التعليم في المغرب عملة غير قابلة للصرف والعاملون فيه موضوع للتندر والتفكه
كشـ24
نشر في: 9 فبراير 2014 كشـ24
لا يحضر رجال التربية والتكوين ببلادنا في حديث المواطنين وأفكارهم ومُهَجهم ومخيلاتهم إلا من خلال نتائج أبنائهم في المدارس ومستوى تحصيلهم في الفصول والصفوف، فالمواطنون راضون إذا كانت نتائج أبنائهم مرضية، وعكسها فهم ساخطون ناقمون.
وليس رجال التعليم بالنسبة لكثير من المواطنين غير فئة من الموظفين مدللين، يتعرَّفونهم عبر القصاصات أنهم إما مضربين أو رافعين شعارات مطالب تجاه الحكومة لا تنتهي من حق رفع الأجور والزيادة في التعويضات، وحق الترقي...وغالبا ما تصفهم الدوائر الغارقة في العسل والتي لا ترجو سماع حسيس المطالب لهذه الفئة أو غيرها والدفاع عن صيانة المكتسبات بالشغب، وتعتبر عملهم مجرد كلام غير قابل أن يكون ممارسة واقعية وأن قطاعهم أساسا قطاع غير منتج. بل إن فئات أخرى من أعضاء نادي المصالح واغتنام الفيء من الوظائف يتندرون برجل التعليم ذكرا وأنثى، وهو عندهم ليس سوى شخصية من لحم ودم لأبطال النكث والمُلَح في ضرب المثل بالبخل والتقتير، والانغلاق والتزمت والعيش ضمن ثالوث كالتابوت هو السبورة والطباشير، والمقرر والتلميذ، والسلم و"السوم".
قليلون الذين يعتبرون رجال التربية والتكوين في الرسالة السامية التي يؤدونها والواجب الوطني الذي ينهضون به وهم في أقاصي تخوم البلاد في ما يشبه المنافي سفح الجبال وعلى قممها، في الوهاد والنجاد وفي الفيافي بجذب الأراضي وقفرها شرق المغرب وجنوبه، وفي الشمال والغرب في كل قرية ودوار على الطريق وموغلا وسط السهول.
وقليلون حقا حتى من مسؤولي قطاع التعليم على مستوى الإدارة المركزية أو الجهوية الذين ألفوا الكراسي الوتيرة يستشعرون تضحيات أسرة التعليم من الرجال والنساء العاملين في البوادي والمدن على حد سواء داخل الأقسام وفي إدارة المؤسسات التعليمية مع مقررات شغلت المدرسين والمتعلمين معا عن التعليم والتربية وصرفتهم إلى اللهاث من أجل استنفاذ مواعيد التمدرس ومسابقة الزمن نحو فصل الصيف الذي يغلق فيه فصل المدرسة ليُفتح فصل الشاطئ والمخيم لكأنما المدرسة حريسة الأطفال والمراهقين عن الشغب في البيت والشارع إلى أن يتلقفهم البحر إما إلى الاستجمام أو الموت في رحلة المغامرة نحو الشمال يغسل اليم اليأس الذي انطلى به شبابنا في مدارسنا ويعيده موج المتوسط إلى شواطئنا يتحمل به المستحمون بعد نهاية الصيف إلى مؤسساتنا.
هو يأس كالقدر المجنون ناء بكلكله على رجال التعليم، الذين يتجرعون في الفصول علقمه المر من جانب المتمدرسين أطفالا ومراهقين وهم يفرغون شحنة اليأس الذي امتلأوا به من واقع سد أمامهم كل الآفاق ببطالة تنهش العظم بعد اللحم لخريجين يتظاهرون وبغير جدوى باستمرار أمام الوزارات وبباب البرلمان، وبفقر دب في الأسر والمجتمع كالسرطان لم تنفع لعلاجه جرعات كل التدخلات والمبادرات؛ ومن جانب المجتمع ونظرته الدونية للمعلم والمدرس ولو كان أستاذا في الجامعة لأنه ليس في الأول والأخير سوى من "أصحاب شكرا"؛ وكذلك من جانب القطاع الحكومي الوصي على التربية والتكوين الذي يصر على المضي في التعاطي مع مطالب الأسرة التعليمية بكثير من الجفاء، في مطالبها المشروعة للالتحاق بالأزواج في الحركة الانتقالية ومراعاة الحالات الاجتماعية والصحية عند إجرائها، وتحفيز "المنفيين" في التعيينات البعيدة بالمناطق النائية تحفيزا ماديا مشجعا، وتوسيع حرية الاختيار بالأفضلية للعمل في المناطق والجهات لفائدة الخريجين الجدد خصوصا الفتيات اللائي يجدن أنفسهن في أول خروج من بيت الأسرة بين أنياب الغربة وأنياب الافتراس بالتحرش المفضي للاغتصاب في كثير من الأحيان؛ وكذلك توفير الشروط المادية والتربوية للقيام بالرسالة المنوطة بهم على الوجه الأفضل.
إنه علينا أن نستحضر في كل وقت واقع رجال التعليم خصوصا منهم العاملين في البوادي بالتعليم الابتدائي الذين تتبدد مع ساعات وأيام عملهم كل آمالهم وطموحاتهم وأحلامهم التي حملوها وحلموا بها في مسيرة دراستهم، التي حتى إذا ما توفقوا فيها وحصلوا على الشهادة الكبيرة وجدوا أنفسهم يقفون بباب الصدقات أمام مكاتب الوزارة يستجدون سلم الأجور الذي تستحقه مؤهلاتهم العلمية والمهنية، ويغوصون في وحل ماء آسن من شر غائلة الجوع من كل ما تشتهي الأنفس حتى وإن توفر المال، ومن سوء العيش وخشونة الحياة التي لم يتعودوها بالمدينة أيام كانوا طلبة، بسبب حركة انتقالية جافة وباردة كالجليد سلمت فيها إرادة الإنسان لإرادة الآلة.
وإن من نساء التعليم من فاتتها فرصة الزواج بالاتصال والعلاقات الاجتماعية في المناسبات، وهي منفية عن أسرتها ومجتمعها في أقاصي الصحراء والجبل وليس من يواسيها غير إيمان راسخ برسالتها إزاء بلدها ومواطنيها الذين ليس عليهم هذه المرة الاكتفاء فقط بالوقوف لها تبجيلا، بل ماذا عليهم أن يفعلوا إزاء تضحية من مثل تضحية بزوج وأبناء وبناء أسرة؟.
وفي هذا المقام أنا لست بصدد صياغة بيان نقابي ولكني أعلن أني لست مستعدا للاستمرار في ظلم رجال التربية والتكوين، ولا أخجل أن أقف لهم تقديرا وتبجيلا، وعسى أن يفعل مثلي مسؤولو القطاع في الحكومة والوزارة، وأبناء أمتي التي تواتر في ثقافتها من علمني حرفا صرت له عبدا.
لا يحضر رجال التربية والتكوين ببلادنا في حديث المواطنين وأفكارهم ومُهَجهم ومخيلاتهم إلا من خلال نتائج أبنائهم في المدارس ومستوى تحصيلهم في الفصول والصفوف، فالمواطنون راضون إذا كانت نتائج أبنائهم مرضية، وعكسها فهم ساخطون ناقمون.
وليس رجال التعليم بالنسبة لكثير من المواطنين غير فئة من الموظفين مدللين، يتعرَّفونهم عبر القصاصات أنهم إما مضربين أو رافعين شعارات مطالب تجاه الحكومة لا تنتهي من حق رفع الأجور والزيادة في التعويضات، وحق الترقي...وغالبا ما تصفهم الدوائر الغارقة في العسل والتي لا ترجو سماع حسيس المطالب لهذه الفئة أو غيرها والدفاع عن صيانة المكتسبات بالشغب، وتعتبر عملهم مجرد كلام غير قابل أن يكون ممارسة واقعية وأن قطاعهم أساسا قطاع غير منتج. بل إن فئات أخرى من أعضاء نادي المصالح واغتنام الفيء من الوظائف يتندرون برجل التعليم ذكرا وأنثى، وهو عندهم ليس سوى شخصية من لحم ودم لأبطال النكث والمُلَح في ضرب المثل بالبخل والتقتير، والانغلاق والتزمت والعيش ضمن ثالوث كالتابوت هو السبورة والطباشير، والمقرر والتلميذ، والسلم و"السوم".
قليلون الذين يعتبرون رجال التربية والتكوين في الرسالة السامية التي يؤدونها والواجب الوطني الذي ينهضون به وهم في أقاصي تخوم البلاد في ما يشبه المنافي سفح الجبال وعلى قممها، في الوهاد والنجاد وفي الفيافي بجذب الأراضي وقفرها شرق المغرب وجنوبه، وفي الشمال والغرب في كل قرية ودوار على الطريق وموغلا وسط السهول.
وقليلون حقا حتى من مسؤولي قطاع التعليم على مستوى الإدارة المركزية أو الجهوية الذين ألفوا الكراسي الوتيرة يستشعرون تضحيات أسرة التعليم من الرجال والنساء العاملين في البوادي والمدن على حد سواء داخل الأقسام وفي إدارة المؤسسات التعليمية مع مقررات شغلت المدرسين والمتعلمين معا عن التعليم والتربية وصرفتهم إلى اللهاث من أجل استنفاذ مواعيد التمدرس ومسابقة الزمن نحو فصل الصيف الذي يغلق فيه فصل المدرسة ليُفتح فصل الشاطئ والمخيم لكأنما المدرسة حريسة الأطفال والمراهقين عن الشغب في البيت والشارع إلى أن يتلقفهم البحر إما إلى الاستجمام أو الموت في رحلة المغامرة نحو الشمال يغسل اليم اليأس الذي انطلى به شبابنا في مدارسنا ويعيده موج المتوسط إلى شواطئنا يتحمل به المستحمون بعد نهاية الصيف إلى مؤسساتنا.
هو يأس كالقدر المجنون ناء بكلكله على رجال التعليم، الذين يتجرعون في الفصول علقمه المر من جانب المتمدرسين أطفالا ومراهقين وهم يفرغون شحنة اليأس الذي امتلأوا به من واقع سد أمامهم كل الآفاق ببطالة تنهش العظم بعد اللحم لخريجين يتظاهرون وبغير جدوى باستمرار أمام الوزارات وبباب البرلمان، وبفقر دب في الأسر والمجتمع كالسرطان لم تنفع لعلاجه جرعات كل التدخلات والمبادرات؛ ومن جانب المجتمع ونظرته الدونية للمعلم والمدرس ولو كان أستاذا في الجامعة لأنه ليس في الأول والأخير سوى من "أصحاب شكرا"؛ وكذلك من جانب القطاع الحكومي الوصي على التربية والتكوين الذي يصر على المضي في التعاطي مع مطالب الأسرة التعليمية بكثير من الجفاء، في مطالبها المشروعة للالتحاق بالأزواج في الحركة الانتقالية ومراعاة الحالات الاجتماعية والصحية عند إجرائها، وتحفيز "المنفيين" في التعيينات البعيدة بالمناطق النائية تحفيزا ماديا مشجعا، وتوسيع حرية الاختيار بالأفضلية للعمل في المناطق والجهات لفائدة الخريجين الجدد خصوصا الفتيات اللائي يجدن أنفسهن في أول خروج من بيت الأسرة بين أنياب الغربة وأنياب الافتراس بالتحرش المفضي للاغتصاب في كثير من الأحيان؛ وكذلك توفير الشروط المادية والتربوية للقيام بالرسالة المنوطة بهم على الوجه الأفضل.
إنه علينا أن نستحضر في كل وقت واقع رجال التعليم خصوصا منهم العاملين في البوادي بالتعليم الابتدائي الذين تتبدد مع ساعات وأيام عملهم كل آمالهم وطموحاتهم وأحلامهم التي حملوها وحلموا بها في مسيرة دراستهم، التي حتى إذا ما توفقوا فيها وحصلوا على الشهادة الكبيرة وجدوا أنفسهم يقفون بباب الصدقات أمام مكاتب الوزارة يستجدون سلم الأجور الذي تستحقه مؤهلاتهم العلمية والمهنية، ويغوصون في وحل ماء آسن من شر غائلة الجوع من كل ما تشتهي الأنفس حتى وإن توفر المال، ومن سوء العيش وخشونة الحياة التي لم يتعودوها بالمدينة أيام كانوا طلبة، بسبب حركة انتقالية جافة وباردة كالجليد سلمت فيها إرادة الإنسان لإرادة الآلة.
وإن من نساء التعليم من فاتتها فرصة الزواج بالاتصال والعلاقات الاجتماعية في المناسبات، وهي منفية عن أسرتها ومجتمعها في أقاصي الصحراء والجبل وليس من يواسيها غير إيمان راسخ برسالتها إزاء بلدها ومواطنيها الذين ليس عليهم هذه المرة الاكتفاء فقط بالوقوف لها تبجيلا، بل ماذا عليهم أن يفعلوا إزاء تضحية من مثل تضحية بزوج وأبناء وبناء أسرة؟.
وفي هذا المقام أنا لست بصدد صياغة بيان نقابي ولكني أعلن أني لست مستعدا للاستمرار في ظلم رجال التربية والتكوين، ولا أخجل أن أقف لهم تقديرا وتبجيلا، وعسى أن يفعل مثلي مسؤولو القطاع في الحكومة والوزارة، وأبناء أمتي التي تواتر في ثقافتها من علمني حرفا صرت له عبدا.