التعليقات مغلقة لهذا المنشور
ساحة
أحمد الشهبوني يكتب: لمصلحة من هذا الاحتقان السياسي..؟
نشر في: 28 يونيو 2016
مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية تشهد الساحة السياسية المغربية احتدادا في الصراع و التصعيد بين حزبي العدالة و التنمية و الأصالة و المعاصرة. فما هي رهانات هذا التصعيد و ما هي مبرراته؟ .
في هذه المقالة المختصرة سأحاول في البدء التذكير بالمعطيات الأساسية الآتية :
1- المغرب شهد تحولا تاريخيا في الانتخابات البرلمانية السابقة حيث لأول مرة في تاريخ التجربة الديمقراطية المغربية يفوز حزب معارض نما بتدرج ، بعدد كبير من المقاعد البرلمانية و يحتل المرتبة الأولى بفارق كبير جدا و يشكل الحكومة. أكيد أن هذا الفوز لم يكن مفاجئا حيث أن الظرفية السياسية للمغرب غداة أحداث 20 فبراير و رغبة الدولة في إعطاء نفس جديد للمشهد السياسي سمحت بهذا الفوز.
2- التحول التاريخي بالنسبة لي و الأهم، الذي شهده المغرب هو ما حصل في الانتخابات الجماعية الأخيرة حيث فاز حزب العدالة بمجالس جل المدن المغربية من طنجة إلى أكادير مرورا بالعاصمة الإدارية و العاصمة الاقتصادية و فاس و مراكش... إنه حدث تاريخي بامتياز و لم يسبق لأي حزب أن بسط هيمنته بهذا الشكل بما فيهم الأحزاب التي انبثقت من دهاليز المخزن.
كل هذه التحولات الكبرى في تاريخ الديمقراطية المغربية الحديثة نسبيا أقر ت بها جميع مكونات البلاد و حصل حولها توافق ما.
إن هذه المعطيات تؤكد بدون جدال أن المستفيد الأول من مغرب ما بعد 20 فبراير هو حزب العدالة و التنمية.
في أفق انتخابات 7 أكتوبر التشريعية :
إن فوز العدالة و التنمية في الانتخابات الجماعية السابقة و رئاسته لجل المدن المغربية، فتح أمامه أوراشا كبرى و وضع على عاتقه مسؤولية تاريخية كبرى تتجلى في إعادة الاعتبار للشأن المحلي و تأهيل هذه المدن التاريخية حتى تشكل قاطرة حقيقية للتنمية و هذا يتطلب مجهودات جبارة تبدأ بالانفتاح على الأطر و الطاقات المحلية المنزوية و التي أبعدتها عن المساهمة في الشأن العام سلوكيات أغلب المشرفين سابقا على الشأن المحلي. ثم أنه يتوجب تعبئة بعض الأطر المغربية المهاجرة و تحفيزها للعودة حتى تستفيد المدن من خبرتها و شبكة العلاقات الدولية التي نسجتها خلال مقامها في الخارج.
إن نجاح العدالة و التنمية في تسيير مند المغرب الكبرى رهين كذلك بإنشاء مراصد محلية تحت إشراف أطر محلية نزيهة، كفأة و مستقلة لتتبع و تقييم البرامج و المشاريع التي يتم إقرارها من طرف المجالس الجماعية بهدف ليس فقط ضمان نجاح هاته البرامج بجودة عالية و بأقل تكلفة ممكنة، بل أن هاته المراصد قد تلعب دورا وقائيا ضد أي انحراف لبعض المنتخبين ذوي النفوس الضعيفة.
في اعتقادي ورش المدن هذا ورش تاريخي و من المحتمل أن يعمر طويلا إن تم تدبيره بحكمة و بمقاربة تشاركية حيث أن التسيير الجيد للمدن في الديمقراطيات العريقة هو السر في مكوث عمدتها لعدة ولايات متتالية.
أعتقد و بغض النظر عن نتائج الانتخابات التشريعية القادمة أن حزب العدالة و التنمية إن كرس كل جهوده لورش المدن المغربية و توفق في تسييرها و تأهيلها سيكون قد أسدى خدمة تاريخية هائلة للمغرب و للمغاربة، ليس فقط في ضمان استقراره بل كذلك في نهضته الاقتصادية و الاجتماعية .
عودة إلى انتخابات أكتوبر القادمة :
في البداية ينبغي التذكير أن حزب العدالة و التنمية الذي فاز في استحقاقات نونبر 2011 البرلمانية كان شبه غائبا عن تسيير المدن المغربية أما اليوم فهو سيخوض الانتخابات التشريعية و هو متربع على كراسي جل المدن الغربية.
إنني أعتقد أن المرحلة الانتقالية التي يمر منها المغرب و التي لازالت تتميز بضعف المشاركة الشعبية في الاستحقاقات و عزوف المثقفين و النخب التقنقراطية عن العملية السياسية زيادة على التوازنات الاجتماعية التي لا تسمح لحزب واحد أن يهيمن لوحده على الحكومة و على جل المدن المغربية.
إضافة إلى هذا، هنالك عدة جهات وازنة ليست راضية على حزب العدالة أذكر منها رجال الأعمال و جل النقابات الأكثر تمثيلية علاوة على مكونات المغرب العميق خارج المدن (انتخابات مجالس الجهات تؤكد هذا المنحى).
و أنا أحرر هذه المقالة، تذكرت تجربة الإسلاميين في مصر الذين لهم تجربة و تجدر في المجتمع المصري يفوق بكثير موقع الإسلاميين في المغرب. لقد فازوا بأغلبية المقاعد البرلمانية في أول تجربة ديمقراطية في أرض الكنانة، و لما جاء موعد الاستحقاق الرئاسي نصحهم بعض العقلاء بألا يجمعوا كل سلط البلاد في أيديهم، فمصر حديثة الانتقال نحو الديمقراطية و المجتمع المصري و مؤسساته العريقة لن تسمح بهيمنة حزب إسلامي على كل السلط لكنهم لم يتعضوا فحدث ما حدث و خسر الإسلاميون و الوطن المصري.
أما عندنا في المغرب فعمليا و دستوريا يستحيل أن يتحكم أي حزب لوحده في السياسة الحكومية مهما كان عدد برلمانييه حيث أن دور المؤسسة الملكية يظل هو الموجه الأساسي في جل الأوراش الكبرى للبلاد.
ثم أنه و على خلاف مرحلة الملك الراحل الحسن الثاني التي تميزت بإقصاء و مضايقة أحزاب الحركة الوطنية على حساب أحزاب الإدارة فإن العهد الجديد قبل بمشاركة كل الأحزاب و فتح باب المساهمة أمامها في تسيير دقة الحكم.
في ظل هذه الخصوصية المغربية التي فضل فيها جميع الفرقاء الأساسيين التعايش و التوافق و هو ما ضمن لبلادنا الاستقرار ما فائدة هذا التصعيد في أفق الانتخابات بين الحزبين الرئيسيين و لمصلحة من؟.
في هذه المقالة المختصرة سأحاول في البدء التذكير بالمعطيات الأساسية الآتية :
1- المغرب شهد تحولا تاريخيا في الانتخابات البرلمانية السابقة حيث لأول مرة في تاريخ التجربة الديمقراطية المغربية يفوز حزب معارض نما بتدرج ، بعدد كبير من المقاعد البرلمانية و يحتل المرتبة الأولى بفارق كبير جدا و يشكل الحكومة. أكيد أن هذا الفوز لم يكن مفاجئا حيث أن الظرفية السياسية للمغرب غداة أحداث 20 فبراير و رغبة الدولة في إعطاء نفس جديد للمشهد السياسي سمحت بهذا الفوز.
2- التحول التاريخي بالنسبة لي و الأهم، الذي شهده المغرب هو ما حصل في الانتخابات الجماعية الأخيرة حيث فاز حزب العدالة بمجالس جل المدن المغربية من طنجة إلى أكادير مرورا بالعاصمة الإدارية و العاصمة الاقتصادية و فاس و مراكش... إنه حدث تاريخي بامتياز و لم يسبق لأي حزب أن بسط هيمنته بهذا الشكل بما فيهم الأحزاب التي انبثقت من دهاليز المخزن.
كل هذه التحولات الكبرى في تاريخ الديمقراطية المغربية الحديثة نسبيا أقر ت بها جميع مكونات البلاد و حصل حولها توافق ما.
إن هذه المعطيات تؤكد بدون جدال أن المستفيد الأول من مغرب ما بعد 20 فبراير هو حزب العدالة و التنمية.
في أفق انتخابات 7 أكتوبر التشريعية :
إن فوز العدالة و التنمية في الانتخابات الجماعية السابقة و رئاسته لجل المدن المغربية، فتح أمامه أوراشا كبرى و وضع على عاتقه مسؤولية تاريخية كبرى تتجلى في إعادة الاعتبار للشأن المحلي و تأهيل هذه المدن التاريخية حتى تشكل قاطرة حقيقية للتنمية و هذا يتطلب مجهودات جبارة تبدأ بالانفتاح على الأطر و الطاقات المحلية المنزوية و التي أبعدتها عن المساهمة في الشأن العام سلوكيات أغلب المشرفين سابقا على الشأن المحلي. ثم أنه يتوجب تعبئة بعض الأطر المغربية المهاجرة و تحفيزها للعودة حتى تستفيد المدن من خبرتها و شبكة العلاقات الدولية التي نسجتها خلال مقامها في الخارج.
إن نجاح العدالة و التنمية في تسيير مند المغرب الكبرى رهين كذلك بإنشاء مراصد محلية تحت إشراف أطر محلية نزيهة، كفأة و مستقلة لتتبع و تقييم البرامج و المشاريع التي يتم إقرارها من طرف المجالس الجماعية بهدف ليس فقط ضمان نجاح هاته البرامج بجودة عالية و بأقل تكلفة ممكنة، بل أن هاته المراصد قد تلعب دورا وقائيا ضد أي انحراف لبعض المنتخبين ذوي النفوس الضعيفة.
في اعتقادي ورش المدن هذا ورش تاريخي و من المحتمل أن يعمر طويلا إن تم تدبيره بحكمة و بمقاربة تشاركية حيث أن التسيير الجيد للمدن في الديمقراطيات العريقة هو السر في مكوث عمدتها لعدة ولايات متتالية.
أعتقد و بغض النظر عن نتائج الانتخابات التشريعية القادمة أن حزب العدالة و التنمية إن كرس كل جهوده لورش المدن المغربية و توفق في تسييرها و تأهيلها سيكون قد أسدى خدمة تاريخية هائلة للمغرب و للمغاربة، ليس فقط في ضمان استقراره بل كذلك في نهضته الاقتصادية و الاجتماعية .
عودة إلى انتخابات أكتوبر القادمة :
في البداية ينبغي التذكير أن حزب العدالة و التنمية الذي فاز في استحقاقات نونبر 2011 البرلمانية كان شبه غائبا عن تسيير المدن المغربية أما اليوم فهو سيخوض الانتخابات التشريعية و هو متربع على كراسي جل المدن الغربية.
إنني أعتقد أن المرحلة الانتقالية التي يمر منها المغرب و التي لازالت تتميز بضعف المشاركة الشعبية في الاستحقاقات و عزوف المثقفين و النخب التقنقراطية عن العملية السياسية زيادة على التوازنات الاجتماعية التي لا تسمح لحزب واحد أن يهيمن لوحده على الحكومة و على جل المدن المغربية.
إضافة إلى هذا، هنالك عدة جهات وازنة ليست راضية على حزب العدالة أذكر منها رجال الأعمال و جل النقابات الأكثر تمثيلية علاوة على مكونات المغرب العميق خارج المدن (انتخابات مجالس الجهات تؤكد هذا المنحى).
و أنا أحرر هذه المقالة، تذكرت تجربة الإسلاميين في مصر الذين لهم تجربة و تجدر في المجتمع المصري يفوق بكثير موقع الإسلاميين في المغرب. لقد فازوا بأغلبية المقاعد البرلمانية في أول تجربة ديمقراطية في أرض الكنانة، و لما جاء موعد الاستحقاق الرئاسي نصحهم بعض العقلاء بألا يجمعوا كل سلط البلاد في أيديهم، فمصر حديثة الانتقال نحو الديمقراطية و المجتمع المصري و مؤسساته العريقة لن تسمح بهيمنة حزب إسلامي على كل السلط لكنهم لم يتعضوا فحدث ما حدث و خسر الإسلاميون و الوطن المصري.
أما عندنا في المغرب فعمليا و دستوريا يستحيل أن يتحكم أي حزب لوحده في السياسة الحكومية مهما كان عدد برلمانييه حيث أن دور المؤسسة الملكية يظل هو الموجه الأساسي في جل الأوراش الكبرى للبلاد.
ثم أنه و على خلاف مرحلة الملك الراحل الحسن الثاني التي تميزت بإقصاء و مضايقة أحزاب الحركة الوطنية على حساب أحزاب الإدارة فإن العهد الجديد قبل بمشاركة كل الأحزاب و فتح باب المساهمة أمامها في تسيير دقة الحكم.
في ظل هذه الخصوصية المغربية التي فضل فيها جميع الفرقاء الأساسيين التعايش و التوافق و هو ما ضمن لبلادنا الاستقرار ما فائدة هذا التصعيد في أفق الانتخابات بين الحزبين الرئيسيين و لمصلحة من؟.
مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية تشهد الساحة السياسية المغربية احتدادا في الصراع و التصعيد بين حزبي العدالة و التنمية و الأصالة و المعاصرة. فما هي رهانات هذا التصعيد و ما هي مبرراته؟ .
في هذه المقالة المختصرة سأحاول في البدء التذكير بالمعطيات الأساسية الآتية :
1- المغرب شهد تحولا تاريخيا في الانتخابات البرلمانية السابقة حيث لأول مرة في تاريخ التجربة الديمقراطية المغربية يفوز حزب معارض نما بتدرج ، بعدد كبير من المقاعد البرلمانية و يحتل المرتبة الأولى بفارق كبير جدا و يشكل الحكومة. أكيد أن هذا الفوز لم يكن مفاجئا حيث أن الظرفية السياسية للمغرب غداة أحداث 20 فبراير و رغبة الدولة في إعطاء نفس جديد للمشهد السياسي سمحت بهذا الفوز.
2- التحول التاريخي بالنسبة لي و الأهم، الذي شهده المغرب هو ما حصل في الانتخابات الجماعية الأخيرة حيث فاز حزب العدالة بمجالس جل المدن المغربية من طنجة إلى أكادير مرورا بالعاصمة الإدارية و العاصمة الاقتصادية و فاس و مراكش... إنه حدث تاريخي بامتياز و لم يسبق لأي حزب أن بسط هيمنته بهذا الشكل بما فيهم الأحزاب التي انبثقت من دهاليز المخزن.
كل هذه التحولات الكبرى في تاريخ الديمقراطية المغربية الحديثة نسبيا أقر ت بها جميع مكونات البلاد و حصل حولها توافق ما.
إن هذه المعطيات تؤكد بدون جدال أن المستفيد الأول من مغرب ما بعد 20 فبراير هو حزب العدالة و التنمية.
في أفق انتخابات 7 أكتوبر التشريعية :
إن فوز العدالة و التنمية في الانتخابات الجماعية السابقة و رئاسته لجل المدن المغربية، فتح أمامه أوراشا كبرى و وضع على عاتقه مسؤولية تاريخية كبرى تتجلى في إعادة الاعتبار للشأن المحلي و تأهيل هذه المدن التاريخية حتى تشكل قاطرة حقيقية للتنمية و هذا يتطلب مجهودات جبارة تبدأ بالانفتاح على الأطر و الطاقات المحلية المنزوية و التي أبعدتها عن المساهمة في الشأن العام سلوكيات أغلب المشرفين سابقا على الشأن المحلي. ثم أنه يتوجب تعبئة بعض الأطر المغربية المهاجرة و تحفيزها للعودة حتى تستفيد المدن من خبرتها و شبكة العلاقات الدولية التي نسجتها خلال مقامها في الخارج.
إن نجاح العدالة و التنمية في تسيير مند المغرب الكبرى رهين كذلك بإنشاء مراصد محلية تحت إشراف أطر محلية نزيهة، كفأة و مستقلة لتتبع و تقييم البرامج و المشاريع التي يتم إقرارها من طرف المجالس الجماعية بهدف ليس فقط ضمان نجاح هاته البرامج بجودة عالية و بأقل تكلفة ممكنة، بل أن هاته المراصد قد تلعب دورا وقائيا ضد أي انحراف لبعض المنتخبين ذوي النفوس الضعيفة.
في اعتقادي ورش المدن هذا ورش تاريخي و من المحتمل أن يعمر طويلا إن تم تدبيره بحكمة و بمقاربة تشاركية حيث أن التسيير الجيد للمدن في الديمقراطيات العريقة هو السر في مكوث عمدتها لعدة ولايات متتالية.
أعتقد و بغض النظر عن نتائج الانتخابات التشريعية القادمة أن حزب العدالة و التنمية إن كرس كل جهوده لورش المدن المغربية و توفق في تسييرها و تأهيلها سيكون قد أسدى خدمة تاريخية هائلة للمغرب و للمغاربة، ليس فقط في ضمان استقراره بل كذلك في نهضته الاقتصادية و الاجتماعية .
عودة إلى انتخابات أكتوبر القادمة :
في البداية ينبغي التذكير أن حزب العدالة و التنمية الذي فاز في استحقاقات نونبر 2011 البرلمانية كان شبه غائبا عن تسيير المدن المغربية أما اليوم فهو سيخوض الانتخابات التشريعية و هو متربع على كراسي جل المدن الغربية.
إنني أعتقد أن المرحلة الانتقالية التي يمر منها المغرب و التي لازالت تتميز بضعف المشاركة الشعبية في الاستحقاقات و عزوف المثقفين و النخب التقنقراطية عن العملية السياسية زيادة على التوازنات الاجتماعية التي لا تسمح لحزب واحد أن يهيمن لوحده على الحكومة و على جل المدن المغربية.
إضافة إلى هذا، هنالك عدة جهات وازنة ليست راضية على حزب العدالة أذكر منها رجال الأعمال و جل النقابات الأكثر تمثيلية علاوة على مكونات المغرب العميق خارج المدن (انتخابات مجالس الجهات تؤكد هذا المنحى).
و أنا أحرر هذه المقالة، تذكرت تجربة الإسلاميين في مصر الذين لهم تجربة و تجدر في المجتمع المصري يفوق بكثير موقع الإسلاميين في المغرب. لقد فازوا بأغلبية المقاعد البرلمانية في أول تجربة ديمقراطية في أرض الكنانة، و لما جاء موعد الاستحقاق الرئاسي نصحهم بعض العقلاء بألا يجمعوا كل سلط البلاد في أيديهم، فمصر حديثة الانتقال نحو الديمقراطية و المجتمع المصري و مؤسساته العريقة لن تسمح بهيمنة حزب إسلامي على كل السلط لكنهم لم يتعضوا فحدث ما حدث و خسر الإسلاميون و الوطن المصري.
أما عندنا في المغرب فعمليا و دستوريا يستحيل أن يتحكم أي حزب لوحده في السياسة الحكومية مهما كان عدد برلمانييه حيث أن دور المؤسسة الملكية يظل هو الموجه الأساسي في جل الأوراش الكبرى للبلاد.
ثم أنه و على خلاف مرحلة الملك الراحل الحسن الثاني التي تميزت بإقصاء و مضايقة أحزاب الحركة الوطنية على حساب أحزاب الإدارة فإن العهد الجديد قبل بمشاركة كل الأحزاب و فتح باب المساهمة أمامها في تسيير دقة الحكم.
في ظل هذه الخصوصية المغربية التي فضل فيها جميع الفرقاء الأساسيين التعايش و التوافق و هو ما ضمن لبلادنا الاستقرار ما فائدة هذا التصعيد في أفق الانتخابات بين الحزبين الرئيسيين و لمصلحة من؟.
في هذه المقالة المختصرة سأحاول في البدء التذكير بالمعطيات الأساسية الآتية :
1- المغرب شهد تحولا تاريخيا في الانتخابات البرلمانية السابقة حيث لأول مرة في تاريخ التجربة الديمقراطية المغربية يفوز حزب معارض نما بتدرج ، بعدد كبير من المقاعد البرلمانية و يحتل المرتبة الأولى بفارق كبير جدا و يشكل الحكومة. أكيد أن هذا الفوز لم يكن مفاجئا حيث أن الظرفية السياسية للمغرب غداة أحداث 20 فبراير و رغبة الدولة في إعطاء نفس جديد للمشهد السياسي سمحت بهذا الفوز.
2- التحول التاريخي بالنسبة لي و الأهم، الذي شهده المغرب هو ما حصل في الانتخابات الجماعية الأخيرة حيث فاز حزب العدالة بمجالس جل المدن المغربية من طنجة إلى أكادير مرورا بالعاصمة الإدارية و العاصمة الاقتصادية و فاس و مراكش... إنه حدث تاريخي بامتياز و لم يسبق لأي حزب أن بسط هيمنته بهذا الشكل بما فيهم الأحزاب التي انبثقت من دهاليز المخزن.
كل هذه التحولات الكبرى في تاريخ الديمقراطية المغربية الحديثة نسبيا أقر ت بها جميع مكونات البلاد و حصل حولها توافق ما.
إن هذه المعطيات تؤكد بدون جدال أن المستفيد الأول من مغرب ما بعد 20 فبراير هو حزب العدالة و التنمية.
في أفق انتخابات 7 أكتوبر التشريعية :
إن فوز العدالة و التنمية في الانتخابات الجماعية السابقة و رئاسته لجل المدن المغربية، فتح أمامه أوراشا كبرى و وضع على عاتقه مسؤولية تاريخية كبرى تتجلى في إعادة الاعتبار للشأن المحلي و تأهيل هذه المدن التاريخية حتى تشكل قاطرة حقيقية للتنمية و هذا يتطلب مجهودات جبارة تبدأ بالانفتاح على الأطر و الطاقات المحلية المنزوية و التي أبعدتها عن المساهمة في الشأن العام سلوكيات أغلب المشرفين سابقا على الشأن المحلي. ثم أنه يتوجب تعبئة بعض الأطر المغربية المهاجرة و تحفيزها للعودة حتى تستفيد المدن من خبرتها و شبكة العلاقات الدولية التي نسجتها خلال مقامها في الخارج.
إن نجاح العدالة و التنمية في تسيير مند المغرب الكبرى رهين كذلك بإنشاء مراصد محلية تحت إشراف أطر محلية نزيهة، كفأة و مستقلة لتتبع و تقييم البرامج و المشاريع التي يتم إقرارها من طرف المجالس الجماعية بهدف ليس فقط ضمان نجاح هاته البرامج بجودة عالية و بأقل تكلفة ممكنة، بل أن هاته المراصد قد تلعب دورا وقائيا ضد أي انحراف لبعض المنتخبين ذوي النفوس الضعيفة.
في اعتقادي ورش المدن هذا ورش تاريخي و من المحتمل أن يعمر طويلا إن تم تدبيره بحكمة و بمقاربة تشاركية حيث أن التسيير الجيد للمدن في الديمقراطيات العريقة هو السر في مكوث عمدتها لعدة ولايات متتالية.
أعتقد و بغض النظر عن نتائج الانتخابات التشريعية القادمة أن حزب العدالة و التنمية إن كرس كل جهوده لورش المدن المغربية و توفق في تسييرها و تأهيلها سيكون قد أسدى خدمة تاريخية هائلة للمغرب و للمغاربة، ليس فقط في ضمان استقراره بل كذلك في نهضته الاقتصادية و الاجتماعية .
عودة إلى انتخابات أكتوبر القادمة :
في البداية ينبغي التذكير أن حزب العدالة و التنمية الذي فاز في استحقاقات نونبر 2011 البرلمانية كان شبه غائبا عن تسيير المدن المغربية أما اليوم فهو سيخوض الانتخابات التشريعية و هو متربع على كراسي جل المدن الغربية.
إنني أعتقد أن المرحلة الانتقالية التي يمر منها المغرب و التي لازالت تتميز بضعف المشاركة الشعبية في الاستحقاقات و عزوف المثقفين و النخب التقنقراطية عن العملية السياسية زيادة على التوازنات الاجتماعية التي لا تسمح لحزب واحد أن يهيمن لوحده على الحكومة و على جل المدن المغربية.
إضافة إلى هذا، هنالك عدة جهات وازنة ليست راضية على حزب العدالة أذكر منها رجال الأعمال و جل النقابات الأكثر تمثيلية علاوة على مكونات المغرب العميق خارج المدن (انتخابات مجالس الجهات تؤكد هذا المنحى).
و أنا أحرر هذه المقالة، تذكرت تجربة الإسلاميين في مصر الذين لهم تجربة و تجدر في المجتمع المصري يفوق بكثير موقع الإسلاميين في المغرب. لقد فازوا بأغلبية المقاعد البرلمانية في أول تجربة ديمقراطية في أرض الكنانة، و لما جاء موعد الاستحقاق الرئاسي نصحهم بعض العقلاء بألا يجمعوا كل سلط البلاد في أيديهم، فمصر حديثة الانتقال نحو الديمقراطية و المجتمع المصري و مؤسساته العريقة لن تسمح بهيمنة حزب إسلامي على كل السلط لكنهم لم يتعضوا فحدث ما حدث و خسر الإسلاميون و الوطن المصري.
أما عندنا في المغرب فعمليا و دستوريا يستحيل أن يتحكم أي حزب لوحده في السياسة الحكومية مهما كان عدد برلمانييه حيث أن دور المؤسسة الملكية يظل هو الموجه الأساسي في جل الأوراش الكبرى للبلاد.
ثم أنه و على خلاف مرحلة الملك الراحل الحسن الثاني التي تميزت بإقصاء و مضايقة أحزاب الحركة الوطنية على حساب أحزاب الإدارة فإن العهد الجديد قبل بمشاركة كل الأحزاب و فتح باب المساهمة أمامها في تسيير دقة الحكم.
في ظل هذه الخصوصية المغربية التي فضل فيها جميع الفرقاء الأساسيين التعايش و التوافق و هو ما ضمن لبلادنا الاستقرار ما فائدة هذا التصعيد في أفق الانتخابات بين الحزبين الرئيسيين و لمصلحة من؟.
ملصقات
اقرأ أيضاً
ادريس الاندلسي يكتب لـ”كشـ24″: ميناء ” الخزيرات” ومعركة منافسة طنجة المتوسط
ساحة
ساحة
نهضة بركان يفك ارتباطه بالمدرب أمين الكرمة
ساحة
ساحة
جعفر الكنسوسي يكتب.. المدينة العتيقة، ميراث من الماضي وكنز للمستقبل
ساحة
ساحة
المحطة الطرقية العزوزية.. مآل الإفتتاح ضائع بين حماس المتفائلين و أسئلة المتشائمين
ساحة
ساحة
الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تتوج أفضل رياضيي سنة 2023
ساحة
ساحة
في اليوم العالمي لذوي الإعاقة.. يدير اكيندي يكتب عن الاجتهادات القضائيّة بالمغرب
ساحة
ساحة
الدكتور حمضي يكشف تفاصيل عن الدواء الجديد لعلاج السمنة
ساحة
ساحة