السبت 18 مايو 2024, 14:56

ساحة

التراث الثقافي المغربي يتعزز في سجل منظمة العالم الإسلامي الإيسسكو


كشـ24 نشر في: 6 فبراير 2023

بقلم جعفر الكنسوسيتنص مواثيق منظمة الإيسسكو على أن قائمة التراث في العالم الإسلامي تشمل المواقع التراثية وعناصر التراث غير المادي، الذي يتعين الحفاظ عليه وإغناؤه لنقله إلى الأجيال القادمة.يشمل التراث الثقافي غير المادي العادات والتقاليد والتعابير الشفهية بما فيها اللغات والمعارف والمهارات والفنون والألعاب التقليدية، وحامليها. وينبغي أن يكون العنصر المعني مدرجا على قائمة الجرد الوطنية للتراث الثقافي غير المادي في الدولة (الدول) التي قدمت ملف الترشيح.وقد تم تسجيل يوم الثلاثاء 5 يوليوز 2022 من قبل وزارة الثقافة للمملكة المغربية 26 عنصرا من التراث المادي وغير المادي بصفتها تراثا مغربيا لدى الإيسسكو علما أن المجموعة الأولى التي صنفت من مجمل التراث الاسلامي بلغت 141 عنصرا وأما القائمة بأسماء عناصر التراث الثقافي المغربي المسجلة هي كالأتي:• فنون ومهارات القفطان المغربي • فن الملحون المغربي • المهارات والعادات المرتبطة بالكسكس المغربي • معارف وممارسات المحضرة • الخيمة الصحراوية • فنون الطبخ المغربي • تقنية ومعارف لخطارة الراشيدية • موسم أسا • موسم مولاي عبد الله أمغار • فن الغناء البلدي بتافيلالت • الغناء النسائي لتارودانت • تقنيات التوزيع التقليدي للمياه • رقصة الكدرة الصحراوية • زخرفة الحلي الفضية بالنبيل الزجاجي تيزنيت • تقنيات الجلابة الوزانية • رقص العلوي بالشرق • طرب الآلة • الفلوكة الصويرية • الفخار النسائي الريفي • الزخرفة على الخشب • الصيد بالسلوقي • منحة اينزركي بمنطقة سوس • بروكار فاس في عرف المغاربة يسمى الزردخان يعني لباس الملوك) • الخط المغربي • فن الدقة المراكشية • زهرية مراكشوتجدر الإشارة إلى أن جهودا محمودة غير مسبوقة بُذلت من قبل وزارة الثقافة تُسعفها عزمة جديدة تطبع عمل وزير الثقافة الشاب السيد محمد المهدي بنسعيد من جهة وخبرة فريق العمل الذي يرأسه مدير التراث الثقافي الدكتور يوسف خيارة من جهة. وافق هذا التهمم الحثيث توجها جديدا لدى منظمة الإيسسكو دشنت به مرحلة جديدة في تاريخها عناية بالتراث الثقافي في العالم الإسلامي.وما أحوج تراث العالم الإسلامي الوفير أن ننتبه لنفاسته حيث لم يسبق للإيسسكو أن طرقت باب تصنيف التراث، فلا شك أن لكل مرحلة رجالها و نسائها، فمنذ أن أنيط التكليف بمسؤولين كبيرين جديدين على رأس المنظمة ،المدير العام السيد سالم بن محمد المالك والسيد عبد الإله بنعرفة نائبا له، وهو الكاتب المغربي الشهير بأدبياته العرفانية ونباهته لشؤون التراث الإسلامي على اختلاف أنواعه وصنوفه ... تعمل المنظمة على هذا النحو على إنشاء أجوبة شافية على أحواله المرضية منها والسيئة ونراها اتخذت لها سبيلا مجددا يفضي بها إلى عوالم تراث الأمم الإسلامية منذ فجر التاريخ، نحسبها كبحر لا ساحل له. وقد سهر على إنجاز هذه الدورة الفاتحة من التصنيف الخبير السيد وليد السيف رئيس لجنة التراث الإسلامي والمعتمد لدى المنظمتين الإيسسكو واليونسكو.من جهتها قدمت جمعية منية مراكش ثلاثة ملفات للترشيح وهي زهرية مراكش و الخط المغربي وفن الدقة المراكشية. وهكذا أسهمت الجمعية في هذا الحدث التاريخي ذي الرمزية القوية انسجاما مع برامجها التي تقيمها منذ سنوات كالدرس الأسبوعي لتلقين الخط المغربي تحت إشراف شيخ الخطاطين بمراكش الأستاذ عبد الغني ويدة وفن الدقة المراكشية التي تتعاهده الجمعية منذ سنين بإحياءها لمراسمها بمناسبة عاشوراء وعند كل محطة من موسمية سماع مراكش تحت إشراف المرحوم المعلم عبد الرزاق بالمقدم بابا وزهرية مراكش التي استنبطتها منية مراكش بحسب هندسة ثقافية مجددة حيث استخلصتها من عقر المنازل لتجعل منها موسما حضاريا يعزز مقامة مراكش الثقافية، تحييها الجمعية لما يزيد على عشر سنوات كلما حل فصل الربيع.فنرى أن هذا التصنيف ليمثل تحولا نوعيا في نظرة بلدنا إلى تراثه الحي. دخلت يوما صحن الكتبيين وفصل شتائنا يوشك على الانتهاء، فوجدت به أشجار الزنبوع ﴿النارنج﴾ تضوًع نفح طيبها قبل الإبان، فتساءلت بماذا يحلم زهر الكتبيين؟ ما أسميه الزهرية أحببنا أن تنتبه إليه المدينة عند حلول كل فصل ربيع، لسنا مطالبين إلا بالإنتباه إلى مراسم جميلة عتيقة، كالموجود المعدوم. نود في الحقيقة أن نحتفي برقة هذه الموسمية وبلطائفها حتى يقول المرء إني ذاهب إلى زهرية مراكش وفي خَلَده أنه يقصد مراكش في تلك الأيام الفواحة التي تحل في ربوع مدينتنا كالضيف أو كالطيف.وكنت قد كتبت هذه السطور متوسما أن ننشئ عيدا للزهر وموسما بمراكش ولها. فالتصنيف الذي نحن بصدده فتح بوابة عالية لإرساء هذا العيد الربيعي وصفحة جديدة تحتفي كل عام بالموسم الجديد وبزهره الفواح ومنة أيامه. أرى أنها طلعة جديدة في أفق الصناعات الثقافية والخلاقة بمراكش. تعزز السياحة من صنف جديد وتستفيد منها المدينة بالرجوع إلى تقاليدها الأصيلة وتستثمرها، تجدد النظر في أغراس المدينة وتعيد الاعتبار لشجرة الزنبوع وإمكانية غرسها بآلاف من جديد.عيد الزهر بمراكش يدشن فرصا جديدة تقوي مهنا كثيرة ومتعددة علما أن 50 من النشاط السياحي بأوروبا ينتجه التراث الثقافي والسياحة الثقافية.ملف زهرية مراكشموسم الزهرية لمراسم تقطير ماء الزهر من استنباط جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته. تعمل على إرساء عيد جديد إقتبالا لفصل الربيع. تتخلل هذه اللقاءات عروض عملية وتطبيقية يقدمها خبراء وعطارون حول طريقة تقطير ماء الزهر ومراسمها وطقوسها المغربية العتيقة، وتوشحها وصلات من طرب الآلة الأندلسية وإنشادات الملحون وحلقات الحكي وأداء الدقة المراكشية ويزينها خِوان الطبيخ المغربي العريق. تختتم البسائط بتقديم نتاج التقطير لمن ساقه سائق السعادة وحضر.وبعد عمل متراسل دام أزيد من عشر سنوات وبفضل هذه الهندسة الثقافية المبتكرة التي تصل التقطير الأصلي المتداول داخل الأسر خاصة بأنشطة مغايرة كالمقاربة العلمية للخبير والاجتهاد الفني للعطوري والتخليل الفني الموسيقي على اختلاف أنواعه، إضافة إلى فنون الطبخ المغربي ووصولا إلى تقديم نتاج ماء الزهر للحاضرين تختتم به الزهرية.ونعني بزهرية مراكش هذه المراسم والعادات والتقاليد وطقوس تقطير ماء الزهر بالمدينة، زهر النارنج أو شجر الزنبوع في عرف أهل مراكش وقد درجت الأسر المراكشية على إقامة هذه الطقوس الأسرية منذ قرون خلت تتوارثها البنت عن الأم عن الجدة. واسم العنصر في لغة المجتمع المغربي عامة والمراكشي على الخصوص تقطار الزهر.وتحتفي الأوساط الأسرية النسوية المراكشية والتعاونيات النسائية المعنية والجمعيات الثقافية والتراثية وحِرفيات تقطير ماء الزهر والعطارون والعطوريون والنحاسون والزجاجون وأرباب ضيعات شجر الحوامض ومنتجو مستحضرات التجميل والهيئات الثقافية ذات الصلة بالصناعات الثقافية والتراثية التي تخلد موسم الزهر سنويا بمراكش بمبادرة جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته وتحت إشرافها.مراكش وهي العاصمة الكبرى لتقطير ماء الزهر بالمغرب الكبير. فطقوس التقطير حضارية رائقة نسوية بالأصالة قديمة العهد ضاربة في التاريخ الحضري للمدينة. عادة ما تتكتم ربة البيت عن أسرار التقطير. تُقبل نساء مراكش على هذه المراسم سواء في المنازل أو في التعاونيات أو بمبادرة من الجمعيات التراثية أو في الهيئات الثقافية المتحفية أو ذات الصلة بالصناعات الثقافية. إبانَ ظهور زهر النارنج في شهر مارس على الأشجار.وقد يدوم حضور الزهر في المدينة لمدة أربعة أسابيع تقريبا ويظهر في أوجِه مع حلول فصل الربيع يوم 21 مارس. يُقتنى الزهر عادة من سوق العطارين وتحديدا من لدن عريف الزهارين الشهير عند أهل مراكش الشيخ مولاي عبد الرحمان أبا عبيدة بعد أن يقطفه الغراسون من البساتين. تتم غربلته وتنقيته من الشوائب وتنشر الزهرات فوق إزارات نظيفة تحت القباب بالمنازل. تفتتح المراسم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لأنها مقرونة عند المسلمين باليمن وبالجمال والكمال. وذلك بعدما تبدأ امرأتان خبيرتان العملية وقد صلتا ركعتين تقربا إلى الله ليبارك في النتاج، تباشَر العملية يدويا لمدة تقدر ما بين 4 و6 ساعات أو أكثر. ويتم غسله بواسطة وعاء معدني نحاسي من قبل جماعة نساء الأسرة.الوظائف الاجتماعية والمعاني الثقافية التي تمتلكها زهرية مراكش حاليًا:مراسم التقطير مناسبة حضارية إنسانية تتوفر على قدرات هائلة لإعادة إنتاج اللحمة الاجتماعية بين الناس داخل الأسر وفي المجتمع وبين أهل المدينة وتعزز الشعور بالإنتماء القومي. وحينما تُخرج المراكشيات قطاراتهن والقطارة (الإنبيق) هي آنية التقطير من رفوفها كل فصل ربيع، تستعد لبعث سويعات جميلة وقت التقطير وجمع الشمل وبث البهجة والغبطة والسرور في نفوس الأسرة الصغيرة والكبيرة. زهرية مراكش تحافظ على ذاكرة ثقافيةعريقة السؤدد وقديمة جدا قطعت العصور، تصلنا بجماليتها ورونقها ومزاياها الاجتماعية والصحية والاقتصادية بكل ما هو جميل ويستأهل عناية قصوى ورعاية مرغوب فيها ومطلوبة ومحمودة.تسعى منية مراكش تسعى في إقامة عيد مخصوص بتقطير ماء الزهر سنويا وترسيم موسميته. وتعمل الجمعية على إرساء هذا الاقتراح الثقافي ذي الأبعاد الاحتفالية والاقتصادية معتقدة أن مثل موسم الزهرية هذا من شأنه أن يعزز الصناعات الثقافية والخلاقة ببلدنا ويسهم في إشعاع المدينة ثقافيا ويعززها اقتصاديا وسياحيا محليا وعالميا.وقد سبق أن نظمت منية مراكش هذه الزهرية بشراكة مع مؤسسات ثقافية وازنة:المجلس الجماعي لمدينة مراكش، مجلس جهة مراكش آسفي، المجلس الإقليمي لعمالة مراكش، متحف محمد السادس لحضارة الماء بالمغرب أمان، متحف الموسيقى بالمواسين، دار الشريفة، أكدال أبناؤنا بتمصلوحت، متحف فريد بلكاهية، المقام الفني بتحناوت ومفتاح الزيتون بأوريكة وقصر سليمان- دار العيادي والمعهد الفرنسي بمراكش.وسبق لجمعيتنا أن أقامت مراسم تقطير ماء الزهر بعرصة مولاي عبد السلام وتقترح أن تصير عرصة الزنبوع، الكائنة قبالة روضة الإمام السهيلي المقامة المثلى لتوطين زهرية مراكش. لازالت الجمعية إلى اليوم تهيب بالمؤسسات الرسمية أن تنتبه أخيرا لهذه الموسمية وأن تتبناها المدينة بمؤسساتها العمومية والخاص. ورعيا للحدث الكبير الذي يتجلى في إدراج زهرية مراكش على قائمة الجرد الوطنية للتراث الثقافي غير المادي وتصنيفها تراثا غير ماديا من قبل منظمة الإيسسكو، صار من اللازم أن تتبناها مدينة مراكش بصفة رسمية وتجعل منها مقامة حضارية كبرى كلما حل فصل الربيع بالمدينة.سبق لجمعية منية مراكش أن أقامت مراسم تقطير ماء الزهر في حدائق عمومية كعرصة مولاي عبد السلام بمراكش فقوبلت بنجاح شعبي منقطع النظير يكشف لنا عن مدى استعداد الجمهور المغربي والأجنبي على السواء للانخراط في هذا الاحتفال البهيج وتخليده.ملف الخط المغربياستطاع الخطاطون المغاربة عبر التاريخ تمثل الخط العربي وتذوق أشكاله مدمجين ثقافتهم المحلية في إبداعاتهم الخطية، فطبعوه بروحهم وأغنوا أساليبه بأشكال هندسية مبتكرة، وزخارف ذات خصوصيات فنية وتقنية متميزة، فتعددت أنواعه؛ شأنه في ذلك شأن الخط العربي المشرقي؛ وأصبحت خمسة أنواع أساسية تستوعب تشكيلات إبداعية أخرى محلية.وعلى العموم ظلت الخطوط المغربية متألقة بقيمتها الحضارية والفنية الجمالية، حيث تزخر الخزانات المغربية بمجموعة من المخطوطات والوثائق التي يتجاور فيها المضمون الروحي الراقي والشكل الفني البديع يوجز ببلاغة وبيان سمو الدين الإسلامي الحنيف ورقي القيم الحضارية والفنية التي تحفل بها بلاد المغرب، نذكر منها على سبيل المثال: المصاحف الشريفة المحفوظة بخزانة ابن يوسف بمراكش كمصحف مالقة ومصحف شاطبة التي تعود إلى زمن الخلافة الموحدية ومخطوطة "دلائل الخيرات ومشارق الأنوار في الصلاة على النبي المختار" للإمام ابن سليمان الجزولي ومخطوطة "كتاب الشفاء بتعريف حقوق المصطفى" للقاضي عياض.وقد استثمر عدد من الفنانين التشكيليين، والحرفيين المغاربة مرونة الخطوط المغربية وتنويعاتها الجميلة التي تتيح إمكانيات غير محدودة للإبداع، ووظفوا الحرف العربي عنصرا من عناصر تشكيل لوحاتهم الفنية ورسوماتهم وتزاويقهم ونقوشهم على الخشب والجبس والحجر والمعادن، فخلفوا تحفا فنية ستظل شاهدة على جمال الخط المغربي وقيمته الفنية.هناك قول مأثور عن الإمام علي بن أبي طالب مفاده: ''علموا أبناءكم فن الكتابة فهو باب من أبواب الرزق''. ويعني به الخط العربي.للخط المغربي وظيفة اجتماعية حضارية ظاهرة للعيان، يعزز الملكات التواصلية بين الناس ويقوي الشعور بالانتماء القومي كما يفسح المجال لمزاوله بامتلاك ناصية ذائقة فنية وجمالية رصينة ويوسع من الأفق المعرفي والحسي الجمالي لمتعلمه.الخط المغربي إسهام ذو مكانةثقافية عالية وشريفة القدر تضمن للمغاربة حضورا قويا ومميزا على المستوى العربي والإسلامي. كما يمثل الخط المغربي اليوم جسرا نفيسا متفردا ووسيطا بين الثقافة المغربية والثقافات الأجنبية. وله حضور ثقافي وازن في المنتديات الثقافية الأوروبية وغيرها. هناك جهود سابقة ومستمرة لحفظ هذا العنصرالتراثي، منها مدرسة الخط المغربي التي فتحتها جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته مثال حي يسهم في تجديد رسوم صَنعَة الخطّاطين.يتم ضمان استدامة الخط المغربي من قبل المجموعات، والأفراد المعنيين وتساهم جماعة الخطاطين المغاربة في ضمان تجديد العمل الفني والحرفي لصَنعَة الخطاط. كما تسهم جمعيات المجتمع المدني في تعزيز هذا الفن واستدامته. ينبغي العمل على ترسيم فن الخط المغربي في المدارس المغربية منذ المعاهد الابتدائية وبرمجته كمادة تعليمية أساسية لصيانته والمحافظة على استعماله وتجديد أساليبه. كما ينبغي إنشاء معاهد عليا لتعليمه على الشكل الأمثل تأسيا بعمل أكاديمية الفنون العريقة التابعة لمسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء.ملف الدقة المراكشية هي نمط موسيقي شعبي مراكشي بل هي الشارة الموسيقية للمدينة، يعود تاريخه كفن تراثي غنائي منذ الموحدين حسب بعض الباحثين وخاصة السعديين على التحقيق. وتعتبرها مدينة مراكش لونا فنيا أو هزجا شعبيا تراثيا أصيلا. يخرج أصحابها إلى التنزه كل يوم جمعة في عرصات مراكش ويشرعون باللعب بالدقة مما جعل الصناع المراكشيون يتعاهدونها ويطورونها إلى أن أصبحت على ما هي عليه الآن، والدقة تمارس مرة في السنة وبالضبط ليلة عاشوراء وهو التاسع من محرم. لا يعرف تاريخ إنشاءها ومن ألف نصوصها.وبهذاالاعتبار هي شبيهة بعدد من النصوص الأدبية الطائرة الصيت المعبرة عن عبقرية الوسط الشعبي لا تحمل توقيعا. وأما حاليا فلعب الدقة صار من الفنون الشعبية المكونة للهوية الثقافية بمراكش، تحضر في الحفلات والأفراح والمناسبات الوطنية. وقد نجد بعض مزاوليها اليوم في مختلف المدن المغربية يحضرون الأفراح إلى جانب المجموعات الموسيقية المحلية في كل مدينة. امتزج فن الدقة المراكشية بعبقرية وبراعة ثلاثة ألوان عربية وإفريقية وأمازيغية.صارت الدقة محبوبة في جميع الأوساط الاجتماعية تعادل أجواء الغبطة والسرور والبهجة. وللإشارة فهي رباعية الإيقاع.وحاملو الدقة المراكشية وممارسوها أغلبيهم من الصناع الحرفيين والشباب المراكشي الأصيل مع العلم أن الدقة لون من ألوان الفنون الموسيقية العريقة، وفي كل المجتمعات القديمة كان كل إنسان يتقن نوعا من الفنون. فالمراكشيون يحبون الدقة و يجتهدون في تعلمها وتلقينها للشباب.الوظائف الاجتماعية والمعاني الثقافية التي تمتلكها الدقة المراكشية حاليًاالدقة المراكشية عنوان انسجام كبير لجسم المجتمع بمراكش. فهي تضمن للمراكشي شعورا قويا بالانتماء إلى بلده مهد الدقة المراكشية كما أن الدقة من منابع الإيقاع دقة على دقة تتوالد عنها دقات ولا يمكن اعتبارها أغنية بل حضرة روحانية تستمد من الأدبيات الصوفية. لها طريقة خاصة وزجل وهو ''العيط''. الدقة المراكشية فن شعبي ترتبط معرفته بمهارات، فإيقاعاتها معقدة لطيفة في ذات الوقت وينبغي للمتولع بها أن يكون على جانب كبير من الحس الفني والذوق الموسيقي. فلا يتقنها إلا الماهر الذي تشرب الدقة وتشرَّبته.فمن المنتديات القليلة التي يجتمع فيها كافة الأوساط المراكشية هي مجامع الدقة بمناسبة إحياء أيام عاشوراء. فهذا الفن الأصيل الجميل له قدرة هائلة على إعادة إنتاج اللحمة الاجتماعية وموصولها بين الناس. الدقة المراكشية محبوبة جدا عند المراكشيين وغيرهم ومن شأنها أن تضمن لسامعها طربا ولذاذة.اللجنة التحضيرية للملفات جعغر الكنسوسي حليمة بوصديق عبد الغني زريكم محمد برادة عبد الواحد العلكيوأسهم في تدوين معطيات ملفي الخط المغربي والدقة المراكشية كل من الأستاذ عبد الغني ويدة ومحمد بالمقدم بابا

بقلم جعفر الكنسوسيتنص مواثيق منظمة الإيسسكو على أن قائمة التراث في العالم الإسلامي تشمل المواقع التراثية وعناصر التراث غير المادي، الذي يتعين الحفاظ عليه وإغناؤه لنقله إلى الأجيال القادمة.يشمل التراث الثقافي غير المادي العادات والتقاليد والتعابير الشفهية بما فيها اللغات والمعارف والمهارات والفنون والألعاب التقليدية، وحامليها. وينبغي أن يكون العنصر المعني مدرجا على قائمة الجرد الوطنية للتراث الثقافي غير المادي في الدولة (الدول) التي قدمت ملف الترشيح.وقد تم تسجيل يوم الثلاثاء 5 يوليوز 2022 من قبل وزارة الثقافة للمملكة المغربية 26 عنصرا من التراث المادي وغير المادي بصفتها تراثا مغربيا لدى الإيسسكو علما أن المجموعة الأولى التي صنفت من مجمل التراث الاسلامي بلغت 141 عنصرا وأما القائمة بأسماء عناصر التراث الثقافي المغربي المسجلة هي كالأتي:• فنون ومهارات القفطان المغربي • فن الملحون المغربي • المهارات والعادات المرتبطة بالكسكس المغربي • معارف وممارسات المحضرة • الخيمة الصحراوية • فنون الطبخ المغربي • تقنية ومعارف لخطارة الراشيدية • موسم أسا • موسم مولاي عبد الله أمغار • فن الغناء البلدي بتافيلالت • الغناء النسائي لتارودانت • تقنيات التوزيع التقليدي للمياه • رقصة الكدرة الصحراوية • زخرفة الحلي الفضية بالنبيل الزجاجي تيزنيت • تقنيات الجلابة الوزانية • رقص العلوي بالشرق • طرب الآلة • الفلوكة الصويرية • الفخار النسائي الريفي • الزخرفة على الخشب • الصيد بالسلوقي • منحة اينزركي بمنطقة سوس • بروكار فاس في عرف المغاربة يسمى الزردخان يعني لباس الملوك) • الخط المغربي • فن الدقة المراكشية • زهرية مراكشوتجدر الإشارة إلى أن جهودا محمودة غير مسبوقة بُذلت من قبل وزارة الثقافة تُسعفها عزمة جديدة تطبع عمل وزير الثقافة الشاب السيد محمد المهدي بنسعيد من جهة وخبرة فريق العمل الذي يرأسه مدير التراث الثقافي الدكتور يوسف خيارة من جهة. وافق هذا التهمم الحثيث توجها جديدا لدى منظمة الإيسسكو دشنت به مرحلة جديدة في تاريخها عناية بالتراث الثقافي في العالم الإسلامي.وما أحوج تراث العالم الإسلامي الوفير أن ننتبه لنفاسته حيث لم يسبق للإيسسكو أن طرقت باب تصنيف التراث، فلا شك أن لكل مرحلة رجالها و نسائها، فمنذ أن أنيط التكليف بمسؤولين كبيرين جديدين على رأس المنظمة ،المدير العام السيد سالم بن محمد المالك والسيد عبد الإله بنعرفة نائبا له، وهو الكاتب المغربي الشهير بأدبياته العرفانية ونباهته لشؤون التراث الإسلامي على اختلاف أنواعه وصنوفه ... تعمل المنظمة على هذا النحو على إنشاء أجوبة شافية على أحواله المرضية منها والسيئة ونراها اتخذت لها سبيلا مجددا يفضي بها إلى عوالم تراث الأمم الإسلامية منذ فجر التاريخ، نحسبها كبحر لا ساحل له. وقد سهر على إنجاز هذه الدورة الفاتحة من التصنيف الخبير السيد وليد السيف رئيس لجنة التراث الإسلامي والمعتمد لدى المنظمتين الإيسسكو واليونسكو.من جهتها قدمت جمعية منية مراكش ثلاثة ملفات للترشيح وهي زهرية مراكش و الخط المغربي وفن الدقة المراكشية. وهكذا أسهمت الجمعية في هذا الحدث التاريخي ذي الرمزية القوية انسجاما مع برامجها التي تقيمها منذ سنوات كالدرس الأسبوعي لتلقين الخط المغربي تحت إشراف شيخ الخطاطين بمراكش الأستاذ عبد الغني ويدة وفن الدقة المراكشية التي تتعاهده الجمعية منذ سنين بإحياءها لمراسمها بمناسبة عاشوراء وعند كل محطة من موسمية سماع مراكش تحت إشراف المرحوم المعلم عبد الرزاق بالمقدم بابا وزهرية مراكش التي استنبطتها منية مراكش بحسب هندسة ثقافية مجددة حيث استخلصتها من عقر المنازل لتجعل منها موسما حضاريا يعزز مقامة مراكش الثقافية، تحييها الجمعية لما يزيد على عشر سنوات كلما حل فصل الربيع.فنرى أن هذا التصنيف ليمثل تحولا نوعيا في نظرة بلدنا إلى تراثه الحي. دخلت يوما صحن الكتبيين وفصل شتائنا يوشك على الانتهاء، فوجدت به أشجار الزنبوع ﴿النارنج﴾ تضوًع نفح طيبها قبل الإبان، فتساءلت بماذا يحلم زهر الكتبيين؟ ما أسميه الزهرية أحببنا أن تنتبه إليه المدينة عند حلول كل فصل ربيع، لسنا مطالبين إلا بالإنتباه إلى مراسم جميلة عتيقة، كالموجود المعدوم. نود في الحقيقة أن نحتفي برقة هذه الموسمية وبلطائفها حتى يقول المرء إني ذاهب إلى زهرية مراكش وفي خَلَده أنه يقصد مراكش في تلك الأيام الفواحة التي تحل في ربوع مدينتنا كالضيف أو كالطيف.وكنت قد كتبت هذه السطور متوسما أن ننشئ عيدا للزهر وموسما بمراكش ولها. فالتصنيف الذي نحن بصدده فتح بوابة عالية لإرساء هذا العيد الربيعي وصفحة جديدة تحتفي كل عام بالموسم الجديد وبزهره الفواح ومنة أيامه. أرى أنها طلعة جديدة في أفق الصناعات الثقافية والخلاقة بمراكش. تعزز السياحة من صنف جديد وتستفيد منها المدينة بالرجوع إلى تقاليدها الأصيلة وتستثمرها، تجدد النظر في أغراس المدينة وتعيد الاعتبار لشجرة الزنبوع وإمكانية غرسها بآلاف من جديد.عيد الزهر بمراكش يدشن فرصا جديدة تقوي مهنا كثيرة ومتعددة علما أن 50 من النشاط السياحي بأوروبا ينتجه التراث الثقافي والسياحة الثقافية.ملف زهرية مراكشموسم الزهرية لمراسم تقطير ماء الزهر من استنباط جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته. تعمل على إرساء عيد جديد إقتبالا لفصل الربيع. تتخلل هذه اللقاءات عروض عملية وتطبيقية يقدمها خبراء وعطارون حول طريقة تقطير ماء الزهر ومراسمها وطقوسها المغربية العتيقة، وتوشحها وصلات من طرب الآلة الأندلسية وإنشادات الملحون وحلقات الحكي وأداء الدقة المراكشية ويزينها خِوان الطبيخ المغربي العريق. تختتم البسائط بتقديم نتاج التقطير لمن ساقه سائق السعادة وحضر.وبعد عمل متراسل دام أزيد من عشر سنوات وبفضل هذه الهندسة الثقافية المبتكرة التي تصل التقطير الأصلي المتداول داخل الأسر خاصة بأنشطة مغايرة كالمقاربة العلمية للخبير والاجتهاد الفني للعطوري والتخليل الفني الموسيقي على اختلاف أنواعه، إضافة إلى فنون الطبخ المغربي ووصولا إلى تقديم نتاج ماء الزهر للحاضرين تختتم به الزهرية.ونعني بزهرية مراكش هذه المراسم والعادات والتقاليد وطقوس تقطير ماء الزهر بالمدينة، زهر النارنج أو شجر الزنبوع في عرف أهل مراكش وقد درجت الأسر المراكشية على إقامة هذه الطقوس الأسرية منذ قرون خلت تتوارثها البنت عن الأم عن الجدة. واسم العنصر في لغة المجتمع المغربي عامة والمراكشي على الخصوص تقطار الزهر.وتحتفي الأوساط الأسرية النسوية المراكشية والتعاونيات النسائية المعنية والجمعيات الثقافية والتراثية وحِرفيات تقطير ماء الزهر والعطارون والعطوريون والنحاسون والزجاجون وأرباب ضيعات شجر الحوامض ومنتجو مستحضرات التجميل والهيئات الثقافية ذات الصلة بالصناعات الثقافية والتراثية التي تخلد موسم الزهر سنويا بمراكش بمبادرة جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته وتحت إشرافها.مراكش وهي العاصمة الكبرى لتقطير ماء الزهر بالمغرب الكبير. فطقوس التقطير حضارية رائقة نسوية بالأصالة قديمة العهد ضاربة في التاريخ الحضري للمدينة. عادة ما تتكتم ربة البيت عن أسرار التقطير. تُقبل نساء مراكش على هذه المراسم سواء في المنازل أو في التعاونيات أو بمبادرة من الجمعيات التراثية أو في الهيئات الثقافية المتحفية أو ذات الصلة بالصناعات الثقافية. إبانَ ظهور زهر النارنج في شهر مارس على الأشجار.وقد يدوم حضور الزهر في المدينة لمدة أربعة أسابيع تقريبا ويظهر في أوجِه مع حلول فصل الربيع يوم 21 مارس. يُقتنى الزهر عادة من سوق العطارين وتحديدا من لدن عريف الزهارين الشهير عند أهل مراكش الشيخ مولاي عبد الرحمان أبا عبيدة بعد أن يقطفه الغراسون من البساتين. تتم غربلته وتنقيته من الشوائب وتنشر الزهرات فوق إزارات نظيفة تحت القباب بالمنازل. تفتتح المراسم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لأنها مقرونة عند المسلمين باليمن وبالجمال والكمال. وذلك بعدما تبدأ امرأتان خبيرتان العملية وقد صلتا ركعتين تقربا إلى الله ليبارك في النتاج، تباشَر العملية يدويا لمدة تقدر ما بين 4 و6 ساعات أو أكثر. ويتم غسله بواسطة وعاء معدني نحاسي من قبل جماعة نساء الأسرة.الوظائف الاجتماعية والمعاني الثقافية التي تمتلكها زهرية مراكش حاليًا:مراسم التقطير مناسبة حضارية إنسانية تتوفر على قدرات هائلة لإعادة إنتاج اللحمة الاجتماعية بين الناس داخل الأسر وفي المجتمع وبين أهل المدينة وتعزز الشعور بالإنتماء القومي. وحينما تُخرج المراكشيات قطاراتهن والقطارة (الإنبيق) هي آنية التقطير من رفوفها كل فصل ربيع، تستعد لبعث سويعات جميلة وقت التقطير وجمع الشمل وبث البهجة والغبطة والسرور في نفوس الأسرة الصغيرة والكبيرة. زهرية مراكش تحافظ على ذاكرة ثقافيةعريقة السؤدد وقديمة جدا قطعت العصور، تصلنا بجماليتها ورونقها ومزاياها الاجتماعية والصحية والاقتصادية بكل ما هو جميل ويستأهل عناية قصوى ورعاية مرغوب فيها ومطلوبة ومحمودة.تسعى منية مراكش تسعى في إقامة عيد مخصوص بتقطير ماء الزهر سنويا وترسيم موسميته. وتعمل الجمعية على إرساء هذا الاقتراح الثقافي ذي الأبعاد الاحتفالية والاقتصادية معتقدة أن مثل موسم الزهرية هذا من شأنه أن يعزز الصناعات الثقافية والخلاقة ببلدنا ويسهم في إشعاع المدينة ثقافيا ويعززها اقتصاديا وسياحيا محليا وعالميا.وقد سبق أن نظمت منية مراكش هذه الزهرية بشراكة مع مؤسسات ثقافية وازنة:المجلس الجماعي لمدينة مراكش، مجلس جهة مراكش آسفي، المجلس الإقليمي لعمالة مراكش، متحف محمد السادس لحضارة الماء بالمغرب أمان، متحف الموسيقى بالمواسين، دار الشريفة، أكدال أبناؤنا بتمصلوحت، متحف فريد بلكاهية، المقام الفني بتحناوت ومفتاح الزيتون بأوريكة وقصر سليمان- دار العيادي والمعهد الفرنسي بمراكش.وسبق لجمعيتنا أن أقامت مراسم تقطير ماء الزهر بعرصة مولاي عبد السلام وتقترح أن تصير عرصة الزنبوع، الكائنة قبالة روضة الإمام السهيلي المقامة المثلى لتوطين زهرية مراكش. لازالت الجمعية إلى اليوم تهيب بالمؤسسات الرسمية أن تنتبه أخيرا لهذه الموسمية وأن تتبناها المدينة بمؤسساتها العمومية والخاص. ورعيا للحدث الكبير الذي يتجلى في إدراج زهرية مراكش على قائمة الجرد الوطنية للتراث الثقافي غير المادي وتصنيفها تراثا غير ماديا من قبل منظمة الإيسسكو، صار من اللازم أن تتبناها مدينة مراكش بصفة رسمية وتجعل منها مقامة حضارية كبرى كلما حل فصل الربيع بالمدينة.سبق لجمعية منية مراكش أن أقامت مراسم تقطير ماء الزهر في حدائق عمومية كعرصة مولاي عبد السلام بمراكش فقوبلت بنجاح شعبي منقطع النظير يكشف لنا عن مدى استعداد الجمهور المغربي والأجنبي على السواء للانخراط في هذا الاحتفال البهيج وتخليده.ملف الخط المغربياستطاع الخطاطون المغاربة عبر التاريخ تمثل الخط العربي وتذوق أشكاله مدمجين ثقافتهم المحلية في إبداعاتهم الخطية، فطبعوه بروحهم وأغنوا أساليبه بأشكال هندسية مبتكرة، وزخارف ذات خصوصيات فنية وتقنية متميزة، فتعددت أنواعه؛ شأنه في ذلك شأن الخط العربي المشرقي؛ وأصبحت خمسة أنواع أساسية تستوعب تشكيلات إبداعية أخرى محلية.وعلى العموم ظلت الخطوط المغربية متألقة بقيمتها الحضارية والفنية الجمالية، حيث تزخر الخزانات المغربية بمجموعة من المخطوطات والوثائق التي يتجاور فيها المضمون الروحي الراقي والشكل الفني البديع يوجز ببلاغة وبيان سمو الدين الإسلامي الحنيف ورقي القيم الحضارية والفنية التي تحفل بها بلاد المغرب، نذكر منها على سبيل المثال: المصاحف الشريفة المحفوظة بخزانة ابن يوسف بمراكش كمصحف مالقة ومصحف شاطبة التي تعود إلى زمن الخلافة الموحدية ومخطوطة "دلائل الخيرات ومشارق الأنوار في الصلاة على النبي المختار" للإمام ابن سليمان الجزولي ومخطوطة "كتاب الشفاء بتعريف حقوق المصطفى" للقاضي عياض.وقد استثمر عدد من الفنانين التشكيليين، والحرفيين المغاربة مرونة الخطوط المغربية وتنويعاتها الجميلة التي تتيح إمكانيات غير محدودة للإبداع، ووظفوا الحرف العربي عنصرا من عناصر تشكيل لوحاتهم الفنية ورسوماتهم وتزاويقهم ونقوشهم على الخشب والجبس والحجر والمعادن، فخلفوا تحفا فنية ستظل شاهدة على جمال الخط المغربي وقيمته الفنية.هناك قول مأثور عن الإمام علي بن أبي طالب مفاده: ''علموا أبناءكم فن الكتابة فهو باب من أبواب الرزق''. ويعني به الخط العربي.للخط المغربي وظيفة اجتماعية حضارية ظاهرة للعيان، يعزز الملكات التواصلية بين الناس ويقوي الشعور بالانتماء القومي كما يفسح المجال لمزاوله بامتلاك ناصية ذائقة فنية وجمالية رصينة ويوسع من الأفق المعرفي والحسي الجمالي لمتعلمه.الخط المغربي إسهام ذو مكانةثقافية عالية وشريفة القدر تضمن للمغاربة حضورا قويا ومميزا على المستوى العربي والإسلامي. كما يمثل الخط المغربي اليوم جسرا نفيسا متفردا ووسيطا بين الثقافة المغربية والثقافات الأجنبية. وله حضور ثقافي وازن في المنتديات الثقافية الأوروبية وغيرها. هناك جهود سابقة ومستمرة لحفظ هذا العنصرالتراثي، منها مدرسة الخط المغربي التي فتحتها جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته مثال حي يسهم في تجديد رسوم صَنعَة الخطّاطين.يتم ضمان استدامة الخط المغربي من قبل المجموعات، والأفراد المعنيين وتساهم جماعة الخطاطين المغاربة في ضمان تجديد العمل الفني والحرفي لصَنعَة الخطاط. كما تسهم جمعيات المجتمع المدني في تعزيز هذا الفن واستدامته. ينبغي العمل على ترسيم فن الخط المغربي في المدارس المغربية منذ المعاهد الابتدائية وبرمجته كمادة تعليمية أساسية لصيانته والمحافظة على استعماله وتجديد أساليبه. كما ينبغي إنشاء معاهد عليا لتعليمه على الشكل الأمثل تأسيا بعمل أكاديمية الفنون العريقة التابعة لمسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء.ملف الدقة المراكشية هي نمط موسيقي شعبي مراكشي بل هي الشارة الموسيقية للمدينة، يعود تاريخه كفن تراثي غنائي منذ الموحدين حسب بعض الباحثين وخاصة السعديين على التحقيق. وتعتبرها مدينة مراكش لونا فنيا أو هزجا شعبيا تراثيا أصيلا. يخرج أصحابها إلى التنزه كل يوم جمعة في عرصات مراكش ويشرعون باللعب بالدقة مما جعل الصناع المراكشيون يتعاهدونها ويطورونها إلى أن أصبحت على ما هي عليه الآن، والدقة تمارس مرة في السنة وبالضبط ليلة عاشوراء وهو التاسع من محرم. لا يعرف تاريخ إنشاءها ومن ألف نصوصها.وبهذاالاعتبار هي شبيهة بعدد من النصوص الأدبية الطائرة الصيت المعبرة عن عبقرية الوسط الشعبي لا تحمل توقيعا. وأما حاليا فلعب الدقة صار من الفنون الشعبية المكونة للهوية الثقافية بمراكش، تحضر في الحفلات والأفراح والمناسبات الوطنية. وقد نجد بعض مزاوليها اليوم في مختلف المدن المغربية يحضرون الأفراح إلى جانب المجموعات الموسيقية المحلية في كل مدينة. امتزج فن الدقة المراكشية بعبقرية وبراعة ثلاثة ألوان عربية وإفريقية وأمازيغية.صارت الدقة محبوبة في جميع الأوساط الاجتماعية تعادل أجواء الغبطة والسرور والبهجة. وللإشارة فهي رباعية الإيقاع.وحاملو الدقة المراكشية وممارسوها أغلبيهم من الصناع الحرفيين والشباب المراكشي الأصيل مع العلم أن الدقة لون من ألوان الفنون الموسيقية العريقة، وفي كل المجتمعات القديمة كان كل إنسان يتقن نوعا من الفنون. فالمراكشيون يحبون الدقة و يجتهدون في تعلمها وتلقينها للشباب.الوظائف الاجتماعية والمعاني الثقافية التي تمتلكها الدقة المراكشية حاليًاالدقة المراكشية عنوان انسجام كبير لجسم المجتمع بمراكش. فهي تضمن للمراكشي شعورا قويا بالانتماء إلى بلده مهد الدقة المراكشية كما أن الدقة من منابع الإيقاع دقة على دقة تتوالد عنها دقات ولا يمكن اعتبارها أغنية بل حضرة روحانية تستمد من الأدبيات الصوفية. لها طريقة خاصة وزجل وهو ''العيط''. الدقة المراكشية فن شعبي ترتبط معرفته بمهارات، فإيقاعاتها معقدة لطيفة في ذات الوقت وينبغي للمتولع بها أن يكون على جانب كبير من الحس الفني والذوق الموسيقي. فلا يتقنها إلا الماهر الذي تشرب الدقة وتشرَّبته.فمن المنتديات القليلة التي يجتمع فيها كافة الأوساط المراكشية هي مجامع الدقة بمناسبة إحياء أيام عاشوراء. فهذا الفن الأصيل الجميل له قدرة هائلة على إعادة إنتاج اللحمة الاجتماعية وموصولها بين الناس. الدقة المراكشية محبوبة جدا عند المراكشيين وغيرهم ومن شأنها أن تضمن لسامعها طربا ولذاذة.اللجنة التحضيرية للملفات جعغر الكنسوسي حليمة بوصديق عبد الغني زريكم محمد برادة عبد الواحد العلكيوأسهم في تدوين معطيات ملفي الخط المغربي والدقة المراكشية كل من الأستاذ عبد الغني ويدة ومحمد بالمقدم بابا



اقرأ أيضاً
الاستاذ سليم أحمد يكتب عن صعوبات استيعاب مادة الفيزياء والكيمياء بالمغرب
تعتبر الفيزياء تخصصًا علميًا نبيلًا لما تقدمه من خدمات ومفاتيح لفهم الواقع الذي يحيط بنا. وإلى جانب الكيمياء، تُعد الفيزياء أحد أهم ركائز تقدم البشرية، نظرًا للأهمية المتزايدة للعلوم والتكنولوجيا في حياتنا، حيث إنها محركات قوية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لأي مجتمع. وتجاوبًا مع هذه التطورات، يتناول منهج الفيزياء والكيمياء في التعليم الثانوي في المملكة المغربية عددًا من المفاهيم العلمية المرتبطة بالبيئة المباشرة للمتعلم، حيث يتضمن القيم البيئية والصحية والوقائية. ويهدف ذلك إلى تمكين المتعلمين من التفاعل مع المعارف والمصادر العلمية والتكنولوجية لبناء شخصيتهم من خلال امتلاك المهارات الأساسية التي تمكنهم من دمج ما تعلموه وحل المشكلات المدرجة في بيئتهم الاجتماعية والاقتصادية. يهدف تدريس الفيزياء والكيمياء إلى تفعيل دور المتعلم من خلال تعريضه لمواقف مستمدة من البيئة المعيشية، مما يؤدي إلى تنمية المهارات المنهجية، والثقافية، والتكنولوجية، والتواصلية. وهذا يمكّنهم من التكيف مع بيئتهم الاجتماعية والاقتصادية. فالتعليم هو تفاعل مستمر بين المعلم والمتعلم والمعرفة (عناصر المثلث التعليمي) في سياقات تعليمية منظمة، تهدف إلى تحقيق الأهداف التعليمية المنشودة. إلا أن هذا التفاعل يمكن أن يصطدم بعوائق مختلفة تعيق اكتساب المتعلم للمعرفة الجديدة. وعند التحقق الكمي من مدى اكتساب المتعلم لحاجات المتعلم، تظهر مجموعة من الأخطاء التي يرتكبها المتعلمون، تتفاوت في الشكل الذي تظهر فيه وفي حدتها. تعد الفيزياء والكيمياء من بين المواد التعليمية التي غالبًا ما يجد المتعلمون فيها صعوبة في استيعاب بعض المفاهيم العلمية، خاصةً المفاهيم الأكثر تجريدًا. وتتجلى هذه الصعوبة في معدلات الخطأ المرتفعة المسجلة عند تفاعل عناصر المثلث التعليمي، مقارنة بالمواد الأخرى. والأكثر من ذلك، تميل هذه الأخطاء إلى الزيادة مع ارتفاع المستوى التعليمي للطلاب. ويسهم التباطؤ في معالجة هذه الأخطاء واستثمارها من خلال بيداغوجية أكثر جرأة في معالجة الأخطاء في زيادة معدلات الانقطاع والهدر التعليمي، والتي تعتبر من أهم أسباب هدر الطاقات والمهارات التي يمكن أن تسهم في تحقيق التقدم في مختلف قطاعات الإنتاج الوطني.ولهذا الغرض، من الضروري الإلمام بدراسة الأخطاء التي يرتكبها تلاميذ الثانوي التأهيلي خلال حصص هذه المادة، بهدف البحث عن أسباب الخطأ ومصادره والتدخلات الكفيلة بعلاجه. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي التركيز على تحديد العوائق الرئيسية التي تحول دون الاستخدام الفعال للأخطاء خلال حصص الفيزياء والكيمياء، وذلك باستخدام الأدوات المنهجية للبحث الإجرائي.   سليم أحمد أستاذ التعليم الثانوي التأهيي دكتور باحث   La physique est considérée comme une discipline scientifique noble en raison des services qu'elle rend et des clés qu'elle offre pour comprendre la réalité qui nous entoure. Aux côtés de la chimie, la physique figure parmi les piliers les plus importants pour le progrès de l'humanité, compte tenu de l'importance croissante de la science et de la technologie dans nos vies, car elles constituent des moteurs puissants pour le développement économique et social de toute société. En réponse à ces évolutions, le programme de physique et de chimie dans l'enseignement secondaire au Royaume du Maroc aborde plusieurs concepts scientifiques liés à l'environnement immédiat de l'apprenant, en incorporant les valeurs environnementales, sanitaires et préventives. Cela vise à permettre à l'apprenant de s'engager avec les connaissances et les ressources scientifiques et technologiques pour construire son caractère en possédant des compétences essentielles qui leur permettent d'intégrer leur apprentissage et de résoudre des situations problématiques insérées dans leur environnement social et économique. L'enseignement de la physique et de la chimie vise à activer le rôle de l'apprenant en les exposant à des situations tirées de l'environnement vivant, ce qui conduit au développement de compétences méthodologiques, culturelles, technologiques et communicatives. Cela leur permet de s'adapter à leur environnement social et économique. L'enseignement est une interaction continue entre l'enseignant et l'apprenant, et les connaissances (les éléments du triangle didactique) dans des contextes éducatifs organisés, visant à atteindre les objectifs éducatifs souhaités. Cependant, cette interaction peut rencontrer divers obstacles qui entravent l'acquisition de nouvelles connaissances par l'apprenant. Lors de la vérification quantitative de l'étendue de l'acquisition des besoins en apprentissage par l'apprenant, une gamme d'erreurs commises par les apprenants apparaît, variant à la fois dans la forme sous laquelle elles se manifestent et dans la gravité qu'elles mettent en évidence. La physique et la chimie sont parmi les matières éducatives dans lesquelles les apprenants ont souvent du mal à saisir certains concepts scientifiques, surtout les plus abstraits. Cette difficulté se manifeste par des taux d'erreur élevés enregistrés lors de l'interaction des éléments du triangle didactique, par rapport à d'autres matières. De plus, ces erreurs ont tendance à augmenter à mesure que le niveau éducatif des étudiants augmente. Ralentir le traitement de ces erreurs et investir en elles à travers une pédagogie de l'erreur plus audacieuse contribue à l'augmentation des taux d'abandon et du gaspillage éducatif, qui sont considérés comme les principaux moteurs du gaspillage d'énergies et de compétences pouvant contribuer au progrès de divers secteurs de la production nationale. Dans ce but, il est nécessaire de se familiariser avec l'étude des erreurs commises lors des sessions de cette matière par les élèves du secondaire dans le but d'investiguer les causes de l'erreur, ses sources et les interventions pour y remédier. De plus, l'accent devrait être mis sur l'identification des principaux obstacles à l'utilisation efficace des erreurs pendant les cours de physique et de chimie, en s'appuyant sur des outils méthodologiques pour la recherche procédurale.  
ساحة

ادريس الاندلسي يكتب لـ”كشـ24″: ميناء ” الخزيرات” ومعركة منافسة طنجة المتوسط
نزلت الحكومة الإسبانية بكامل ثقلها التمويلي لدعم ميناء الجزيرة الخضراء أمام التطور السنوي الكبير الذي تعرفه الحركة التجارية بميناء طنجة المتوسط. حكومة إسبانيا استشعرت خطر فقدانها للريادة الميناءية في المنطقة و اتخذت قرارا استراتيجيا من خلال وضع برنامج تمويلي بحوالي مليار  و 775 مليون يورو أي ما يعادل حولي 19 مليار درهم. أهمية هذه الخطوة ليست في حجم التمويل فقط و لكن في مضمون  و مكونات الإستثمار. الحكومة الإسبانية تعمل على ربط الميناء بشبكة من مناطق الإنتاج  و مناطق اللوجيستيك في محيط يصل طول محوره الى 966 كيلومتر انطلاقا من " صاراكوس". الجديد في هذا الإستثمار هو البعد اللوجستيكي المدعوم بشبكة من الموانئ المسماة "يابسة" أو "  الجافة "بسبب بعدها من البحر. و سوف يشكل هذا الإستثمار عوامل مساعدة  و محفزة على المنافسة في حوض البحر الأبيض المتوسط.  و هكذا سيمكن هذا الإستثمار الضخم من تسهيل عملية نقل السلع من  و إلى ميناء الجزيرة الخضراء عبر شبكة من الطرق  و السكك الحديدية و مراكز اللوجستيك. و لهذا الغرض  و بعد أن تأكدت نتائج المسار الريادي لطنجة المتوسط تحركت الحكومة في شخص وزير النقل " أوسكار بوينتي" للجزيرة الخضراء لتأكيد الدعم السياسي  و المالي لميناء الجزيرة الخضراء باعتباره ،حسب قول الوزير، بوابة أوروبا على البحر الأبيض المتوسط . يعرف كل من تابعوا إنجاز ميناء طنجة المتوسط أن إسبانيا حاولت التشكيك في القدرة على الإنجاز.  وحين انطلق الورش الكبير للميناء أخرجت الصحافة الإسبانية ورقة اضرار  المشروع على البيئة للتأثير  على القرار الأوروبي  و على الممولين.  و كانت العزيمة  و الإرادة الملكية وراء تقدم الأشغال  و انطلاق عملية الاستغلال الميناء منذ  2007. اليوم أصبح هذا الميناء الأول أفريقيا  و الأول في البحر الأبيض المتوسط  و ذلك لرابع سنة التوالي. تجاوزت الحاويات التي استقبلها الميناء 9 ملايين و تجاوز عدد السيارات التي تم تصديرها انطلاقا منه المليون سيارة بالإضافة إلى ملايين الأطنان من المحروقات. كل هذا بالإضافة إلى الدينامية التي تعرفها الشركات التي تعمل بمختلف مرافق الميناء  و التي وصل رقم معاملاتها  في نهاية  2022 إلى حوالي 155 مليار درهم. المنافسة ستزداد شراسة في مجال الموانئ خلال السنوات المقبلة  و هذا ما تبينه زيارة وزير النقل الإسباني لميناء الجزيرة الخضراء  و الإعلان عن تمويل ضخم لتطويره.  و هذا الموضوع يطرح على الحكومة سؤال الإستراتيجية التي يجب اتباعها للاستمرار في تطوير أكبر مشروع انجزته بلادنا و للمحافظة على المكانة التي كسبها المغرب اقتصاديا  و سياسيا بفضل هذا الإنجاز غير المسبوق. نعم أرقام الفاعلية الإقتصادية  و المالية لطنجة المتوسط تعرف نموا متواصلا،  لكن طموح المغرب يتطلب المزيد من العمل الإستراتيجي.  
ساحة

نهضة بركان يفك ارتباطه بالمدرب أمين الكرمة
قرر نادي نهضة بركان الانفصال بشكل رسمي عن مدرب الفريق الأول أمين الكرمة. ووفق بلاغ صادر عن إدارة النادي البركاني، فقد توصل مسؤولو الفريق إلى اتفاق مع الكرمة لفك الارتباط بين الطرفين بالتراضي. ولم يحضر الكرمة لتداريب نهضة بركان، التي لحقت الهزيمة أمام مولودية وجدة في ديربي الشرق، والتي كانت من بين أسباب ٌإقالة المدرب، بعد ثلاث سنوات قضاها كقائد للنادي.  
ساحة

جعفر الكنسوسي يكتب.. المدينة العتيقة، ميراث من الماضي وكنز للمستقبل
ألقي هذا النص باسم جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته وهو تعبير عن خلاصة ما يدور بين أفراد اللجنة العلمية للجمعية لتحضير الندوة الدولية "حاضر المدن العتيقة ومستقبلها: معرفة التراث المعماري والعمراني وذاكرته في المغرب الكبير والشرق العربي" نذكر منهم الكاتب جعفر الكنسوسي، المهندس المعماري إيلي مويال، الجامعي عبد الغني زريكم، المهندس المدني عبد العزيز بلقزيز والعمرانية حليمة المرابطي وذلك في نطاق موسمية سماع مراكش الدورة الحادية عشرة من 19 إلى 23 أكتوبر 2022. ونذكر أن جمعية منية مراكش تنتمي إلى ائتلاف ذاكرة المغرب الذي يضم عشر جمعيات من المجتمع المدني المؤهل والتي تعمل من أجل حماية التراث المادي والمعنوي وتثمينه وأسماءها كالتالي : جمعية منية مراكش، جمعية مؤسسة المغرب للتراث فاس، جمعية ذاكرة الرباط سلا، جمعية تطاون أسمير، جمعية طنجة البوغاز، جمعية ذاكرة دكالة، جمعية ذاكرة آسفي وجمعية ذاكرة الدار البيضاء وجمعية ذاكرة تارودانت وجمعية ذاكرة شباب الصويرة. "أي دور للمجتمع المدني في تنزيل الرؤية الملكية للحفاظ على التراث وتثمينه"، وأي إسهام للجمعيات المؤهلة في اللجان المحلية المكلفة بتنفيذ البرنامج الملكي؟ هذا الورش التاريخي الذي نرى أعماله كل يوم منذ انطلاقته قبل سنين بداخل أسوار المدينة العتيقة، بل بالمدن العتيقة المذكورة. أراده صاحب الجلالة الملك محمد السادس اعتبارا منه لتراث المدينة. فالمدينة العتيقة هي السر وهي الكنز الذي لدينا في جهاتنا المختلفة. فهذا ورش فريد في تاريخنا منذ قرون، فتح البوابة العالية أمامنا، أمام مبادرات الجمعيات التي تدافع عن قضية، تتبنى قضية، ونحن في جمعيتنا منية مراكش لدينا قضية ورؤية تضبط عملنا منذ عقود، باعتبار أن هذه الجمعية نحسبها امتدادا لجمعيات أخرى مهدت الطريق. ولسنا إلا حلقة من بين حلقات متراسلة تصل الماضي بالزمن الآتي. وحاصل الكلام أن هذه الجمعيات والمؤهلة منها على وجه التحديد ذات الكفاءات العاليات لم تبرح مكانها من دور الملاحظ فقط، بالرغم من خبراتها المتعددة وانخراطها بالفكرة والاقتراح العملي وتحليها بالضمير الوطني. كان الورش الملكي مشروعا نحلم بتحققه، إلا إنه صار اليوم أعمالا ضخمة تُنجز للنهوض بتراث المملكة. فالمنتظر من المجتمع المدني أن يثمن هذه العملية التاريخية، لأنها أشغال ضرورية بل أساسية، فينبغي أن نثمن ونكمل الشق الآخر مع الوعي التام بضخامة المشروع وإكراهاته. فأقول لا توجد مؤسسة مؤهلة حاليا غير الإدارة لإنجازه. قامت الإدارة بالعمل وبمجهودات كبيرة وتعمل جاهدة لاحترام الآجال. فإنجاز الورش سابقة بالنسبة لمختلف الإدارات ولم تكن لها من ذي قبل تجربة ودربة على إصلاح النسيج الحضري العتيق بهذه الضخامة واتساع الرقع الحضرية التي تطالها تدخلات الإصلاح والترميم. بل وفي نظرنا واجهتها صعوبات أذكر منها: مقاولات في معظمها غير متخصصة وغياب دراسات معمقة وعدم توفر الوقت الكافي للإنجاز. ومع ذلك كان لابد من مباشرة الأشغال. وبالرغم من هذه المعضلات الثلاث، ينبغي على المجتمع المدني المؤهل أن يأخذ مكانه ومكانته ويقترح ما عنده من حلول تحذقها المعارف والخبرات ويتبنى الدينامية التي يتيحها اليوم النموذج الجديد للتنمية وأن يضع أصبعه على النجاحات ويزكيها وكذلك على المعوقات ويؤكد على أن النجاح لا يأتي إلا عبر إشراك المجتمع المدني المؤهل بإحداث مؤسسة المدينة العتيقة الكفيلة بصون هذا التراث قبل فوات الأوان في حالات كثيرة. فعمل المجتمع المدني القوي بخبرائه وبشخصياته وخبراته بمثابة الروح من جسد هائل ماثل أمام أعيننا. فتعقبات هذا النموذج الجديد على ما أنجز نتبناها بدورنا وهي صريحة جدا.هناك مفارقة ينبغي أن تستوقفنا مليا، حيث نلاحظ أن النخب التكنوقراطية لم تكن تبالي عادة بالمدينة العتيقة لمدة عقود منذ فجر الاستقلال (أنظر نازلة اغلاق ساحة جامع الفناء غداة الاستقلال وتعيين أول عامل على مدينة مراكش -دفاتر تراث مراكش العدد الثالث الجزء الأول مقالتي صحف جامع الفناء)، هذا من جهة. ونقف من جهة أخرى عن أحوال ذات المدينة العتيقة جيدةً ومكانتها السياحية والإعلامية والتجارية. فلنُذكر بأن لا أحدا كان يعتقد قبل عشرين سنة تقريبا أن التنمية بالثقافة نموذج يُعتمد عليه، بل أن لا أحدا كان يتخيل أن المدينة القديمة قد تصير قاطرة اقتصاد مراكش كافة ولا أنها قد تكون الخميرة اللازمة لتنمية السياحة. فالمفارقة إذن هي أن مراكش لم تنتفع لوحدها فحسب بل انتفع المغرب قاطبة من ظهور مقامة ثقافية جامعة قبل أن تصير قطبا اقتصاديا جديدا ومقيلا للسياحة العالمية. جاءت المفاجئة العظمى من أقصى المدينة العتيقة ومن نموذجها الثقافي الذي كان السبب في ظهور كل هذه الأنشطة الفنية والاقتصادية والعقارية أو الثقافية بالمعنى الواسع. فمقومات البلد التاريخية هي التي أضحت سدة الناصر والمنصور بحسب تعبير لسان الدين بن الخطيب لما أقام معيار اختياره بل اختباره للمعاهد والديار. فهل السر يكمن في التاريخ أكثر مما هو في الجغرافيا؟ بل أقول عاد المحور التاريخي القاري من داخل المغرب (محور مراكش، فاس، سوس درعة وهو حامل التاريخ بدلا من محور الشاطئ) أثرت المدينة العتيقة بقوة تبليغها الحضري في الوافدين الجدد، هؤلاء الذين اشتروا المنازل والديار والدويرات ومعظم الرياضات الفاخرة عام 2000 تحديدا، وصارت فيما بعد دورا للضيافة، فقد اقتضى الأمر عشرين عاما تقريبا قبل أن يُنتبه إليها لتنكب الإدارة على المسألة وتواكبها. إلا أنه وجبت الإشارة أن هاذين العقدين من الزمن كانا مهلكين للتراث المبني للمدينة وطبعا ما ضاع من المدينة لن يعوض ولا رجعة فيه. لا شك أن إنشاء فنادق جديدة ومطاعم ودور الضيافة وفرت مناصب شغل كثيرة وأنشطة اقتصادية متنوعة حتى الثقافية منها لكن ما الذي حصل في المقابل. إن الثمن كان باهظا وما هدم من مبان عدت من الغابرين بلا رجعة. كان الأوائل من هؤلاء المراكشيين الجدد (أعني الأجانب الطارئين) تُحركهم محبة البناء العتيق، شغوفين بها نزاعا لأصولهم الأرستوقراطية أو من انضاف إليها، إلا أن الأمر صار بسرعة تجارة مربحة تكتنفها مزايدات عقارية. فتعلل الجيل الثاني من هذه الطائفة بتحوير أماكن ثقافية بل وحمالة لرصيد تقافي كبير بحسب مصالحهم. وفي الغالب فرضوا تغييرات تستجيب لتجارتهم النافقة الجديدة دون أن يعبؤوا بالقيمة التراثية للمنازل. حصل تغيير في المباني العتيقة كان من اليسير تفاديه في إطار تصميم التهيئة لسنة 2000 الذي أشرف على إنجازه المهندس المعماري إيلي مويال المعروف بانتصاره لمدينة مراكش العتيقة ومعانيها الغريقة و(البني المراكشي) كما يصطلح عليه عند العرفا والموجهين أي شيوخ النظر من أهل مراكش قديما. كان الغرض منه تأطير مختلف نشاط المتعهدين الجدد. والمحصل أن هؤلاء الطارئين على المدينة تدخلوا بحرية كاملة. يمكننا القول بأن الإتلاف الجزئي للتراث لم يحجز الصحة الجيدة الاجمالية لنموذج المدينة العتيقة. وإن أخدنا بعين الاعتبار التأثير الاقتصادي والثقافي لهذه المقاربة مع العلم أنها مازالت مصدر إبادة للقيمة التراثية، لا شك أننا لاندفع الثمن حاليا لكن مع المطاولة سنؤديه لا محالة لأن هناك إتلاف للمعنى. وقد نتصور في وقت ما أن مفعولية هذه الخميرة الثقافية التي يتسم بها النسيج الحضري العتيق للمدينة قد يصير أقل قوة لأن هاته التغيرات ربما انقلبت إلى ضد معناها. وهذا من نتاج العولمة، فهذه غالبا ما تكتفي بفقد القيمة وتواري المعنى الذي يترتب عن هيمنة الكم كما يقول الأستاذ روني كينو. ينبغي أن نميز ما بين المدينة التي هي مركز ثقافي للإنتاج لأنها هي مجال حياة الناس الذين يعيشون فيها وبها تحيى عوائدهم وسير عيشهم اليومي. ومن أجله يقصد الوافدون مركزها الثقافي للارتواء من معينه. وبوسعهم أن يفدوا عليها من أقصى بلدان العالم، يتغذون بمادتها الرمزية، يعترفون بذلك ويستحسنونه. كما ينبغي التمييز بين هذا الإنتاج وإنتاج إرادي آخر. فهذه الصيغة الثانية مرغوب فيها طبعا، إلا أنه ينبغي أن نفهم أن الثقافة هي قبل كل شيء الإبقاء على هذا الكيان الحضري الذي نسميه المدينة العتيقة، نحفظ عليه حياته ونصونه لكي يبقى بصحة جيدة. غالبا ما نسمع عن مبادرات ثقافية تصدر عن شخصيات وجمعيات وهيئات ومؤسسات طبيعتها متعددة، غايتها إنقاذ المدينة العتيقة وصون تراثها. الملاحظ أن جميع هذه المبادرات تبقى هامشية إن قارناها بالحقيقة التالية وهي أن المدينة نفسها وجسمها الرمزي كانا السبب في الانتباه إليها، وأنها قد دافعت بالفعل عن نفسها جيدا، وجرًت من ورائها الاقتصاد والسياحة على السواء. والواقع إذن فهذا الكيان الرمزي هو الذي كان له التصريف إلى حد الآن مقارنة بتدخلات الإنسان التي بقيت دون ذلك. فهذا التراث بالرغم من كونه في خطر هو فعال بنفسه. فمن خلال ماديتها فمدينة مراكش هي كيان رمزي يدافع عن نفسه لوحده وبنجاعة. وبتعبير آخر فإن هذا الجسم الرمزي يؤثر في محيطه الإنساني، كما يفعل في الاقتصاد. ولا شك أن مفعولية هذا الكيان ستستمر مستقلة عن مبادرات هذا وذاك إن توفرت له الشروط. وبوسعنا أن نتساءل ما عسانا أن نقوم به ونجلبه لصالح المدينة العتيقة من أشياء ذات أهمية. ما الذي يمكننا أن نقوم به ونعزز به شأن المدينة؟ لربما في مقدمة هذه التساؤلات ينبغي على كل واحد أن يستمر في محاولة فهم ما معنى المدينة وما الذي تستمر هي في قوله، يعني أنها كيان حي يتكلم! فينبغي فقط أن نتحلى بالاستعداد الذهني بل الجواني لفهم ما يقوله لنا هذا الجسم الذي يتحدر من أزمنة قديمة ومع ذلك يستمر في الخطاب. ومن أجل ذلك فحري بنا قبل أن نتساءل ماذا يمكن جلبه، ينبغي أن نقول ما الذي يجب فهمه؟ إلا أن ما يعوزنا هو قلة الدراسات والأبحاث الميدانية سواء الجامعية منها وغيرها فلنقلها وبكل صراحة أن التراكم الكمي المعرفي الذي يفلي ويقلب في ثنايا المدينة ضئيل جدا. والعمل على توفير المضامين العلمية هو في مقدمة الأولويات. ويبقى أنه يوجد مكان في قلب الحاضرة بل في قلب البلاد، يخاطب الناس، أهل مراكش ومن يأتي من زوار العالم على السواء. فهذا المكان يحدث صدى مستمرا يأتي من أزمنة سحيقة ومع ذلك له قيمة كبرى في زمن العولمة حاليا، وأهميته كبيرة لأنه يمثل بوثقة صدى الهوية الوطنية، ويمثل كذلك مقامة حضارية عالية، كل الناس في حاجة إليها. وكما قال كاتب من مراكش الطيب بوعشرين في بداية القرن العشرين "وكل الناس لهم إليها حنين واشتياق". ويبدو لي وكأن قول الكاتب حدس أو إلهام تركه لنا قبل مائة عام وراح، فمن فهمه استراح. هناك بعض الأماكن "موسومة") (emblématiques، مطبوعة، توجد في العالم، تتكلم، وتحدث وقعا بليغا في ضمائر الناس ومن بينها مدينة مراكش العتيقة، سواء أتدخلنا لنُصرة هذا الكيان أو أحجمنا. وبالطبع إذا قدمنا لها العون الكافي سيذهب الأمر بعيدا أكثر وأعلى، ويَحسن بنا أن نمد لها يد العون والحالة أن معظم الشروط قائمة. ونلاحظ أن هناك جزء في الحياة الثقافية للمدينة نجده غير إرادي ويواصلنا من أقدم عصورها ومصدره أهل البلد. فحري بنا أن نقدم لها العون والعولمة تحيط بنا من كل جهة. ولحسن طالع المدينة أنها تتوفر على شارة بل مراكش هي الشارة، ويبقى على عاتقنا استعمالُها على الوجه الأمثل، لأن جانبا كبيرا من التداعيات الاقتصادية منها والثقافية يترتب عنها. وشيأ فشيأ سنشهد تداعيات على كل المستويات. فكلما صار العالم أكثر كثافة كلما توجه نحو مزيد من العولمة، لما كان احتياجنا كبير لشارات موسومة ولأمكنة مطبوعة تكتنز هوية قوية جدا، لأن الناس يتجمعون حول هذه الهُويات الأصيلة بالذات أكثر فأكثر. فالمدينة العتيقة هي بالأصالة ثقافية وتنتج إنتاجا غزيرا بالفعل. ومطمح أنفسنا أن يصبح مستقبل المغرب الحضري أيضا في فَهم المدينة العتيقة وتفهيمها وتقبلها بقَبول حسن والإنصات لذلك الخطاب الأخاذ الذي ما فتئ يصدر عن كَيانها القديم.
ساحة

المحطة الطرقية العزوزية.. مآل الإفتتاح ضائع بين حماس المتفائلين و أسئلة المتشائمين
بقلم عادل أيت بوعزة . لا يتناطح كبشان حول أن المحطة الطرقية الكائنة حالياً بمنطقة باب دكالة لا تعكس و لا تدل على المغرب الجديد ، بمقوماته العمرانية و لا طموحه التقدمي ، محطة من الجيل البدائي بالعديد من الإشكاليات يختلط فيها البعد الحضاري مع الإقتصادي و الإجتماعي و الأمني لتشكل مأساة حقيقية ، فهم مدبرو الشأن المحلي منذ سنوات 2005 و 2006 بضرورة إتخاد قرارات ضرورية من أجل حلحلة كل تلك المشاكل بشكل جذري مع إستحالة إصلاح الوضع الكائن او تغييره بشكل فعال و ناجع . فكان القرار هو بناء محطة جديدة بمقومات عصرية تتماشى مع طموحات المراكشيين ، لتنطلق مع ذلك رحلة البحث عن عقار ملائم بمساحة كبيرة و قريب من مداخل المدينة و يتيح في نفس الوقت مردودية إقتصادية محترمة للمهنيين ، و الأهم من ذلك عنصر القرب من المواطنين ، فكانت المقترحات قليلة بسبب ضعف الاملاك العقارية التابعة للدولة و مشاكل اخرى مرتبطة بالوقت الكفيل بتنفيذ مسطرة نزع الملكية في بعض الحالات ليستقر القرار الاخير على أرض تابعة لأملاك الدولة بمنطقة العزوزية ، حيث كان قراراً صعباً تم اتخاده رغماً عن أنف المراكشيين بسبب البعد عن المناطق الاهلة بالسكان و المهنيين ( اصحاب الحافلات ) بسبب تخوفات متنوعة سنتطرق لها لاحقاً . و هكذا تم عرض المشروع امام انظار صاحب الجلالة الملك محمد السادس سنة 2015 في إطار مشروع " مراكش الحاضرة المتجددة" ، بتصور شمولي يختلف عما تم انجازه الآن ، بحيث تم إزالة محطة الطاكسيات المحادية للمشروع و ذلك في فضيحة فساد مازال القضاء يحقق في ظروفها و ملابساتها ، ما خلق إشكالية البحث عن عقار اخر ملائم لاصحاب سيارات الأجرة و محادي للمحطة الطرقية الجديدة ، و هو ما زاد " الخل على الخلول " . و هكذا مع بداية الأشغال و الى حين نهايتها ، ضاع الجواب على سؤال موعد الافتتاح في غياب الانصات و الحوار ، حول الاشكاليات الموضوعية المرتبطة بهذا الملف ، و هكذا و بعد سنوات تلت ، و مع نهاية الأجل الموضوع امام انظار جلالة الملك المرتبط بمشروع مراكش الحاضرة المتجددة ، تناقل مجموعة من الظرفاء نكت و قصص حول المحطة الطرقية الجديدة ، بعضهم قال ساخراً :" انها مسحورة و خاصها فقيه صحيح يفك محاينها " . نائب العمدة الاول محمد الادريسي كان من اكثر المتفائلين بإفتتاح هذه المحطة الجديدة و قد صرح لاحدى الجرائد ان المحطة الطرقية ستكون جاهزة على الاكثر في شهر سبتمبر 2023 ، كما ان الحوار مع المهنيين كان مثمراً حيث تم الانصات لمخاوفهم و تم حل مشكل البعد بالاتفاق مع شركة النقل المحلية لوضع خطوط جديدة بين العزوزية و مختلف أحياء المدينة ، كما انه تم وضع استثمارات مهمة لحل مشاكل السير و الجولان المرتبطة بمنطقة العزويزية . إلا أنه و لحدود الساعة مازال الوضع على حاله ، في ظل ظهور إشكاليات إدارية جديدة مع شركاء جماعة مراكش في المحطة الطرقية و هم المهنيين الذين كانوا يملكون حصة 60 % من شركة المحطة الطرقية باب دكالة و ايضا الشركة الوطنية للنقل و التي تملك 20% من اسهم الشركة ، و ذلك من أجل تأسيس شركة جديدة للتنمية المحلية لتدبير هذا المرفق الجديد ، العرض الذي تم تقديمه في احدى دورات المجلس الجماعي السابقة يؤكد مما لا شك فيه وجود مجموعة من عناصر الخلاف و لا يزكي الطرح التفاؤلي بخصوص موعد الافتتاح . عاد النقاش التائه حول هذا الموضوع مؤخراً مع الحضور الوازن لوالي جهة مراكش أسفي السيد فريد شوراق ، و الذي قام بزيارة للمحطة الطرقية و قام بإستدعاء الشركاء المحتملين من أجل الحوار ، حيث قام بالإنصات الايجابي لكل الاشكاليات المرتبطة بهذا الملف ، مع توجيهه بضرورة حل هذا المشكل في اقرب الأوقات بسبب الطموحات الوطنية الكبرى المرتبطة بتنظيم المغرب المحتمل لكأس إفريقيا و الاهم مونديال 2030 ، حيث تم الاجماع حسب المعطيات المتوفرة على اتفاق الجميع على ضرورة التوازن بين المصلحة الوطنية العامة و العمل على حلحلة الاشكاليات و معالجة التخوفات ، كما تم لأول مرة فتح نقاش حول إمكانية فتح محطة جديدة أو موازية ، و هو ما يعيد الموضوع الى نقطة الصفر مجدداً . مصادر مطلعة تؤكد على أن هذا الملف متشعب و لا يوجد حل على الطاولة يرضي الجميع الى حدود الساعة ، و ان والي الجهة نجح في إدارة الحوار و في حسن الانصات و كسب ثقة الشركاء ، إلا أن موعد الافتتاح قد يتاجل او قد يلغى اذا ما تم الاتفاق على توجه جديد بضرورة بناء محطة جديدة .
ساحة

الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تتوج أفضل رياضيي سنة 2023
إحتفت الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة في حفلها السنوي الخاص بالإعلان عن الفائزين باستفتاء "الإذاعة الوطنية" لأحسن رياضيي السنة بالمغرب، اليوم الأحد 7 يناير 2024 بالرباط، بنخبة من الأبطال والنجوم الرياضيين، الذين برزوا وتميزوا وطنيا وقاريا ودوليا في عدد من المنافسات الرياضية سنة 2023.وحسب بلاغ صادر عن الشركة٬ فقد تم تتويج خديجة المرضي، الفائزة بالميدالية الذهبية لبطولة العالم في الملاكمة وبطولة إفريقيا للملاكمة، بجائزة أحسن رياضية لسنة 2023، فئة الإناث، وسفيان البقالي، الفائز بالميدالية الذهبية لبطولة العالم في 3000 متر موانع، بجائزة أحسن رياضي للسنة ذاتها، فئة الذكور. وجاء هذا التتويج بعد تصدرهما نتائج الاستفتاء الذي أنجزه طاقم قطاع الرياضة التابع لمديرية الأخبار للإذاعة بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة وسط ممثلي 38 من وسائل الإعلام الوطنية السمعية البصرية، والصحف المطبوعة، والمواقع الإلكترونية؛ وهو الاستفتاء الذي أُنجز في دورته رقم 44، إذ يعود تاريخ الشروع في تنظيمه إلى سنة 1979.وشهد الحفل ذاته تتويج الأبطال الرياضيين الفائزين بالرتب الثانية والثالثة من الجائزة، ويتعلق الأمر في فئة الذكور، بعبد العالي جينا، الفائز بالميدالية الذهبية لبطولة العالم للفنون القتالية والميدالية الذهبية لبطولة إفريقيا، ثاني أحسن رياضي لسنة 2023، و ماتياس سودي، الفائز بالميدالية البرونزية لبطولة العالم للتجديف المتعرج، ثالث أحسن رياضي خلال السنة ذاتها.أما في فئة الإناث، فقد عادت جائزة الرتبة الثانية لأحسن رياضية سنة 2023 إلى فاطمة الزهراء أبو فارس، الفائزة بالميدالية الذهبية لبطولة العالم للفنون القتالية، وتلتها سمية ايراوي، الفائزة بالميدالية الذهبية لبطولة إفريقيا للجيدو، متوجة بجائزة الرتبة الثالثة لأحسن رياضيي سنة 2023. وسيرا على عادة الأحداث التي تنظمها الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، والتي تتميز على الخصوص باتخاذها مناسبة لتجسيد سياستها للتكريم والاعتراف بالفعاليات التي قدمت خدمات جليلة للإعلام الرياضي العمومي بالمغرب، شهد حفل جائزة الإذاعة الوطنية لأحسن رياضيي سنة 2023، تكريم المرحوم الإعلامي امحمد عزاوي (1954-2023).ويعد الراحل امحمد عزاوي، من أعلام قطاع الرياضة بالإذاعة الوطنية، إذ كرس حياته للعمل الإعلامي، ونشط بامتياز برنامج الأحد الرياضي، أقدم البرامج الإذاعية الرياضية في المغرب، كما شغل منصب رئيس مصلحة الرياضة بالإذاعة ابتداء من سنة 1991، فرئيسا للقسم الرياضي، ثم مديرا للإنتاج والبرمجة للإذاعة إلى تاريخ تقاعده سنة 2015.وبمناسبة هذا الحفل، أيضا، أفردت الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة احتفاء خاصا بنخبة من الرياضيين المغاربة بتتويجهم بجوائز التميز، تقديرا واعترافا بإنجازاتهم المتميزة سنة 2023. ويتعلق الأمر بعصام الشرعي، مدرب المنتخب الوطني لكرة القدم لأقل من 23 سنة، وسعيد شيبا، مدرب المنتخب الوطني لكرة القدم لأقل من 17 سنة، وهشام دكيك، مدرب المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة، وغزلان الشباك، عميدة المنتخب الوطني النسوي لكرة القدم، ويحيى عطية الله، لاعب فريق نادي الوداد الرياضي لكرة القدم والمنتخب الوطني لكرة القدم، ووليد الركراكي، مدرب المنتخب الوطني لكرة القدم.يشار إلى أن حفل الإعلان عن الفائزين بجائزة الاستفتاء السنوي للقسم الرياضي بالإذاعة الوطنية لأحسن رياضيي السنة بثت فعالياته مباشرة على أثير "الإذاعة الوطنية"، وتضمن فقرات فنية متنوعة، ومداخلات وشهادات لعدد من الفعاليات الرياضية والإعلامية في حق المتوجين والمكرمين، كما تم فيه تسليط الضوء على إنجازات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المتصلة بدعم الرياضة الوطنية، والانخراط، بتوجيهات من فيصل العرايشي، الرئيس المدير العام، في المواكبة الإعلامية لكل المحطات الوطنية والدولية التي تساهم في الإشعاع الدولي للمغرب.
ساحة

في اليوم العالمي لذوي الإعاقة.. يدير اكيندي يكتب عن الاجتهادات القضائيّة بالمغرب
يدير اكيندي، خبير في مجال التنمية الشاملة وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة يحتفل العالم يوم 3 دسمبر من كل عام باليوم العالمي لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ويحشد هذا اليوم الدعم بشأن قضايا حرجة في مجال شمول ذوي الإعاقة وتعزيز الوعي بشأن قضايهم/هن، واسترعاء الانتباه إلى فوائد إقامة مجتمع شامل ومتاح للجميع. ويتزامن تخليد هذه الذكرى هذه السنة ببلادنا مع صدور مجموعة من الاحكام القضائية عن بعض محاكم المملكة بكل من وجدة الرباط الدار البيضاء اكادير فاس قلعة السراغنة. هده الا حكام المستنيرة والمتميزة جدا، تستحق منا كمغاربة وكمجتمع مدني يشتغل في مجال الإعاقة التنويه والإشادة. لقد اجتهد فيها قضاتنا في استخدام القانون الدولي لحقوق الإنسان و الاتفاقية الدولية لتحقيق العدالة بمفهومها الواسع، ولاستشراف مبادئ عالميّة اكتسبت الحجيّة الوطنية من خلال انضمام المغرب أو مصادقته على طيف واسع من اتفاقيّات، ومعاهدات ومواثيق حقوق الإنسان ، وهو ما اكد عليه المشرع الدستوري سنة 2011 حيث الح على جعل الاتفاقيات الدولية المصادق عليها والمنشورة في الجريدة الرسمية تسمو على التشريعات الوطنية وفي هذا الإطار وانطلاقا من ضرورة محاربة التمييز ضد الأشخاص في وضعية إعاقة بكل أشكاله والعمل على فرض الإدماج قانونيا باعتباره حقا وليس ميزة فانه يشرفنا والمغرب يخلد باليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة ان نتقاسم مع القراء الكرام مجموعة من الاحكام الصادرة عن بعض محاكم المغرب. وهكذا فبتاريخ 26/09/2023، أصدرت المحكمة الابتدائية بوجدة حكما مبدئيا يتعلق بتطبيق اتفاقية الأشخاص في وضعية إعاقة حيث اعتبرت أن وصف فتاة بأنها معاقة في سياق معين يعتبر سبا وتمييزا، معتبرة أنّ الإعاقة تحدث بسبب التفاعل بين الأشخاص والحواجز والبيئات المحيطة التي تحول دون مشاركتهم الكاملة في مجتمعهم وقد قررت النيابة العامة متابعة المتهم من أجل جنحة السب العلني في حقّ امرأة طبقا للفصل 443 من مجموعة القانون الجنائي. ان هذا الحكم ي يمكن اعتباره من بين التطبيقات القضائية الصادرة عن المحاكم المغربية في المجال الزجري المستند على اتفاقية الأشخاص في وضعية إعاقة والذي نجده مستندا الى المواد 3 و4 و 8 و التي تنص على احترام الفوارق وقبول الأشخاص ذوي الإعاقة كجزء من التنوع البشري والطبيعة البشرية؛ و تحثّ على اتخاذ كافة التدابير للقضاء على التمييز على أساس الإعاقة من جانب أي شخص و تلح على اعتماد تدابير فورية وفعالة وملائمة من أجل تعزيز كرامة الأشخاص ذوي الإعاقة ومكافحة القوالب النمطية وأشكال التحيز والممارسات الضارة لهم في جميع مجالات الحياة . وهو ما ينسجم مع عدة اجتهادات دولية مماثلة تعتبر أن في استعمال مصطلح “معاق” في وصف شخص معين قد ينمّ “على تحيّز أو إجحاف أو تمييز يعكس النظرة الدونيّة للأشخاص في وضعيّة إعاقة في وسط اجتماعي يسعى لإقصائهم وتقييدهم ووضعهم في وضع عوائق أمامهم” الادارية بالرباط قد اقرت مؤخرا حكما يعتبر من بين الأحكام القضائية المبدئية الحديثة وعلى نفس النهج كانت المحكمة الذي أقر مبدأ حظر التمييز في التوظيف بالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقة، إعمالا لنص الدستور ولا سيما الفصل 34 منه الذي يفرض على السلطات العمومية تيسير تمتع الأشخاص في وضعية إعاقة بالحقوق والحريات المعترف بها للجميع، وكذا الاتفاقية الدولية الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة، والبروتوكول الاختياري المتعلق بها في المادة 27 والتي تنص على حظر التمييز على أساس الإعاقة فيما يختص بجميع المسائل المتعلقة بكافة أشكال العمالة ومنها شروط التوظيف. اعتمدت المحكمة الإدارية بالرباط لمعالجة هذه القضية على مقتضيات من الدستور ومن الاتفاقيات الدولية ومن القانون الداخلي، وجاء في حكمها: وحيث ينص الفصل 34 من الدستور على أن "السلطات العمومية تقوم بوضع وتفعيل سياسات موجهة إلى الأشخاص والفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة. ولهذا الغرض، تسهر خصوصا على ما يلي: – إعادة تأهيل الأشخاص الذين يعانون من إعاقة جسدية، أو حسية حركية، أو عقلية، وإدماجهم في الحياة الاجتماعية والمدنية، وتيسير تمتعهم بالحقوق والحريات المعترف بها للجميع. وحيث تنص الاتفاقية الدولية الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة المصادق عليها من طرف المغرب وعلى البروتوكول الاختياري المتعلق بها في مادتها 27 على حظر التمييز على أساس الإعاقة فيما يختص بجميع المسائل المتعلقة بكافة أشكال العمالة ومنها شروط التوظيف والتعيين والعمل واستمرار العمل والتقدم الوظيفي وظروف العمل الآمنة والصحية، وتحث الدول الأعضاء على تعزيز فرص العمل الحر ومباشرة الأعمال الحرة وتشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاع العام وكذا القطاع الخاص من خلال انتهاج سياسات واتخاذ تدابير مناسبة. وحيث تنص المادة 14 من القانون الإطار رقم 97.13 الصادر بتاريخ 27/04/2016 المتعلق بحماية الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها على أنه: "لا يجوز حرمان أي شخص في وضعية إعاقة من حقه في الشغل، إذا توفرت فيه المؤهلات اللازمة للاستفادة من هذا الحق، ولا يمكن اعتبار الإعاقة سببا يحول دون تولي الشخص في وضعية إعاقة مهام المسؤولية، كلما توفرت فيه الشروط اللازمة لذلك، على قدم المساواة مع باقي المترشحين لتولي هذه المهام". وحيث إنه استنادا إلى ذلك، فإنه لا يجوز اعتبار الإعاقة سببا لحرمان الأشخاص من ممارسة الوظائف العامة أو الخاصة أو ممارسة المهن الحرة، طالما توفرت فيهم الشروط المطلوب استيفاؤها بالنسبة لكافة المترشحين للوظائف المعنية على قدم المساواة. وفيما يخص حق الولوج والوصول فقد أصدرت المحكمة الإدارية بفاس، حكما يقضي بإزالة أبواب فولاذية دوارة بمداخل ومخارج الحافلات، كانت تعيق ولوج ذوي الإعاقة للحافلة والاستفادة من هذه الخدمة العمومية. ويعتبر هذا الحكم بـ ـ” الرائد في مجال تفعيل معايير حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا عموما، والمعايير المتعلقة بحظر التمييز ضد ذوي الإعاقة على وجه الخصوص”. وتعود فصول القضية إلى تاريخ 23/10/2017 حينما تقدم أحد المتقاضين من ذوي الاحتياجات الخاصة بدعوى أمام المحكمة الإدارية بفاس في مواجهة رئيس الحكومة، وعدد من الوزارات من بينها وزارة الداخلية، والتجهيز والنقل واللوجستيك، والمرأة والأسرة والتضامن، والجماعة الحضرية لفاس، للمطالبة بإزالة بوابات فولاذية دوارة وضعتها إحدى الشركات التي تشرف على النقل العمومي في مداخل ومخارج حافلاتها. واستند المدعي في دعواه إلى كون الجهات المدعى عليها خرقت الالتزامات الدولية للمغرب في مجال حق ذوي الإعاقة في الولوج إلى مرفق النقل، كما خرقت دستور 2011 فيما يخص حقوق ذوي الإعاقة والقوانين ذات الصلة، كما لم تحترم بنود عقد التدبير المفوض الذي يلزم الشركة بتوفير حافلات تحترم حقوق المعاقين في الولوج إليها. وأجابت الجماعة الحضرية بفاس بعدم مسؤوليتها كمفوضة، محملة كامل المسؤولية للشركة المفوض لها، التي تمسكت بكون وضع بوابات فولاذية دوارة بحافلات النقل هدفها الحد من تملص بعض الركاب من أداء قيمة التذاكر والتقليص من عدد المستخدمين المكلفين بالمراقبة، ملتمسة رفض الطلب. وبتاريخ 26/12/2017 أصدرت المحكمة الإدارية بفاس حكمها وقضت بإزالة الأبواب الفولاذية الدوارة من الحافلات تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 500 درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ، مع أداء تعويض رمزي قدره درهم مع تحميلها الصائر. ودائما في مجال حق الوصول وبتاريخ 25 سبتمبر 2023، أصدرت المحكمة الابتدائية المدنية بالدار البيضاء حكما مبدئيا قضى بإلزام وكالة بنكية بإحداث ولوجيات وشباك إلكتروني بشكل يلائم الأشخاص في وضعية إعاقة حركية، تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 100 درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ. هذا الحكم يُعيد إلى الواجهة الإشكاليات التي تواجه الأشخاص في وضعية إعاقة ببلدان المنطقة في ممارسة حقوقهم اليومية رغم تمتعهم بالأهلية المدنية الكاملة قانونا، نتيجة عدم اتخاذ إجراءات مواكبة لتسهيل إدماجهم في الحياة العامة وممارستهم لكافة حقوقهم. وعليه خلصت المحكمة الى أن طلب إحداث شبّاك إلكتروني يلائم وضعية الأشخاص المعاقين يبقى مبررا، استنادا على: المادة 27 من القانون رقم 07.92 المتعلق بالرعاية الاجتماعية للأشخاص المعاقين التي تنص على أنه: “يجب عند إحداث أو ترميم المنشآت العامة من بنايات وطرق وحدائق عمومية، أن يتمّ تجهيزها بممرات ومصاعد ومرافق تسهّل استعمالها وولوجها من طرف المعاقين”. المادة 11 من قانون 10.03 المتعلق بالولوجيات التي تنص على أنه: “عندما تقتضي وظيفة المبنى المفتوح للعموم استعمال شبابيك أو رفوف أو منضدات للكتابة، يجب توفير نسبة من هذه الشبابيك أو الرفوف أو المنضدات يمكن استعمالها من طرف الأشخاص المتنقلين على كراسٍ متحركة، وذلك وفق المقتضيات التقنية التي تحددها السلطة التنظيمية”. المادة 6 من مرسوم 2.11.246 المتعلق بتطبيق قانون الولوجيات التي تنص على أنه:” عندما تقتضي وظيفة المبنى المفتوح للعموم استعمال شبابيك أو رفوف أو منضدات للكتابة، يجب توفير نسبة واحد من أصل عشرة من هذه التجهيزات يمكن استعمالها من طرف الأشخاص المعاقين”. يعتبر هذا الحكم القضائي من بين التطبيقات القضائية النادرة لقانون الولوجيات وقانون الرعاية الاجتماعية للأشخاص المعاقين، ويعتبر من بين الحالات النادرة التي يتم فيها اللجوء إلى القضاء لطلب إعمال النصوص القانونية المتعلقة بحماية الأشخاص في وضعية إعاقة. من المأمول أن يسهم نشر هذه الاجتهادات القضائية في بلادنا تشجيع الأشخاص في وضعية إعاقة على التبليغ عن واللجوء الى سبل الانتصاف القضائية. والتي تؤكد الأهمية القصوى للقضاء بالنسبة لحقوق الإنسان والتي تتحدد بوضوح سواء من خلال علاقة القضاء بالمتقاضين أو من خلال طبيعة عمل القاضي، حيث إن "القضاء هو في حد ذاته حق من حقوق الإنسان، كما تنص على ذلك المواثيق الدولية وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادتيه الثامنة والسابعة، لكنه في الوقت نفسه، هو الضامن الأساسي لحماية حقوق الإنسان الأخرى من الانتهاك". أن معايير حقوق الإنسان تبقى عقيمة وجامدة ما لم تزرع فيها أجهزة إنفاذ القانون والقضاة الروح والحياة، فيكسبونها الحيوية والقوة حتى تبدو حية تلمسها البشرية وتصبح كونيتها واقعية والالتزام بها أخلاقيا قبل أن يكون قانونيا.لقد ظل جواز التقاضي بشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية محط نقاش منذ أمد طويل. العديد من النواحي دون بلوغ تلك الحقوق مرتبتها القانونية الحقيقية. إن بعض القضايا القانونية المحـيطة بجـواز التقاضي بشأنها معقدة، ولكن القبول الدولي بجواز التقاضي بشأنها يشهد تزايدا هائلا وسريعا، لا سيما وأن نظر المحاكم المحلية في مسائل تمسها في العديد من الدول أضحى ظاهرة متكررة. وفي تعليقها العام رقم ،٣تؤكـد لجـنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أن "من بين التدابير التي قد تعتبر مناسبة، إضافة إلى التشريع، توفير سبل التظلم القضائي فيما يتعلق بالحقوق التي يمكن، وفقا للنظام القانوني الوطني، اعتبارها حقوقا يمكـن الاحتجاج بها أمام المحاكم." وأشارت اللجنة إلى أن عددا من مواد العهد يمكن للسلطة القضائية أن تتولى مباشـرةً صونها وإنفاذها، ومن بينها تلك التي تتعلق بعدم التمييز والمساواة بين الرجال والنساء في الحقوق إن تكريس الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية دستوريا بعد انضمام بلدنا إلى مختلف الاتفاقيات الدولية والإقليمية المتصلة بها والمصادقة عليها جعل مسألة تجسيد هذه الحقوق تحديا حقيقيا هذه الحقوق غير المنفصلة وذات الصبغة الكونية تمثل إحدى أكبر اهتمامات المشرعين المعاصرين. وتعتبر بصفتها تلك جزءا لا يتجزأ من القانون الداخلي إن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أصبحت تمثل اليوم جزء مكتملا من قانوننا وتميل إلى أن أ تصبح الجزء الأكثر حراكا وبالتالي وجب العمل على تطبيقها ونشرها والتعريف بها لدى كل المتدخلين وبصفة خاصة ذوي المصلحة وهذا ما يمر حتما عبر التقاضي ان القرارات القضائية تقييد الضوابط، وتفسر القوانين القائمة، وتسد الثغرات التشريعية، مما يسهم في ضمان حماية فعّالة للحقوق الأساسية لجميع الأفراد، بغض النظر عن وضعهم الجسدي أو العقلي. ويتجاوز تأثير المحاكم حل القضايا الفردية، بل تشكل السياسات العامة وتوجّه المجتمع نحو فهم أعمق وأكثر احترامًا لحقوق الأشخاص في وضع الإعاقة. من خلال تعزيز سيادة القانون، تلعب المحاكم دوراً حيوياً في بناء مجتمع شامل، عادل، ومحترم تماماً لكرامة الإنسان.
ساحة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

السبت 18 مايو 2024
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة