فتحت المصالح الأمنية بمراكش نافذة لإلقاء إطلالة على الخلفيات الحقيقية التي تحرك بعض الأشخاص،وتدفعهم إلى استقطاب عشرات الشباب لجلب مبالغ محترمة حددها بعض المعنيون في 7000 درهم للفرد.
فبصورة مفاجئة اقتحمت مجموعة من العناصر الأمنية التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بالمدينة فضاءات بعض المقاهي بحي المسيرة الأولى بمقاطعة المنارة،وقامت باقتياد بعض الأشخاص الذين ضبطوا متلبسين بمحاولة استقطاب عشرات الشباب وإيقاعهم في حبائل استهدافاتهم.
فعلى امتداد الايام الأخيرة بدأت المقاهي المومأ إليها، تعرف توافد مجموعة من الأشخاص يتقمصون دور وسطاء لإحدى الشركات الأجنبية المتخصصة في بيع وترويج منتوجات وسلع مختلفة، وبالتالي انتدابهم للبحث عن شبكة موزعين وعملاء، يعملون كوسطاء لعرض المنتوجات على الزبناء مقابل الاستفادة من أرباح مضمونة ومغرية.
شرع المهنيون في نشر شباك استقطاباتهم في صفوف العشرات من الشباب خاصة الطلبة والتلاميذ، حيث يضربون لهم مواعد بفضاءات مقاهي محددة،ويشرعون في رشقهم بخطابات تنهل من معين" دير النية،وبات مع الحية".
ما أثار المخاوف والهواجس في قلوب بعض المواطنين الذين كانوا يتابعون مشاهد الإستقطاب، هو تحديد الأشخاص المستهدفين في فئة الشاب العشريني ، مع شروع المتورطين في استخلاص مبالغ مالية مغرية منهم، باعتبارها ضمانة أساسية للمنتوجات المراد.
وحتى تزداد مساحة الغموض والإلتباس، كانت طريقة الإستقطاب تعتمد تقنية تسلسلية،يحرص من خلالها القيمون على العملية على عدم الخوض في التفاصيل مع أي مرشح دون توفره على مبلغ ال7000 درهم.
تقتضي الخطة العزف على الوتر الحساس للشاب المستهدف، وطمأنته بإبقاء مبلغ الضمانة في جيبه إلى حين إقناعه واقتناعه بجدية العرض، ليبقى له بعدها الإختيار في الغوص في بحر المشروع المقترح أو النأي بنفسه عن هذه"الخلطةّ" بكل ما تختزله من إغراءات.
ولفتح باب التشجيع على مصراعيه في وجه الشباب المستهدف للإنخراط في العملية، يتم دعوته لاستقطاب شباب آخر على أساس تمتيعه بنصيب وافر من المبلغ المستخلص من المرشحين الذين سهر على جلبهم واستقطابهم، غير أن صبيب "الحسنة" سيتوصل به من الشركة الأم المتواجدة بدولة ماليزيا.
كل الطرق كانت مباحة في إذكاء مساحة الإقناع، بدءا من الخطاب الديني حيث لم يكن القيمون على العملية يتوانون في تشجيع الشباب المستهدف بعد تبسيط خطة العمل، بربط الإتصال بالمجلس العلمي واستصدار فتوى تبيح شرعية ومشروعية هذا النوع من التجارة، وابتعادها عن منغصات"الربا" وما يجره من وبال على متعاطيه.
كانت الوصية الأساس التي يحرص المعنيون على زرعها في عقول الشباب المستهدف ،هو ضرورة التزام الصمت المطلق، وعدم الخوض في الموضوع مع أية جهة أو طرف،بل أن التحريم في هذا الإطار ينسحب حتى على الأطراف الأخرى التي سيقوم الشاب باستقطابها، حيث يتم مده بتعليمات تقضي بترك مهمة الإقناع للوسطاء والقيمون على الأمر.
مباشرة بعد دخول المصالح الأمنية على خط ما يجري ويدور في هذا الإطار، وانتداب عناصرها مساء أول أمس الإثنين لاقتحام فضاءات المقاهي التي كانت تستعمل كمجالات لاستقطاب عشرات الشباب، أكد طالب ممن تلقفتهم شباك الاشخاص المومأ إليهم،بأنه فعلا قد دفع المبلغ المطلوب والمحدد في 7000 درهم،دون توصله بأي وصل أو وثيقة أو عقد يوثق للعملية، فيما حدد مصدر الثقة التي جعلته يرتمي في أحضان هؤلاء الأشخاص بكل البراءة الممكنة، في كون الشخص الذي قام باستقطابه هو أحد أساتذته بمعهد التكنولوجيا التطبيقية، والذي دأب على نشر"الدعوى"في صفوف طلبة المؤسسة ودعوتهم للإنخراط في العملية.
مباشرة بعد بلوغه هذا الحد من التصريحات، سينتبه الطالب المذكور ويرفض الإستمرار بالخوض في الموضوع،واعتصامه بحبل الصمت المطبق،التزاما منه بوصية الاطراف الساهرة على عمليات الإستقطاب.