الأحد 16 فبراير 2025, 18:57

ساحة

الأندلسي يكتب.. التعليم  و التجارة و غياب الرقيب


ادريس الاندلسي نشر في: 6 سبتمبر 2023

يتزايد الضغط المالي كل سنة على الأسر التي اختارت،  لظروف معينة، أن  تسجل أبنائها في المدارس الخاصة. تبحث الأسر عن مبررات الزيادات المتتالية في رسوم التسجيل  و التأمين  و النقل المدرسي  و اللوازم الدراسية فلا تلقى جوابا مقنعا لا من طرف المدارس الخاصة  و لا من طرف الوزارة. أجور رجال  و نساء التعليم الخاص تظل شبه مجمدة  و تكاليف التسيير  و التأطير التربوي لا تعرف إرتفاعا كبيرا،  و رغم كل هذا يعاد تشغيل نفس الاسطوانة كل سنة للرد على تساؤلات الأسر.


يشكل التعليم الخصوصي حوالي 15%% من مجموع التلاميذ  و الطلبة ببلادنا الذي يتجاوز 10 ملايين. و لا يوجد أي إطار قانوني يحدد أسعار تقديم الخدمة التعليمية الخاصة.  هناك بالطبع فروقات في مستويات الأسعار بين المدارس الخاصة تشبه إلى حد بعيد ما يحدث في الفنادق السياحية.  هناك مدارس خمسة نجوم التي " تضمن" خدمة تؤدي إلى القبول في المدارس العليا  و هناك مدارس نجمة أو نجمتين التي توجد في الغالب  وسط الأحياء الشعبية التي تقطنها الطبقة الوسطى. و الكل  يعرف أن مدارس  خمسة نجوم لا تسجل التلاميذ لديها إلا بعد  التأكد  من تميزهم  ودرجة تحصيلهم الدراسي.  و لهذا تعرف نتائج هذه المدارس ارتفاعا  بالمقارنة  مع غيرها.

و غالبا ما تلجأ المدارس الخاصة لمدرسين يشتغلون في المدارس العمومية و تتعامل معهم في إطار إتفاق خاص او شبه سري يسهل التهرب الضريبي.  و لعل المتتبع لما جاء في الإجراءات  الجباءية في قانون للمالية لسنة  2023 قد لاحظ الزيادات الضريبية التي مست هذه الفئة من الأساتذة. و الغريب في الموضوع هو الفرق في المجهود المبذول من طرف الأستاذ حين يحط الرحال في المدرسة الخصوصية بعد تلك الساعات التي يقضيها في المدرسة العمومية.  هذا الأمر لا يهم إلا جزءا من الأساتذة  و خصوصا ذوي الاختصاص في المواد العلمية.

أما أساتذة هذا القطاع  و موظفيه فغالبا ما تنقص اجورهم  و حقوقهم بكثير عن القطاع العام. أغلبهم يعيش هشاشة اجتماعية و غياب حماية من طرف المصالح العمومية المختصة  و حتى من طرف بعض النقابات.


و يظل السؤال الجوهري هو تراجع المدرسة العمومية رغم تزايد الجهد المالي الكبير الذي تتحمله الميزانية العمومية منذ سنوات كثيرة.  و بالطبع يظل التفوق الفردي  و التميز ملتصقا بالمدرسة العمومية  و لكن هذا التميز يبقى محدودا في اقلية تلقى دعما  و تأطيرا أسريا متواصلا  و قويا بالإضافة إلى أساتذة اكفاء ذوي عزيمة و إلتزام.

ارتفعت ميزانية التعليم من 49،4 مليار  درهم سنة 2010 إلى حوالي 86 مليار درهم، بما فيها ما تم تخصيصه لقطاع الرياضة، سنة 2023 و ظلت الحالة العامة للقطاع كارثية. و هذا ما أكدت عليه أشغال الدورة الأولى العادية للمجلس الأعلى للتعليم  و التكوين و البحث العلمي التي انعقدت في يناير 2023.

أبرز  الوزير بن موسى أن  حوالي  300 ألف تلميذ يغادرون المدرسة سنويا. التمدرس بالعالم القروي يصطدم بضعف المستوى المالي للأسر  و هو ما يؤدي إلى هدر كبير يطال البنات أساسا.

يضاف إلى هذا ضعف الكفاءات الدنيا لدى الطلبة  و هو ما جعل بلادنا تحتل المرتبة 77 على 79 بلدا في هذا المجال.  الأمر يزداد ضعفا بالنسبة للقراءة مع احتلال الرتبة 75 عالميا و الأمر ينطبق أيضا على الرياضيات التي يتميز فيها قلة من التلاميذ المغاربة عالميا.

المهم هو أن العمل على ترقية التعليم يتطلب مجهودا مجتمعيا  و سياسيا لتعبئة كل الطاقات لتجاوز هذه الوضعية الصعبة.  هناك مخطط يمتد إلى غاية  2026

 

يتزايد الضغط المالي كل سنة على الأسر التي اختارت،  لظروف معينة، أن  تسجل أبنائها في المدارس الخاصة. تبحث الأسر عن مبررات الزيادات المتتالية في رسوم التسجيل  و التأمين  و النقل المدرسي  و اللوازم الدراسية فلا تلقى جوابا مقنعا لا من طرف المدارس الخاصة  و لا من طرف الوزارة. أجور رجال  و نساء التعليم الخاص تظل شبه مجمدة  و تكاليف التسيير  و التأطير التربوي لا تعرف إرتفاعا كبيرا،  و رغم كل هذا يعاد تشغيل نفس الاسطوانة كل سنة للرد على تساؤلات الأسر.


يشكل التعليم الخصوصي حوالي 15%% من مجموع التلاميذ  و الطلبة ببلادنا الذي يتجاوز 10 ملايين. و لا يوجد أي إطار قانوني يحدد أسعار تقديم الخدمة التعليمية الخاصة.  هناك بالطبع فروقات في مستويات الأسعار بين المدارس الخاصة تشبه إلى حد بعيد ما يحدث في الفنادق السياحية.  هناك مدارس خمسة نجوم التي " تضمن" خدمة تؤدي إلى القبول في المدارس العليا  و هناك مدارس نجمة أو نجمتين التي توجد في الغالب  وسط الأحياء الشعبية التي تقطنها الطبقة الوسطى. و الكل  يعرف أن مدارس  خمسة نجوم لا تسجل التلاميذ لديها إلا بعد  التأكد  من تميزهم  ودرجة تحصيلهم الدراسي.  و لهذا تعرف نتائج هذه المدارس ارتفاعا  بالمقارنة  مع غيرها.

و غالبا ما تلجأ المدارس الخاصة لمدرسين يشتغلون في المدارس العمومية و تتعامل معهم في إطار إتفاق خاص او شبه سري يسهل التهرب الضريبي.  و لعل المتتبع لما جاء في الإجراءات  الجباءية في قانون للمالية لسنة  2023 قد لاحظ الزيادات الضريبية التي مست هذه الفئة من الأساتذة. و الغريب في الموضوع هو الفرق في المجهود المبذول من طرف الأستاذ حين يحط الرحال في المدرسة الخصوصية بعد تلك الساعات التي يقضيها في المدرسة العمومية.  هذا الأمر لا يهم إلا جزءا من الأساتذة  و خصوصا ذوي الاختصاص في المواد العلمية.

أما أساتذة هذا القطاع  و موظفيه فغالبا ما تنقص اجورهم  و حقوقهم بكثير عن القطاع العام. أغلبهم يعيش هشاشة اجتماعية و غياب حماية من طرف المصالح العمومية المختصة  و حتى من طرف بعض النقابات.


و يظل السؤال الجوهري هو تراجع المدرسة العمومية رغم تزايد الجهد المالي الكبير الذي تتحمله الميزانية العمومية منذ سنوات كثيرة.  و بالطبع يظل التفوق الفردي  و التميز ملتصقا بالمدرسة العمومية  و لكن هذا التميز يبقى محدودا في اقلية تلقى دعما  و تأطيرا أسريا متواصلا  و قويا بالإضافة إلى أساتذة اكفاء ذوي عزيمة و إلتزام.

ارتفعت ميزانية التعليم من 49،4 مليار  درهم سنة 2010 إلى حوالي 86 مليار درهم، بما فيها ما تم تخصيصه لقطاع الرياضة، سنة 2023 و ظلت الحالة العامة للقطاع كارثية. و هذا ما أكدت عليه أشغال الدورة الأولى العادية للمجلس الأعلى للتعليم  و التكوين و البحث العلمي التي انعقدت في يناير 2023.

أبرز  الوزير بن موسى أن  حوالي  300 ألف تلميذ يغادرون المدرسة سنويا. التمدرس بالعالم القروي يصطدم بضعف المستوى المالي للأسر  و هو ما يؤدي إلى هدر كبير يطال البنات أساسا.

يضاف إلى هذا ضعف الكفاءات الدنيا لدى الطلبة  و هو ما جعل بلادنا تحتل المرتبة 77 على 79 بلدا في هذا المجال.  الأمر يزداد ضعفا بالنسبة للقراءة مع احتلال الرتبة 75 عالميا و الأمر ينطبق أيضا على الرياضيات التي يتميز فيها قلة من التلاميذ المغاربة عالميا.

المهم هو أن العمل على ترقية التعليم يتطلب مجهودا مجتمعيا  و سياسيا لتعبئة كل الطاقات لتجاوز هذه الوضعية الصعبة.  هناك مخطط يمتد إلى غاية  2026

 



اقرأ أيضاً
الخبرة القضائية ودورها في تعزيز النجاعة القضائية: التحديات والآفاق
الخبرة القضائية هي إحدى الأدوات الأساسية التي يعتمد عليها القضاء للفصل في القضايا ذات الطابع التقني والفني، إذ تساهم في تقديم توضيحات علمية تساعد القضاة على اتخاذ قرارات عادلة ومبنية على معطيات دقيقة. إلا أن هذه الآلية تواجه تحديات متعددة تؤثر على فعاليتها، مثل التأخر في صرف مستحقات الخبراء، وصعوبة استخلاص المصروفات، وتعقيد الإجراءات الإدارية. فالكثير من الخبراء يُضطرون إلى الانتظار لفترات طويلة قبل الحصول على مستحقاتهم المالية، حيث تُربط عملية الدفع بانتهاء النزاع القضائي، وهو ما قد يُثقل كاهلهم المالي ويؤثر على جودة العمل الخبراتي. كما أن بعض المحاكم لا تتيح للخبراء استرجاع المصروفات إلا بعد صدور الحكم النهائي، مما يشكل عبئًا إضافيًا عليهم. من جهة أخرى، فإن تعقيد الإجراءات الإدارية، مثل استخراج ورق المصروف، يزيد من معاناة الخبراء الذين يضطرون أحيانًا إلى القيام بإجراءات مطولة لاسترجاع حقوقهم. ولتجاوز هذه التحديات، يُقترح اعتماد نظام دفع مرحلي يضمن حصول الخبراء على جزء من مستحقاتهم عند إنجاز مراحل معينة من الخبرة، وتعديل الإجراءات الإدارية لضمان استرجاع المصروفات فور انتهاء المهمة، بالإضافة إلى تبسيط عمليات استخراج الوثائق المالية وإطلاق منصات إلكترونية تسهل تتبع الملفات المالية. علاوة على ذلك، يجب تحسين آلية اختيار الخبراء عبر إعداد دليل إلكتروني يُصنفهم حسب تخصصاتهم وخبراتهم، مما يساعد القضاء على انتقاء الخبير الأنسب لكل قضية. كما يُنصح بتعزيز تعدد الخبراء في القضايا المعقدة التي تتطلب آراء متكاملة من اختصاصات مختلفة، مثل قضايا البناء التي قد تحتاج إلى مهندس مدني، ومعماري، وخبير في السلامة. وبهدف تحسين جودة الخبرات وتعزيز التعاون بين الخبراء والقضاة، من الضروري تنظيم دورات تكوينية مشتركة تهدف إلى توضيح الإجراءات القانونية والتقنية المرتبطة بالخبرة القضائية، وتطوير تقنيات إعداد التقارير الخبراتية بشكل موضوعي ودقيق. إضافة إلى ذلك، فإن تعزيز التواصل بين القضاة والخبراء عبر عقد لقاءات دورية سيساهم في مناقشة التحديات وإيجاد حلول عملية لها. ومن أجل الرفع من مستوى النجاعة القضائية، يُوصى بتحسين الإطار القانوني المنظم لمهنة الخبرة القضائية لضمان حقوق الخبراء، وتبسيط الإجراءات الإدارية، وإشراكهم في صياغة القوانين المتعلقة بعملهم، وتعزيز التحول الرقمي في تدبير ملفات الخبرة لتسهيل تتبعها وتسريع صرف المستحقات. إن تحقيق هذه الأهداف يستدعي التزامًا جماعيًا من جميع الفاعلين في المنظومة القضائية، لضمان أن تبقى الخبرة القضائية أداة فعالة في تحقيق العدالة وتعزيز ثقة المتقاضين في النظام القضائي. بقلم رياض السباعي مهندس معماري وخبير محلف
ساحة

الروائية الفلسطينية نادية حرحش تكتب: وقف إطلاق النار وصمود الحياة أمام شراسة الموت
منذ أيام، وأنا أنتظر كغيري الكثيرين، بترقب وتمنيات، هذه اللحظة لوقف إطلاق النار على غزة، بعد ٤٧١ يوماً من القصف المستمر. بعد كل تلك الأيام العصيبة، الثقيلة، والكارثية التي عاشها اهل غزة تحت وطأة استهداف لا يهدأ، ودمار يزحف من كل زاوية، وقنص مميت يترصد الأنفاس. لحظات نقلتها ووثقتها شاشة الجزيرة لحظة بلحظة بما استطاعت العدسات رصده وسط استهداف ودمار وقتل متربص من كل صوب. لحظات نعيشها اليوم- كأهل غزة- ربما، بأمل حذر، وتمسك بالحياة، وتمنيات بأن تستمر بلا قصف ودمار جديد. لحظة يبدو اننا نفضل الا نفكر الا بها: هذه اللحظة المنتظرة لوقف إطلاق النار. لأن ما لا يمكن رصده وتخيله هو ما تبقى خلف هذه اللحظة: كل قصة لكل إنسان لا يزال ينبض بالحياة في هذا القطاع المنكوب بدء رحلة جديدة للبحث عما حل به، وما تبقى من ذكريات لما كان قبل هذه الحرب. ذكريات لأحبة خطفهم القصف، لعائلات تشردت، لجيران وأصدقاء وزملاء ومعارف باتوا جثثاً تحت الأنقاض. ذكريات بيت بنيت عليه الأحلام والتطلعات، أو ممتلكات كانت مصدراً للأمان. مدرسة كانت تملأها ضحكات الطفولة البريئة، أو دكان صغير على الناصية يعج بالزبائن، أو مخبز تفوح منه روائح المعجنات. جامعة كانت تضج بالحياة، أو جامع تهرول له الجموع للصلاة. ذكريات شارع وحارة وحي كتبت على حوافها الأحداث. ذكريات لشجرة وحاكورة وبستان وبيارة، اندثرت تحت غبار بقي من أثر ركام. أتخيّل كيف يمكن للإنسان أن يعيد تشكيل ذاكرته وسط كل هذا الخراب، أن يجمع شتات الاحداث والأماكن التي عرفها قبل الحرب، ويرسم ملامحها في ذاكرة قادمة مثقلة بالدمار. نحن نعرف الأماكن والطرقات من خلال تفاصيلها: بيت أبو فلان، او دكان ما، او معْلم ما يحمل ذكرياتنا. أدوات الملاحة الخاصة بتحديد المواقع لا يمكنها تحديد تشكيل المواقع التي تعودنا تعريفها من خلال وصف الأماكن، والأشخاص. كيف لتلك الذاكرة الآن ان تجد طريقها وسط كل هذا الركام؟ كيف يمكنها أن تعيد رسم مكان صديق أو قريب بات في عداد المجهول او تاه في دروب النزوح؟ في هذه اللحظات، كل من يرفع نظره نحو السماء الخالية من الطائرات، يستطيع ان يلامس أنفاسه واستشعار لحظة الحياة التي يعيشها بلا خطر الموت المحدق الذي كان يطاردها. تلك المشاهد التي ترصدها العدسات لعودة لا يُنتظر فيها بيت، ولم يتبق للعمران فيها أي أثر، تبدو الأكثر تأثيراً ربما. لنازحين يحاولون العودة لمكان كان فيه بيت، في محاولة للتفتيش عن عوائل فقدت الاتصال بأبنائها وأقاربها، لأبن غاب دون وداع، لأب خرج من أجل البحث عن قوت ولم يعد، لذكرى دفنت وسط الخراب. عودة للبحث عمن فقد قبل التفكير حتى بما كان بيت يأوي. ولكن عودة... لما كان بيتاً، بخيمة، بقطعة قماش تستر إنسانيتهم وسط عراء مكشوف من كل الجهات. تبدو مشاهد الناس وسط الدمار المحدق من كل جانب، هي الأكثر أماناً في هذه اللحظات، وسط كابوس لم تتوقف ترددات شراسته. وكأن الكابوس انتهى ولو للحظة. لحظة يعيش فيها أهل غزة مرة أخرى، قنص نفَس حياة. في هذا المشهد، تتجلى قصيدة محمود درويش: وَنَحْنُ نُحِبُّ الحَيَاةَ إذَا مَا اسْتَطَعْنَا إِلَيْهَا سَبِيلاَ وَنَرْقُصُ بَيْنَ شَهِيدْينِ نَرْفَعُ مِئْذَنَةً لِلْبَنَفْسَجِ بَيْنَهُمَا أَوْ نَخِيلاَ وَنَسْرِقُ مِنْ دُودَةِ القَزِّ خَيْطاً لِنَبْنِي سَمَاءً لَنَا وَنُسَيِّجَ هَذَا الرَّحِيلاَ وَنَفْتَحُ بَابَ الحَدِيقَةِ كَيْ يَخْرُجَ اليَاسَمِينُ إِلَى الطُّرُقَاتِ نَهَاراً جَمِيلاَ وَنَزْرَعُ حَيْثُ أَقمْنَا نَبَاتاً سَريعَ النُّمُوِّ، وَنَحْصدْ حَيْثُ أَقَمْنَا قَتِيلاَ وَنَنْفُخُ فِي النَّايِ لَوْنَ البَعِيدِ البَعِيدِ، وَنَرْسُمُ فَوْقَ تُرابِ المَمَرَّ صَهِيلاَ وَنَكْتُبُ أَسْمَاءَنَا حَجَراً " أَيُّهَا البَرْقُ أَوْضِحْ لَنَا اللَّيْلَ" أَوْضِحْ قَلِيلاَ نُحِبُّ الحَيَاةَ إِذا مَا اسْتَطَعْنَا إِلَيْهَا سَبِيلا ويبقى الأمل رغم الألم ... وبعض الرجاء، نتشبث به وسط انعدام الأفق لحلول سياسية، ووحدة بيت مزقته الفرقة، ووأد فرصها تفشي الفساد. نرجو أمناً وسلاماً يضمدا الجراح ويمنحا هذا الشعب المكلوم حقه الطبيعي في الحياة. سلام لغزة وأهلها... أهل الصمود والعزة، ألأجدر باستحقاق الحياة. الروائية الفلسطينية نادية حرحش
ساحة

ادريس شحتان يكتب عن “شوف تيفي” ومول “البانضية” وآخرون..
من الطبيعي أن يختلف الناس حول ما يصدر عن أي جريدة عادية في العالم من تحقيقات وربورتاجات وتقارير إخبارية وحتى أعمدة رأي أو تعاليق... أما إذا تعلق الأمر بجريدة وموقع وازن ومؤثر وله جمهور واسع ومختلف، فأن ينتقد الناس طريقة تغطية حدث أو موقف من قضية، فإن الأمر أكثر من معقول. إيماننا في "شوف تيفي" هو أننا كنا دوما مقتنعين بما نقدمه لزوارنا ولجمهورنا من تحليلات وسبق صحفي وطابق متنوع من الأخبار والمواد الصحفية التي يقبل عليها الجمهور، لكن قناعتنا أكبر هي في حق قرائنا أن ينتقدوننا بقسوة ويختلفوا أحيانا حول طريقة تغطيتنا لهذا الحدث أو نشرنا لهذه المادة أو تلك، إذ أن هذا الجمهور ينتقدنا بغيرة وحب، ويقبل علينا، وهو من بوأنا إضافة إلى كدنا وجدنا في أن نكون دوما في الصدارة حتى اليوم، لكن أن يتحول النقد إلى حملة ممنهجة وشرسة ضد "شوف تيفي" وضد فاطمة الزهراء وضد هذا العبد الضعيف، فالأمر يدعو للاستغراب، ويستدعي التساؤل، لكن وقد اقترن الأمر بسعيد الناصري وبعمل إنساني وقفنا ضد استغلاله بشكل انتهازي بقوة، فهنا يبطل العجب وتبدو المقاصد السيئة لتجمُّع مصلحي للفاشلين والانتهازيين والحاقدين والخونة ولمن حاولنا أن نقفل عليهم "بزبوز" الريع.. ولأضع القراء والجمهور في الصورة، سأروي لكم لأول مرة حقيقة ما حدث بيني وبين سعيد الناصري لتفهموا بعضا من حملات المشوشين وخلفياتهم ومن تبعهم، وأقسم أني لم أزد حرفا على ما وقع بالضبط، وقد اعترف الناصري بجزء من هذا الأمر، لكن لأمر يعلمه لوحده أخفى الجزء الثاني من الحقيقة، والزمن كشاف، وسيعلم الناس من الكاذب ومن الصادق. لم أكن أريد الكشف عما قمت به من عمل إحساني بيني وبين الله، حفظا لكرامة فنان كبير، وعدم المن بعد أي عمل يكون مرضاة لله، ومساعدة لفنان كبير قدم خدمة كبيرة للفن المغربي، لكن لا يمكن أيضا أن أسكت على أي عمل للمتاجرة وللاستغلال باسم التضامن، وتقديم شخص لنفسه على أنه ضحية، حيث لم نرض بالمتاجرة في حياة وصحة الفنان المغربي الراحل، وهاكم الوقائع كما حدثت والتي اعترف سعيد الناصري نفسه بجزء كبير منها. اتصل بي سعيد الناصري ليلا ليفاتحني في موضوع وضعية الفنان محمد الخلفي قيد حياته، حيث كان يجتاز مرحلة حرجة، وبالفعل رحبت بالمبادرة، وتحملت في حينه أعباء نقل الفنان القدير محمد الخلفي إلى مصحة "أكديطال" بمدينة الدار البيضاء بعد اتصالي بصاحبها الذي تحمل مشكورا مصاريف العلاج على نفقته الخاصة، حيث أقام الفنان بالمصحة لمدة شهرين، وذلك جراء معاناته الصحية، المستمرة منذ سنوات طويلة.. في ذات الآن فاتحني " الممثل"عن عزمه تنظيم حفل تكريمي للخلفي ورحبت بالفكرة، غير أننا اختلفنا جذريا حول المغزى من التكريم، وهو ما عبرت عنه بشكل صريح لسعيد الناصري، من كون حفل التكريم يجب أن يعود بالنفع المادي الكامل على الفنان الكبير محمد الخلفي، وقد قبل سعيد الناصري الفكرة بترحاب شديد، غير أني سأكتشف أنه قام بعملية تحايل، حين بدأ يبعث رسائل خاصة إلى العديد من الأسماء الميسورة والمؤسسات المعروفة، للقيام بعمل "خيري " لجمع المال تحت ذريعة القيام بعمل إحساني وحفل تكريمي لمحمد الخلفي رحمة الله عليه. وهنا حدث تطور آخر في القضية بحيث حاول إخراج الفنان الخلفي من المصحة الخاصة التي كان يتلقى بها الراحل عناية مركزة، من طرف الأطباء والممرضين والممرضات الذين أتوجه إليهم بتحية خاصة، وحين أراد الناصري إخراج الخلفي من المصحة رفض الطاقم الطبي لأنه لا زال في حاجة إلى الرعاية وإلى تلقي المضادات الحيوية في المصحة.. ولأن الراحل الخلفي يحتاج لعناية مركزة، اقترحت علينا إدارة المصحة مشكورة نقله إلى إقامة خاصة نظيفة وأن تراقبه ممرضة بشكل يومي، وقبلتُ الفكرة وفاتحتُ الناصري في الموضوع وأخبرته بأني مستعد لتحمل مهمة كراء شقة تليق بالفنان الراحل وأن نخصص له ممرضة تعتني به. وهنا سأتبين أن هناك عملية تهريب مقصودة لقضية تكريم الخلفي بخلفية مبيتة وتجارية أيضا، دفعتني إلى التراجع وعدم الانخراط فيما لايقبله أي ضمير حي. في المقابل، قام سعيد الناصري بدفع ابنة أخت الراحل الخلفي لطلب نقل خالها إلى منزله، بدعوى أنه يريد أن يموت ببيته " المهجور" دون أن يكلفوا أنفسهم حتى عناء تنظيف فضائه، وظل يحضر معها إلى المصحة، حيث بقي مرابضا بمحيطها، في ذات الآن كانت عملية تجميع الأموال قائمة على قدم وساق. قدر الله ما شاء فعل، ورحل الفنان محمد الخلفي، بالطريقة التي تابعها أغلب المغاربة، فسدد الناصري مدفعيته تجاه "شوف تيفي" وهذا العبد الضعيف بغير حق وبالكثير من البهتان، فهل كان علينا أن نسكت ونجعل المهزلة تمر؟ أبدا، واجهنا الأراجيف والأكاذيب، لأننا كنا صادقين فقط، صحيح نحن في لحظة حداد بعد رحيل الفنان محمد الخلفي، ونناقش الأمر بهدوء أكبر اليوم، يمكن أننا صدمناه في ما اعتبره "الممثل" حملة تستهدفه، لكن لم تكن لدينا أية خيارات أخرى أمام هول ما قام به دون ضمير، لأننا نرفض التحايل وتحريف الكلام عن مواضعه، وجمع الأموال على حساب عمل إحساني، لذلك نتفهم انخراط زمرة من أتباعه الذين باع لهم الوهم في هذه الحملة اتجاهي واتجاه "شوف تيفي"، أتفهم موقف من غابت عنهم الحقائق والمعلومات، لكني أستوعب جيدا موقف من حاولنا قطع "بزولة" الريع عنهم، وممن يحملون حقدا دفينا اتجاهنا، أو ممن يحسدنا أصلا، فوجدوها فرصة لترويج الأكاذيب والإشاعات .. أعذر الذين تم النصب والاحتيال عليهم، أو ممن لم تكن لديهم المعلومات الحقيقية، لكني أقول لكل الفاسدين الذي انقطع عنهم الكيل ونزعنا عنهم وجههم الحقيقي، أنني و"شوف تيفي" و كل الشرفاء في هذه البلاد وهم كثر، سنبقى في الصف الأمامي لمحاربة الفساد وفضح من يتاجر بآلام الناس لحسابه الخاص.. لن تمروا أقول لكم. أما اختلاف جمهور "شوف تيفي"، وانتقاداتهم "البانية" فنحن نحترمها، ونعمل على تقويم عملنا من خلال مرآتكم ونقبل حتى من هاجمنا وانخرط في حملة ضدنا بحسن نية. أما ما روجه " الممثل" حول محاولتنا محاربة فيلمه التافه والحملة الإعلامية المزيفة التي قام بها ومسرحية " المنع" التي روج لها بخبث، فلم نناقشها أبدا، ولا تهمنا في شيء، لأننا نعرف كيف تدور الأشياء وما غرضه منها، لكنني اعترف له بشيء وحيد وهو إتقانه دور الضحية وتحوير النقاش من محاولة المتاجرة بالفنان القدير الخلفي إلى استهدافه بـ "داكشي لي حطو فالسينما ولم ينجح له" فانتبه إلى فكرة شيطانية قديمة وهو العزف على نغمة المنع لأنه يناقش " "حسب فهمه القديم "مواضيع تمس المغاربة، فلعب على مشاعرهم ودغدغ عواطفهم لأننا شعب عاطفي وطيب، وذرف دموع التماسيح، واختار دكاكين بميكروفونات عدائية لتوجيه المدافع اتجاهنا بإخراج سيء، مع العلم أن كل من شاهد ذلك الفيلم وضيع ساعتين من وقته خرج باستنتاج واحد "تقليد سيء لفيلم عادل إمام العظيم سنوات التسعينيات".. ممكن أن المعركة الأولى انطلت على البعض وأتقن "ناصر اسمه الحقيقي " دور" المظلوم وولد الشعب" وزادها حسادنا وأعداؤنا والخونة التوابل التي تتماشى مع هكذا مواضيع، ولكن كونوا متيقنين أننا سنستمر في فضحه وفي فضح أمثاله لأننا نملك كل الدلائل التي تدينه عاجلا، فمهما انتشر الكذب لابد أن تنتصر الحقيقة في النهاية...وحينها سيكون لنا حديث آخر...انتظرونا فاصل وسنعود...
ساحة

احمد نور الدين يكتب.. هل تتكرر تجربة المعسكر الشرقي مع النظام الجزائري؟
ما قامت به الجزائر يوم السبت 23 نونبر 2024، فيما أسمته يوم الريف، من احتضان لشرذمة من النكرات وشذاذ الآفاق للمطالبة بفصل جزء من شمال المغرب، لا يمكن أن نصفه إلا بالجريمة الموصوفة التي تنضاف إلى سجل جرائم العدوان والغدر والخيانة والتحريض التي يقترفها النظام الجزائري ضد المغرب شعباً ودولة : عدوان على سيادة المغرب وتاريخه وحضارته، وخيانة للعهود والاتفاقات العديدة المبرمة بين البلدين منذ اتفاق 1961 مع الحكومة الجزائرية المؤقتة مروراً باتفاقية باماكو 1963 وباقي الاتفاقيات الأخرى، وصولاً إلى معاهدة إنشاء الاتحاد المغاربي 1989 التي تمنع احتضان أي تيار أو تنظيم معارض يهدف إلى المساس بسيادة أو استقرار بلد مغاربي أو يهدد نظامه السياسي.ولا يجب أن نعتبر –نحن المغاربة- يوم الريف حادثة عابرة أو زلّة غير مدروسة، فجرائم الجزائر تندرج ضمن سياسة وعقيدة الدولة الجزائرية منذ نشأتها سنة 1962، والدليل على ذلك تجدونه في التصريحات المُوثقة بالصوت والصورة لرؤسائها التسعة من أحمد بن بلة إلى عبد المجيد تبون. والدليل الآخر الذي لا يجادل فيه اثنان، تجدونه، ليس في الأقوال والخطب، بل في الأفعال العدائية التي تسير في خط متصل، ومنحىً تصاعدي منذ استقلال جارتنا الشرّ-قيّة عن فرنسا ببضعة شهور إلى اليوم. فقبل أن تجفّ دماء الشهداء المغاربة الذين سقطوا إلى جانب الجزائريين في ثورة التحرير، سارعت الجزائر إلى شن هجوم على المركز الحدودي المغربي حاسي بيضا حيث ذبحت 10 جنود من "المخازنية" ، فكانت تلك الاعتداءات هي الشرارة التي أشعلت ما أصبح يعرف بحرب الرمال التي استمرت ثلاثة أسابيع وتوسع الهجوم ليشمل تنجوب وفكيك وإيش. وفوق ذلك أضافت إليها الجزائر جريمة أخرى وهي تضليل الرأي العام بادعائها زوراً وبهتاناً ان المغرب هو من كان سباقاً للهجوم في تلك الحرب، وهون نفس أسلوب الكذب الرسمي الذي نهجته سنة 2021 حين زعمت أنّ المغرب أشعل النيران في غابات تزي وزّو التي تبعد عن حدودنا بأزيد من 600 كلم. واستمرت الاعتداءات العسكرية الجزائرية المباشرة كما هو معروف في معركة أمغالا الأولى والثانية سنة 1976، ثمّ بواسطة الميليشيات الانفصالية إلى غاية 1988، وبعد توقف لبضع سنوات في بداية العشرية السوداء، عاد التصعيد سنة 1994 مع الحادث الإرهابي في مراكش، وتواصلت الاعتداءات إلى أن وصلنا إلى قتل الشبّان المغاربة الثلاثة وهم يلعبون بدراجاتهم المائية في شاطئ السعيدية، مروراً بمقتل آلاف الشهداء خلال حرب الاستنزاف في الصحراء المغربية، وقتل رعاة الغنم على الحدود في حوادث متكررة كل سنة، وطرد المزارعين من أراضيهم التاريخية في واحة العرجا سنة 2021، والقائمة طويلة تستعصي على الحصر والعدّ. بإمكاننا أن نقول بأنّ ما أقدمت عليه الجزائر يوم 21 نونبر هو بمثابة آخر الطلقات، فالجزائر باختلاق حركة انفصالية في شمال المغرب، إنما تريد الهروب إلى الأمام، لإدراكها أنها خسرت ورقة الانفصال في الجنوب. وتحركها الأخير في الريف هو اعتراف ضمني بهزيمتها في الصحراء المغربية، بل إنها من حيث لا تدري تُذكّر العالم بأنّ المغرب تعرّض لتقسيم أراضيه بين قوتين استعماريتين هما إسبانيا في الريف والصحراء، وفرنسا في باقي الأقاليم. كما أنها تعطي الحجة للعالم أنّ هدفها ليس تقرير المصير المُفترى عليه، وإنما ضرب مصالح المغرب وتفتيت وحدته بأي طريقة كانت، وهذا ما اعترف به هواري بومدين نفسه في أحد خطاباته حين أكد بأن قضية الصحراء سيجعل منها "حًجَراً في حذاء المغرب". لقد فقدت الجزائر توازنها بعد اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء، والذي أدى إلى اعتراف القوتين الاستعماريتين فرنسا وإسبانيا اللتان كانتا وراء تقسيم أراضي المملكة المغربية إلى مناطق نفوذ، بالإضافة إلى تقلص عدد الداعمين للمشروع الانفصالي إلى أقل من 27 دولة بعد سحب بنما اعترافها بجمهورية ابن بطوش المعلنة في تندوف. وحتى الدول التي لا زالت تعترف بالكيان الوهمي أصبحت تلتزم الصمت والحياد باستثناء جنوب إفريقيا وبدرجة أقل فنزويلا. وقد رأينا كيف لم تصوت موزمبيق ضد قرار مجلس الأمن 2756 حول الصحراء في نهاية أكتوبر 2024، واكتفت بالامتناع عن التصويت. وهو نفس موقف روسيا التي تعتبرها الجزائر حليفتها الرئيسية، وهذا ما سبب للجزائر إحباطاً دبلوماسياً دفع مندوبها إلى الانسحاب من جلسة التصويت يجر وراءه ذيول الخيبة والهزيمة. وأمام هذا الوضع الخطير المتعلق بمحاولة استغلال ورقة الريف، يتأكد لكلّ ذي عقل حصيف أننا أمام خيار استراتيجي، مدروس ومستمر في الزمن وعابر لكل الرؤساء والحكومات الجزائرية، يهدف إلى إلحاق الضرر بمصالح المملكة الحيوية بشتى السبل. وقد بينا في مقالاتنا السابقة كيف اعترف الوزير الأول عبد المالك سلاّل أثناء محاكمته بأنه صرف عشرات المليارات من الدنانير لتخريب صناعة السيارات في بلد مجاور، في إشارة للمغرب. علينا إذن، ألا نغالط أنفسنا بشعار "الدفع بالتي هي أحسن"، ومعاملة من يعتبرنا عدوه الاستراتيجي بالتسامح، فالسياسة ليست مجالاً للنوايا الحسنة ولا للهدايا المجانية. السياسة مجال للتدافع، وليست رهبانية ترفع شعار من "صفعك على خدك الأيمن فأعطه خدك الأيسر".. وفي كلّ الأحوال لقد جرّب المغرب هذا النهج، أعني نهج التسامح وغضّ الطرف واليد الممدودة، طيلة ستة عقود مع جيران السوء، فما زادهم حلمنا إلاّ تجبراً واستكباراً وإصراراً على العدوان. لذلك سنرتكب حماقة كبرى إذا أعدنا نفس أخطاء الماضي وانطلقنا من نفس المقدمات ثم انتظرنا تغييراً لدى الطرف الآخر. والحلّ المنطقي والعقلاني الذي يفرض نفسه في هذه الحالة، يقتضي أن نغير النهج والمقاربة إذا كنّا نريد فعلاً تصحيح الوضع الخطأ في العلاقات بين البلدين. وهذا يستلزم منّا ألاّ نقف مكتوفي الأيدي وننتظر نزول معجزة المصالحة من السماء، بل علينا أن نستعمل كل الإمكانات المتاحة لردع العدوان وأن نسعى لتحييد خطره وإزالة تهديداته التي لم تتغير طيلة ستين سنة كاملة. وتفادياً لكل تأويل مُغرض، أؤكد أنني لا أدعو إلى الحرب وإن كان من الحزم والحكمة الاستعداد لها من أجل تحقيق السلام وحمايته، ولكن هناك ألف طريقة وطريقة لردع العدوان دون أن ننجرّ بالضرورة إلى حرب عسكرية مباشرة تريدها الجزائر للتنفيس عن البركان الذي يغلي في أحشائها شعبياً منذ الحراك، وعسكرياً من خلال الصراع الدموي بين الجنرالات الذين تمت تصفية جزء منهم جسدياً ومنهم الجنرال قايد صالح، وفرّ جزء ثاني إلى إسبانيا أو فرنسا ومنهم الجنرال بلقصير قائد الدرك، في حين يقبع العشرات منهم في السجون، وآخرهم الجنرال جبار مهنا مدير الاستخبارات الخارجية الذي اعتقل قبل حوالي شهر. لذلك، وفي مواجهة عدوّ يقاتل شعبه، ويتقاتل جنرالاته فيما بينهم، ويعاني من هشاشة الريع اقتصاده، وفاقد لتوازنه، ولا توجد لُحمة بين مناطقه التي صنعها الاستعمار الفرنسي صنعاً واقتطعها من الجوار اقتطاعاً، ما علينا إلاّ أن ندفع باتجاه استكمال الشروط الداخلية والموضوعية لسقوط النظام العسكري الجزائري وبرمجة انفجاره الذاتي. ولنا في تجربة الحرب الباردة بين واشنطن وموسكو خير مثال، فقد تهاوى جدار برلين ومعه تهاوت كل دول أوربا الشرقية التي أدخلتها أمريكا بيت الطاعة بما في ذلك بعض جمهوريات الاتحاد السوفييتي التي أصبحت جزءً من حلف الناتو. هذا نموذج للحرب غير التقليدية أثبت نجاحه، وما علينا إلاّ أن نسعى إلى أقلمته مع بيئتنا المجاورة، وهذا يتطلب جهداً داخلياً وتعاوناً استراتيجياً مع حلفائنا. فهل نستفيد من التجارب ودروس التاريخ؟ أم أنّنا سنعيد ارتكاب أخطاء الماضي لتنفجر ألغامها في وجه أجيال المستقبل؟
ساحة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الأحد 16 فبراير 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة