وطني

نص الخطاب الذي ألقاه الملك خلال مراسم استقبال بابا الفاتيكان


كشـ24 نشر في: 30 مارس 2019

ألقى أمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، خطابا ساميا خلال مراسم الاستقبال الرسمي الذي خصصه جلالته، اليوم السبت، لقداسة البابا فرانسيس، بباحة مسجد حسان بالرباط، بمناسبة الزيارة الرسمية التي يقوم بها البابا للمملكة. وفي ما يلي نص الخطاب الملكي :"الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.قداسة البابا،أصحاب المعالي والسعادة،حضرات السيدات والسادة،يشهد المغرب اليوم حدثا استثنائيا، لسببين رئيسيين :أولهما : زيارة قداسة البابا فرنسيس الأول لبلدنا.وثانيهما: لأن زيارة الحبر الأعظم، تذكرني بزيارة البابا يوحنا بوليس الثاني، التي كانت زيارة تاريخية للمغرب.إن هذه الزيارة تندرج في إطار العلاقات العريقة بين المغرب والفاتكان.وقد حرصنا على أن يعبر توقيتها ومكانها، عن الرمزية العميقة، والحمولة التاريخية، والرهان الحضاري لهذا الحدث.فالموقع التاريخي، الذي يحتضن لقاءنا اليوم، يجمع بين معاني الانفتاح والعبور والتلاقح الثقافي، ويشكل في حد ذاته رمزا للتوازن والانسجام.فقد أقيم بشكل مقصود، في ملتقى نهر أبي رقراق والمحيط الأطلسي، وعلى محور واحد، يمتد من مسجد الكتبية بمراكش، والخيرالدة باشبيلية، ليكون صلة وصل روحية ومعمارية وثقافية، بين افريقيا وأوروبا.وقد أردنا أن تتزامن زيارتكم للمغرب مع شهر رجب، الذي شهد إحدى أكثر الحلقات رمزية من تاريخ الإسلام والمسيحية، عندما غادر المسلمون مكة، بأمر من النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولجؤوا فرارا من الاضطهاد، إلى النجاشي، ملك الحبشة المسيحي.فكان ذلك أول استقبال، وأول تعارف متبادل بين الديانتين الإسلامية والمسيحية.وها نحن اليوم، نخلد معا هذا الاعتراف المتبادل، من أجل المستقبل والأجيال القادمة.قداسة البابا،أصحاب المعالي والسعادة،حضرات السيدات والسادة،تأتي زيارتكم للمغرب، في سياق يواجه فيه المجتمع الدولي، كما جميع المؤمنين، تحديات كثيرة.وهي تحديات من نوع جديد، تستمد خطورتها من خيانة الرسالة الإلهية وتحريفها واستغلالها، وذلك من خلال الانسياق وراء سياسة رفض الآخر، فضلا عن أطروحات دنيئة أخرى.وفي عالم يبحث عن مرجعياته وثوابته، فقد حرصت المملكة المغربية على الجهر والتشبث الدائم بروابط الأخوة، التي تجمع أبناء إبراهيم عليه السلام، كركيزة أساسية للحضارة المغربية، الغنية بتعدد وتنوع مكوناتها.ويشكل التلاحم الذي يجمع بين المغاربة، بغض النظر عن اختلاف معتقداتهم، نموذجا ساطعا في هذا المجال.فهذا التلاحم هو واقع يومي في المغرب. وهو ما يتجلى في المساجد والكنائس والبيع، التي ما فتئت تجاور بعضها البعض في مدن المملكة.وبصفتي ملك المغرب، وأمير المؤمنين، فإنني مؤتمن على ضمان حرية ممارسة الشعائر الدينية. وأنا بذلك أمير جميع المؤمنين، على اختلاف دياناتهم.وبهذه الصفة، لا يمكنني الحديث عن أرض الإسلام، وكأنه لا وجود هنا لغير المسلمين. فأنا الضامن لحرية ممارسة الديانات السماوية.وأنا المؤتمن على حماية اليهود المغاربة، والمسيحيين القادمين من الدول الأخرى، الذين يعيشون في المغرب.قداسة البابا،أصحاب المعالي والسعادة،حضرات السيدات والسادة،إننا في بحث متواصل عما يرضي الله، في ما وراء الصمت، أو الكلمات، أو المعتقدات وما توفره من سكينة، وذلك لتظل دياناتنا جسورا متميزة ونيرة، ولكي تظل تعاليم الإسلام ورسالته منارة خالدة.بيد أنه من الواضح أن الحوار بين الديانات السماوية، يبقى غير كاف في واقعنا اليوم.ففي الوقت الذي تشهد فيه أنماط العيش تحولات كبرى، في كل مكان، وبخصوص كل المجالات، فإنه ينبغي للحوار بين الأديان أن يتطور ويتجدد كذلك.لقد استغرق الحوار القائم على "التسامح" وقتا ليس بيسير، دون أن يحقق أهدافه.فالديانات السماوية الثلاث لم توجد للتسامح في ما بينها، لا إجباريا كقدر محتوم، ولا اختياريا من باب المجاملة؛بل وجدت للانفتاح على بعضها البعض، وللتعارف في ما بينها، في سعي دائم للخير المتبادل؛ قال تعالى :"يا أيها الناس، إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، صدق الله العظيم.فالتطرف، سواء كان دينيا أو غير ذلك، مصدره انعدام التعارف المتبادل، والجهل بالآخر، بل الجهل، وكفى.ذلك أن التعارف المتبادل يعني رفض التطرف، بكل أشكاله؛ وهو السبيل لرفع تحديات هذا العصر المضطرب. قال تعالى :"لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا، ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة، ولكن ليبلوكم في ما آتاكم، فاستبقوا الخيرات"، صدق الله العظيم.ولمواجهة التطرف بكل أشكاله، فإن الحل لن يكون عسكريا ولا ماليا؛ بل الحل يكمن في شيء واحد، هو التربية.فدفاعي عن قضية التربية، إنما هو إدانة للجهل. ذلك أن ما يهدد حضاراتنا هي المقاربات الثنائية، وانعدام التعارف المتبادل، ولم يكن يوما الدين.واليوم، فإني بصفتي أمير المؤمنين، أدعو إلى إيلاء الدين مجددا المكانة التي يستحقها في مجال التربية.ولا يمكنني وأنا أخاطب هؤلاء الشباب، ألا أحذرهم من مخاطر التطرف أو السقوط في نزوعات العنف.فليس الدين هو ما يجمع بين الإرهابيين، بل يجمعهم الجهل بالدين.لقد حان الوقت لرفض استغلال الدين كمطية للجهلة، وللجهل وعدم التسامح، لتبرير حماقاتهم.فالدين نور ومعرفة وحكمة. والدين بطبيعته يدعو إلى السلام، ويحث على استثمار الطاقات في معارك أكثر نبلا، بدل هدرها في سباق التسلح، وأشكال أخرى من التسابق الأعمى.ولهذا الغرض، أحدثنا مؤسسة محمد السادس للعلماء. وفي نفس السياق، استجبنا لطلبات العديد من البلدان الإفريقية والأوروبية، باستقبال شبابها في معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات.قداسة البابا،أصحاب المعالي والسعادة،حضرات السيدات والسادة،بصفتنا أمير المؤمنين، فإننا نتقاسم والحبر الأعظم، الإيمان بنفس القيم الروحية الفاعلة، التي تنشد خدمة الصالح العام.إن القيم الروحانية ليست هدفا في حد ذاتها، بقدر ما تدفعنا إلى القيام بمبادرات ملموسة. فهي تحثنا على محبة الآخر، ومد يد العون له.بيد أن هناك حقيقة أساسية، وهي : أن الله غفور رحيم. وبما أن الرحمة من صفاته تعالى، فقد جعلنا السماحة والعفو والرأفة في صلب عملنا.ولأن المحبة من صفاته أيضا، فقد بادرنا طوال سنوات حكمنا، بالعمل على القرب من الفئات الأكثر فقرا وهشاشة.فهذه القيم هي روح وجوهر المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أطلقناها في بلادنا منذ 14 عاما، بهدف تحسين ظروف عيش الأشخاص الذين يعانون من الفقر والهشاشة، وإدماج من يعانون من الإقصاء، وتوفير سكن للمشردين، وإعطائهم الأمل في مستقبل يضمن لهم الكرامة.تلكم القيم هي أيضا في صلب الفلسفة التي ترتكز عليها سياسة الهجرة واللجوء، التي اعتمدناها ببلادنا، وحرصنا على أن تكون مبنية أساسا على التضامن.وهي تنسجم مع الميثاق الدولي للهجرة، الذي تمت المصادقة عليه في 10 دجنبر الماضي بمراكش.قداسة البابا،أصحاب المعالي والسعادة،حضرات السيدات والسادة،إن لقاءنا اليوم يرسخ قناعة مشتركة، مفادها أن القيم التي ترتكز عليها الديانات التوحيدية، تساهم في ترشيد النظام العالمي وتحسينه، وفي تحقيق المصالحة والتقارب بين مكوناته.وبصفتي أمير المؤمنين، فإني أرفض مثل قداستكم، سلوك اللامبالاة بجميع أشكالها.كما أحيي شجاعة القادة الذين لا يتهربون من مسؤولياتهم، إزاء قضايا العصر الكبرى.وإننا نتابع باهتمام وتقدير كبيرين، الجهود التي تبذلونها خدمة للسلم عبر العالم، وكذا دعواتكم المستمرة إلى تعزيز دور التربية والحوار، ووقف كل أشكال العنف، ومحاربة الفقر والفساد، والتصدي للتغيرات المناخية، وغيرها من الآفات التي تنخر مجتمعاتنا.وبصفتينا أمير المؤمنين والحبر الأعظم، فإننا مدعوون لأن نكون في نفس الوقـت، مثاليين وعمليين، واقعيين ونموذجيين.فرسائلنا تتسم بطابعها الراهن والأبدي في آن واحد.وهي تدعو الشعوب إلى الالتزام بقيم الاعتدال، وتحقيق مطلب التعارف المتبادل، وتعزيز الوعي باختلاف الآخر.وبذلك، نكون، قداسة البابا، قد اجتمعنا "على كلمة سواء بيننا وبينكم".وهي كلمة تتجاوز دلالاتها المعنى الضيق للتوافق التحكيمي. فنحن نفهمها - ونعيشها -كرسالة مشتركة بين المسلمين والمسيحيين واليهود، موجهة للبشرية جمعاء.وذلكم هو ما يجمعنا اليوم، وما ينبغي أن يوحدنا في المستقبل.والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".

ألقى أمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، خطابا ساميا خلال مراسم الاستقبال الرسمي الذي خصصه جلالته، اليوم السبت، لقداسة البابا فرانسيس، بباحة مسجد حسان بالرباط، بمناسبة الزيارة الرسمية التي يقوم بها البابا للمملكة. وفي ما يلي نص الخطاب الملكي :"الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.قداسة البابا،أصحاب المعالي والسعادة،حضرات السيدات والسادة،يشهد المغرب اليوم حدثا استثنائيا، لسببين رئيسيين :أولهما : زيارة قداسة البابا فرنسيس الأول لبلدنا.وثانيهما: لأن زيارة الحبر الأعظم، تذكرني بزيارة البابا يوحنا بوليس الثاني، التي كانت زيارة تاريخية للمغرب.إن هذه الزيارة تندرج في إطار العلاقات العريقة بين المغرب والفاتكان.وقد حرصنا على أن يعبر توقيتها ومكانها، عن الرمزية العميقة، والحمولة التاريخية، والرهان الحضاري لهذا الحدث.فالموقع التاريخي، الذي يحتضن لقاءنا اليوم، يجمع بين معاني الانفتاح والعبور والتلاقح الثقافي، ويشكل في حد ذاته رمزا للتوازن والانسجام.فقد أقيم بشكل مقصود، في ملتقى نهر أبي رقراق والمحيط الأطلسي، وعلى محور واحد، يمتد من مسجد الكتبية بمراكش، والخيرالدة باشبيلية، ليكون صلة وصل روحية ومعمارية وثقافية، بين افريقيا وأوروبا.وقد أردنا أن تتزامن زيارتكم للمغرب مع شهر رجب، الذي شهد إحدى أكثر الحلقات رمزية من تاريخ الإسلام والمسيحية، عندما غادر المسلمون مكة، بأمر من النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولجؤوا فرارا من الاضطهاد، إلى النجاشي، ملك الحبشة المسيحي.فكان ذلك أول استقبال، وأول تعارف متبادل بين الديانتين الإسلامية والمسيحية.وها نحن اليوم، نخلد معا هذا الاعتراف المتبادل، من أجل المستقبل والأجيال القادمة.قداسة البابا،أصحاب المعالي والسعادة،حضرات السيدات والسادة،تأتي زيارتكم للمغرب، في سياق يواجه فيه المجتمع الدولي، كما جميع المؤمنين، تحديات كثيرة.وهي تحديات من نوع جديد، تستمد خطورتها من خيانة الرسالة الإلهية وتحريفها واستغلالها، وذلك من خلال الانسياق وراء سياسة رفض الآخر، فضلا عن أطروحات دنيئة أخرى.وفي عالم يبحث عن مرجعياته وثوابته، فقد حرصت المملكة المغربية على الجهر والتشبث الدائم بروابط الأخوة، التي تجمع أبناء إبراهيم عليه السلام، كركيزة أساسية للحضارة المغربية، الغنية بتعدد وتنوع مكوناتها.ويشكل التلاحم الذي يجمع بين المغاربة، بغض النظر عن اختلاف معتقداتهم، نموذجا ساطعا في هذا المجال.فهذا التلاحم هو واقع يومي في المغرب. وهو ما يتجلى في المساجد والكنائس والبيع، التي ما فتئت تجاور بعضها البعض في مدن المملكة.وبصفتي ملك المغرب، وأمير المؤمنين، فإنني مؤتمن على ضمان حرية ممارسة الشعائر الدينية. وأنا بذلك أمير جميع المؤمنين، على اختلاف دياناتهم.وبهذه الصفة، لا يمكنني الحديث عن أرض الإسلام، وكأنه لا وجود هنا لغير المسلمين. فأنا الضامن لحرية ممارسة الديانات السماوية.وأنا المؤتمن على حماية اليهود المغاربة، والمسيحيين القادمين من الدول الأخرى، الذين يعيشون في المغرب.قداسة البابا،أصحاب المعالي والسعادة،حضرات السيدات والسادة،إننا في بحث متواصل عما يرضي الله، في ما وراء الصمت، أو الكلمات، أو المعتقدات وما توفره من سكينة، وذلك لتظل دياناتنا جسورا متميزة ونيرة، ولكي تظل تعاليم الإسلام ورسالته منارة خالدة.بيد أنه من الواضح أن الحوار بين الديانات السماوية، يبقى غير كاف في واقعنا اليوم.ففي الوقت الذي تشهد فيه أنماط العيش تحولات كبرى، في كل مكان، وبخصوص كل المجالات، فإنه ينبغي للحوار بين الأديان أن يتطور ويتجدد كذلك.لقد استغرق الحوار القائم على "التسامح" وقتا ليس بيسير، دون أن يحقق أهدافه.فالديانات السماوية الثلاث لم توجد للتسامح في ما بينها، لا إجباريا كقدر محتوم، ولا اختياريا من باب المجاملة؛بل وجدت للانفتاح على بعضها البعض، وللتعارف في ما بينها، في سعي دائم للخير المتبادل؛ قال تعالى :"يا أيها الناس، إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، صدق الله العظيم.فالتطرف، سواء كان دينيا أو غير ذلك، مصدره انعدام التعارف المتبادل، والجهل بالآخر، بل الجهل، وكفى.ذلك أن التعارف المتبادل يعني رفض التطرف، بكل أشكاله؛ وهو السبيل لرفع تحديات هذا العصر المضطرب. قال تعالى :"لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا، ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة، ولكن ليبلوكم في ما آتاكم، فاستبقوا الخيرات"، صدق الله العظيم.ولمواجهة التطرف بكل أشكاله، فإن الحل لن يكون عسكريا ولا ماليا؛ بل الحل يكمن في شيء واحد، هو التربية.فدفاعي عن قضية التربية، إنما هو إدانة للجهل. ذلك أن ما يهدد حضاراتنا هي المقاربات الثنائية، وانعدام التعارف المتبادل، ولم يكن يوما الدين.واليوم، فإني بصفتي أمير المؤمنين، أدعو إلى إيلاء الدين مجددا المكانة التي يستحقها في مجال التربية.ولا يمكنني وأنا أخاطب هؤلاء الشباب، ألا أحذرهم من مخاطر التطرف أو السقوط في نزوعات العنف.فليس الدين هو ما يجمع بين الإرهابيين، بل يجمعهم الجهل بالدين.لقد حان الوقت لرفض استغلال الدين كمطية للجهلة، وللجهل وعدم التسامح، لتبرير حماقاتهم.فالدين نور ومعرفة وحكمة. والدين بطبيعته يدعو إلى السلام، ويحث على استثمار الطاقات في معارك أكثر نبلا، بدل هدرها في سباق التسلح، وأشكال أخرى من التسابق الأعمى.ولهذا الغرض، أحدثنا مؤسسة محمد السادس للعلماء. وفي نفس السياق، استجبنا لطلبات العديد من البلدان الإفريقية والأوروبية، باستقبال شبابها في معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات.قداسة البابا،أصحاب المعالي والسعادة،حضرات السيدات والسادة،بصفتنا أمير المؤمنين، فإننا نتقاسم والحبر الأعظم، الإيمان بنفس القيم الروحية الفاعلة، التي تنشد خدمة الصالح العام.إن القيم الروحانية ليست هدفا في حد ذاتها، بقدر ما تدفعنا إلى القيام بمبادرات ملموسة. فهي تحثنا على محبة الآخر، ومد يد العون له.بيد أن هناك حقيقة أساسية، وهي : أن الله غفور رحيم. وبما أن الرحمة من صفاته تعالى، فقد جعلنا السماحة والعفو والرأفة في صلب عملنا.ولأن المحبة من صفاته أيضا، فقد بادرنا طوال سنوات حكمنا، بالعمل على القرب من الفئات الأكثر فقرا وهشاشة.فهذه القيم هي روح وجوهر المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أطلقناها في بلادنا منذ 14 عاما، بهدف تحسين ظروف عيش الأشخاص الذين يعانون من الفقر والهشاشة، وإدماج من يعانون من الإقصاء، وتوفير سكن للمشردين، وإعطائهم الأمل في مستقبل يضمن لهم الكرامة.تلكم القيم هي أيضا في صلب الفلسفة التي ترتكز عليها سياسة الهجرة واللجوء، التي اعتمدناها ببلادنا، وحرصنا على أن تكون مبنية أساسا على التضامن.وهي تنسجم مع الميثاق الدولي للهجرة، الذي تمت المصادقة عليه في 10 دجنبر الماضي بمراكش.قداسة البابا،أصحاب المعالي والسعادة،حضرات السيدات والسادة،إن لقاءنا اليوم يرسخ قناعة مشتركة، مفادها أن القيم التي ترتكز عليها الديانات التوحيدية، تساهم في ترشيد النظام العالمي وتحسينه، وفي تحقيق المصالحة والتقارب بين مكوناته.وبصفتي أمير المؤمنين، فإني أرفض مثل قداستكم، سلوك اللامبالاة بجميع أشكالها.كما أحيي شجاعة القادة الذين لا يتهربون من مسؤولياتهم، إزاء قضايا العصر الكبرى.وإننا نتابع باهتمام وتقدير كبيرين، الجهود التي تبذلونها خدمة للسلم عبر العالم، وكذا دعواتكم المستمرة إلى تعزيز دور التربية والحوار، ووقف كل أشكال العنف، ومحاربة الفقر والفساد، والتصدي للتغيرات المناخية، وغيرها من الآفات التي تنخر مجتمعاتنا.وبصفتينا أمير المؤمنين والحبر الأعظم، فإننا مدعوون لأن نكون في نفس الوقـت، مثاليين وعمليين، واقعيين ونموذجيين.فرسائلنا تتسم بطابعها الراهن والأبدي في آن واحد.وهي تدعو الشعوب إلى الالتزام بقيم الاعتدال، وتحقيق مطلب التعارف المتبادل، وتعزيز الوعي باختلاف الآخر.وبذلك، نكون، قداسة البابا، قد اجتمعنا "على كلمة سواء بيننا وبينكم".وهي كلمة تتجاوز دلالاتها المعنى الضيق للتوافق التحكيمي. فنحن نفهمها - ونعيشها -كرسالة مشتركة بين المسلمين والمسيحيين واليهود، موجهة للبشرية جمعاء.وذلكم هو ما يجمعنا اليوم، وما ينبغي أن يوحدنا في المستقبل.والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".



اقرأ أيضاً
المحكمة تنتصر لـ3 أشخاص بسبب هجوم كلاب ضالة
أصدرت غرفة الإلغاء والتعويض بالمحكمة الإدارية الابتدائية بفاس، أول أمس الخميس،  قرارا بأداء جماعة تازة تعويضات مالية لفائدة 3 أشخاص كانوا عرضة لهجوم كلاب ضالة. وقضت الغرفة بأداء جماعة تازة، في شخص رئيسها، لفائدة المدعي (ا. ه)، الذي رفع قضيته أمام القضاء الإداري بتاريخ 10 يناير من السنة الجارية، تعويضا قدره 23 ألف درهم، بينما حكمت بتغريم جماعة تازة، في شخص ممثلها القانوني، لفائدة مدع آخر ( ب. ج. د) تعويضا بالمبلغ المالي ذاته، فيما كان نصيب ضحية ثالث (ا. ن. د) تعويض قدره 20 ألف درهم؛ علما أن المدعيين الأخيرين تعود قضيتهما إلى 2 شتنبر من سنة 2024. وقضت المحكمة الإدارية الابتدائية بفاس، في أحكامها القطعية المذكورة، بإحلال شركات التأمين محل جماعة تازة في أداء المبالغ المحكوم بها ضدها، وبرفض باقي الطلبات، وجعل المصاريف على النسبة بين طرفي الدعوى بالحلول نفسها. وجدير بالذكر أن المستفيدين من هذه الأحكام كانوا قد لجؤوا، بعد تعرضهم لاعتداء كلاب ضالة، إلى القضاء الإداري لمقاضاة الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة والوكيل القضائي للمملكة والوكيل القضائي للجماعات المحلية وعامل تازة.
وطني

المتضررون من انهيار عمارة سكنية بفاس يبيتون في العراء ويطالبون بحلول
قضت الأسر المتضررة من انهيار عمارة سكنية بفاس، ليلة أمس الجمعة/السبت، في العراء، ومعهم عدد من أسر البنايات المجاورة التي تواجه بدورها خطر انهيار.وخلف انهيار بناية سكنية تتكون من أربع طوابق بالحي الحسني بفاس، وفاة عشرة أشخاص، فيما لا يزال حوالي ستة أشخاص يتلقون العلاج بمستشفى الغساني.وانتقدت الساكنة المتضررة عدم تدخل السلطات لإيوائها بشكل مؤقت في فضاء يحفظ كرامتها، في انتظار معالجة ملف إعادة إسكانها.وأظهرت المعطيات أن البناية صنفت ضمن المباني المهددة بالانهيار منذ سنة 2018، وتوصلت الأسر بقرارات إفراغ. وقررت بعض الأسر المغادرة، في حين أجبر ثقل الأوضاع الاجتماعية حوالي خمسة أسر لعدم المقارنة، وظلت تطالب ببدائل.وتعاني عدد من البنايات في هذا الحي، والتي بنيت في عقود سابقة في ظل غياب المراقبة وعدم التزام بالمعايير، من خطر الانهيار. وارتفعت الاصوات من جديد للمطالبة بحلول ناجعة.
وطني

بسبب تعاونها مع عصابات بالمغرب.. الأمن الإسباني يفكك شبكة إجرامية
تمكنت قوات الحرس المدني الإسباني من تفكيك منظمة إجرامية متخصصة في الاتجار الدولي بالمخدرات، متمركزة في مقاطعتي ألميريا وغرناطة في منطقة الأندلس. وتمكنت هذه المنظمة، بالتنسيق مع شبكات إمداد من المغرب ، من نقل الحشيش والكوكايين على نطاق واسع. وتم تنفيذ هذه العملية تم تنفيذها بشكل مشترك من قبل وحدتي الشرطة القضائية في كتالونيا وألميريا، وتم خلالها القبض على خمسة أشخاص. وحسب بلاغ أمني، أمس الخميس، فإن ما يسمى بـ "عملية الباذنجان "، التي بدأت في فبراير 2024، حظيت أيضًا بدعم المركز الإقليمي الأندلسي للتحليل والاستخبارات ضد تهريب المخدرات (CRAIN) . وكانت هذه المافيا تمتلك شبكة لوجستية منظمة للغاية لتجارة المخدرات، من خلال توظيف شاحنات معدلة، واستغلال مستودعات صناعية، ونقاط تحميل، وطرقًا مخططة للتهرب من نقاط التفتيش التي تشرف عليها الشرطة. وبالتنسيق مع شبكات الإمداد المغربية، كانت المنظمة تمتلك القدرة على نقل الحشيش والكوكايين على نطاق واسع ، باستخدام خزانات الوقود في المركبات الثقيلة. وخلال العملية، تم إجراء عشر عمليات تفتيش وتفتيش دفيئة، مما أدى إلى ضبط 262.72 كيلوغرام من الحشيش، و11585 يورو نقدًا ، ومسدس تفجير، وذخيرة، وأجهزة إلكترونية، ووثائق مختلفة.
وطني

عكوري لكشـ24: آن الأوان لوقف فوضى الساعات الإضافية العشوائية واستنزاف جيوب الأسر
عبر نور الدين عكوري، رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ بالمغرب، في تصريح لموقع كشـ24، عن قلقه الشديد إزاء استفحال ظاهرة الساعات الإضافية، خاصة خلال الفترة الحالية التي يستعد فيها التلاميذ لاجتياز الامتحانات، مؤكدا أنها ترهق كاهل الأسر ماديا ونفسيا. وأوضح عكوري أن هذه الظاهرة تنقسم إلى ثلاثة أنواع: أولها الساعات الإضافية التي تختارها بعض الأسر طواعية لتحسين المستوى الدراسي لأبنائها، وغالبا ما تركز على المواد العلمية كالرياضيات والفيزياء وعلوم الحياة والأرض، بهدف تمكين أبنائهم من ولوج المعاهد العليا، غير أن هذه الدروس، التي تجرى أحيانا في أماكن غير مؤهلة كالمنازل والمحلات التجارية، تتسبب في استنزاف مالي كبير، حيث تصل كلفة الحصة الواحدة إلى 400 درهم أو أكثر. أما النوع الثاني، فيتمثل في الساعات الإضافية “الإجبارية” التي يفرضها بعض الأساتذة على التلاميذ خارج أوقات الدراسة، تحت طائلة التهديد بالتأثير على نقط المراقبة المستمرة، وهو أمر اعتبره عكوري تجاوزا خطيرا وخارقا للقانون، يستدعي تدخل وزارة التربية الوطنية. وأشار عكوري إلى نوع ثالث يتمثل في ساعات الدعم التي تنظمها بعض المؤسسات التعليمية بشراكة مع جمعيات الآباء، والتي تهدف في الأصل إلى دعم التلاميذ بشكل مجاني أو رمزي، غير أن هذه المبادرات، حسب تصريحه، لا تحظى بالإقبال الكافي بسبب انعدام الثقة في جودتها، وسوء تدبيرها أحيانا، إذ يتم الخلط بين مستويات التلاميذ دون تقييم مسبق لمكامن الضعف أو التفاوت. وفي ختام تصريحه، شدد رئيس فيدرالية اباء وامهات واولياء التلاميذ بالمغرب، على ضرورة تنظيم وتقنين هذه الظاهرة بما يضمن حق الأسر في اختيار الدعم المناسب لأبنائهم، مع مراعاة قدراتهم المادية، داعيا إلى وضع حد للابتزاز الذي تتعرض له الأسر من خلال فرض مبالغ خيالية قد تتجاوز أحيانا 1000 درهم للحصة، سواء في المستويات الدراسية الإشهادية أو في التحضير لما بعد البكالوريا.
وطني

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

السبت 10 مايو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة