دولي

هذا ما يميز الأمين العام الجديد للأمم المتحدة عن سابقيه


كشـ24 نشر في: 2 يناير 2017

حين استقال أنطونيو غوتيريس في منتصف ولايته الثانية رئيساً لوزراء البرتغال في 2002، لأنَّ حكومة الأقلية خاصته كانت تتخبَّط، فَعَلَ شيئاً غير معتاد من شخص وصل لأعلى مراتب السلطة.
 
كان يذهب، عدة مرَّات في الأسبوع للأحياء الفقيرة على أطراف لشبونة، ليعطي الأطفال دروساً مجانية في مادة الرياضيات.
 
ويقول ريكاردو كوستا، رئيس تحرير قناة "SIC" الإخبارية البرتغالية، الذي غطَّى مسيرة غوتيريس السياسية: "لم يسمح لأي صحفي أن يذهب معه، ولم يسمح بأن تُلتقط له صور أو فيديوهات، ولم يدعْ الصحفيين يتحدثون مع أي من طلابه". أخبر غوتيريس طلابه المندهشين أنَّ ما يفعله كان خاصاً وليس للاستعراض.
 
الاشتراكي البرتغالي، الذي سيبدأ عمله أميناً عاماً للأمم المتحدة يوم الأحد، هو رجل عقلاني نشأ في عهد الديكتاتورية البرتغالية، وبلغ سن الرشد أثناء ثورة 1974، التي أنهت 48 عاماً من الحكم الاستبدادي.
 
لنفهم غوتيريس، البالغ من العمر 67 عاماً، من المهم للغاية أن نضع في الاعتبار اعتناقه للمسيحية؛ فلطالما أظهر مذهب الكاثوليكية التقدمية، الذي ينتمي له، مبادئ سياسته الديمقراطية الاشتراكية.
 

"الفأس المتكلم"

  في أيام الثورة البرتغالية المندفعة، كان من النادر وجود ممارسين للكاثوليكية في حزب اشتراكي جديد، لدى العديد من أعضائه خلفيات ماركسية. لكنَّ غوتيريس، طالب الهندسة اللامع، الذي أطلق شاربه تكريماً لسلفادور أليندي، زعيم اليسار التشيلي سيصير أخيراً قائداً مُجدِّداً يُعلن أنَّ مهمته هي تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية.
 
في اليسار البرتغالي، كان التديُّن قضية حساسة تتطلب الحذر. وفي عهد غوتيريس، أجرت الدولة استفتاءً عام 1998 على اقتراح لتحرير قوانين الإجهاض الصارمة. 

كان لأعضاء البرلمان الاشتراكيين صوت حر، ورفض غوتيريس، بصفته رئيساً للوزراء أن يبدأ حملة رسمية. لكنه أعلن رفضه لتغيير القانون، وهو ما أغضب الكثيرين في حزبه. فاز المصوتون ضد تحرير قانون الإجهاض بفارق ضئيل، لكنَّ نسبة المشاركة في التصويت كانت منخفضة للغاية، فلم تكن النتيجة مُلزِمة. وخُففت قوانين الإجهاض أخيراً عام 2007، بعد استفتاء ثانٍ.
 
وُلد غوتيريس في لشبونة، وقضى وقتاً طويلاً من طفولته مع أقربائه في الريف، حيث رأى فقر حياة القرويين في العهد الديكتاتوري، وتطوَّع لاحقاً للانضمام للجماعات الطلابية الكاثوليكية في مشروعات اجتماعية بالعاصمة.
 
وفي 1976، انتُخب غوتيريس، محاضر الهندسة الشاب، عضواً اشتراكياً في البرلمان، في أول تصويت ديمقراطي في البرتغال بعد الثورة. في البرلمان، كان غوتيريس متحدثاً مَهيباً. وبسبب موهبته في إفحام خصومه السياسيين بكلماته، اشتهر بلقب "الفأس المتكلم".
 
أصبح غوتيريس رئيساً للوزراء عام 1995. وكان شعار حملته "القلب والعقل" نداءً من أجل مزيد من الإنسانية والسياسة الاجتماعية. قبل ذلك بثلاثة أعوام، كان قد سيطر على الحزب الاشتراكي وحدَّثه، لكنه ظَلَّ أكثر يساريةً من مُعاصريه، مثل توني بلير. وقاد منظمة "الأُممية الاشتراكية" سنواتٍ، وهي منظمة دولية تضُم مجموعة من الأحزاب اليسارية.
 

"شخص بارع وذكي"

  مع النمو الاقتصادي السريع في البرتغال، ونسبة التوظيف الكاملة تقريباً، تمكن غوتيريس من أن يضمن للجميع حداً أدنى من الدخل، كما ضمن حق الأطفال في الالتحاق بمرحلة رياض الأطفال التعليمية.
 
لكنه فشل في الفوز بأغلبية مطلقة واضطُر للحكم في ظروف حرجة، ومعه حكومة أقلية. اضطر غوتيريس أن يعتمد على براعته للوصول لإجماع الرأي، وكان يحتاج دائماً أن يتفاوض مع الأحزاب المعارضة إذا أراد تمرير أي قانون، وهو الأمر الذي قال لاحقاً إنه كان تدريباً ممتازاً لإدارة الأمم المتحدة.
 
وقال أنطونيو فيتورينو، نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع في عهد غوتيريس: "كان غوتيريس شخصاً بارعاً. كان ذكياً جداً، وسريعاً جداً في فهم وجهات النظر الأُخرى، وكان يُركِّز تركيزاً كبيراً على إيجاد الحلول. ولهذا نجح في مهمته".
 
كان غوتيريس يعمل بنشاط فائق، لكن كان وراء هذا مأساة عائلية. فقد كانت زوجته لويزا غيماريش إي ميلو، الطبيبة التي أنجب منها طفلين، في حالة صحية حرجة مُعظمَ فترته في الحكومة، وكانت تُعالَج في مستشفى بلندن.
 
وأكمل فيتورينو: "كانت واحدة من أصعب لحظات حياته السياسية. كان يستقل طائرةً إلى لندن كل جمعة، ويقضي نهاية الأسبوع هناك في حالة يائسة للغاية، ثم يعود لعمله يوم الإثنين. كنتُ نائبه، وكان يُذهلني هذا. لم أكن لأتمكن من فعل ما فعله".
 
وفي عام 1998، تُوفيت زوجة غوتيريس. وفي العام التالي، دخل الانتخابات العامة. كان يأمل أن يفوز بأغلبية تامة، لكن كان ينقص حزبه الاشتراكي عضوٌ برلماني واحد لتحقيق هذا، فشكَّل حكومة أقلية ثانية. وهذه المرة، جعل فتور النشاط الاقتصادي الأمور أكثر صعوبة.
 
وبعد أن خاب أمل غوتيريس في سياسات الحزب الداخلية، زاد اهتمامه بالسياسة الدولية. وكان قد أُشيد به بالفعل لدوره في حل أزمة تيمور الشرقية، التي كانت مستعمرة برتغالية سابقاً، الأزمة التي أخذت منحى عنيفاً عام 1999 بعد استفتاء صوت للاستقلال عن إندونيسيا. وقاد غوتيريس الجهود الدبلوماسية لإقناع الأمم المتحدة بالتدخل لاستعادة السلام.
 
عام 2000، حين فازت البرتغال بالرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، نُسب الفضل لقدرة غوتيريس على الحصول على موافقة القادة الكبار، وجعْل صوت القادة الأصغر مسموعاً.
 
وقال فرانسيشكو سيشاس دا كوستا، الدبلوماسي البرتغالي الذي كان سكرتير غوتيريس للشؤون الأوروبية: "لقد فعل شيئاً أصيلاً للغاية، إذ نظر إلى ما تريده كل دولة، وأنشأ جدول أعمال يمكنه أن يثير اهتمام الجميع. في العادة، تختفي الدول الصغيرة في عملية اتخاذ القرار، لذا حاولنا أن نستمع لهم".
 

استقالة غوتيرس

  استطاع غوتيريس أن يُفحم القادة الكبار في الخلافات الكبرى. ويقول سيشاس دا كوستا: "في المجلس الأوروبي، أذكر خلافاً بين جاك شيراك وهلموت كول حول قضية ما، ثم طلب غوتيريس الكلام. كنت أجلس بجانبه، وكنت أخشى أن يقول كلاماً ساذجاً، لكنه بدأ يتكلم وقدَّم اقتراحاً شمل ما يريده الاثنان، وكان اقتراحاً ناجحاً. لقد فعلها. كانت لديه قدرة رائعة على التهدئة وعلى التوفيق بين المختلفين".
 
وفي عام 2002، في منتصف ولايته الثانية رئيساً للوزراء، قدم غوتيريس استقالة مفاجئة بعدما هُزم الاشتراكيون في الانتخابات المحلية. وقد أعلن أنه يريد تجنُّب وقوع الدولة في "مستنقع سياسي"، وأنه اكتشف أنَّ "للسياسة حدوداً".
 
في ذاك الوقت لم يمتلك تأييداً شعبياً، وتعرض لانتقادات بسبب لجوئه للتسويات وللحوار أكثر من اللازم. لكن مع مرور السنوات، أظهرت استطلاعات الرأي أنَّ حُب الناس له يتزايد، وأنهم يرونه عادلاً، وجاداً، وصادقاً.
 
ورآه الكثيرون منافساً محتملاً لمنصب الرئاسة البرتغالية، لكنه لم يرغب مطلقاً في العودة للسياسة الوطنية، وقال إنه يُفضِّل أن يصنع فارقاً على الصعيد العالمي.
 
وخلال العقد الذي قضاه في رئاسة المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بين عامي 2005 و2015، رأى الناس أنَّ أداءه يليق بشخصيته: منخرط في الشؤون الاجتماعية، ويسعى لإيجاد أراضٍ مشتركة.
 
يتحدث غوتيريس البرتغالية والإنكليزية والفرنسية والإسبانية، وهو الآن متزوج من كاتارينا فاز بينتو، التي تعمل في بلدية لشبونة، وقد اشتُهر في الدوائر السياسية بمحادثاته المتحمسة والمثقفة حول كل شيء، من اليونان القديمة إلى حضارة الشرق الأوسط الحديثة، ومن الأوبرا للجغرافيا.
 
وحين كان يجد وقتاً شاغراً في زياراته لواشنطن، حين كان رئيساً للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، كان يطلب من ميشيل غاباودان، الممثل الإقليمي للمفوضية، أن يصطحبه إلى مكتبة "Politics & Prose"، أو أي من مكتبات المدينة.
 
ويقول غاباودان، الذي يشغل الآن منصب رئيس منظمة "Refugees International" (وهي منظمة إنسانية معنية بشؤون اللاجئين): "إنه قارئ نهم للتاريخ، وحين كنا نجد وقتاً شاغراً، كانت متعته أن يذهب إلى مكتبة، ليجد كتباً بالإنكليزية، كان من الصعب الحصول عليها في جنيف. أنا متأكد من أنَّ معرفته الواسعة بالتاريخ القديم قد أفادت حكمه السياسي".
 

مناصر لقضايا اللاجئين

  واتبع غوتيريس منهجاً واسع النطاق في تأدية مهامه في المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وقد نمت المفوضية نمواً واسعاً تحت إدارته، ولم يكن هذا فقط بسبب ارتفاع عدد لاجئي العالم في القرن الحادي والعشرين ارتفاعاً كبيراً. وقد ضَمَّ فئات أكثر من الناس لمن تسعى المفوضية لحمايتهم، بما في ذلك النازحون الداخليون والمهاجرون الذين اضطُروا لترك أوطانهم بسبب الكوارث الطبيعية وتغير المناخ. وفضَّل استخدام العبارة الشاملة: "الناس المرتحلون".
 
وتمكن من إقناع المتبرعين بتمويل هذا التوسع، بأن أكد لهم أنَّ الأموال تُنفق إنفاقاً صحيحاً، وليفعل ذلك خفَّض النفقات العامة.
 
ويقول غاباودان: "مثل كل منظمات الأمم المتحدة، حين نمت المفوضية، كانت مُثقلة بعدد ضخم من الإداريين، وكان أحد قراراته الأولى أن يخفض حجم القيادة الرئيسية تخفيضاً جوهرياً. وأرسل الناس مجدداً إلى ميدان العمل، ووضع بعض الخدمات في أماكن أرخص بكثير من جنيف".
 
ويكمل غاباودان: "لم يعتقد مطلقاً أن التفاصيل المالية كانت أمراً يخُص التقنيين فقط. فقد رأيته ينظر إلى جداول البيانات أسرع من مسؤوله المالي، وكان يجد السطر أو العمود الذي به مشكلة. كان منشغلاً للغاية بكيفية عمل المنظمة، بقدر ما كان الرمز السياسي الأبرز، والمتحدث باسم اللاجئين".
 

انتقادات وجهت لغوتيرس

  حين كان جاستن فورسيث مديراً تنفيذياً لمنظمة "أنقذوا الأطفال" (وهي منظمة بريطانية غير حكومية معنية بالدفاع عن حقوق الطفل)، سافر مع غوتيريس إلى مخيمات اللاجئين في لبنان، وذكر لقاء جمع بين غوتيريس ومجموعة من الأطفال، وقال فورسيث، النائب الجديد للمدير التنفيذي لليونيسف، المنظمة الخيرية التابعة للأمم المتحدة، والمعنية بحقوق الطفل: "ما لفت نظري هو جلوسه مربعاً رجليه على أرض خيمة، متحدثاً للأطفال. إنه يستمع ويسأل أسئلة بصدق، وهو يتأثر جداً بما يسمعه. إنه يعمل بيديه".
 
تلقى غوتيريس بعض الانتقادات أثناء عمله رئيساً للمفوضية، إذ قال بعض المسؤولين السابقين إنه كان يجب أن يتحدث بقوة أكبر دفاعاً عن حقوق اللاجئين المنصوص عليها في اتفاقية عام 1951 التي تخُص حقوق اللاجئين.
 
وقال أحد المسؤولين البارزين السابقين في الأمم المتحدة: "سِجِل غوتيريس مختلط للغاية، تحديداً فيما يخص الحماية. كانت ولايته فترة عصيبة فيما يخص حماية اللاجئين".
 
وأشار المسؤول إلى إجبار تايلاند للأويغوريين (وهم أقلية عرقية تركية) على العودة إلى الصين، رغم مخاطرة إعدامهم.
 
وقال إنَّ اتفاقاً ثلاثياً عقدته المفوضية مع كينيا والصومال، بخصوص العودة الطوعية للاجئي الصومال، قد مهَّد الطريق لعملية إعادة اللاجئين لبلدهم، التي قد أُعلن أنَّ كينيا تُجهِّز لها، إذ تهدف لإخلاء أكبر مخيماتها في داداب.
 
وقال المسؤول السابق إنَّ اتفاق الأمم المتحدة مع تركيا لإعادة اللاجئين، الذي يُعدُّ أيضاً انتهاكاً واضحاً للمبادئ الأساسية لحماية اللاجئين، قد تم التفاوض لعقدِه في عهد غوتيريس، وإن لم يُوقَّع عليه سوى في مارس/آذار من هذا العام، بعد رحيل غوتيريس بثلاثة أشهر.
 
وأضاف المسؤول السابق: "يتمثل أسلوب غوتيريس في إصدار تصريحات عامة عن القضية، لكنه لا يطالب الحكومات مباشرة بالتصرف. وهذا يثير القلق حول أدائه المُرتقَب في منصب الأمين العام".
 
وقال جيف كريسب، الذي كان مسؤولاً عن تنمية سياسات المفوضية وتقييمها في عهد غوتيريس، والذي يعمل حالياً زميلاً بحثياً في مركز جامعة أوكسفورد لدراسات اللاجئين، قال إنَّ هذه الانتقادات لا يمكن توجيهها جميعاً إلى غوتيريس.
 
وقال إنَّ المفوضية كانت تتصدى لانتهاكات حقوق اللاجئين التي ارتكبتها الدول الأوروبية، وانتقدت بقوة الاتفاق بين تركيا والاتحاد الأوروبي. وقال إنَّ النزعة لمعالجة الانتهاكات، التي ترتكبها الدول الاستبدادية، من خلال سياسة الإقناع وراء الكواليس، كانت تاريخياً "المنهج المؤسسي" الذي اتبعته المفوضية، قبل ولاية غوتيريس وبعدها.
 
وقال كريسب: "يجب أن يُفهَم أنَّ الانتقادات العامة التي توجهها المفوضية للدول، انتقادات محسوبة بعناية، وكلما كانت الدولة أكثر تحرراً، زادت انتقادات المفوضية لها علانيةً".
 
يتسم غوتيريس بكونه قابلاً للتكيف، وساعياً للتوافق، ودمثَ الخلق، وعقلانياً، وهو ربما يكون أكفأ من أسلافه التسعة لأكثر مناصب العالم طلباً لمن يشغلها. لكنَّ إحدى مهاراته الأهم لم يتعلمها من جلبة السياسة البرتغالية، ولا من سنواته الصعبة في المفوضية، وإنما من زوجته الأولى.
 
ففي لقاء نظمته صحيفة الغارديان البريطانية في يونيو/حزيران الماضي، حيث تناظر مع منافسيه لمنصب الأمين العام، قال إنَّ رؤية زوجته، القائمة على التحليل النفسي كانت قيِّمة للغاية. وقال: "لقد علمتني شيئاً كان مفيداً للغاية في كل أنشطتي السياسية، وهو أنَّه حين يوجد شخصان معاً، فهما ليسا اثنين، وإنما ستة: الشخص الذي يكونه كل منهما، والشخص الذي يظن كلٌّ منهما أنه يكونه، والشخص الذي يظن كلٌّ منهما أنَّ الآخر يكونه".
 
وأكمل: "وما ينطبق على الناس، ينطبق أيضاً على الدول والمنظمات. وأحد الأدوار التي يلعبها الأمين حين يتعامل مع المُمثلين الأساسيين في كل سيناريو، هو أن يُحوِّل هؤلاء الستة إلى اثنين. أن يزيل سوء التفاهم، والتصوُّرات الخاطئة. التصوُّرات ضرورية في السياسة".

حين استقال أنطونيو غوتيريس في منتصف ولايته الثانية رئيساً لوزراء البرتغال في 2002، لأنَّ حكومة الأقلية خاصته كانت تتخبَّط، فَعَلَ شيئاً غير معتاد من شخص وصل لأعلى مراتب السلطة.
 
كان يذهب، عدة مرَّات في الأسبوع للأحياء الفقيرة على أطراف لشبونة، ليعطي الأطفال دروساً مجانية في مادة الرياضيات.
 
ويقول ريكاردو كوستا، رئيس تحرير قناة "SIC" الإخبارية البرتغالية، الذي غطَّى مسيرة غوتيريس السياسية: "لم يسمح لأي صحفي أن يذهب معه، ولم يسمح بأن تُلتقط له صور أو فيديوهات، ولم يدعْ الصحفيين يتحدثون مع أي من طلابه". أخبر غوتيريس طلابه المندهشين أنَّ ما يفعله كان خاصاً وليس للاستعراض.
 
الاشتراكي البرتغالي، الذي سيبدأ عمله أميناً عاماً للأمم المتحدة يوم الأحد، هو رجل عقلاني نشأ في عهد الديكتاتورية البرتغالية، وبلغ سن الرشد أثناء ثورة 1974، التي أنهت 48 عاماً من الحكم الاستبدادي.
 
لنفهم غوتيريس، البالغ من العمر 67 عاماً، من المهم للغاية أن نضع في الاعتبار اعتناقه للمسيحية؛ فلطالما أظهر مذهب الكاثوليكية التقدمية، الذي ينتمي له، مبادئ سياسته الديمقراطية الاشتراكية.
 

"الفأس المتكلم"

  في أيام الثورة البرتغالية المندفعة، كان من النادر وجود ممارسين للكاثوليكية في حزب اشتراكي جديد، لدى العديد من أعضائه خلفيات ماركسية. لكنَّ غوتيريس، طالب الهندسة اللامع، الذي أطلق شاربه تكريماً لسلفادور أليندي، زعيم اليسار التشيلي سيصير أخيراً قائداً مُجدِّداً يُعلن أنَّ مهمته هي تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية.
 
في اليسار البرتغالي، كان التديُّن قضية حساسة تتطلب الحذر. وفي عهد غوتيريس، أجرت الدولة استفتاءً عام 1998 على اقتراح لتحرير قوانين الإجهاض الصارمة. 

كان لأعضاء البرلمان الاشتراكيين صوت حر، ورفض غوتيريس، بصفته رئيساً للوزراء أن يبدأ حملة رسمية. لكنه أعلن رفضه لتغيير القانون، وهو ما أغضب الكثيرين في حزبه. فاز المصوتون ضد تحرير قانون الإجهاض بفارق ضئيل، لكنَّ نسبة المشاركة في التصويت كانت منخفضة للغاية، فلم تكن النتيجة مُلزِمة. وخُففت قوانين الإجهاض أخيراً عام 2007، بعد استفتاء ثانٍ.
 
وُلد غوتيريس في لشبونة، وقضى وقتاً طويلاً من طفولته مع أقربائه في الريف، حيث رأى فقر حياة القرويين في العهد الديكتاتوري، وتطوَّع لاحقاً للانضمام للجماعات الطلابية الكاثوليكية في مشروعات اجتماعية بالعاصمة.
 
وفي 1976، انتُخب غوتيريس، محاضر الهندسة الشاب، عضواً اشتراكياً في البرلمان، في أول تصويت ديمقراطي في البرتغال بعد الثورة. في البرلمان، كان غوتيريس متحدثاً مَهيباً. وبسبب موهبته في إفحام خصومه السياسيين بكلماته، اشتهر بلقب "الفأس المتكلم".
 
أصبح غوتيريس رئيساً للوزراء عام 1995. وكان شعار حملته "القلب والعقل" نداءً من أجل مزيد من الإنسانية والسياسة الاجتماعية. قبل ذلك بثلاثة أعوام، كان قد سيطر على الحزب الاشتراكي وحدَّثه، لكنه ظَلَّ أكثر يساريةً من مُعاصريه، مثل توني بلير. وقاد منظمة "الأُممية الاشتراكية" سنواتٍ، وهي منظمة دولية تضُم مجموعة من الأحزاب اليسارية.
 

"شخص بارع وذكي"

  مع النمو الاقتصادي السريع في البرتغال، ونسبة التوظيف الكاملة تقريباً، تمكن غوتيريس من أن يضمن للجميع حداً أدنى من الدخل، كما ضمن حق الأطفال في الالتحاق بمرحلة رياض الأطفال التعليمية.
 
لكنه فشل في الفوز بأغلبية مطلقة واضطُر للحكم في ظروف حرجة، ومعه حكومة أقلية. اضطر غوتيريس أن يعتمد على براعته للوصول لإجماع الرأي، وكان يحتاج دائماً أن يتفاوض مع الأحزاب المعارضة إذا أراد تمرير أي قانون، وهو الأمر الذي قال لاحقاً إنه كان تدريباً ممتازاً لإدارة الأمم المتحدة.
 
وقال أنطونيو فيتورينو، نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع في عهد غوتيريس: "كان غوتيريس شخصاً بارعاً. كان ذكياً جداً، وسريعاً جداً في فهم وجهات النظر الأُخرى، وكان يُركِّز تركيزاً كبيراً على إيجاد الحلول. ولهذا نجح في مهمته".
 
كان غوتيريس يعمل بنشاط فائق، لكن كان وراء هذا مأساة عائلية. فقد كانت زوجته لويزا غيماريش إي ميلو، الطبيبة التي أنجب منها طفلين، في حالة صحية حرجة مُعظمَ فترته في الحكومة، وكانت تُعالَج في مستشفى بلندن.
 
وأكمل فيتورينو: "كانت واحدة من أصعب لحظات حياته السياسية. كان يستقل طائرةً إلى لندن كل جمعة، ويقضي نهاية الأسبوع هناك في حالة يائسة للغاية، ثم يعود لعمله يوم الإثنين. كنتُ نائبه، وكان يُذهلني هذا. لم أكن لأتمكن من فعل ما فعله".
 
وفي عام 1998، تُوفيت زوجة غوتيريس. وفي العام التالي، دخل الانتخابات العامة. كان يأمل أن يفوز بأغلبية تامة، لكن كان ينقص حزبه الاشتراكي عضوٌ برلماني واحد لتحقيق هذا، فشكَّل حكومة أقلية ثانية. وهذه المرة، جعل فتور النشاط الاقتصادي الأمور أكثر صعوبة.
 
وبعد أن خاب أمل غوتيريس في سياسات الحزب الداخلية، زاد اهتمامه بالسياسة الدولية. وكان قد أُشيد به بالفعل لدوره في حل أزمة تيمور الشرقية، التي كانت مستعمرة برتغالية سابقاً، الأزمة التي أخذت منحى عنيفاً عام 1999 بعد استفتاء صوت للاستقلال عن إندونيسيا. وقاد غوتيريس الجهود الدبلوماسية لإقناع الأمم المتحدة بالتدخل لاستعادة السلام.
 
عام 2000، حين فازت البرتغال بالرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، نُسب الفضل لقدرة غوتيريس على الحصول على موافقة القادة الكبار، وجعْل صوت القادة الأصغر مسموعاً.
 
وقال فرانسيشكو سيشاس دا كوستا، الدبلوماسي البرتغالي الذي كان سكرتير غوتيريس للشؤون الأوروبية: "لقد فعل شيئاً أصيلاً للغاية، إذ نظر إلى ما تريده كل دولة، وأنشأ جدول أعمال يمكنه أن يثير اهتمام الجميع. في العادة، تختفي الدول الصغيرة في عملية اتخاذ القرار، لذا حاولنا أن نستمع لهم".
 

استقالة غوتيرس

  استطاع غوتيريس أن يُفحم القادة الكبار في الخلافات الكبرى. ويقول سيشاس دا كوستا: "في المجلس الأوروبي، أذكر خلافاً بين جاك شيراك وهلموت كول حول قضية ما، ثم طلب غوتيريس الكلام. كنت أجلس بجانبه، وكنت أخشى أن يقول كلاماً ساذجاً، لكنه بدأ يتكلم وقدَّم اقتراحاً شمل ما يريده الاثنان، وكان اقتراحاً ناجحاً. لقد فعلها. كانت لديه قدرة رائعة على التهدئة وعلى التوفيق بين المختلفين".
 
وفي عام 2002، في منتصف ولايته الثانية رئيساً للوزراء، قدم غوتيريس استقالة مفاجئة بعدما هُزم الاشتراكيون في الانتخابات المحلية. وقد أعلن أنه يريد تجنُّب وقوع الدولة في "مستنقع سياسي"، وأنه اكتشف أنَّ "للسياسة حدوداً".
 
في ذاك الوقت لم يمتلك تأييداً شعبياً، وتعرض لانتقادات بسبب لجوئه للتسويات وللحوار أكثر من اللازم. لكن مع مرور السنوات، أظهرت استطلاعات الرأي أنَّ حُب الناس له يتزايد، وأنهم يرونه عادلاً، وجاداً، وصادقاً.
 
ورآه الكثيرون منافساً محتملاً لمنصب الرئاسة البرتغالية، لكنه لم يرغب مطلقاً في العودة للسياسة الوطنية، وقال إنه يُفضِّل أن يصنع فارقاً على الصعيد العالمي.
 
وخلال العقد الذي قضاه في رئاسة المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بين عامي 2005 و2015، رأى الناس أنَّ أداءه يليق بشخصيته: منخرط في الشؤون الاجتماعية، ويسعى لإيجاد أراضٍ مشتركة.
 
يتحدث غوتيريس البرتغالية والإنكليزية والفرنسية والإسبانية، وهو الآن متزوج من كاتارينا فاز بينتو، التي تعمل في بلدية لشبونة، وقد اشتُهر في الدوائر السياسية بمحادثاته المتحمسة والمثقفة حول كل شيء، من اليونان القديمة إلى حضارة الشرق الأوسط الحديثة، ومن الأوبرا للجغرافيا.
 
وحين كان يجد وقتاً شاغراً في زياراته لواشنطن، حين كان رئيساً للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، كان يطلب من ميشيل غاباودان، الممثل الإقليمي للمفوضية، أن يصطحبه إلى مكتبة "Politics & Prose"، أو أي من مكتبات المدينة.
 
ويقول غاباودان، الذي يشغل الآن منصب رئيس منظمة "Refugees International" (وهي منظمة إنسانية معنية بشؤون اللاجئين): "إنه قارئ نهم للتاريخ، وحين كنا نجد وقتاً شاغراً، كانت متعته أن يذهب إلى مكتبة، ليجد كتباً بالإنكليزية، كان من الصعب الحصول عليها في جنيف. أنا متأكد من أنَّ معرفته الواسعة بالتاريخ القديم قد أفادت حكمه السياسي".
 

مناصر لقضايا اللاجئين

  واتبع غوتيريس منهجاً واسع النطاق في تأدية مهامه في المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وقد نمت المفوضية نمواً واسعاً تحت إدارته، ولم يكن هذا فقط بسبب ارتفاع عدد لاجئي العالم في القرن الحادي والعشرين ارتفاعاً كبيراً. وقد ضَمَّ فئات أكثر من الناس لمن تسعى المفوضية لحمايتهم، بما في ذلك النازحون الداخليون والمهاجرون الذين اضطُروا لترك أوطانهم بسبب الكوارث الطبيعية وتغير المناخ. وفضَّل استخدام العبارة الشاملة: "الناس المرتحلون".
 
وتمكن من إقناع المتبرعين بتمويل هذا التوسع، بأن أكد لهم أنَّ الأموال تُنفق إنفاقاً صحيحاً، وليفعل ذلك خفَّض النفقات العامة.
 
ويقول غاباودان: "مثل كل منظمات الأمم المتحدة، حين نمت المفوضية، كانت مُثقلة بعدد ضخم من الإداريين، وكان أحد قراراته الأولى أن يخفض حجم القيادة الرئيسية تخفيضاً جوهرياً. وأرسل الناس مجدداً إلى ميدان العمل، ووضع بعض الخدمات في أماكن أرخص بكثير من جنيف".
 
ويكمل غاباودان: "لم يعتقد مطلقاً أن التفاصيل المالية كانت أمراً يخُص التقنيين فقط. فقد رأيته ينظر إلى جداول البيانات أسرع من مسؤوله المالي، وكان يجد السطر أو العمود الذي به مشكلة. كان منشغلاً للغاية بكيفية عمل المنظمة، بقدر ما كان الرمز السياسي الأبرز، والمتحدث باسم اللاجئين".
 

انتقادات وجهت لغوتيرس

  حين كان جاستن فورسيث مديراً تنفيذياً لمنظمة "أنقذوا الأطفال" (وهي منظمة بريطانية غير حكومية معنية بالدفاع عن حقوق الطفل)، سافر مع غوتيريس إلى مخيمات اللاجئين في لبنان، وذكر لقاء جمع بين غوتيريس ومجموعة من الأطفال، وقال فورسيث، النائب الجديد للمدير التنفيذي لليونيسف، المنظمة الخيرية التابعة للأمم المتحدة، والمعنية بحقوق الطفل: "ما لفت نظري هو جلوسه مربعاً رجليه على أرض خيمة، متحدثاً للأطفال. إنه يستمع ويسأل أسئلة بصدق، وهو يتأثر جداً بما يسمعه. إنه يعمل بيديه".
 
تلقى غوتيريس بعض الانتقادات أثناء عمله رئيساً للمفوضية، إذ قال بعض المسؤولين السابقين إنه كان يجب أن يتحدث بقوة أكبر دفاعاً عن حقوق اللاجئين المنصوص عليها في اتفاقية عام 1951 التي تخُص حقوق اللاجئين.
 
وقال أحد المسؤولين البارزين السابقين في الأمم المتحدة: "سِجِل غوتيريس مختلط للغاية، تحديداً فيما يخص الحماية. كانت ولايته فترة عصيبة فيما يخص حماية اللاجئين".
 
وأشار المسؤول إلى إجبار تايلاند للأويغوريين (وهم أقلية عرقية تركية) على العودة إلى الصين، رغم مخاطرة إعدامهم.
 
وقال إنَّ اتفاقاً ثلاثياً عقدته المفوضية مع كينيا والصومال، بخصوص العودة الطوعية للاجئي الصومال، قد مهَّد الطريق لعملية إعادة اللاجئين لبلدهم، التي قد أُعلن أنَّ كينيا تُجهِّز لها، إذ تهدف لإخلاء أكبر مخيماتها في داداب.
 
وقال المسؤول السابق إنَّ اتفاق الأمم المتحدة مع تركيا لإعادة اللاجئين، الذي يُعدُّ أيضاً انتهاكاً واضحاً للمبادئ الأساسية لحماية اللاجئين، قد تم التفاوض لعقدِه في عهد غوتيريس، وإن لم يُوقَّع عليه سوى في مارس/آذار من هذا العام، بعد رحيل غوتيريس بثلاثة أشهر.
 
وأضاف المسؤول السابق: "يتمثل أسلوب غوتيريس في إصدار تصريحات عامة عن القضية، لكنه لا يطالب الحكومات مباشرة بالتصرف. وهذا يثير القلق حول أدائه المُرتقَب في منصب الأمين العام".
 
وقال جيف كريسب، الذي كان مسؤولاً عن تنمية سياسات المفوضية وتقييمها في عهد غوتيريس، والذي يعمل حالياً زميلاً بحثياً في مركز جامعة أوكسفورد لدراسات اللاجئين، قال إنَّ هذه الانتقادات لا يمكن توجيهها جميعاً إلى غوتيريس.
 
وقال إنَّ المفوضية كانت تتصدى لانتهاكات حقوق اللاجئين التي ارتكبتها الدول الأوروبية، وانتقدت بقوة الاتفاق بين تركيا والاتحاد الأوروبي. وقال إنَّ النزعة لمعالجة الانتهاكات، التي ترتكبها الدول الاستبدادية، من خلال سياسة الإقناع وراء الكواليس، كانت تاريخياً "المنهج المؤسسي" الذي اتبعته المفوضية، قبل ولاية غوتيريس وبعدها.
 
وقال كريسب: "يجب أن يُفهَم أنَّ الانتقادات العامة التي توجهها المفوضية للدول، انتقادات محسوبة بعناية، وكلما كانت الدولة أكثر تحرراً، زادت انتقادات المفوضية لها علانيةً".
 
يتسم غوتيريس بكونه قابلاً للتكيف، وساعياً للتوافق، ودمثَ الخلق، وعقلانياً، وهو ربما يكون أكفأ من أسلافه التسعة لأكثر مناصب العالم طلباً لمن يشغلها. لكنَّ إحدى مهاراته الأهم لم يتعلمها من جلبة السياسة البرتغالية، ولا من سنواته الصعبة في المفوضية، وإنما من زوجته الأولى.
 
ففي لقاء نظمته صحيفة الغارديان البريطانية في يونيو/حزيران الماضي، حيث تناظر مع منافسيه لمنصب الأمين العام، قال إنَّ رؤية زوجته، القائمة على التحليل النفسي كانت قيِّمة للغاية. وقال: "لقد علمتني شيئاً كان مفيداً للغاية في كل أنشطتي السياسية، وهو أنَّه حين يوجد شخصان معاً، فهما ليسا اثنين، وإنما ستة: الشخص الذي يكونه كل منهما، والشخص الذي يظن كلٌّ منهما أنه يكونه، والشخص الذي يظن كلٌّ منهما أنَّ الآخر يكونه".
 
وأكمل: "وما ينطبق على الناس، ينطبق أيضاً على الدول والمنظمات. وأحد الأدوار التي يلعبها الأمين حين يتعامل مع المُمثلين الأساسيين في كل سيناريو، هو أن يُحوِّل هؤلاء الستة إلى اثنين. أن يزيل سوء التفاهم، والتصوُّرات الخاطئة. التصوُّرات ضرورية في السياسة".


ملصقات


اقرأ أيضاً
الأونروا: يستحيل الاستعاضة عنا في توزيع المساعدات بغزة
سيكون "من الصعب جداً" توزيع المساعدة الإنسانية في غزة من دون وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، هذا ما أكدته الناطقة باسم المنظمة اليوم الجمعة. فخلال إحاطة إعلامية من عمان، شددت جولييت توما على أنه "من المستحيل الاستعاضة عن الأونروا في مكان مثل غزة، فنحن أكبر منظمة إنسانية". كما أضافت أن لدى المنظمة في غزة "أكثر من 10 آلاف شخص يعملون على تسليم الإمدادات القليلة المتبقية". وأوضحت أن الوكالة تدير أيضا ملاجئ للنازحين. وأكدت أنه "من الصعب جدا جدا تصوّر أي عملية إنسانية من دون الأونروا". مؤسسة جديدة أتت هذه التصريحات ردّا على سؤال عن "إعلان الولايات المتحدة أمس عن مؤسسة جديدة ستكلّف عما قريب إدارة المساعدة الإنسانية في القطاع الفلسطيني المدمّر والمحاصر من قبل إسرائيل"، وفق ما أفادت وكالة فرانس برس. علماً أن المعلومات التي رشحت عن هذه المؤسسة (مؤسسة غزة الإنسانية) لا تزال قليلة، باستثناء أنها غير ربحية ومسجّلة منذ فبراير الماضي في سويسرا ومقرها جنيف. ومنذ الثاني من مارس واستئناف العملية العسكرية الإسرائيلية على غزة، منعت إسرائيل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع حيث يعيش 2,4 مليون نسمة. فيما بررت السلطات الإسرائيلية الهدف من هذا الحصار بدفع حماس إلى الإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة منذ هجوم السابع من أكتوبر 2023. وكانت إسرائيل التي تتّهم حماس باستغلال المساعدات لصالحها، اقترحت قبل أيام توزيع المعونات في مراكز بإدارة الجيش. إلا أن المقترح أثار انتقادا شديدا من قبل الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية وإغاثية عديدة. وقال ناطق باسم الأمم المتحدة في جنيف "لن نشارك في أي عملية لتوزيع المساعدات لا تحترم مبادئنا الإنسانية في الاستقلالية والإنسانية والحياد".
دولي

هاكابي: إسرائيل لن تشارك في توزيع المساعدات بغزة
قال السفير الأميركي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، إن تل أبيب لن تشارك في توزيع المساعدات في غزة، إلا أنها ستشارك في حفظ الأمن في قطاع غزة. وأضاف هاكابي أن "الآلية الجديدة للمساعدات الإنسانية لا تعتمد على العمل العسكري ونأمل أن تبدأ قريبا"، لافتا إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يريد أن يتم توزيع الغذاء في غزة بأمان وكفاءة. ورفض هاكابي التعليق عندما سئل عن قواعد الاشتباك التي ستتبعها شركات الأمن الخاصة المشاركة، مؤكدا أن كل شيء سيكون متوافقا مع القانون الإنساني الدولي. وأضاف أن "بعض الشركاء تعهدوا بالتمويل ولا يريدون الكشف عن هوياتهم حتى الآن". ولفت هاكابي إلى أنه "سيتم الكشف عن المزيد من التفاصيل في الأيام المقبلة وستكون هناك مشاركة من منظمات غير ربحية". وقبل أيام، قال موقع "أكسيوس" نقلا عن مسؤولين إسرائيليين ومصدر أميركي إن الولايات المتحدة وإسرائيل وممثلين عن مؤسسة دولية جديدة على وشك التوصل إلى اتفاق بشأن كيفية استئناف إيصال المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين في غزة، دون سيطرة حماس عليها. وأدى تعليق إيصال المساعدات واستئناف الغارات الإسرائيلية إلى نزوح آلاف المدنيين الفلسطينيين مجددا، مما أدى إلى تفاقم حالة الفوضى في القطاع. وصرّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل أيام بأنه ضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للسماح بدخول الغذاء والدواء إلى قطاع غزة المدمر. وبعد انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة قبل شهرين، كانت إسرائيل قد أوقفت كل إمدادات المساعدات الإنسانية من الغذاء والماء والأدوية إلى القطاع، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية. وتقول وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة إن إمدادات الغذاء في غزة ستنفد خلال أيام.
دولي

كانت في طريقها للحج.. شاهد وفاة سيدة على متن طائرة أثناء رحلتها إلى المدينة المنورة
توفيت امرأة إندونيسية أثناء رحلتها الجوية إلى المدينة المنورة ضمن وفد الحجاج الإندونيسي المتجه لأداء فريضة الحج لعام 1446هـ، في حادثة لقيت تفاعلًا واسعًا عبر منصات التواصل الاجتماعي. وأفادت مصادر رسمية بأن الراحلة توفيت على متن الطائرة قبل وصولها إلى الأراضي السعودية، وقد تم دفنها في مقبرة البقيع بالمدينة المنورة، إحدى أقدس المقابر في العالم الإسلامي.  دفنت في مقبرة البقيع.. وفاة امرأة إندونيسية على متن طائرة أثناء توجهها إلى المدينة المنورة ضمن وفد إندونيسي لأداء فريضة الحج#الجزيرة_مباشر pic.twitter.com/yfdwyxl4bb— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) May 9, 2025ولقيت الحادثة تعاطفًا كبيرًا من المستخدمين عبر مواقع التواصل، حيث كتب أحدهم “إن شاء الله تُبعث وهي ملبية، إنا لله وإنا إليه راجعون”، وعلّق آخر قائلًا “الله يرحمها ويقبل نية الحج، ويبعثها كما ولدتها أمها دون أي ذنوب”. يُذكر أن موسم الحج يشهد كل عام تدفقًا من الحجاج من مختلف دول العالم، وتُعد إندونيسيا من أكثر الدول إرسالًا للحجيج سنويًا. المصدر : الجزيرة مباشر
دولي

تفاصيل صادمة عن مكالمة سرية للبابا ليون الـ14 عشية تنصيبه
ألمح البابا ليو الرابع عشر لأخيه ليلة المجمع الانتخابي بأنه قد يكون البابا القادم، متجاهلا نصيحة مهمة قدمها له. وكشف الأخ الأكبر جون بريفوست تفاصيل صادمة من مكالمة هاتفية أجراها مع الكاردينال روبرت فرانسيس بريفوست، قبل أن يحجز في كنيسة سيستينا مع الـ132 كاردينالا الآخرين يوم الأربعاء. وقال جون بريفوست لصحيفة "ديلي هيرالد": "لقد سألني: أي اسم يجب أن أتخذ؟". وأضاف الأخ الأكبر: "بدأنا نذكر الأسماء عشوائيا لمجرد المزاح. أخبرته أنه لا يجب أن يكون ليو لأن ذلك سيجعله البابا الثالث عشر. لكنه على الأرجح قام ببعض البحث ليكتشف أنه في الواقع سيكون الرابع عشر". وقال جون بريفوست إنه كان مصدوما عندما تم اختيار شقيقه الأصغر، الذي ترعرع في شيكاغو، كأب مقدس للكنيسة الكاثوليكية الرومانية. وأضاف: "لم أكن أعتقد حقا أن هذا قد يحدث، كانت هناك فرصة، لمحة صغيرة. لكنني كنت في الحقيقة متفاجئا مثل الجميع عندما نادوا باسمه". كما كشف بريفوست عن فريق البيسبول المفضل للبابا ليو الرابع عشر، وهو فريق في حاجة إلى تدخل إلهي. فوفقا لأخيه، فإن البابا ليو الرابع عشر، وهو من مواليد شيكاغو، مشجع لفريق "وايت سوكس"، خلافا للتكهنات الواسعة الانتشار بأن البابا الجديد كان مشجعا لفريق "كابز". وقال شقيق البابا: "لم يكن أبدا مشجعا للكابز، لذا لا أعرف من أين أتت كل هذه الشائعات. لطالما كان مشجعا للسوكس. عائلة والدنا كانت من الجانب الشمالي من شيكاغو، لذا كانوا مشجعين للكابز". وبحسب المقابلة، فإن تشجيع وايت سوكس كان خيارا شخصيا للبابا ليو الرابع عشر في شبابه، بينما كان والده مشجعا لفريق "سانت لويس كاردينالز" المنافس. وفي تصرف محرج، نشر فريق "شيكاغو كابز" أمس الخميس لافتة مضيئة خارج ملعب "ريغلي فيلد" كتب عليها: "مرحبا شيكاغو، إنه مشجع للكابز!" يذكر أن فريق "وايت سوكس" سجل أسوأ رقم في تاريخ دوري البيسبول MLB الموسم الماضي بخسارة 121 مباراة مقابل 41 فوزا، كما خسر أمس الخميس أمام "كانساس سيتي رويالز" بنتيجة 10-0. وتم انتخاب كاردينال شيكاغو روبرت فرانسيس بريفوست، أمس الخميس، بعد أربع جولات من التصويت، كرأس جديد للكنيسة الكاثوليكية بعد 24 ساعة فقط من انعقاد المجمع المغلق في كنيسة سيستين.
دولي

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

السبت 10 مايو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة