وطني

نص الخطاب الذي ألقاه الملك خلال مراسم استقبال بابا الفاتيكان


كشـ24 نشر في: 30 مارس 2019

ألقى أمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، خطابا ساميا خلال مراسم الاستقبال الرسمي الذي خصصه جلالته، اليوم السبت، لقداسة البابا فرانسيس، بباحة مسجد حسان بالرباط، بمناسبة الزيارة الرسمية التي يقوم بها البابا للمملكة. وفي ما يلي نص الخطاب الملكي :"الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.قداسة البابا،أصحاب المعالي والسعادة،حضرات السيدات والسادة،يشهد المغرب اليوم حدثا استثنائيا، لسببين رئيسيين :أولهما : زيارة قداسة البابا فرنسيس الأول لبلدنا.وثانيهما: لأن زيارة الحبر الأعظم، تذكرني بزيارة البابا يوحنا بوليس الثاني، التي كانت زيارة تاريخية للمغرب.إن هذه الزيارة تندرج في إطار العلاقات العريقة بين المغرب والفاتكان.وقد حرصنا على أن يعبر توقيتها ومكانها، عن الرمزية العميقة، والحمولة التاريخية، والرهان الحضاري لهذا الحدث.فالموقع التاريخي، الذي يحتضن لقاءنا اليوم، يجمع بين معاني الانفتاح والعبور والتلاقح الثقافي، ويشكل في حد ذاته رمزا للتوازن والانسجام.فقد أقيم بشكل مقصود، في ملتقى نهر أبي رقراق والمحيط الأطلسي، وعلى محور واحد، يمتد من مسجد الكتبية بمراكش، والخيرالدة باشبيلية، ليكون صلة وصل روحية ومعمارية وثقافية، بين افريقيا وأوروبا.وقد أردنا أن تتزامن زيارتكم للمغرب مع شهر رجب، الذي شهد إحدى أكثر الحلقات رمزية من تاريخ الإسلام والمسيحية، عندما غادر المسلمون مكة، بأمر من النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولجؤوا فرارا من الاضطهاد، إلى النجاشي، ملك الحبشة المسيحي.فكان ذلك أول استقبال، وأول تعارف متبادل بين الديانتين الإسلامية والمسيحية.وها نحن اليوم، نخلد معا هذا الاعتراف المتبادل، من أجل المستقبل والأجيال القادمة.قداسة البابا،أصحاب المعالي والسعادة،حضرات السيدات والسادة،تأتي زيارتكم للمغرب، في سياق يواجه فيه المجتمع الدولي، كما جميع المؤمنين، تحديات كثيرة.وهي تحديات من نوع جديد، تستمد خطورتها من خيانة الرسالة الإلهية وتحريفها واستغلالها، وذلك من خلال الانسياق وراء سياسة رفض الآخر، فضلا عن أطروحات دنيئة أخرى.وفي عالم يبحث عن مرجعياته وثوابته، فقد حرصت المملكة المغربية على الجهر والتشبث الدائم بروابط الأخوة، التي تجمع أبناء إبراهيم عليه السلام، كركيزة أساسية للحضارة المغربية، الغنية بتعدد وتنوع مكوناتها.ويشكل التلاحم الذي يجمع بين المغاربة، بغض النظر عن اختلاف معتقداتهم، نموذجا ساطعا في هذا المجال.فهذا التلاحم هو واقع يومي في المغرب. وهو ما يتجلى في المساجد والكنائس والبيع، التي ما فتئت تجاور بعضها البعض في مدن المملكة.وبصفتي ملك المغرب، وأمير المؤمنين، فإنني مؤتمن على ضمان حرية ممارسة الشعائر الدينية. وأنا بذلك أمير جميع المؤمنين، على اختلاف دياناتهم.وبهذه الصفة، لا يمكنني الحديث عن أرض الإسلام، وكأنه لا وجود هنا لغير المسلمين. فأنا الضامن لحرية ممارسة الديانات السماوية.وأنا المؤتمن على حماية اليهود المغاربة، والمسيحيين القادمين من الدول الأخرى، الذين يعيشون في المغرب.قداسة البابا،أصحاب المعالي والسعادة،حضرات السيدات والسادة،إننا في بحث متواصل عما يرضي الله، في ما وراء الصمت، أو الكلمات، أو المعتقدات وما توفره من سكينة، وذلك لتظل دياناتنا جسورا متميزة ونيرة، ولكي تظل تعاليم الإسلام ورسالته منارة خالدة.بيد أنه من الواضح أن الحوار بين الديانات السماوية، يبقى غير كاف في واقعنا اليوم.ففي الوقت الذي تشهد فيه أنماط العيش تحولات كبرى، في كل مكان، وبخصوص كل المجالات، فإنه ينبغي للحوار بين الأديان أن يتطور ويتجدد كذلك.لقد استغرق الحوار القائم على "التسامح" وقتا ليس بيسير، دون أن يحقق أهدافه.فالديانات السماوية الثلاث لم توجد للتسامح في ما بينها، لا إجباريا كقدر محتوم، ولا اختياريا من باب المجاملة؛بل وجدت للانفتاح على بعضها البعض، وللتعارف في ما بينها، في سعي دائم للخير المتبادل؛ قال تعالى :"يا أيها الناس، إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، صدق الله العظيم.فالتطرف، سواء كان دينيا أو غير ذلك، مصدره انعدام التعارف المتبادل، والجهل بالآخر، بل الجهل، وكفى.ذلك أن التعارف المتبادل يعني رفض التطرف، بكل أشكاله؛ وهو السبيل لرفع تحديات هذا العصر المضطرب. قال تعالى :"لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا، ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة، ولكن ليبلوكم في ما آتاكم، فاستبقوا الخيرات"، صدق الله العظيم.ولمواجهة التطرف بكل أشكاله، فإن الحل لن يكون عسكريا ولا ماليا؛ بل الحل يكمن في شيء واحد، هو التربية.فدفاعي عن قضية التربية، إنما هو إدانة للجهل. ذلك أن ما يهدد حضاراتنا هي المقاربات الثنائية، وانعدام التعارف المتبادل، ولم يكن يوما الدين.واليوم، فإني بصفتي أمير المؤمنين، أدعو إلى إيلاء الدين مجددا المكانة التي يستحقها في مجال التربية.ولا يمكنني وأنا أخاطب هؤلاء الشباب، ألا أحذرهم من مخاطر التطرف أو السقوط في نزوعات العنف.فليس الدين هو ما يجمع بين الإرهابيين، بل يجمعهم الجهل بالدين.لقد حان الوقت لرفض استغلال الدين كمطية للجهلة، وللجهل وعدم التسامح، لتبرير حماقاتهم.فالدين نور ومعرفة وحكمة. والدين بطبيعته يدعو إلى السلام، ويحث على استثمار الطاقات في معارك أكثر نبلا، بدل هدرها في سباق التسلح، وأشكال أخرى من التسابق الأعمى.ولهذا الغرض، أحدثنا مؤسسة محمد السادس للعلماء. وفي نفس السياق، استجبنا لطلبات العديد من البلدان الإفريقية والأوروبية، باستقبال شبابها في معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات.قداسة البابا،أصحاب المعالي والسعادة،حضرات السيدات والسادة،بصفتنا أمير المؤمنين، فإننا نتقاسم والحبر الأعظم، الإيمان بنفس القيم الروحية الفاعلة، التي تنشد خدمة الصالح العام.إن القيم الروحانية ليست هدفا في حد ذاتها، بقدر ما تدفعنا إلى القيام بمبادرات ملموسة. فهي تحثنا على محبة الآخر، ومد يد العون له.بيد أن هناك حقيقة أساسية، وهي : أن الله غفور رحيم. وبما أن الرحمة من صفاته تعالى، فقد جعلنا السماحة والعفو والرأفة في صلب عملنا.ولأن المحبة من صفاته أيضا، فقد بادرنا طوال سنوات حكمنا، بالعمل على القرب من الفئات الأكثر فقرا وهشاشة.فهذه القيم هي روح وجوهر المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أطلقناها في بلادنا منذ 14 عاما، بهدف تحسين ظروف عيش الأشخاص الذين يعانون من الفقر والهشاشة، وإدماج من يعانون من الإقصاء، وتوفير سكن للمشردين، وإعطائهم الأمل في مستقبل يضمن لهم الكرامة.تلكم القيم هي أيضا في صلب الفلسفة التي ترتكز عليها سياسة الهجرة واللجوء، التي اعتمدناها ببلادنا، وحرصنا على أن تكون مبنية أساسا على التضامن.وهي تنسجم مع الميثاق الدولي للهجرة، الذي تمت المصادقة عليه في 10 دجنبر الماضي بمراكش.قداسة البابا،أصحاب المعالي والسعادة،حضرات السيدات والسادة،إن لقاءنا اليوم يرسخ قناعة مشتركة، مفادها أن القيم التي ترتكز عليها الديانات التوحيدية، تساهم في ترشيد النظام العالمي وتحسينه، وفي تحقيق المصالحة والتقارب بين مكوناته.وبصفتي أمير المؤمنين، فإني أرفض مثل قداستكم، سلوك اللامبالاة بجميع أشكالها.كما أحيي شجاعة القادة الذين لا يتهربون من مسؤولياتهم، إزاء قضايا العصر الكبرى.وإننا نتابع باهتمام وتقدير كبيرين، الجهود التي تبذلونها خدمة للسلم عبر العالم، وكذا دعواتكم المستمرة إلى تعزيز دور التربية والحوار، ووقف كل أشكال العنف، ومحاربة الفقر والفساد، والتصدي للتغيرات المناخية، وغيرها من الآفات التي تنخر مجتمعاتنا.وبصفتينا أمير المؤمنين والحبر الأعظم، فإننا مدعوون لأن نكون في نفس الوقـت، مثاليين وعمليين، واقعيين ونموذجيين.فرسائلنا تتسم بطابعها الراهن والأبدي في آن واحد.وهي تدعو الشعوب إلى الالتزام بقيم الاعتدال، وتحقيق مطلب التعارف المتبادل، وتعزيز الوعي باختلاف الآخر.وبذلك، نكون، قداسة البابا، قد اجتمعنا "على كلمة سواء بيننا وبينكم".وهي كلمة تتجاوز دلالاتها المعنى الضيق للتوافق التحكيمي. فنحن نفهمها - ونعيشها -كرسالة مشتركة بين المسلمين والمسيحيين واليهود، موجهة للبشرية جمعاء.وذلكم هو ما يجمعنا اليوم، وما ينبغي أن يوحدنا في المستقبل.والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".

ألقى أمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، خطابا ساميا خلال مراسم الاستقبال الرسمي الذي خصصه جلالته، اليوم السبت، لقداسة البابا فرانسيس، بباحة مسجد حسان بالرباط، بمناسبة الزيارة الرسمية التي يقوم بها البابا للمملكة. وفي ما يلي نص الخطاب الملكي :"الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.قداسة البابا،أصحاب المعالي والسعادة،حضرات السيدات والسادة،يشهد المغرب اليوم حدثا استثنائيا، لسببين رئيسيين :أولهما : زيارة قداسة البابا فرنسيس الأول لبلدنا.وثانيهما: لأن زيارة الحبر الأعظم، تذكرني بزيارة البابا يوحنا بوليس الثاني، التي كانت زيارة تاريخية للمغرب.إن هذه الزيارة تندرج في إطار العلاقات العريقة بين المغرب والفاتكان.وقد حرصنا على أن يعبر توقيتها ومكانها، عن الرمزية العميقة، والحمولة التاريخية، والرهان الحضاري لهذا الحدث.فالموقع التاريخي، الذي يحتضن لقاءنا اليوم، يجمع بين معاني الانفتاح والعبور والتلاقح الثقافي، ويشكل في حد ذاته رمزا للتوازن والانسجام.فقد أقيم بشكل مقصود، في ملتقى نهر أبي رقراق والمحيط الأطلسي، وعلى محور واحد، يمتد من مسجد الكتبية بمراكش، والخيرالدة باشبيلية، ليكون صلة وصل روحية ومعمارية وثقافية، بين افريقيا وأوروبا.وقد أردنا أن تتزامن زيارتكم للمغرب مع شهر رجب، الذي شهد إحدى أكثر الحلقات رمزية من تاريخ الإسلام والمسيحية، عندما غادر المسلمون مكة، بأمر من النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولجؤوا فرارا من الاضطهاد، إلى النجاشي، ملك الحبشة المسيحي.فكان ذلك أول استقبال، وأول تعارف متبادل بين الديانتين الإسلامية والمسيحية.وها نحن اليوم، نخلد معا هذا الاعتراف المتبادل، من أجل المستقبل والأجيال القادمة.قداسة البابا،أصحاب المعالي والسعادة،حضرات السيدات والسادة،تأتي زيارتكم للمغرب، في سياق يواجه فيه المجتمع الدولي، كما جميع المؤمنين، تحديات كثيرة.وهي تحديات من نوع جديد، تستمد خطورتها من خيانة الرسالة الإلهية وتحريفها واستغلالها، وذلك من خلال الانسياق وراء سياسة رفض الآخر، فضلا عن أطروحات دنيئة أخرى.وفي عالم يبحث عن مرجعياته وثوابته، فقد حرصت المملكة المغربية على الجهر والتشبث الدائم بروابط الأخوة، التي تجمع أبناء إبراهيم عليه السلام، كركيزة أساسية للحضارة المغربية، الغنية بتعدد وتنوع مكوناتها.ويشكل التلاحم الذي يجمع بين المغاربة، بغض النظر عن اختلاف معتقداتهم، نموذجا ساطعا في هذا المجال.فهذا التلاحم هو واقع يومي في المغرب. وهو ما يتجلى في المساجد والكنائس والبيع، التي ما فتئت تجاور بعضها البعض في مدن المملكة.وبصفتي ملك المغرب، وأمير المؤمنين، فإنني مؤتمن على ضمان حرية ممارسة الشعائر الدينية. وأنا بذلك أمير جميع المؤمنين، على اختلاف دياناتهم.وبهذه الصفة، لا يمكنني الحديث عن أرض الإسلام، وكأنه لا وجود هنا لغير المسلمين. فأنا الضامن لحرية ممارسة الديانات السماوية.وأنا المؤتمن على حماية اليهود المغاربة، والمسيحيين القادمين من الدول الأخرى، الذين يعيشون في المغرب.قداسة البابا،أصحاب المعالي والسعادة،حضرات السيدات والسادة،إننا في بحث متواصل عما يرضي الله، في ما وراء الصمت، أو الكلمات، أو المعتقدات وما توفره من سكينة، وذلك لتظل دياناتنا جسورا متميزة ونيرة، ولكي تظل تعاليم الإسلام ورسالته منارة خالدة.بيد أنه من الواضح أن الحوار بين الديانات السماوية، يبقى غير كاف في واقعنا اليوم.ففي الوقت الذي تشهد فيه أنماط العيش تحولات كبرى، في كل مكان، وبخصوص كل المجالات، فإنه ينبغي للحوار بين الأديان أن يتطور ويتجدد كذلك.لقد استغرق الحوار القائم على "التسامح" وقتا ليس بيسير، دون أن يحقق أهدافه.فالديانات السماوية الثلاث لم توجد للتسامح في ما بينها، لا إجباريا كقدر محتوم، ولا اختياريا من باب المجاملة؛بل وجدت للانفتاح على بعضها البعض، وللتعارف في ما بينها، في سعي دائم للخير المتبادل؛ قال تعالى :"يا أيها الناس، إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، صدق الله العظيم.فالتطرف، سواء كان دينيا أو غير ذلك، مصدره انعدام التعارف المتبادل، والجهل بالآخر، بل الجهل، وكفى.ذلك أن التعارف المتبادل يعني رفض التطرف، بكل أشكاله؛ وهو السبيل لرفع تحديات هذا العصر المضطرب. قال تعالى :"لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا، ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة، ولكن ليبلوكم في ما آتاكم، فاستبقوا الخيرات"، صدق الله العظيم.ولمواجهة التطرف بكل أشكاله، فإن الحل لن يكون عسكريا ولا ماليا؛ بل الحل يكمن في شيء واحد، هو التربية.فدفاعي عن قضية التربية، إنما هو إدانة للجهل. ذلك أن ما يهدد حضاراتنا هي المقاربات الثنائية، وانعدام التعارف المتبادل، ولم يكن يوما الدين.واليوم، فإني بصفتي أمير المؤمنين، أدعو إلى إيلاء الدين مجددا المكانة التي يستحقها في مجال التربية.ولا يمكنني وأنا أخاطب هؤلاء الشباب، ألا أحذرهم من مخاطر التطرف أو السقوط في نزوعات العنف.فليس الدين هو ما يجمع بين الإرهابيين، بل يجمعهم الجهل بالدين.لقد حان الوقت لرفض استغلال الدين كمطية للجهلة، وللجهل وعدم التسامح، لتبرير حماقاتهم.فالدين نور ومعرفة وحكمة. والدين بطبيعته يدعو إلى السلام، ويحث على استثمار الطاقات في معارك أكثر نبلا، بدل هدرها في سباق التسلح، وأشكال أخرى من التسابق الأعمى.ولهذا الغرض، أحدثنا مؤسسة محمد السادس للعلماء. وفي نفس السياق، استجبنا لطلبات العديد من البلدان الإفريقية والأوروبية، باستقبال شبابها في معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات.قداسة البابا،أصحاب المعالي والسعادة،حضرات السيدات والسادة،بصفتنا أمير المؤمنين، فإننا نتقاسم والحبر الأعظم، الإيمان بنفس القيم الروحية الفاعلة، التي تنشد خدمة الصالح العام.إن القيم الروحانية ليست هدفا في حد ذاتها، بقدر ما تدفعنا إلى القيام بمبادرات ملموسة. فهي تحثنا على محبة الآخر، ومد يد العون له.بيد أن هناك حقيقة أساسية، وهي : أن الله غفور رحيم. وبما أن الرحمة من صفاته تعالى، فقد جعلنا السماحة والعفو والرأفة في صلب عملنا.ولأن المحبة من صفاته أيضا، فقد بادرنا طوال سنوات حكمنا، بالعمل على القرب من الفئات الأكثر فقرا وهشاشة.فهذه القيم هي روح وجوهر المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أطلقناها في بلادنا منذ 14 عاما، بهدف تحسين ظروف عيش الأشخاص الذين يعانون من الفقر والهشاشة، وإدماج من يعانون من الإقصاء، وتوفير سكن للمشردين، وإعطائهم الأمل في مستقبل يضمن لهم الكرامة.تلكم القيم هي أيضا في صلب الفلسفة التي ترتكز عليها سياسة الهجرة واللجوء، التي اعتمدناها ببلادنا، وحرصنا على أن تكون مبنية أساسا على التضامن.وهي تنسجم مع الميثاق الدولي للهجرة، الذي تمت المصادقة عليه في 10 دجنبر الماضي بمراكش.قداسة البابا،أصحاب المعالي والسعادة،حضرات السيدات والسادة،إن لقاءنا اليوم يرسخ قناعة مشتركة، مفادها أن القيم التي ترتكز عليها الديانات التوحيدية، تساهم في ترشيد النظام العالمي وتحسينه، وفي تحقيق المصالحة والتقارب بين مكوناته.وبصفتي أمير المؤمنين، فإني أرفض مثل قداستكم، سلوك اللامبالاة بجميع أشكالها.كما أحيي شجاعة القادة الذين لا يتهربون من مسؤولياتهم، إزاء قضايا العصر الكبرى.وإننا نتابع باهتمام وتقدير كبيرين، الجهود التي تبذلونها خدمة للسلم عبر العالم، وكذا دعواتكم المستمرة إلى تعزيز دور التربية والحوار، ووقف كل أشكال العنف، ومحاربة الفقر والفساد، والتصدي للتغيرات المناخية، وغيرها من الآفات التي تنخر مجتمعاتنا.وبصفتينا أمير المؤمنين والحبر الأعظم، فإننا مدعوون لأن نكون في نفس الوقـت، مثاليين وعمليين، واقعيين ونموذجيين.فرسائلنا تتسم بطابعها الراهن والأبدي في آن واحد.وهي تدعو الشعوب إلى الالتزام بقيم الاعتدال، وتحقيق مطلب التعارف المتبادل، وتعزيز الوعي باختلاف الآخر.وبذلك، نكون، قداسة البابا، قد اجتمعنا "على كلمة سواء بيننا وبينكم".وهي كلمة تتجاوز دلالاتها المعنى الضيق للتوافق التحكيمي. فنحن نفهمها - ونعيشها -كرسالة مشتركة بين المسلمين والمسيحيين واليهود، موجهة للبشرية جمعاء.وذلكم هو ما يجمعنا اليوم، وما ينبغي أن يوحدنا في المستقبل.والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".



اقرأ أيضاً
تقرير حقوقي: أكثر من 400 بناية سكنية مهددة بالانهيار في الحي الحسني بفاس
قالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بفاس، إن أغلب البنايات بالحي الحسني، والذي شهد حادث انهيار عمارة عشوائية، ليلة الخميس/ الجمعة، آيلة للسقوط. وذكرت في بيان لها بأن عدد هذه البنايات يقدر بأكثر من أربعمائة وحدة آيلة للسقوط، مضيفة بأن هذه البنايات مكونة من عدة طوابق. وتساءلت الاجراءات التي اتخذتها السلطة المحلية والمصالح المختصة.واهتزت مدينة فاس ليلة الخميس / الجمعة 09 ماي 2025 على وقع فاجعة انسانية راح ضحيتها عشرة أشخاص بالحي الحسني بندباب مقاطعة المريينين ، وذلك إثر سقوط بناية قديمة مكونة من ستة طوابق وتضم ما يناهز ثلاثة عشر عائلة.وكانت البناية موضوع اشعارات بالإخلاء منذ سنة 2018 ، لكن أمام غياب حلول حقيقية تراعي الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمتضررين اضطر أغلبهم إلى الاستمرار في السكن بها رغم الخطر الذي كان يطاردهم حتى حلت الفاجعة.وتساءلت الجمعية عن ملابسات تحول بناية مهترئة هي في الأصل لا تتحمل طابقين إلى عمارة بستة طوابق أمام أعين السلطة المخول لها السهر على سلامة المواطنين ومحاربة البناء غير القانوني.وطالبت الجمعية بفتح تحقيق دقيق وجدي في الكارثة لتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات. كما انتقدت ما وصفته بالتقصير الملحوظ من طرف مختلف المصالح بدءً من السلطة المحلية التي غضت الطرف لسنوات أمام تكاثر البناء غير القانوني، و الاكتفاء بتوجيه انذارات الاخلاء عوض ايجاد حلول حقيقية تراعي ظروف المتضررين وتحفظ لهم كرامتهم الإنسانية.
وطني

قرود المكاك المغربية تباع بشكل غير قانوني في فرنسا
تنتشر تجارة الحيوانات البرية على نطاق واسع على المستوى الدولي، وبالإضافة إلى الذئاب والثعابين التي يتم اصطيادها، يتم بيع قرود المكاك البربرية من المغرب مقابل 2500 يورو في فرنسا عبر وسائل التواصل الاجتماعي. "قرود مكاك بربرية صغيرة، ذات عيون زرقاء، من المغرب، من نوع نادر، متوفر واحد فقط بسعر 2500 يورو". هذا أحد العروض التي يقدمها تجار الحيوانات البرية على الإنترنت، وفقًا لقناة TF1 . "مشكلة الاتجار بالحيوانات ليست جديدة، ولكن من المؤكد أنها تفاقمت في السنوات الأخيرة بفعل ظاهرة منصات التواصل الاجتماعي". يقول كريستوف ماري، مدير الشؤون الوطنية والأوروبية في مؤسسة "30 مليون صديق". وأضاف المتحدث ذاته : "ظهر العديد من المشاهير مع حيوانات برية.. ونعلم أيضًا الموجة التي شهدتها دبي وغيرها من المدن حيث ظهر المشاهير مع حيوانات برية". وأدرج الاتحاد الدولي لصون الطبيعة سنة 2009 المكاك البربري على القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض، ونقل من الملحق الثاني إلى الملحق الأول لاتفاقية "سايتس" (معاهدة التجارة العالمية لأصناف الحيوان والنبات البري المهدد بالانقراض) سنة 2016 بطلب من السلطات المغربية. وتماشى هذا الإجراء مع إعلان السلطات المغربية منع الاتجار في هذا النوع من القردة، ووضع تدابير صارمة على مستوى الحدود البرية، خاصة على الحدود مع مليلية وسبتة المحتلتين لمنع تهريبها إلى الدول الأوروبية. والمكاك البربري هو الصنف الوحيد من فصيلته الذي يعيش في أفريقيا، إذ إن كل الأصناف الأخرى والمقدرة بنحو عشرين صنفا، تعيش في آسيا. وتتميز من الناحية الفيزيولوجية عن باقي الأنواع بكونها لا تتوفر على ذيل، ولها أخدود على مستوى الأنف.
وطني

أشغال تجهز على مواقع أثرية وفعاليات مدنية بإقليم كلميم تطالب بفتح تحقيق
دعت عشر جمعيات إلى الوقف الفوري لأشغال تجري بمواقع أثرية بإقليم كلميم، وفتح تحقيق محايد من أجل تحديد المسؤوليات والكشف عمن يقف وراء ما أسمته بمسلسل التدمير الممنهج للآثار بجهة كلميم واد نون.وأشارت الجمعيات، في بيان توصلت الجريدة بنسخة منه، إلى تخريب سبق أن طال موقع نول لمطة الأثري، قبل أن يطال الاعتداء، بحر الأسبوع الماضي، موقع أمتضي وموقع أدرار ن زرزم المقيد في عداد الآثار.وحملت البيان المشترك المسؤولية في هذه الإعتداءات للمجالس الجماعية، "وفي ظل صمت مريب من الوزارة الوصية"، التي قامت بتنقيل المحافظ الجهوي للتراث الثقافي. وظل هذا المنصب شاغرا، ما فتح الباب أمام آليات تقلب الصخر المنقوش وتمحو معه صفحات من الذاكرة الجمعية للمغاربة وتحرم بذلك الأجيال القادمة من حقوقهم الثقافية.وقالت الجمعيات إن هذه الآليات خربت موقع النقوش الصخرية بأمتضي التي تعود لعهود ما قبل التاريخ، وتضم أشكال البقريات والنعام وتؤرخ لفترة قيام الإنسان بتدجين الحيوان.ودعت الجمعيات إلى فرض احترام دور وزارة الثقافة ومصالحها المحلية والمركزية باعتبارها السلطة الحكومية الوصية على كل المتدخلين في قطاع التراث الذين باشروا أشغالهم دون أي اعتبار للقانون، وفي ضرب بعرض الحائط لكل أخلاقيات العمل والمواثيق الدولية.
وطني

أساتذة التربية الإسلامية ينتقدون تبخيس دور المادة
انتقدت الجمعية المغربية الأساتذة التربية الإسلامية، ما وصفته بـ”الحملة الممنهجة التي تستهدف النيل من مادة التربية الإسلامية، وتبخيس دورها وأهميتها، واستهداف مقامها ومكانتها في وجدان المغاربة”. وأوضحت الجمعية في بلاغ صادر عنها عقب انعقاد مجلسها الوطني بمدينة المحمدية، أن “الأمر يعد مسا خطيرا بأحد ثوابت هذا البلد، واستهدافا غير مقبول يهدد الأمن الروحي والطمأنينة المجتمعية”. وشددت الجمعية على “تشبثها المستمر والمتجدد بالثوابت الدينية والوطنية للمغرب، وعلى رأسها القضية الوطنية، مع الإشادة بمختلف الجهود المبذولة من قبل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية للدفاع عنها، والتأكيد على كون مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية تظل الحل الأنسب والعادل للقضية”. واستنكرت ”العدوان الوحشي والهمجي للكيان الغاصب والجبان على إخواننا بغزة وفلسطين، وشجب سياساته العنصرية في حصار وتجويع وإبادة الأطفال والشيوخ والنساء، في خرق سافر للمواثيق الدولية، ومبادئ حقوق الإنسان”. ودعت الجمعية “جميع قوى الأمة الحية لبذل كل المساعي والجهود المطلوبة لإنهاء العدوان وإسناد المقاومة والدفاع عن كرامة الأمة ومقدساتها”.
وطني

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الأحد 11 مايو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة