تكناوي يكتب: الدورة الإستدراكية للامتحان الجهوي للأولى “باك”.. بين منطق التقويم ومنطوق التجويد
كشـ24
نشر في: 15 مارس 2019 كشـ24
يعد التقويم أحد الركائز الأساسية من أجل تحسين نوعية التعليم ومردود المنظومة التربوية واعتبره الميثاق الوطني للتربية والتكوين مكونا محوريا؛ إلا أنه في المدرسة المغربية يمارس التقويم بمفهوم جد ضيق مرادف للاختبارات والامتحانات التي يخضع لها التلاميذ وفق ما تحدده المذكرات المنظمة والتي يغلب عليها هاجس الضبط التنظيمي، بل اكثر من ذلك يتم اعتبار التلميذ هو المعنى الأول والأخير والمباشر بعملية التقويم التربوي.ودون الغوص في كل وظائف التقويم وآلياته وأساليبه وهو على كل حال ليس ديدن أو موضوع هذا المقال نكتفي بالقول بأن أقصى ما نستهدفه من هذه السطور هو اذكاء نقاش رصين حول واقع التقييم التربوي وفتح مجالات للتفكير وزوايا للتأمل حول رهاناته وآفاقه وبصفة خاصة الامتحانات أو الاختبارات والتي في اعتقادي أصبحت حاليا متجاوزة وتقتضي اعتماد بيداغوجية جديدة لتجاوز الثغرات التي أبانت عنها تجربة العمل بمقتضيات النظام الحالي خاصة على مستوى السنة الأولى من سلك البكالوريا التي تم تسجيل اخفاقات وتعثرات كثيرة حولها.وكما هو معلوم فاحتساب معدل البكالوريا يتم بناء على نتائج الامتحان الجهوي الموحد بنسبة 25 في المائة والمراقبة المستمرة للسنة الثانية بنسبة 25 في المائة والامتحان الوطني الموحد بنسبة 50 في المائة.فالعديد من التلاميذ عن وعي وإدراك أو عن قصور وجهل يستخفون في سنتهم الأولى بالامتحان الجهوي ولا يعيرونه أي اهتمام باعتباره محطة هامة في مسارهم الدراسي ، فتكون نتائجهم دون المستوى المأمول والمقبول وقد يقضون سنتهم الثانية في مثابرة واجتهاد من أجل نقط جيدة في المراقبة المستمرة وفي الامتحان الوطني بل وفي تحايل بارز يلجأ بعض الآباء إلى نقل أبناءهم إلى مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي من أجل ضمان نقط مرتفعة في المراقبة المستمرة لتدارك تدني نقطة الامتحان الجهوي.ورغم التعديلات التي أدخلت على الامتحان الجهوي والمتمثلة في قرار اعتماد رأي أباءوأولياء التلاميذ الحاصلين على معدل يقل عن 8 على 20 في أمر انتقالهم مع توفرهم على معدل في المراقبة المستمرة يخول لهم الانتقال إلى السنة الثانية بمعنى أن مجلس القسم يأخذ في مداولاته برأي أولياء التلاميذ بخصوص تكرار أبناءهم الحاصلين على نقطة تقل عن 8 وذلك عبر وثيقة مصادقة عليها، هناك عوائق واكراهات وتمثلات تحول دون التنزيل الميداني لهذا القرار فهو يخضع لمتغيرات متعددة ويندرج في المجال الثقافي والاجتماعي ومحفزات التمدرس ودرجة التأطير الاداري والتربوي للآباء وروح الانفتاح لدى الاسر ومستواها التعليمي والمواقف والتصورات الاجتماعية حول المدرسة بشكل عام والنتيجة أن عدد لا يستهان به من التلاميذ لا يلجأون إليه رغم تدني معدلاتهم في الامتحان الجهوي مما يحد من مردودية امتحان ويقلص من الفرص الاضافية للحصول على شهادة البكالوريا.فإشكالية الامتحان الجهوي تجعل اجراءاته غير مضبوطة بدقة وحتى على مستوى الاستدراك والذي يختلف بشكل جدري عنه في الامتحان الوطني، ففي الوقت الذي يسمح للتلاميذ في الامتحان الوطني بحق الاستدراك اذا ما حصلوا على نقطة ما بين 8 و9.99 كما نص على ذلك تشريع الذي صدر خلال الموسم الدراسي 2005-2006 فانه لا يسمح للتلاميذ في الامتحان الجهوي بالاستدراك إلا في حال الغياب بسبب قوة قاهرة أو عذر مرضي يكون موضوع مبرر تقبله الإدارة الوصية.يتضح أن شكليات وإجراءات الاستدراك بين الامتحانين تبدوا متباعدة ومتنافرة وكان من المفروض والمحبذ في اعتقادي أن يكون الإجراء واحد حتى يستفيد التلاميذ في الامتحان الجهوي بما يستفيدون منه في الامتحان الوطني وتمنح لهم فرصة ثانية لتحسين معدلاتهم بدل تكرار السنة الذي يبقى قرار جد مكلف للتلميذ ولوليه على حد سواء وحتى الانتقال بمعدل 8 فذلك معناه مغامرة غير محسوبة لشهادة البكالوريا.والمقترح هو تبني تعديل بسيط يصبح بالإمكان تجاوز هاجس الامتحان الجهوي في حال تدني نقطه بعبارة اخرى اجراء دورة استدراكية لا على اساس فقط التخلف في مادة أوأكثر من الامتحان الجهوي بسبب عذر قاهر كالمرض وإنما على أساس عتبة الاستدراك على غرار عتبة استدراك الامتحان الوطني.ومن خلال الاطلاع على نتائج الامتحان الجهوي في بعض المؤسسات بجهة مراكش اسفي والتي تظهر تدني معدلات الامتحان الجهوي والتي تنذر بالصعوبات المتوقعة والمنتظرة للحصول على شهادة البكالوريا. فهل ستلتفت وزارة أمزازي إلى هذا الاشكال من أجل تحسين جودة التقويم تماشيا مع الاصلاحات البنيوية التي تم اتخادها مؤخرا .وعلى العموم فالممارسة التقويمية بالمدرسة المغربية بحاجة الى ثورة مفاهيمية قادرة على تخطي القوالب الجاهزة والتمثلات السلبية والأحكام القبلية لتجاوز الفهم الضيق للتقويم باعتباره مرادفا كما سلف القول للامتحانات أو كونه عملية نهائية تأتي في نهاية كل فصل دراسي وتتناول معارف التلاميذ لتبني قرار النجاح أو الرسوب إلى اعتبار التقويم عملية منظمة وشاملة ومقصودة بغية اتخاذ إجراءات مناسبة تمكن من الرفع من فرص إبراز الأداء الحقيقي بالنسبة للممتحنين و تسهيل نجاحهم واندماجهم في واقعهم.
محمد تكناوي
يعد التقويم أحد الركائز الأساسية من أجل تحسين نوعية التعليم ومردود المنظومة التربوية واعتبره الميثاق الوطني للتربية والتكوين مكونا محوريا؛ إلا أنه في المدرسة المغربية يمارس التقويم بمفهوم جد ضيق مرادف للاختبارات والامتحانات التي يخضع لها التلاميذ وفق ما تحدده المذكرات المنظمة والتي يغلب عليها هاجس الضبط التنظيمي، بل اكثر من ذلك يتم اعتبار التلميذ هو المعنى الأول والأخير والمباشر بعملية التقويم التربوي.ودون الغوص في كل وظائف التقويم وآلياته وأساليبه وهو على كل حال ليس ديدن أو موضوع هذا المقال نكتفي بالقول بأن أقصى ما نستهدفه من هذه السطور هو اذكاء نقاش رصين حول واقع التقييم التربوي وفتح مجالات للتفكير وزوايا للتأمل حول رهاناته وآفاقه وبصفة خاصة الامتحانات أو الاختبارات والتي في اعتقادي أصبحت حاليا متجاوزة وتقتضي اعتماد بيداغوجية جديدة لتجاوز الثغرات التي أبانت عنها تجربة العمل بمقتضيات النظام الحالي خاصة على مستوى السنة الأولى من سلك البكالوريا التي تم تسجيل اخفاقات وتعثرات كثيرة حولها.وكما هو معلوم فاحتساب معدل البكالوريا يتم بناء على نتائج الامتحان الجهوي الموحد بنسبة 25 في المائة والمراقبة المستمرة للسنة الثانية بنسبة 25 في المائة والامتحان الوطني الموحد بنسبة 50 في المائة.فالعديد من التلاميذ عن وعي وإدراك أو عن قصور وجهل يستخفون في سنتهم الأولى بالامتحان الجهوي ولا يعيرونه أي اهتمام باعتباره محطة هامة في مسارهم الدراسي ، فتكون نتائجهم دون المستوى المأمول والمقبول وقد يقضون سنتهم الثانية في مثابرة واجتهاد من أجل نقط جيدة في المراقبة المستمرة وفي الامتحان الوطني بل وفي تحايل بارز يلجأ بعض الآباء إلى نقل أبناءهم إلى مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي من أجل ضمان نقط مرتفعة في المراقبة المستمرة لتدارك تدني نقطة الامتحان الجهوي.ورغم التعديلات التي أدخلت على الامتحان الجهوي والمتمثلة في قرار اعتماد رأي أباءوأولياء التلاميذ الحاصلين على معدل يقل عن 8 على 20 في أمر انتقالهم مع توفرهم على معدل في المراقبة المستمرة يخول لهم الانتقال إلى السنة الثانية بمعنى أن مجلس القسم يأخذ في مداولاته برأي أولياء التلاميذ بخصوص تكرار أبناءهم الحاصلين على نقطة تقل عن 8 وذلك عبر وثيقة مصادقة عليها، هناك عوائق واكراهات وتمثلات تحول دون التنزيل الميداني لهذا القرار فهو يخضع لمتغيرات متعددة ويندرج في المجال الثقافي والاجتماعي ومحفزات التمدرس ودرجة التأطير الاداري والتربوي للآباء وروح الانفتاح لدى الاسر ومستواها التعليمي والمواقف والتصورات الاجتماعية حول المدرسة بشكل عام والنتيجة أن عدد لا يستهان به من التلاميذ لا يلجأون إليه رغم تدني معدلاتهم في الامتحان الجهوي مما يحد من مردودية امتحان ويقلص من الفرص الاضافية للحصول على شهادة البكالوريا.فإشكالية الامتحان الجهوي تجعل اجراءاته غير مضبوطة بدقة وحتى على مستوى الاستدراك والذي يختلف بشكل جدري عنه في الامتحان الوطني، ففي الوقت الذي يسمح للتلاميذ في الامتحان الوطني بحق الاستدراك اذا ما حصلوا على نقطة ما بين 8 و9.99 كما نص على ذلك تشريع الذي صدر خلال الموسم الدراسي 2005-2006 فانه لا يسمح للتلاميذ في الامتحان الجهوي بالاستدراك إلا في حال الغياب بسبب قوة قاهرة أو عذر مرضي يكون موضوع مبرر تقبله الإدارة الوصية.يتضح أن شكليات وإجراءات الاستدراك بين الامتحانين تبدوا متباعدة ومتنافرة وكان من المفروض والمحبذ في اعتقادي أن يكون الإجراء واحد حتى يستفيد التلاميذ في الامتحان الجهوي بما يستفيدون منه في الامتحان الوطني وتمنح لهم فرصة ثانية لتحسين معدلاتهم بدل تكرار السنة الذي يبقى قرار جد مكلف للتلميذ ولوليه على حد سواء وحتى الانتقال بمعدل 8 فذلك معناه مغامرة غير محسوبة لشهادة البكالوريا.والمقترح هو تبني تعديل بسيط يصبح بالإمكان تجاوز هاجس الامتحان الجهوي في حال تدني نقطه بعبارة اخرى اجراء دورة استدراكية لا على اساس فقط التخلف في مادة أوأكثر من الامتحان الجهوي بسبب عذر قاهر كالمرض وإنما على أساس عتبة الاستدراك على غرار عتبة استدراك الامتحان الوطني.ومن خلال الاطلاع على نتائج الامتحان الجهوي في بعض المؤسسات بجهة مراكش اسفي والتي تظهر تدني معدلات الامتحان الجهوي والتي تنذر بالصعوبات المتوقعة والمنتظرة للحصول على شهادة البكالوريا. فهل ستلتفت وزارة أمزازي إلى هذا الاشكال من أجل تحسين جودة التقويم تماشيا مع الاصلاحات البنيوية التي تم اتخادها مؤخرا .وعلى العموم فالممارسة التقويمية بالمدرسة المغربية بحاجة الى ثورة مفاهيمية قادرة على تخطي القوالب الجاهزة والتمثلات السلبية والأحكام القبلية لتجاوز الفهم الضيق للتقويم باعتباره مرادفا كما سلف القول للامتحانات أو كونه عملية نهائية تأتي في نهاية كل فصل دراسي وتتناول معارف التلاميذ لتبني قرار النجاح أو الرسوب إلى اعتبار التقويم عملية منظمة وشاملة ومقصودة بغية اتخاذ إجراءات مناسبة تمكن من الرفع من فرص إبراز الأداء الحقيقي بالنسبة للممتحنين و تسهيل نجاحهم واندماجهم في واقعهم.