دين

الحج من الشعيرة الدينية إلى الكارثة الإنسانية.. من يتحمل المسؤولية..؟


كشـ24 نشر في: 28 أغسطس 2018

نتذكر جميعا تلك المقولة التي كان يرددها آباءنا وأجدادنا، والتي تنطلق من شعور ديني راسخ في أذهان الأجيال المتعاقبة، الأجر على قدر المشقة، وكانت هذه المقولة دائما تلازم الحجاج المغاربة والمسلمين بصفة عامة، كلما عادوا من الديار المقدسة بعد أداء مناسك هذه الشعيرة التي هي ركن من أركان الإسلام الخمس، وكانت دعواتهم وابتهالاتهم إلى الله تعالى تنطلق من قولهم “اللهم اجعل الأجر على قدر المشقة”، اعتبارا لما يكتنف أداء مناسك الحج من صعاب ومتاعب، بدء من رحلة السفر إلى إنهاء المناسك بعد طواف الإفاضة والوداع.ومع تطور الحياة، وتغير ظروف مناسك الحج كان من المفترض أن تتخلص هذه المشاق خصوصا أن الإجراءات والتدابير التي اتخذتها السلطات السعودية من أجل التخفيف من معاناة الحجاج، جعلت الحج أمرا ميسرا في كثير من شروطه وظروفه، غير أن هذا الأمر لاينطبق على الإطلاق على الحجاج المغاربة، فمنذ سنوات ونحن نسمع عن أخبار المعاناة الكبيرة التي تلاحق الحجاج المغاربة وهم يؤدون مناسك الحج في الوقت الذي كان من المفترض أن تيسر لهم الأمور حتى يتفرغوا للصلاة والذكر والدعاء وأداء كل ما تتطلبه هذه المناسك بشكل يكتنفه الخشوع والابتهال.أكثر من 5 سنوات نتابع أخبار الحجاج ونعلم أنهم يعانون أثناء أداءهم مناسك الحج، من معاناة التفريط والإهمال الذي يطوله من طرف البعثة المغربية المكلفة برعاية مصالحهم، وهو أمر مستغرب جدا لأننا نعلم أن الحاج المغربي يؤدي عن الخدمات التي تقدم له رسوما تفوق الخمسين ألف درهم، نظير توفير السكن والرعاية والنقل، فكثيرا ما يحدث أن لا يجد الحاج المغربي من ينقله إلى المناسك يوم التروية ويوم عرفة وعند العودة إلى المزدلفة ومنى لقضاء بقية أيام التشريق.هذه السنة كانت الأمور أكثر ضراوة، ونسميها أكثر سفالة، حيث عانى الحجاج المغاربة من إهمال شديد ومضايقات كثيرة ونقص في الإيواء والإطعام أدى ببعض الحجاج إلى الخروج عن صمتهم، وإلى الابتعاد عن متطلبات أداء هذه الشعيرة الدينية، والتي تلزم الحاج بالتفرغ إلى الذكر و شكر الله سبحانه وتعالى، عن الابتعاد عن هذه الممارسات الدينية التي هي ركن الحاج بسبب الغضب والقلق، وبسبب عدم الإكتراث بمصالح الحجاج المغاربة.هكذا الحجاج المغاربة هذه السنة مناسك الحج، حيث بلغت ذروة الإهمال وعدم الإكتراث يوم التروية ويوم عرفة، إذ لم يجد الكثير من الحجاج من ينقلهم لأداء شعيرة الوقوف بعرفة، وهي ركن الحج الأكبر، ثم عند العودة إلى المزدلفة، وكثير من المسنين من الحجاج من تعرضوا لحالات ضربات الشمس، وبعضهم قد فارق الحياة بسبب هذا الإهمال الذي لا يمكن إلا أن يرجع لعدم الاهتمام الذي كان من الواجب أن توليه البعثة المغربية لحجاج بيت الله الحرام، وهو أمر ليس بالجديد على هذه البعثة التي دائما في السنوات الأخيرة، ومنذ حوالي 6 سنوات، وهي تهمل دورها وتكتفي بالخضوع في مكاتبها دون أن تكترث لمشاكل الحجاج ومعاناتهم.بلغت إذن معاناة الحجاج المغاربة هذه السنة ذروتها وقمتها، وعزى بعض المسؤولين ذلك إلى المضايقات التي لقيها الحجاج من السلطات السعودية، حيث قدمت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية شكاية إلى مؤسسة مطوفي الحجاج الدول العربية، وهي مؤسسة أهلية غير حكومية، بعد أن أصدرت بلاغا أولا، مفاده ان ما تم تداوله من الفيديوهات يرجع إلى السنوات الماضية، وبعد ذلك أكدت من جديد أنها قد قامت بالاتصال بالسلطات السعودية لتتساءل عما سمته بالاختلالات، والأمر لا يتعلق بالاختلالات فقط، يتعلق بتفريط في حقوق المواطنين الذين دفعوا من أموالهم ما كان من المفترض أن يمكنهم من أداء فريضتهم وركن الحج الخامس من أركان الإسلام على أحسن وجه، ولكنهم ووجهوا بما لم يكن لهم في الحسبان، حيث قضى الكثير منهم لياليهم على أرصفة دورات المياه، وفي الشارع العام نساء ورجالا دون أن يقام لهم اهتمام، أو أن يلتفت إليهم من طرف مسؤولي البعثة المغربية الرسمية أيضا.مع التذكير بأن صاحب الجلالة الملك محمد السادس قد وجه تعليماته السامية إلى البعثة المغربية الرسمية قبل توجهها إلى الديار المقدسة لتعتني بشؤون الحجاج ومصالحهم لأنه أمير المؤمنين، ويرعى مصالح رعيته في أداء شعائرهم الدينية، وما حدث كان العكس فمن يتحمل المسؤولية؟لقد أرادت السلطات المغربية أن تنحي باللاءمة على السلطات السعودية، مع العلم أن السلطات المغربية مسؤولة بالأساس على تدبير شؤون الحجاج بدء من مغادرتهم أرض الوطن إلى عودتهم سالمين غانمين.أذكر أنه في سنة 2011 وقد كنت شاهد عيان على ذلك، واجه الحجاج المغاربة ظروفا قاسية بعد عودتهم من أدائهم للحج الأكبر بعرفة، إلى مشعر منى، حيث وجدوا خيامهم قد احتلت من طرف حجاج دول أخرى، وبصف خاصة الحجاج الموريتانيين، وخرجوا إلى الشارع في تظاهرة احتجاج.أذكر أنه في تلك الليلة من ليالي التشريق، توجهت مع مجموعة من الأصدقاء، ومجموعة من الحاضرين الذي كانوا يقاسمونني موقع وجودي بمشعر منى، وقد كنت أنذاك أؤدي مناسك الحج تحت إشراف وكالة الأسفار لنرى أوضاع الحجاج، الحج الرسمي الذي تؤطره الدولة.كان من بين الحاضرين معي في تلك الليلة وزير الدولة الحالي في حقوق الانسان السيد مصطفى الرميد، الذي حاول أن يهدأ روع هؤلاء الحجاج، وقد كان أنذاك من قياديي حزب العدالة والتنمية، كما هو الآن وكنا على بعد أيام قليلة من الانتخابات التشريعية التي قادت هذا الحزب إلى سدة تدبير الشأن العام.كانت الظروف سيئة لهؤلاء الحجاج، كنت أعرف بعضهم وكنت أعلم أن هناك منهم من المسنين والمسنات الذين عانوا في ليلة سيئة جدا، ولولا تدخل بعض المسؤولين السعوديين لكانت الكارثة أسوء مما كنا نتصور.إذن الوضعية ليست جديدة على على واقع الحجاج المغاربة، فمن يتحمل المسؤولية إذن كما قلنا؟إنه في الدول الديمقراطية التي تحترم نفسها عندما يحدث مثل هذا الأمر يبادر المسؤول عن القطاع إلى تقديم استقالته، أو تبادر السلطات المعنية إلى إقالة الوزير المعني لأنه لم يؤدي واجبه اتجاه هؤلاء المواطنين، ولم يسهر على رعاية مصالح هؤلاء الحجاج من خلال البعثة التي يشرف على متابعة أعمالها، ولو من داخل المغرب.إننا في المغرب نحترم مؤسسة إمارة المؤمنين لأنها المؤسسة التي ترعى مصالح المواطنين الدينية، وترعى حقهم في أداء مناسكهم وشعاءرهم المختلفة، وإلى هذه المؤسسة يرجع أمر البث في هذا الموضوع، وننتظر النتائج، ماذا سيحدث بعدما وقع من مآسي لهؤلاء الحجاج والتي مازالت تداعياتها تصلنا يوما بعد آخر. 

رشيد الصباحي

نتذكر جميعا تلك المقولة التي كان يرددها آباءنا وأجدادنا، والتي تنطلق من شعور ديني راسخ في أذهان الأجيال المتعاقبة، الأجر على قدر المشقة، وكانت هذه المقولة دائما تلازم الحجاج المغاربة والمسلمين بصفة عامة، كلما عادوا من الديار المقدسة بعد أداء مناسك هذه الشعيرة التي هي ركن من أركان الإسلام الخمس، وكانت دعواتهم وابتهالاتهم إلى الله تعالى تنطلق من قولهم “اللهم اجعل الأجر على قدر المشقة”، اعتبارا لما يكتنف أداء مناسك الحج من صعاب ومتاعب، بدء من رحلة السفر إلى إنهاء المناسك بعد طواف الإفاضة والوداع.ومع تطور الحياة، وتغير ظروف مناسك الحج كان من المفترض أن تتخلص هذه المشاق خصوصا أن الإجراءات والتدابير التي اتخذتها السلطات السعودية من أجل التخفيف من معاناة الحجاج، جعلت الحج أمرا ميسرا في كثير من شروطه وظروفه، غير أن هذا الأمر لاينطبق على الإطلاق على الحجاج المغاربة، فمنذ سنوات ونحن نسمع عن أخبار المعاناة الكبيرة التي تلاحق الحجاج المغاربة وهم يؤدون مناسك الحج في الوقت الذي كان من المفترض أن تيسر لهم الأمور حتى يتفرغوا للصلاة والذكر والدعاء وأداء كل ما تتطلبه هذه المناسك بشكل يكتنفه الخشوع والابتهال.أكثر من 5 سنوات نتابع أخبار الحجاج ونعلم أنهم يعانون أثناء أداءهم مناسك الحج، من معاناة التفريط والإهمال الذي يطوله من طرف البعثة المغربية المكلفة برعاية مصالحهم، وهو أمر مستغرب جدا لأننا نعلم أن الحاج المغربي يؤدي عن الخدمات التي تقدم له رسوما تفوق الخمسين ألف درهم، نظير توفير السكن والرعاية والنقل، فكثيرا ما يحدث أن لا يجد الحاج المغربي من ينقله إلى المناسك يوم التروية ويوم عرفة وعند العودة إلى المزدلفة ومنى لقضاء بقية أيام التشريق.هذه السنة كانت الأمور أكثر ضراوة، ونسميها أكثر سفالة، حيث عانى الحجاج المغاربة من إهمال شديد ومضايقات كثيرة ونقص في الإيواء والإطعام أدى ببعض الحجاج إلى الخروج عن صمتهم، وإلى الابتعاد عن متطلبات أداء هذه الشعيرة الدينية، والتي تلزم الحاج بالتفرغ إلى الذكر و شكر الله سبحانه وتعالى، عن الابتعاد عن هذه الممارسات الدينية التي هي ركن الحاج بسبب الغضب والقلق، وبسبب عدم الإكتراث بمصالح الحجاج المغاربة.هكذا الحجاج المغاربة هذه السنة مناسك الحج، حيث بلغت ذروة الإهمال وعدم الإكتراث يوم التروية ويوم عرفة، إذ لم يجد الكثير من الحجاج من ينقلهم لأداء شعيرة الوقوف بعرفة، وهي ركن الحج الأكبر، ثم عند العودة إلى المزدلفة، وكثير من المسنين من الحجاج من تعرضوا لحالات ضربات الشمس، وبعضهم قد فارق الحياة بسبب هذا الإهمال الذي لا يمكن إلا أن يرجع لعدم الاهتمام الذي كان من الواجب أن توليه البعثة المغربية لحجاج بيت الله الحرام، وهو أمر ليس بالجديد على هذه البعثة التي دائما في السنوات الأخيرة، ومنذ حوالي 6 سنوات، وهي تهمل دورها وتكتفي بالخضوع في مكاتبها دون أن تكترث لمشاكل الحجاج ومعاناتهم.بلغت إذن معاناة الحجاج المغاربة هذه السنة ذروتها وقمتها، وعزى بعض المسؤولين ذلك إلى المضايقات التي لقيها الحجاج من السلطات السعودية، حيث قدمت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية شكاية إلى مؤسسة مطوفي الحجاج الدول العربية، وهي مؤسسة أهلية غير حكومية، بعد أن أصدرت بلاغا أولا، مفاده ان ما تم تداوله من الفيديوهات يرجع إلى السنوات الماضية، وبعد ذلك أكدت من جديد أنها قد قامت بالاتصال بالسلطات السعودية لتتساءل عما سمته بالاختلالات، والأمر لا يتعلق بالاختلالات فقط، يتعلق بتفريط في حقوق المواطنين الذين دفعوا من أموالهم ما كان من المفترض أن يمكنهم من أداء فريضتهم وركن الحج الخامس من أركان الإسلام على أحسن وجه، ولكنهم ووجهوا بما لم يكن لهم في الحسبان، حيث قضى الكثير منهم لياليهم على أرصفة دورات المياه، وفي الشارع العام نساء ورجالا دون أن يقام لهم اهتمام، أو أن يلتفت إليهم من طرف مسؤولي البعثة المغربية الرسمية أيضا.مع التذكير بأن صاحب الجلالة الملك محمد السادس قد وجه تعليماته السامية إلى البعثة المغربية الرسمية قبل توجهها إلى الديار المقدسة لتعتني بشؤون الحجاج ومصالحهم لأنه أمير المؤمنين، ويرعى مصالح رعيته في أداء شعائرهم الدينية، وما حدث كان العكس فمن يتحمل المسؤولية؟لقد أرادت السلطات المغربية أن تنحي باللاءمة على السلطات السعودية، مع العلم أن السلطات المغربية مسؤولة بالأساس على تدبير شؤون الحجاج بدء من مغادرتهم أرض الوطن إلى عودتهم سالمين غانمين.أذكر أنه في سنة 2011 وقد كنت شاهد عيان على ذلك، واجه الحجاج المغاربة ظروفا قاسية بعد عودتهم من أدائهم للحج الأكبر بعرفة، إلى مشعر منى، حيث وجدوا خيامهم قد احتلت من طرف حجاج دول أخرى، وبصف خاصة الحجاج الموريتانيين، وخرجوا إلى الشارع في تظاهرة احتجاج.أذكر أنه في تلك الليلة من ليالي التشريق، توجهت مع مجموعة من الأصدقاء، ومجموعة من الحاضرين الذي كانوا يقاسمونني موقع وجودي بمشعر منى، وقد كنت أنذاك أؤدي مناسك الحج تحت إشراف وكالة الأسفار لنرى أوضاع الحجاج، الحج الرسمي الذي تؤطره الدولة.كان من بين الحاضرين معي في تلك الليلة وزير الدولة الحالي في حقوق الانسان السيد مصطفى الرميد، الذي حاول أن يهدأ روع هؤلاء الحجاج، وقد كان أنذاك من قياديي حزب العدالة والتنمية، كما هو الآن وكنا على بعد أيام قليلة من الانتخابات التشريعية التي قادت هذا الحزب إلى سدة تدبير الشأن العام.كانت الظروف سيئة لهؤلاء الحجاج، كنت أعرف بعضهم وكنت أعلم أن هناك منهم من المسنين والمسنات الذين عانوا في ليلة سيئة جدا، ولولا تدخل بعض المسؤولين السعوديين لكانت الكارثة أسوء مما كنا نتصور.إذن الوضعية ليست جديدة على على واقع الحجاج المغاربة، فمن يتحمل المسؤولية إذن كما قلنا؟إنه في الدول الديمقراطية التي تحترم نفسها عندما يحدث مثل هذا الأمر يبادر المسؤول عن القطاع إلى تقديم استقالته، أو تبادر السلطات المعنية إلى إقالة الوزير المعني لأنه لم يؤدي واجبه اتجاه هؤلاء المواطنين، ولم يسهر على رعاية مصالح هؤلاء الحجاج من خلال البعثة التي يشرف على متابعة أعمالها، ولو من داخل المغرب.إننا في المغرب نحترم مؤسسة إمارة المؤمنين لأنها المؤسسة التي ترعى مصالح المواطنين الدينية، وترعى حقهم في أداء مناسكهم وشعاءرهم المختلفة، وإلى هذه المؤسسة يرجع أمر البث في هذا الموضوع، وننتظر النتائج، ماذا سيحدث بعدما وقع من مآسي لهؤلاء الحجاج والتي مازالت تداعياتها تصلنا يوما بعد آخر. 

رشيد الصباحي



اقرأ أيضاً
انطلاق مسابقة مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة للقرآن الكريم
أعطيت، اليوم السبت بأديس أبابا، الانطلاقة الرسمية للأطوار الإقصائية للدورة السادسة لمسابقة مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة في حفظ وتلاوة وتجويد القرآن الكريم، بمبادرة من فرع المؤسسة في إثيوبيا. ويشارك في هذه الإقصائيات نحو ستين متسابقا من مختلف أنحاء البلاد، موزعين على أصناف المسابقة الثلاثة، ويتعلق الأمر بالحفظ الكامل مع الترتيل برواية ورش عن نافع؛ والحفظ الكامل مع الترتيل بمختلف القراءات والروايات الأخرى؛ والتجويد مع حفظ خمسة أحزاب على الأقل. وأكد المدير المالي لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، عثمان صقلي حسيني، في كلمة خلال افتتاح هذه المسابقة، أن هذه التظاهرة الدينية والعلمية المنظمة بأديس أبابا تعكس العناية الراسخة، التي يوليها أمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، للقرآن الكريم، والرعاية التي يحيط بها جلالته العلماء، وذلك بهدف ترسيخ القيم الدينية الأصيلة، ونشر مبادئ الوسطية والاعتدال، وتعزيز روح التضامن والوحدة بين الشعوب الإفريقية. وبعد أن أشار إلى أن تنظيم هذه الدورة يأتي بفضل الشراكة المثمرة مع المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بإثيوبيا، أعرب صقلي حسيني عن امتنان المؤسسة لكافة القراء والمعاهد القرآنية والزوايا والمساجد والمدرسين في مختلف أنحاء القارة، على الجهود المبذولة في خدمة الحفاظ على القرآن الكريم. كما ذكر بالأبعاد الكبرى التي تحملها هذه المسابقة القرآنية، مشيرا إلى أن هذه الإقصائيات تنظم سنويا عبر فروع المؤسسة الـ48 من أجل اختيار أفضل المشاركين لتمثيل بلدانهم في المرحلة النهائية التي تقام بالمملكة المغربية. وشدد، في هذا السياق، على أن المؤسسة، ووفقا للتوجيهات السامية لأمير المؤمنين، رئيس مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، ستواصل جهودها بكل عزم لتنزيل برنامج عملها وتحقيق أهدافها الرامية إلى ترسيخ مبادئ الوسطية والاعتدال، وصون القيم الإسلامية، وتوحيد صفوف العلماء في القارة الإفريقية. من جهتها، أكدت سفيرة المغرب في إثيوبيا وجيبوتي، نزهة علوي محمدي، أن هذه المبادرة تجسد الإرادة الراسخة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، أمير المؤمنين، في دعم الجهود الرامية إلى حماية الإسلام من كافة أشكال التطرف، وتكريس قيم الدين الإسلامي الحنيف خدمة لاستقرار وتنمية القارة. وأبرزت الدبلوماسية المغربية أن هذه التظاهرة النبيلة من شأنها تعزيز العلاقات بين المغرب وإثيوبيا في مجال التعاون الديني والروحي، وترسيخ قيم التسامح والاعتدال والتعايش بين الأديان. كما تعكس هذه المبادرة، تضيف علوي محمدي، عمق الروابط الدينية والثقافية التي تجمع بين المغرب والدول الإفريقية، وعلى رأسها إثيوبيا. من جانبه، نوه رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في إثيوبيا، الشيخ حاج إبراهيم توفا، بالدلالات العميقة لهذه المبادرة المباركة للمؤسسة برئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مبرزا العناية السامية التي يوليها جلالة الملك، أمير المؤمنين للدين الإسلامي في إفريقيا. وأشاد الشيخ حاج إبراهيم توفا، في كلمة تليت باسمه، بالجهود التي تبذلها مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة في إثيوبيا، ومنها تنظيم هذه المسابقة التي جمعت نحو ستين مشاركا من مختلف مناطق البلاد. كما عبر عن تقديره الكبير للرعاية السامية التي يحيط بها جلالة الملك العلماء الأفارقة. وتروم هذه المسابقة القرآنية، تعزيز ارتباط الشباب والناشئة الأفارقة بكتاب الله تعالى، وتحفيزهم على حفظه وتجويده وترتيله، بما يسهم في ترسيخ القيم الروحية والأخلاقية للإسلام في المجتمعات الإفريقية.
دين

الاعلان عن موعد اجراء قرعة الحج لموسم 1447هـ
أعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إلى علم المواطنين الذين تقدموا بطلبات التسجيل لأداء مناسك الحج خلال موسم حج 1447 هـ، أن عملية إجراء القرعة لتحديد القوائم النهائية لهذا الموسم ستجرى خلال الفترة الممتدة من يوم الاثنين 23 يونيو الجاري إلى غاية يوم الجمعة 04 يوليوز المقبل. وأوضح بلاغ للوزارة أن إجراء القرعة سيتم على مستوى القيادات والمقاطعات بالنسبة لحجاج التنظيم الرسمي بمختلف عمالات وأقاليم المملكة، وعلى مستوى العمالات بالنسبة لحجاج وكالات الأسفار السياحية بمختلف عمالات وأقاليم المملكة. وأضاف البلاغ أنه سيتم الإعلان، مباشرة بعد انتهاء عملية القرعة، عن اللائحة النهائية للحجاج الذين أسفرت القرعة عن انتقائهم بالنسبة للتنظيمين، وكذا لائحة الانتظار – الخاصة بهما- لتعويض المعتذرين من اللائحتين.
دين

في ختام رحلة العمر.. الحجاج يؤدون طواف الوداع
واصل مئات الألوف من الحجاج أداء طواف الوداع والسعي بين الصفا والمروة في المسجد الحرام إيذانا بختام مناسك الحج التي بدأت، الأربعاء الماضين بالمبيت بمنى ثم الوقوف بعرفة يوم الخميس والعودة إلى منى لرمي الجمرات والنحر وقضاء أيام التشريق. ويقول سهيل مي من ماليزيا عن تجربته في الحج "أود أن أحث المسلمين على الإسراع في أداء فريضة الحج في أقرب وقت ممكن، لأن برنامج الحج يُدرّبك على أن تصبح مسلما أفضل. إذا نظرت إليه من منظور شخصي للغاية، فستجده مثل معسكر تدريب لتصبح أفضل مسلم على الإطلاق". أما الحاج محمود الجندي من مصر فعبر عن امتنانه لسلاسة تنظيم الحج هذا العام. وقال: "السنة دي كانت الجو كويس والحمد لله ما دام الإنسان معاه تصريح، تصريح حج فالحمد لله يحج ويرتاح ويبقى الدنيا معاه كويسة يعني، والحمد لله ما فيش أي حد يعني بيعطلنا في أي حاجة والدنيا ماشية كويسة بإذن الله يعني، كل الشعاير كويسة والحمد لله بردو في عرفات كان الجو كويس وهنا ما شاء الله الطواف بردو كويس، فالحمد لله ربنا يديمها نعمة على الناس وربنا يتقبل من الجميع". وبالنسبة للكثير من الحجاج، لا يعد الحج مجرد أداء لفريضة دينية، وإنما هو رحلة ثرية أيضا. فتقول سارة نور من ماليزيا عن الحج إنه "تجربة عميقة وتحث على التواضع". وأعلنت هيئة الإحصاء السعودية في بيان أن عدد الحجاج هذا العام بلغ 1673230 من داخل المملكة وخارجها.
دين

السعودية تعلن نجاح موسم الحج
أعلن الأمير سعود بن مشعل، نائب أمير منطقة مكة المكرمة، الأحد، نجاح حج هذا العام أمنيا وصحيا وخدميا، مؤكداً أن بلاده تفخر بخدمة المقدسات وقاصديها، وتبدأ على الفور في التحضير للموسم المقبل. وأثنى نائب أمير منطقة مكة المكرمة، في كلمة له، على منتسبي القطاعات الأمنية والصحية والخدمية والمتطوعين والمتطوعات الذين "عملوا بكل جد وإخلاص لإنجاح هذه الشعيرة العظيمة" ، كما ، تقدم بالشكر لضيوف الرحمن، "الذين كانوا خير شركاء في النجاح، وذلك بالالتزام والتقيد بالأنظمة والتعليمات". وأتمّ الحجاج المتعجلين رحلة المناسك، قبيل غروب شمس الأحد، الثاني عشر من ذي الحجة، برميهم الجمرات، وأدائهم طواف الوداع، وسط منظومة متكاملة من الخدمات والتقنيات المتطورة التي يسَّرت إكمالهم الفريضة بأمان واطمئنان، مبتهلين إلى الله أن يتقبل منهم حجهم. وودع مشعر مِنى مواكب الحجيج، بعد قضاء نسكهم وإتمام أدائهم للركن الخامس من أركان الإسلام، فيما يغادر، الاثنين، من آثروا عدم التعجّل والبقاء لآخر لحظة على صعيده الطاهر. وأدّى الحجاج طواف الوداع، إيذاناً بانتهاء نسكهم، حيث شهد المسجد الحرام كثافة في حركة الطواف التي تجاوزت طاقتها التشغيلية 107 آلاف طائف في الساعة، وفق خطة تشغيلية متكاملة، اذ سخّرت الجهات المعنية إمكاناتها كافة؛ لتيسير تفويج الحجاج المتعجلين، وضمان انسيابية الحركة والتنقل داخل الحرم. وبلغت الطاقة الاستيعابية للسعي بين الصفا والمروة نحو 118 ألف ساعٍ في الساعة، وجرى توفير خدمات تنقل ميدانية تشمل 400 عربة كهربائية، ونحو 10 آلاف عربة يدوية، إلى جانب 210 بوابات ذكية لتنظيم الدخول والخروج، في حين جُهّزت 12 عربة مخصصة للتحلل من النسك، و4 مواقع لحفظ الأمتعة؛ لتسهيل تنقل الحجاج وخدمتهم، فضلاً عن توفير مستشفيين بساحات الحرم، ونحو 50 نقطة إرشاد ميدانية ضمن فرق راجلة تسهم في توجيه ضيوف الرحمن ومساعدتهم. في حين، استقبلت المدينة المنورة طلائع وفود ضيوف الرحمن المتعجلين، وذلك لزيارة المسجد النبوي الشريف، والصلاة فيه، والتشرَّف بالسلام على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وصاحبيه (رضوان الله عليهما) والتجوّل بين العديد من المساجد والمواقع الإسلامية ذات الارتباط الوثيق بالسيرة النبوية. وأظهرت بيانات وزارة الحج تخطي عدد الجولات الرقابية المنفذة حتى الآن 62 ألف جولة ميدانية على مساكن الحجاج والمخيمات والمطابخ المركزية، إضافةً إلى المرافق التشغيلية والإدارية للحملات وشركات تقديم الخدمات، ضمن خطة استباقية تسعى إلى رصد أي قصور ومعالجته فورا، مما أسهم في رفع نسبة الامتثال إلى 97 في المائة، مع اتخاذ الإجراءات النظامية بحق الجهات غير الملتزمة.
دين

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

ساحة

الحج من الشعيرة الدينية إلى الكارثة الإنسانية.. من يتحمل المسؤولية..؟


رشيد الصباحي نشر في: 27 أغسطس 2018

نتذكر جميعا تلك المقولة التي كان يرددها آباءنا وأجدادنا، والتي تنطلق من شعور ديني راسخ في أذهان الأجيال المتعاقبة، الأجر على قدر المشقة، وكانت هذه المقولة دائما تلازم الحجاج المغاربة والمسلمين بصفة عامة، كلما عادوا من الديار المقدسة بعد أداء مناسك هذه الشعيرة التي هي ركن من أركان الإسلام الخمس، وكانت دعواتهم وابتهالاتهم إلى الله تعالى تنطلق من قولهم "اللهم اجعل الأجر على قدر المشقة"، اعتبارا لما يكتنف أداء مناسك الحج من صعاب ومتاعب، بدء من رحلة السفر إلى إنهاء المناسك بعد طواف الإفاضة والوداع.ومع تطور الحياة، وتغير ظروف مناسك الحج كان من المفترض أن تتخلص هذه المشاق خصوصا أن الإجراءات والتدابير التي اتخذتها السلطات السعودية من أجل التخفيف من معاناة الحجاج، جعلت الحج أمرا ميسرا في كثير من شروطه وظروفه، غير أن هذا الأمر لاينطبق على الإطلاق على الحجاج المغاربة، فمنذ سنوات ونحن نسمع عن أخبار المعاناة الكبيرة التي تلاحق الحجاج المغاربة وهم يؤدون مناسك الحج في الوقت الذي كان من المفترض أن تيسر لهم الأمور حتى يتفرغوا للصلاة والذكر والدعاء وأداء كل ما تتطلبه هذه المناسك بشكل يكتنفه الخشوع والابتهال.أكثر من 5 سنوات نتابع أخبار الحجاج ونعلم أنهم يعانون أثناء أداءهم مناسك الحج، من معاناة التفريط والإهمال الذي يطوله من طرف البعثة المغربية المكلفة برعاية مصالحهم، وهو أمر مستغرب جدا لأننا نعلم أن الحاج المغربي يؤدي عن الخدمات التي تقدم له رسوما تفوق الخمسين ألف درهم، نظير توفير السكن والرعاية والنقل، فكثيرا ما يحدث أن لا يجد الحاج المغربي من ينقله إلى المناسك يوم التروية ويوم عرفة وعند العودة إلى المزدلفة ومنى لقضاء بقية أيام التشريق.هذه السنة كانت الأمور أكثر ضراوة، ونسميها أكثر سفالة، حيث عانى الحجاج المغاربة من إهمال شديد ومضايقات كثيرة ونقص في الإيواء والإطعام أدى ببعض الحجاج إلى الخروج عن صمتهم، وإلى الابتعاد عن متطلبات أداء هذه الشعيرة الدينية، والتي تلزم الحاج بالتفرغ إلى الذكر و شكر الله سبحانه وتعالى، عن الابتعاد عن هذه الممارسات الدينية التي هي ركن الحاج بسبب الغضب والقلق، وبسبب عدم الإكتراث بمصالح الحجاج المغاربة.هكذا الحجاج المغاربة هذه السنة مناسك الحج، حيث بلغت ذروة الإهمال وعدم الإكتراث يوم التروية ويوم عرفة، إذ لم يجد الكثير من الحجاج من ينقلهم لأداء شعيرة الوقوف بعرفة، وهي ركن الحج الأكبر، ثم عند العودة إلى المزدلفة، وكثير من المسنين من الحجاج من تعرضوا لحالات ضربات الشمس، وبعضهم قد فارق الحياة بسبب هذا الإهمال الذي لا يمكن إلا أن يرجع لعدم الاهتمام الذي كان من الواجب أن توليه البعثة المغربية لحجاج بيت الله الحرام، وهو أمر ليس بالجديد على هذه البعثة التي دائما في السنوات الأخيرة، ومنذ حوالي 6 سنوات، وهي تهمل دورها وتكتفي بالخضوع في مكاتبها دون أن تكترث لمشاكل الحجاج ومعاناتهم.بلغت إذن معاناة الحجاج المغاربة هذه السنة ذروتها وقمتها، وعزى بعض المسؤولين ذلك إلى المضايقات التي لقيها الحجاج من السلطات السعودية، حيث قدمت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية شكاية إلى مؤسسة مطوفي الحجاج الدول العربية، وهي مؤسسة أهلية غير حكومية، بعد أن أصدرت بلاغا أولا، مفاده ان ما تم تداوله من الفيديوهات يرجع إلى السنوات الماضية، وبعد ذلك أكدت من جديد أنها قد قامت بالاتصال بالسلطات السعودية لتتساءل عما سمته بالاختلالات، والأمر لا يتعلق بالاختلالات فقط، يتعلق بتفريط في حقوق المواطنين الذين دفعوا من أموالهم ما كان من المفترض أن يمكنهم من أداء فريضتهم وركن الحج الخامس من أركان الإسلام على أحسن وجه، ولكنهم ووجهوا بما لم يكن لهم في الحسبان، حيث قضى الكثير منهم لياليهم على أرصفة دورات المياه، وفي الشارع العام نساء ورجالا دون أن يقام لهم اهتمام، أو أن يلتفت إليهم من طرف مسؤولي البعثة المغربية الرسمية أيضا.مع التذكير بأن صاحب الجلالة الملك محمد السادس قد وجه تعليماته السامية إلى البعثة المغربية الرسمية قبل توجهها إلى الديار المقدسة لتعتني بشؤون الحجاج ومصالحهم لأنه أمير المؤمنين، ويرعى مصالح رعيته في أداء شعائرهم الدينية، وما حدث كان العكس فمن يتحمل المسؤولية؟لقد أرادت السلطات المغربية أن تنحي باللاءمة على السلطات السعودية، مع العلم أن السلطات المغربية مسؤولة بالأساس على تدبير شؤون الحجاج بدء من مغادرتهم أرض الوطن إلى عودتهم سالمين غانمين.أذكر أنه في سنة 2011 وقد كنت شاهد عيان على ذلك، واجه الحجاج المغاربة ظروفا قاسية بعد عودتهم من أدائهم للحج الأكبر بعرفة، إلى مشعر منى، حيث وجدوا خيامهم قد احتلت من طرف حجاج دول أخرى، وبصف خاصة الحجاج الموريتانيين، وخرجوا إلى الشارع في تظاهرة احتجاج.أذكر أنه في تلك الليلة من ليالي التشريق، توجهت مع مجموعة من الأصدقاء، ومجموعة من الحاضرين الذي كانوا يقاسمونني موقع وجودي بمشعر منى، وقد كنت أنذاك أؤدي مناسك الحج تحت إشراف وكالة الأسفار لنرى أوضاع الحجاج، الحج الرسمي الذي تؤطره الدولة.كان من بين الحاضرين معي في تلك الليلة وزير الدولة الحالي في حقوق الانسان السيد مصطفى الرميد، الذي حاول أن يهدأ روع هؤلاء الحجاج، وقد كان أنذاك من قياديي حزب العدالة والتنمية، كما هو الآن وكنا على بعد أيام قليلة من الانتخابات التشريعية التي قادت هذا الحزب إلى سدة تدبير الشأن العام.كانت الظروف سيئة لهؤلاء الحجاج، كنت أعرف بعضهم وكنت أعلم أن هناك منهم من المسنين والمسنات الذين عانوا في ليلة سيئة جدا، ولولا تدخل بعض المسؤولين السعوديين لكانت الكارثة أسوء مما كنا نتصور.إذن الوضعية ليست جديدة على على واقع الحجاج المغاربة، فمن يتحمل المسؤولية إذن كما قلنا؟إنه في الدول الديمقراطية التي تحترم نفسها عندما يحدث مثل هذا الأمر يبادر المسؤول عن القطاع إلى تقديم استقالته، أو تبادر السلطات المعنية إلى إقالة الوزير المعني لأنه لم يؤدي واجبه اتجاه هؤلاء المواطنين، ولم يسهر على رعاية مصالح هؤلاء الحجاج من خلال البعثة التي يشرف على متابعة أعمالها، ولو من داخل المغرب.إننا في المغرب نحترم مؤسسة إمارة المؤمنين لأنها المؤسسة التي ترعى مصالح المواطنين الدينية، وترعى حقهم في أداء مناسكهم وشعاءرهم المختلفة، وإلى هذه المؤسسة يرجع أمر البث في هذا الموضوع، وننتظر النتائج، ماذا سيحدث بعدما وقع من مآسي لهؤلاء الحجاج والتي مازالت تداعياتها تصلنا يوما بعد آخر.

رشيد الصباحي

نتذكر جميعا تلك المقولة التي كان يرددها آباءنا وأجدادنا، والتي تنطلق من شعور ديني راسخ في أذهان الأجيال المتعاقبة، الأجر على قدر المشقة، وكانت هذه المقولة دائما تلازم الحجاج المغاربة والمسلمين بصفة عامة، كلما عادوا من الديار المقدسة بعد أداء مناسك هذه الشعيرة التي هي ركن من أركان الإسلام الخمس، وكانت دعواتهم وابتهالاتهم إلى الله تعالى تنطلق من قولهم "اللهم اجعل الأجر على قدر المشقة"، اعتبارا لما يكتنف أداء مناسك الحج من صعاب ومتاعب، بدء من رحلة السفر إلى إنهاء المناسك بعد طواف الإفاضة والوداع.ومع تطور الحياة، وتغير ظروف مناسك الحج كان من المفترض أن تتخلص هذه المشاق خصوصا أن الإجراءات والتدابير التي اتخذتها السلطات السعودية من أجل التخفيف من معاناة الحجاج، جعلت الحج أمرا ميسرا في كثير من شروطه وظروفه، غير أن هذا الأمر لاينطبق على الإطلاق على الحجاج المغاربة، فمنذ سنوات ونحن نسمع عن أخبار المعاناة الكبيرة التي تلاحق الحجاج المغاربة وهم يؤدون مناسك الحج في الوقت الذي كان من المفترض أن تيسر لهم الأمور حتى يتفرغوا للصلاة والذكر والدعاء وأداء كل ما تتطلبه هذه المناسك بشكل يكتنفه الخشوع والابتهال.أكثر من 5 سنوات نتابع أخبار الحجاج ونعلم أنهم يعانون أثناء أداءهم مناسك الحج، من معاناة التفريط والإهمال الذي يطوله من طرف البعثة المغربية المكلفة برعاية مصالحهم، وهو أمر مستغرب جدا لأننا نعلم أن الحاج المغربي يؤدي عن الخدمات التي تقدم له رسوما تفوق الخمسين ألف درهم، نظير توفير السكن والرعاية والنقل، فكثيرا ما يحدث أن لا يجد الحاج المغربي من ينقله إلى المناسك يوم التروية ويوم عرفة وعند العودة إلى المزدلفة ومنى لقضاء بقية أيام التشريق.هذه السنة كانت الأمور أكثر ضراوة، ونسميها أكثر سفالة، حيث عانى الحجاج المغاربة من إهمال شديد ومضايقات كثيرة ونقص في الإيواء والإطعام أدى ببعض الحجاج إلى الخروج عن صمتهم، وإلى الابتعاد عن متطلبات أداء هذه الشعيرة الدينية، والتي تلزم الحاج بالتفرغ إلى الذكر و شكر الله سبحانه وتعالى، عن الابتعاد عن هذه الممارسات الدينية التي هي ركن الحاج بسبب الغضب والقلق، وبسبب عدم الإكتراث بمصالح الحجاج المغاربة.هكذا الحجاج المغاربة هذه السنة مناسك الحج، حيث بلغت ذروة الإهمال وعدم الإكتراث يوم التروية ويوم عرفة، إذ لم يجد الكثير من الحجاج من ينقلهم لأداء شعيرة الوقوف بعرفة، وهي ركن الحج الأكبر، ثم عند العودة إلى المزدلفة، وكثير من المسنين من الحجاج من تعرضوا لحالات ضربات الشمس، وبعضهم قد فارق الحياة بسبب هذا الإهمال الذي لا يمكن إلا أن يرجع لعدم الاهتمام الذي كان من الواجب أن توليه البعثة المغربية لحجاج بيت الله الحرام، وهو أمر ليس بالجديد على هذه البعثة التي دائما في السنوات الأخيرة، ومنذ حوالي 6 سنوات، وهي تهمل دورها وتكتفي بالخضوع في مكاتبها دون أن تكترث لمشاكل الحجاج ومعاناتهم.بلغت إذن معاناة الحجاج المغاربة هذه السنة ذروتها وقمتها، وعزى بعض المسؤولين ذلك إلى المضايقات التي لقيها الحجاج من السلطات السعودية، حيث قدمت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية شكاية إلى مؤسسة مطوفي الحجاج الدول العربية، وهي مؤسسة أهلية غير حكومية، بعد أن أصدرت بلاغا أولا، مفاده ان ما تم تداوله من الفيديوهات يرجع إلى السنوات الماضية، وبعد ذلك أكدت من جديد أنها قد قامت بالاتصال بالسلطات السعودية لتتساءل عما سمته بالاختلالات، والأمر لا يتعلق بالاختلالات فقط، يتعلق بتفريط في حقوق المواطنين الذين دفعوا من أموالهم ما كان من المفترض أن يمكنهم من أداء فريضتهم وركن الحج الخامس من أركان الإسلام على أحسن وجه، ولكنهم ووجهوا بما لم يكن لهم في الحسبان، حيث قضى الكثير منهم لياليهم على أرصفة دورات المياه، وفي الشارع العام نساء ورجالا دون أن يقام لهم اهتمام، أو أن يلتفت إليهم من طرف مسؤولي البعثة المغربية الرسمية أيضا.مع التذكير بأن صاحب الجلالة الملك محمد السادس قد وجه تعليماته السامية إلى البعثة المغربية الرسمية قبل توجهها إلى الديار المقدسة لتعتني بشؤون الحجاج ومصالحهم لأنه أمير المؤمنين، ويرعى مصالح رعيته في أداء شعائرهم الدينية، وما حدث كان العكس فمن يتحمل المسؤولية؟لقد أرادت السلطات المغربية أن تنحي باللاءمة على السلطات السعودية، مع العلم أن السلطات المغربية مسؤولة بالأساس على تدبير شؤون الحجاج بدء من مغادرتهم أرض الوطن إلى عودتهم سالمين غانمين.أذكر أنه في سنة 2011 وقد كنت شاهد عيان على ذلك، واجه الحجاج المغاربة ظروفا قاسية بعد عودتهم من أدائهم للحج الأكبر بعرفة، إلى مشعر منى، حيث وجدوا خيامهم قد احتلت من طرف حجاج دول أخرى، وبصف خاصة الحجاج الموريتانيين، وخرجوا إلى الشارع في تظاهرة احتجاج.أذكر أنه في تلك الليلة من ليالي التشريق، توجهت مع مجموعة من الأصدقاء، ومجموعة من الحاضرين الذي كانوا يقاسمونني موقع وجودي بمشعر منى، وقد كنت أنذاك أؤدي مناسك الحج تحت إشراف وكالة الأسفار لنرى أوضاع الحجاج، الحج الرسمي الذي تؤطره الدولة.كان من بين الحاضرين معي في تلك الليلة وزير الدولة الحالي في حقوق الانسان السيد مصطفى الرميد، الذي حاول أن يهدأ روع هؤلاء الحجاج، وقد كان أنذاك من قياديي حزب العدالة والتنمية، كما هو الآن وكنا على بعد أيام قليلة من الانتخابات التشريعية التي قادت هذا الحزب إلى سدة تدبير الشأن العام.كانت الظروف سيئة لهؤلاء الحجاج، كنت أعرف بعضهم وكنت أعلم أن هناك منهم من المسنين والمسنات الذين عانوا في ليلة سيئة جدا، ولولا تدخل بعض المسؤولين السعوديين لكانت الكارثة أسوء مما كنا نتصور.إذن الوضعية ليست جديدة على على واقع الحجاج المغاربة، فمن يتحمل المسؤولية إذن كما قلنا؟إنه في الدول الديمقراطية التي تحترم نفسها عندما يحدث مثل هذا الأمر يبادر المسؤول عن القطاع إلى تقديم استقالته، أو تبادر السلطات المعنية إلى إقالة الوزير المعني لأنه لم يؤدي واجبه اتجاه هؤلاء المواطنين، ولم يسهر على رعاية مصالح هؤلاء الحجاج من خلال البعثة التي يشرف على متابعة أعمالها، ولو من داخل المغرب.إننا في المغرب نحترم مؤسسة إمارة المؤمنين لأنها المؤسسة التي ترعى مصالح المواطنين الدينية، وترعى حقهم في أداء مناسكهم وشعاءرهم المختلفة، وإلى هذه المؤسسة يرجع أمر البث في هذا الموضوع، وننتظر النتائج، ماذا سيحدث بعدما وقع من مآسي لهؤلاء الحجاج والتي مازالت تداعياتها تصلنا يوما بعد آخر.

رشيد الصباحي



اقرأ أيضاً
يدير اكيندي يكتب عن مافيا الماستر: حين تتحول الجامعة من منارة للعلم إلى سوق نخاسة لبيع الذمم
يدير اكيندي الفساد يضرب قلب التعليم العالي… ومصداقية الوطن على المحك مرة أخرى، يَطفو على السطح وجه بشع من وجوه الفساد في بلادنا، بعد تفجر فضيحة الاتجار بالشواهد الجامعية، وبالضبط شهادات الماستر، في واحدة من مؤسسات التعليم العالي التي يُفترض فيها أن تُخرّج نخبة النخبة. والكارثة أن هذه الشهادات ليست مجرد أوراق، بل مفاتيح لولوج مراكز القرار، ومسالك البحث العلمي، ومواقع المسؤولية في القضاء والإدارة والتعليم والثقافة. فماذا يعني أن تُباع هذه المفاتيح لمن يملك الثمن؟ وماذا تبقّى من الوطن إذا تساوى الحاذق والغشاش، والعالم والمزوّر، في فرص الصعود؟ فكيف يمكن لمجتمع أن ينهض إذا كان التعليم، أساس بناء الإنسان، يُباع ويُشترى؟ وكيف نضمن مستقبلاً وطنياً إذا كانت المناصب العليا تُمنح لمن يدفع أكثر، لا لمن يستحق؟ما وقع في جامعة أكادير ليس حادثا معزولا، بل هو مؤشّر خطير على هشاشة منظومتنا القيمية، وعلى مدى تمدّد سرطان الغش والتدليس في جسد المجتمع. أن يصبح الغش “حقا مكتسبا” لدى بعض الفئات، فتلك بداية نهاية العقد الاجتماعي بين المواطنين والدولة. من غير المعقول أن تنحصر المساءلة في الأستاذ المتهم وحده، بل إن كل من استفاد، بشكل مباشر أو غير مباشر، من هذه “التجارة اللاشرعية”، يجب أن يُحاسب ويُتابع بتهمة التزوير في وثائق رسمية، والاحتيال على الدولة، والولوج إلى مواقع المسؤولية دون وجه حق ، مما يجعل الفساد التعليمي قنبلة موقوتة تهدد أمن المجتمع بأكمله هنا تبرز ضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة، فلا يكفي معاقبة الأستاذ المتورط في فضيحة أكادير، بل يجب استدعاء كل من استفاد من هذه “الصفقات” وملاحقته بتهمة التزوير والتدليس.. إننا لا ننسى الضحايا الحقيقيين لهذه الفضيحة: أبناء وبنات هذا الوطن، الذين أُقصوا لأنهم لم يملكوا 250 ألف درهم لشراء شهادة، وليس لأنهم يفتقرون للكفاءة أو الجدارة. كم من طاقة وطنية شريفة حُرمت من فرصتها، ودُفنت أحلامها، وانهزمت ثقتها في مؤسسات الدولة! وكم من شاب وشابة حُرموا من الماستر والدكتوراه، لا لضعف مستواهم العلمي، بل فقط لأنهم لا يملكون رصيدًا بنكيًا محترمًا! أليس هذا هو الوجه الحقيقي لانهيار القيم، وبداية تصدع الوطن؟ هذه الممارسات لا تدمر الأفراد فحسب، بل تقتل روح الانتماء لدى الشباب، وتجعلهم يفقدون الثقة في الوطن. وكما قال الكاتب البرازيلي باولو كويلو في روايته “الكيميائي”: “عندما تُحارب أحلامك، فإن الكون بأسره يتآمر لمساعدتك”، لكن ماذا لو كان الفساد هو من يحارب الأحلام؟ حينها لن يجد الشباب سوى اليأس أو الهجرة لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذه الجريمة. فالوطن الذي نريده ليس مبنيًا على الريع والزبونية، بل على تكافؤ الفرص والاستحقاق. كما ورد في النموذج التنموي الجديد، الذي دعا إليه جلالة الملك محمد السادس، فإن بناء مغرب الغد يمر عبر بناء مجتمع قوي إلى جانب دولة قوية، مجتمع يؤمن بالعدل، والكرامة، والنزاهة، ويقاوم كل أشكال الغش والإفساد. فكيف تكون الدولة قوية إذا كان تعليمها ضعيفاً؟ وكيف يكون المجتمع قوياً إذا كان أفراده يعيشون على الوهم؟ ولعل ما قاله الكاتب البرازيلي باولو كويلو في رسالته إلى ابنه: “إن بناء الإنسان أصعب بكثير من بناء المدن، لكنه الأساس الحقيقي لأي حضارة”، ينطبق تمامًا على ما نحتاجه اليوم. فالتعليم هو حجر الزاوية لبناء الإنسان، والعبث به هو تقويض لكل إمكانيات النهوض. ألم يقل الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو: ” « وهل هناك عدل حين يحصل المزوّرون على مناصب ومسؤوليات، بينما يُقصى النجباء لأنهم لا يملكون المال؟ هل هناك دولة قانون، حين يتحول التعليم إلى مزاد علني؟ إننا أمام لحظة فارقة: إما أن تتحرّك النيابة العامة بصرامة، ويُفتح تحقيق شامل يُحاسب فيه كل من تواطأ أو استفاد أو سكت عن هذا الفساد، أو أن نترك هذا الورم الخبيث يتفشى في جسد الدولة والمجتمع، ويُعمق فقدان الثقة، ويقضي على كل أمل في الإصلاح. إننا ننتظر من وزارة التعليم العالي أن تنتصب كمطالب بالحق المدني في هذه القضية، وأن تُعلن حربا لا هوادة فيها على كل المتلاعبين بسمعة الجامعة المغربية. فالتعليم لا يجب أن يكون سلعة، ولا يجب أن يُترك للمفسدين ينشرون سمومهم بين الطلبة والأساتذة، ويهدمون ما تبقى من الأمل في غد نزيه وعادل. وحده العدل، وحدها المساواة، وحده القانون، يمكن أن يؤسسوا لوطن يسع الجميع. أما الاستسلام فليس خيارًا، والسكوت تواطؤ. فلننتفض، دفاعًا عن الكرامة، عن العدالة، عن مغرب يستحق أن نحلم به… لا أن نخجل منه. فضيحة شواهد الماستر ليست قضية أكاديمية عابرة، بل هي معركة وجودية ضد فسادٍ ينهش جسد الوطن. إن لم نتحرك اليوم، فسنواجه غداً جيلاً يعتقد أن الغش “إنجاز”، والتدليس “ذكاء”. الفساد الجامعي ليس مجرد جريمة أخلاقية، بل تهديد مباشر للأمن المجتمعي. عندما تتحول الجامعة إلى مصنع لشواهد مزورة، فإنها تنتج مسؤولين بلا كفاءة، وقضاة بلا ضمير، وأساتذة بلا علم. وحينها لا يمكن بناء مغرب الغد السكوت عن هذه الجريمة هو خيانة للأمل، وتواطؤ مع الفساد، ومساهمة في قتل طموحات شباب حُرموا من فرص حقيقية لأنهم لم يملكوا ما يكفي لشراء شهادة. إن ضحايا هذه المافيا معروفون: شباب اجتهدوا وكافحوا، لكنهم صُدوا لأنهم لم يكونوا جزءاً من لعبة النفوذ والرشوة * يدير اكيندي، أستاذ العلوم الاقتصادية والاجتماعية، خبير في التنمية الشاملة والإعاقة
ساحة

يونس مجاهد يكتب: حرية الصحافة المزعومة
يونس مجاهديشكل الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يصادف الثالث من شهر ماي كل سنة، مناسبة أخرى للحديث عن القضايا المرتبطة بممارسة هذه الحرية، وخاصة التضييق الذي يمارس لمنعها أو الحد منها، غير أنه قلما تناقش أخلاقيات الصحافة، في علاقتها بالحرية، رغم أن هناك تكاملا بين المبدأين، يجعل من جودة الصحافة، رديفا للالتزام بأخلاقياتها، لأن الصحافة الرديئة ليست ممارسة للحرية، بل على العكس، إنها مجرد تضليل للجمهور ونشر لأخبار كاذبة، وتشهير وارتزاق وابتزاز... وهي بذلك لا تستجيب لتطلعات المجتمع، بل تؤثر سلبا على حرية الصحافة وادوارها الاجتماعية.وانطلاقا من هذا المنظور الذي يعتبر أن الوظيفة الاجتماعية هي الغاية الرئيسية للممارسة الصحافية، تطور استعمال المعيار الاجتماعي، لتصحيح الانحرافات التي تصيب هذه المهنة، فرغم اعتماد مواثيق الأخلاقيات وهيئات التنظيم الذاتي، في العديد من البلدان المتقدمة في المجال الديمقراطي، إلا أنها ظلت تلجأ باستمرار لمراجعات مختلفة، لعلاقة الصحافة بالمجتمع. وفيهذا الصدد يمكن العودة إلى ما حصل في الولايات المتحدة، سنة 1942، حين تم إحداث لجنة هاتشينز، من طرف جامعة شيكاغو، بطلب من مؤسس مجلة تايم، هنري لوس، التي عينت على رأسها روبرت ماينارد هاتشينز. اشتغلت هذه اللجنة لمدة خمس سنوات، ونشرت تقريرها تحت عنوان "صحافة حرة ومسؤولة". ومما ورد فيه، وجود تناقض بين المفهوم التقليدي لحرية الصحافة، وضرورة التحلي بالمسؤولية. فالمسؤولية واحترام القانون، ليس في حد ذاتهما تضييقاعلى حرية الصحافة، بل على العكس، يمكن أن يكونا تعبيرا أصيلا عن حرية إيجابية، لكنهما ضد حرية اللامبالاة. ويضيف التقرير؛ لقد أصبح من المعتاد اليوم أن تكون حرية الصحافة المزعومة، عبارة عن لا مسؤولية اجتماعية، لذا على الصحافة أن تعرف أن أخطاءها وأهواءها لم تعد ملكية خاصة لها، فهي تشكل خطرا على المجتمع، لأنها عندما تخطئ، فإنها تضلل الرأي العام، فنحن أمام تحدٍ؛ على الصحافة أن تظل نشاطا حرا وخاصا، لكن ليس لها الحق في أن تخطئ، لأنها تؤدي وظيفة مرفق عام. كان لهذا التقرير تأثير كبير في الحقل الصحافي، آنذاك، لأنه استعمل مفهوم المسؤولية الاجتماعية، واعتبر أن للصحافة وظائف أساسية، في تقديم معلومات وافية من خلال بحث وتدقيق، حول الأحداث اليومية، ضمن سياق واضح، وأن تكون منتدى للنقاش ولممارسة التعددية والحق في الاختلاف، وتنفتح على مختلف فئات المجتمع، بمساواة وإنصاف، وتتجنب الأفكار المسبقة والصور النمطية... ومن أشهر التقارير التي عرفتها، أيضا البلدان الديمقراطية، "تقرير ليفيسون"، الذي هو عبارة عن خلاصات تحقيق عام أجري في المملكة المتحدة بين عامي 2011 و2012، برئاسة القاضي براين ليفيسون، الذي كلفته الحكومة، بإنجاز افتحاص شامل حول ممارسة الصحافة ومدى التزامها بالأخلاقيات. ومن أهم توصياته؛ إنشاء هيئة جديدة مستقلة لتنظيم الصحافة، عبر تشريع قانوني، وتعزيز حماية الأفراد من انتهاكات الخصوصية ومن التشهير... وبناء على هذا التقرير تم اعتماد "ميثاق ملكي" للتنظيم الذاتي، صادق عليه البرلمان. ومازالت الأحزاب السياسية في هذا البلد تناقش الطرق المثلى الممكنة للتوصل إلى صيغة قانونية لتنفيذه، بالتوافق مع الناشرين. ويعتبر العديد من الباحثين في مجال الصحافة، أنه لا يمكن تصور الجودة في الصحافة، دون احترام أخلاقياتها، وحول هذا الموضوع، نظم منتدى الصحافة في الأرجنتين، ندوة دولية بمشاركة أكاديميين، صدرت في كتاب سنة 2007، تحت عنوان "صحافة الجودة: نقاشات وتحديات"، ناقش هذا الإشكال من مختلف جوانبه، وكانت خلاصته الرئيسية، أن الجودة والأخلاقيات وجهان لعملة واحدة. الجودة في البحث والتقصي وتدقيق المعلومات والتأكد من المعطيات، احترام الخصوصيات، الامتناع عن ممارسة السب والقذف، استعمال اللغة بشكل صحيح وراقٍ، تجنب الأخطاء اللغوية... ومن مصادر هذا الكتاب، البحث الذي نشرته الأستاذة الجامعية الإسبانية، المتخصصة في أخلاقيات الصحافة، صوريا كارلوس، تحت عنوان "الأمراض النفسية للأخلاقيات في المؤسسات الإخبارية"، حيث اعتبرت أن هناك أربعة أسباب تفرض الالتزام بأخلاقيات الصحافة؛ أولها، أن الأشخاص الذين يربحون قوت يومهم من خلال انتقاد الآخرين، تقع عليهم مسؤولية أن يكون تفكيرهم غير مثير للانتقاد، ثانيها، الاشتغال قليلا، بشكل رديء، بدون احترام القواعد والجودة المطلوبة، يشكل أول انتهاك للأخلاقيات، ثالثها، أن القانون وحده لا يكفي، فعلى المؤسسات أن تضع أنظمة داخلية لاحترام أخلاقيات الصحافة، رابعها، حتى تكون هناك مقاولات صحافية قوية وموحدة، عليها أن تتوفر على منظومة قيم، وثقافة أخلاقية مشتركة. إن كل حديث عن حرية الصحافة، دون استحضار شروط ممارستها، يظل مجرد شعارات فارغة، فبالإضافة إلى ضرورة العمل على توفير الإطار القانوني الذي يسمح بممارسة الحرية، فإن الأهم هو أن تلتزم الصحافة بالقواعد المهنية والمبادئ الأخلاقية، وتستند على منظومة القيم، المتعارف عليها عالميا في ميدان الصحافة، داخل إطار مؤسساتي قوي، وأنظمة داخلية يتم فيها تقاسم المسؤولية المشتركة، كل هذا لا يمكن أن يكون إلا في مقاولات صحافية مهيكلة بشكل محترف، تتوفر على إمكانات مادية وموارد بشرية، قادرة على تقديم منتوج يليق بمكانة الصحافة ويتجاوب مع متطلبات مسؤوليتها الاجتماعية.
ساحة

هرماس يسائل والي الجهة ووالي الامن.. هل أعلنتما انهزام السلطة أمام عربدة سائقي سيارات الأجرة؟
حسن هرماس السيدان الواليان المحترمان، كلما حللت بالمدينة الحمراء، التي امضيت فيها جزءا غير يسير من مساري المهني كصحافي، وارتبطت بها من الناحية الوجدانية والعائلية، إلا وشعرت بنوع من المرارة والأسى اتجاه بعض الممارسات المشينة التي تتغذى من مستنقع الفوضى والابتزاز، لدرجة أنني أصبحت أتخيل أن السلطات الأمنية والسلطات الولائية قدمتا معا استقالتها من ممارسة جزء من وظيفتها، وأعلنتا انهزامهما في مبارزة استأسد فيها "الخصم"، وما هو بخصم، وتجبر بلا حد ولا قيود. السيدان الواليان، أنا على يقين أنكما على بينة من العربدة والتجبر الذي عات بلا حدود في عدد من الأماكن المسموح فيها بتوقف سائقي سيارات الأجرة الصغيرة منها والكبيرة لنقل الركاب، مواطنين وسياحا، مغاربة وأجانب، نحو وجهاتهم، ومن ضمنها الساحة المحاذية لمحطة قطار مراكش، والساحة المواجهة لقنصلية فرنسا على مقربة من ساحة جامع لفنا...، ومبعث يقيني أنكما على علم بالأمر يستند إلى أن وظيفتكما الأساسية هي السهر على استتباب النظام والقانون، وتجسيد سلطة الدولة على أرض الواقع، وهذه المهمة الرهيبة، بمعناها الإيجابي، تستمدانها من الظهير الشريف ومن قرار تعيينكما في موقعي المسؤولية التي تتقلدانها.السيدان الواليان المحترمان، حللت بأرض البهجة ظهيرة يوم الإثنين 21 أبريل 2025، على متن رحلة قطار قادم الرباط، وأنا جد مزهو بنشوة اللقاءات التي جمعتني على مدى ثلاثة أيام مع الكتاب والإعلاميين والمثقفين في عاصمة المملكة بمناسبة الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب... ولا أخفيكما الإحباط والانكسار اللذين أصبت بهما وأنا أغادر محطة القطار باحثا عن سيارة أجرة تقلني اتجاه حي تاركة، حتى خيل إلى أنني في مغربين اثنين: مغرب الرباط حيث يشعر الإنسان بالاحترام والطمأنينة والحق في الخدمة العمومية المؤدى عنها، ومغرب مراكش الذي استأسد فيه، دون حسيب ولا رقيب، طغمة من منعدمي الضمير وقليلي الأخلاق ومحترفي المساومة والابتزاز ، وهم جزء ـ وليس كل ـ من سائقي سيارات الأجرة، ومنافسيهم الممارسين للمهنة خارج القانون. فخلال ثلاثة أرباع الساعة، بقيت "مشوجر" ، ( بتعبير أهل المدينة)، قبالة طابور من سيارات الأجرة المتوقفة، وبين الفينة والأخرى يأتي سائق السيارة مصحوبا بسائح (ين) أجنبي، ولا أحد غير السياح الأجانب، في هيئة تشي بأنه حصل على غنيمة، بينما يبدو السائح(ين)، وكأنهم "يساقون إلى المقصلة وهم ينظرون". بعدما تبين لي أن لا حظ لي في العثور على سيارة أجرة صغيرة في الموقف المجاور لمحطة القطار، على الرغم من أن عددا من السيارات ما تزال متوقفة في غياب السائقين الذين يترصدون "الهموز" داخل محطة القطار، توجهت نحو الشارع الذي يشكل امتداد لشارع محمد السادس، لعل سيارة أجرة مارة في نفس الاتجاه الذي أقصده تتوقف ... لكن دون جدوى. بل بمجرد ما أشرت على سيارة الأجرة الأولى حتى باغثني شخص بالسؤال عن وجهتي، سألته من أنت، قال لي :"طالب معاشو، عندي طاموبيلتي تنهز لبلايص"...، وأضاف قائلا: "راك غير كتضيع وقتك، ما غادي توقف ليك حتى طاكسي فهاد البلاصة"،اضطررت لأخبره عن وجهتى وهي "تاركة"، لأنني صاحب حاجة، قال لي 40 درهم... أتعرفان بماذا أجبته، سيداي الواليان؟ قلت لمن ادعى أنه "طالب معاشو": " ما عند الميت ما يدير قدام غسالو"، ورضخت للابتزاز.على امتداد المسار الرابط بين محطة قطار مراكش وحي تاركة، والذي اعتدت أن أؤدي مقابله 17 درهما عند العودة، تراءت لي مجموعة من الوقائع المشينة التي تخدش محيى مدينة البهجة، ومن ضمنها واقعة السائح الأجنبي الإنجليزي الجنسية الذي سبق له ، قبل شهور معدودة، أن تعرض للنصب من طرف سائق سيارة أجرة صغيرة بعدما حل بمطار مراكش المنارة، وهي الحادثة التي وثقها بالصوت والصورة، وتتبعها ملايين المشاهدين عبر العالم في قناته على اليوتوب.وإذا كان هذا السائح الأجنبي قد جهر بهذه الطريقة الفاضحة بتعرضه للظلم في بلد اسمه المغرب، له تاريخ ولديه ترسانة كبيرة من القوانين، وهو ما حز في أنفس حشد كبير من المغاربة مما اضطر السلطات إلى اتخاذ إجراءات تنظيمية وردعية للحيلولة دون تكرار فضيحة أخرى في مطار المنارة، فإن ما يقع في محيط محطة قطار مراكش، وعلى مقربة من ساحة جامع لفنا بشكل يومي، بل في كل ساعة وحين، لا يقل خطورة عن الواقعة السالف ذكرها، وهذا ما ينذر ـ لا قدر الله ـ بما هو أخطر وأفظع ما لم تتحرك السلطات الأمنية وسلطات ولاية مراكش للقيام بواجبها في فرض هبة الدولة وسيادة القانون. فاللهم هل بلغت، اللهم فاشهد.    
ساحة

محمد بنطلحة الدكالي يكتب: الروح الرياضية بالجزائر…داء العطب قديم
أمام الانتصارات المتتالية للدبلوماسية المغربية والنكسات والهزائم لجيران السوء،يبدو أن دولة العالم الآخر باتت تعيش أعراض الهلوسة والخرف،وهو داء عطب قديم إسمه" المروك". من بين الذكريات التي يتغنى بها حفدة الشهداء،واقعة كروية حدثت وقائعها في9 دجنبر1979 بين المغرب والجزائر،انتهت بفوزهم كما هو معلوم...ومنذ ذلك الحين والأبواق الإعلامية تكتب عن هذا" النصر" العظيم الذي مضت عليه46 سنة. ولأن مرض الهلوسة تزداد تهيؤاته بازدياد حدته،يبدو أن الكراغلة باتوا منذ الآن يترقبون مقابلة شباب قسنطينة أمام نهضة بركان المغربي. تطالعنا اليوم جريدة الشروق بمقال يحمل عنوان:" الرئيس تبون يحرص على مرافقة السياسي ودعمه في مواجهته ضد نهضة بركان المغربي"...! لقد أكد المقال أن زعيم الكراغلة سيتكفل بكامل مصاريف تنقل وإقامة ممثل الكرة الجزائرية في المغرب،علما أن وزير الشباب والرياضة،وليد صادي،وخلال حضوره مأدبة العشاء التي أقامها والي الولاية صيودة،كان قد نقل للنادي القسنطيني إدارة ولاعبين دعم رئيس الجمهورية ومساندته المطلقة للفريق في مواجهته أمام نهضة بركان...ومن ثمة ضمان تنشيط النهائي الإفريقي القادم ودخول التاريخ من بابه الواسع...! سبحان الله معشر الكراغلة،دخول التاريخ،شافاكم الله،يكون عبر الاختراعات والإنجازات،وتوفير لتر حليب وكسرة خبز لكل جائع،وذلك أضعف الإيمان. دخول التاريخ يكون عبر التلاحم والتآزر،لأننا دم واحد وتاريخ مشترك. أما وأنتم تشحنون المدرب خير الدين ماضوي وكأنه متوجه إلى ساحة الحرب،وتأمرون اللاعبين بوقرة ومداحي وكأنهما قائدا فريق مشاة...! إسمحوا لي أن أعترف،أني بت أشفق عليكم،وأدعو الله أن يتدبر أمر الحرارة المفرطةالتي تسكنكم. ونحن ندعو لكم بالشفاء معشر الكراغلة،نذكركم أنه وطوال التاريخ،ومنذ الحضارة الإغريقية التي عرفت ألعاب أثينا،ظلت الرياضة عنوانا للفرجة والتآخي والتعارف بين الشعوب لما تمثله من قيم إنسانية نبيلة،إنها تنشر السلام وتشجع على التسامح والاحترام وسمو الأخلاق،والرياضة بمعناها الصحيح ترفض أن تكون وسيلة لغاية أخرى لأنها منبع القيم السامية المثلى حين تنتصر الروح الرياضية. إننا نشفق عليكم،ونرثي لحالكم حين تعتبرون انتصارا صغيرا في كرة القدم عن طريق ضربات الحظ،عيدا وطنيا وملحمة بطولية،محاولين تهدئة الشارع الذي يعرف حراكا شعبيا. لقد ضاق الشعب الجزائري الشقيق درعا من ضيق العيش ومحنة الطوابير والرعب اليومي الجاثم على النفوس... الرياضة أخلاق وسمو إنساني نبيل...حاولوا أن تستفيقوا من غيكم،رغم أن داء العطب قديم... محمد بنطلحة الدكالي
ساحة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الثلاثاء 01 يوليو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة