مراكش

الملك محمد السادس يوجه رسالة إلى المشاركين في الندوة حول “ضوابط الفتوى الشرعية في السياق الإفريقي”


كشـ24 | و.م.ع نشر في: 8 يوليو 2023

وجه أمير المؤمنين الملك محمد السادس، رسالة إلى المشاركين في الندوة المنظمة من طرف مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة حول موضوع "ضوابط الفتوى الشرعية في السياق الإفريقي"، والتي تحتضنها مدينة مراكش من 8 إلى 10 يوليوز الجاري.

وفي ما يلي النص الكامل للرسالة الملكية السامية، والتي تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق : " الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.

أصحاب الفضيلة،

حضرات السيدات والسادة، إنه لمن دواعي اعتزازنا أن نتوجه إليكم بهذه الرسالة، وأنتم مجتمعون لتدارس موضوع طالما كانت له مكانة خاصة في نفسنا، ألا وهو موضوع الفتوى في أحكام الشريعة والنوازل المستجدة، وذلك من منطلق الأمانة التي طوقنا الله بها في حماية الدين من مختلف نزوعات التطرف والانغلاق وأسباب الفتنة.

ومما يزيد من اطمئناننا، أن دعوتكم لتدارس هذا الموضوع، قد صدرت من مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة. هذه المؤسسة التي ما لبثت، منذ أسسناها قبل ثماني سنوات، تحقق الأهداف التي رسمناها لها، ومنها توحيد وتنسيق جهود العلماء المسلمين من المغرب وباقي البلاد الإفريقية الإسلامية، للتعريف بقيم الإسلام السمحة ونشرها وترسيخها، والقيام بمبادرات من شأنها تفعيل قيم الوسطية والاعتدال والاجتهاد في كل إصلاح تتوقف عليه عملية التنمية في إفريقيا، سواء على مستوى القارة، أو على صعيد كل بلد من بلدانها. أيتها السيدات، أيها السادة،

لا يخفى عليكم أن منطلقنا في إنشاء مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، هو استيعاب التراث الغني، المتمثل فيما رسخه السلف الصالح، عبر القرون، من الروابط المتينة والمتعددة الأبعاد بين المملكة المغربية وبلدان إفريقيا جنوبي الصحراء.

هذه الروابط القائمة على الثوابت المشتركة بين المغرب وبين أشقائه الأفارقة في العقيدة وفي المذاهب السنية المعتدلة. وقد قامت هذه الثوابت على أسانيد السلوك التى رعتها الطرق الصوفية من جهة، وعلى أسانيد العلم الشرعي المروي عبر سلسلات المشايخ الثقات من جهة أخرى. فالسلوك والعلم الشرعي في فكرنا الديني وجهان لعملة واحدة.

وإذا كان التواصل بين إمارة المؤمنين في المغرب وبين مشيخات طرق التصوف في البلدان الإفريقية قد امتد عبر القرون، وما يزال، فقد وفقنا الله تعالى في هذا العصر لما أصبح ضرورة ملحة، وهو إنشاء إطار مؤسسي للتواصل بين العلماء والفقهاء والمفتين، وذلك إدراكا منا للتحديات المستجدة، المرتبطة بتطور الحياة الاجتماعية والحضارية في شتى مناحيها، وضرورة تنزيل الأحكام الشرعية عليها.

فالمسؤولية التي يتحملها علماء الدين على الدوام، مسؤولية عظمى، وقد ازدادت أهميتها وخطورتها في هذا العصر، وهي أمانة جسيمة أمام الله وإزاء الناس الذين ينظرون إلى العلماء على أنهم المرجعية الوثقى في تبليغ دين الله أولا، وفي حسن تنزيل مقاصده على أحوال الناس ثانيا.

ومرجع العلماء في تحمل هذه المسؤولية هو ما بلغنا من هدي جدنا المصطفى عليه الصلاة والسلام، في الحديث الشريف : " يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين". إن هذه الأصناف الثلاثة موجودة اليوم في زمرة الخائضين في شؤون الدين.

ومن ث م فالعلماء مطالبون بالتأثير الإيجابي في الناس، وذلك بأن يبينوا لهم محاسن الوسطية والاعتدال، وأن يقوموا مقابل ذلك بنفي التأثير السلبي للأصناف المتطرفة الجاهلة في عقول الأبرياء، لاسيما وأن هؤلاء المنحرفين يدرجون جل كلامهم عن الدين في صنف الإفتاء والفتوى، لما لها من القدسية في أذهان الناس.

وانطلاقا من هذا الواقع، ومن ضرورة حماية دين الله، قمنا في مملكتنا الشريفة بالواجب في مأسسة الفتوى، بأن جعلناها جماعية من ضمن اختصاصات المجلس العلمي الأعلى، الذي يستفتيه الناس في أمور الشأن العام ذات الصلة بالدين، بينما يقوم العلماء كأشخاص، بإرشاد الناس للأحكام الدينية التي لا تدخل في الفتوى ذات الصلة بالحياة العامة. ولربما كان هذا الشرط هو ما ينبغي الأخذ به في كل بلد من البلدان الإفريقية، وهو جعل الفتوى في الشأن العام موكولة لمؤسسة جماعية من العلماء العدول الوسطيين، الذين يلتزمون بثوابت بلدهم ومذهبهم الشرعي. أيتها العالمات الفضليات، أيها العلماء الأفاضل، إن لقاءكم المبارك هذا في موضوع الفتوى، حري بأن يعمق لدى المسلمين اليوم معنى الوسطية، امتثالا لقوله تعالى : "وكذلك جعلناكم أمة وسطا". وهذا التوجيه الإلهي يجسد اليوم مدى ضرورة تجنب التطرف والتفرقة، وهو دعوة الناس دعوة ملحة إلى الاعتدال، والحرص على طمأنة ضمائر الناس فيما يتعلق بالخلاف في بعض الجزئيات، والعزم الأكيد على التعاون والتشاور الدوري بين العلماء على الصعيد الإفريقي، لمتابعة المستجدات في باب الطلب والاستجابة في باب الفتوى، وحرص المفتين على الاجتهاد لإدماج السلوكات الثقافية المحلية في دائرة المقبول الشرعي، ما لم يكن فيها ما يناقض القطعيات.

وفي هذا الشأن - أي إدماج الواقع المعيش في الدين - يعتبر علماء مملكتنا الشريفة مثالا ي حتذى، حيث ابتكروا في الفقه، عبر القرون السالفة، مفهوم "ما جرى به العمل" ؛ أي مراعاة الممارسات الثقافية الفضلى للناس. وتمكنوا بذلك، تفعيلا لآليات الاجتهاد في المذهب المالكي، من الإفتاء بإدماج عدد من عوائد الناس الاجتماعية والثقافية في دائرة الأمور المنسجمة مع توجيهات الدين، ولاسيما من جهة ما يضمن المصالح الدنيوية، ومنها الاطمئنان النفسي.

كما يتعين على العلماء المفتين على الصعيد الإفريقي، تنمية المدارك وتبادل الأنظار، لاسيما فيما يتعلق بفقه الواقع، وتدوين نتائج بحوثهم على مختلف أنواع "الحوامل" الإلكترونية المتاحة، تعميما للنفع وتعزيزا للتأهيل.

ومما يعين على التوفيق في موضوع الفتوى، الاستعانة بالخبراء من خارج الاختصاص في العلوم الشرعية، وهو سلوك معروف في تاريخ الفقه والفتوى ببلادنا. حضرات السيدات والسادة،

إن البرنامج الذي اقترحتموه لندوتكم، حري بأن يحقق منطلقا رصينا لموضوع ضوابط الفتوى الشرعية في الفضاء الإفريقي، لأنه حرص على الاستقصاء من خلال السعي إلى تأصيل مفهوم الإفتاء وشرح ضوابطه وأهلية المفتين، وإشكال الاختلاف في بعض المرجعيات، والآفة التي يشكلها النزوع للعصبيات وتحدي التنزيل في سياق الأعراف والخصوصيات.

كما سيتناول التنبيه إلى ما هو واقع اليوم من الجرأة على الفتوى من غير أهلها، وما قد يؤدي إليه ذلك من نشر خطاب التطرف والتكفير والكراهية. وإن تحقيق نجاعة هذا البرنامج يفترض القدرة على التعامل مع مجتمع التواصل، في سياق التكنولوجيا المتطورة.

وفي هذا المقام، نهيب بكم إلى استغلال حسنات التواصل لضمان الاستمرار في التداول بينكم حول موضوع الندوة. ومن خلال هذا التواصل تجتهدون وتتبادلون التجارب، حيث تستفيد كل جماعة من العلماء، في بلد من البلدان، من علم مجموع علماء إفريقيا الملتزمين بهذه المبادرة، مع احتفاظ علماء كل بلد بحقهم في مراعاة خصوصيتهم.

حضرات السيدات والسادة،

لا يفوتنا أن ننبه إلى أن كمال مبادرتكم لضبط الفتوى يتوقف بالضرورة على إشراك النساء العالمات في كل جوانب هذه المبادرة. لأن النساء في ديننا شقائق الرجال في الأحكام. وللأمة الإسلامية أسوة في أم المؤمنين، سيدتنا عائشة رضي الله عنها، وهي التي أخذ عنها المسلمون شطرا مهما من أحكام الدين.

وانطلاقا من هذا الاقتناع في شأن الدين، فإننا في مملكتنا نؤطر النساء والرجال بعدد من العالمات والمرشدات، وللهدف نفسه تضطلع النساء بدور بارز في الإرشاد عبر الإعلام.

حضرات السيدات والسادة،

إن مؤتمركم هذا يدخل فيما أمر الله به من التعاون على البر والتقوى. وقد رأينا في هذا العصر أن كل بلد لا ي أم ن إلا بقدر ما يكون البلد الجار آمنا. كما نرى الفتنة تعبر الحدود كما تعبرها الزوابع والرياح.

وفي الأخير نهنئكم على هذا المجمع العلمي المبارك، المنعقد تحت رعايتنا السامية، لمناقشة موضوع في غاية الأهمية، وعلى رأسها جعل الفتوى في شؤون الدين عملا مؤسسيا لا مجال فيه للنزوعات المتطرفة، ولا للأهواء الضالة المضلة.

وفقكم الله وكلل بالنجاح أعمالكم،

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ".

وجه أمير المؤمنين الملك محمد السادس، رسالة إلى المشاركين في الندوة المنظمة من طرف مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة حول موضوع "ضوابط الفتوى الشرعية في السياق الإفريقي"، والتي تحتضنها مدينة مراكش من 8 إلى 10 يوليوز الجاري.

وفي ما يلي النص الكامل للرسالة الملكية السامية، والتي تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق : " الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.

أصحاب الفضيلة،

حضرات السيدات والسادة، إنه لمن دواعي اعتزازنا أن نتوجه إليكم بهذه الرسالة، وأنتم مجتمعون لتدارس موضوع طالما كانت له مكانة خاصة في نفسنا، ألا وهو موضوع الفتوى في أحكام الشريعة والنوازل المستجدة، وذلك من منطلق الأمانة التي طوقنا الله بها في حماية الدين من مختلف نزوعات التطرف والانغلاق وأسباب الفتنة.

ومما يزيد من اطمئناننا، أن دعوتكم لتدارس هذا الموضوع، قد صدرت من مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة. هذه المؤسسة التي ما لبثت، منذ أسسناها قبل ثماني سنوات، تحقق الأهداف التي رسمناها لها، ومنها توحيد وتنسيق جهود العلماء المسلمين من المغرب وباقي البلاد الإفريقية الإسلامية، للتعريف بقيم الإسلام السمحة ونشرها وترسيخها، والقيام بمبادرات من شأنها تفعيل قيم الوسطية والاعتدال والاجتهاد في كل إصلاح تتوقف عليه عملية التنمية في إفريقيا، سواء على مستوى القارة، أو على صعيد كل بلد من بلدانها. أيتها السيدات، أيها السادة،

لا يخفى عليكم أن منطلقنا في إنشاء مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، هو استيعاب التراث الغني، المتمثل فيما رسخه السلف الصالح، عبر القرون، من الروابط المتينة والمتعددة الأبعاد بين المملكة المغربية وبلدان إفريقيا جنوبي الصحراء.

هذه الروابط القائمة على الثوابت المشتركة بين المغرب وبين أشقائه الأفارقة في العقيدة وفي المذاهب السنية المعتدلة. وقد قامت هذه الثوابت على أسانيد السلوك التى رعتها الطرق الصوفية من جهة، وعلى أسانيد العلم الشرعي المروي عبر سلسلات المشايخ الثقات من جهة أخرى. فالسلوك والعلم الشرعي في فكرنا الديني وجهان لعملة واحدة.

وإذا كان التواصل بين إمارة المؤمنين في المغرب وبين مشيخات طرق التصوف في البلدان الإفريقية قد امتد عبر القرون، وما يزال، فقد وفقنا الله تعالى في هذا العصر لما أصبح ضرورة ملحة، وهو إنشاء إطار مؤسسي للتواصل بين العلماء والفقهاء والمفتين، وذلك إدراكا منا للتحديات المستجدة، المرتبطة بتطور الحياة الاجتماعية والحضارية في شتى مناحيها، وضرورة تنزيل الأحكام الشرعية عليها.

فالمسؤولية التي يتحملها علماء الدين على الدوام، مسؤولية عظمى، وقد ازدادت أهميتها وخطورتها في هذا العصر، وهي أمانة جسيمة أمام الله وإزاء الناس الذين ينظرون إلى العلماء على أنهم المرجعية الوثقى في تبليغ دين الله أولا، وفي حسن تنزيل مقاصده على أحوال الناس ثانيا.

ومرجع العلماء في تحمل هذه المسؤولية هو ما بلغنا من هدي جدنا المصطفى عليه الصلاة والسلام، في الحديث الشريف : " يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين". إن هذه الأصناف الثلاثة موجودة اليوم في زمرة الخائضين في شؤون الدين.

ومن ث م فالعلماء مطالبون بالتأثير الإيجابي في الناس، وذلك بأن يبينوا لهم محاسن الوسطية والاعتدال، وأن يقوموا مقابل ذلك بنفي التأثير السلبي للأصناف المتطرفة الجاهلة في عقول الأبرياء، لاسيما وأن هؤلاء المنحرفين يدرجون جل كلامهم عن الدين في صنف الإفتاء والفتوى، لما لها من القدسية في أذهان الناس.

وانطلاقا من هذا الواقع، ومن ضرورة حماية دين الله، قمنا في مملكتنا الشريفة بالواجب في مأسسة الفتوى، بأن جعلناها جماعية من ضمن اختصاصات المجلس العلمي الأعلى، الذي يستفتيه الناس في أمور الشأن العام ذات الصلة بالدين، بينما يقوم العلماء كأشخاص، بإرشاد الناس للأحكام الدينية التي لا تدخل في الفتوى ذات الصلة بالحياة العامة. ولربما كان هذا الشرط هو ما ينبغي الأخذ به في كل بلد من البلدان الإفريقية، وهو جعل الفتوى في الشأن العام موكولة لمؤسسة جماعية من العلماء العدول الوسطيين، الذين يلتزمون بثوابت بلدهم ومذهبهم الشرعي. أيتها العالمات الفضليات، أيها العلماء الأفاضل، إن لقاءكم المبارك هذا في موضوع الفتوى، حري بأن يعمق لدى المسلمين اليوم معنى الوسطية، امتثالا لقوله تعالى : "وكذلك جعلناكم أمة وسطا". وهذا التوجيه الإلهي يجسد اليوم مدى ضرورة تجنب التطرف والتفرقة، وهو دعوة الناس دعوة ملحة إلى الاعتدال، والحرص على طمأنة ضمائر الناس فيما يتعلق بالخلاف في بعض الجزئيات، والعزم الأكيد على التعاون والتشاور الدوري بين العلماء على الصعيد الإفريقي، لمتابعة المستجدات في باب الطلب والاستجابة في باب الفتوى، وحرص المفتين على الاجتهاد لإدماج السلوكات الثقافية المحلية في دائرة المقبول الشرعي، ما لم يكن فيها ما يناقض القطعيات.

وفي هذا الشأن - أي إدماج الواقع المعيش في الدين - يعتبر علماء مملكتنا الشريفة مثالا ي حتذى، حيث ابتكروا في الفقه، عبر القرون السالفة، مفهوم "ما جرى به العمل" ؛ أي مراعاة الممارسات الثقافية الفضلى للناس. وتمكنوا بذلك، تفعيلا لآليات الاجتهاد في المذهب المالكي، من الإفتاء بإدماج عدد من عوائد الناس الاجتماعية والثقافية في دائرة الأمور المنسجمة مع توجيهات الدين، ولاسيما من جهة ما يضمن المصالح الدنيوية، ومنها الاطمئنان النفسي.

كما يتعين على العلماء المفتين على الصعيد الإفريقي، تنمية المدارك وتبادل الأنظار، لاسيما فيما يتعلق بفقه الواقع، وتدوين نتائج بحوثهم على مختلف أنواع "الحوامل" الإلكترونية المتاحة، تعميما للنفع وتعزيزا للتأهيل.

ومما يعين على التوفيق في موضوع الفتوى، الاستعانة بالخبراء من خارج الاختصاص في العلوم الشرعية، وهو سلوك معروف في تاريخ الفقه والفتوى ببلادنا. حضرات السيدات والسادة،

إن البرنامج الذي اقترحتموه لندوتكم، حري بأن يحقق منطلقا رصينا لموضوع ضوابط الفتوى الشرعية في الفضاء الإفريقي، لأنه حرص على الاستقصاء من خلال السعي إلى تأصيل مفهوم الإفتاء وشرح ضوابطه وأهلية المفتين، وإشكال الاختلاف في بعض المرجعيات، والآفة التي يشكلها النزوع للعصبيات وتحدي التنزيل في سياق الأعراف والخصوصيات.

كما سيتناول التنبيه إلى ما هو واقع اليوم من الجرأة على الفتوى من غير أهلها، وما قد يؤدي إليه ذلك من نشر خطاب التطرف والتكفير والكراهية. وإن تحقيق نجاعة هذا البرنامج يفترض القدرة على التعامل مع مجتمع التواصل، في سياق التكنولوجيا المتطورة.

وفي هذا المقام، نهيب بكم إلى استغلال حسنات التواصل لضمان الاستمرار في التداول بينكم حول موضوع الندوة. ومن خلال هذا التواصل تجتهدون وتتبادلون التجارب، حيث تستفيد كل جماعة من العلماء، في بلد من البلدان، من علم مجموع علماء إفريقيا الملتزمين بهذه المبادرة، مع احتفاظ علماء كل بلد بحقهم في مراعاة خصوصيتهم.

حضرات السيدات والسادة،

لا يفوتنا أن ننبه إلى أن كمال مبادرتكم لضبط الفتوى يتوقف بالضرورة على إشراك النساء العالمات في كل جوانب هذه المبادرة. لأن النساء في ديننا شقائق الرجال في الأحكام. وللأمة الإسلامية أسوة في أم المؤمنين، سيدتنا عائشة رضي الله عنها، وهي التي أخذ عنها المسلمون شطرا مهما من أحكام الدين.

وانطلاقا من هذا الاقتناع في شأن الدين، فإننا في مملكتنا نؤطر النساء والرجال بعدد من العالمات والمرشدات، وللهدف نفسه تضطلع النساء بدور بارز في الإرشاد عبر الإعلام.

حضرات السيدات والسادة،

إن مؤتمركم هذا يدخل فيما أمر الله به من التعاون على البر والتقوى. وقد رأينا في هذا العصر أن كل بلد لا ي أم ن إلا بقدر ما يكون البلد الجار آمنا. كما نرى الفتنة تعبر الحدود كما تعبرها الزوابع والرياح.

وفي الأخير نهنئكم على هذا المجمع العلمي المبارك، المنعقد تحت رعايتنا السامية، لمناقشة موضوع في غاية الأهمية، وعلى رأسها جعل الفتوى في شؤون الدين عملا مؤسسيا لا مجال فيه للنزوعات المتطرفة، ولا للأهواء الضالة المضلة.

وفقكم الله وكلل بالنجاح أعمالكم،

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ".



اقرأ أيضاً
عكوري لـكشـ24: جهة مراكش سجلت نتائج مشرفة في الباك وجهاز متطور حدّ من الغش
قال نور الدين عكوري، رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ، إن امتحانات الدورة الاستدراكية للباكالوريا مرت في ظروف جيدة على مستوى جهة مراكش، مؤكدا أن جميع المواد التي اجتازها التلاميذ سبق وتمت دراستها داخل الفصول، ولم تسجل أية شكايات حول طبيعة الاختبارات، ما يعكس حسن الإعداد والتنظيم. وأشار عكوري في تصريحه لموقع "كشـ24"، إلى أن من أبرز مستجدات هذه الدورة اعتماد جهاز إلكتروني متطور لرصد حالات الغش، وهي آلية تم إدخالها من طرف وزارة التربية الوطنية، وساهمت بشكل كبير في الحد من محاولات الغش داخل مراكز الامتحان، معتبرا أن هذه الخطوة تعزز مبدأ تكافؤ الفرص بين التلاميذ. وفي هذا السياق، دعا المتحدث ذاته، إلى تعميم هذه الأجهزة على جميع المراكز بشكل دائم، وعدم الاقتصار على استخدامها من قبل اللجان المتنقلة فقط، وذلك لضمان فعالية أكبر في محاربة الغش والرفع من مصداقية الامتحانات الوطنية. وتوقف عكوري عند ترتيب جهة مراكش آسفي خلال الدورة العادية لامتحانات الباكالوريا، حيث احتلت المرتبة الثالثة وطنيا، مشيرا إلى أن هذه النتيجة تعكس المجهودات المبذولة من طرف الأطر التربوية والإدارية والتلميذات والتلاميذ، معبّرا عن أمله في أن تحقق الجهة نتائج أفضل في الدورة الاستدراكية. وعلى صعيد السنة الدراسية بشكل عام، أبرز عكوري أن من أهم المستجدات التي ميزت الموسم 2023-2024 هو إطلاق مدارس الريادة بالتعليم الثانوي الإعدادي، والتي اعتبرها نموذجا ناجحا بالنظر للنتائج الإيجابية التي تم تسجيلها، مؤكدا أن الفيدرالية التي ينتمي إليها تطالب بتعميم هذا النموذج على باقي المؤسسات الإعدادية، لما له من أثر إيجابي في محاربة الهدر المدرسي وتحقيق تكافؤ الفرص. وختم عكوري تصريحه بالتأكيد على أن جهة مراكش، عموما، سجلت أداء جيدا خلال الموسم الدراسي، مشيرا إلى أن نتائج الباكالوريا، سواء في دورتها العادية أو الاستدراكية، تبعث على التفاؤل، وتعكس دينامية تربوية إيجابية داخل الجهة.
مراكش

هل فشل مشروع تثمين وترميم الأسواق السياحية بمراكش؟
وجهت تنسيقية جمعيات السوق السياحي الكبير ومحيطه (السمارين) بمدينة مراكش، شكاية إلى كل من وزير الثقافة والرياضة والشباب، والي جهة مراكش آسفي ورئيسة المجلس الجماعي، عبّرت فيها عن استيائها العميق من نتائج مشروع تثمين وترميم الأسواق السياحية، واصفة إياها بـ"الكارثية". وقالت التنسيقية في شكايتها إن المشروع، الذي كان من المفترض أن يشكل رافعة لتحسين الوضع التجاري والحرفي داخل السوق، لم يحقق الأهداف المرجوة، بل أدى – بحسبها – إلى تدهور ملحوظ في البنية التحتية والمظهر العام للسوق، مما أثّر سلبًا على النشاط الاقتصادي والحركة التجارية بالمنطقة. وسجلت التنسيقية مجموعة من النواقص تتعلق باستخدام مواد رديئة الجودة في تغطية السقف، مما تسبب في تسرب مياه الأمطار وإتلاف سلع التجار؛ ضعف تهيئة المحلات والمرافق، ما يجعلها غير مؤهلة للاشتغال أو استقبال الزبائن، غياب التنسيق بين المتدخلين في المشروع، وعدم إشراك الجمعيات المهنية المحلية، مما ساهم – بحسبهم – في ضعف التخطيط والتنفيذ. وفي هذا السياق، أعلنت التنسيقية انسحابها الكامل من المشروع، مؤكدة أنها لا تتحمل أية مسؤولية عن نتائجه الحالية، ورافضة ما اعتبرته محاولات للتنصل من المسؤولية أو تحميلها للمهنيين. وطالبت التنسيقية بفتح تحقيق عاجل لتحديد المسؤوليات والوقوف على الاختلالات؛ إصلاح الأضرار الناتجة عن الأشغال، خاصة ما يتعلق بالبنية التحتية والتهيئة الداخلية، وإشراك الفاعلين المحليين في جميع المراحل المستقبلية للمشاريع المرتبطة بالسوق. وختمت التنسيقية شكايتها بالتشديد على أن السوق السياحي الكبير ليس مجرد فضاء تجاري، بل يمثل جزءًا من هوية مراكش وتراثها الاقتصادي والثقافي، داعية إلى التعامل مع هذا الملف بجدية ومسؤولية، بما يضمن حفظ ذاكرة المدينة ومصالح آلاف الأسر المرتبطة بهذا القطاع.
مراكش

تواصل إغلاق مراحيض منتزه مولاي الحسن يثير الاستياء بمراكش
في الوقت الذي تراهن فيه مراكش على السياحة الداخلية والدولية لإنعاش اقتصادها، وفي ظل التوسّع العمراني وتهيئة عدد من الفضاءات الخضراء، ما زالت المدينة الحمراء تتعثر في تلبية واحدة من أبسط الحاجات الإنسانية: توفير المراحيض العمومية. منتزه مولاي الحسن، يشكّل نموذجا واضحا لهذا القصور، فمنذ افتتاحه أمام العموم وتهيئته ليستقبل أعدادا متزايدة من الزوار، خاصة مع حلول موسم الصيف، ظلت مرافقه الصحية مغلقة في وجه الزوار، الأمر الذي يُحبط تجربة هؤلاء، ويجعل التنزه في فضاء يفترض فيه الراحة يتحول إلى معاناة يومية. مهتمون بالشأن المحلي، دقوا ناقوس الخطر مرارا وتكرارا، محذرين من الآثار السلبية لاستمرار هذا الإهمال، خاصة على الفئات الضعيفة كالأطفال وكبار السن، بالإضافة إلى السياح الذين يصدمهم هذا النقص في مدينة تُوصف بأنها وجهة سياحية عالمية. ومع ذلك، لا شيء تغيّر، ولا يبدو أن هناك نية واضحة في معالجة هذا الخلل. الغريب في الأمر أن أزمة غياب المراحيض العمومية لا تقتصر فقط على المنتزه المذكور، بل تشمل غالبية أحياء وساحات مدينة مراكش، ومع غياب هذه البنية الأساسية، تحولت الكثير من الحدائق والأزقة إلى مراحيض مفتوحة، في مشاهد غير لائقة تسيء لصورة المدينة وتطرح تساؤلات محرجة حول مفهوم الكرامة في الفضاء العام. وأكد المهتمون، أن استمرار غياب هذه المرافق، في مدينة من المفترض أن تكون نموذجا حضريا، لم يعد مقبولا، وعلى المسؤولين أن يتحركوا اليوم لحلحلة هذا المشكل، مشددين على أن المرافق الصحية ليست كماليات، بل حق حضري أساسي، لا يقل أهمية عن الأرصفة أو الإنارة أو التشجير. ومدن العالم الراقية لا تُقاس فقط بجمالها المعماري أو بحجم استثماراتها، بل أيضًا بمدى احترامها لحاجيات الناس اليومية، مهما بدت بسيطة.  
مراكش

مطالب بنقل أسواق الجملة و “لافيراي” من مراكش إلى تامنصورت
طالبت جمعية مؤازرة للأعمال الاجتماعية والصحية والبيئية في رسالة مفتوحة موجهة إلى كل من والي جهة مراكش آسفي ورئيسة المجلس الجماعي لمراكش، بنقل أسواق الجملة الرئيسية وسوق بيع أجزاء السيارات المستعملة من قلب المدينة إلى مدينة تامنصورت. وأوضحت الجمعية في رسالتها أن الأسواق المعنية هي سوق الجملة للسمك بالمحاميد، وسوق الجملة للخضر والفواكه بحي المسار، بالإضافة إلى سوق أجزاء السيارات المستعملة “لافيراي” بسيدي غانم، والتي تقع وسط تجمعات سكانية وفي محاور استراتيجية حيوية تشكل عصب حركة التنقل داخل المدينة. وأكدت الجمعية أن هذه الخطوة من شأنها أن تخفف بشكل كبير من الاختناقات المرورية والتلوث البيئي، بالإضافة إلى تقليص الضغط العمراني الذي تعاني منه مراكش، المدينة التي تستقبل أعدادًا متزايدة من السكان والزوار سنويًا. كما أشارت الجمعية إلى أن نقل هذه الأسواق إلى تامنصورت من شأنه أيضا، خلق دينامية اقتصادية جديدة بالمدينة الجديدة، وتعزيز مكانتها كوجهة جاذبة للاستثمارات والنشاط التجاري، وهو ما يدعم التنمية المستدامة ويوازن بين المدن المحيطة بمراكش.
مراكش

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

السبت 05 يوليو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة