أنوزلا يكتب: “الإرهاب” في أوروبا.. مسؤولية من..؟! – Kech24: Morocco News – كِشـ24 : جريدة إلكترونية مغربية
الاثنين 21 أبريل 2025, 14:06

ساحة

أنوزلا يكتب: “الإرهاب” في أوروبا.. مسؤولية من..؟!


كشـ24 نشر في: 26 مارس 2016

مرة أخرى يضرب "الإرهاب" بقوة وهذه المرة في قلب أوروبا، وفي عاصمتها الاتحادية بروكسل. ومرة أخرى يٌكتشف أن المنفذين من أصول مغاربية، ولدوا وترعرعوا في أوروبا ودرسوا في مدارسها وتلقوا قيمها. ومرة أخرى سيظهر محللون يفسرون هذا "الإرهاب الأوروبي" بأنه نتيجة للتهميش ولحالة الانفصام في الهوية الذي يعاني منه شباب الجيل الثالث والرابع من أبناء المهاجرين المغاربيين. ومرة أخرى سيتم تحميل الحكومات والمجتمعات الأوروبية مسؤولية فشلها في إدماج شريحة من رعاياها وحمايتهم من الانحراف الذي يجعلهم ضحية الأفكار المتطرفة من كل نوع.

مثل هذا الكلام هو الذي يتكرر في كل مناسبة تتعرض فيها دول أوروبية إلى اعتداءات إجرامية، منذ أن ظهرت هذه الموجة الجديدة من "الإرهاب" الذي يتخذ طابعا دينيا. وفي هذا الكلام الكثير من الصدق والدقة في تحليل هذه الظاهرة وتفسير أسبابها. لكن، لا يجب أن يظل هذا "التحليل" يتكرر كل مرة مثل "الشجرة" التي نخفي الغابة.

إن ما هو ظاهر وبين هو أن المنفذين، على الأقل بالنسبة للاعتداءات الأخيرة التي شهدتها بروكسل وقبلها باريس في السنوات الأخيرة، هم شباب من أصول مغاربية، من المغرب وتونس والجزائر، وينتمون إلى الجيل الثالث أو الرابع من أبناء المهاجرين الأوائل الذين هاجروا إلى أوروبا في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي بحثا عن عيش كريم لم توفره لهم بلدانهم آنذاك. والمشترك بين كل هؤلاء المنفذين أنهم ينتمون إلى أسر لم تنجح في الاندماج داخل مجتمعاتها الأوروبية، وأغلبهم فشلوا في مساراتهم الدراسية، وكلهم تقريبا يتحدرون من أحياء تنتمي إلى أحزمة الفقر التي نمت مثل الفطر في ضواحي العواصم الأوروبية، وقبل أن يستقطبهم "الإرهاب" صنع أغلبهم لأنفسهم مسارات داخل عالم المخدرات والجريمة.

عندما نرسم "بورتريه" "الإرهابي" المنفذ، فإن كل المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على عاتق الحكومات الأوروبية التي أخلت بواجبها في حماية شريحة من أبنائها من السقوط في عالم المخدرات والجريمة. لكن، هناك مسؤولية أخرى نادرا ما يتم ذكرها. مسؤولية قديمة تعود إلى الجدور الأولى للمشكل. إنها مسؤولية الأنظمة في دول الأصل التي خرج منها المهاجرون الأوائل في النصف الثاني من القرن الماضي. فأغلب هؤلاء المهاجرين، أجداد منفذي هذه الاعتداءات التي تضرب الدول التي استضافتهم قبل نصف قرن ونيف، جاؤوا إلى أوربا بحثا عن فرص للعيش الكريم لم توفره لهم أنظمتهم آنذاك، أو هربا من قمع بكل الألوان أمني وسياسي واقتصادي ومجتمعي، فرضته ورعته نفس الأنظمة التي كانت وما زالت تحكم شعوبها بنفس الأساليب التي تنفر رعاياها من العيش في دولها تحت رحمة سلطتها.

وفي هذا، تتحمل الحكومات الأوروبية مسؤولية كبيرة، مسؤولية تاريخية لأنها كانت مٌستعمِرة للدول التي أورثتها لأنظمة غير ديمقراطية تسلطية وقمعية. ومسؤولية أخلاقية لأنها تغاضت عن سنوات وعقود من القمع والظلم والتسلط والطغيان كانت تمارسه أنظمة ظلت تعتبرها شريكة لها في المغرب والجزائر وتونس.

تأتي مسؤولية أنظمة دول الأصل، التي جاء منها آباء وأجداد منفذي الاعتداءات التي شهدتها دول أوروبية في السنوات الأخيرة تحت غطاء شعارات دينية، في الدرجة الأولى لأنها هي أساس المشكل. وهذه المسؤولية أصبحت اليوم مزدوجة لأن الدين الذي باسمه ترتكب هذه الجرائم هو "دين جديد" صنعته هذه الأنظمة وتبنته مناهجها التعليمية في مدارسها العمومية لمواجهة المعارضات اليسارية التي كانت تواجهها. وهو في الأصل "دين مستورد" من العربية السعودية التي خلقت لنفسها مذهبا خاصا بها هو "الوهابية" التي حولت الدين إلى "إيديولوجيا" في خدمة الحاكم المستبد لتبرير استبداده وتسلطه.

هذا التداخل في المسؤوليات هو الذي يؤدي إلى عدم وجود مسؤول واحد أو مسؤول أول عما جرى ويجري الآن. وبدلا من أن يتم تحميل جزء من المسؤولية إلى الأنظمة التي حولت أجيال من شعوبها إلى مشاريع مهاجرين ومهمشين وضحايا لكل أنواع الانحراف والجريمة والتطرف، نجد أن الأنظمة الديمقراطية في الغرب ما زالت تتعامل مع تلك الأنظمة كشريكة في السياسة والاقتصاد، بل وحتى في محاربة الظاهرة التي أنتجتها وأحيانا باستدعاء نفس الأدوات، أي "دينها" الذي أنتج هذه الظواهر المنحرفة، واليوم يراد منه أن يعالجها، كمن يقول "وداوني بالتي كانت هي الداء".

لا أحد يتصور أن ينتهي الانحراف وما ينتج عنه من تطرف بمجرد اعتماد مقاربات أمنية صارمة، حتى لو تمت فيها مشاركة مخابرات الأنظمة التي ما زالت تصدر أمواجا من المهاجرين اليائسين، كما لن تنجح "بعثات" الأئمة التي ترسلها نفس الأنظمة محملة بأفكار "دين" أنظمتها الذي تبرر به تسلطها واستبداها في اجتثاث أفكار هذا "الإرهاب" القذر.

ثمة طريق آخر على الحكومات الديمقراطية في الغرب أن تسلكه، ألا وهو تشجيع قيام أنظمة ديمقراطية في دول المنشأ تبعث الأمل في النفوس وتعيد الثقة إلى المواطن في دولته، وتعلمه أن قيمة الحياة في أن نحياها لا أن نضحي بها كيفما كانت الأهداف أو الدوافع ومهما كانت النوازع أو القناعات.

مرة أخرى يضرب "الإرهاب" بقوة وهذه المرة في قلب أوروبا، وفي عاصمتها الاتحادية بروكسل. ومرة أخرى يٌكتشف أن المنفذين من أصول مغاربية، ولدوا وترعرعوا في أوروبا ودرسوا في مدارسها وتلقوا قيمها. ومرة أخرى سيظهر محللون يفسرون هذا "الإرهاب الأوروبي" بأنه نتيجة للتهميش ولحالة الانفصام في الهوية الذي يعاني منه شباب الجيل الثالث والرابع من أبناء المهاجرين المغاربيين. ومرة أخرى سيتم تحميل الحكومات والمجتمعات الأوروبية مسؤولية فشلها في إدماج شريحة من رعاياها وحمايتهم من الانحراف الذي يجعلهم ضحية الأفكار المتطرفة من كل نوع.

مثل هذا الكلام هو الذي يتكرر في كل مناسبة تتعرض فيها دول أوروبية إلى اعتداءات إجرامية، منذ أن ظهرت هذه الموجة الجديدة من "الإرهاب" الذي يتخذ طابعا دينيا. وفي هذا الكلام الكثير من الصدق والدقة في تحليل هذه الظاهرة وتفسير أسبابها. لكن، لا يجب أن يظل هذا "التحليل" يتكرر كل مرة مثل "الشجرة" التي نخفي الغابة.

إن ما هو ظاهر وبين هو أن المنفذين، على الأقل بالنسبة للاعتداءات الأخيرة التي شهدتها بروكسل وقبلها باريس في السنوات الأخيرة، هم شباب من أصول مغاربية، من المغرب وتونس والجزائر، وينتمون إلى الجيل الثالث أو الرابع من أبناء المهاجرين الأوائل الذين هاجروا إلى أوروبا في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي بحثا عن عيش كريم لم توفره لهم بلدانهم آنذاك. والمشترك بين كل هؤلاء المنفذين أنهم ينتمون إلى أسر لم تنجح في الاندماج داخل مجتمعاتها الأوروبية، وأغلبهم فشلوا في مساراتهم الدراسية، وكلهم تقريبا يتحدرون من أحياء تنتمي إلى أحزمة الفقر التي نمت مثل الفطر في ضواحي العواصم الأوروبية، وقبل أن يستقطبهم "الإرهاب" صنع أغلبهم لأنفسهم مسارات داخل عالم المخدرات والجريمة.

عندما نرسم "بورتريه" "الإرهابي" المنفذ، فإن كل المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على عاتق الحكومات الأوروبية التي أخلت بواجبها في حماية شريحة من أبنائها من السقوط في عالم المخدرات والجريمة. لكن، هناك مسؤولية أخرى نادرا ما يتم ذكرها. مسؤولية قديمة تعود إلى الجدور الأولى للمشكل. إنها مسؤولية الأنظمة في دول الأصل التي خرج منها المهاجرون الأوائل في النصف الثاني من القرن الماضي. فأغلب هؤلاء المهاجرين، أجداد منفذي هذه الاعتداءات التي تضرب الدول التي استضافتهم قبل نصف قرن ونيف، جاؤوا إلى أوربا بحثا عن فرص للعيش الكريم لم توفره لهم أنظمتهم آنذاك، أو هربا من قمع بكل الألوان أمني وسياسي واقتصادي ومجتمعي، فرضته ورعته نفس الأنظمة التي كانت وما زالت تحكم شعوبها بنفس الأساليب التي تنفر رعاياها من العيش في دولها تحت رحمة سلطتها.

وفي هذا، تتحمل الحكومات الأوروبية مسؤولية كبيرة، مسؤولية تاريخية لأنها كانت مٌستعمِرة للدول التي أورثتها لأنظمة غير ديمقراطية تسلطية وقمعية. ومسؤولية أخلاقية لأنها تغاضت عن سنوات وعقود من القمع والظلم والتسلط والطغيان كانت تمارسه أنظمة ظلت تعتبرها شريكة لها في المغرب والجزائر وتونس.

تأتي مسؤولية أنظمة دول الأصل، التي جاء منها آباء وأجداد منفذي الاعتداءات التي شهدتها دول أوروبية في السنوات الأخيرة تحت غطاء شعارات دينية، في الدرجة الأولى لأنها هي أساس المشكل. وهذه المسؤولية أصبحت اليوم مزدوجة لأن الدين الذي باسمه ترتكب هذه الجرائم هو "دين جديد" صنعته هذه الأنظمة وتبنته مناهجها التعليمية في مدارسها العمومية لمواجهة المعارضات اليسارية التي كانت تواجهها. وهو في الأصل "دين مستورد" من العربية السعودية التي خلقت لنفسها مذهبا خاصا بها هو "الوهابية" التي حولت الدين إلى "إيديولوجيا" في خدمة الحاكم المستبد لتبرير استبداده وتسلطه.

هذا التداخل في المسؤوليات هو الذي يؤدي إلى عدم وجود مسؤول واحد أو مسؤول أول عما جرى ويجري الآن. وبدلا من أن يتم تحميل جزء من المسؤولية إلى الأنظمة التي حولت أجيال من شعوبها إلى مشاريع مهاجرين ومهمشين وضحايا لكل أنواع الانحراف والجريمة والتطرف، نجد أن الأنظمة الديمقراطية في الغرب ما زالت تتعامل مع تلك الأنظمة كشريكة في السياسة والاقتصاد، بل وحتى في محاربة الظاهرة التي أنتجتها وأحيانا باستدعاء نفس الأدوات، أي "دينها" الذي أنتج هذه الظواهر المنحرفة، واليوم يراد منه أن يعالجها، كمن يقول "وداوني بالتي كانت هي الداء".

لا أحد يتصور أن ينتهي الانحراف وما ينتج عنه من تطرف بمجرد اعتماد مقاربات أمنية صارمة، حتى لو تمت فيها مشاركة مخابرات الأنظمة التي ما زالت تصدر أمواجا من المهاجرين اليائسين، كما لن تنجح "بعثات" الأئمة التي ترسلها نفس الأنظمة محملة بأفكار "دين" أنظمتها الذي تبرر به تسلطها واستبداها في اجتثاث أفكار هذا "الإرهاب" القذر.

ثمة طريق آخر على الحكومات الديمقراطية في الغرب أن تسلكه، ألا وهو تشجيع قيام أنظمة ديمقراطية في دول المنشأ تبعث الأمل في النفوس وتعيد الثقة إلى المواطن في دولته، وتعلمه أن قيمة الحياة في أن نحياها لا أن نضحي بها كيفما كانت الأهداف أو الدوافع ومهما كانت النوازع أو القناعات.


ملصقات


اقرأ أيضاً
محمد بنطلحة الدكالي يكتب: الروح الرياضية بالجزائر…داء العطب قديم
أمام الانتصارات المتتالية للدبلوماسية المغربية والنكسات والهزائم لجيران السوء،يبدو أن دولة العالم الآخر باتت تعيش أعراض الهلوسة والخرف،وهو داء عطب قديم إسمه" المروك". من بين الذكريات التي يتغنى بها حفدة الشهداء،واقعة كروية حدثت وقائعها في9 دجنبر1979 بين المغرب والجزائر،انتهت بفوزهم كما هو معلوم...ومنذ ذلك الحين والأبواق الإعلامية تكتب عن هذا" النصر" العظيم الذي مضت عليه46 سنة. ولأن مرض الهلوسة تزداد تهيؤاته بازدياد حدته،يبدو أن الكراغلة باتوا منذ الآن يترقبون مقابلة شباب قسنطينة أمام نهضة بركان المغربي. تطالعنا اليوم جريدة الشروق بمقال يحمل عنوان:" الرئيس تبون يحرص على مرافقة السياسي ودعمه في مواجهته ضد نهضة بركان المغربي"...! لقد أكد المقال أن زعيم الكراغلة سيتكفل بكامل مصاريف تنقل وإقامة ممثل الكرة الجزائرية في المغرب،علما أن وزير الشباب والرياضة،وليد صادي،وخلال حضوره مأدبة العشاء التي أقامها والي الولاية صيودة،كان قد نقل للنادي القسنطيني إدارة ولاعبين دعم رئيس الجمهورية ومساندته المطلقة للفريق في مواجهته أمام نهضة بركان...ومن ثمة ضمان تنشيط النهائي الإفريقي القادم ودخول التاريخ من بابه الواسع...! سبحان الله معشر الكراغلة،دخول التاريخ،شافاكم الله،يكون عبر الاختراعات والإنجازات،وتوفير لتر حليب وكسرة خبز لكل جائع،وذلك أضعف الإيمان. دخول التاريخ يكون عبر التلاحم والتآزر،لأننا دم واحد وتاريخ مشترك. أما وأنتم تشحنون المدرب خير الدين ماضوي وكأنه متوجه إلى ساحة الحرب،وتأمرون اللاعبين بوقرة ومداحي وكأنهما قائدا فريق مشاة...! إسمحوا لي أن أعترف،أني بت أشفق عليكم،وأدعو الله أن يتدبر أمر الحرارة المفرطةالتي تسكنكم. ونحن ندعو لكم بالشفاء معشر الكراغلة،نذكركم أنه وطوال التاريخ،ومنذ الحضارة الإغريقية التي عرفت ألعاب أثينا،ظلت الرياضة عنوانا للفرجة والتآخي والتعارف بين الشعوب لما تمثله من قيم إنسانية نبيلة،إنها تنشر السلام وتشجع على التسامح والاحترام وسمو الأخلاق،والرياضة بمعناها الصحيح ترفض أن تكون وسيلة لغاية أخرى لأنها منبع القيم السامية المثلى حين تنتصر الروح الرياضية. إننا نشفق عليكم،ونرثي لحالكم حين تعتبرون انتصارا صغيرا في كرة القدم عن طريق ضربات الحظ،عيدا وطنيا وملحمة بطولية،محاولين تهدئة الشارع الذي يعرف حراكا شعبيا. لقد ضاق الشعب الجزائري الشقيق درعا من ضيق العيش ومحنة الطوابير والرعب اليومي الجاثم على النفوس... الرياضة أخلاق وسمو إنساني نبيل...حاولوا أن تستفيقوا من غيكم،رغم أن داء العطب قديم... محمد بنطلحة الدكالي
ساحة

صرخة من قلب المهنة: الفوضى تُهين الإرشاد السياحي بمراكش
في سياق التحديات التي تعصف بمهنة الإرشاد السياحي في مراكش، يعرض هذا المقال وجهة نظر عدد من المرشدين السياحيين الذين يعانون من تدهور أوضاعهم المهنية بسبب ظواهر التسيب والتنظيم غير القانوني داخل القطاع. ومن المهم التنويه إلى أن ما يطرحه هذا المقال يعكس آراء مجموعة من المهنيين الذين يواجهون هذه التحديات بشكل يومي، وهذا نص المقال: "الانتسابات غير القانونية، المنافسة الفوضوية، وتواطؤ الصمت... من يُنقذ كرامة المرشدين؟ الوضع لم يعد يحتمل. مهنة الإرشاد السياحي، التي لطالما كانت واجهة حضارية للمغرب، تتعرض اليوم في مراكش لتشويه ممنهج، وسط تراخٍ واضح من السلطات المحلية والمركزية، وصمت مريب من الهيئات المهنية والتنظيمية. منذ سنوات، والمرشدون النظاميون يرفعون الصوت في وجه ظاهرة تتفشى في الخفاء: مرشدون غير مُعيّنين في المدينة يحصلون على انتساب غير قانوني داخل جمعية مهنية محلية، ويزاولون عملهم بشكل حرّ، ضاربين عرض الحائط بقوانين التعيين والتنظيم. القانون يُنتَهك والمهنة تنهار ما يجري ليس فقط خرقًا إداريًا، بل تقويض لمبادئ العدالة المهنية. المرشدون غير المعينين في مراكش يتعللون بأن القانون يمنحهم هذا الحق، مستندين إلى تأويلات شخصية تخدم مصالحهم، دون اعتبار للواقع القانوني أو الإداري، في وقت يُقصى فيه المرشدون الملتزمون ويُجبرون على تقبل التهميش. كرامة المرشد تُباع في سوق الأسعار تدهور آخر يسجله المهنيون يتمثل في اشتعال حرب أسعار مدمرة، حيث يعمد بعض المرشدين إلى خفض تسعيرتهم بشكل مبالغ فيه، ما يؤدي إلى ضرب جودة الخدمات في العمق، والإضرار بسمعة المدينة لدى السياح. "عندما يتحول المرشد إلى بائع خدمة رخيصة، فإن التفاعل، والمعلومة، والاحترافية تكون أولى الضحايا"، يقول أحد المرشدين المحليين. جمعيات متهمة... وسلطات غائبة عدد من الأصوات داخل القطاع تتهم بعض الجمعيات بالتواطؤ، حيث تُمنح بطاقات الانتساب بشكل غير قانوني، وأحيانًا مقابل مبالغ مالية، دون احترام لشروط التعيين الترابي ولا ضوابط المزاولة. المرشدون يطالبون اليوم بتحقيق رسمي في هذه الانتسابات، ومساءلة الجهات التي تغضّ الطرف عن هذه الفوضى، والتي تهدد المهنة من الداخل. السياحة تتطور... والمهنة تتآكل في وقت تتغير فيه تطلعات السياح نحو تجارب غنية، وتفاعلية، ومستدامة، يواجه المرشدون الملتزمون خطر الإقصاء على يد فوضى تنظيمية تُفرّغ المهنة من معناها وقيمتها الثقافية. المرشدون يطالبون بالتحرك... الآن! دعوات متصاعدة لإيقاف النزيف: فتح تحقيق عاجل في الانتسابات العشوائية؛ توقيف غير الملتزمين بالتعيين الرسمي؛ إصلاح جذري لهياكل الجمعيات المهنية؛ وتدخل فعلي لوزارة السياحة وولاية الجهة قبل فوات الأوان."
ساحة

“الحق المهني المسلوب”: من يُسكت صوت المرشدين السياحيين؟
في قطاع يُعدّ من الركائز الأساسية للاقتصاد المحلي والوطني، يجد مئات المرشدين السياحيين بجهة مراكش-آسفي أنفسهم في مواجهة تحديات مهنية وإدارية متزايدة. وسط غياب آليات فعالة لحماية حقوقهم، تتعالى أصواتهم مطالبة بالإصلاح، لكن هل من مجيب؟ هذا المقال يعكس انشغالات مجموعة من المهنيين الذين يرون أن الممارسات التنظيمية الحالية تُقصيهم بدل أن تدمجهم، ويطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل المهنة، وهذا نص المقال:"في قلب القطاع السياحي بمراكش-آسفي، يعيش مئات المرشدين حالة من التهميش الممنهج، في ظل تراكم ممارسات إدارية وتنظيمية غير متوازنة، وغياب الآليات الفعالة التي تضمن العدالة المهنية. الوضع الحالي يفرض علينا طرح أسئلة جريئة: من يُراقب؟ من يُحاسب؟ ومن يُنصف من لا صوت له؟جمعية في وضعية مخالفة... بلا محاسبةللسنة الثالثة على التوالي، لم تعقد الجمعية الجهوية للمرشدين السياحيين أي جمع عام، ولم تُعرض أي تقارير مالية أو أدبية، ومع ذلك تواصل تحصيل واجبات الانخراط، وتسليم الشهادات وكأن شيئاً لم يكن.أين دور المراقبة؟ من يتحمل مسؤولية تفعيل آليات الشفافية الداخلية؟ أليس استمرار هذا الوضع يمثل خرقاً لمبادئ الحكامة المهنية؟التكوين الرقمي: برنامج غير منصف لفئة واسعةفرض شهادة التكوين الرقمي ضمن وثائق تجديد الاعتماد جاء بهدف التأهيل، لكنه لم يُرفق، حسب عدد من المهنيين، بآليات واقعية لضمان مشاركة حقيقية ومتساوية، مما خلق شعوراً بالإقصاء لدى شريحة واسعة من المرشدين:مشاركات شكلية أو بالنيابة.غياب دعم فعلي للفئات غير المتمكنة من التكنولوجيا.شهادة تُمنح دون تأكيد فعلي لاكتساب المهارات.النتيجة؟ تكوين تحوّل إلى عبء إداري لا يراعي خصوصية الميدان.تجديد الرخصة: منطق الورق أم منطق الكفاءة؟المرشدون يقدمون ملفاتهم كاملة، لكن العديد منهم يُدرك أن ما يُطلب ليس بالضرورة انعكاساً حقيقياً للخبرة أو القدرة. شهادات انخراط صادرة عن جمعيات غير مفعلة تنظيمياً، وشهادات تكوين دون مضمون فعلي، فهل هذه مؤشرات تأهيل حقيقية؟ أم مجرد إجراء شكلي؟الشهادة الطبية: سؤال حول العدالة المهنيةيشكل شرط الشهادة الطبية عائقاً أمام عدد من المرشدين الذين يعانون من أمراض مزمنة أو حالات صحية مؤقتة. فهل العجز المؤقت أو الإعاقة الخفيفة تعني بالضرورة عدم الأهلية؟ وهل من العدل أن يُقصى شخص فقط لأنه يخضع لعلاج منتظم أو يعيش مع إعاقة بسيطة لا تمنعه من أداء مهامه؟الضمان الاجتماعي: بين التعقيد والإجحافيعاني عدد من المرشدين السياحيين من صعوبات متزايدة في تسوية وضعيتهم مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في ظل غياب مواكبة فعلية تأخذ بعين الاعتبار طبيعة عملهم المستقل وغير المنتظم. ومن أبرز الإشكالات المطروحة:تعقيد مساطر الانتظام وتسديد المستحقات القديمة.تراكم مبالغ يصعب سدادها دفعة واحدة.وجود اقتطاعات بنكية غير دقيقة في بعض الحالات.تعرض المرشدين مزدوجي الجنسية لأداء مزدوج للواجبات دون تنسيق واضح بين الدول.هذا الوضع يُفاقم الهشاشة الاجتماعية للمرشدين، ويُفرغ التغطية الاجتماعية من مضمونها، ويُرسخ الإقصاء بدل الإدماج.مطالب مهنية ملحةافتحاص إداري ومالي للجمعية الجهوية ضماناً للشفافية.مراجعة آليات استخراج شهادات التكوين والانخراط.تيسير شروط الشهادة الطبية بشكل إنساني وعادل.فتح حوار مهني موسع لتصحيح المسار التنظيمي دون توتر أو صدام.رسالة مفتوحة لكل ضمير مهنيهذا المقال ليس مجرد وصف لاختلالات مهنية، بل هو نداء صادق يلامس كرامة كل مرشد سياحي. لسنا بصدد مطالب تعجيزية، بل نطالب فقط بما يضمن الاستمرارية في العمل بكرامة: تنظيم شفاف، تمثيلية شرعية، تكوين فعلي، وحماية اجتماعية عادلة.لقد طال الصمت، وكثُر التغاضي، وحان الوقت لنُعيد للمهنة صوتها ومكانتها. صوت المرشد ليس هامشيًا... إنه صوت الثقافة، والتاريخ، والانتماء."
ساحة

يونس مجاهد يكتب: مصداقية الخبر وطُعم النقرات
موضوع مصداقية الأخبار ليست جديدا في ثقافتنا، بل إنه متجذر فيها، وهناك مرجعيات كثيرة تحيلنا على الأهمية القصوى التي أوليت للفرق بين الخبر الصادق والخبر الكاذب في تراثنا، و لا أدل على ذلك من الآية الكريمة " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ". فالعودة لهذه المرجعيات سيكون مفيدا في مقاومة المد الجارف للتضليل والأخبار الملفقة والإثارة الرخيصة، التي يسعى تجار شبكات التواصل الاجتماعي إلى جعلها وسيلة للتشهير والإساءة، ومصدر اغتناء، غير عابئين بالقيم النبيلة التي من المفترض أن نتقاسمها كمجتمع. إن العودة إلى مرجعيتنا الحضارية والثقافية كفيل بأن يساهم إلى حد كبير في توفير وسائل وأدوات مقاومة الإتجار الرخيص في حرية التعبير، ففي مقدمة ابن خلدون التي أسست لعلم العمران البشري، هناك تدقيق مذهل لضرورة التمحيص في الأخبار، حيث يقول إنه من الضروري التمحيص والنظر في الخبر، حتى يتبين صدقه من كذبه، لأن الابتعاد عن الانتقاد والتمحيص يقع في قبول الكذب ونقله. ويضيف أن من الأسباب المقتضية للكذب في الأخبار، أيضا، الثقة بالناقلين، وتمحيص ذلك يرجع إلى التعديل والتجريح. ومنها الذهول عن المقاصد، فكثير من الناقلين لا يعرف القصد بما عاين أو سمع، وينقل الخبر على ما في ظنه وتخمينه، فيقع في الكذب. إن ابن خلدون، الذي سبق عصره، يتحدث هنا عن مصادر الأخبار، التي يعتبر أنه من غير الممكن تصديق ما تنقله بدون إعمال العقل النقدي. وهو من صميم العمل الصحافي، حيث أن التأكد من مصادر الأخبار ومدى مصداقيتها، هو جوهر المهنة، وهو أيضا ما يدرس اليوم في التربية على الإعلام، إذ أن أهم مبدأ يوصى به هو عدم تصديق أي "خبر"، إلا بعد التأكد من المصادر، أولا، ثم التمحيص والنظر في هذا الخبر، كما يقول ابن خلدون، ثانيا، لغربلته وإخضاعه للعقل والمنطق. وفي هذا الإطار، تؤكد التجربة، أنه لا يمكن للمجتمعات أن تستغني عن الصحافة المهنية، في تداول الأخبار، لأنها تكون صادرة عن صحافيين محترفين، يتوفرون على تكوين وخبرة ومستوى علمي، والأهم من ذلك، أنهم يشتغلون في بيئة صحافية، أي ضمن هيئة تحرير وميثاق أخلاقيات وقواعد العمل الصحافي. ولا يمكن لشبكات التواصل الاجتماعي أوما يسمي ب"المؤثرين"، أن تعوض العمل الصحافي الاحترافي، بحجة أنها "صحافة مستقلة"، فليس هناك إلا صحافة واحدة، إما أن تكون احترافية موضوعية وذات مصداقية، تعمل طبقا لأساسيات مهنة الصحافة وتقاليدها، أو لا تكون. الصحافي الحقيقي، كالمؤرخ، يقول عبد الله العروي، في كتابه "مفهوم التاريخ"، إذ يعتبر أن العديد من الملاحظين يشبهون الصحافي بالمؤرخ، فيقال إن الأول مؤرخ اللحظة، بينما الثاني صحافي الماضي، كلاهما يعتمد على مخبر، وكلاهما يؤول الخبر ليعطيه معنى، الفرق بينهما هو المهلة المخولة لكل واحد منهما، إذا ضاقت تحول المؤرخ إلى صحافي، وإذا عاد الصحافي إلى الأخبار وتأملها بعد مدة تحول إلى مؤرخ، أما إشكالية الموضوعية وحدود "إدراك الواقع كما حدث"، فهي واحدة بالنسبة لهما معا. والمقصود هنا، حسب العروي، هو أن كلا من الصحافي والمؤرخ، عليهما تحري الدقة في الأخبار والحوادث المنقولة، واعتماد المصادر الموثوقة، مثل التغطية الميدانية وشهود العيان أو معايشة الأحداث، بالإضافة إلى الوثائق والآثار الدالة على ما حصل... هذه هي الصحافة المستقلة، عن التلفيق والكذب والإثارة المجانية واستجداء عدد النقرات. ويعتبر اليوم "طُعم النقرات "clickbait، من الآفات الكبرى التي أصابت الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبح العديد ممن يسعون إلى تحقيق الأرباح، بأية وسيلة، اللجوء إلى تشويه الحقيقة وتقويض القيم الصحفية التقليدية، مثل الدقة والموضوعية والشفافية، همهم الوحيد هو الدخول في مهاترات وجدل عقيم، و اعتماد عناوين مثيرة، و كتابة أو بث كل ما يمكن أن يثير الفضول بدون معنى أو محتوى و بدون مصدر موثوق، كتاباتهم أو احاديثهم تتضمن تناقضات كثيرة، لكن كل ذلك يهون، بالنسبة لهم، أمام ما يمكن أن يحققونه من مداخيل. لذلك رفعت العديد من التنظيمات الصحافية في تجارب دولية، شعار؛ "لا تنقر"، أي تجنب طُعم الإثارة التجارية الرخيصة، التي تشوه الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي.
ساحة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الاثنين 21 أبريل 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة