الاثنين 31 مارس 2025, 05:25

ساحة

احمد نور الدين يكتب.. هل تتكرر تجربة المعسكر الشرقي مع النظام الجزائري؟


كشـ24 نشر في: 7 ديسمبر 2024

ما قامت به الجزائر يوم السبت 23 نونبر 2024، فيما أسمته يوم الريف، من احتضان لشرذمة من النكرات وشذاذ الآفاق للمطالبة بفصل جزء من شمال المغرب، لا يمكن أن نصفه إلا بالجريمة الموصوفة التي تنضاف إلى سجل جرائم العدوان والغدر والخيانة والتحريض التي يقترفها النظام الجزائري ضد المغرب شعباً ودولة : عدوان على سيادة المغرب وتاريخه وحضارته، وخيانة للعهود والاتفاقات العديدة المبرمة بين البلدين منذ اتفاق 1961 مع الحكومة الجزائرية المؤقتة مروراً باتفاقية باماكو 1963 وباقي الاتفاقيات الأخرى، وصولاً إلى معاهدة إنشاء الاتحاد المغاربي 1989 التي تمنع احتضان أي تيار أو تنظيم معارض يهدف إلى المساس بسيادة أو استقرار بلد مغاربي أو يهدد نظامه السياسي.

ولا يجب أن نعتبر –نحن المغاربة- يوم الريف حادثة عابرة أو زلّة غير مدروسة، فجرائم الجزائر تندرج ضمن سياسة وعقيدة الدولة الجزائرية منذ نشأتها سنة 1962، والدليل على ذلك تجدونه في التصريحات المُوثقة بالصوت والصورة لرؤسائها التسعة من أحمد بن بلة إلى عبد المجيد تبون. والدليل الآخر الذي لا يجادل فيه اثنان، تجدونه، ليس في الأقوال والخطب، بل في الأفعال العدائية التي تسير في خط متصل، ومنحىً تصاعدي منذ استقلال جارتنا الشرّ-قيّة عن فرنسا ببضعة شهور إلى اليوم.

فقبل أن تجفّ دماء الشهداء المغاربة الذين سقطوا إلى جانب الجزائريين في ثورة التحرير، سارعت الجزائر إلى شن هجوم على المركز الحدودي المغربي حاسي بيضا حيث ذبحت 10 جنود من "المخازنية" ، فكانت تلك الاعتداءات هي الشرارة التي أشعلت ما أصبح يعرف بحرب الرمال التي استمرت ثلاثة أسابيع وتوسع الهجوم ليشمل تنجوب وفكيك وإيش. وفوق ذلك أضافت إليها الجزائر جريمة أخرى وهي تضليل الرأي العام بادعائها زوراً وبهتاناً ان المغرب هو من كان سباقاً للهجوم في تلك الحرب، وهون نفس أسلوب الكذب الرسمي الذي نهجته سنة 2021 حين زعمت أنّ المغرب أشعل النيران في غابات تزي وزّو التي تبعد عن حدودنا بأزيد من 600 كلم.

واستمرت الاعتداءات العسكرية الجزائرية المباشرة كما هو معروف في معركة أمغالا الأولى والثانية سنة 1976، ثمّ بواسطة الميليشيات الانفصالية إلى غاية 1988، وبعد توقف لبضع سنوات في بداية العشرية السوداء، عاد التصعيد سنة 1994 مع الحادث الإرهابي في مراكش، وتواصلت الاعتداءات إلى أن وصلنا إلى قتل الشبّان المغاربة الثلاثة وهم يلعبون بدراجاتهم المائية في شاطئ السعيدية، مروراً بمقتل آلاف الشهداء خلال حرب الاستنزاف في الصحراء المغربية، وقتل رعاة الغنم على الحدود في حوادث متكررة كل سنة، وطرد المزارعين من أراضيهم التاريخية في واحة العرجا سنة 2021، والقائمة طويلة تستعصي على الحصر والعدّ.

بإمكاننا أن نقول بأنّ ما أقدمت عليه الجزائر يوم 21 نونبر هو بمثابة آخر الطلقات، فالجزائر باختلاق حركة انفصالية في شمال المغرب، إنما تريد الهروب إلى الأمام، لإدراكها أنها خسرت ورقة الانفصال في الجنوب. وتحركها الأخير في الريف هو اعتراف ضمني بهزيمتها في الصحراء المغربية، بل إنها من حيث لا تدري تُذكّر العالم بأنّ المغرب تعرّض لتقسيم أراضيه بين قوتين استعماريتين هما إسبانيا في الريف والصحراء، وفرنسا في باقي الأقاليم. كما أنها تعطي الحجة للعالم أنّ هدفها ليس تقرير المصير المُفترى عليه، وإنما ضرب مصالح المغرب وتفتيت وحدته بأي طريقة كانت، وهذا ما اعترف به هواري بومدين نفسه في أحد خطاباته حين أكد بأن قضية الصحراء سيجعل منها "حًجَراً في حذاء المغرب".

لقد فقدت الجزائر توازنها بعد اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء، والذي أدى إلى اعتراف القوتين الاستعماريتين فرنسا وإسبانيا اللتان كانتا وراء تقسيم أراضي المملكة المغربية إلى مناطق نفوذ، بالإضافة إلى تقلص عدد الداعمين للمشروع الانفصالي إلى أقل من 27 دولة بعد سحب بنما اعترافها بجمهورية ابن بطوش المعلنة في تندوف. وحتى الدول التي لا زالت تعترف بالكيان الوهمي أصبحت تلتزم الصمت والحياد باستثناء جنوب إفريقيا وبدرجة أقل فنزويلا. وقد رأينا كيف لم تصوت موزمبيق ضد قرار مجلس الأمن 2756 حول الصحراء في نهاية أكتوبر 2024، واكتفت بالامتناع عن التصويت. وهو نفس موقف روسيا التي تعتبرها الجزائر حليفتها الرئيسية، وهذا ما سبب للجزائر إحباطاً دبلوماسياً دفع مندوبها إلى الانسحاب من جلسة التصويت يجر وراءه ذيول الخيبة والهزيمة.

وأمام هذا الوضع الخطير المتعلق بمحاولة استغلال ورقة الريف، يتأكد لكلّ ذي عقل حصيف أننا أمام خيار استراتيجي، مدروس ومستمر في الزمن وعابر لكل الرؤساء والحكومات الجزائرية، يهدف إلى إلحاق الضرر بمصالح المملكة الحيوية بشتى السبل. وقد بينا في مقالاتنا السابقة كيف اعترف الوزير الأول عبد المالك سلاّل أثناء محاكمته بأنه صرف عشرات المليارات من الدنانير لتخريب صناعة السيارات في بلد مجاور، في إشارة للمغرب.

علينا إذن، ألا نغالط أنفسنا بشعار "الدفع بالتي هي أحسن"، ومعاملة من يعتبرنا عدوه الاستراتيجي بالتسامح، فالسياسة ليست مجالاً للنوايا الحسنة ولا للهدايا المجانية. السياسة مجال للتدافع، وليست رهبانية ترفع شعار من "صفعك على خدك الأيمن فأعطه خدك الأيسر".. وفي كلّ الأحوال لقد جرّب المغرب هذا النهج، أعني نهج التسامح وغضّ الطرف واليد الممدودة، طيلة ستة عقود مع جيران السوء، فما زادهم حلمنا إلاّ تجبراً واستكباراً وإصراراً على العدوان.

لذلك سنرتكب حماقة كبرى إذا أعدنا نفس أخطاء الماضي وانطلقنا من نفس المقدمات ثم انتظرنا تغييراً لدى الطرف الآخر. والحلّ المنطقي والعقلاني الذي يفرض نفسه في هذه الحالة، يقتضي أن نغير النهج والمقاربة إذا كنّا نريد فعلاً تصحيح الوضع الخطأ في العلاقات بين البلدين. وهذا يستلزم منّا ألاّ نقف مكتوفي الأيدي وننتظر نزول معجزة المصالحة من السماء، بل علينا أن نستعمل كل الإمكانات المتاحة لردع العدوان وأن نسعى لتحييد خطره وإزالة تهديداته التي لم تتغير طيلة ستين سنة كاملة.

وتفادياً لكل تأويل مُغرض، أؤكد أنني لا أدعو إلى الحرب وإن كان من الحزم والحكمة الاستعداد لها من أجل تحقيق السلام وحمايته، ولكن هناك ألف طريقة وطريقة لردع العدوان دون أن ننجرّ بالضرورة إلى حرب عسكرية مباشرة تريدها الجزائر للتنفيس عن البركان الذي يغلي في أحشائها شعبياً منذ الحراك، وعسكرياً من خلال الصراع الدموي بين الجنرالات الذين تمت تصفية جزء منهم جسدياً ومنهم الجنرال قايد صالح، وفرّ جزء ثاني إلى إسبانيا أو فرنسا ومنهم الجنرال بلقصير قائد الدرك، في حين يقبع العشرات منهم في السجون، وآخرهم الجنرال جبار مهنا مدير الاستخبارات الخارجية الذي اعتقل قبل حوالي شهر.

لذلك، وفي مواجهة عدوّ يقاتل شعبه، ويتقاتل جنرالاته فيما بينهم، ويعاني من هشاشة الريع اقتصاده، وفاقد لتوازنه، ولا توجد لُحمة بين مناطقه التي صنعها الاستعمار الفرنسي صنعاً واقتطعها من الجوار اقتطاعاً، ما علينا إلاّ أن ندفع باتجاه استكمال الشروط الداخلية والموضوعية لسقوط النظام العسكري الجزائري وبرمجة انفجاره الذاتي. ولنا في تجربة الحرب الباردة بين واشنطن وموسكو خير مثال، فقد تهاوى جدار برلين ومعه تهاوت كل دول أوربا الشرقية التي أدخلتها أمريكا بيت الطاعة بما في ذلك بعض جمهوريات الاتحاد السوفييتي التي أصبحت جزءً من حلف الناتو.

هذا نموذج للحرب غير التقليدية أثبت نجاحه، وما علينا إلاّ أن نسعى إلى أقلمته مع بيئتنا المجاورة، وهذا يتطلب جهداً داخلياً وتعاوناً استراتيجياً مع حلفائنا. فهل نستفيد من التجارب ودروس التاريخ؟ أم أنّنا سنعيد ارتكاب أخطاء الماضي لتنفجر ألغامها في وجه أجيال المستقبل؟

ما قامت به الجزائر يوم السبت 23 نونبر 2024، فيما أسمته يوم الريف، من احتضان لشرذمة من النكرات وشذاذ الآفاق للمطالبة بفصل جزء من شمال المغرب، لا يمكن أن نصفه إلا بالجريمة الموصوفة التي تنضاف إلى سجل جرائم العدوان والغدر والخيانة والتحريض التي يقترفها النظام الجزائري ضد المغرب شعباً ودولة : عدوان على سيادة المغرب وتاريخه وحضارته، وخيانة للعهود والاتفاقات العديدة المبرمة بين البلدين منذ اتفاق 1961 مع الحكومة الجزائرية المؤقتة مروراً باتفاقية باماكو 1963 وباقي الاتفاقيات الأخرى، وصولاً إلى معاهدة إنشاء الاتحاد المغاربي 1989 التي تمنع احتضان أي تيار أو تنظيم معارض يهدف إلى المساس بسيادة أو استقرار بلد مغاربي أو يهدد نظامه السياسي.

ولا يجب أن نعتبر –نحن المغاربة- يوم الريف حادثة عابرة أو زلّة غير مدروسة، فجرائم الجزائر تندرج ضمن سياسة وعقيدة الدولة الجزائرية منذ نشأتها سنة 1962، والدليل على ذلك تجدونه في التصريحات المُوثقة بالصوت والصورة لرؤسائها التسعة من أحمد بن بلة إلى عبد المجيد تبون. والدليل الآخر الذي لا يجادل فيه اثنان، تجدونه، ليس في الأقوال والخطب، بل في الأفعال العدائية التي تسير في خط متصل، ومنحىً تصاعدي منذ استقلال جارتنا الشرّ-قيّة عن فرنسا ببضعة شهور إلى اليوم.

فقبل أن تجفّ دماء الشهداء المغاربة الذين سقطوا إلى جانب الجزائريين في ثورة التحرير، سارعت الجزائر إلى شن هجوم على المركز الحدودي المغربي حاسي بيضا حيث ذبحت 10 جنود من "المخازنية" ، فكانت تلك الاعتداءات هي الشرارة التي أشعلت ما أصبح يعرف بحرب الرمال التي استمرت ثلاثة أسابيع وتوسع الهجوم ليشمل تنجوب وفكيك وإيش. وفوق ذلك أضافت إليها الجزائر جريمة أخرى وهي تضليل الرأي العام بادعائها زوراً وبهتاناً ان المغرب هو من كان سباقاً للهجوم في تلك الحرب، وهون نفس أسلوب الكذب الرسمي الذي نهجته سنة 2021 حين زعمت أنّ المغرب أشعل النيران في غابات تزي وزّو التي تبعد عن حدودنا بأزيد من 600 كلم.

واستمرت الاعتداءات العسكرية الجزائرية المباشرة كما هو معروف في معركة أمغالا الأولى والثانية سنة 1976، ثمّ بواسطة الميليشيات الانفصالية إلى غاية 1988، وبعد توقف لبضع سنوات في بداية العشرية السوداء، عاد التصعيد سنة 1994 مع الحادث الإرهابي في مراكش، وتواصلت الاعتداءات إلى أن وصلنا إلى قتل الشبّان المغاربة الثلاثة وهم يلعبون بدراجاتهم المائية في شاطئ السعيدية، مروراً بمقتل آلاف الشهداء خلال حرب الاستنزاف في الصحراء المغربية، وقتل رعاة الغنم على الحدود في حوادث متكررة كل سنة، وطرد المزارعين من أراضيهم التاريخية في واحة العرجا سنة 2021، والقائمة طويلة تستعصي على الحصر والعدّ.

بإمكاننا أن نقول بأنّ ما أقدمت عليه الجزائر يوم 21 نونبر هو بمثابة آخر الطلقات، فالجزائر باختلاق حركة انفصالية في شمال المغرب، إنما تريد الهروب إلى الأمام، لإدراكها أنها خسرت ورقة الانفصال في الجنوب. وتحركها الأخير في الريف هو اعتراف ضمني بهزيمتها في الصحراء المغربية، بل إنها من حيث لا تدري تُذكّر العالم بأنّ المغرب تعرّض لتقسيم أراضيه بين قوتين استعماريتين هما إسبانيا في الريف والصحراء، وفرنسا في باقي الأقاليم. كما أنها تعطي الحجة للعالم أنّ هدفها ليس تقرير المصير المُفترى عليه، وإنما ضرب مصالح المغرب وتفتيت وحدته بأي طريقة كانت، وهذا ما اعترف به هواري بومدين نفسه في أحد خطاباته حين أكد بأن قضية الصحراء سيجعل منها "حًجَراً في حذاء المغرب".

لقد فقدت الجزائر توازنها بعد اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء، والذي أدى إلى اعتراف القوتين الاستعماريتين فرنسا وإسبانيا اللتان كانتا وراء تقسيم أراضي المملكة المغربية إلى مناطق نفوذ، بالإضافة إلى تقلص عدد الداعمين للمشروع الانفصالي إلى أقل من 27 دولة بعد سحب بنما اعترافها بجمهورية ابن بطوش المعلنة في تندوف. وحتى الدول التي لا زالت تعترف بالكيان الوهمي أصبحت تلتزم الصمت والحياد باستثناء جنوب إفريقيا وبدرجة أقل فنزويلا. وقد رأينا كيف لم تصوت موزمبيق ضد قرار مجلس الأمن 2756 حول الصحراء في نهاية أكتوبر 2024، واكتفت بالامتناع عن التصويت. وهو نفس موقف روسيا التي تعتبرها الجزائر حليفتها الرئيسية، وهذا ما سبب للجزائر إحباطاً دبلوماسياً دفع مندوبها إلى الانسحاب من جلسة التصويت يجر وراءه ذيول الخيبة والهزيمة.

وأمام هذا الوضع الخطير المتعلق بمحاولة استغلال ورقة الريف، يتأكد لكلّ ذي عقل حصيف أننا أمام خيار استراتيجي، مدروس ومستمر في الزمن وعابر لكل الرؤساء والحكومات الجزائرية، يهدف إلى إلحاق الضرر بمصالح المملكة الحيوية بشتى السبل. وقد بينا في مقالاتنا السابقة كيف اعترف الوزير الأول عبد المالك سلاّل أثناء محاكمته بأنه صرف عشرات المليارات من الدنانير لتخريب صناعة السيارات في بلد مجاور، في إشارة للمغرب.

علينا إذن، ألا نغالط أنفسنا بشعار "الدفع بالتي هي أحسن"، ومعاملة من يعتبرنا عدوه الاستراتيجي بالتسامح، فالسياسة ليست مجالاً للنوايا الحسنة ولا للهدايا المجانية. السياسة مجال للتدافع، وليست رهبانية ترفع شعار من "صفعك على خدك الأيمن فأعطه خدك الأيسر".. وفي كلّ الأحوال لقد جرّب المغرب هذا النهج، أعني نهج التسامح وغضّ الطرف واليد الممدودة، طيلة ستة عقود مع جيران السوء، فما زادهم حلمنا إلاّ تجبراً واستكباراً وإصراراً على العدوان.

لذلك سنرتكب حماقة كبرى إذا أعدنا نفس أخطاء الماضي وانطلقنا من نفس المقدمات ثم انتظرنا تغييراً لدى الطرف الآخر. والحلّ المنطقي والعقلاني الذي يفرض نفسه في هذه الحالة، يقتضي أن نغير النهج والمقاربة إذا كنّا نريد فعلاً تصحيح الوضع الخطأ في العلاقات بين البلدين. وهذا يستلزم منّا ألاّ نقف مكتوفي الأيدي وننتظر نزول معجزة المصالحة من السماء، بل علينا أن نستعمل كل الإمكانات المتاحة لردع العدوان وأن نسعى لتحييد خطره وإزالة تهديداته التي لم تتغير طيلة ستين سنة كاملة.

وتفادياً لكل تأويل مُغرض، أؤكد أنني لا أدعو إلى الحرب وإن كان من الحزم والحكمة الاستعداد لها من أجل تحقيق السلام وحمايته، ولكن هناك ألف طريقة وطريقة لردع العدوان دون أن ننجرّ بالضرورة إلى حرب عسكرية مباشرة تريدها الجزائر للتنفيس عن البركان الذي يغلي في أحشائها شعبياً منذ الحراك، وعسكرياً من خلال الصراع الدموي بين الجنرالات الذين تمت تصفية جزء منهم جسدياً ومنهم الجنرال قايد صالح، وفرّ جزء ثاني إلى إسبانيا أو فرنسا ومنهم الجنرال بلقصير قائد الدرك، في حين يقبع العشرات منهم في السجون، وآخرهم الجنرال جبار مهنا مدير الاستخبارات الخارجية الذي اعتقل قبل حوالي شهر.

لذلك، وفي مواجهة عدوّ يقاتل شعبه، ويتقاتل جنرالاته فيما بينهم، ويعاني من هشاشة الريع اقتصاده، وفاقد لتوازنه، ولا توجد لُحمة بين مناطقه التي صنعها الاستعمار الفرنسي صنعاً واقتطعها من الجوار اقتطاعاً، ما علينا إلاّ أن ندفع باتجاه استكمال الشروط الداخلية والموضوعية لسقوط النظام العسكري الجزائري وبرمجة انفجاره الذاتي. ولنا في تجربة الحرب الباردة بين واشنطن وموسكو خير مثال، فقد تهاوى جدار برلين ومعه تهاوت كل دول أوربا الشرقية التي أدخلتها أمريكا بيت الطاعة بما في ذلك بعض جمهوريات الاتحاد السوفييتي التي أصبحت جزءً من حلف الناتو.

هذا نموذج للحرب غير التقليدية أثبت نجاحه، وما علينا إلاّ أن نسعى إلى أقلمته مع بيئتنا المجاورة، وهذا يتطلب جهداً داخلياً وتعاوناً استراتيجياً مع حلفائنا. فهل نستفيد من التجارب ودروس التاريخ؟ أم أنّنا سنعيد ارتكاب أخطاء الماضي لتنفجر ألغامها في وجه أجيال المستقبل؟



اقرأ أيضاً
يونس مجاهد يكتب: مصداقية الخبر وطُعم النقرات
موضوع مصداقية الأخبار ليست جديدا في ثقافتنا، بل إنه متجذر فيها، وهناك مرجعيات كثيرة تحيلنا على الأهمية القصوى التي أوليت للفرق بين الخبر الصادق والخبر الكاذب في تراثنا، و لا أدل على ذلك من الآية الكريمة " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ". فالعودة لهذه المرجعيات سيكون مفيدا في مقاومة المد الجارف للتضليل والأخبار الملفقة والإثارة الرخيصة، التي يسعى تجار شبكات التواصل الاجتماعي إلى جعلها وسيلة للتشهير والإساءة، ومصدر اغتناء، غير عابئين بالقيم النبيلة التي من المفترض أن نتقاسمها كمجتمع. إن العودة إلى مرجعيتنا الحضارية والثقافية كفيل بأن يساهم إلى حد كبير في توفير وسائل وأدوات مقاومة الإتجار الرخيص في حرية التعبير، ففي مقدمة ابن خلدون التي أسست لعلم العمران البشري، هناك تدقيق مذهل لضرورة التمحيص في الأخبار، حيث يقول إنه من الضروري التمحيص والنظر في الخبر، حتى يتبين صدقه من كذبه، لأن الابتعاد عن الانتقاد والتمحيص يقع في قبول الكذب ونقله. ويضيف أن من الأسباب المقتضية للكذب في الأخبار، أيضا، الثقة بالناقلين، وتمحيص ذلك يرجع إلى التعديل والتجريح. ومنها الذهول عن المقاصد، فكثير من الناقلين لا يعرف القصد بما عاين أو سمع، وينقل الخبر على ما في ظنه وتخمينه، فيقع في الكذب. إن ابن خلدون، الذي سبق عصره، يتحدث هنا عن مصادر الأخبار، التي يعتبر أنه من غير الممكن تصديق ما تنقله بدون إعمال العقل النقدي. وهو من صميم العمل الصحافي، حيث أن التأكد من مصادر الأخبار ومدى مصداقيتها، هو جوهر المهنة، وهو أيضا ما يدرس اليوم في التربية على الإعلام، إذ أن أهم مبدأ يوصى به هو عدم تصديق أي "خبر"، إلا بعد التأكد من المصادر، أولا، ثم التمحيص والنظر في هذا الخبر، كما يقول ابن خلدون، ثانيا، لغربلته وإخضاعه للعقل والمنطق. وفي هذا الإطار، تؤكد التجربة، أنه لا يمكن للمجتمعات أن تستغني عن الصحافة المهنية، في تداول الأخبار، لأنها تكون صادرة عن صحافيين محترفين، يتوفرون على تكوين وخبرة ومستوى علمي، والأهم من ذلك، أنهم يشتغلون في بيئة صحافية، أي ضمن هيئة تحرير وميثاق أخلاقيات وقواعد العمل الصحافي. ولا يمكن لشبكات التواصل الاجتماعي أوما يسمي ب"المؤثرين"، أن تعوض العمل الصحافي الاحترافي، بحجة أنها "صحافة مستقلة"، فليس هناك إلا صحافة واحدة، إما أن تكون احترافية موضوعية وذات مصداقية، تعمل طبقا لأساسيات مهنة الصحافة وتقاليدها، أو لا تكون. الصحافي الحقيقي، كالمؤرخ، يقول عبد الله العروي، في كتابه "مفهوم التاريخ"، إذ يعتبر أن العديد من الملاحظين يشبهون الصحافي بالمؤرخ، فيقال إن الأول مؤرخ اللحظة، بينما الثاني صحافي الماضي، كلاهما يعتمد على مخبر، وكلاهما يؤول الخبر ليعطيه معنى، الفرق بينهما هو المهلة المخولة لكل واحد منهما، إذا ضاقت تحول المؤرخ إلى صحافي، وإذا عاد الصحافي إلى الأخبار وتأملها بعد مدة تحول إلى مؤرخ، أما إشكالية الموضوعية وحدود "إدراك الواقع كما حدث"، فهي واحدة بالنسبة لهما معا. والمقصود هنا، حسب العروي، هو أن كلا من الصحافي والمؤرخ، عليهما تحري الدقة في الأخبار والحوادث المنقولة، واعتماد المصادر الموثوقة، مثل التغطية الميدانية وشهود العيان أو معايشة الأحداث، بالإضافة إلى الوثائق والآثار الدالة على ما حصل... هذه هي الصحافة المستقلة، عن التلفيق والكذب والإثارة المجانية واستجداء عدد النقرات. ويعتبر اليوم "طُعم النقرات "clickbait، من الآفات الكبرى التي أصابت الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبح العديد ممن يسعون إلى تحقيق الأرباح، بأية وسيلة، اللجوء إلى تشويه الحقيقة وتقويض القيم الصحفية التقليدية، مثل الدقة والموضوعية والشفافية، همهم الوحيد هو الدخول في مهاترات وجدل عقيم، و اعتماد عناوين مثيرة، و كتابة أو بث كل ما يمكن أن يثير الفضول بدون معنى أو محتوى و بدون مصدر موثوق، كتاباتهم أو احاديثهم تتضمن تناقضات كثيرة، لكن كل ذلك يهون، بالنسبة لهم، أمام ما يمكن أن يحققونه من مداخيل. لذلك رفعت العديد من التنظيمات الصحافية في تجارب دولية، شعار؛ "لا تنقر"، أي تجنب طُعم الإثارة التجارية الرخيصة، التي تشوه الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي.
ساحة

ادريس الاندلسي يكتب.. نباح دبلوماسي يروج لحل “تقسيم ” الصحراء
نشرت إحدى صديقات حكام الجزائر مقالا في مجلة "فورين افيرز" (شؤون خارجية) التي يصدرها مجلس السياسية الخارجية الذي يعتبر مركزا للتفكير وللتأثير على القرار في أمريكا، وحاولت كاتبة المقال، غير ذات تجربة طويلة، إظهار متابعتها المستمرة لقضية الصحراء وللعلاقات المغربية الجزائرية وأصرت على إعادة الحياة لمقترح الرئيس الراحل بوتفليقة لحل هذه القضية عبر تقسيم الصحراء، وكان ذلك سنة 2006، وكان هدف هذا المقترح هو تشويه الحل السياسي، وتمكين الجزائر من جزء من الصحراء وباب واسع على المحيط الأطلسي وتحقيق أرباح تغطي تمويلات جزائرية للبوليساريو على مدى خمسين عاما. تراجع بوتفليقة بعد أن شعر نظامه أنه كشف أوراقه الحقيقية، وتبخرت خرافة تقرير المصير التي سكنت، كفيروس لا يقهر، كل سياسات الجزائر ومواقفها وخطاباتها. أظهرت كاتبة المقال الذي يروج، من جديد، لعرض التقسيم بكثير من تضخيم قدرات الحركة الانفصالية على الفعل العسكري، حاولت هذه " المجتهدة " المسماة حنا راي امسترونغ، أن تروي حكايتها على الشكل الذي يرتضيه من يهمه أمر التقسيم، ركزت كثيرا على ما تصورته أنه خلاصة " ترسخت " لدى المبعوث الأممي ستيفان دي مستورا، ورددت كثيرا كلمة "تقسيم" لتؤكد أنها فكرة لم تنل أي إهتمام لدى مجلس الأمن، ثم ترجع لتردد عدة مرات أنها" الحل الأقل سوءا". وتستمر في تخيلاتها للتقسيم مع تدقيق المناطق التي ستكون تحت سلطة المغرب، والتي تعتبرها تعويضا عن الاستثمارات التي تم القيام بها، وتركز على إعطاء الانفصاليين شريطا ساحليا م أراضي تصفها بالغنية بالموارد المعدنية.  وتذهب كاتبة المقال بعيدا لاقتراح ضغط يمكن أن تمارسه الولايات المتحدة على المغرب والجزائر على البوليساريو لقبول التقسيم، وتبدو الصياغة متسمة بنوع من " البراءة" التي تهدف إلى تسميم الحل السياسي وإظهار ما يمكن تجنيه الولايات المتحدة الأمريكية إذا استجابت لطموحات الجزائر. وتبين صاحبة المقال براعة في ترجمة مواقف الجزائر و " عرضهم" لمزايا دفع الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في موقفها نظرا للثروات المعنية التي يمكن أن تستغلها، وتذهب إلى حد " كشف" اهتمام الصين بالمنطقة وزيارة رئيسها للمغرب. وهكذا تتحول الجزائر إلى كشف وجهها الجديد القديم " كسمسارة" لم تطلب خدماتها أية دولة عظمى. وتؤكد كاتبة المقال الذي نشرته مجلة معروفة مواقفها اتجاه المغرب ووحدته الترابية، أن " حامل القلم " الحقيقي هو النظام الجزائري السخي إتجاه كل نشر ينطق بهواه، وتزيد صاحبة المقال في اغراق خطابها بالكثير من الكذب حول قدرة الانفصاليين على إشعال الحرب رغم ضعف أسلحتهم، وتؤكد أن هذه الأسلحة هي ما تبقى من ترسانة مولها الراحل القذافي وما "غنمته ميليشياتها " قبل وقف إطلاق النار سنة 1991، وهنا تمنح مجلة " فورين افيرز" براءة للجزائر وتشهد لها بعدم تسليحها للانفصاليين رغم أن راعية البوليساريو لم تنف دعمها لمن تسميهم بحركة مقاومة ودولة تحمل نفس الاسم مع تغيير "الجزائرية بالصحراوية ". وتستمر صديقات حكام الجزائر في تأليف وصف الانفصاليين بأن حركتهم هي الممثل الشرعي لكل سكان الصحراء وتندوف، وتبين موقفها المعادي لمقترح المغرب للحكم الذاتي مكتفية بالإشارة إلى أنه يتكون من ثلاث صفحات، ولا تنسى أن تجنح لتأكيد تفوق المغرب عبر دعم مقترحه من طرف دول كالولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا، ولكنها تؤكد أن البوليساريو قادرة على إشعال الحرب وتحقيق أهدافها كما" فعلت الجزائر للحصول على استقلالها "، هنا يظهر جليا أن صاحب الصياغة معجون بثقافة قصر المرادية وقيادة الجيش. ولم تترك الموقعة على المقال فرصة النشر دون أن تضخم قرار محكمة الإتحاد الأوروبي الخاص بالتبادل التجاري والاتفاقيات الخاصة بالصيد وبالفلاحة، كما أنها ساقت بعض الحالات التي وصفتها بتراجع مستثمرين في مجال البحث عن مصادر الطاقة، ولم تتكلم حاملة قلم الجزائر عن الأخطار التي تهدد أمن منطقة الساحل وشمال أفريقيا، بل اكتفت في نهاية ما اقترفته من سطور لتنذر بإيقاف مهمة المينورسو " المكلفة" خلال جلسات مجلس الأمن في شهر أبريل، وذلك كما حصل في مالي والسودان، وتذهب إلى حد تصور حرب بين الجزائر والمغرب تكون ذات تكلفة كبيرة على الطرفين، وصلت رسالة عبر كاتبة مغمورة على مجلة مأجورة مفادها أن الجزائر تقدس المحيط الأطلسي. ولكن النباح الدبلوماسي لن يمكنها من منفذ لها على مجال فتحه المغرب، بوعي إستراتيجي، ليكون عنصر تطوير الشراكات المربحة للجميع في مجال المبادلات التجارية ونقل مصادر الطاقة عبر دول القارة. وأظهرت المجلة من خلال نشرها لمقال يفتقد إلى معرفة كاتبته لكافة معطيات ملف الصحراء، أنها انحدرت إلى مستوى لا يعكس تاريخها الذي بدأ قبل أكثر من قرن من الزمن.
ساحة

بين السردين و السياسات..علاقة غير سرية
تكاثرت التعاليق حول حادثة إقفال متجر بيع الأسماك المراكشي ثم إعادة فتحه بعد تدخل  والي مراكش. ذهب بعض كبار التجار و المضاربين إلى اعتبار هذه الحادثة مجرد ضجة مصطنعة. ساند هذا الرأي أحد أصحاب المواقع، المعروف بالسباحة ضد التيار  و لو كان منبعا للخير، و أعتبر أن التاجر الشاب سخر" جيوش السردين" للإشهار  و التشهير و تحقيق أرباح كثيرة. و لكن ما لم يكن في الحسبان هو المتابعة الجماهيرية التي حظي بها بائع السردين بخمسة دراهم. و كان من آثار هذه المتابعة  ظهور تيار كبير من ذوي الدخل المحدود الذين تكلموا بكثير من الوعي و الحدة عن مذبحة قدرتهم الشرائية. و هكذا كانت خرجة هذا البائع، المثقل بهم زبناءه  ، أكبر بكثير من التظاهرات  و البلاغات النقابية  و السياسية حول اشتعال الأسعار منذ ما يزيد منذ أزيد سنة  و نصف. وصل " الصهد" إلى الحكومة  و الأحزاب. تحدث عن هذا البائع  و قضيته الناطق الرسمي بإسم الحكومة دون إقناع. و يعني هذا التداول أن الموضوع فرض نفسه و لو على هامش جدول أعمال  مجلس الحكومة. سجلت الساحة السياسية خلال الأسبوع الفارط خرجات حزب الاستقلال في شخص أمينه العام و العضو بالحكومة ، نزار بركة و عضو اللجنة التنفيذية للحزب ،رياض مزور، للكلام عن غلاء الأسعار  و عن دور الوسطاء  و السماسرة في الهيمنة على الهوامش الربحية الكبرى و اغتناءهم على حساب المنتج الحقيقي و المستهلك ذو الدخل المحدود. و أعتبر الكثير من المتتبعين هذه الخرجات استمرارا لشرخ بدأ فعله في الأغلبية الحكومية  وسيستمر إلى ما بعد الانتخابات المقبلة. و لم يترك أي حزب فرصة حل مشكلة تاجر السردين دون"  الادلاء بدلوه" في الموضوع.   أعتبر بايتاس، الناطق الرسمي بإسم الحكومة،  والذي تابع فصول قضية  الشاب المراكشي، أن " هذا هو توجه الحكومة" و أكد على استمرارية أعمال اللجان في مجال المراقبة.  و لكنه لم يوضح موقفه من قضية الأسعار. و ساند رئيس الحكومة السابق، سعد الدين العثماني موقف  و عمل تاجر السردين  و ثمن آثار عمله على حيت قام " بما عجز عنه الكثيرون، و تمكن من تحريك المياه الراكدة". لقد استفحلت المصائب التي يتسبب فيها الوسطاء  و المضاربون.  و أكبر هذه المصائب هي الهجوم على جيوب المواطنين في غياب عمل رقابي مهيكل  و دائم،  و ليس على شكل حملات تتسم بالبهرجة الإعلامية. تتحمل ميزانية الدولة التي يمولها الفقير  و ذو الدخل المتوسط بالأساس، كل أنواع دعم كبار المنتجين  و كبار المستوردين  و من لا قدرة للحكومة على احداث رجة لتحديد هوامش ارباحهم غير  المشروعة و إنصاف الفلاح المنتج  و مربي الماشية  و صانع المنتوجات الغذائية. تصرف المليارات للاستهلاكيات الكبرى كمنح لتكثيف الإنتاج  و الاستجابة للطلب الداخلي أولا. تصل المنتوجات الفلاحية للأسواق الخارجية بأسعار أقل مما يدفعه المستهلك المغربي. تنهك مياهنا الجوفية  و تتضرر اراضيها  و جيوبنا. يكثر الحديث الحكومي المشروخ عن تقديم المزيد لتتناقص أسعار اللحوم، فتكون النتيجة عكس شعارات الحكومة ، وتصل الضربة المؤذية للمواطن. تعتبر مبادرة الشاب المراكشي، بائع السردين ناقوس خطر لكي ينتبه السياسيون المزهوون بحجم أغلبيتهم الحكومية. عليهم قراءة كتب التاريخ  ، و خصوصا ما جاء به المؤرخ الناصري في كتاب " الاستقصا في تاريخ المغرب الأقصى ". أغلب الفترات التاريخية التي فقدت خلالها السلطات المركزية سيطرتها على المدن  و القرى كانت فترات غلاء  و عدم قدرة الناس على تغطية حاجاتهم. و نعيش اليوم في ظل إرتفاع مهول مس اللحوم  و الأسماك  و الخضر  و الفواكه  و كافة المواد الغذائية  و كذلك المواد الطاقية.   و قد انفرجت اسارير الكثير من المغاربة بالقرار الملكي الذي أهاب بالشعب" العزيز إلى عدم القيام بشعيرة أضحية العيد"  و ذلك رفعا " للحرج و الضرر   و إقامة التيسير" . و قد بين هذا القرار أن فئات كبيرة من ذوي الدخل المحدود كان  سيلحقها ضرر أكيد. و لقد أصبح الآن،   و في  ظل تفاعلات كثير من المغاربة مع لهيب الأسعار أن  الأولوية الكبرى هي القوة الشرائية. و أصبح من غير الممكن أن يستمر تغييب المحاسبة  و التقييم عن السياسات العمومية التي لم تحقق أهدافها رغم صرف الملايير من الدراهم عليها. و توجد السياسة الفلاحية باسميها " المغرب الأخضر " و " الجيل الأخضر " في محطة تفرض التقييم  و المحاسبة انسجاما مع مبادئ الدستور المغربي. سهولنا  و جبالنا  و استثماراتنا  و بحارنا رأسمال كبير و مليء بالثروات. أين هي  و لماذا لا تخفف المعاناة عن ذوى الدخل المحدود الذي يريد كيلوغرام سردين بخمسة دراهم،  و لحوما لا يتجاوز سعرها ثمانين درهم ، و خضرا تضمن ربحا للفلاح  و لا يسيطر عليها السمسار و مواد طاقية لا يغتني منها من لا يكررون النفط و يحبون كثيرا استيراده  و بيعه و الاستحواذ على أكبر الأرباح دون مخاطرة  و لا استثمارات كافية لضمان مخزون استراتيجي. من سردينة إلى سياسة عمومية تضيق المسافات بفعل جموح طبقة تغتني  و لا تنتج إلا الأزمات.
ساحة

الخبرة القضائية ودورها في تعزيز النجاعة القضائية: التحديات والآفاق
الخبرة القضائية هي إحدى الأدوات الأساسية التي يعتمد عليها القضاء للفصل في القضايا ذات الطابع التقني والفني، إذ تساهم في تقديم توضيحات علمية تساعد القضاة على اتخاذ قرارات عادلة ومبنية على معطيات دقيقة. إلا أن هذه الآلية تواجه تحديات متعددة تؤثر على فعاليتها، مثل التأخر في صرف مستحقات الخبراء، وصعوبة استخلاص المصروفات، وتعقيد الإجراءات الإدارية. فالكثير من الخبراء يُضطرون إلى الانتظار لفترات طويلة قبل الحصول على مستحقاتهم المالية، حيث تُربط عملية الدفع بانتهاء النزاع القضائي، وهو ما قد يُثقل كاهلهم المالي ويؤثر على جودة العمل الخبراتي. كما أن بعض المحاكم لا تتيح للخبراء استرجاع المصروفات إلا بعد صدور الحكم النهائي، مما يشكل عبئًا إضافيًا عليهم. من جهة أخرى، فإن تعقيد الإجراءات الإدارية، مثل استخراج ورق المصروف، يزيد من معاناة الخبراء الذين يضطرون أحيانًا إلى القيام بإجراءات مطولة لاسترجاع حقوقهم. ولتجاوز هذه التحديات، يُقترح اعتماد نظام دفع مرحلي يضمن حصول الخبراء على جزء من مستحقاتهم عند إنجاز مراحل معينة من الخبرة، وتعديل الإجراءات الإدارية لضمان استرجاع المصروفات فور انتهاء المهمة، بالإضافة إلى تبسيط عمليات استخراج الوثائق المالية وإطلاق منصات إلكترونية تسهل تتبع الملفات المالية. علاوة على ذلك، يجب تحسين آلية اختيار الخبراء عبر إعداد دليل إلكتروني يُصنفهم حسب تخصصاتهم وخبراتهم، مما يساعد القضاء على انتقاء الخبير الأنسب لكل قضية. كما يُنصح بتعزيز تعدد الخبراء في القضايا المعقدة التي تتطلب آراء متكاملة من اختصاصات مختلفة، مثل قضايا البناء التي قد تحتاج إلى مهندس مدني، ومعماري، وخبير في السلامة. وبهدف تحسين جودة الخبرات وتعزيز التعاون بين الخبراء والقضاة، من الضروري تنظيم دورات تكوينية مشتركة تهدف إلى توضيح الإجراءات القانونية والتقنية المرتبطة بالخبرة القضائية، وتطوير تقنيات إعداد التقارير الخبراتية بشكل موضوعي ودقيق. إضافة إلى ذلك، فإن تعزيز التواصل بين القضاة والخبراء عبر عقد لقاءات دورية سيساهم في مناقشة التحديات وإيجاد حلول عملية لها. ومن أجل الرفع من مستوى النجاعة القضائية، يُوصى بتحسين الإطار القانوني المنظم لمهنة الخبرة القضائية لضمان حقوق الخبراء، وتبسيط الإجراءات الإدارية، وإشراكهم في صياغة القوانين المتعلقة بعملهم، وتعزيز التحول الرقمي في تدبير ملفات الخبرة لتسهيل تتبعها وتسريع صرف المستحقات. إن تحقيق هذه الأهداف يستدعي التزامًا جماعيًا من جميع الفاعلين في المنظومة القضائية، لضمان أن تبقى الخبرة القضائية أداة فعالة في تحقيق العدالة وتعزيز ثقة المتقاضين في النظام القضائي. بقلم رياض السباعي مهندس معماري وخبير محلف
ساحة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الاثنين 31 مارس 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة