الجماعات المحلية وانتظارات منظومة التربية والتعليم – Kech24: Morocco News – كِشـ24 : جريدة إلكترونية مغربية
الثلاثاء 22 أبريل 2025, 19:41

ساحة

الجماعات المحلية وانتظارات منظومة التربية والتعليم


كشـ24 نشر في: 5 نوفمبر 2019

تعددت الاعتبارات التي تجبرنا على وضع منظومة التربية والتعليم على رأس الأولويات الوطنية، فلها أهمية بالغة في تحقيق المشروع المجتمعي والتنموي المنشود، وهي المسؤولة على إنتاج الكفاءات البشرية اللازمة لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، التي ستسهم لا محالة في البناء المتواصل للوطن. ونظرا لأهمية قطاع التربية والتعليم في الارتقاء بالمجتمع وتطويره كان لزاما انخراط جميع الفعاليات الحكومية وغير الحكومية في هذا الورش الوطني الذي انطلق مسلسل إصلاحه وتجويده منذ فجر الاستقلال إلى يومنا هذا. سنحاول في هذه الأسطر الإحاطة ما أمكن بانتظارات المرجعيات الوطنية المؤطرة لمنظومة التربية والتعليم المتوخاة من مساهمة فاعل من أهم الفعاليات المعول عليها ترك بصمتها في صرح الإصلاح المرتقب لهذه المنظومة ، والحديث هنا عن " الجماعات الترابية " هذه الأخيرة التي تصدت عن إرادة لتلبية حاجيات القرب التي تهم المواطن البسيط، والذي يعتبر التعليم أهم انشغالاته. فما هي المسوغات القانوية التي تضع منظومة التربية والتعليم في صلب اهتمامات الجماعات الترابية؟ وهل المنتخب المحلي واع بالأدوار المنوطة به في هذا الباب؟ للإجابة على هذه الأسئلة وغيرها سننطلق بداية من أعلى مرجعية قانونية بالبلاد المتمثلة بدستور المملكة.دستور 2011نص دستور المملكة صراحة في المادة 31 منه على أن مسؤلية استفادة المواطنات والمواطنين من الحصول على تعليم عصري وذي جودة تتحملها الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية ، فحسب منطوق هذا الفصل فهذه الجهات مسؤلة على " تعبئة كل الوسائل المتاحة " لتيسير أسباب هذه الاستفادة، ونص في ذات الفصل على مسؤولية الدولة والجماعات الترابية ، في ضمان استفادة المواطن من التكوين المهني والاستفادة من التربية البدنية والفنية. كما أكد الفصل 136 من الدستور على مساهمة الجهات والجماعات الترابية الأخرى في تفعيل السياسة العامة للدولة ، وتعتبر سياسة الدولة في مجال التربية والتعليم أهم تجليات السياسة العامة للدولة.القانون التنظيمي المتعلق بالجماعاتوهنا سأكتفي بإيراد منطوق القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات المحلية الصادر بالجريدة الرسمية رقم 6380 بتاريخ 23 يوليوز 2015، دون الوقوف على باقي القوانين التنظيمية المتعلقة بالجهات ( رقم 111.14) والمتعلق بالعمالات( 112.14). فقد ورد في المادة 87 من القانون رقم 113.14 في الباب المتعلق بالاختصاصات التي تمارسها الجماعات المحلية بشكل مشترك مع الدولة ، أن الجماعة تساهم في: _ إحداث دور الحضانة ورياض الأطفال. _ إحداث المراكز الاجتماعية للإيواء . _ إحداث المكتبات الجماعية. _ صيانة مدارس التعليم الأساس. وجاء في المادة 88 أن الاختصاصات المشتركة بين الجماعة و الدولة تمارس بشكل تعاقدي إما بمبادرة من الدولة أو بطلب من الجماعة.الملاحظ أن القانون التنظيم 113.14 المنظم لعمل الجماعات المحلية حصر دور الجماعات في إحداث وصيانة البنيات التحتية لمنظومة التربية والتعليم، فهل بهذا ستستجيب الجماعات الترابية لانتظارات المرجعيات الوطنية المؤطرة لمنظومة التربية والتعليم؟ وما هي هذه المرجعيات والانتظارات؟الميثاق الوطني للتربية والتكوينيعتبر الميثاق الوطني للتربية والتكوين الإطار المرجعي لجميع منظومات الإصلاح الذي شهدها قطاع التربية والتعليم ( المخطط الاستعجالي والرؤية الاستراتيجية ) ، وقد دعى الميثاق أكثر من مرة إلى إشارك الجماعات الترابية في الرفع من مردودية منظومة التربية والتعليم ، وحث المجالس المنتخبة على الوعي بالدور الحاسم للتربية والتعليم في إعداد النشء ، وأن تحدي الرفع والرقي بجودة التعليم مسؤلية مشتركة ، الأمر الذي ترجم في هذه الوثيقة المرجعية بالتأكيد على إحداث مجلس تدبير على مستوى كل مؤسسة تعليمية يكون لزاما تواجد ممثل فيه عن المجلس الجماعي الذي توجد المؤسسة في دائرة نفوذه الترابية، وهو ما أكده المرسوم رقم 376.2.02 الصادر بتاريخ 17 يوليوز 2002 الذي يعتبر بمثابة النظام الأساسي الخاص بمؤسسات التربية والتعليم ، حيث نصت المادة 19 منه على عضوية ممثل المجلس الجماعي بمجلس تدبير المؤسسة. وبالتالي فمساهمة ممثل المجلس الجماعي في صياغة وتنفيذ مشروع المؤسسة الذي يعد أعضاء مجلس التدبير جزءا من فريق قيادته مضمونة وحتمية، مشروع المؤسسة الذي يعد الإطار المنهجي الموجه لمجهودات جميع الفاعلين التربويين والشركاء ، وآلية ضرورية لتنظيم وتفعيل مختلف العمليات التدبيرية والتربوية الهادفة إلى تحسين جودة التعليمات لجميع المتعلمين.الرؤية الاستراتيجية 2030.2015جاءت الرؤية الاستراتيجية 2030.2015 كآخر عملية إصلاحية لقطاع التربية والتعليم بعد أن تم استنفاذ أغراض المخطط الاستعجالي الذي غطى مرحلة 2009/2012، الرؤية الاستراتيجية التي جاءت بأربع (4) مجالات إصلاح تتضمن 23 رافعة وأزيد من 134 تدبير، وورد ذكر دور الجماعات الترابية في عدد من هذه الرافعات والتدابير وهي : _ الرافعة 3 التدبير 11 : دعى هذا التدبير السلطات الجهوية والمحلية للتربية والتعليم إلى توفير فضاءات التمدرس في إطار شراكة تعاقدية مع الجماعات الترابية. _ الرافعة 15 التدبير 92 : الذي دعى إلى ضمان مشاركة ناجعة للجهات والجماعات الترابية للنهوض بالمدرسة، وفي نفس الرافعة يدعو التدبير 95 إلى تعميم والزامية التعليم الأولي في حدود المدى المتوسط ، باسهام الشركاء المعنيين كافة ، ولا سيما الجماعات الترابية بما يتلاءم مع اختصاصاتها .... _ الرافعة 22 التدبير 112 : أكد هذا التدبير على ضرورة إعلان 2030/2015 مدى زمنيا للتعبئة الوطنية من أجل تجديد المدرسة المغربية ، وتحسين جودتها ومردوديتها ، ومن ثم جعلها تحظى بعناية قصوى كأسبقية وطنية ، من قبل الدولة والجماعات الترابية. ودعى التدبير 118 في ذات الرافعة إلى توفير دعم منتظم للمدرسة في إطار استثمار الإمكانيات المتاحة من طرف الجهوية المتقدمة والقانون التنظيمي الجماعات.القانون - الاطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي رقم 17_51رغم الجدل الذي خلفه صدور القانون - الاطار 17_51 ، خاصة في ما يتعلق بالمسألة اللغوية ، فإن خروج هذا القانون إلى أرض الواقع يعد سابقة تاريخية في المغرب ، حيث ولأول مرة يصدر قانون منظم لقطاع التربية والتعليم عن المؤسسة التشريعية منذ إحداث البرلمان بغرفتيه ، هذا القانون الذي جاء تفعيلا لتوصيات الرؤية الاستراتيجية للإصلاح وتحويل اختياراتها الكبرى إلى قانون إطار يجسد تعاقدا وطنيا يلزم الجميع ، ويلتزم الجميع بتفعيل مقتضياته. وفي هذا الصدد ينتظر القانون الإطار من الجماعات الترابية أن تساهم في تنزيل الإصلاحات المنشودة، فنجد في المادة 6 من هذا القانون الإطار دعوة صريحة للجماعات الترابية للمساهمة في تحقيق أهداف هذه الاصلاحات والانخراط في مسلسل تنفيذها، وتقديم مختلف أشكال الدعم من أجل بلوغها. ومن أجل ضمان إلزامية التعليم نصت المادة 22 من ذات القانون الإطار على أن " تعمل الدولة اعتمادا على إمكاناتها الذاتية أو في إطار الشراكة مع الجماعات الترابية .. على تعبئة جميع الموارد المتاحة، خاصة على مستوى تأهيل مؤسسات التربية والتعليم". وفيما يتعلق بالتعليم العالي نصت المادة 40 على تشجيع الشراكات بين الجامعات ومؤسسات التعليم العالي وبين الجماعات الترابية. وبخصوص مجانية وتنويع مصادر تمويل منظومة التربية والتكوين والبحث العلمية جاء في المادة 46 التأكيد على تعبئة الموارد وتوفير الوسائل اللازمة لتمويل منظومة التربية والتعليم في إطار التضامن الوطني من خلال مساهمة الجماعات الترابية.خلاصةيبدو أن المرجعيات المؤطرة لمنظومة التربية والتعليم بمجملها أوردت الجماعات الترابية في نصوصها باعتبارها من أهم مصادر تمويل منظومة التربية والتعليم، وشريك أساسي في رقيها وتجويده ، باعتبارها جزء من مؤسسات الدولة وكذا لعلاقتها الوطيدة بهموم ومشاكل الساكنة، إلا أن الواقع والمنجز على الأرض لا يعبر على قوة ووضوح تلك النصوص القانونية، لإعتبارات كثيرة، تحتاج لأكثر من وقفة، وأكثر من قراءة، النصوص التي أعطت إمكانيات عديدة للعمل والاشتغال، وكمثال على هذا نورد واقع تفعيل آلية المجالس التدبيرية للمؤسسات التي لم توظف بالشكل المطلوب، ولم تعرف انخراط جدي الجماعات الترابية باعتبارها الآلية العملية المباشرة لانخراط جميع الفاعلين التربويين وشركاء المؤسسة وعلى رأسهم الجماعات الترابية، وبالتالي تفويت فرص كثيرة لحلحلت مشاكل المؤسسات التي تتناسل بشكل يومي والتي تحتاج لتضافر جميع المجهودات.ذ. لحسن شافع إطار تربوي

تعددت الاعتبارات التي تجبرنا على وضع منظومة التربية والتعليم على رأس الأولويات الوطنية، فلها أهمية بالغة في تحقيق المشروع المجتمعي والتنموي المنشود، وهي المسؤولة على إنتاج الكفاءات البشرية اللازمة لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، التي ستسهم لا محالة في البناء المتواصل للوطن. ونظرا لأهمية قطاع التربية والتعليم في الارتقاء بالمجتمع وتطويره كان لزاما انخراط جميع الفعاليات الحكومية وغير الحكومية في هذا الورش الوطني الذي انطلق مسلسل إصلاحه وتجويده منذ فجر الاستقلال إلى يومنا هذا. سنحاول في هذه الأسطر الإحاطة ما أمكن بانتظارات المرجعيات الوطنية المؤطرة لمنظومة التربية والتعليم المتوخاة من مساهمة فاعل من أهم الفعاليات المعول عليها ترك بصمتها في صرح الإصلاح المرتقب لهذه المنظومة ، والحديث هنا عن " الجماعات الترابية " هذه الأخيرة التي تصدت عن إرادة لتلبية حاجيات القرب التي تهم المواطن البسيط، والذي يعتبر التعليم أهم انشغالاته. فما هي المسوغات القانوية التي تضع منظومة التربية والتعليم في صلب اهتمامات الجماعات الترابية؟ وهل المنتخب المحلي واع بالأدوار المنوطة به في هذا الباب؟ للإجابة على هذه الأسئلة وغيرها سننطلق بداية من أعلى مرجعية قانونية بالبلاد المتمثلة بدستور المملكة.دستور 2011نص دستور المملكة صراحة في المادة 31 منه على أن مسؤلية استفادة المواطنات والمواطنين من الحصول على تعليم عصري وذي جودة تتحملها الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية ، فحسب منطوق هذا الفصل فهذه الجهات مسؤلة على " تعبئة كل الوسائل المتاحة " لتيسير أسباب هذه الاستفادة، ونص في ذات الفصل على مسؤولية الدولة والجماعات الترابية ، في ضمان استفادة المواطن من التكوين المهني والاستفادة من التربية البدنية والفنية. كما أكد الفصل 136 من الدستور على مساهمة الجهات والجماعات الترابية الأخرى في تفعيل السياسة العامة للدولة ، وتعتبر سياسة الدولة في مجال التربية والتعليم أهم تجليات السياسة العامة للدولة.القانون التنظيمي المتعلق بالجماعاتوهنا سأكتفي بإيراد منطوق القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات المحلية الصادر بالجريدة الرسمية رقم 6380 بتاريخ 23 يوليوز 2015، دون الوقوف على باقي القوانين التنظيمية المتعلقة بالجهات ( رقم 111.14) والمتعلق بالعمالات( 112.14). فقد ورد في المادة 87 من القانون رقم 113.14 في الباب المتعلق بالاختصاصات التي تمارسها الجماعات المحلية بشكل مشترك مع الدولة ، أن الجماعة تساهم في: _ إحداث دور الحضانة ورياض الأطفال. _ إحداث المراكز الاجتماعية للإيواء . _ إحداث المكتبات الجماعية. _ صيانة مدارس التعليم الأساس. وجاء في المادة 88 أن الاختصاصات المشتركة بين الجماعة و الدولة تمارس بشكل تعاقدي إما بمبادرة من الدولة أو بطلب من الجماعة.الملاحظ أن القانون التنظيم 113.14 المنظم لعمل الجماعات المحلية حصر دور الجماعات في إحداث وصيانة البنيات التحتية لمنظومة التربية والتعليم، فهل بهذا ستستجيب الجماعات الترابية لانتظارات المرجعيات الوطنية المؤطرة لمنظومة التربية والتعليم؟ وما هي هذه المرجعيات والانتظارات؟الميثاق الوطني للتربية والتكوينيعتبر الميثاق الوطني للتربية والتكوين الإطار المرجعي لجميع منظومات الإصلاح الذي شهدها قطاع التربية والتعليم ( المخطط الاستعجالي والرؤية الاستراتيجية ) ، وقد دعى الميثاق أكثر من مرة إلى إشارك الجماعات الترابية في الرفع من مردودية منظومة التربية والتعليم ، وحث المجالس المنتخبة على الوعي بالدور الحاسم للتربية والتعليم في إعداد النشء ، وأن تحدي الرفع والرقي بجودة التعليم مسؤلية مشتركة ، الأمر الذي ترجم في هذه الوثيقة المرجعية بالتأكيد على إحداث مجلس تدبير على مستوى كل مؤسسة تعليمية يكون لزاما تواجد ممثل فيه عن المجلس الجماعي الذي توجد المؤسسة في دائرة نفوذه الترابية، وهو ما أكده المرسوم رقم 376.2.02 الصادر بتاريخ 17 يوليوز 2002 الذي يعتبر بمثابة النظام الأساسي الخاص بمؤسسات التربية والتعليم ، حيث نصت المادة 19 منه على عضوية ممثل المجلس الجماعي بمجلس تدبير المؤسسة. وبالتالي فمساهمة ممثل المجلس الجماعي في صياغة وتنفيذ مشروع المؤسسة الذي يعد أعضاء مجلس التدبير جزءا من فريق قيادته مضمونة وحتمية، مشروع المؤسسة الذي يعد الإطار المنهجي الموجه لمجهودات جميع الفاعلين التربويين والشركاء ، وآلية ضرورية لتنظيم وتفعيل مختلف العمليات التدبيرية والتربوية الهادفة إلى تحسين جودة التعليمات لجميع المتعلمين.الرؤية الاستراتيجية 2030.2015جاءت الرؤية الاستراتيجية 2030.2015 كآخر عملية إصلاحية لقطاع التربية والتعليم بعد أن تم استنفاذ أغراض المخطط الاستعجالي الذي غطى مرحلة 2009/2012، الرؤية الاستراتيجية التي جاءت بأربع (4) مجالات إصلاح تتضمن 23 رافعة وأزيد من 134 تدبير، وورد ذكر دور الجماعات الترابية في عدد من هذه الرافعات والتدابير وهي : _ الرافعة 3 التدبير 11 : دعى هذا التدبير السلطات الجهوية والمحلية للتربية والتعليم إلى توفير فضاءات التمدرس في إطار شراكة تعاقدية مع الجماعات الترابية. _ الرافعة 15 التدبير 92 : الذي دعى إلى ضمان مشاركة ناجعة للجهات والجماعات الترابية للنهوض بالمدرسة، وفي نفس الرافعة يدعو التدبير 95 إلى تعميم والزامية التعليم الأولي في حدود المدى المتوسط ، باسهام الشركاء المعنيين كافة ، ولا سيما الجماعات الترابية بما يتلاءم مع اختصاصاتها .... _ الرافعة 22 التدبير 112 : أكد هذا التدبير على ضرورة إعلان 2030/2015 مدى زمنيا للتعبئة الوطنية من أجل تجديد المدرسة المغربية ، وتحسين جودتها ومردوديتها ، ومن ثم جعلها تحظى بعناية قصوى كأسبقية وطنية ، من قبل الدولة والجماعات الترابية. ودعى التدبير 118 في ذات الرافعة إلى توفير دعم منتظم للمدرسة في إطار استثمار الإمكانيات المتاحة من طرف الجهوية المتقدمة والقانون التنظيمي الجماعات.القانون - الاطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي رقم 17_51رغم الجدل الذي خلفه صدور القانون - الاطار 17_51 ، خاصة في ما يتعلق بالمسألة اللغوية ، فإن خروج هذا القانون إلى أرض الواقع يعد سابقة تاريخية في المغرب ، حيث ولأول مرة يصدر قانون منظم لقطاع التربية والتعليم عن المؤسسة التشريعية منذ إحداث البرلمان بغرفتيه ، هذا القانون الذي جاء تفعيلا لتوصيات الرؤية الاستراتيجية للإصلاح وتحويل اختياراتها الكبرى إلى قانون إطار يجسد تعاقدا وطنيا يلزم الجميع ، ويلتزم الجميع بتفعيل مقتضياته. وفي هذا الصدد ينتظر القانون الإطار من الجماعات الترابية أن تساهم في تنزيل الإصلاحات المنشودة، فنجد في المادة 6 من هذا القانون الإطار دعوة صريحة للجماعات الترابية للمساهمة في تحقيق أهداف هذه الاصلاحات والانخراط في مسلسل تنفيذها، وتقديم مختلف أشكال الدعم من أجل بلوغها. ومن أجل ضمان إلزامية التعليم نصت المادة 22 من ذات القانون الإطار على أن " تعمل الدولة اعتمادا على إمكاناتها الذاتية أو في إطار الشراكة مع الجماعات الترابية .. على تعبئة جميع الموارد المتاحة، خاصة على مستوى تأهيل مؤسسات التربية والتعليم". وفيما يتعلق بالتعليم العالي نصت المادة 40 على تشجيع الشراكات بين الجامعات ومؤسسات التعليم العالي وبين الجماعات الترابية. وبخصوص مجانية وتنويع مصادر تمويل منظومة التربية والتكوين والبحث العلمية جاء في المادة 46 التأكيد على تعبئة الموارد وتوفير الوسائل اللازمة لتمويل منظومة التربية والتعليم في إطار التضامن الوطني من خلال مساهمة الجماعات الترابية.خلاصةيبدو أن المرجعيات المؤطرة لمنظومة التربية والتعليم بمجملها أوردت الجماعات الترابية في نصوصها باعتبارها من أهم مصادر تمويل منظومة التربية والتعليم، وشريك أساسي في رقيها وتجويده ، باعتبارها جزء من مؤسسات الدولة وكذا لعلاقتها الوطيدة بهموم ومشاكل الساكنة، إلا أن الواقع والمنجز على الأرض لا يعبر على قوة ووضوح تلك النصوص القانونية، لإعتبارات كثيرة، تحتاج لأكثر من وقفة، وأكثر من قراءة، النصوص التي أعطت إمكانيات عديدة للعمل والاشتغال، وكمثال على هذا نورد واقع تفعيل آلية المجالس التدبيرية للمؤسسات التي لم توظف بالشكل المطلوب، ولم تعرف انخراط جدي الجماعات الترابية باعتبارها الآلية العملية المباشرة لانخراط جميع الفاعلين التربويين وشركاء المؤسسة وعلى رأسهم الجماعات الترابية، وبالتالي تفويت فرص كثيرة لحلحلت مشاكل المؤسسات التي تتناسل بشكل يومي والتي تحتاج لتضافر جميع المجهودات.ذ. لحسن شافع إطار تربوي



اقرأ أيضاً
محمد بنطلحة الدكالي يكتب: الروح الرياضية بالجزائر…داء العطب قديم
أمام الانتصارات المتتالية للدبلوماسية المغربية والنكسات والهزائم لجيران السوء،يبدو أن دولة العالم الآخر باتت تعيش أعراض الهلوسة والخرف،وهو داء عطب قديم إسمه" المروك". من بين الذكريات التي يتغنى بها حفدة الشهداء،واقعة كروية حدثت وقائعها في9 دجنبر1979 بين المغرب والجزائر،انتهت بفوزهم كما هو معلوم...ومنذ ذلك الحين والأبواق الإعلامية تكتب عن هذا" النصر" العظيم الذي مضت عليه46 سنة. ولأن مرض الهلوسة تزداد تهيؤاته بازدياد حدته،يبدو أن الكراغلة باتوا منذ الآن يترقبون مقابلة شباب قسنطينة أمام نهضة بركان المغربي. تطالعنا اليوم جريدة الشروق بمقال يحمل عنوان:" الرئيس تبون يحرص على مرافقة السياسي ودعمه في مواجهته ضد نهضة بركان المغربي"...! لقد أكد المقال أن زعيم الكراغلة سيتكفل بكامل مصاريف تنقل وإقامة ممثل الكرة الجزائرية في المغرب،علما أن وزير الشباب والرياضة،وليد صادي،وخلال حضوره مأدبة العشاء التي أقامها والي الولاية صيودة،كان قد نقل للنادي القسنطيني إدارة ولاعبين دعم رئيس الجمهورية ومساندته المطلقة للفريق في مواجهته أمام نهضة بركان...ومن ثمة ضمان تنشيط النهائي الإفريقي القادم ودخول التاريخ من بابه الواسع...! سبحان الله معشر الكراغلة،دخول التاريخ،شافاكم الله،يكون عبر الاختراعات والإنجازات،وتوفير لتر حليب وكسرة خبز لكل جائع،وذلك أضعف الإيمان. دخول التاريخ يكون عبر التلاحم والتآزر،لأننا دم واحد وتاريخ مشترك. أما وأنتم تشحنون المدرب خير الدين ماضوي وكأنه متوجه إلى ساحة الحرب،وتأمرون اللاعبين بوقرة ومداحي وكأنهما قائدا فريق مشاة...! إسمحوا لي أن أعترف،أني بت أشفق عليكم،وأدعو الله أن يتدبر أمر الحرارة المفرطةالتي تسكنكم. ونحن ندعو لكم بالشفاء معشر الكراغلة،نذكركم أنه وطوال التاريخ،ومنذ الحضارة الإغريقية التي عرفت ألعاب أثينا،ظلت الرياضة عنوانا للفرجة والتآخي والتعارف بين الشعوب لما تمثله من قيم إنسانية نبيلة،إنها تنشر السلام وتشجع على التسامح والاحترام وسمو الأخلاق،والرياضة بمعناها الصحيح ترفض أن تكون وسيلة لغاية أخرى لأنها منبع القيم السامية المثلى حين تنتصر الروح الرياضية. إننا نشفق عليكم،ونرثي لحالكم حين تعتبرون انتصارا صغيرا في كرة القدم عن طريق ضربات الحظ،عيدا وطنيا وملحمة بطولية،محاولين تهدئة الشارع الذي يعرف حراكا شعبيا. لقد ضاق الشعب الجزائري الشقيق درعا من ضيق العيش ومحنة الطوابير والرعب اليومي الجاثم على النفوس... الرياضة أخلاق وسمو إنساني نبيل...حاولوا أن تستفيقوا من غيكم،رغم أن داء العطب قديم... محمد بنطلحة الدكالي
ساحة

صرخة من قلب المهنة: الفوضى تُهين الإرشاد السياحي بمراكش
في سياق التحديات التي تعصف بمهنة الإرشاد السياحي في مراكش، يعرض هذا المقال وجهة نظر عدد من المرشدين السياحيين الذين يعانون من تدهور أوضاعهم المهنية بسبب ظواهر التسيب والتنظيم غير القانوني داخل القطاع. ومن المهم التنويه إلى أن ما يطرحه هذا المقال يعكس آراء مجموعة من المهنيين الذين يواجهون هذه التحديات بشكل يومي، وهذا نص المقال: "الانتسابات غير القانونية، المنافسة الفوضوية، وتواطؤ الصمت... من يُنقذ كرامة المرشدين؟ الوضع لم يعد يحتمل. مهنة الإرشاد السياحي، التي لطالما كانت واجهة حضارية للمغرب، تتعرض اليوم في مراكش لتشويه ممنهج، وسط تراخٍ واضح من السلطات المحلية والمركزية، وصمت مريب من الهيئات المهنية والتنظيمية. منذ سنوات، والمرشدون النظاميون يرفعون الصوت في وجه ظاهرة تتفشى في الخفاء: مرشدون غير مُعيّنين في المدينة يحصلون على انتساب غير قانوني داخل جمعية مهنية محلية، ويزاولون عملهم بشكل حرّ، ضاربين عرض الحائط بقوانين التعيين والتنظيم. القانون يُنتَهك والمهنة تنهار ما يجري ليس فقط خرقًا إداريًا، بل تقويض لمبادئ العدالة المهنية. المرشدون غير المعينين في مراكش يتعللون بأن القانون يمنحهم هذا الحق، مستندين إلى تأويلات شخصية تخدم مصالحهم، دون اعتبار للواقع القانوني أو الإداري، في وقت يُقصى فيه المرشدون الملتزمون ويُجبرون على تقبل التهميش. كرامة المرشد تُباع في سوق الأسعار تدهور آخر يسجله المهنيون يتمثل في اشتعال حرب أسعار مدمرة، حيث يعمد بعض المرشدين إلى خفض تسعيرتهم بشكل مبالغ فيه، ما يؤدي إلى ضرب جودة الخدمات في العمق، والإضرار بسمعة المدينة لدى السياح. "عندما يتحول المرشد إلى بائع خدمة رخيصة، فإن التفاعل، والمعلومة، والاحترافية تكون أولى الضحايا"، يقول أحد المرشدين المحليين. جمعيات متهمة... وسلطات غائبة عدد من الأصوات داخل القطاع تتهم بعض الجمعيات بالتواطؤ، حيث تُمنح بطاقات الانتساب بشكل غير قانوني، وأحيانًا مقابل مبالغ مالية، دون احترام لشروط التعيين الترابي ولا ضوابط المزاولة. المرشدون يطالبون اليوم بتحقيق رسمي في هذه الانتسابات، ومساءلة الجهات التي تغضّ الطرف عن هذه الفوضى، والتي تهدد المهنة من الداخل. السياحة تتطور... والمهنة تتآكل في وقت تتغير فيه تطلعات السياح نحو تجارب غنية، وتفاعلية، ومستدامة، يواجه المرشدون الملتزمون خطر الإقصاء على يد فوضى تنظيمية تُفرّغ المهنة من معناها وقيمتها الثقافية. المرشدون يطالبون بالتحرك... الآن! دعوات متصاعدة لإيقاف النزيف: فتح تحقيق عاجل في الانتسابات العشوائية؛ توقيف غير الملتزمين بالتعيين الرسمي؛ إصلاح جذري لهياكل الجمعيات المهنية؛ وتدخل فعلي لوزارة السياحة وولاية الجهة قبل فوات الأوان."
ساحة

“الحق المهني المسلوب”: من يُسكت صوت المرشدين السياحيين؟
في قطاع يُعدّ من الركائز الأساسية للاقتصاد المحلي والوطني، يجد مئات المرشدين السياحيين بجهة مراكش-آسفي أنفسهم في مواجهة تحديات مهنية وإدارية متزايدة. وسط غياب آليات فعالة لحماية حقوقهم، تتعالى أصواتهم مطالبة بالإصلاح، لكن هل من مجيب؟ هذا المقال يعكس انشغالات مجموعة من المهنيين الذين يرون أن الممارسات التنظيمية الحالية تُقصيهم بدل أن تدمجهم، ويطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل المهنة، وهذا نص المقال:"في قلب القطاع السياحي بمراكش-آسفي، يعيش مئات المرشدين حالة من التهميش الممنهج، في ظل تراكم ممارسات إدارية وتنظيمية غير متوازنة، وغياب الآليات الفعالة التي تضمن العدالة المهنية. الوضع الحالي يفرض علينا طرح أسئلة جريئة: من يُراقب؟ من يُحاسب؟ ومن يُنصف من لا صوت له؟جمعية في وضعية مخالفة... بلا محاسبةللسنة الثالثة على التوالي، لم تعقد الجمعية الجهوية للمرشدين السياحيين أي جمع عام، ولم تُعرض أي تقارير مالية أو أدبية، ومع ذلك تواصل تحصيل واجبات الانخراط، وتسليم الشهادات وكأن شيئاً لم يكن.أين دور المراقبة؟ من يتحمل مسؤولية تفعيل آليات الشفافية الداخلية؟ أليس استمرار هذا الوضع يمثل خرقاً لمبادئ الحكامة المهنية؟التكوين الرقمي: برنامج غير منصف لفئة واسعةفرض شهادة التكوين الرقمي ضمن وثائق تجديد الاعتماد جاء بهدف التأهيل، لكنه لم يُرفق، حسب عدد من المهنيين، بآليات واقعية لضمان مشاركة حقيقية ومتساوية، مما خلق شعوراً بالإقصاء لدى شريحة واسعة من المرشدين:مشاركات شكلية أو بالنيابة.غياب دعم فعلي للفئات غير المتمكنة من التكنولوجيا.شهادة تُمنح دون تأكيد فعلي لاكتساب المهارات.النتيجة؟ تكوين تحوّل إلى عبء إداري لا يراعي خصوصية الميدان.تجديد الرخصة: منطق الورق أم منطق الكفاءة؟المرشدون يقدمون ملفاتهم كاملة، لكن العديد منهم يُدرك أن ما يُطلب ليس بالضرورة انعكاساً حقيقياً للخبرة أو القدرة. شهادات انخراط صادرة عن جمعيات غير مفعلة تنظيمياً، وشهادات تكوين دون مضمون فعلي، فهل هذه مؤشرات تأهيل حقيقية؟ أم مجرد إجراء شكلي؟الشهادة الطبية: سؤال حول العدالة المهنيةيشكل شرط الشهادة الطبية عائقاً أمام عدد من المرشدين الذين يعانون من أمراض مزمنة أو حالات صحية مؤقتة. فهل العجز المؤقت أو الإعاقة الخفيفة تعني بالضرورة عدم الأهلية؟ وهل من العدل أن يُقصى شخص فقط لأنه يخضع لعلاج منتظم أو يعيش مع إعاقة بسيطة لا تمنعه من أداء مهامه؟الضمان الاجتماعي: بين التعقيد والإجحافيعاني عدد من المرشدين السياحيين من صعوبات متزايدة في تسوية وضعيتهم مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في ظل غياب مواكبة فعلية تأخذ بعين الاعتبار طبيعة عملهم المستقل وغير المنتظم. ومن أبرز الإشكالات المطروحة:تعقيد مساطر الانتظام وتسديد المستحقات القديمة.تراكم مبالغ يصعب سدادها دفعة واحدة.وجود اقتطاعات بنكية غير دقيقة في بعض الحالات.تعرض المرشدين مزدوجي الجنسية لأداء مزدوج للواجبات دون تنسيق واضح بين الدول.هذا الوضع يُفاقم الهشاشة الاجتماعية للمرشدين، ويُفرغ التغطية الاجتماعية من مضمونها، ويُرسخ الإقصاء بدل الإدماج.مطالب مهنية ملحةافتحاص إداري ومالي للجمعية الجهوية ضماناً للشفافية.مراجعة آليات استخراج شهادات التكوين والانخراط.تيسير شروط الشهادة الطبية بشكل إنساني وعادل.فتح حوار مهني موسع لتصحيح المسار التنظيمي دون توتر أو صدام.رسالة مفتوحة لكل ضمير مهنيهذا المقال ليس مجرد وصف لاختلالات مهنية، بل هو نداء صادق يلامس كرامة كل مرشد سياحي. لسنا بصدد مطالب تعجيزية، بل نطالب فقط بما يضمن الاستمرارية في العمل بكرامة: تنظيم شفاف، تمثيلية شرعية، تكوين فعلي، وحماية اجتماعية عادلة.لقد طال الصمت، وكثُر التغاضي، وحان الوقت لنُعيد للمهنة صوتها ومكانتها. صوت المرشد ليس هامشيًا... إنه صوت الثقافة، والتاريخ، والانتماء."
ساحة

يونس مجاهد يكتب: مصداقية الخبر وطُعم النقرات
موضوع مصداقية الأخبار ليست جديدا في ثقافتنا، بل إنه متجذر فيها، وهناك مرجعيات كثيرة تحيلنا على الأهمية القصوى التي أوليت للفرق بين الخبر الصادق والخبر الكاذب في تراثنا، و لا أدل على ذلك من الآية الكريمة " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ". فالعودة لهذه المرجعيات سيكون مفيدا في مقاومة المد الجارف للتضليل والأخبار الملفقة والإثارة الرخيصة، التي يسعى تجار شبكات التواصل الاجتماعي إلى جعلها وسيلة للتشهير والإساءة، ومصدر اغتناء، غير عابئين بالقيم النبيلة التي من المفترض أن نتقاسمها كمجتمع. إن العودة إلى مرجعيتنا الحضارية والثقافية كفيل بأن يساهم إلى حد كبير في توفير وسائل وأدوات مقاومة الإتجار الرخيص في حرية التعبير، ففي مقدمة ابن خلدون التي أسست لعلم العمران البشري، هناك تدقيق مذهل لضرورة التمحيص في الأخبار، حيث يقول إنه من الضروري التمحيص والنظر في الخبر، حتى يتبين صدقه من كذبه، لأن الابتعاد عن الانتقاد والتمحيص يقع في قبول الكذب ونقله. ويضيف أن من الأسباب المقتضية للكذب في الأخبار، أيضا، الثقة بالناقلين، وتمحيص ذلك يرجع إلى التعديل والتجريح. ومنها الذهول عن المقاصد، فكثير من الناقلين لا يعرف القصد بما عاين أو سمع، وينقل الخبر على ما في ظنه وتخمينه، فيقع في الكذب. إن ابن خلدون، الذي سبق عصره، يتحدث هنا عن مصادر الأخبار، التي يعتبر أنه من غير الممكن تصديق ما تنقله بدون إعمال العقل النقدي. وهو من صميم العمل الصحافي، حيث أن التأكد من مصادر الأخبار ومدى مصداقيتها، هو جوهر المهنة، وهو أيضا ما يدرس اليوم في التربية على الإعلام، إذ أن أهم مبدأ يوصى به هو عدم تصديق أي "خبر"، إلا بعد التأكد من المصادر، أولا، ثم التمحيص والنظر في هذا الخبر، كما يقول ابن خلدون، ثانيا، لغربلته وإخضاعه للعقل والمنطق. وفي هذا الإطار، تؤكد التجربة، أنه لا يمكن للمجتمعات أن تستغني عن الصحافة المهنية، في تداول الأخبار، لأنها تكون صادرة عن صحافيين محترفين، يتوفرون على تكوين وخبرة ومستوى علمي، والأهم من ذلك، أنهم يشتغلون في بيئة صحافية، أي ضمن هيئة تحرير وميثاق أخلاقيات وقواعد العمل الصحافي. ولا يمكن لشبكات التواصل الاجتماعي أوما يسمي ب"المؤثرين"، أن تعوض العمل الصحافي الاحترافي، بحجة أنها "صحافة مستقلة"، فليس هناك إلا صحافة واحدة، إما أن تكون احترافية موضوعية وذات مصداقية، تعمل طبقا لأساسيات مهنة الصحافة وتقاليدها، أو لا تكون. الصحافي الحقيقي، كالمؤرخ، يقول عبد الله العروي، في كتابه "مفهوم التاريخ"، إذ يعتبر أن العديد من الملاحظين يشبهون الصحافي بالمؤرخ، فيقال إن الأول مؤرخ اللحظة، بينما الثاني صحافي الماضي، كلاهما يعتمد على مخبر، وكلاهما يؤول الخبر ليعطيه معنى، الفرق بينهما هو المهلة المخولة لكل واحد منهما، إذا ضاقت تحول المؤرخ إلى صحافي، وإذا عاد الصحافي إلى الأخبار وتأملها بعد مدة تحول إلى مؤرخ، أما إشكالية الموضوعية وحدود "إدراك الواقع كما حدث"، فهي واحدة بالنسبة لهما معا. والمقصود هنا، حسب العروي، هو أن كلا من الصحافي والمؤرخ، عليهما تحري الدقة في الأخبار والحوادث المنقولة، واعتماد المصادر الموثوقة، مثل التغطية الميدانية وشهود العيان أو معايشة الأحداث، بالإضافة إلى الوثائق والآثار الدالة على ما حصل... هذه هي الصحافة المستقلة، عن التلفيق والكذب والإثارة المجانية واستجداء عدد النقرات. ويعتبر اليوم "طُعم النقرات "clickbait، من الآفات الكبرى التي أصابت الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبح العديد ممن يسعون إلى تحقيق الأرباح، بأية وسيلة، اللجوء إلى تشويه الحقيقة وتقويض القيم الصحفية التقليدية، مثل الدقة والموضوعية والشفافية، همهم الوحيد هو الدخول في مهاترات وجدل عقيم، و اعتماد عناوين مثيرة، و كتابة أو بث كل ما يمكن أن يثير الفضول بدون معنى أو محتوى و بدون مصدر موثوق، كتاباتهم أو احاديثهم تتضمن تناقضات كثيرة، لكن كل ذلك يهون، بالنسبة لهم، أمام ما يمكن أن يحققونه من مداخيل. لذلك رفعت العديد من التنظيمات الصحافية في تجارب دولية، شعار؛ "لا تنقر"، أي تجنب طُعم الإثارة التجارية الرخيصة، التي تشوه الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي.
ساحة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الثلاثاء 22 أبريل 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة