آخر ھو خارطة طریق اللامرکزیة في المغرب التي تسخّر في تصمیمها الموارد على المستویین الوطني والإقلیمي من أجل تحقیق أولویات التنمیة المحدّدة محليّا ً.

وتجسيداً لنهج التنمية المتكاملة المغربيّة هو طريقها المختارة للحفاظ على ثقافتها. ووفقاً لبيانات ورؤية جلالة الملك محمد السادس، فإن الإجراءات المتعددة الثقافات ينبغي أن تؤدي مباشرة إلى نتائج التنمية البشرية.

وهذا يعني أن الحفاظ على المؤسسات الثقافية المغربية والمواقع والصناعات اليدوية المبتكرة يقصد أيضاً في نفس الوقت تعزيز حياة الناس بطرق قابلة للقياس، مثلاً في التعليم والدخل والصحة.. ومن حيث الجوهر، يجب أن تتقدم الأنشطة الثقافية في وقت واحد جنبا إلى جنب مع تنمية الناس.

ومنذ عهد حكمه في وقت مبكر، أيد ملك المغرب فرضية دمج التنمية الثقافية والمستدامة في حركات واحدة. فموقف المملكة فيما يتعلق بتحالف الحضارات، على سبيل المثال، يجسد الكيمياء الطبيعية للإجراءات التي تتسم بالتعدد الثقافي والتنموي، وكذلك في حالة التحالف - الذي يهدف إلى تحسين التعاون بين الأمم. وكما أوضح الملك محمد السادس في عام 2008: "إن هذه الرؤية تتمثل في التأكد من أن الثقافة بمثابة قوة دافعة للتنمية، فضلاً عن كونها جسر للحوار".

إعادة تأهيل المقابر اليهودية المغربية
ومن الأمثلة الواضحة التي تحدث داخل المغرب (حيث المحافظة على الثقافة والنهوض برفاه الناس تعمل بشكل مستمر) فيما يتعلق بالمشروع الوطني الذي انطلق في عام 2012  لإعادة تأهيل المقابر اليهودية. فهناك ما يقرب من 600  "قديس" عبري مدفونين في جميع أرجاء المملكة. العديد منهم يرقد بسلام منذ ألف عام ٍ أو أكثر، وكان 167 من هذه المواقع جزءا من جهود الحفاظ على التراث الوطني. ومن المهم هو أن الجالية اليهودية بدأت أيضا ً (انطلاقا ً من مراكش) في عام 2012 بإقراض أرض لمؤسسة الأطلس الكبير - وهي مؤسسة غير ربحية مغربية – أمريكية -  بالقرب من سبعة من المدافن المقدسة من أجل زراعة مشاتل شجر الفاكهة العضوية لصالح الأسر الزراعية والمدارس.  وبدأت الجهود المحلية الأولية للحفاظ على المقابر اليهودية واقتراض الأرض لمشاتل الأشجار المجتمعية في التسعينات، ومنذ ذلك الحين تم العمل على نطاق واسع.

وبالنظر إلى أن معظم الفقر في البلد (وفي العالم) موجود في الأماكن الريفية وأن المزارعين المغاربة بدأوا يتحولون من زراعة الشعير والذرة التقليدية، فإن الطلب على أشجار الفاكهة التي تدرّ ربحا ً أكبر هو أمر مهم جدا. إن زراعة أشجار الفاكهة من الشتلات التي تُنتج من الأرض التي يقدمها اليهود المغاربة وتوزيعها عيناً بدون مقابل على المجتمعات الريفية المهمشة لا تفي بأولوية التنمية فحسب، بل هي أيضا من أعمال الأديان الخيريّة. إن إعادة تنشيط العلاقات بين أسر المزارعين المسلمين وأعضاء المجتمع اليهودي يؤدي إلى تعميق التقدير بين المستفيدين من هذه المواقع التاريخية الدينية (هذا فضلا ً بالطبع عن احترام هذه المواقع منذ نشأتها).  وهذه المبادرة متعددة الثقافات تضفي المزيد من النوايا الحسنة بسبب نتائج التنمية المستدامة، وبالتالي زيادة الوحدة الاجتماعية وإجراءات الحفظ. ومع ذلك، فإن ما يزيد من مقياس التضامن (والاستدامة) هو أن المجتمعات الزراعية نفسها حددت الأشجار المثمرة وأصنافها كأولوية إنمائية. ولذلك، فإن المشروع يستجيب للاحتياجات المعلنة للشعب ويساعد على تحقيق النتائج التي يسعى إليها الناس، مبينين كيف أنّ المنافع الثقافية بمقدورها أن تزداد عندما تندمج التنمية البشرية التشاركية تماما في عملياتهم.

"ملاّح" مراكش والاستمرارية اليهودية
والآن، دعونا ننظر إلى إعادة تأهيل "الملاح"، الحي اليهودي الذي يشير المؤرخون على أنه ذُكرلأول مرة في مراكش خلال النصف الثاني من القرن السادس عشر. إن التجربة اليهودية في المغرب، وبالتأكيد في مراكش، مع كل دوراتها وفتراتها، يمكن وصفها بأنها جديرة جدّا ً بالإهتمام طيلة  عمرها ونوعيتها.وهناك باحثون مثيرون للإعجاب كرّسوا أنفسهم لفهم - بشكل محدد وموضوعي - ما حدث في مراكش فيما يتعلّق بالحياة اليهودية، والفكر، والتطور الثقافي والممارسة والمحاكمات والإمتدادات الرئيسية للتعددية السلمية. أنا شخصيا لم أعط هذا المستوى من الإعتبار للتطورات الاجتماعية التي تشكل الرواية اليهوديّة - المراكشيّة. وعلى أية حال، يمكن للمرء أن يقول إلى حد ما أن الحياة اليهودية في مراكش كانت غنية بشكل لا يصدق، معقدة، غير خطية، مفعمة بالأمل ومؤلمة ومستمرة حتى هذه اللحظة بالذات. ولذلك، فإن مبادرة الحفاظ على هذه التحفة الاجتماعية الحية والمتطوّرة جديرة بشكل استثنائي، وعمل يتناسق تماما مع الهوية المغربية والدستور.

كثيرا ما طرحت هذه المسألة، لماذا المغرب؟ عاش اليهود لعدة آلاف من السنين في دول الشرق الأدنى، لكنهم لم يعودوا يفعلون ذلك، ولكن في المغرب لا يزالون حتى يومنا هذا، وقد دعوا للعودة إذا غادروا. عندما يبدو أن التخريب والعنف والرفض يميز التجربة اليهودية بدرجات متفاوتة في فترات ٍ مختلفة في كثير من دول العالم، يمكن للمرء أن يسأل لماذا لم يكن هذا هو الحال في المغرب.هذا السؤال على مستوى واحد قد يكون من الصعب الإجابة عليه كالسؤال عن السبب استمرار الشعب اليهودي في الوجود كمجموعة متماسكة في العالم. لماذا يُعتبر المغرب منزل مستمر وباق ٍ عندما توقفت دول أخرى أن تكون كذلك ؟ هذا السؤال قد يدعو إلى تفسير مقصور على فئة معينة، أو مجرد قبول بأنّ على المراقبين حتى الآن أن يفسروا تماما الإستثنائيّة المغربية اليهودية.

أحد التفسيرات "الصوفية" التي تساهم في الرابطة المغربية اليهودية العميقة تعود إلى آخر "لوبافيتشر ريب"، الزعيم اليهودي الأكثر تأثيراً في القرن العشرين، الحاخام الراحل مناحيم شنيرسون (1902- 1994). ففي رسائل نقلت بين "ريب" وجلالة الملك الراحل الحسن الثاني (1929-1999)، أدلى "ريب" بتصريحات إيجابية بشأن استمرار أمن المملكة وكونها موطنا للشعب اليهودي بسبب القديسين العبريين (الذين أشير إليهم أعلاه) الذين دفنوا في أرضها. في الواقع، وجود القديسين المدفونين هو الذي دفع على وجه التحديد الحاخام "ريب" إلى مساواة  قداسة أرض المغرب بأرض إسرائيل. هذه التأكيدات من "ريب" تتفق مع محادثاتي (في عام 2016) مع سيرج بيردوغو، الأمين العام للجماعة اليهودية المغربية وفيما بعد المحاور بين" ريب" والملك الحسن الثاني.

هناك عاملان علميان اجتماعيان مهمّان يفسران الخبرة المغربية اليهودية وهما، كما يبدو واضحا: قيام ملوك المغرب بوضع رؤى وتوقعات تاريخية لا غنى عنها على الإطلاق للاستمرارية اليهودية والاتصال الذي لا يمحى بين اليهود المغاربة والوطن، حتّى بعد وقت ٍ طويل من نقلهم  إلى أماكن أخرى. وأشير إلى مثال آخر على ذلك هو الطريقة التي قام بها جلالة الملك الراحل محمد الخامس بحماية اليهود المغاربة في مواجهة الاضطهاد النازي خلال الحرب العالمية الثانية – إنه عرض للحنكة السياسية على مدى العصور.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن الشعب المغربي وقبول الثقافة التي برزت منه في نهاية المطاف هو عنصر حيوي يساعد على شرح الرواية المغربية- اليهودية.هذا يعني بان الشعب وملوكه وضعوا المعيار الذي نظّم هذا النوع من الحياة الذي يسمح ببقاء اليهود المغاربة حتى اليوم. "الملاّح" والمحافظة عليها  ثمرة "طبيعية" من الماضي والحاضر. ومرة أخرى، فإن حقيقة أن القطاعين العام والمدني المغربيين يعترفان ويتمسكان باستمرار بهذا البعد من الثقافة هو في حد ذاته سمة مغربيّة.

تقييم إعادة إحياء "الملاّح"
وفيما يتعلق ببعد التنمية البشرية في إعادة تأهيل ملاّح مراكش، يمكن للمرء أن يبدأ أولا بالقول بأن المبادرة تخدم بوضوح حافزا اقتصاديا قصير الأجل عن طريق الاستثمار في العمالة والمواد اللازمة لتصميم وإعادة بناء المنطقة. وإعادة بناء البنية التحتية هو شكل من أشكال التنمية البشرية القابلة للقياس. ولا عجب إذن أن يكون لدى سكان الملاح بشكل ٍ عام نظرات إيجابية على المبادرة.

وعلى أية حال، عند النظر للأمر بمنظور إنمائي تشاركي، هناك أسئلة أخرى ينبغي النظر فيها، مثل: كم عدد السكان المحليين ورابطاتهم / جمعيّاتهم الذين شاركوا في التخطيط لإعادة تأهيل حيّهم؟ كم عدد السكان المشاركين في تحديد أولويات المواقع الذي سيتم تجديده ؟ هل كان للمقيمين صوت في إنشاء التصاميم الجديدة للمناطق العامة؟ هل كان السكان المباشرون على علم ودراية بمعنى الأسماء اليهودية والعبرية القديمة للشوارع وأسباب إعادتها ؟

ففي المدينة الساحلية المغربية الصويرة ، على سبيل المثال، شاركت الجمعيات المحليّة بشكل كامل ( مرة أخرى بأعمال التيسير التي تقوم بها مؤسسة الأطلس الكبير ) في اختيار المواقع التاريخية والدينية المحددة التي تتطلب إعادة التأهيل. وساعدت المشاركة الشاملة على طرح الفكرة - كما ساعدت على إقامة الشراكات بين القطاعين العام والخاص - لتمكين التجديد المقترح للكنيسة البرتغالية لتوفير المساحة لورش عمل المجتمع المدني ومكاتبه وكذلك منطقة لعرض الحرف اليدوية والإبتكارات.فهنا يوجد حلقة وصل بين الحفاظ على الثقافة والنهوض المستمر بالتنمية البشرية، وهذا من شأنه أن يستمر بشكل ٍ جيد بعد انتهاء عملية التعمير.

وإذ نقترح إعادة تأهيل مدينة الصويرة كنموذج وتطبيقها على تجديد ملاح مراكش، فإننا نحتاج إلى تقييم ما إذا كانت الهياكل أو الإنشاءات التي تمت إعادتها توفر حيزاً للمجتمع المدني وتواصل تعزيز التنمية المستدامة.هل يخلق إعادة بناء "الملاح" موجة من اجتماعات المجتمع المحلي حيث شارك السكان المحليون في تخطيط وتصميم المشاريع التي تلبي احتياجاتهم؟ هل نحن بصدد الوقوف على تحول إنمائي متواصل مدفوع بزيادة التضامن والفرص الجديدة ؟ هل هناك مشاريع لاحقة أو غير مباشرة من شأنها أن تنبثق من مشاركة الناس الواسعة، وبالتالي توليد مضاعف لمقدار الاستثمار للحفاظ على الثقافة ؟

من الصعب للغاية، ولكن ليس من المستحيل، إشراك الناس في تحديد الأهداف بعد أن تكون عملية التنمية في عمق التنفيذ. وحسب فهمي، فإن الملاح كان حتى الآن حافزاً جيدا ً للإقتصاد والدعاية، إلا أن تأثير الدومينو المطلوب للتنمية الجارية التي يقوم به السكان المحليون ومنظماتهم المدنية هو أقل بكثير من المستوى الأمثل. ويرجع ذلك في المقام الأول إلى أن مشاركتهم لم تجر بشكلٍ كاف ٍ منذ بدء برنامج إعادة التأهيل.

وعلى أية حال، هناك رغبة قوية لدى الشركاء المحليين لتسهيل مشاركة الناس في بعد التنمية البشرية لترميم الملاح. على سبيل المثال، خلال شهر رمضان المبارك القادم في التقويم الإسلامي (من 26 مايو وحتى 25 يونيو)، تنظم الجالية اليهودية في مراكش  و"جمعية ميمونة" للطلبة المسلمين المغاربة بالإشتراك مع مؤسسة الأطلس الكبير إفطارا ً  للسكان المحليين كل يوم اثنين وخميس عند الكنيس اليهودي "سلات لازاما" الذي يبلغ عمره 400 عاما والواقع في منطقة "الملاح". وستعقب هذه الوجبات مناقشة المجتمع المحلي وتحديد المبادرات الإجتماعية والإقتصادية والبيئية الأساسية الجديدة للسكان المحليين.

وأخيراً، فإن حالة "الملاح" تذكرني بملاحظة غالبا ما يقوم بها المرء عند مساعدة التنمية الاجتماعية في المغرب وهي أنّ: المملكة تقدم نماذج قوية ومثالية للنمو المستدام والمشترك، مدفوعاً إلى الأمام بالطريقة التشاركية. ولحسن الحظ، فإن النهج التشاركي مقنّن في قوانين وسياسات وبرامج. ومن ناحية أخرى، يظل من الصعب تحقيق التنفيذ الواسع النطاق على نحو فعّال بما يتفق تماما مع الرؤية التشاركية التي وضعت لتوجيه هذه الإجراءات. ويرجع ذلك في المقام الأول إلى أن المهارات اللازمة لتنظيم وتيسير التخطيط التعاوني المحلي ليست منتشرة بما فيه الكفاية، وأن نظام الإدارة المركزية ما زال راسخا ً بشكل جيد.

إن الأمة واحدة من الآمال بسبب ماضيها وحاضرها ومثاليتها والتزامها بالاستدامة. ومع ذلك، فإن التحدي الذي يواجهه المغرب، بمفهوم ٍ ما، تواجهه جميع الدول التي تسترشد بالمثل العملية: وهي تجسيد بوعي - الفعل تلو الفعل - القيم التقدمية التي تهدف إلى رسم مسار التنمية الوطنية الآن وفي المستقبل.
 

في المملكة المغربية عدد من برامج وسياسات التنمية المستدامة التي تبيّن الإبتكار وتعزز التضامن الإجتماعي. وتهدف هذه المبادرات الديمقراطية التشاركية إلى تحفيز تنمية الناس التي تلبي الاحتياجات الإنسانية المتعددة في نفس الوقت.

على سبيل المثال، يتطلب ميثاق الدولة للبلديات  تطبيق أساليب تشاركية للتخطيط الشامل للمشاريع المجتمعية. ویمکن من خلال ذلك أن تتمكّن المشاريع الجديدة من التطرق إلی العوامل والأھداف الاقتصادیة والبیئیة والاجتماعیة في منطقة معینة. ومثال آخر ھو خارطة طریق اللامرکزیة في المغرب التي تسخّر في تصمیمها الموارد على المستویین الوطني والإقلیمي من أجل تحقیق أولویات التنمیة المحدّدة محليّا ً.

وتجسيداً لنهج التنمية المتكاملة المغربيّة هو طريقها المختارة للحفاظ على ثقافتها. ووفقاً لبيانات ورؤية جلالة الملك محمد السادس، فإن الإجراءات المتعددة الثقافات ينبغي أن تؤدي مباشرة إلى نتائج التنمية البشرية.

وهذا يعني أن الحفاظ على المؤسسات الثقافية المغربية والمواقع والصناعات اليدوية المبتكرة يقصد أيضاً في نفس الوقت تعزيز حياة الناس بطرق قابلة للقياس، مثلاً في التعليم والدخل والصحة.. ومن حيث الجوهر، يجب أن تتقدم الأنشطة الثقافية في وقت واحد جنبا إلى جنب مع تنمية الناس.

ومنذ عهد حكمه في وقت مبكر، أيد ملك المغرب فرضية دمج التنمية الثقافية والمستدامة في حركات واحدة. فموقف المملكة فيما يتعلق بتحالف الحضارات، على سبيل المثال، يجسد الكيمياء الطبيعية للإجراءات التي تتسم بالتعدد الثقافي والتنموي، وكذلك في حالة التحالف - الذي يهدف إلى تحسين التعاون بين الأمم. وكما أوضح الملك محمد السادس في عام 2008: "إن هذه الرؤية تتمثل في التأكد من أن الثقافة بمثابة قوة دافعة للتنمية، فضلاً عن كونها جسر للحوار".

إعادة تأهيل المقابر اليهودية المغربية
ومن الأمثلة الواضحة التي تحدث داخل المغرب (حيث المحافظة على الثقافة والنهوض برفاه الناس تعمل بشكل مستمر) فيما يتعلق بالمشروع الوطني الذي انطلق في عام 2012  لإعادة تأهيل المقابر اليهودية. فهناك ما يقرب من 600  "قديس" عبري مدفونين في جميع أرجاء المملكة. العديد منهم يرقد بسلام منذ ألف عام ٍ أو أكثر، وكان 167 من هذه المواقع جزءا من جهود الحفاظ على التراث الوطني. ومن المهم هو أن الجالية اليهودية بدأت أيضا ً (انطلاقا ً من مراكش) في عام 2012 بإقراض أرض لمؤسسة الأطلس الكبير - وهي مؤسسة غير ربحية مغربية – أمريكية -  بالقرب من سبعة من المدافن المقدسة من أجل زراعة مشاتل شجر الفاكهة العضوية لصالح الأسر الزراعية والمدارس.  وبدأت الجهود المحلية الأولية للحفاظ على المقابر اليهودية واقتراض الأرض لمشاتل الأشجار المجتمعية في التسعينات، ومنذ ذلك الحين تم العمل على نطاق واسع.

وبالنظر إلى أن معظم الفقر في البلد (وفي العالم) موجود في الأماكن الريفية وأن المزارعين المغاربة بدأوا يتحولون من زراعة الشعير والذرة التقليدية، فإن الطلب على أشجار الفاكهة التي تدرّ ربحا ً أكبر هو أمر مهم جدا. إن زراعة أشجار الفاكهة من الشتلات التي تُنتج من الأرض التي يقدمها اليهود المغاربة وتوزيعها عيناً بدون مقابل على المجتمعات الريفية المهمشة لا تفي بأولوية التنمية فحسب، بل هي أيضا من أعمال الأديان الخيريّة. إن إعادة تنشيط العلاقات بين أسر المزارعين المسلمين وأعضاء المجتمع اليهودي يؤدي إلى تعميق التقدير بين المستفيدين من هذه المواقع التاريخية الدينية (هذا فضلا ً بالطبع عن احترام هذه المواقع منذ نشأتها).  وهذه المبادرة متعددة الثقافات تضفي المزيد من النوايا الحسنة بسبب نتائج التنمية المستدامة، وبالتالي زيادة الوحدة الاجتماعية وإجراءات الحفظ. ومع ذلك، فإن ما يزيد من مقياس التضامن (والاستدامة) هو أن المجتمعات الزراعية نفسها حددت الأشجار المثمرة وأصنافها كأولوية إنمائية. ولذلك، فإن المشروع يستجيب للاحتياجات المعلنة للشعب ويساعد على تحقيق النتائج التي يسعى إليها الناس، مبينين كيف أنّ المنافع الثقافية بمقدورها أن تزداد عندما تندمج التنمية البشرية التشاركية تماما في عملياتهم.

"ملاّح" مراكش والاستمرارية اليهودية
والآن، دعونا ننظر إلى إعادة تأهيل "الملاح"، الحي اليهودي الذي يشير المؤرخون على أنه ذُكرلأول مرة في مراكش خلال النصف الثاني من القرن السادس عشر. إن التجربة اليهودية في المغرب، وبالتأكيد في مراكش، مع كل دوراتها وفتراتها، يمكن وصفها بأنها جديرة جدّا ً بالإهتمام طيلة  عمرها ونوعيتها.وهناك باحثون مثيرون للإعجاب كرّسوا أنفسهم لفهم - بشكل محدد وموضوعي - ما حدث في مراكش فيما يتعلّق بالحياة اليهودية، والفكر، والتطور الثقافي والممارسة والمحاكمات والإمتدادات الرئيسية للتعددية السلمية. أنا شخصيا لم أعط هذا المستوى من الإعتبار للتطورات الاجتماعية التي تشكل الرواية اليهوديّة - المراكشيّة. وعلى أية حال، يمكن للمرء أن يقول إلى حد ما أن الحياة اليهودية في مراكش كانت غنية بشكل لا يصدق، معقدة، غير خطية، مفعمة بالأمل ومؤلمة ومستمرة حتى هذه اللحظة بالذات. ولذلك، فإن مبادرة الحفاظ على هذه التحفة الاجتماعية الحية والمتطوّرة جديرة بشكل استثنائي، وعمل يتناسق تماما مع الهوية المغربية والدستور.

كثيرا ما طرحت هذه المسألة، لماذا المغرب؟ عاش اليهود لعدة آلاف من السنين في دول الشرق الأدنى، لكنهم لم يعودوا يفعلون ذلك، ولكن في المغرب لا يزالون حتى يومنا هذا، وقد دعوا للعودة إذا غادروا. عندما يبدو أن التخريب والعنف والرفض يميز التجربة اليهودية بدرجات متفاوتة في فترات ٍ مختلفة في كثير من دول العالم، يمكن للمرء أن يسأل لماذا لم يكن هذا هو الحال في المغرب.هذا السؤال على مستوى واحد قد يكون من الصعب الإجابة عليه كالسؤال عن السبب استمرار الشعب اليهودي في الوجود كمجموعة متماسكة في العالم. لماذا يُعتبر المغرب منزل مستمر وباق ٍ عندما توقفت دول أخرى أن تكون كذلك ؟ هذا السؤال قد يدعو إلى تفسير مقصور على فئة معينة، أو مجرد قبول بأنّ على المراقبين حتى الآن أن يفسروا تماما الإستثنائيّة المغربية اليهودية.

أحد التفسيرات "الصوفية" التي تساهم في الرابطة المغربية اليهودية العميقة تعود إلى آخر "لوبافيتشر ريب"، الزعيم اليهودي الأكثر تأثيراً في القرن العشرين، الحاخام الراحل مناحيم شنيرسون (1902- 1994). ففي رسائل نقلت بين "ريب" وجلالة الملك الراحل الحسن الثاني (1929-1999)، أدلى "ريب" بتصريحات إيجابية بشأن استمرار أمن المملكة وكونها موطنا للشعب اليهودي بسبب القديسين العبريين (الذين أشير إليهم أعلاه) الذين دفنوا في أرضها. في الواقع، وجود القديسين المدفونين هو الذي دفع على وجه التحديد الحاخام "ريب" إلى مساواة  قداسة أرض المغرب بأرض إسرائيل. هذه التأكيدات من "ريب" تتفق مع محادثاتي (في عام 2016) مع سيرج بيردوغو، الأمين العام للجماعة اليهودية المغربية وفيما بعد المحاور بين" ريب" والملك الحسن الثاني.

هناك عاملان علميان اجتماعيان مهمّان يفسران الخبرة المغربية اليهودية وهما، كما يبدو واضحا: قيام ملوك المغرب بوضع رؤى وتوقعات تاريخية لا غنى عنها على الإطلاق للاستمرارية اليهودية والاتصال الذي لا يمحى بين اليهود المغاربة والوطن، حتّى بعد وقت ٍ طويل من نقلهم  إلى أماكن أخرى. وأشير إلى مثال آخر على ذلك هو الطريقة التي قام بها جلالة الملك الراحل محمد الخامس بحماية اليهود المغاربة في مواجهة الاضطهاد النازي خلال الحرب العالمية الثانية – إنه عرض للحنكة السياسية على مدى العصور.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن الشعب المغربي وقبول الثقافة التي برزت منه في نهاية المطاف هو عنصر حيوي يساعد على شرح الرواية المغربية- اليهودية.هذا يعني بان الشعب وملوكه وضعوا المعيار الذي نظّم هذا النوع من الحياة الذي يسمح ببقاء اليهود المغاربة حتى اليوم. "الملاّح" والمحافظة عليها  ثمرة "طبيعية" من الماضي والحاضر. ومرة أخرى، فإن حقيقة أن القطاعين العام والمدني المغربيين يعترفان ويتمسكان باستمرار بهذا البعد من الثقافة هو في حد ذاته سمة مغربيّة.

تقييم إعادة إحياء "الملاّح"
وفيما يتعلق ببعد التنمية البشرية في إعادة تأهيل ملاّح مراكش، يمكن للمرء أن يبدأ أولا بالقول بأن المبادرة تخدم بوضوح حافزا اقتصاديا قصير الأجل عن طريق الاستثمار في العمالة والمواد اللازمة لتصميم وإعادة بناء المنطقة. وإعادة بناء البنية التحتية هو شكل من أشكال التنمية البشرية القابلة للقياس. ولا عجب إذن أن يكون لدى سكان الملاح بشكل ٍ عام نظرات إيجابية على المبادرة.

وعلى أية حال، عند النظر للأمر بمنظور إنمائي تشاركي، هناك أسئلة أخرى ينبغي النظر فيها، مثل: كم عدد السكان المحليين ورابطاتهم / جمعيّاتهم الذين شاركوا في التخطيط لإعادة تأهيل حيّهم؟ كم عدد السكان المشاركين في تحديد أولويات المواقع الذي سيتم تجديده ؟ هل كان للمقيمين صوت في إنشاء التصاميم الجديدة للمناطق العامة؟ هل كان السكان المباشرون على علم ودراية بمعنى الأسماء اليهودية والعبرية القديمة للشوارع وأسباب إعادتها ؟

ففي المدينة الساحلية المغربية الصويرة ، على سبيل المثال، شاركت الجمعيات المحليّة بشكل كامل ( مرة أخرى بأعمال التيسير التي تقوم بها مؤسسة الأطلس الكبير ) في اختيار المواقع التاريخية والدينية المحددة التي تتطلب إعادة التأهيل. وساعدت المشاركة الشاملة على طرح الفكرة - كما ساعدت على إقامة الشراكات بين القطاعين العام والخاص - لتمكين التجديد المقترح للكنيسة البرتغالية لتوفير المساحة لورش عمل المجتمع المدني ومكاتبه وكذلك منطقة لعرض الحرف اليدوية والإبتكارات.فهنا يوجد حلقة وصل بين الحفاظ على الثقافة والنهوض المستمر بالتنمية البشرية، وهذا من شأنه أن يستمر بشكل ٍ جيد بعد انتهاء عملية التعمير.

وإذ نقترح إعادة تأهيل مدينة الصويرة كنموذج وتطبيقها على تجديد ملاح مراكش، فإننا نحتاج إلى تقييم ما إذا كانت الهياكل أو الإنشاءات التي تمت إعادتها توفر حيزاً للمجتمع المدني وتواصل تعزيز التنمية المستدامة.هل يخلق إعادة بناء "الملاح" موجة من اجتماعات المجتمع المحلي حيث شارك السكان المحليون في تخطيط وتصميم المشاريع التي تلبي احتياجاتهم؟ هل نحن بصدد الوقوف على تحول إنمائي متواصل مدفوع بزيادة التضامن والفرص الجديدة ؟ هل هناك مشاريع لاحقة أو غير مباشرة من شأنها أن تنبثق من مشاركة الناس الواسعة، وبالتالي توليد مضاعف لمقدار الاستثمار للحفاظ على الثقافة ؟

من الصعب للغاية، ولكن ليس من المستحيل، إشراك الناس في تحديد الأهداف بعد أن تكون عملية التنمية في عمق التنفيذ. وحسب فهمي، فإن الملاح كان حتى الآن حافزاً جيدا ً للإقتصاد والدعاية، إلا أن تأثير الدومينو المطلوب للتنمية الجارية التي يقوم به السكان المحليون ومنظماتهم المدنية هو أقل بكثير من المستوى الأمثل. ويرجع ذلك في المقام الأول إلى أن مشاركتهم لم تجر بشكلٍ كاف ٍ منذ بدء برنامج إعادة التأهيل.

وعلى أية حال، هناك رغبة قوية لدى الشركاء المحليين لتسهيل مشاركة الناس في بعد التنمية البشرية لترميم الملاح. على سبيل المثال، خلال شهر رمضان المبارك القادم في التقويم الإسلامي (من 26 مايو وحتى 25 يونيو)، تنظم الجالية اليهودية في مراكش  و"جمعية ميمونة" للطلبة المسلمين المغاربة بالإشتراك مع مؤسسة الأطلس الكبير إفطارا ً  للسكان المحليين كل يوم اثنين وخميس عند الكنيس اليهودي "سلات لازاما" الذي يبلغ عمره 400 عاما والواقع في منطقة "الملاح". وستعقب هذه الوجبات مناقشة المجتمع المحلي وتحديد المبادرات الإجتماعية والإقتصادية والبيئية الأساسية الجديدة للسكان المحليين.

وأخيراً، فإن حالة "الملاح" تذكرني بملاحظة غالبا ما يقوم بها المرء عند مساعدة التنمية الاجتماعية في المغرب وهي أنّ: المملكة تقدم نماذج قوية ومثالية للنمو المستدام والمشترك، مدفوعاً إلى الأمام بالطريقة التشاركية. ولحسن الحظ، فإن النهج التشاركي مقنّن في قوانين وسياسات وبرامج. ومن ناحية أخرى، يظل من الصعب تحقيق التنفيذ الواسع النطاق على نحو فعّال بما يتفق تماما مع الرؤية التشاركية التي وضعت لتوجيه هذه الإجراءات. ويرجع ذلك في المقام الأول إلى أن المهارات اللازمة لتنظيم وتيسير التخطيط التعاوني المحلي ليست منتشرة بما فيه الكفاية، وأن نظام الإدارة المركزية ما زال راسخا ً بشكل جيد.

إن الأمة واحدة من الآمال بسبب ماضيها وحاضرها ومثاليتها والتزامها بالاستدامة. ومع ذلك، فإن التحدي الذي يواجهه المغرب، بمفهوم ٍ ما، تواجهه جميع الدول التي تسترشد بالمثل العملية: وهي تجسيد بوعي - الفعل تلو الفعل - القيم التقدمية التي تهدف إلى رسم مسار التنمية الوطنية الآن وفي المستقبل.
 


ملصقات


اقرأ أيضاً
يدير اكيندي يكتب عن مافيا الماستر: حين تتحول الجامعة من منارة للعلم إلى سوق نخاسة لبيع الذمم
يدير اكيندي الفساد يضرب قلب التعليم العالي… ومصداقية الوطن على المحك مرة أخرى، يَطفو على السطح وجه بشع من وجوه الفساد في بلادنا، بعد تفجر فضيحة الاتجار بالشواهد الجامعية، وبالضبط شهادات الماستر، في واحدة من مؤسسات التعليم العالي التي يُفترض فيها أن تُخرّج نخبة النخبة. والكارثة أن هذه الشهادات ليست مجرد أوراق، بل مفاتيح لولوج مراكز القرار، ومسالك البحث العلمي، ومواقع المسؤولية في القضاء والإدارة والتعليم والثقافة. فماذا يعني أن تُباع هذه المفاتيح لمن يملك الثمن؟ وماذا تبقّى من الوطن إذا تساوى الحاذق والغشاش، والعالم والمزوّر، في فرص الصعود؟ فكيف يمكن لمجتمع أن ينهض إذا كان التعليم، أساس بناء الإنسان، يُباع ويُشترى؟ وكيف نضمن مستقبلاً وطنياً إذا كانت المناصب العليا تُمنح لمن يدفع أكثر، لا لمن يستحق؟ما وقع في جامعة أكادير ليس حادثا معزولا، بل هو مؤشّر خطير على هشاشة منظومتنا القيمية، وعلى مدى تمدّد سرطان الغش والتدليس في جسد المجتمع. أن يصبح الغش “حقا مكتسبا” لدى بعض الفئات، فتلك بداية نهاية العقد الاجتماعي بين المواطنين والدولة. من غير المعقول أن تنحصر المساءلة في الأستاذ المتهم وحده، بل إن كل من استفاد، بشكل مباشر أو غير مباشر، من هذه “التجارة اللاشرعية”، يجب أن يُحاسب ويُتابع بتهمة التزوير في وثائق رسمية، والاحتيال على الدولة، والولوج إلى مواقع المسؤولية دون وجه حق ، مما يجعل الفساد التعليمي قنبلة موقوتة تهدد أمن المجتمع بأكمله هنا تبرز ضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة، فلا يكفي معاقبة الأستاذ المتورط في فضيحة أكادير، بل يجب استدعاء كل من استفاد من هذه “الصفقات” وملاحقته بتهمة التزوير والتدليس.. إننا لا ننسى الضحايا الحقيقيين لهذه الفضيحة: أبناء وبنات هذا الوطن، الذين أُقصوا لأنهم لم يملكوا 250 ألف درهم لشراء شهادة، وليس لأنهم يفتقرون للكفاءة أو الجدارة. كم من طاقة وطنية شريفة حُرمت من فرصتها، ودُفنت أحلامها، وانهزمت ثقتها في مؤسسات الدولة! وكم من شاب وشابة حُرموا من الماستر والدكتوراه، لا لضعف مستواهم العلمي، بل فقط لأنهم لا يملكون رصيدًا بنكيًا محترمًا! أليس هذا هو الوجه الحقيقي لانهيار القيم، وبداية تصدع الوطن؟ هذه الممارسات لا تدمر الأفراد فحسب، بل تقتل روح الانتماء لدى الشباب، وتجعلهم يفقدون الثقة في الوطن. وكما قال الكاتب البرازيلي باولو كويلو في روايته “الكيميائي”: “عندما تُحارب أحلامك، فإن الكون بأسره يتآمر لمساعدتك”، لكن ماذا لو كان الفساد هو من يحارب الأحلام؟ حينها لن يجد الشباب سوى اليأس أو الهجرة لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذه الجريمة. فالوطن الذي نريده ليس مبنيًا على الريع والزبونية، بل على تكافؤ الفرص والاستحقاق. كما ورد في النموذج التنموي الجديد، الذي دعا إليه جلالة الملك محمد السادس، فإن بناء مغرب الغد يمر عبر بناء مجتمع قوي إلى جانب دولة قوية، مجتمع يؤمن بالعدل، والكرامة، والنزاهة، ويقاوم كل أشكال الغش والإفساد. فكيف تكون الدولة قوية إذا كان تعليمها ضعيفاً؟ وكيف يكون المجتمع قوياً إذا كان أفراده يعيشون على الوهم؟ ولعل ما قاله الكاتب البرازيلي باولو كويلو في رسالته إلى ابنه: “إن بناء الإنسان أصعب بكثير من بناء المدن، لكنه الأساس الحقيقي لأي حضارة”، ينطبق تمامًا على ما نحتاجه اليوم. فالتعليم هو حجر الزاوية لبناء الإنسان، والعبث به هو تقويض لكل إمكانيات النهوض. ألم يقل الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو: ” « وهل هناك عدل حين يحصل المزوّرون على مناصب ومسؤوليات، بينما يُقصى النجباء لأنهم لا يملكون المال؟ هل هناك دولة قانون، حين يتحول التعليم إلى مزاد علني؟ إننا أمام لحظة فارقة: إما أن تتحرّك النيابة العامة بصرامة، ويُفتح تحقيق شامل يُحاسب فيه كل من تواطأ أو استفاد أو سكت عن هذا الفساد، أو أن نترك هذا الورم الخبيث يتفشى في جسد الدولة والمجتمع، ويُعمق فقدان الثقة، ويقضي على كل أمل في الإصلاح. إننا ننتظر من وزارة التعليم العالي أن تنتصب كمطالب بالحق المدني في هذه القضية، وأن تُعلن حربا لا هوادة فيها على كل المتلاعبين بسمعة الجامعة المغربية. فالتعليم لا يجب أن يكون سلعة، ولا يجب أن يُترك للمفسدين ينشرون سمومهم بين الطلبة والأساتذة، ويهدمون ما تبقى من الأمل في غد نزيه وعادل. وحده العدل، وحدها المساواة، وحده القانون، يمكن أن يؤسسوا لوطن يسع الجميع. أما الاستسلام فليس خيارًا، والسكوت تواطؤ. فلننتفض، دفاعًا عن الكرامة، عن العدالة، عن مغرب يستحق أن نحلم به… لا أن نخجل منه. فضيحة شواهد الماستر ليست قضية أكاديمية عابرة، بل هي معركة وجودية ضد فسادٍ ينهش جسد الوطن. إن لم نتحرك اليوم، فسنواجه غداً جيلاً يعتقد أن الغش “إنجاز”، والتدليس “ذكاء”. الفساد الجامعي ليس مجرد جريمة أخلاقية، بل تهديد مباشر للأمن المجتمعي. عندما تتحول الجامعة إلى مصنع لشواهد مزورة، فإنها تنتج مسؤولين بلا كفاءة، وقضاة بلا ضمير، وأساتذة بلا علم. وحينها لا يمكن بناء مغرب الغد السكوت عن هذه الجريمة هو خيانة للأمل، وتواطؤ مع الفساد، ومساهمة في قتل طموحات شباب حُرموا من فرص حقيقية لأنهم لم يملكوا ما يكفي لشراء شهادة. إن ضحايا هذه المافيا معروفون: شباب اجتهدوا وكافحوا، لكنهم صُدوا لأنهم لم يكونوا جزءاً من لعبة النفوذ والرشوة * يدير اكيندي، أستاذ العلوم الاقتصادية والاجتماعية، خبير في التنمية الشاملة والإعاقة
ساحة

يونس مجاهد يكتب: حرية الصحافة المزعومة
يونس مجاهديشكل الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يصادف الثالث من شهر ماي كل سنة، مناسبة أخرى للحديث عن القضايا المرتبطة بممارسة هذه الحرية، وخاصة التضييق الذي يمارس لمنعها أو الحد منها، غير أنه قلما تناقش أخلاقيات الصحافة، في علاقتها بالحرية، رغم أن هناك تكاملا بين المبدأين، يجعل من جودة الصحافة، رديفا للالتزام بأخلاقياتها، لأن الصحافة الرديئة ليست ممارسة للحرية، بل على العكس، إنها مجرد تضليل للجمهور ونشر لأخبار كاذبة، وتشهير وارتزاق وابتزاز... وهي بذلك لا تستجيب لتطلعات المجتمع، بل تؤثر سلبا على حرية الصحافة وادوارها الاجتماعية.وانطلاقا من هذا المنظور الذي يعتبر أن الوظيفة الاجتماعية هي الغاية الرئيسية للممارسة الصحافية، تطور استعمال المعيار الاجتماعي، لتصحيح الانحرافات التي تصيب هذه المهنة، فرغم اعتماد مواثيق الأخلاقيات وهيئات التنظيم الذاتي، في العديد من البلدان المتقدمة في المجال الديمقراطي، إلا أنها ظلت تلجأ باستمرار لمراجعات مختلفة، لعلاقة الصحافة بالمجتمع. وفيهذا الصدد يمكن العودة إلى ما حصل في الولايات المتحدة، سنة 1942، حين تم إحداث لجنة هاتشينز، من طرف جامعة شيكاغو، بطلب من مؤسس مجلة تايم، هنري لوس، التي عينت على رأسها روبرت ماينارد هاتشينز. اشتغلت هذه اللجنة لمدة خمس سنوات، ونشرت تقريرها تحت عنوان "صحافة حرة ومسؤولة". ومما ورد فيه، وجود تناقض بين المفهوم التقليدي لحرية الصحافة، وضرورة التحلي بالمسؤولية. فالمسؤولية واحترام القانون، ليس في حد ذاتهما تضييقاعلى حرية الصحافة، بل على العكس، يمكن أن يكونا تعبيرا أصيلا عن حرية إيجابية، لكنهما ضد حرية اللامبالاة. ويضيف التقرير؛ لقد أصبح من المعتاد اليوم أن تكون حرية الصحافة المزعومة، عبارة عن لا مسؤولية اجتماعية، لذا على الصحافة أن تعرف أن أخطاءها وأهواءها لم تعد ملكية خاصة لها، فهي تشكل خطرا على المجتمع، لأنها عندما تخطئ، فإنها تضلل الرأي العام، فنحن أمام تحدٍ؛ على الصحافة أن تظل نشاطا حرا وخاصا، لكن ليس لها الحق في أن تخطئ، لأنها تؤدي وظيفة مرفق عام. كان لهذا التقرير تأثير كبير في الحقل الصحافي، آنذاك، لأنه استعمل مفهوم المسؤولية الاجتماعية، واعتبر أن للصحافة وظائف أساسية، في تقديم معلومات وافية من خلال بحث وتدقيق، حول الأحداث اليومية، ضمن سياق واضح، وأن تكون منتدى للنقاش ولممارسة التعددية والحق في الاختلاف، وتنفتح على مختلف فئات المجتمع، بمساواة وإنصاف، وتتجنب الأفكار المسبقة والصور النمطية... ومن أشهر التقارير التي عرفتها، أيضا البلدان الديمقراطية، "تقرير ليفيسون"، الذي هو عبارة عن خلاصات تحقيق عام أجري في المملكة المتحدة بين عامي 2011 و2012، برئاسة القاضي براين ليفيسون، الذي كلفته الحكومة، بإنجاز افتحاص شامل حول ممارسة الصحافة ومدى التزامها بالأخلاقيات. ومن أهم توصياته؛ إنشاء هيئة جديدة مستقلة لتنظيم الصحافة، عبر تشريع قانوني، وتعزيز حماية الأفراد من انتهاكات الخصوصية ومن التشهير... وبناء على هذا التقرير تم اعتماد "ميثاق ملكي" للتنظيم الذاتي، صادق عليه البرلمان. ومازالت الأحزاب السياسية في هذا البلد تناقش الطرق المثلى الممكنة للتوصل إلى صيغة قانونية لتنفيذه، بالتوافق مع الناشرين. ويعتبر العديد من الباحثين في مجال الصحافة، أنه لا يمكن تصور الجودة في الصحافة، دون احترام أخلاقياتها، وحول هذا الموضوع، نظم منتدى الصحافة في الأرجنتين، ندوة دولية بمشاركة أكاديميين، صدرت في كتاب سنة 2007، تحت عنوان "صحافة الجودة: نقاشات وتحديات"، ناقش هذا الإشكال من مختلف جوانبه، وكانت خلاصته الرئيسية، أن الجودة والأخلاقيات وجهان لعملة واحدة. الجودة في البحث والتقصي وتدقيق المعلومات والتأكد من المعطيات، احترام الخصوصيات، الامتناع عن ممارسة السب والقذف، استعمال اللغة بشكل صحيح وراقٍ، تجنب الأخطاء اللغوية... ومن مصادر هذا الكتاب، البحث الذي نشرته الأستاذة الجامعية الإسبانية، المتخصصة في أخلاقيات الصحافة، صوريا كارلوس، تحت عنوان "الأمراض النفسية للأخلاقيات في المؤسسات الإخبارية"، حيث اعتبرت أن هناك أربعة أسباب تفرض الالتزام بأخلاقيات الصحافة؛ أولها، أن الأشخاص الذين يربحون قوت يومهم من خلال انتقاد الآخرين، تقع عليهم مسؤولية أن يكون تفكيرهم غير مثير للانتقاد، ثانيها، الاشتغال قليلا، بشكل رديء، بدون احترام القواعد والجودة المطلوبة، يشكل أول انتهاك للأخلاقيات، ثالثها، أن القانون وحده لا يكفي، فعلى المؤسسات أن تضع أنظمة داخلية لاحترام أخلاقيات الصحافة، رابعها، حتى تكون هناك مقاولات صحافية قوية وموحدة، عليها أن تتوفر على منظومة قيم، وثقافة أخلاقية مشتركة. إن كل حديث عن حرية الصحافة، دون استحضار شروط ممارستها، يظل مجرد شعارات فارغة، فبالإضافة إلى ضرورة العمل على توفير الإطار القانوني الذي يسمح بممارسة الحرية، فإن الأهم هو أن تلتزم الصحافة بالقواعد المهنية والمبادئ الأخلاقية، وتستند على منظومة القيم، المتعارف عليها عالميا في ميدان الصحافة، داخل إطار مؤسساتي قوي، وأنظمة داخلية يتم فيها تقاسم المسؤولية المشتركة، كل هذا لا يمكن أن يكون إلا في مقاولات صحافية مهيكلة بشكل محترف، تتوفر على إمكانات مادية وموارد بشرية، قادرة على تقديم منتوج يليق بمكانة الصحافة ويتجاوب مع متطلبات مسؤوليتها الاجتماعية.
ساحة

هرماس يسائل والي الجهة ووالي الامن.. هل أعلنتما انهزام السلطة أمام عربدة سائقي سيارات الأجرة؟
حسن هرماس السيدان الواليان المحترمان، كلما حللت بالمدينة الحمراء، التي امضيت فيها جزءا غير يسير من مساري المهني كصحافي، وارتبطت بها من الناحية الوجدانية والعائلية، إلا وشعرت بنوع من المرارة والأسى اتجاه بعض الممارسات المشينة التي تتغذى من مستنقع الفوضى والابتزاز، لدرجة أنني أصبحت أتخيل أن السلطات الأمنية والسلطات الولائية قدمتا معا استقالتها من ممارسة جزء من وظيفتها، وأعلنتا انهزامهما في مبارزة استأسد فيها "الخصم"، وما هو بخصم، وتجبر بلا حد ولا قيود. السيدان الواليان، أنا على يقين أنكما على بينة من العربدة والتجبر الذي عات بلا حدود في عدد من الأماكن المسموح فيها بتوقف سائقي سيارات الأجرة الصغيرة منها والكبيرة لنقل الركاب، مواطنين وسياحا، مغاربة وأجانب، نحو وجهاتهم، ومن ضمنها الساحة المحاذية لمحطة قطار مراكش، والساحة المواجهة لقنصلية فرنسا على مقربة من ساحة جامع لفنا...، ومبعث يقيني أنكما على علم بالأمر يستند إلى أن وظيفتكما الأساسية هي السهر على استتباب النظام والقانون، وتجسيد سلطة الدولة على أرض الواقع، وهذه المهمة الرهيبة، بمعناها الإيجابي، تستمدانها من الظهير الشريف ومن قرار تعيينكما في موقعي المسؤولية التي تتقلدانها.السيدان الواليان المحترمان، حللت بأرض البهجة ظهيرة يوم الإثنين 21 أبريل 2025، على متن رحلة قطار قادم الرباط، وأنا جد مزهو بنشوة اللقاءات التي جمعتني على مدى ثلاثة أيام مع الكتاب والإعلاميين والمثقفين في عاصمة المملكة بمناسبة الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب... ولا أخفيكما الإحباط والانكسار اللذين أصبت بهما وأنا أغادر محطة القطار باحثا عن سيارة أجرة تقلني اتجاه حي تاركة، حتى خيل إلى أنني في مغربين اثنين: مغرب الرباط حيث يشعر الإنسان بالاحترام والطمأنينة والحق في الخدمة العمومية المؤدى عنها، ومغرب مراكش الذي استأسد فيه، دون حسيب ولا رقيب، طغمة من منعدمي الضمير وقليلي الأخلاق ومحترفي المساومة والابتزاز ، وهم جزء ـ وليس كل ـ من سائقي سيارات الأجرة، ومنافسيهم الممارسين للمهنة خارج القانون. فخلال ثلاثة أرباع الساعة، بقيت "مشوجر" ، ( بتعبير أهل المدينة)، قبالة طابور من سيارات الأجرة المتوقفة، وبين الفينة والأخرى يأتي سائق السيارة مصحوبا بسائح (ين) أجنبي، ولا أحد غير السياح الأجانب، في هيئة تشي بأنه حصل على غنيمة، بينما يبدو السائح(ين)، وكأنهم "يساقون إلى المقصلة وهم ينظرون". بعدما تبين لي أن لا حظ لي في العثور على سيارة أجرة صغيرة في الموقف المجاور لمحطة القطار، على الرغم من أن عددا من السيارات ما تزال متوقفة في غياب السائقين الذين يترصدون "الهموز" داخل محطة القطار، توجهت نحو الشارع الذي يشكل امتداد لشارع محمد السادس، لعل سيارة أجرة مارة في نفس الاتجاه الذي أقصده تتوقف ... لكن دون جدوى. بل بمجرد ما أشرت على سيارة الأجرة الأولى حتى باغثني شخص بالسؤال عن وجهتي، سألته من أنت، قال لي :"طالب معاشو، عندي طاموبيلتي تنهز لبلايص"...، وأضاف قائلا: "راك غير كتضيع وقتك، ما غادي توقف ليك حتى طاكسي فهاد البلاصة"،اضطررت لأخبره عن وجهتى وهي "تاركة"، لأنني صاحب حاجة، قال لي 40 درهم... أتعرفان بماذا أجبته، سيداي الواليان؟ قلت لمن ادعى أنه "طالب معاشو": " ما عند الميت ما يدير قدام غسالو"، ورضخت للابتزاز.على امتداد المسار الرابط بين محطة قطار مراكش وحي تاركة، والذي اعتدت أن أؤدي مقابله 17 درهما عند العودة، تراءت لي مجموعة من الوقائع المشينة التي تخدش محيى مدينة البهجة، ومن ضمنها واقعة السائح الأجنبي الإنجليزي الجنسية الذي سبق له ، قبل شهور معدودة، أن تعرض للنصب من طرف سائق سيارة أجرة صغيرة بعدما حل بمطار مراكش المنارة، وهي الحادثة التي وثقها بالصوت والصورة، وتتبعها ملايين المشاهدين عبر العالم في قناته على اليوتوب.وإذا كان هذا السائح الأجنبي قد جهر بهذه الطريقة الفاضحة بتعرضه للظلم في بلد اسمه المغرب، له تاريخ ولديه ترسانة كبيرة من القوانين، وهو ما حز في أنفس حشد كبير من المغاربة مما اضطر السلطات إلى اتخاذ إجراءات تنظيمية وردعية للحيلولة دون تكرار فضيحة أخرى في مطار المنارة، فإن ما يقع في محيط محطة قطار مراكش، وعلى مقربة من ساحة جامع لفنا بشكل يومي، بل في كل ساعة وحين، لا يقل خطورة عن الواقعة السالف ذكرها، وهذا ما ينذر ـ لا قدر الله ـ بما هو أخطر وأفظع ما لم تتحرك السلطات الأمنية وسلطات ولاية مراكش للقيام بواجبها في فرض هبة الدولة وسيادة القانون. فاللهم هل بلغت، اللهم فاشهد.    
ساحة

محمد بنطلحة الدكالي يكتب: الروح الرياضية بالجزائر…داء العطب قديم
أمام الانتصارات المتتالية للدبلوماسية المغربية والنكسات والهزائم لجيران السوء،يبدو أن دولة العالم الآخر باتت تعيش أعراض الهلوسة والخرف،وهو داء عطب قديم إسمه" المروك". من بين الذكريات التي يتغنى بها حفدة الشهداء،واقعة كروية حدثت وقائعها في9 دجنبر1979 بين المغرب والجزائر،انتهت بفوزهم كما هو معلوم...ومنذ ذلك الحين والأبواق الإعلامية تكتب عن هذا" النصر" العظيم الذي مضت عليه46 سنة. ولأن مرض الهلوسة تزداد تهيؤاته بازدياد حدته،يبدو أن الكراغلة باتوا منذ الآن يترقبون مقابلة شباب قسنطينة أمام نهضة بركان المغربي. تطالعنا اليوم جريدة الشروق بمقال يحمل عنوان:" الرئيس تبون يحرص على مرافقة السياسي ودعمه في مواجهته ضد نهضة بركان المغربي"...! لقد أكد المقال أن زعيم الكراغلة سيتكفل بكامل مصاريف تنقل وإقامة ممثل الكرة الجزائرية في المغرب،علما أن وزير الشباب والرياضة،وليد صادي،وخلال حضوره مأدبة العشاء التي أقامها والي الولاية صيودة،كان قد نقل للنادي القسنطيني إدارة ولاعبين دعم رئيس الجمهورية ومساندته المطلقة للفريق في مواجهته أمام نهضة بركان...ومن ثمة ضمان تنشيط النهائي الإفريقي القادم ودخول التاريخ من بابه الواسع...! سبحان الله معشر الكراغلة،دخول التاريخ،شافاكم الله،يكون عبر الاختراعات والإنجازات،وتوفير لتر حليب وكسرة خبز لكل جائع،وذلك أضعف الإيمان. دخول التاريخ يكون عبر التلاحم والتآزر،لأننا دم واحد وتاريخ مشترك. أما وأنتم تشحنون المدرب خير الدين ماضوي وكأنه متوجه إلى ساحة الحرب،وتأمرون اللاعبين بوقرة ومداحي وكأنهما قائدا فريق مشاة...! إسمحوا لي أن أعترف،أني بت أشفق عليكم،وأدعو الله أن يتدبر أمر الحرارة المفرطةالتي تسكنكم. ونحن ندعو لكم بالشفاء معشر الكراغلة،نذكركم أنه وطوال التاريخ،ومنذ الحضارة الإغريقية التي عرفت ألعاب أثينا،ظلت الرياضة عنوانا للفرجة والتآخي والتعارف بين الشعوب لما تمثله من قيم إنسانية نبيلة،إنها تنشر السلام وتشجع على التسامح والاحترام وسمو الأخلاق،والرياضة بمعناها الصحيح ترفض أن تكون وسيلة لغاية أخرى لأنها منبع القيم السامية المثلى حين تنتصر الروح الرياضية. إننا نشفق عليكم،ونرثي لحالكم حين تعتبرون انتصارا صغيرا في كرة القدم عن طريق ضربات الحظ،عيدا وطنيا وملحمة بطولية،محاولين تهدئة الشارع الذي يعرف حراكا شعبيا. لقد ضاق الشعب الجزائري الشقيق درعا من ضيق العيش ومحنة الطوابير والرعب اليومي الجاثم على النفوس... الرياضة أخلاق وسمو إنساني نبيل...حاولوا أن تستفيقوا من غيكم،رغم أن داء العطب قديم... محمد بنطلحة الدكالي
ساحة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الأربعاء 02 يوليو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة