ميثاق مراكش للهجرة مهدد قبل توقيعه بسبب انقسامات أوروبية – Kech24: Morocco News – كِشـ24 : جريدة إلكترونية مغربية
السبت 19 أبريل 2025, 02:12

دولي

ميثاق مراكش للهجرة مهدد قبل توقيعه بسبب انقسامات أوروبية


كشـ24 نشر في: 20 نوفمبر 2018

يتصاعد السجال حول ميثاق الهجرة قبل أقل من شهر على الموعد المقرر لتوقيعه في 10 ديسمبر المقبل، في مراكش، مع تصاعد المواقف المعارضة للميثاق، خصوصاً من دول أوروبية تُعتبر أساسية في هذا الملف، نظراً إلى أنها وجهة ودول لجوء لآلاف المهاجرين، لترتفع الانقسامات حوله، ومعها الانسحابات من تبنّيه.وكانت 193 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة قد تبنّت، في سبتمبر من عام 2016، بالإجماع إعلاناً سياسياً غير ملزم، هو إعلان نيويورك للاجئين والمهاجرين الذي يتعهّد بالحفاظ على حقوق اللاجئين ومساعدتهم في إعادة التوطين وضمان حصولهم على التعليم والوظائف. لكن مع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض أعلنت إدارته، في ديسمبر من عام 2017، انسحاب الولايات المتحدة من الميثاق باعتباره "يتناقض" مع سياساتها، متحججة بأنه "يتضمن أحكاماً عديدة تتناقض مع قوانين الهجرة واللجوء الأميركية ومبادئ الهجرة في إدارة ترامب". وبهذا، واصلت إدارة الرئيس الأميركي، وتحت شعار "أميركا أولاً"، انسحاباتها من الالتزامات الدولية التي وقّعت عليها الإدارات السابقة، ومنها اتفاق باريس للمناخ والاتفاق النووي مع إيران وغيرها.وباستثناء الولايات المتحدة، أيّدت كافة الدول الأعضاء الـ192 في الأمم المتحدة، في يوليوز الماضي، وضع هذا الميثاق العالمي حول الهجرة، مبدية وحدتها إزاء هذا الملف، بعد مفاوضات حوله استمرت 18 شهراً، وجرى التوافق على التصديق رسمياً عليه خلال مؤتمر دولي في المغرب، في 10 و11 ديسمبر المقبل.هذه الوحدة بدأت تتفكك في الفترة الأخيرة، مع بروز اعتراضات أوروبية عليه، فأعلنت المجر، في سبتمبر الماضي، معارضتها للاتفاق، لأنه "ضد مصلحتها الوطنية"، لتكرّ سبحة المواقف المماثلة، وتطاول بولندا وبلغاريا وتشيكيا وغيرها، لتخلق هذه الانسحابات والانقسامات الداخلية في دول أخرى، سجالاً بات يهدد وجود هذا الميثاق.قبل التوقيع على الميثاق في المغرب، يدور سجال ورمي مسؤوليات من وداخل دول الاتحاد الأوروبي، المختلفة على سياسة لجوء وهجرة موحّدة منذ عام 2015، وهو الميثاق الذي عُوّل عليه لما يحمله من تفاهمات عالمية مشتركة على "احترام السيادة، والحق في تحديد سياسة وطنية للهجرة"، قبل أن تبرز إعلانات واضحة لدول أوروبية بأنها لن توقّع على الميثاق الذي يتعاطى مع معضلة أكثر من 260 مليون مهاجر/لاجئ حول العالم، وفقاً لأرقام الأمم المتحدة ومنظماتها العاملة في المجال.ويستغرب مراقبون ومنظمات إنسانية وحقوقية هذا السجال الذي يدور حول ميثاق يهدف إلى "إيلاء اهتمام خاص بالمهاجرين الضعفاء، ومنح الحقوق الإنسانية لفئتي اللاجئين والمهاجرين بالتساوي مع المواطنين". ويبدو من مواقف الأطراف الحزبية اليمينية، وبعضها حاكمة، والمؤثرة والمعارضة للاتفاق، أن الصياغة الأخيرة، إلى جانب فقرات أخرى، هي ما أثارت هذا الجدل المتزايد.ففي قمة الأمم المتحدة عام 2016، أبدت الدول موافقتها على إيجاد "مبادئ أساسية تؤكد على أن حقوق الإنسان تشمل الجميع، خصوصاً الفئات الأضعف من المهاجرين والأطفال، واللاجئون وحدهم لديهم حق إضافي لطلب الحماية". وشمل الميثاق سلسلة من المبادئ، بينها الدفاع عن حقوق الإنسان وحقوق الأطفال، والاعتراف بالسيادة الوطنية وغيرها، كما احتوى فهرساً للإجراءات لمساعدة الدول على التصدي للهجرات في مستوى تحسين الإعلام، وإجراءات لتحسين إدماج المهاجرين وتبادل الخبرات.وبحسب ما جاء في وثيقته، فإن الميثاق يهدف إلى "زيادة التعاون بشأن الهجرات الدولية في كافة أبعادها" ومحاربة تهريب البشر. ونصّ الميثاق كذلك على الحفاظ على "سيادة الدول"، مع الاعتراف "بأنه لا يمكن لأي أمة أن تواجه منفردة ظاهرة الهجرة". وأضاف "من المهم أن توحّدنا الهجرة بدلاً من أن تقسّمنا". وبحسب رعاة النص، فإن 27 دولة في الاتحاد الأوروبي "تحدثت بصوت واحد" أثناء المفاوضات.ولكن التحوّلات السياسية في القارة العجوز، مع تقدّم واضح ومؤثر لمعسكر اليمين القومي المتطرف، باتت تدفع عدداً من دولها إلى التراجع عما التزمت به قبل عامين تقريباً، على الرغم من احتواء الميثاق على "احترام السيادة والقرارات"، بل و"تسهيل ترحيل المرفوضة إقاماتهم".ميثاق الهجرة يُقدّم أيضاً ضمانة ملزمة على "أن يكون المهاجرون جزءاً نشطاً من المجتمعات، مع احترام خلفيتهم الثقافية وحق ممارستها، والالتزام بالعمل على القضاء على التمييز والعنصرية والعنف ومنع التعبير عن معاداة الأجانب، إن بالتظاهرات أو الأفعال أو إظهار التعصب تجاه المهاجرين".وفي جانب مرتبط بتلك المواد التي يحتويها الميثاق، احتلت قضية استخدام وسائل الإعلام والتواصل لمعاداة الأجانب حيزاً في صياغته، إذ يقول مُعدّوه "يجب اتخاذ إجراءات، مع احترام حرية الإعلام، لمنع التمويل العام (الحكومي) للإعلام ووسائله التي تنتهج بشكل منتظم نشر الكراهية والتعصب ضد المهاجرين". ويعارض اليمين المتشدد أي تطرق إلى مسألة "الخصوصية الثقافية"، ويرى، على سبيل المثال في الدنمارك، أنها "تؤدي إلى مجتمع متعدد الثقافات، وهو أمر يعيق تماماً قضية الاندماج"، وفقاً لما ذهبت إليه شخصيات برلمانية دنماركية قبل أيام، مع تزايد الجدل حول الميثاق. تلك المواقف تختزل في الواقع حالة التوافق في معسكر اليمين المتشدد، إن في دول الشمال الأوروبي، أو في ألمانيا والنمسا وهولندا وغيرها، وهو يخشى "إلزامية الحقوق" أو "التذرع بأن الهجرة جزء من التزام الدول بميثاق حقوق الإنسان".ويبدو أن اكتمال صياغة الميثاق لم ترق لقوى وأحزاب وحكومات غربية، لتعلل انسحابها وعدم تأييد الميثاق، بحجة أنه "يحوّل الهجرة إلى جزء أساسي من حقوق الإنسان"، كما يقول اليمين المتشدد في ألمانيا والدنمارك. وحين تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة الميثاق، في يوليو/تموز الماضي، باستثناء الولايات المتحدة والمجر، لم تُبد الدول الأوروبية موقفاً معارضاً. لكن يبدو أن السجال الداخلي يدفع بعدد منها إلى القول إنها لن تصوّت لمصلحته.المستشار النمساوي سيباستيان كورتز، الذي تترأس بلاده الاتحاد الأوروبي في دورته الحالية، ذهب، قبل أيام، إلى تعليل تراجع بلده عن دعم الميثاق بأنه "ينتقص من سيادة النمسا". ووفقاً لما نقلت صحيفة نمساوية عنه، فإن كورتز، الذي يشكّل ائتلافاً حكومياً من اليمين واليمين المتشدد، اعتبر أن "هذا الميثاق سيحوّل قضية الهجرة إلى حق من حقوق الإنسان، لذا فهو مرفوض من قِبلنا".وتوالت معارضة ميثاق الهجرة لتصل إلى أغلب دول شرق القارة الأوروبية، وآخرها قبل أيام قليلة، إذ انضمت كرواتيا وتشيكيا إليها، كما أعلنت بلغاريا أنها "تراجع" أيضاً موافقتها على الميثاق. وحتى في الدول التي يؤيد رؤساء حكوماتها الميثاق، تقف المعارضات اليمينية المتشددة بالمرصاد، محوّلة القضية إلى سجال وجدل محرج للحكومات. الأمر ينطبق، على سبيل المثال، على ألمانيا والدنمارك وسويسرا والسويد. فحزب "البديل لأجل ألمانيا" اليميني المتشدد، يستغل هذا السجال معتبراً أنه "ميثاق سيحوّل ألمانيا من أمة إلى منطقة توطين واستيطان"، كما جاء على لسان زعيم الحزب، ألكسندر غاولاند. أدى موقف اليمين المتشدد في برلين إلى نشوء تراشق مع بقية الأحزاب، وعلى رأسها حزب يسار الوسط، "الاجتماعي الديمقراطي"، الذي وصف كلام غاولاند بأنه "نشر للكذب".وفي الدنمارك، بات رئيس الوزراء، لارس لوكا راسموسن، يجد صعوبة في تبرير موافقته، بعد أن باتت تتعالى الأصوات داخل ائتلافه الحكومي، بل في حزبه، رافضة دخول الدنمارك في هذا الميثاق. وفي الإطار نفسه، تقف حكومات بقية الدول الأوروبية في موقف محرج أمام الدول التي وافقت على إعلان نيويورك في 2016.وعلى الرغم من أن حكومة المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، وافقت بداية وأيّد حزبها "المسيحي الديمقراطي" مبدئياً هذا الميثاق باعتباره "سيوقف الاتجار بالبشر"، وهو البلد الذي استقبل العدد الأكبر من اللاجئين والمهاجرين، على مدى السنوات الماضية، إلا أن قيادات في الحزب باتت تعتبره ميثاقاً مرفوضاً. فوزير الصحة، ينس شبان، الذي ينافس على زعامة حزب ميركل، أعرب عن رفضه لهذا الاتفاق. وقال لصحيفة محلية إن "ألمانيا يجب أن تحافظ على سيادتها وحقها في إدارة الهجرة والسيطرة والحد من تدفق المهاجرين".ويهدف "ميثاق مراكش" أساساً إلى "تعزيز التعاون العالمي بشأن الهجرة، بين بلدان المنشأ والعبور والمقصد، بما يضمن احترام حقوق الإنسان وتعاوناً أكثر فعالية لإعادة هؤلاء إلى أوطانهم الأصلية"، بحسب مسودة الاتفاق التي عُرضت في يوليوز الماضي. وفي محاولة لتدارك التراجع، خصوصا في الدول التي تشكل مقصداً أساسياً للمهاجرين في أوروبا، حاولت المقررة الخاصة للأمم المتحدة بشأن الهجرة الدولية، لويز أربور، التخفيف من تلك المعارضة، قائلة، في مقابلة مع صحيفة "زايت" الألمانية، إن ميثاق مراكش للهجرة لا يتحدث عن أن الهجرة سيئة أو جيدة، بل "هو يتعاطى مع حالة واقعة، وسيكون من مصلحة الجميع التعاون حتى لا نصبح أمام فوضى".وشخّصت المقررة الدولية أزمة الدول المضيفة بالقول إن "المشكلة تنشأ حين نصبح أمام هجرة غير شرعية، ويبدأ الناس العمل بشكل غير شرعي في سوق سوداء، وفي الميثاق إجراءات لمنع ذلك، وهو ميثاق يمنح الفرصة لهجرة قانونية عبر تنظيمها، وليس ميثاقاً ملزماً لفتح الحدود".في المقابل، يحاول اليمين المتشدد في عدد من الدول الأوروبية جعل الميثاق "بلا ظهير أخلاقي حين تتزايد معارضته، ما يؤدي إلى إرسال رسالة خاطئة لدول شمال أفريقيا، على سبيل المثال، وهي التي يحاول الأوروبيون إقناعها بإقامة نقاط تجميع للمهاجرين على أراضيها"، بحسب ما نقلت صحيفة "بيرلنغكسا" الدنماركية عن إيف باسكوا، المتخصصة في سياسة الهجرة الأوروبية في جامعة نانت الفرنسية.مناشدات عديدة صدرت عن قادة أوروبيين، ومن بينها لرئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، يوم الإثنين الماضي، لدول الاتحاد الأوروبي بضرورة "إظهار الوقوف معاً، فخروج ثلاث دول أوروبية من الميثاق سيجعل من الصعب أن يدافع الاتحاد الأوروبي عن مصالحه".لكن تلك المناشدات، وتحذير منظمات حقوقية وإنسانية من سلبيات عدم الالتزام بالاتفاق، لم تجد، كما يبدو، آذاناً صاغية لدى قوى وأحزاب مؤثرة، قد تذهب بمعارضتها إلى الاتفاق نحو الضغط على الحكومات للتحفّظ أو الخروج من الميثاق، ما سيجعل بالفعل الموقف الأوروبي أكثر انقساماً واختلافاً، ورضوخاً لقوى اليمين المتشدد التي بات نفوذها ملحوظاً حتى في قضايا اتفاقات عالمية. على سبيل المثال، ذهب حزب "البديل لأجل ألمانيا" إلى وصف الميثاق بأنه "ميثاق الشيطان"، ما وجد صداه لدى أحزاب محافظة في برلين، كـ"الاجتماعي المسيحي"، شريك "الديمقراطي المسيحي" في الحكومة الألمانية، فتحوّل الموضوع إلى مثار جدال في البرلمان الألماني.وعبّر كثيرون في البرلمان عن امتعاضهم من أنهم لم يسمعوا "طوال سنتين عن هذا الميثاق"، ما خلق أجواء سلبية تتسابق للدفع نحو رفض الميثاق. وحتى في صفوف كتلة ميركل البرلمانية، لم يتردد رئيسها ألكسندر ميتش في طرح طلب مناقشة "هذا التغيير في سياسة اللجوء ككل". ما يعني أن ألمانيا ستشهد مزيداً من الانقسامات التي تسبّبها سياسة الهجرة واللجوء، وهي البلد الذي تنظر إليه الدول الأخرى المحيطة كمعيار ومقياس لمواقفها من القضية. 

العربي الجديد

يتصاعد السجال حول ميثاق الهجرة قبل أقل من شهر على الموعد المقرر لتوقيعه في 10 ديسمبر المقبل، في مراكش، مع تصاعد المواقف المعارضة للميثاق، خصوصاً من دول أوروبية تُعتبر أساسية في هذا الملف، نظراً إلى أنها وجهة ودول لجوء لآلاف المهاجرين، لترتفع الانقسامات حوله، ومعها الانسحابات من تبنّيه.وكانت 193 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة قد تبنّت، في سبتمبر من عام 2016، بالإجماع إعلاناً سياسياً غير ملزم، هو إعلان نيويورك للاجئين والمهاجرين الذي يتعهّد بالحفاظ على حقوق اللاجئين ومساعدتهم في إعادة التوطين وضمان حصولهم على التعليم والوظائف. لكن مع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض أعلنت إدارته، في ديسمبر من عام 2017، انسحاب الولايات المتحدة من الميثاق باعتباره "يتناقض" مع سياساتها، متحججة بأنه "يتضمن أحكاماً عديدة تتناقض مع قوانين الهجرة واللجوء الأميركية ومبادئ الهجرة في إدارة ترامب". وبهذا، واصلت إدارة الرئيس الأميركي، وتحت شعار "أميركا أولاً"، انسحاباتها من الالتزامات الدولية التي وقّعت عليها الإدارات السابقة، ومنها اتفاق باريس للمناخ والاتفاق النووي مع إيران وغيرها.وباستثناء الولايات المتحدة، أيّدت كافة الدول الأعضاء الـ192 في الأمم المتحدة، في يوليوز الماضي، وضع هذا الميثاق العالمي حول الهجرة، مبدية وحدتها إزاء هذا الملف، بعد مفاوضات حوله استمرت 18 شهراً، وجرى التوافق على التصديق رسمياً عليه خلال مؤتمر دولي في المغرب، في 10 و11 ديسمبر المقبل.هذه الوحدة بدأت تتفكك في الفترة الأخيرة، مع بروز اعتراضات أوروبية عليه، فأعلنت المجر، في سبتمبر الماضي، معارضتها للاتفاق، لأنه "ضد مصلحتها الوطنية"، لتكرّ سبحة المواقف المماثلة، وتطاول بولندا وبلغاريا وتشيكيا وغيرها، لتخلق هذه الانسحابات والانقسامات الداخلية في دول أخرى، سجالاً بات يهدد وجود هذا الميثاق.قبل التوقيع على الميثاق في المغرب، يدور سجال ورمي مسؤوليات من وداخل دول الاتحاد الأوروبي، المختلفة على سياسة لجوء وهجرة موحّدة منذ عام 2015، وهو الميثاق الذي عُوّل عليه لما يحمله من تفاهمات عالمية مشتركة على "احترام السيادة، والحق في تحديد سياسة وطنية للهجرة"، قبل أن تبرز إعلانات واضحة لدول أوروبية بأنها لن توقّع على الميثاق الذي يتعاطى مع معضلة أكثر من 260 مليون مهاجر/لاجئ حول العالم، وفقاً لأرقام الأمم المتحدة ومنظماتها العاملة في المجال.ويستغرب مراقبون ومنظمات إنسانية وحقوقية هذا السجال الذي يدور حول ميثاق يهدف إلى "إيلاء اهتمام خاص بالمهاجرين الضعفاء، ومنح الحقوق الإنسانية لفئتي اللاجئين والمهاجرين بالتساوي مع المواطنين". ويبدو من مواقف الأطراف الحزبية اليمينية، وبعضها حاكمة، والمؤثرة والمعارضة للاتفاق، أن الصياغة الأخيرة، إلى جانب فقرات أخرى، هي ما أثارت هذا الجدل المتزايد.ففي قمة الأمم المتحدة عام 2016، أبدت الدول موافقتها على إيجاد "مبادئ أساسية تؤكد على أن حقوق الإنسان تشمل الجميع، خصوصاً الفئات الأضعف من المهاجرين والأطفال، واللاجئون وحدهم لديهم حق إضافي لطلب الحماية". وشمل الميثاق سلسلة من المبادئ، بينها الدفاع عن حقوق الإنسان وحقوق الأطفال، والاعتراف بالسيادة الوطنية وغيرها، كما احتوى فهرساً للإجراءات لمساعدة الدول على التصدي للهجرات في مستوى تحسين الإعلام، وإجراءات لتحسين إدماج المهاجرين وتبادل الخبرات.وبحسب ما جاء في وثيقته، فإن الميثاق يهدف إلى "زيادة التعاون بشأن الهجرات الدولية في كافة أبعادها" ومحاربة تهريب البشر. ونصّ الميثاق كذلك على الحفاظ على "سيادة الدول"، مع الاعتراف "بأنه لا يمكن لأي أمة أن تواجه منفردة ظاهرة الهجرة". وأضاف "من المهم أن توحّدنا الهجرة بدلاً من أن تقسّمنا". وبحسب رعاة النص، فإن 27 دولة في الاتحاد الأوروبي "تحدثت بصوت واحد" أثناء المفاوضات.ولكن التحوّلات السياسية في القارة العجوز، مع تقدّم واضح ومؤثر لمعسكر اليمين القومي المتطرف، باتت تدفع عدداً من دولها إلى التراجع عما التزمت به قبل عامين تقريباً، على الرغم من احتواء الميثاق على "احترام السيادة والقرارات"، بل و"تسهيل ترحيل المرفوضة إقاماتهم".ميثاق الهجرة يُقدّم أيضاً ضمانة ملزمة على "أن يكون المهاجرون جزءاً نشطاً من المجتمعات، مع احترام خلفيتهم الثقافية وحق ممارستها، والالتزام بالعمل على القضاء على التمييز والعنصرية والعنف ومنع التعبير عن معاداة الأجانب، إن بالتظاهرات أو الأفعال أو إظهار التعصب تجاه المهاجرين".وفي جانب مرتبط بتلك المواد التي يحتويها الميثاق، احتلت قضية استخدام وسائل الإعلام والتواصل لمعاداة الأجانب حيزاً في صياغته، إذ يقول مُعدّوه "يجب اتخاذ إجراءات، مع احترام حرية الإعلام، لمنع التمويل العام (الحكومي) للإعلام ووسائله التي تنتهج بشكل منتظم نشر الكراهية والتعصب ضد المهاجرين". ويعارض اليمين المتشدد أي تطرق إلى مسألة "الخصوصية الثقافية"، ويرى، على سبيل المثال في الدنمارك، أنها "تؤدي إلى مجتمع متعدد الثقافات، وهو أمر يعيق تماماً قضية الاندماج"، وفقاً لما ذهبت إليه شخصيات برلمانية دنماركية قبل أيام، مع تزايد الجدل حول الميثاق. تلك المواقف تختزل في الواقع حالة التوافق في معسكر اليمين المتشدد، إن في دول الشمال الأوروبي، أو في ألمانيا والنمسا وهولندا وغيرها، وهو يخشى "إلزامية الحقوق" أو "التذرع بأن الهجرة جزء من التزام الدول بميثاق حقوق الإنسان".ويبدو أن اكتمال صياغة الميثاق لم ترق لقوى وأحزاب وحكومات غربية، لتعلل انسحابها وعدم تأييد الميثاق، بحجة أنه "يحوّل الهجرة إلى جزء أساسي من حقوق الإنسان"، كما يقول اليمين المتشدد في ألمانيا والدنمارك. وحين تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة الميثاق، في يوليو/تموز الماضي، باستثناء الولايات المتحدة والمجر، لم تُبد الدول الأوروبية موقفاً معارضاً. لكن يبدو أن السجال الداخلي يدفع بعدد منها إلى القول إنها لن تصوّت لمصلحته.المستشار النمساوي سيباستيان كورتز، الذي تترأس بلاده الاتحاد الأوروبي في دورته الحالية، ذهب، قبل أيام، إلى تعليل تراجع بلده عن دعم الميثاق بأنه "ينتقص من سيادة النمسا". ووفقاً لما نقلت صحيفة نمساوية عنه، فإن كورتز، الذي يشكّل ائتلافاً حكومياً من اليمين واليمين المتشدد، اعتبر أن "هذا الميثاق سيحوّل قضية الهجرة إلى حق من حقوق الإنسان، لذا فهو مرفوض من قِبلنا".وتوالت معارضة ميثاق الهجرة لتصل إلى أغلب دول شرق القارة الأوروبية، وآخرها قبل أيام قليلة، إذ انضمت كرواتيا وتشيكيا إليها، كما أعلنت بلغاريا أنها "تراجع" أيضاً موافقتها على الميثاق. وحتى في الدول التي يؤيد رؤساء حكوماتها الميثاق، تقف المعارضات اليمينية المتشددة بالمرصاد، محوّلة القضية إلى سجال وجدل محرج للحكومات. الأمر ينطبق، على سبيل المثال، على ألمانيا والدنمارك وسويسرا والسويد. فحزب "البديل لأجل ألمانيا" اليميني المتشدد، يستغل هذا السجال معتبراً أنه "ميثاق سيحوّل ألمانيا من أمة إلى منطقة توطين واستيطان"، كما جاء على لسان زعيم الحزب، ألكسندر غاولاند. أدى موقف اليمين المتشدد في برلين إلى نشوء تراشق مع بقية الأحزاب، وعلى رأسها حزب يسار الوسط، "الاجتماعي الديمقراطي"، الذي وصف كلام غاولاند بأنه "نشر للكذب".وفي الدنمارك، بات رئيس الوزراء، لارس لوكا راسموسن، يجد صعوبة في تبرير موافقته، بعد أن باتت تتعالى الأصوات داخل ائتلافه الحكومي، بل في حزبه، رافضة دخول الدنمارك في هذا الميثاق. وفي الإطار نفسه، تقف حكومات بقية الدول الأوروبية في موقف محرج أمام الدول التي وافقت على إعلان نيويورك في 2016.وعلى الرغم من أن حكومة المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، وافقت بداية وأيّد حزبها "المسيحي الديمقراطي" مبدئياً هذا الميثاق باعتباره "سيوقف الاتجار بالبشر"، وهو البلد الذي استقبل العدد الأكبر من اللاجئين والمهاجرين، على مدى السنوات الماضية، إلا أن قيادات في الحزب باتت تعتبره ميثاقاً مرفوضاً. فوزير الصحة، ينس شبان، الذي ينافس على زعامة حزب ميركل، أعرب عن رفضه لهذا الاتفاق. وقال لصحيفة محلية إن "ألمانيا يجب أن تحافظ على سيادتها وحقها في إدارة الهجرة والسيطرة والحد من تدفق المهاجرين".ويهدف "ميثاق مراكش" أساساً إلى "تعزيز التعاون العالمي بشأن الهجرة، بين بلدان المنشأ والعبور والمقصد، بما يضمن احترام حقوق الإنسان وتعاوناً أكثر فعالية لإعادة هؤلاء إلى أوطانهم الأصلية"، بحسب مسودة الاتفاق التي عُرضت في يوليوز الماضي. وفي محاولة لتدارك التراجع، خصوصا في الدول التي تشكل مقصداً أساسياً للمهاجرين في أوروبا، حاولت المقررة الخاصة للأمم المتحدة بشأن الهجرة الدولية، لويز أربور، التخفيف من تلك المعارضة، قائلة، في مقابلة مع صحيفة "زايت" الألمانية، إن ميثاق مراكش للهجرة لا يتحدث عن أن الهجرة سيئة أو جيدة، بل "هو يتعاطى مع حالة واقعة، وسيكون من مصلحة الجميع التعاون حتى لا نصبح أمام فوضى".وشخّصت المقررة الدولية أزمة الدول المضيفة بالقول إن "المشكلة تنشأ حين نصبح أمام هجرة غير شرعية، ويبدأ الناس العمل بشكل غير شرعي في سوق سوداء، وفي الميثاق إجراءات لمنع ذلك، وهو ميثاق يمنح الفرصة لهجرة قانونية عبر تنظيمها، وليس ميثاقاً ملزماً لفتح الحدود".في المقابل، يحاول اليمين المتشدد في عدد من الدول الأوروبية جعل الميثاق "بلا ظهير أخلاقي حين تتزايد معارضته، ما يؤدي إلى إرسال رسالة خاطئة لدول شمال أفريقيا، على سبيل المثال، وهي التي يحاول الأوروبيون إقناعها بإقامة نقاط تجميع للمهاجرين على أراضيها"، بحسب ما نقلت صحيفة "بيرلنغكسا" الدنماركية عن إيف باسكوا، المتخصصة في سياسة الهجرة الأوروبية في جامعة نانت الفرنسية.مناشدات عديدة صدرت عن قادة أوروبيين، ومن بينها لرئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، يوم الإثنين الماضي، لدول الاتحاد الأوروبي بضرورة "إظهار الوقوف معاً، فخروج ثلاث دول أوروبية من الميثاق سيجعل من الصعب أن يدافع الاتحاد الأوروبي عن مصالحه".لكن تلك المناشدات، وتحذير منظمات حقوقية وإنسانية من سلبيات عدم الالتزام بالاتفاق، لم تجد، كما يبدو، آذاناً صاغية لدى قوى وأحزاب مؤثرة، قد تذهب بمعارضتها إلى الاتفاق نحو الضغط على الحكومات للتحفّظ أو الخروج من الميثاق، ما سيجعل بالفعل الموقف الأوروبي أكثر انقساماً واختلافاً، ورضوخاً لقوى اليمين المتشدد التي بات نفوذها ملحوظاً حتى في قضايا اتفاقات عالمية. على سبيل المثال، ذهب حزب "البديل لأجل ألمانيا" إلى وصف الميثاق بأنه "ميثاق الشيطان"، ما وجد صداه لدى أحزاب محافظة في برلين، كـ"الاجتماعي المسيحي"، شريك "الديمقراطي المسيحي" في الحكومة الألمانية، فتحوّل الموضوع إلى مثار جدال في البرلمان الألماني.وعبّر كثيرون في البرلمان عن امتعاضهم من أنهم لم يسمعوا "طوال سنتين عن هذا الميثاق"، ما خلق أجواء سلبية تتسابق للدفع نحو رفض الميثاق. وحتى في صفوف كتلة ميركل البرلمانية، لم يتردد رئيسها ألكسندر ميتش في طرح طلب مناقشة "هذا التغيير في سياسة اللجوء ككل". ما يعني أن ألمانيا ستشهد مزيداً من الانقسامات التي تسبّبها سياسة الهجرة واللجوء، وهي البلد الذي تنظر إليه الدول الأخرى المحيطة كمعيار ومقياس لمواقفها من القضية. 

العربي الجديد



اقرأ أيضاً
مساحة قطاع غزة “تتقلص للنصف”
مع سيطرتها على أجزاء كاملة من غزة، تعيد إسرائيل رسم خارطة القطاع الضيق المكتظ بالسكان والمدمر بفعل حرب تهدد بجعله غير قابل للحياة. ويقول الجيش الإسرائيلي، الذي يحارب حركة حماس منذ 18 شهراً، إنه حول 30 بالمئة تقريباً من أراضي القطاع إلى "منطقة أمنية عملياتية" أي منطقة عازلة يُمنع الفلسطينيون من دخولها. وأظهرت حسابات أجرتها وكالة الأنباء الفرنسية مستندةً إلى خرائط نشرها الجيش الإسرائيلي أن مساحة المنطقة المعنية تصل إلى 187 كيلومتراً مربعاً، أي أكثر من نصف مساحة القطاع بقليل. وقالت أنييس لوفالوا الاستاذة المحاضرة في "مؤسسة البحث الاستراتيجي" إن "الاستراتيجية التي تعتمدها إسرائيل في قطاع غزة تقوم على جعل القطاع غير قابل للحياة". وعلى الأرض، أنشأ الجيش الإسرائيلي منطقة عازلة واسعة تتماهى مع حدود قطاع غزة. وفرضت القوات الإسرائيلية كذلك ثلاثة ممرات عسكرية هي محور فيلادلفي وموراغ ونتساريم في عرض القطاع ما يؤدي إلى تقسميه إلى أجزاء. قبل بدء الحرب التي أتت رداً على هجوم حماس غير المسبوق في جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، كان عدد سكان قطاع غزة البالغة مساحته 365 كيلومتراً مربعاً 2.4 مليون نسمة مع كثافة سكانية تعد من الأعلى في العالم. وقالت رافينا شمدساني الناطقة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إن "الجيش الإسرائيلي يلجأ بشكل متزايد إلى ما يسمى أوامر إخلاء، هي في الواقع أوامر تهجير قسري". وأضافت "أدى ذلك إلى تهجير قسري لفلسطينيين في غزة إلى مناطق تتقلص مساحتها بشكل متزايد حيث الخدمات الحيوية قليلة أو معدومة". والمساحة المتاحة للفلسطينيين باتت أصغر فضلاً عن أنها مليئة بالأنقاض. وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، دمر 80 بالمئة من المنشآت المدنية في قطاع غزة كلياً أو جزئياً. وتضررت غالبية المستشفيات أو أصبحت خارج الخدمة فيما استحالت المدارس مراكز نزوح ويضطر جزء كبير من السكان إلى الإقامة في خيم. ويصعب في ظل هذه الظروف أن يكون القطاع جزءًا من دولة فلسطينية قابلة للحياة في وقت تدعو فيه دول عدة إلى الاعتراف بدولة فلسطينية. رأت لوفالوا أن إسرائيل قد لا تلجأ إلى توسيع سيطرتها على أن "تبقي بقية (القطاع) مهملاً بسماحها بدخول الحد الأدنى من المساعدات الإنسانية" فقط. وتابعت: "قد يكون هذا سيناريو شبيها بما يحصل في الصومال، أي من دون سلطة قادرة على الخروج من حقل الدمار هذا". في المنطقة العازلة التي يسيطر عليها، "دمر الجيش الإسرائيلي بشكل منهجي المباني المدنية"، على ما أفاد به جنود طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم في شهادات جمعتها المنظمة غير الحكومية الإسرائيلية "كسر الصمت" ووسائل إعلام دولية. وقال جندي إسرائيلي وصفته محطة "سي. إن. إن" الإخبارية الأميركية بأنه "مبلّغ": "لقد دمرناها بشكل منهجي الواحد تلو الآخر". داخل حكومة بنيامين نتنياهو، وهي من الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، لا يخفي البعض رغبتهم بـ"السيطرة" على قطاع غزة. وفي نونبر الماضي، تحدث وزير المال بتسلئيل سموتريتش عن إمكان "خفض عدد السكان الفلسطينيين بالنصف" من خلال "الهجرة الطوعية". ورحبت الحكومة الإسرائيلية بفكرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب جعل غزة "ريفييرا الشرق الأوسط" ونقل سكانها للخارج.وتقول شخصيات تسعى من أجل عودة المستوطنات إلى قطاع غزة التي أخليت في 2005، إن لديها مشاريع ملموسة جداً، وهم يقومون بانتظام بزيارات إلى حدود القطاع. لكن حتى الآن لم يلتزم رئيس الوزراء الإسرائيلي بشيء. وفي غياب خارطة طريق واضحة لمرحلة ما بعد الحرب، يبقى عدم اليقين يلف مصير القطاع. ورأى مايكل ميلشتاين الخبير في الشؤون الفلسطينية في "مركز موشيه دايان" في جامعة تل أبيب أنه "لا توجد استراتيجية، أو أن الاستراتيجية الوحيدة هي في اعتماد رؤية ترامب التي تقوم على دفع الفلسطينيين إلى مغادرة غزة". وأضاف "هذا أمر عبثي وغالبية الناس في إسرائيل تعرف أن هذا وهم، ويبدو أن ترامب نفسه لم يعد مهتماً فعلاً بهذه الفكرة".
دولي

واشنطن تلوح بوقف التوسط بين روسيا وأوكرانيا
قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، إن بلاده ستتوقف عن مساعي إحلال السلام بين روسيا وأوكرانيا ما لم تظهر مؤشرات واضحة على إمكانية التوصل إلى اتفاق. وأوضح روبيو، متحدثا في باريس عقب لقائه مسؤولين أوروبيين وأوكرانيين، الجمعة، أن الجميع متفق على حق أوكرانيا في الدفاع عن نفسها وأن تكون جزءا من أي اتفاق بين الطرفين. وأضاف: "لا يوجد حل عسكري للحرب في أوكرانيا. ونحاول منع موت آلاف الأشخاص في الحرب". وأكد روبيو أن الولايات المتحدة تريد المساعدة إذا كانت الأطراف جادة بشأن السلام لكن لن تستمر في عقد الاجتماعات ما لم يتم تحقيق تقدم. وفي 18 فبراير الماضي، جرى أول اللقاءات بين وفدي روسيا والولايات المتحدة بالعاصمة السعودية الرياض، في إطار جهود إعادة العلاقات الثنائية ووقف الحرب في أوكرانيا. وتشن روسيا منذ 24 فبراير/ شباط 2022 هجوما عسكريا على جارتها أوكرانيا، وتقول إن خطط كييف للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بقيادة الولايات المتحدة، تهدد الأمن القومي الروسي.
دولي

الولايات المتحدة تستهدف الصين بضرائب جديدة
فرضت الولايات المتحدة رسوم ميناء على السفن المصنعة في الصين، على أن تطبق في أكتوبر المقبل وترتفع بشكل تدريجي على مدى السنوات الثلاث المقبلة. جاء ذلك ضمن مرسوم نشره الممثل التجاري الأمريكي يوم أمس الخميس (17 أبريل الجاري). وقال المفاوض التجاري الأمريكي، جيميسون غرير: "تعد السفن والشحن البحري أمرا حيويا للأمن الاقتصادي الأمريكي وحرية تدفق التجارة. وستبدأ إجراءات إدارة ترامب في كبح هيمنة الصين، ومعالجة التهديدات لسلسلة التوريد الأمريكية، وإرسال إشارة طلب على السفن المصنعة في الولايات المتحدة". وأكد المرسوم أن الرسوم الجديدة يتم فرضها على أساس المادة 301 من قانون التجارة لعام 1974، والتي تمنح رئيس الولايات المتحدة سلطة اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمواجهة ما تعتبره الولايات المتحدة قيودا قائمة على التجارة الوطنية من قبل دول أخرى. وبحسب الوثيقة، فإن الرسوم ستكون صفرا لمدة 180 يوما، ثم يتم تحصيلها بناء على الحمولة الصافية للسفينة، ولكن ليس أكثر من خمس مرات في السنة لكل سفينة. وفي الوقت نفسه، بالنسبة للسفن المملوكة للشركات الصينية، فإن حجم الرسوم الجمركية سيكون أعلى بكثير من تلك المفروضة على شركات الشحن من بلدان أخرى. وفي المرحلة الأولى، ستبدأ الولايات المتحدة من 14 أكتوبر المقبل فرض رسوم قدرها 50 دولارا على السفن المصنعة في الصين والمملوكة لشركات صينية، وذلك لكل طن صاف مسجل (2.83 متر مكعب)، وسيزداد هذا المبلغ بمقدار 30 دولارا سنويا ليصل إلى 140 دولارا بحلول عام 2028. أما بالنسبة للسفن المصنعة في الصين والمملوكة لشركات من دول أخرى، فسيتم فرض الرسوم لكل طن صاف مسجل أو لكل حاوية، أيهما أعلى. وستبدأ الرسوم من 18 دولارا للطن الصافي المسجل، وترتفع بمقدار 5 دولارات أمريكية سنويا، لتصل إلى 33 دولارا بحلول أبريل 2028. وتبلغ رسوم الحاوية رسوما أولية قدرها 120 دولارا للوحدة، وتزداد تدريجيا إلى 250 دولارا في عام 2028. السيارات بالإضافة إلى ذلك، ستخضع جميع ناقلات السيارات المصنعة خارج الولايات المتحدة لرسوم قدرها 150 دولارا لكل وحدة اعتبارا من 14 أكتوبر المقبل. كما ستتمكن شركة الشحن من الحصول على تأجيل للرسوم لمدة تصل إلى ثلاث سنوات إذا طلبت خلال هذه الفترة سفينة أمريكية الصنع بسعة تعادل أو تفوق سعة سفينة الحاويات التي تستخدمها بالفعل، ووضعتها في الخدمة. وبحسب وكالة "رويترز"، فإن الإجراءات الجديدة لن تؤثر على السفن الصينية الصنع التي تحمل بضائع داخل الولايات المتحدة. وتشير شبكة "سي إن بي سي" إلى أن السلع المصدرة مثل الفحم أو الحبوب، والسفن الفارغة التي تصل إلى الموانئ الأمريكية، ستكون معفاة أيضا من الضريبة. وستبدأ المرحلة الثانية بعد ثلاث سنوات وتهدف إلى تحفيز بناء السفن في الولايات المتحدة التي تنقل الغاز الطبيعي المسال. وتتضمن الإجراءات، التي ستدخل حيز التنفيذ بعد ثلاث سنوات وترتفع تدريجيا على مدى 22 عاما، قيودا جزئية على نقل الغاز الطبيعي المسال على السفن الأجنبية.
دولي

الجمهوريون يطلقون تحقيقا برلمانيا بشأن هارفارد
أعلن الجمهوريون في الكونغرس الأميركي أنهم بدأوا تحقيقا حول جامعة هارفارد الخميس، متهمين إياها بانتهاك قوانين المساواة، في أحدث هجوم لمعسكر دونالد ترمب على المؤسسة التربوية العريقة. وتخوض إدارة ترمب منذ أسابيع عدة مواجهة مالية مع جامعات أميركية عدة متهَمَة بالسماح بتصاعد معاداة السامية خلال التحركات الطالبية ضد الحرب في قطاع غزة. ومن بين الجامعات التي استهدفتها إدارة ترمب، جامعة هارفارد التي شهدت تجميدا لمنح بقيمة 2,2 مليار دولار بعد رفضها مطالب الحكومة الأميركية. ويهدد ترمب بالذهاب أبعد من ذلك من خلال إلغاء الإعفاء الضريبي الممنوح لجامعة هارفارد التي اتهمها بنشر «الكراهية والبلاهة». وأضاف ترمب الخميس للصحافة في المكتب البيضوي «أعتقد أن هارفارد عار. أعتقد أن ما يفعلونه عار»، مقللا من شأن انخراطه في القضية التي «يتولى محامون التعامل معها». وفي رسالتهم التي أعلنوا فيها فتح تحقيق برلماني، أبلغ المسؤولون الجمهوريون رئاسة الجامعة بأنهم سيراقبون «عدم امتثالها لقوانين الحقوق المدنية»، خصوصا التمييز على أساس العرق. وكتب رئيس لجنة التحقيق في مجلس النواب جيمس كومر والنائبة الجمهورية إليز ستيفانيك «يبدو أن جامعة هارفارد غير قادرة أو غير راغبة في منع التمييز غير القانوني لدرجة أن المؤسسة، بتوجيه منكم، ترفض النظر في اتفاقية حول تسوية معقولة اقترحها مسؤولون فدراليون بهدف إعادة هارفارد إلى الامتثال للقانون». وأضافا مخاطبين رئيس الجامعة آلان غاربر «لا يحق لأي مؤسسة خرق القانون». ويأتي ذلك عقب تهديد آخر صدر الأربعاء عن إدارة ترمب التي تدرس منع الجامعة من قبول طلاب أجانب إذا لم توافق على الخضوع لتدقيق في مجال عمليات القبول والتوظيف والتوجه السياسي. ورحب العديد من الأساتذة والطلاب برفض الجامعة مطالب إدارة دونالد ترمب، معتبرين ذلك علامة نادرة على المقاومة، في حين وافقت جامعة كولومبيا في نيويورك على إجراء إصلاحات بضغط من الجمهوريين. وقال الباحث آفي شتاينبرغ إن موظفين وطلابا في جامعة هارفارد تظاهروا ضد إدارة ترمب الخميس في الحرم الجامعي في كامبريدج قرب بوسطن. وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية «إنهم يريدون من هارفارد أن تفي بالوعود التي قطعتها لطلابها ولأعضاء هيئة التدريس، بحماية كل طالب في الحرم الجامعي، وبحماية أعضاء هيئة التدريس، وبخاصة حرية التعبير». ولهذه المؤسسة التي تضم نحو 30 ألف طالب، مكانة راسخة منذ سنوات على رأس تصنيف شنغهاي العالمي لمؤسسات التعليم العالي. وكما هو الحال مع الجامعات الأخرى، باتت هذه الجامعة في مرمى المحافظين الذين ينخرطون منذ سنوات في هجوم ضد الجامعات الأميركية التي يعتبرونها يسارية الى حد كبير. وقد اشتد هذا الهجوم خلال الاحتجاجات الطالبية التي خرجت تأييدا للشعب الفلسطيني ولمعارضة الحرب في غزة، ما أثار انتقادات واسعة النطاق لعدم وجود حماية للطلاب اليهود في الجامعات.
دولي

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

السبت 19 أبريل 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة