إذا اردنا أن ننظر الى هذا الموضوع بنظرة معتمدة على الواقعية فسنرى أن لرمضان السابق بعض المميزات، إذ كان أكثر هدوءا وأقل صخبا، والناس كانوا أقرب للبساطة، وأبعد عن الكلفة، و قبل حلول شهر الصيام و استعدادا له ، كنت تشتم رائحة رمضان من كرم الناس و حسنهم و إن ذهبت إلى السوق أو المتاجر لوجدت أسعار أرخص و الفرحة تكبر عند العلم بيوم الصيام فتجد العائلات على أتم الاستعداد وذلك بصنع الحلويات ك "الشباكية" و"السفوف" وكانت هذه الحلويات لاتؤكل إلا في يوم "الفضيلة" وهو يوم النصف من شهر رمضان عند بعض الأسر لما كان لهذا اليوم من طقوس وعادات خاصة و تصنع الأمهات وجبات تقليدية للعشاء كالدجاج البلدي أو الكسكس وذلك بعد اجتماع العائلة والأقارب في أجواء دينية وروحانية ليختموا ليلتهم بالأطباق المعدة وطبق الشباكية يترك للأخير للتحلية، و السحور يكون على طبق تقليدي أو شيء خفيف مع العائلة و إتمام معظم الوقت حتى الفجر بقراءة و تلاوة القرآن و عندما يحين وقت العمل أو الدراسة تجد الناس يقومون بكل سعادة و بهجة لإتمام أعمالهم بعيدا عن الغضب و تجدهم يتعاونون أكثر من أيام قد خلت و عند اقتراب الإفطار تجتمع العائلة في انتظار الآذان وبعد انتهاء الإفطار يعني التحضير للتراويح ثم الجلسات العائلية مع الأحباب و الجيران.
أما الآن فإن رمضان -وخصوصاً في الليل- أكثر صخباً، وضجيجاً، بحكم كثرة الملهيات والمغريات، هناك بعض العائلات القليلة التي تحافظ على التقاليد الرمضانية، والبعض الآخر لم تعد تبدي اهتماما كبيرا بالاستعدادات لرمضان لانشغالهم في الحياة ومشاغلها، حيث لم تعد الامهات تحضر الحلويات بالمنزل بل تشتريها من السوق كباقي المواد الغذائية التي تستهلك برمضان، ونلاحظ توفرها بالأسواق بكثرة وبأنواع وأصناف مختلفة مما يسهل الامر على السيدات المغربيات العاملات، غير أن ذلك لا يغمط رمضان في السنين المتأخرة حقه؛ إذ يمتاز عما كان عليه في الماضي بميزات كثيرة منها: إقبال الناس على صلاة التراويح والقيام؛ فتجد أن المساجد تكتظ بالمصلين على اختلاف طبقاتهم، رجالاً، ونساءً، شباباً، وكهولاً، وشِيباً.
ويبقى شهر رمضان الأبرك من الأشهر المتميزة لدى كافة المغاربة ومناسبة غالية يتم لها الاستعداد على كافة المستويات رغم الطابع الاحتفالي الذي لم يبق في المرتبة التي كان عليها سلفا، وله مكانة وحظوة في قلوبهم قَل أن تكون لمناسبة أخرى.