
سياسة
هل تُعلن البوليساريو انتحارها السياسي عبر قصف السمارة؟
في خطوة يائسة لا تخلو من طابع عدمي، أقدمت ميليشيات البوليساريو، اليوم الجمعة 27 يونيو 2025، على إطلاق مقذوفات صاروخية تجاه أحياء مدنية في مدينة السمارة، مستهدفة محيط مطار المدينة وحي “لازاب” المجاور لمقر بعثة الأمم المتحدة (المينورسو). ورغم محدودية الأضرار وانعدام الخسائر البشرية، فإن الرمزيات الخطيرة لهذا التصعيد تضع الجبهة في موضع من يدق آخر مسمار في نعش شرعيته المتآكلة.
إن تزامن هذا العمل العدواني مع إيداع مشروع قانون في الكونغرس الأمريكي لتصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية، ليس من قبيل المصادفة، بل يُعد ارتكاسًا هستيريًا أمام الضغط الدولي المتنامي، وهروبًا إلى الأمام عبر استفزازات عبثية لن تعيد عقارب الساعة إلى الوراء. فالجبهة، التي تُدرك جيدًا أنها تخسر الأرض والدبلوماسية معًا، تحاول اليوم بكل وقاحة أن تفرض حضورها عبر الرعب بدل الحوار، وعبر استهداف المدنيين بدل الانخراط في حل سياسي.
هذا القصف ـ الذي يحمل بصمات ميليشيات فقدت البوصلة ـ ليس مجرد فعل مسلح منعزل، بل رسالة صريحة للمجتمع الدولي بأن البوليساريو خارج أي منطق تفاوضي، بل خارج الشرعية الدولية ذاتها. وكم هو مثير للسخرية أن تُطلق هذه المقذوفات في محيط بعثة الأمم المتحدة، في مشهد يُجسّد عبثية من يدّعي تمثيل “شعب” بينما يقصف مناطق تحت رقابة أممية.
من المرجح أن تكون المقذوفات قد أُطلقت من عمق الأراضي الجزائرية، تفاديًا لرد مباشر من القوات المسلحة الملكية، وهو ما يفتح الباب أمام تساؤلات محرجة حول حجم التورط الرسمي للجزائر في تغذية هذا الصراع، سواء بالدعم العسكري أو التواطؤ الصامت. فالمعادلة واضحة: من يأوي ويُسلّح ميليشيا خارجة عن القانون، يتحمّل بالضرورة تبعات أفعالها.
أما على مستوى التأثير الدولي، فإن هذه الضربة الفاشلة قد تكون القشة التي تقصم ظهر البوليساريو دبلوماسيًا. استهداف منطقة مدنية محاذية لمنشأة أممية سيُقرأ، لا محالة، كعمل إرهابي مكتمل الأركان، يمنح الرباط أداة قانونية وأخلاقية إضافية لتعزيز مسار تجريم الجبهة أمام المؤسسات الدولية. هذا الفعل لا يُسهم سوى في تعزيز الطرح المغربي، الذي يزداد قوة على الأرض وفي المحافل الدولية.
لقد تجاوزت البوليساريو كل الخطوط الحمراء، لا فقط أخلاقيًا بل سياسيًا أيضًا، وتحوّلت إلى عبء حتى على حلفائها التقليديين. فماذا تبقى من مشروعية لكيان يهدد الأمن الإقليمي، ويستهدف المدنيين، ويُعرّض موظفي الأمم المتحدة للخطر؟ أليس هذا هو التعريف الحرفي للإرهاب؟ وأي غطاء سيبقى لها بعد اليوم؟
من جهة الرباط، الرد ـ إن تم ـ سيكون بحجم الفعل: مدروسًا، محسوبًا، لكنه قاطع. فالمغرب، الذي راكم تجربة أمنية وعسكرية راقية في التصدي للتهديدات العابرة، يدرك أن هذه المناوشات تُدار تحت طاولة إقليمية معقّدة، لكنه أيضًا يملك من الشرعية والسيادة ما يكفي لتأديب المغامرين دون الانجرار إلى استفزازات مدفوعة الأجر.
أما الحلفاء الإقليميون والدوليون، فقد باتوا أمام لحظة حسم: هل سيواصلون غضّ الطرف عن ميليشيا تمارس العنف وتُهدّد الاستقرار في منطقة استراتيجية؟ أم آن الأوان لإسقاط ورقة التوت التي كانت تتستر بها البوليساريو منذ عقود؟
بكل وضوح، العملية العسكرية التي استهدفت السمارة اليوم ليست سوى إعلان إفلاس سياسي وأخلاقي، يكشف أن البوليساريو لم تعد تمتلك من أوراق القوة سوى القذائف العمياء والرهانات الخاسرة.
فهل تدرك جبهة البوليساريو أنها بدأت فعلاً بكتابة فصلها الأخير، بأيدٍ مرتجفة وأفعال طائشة؟
— د. أميرة عبد العزيز
في خطوة يائسة لا تخلو من طابع عدمي، أقدمت ميليشيات البوليساريو، اليوم الجمعة 27 يونيو 2025، على إطلاق مقذوفات صاروخية تجاه أحياء مدنية في مدينة السمارة، مستهدفة محيط مطار المدينة وحي “لازاب” المجاور لمقر بعثة الأمم المتحدة (المينورسو). ورغم محدودية الأضرار وانعدام الخسائر البشرية، فإن الرمزيات الخطيرة لهذا التصعيد تضع الجبهة في موضع من يدق آخر مسمار في نعش شرعيته المتآكلة.
إن تزامن هذا العمل العدواني مع إيداع مشروع قانون في الكونغرس الأمريكي لتصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية، ليس من قبيل المصادفة، بل يُعد ارتكاسًا هستيريًا أمام الضغط الدولي المتنامي، وهروبًا إلى الأمام عبر استفزازات عبثية لن تعيد عقارب الساعة إلى الوراء. فالجبهة، التي تُدرك جيدًا أنها تخسر الأرض والدبلوماسية معًا، تحاول اليوم بكل وقاحة أن تفرض حضورها عبر الرعب بدل الحوار، وعبر استهداف المدنيين بدل الانخراط في حل سياسي.
هذا القصف ـ الذي يحمل بصمات ميليشيات فقدت البوصلة ـ ليس مجرد فعل مسلح منعزل، بل رسالة صريحة للمجتمع الدولي بأن البوليساريو خارج أي منطق تفاوضي، بل خارج الشرعية الدولية ذاتها. وكم هو مثير للسخرية أن تُطلق هذه المقذوفات في محيط بعثة الأمم المتحدة، في مشهد يُجسّد عبثية من يدّعي تمثيل “شعب” بينما يقصف مناطق تحت رقابة أممية.
من المرجح أن تكون المقذوفات قد أُطلقت من عمق الأراضي الجزائرية، تفاديًا لرد مباشر من القوات المسلحة الملكية، وهو ما يفتح الباب أمام تساؤلات محرجة حول حجم التورط الرسمي للجزائر في تغذية هذا الصراع، سواء بالدعم العسكري أو التواطؤ الصامت. فالمعادلة واضحة: من يأوي ويُسلّح ميليشيا خارجة عن القانون، يتحمّل بالضرورة تبعات أفعالها.
أما على مستوى التأثير الدولي، فإن هذه الضربة الفاشلة قد تكون القشة التي تقصم ظهر البوليساريو دبلوماسيًا. استهداف منطقة مدنية محاذية لمنشأة أممية سيُقرأ، لا محالة، كعمل إرهابي مكتمل الأركان، يمنح الرباط أداة قانونية وأخلاقية إضافية لتعزيز مسار تجريم الجبهة أمام المؤسسات الدولية. هذا الفعل لا يُسهم سوى في تعزيز الطرح المغربي، الذي يزداد قوة على الأرض وفي المحافل الدولية.
لقد تجاوزت البوليساريو كل الخطوط الحمراء، لا فقط أخلاقيًا بل سياسيًا أيضًا، وتحوّلت إلى عبء حتى على حلفائها التقليديين. فماذا تبقى من مشروعية لكيان يهدد الأمن الإقليمي، ويستهدف المدنيين، ويُعرّض موظفي الأمم المتحدة للخطر؟ أليس هذا هو التعريف الحرفي للإرهاب؟ وأي غطاء سيبقى لها بعد اليوم؟
من جهة الرباط، الرد ـ إن تم ـ سيكون بحجم الفعل: مدروسًا، محسوبًا، لكنه قاطع. فالمغرب، الذي راكم تجربة أمنية وعسكرية راقية في التصدي للتهديدات العابرة، يدرك أن هذه المناوشات تُدار تحت طاولة إقليمية معقّدة، لكنه أيضًا يملك من الشرعية والسيادة ما يكفي لتأديب المغامرين دون الانجرار إلى استفزازات مدفوعة الأجر.
أما الحلفاء الإقليميون والدوليون، فقد باتوا أمام لحظة حسم: هل سيواصلون غضّ الطرف عن ميليشيا تمارس العنف وتُهدّد الاستقرار في منطقة استراتيجية؟ أم آن الأوان لإسقاط ورقة التوت التي كانت تتستر بها البوليساريو منذ عقود؟
بكل وضوح، العملية العسكرية التي استهدفت السمارة اليوم ليست سوى إعلان إفلاس سياسي وأخلاقي، يكشف أن البوليساريو لم تعد تمتلك من أوراق القوة سوى القذائف العمياء والرهانات الخاسرة.
فهل تدرك جبهة البوليساريو أنها بدأت فعلاً بكتابة فصلها الأخير، بأيدٍ مرتجفة وأفعال طائشة؟
— د. أميرة عبد العزيز
ملصقات
سياسة

سياسة

سياسة

سياسة
