

ساحة
البشيكري يتساءل.. هل يؤثر إعلام مراكش على صانعي القرار؟
إن المتتبع للشأن العام سيرى لا محالة أن الاعلام يلعب دورا كبيرا في التأثير على عملية صنع السياسات العمومية، و يكون هذا الدور أكثر فعالية وقوة في الدول الديمقراطية حيث يكون فيها للصحافي و الصحافة بصفة عامة هامشا أكبر للتعبير، ويتراجع هذا الدور في البلدان أقل ديمقراطية نظراً للرقابة الصارمة التي تفرضها الحكومات على قطاع الصحافة وبالتالي قوة التأثير في صناعة القرار تكون أقل فعالية.ليس من القائم تصور العملية السياسة بدون عملية تواصلية موازية لها أو قائمة بصلبها، و لكن الناظر لحال مدينة مراكش نموذجا و علاقة المسؤولين و المنتخبين بالاعلام، تقتصر فقط على التقاط صور و مشاركتها على مواقع التواصل الاجتماعي بدواعي الانفتاح و التواصل، والواقع أن العلاقة بين طرفي المعادلة هي علاقة جدلية بكل المقاييس، تختلف دائرة التأثير بينهما باختلاف المسؤول، فالنظامان، أي التواصل والسياسة، كلاهما يتأثر بالآخر ويؤثر فيه، وإن كان التأثير الذي يمارسه النظام السياسي على نظام الاتصال في البلدان النامية بشكل خاص، أكبر من تأثير الاتصال على النظام السياسي.ومدينة مراكش انموذجا تعتمد على عملية استقطاب وسائل الإعلام من لدن المسؤولين و الوجوه السياسية، إما بغرض توظيفها للدعاية، أو من أجل اعتمادها كوسيلة لتجميل صورة المنتخبين، مقابل ذلك أو على نقيضه، نجد أن وسائل الإعلام والصحافة النزيهة و المواطنة، هي التي تمارس ضغطها على صناع القرار السياسي، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالشؤون العامة للمواطنات و المواطنين.وكباحث في فالإعلام و السياسات العمومية فإن هذا الأخير بات يضطلع بدور ريادي لما يكتسبه من أهمية في تجسيد العديد من المخططات والبرامج التنموية التي تهم بعض المشاكل الحياتية من خلال المقترحات و التوصيات عن طري المواد الاعلامية التي يتم تناولها، و انطلاقا من الدفاع عن الحقوق الأساسية للمواطنات و المواطنين والسهر عليها، وصولا إلى التنمية البشرية المنشودة، باعتبار أن الإعلام يشكل وسيلة لتحسيس المواطنات و المواطنين وتوعيتهم بمدى أهمية مساهمتهم للانخراط في مسلسل التنمية، و مهما وصل الإعلام من حداثة وتقدم، فلا يمكن أن يخرج من كونه مجرد وسيلة لخدمة القضايا المجتمعية. وطبعا لا يخفى على أحد منا، أن الإعلام الجاد و المسؤول بمختلف أشكاله المقروءة والمرئية والمسموعة، يمكنه أن يؤثر سلبا أو إيجابا على السياسات العمومية، نظرا للمهام والوظائف التي يحظى بها من حيث التأثير على الرأي العام، ومن حيث مسايرة مختلف الأنشطة المجتمعية التي تقوم بها المجالس المنتخبة والتي تتعلق بإعداد وتنفيذ السياسات العمومية. وفي حديثنا هذا لابد من أن ندفع القارئ ليستشف من بعض الأحداث التي ارتج لها المجتمع المغربي، أن الإعلام قد رفع أصوات الرأي العام للمسؤولين، و أنه ساهم بشكل كبير في تغيير مجريات هذه الأحداث، فمثلا لما صادقت لجنة العدل وحقوق الإنسان لدى مجلس النواب بالإجماع على قانون يقضي بحذف الفقرة الثانية من الفصل 475 من القانون الجنائي، حيث كانت تسمح بزواج المغتصب أو المختطف أو المغرر بهـا مـن من اختطفهـا أو غرر بهـا . و نؤكد في الأخير على أن الاعلام يلعب دورا كبيرا في التأثير على أجندة السياسات العمومية وعلى الرأي العام بشكل عام و يمكننا استحضار أربعة أمثلة لهذا التأثير، وكيف ساهم الاعلام في تحويل سياسات عمومية و ممارسة الضغط على صناعها، ففي دجنبر 2014، نشرت المواقع الإلكترونية ومستخدموا وسائل التواصل الاجتماعي، صوراً وتقارير تتعلق بفضيحة فساد أرضية ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، رغم صرف الوزارة 22 مليار سنتيم على إصلاحها، وتداولت صحف وقنوات دولية كبرى هذا الحدث كما ان بعضها تناولته بشكل مسيء لسمعة الدولة، وتدخل الملك في المرحلة الأولى وامر بإجراء تحقيق انتهى بإقالة بعض المسؤولين في الوزارة وإعفاء وزير الشباب والرياضة في يناير 2015.وخلال الفترة نفسها، كشف الإعلام المغربي، فضيحة اقتناء كمية من الشوكولاتة الرفيعة من ميزانية وزارة الوظيفة العمومية بالإضافة إلى بعض المقتنيات بمناسبة حفل عقيقة ابنة الوزير المعني، ليتم بعده إعفاء الوزير من منصبه، وهو نفس القرار الذي اتخذ في حق وزيرين بسبب «فضيحة أخلاقية» لكن هذه القرارات اتخذت دون محاسبة المعنيين بها، ممايلزمنا كصحافيين القيام بالمطالبة بمحاسبة كافة المتورطين في نهب المال العام، و المثال الثالث هو تحول خبر نشرته الصحف المغربية في 2016، بشأن منح حكومة المغرب رخصة استيراد 2500 طن من النفايات الإيطالية، وسط حملة تحت إسم "المغرب ليس مزبلة" إلى قضية رأي عام، أثرت على هذا القرار الذي اتخذته الوزارة المكلفة بقطاع البيئة، وقد انتقل الموضوع إلى البرلمان حيث استدعت فرق برلمانية رئيس الحكومة ووزير البيئة من أجل المساءلة لتقديم التوضيحات في هذا الشأن حيال حيثيات دخول هذه الشحنة من النفايات للمغربوبعد مرور أسابيع قليلة أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة أن المجلس الحكومي ناقش الموضوع واتفق على عدم استعمال هذه الشحنة من النفايات، كما أن الحكومة أصدرت قرارا يتمثل في وقف استيراد النفايات من الخارج، بالإضافة إلى أن المرسوم المنظم لعملية تصدير واستيراد النفايات جرى تعليقه ولم يعرف طريقه للنشر في الجريدة الرسمية، وكآخر حادث يمكن أن أستشهد به في هذا المقال هو حادثة الطفل ريان الذي سقط ببئر بنواحي شفشاون حيث أدت التغطية الإعلامية المحلية والوطنية والدولية إلى إعطاء الحادث طابعا دوليا جعل العالم كله يترقب مآل الطفل أثناء عملية الحفر لإنقاذه، وبعد وفاة الطفل بأقل من 48 ساعة صدر قرار لوزارة التجهيز لوكالات الأحواض المائية بالمغرب يقضي بجرد شامل للآبار العشوائية التي قد تمثل خطرا على سلامة المواطنين.بهذا الشكل يمكننا إظهار العلاقة بين الاعلام و السياسات العمومية و الرأي العام، و من هنا يمكننا أن نطلق سهام النار على المحسوبين على مهنة الجلالة بأفعالهم المنافية للصواب و بتحوير دور الصحافة و الاعلام من كونها متتبعة و تساهم في تقييم السياسات العمومية، إلى كونها محل ماكياج للمسؤولين و المنتخبين و أداة دعاية و كسب التعاطف من طرف المواطنات و المواطنين، على الرغم من أن ما آلت إليه الأوضاع بمدينة مراكش يندى له الجبين و هذه المدينة العالمية تسائل الجميع و تضع وصمة عار على جميع من ساهم و يساهم في تأخرها و بقائها على ما هي عليه.زكرياء البشيكري
إن المتتبع للشأن العام سيرى لا محالة أن الاعلام يلعب دورا كبيرا في التأثير على عملية صنع السياسات العمومية، و يكون هذا الدور أكثر فعالية وقوة في الدول الديمقراطية حيث يكون فيها للصحافي و الصحافة بصفة عامة هامشا أكبر للتعبير، ويتراجع هذا الدور في البلدان أقل ديمقراطية نظراً للرقابة الصارمة التي تفرضها الحكومات على قطاع الصحافة وبالتالي قوة التأثير في صناعة القرار تكون أقل فعالية.ليس من القائم تصور العملية السياسة بدون عملية تواصلية موازية لها أو قائمة بصلبها، و لكن الناظر لحال مدينة مراكش نموذجا و علاقة المسؤولين و المنتخبين بالاعلام، تقتصر فقط على التقاط صور و مشاركتها على مواقع التواصل الاجتماعي بدواعي الانفتاح و التواصل، والواقع أن العلاقة بين طرفي المعادلة هي علاقة جدلية بكل المقاييس، تختلف دائرة التأثير بينهما باختلاف المسؤول، فالنظامان، أي التواصل والسياسة، كلاهما يتأثر بالآخر ويؤثر فيه، وإن كان التأثير الذي يمارسه النظام السياسي على نظام الاتصال في البلدان النامية بشكل خاص، أكبر من تأثير الاتصال على النظام السياسي.ومدينة مراكش انموذجا تعتمد على عملية استقطاب وسائل الإعلام من لدن المسؤولين و الوجوه السياسية، إما بغرض توظيفها للدعاية، أو من أجل اعتمادها كوسيلة لتجميل صورة المنتخبين، مقابل ذلك أو على نقيضه، نجد أن وسائل الإعلام والصحافة النزيهة و المواطنة، هي التي تمارس ضغطها على صناع القرار السياسي، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالشؤون العامة للمواطنات و المواطنين.وكباحث في فالإعلام و السياسات العمومية فإن هذا الأخير بات يضطلع بدور ريادي لما يكتسبه من أهمية في تجسيد العديد من المخططات والبرامج التنموية التي تهم بعض المشاكل الحياتية من خلال المقترحات و التوصيات عن طري المواد الاعلامية التي يتم تناولها، و انطلاقا من الدفاع عن الحقوق الأساسية للمواطنات و المواطنين والسهر عليها، وصولا إلى التنمية البشرية المنشودة، باعتبار أن الإعلام يشكل وسيلة لتحسيس المواطنات و المواطنين وتوعيتهم بمدى أهمية مساهمتهم للانخراط في مسلسل التنمية، و مهما وصل الإعلام من حداثة وتقدم، فلا يمكن أن يخرج من كونه مجرد وسيلة لخدمة القضايا المجتمعية. وطبعا لا يخفى على أحد منا، أن الإعلام الجاد و المسؤول بمختلف أشكاله المقروءة والمرئية والمسموعة، يمكنه أن يؤثر سلبا أو إيجابا على السياسات العمومية، نظرا للمهام والوظائف التي يحظى بها من حيث التأثير على الرأي العام، ومن حيث مسايرة مختلف الأنشطة المجتمعية التي تقوم بها المجالس المنتخبة والتي تتعلق بإعداد وتنفيذ السياسات العمومية. وفي حديثنا هذا لابد من أن ندفع القارئ ليستشف من بعض الأحداث التي ارتج لها المجتمع المغربي، أن الإعلام قد رفع أصوات الرأي العام للمسؤولين، و أنه ساهم بشكل كبير في تغيير مجريات هذه الأحداث، فمثلا لما صادقت لجنة العدل وحقوق الإنسان لدى مجلس النواب بالإجماع على قانون يقضي بحذف الفقرة الثانية من الفصل 475 من القانون الجنائي، حيث كانت تسمح بزواج المغتصب أو المختطف أو المغرر بهـا مـن من اختطفهـا أو غرر بهـا . و نؤكد في الأخير على أن الاعلام يلعب دورا كبيرا في التأثير على أجندة السياسات العمومية وعلى الرأي العام بشكل عام و يمكننا استحضار أربعة أمثلة لهذا التأثير، وكيف ساهم الاعلام في تحويل سياسات عمومية و ممارسة الضغط على صناعها، ففي دجنبر 2014، نشرت المواقع الإلكترونية ومستخدموا وسائل التواصل الاجتماعي، صوراً وتقارير تتعلق بفضيحة فساد أرضية ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، رغم صرف الوزارة 22 مليار سنتيم على إصلاحها، وتداولت صحف وقنوات دولية كبرى هذا الحدث كما ان بعضها تناولته بشكل مسيء لسمعة الدولة، وتدخل الملك في المرحلة الأولى وامر بإجراء تحقيق انتهى بإقالة بعض المسؤولين في الوزارة وإعفاء وزير الشباب والرياضة في يناير 2015.وخلال الفترة نفسها، كشف الإعلام المغربي، فضيحة اقتناء كمية من الشوكولاتة الرفيعة من ميزانية وزارة الوظيفة العمومية بالإضافة إلى بعض المقتنيات بمناسبة حفل عقيقة ابنة الوزير المعني، ليتم بعده إعفاء الوزير من منصبه، وهو نفس القرار الذي اتخذ في حق وزيرين بسبب «فضيحة أخلاقية» لكن هذه القرارات اتخذت دون محاسبة المعنيين بها، ممايلزمنا كصحافيين القيام بالمطالبة بمحاسبة كافة المتورطين في نهب المال العام، و المثال الثالث هو تحول خبر نشرته الصحف المغربية في 2016، بشأن منح حكومة المغرب رخصة استيراد 2500 طن من النفايات الإيطالية، وسط حملة تحت إسم "المغرب ليس مزبلة" إلى قضية رأي عام، أثرت على هذا القرار الذي اتخذته الوزارة المكلفة بقطاع البيئة، وقد انتقل الموضوع إلى البرلمان حيث استدعت فرق برلمانية رئيس الحكومة ووزير البيئة من أجل المساءلة لتقديم التوضيحات في هذا الشأن حيال حيثيات دخول هذه الشحنة من النفايات للمغربوبعد مرور أسابيع قليلة أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة أن المجلس الحكومي ناقش الموضوع واتفق على عدم استعمال هذه الشحنة من النفايات، كما أن الحكومة أصدرت قرارا يتمثل في وقف استيراد النفايات من الخارج، بالإضافة إلى أن المرسوم المنظم لعملية تصدير واستيراد النفايات جرى تعليقه ولم يعرف طريقه للنشر في الجريدة الرسمية، وكآخر حادث يمكن أن أستشهد به في هذا المقال هو حادثة الطفل ريان الذي سقط ببئر بنواحي شفشاون حيث أدت التغطية الإعلامية المحلية والوطنية والدولية إلى إعطاء الحادث طابعا دوليا جعل العالم كله يترقب مآل الطفل أثناء عملية الحفر لإنقاذه، وبعد وفاة الطفل بأقل من 48 ساعة صدر قرار لوزارة التجهيز لوكالات الأحواض المائية بالمغرب يقضي بجرد شامل للآبار العشوائية التي قد تمثل خطرا على سلامة المواطنين.بهذا الشكل يمكننا إظهار العلاقة بين الاعلام و السياسات العمومية و الرأي العام، و من هنا يمكننا أن نطلق سهام النار على المحسوبين على مهنة الجلالة بأفعالهم المنافية للصواب و بتحوير دور الصحافة و الاعلام من كونها متتبعة و تساهم في تقييم السياسات العمومية، إلى كونها محل ماكياج للمسؤولين و المنتخبين و أداة دعاية و كسب التعاطف من طرف المواطنات و المواطنين، على الرغم من أن ما آلت إليه الأوضاع بمدينة مراكش يندى له الجبين و هذه المدينة العالمية تسائل الجميع و تضع وصمة عار على جميع من ساهم و يساهم في تأخرها و بقائها على ما هي عليه.زكرياء البشيكري
ملصقات
