ساحة

رشيد نيني يكتب: حمار بنكيران‎


كشـ24 نشر في: 7 مارس 2016

نصح عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، قياديين من حزبه كانوا يستمعون إلى خطبته الأسبوع الماضي بتمارة، بأن لا يلقوا بالا لما يخطه هذا العبد الضعيف، لأنني حسب زعمه مرتزق أكتب ما بدا لي وما يقال لي وأنني بعت القضية بعدما أمضيت سنة في السجن.

حقيقة لا أعرف لماذا ينصح رئيس الحكومة أبناء حزبه وحركته وعشيرته بأن لا يهتموا لأمري، فيما هو مهووس ومسكون بي لا يكف عن ذكر سيرتي كلما شعر بحبل الكذب القصير الذي استعان به للحصول على أصوات المغاربة يلتف حول عنقه مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية.

وعوض أن ينصح رئيس الحكومة إخوانه وحوارييه بالإعراض عني وعن ما أكتب فقد كان أحرى به أن ينصح نفسه ويعرض عن ذكري في حله وترحاله، في خلواته واجتماعاته، ويكف لسانه الطويل عني، لأنني لست خصما سياسيا له ولن أنافسه على أصوات المواطنين في الانتخابات ولا أطمع في الحلول مكانه فوق كرسي رئاسة الحكومة، فأنا، كما يحلو له أن يقول، مجرد صحافي.

لكن عبد الإله بنكيران ينطبق عليه عنوان ذلك النص الذي درسناه في تلاوة المرحوم «بوكماخ» والذي عنوانه «الناصح المغفل»، فهو يحترف تقديم النصح والعظات للآخرين وينسى تقديمها لنفسه، ولذلك فهو كالجمل الذي لا يرى حدبته ويكتفي بانتقاد حدبات الآخرين.

إن أبشع استغلال للدين هو ذلك الذي يفعله رئيس الحكومة عندما يقول «حنا خدام عند الله»، وأن من يريد استئجارهم من الله لكي يشتغلوا معه لله في سبيل الله فليس هناك مشكل لديهم.
يعني أن عبد الإله بنكيران وحزبه شركة مساهمة لديها عقد مع الله لكي تشتغل معه حصريا، وإذا أرادت الدولة أن تستفيد من خدمات هذه الشركة التي يوجد على رأس مجلس إدارتها بنكيران فإنه مستعد للاستئجار، أي أن يشتغل معهم مقابل أجرة.

أنا أعرف أن من يشتغل مع الله يفعل ذلك في سبيل الله ولا يطلب مقابل ذلك سوى أن يكون مأجورا من الله وليس من شخص آخر، وإلا فإن العمل الذي يقوم به يصبح في سبيل شيء آخر غير الله، وبعبارة أوضح في سبيل المانضة والسيارة والفيلا.

«نتا باغي تخدم مع الله وتخلص من عند المخزن، إلى بغيتي تخدم مع الله صبر حتى يخلصك الله».

والمصيبة أن بنكيران لا يستقر على موقف واحد عندما يتحدث عن الجهات التي يشتغل معها، فقد سمعناه يقول مباشرة بعد تعيينه في ميدلت أنه خدام مع «الشعب اللي صوت عليه»، وعندما سخن كرسيه وبدأت حرارة السلطة تطلع معه قال إنه «خدام كايعاون الملك»، وهاهو اليوم عندما شعر بأنه استغل الشعب والملك ما يكفي لتلميع صورته قال إنه «خدام مع سيدي ربي»، ويعلم الله غدا مع من سيقول لنا أنه يشتغل، فالرجل يغير مشغليه مثلما يغير جواربه.

ويبدو أن بنكيران تعود على استئجار خدماته للدولة منذ بداياته الأولى في صفوف الشبيبة الإسلامية، ومن يعود إلى الحوار الطويل الذي أعطاه لمجلة شهرية سيكتشف أنه بمجرد ما كانت السلطات تعتقل أفرادا من جماعته إلا وكان يذهب مهرولا للتفاوض حول حريتهم فلا يعود وإلا وهم معه. وطبعا يحدث ذلك دون أن يخبرنا بالطريقة السحرية التي يقنع بها السلطات بإخلاء سبيل إخوانه في الحركة، في وقت كانت فيه السلطات «تغبر» الأثر للمناضلين الحقيقيين في اليسار والتنظيمات الأخرى المعارضة.

ويعترف بنكيران بعظمة لسانه في اللقاء المسجل والمنشور في موقع الحزب الحاكم بكون السلطات استأجرت خدماته في محطات تاريخية مختلفة، فهو يقول «اختاروني سنة 86، عاود فتسعين، وفربعة وتسعين عياو وقالوا ليا الله يهنيك أسي عبد الإله، حتى وقفو عليا فـ2008».

نحن إذن أمام حزب يسمى بالفرنسية le parti de service، أي حزب للاستئجار عند الحاجة، فقد نادوا على بنكيران سنة 1986 لكي يؤسس «الجماعة الإسلامية» وانتخب بمباركة السلطات رئيسا للحركة، ثم أعيد انتخابه في 1992، قبل أن تقول له السلطات «عيينا منك» أي «راك طلعتي فالراس»، وتزيله من قيادة الجماعة الإسلامية التي تحولت إلى حركة الإصلاح والتجديد.

وبعد أربعة عشر سنة من وضع بنكيران في «البلاكار» استغلها في الترشح سنة 1997 لدخول البرلمان مع «شي جوج قيوش» من حزبه، بعدما طلب منه البصري أن يترشح في تابريكت لكي يحصل على المقعد البرلماني الذي انتزعته الداخلية عنوة من مرشح الاتحاد الاشتراكي جمال أغماني، عندما قررت السلطات العودة لاستئجار خدمات عبد الإله بنكيران، نادوا عليه وأعطوه الأمر بالترشح للأمانة العامة للحزب سنة 2008 ففاز، والآن يدعي أنه فاز لأن الدولة «وقفات عليه» لذلك طلبت منه الترشح للأمانة العامة، وكأن بنكيران هو «فكاك الوحايل» أو «الرويضة سوكور» التي تلجأ إليها الدولة كلما «طاحت أونبان» في الطريق.

و»دابا طاعة الله غي شرح لينا نتا معامن خدام، واش مع الله ولا مع المخزن» ؟

إن أخطر شيء في خطاب بنكيران ليس عشقه حد الإدمان لغة «الحمامات» المتداولة بين الكسالات، مع الاعتذار للكسالات اللواتي يأكلن من عرق جبينهن وليس من أموال الشعب كما يصنع بنكيران، بل إن أخطر شيء في خطابه هو محاولته فرض الوصاية على الجميع، كما لو كان هو الوصي والجميع قاصرين ينتظرون أن يمنحهم شهادة الإيزو في المصداقية.

فالسياسيون فاسدون جميعهم إلا من يمنحهم بنكيران صكوك الغفران لقبولهم في جنته الحكومية، والصحافيون مشوشون ومرتزقة إلا من يقرر هو ترقيتهم إلى منزلة الحواريين الناطقين باسمه والمسبحين بإنجازاته ومحاسنه، والدولة عميقة وفاسدة إلا عندما يشاء هو أن يسبغ عليها صفة الصلاح، والبلد كان في كف عفريت لولا أن العناية الإلهية التي يشتغل عندها بنكيران أرسلته إلينا لكي يخلصنا من الخراب والفوضى والدمار.

إننا في الحقيقة أمام دجال ومحتال مدعي للنبوة يبيع ويشتري في الدين وليس أمام سياسي يرأس حكومة. دجال من درجة وزير لديه خلط مريع ما بين مهنة الصحافة ومهنة «الحياحة».

إن السبب الرئيسي لدعوة بنكيران أصحابه للإعراض عن ما ننشره في هذه الجريدة من حقائق حوله وحول حزبه وبعض قيادات حركته الدعوية ليس هو خوفه عليهم من ابتلاع الأكاذيب، وإنما السبب الرئيسي هو خوفه من انكشاف عورته وعورة الحزب الذي يقود الحكومة أمام أنصاره ذوي النيات الحسنة، ويعلم الله كم هم كثر.

فهو يطلب منهم أن يعرضوا عن قراءة فضيحة ضخ وزير النقل والتجهيز لمبلغ 400 مليون في الحساب الشخصي لحسن الفد مقابل خمس دقائق من التفاهة، ويطلب منهم أن لا يعرفوا شيئا عن شطب الوزير نفسه لمسجد مخصص لصلاة الجمعة من تصميم المنطقة الصناعية بالقنيطرة مقابل ترخيص مجلسه لمحل للقمار في عمارة سكنية.

إنه يطلب منهم أن لا يطلعوا على استفادة مطبعة رئيس الحكومة عندما كانت في اسمه من صفقات عمومية للوزارات التي تحت إشرافه المباشر، ويطلب منهم أن لا يطلعوا على خبر استفادة ابنه من منحتين من وزارة التعليم العالي للدراسة في أرقى المعاهد في فرنسا.

إنه يطلب منهم أن لا يطلعوا على خبر تدخل الوزير بوصندالة مصطفى الخلفي لابن الحمداوي الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح من أجل «بريكول» له في بنك عمومي، وأن لا يطلعوا على خيانات الإخوان والأخوات في الحكومة في ما بينهم وسرقة زوجات بعضهم البعض، و«مغامرات» البرلمانيات في الأسفار والرحلات.

إنه يطلب منهم أن لا يطلعوا على خبر فوز ابن الثوري السابق يتيم بخمسين مليون في كازينو للقمار بمراكش، ويروا كيف حلل الأب، الذي نصح المغاربة ذات سخانة بالسفر في دواخلهم، عوض السفر إلى الخارج، لعبة البوكير وجعل منها مجرد رياضة.

إنه يطلب منهم أن لا يطلعوا على خبر إرسال مدير ديوانه جامع المعتصم لابنه إلى السجن عوض إرساله إلى مؤسسة للرعاية للتخلص من الإدمان.

باختصار إنه يطلب من إخوانه في الحزب والحركة أن يعرضوا عن قراءة «الأخبار» لأنها تسلط الضوء على المناطق الأكثر عتمة في تاريخ وحاضر ومستقبل الحزب الذي يقود الحكومة ويسير بالبلد نحو المجهول. وهو لا يطلب منهم ذلك بالأدب، بل يصدر إليهم أمرا واجب التنفيذ.

ولأنه شخص منعدم المسؤولية ومتهور وشتام و«حكار» فإنه يكشف عن عقلية فاشية تحكمية خطيرة، فإما أن تكون معي وتخوض الحروب السياسية بالوكالة لصالحي وإما أنك خائن وكذاب ومنافق وتستحق أن تحارب وتسلط عليك فيالق انكشارية سليمان العمراني الإلكترونية.

مشكلة رئيس الحكومة أنه لا يريد أن يفهم أنه مسؤول حكومي وأنه الرجل الثاني في الدولة بعد الملك، وعليه فكلامه يجب أن يكون مسؤولا وموزونا بميزان الذهب، فلا يلقيه على عواهنه.
لكن يبدو أن عجاجة الحملة الانتخابية المبكرة التي دخل فيها رئيس الحكومة، سارقا من الرئيس الأمريكي شعاره «نعم نستطيع»، مضيفا إليها بـ«إذن الله»، «زعما التدريحة»، أعمت عيونه فلم يعد يبصر أين يضع قدميه.

وبما أنه سرق دون استحياء برنامج الحزب الديمقراطي الأمريكي، واستولى على شعار أوباما «نعم نستطيع»، فإننا نتمنى عليه أن يكمل خيره ويسرق رمز الحزب الديمقراطي الأمريكي أيضا، والذي هو الحمار.

فقد أعطى بنكيران ما يكفي من الإشارات على أن الحمار هو الرمز الذي يليق بحزبه عوض المصباح، فمنذ أن نجح هو وحزبه في «بردعة» الشعب قبل أربع سنوات وهم «يحيمرون» فيه ويضحكون عليه بالوعود المعسولة التي لم نسمع منها سوى النهيق.

وعندما وقف حمار بنكيران في العقبة، لم يجد غيرنا نحن يشتمنا وينعتنا بالمرتزقة، «كاين شي مرتزق قدك يا كبير المرتزقة».
وللحديث بقية.

نصح عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، قياديين من حزبه كانوا يستمعون إلى خطبته الأسبوع الماضي بتمارة، بأن لا يلقوا بالا لما يخطه هذا العبد الضعيف، لأنني حسب زعمه مرتزق أكتب ما بدا لي وما يقال لي وأنني بعت القضية بعدما أمضيت سنة في السجن.

حقيقة لا أعرف لماذا ينصح رئيس الحكومة أبناء حزبه وحركته وعشيرته بأن لا يهتموا لأمري، فيما هو مهووس ومسكون بي لا يكف عن ذكر سيرتي كلما شعر بحبل الكذب القصير الذي استعان به للحصول على أصوات المغاربة يلتف حول عنقه مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية.

وعوض أن ينصح رئيس الحكومة إخوانه وحوارييه بالإعراض عني وعن ما أكتب فقد كان أحرى به أن ينصح نفسه ويعرض عن ذكري في حله وترحاله، في خلواته واجتماعاته، ويكف لسانه الطويل عني، لأنني لست خصما سياسيا له ولن أنافسه على أصوات المواطنين في الانتخابات ولا أطمع في الحلول مكانه فوق كرسي رئاسة الحكومة، فأنا، كما يحلو له أن يقول، مجرد صحافي.

لكن عبد الإله بنكيران ينطبق عليه عنوان ذلك النص الذي درسناه في تلاوة المرحوم «بوكماخ» والذي عنوانه «الناصح المغفل»، فهو يحترف تقديم النصح والعظات للآخرين وينسى تقديمها لنفسه، ولذلك فهو كالجمل الذي لا يرى حدبته ويكتفي بانتقاد حدبات الآخرين.

إن أبشع استغلال للدين هو ذلك الذي يفعله رئيس الحكومة عندما يقول «حنا خدام عند الله»، وأن من يريد استئجارهم من الله لكي يشتغلوا معه لله في سبيل الله فليس هناك مشكل لديهم.
يعني أن عبد الإله بنكيران وحزبه شركة مساهمة لديها عقد مع الله لكي تشتغل معه حصريا، وإذا أرادت الدولة أن تستفيد من خدمات هذه الشركة التي يوجد على رأس مجلس إدارتها بنكيران فإنه مستعد للاستئجار، أي أن يشتغل معهم مقابل أجرة.

أنا أعرف أن من يشتغل مع الله يفعل ذلك في سبيل الله ولا يطلب مقابل ذلك سوى أن يكون مأجورا من الله وليس من شخص آخر، وإلا فإن العمل الذي يقوم به يصبح في سبيل شيء آخر غير الله، وبعبارة أوضح في سبيل المانضة والسيارة والفيلا.

«نتا باغي تخدم مع الله وتخلص من عند المخزن، إلى بغيتي تخدم مع الله صبر حتى يخلصك الله».

والمصيبة أن بنكيران لا يستقر على موقف واحد عندما يتحدث عن الجهات التي يشتغل معها، فقد سمعناه يقول مباشرة بعد تعيينه في ميدلت أنه خدام مع «الشعب اللي صوت عليه»، وعندما سخن كرسيه وبدأت حرارة السلطة تطلع معه قال إنه «خدام كايعاون الملك»، وهاهو اليوم عندما شعر بأنه استغل الشعب والملك ما يكفي لتلميع صورته قال إنه «خدام مع سيدي ربي»، ويعلم الله غدا مع من سيقول لنا أنه يشتغل، فالرجل يغير مشغليه مثلما يغير جواربه.

ويبدو أن بنكيران تعود على استئجار خدماته للدولة منذ بداياته الأولى في صفوف الشبيبة الإسلامية، ومن يعود إلى الحوار الطويل الذي أعطاه لمجلة شهرية سيكتشف أنه بمجرد ما كانت السلطات تعتقل أفرادا من جماعته إلا وكان يذهب مهرولا للتفاوض حول حريتهم فلا يعود وإلا وهم معه. وطبعا يحدث ذلك دون أن يخبرنا بالطريقة السحرية التي يقنع بها السلطات بإخلاء سبيل إخوانه في الحركة، في وقت كانت فيه السلطات «تغبر» الأثر للمناضلين الحقيقيين في اليسار والتنظيمات الأخرى المعارضة.

ويعترف بنكيران بعظمة لسانه في اللقاء المسجل والمنشور في موقع الحزب الحاكم بكون السلطات استأجرت خدماته في محطات تاريخية مختلفة، فهو يقول «اختاروني سنة 86، عاود فتسعين، وفربعة وتسعين عياو وقالوا ليا الله يهنيك أسي عبد الإله، حتى وقفو عليا فـ2008».

نحن إذن أمام حزب يسمى بالفرنسية le parti de service، أي حزب للاستئجار عند الحاجة، فقد نادوا على بنكيران سنة 1986 لكي يؤسس «الجماعة الإسلامية» وانتخب بمباركة السلطات رئيسا للحركة، ثم أعيد انتخابه في 1992، قبل أن تقول له السلطات «عيينا منك» أي «راك طلعتي فالراس»، وتزيله من قيادة الجماعة الإسلامية التي تحولت إلى حركة الإصلاح والتجديد.

وبعد أربعة عشر سنة من وضع بنكيران في «البلاكار» استغلها في الترشح سنة 1997 لدخول البرلمان مع «شي جوج قيوش» من حزبه، بعدما طلب منه البصري أن يترشح في تابريكت لكي يحصل على المقعد البرلماني الذي انتزعته الداخلية عنوة من مرشح الاتحاد الاشتراكي جمال أغماني، عندما قررت السلطات العودة لاستئجار خدمات عبد الإله بنكيران، نادوا عليه وأعطوه الأمر بالترشح للأمانة العامة للحزب سنة 2008 ففاز، والآن يدعي أنه فاز لأن الدولة «وقفات عليه» لذلك طلبت منه الترشح للأمانة العامة، وكأن بنكيران هو «فكاك الوحايل» أو «الرويضة سوكور» التي تلجأ إليها الدولة كلما «طاحت أونبان» في الطريق.

و»دابا طاعة الله غي شرح لينا نتا معامن خدام، واش مع الله ولا مع المخزن» ؟

إن أخطر شيء في خطاب بنكيران ليس عشقه حد الإدمان لغة «الحمامات» المتداولة بين الكسالات، مع الاعتذار للكسالات اللواتي يأكلن من عرق جبينهن وليس من أموال الشعب كما يصنع بنكيران، بل إن أخطر شيء في خطابه هو محاولته فرض الوصاية على الجميع، كما لو كان هو الوصي والجميع قاصرين ينتظرون أن يمنحهم شهادة الإيزو في المصداقية.

فالسياسيون فاسدون جميعهم إلا من يمنحهم بنكيران صكوك الغفران لقبولهم في جنته الحكومية، والصحافيون مشوشون ومرتزقة إلا من يقرر هو ترقيتهم إلى منزلة الحواريين الناطقين باسمه والمسبحين بإنجازاته ومحاسنه، والدولة عميقة وفاسدة إلا عندما يشاء هو أن يسبغ عليها صفة الصلاح، والبلد كان في كف عفريت لولا أن العناية الإلهية التي يشتغل عندها بنكيران أرسلته إلينا لكي يخلصنا من الخراب والفوضى والدمار.

إننا في الحقيقة أمام دجال ومحتال مدعي للنبوة يبيع ويشتري في الدين وليس أمام سياسي يرأس حكومة. دجال من درجة وزير لديه خلط مريع ما بين مهنة الصحافة ومهنة «الحياحة».

إن السبب الرئيسي لدعوة بنكيران أصحابه للإعراض عن ما ننشره في هذه الجريدة من حقائق حوله وحول حزبه وبعض قيادات حركته الدعوية ليس هو خوفه عليهم من ابتلاع الأكاذيب، وإنما السبب الرئيسي هو خوفه من انكشاف عورته وعورة الحزب الذي يقود الحكومة أمام أنصاره ذوي النيات الحسنة، ويعلم الله كم هم كثر.

فهو يطلب منهم أن يعرضوا عن قراءة فضيحة ضخ وزير النقل والتجهيز لمبلغ 400 مليون في الحساب الشخصي لحسن الفد مقابل خمس دقائق من التفاهة، ويطلب منهم أن لا يعرفوا شيئا عن شطب الوزير نفسه لمسجد مخصص لصلاة الجمعة من تصميم المنطقة الصناعية بالقنيطرة مقابل ترخيص مجلسه لمحل للقمار في عمارة سكنية.

إنه يطلب منهم أن لا يطلعوا على استفادة مطبعة رئيس الحكومة عندما كانت في اسمه من صفقات عمومية للوزارات التي تحت إشرافه المباشر، ويطلب منهم أن لا يطلعوا على خبر استفادة ابنه من منحتين من وزارة التعليم العالي للدراسة في أرقى المعاهد في فرنسا.

إنه يطلب منهم أن لا يطلعوا على خبر تدخل الوزير بوصندالة مصطفى الخلفي لابن الحمداوي الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح من أجل «بريكول» له في بنك عمومي، وأن لا يطلعوا على خيانات الإخوان والأخوات في الحكومة في ما بينهم وسرقة زوجات بعضهم البعض، و«مغامرات» البرلمانيات في الأسفار والرحلات.

إنه يطلب منهم أن لا يطلعوا على خبر فوز ابن الثوري السابق يتيم بخمسين مليون في كازينو للقمار بمراكش، ويروا كيف حلل الأب، الذي نصح المغاربة ذات سخانة بالسفر في دواخلهم، عوض السفر إلى الخارج، لعبة البوكير وجعل منها مجرد رياضة.

إنه يطلب منهم أن لا يطلعوا على خبر إرسال مدير ديوانه جامع المعتصم لابنه إلى السجن عوض إرساله إلى مؤسسة للرعاية للتخلص من الإدمان.

باختصار إنه يطلب من إخوانه في الحزب والحركة أن يعرضوا عن قراءة «الأخبار» لأنها تسلط الضوء على المناطق الأكثر عتمة في تاريخ وحاضر ومستقبل الحزب الذي يقود الحكومة ويسير بالبلد نحو المجهول. وهو لا يطلب منهم ذلك بالأدب، بل يصدر إليهم أمرا واجب التنفيذ.

ولأنه شخص منعدم المسؤولية ومتهور وشتام و«حكار» فإنه يكشف عن عقلية فاشية تحكمية خطيرة، فإما أن تكون معي وتخوض الحروب السياسية بالوكالة لصالحي وإما أنك خائن وكذاب ومنافق وتستحق أن تحارب وتسلط عليك فيالق انكشارية سليمان العمراني الإلكترونية.

مشكلة رئيس الحكومة أنه لا يريد أن يفهم أنه مسؤول حكومي وأنه الرجل الثاني في الدولة بعد الملك، وعليه فكلامه يجب أن يكون مسؤولا وموزونا بميزان الذهب، فلا يلقيه على عواهنه.
لكن يبدو أن عجاجة الحملة الانتخابية المبكرة التي دخل فيها رئيس الحكومة، سارقا من الرئيس الأمريكي شعاره «نعم نستطيع»، مضيفا إليها بـ«إذن الله»، «زعما التدريحة»، أعمت عيونه فلم يعد يبصر أين يضع قدميه.

وبما أنه سرق دون استحياء برنامج الحزب الديمقراطي الأمريكي، واستولى على شعار أوباما «نعم نستطيع»، فإننا نتمنى عليه أن يكمل خيره ويسرق رمز الحزب الديمقراطي الأمريكي أيضا، والذي هو الحمار.

فقد أعطى بنكيران ما يكفي من الإشارات على أن الحمار هو الرمز الذي يليق بحزبه عوض المصباح، فمنذ أن نجح هو وحزبه في «بردعة» الشعب قبل أربع سنوات وهم «يحيمرون» فيه ويضحكون عليه بالوعود المعسولة التي لم نسمع منها سوى النهيق.

وعندما وقف حمار بنكيران في العقبة، لم يجد غيرنا نحن يشتمنا وينعتنا بالمرتزقة، «كاين شي مرتزق قدك يا كبير المرتزقة».
وللحديث بقية.


ملصقات


اقرأ أيضاً
يدير اكيندي يكتب عن مافيا الماستر: حين تتحول الجامعة من منارة للعلم إلى سوق نخاسة لبيع الذمم
يدير اكيندي الفساد يضرب قلب التعليم العالي… ومصداقية الوطن على المحك مرة أخرى، يَطفو على السطح وجه بشع من وجوه الفساد في بلادنا، بعد تفجر فضيحة الاتجار بالشواهد الجامعية، وبالضبط شهادات الماستر، في واحدة من مؤسسات التعليم العالي التي يُفترض فيها أن تُخرّج نخبة النخبة. والكارثة أن هذه الشهادات ليست مجرد أوراق، بل مفاتيح لولوج مراكز القرار، ومسالك البحث العلمي، ومواقع المسؤولية في القضاء والإدارة والتعليم والثقافة. فماذا يعني أن تُباع هذه المفاتيح لمن يملك الثمن؟ وماذا تبقّى من الوطن إذا تساوى الحاذق والغشاش، والعالم والمزوّر، في فرص الصعود؟ فكيف يمكن لمجتمع أن ينهض إذا كان التعليم، أساس بناء الإنسان، يُباع ويُشترى؟ وكيف نضمن مستقبلاً وطنياً إذا كانت المناصب العليا تُمنح لمن يدفع أكثر، لا لمن يستحق؟ما وقع في جامعة أكادير ليس حادثا معزولا، بل هو مؤشّر خطير على هشاشة منظومتنا القيمية، وعلى مدى تمدّد سرطان الغش والتدليس في جسد المجتمع. أن يصبح الغش “حقا مكتسبا” لدى بعض الفئات، فتلك بداية نهاية العقد الاجتماعي بين المواطنين والدولة. من غير المعقول أن تنحصر المساءلة في الأستاذ المتهم وحده، بل إن كل من استفاد، بشكل مباشر أو غير مباشر، من هذه “التجارة اللاشرعية”، يجب أن يُحاسب ويُتابع بتهمة التزوير في وثائق رسمية، والاحتيال على الدولة، والولوج إلى مواقع المسؤولية دون وجه حق ، مما يجعل الفساد التعليمي قنبلة موقوتة تهدد أمن المجتمع بأكمله هنا تبرز ضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة، فلا يكفي معاقبة الأستاذ المتورط في فضيحة أكادير، بل يجب استدعاء كل من استفاد من هذه “الصفقات” وملاحقته بتهمة التزوير والتدليس.. إننا لا ننسى الضحايا الحقيقيين لهذه الفضيحة: أبناء وبنات هذا الوطن، الذين أُقصوا لأنهم لم يملكوا 250 ألف درهم لشراء شهادة، وليس لأنهم يفتقرون للكفاءة أو الجدارة. كم من طاقة وطنية شريفة حُرمت من فرصتها، ودُفنت أحلامها، وانهزمت ثقتها في مؤسسات الدولة! وكم من شاب وشابة حُرموا من الماستر والدكتوراه، لا لضعف مستواهم العلمي، بل فقط لأنهم لا يملكون رصيدًا بنكيًا محترمًا! أليس هذا هو الوجه الحقيقي لانهيار القيم، وبداية تصدع الوطن؟ هذه الممارسات لا تدمر الأفراد فحسب، بل تقتل روح الانتماء لدى الشباب، وتجعلهم يفقدون الثقة في الوطن. وكما قال الكاتب البرازيلي باولو كويلو في روايته “الكيميائي”: “عندما تُحارب أحلامك، فإن الكون بأسره يتآمر لمساعدتك”، لكن ماذا لو كان الفساد هو من يحارب الأحلام؟ حينها لن يجد الشباب سوى اليأس أو الهجرة لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذه الجريمة. فالوطن الذي نريده ليس مبنيًا على الريع والزبونية، بل على تكافؤ الفرص والاستحقاق. كما ورد في النموذج التنموي الجديد، الذي دعا إليه جلالة الملك محمد السادس، فإن بناء مغرب الغد يمر عبر بناء مجتمع قوي إلى جانب دولة قوية، مجتمع يؤمن بالعدل، والكرامة، والنزاهة، ويقاوم كل أشكال الغش والإفساد. فكيف تكون الدولة قوية إذا كان تعليمها ضعيفاً؟ وكيف يكون المجتمع قوياً إذا كان أفراده يعيشون على الوهم؟ ولعل ما قاله الكاتب البرازيلي باولو كويلو في رسالته إلى ابنه: “إن بناء الإنسان أصعب بكثير من بناء المدن، لكنه الأساس الحقيقي لأي حضارة”، ينطبق تمامًا على ما نحتاجه اليوم. فالتعليم هو حجر الزاوية لبناء الإنسان، والعبث به هو تقويض لكل إمكانيات النهوض. ألم يقل الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو: ” « وهل هناك عدل حين يحصل المزوّرون على مناصب ومسؤوليات، بينما يُقصى النجباء لأنهم لا يملكون المال؟ هل هناك دولة قانون، حين يتحول التعليم إلى مزاد علني؟ إننا أمام لحظة فارقة: إما أن تتحرّك النيابة العامة بصرامة، ويُفتح تحقيق شامل يُحاسب فيه كل من تواطأ أو استفاد أو سكت عن هذا الفساد، أو أن نترك هذا الورم الخبيث يتفشى في جسد الدولة والمجتمع، ويُعمق فقدان الثقة، ويقضي على كل أمل في الإصلاح. إننا ننتظر من وزارة التعليم العالي أن تنتصب كمطالب بالحق المدني في هذه القضية، وأن تُعلن حربا لا هوادة فيها على كل المتلاعبين بسمعة الجامعة المغربية. فالتعليم لا يجب أن يكون سلعة، ولا يجب أن يُترك للمفسدين ينشرون سمومهم بين الطلبة والأساتذة، ويهدمون ما تبقى من الأمل في غد نزيه وعادل. وحده العدل، وحدها المساواة، وحده القانون، يمكن أن يؤسسوا لوطن يسع الجميع. أما الاستسلام فليس خيارًا، والسكوت تواطؤ. فلننتفض، دفاعًا عن الكرامة، عن العدالة، عن مغرب يستحق أن نحلم به… لا أن نخجل منه. فضيحة شواهد الماستر ليست قضية أكاديمية عابرة، بل هي معركة وجودية ضد فسادٍ ينهش جسد الوطن. إن لم نتحرك اليوم، فسنواجه غداً جيلاً يعتقد أن الغش “إنجاز”، والتدليس “ذكاء”. الفساد الجامعي ليس مجرد جريمة أخلاقية، بل تهديد مباشر للأمن المجتمعي. عندما تتحول الجامعة إلى مصنع لشواهد مزورة، فإنها تنتج مسؤولين بلا كفاءة، وقضاة بلا ضمير، وأساتذة بلا علم. وحينها لا يمكن بناء مغرب الغد السكوت عن هذه الجريمة هو خيانة للأمل، وتواطؤ مع الفساد، ومساهمة في قتل طموحات شباب حُرموا من فرص حقيقية لأنهم لم يملكوا ما يكفي لشراء شهادة. إن ضحايا هذه المافيا معروفون: شباب اجتهدوا وكافحوا، لكنهم صُدوا لأنهم لم يكونوا جزءاً من لعبة النفوذ والرشوة * يدير اكيندي، أستاذ العلوم الاقتصادية والاجتماعية، خبير في التنمية الشاملة والإعاقة
ساحة

يونس مجاهد يكتب: حرية الصحافة المزعومة
يونس مجاهديشكل الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يصادف الثالث من شهر ماي كل سنة، مناسبة أخرى للحديث عن القضايا المرتبطة بممارسة هذه الحرية، وخاصة التضييق الذي يمارس لمنعها أو الحد منها، غير أنه قلما تناقش أخلاقيات الصحافة، في علاقتها بالحرية، رغم أن هناك تكاملا بين المبدأين، يجعل من جودة الصحافة، رديفا للالتزام بأخلاقياتها، لأن الصحافة الرديئة ليست ممارسة للحرية، بل على العكس، إنها مجرد تضليل للجمهور ونشر لأخبار كاذبة، وتشهير وارتزاق وابتزاز... وهي بذلك لا تستجيب لتطلعات المجتمع، بل تؤثر سلبا على حرية الصحافة وادوارها الاجتماعية.وانطلاقا من هذا المنظور الذي يعتبر أن الوظيفة الاجتماعية هي الغاية الرئيسية للممارسة الصحافية، تطور استعمال المعيار الاجتماعي، لتصحيح الانحرافات التي تصيب هذه المهنة، فرغم اعتماد مواثيق الأخلاقيات وهيئات التنظيم الذاتي، في العديد من البلدان المتقدمة في المجال الديمقراطي، إلا أنها ظلت تلجأ باستمرار لمراجعات مختلفة، لعلاقة الصحافة بالمجتمع. وفيهذا الصدد يمكن العودة إلى ما حصل في الولايات المتحدة، سنة 1942، حين تم إحداث لجنة هاتشينز، من طرف جامعة شيكاغو، بطلب من مؤسس مجلة تايم، هنري لوس، التي عينت على رأسها روبرت ماينارد هاتشينز. اشتغلت هذه اللجنة لمدة خمس سنوات، ونشرت تقريرها تحت عنوان "صحافة حرة ومسؤولة". ومما ورد فيه، وجود تناقض بين المفهوم التقليدي لحرية الصحافة، وضرورة التحلي بالمسؤولية. فالمسؤولية واحترام القانون، ليس في حد ذاتهما تضييقاعلى حرية الصحافة، بل على العكس، يمكن أن يكونا تعبيرا أصيلا عن حرية إيجابية، لكنهما ضد حرية اللامبالاة. ويضيف التقرير؛ لقد أصبح من المعتاد اليوم أن تكون حرية الصحافة المزعومة، عبارة عن لا مسؤولية اجتماعية، لذا على الصحافة أن تعرف أن أخطاءها وأهواءها لم تعد ملكية خاصة لها، فهي تشكل خطرا على المجتمع، لأنها عندما تخطئ، فإنها تضلل الرأي العام، فنحن أمام تحدٍ؛ على الصحافة أن تظل نشاطا حرا وخاصا، لكن ليس لها الحق في أن تخطئ، لأنها تؤدي وظيفة مرفق عام. كان لهذا التقرير تأثير كبير في الحقل الصحافي، آنذاك، لأنه استعمل مفهوم المسؤولية الاجتماعية، واعتبر أن للصحافة وظائف أساسية، في تقديم معلومات وافية من خلال بحث وتدقيق، حول الأحداث اليومية، ضمن سياق واضح، وأن تكون منتدى للنقاش ولممارسة التعددية والحق في الاختلاف، وتنفتح على مختلف فئات المجتمع، بمساواة وإنصاف، وتتجنب الأفكار المسبقة والصور النمطية... ومن أشهر التقارير التي عرفتها، أيضا البلدان الديمقراطية، "تقرير ليفيسون"، الذي هو عبارة عن خلاصات تحقيق عام أجري في المملكة المتحدة بين عامي 2011 و2012، برئاسة القاضي براين ليفيسون، الذي كلفته الحكومة، بإنجاز افتحاص شامل حول ممارسة الصحافة ومدى التزامها بالأخلاقيات. ومن أهم توصياته؛ إنشاء هيئة جديدة مستقلة لتنظيم الصحافة، عبر تشريع قانوني، وتعزيز حماية الأفراد من انتهاكات الخصوصية ومن التشهير... وبناء على هذا التقرير تم اعتماد "ميثاق ملكي" للتنظيم الذاتي، صادق عليه البرلمان. ومازالت الأحزاب السياسية في هذا البلد تناقش الطرق المثلى الممكنة للتوصل إلى صيغة قانونية لتنفيذه، بالتوافق مع الناشرين. ويعتبر العديد من الباحثين في مجال الصحافة، أنه لا يمكن تصور الجودة في الصحافة، دون احترام أخلاقياتها، وحول هذا الموضوع، نظم منتدى الصحافة في الأرجنتين، ندوة دولية بمشاركة أكاديميين، صدرت في كتاب سنة 2007، تحت عنوان "صحافة الجودة: نقاشات وتحديات"، ناقش هذا الإشكال من مختلف جوانبه، وكانت خلاصته الرئيسية، أن الجودة والأخلاقيات وجهان لعملة واحدة. الجودة في البحث والتقصي وتدقيق المعلومات والتأكد من المعطيات، احترام الخصوصيات، الامتناع عن ممارسة السب والقذف، استعمال اللغة بشكل صحيح وراقٍ، تجنب الأخطاء اللغوية... ومن مصادر هذا الكتاب، البحث الذي نشرته الأستاذة الجامعية الإسبانية، المتخصصة في أخلاقيات الصحافة، صوريا كارلوس، تحت عنوان "الأمراض النفسية للأخلاقيات في المؤسسات الإخبارية"، حيث اعتبرت أن هناك أربعة أسباب تفرض الالتزام بأخلاقيات الصحافة؛ أولها، أن الأشخاص الذين يربحون قوت يومهم من خلال انتقاد الآخرين، تقع عليهم مسؤولية أن يكون تفكيرهم غير مثير للانتقاد، ثانيها، الاشتغال قليلا، بشكل رديء، بدون احترام القواعد والجودة المطلوبة، يشكل أول انتهاك للأخلاقيات، ثالثها، أن القانون وحده لا يكفي، فعلى المؤسسات أن تضع أنظمة داخلية لاحترام أخلاقيات الصحافة، رابعها، حتى تكون هناك مقاولات صحافية قوية وموحدة، عليها أن تتوفر على منظومة قيم، وثقافة أخلاقية مشتركة. إن كل حديث عن حرية الصحافة، دون استحضار شروط ممارستها، يظل مجرد شعارات فارغة، فبالإضافة إلى ضرورة العمل على توفير الإطار القانوني الذي يسمح بممارسة الحرية، فإن الأهم هو أن تلتزم الصحافة بالقواعد المهنية والمبادئ الأخلاقية، وتستند على منظومة القيم، المتعارف عليها عالميا في ميدان الصحافة، داخل إطار مؤسساتي قوي، وأنظمة داخلية يتم فيها تقاسم المسؤولية المشتركة، كل هذا لا يمكن أن يكون إلا في مقاولات صحافية مهيكلة بشكل محترف، تتوفر على إمكانات مادية وموارد بشرية، قادرة على تقديم منتوج يليق بمكانة الصحافة ويتجاوب مع متطلبات مسؤوليتها الاجتماعية.
ساحة

هرماس يسائل والي الجهة ووالي الامن.. هل أعلنتما انهزام السلطة أمام عربدة سائقي سيارات الأجرة؟
حسن هرماس السيدان الواليان المحترمان، كلما حللت بالمدينة الحمراء، التي امضيت فيها جزءا غير يسير من مساري المهني كصحافي، وارتبطت بها من الناحية الوجدانية والعائلية، إلا وشعرت بنوع من المرارة والأسى اتجاه بعض الممارسات المشينة التي تتغذى من مستنقع الفوضى والابتزاز، لدرجة أنني أصبحت أتخيل أن السلطات الأمنية والسلطات الولائية قدمتا معا استقالتها من ممارسة جزء من وظيفتها، وأعلنتا انهزامهما في مبارزة استأسد فيها "الخصم"، وما هو بخصم، وتجبر بلا حد ولا قيود. السيدان الواليان، أنا على يقين أنكما على بينة من العربدة والتجبر الذي عات بلا حدود في عدد من الأماكن المسموح فيها بتوقف سائقي سيارات الأجرة الصغيرة منها والكبيرة لنقل الركاب، مواطنين وسياحا، مغاربة وأجانب، نحو وجهاتهم، ومن ضمنها الساحة المحاذية لمحطة قطار مراكش، والساحة المواجهة لقنصلية فرنسا على مقربة من ساحة جامع لفنا...، ومبعث يقيني أنكما على علم بالأمر يستند إلى أن وظيفتكما الأساسية هي السهر على استتباب النظام والقانون، وتجسيد سلطة الدولة على أرض الواقع، وهذه المهمة الرهيبة، بمعناها الإيجابي، تستمدانها من الظهير الشريف ومن قرار تعيينكما في موقعي المسؤولية التي تتقلدانها.السيدان الواليان المحترمان، حللت بأرض البهجة ظهيرة يوم الإثنين 21 أبريل 2025، على متن رحلة قطار قادم الرباط، وأنا جد مزهو بنشوة اللقاءات التي جمعتني على مدى ثلاثة أيام مع الكتاب والإعلاميين والمثقفين في عاصمة المملكة بمناسبة الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب... ولا أخفيكما الإحباط والانكسار اللذين أصبت بهما وأنا أغادر محطة القطار باحثا عن سيارة أجرة تقلني اتجاه حي تاركة، حتى خيل إلى أنني في مغربين اثنين: مغرب الرباط حيث يشعر الإنسان بالاحترام والطمأنينة والحق في الخدمة العمومية المؤدى عنها، ومغرب مراكش الذي استأسد فيه، دون حسيب ولا رقيب، طغمة من منعدمي الضمير وقليلي الأخلاق ومحترفي المساومة والابتزاز ، وهم جزء ـ وليس كل ـ من سائقي سيارات الأجرة، ومنافسيهم الممارسين للمهنة خارج القانون. فخلال ثلاثة أرباع الساعة، بقيت "مشوجر" ، ( بتعبير أهل المدينة)، قبالة طابور من سيارات الأجرة المتوقفة، وبين الفينة والأخرى يأتي سائق السيارة مصحوبا بسائح (ين) أجنبي، ولا أحد غير السياح الأجانب، في هيئة تشي بأنه حصل على غنيمة، بينما يبدو السائح(ين)، وكأنهم "يساقون إلى المقصلة وهم ينظرون". بعدما تبين لي أن لا حظ لي في العثور على سيارة أجرة صغيرة في الموقف المجاور لمحطة القطار، على الرغم من أن عددا من السيارات ما تزال متوقفة في غياب السائقين الذين يترصدون "الهموز" داخل محطة القطار، توجهت نحو الشارع الذي يشكل امتداد لشارع محمد السادس، لعل سيارة أجرة مارة في نفس الاتجاه الذي أقصده تتوقف ... لكن دون جدوى. بل بمجرد ما أشرت على سيارة الأجرة الأولى حتى باغثني شخص بالسؤال عن وجهتي، سألته من أنت، قال لي :"طالب معاشو، عندي طاموبيلتي تنهز لبلايص"...، وأضاف قائلا: "راك غير كتضيع وقتك، ما غادي توقف ليك حتى طاكسي فهاد البلاصة"،اضطررت لأخبره عن وجهتى وهي "تاركة"، لأنني صاحب حاجة، قال لي 40 درهم... أتعرفان بماذا أجبته، سيداي الواليان؟ قلت لمن ادعى أنه "طالب معاشو": " ما عند الميت ما يدير قدام غسالو"، ورضخت للابتزاز.على امتداد المسار الرابط بين محطة قطار مراكش وحي تاركة، والذي اعتدت أن أؤدي مقابله 17 درهما عند العودة، تراءت لي مجموعة من الوقائع المشينة التي تخدش محيى مدينة البهجة، ومن ضمنها واقعة السائح الأجنبي الإنجليزي الجنسية الذي سبق له ، قبل شهور معدودة، أن تعرض للنصب من طرف سائق سيارة أجرة صغيرة بعدما حل بمطار مراكش المنارة، وهي الحادثة التي وثقها بالصوت والصورة، وتتبعها ملايين المشاهدين عبر العالم في قناته على اليوتوب.وإذا كان هذا السائح الأجنبي قد جهر بهذه الطريقة الفاضحة بتعرضه للظلم في بلد اسمه المغرب، له تاريخ ولديه ترسانة كبيرة من القوانين، وهو ما حز في أنفس حشد كبير من المغاربة مما اضطر السلطات إلى اتخاذ إجراءات تنظيمية وردعية للحيلولة دون تكرار فضيحة أخرى في مطار المنارة، فإن ما يقع في محيط محطة قطار مراكش، وعلى مقربة من ساحة جامع لفنا بشكل يومي، بل في كل ساعة وحين، لا يقل خطورة عن الواقعة السالف ذكرها، وهذا ما ينذر ـ لا قدر الله ـ بما هو أخطر وأفظع ما لم تتحرك السلطات الأمنية وسلطات ولاية مراكش للقيام بواجبها في فرض هبة الدولة وسيادة القانون. فاللهم هل بلغت، اللهم فاشهد.    
ساحة

محمد بنطلحة الدكالي يكتب: الروح الرياضية بالجزائر…داء العطب قديم
أمام الانتصارات المتتالية للدبلوماسية المغربية والنكسات والهزائم لجيران السوء،يبدو أن دولة العالم الآخر باتت تعيش أعراض الهلوسة والخرف،وهو داء عطب قديم إسمه" المروك". من بين الذكريات التي يتغنى بها حفدة الشهداء،واقعة كروية حدثت وقائعها في9 دجنبر1979 بين المغرب والجزائر،انتهت بفوزهم كما هو معلوم...ومنذ ذلك الحين والأبواق الإعلامية تكتب عن هذا" النصر" العظيم الذي مضت عليه46 سنة. ولأن مرض الهلوسة تزداد تهيؤاته بازدياد حدته،يبدو أن الكراغلة باتوا منذ الآن يترقبون مقابلة شباب قسنطينة أمام نهضة بركان المغربي. تطالعنا اليوم جريدة الشروق بمقال يحمل عنوان:" الرئيس تبون يحرص على مرافقة السياسي ودعمه في مواجهته ضد نهضة بركان المغربي"...! لقد أكد المقال أن زعيم الكراغلة سيتكفل بكامل مصاريف تنقل وإقامة ممثل الكرة الجزائرية في المغرب،علما أن وزير الشباب والرياضة،وليد صادي،وخلال حضوره مأدبة العشاء التي أقامها والي الولاية صيودة،كان قد نقل للنادي القسنطيني إدارة ولاعبين دعم رئيس الجمهورية ومساندته المطلقة للفريق في مواجهته أمام نهضة بركان...ومن ثمة ضمان تنشيط النهائي الإفريقي القادم ودخول التاريخ من بابه الواسع...! سبحان الله معشر الكراغلة،دخول التاريخ،شافاكم الله،يكون عبر الاختراعات والإنجازات،وتوفير لتر حليب وكسرة خبز لكل جائع،وذلك أضعف الإيمان. دخول التاريخ يكون عبر التلاحم والتآزر،لأننا دم واحد وتاريخ مشترك. أما وأنتم تشحنون المدرب خير الدين ماضوي وكأنه متوجه إلى ساحة الحرب،وتأمرون اللاعبين بوقرة ومداحي وكأنهما قائدا فريق مشاة...! إسمحوا لي أن أعترف،أني بت أشفق عليكم،وأدعو الله أن يتدبر أمر الحرارة المفرطةالتي تسكنكم. ونحن ندعو لكم بالشفاء معشر الكراغلة،نذكركم أنه وطوال التاريخ،ومنذ الحضارة الإغريقية التي عرفت ألعاب أثينا،ظلت الرياضة عنوانا للفرجة والتآخي والتعارف بين الشعوب لما تمثله من قيم إنسانية نبيلة،إنها تنشر السلام وتشجع على التسامح والاحترام وسمو الأخلاق،والرياضة بمعناها الصحيح ترفض أن تكون وسيلة لغاية أخرى لأنها منبع القيم السامية المثلى حين تنتصر الروح الرياضية. إننا نشفق عليكم،ونرثي لحالكم حين تعتبرون انتصارا صغيرا في كرة القدم عن طريق ضربات الحظ،عيدا وطنيا وملحمة بطولية،محاولين تهدئة الشارع الذي يعرف حراكا شعبيا. لقد ضاق الشعب الجزائري الشقيق درعا من ضيق العيش ومحنة الطوابير والرعب اليومي الجاثم على النفوس... الرياضة أخلاق وسمو إنساني نبيل...حاولوا أن تستفيقوا من غيكم،رغم أن داء العطب قديم... محمد بنطلحة الدكالي
ساحة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الجمعة 04 يوليو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة